رواية احفاد اليخاندرو (ابواب الجحيم التسعة) الفصل الثامن عشر بقلم رحمة نبيل
" حسنًا، والآن انتبهوا لي، حتى لا اعيد القوانين مرة أخرى "
وكما هو المتوقع، تجاهله الجميع، وعاد كل شخص لما كان يفعل قبل أن يقاطعهم صراخ مايك، لكن و كأن مايك سيستسلم ؟؟؟ ابتسم مايك وهو يصفق بيده في إيقاع عالٍ صارخًا بحنق :
" تبًا لكم جميعًا، دعوا الهواتف جانبًا "
أنهى حديثه بنبرة عالية مغتاظة ثم عاد واضاف بسرعة قبل أن يُقتل :
" تبًا لكم جميعًا عدا انطونيو وجاكيري وفبريانو "
فجأة تلقى مايك ضربة في رأسه بواسطة إحدى ثمرات الفاكهة، وكان الرامي هو مارتن الذي صاح بغيظ شديد :
" أنا أيضًا اكبر منك سنًا يا قذر "
" فقط بأشهر، ثم انت لست بخطر مثل هؤلاء الثلاثة "
أنهى مايك حديثه بعدم اهتمام وبعدها بدأ يشرح للجميع التعليمات مجددًا وهناك بسمة خبيثة ترتسم على وجهه يسحب الحاسوب من على قدم مارتن قائلًا بجدية كبيرة :
" كما المرة السابقة، ستُعرض صورة في نصف الشاشة والنصف الآخر سيعرض فيه اسم أحد منا وعلى الشخص المختار أن يقول اول كلمة تأتي في رأسه بمجرد رؤيته للصورة، دون لحظة تفكير واحدة، والقانون الجديد هو في حالة رفض الشخص أن يصرح بما خطر في باله سيكون عليه تنفيذ العقاب الذي سيظهر له "
صمت وهو ينظر للوجوه ببسمة صغيرة سمجة، ليجد الجميع يرمقه بحنق، لكنه لم يهتم وهو يصفق بيده :
" حسنًا لنبدأ اللعب "
أنهى حديثه وهو يضغط على زر البدء وقد تعلقت جميع الأنظار بالشاشة في فضول كبير منتظرين نتيجة اللعبة، ضغط مارتن فجأة على الشاشة لتظهر صورة سوداء بلا أي ملامح وجوارها اسم مارسيلو الذي تحدث وهو يمط شفتيه بعدم اهتمام فعلي :
" نوم ...."
رمقت الجميع بعدم فهم ليوضح وهو يشير للصورة :
" أعني تبدو كغرفتي في وقت النوم، فأنا أحب النوم في الظلام "
نفخ مارتن بسخرية وهو يردد :
" كسول احمق ..."
" سأصمت فقط لأنني لست في مزاج يسمح لي بالعراك بعدما قام اخيك بتكسير عظامي "
أنهى مارسيلو حديثه بحنق وهو يشير باصبعيه على عينه وكأنه يخبر مارتن ( أنا اراقبك )، انطلقت ضحكات مارتن بسخرية وهو يراقب الشاشة مجددًا لتتوقف على صورة ثياب رسمية سوداء وجوارها اسم انطونيو ...
تحدث انطونيو باول شيء خطر في رأسه عند رؤيته للثياب السوداء يتذكر حديث حبيبته الغبية :
" مافيا ...."
نظر له الجميع بتفاجئ شديد ليردد هو بسخرية لاذعة :
" نعم فالمافيا فقط من يرتدون الأسود "
ضحك ادم بصخب وهو ينظر لجايك قائلًا :
" هذا يعني أن جايك رجل محترم، فهو يرتدي الثياب الملونة في معظم أوقاته "
" أنا فنان مرهف الحس يا فتى "
أشار مايك لجايك وآدم بالكف عن الحديث وهو يدير اللعبة مجددًا بحنق مرددًا :
" حتى الآن الجميع يجيب، متى سيرفض أحد الحديث "
توقفت اللعبة على صورة ارنب وردي وجوارها اسم فبريانو، وهناك بسمة خبيثة ترتسم على فم مايك، فهو من دبر الأمر ولعب في اعدادات اللعبة ليضع عند كل اسم صورة معينة، وهو منذ المرة السابقة يشعر بفضول كبير في معرفة علاقة الارنب الوردي بفبريانو، الذي بحياته لم يعلم من الألوان سوى لون الدماء و اللون الأسود الذي يرتديه ...
ابتسم فبريانو بسمة ساخرة وهو يضع قدم على أخرى مرددًا :
" حقًا ؟؟؟؟"
هز مايك كتفه يدعي أن الأمر ليس بيده :
" إن لم ترد الإجابة إذن نفذ العقاب "
ضحك فبريانو بسخرية كبيرة وهو يمسح وجهه ثم قال بنبرة منخفضة بعض الشيء :
" حسنًا أنا لست مجبرًا على فعل أيًا من هذا، لكن أريد معرفة ما هو ذلك العقاب كنوع من الفضول "
لوى مايك شفتيه بحنق شديد وخيبة امل فهو كان يعلم من البداية أنه لن يصل لشيء مع فبريانو، لكن كان لديه امل صغير أن يخونه لسانه كما المرة السابقة ويتحدث دون تخطيط، خرج مايك من تفكيره وهو يضغط على زر ليظهر أمام الجميع بعض الكلمات التي زينت الشاشة والتي تعرض عقاب فبريانو ...
وعلى عكس المتوقع ابتسم فبريانو باتساع وهو يردد اثناء نهوضه :
" اعجبني العقاب ....سأنفذه "
________________________________
" فيه ايه يا اروى ارحميني ...من وقت ما رجعنا وأنتِ عمالة تتنططي حواليا "
زمت اروى شفتيها وهي تجلس أمام روبين القرفصاء مرددة بجدية كبيرة :
" انطقي ايه اللي بينك وبين الجنايني ده ؟؟؟"
نظرت لها روبين ثواني بغيظ شديد تكرر نفس حديثها الذي تقوله منذ عادت :
" هو بس مجرد صديق مش اكتر يا اروى، ليه مصرة إن فيه شيء بينا ؟؟؟؟"
" مش مصدقة كلامك ... لأن الكيما اللي بينكم دي لا يمكن تكون لمجرد صداقة، بس تعرفي انتم لايقين اوي على بعض، اياكش هو بس اللي مرعب اوي، ياربي انا بحس جسمي كله بيتنفض من الخوف قدامه، مش فاهمة ازاي بتقعدي معاه عادي كده ؟؟؟"
رفعت روبين عينها تنظر لها بتعجب لحديثها، فهي للحظة واحدة لم تشعر بما تصفه اروى الآن، بل على العكس تمامًا هي كانت تشعر رفقته بألفة و..و شعور جميل، شعور الامان، كان هو اول شخص تفكر به دائمًا في جميع مصائبها، لم تتصل بخالها، بل كانت تتصل به هو.
" يمكن هو شكله يبان للناس شرس، بس هو لطيف اوي وطيب وكمان حنين، رغم أنه بيجاهد عشان يثبت العكس "
صمتت قليلًا وهي تتخيل صوته الحانق يصرخ في وجهها ألا تصفه بذلك اللقب المقزز، أضافت على حديثها وهي تضحك ضحكات خافتة غير واعية بنظرات اروى :
" هو ساعات بيكون مخيف اوي اوي وكلامه مرعب ومش طبيعي ابدًا، بس تعرفي عمري ما خوفت رغم كلامه اللي بيخوف، بالعكس بيموتني من الضحك "
أنهت روبين حديثها وهي تنفجر في الضحك تتذكر جميع ردوده التي كان يلقيها في وجهها دون تفكير، لا تعلم سبب تمسكها بصداقته رغم كل الإشارات التي تحوم حوله محاولة أن تنبهها لخطورة ذلك الشاب المخيف للجميع.....عداها .
" ورغم أنه بياكل كل اكلي و دايمًا يتنمر عليا وعمره ما في مرة جبر خاطري وقال كلمة حلوة حتى من باب الـ جنتل مان، لكن أنا بقدر فيه أنه مش متصنع أبدًا، يكفيه أنه شاب مكافح تعب كتير عشان يوصل للي فيه "
" بتتكلمي ولا كأنه مدير بنك "
ضحك روبين بصخب وهي تهز رأسها توضح مقصدها :
" قصدي يعني أنه تعب عشان يعيش حياة كريمة، من غير ما يتلوث بأي شيء غلط، تعرفي أنه هو اللي ربى اخواته بعد لما أهله ماتوا في صغره، ومن وقتها وهو شايل مسئوليتهم "
ابتسمت اروى بسخرية وهي تردف :
" كل ده ومجرد اصدقاء ؟؟؟؟"
" قصدك ايه ؟؟؟؟"
" قصدي إنك هبلة يا روحي "
رمقتها روبين بضيق تنفض عنها تلك الصفة التي رمتها اروى في وجهها قبل الخروج، هي ليست بالبلهاء، هي فقط ....بلهاء غبية .
فجأة فُتح الباب مجددًا ودخلت اروى مجددًا بوجه غير مفسر، قلبت روبين عينها بملل شديد وهي تقول :
" رجعتي ليه تقعدي مع واحدة هبلة يا اروى ؟؟؟"
" فيه حد جاي زيارة ليكِ "
لم تكد روبين تستفسر عن حديثها حتى وجدته يدخل لغرفتها وهو يقول ببسمته المعهودة وبحته الرخيمة بعض الشيء :
" لقيت إن إجازتك طولت فقولت اجي بنفسي اشوفك .....اخبارك يا روبي؟؟؟؟"
_____________________
( إثارة غضب سيلين )
كانت تلك هي الكلمات التي عُرضت على شاشة الحاسوب، والتي من المفترض بها أن تكون عقاب فبريانو، وللحق فقد احب فبريانو هذا العقاب، فما على قلبه احب من سماع صرخات سيلين في أرجاء المنزل ؟؟؟؟
تحرك بخطوات صغيرة متمهلة صوب المطبخ، حيث مملكة سيلين المحرمة، والتي تمنع أيًا منهم للدخول إليها، و كأنهم يتطلعون لذلك .
دخل المطبخ وهو يتلفت حوله باحثًا عنها، حتى وجدها تقبع قرب الطاولة التي تتوسط المطبخ، تحرك صوبها يقف خلفها يستمع لحديثها الحازم مع عمال القصر ...
" فهمتم ؟؟؟؟ هيا انصرفوا لعملكم "
أنهت سيلين حديثها وهي تستدير لتتفاجئ بفبريانو يقف خلفها ينظر لها ببسمة صغيرة، رفعت هي حاجبها في المقابل تتعجب وقوفه هنا ....
دون كلمة واحدة أو أي مقدمات امسك فبريانو كأس زجاجي متوسط الحجم يرفعه أمام عين سيلين التي كانت تتحرك مع الكأس وهي تفتح فمها ببلاهة لا تفهم ما يحدث أو ما يفعل فبريانو وفجأة شاهدت فبريانو يترك الكأس بكل سهولة ليسقط سريعًا متهشمًا في الأرض وما زالت بسمته ترتسم على فمه بكل برود ...
فتحت سيلين فمها وعينها بصدمة كبيرة في شكل يثير الضحك، لكن فبريانو لم يهتم وهو يتحرك خارج المطبخ بكل برود شديد ليرى نظرات الجميع الذين كانوا يقفون على باب المطبخ يراقبون ما يفعل بكل انتباه يرمقونه بنظرات مشجعة....
ثانية ......اثنتان ....ثلاثة وكان القصر يهتز من عنف صرخات سيلين التي انطلقت بعدما أفاقت من صدمتها :
" فبريانـــــــو، أيها الفاســــد الدمــــوي....للجحيم أنت والثمانية الآخرين، كله من تحت رأس اليخاندرو ...لو أنه ألقى بكم في أي ملجأ أو مكب نفايات لكنت الآن اعيش اسعد أيام حياتي "
ردد جاكيري بسخرية لاذعة :
" تتحدث وكأنها ستعيش للأبد ...تلك العجوز الخرفة لا اجد سبب لبقائها حتى الآن سوى أنها تود دخول موسوعة جينيس عن اقدم شيء اثري في العالم "
لم يهتم فبريانو بكل تلك الصرخات، أو يستدير حتى للنظر حيث المطبخ وقد تبعه الجميع للبهو مجددًا ...
ضم مايك شفتيه في تقدير كبير وهو يصفق بيده تزامنًا مع انطلاق صفير من فم مارسيلو، لتعلو صرخات التشجيع من الجميع على ذلك العمل البطولي الذي قام به فبريانو، متجاهلين تمامًا صرخات سيلين التي لم تتوقف حتى الآن وهي تقذف فبريانو بكل ما تعلم من سباب و دعوات، وبالطبع لم تنس نصيب باقي الاحفاد من الأمر ...
" لنكمل لعبتنا يا رجال "
أنهى مايك حديثه وهو يدير اللعبة مجددًا لتتوقف على اسم جاكيري وجواره صورة لفتاة بشعر اسود مجعد بعض الشيء، ليبتسم دون وعي وهو يردد :
" فتى صغير جميل ذو شفاه جميلة ..."
عم الصمت في الأجواء والجميع ينظر لجاكيري ببلاهة والبعض بافواه مفتوحة بغباء ...
مال مارسيلو على إذن جايك وهو يهمس له بصوت منخفض وما زالت عينه متعلقة في وجهه جاكيري الذي لم يستوعب بعد ما قاله :
" يا رجل أخبرتك أن اخيك شاذ ...."
واخيرًا استوعب جاكيري ما قاله وهو يرى نظرات الجميع، لكن وكأنه يهتم بهم أو بما يفكرون، لذا لم يكلف نفسه عناء شرح مقصده من الحديث واكتفى بالصمت فقط ...
وبكل هدوء أدار مايك اللعبة مجددًا لتتوقف على اسم مارتن وجواره صورة لـ علبة طعام تحمل اسم " جولي "، مما جعل مارتن ينظر لمايك بشر كبير، يتوعد له بالويل، لكن مايك لم يهتم وهو يقول ببسمة خبيثة :
" دون تفكير مارتن ..."
" عقاب "
تحدث مارتن بكلمة واحدة دون توضيح سبب ذلك أو حتى دون التفكير في شيء؛ ليجد العقاب يعرض على الشاشة والذي لم يكن سوى ( جعل سيلين تصرخ )
رفع انطونيو حاجبه وهو يرمق مايك بشك يستمع لسؤال ماركوس المتعجب والذي كان صامتًا منذ بداية الأمر :
" ما بال كل العقاب متعلق بسيلين ؟؟؟؟"
نهض انطونيو وهو يتقدم من الحاسوب ثم ضغط على الزر بسرعة يبدل بين العقاب والآخر ليجد كما قال ماركوس أن كل عقاب متعلق بسيلين ...
تحدث مارتن ببسمة متشفية :
" ذلك الخبيث ينتقم من سيلين عن طريقنا "
لوى مايك شفتيه بحنق وهو يهمس :
" تستحق تلك العجوز ..."
" إن انتهيتم من ذلك الهراء الذي تقومون به اتبعوني "
كان ذلك صوت اليخاندرو الذي كان يقف في مكانه منذ دقائق فقط، ليقرر مقاطعة الجميع واخيرًا وهو يدعوهم لأتباعه .....
نظر الجميع لبعضهم البعض يحاولون تخمين سبب ذلك الغموض الذي يحوم حول جدهم، لكن ليس هناك من يمكنه معرفة ما يفكر به اليخاندرو ....
لذا بكل هدوء، و دون كلمة واحدة تحرك التسعة صوب غرفة المكتب و ما زال صوت سيلين يصدح بالصراخات في القصر ....
________________________
" أنا لا اعلم لماذا تخشونه ؟؟؟؟ هل سيتحكم ذلك الرجل بنا ؟؟؟"
كانت روما تتحدث بحنق شديد وهي ترمق جميع أفراد فرقتها تحاول فهم سبب خوفهم من ذلك الانطونيو المخيف ....
تحدث أحد الشاب وهو ينظر للآخرين :
" أنتِ لم تري ما فعله بنا بعدما خرج من عندك، اقسم وقتها كنتِ ستركضين لآخر هذا الكوكب من الرعب، أنه مخيف بشكل كبير "
نفخت روما بسخرية وهي تعتدل في فراشها ترمقهم بغضب لتخاذلهم ذاك :
" اسمعوا يا رجال، ذلك الرجل من النوع الذي يجب عليك ألا تظهر أمامه خوفك حتى لا يتمادى في تحكمه "
" حقًا؟؟؟ إذًا لِمَ لا تقولين الشيء ذاته لنفسك ؟؟؟ فها أنتِ تفعلين كل ما قاله لكِ بعدما منعك من الذهاب اليوم للمسابقة"
بهتت روما من حديث رفيقتها الذي القته في وجهها، لتبتلع ريقها محاولة إيجاد مخرج من ذلك المأزق :
" أنا فقط أجلت أمر المسابقة للغد فقط بسبب أوامر الطبيب الذي أمرني بالراحة للمزيد من الوقت "
هكذا بررت روما الأمر وهي تحاول اخفاء توترها عن الجميع، ماذا تخبرهم !؟؟؟ أنها تخشى ذلك الرجل !؟؟ أو أنه يؤثر عليها بشكل هي لا تعلم كيف يتم!؟ فقط مجرد نظرة منها تجعل شيء ما بداخلها ينقاد له ...وهي لا تحب ذلك، هي ليست من ذلك النوع الخانع أبدًا، لذا قررت أنه عندما يأتي المرة القادمة سوف تريه الجحيم حتى يجعلها تفكر في كل تلك الأفكار .....
_____________________
هبطت جولي من سيارة الأجرة وهي ترمق المنزل أمامها ببسمة صغيرة، ثم نظرت في الهاتف بيدها، تتأكد أن العنوان صحيح، وبعدها تحركت صوب الداخل تنظر للحقائب في يدها ببسمة، توقفت أمام الباب وهي تعدل من هيئتها، فهذه أول مرة تذهب زيارة لمنزل أحدهم، بل يمكن القول هذه أول مرة تحصل على صديقة كـ روبين ...
مدت جولي يدها تريد أن ترن الجرس، لكن انتبهت لأن الباب كان مفتوح ومن الداخل يأتيها صوت صراخ عالي، وبالتحديد صراخ روبين ..
دفعت جولي الباب بسرعة وهي تركض للداخل دون وضع اعتبار أنها تأتي للمنزل لمرتها الاولى، أو تفكر حتى في الاستئذان، فصراخ روبين أثار تحفزها وهي تقتحم إحدى الغرف التي صدح الصراخ منها؛ لتجد أن هناك فتاة ساقطة جوار الباب، وهناك رجل يمسك روبين من شعرها بعنف شديد يردد بغضب :
" مفكرة هتعرفي تهربي مني يا روبي ؟؟؟ أنتِ من يوم ولادتك وأنتِ ملكي، سامعة ؟؟؟ من يوم ما مسكتك بين أيدي وأنتِ ليا "
بكت روبين وهي تحاول ابعاد يده عن شعرها وقد بدأت نبرة صوتها تزداد حدة صارخة في وجه ذلك الرجل :
" في احلامك يا مدحت، على جثتي "
تألم قلب مدحت وهو ينظر بعينها التي تبثه كرهها الواضح له، يتألم قلبه وهو يتساءل عن سبب كرهها له، فهو لطالما عاملها بكل حنان وحب، لكنها دائمًا ما كانت تنبذه بعيدًا، حتى اضطر لنزع قناع الطيبة و ارتداء قناع الشر ذاك، مقررًا نيلها تحت أي ظرف، إن لم يكن بإرادتها، فمن دونها .
خرج مدحت من أفكاره وهو يشعر بدفعة عنيفة من الخلف بقوة كبيرة جعلته يفلت شعر روبين وهو يصطدم في الجدار... استدار فجأة يرمق ذلك الذي تدخل معتقدًا أنها نفس الفتاة التي تسكن مع روبين، لكن كل ما رآة هو فتاة أخرى تصرخ في وجهه بحدة كـ قطة شرسة تدافع عن أطفالها :
" يدك عنها يا حقير ..."
كانت جولي تقف في تحفز تنتظر أن ينهض حتى تنقض عليه تقتله، ورغم عدم فهمها لحديثه السابق مع روبين إلا أنها فهمت من ملامح الإثنين ومن مسكه لشعر روبين بشكل عنيف أنه لم يأتي ناويًا خير ...
" من أنتِ وما دخلك بنا ؟؟؟"
حدثها مدحت بايطالية منقمة بعدما سمعها تحدثه بها، مدركًا أنها إيطالية وليست عربية....
لم تجب عليه جولي وهي تخرج هاتفها ثم لوحت به في وجهها صارخة بتهديد :
" اقسم إن لم تتحرك من هنا سوف اطلب الشرطة لتأتي وتقبض عليك لتهجمك على رفيقتي "
ابتسم مدحت بسخرية وهو يستدير ينظر لروبين التي كانت تبكي بوجع و إرهاق :
" صاحبتك ها ؟؟؟ و دلوقتي عرفت ايه اللي فرعنك بعد ما كنتِ بتخافي من ضلك، بس معلش يا روبي ملحوقة، أنا مش هتحرك من هنا من غيرك "
أنهى مدحت حديثه وهو يتحرك للخارج تحت نظرات جولي المخيفة والتي ركضت صوب روبين تضمها بحنان شديد وخوف عليها....
انفجرت روبين في البكاء وهي تضم نفسها لجولي بقوة بعدما اطمأنت على اروى التي بدأت تستفيق ....
____________________________________
كانت تتسطح على الأريكة في صالون منزلها وفي يدها يقبع جهاز التحكم عن بعد، وأمام وجهها التلفاز يعرض أحد أفلام الحركة والإثارة وذلك يظهر واضحًا من الصوت العالي و الصرخات، لكن رغم كل ذلك كانت هي في عالم آخر بعيد عن كل تلك الضوضاء حولها، عالم حيث هي واخيها فقط، بعيدًا عن الجميع، خاصة عنه هو، ذلك الرجل الذي أضحى يمثل خطرًا عليها وعلى قلبها، نظراته، ضحكاته، حديثه، كل ذلك يقتلها بالبطئ، تود الهرب بعيدًا عنه و.....
خرجت رفقة من شرودها وهي تستمع لصوت رنين هاتفها الذي على في الإرجاء قاطعًا عليها سلسلة غزلها الفج لمديرها الموقر ....
حملت رفقة الهاتف وهي تنظر له بتعجب، تفكر في سبب اتصاله بها في هذا الوقت، لكن رغم ذلك أجابت بتعجب :
" الو ..."
" اسكندر يا بني الحقني انا بفيص ومفيش حد معايا في البيت "
انتفضت رفقة من على الأريكة وهي تنظر حولها بتشوش تحاول البحث عن باروكتها تهتف في الهاتف بهلع :
" بتفيص ايه يا عم توفيق ؟؟؟ أنت افورت في الرنجة ولا ايه ؟؟؟؟"
وصل لها صوت توفيق من الجانب الآخر وهو يقول ببطء وصوت خافت وكأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة :
" لا أنا ....أنا ..."
صمت توفيق ولم يصل لها صوت آخر، وقع قلب رفقة رعبًا وهي تتخيل عم توفيق يصارع الموت وحده في منزله، جلب ذلك التخيل الدموع لعينها وهي تتخيل نفسها مثله وحدها في هذه الغربة لا اخ يساندها في مرضها أو يربت عليها في حزنها ...
" عم توفيق مش وقت شرح ارجوك قولي عنوانك ....."
لكن لم يصل لها صوت من جهة توفيق، كل ما وصل لها هو صوت صفير الهاتف لتنتفض مفزوعة وهي تنظر للهاتف بصدمة، ثم و دون تفكير اتصلت به وهي تحاول تنظيم تنفسها بسبب رعبها....
" مرحبًا جاكيري ...ارجوك احتاج مساعدتك. "
______________________________
كان الجميع يجلس في البهو بعد انتهاء اجتماعهم مع جدهم وكأن على رؤوسهم الطير، لا صوت يعلو فوق صوت الأنفاس الغاضبة والشرارات تملء المكان ...
كانت أعين فبريانو مسودة بشكل يثير الرعب في النفوس، عكس انطونيو الذي لم يبدي أي ردة فعل لما سمع من جده فقط عيون ثلجية باردة يخفي خلفها امواج متلاطمة ...
و هكذا اختلفت ردات الفعل بين الجميع، كلٌ حسب شخصيته و تحمله ...
انتفض فبريانو من جلسته وهو يخرج من المكان بشكل مريب أنبأ الجميع بحدوث كوارث وشيكة، لكن لم يتحرك أحد فما سمعوه من جدهم للتو جعل الجميع بلا طاقة لفعل شيء...
انتبه جاكيري على رنين هاتفه، رفع الهاتف أمام وجهه بملامح غير مهتمة تحولت فجأة لمتعجبة وهو يلمح رقمها يلوح أمام عينه ( صاحبة الشعر المجعد )، فتح جاكيري المكالمة ولم يكد يتحدث حتى وصله صوتها الذي بدى له فزعًا؛ لينتفض وهو يركض للخارج سريعًا تحت نظرات الجميع المتعجبة لنهوضه بهذا الشكل المريب ....
تحدث انطونيو وهو ينهض يرمق الجميع بأعين باردة :
" كل ما قاله جدي منذ قليل، أبدًا لن يكون سببًا لضعفنا، بل سيكون العكس، اجعلوه سببًا للانتقام، سمعتم ؟؟؟؟"
صمت ينتظر الرد من الجميع، لكن كل ما وصل له، هو هزة رأس من ماركوس بينما الباقيين لم يبدوا أي ردة فعل...
اقتحمت سيلين الجلسة المشحونة بشرارات الغضب وهي تقول بتعجب كبير :
" إذًا انتم ما زلتم هنا ؟؟؟ ظننت أنكم رحلتم بسبب هذا الهدوء الذي عم المكان فجأة "
لم يجبها أحد، بل كل ما حصل هو ظهور ملامح الاستنكار والحنق على الوجوه، لتبتسم بشماتة وهي تظن أن اليخاندرو وبخهم جميعًا كما أخبرته سابقًا :
" إذن قرر اليخاندرو واخيرًا أن يعيد تربيتكم؟؟؟؟"
رفع مايك عينه لسيلين وهو يهمس بحنق شديد :
" آه لو أستطيع امساك رقبتك بين يدىّ اقسم أنني لن اتركها قبل أن تلفظي انفاسك بينهما "
تحدث مارتن و الذي كان يجلس جواره بغيظ شديد :
" يمكننا وضع السم في طعامها ...لا اظن أن جدي منعنا من تسميمها، هو فقط أخبرنا ألا نقتلها "
اجابه مايك وهو يناقشه في الأمر بكل جدية :
" إن كان الأمر هكذا، إذًا لِمَ لا نعرضها لجلسات كهرباء؟؟؟ سيكون ذلك أكثر متعة من التسمم، أعني هكذا سنستطيع سماع صراخها "
نظر مارتن لمايك وهو يبتسم بخبث شديد ثم قال بجدية كبيرة :
" ما رأيك أن نفعلها اثناء رحلة جدك القادمة ؟؟؟ أنت تعلم هو ينزعج من الأصوات العالية "
" موافق ..."
وعلى الجانب الآخر كانت سيلين ما تزال تلقي بحديثها المتهكم على الجميع :
" عسى أن ينفذ اليخاندرو باقي طلبي ويلقي بكم في الشارع يا متشردين "
تحدث ادم بحنق شديد وقد وصل لأقصى مراحل حنقه منها :
" هذا منزلنا نحن سيدة سيلين وأنتِ هي الضيفة هنا، وليس العكس "
" تصحيح، أنا سيدة هذا المنزل وانتم فقط مجرد حفنة من الفاسدين ابتلى بها اليخاندرو ..."
ابتسم مارسيلو بسخرية وهو ينظر لجايك الذي كان يرمق سيلين بغضب لحديثها :
" تمهل يا فتى ستشعلها بنظراتك "
نظر له جايك بسخرية ثم نهض متحركًا صوب ورشته التي ينعزل فيها بعيدًا عن الجميع، ولم ينس أن يلقي بنظرة مخيفة لسيلين التي صرخت :
" انظروا لقليل الاحترام ذلك، ينظر إلىّ كما لو أنه سيأكلني "
زفر انطونيو بضيق وهو يترك الجميع ويصعد لغرفته متحدثًا بحنق :
" لن احميكِ منهم مجددًا سيلين ...."
رمقته سيلين وهو يرحل بخطوات سريعة صوب غرفته ثم اغلق بابها خلفه بعنف جعلها تنتفض وهي تعود للخلف، لكنها اصطدمت في جسد ما، استدارت سيلين بسرعة لترى مايك يرمقها بنظرات مخيفة وهناك بسمة ترتسم على شفتيه مرددًا :
" والآن سيلين ماذا كنتِ تقولين ؟؟؟"
نظرت سيلين حولها وهي تبتلع ريقها ترمق جميع الشباب وقد نهضوا والتفوا حولها وكأنهم عصابة على وشك اغتيالها :
" أنا؟؟؟؟؟ لم اقل شيء يا عزيزي مايك "
" الآن اضحيت عزيزك ؟؟؟"
" لطالما كنت كذلك يا صغيري، أنا من ربيتك عندما كنت طفل صغير، تتذكر ؟؟؟"
هز مايك رأسه بلا وهو يقول ساخرًا من حديثها :
" لا بل رباني اليخاندرو، ألم تخبرينا دائمًا أن اليخاندرو لم يحسن تربيتنا ؟؟؟؟ "
قالت سيلين ببسمة صغيرة غبية تخشى أن يتهوروا وهي تعرفهم كيف يكونون في غضبهم :
" أنا... أنا فقط كنت احفزكم، صحيح احفزكم، هذا ما يسمى بالنقد البناء يا صغيري، أنا فقط اقول ذلك لمصلحتكم "
تحدث ماركوس وهو يخرج مسدسه ثم قام بتجهيزه وكأنه على وشك القتل أو ما شابه :
" اه انظروا يا رجال لقد ظلمنا سيلين "
هزت سيلين رأسها بنعم تؤيد حديث ماركوس وهي تصنع تعابير لطيفة مزيفة على وجهها، لكن صوت مارسيلو الذي انطلق جعلها ترتبك :
" إذًا يا رجال ماذا نفعل الآن ؟؟؟"
تحدث مارتن ببسمة خبيثة :
" أقترح أن نقوم بتعريضها لشحنات كهربائية عالية "
أضاف ادم بخبث اكبر :
" لا يا اخي، بل الاسوء ......لنقم بتلويث المنزل بأكمله"
هنا وارتفع صوت سيلين ليهز جدران القصر كله وهي تستنجد باليخاندرو :
" اليخانـــــــــــــــدرو "
_____________________________
كان يجلس على سيارته وهو ينظر للسماء يستنشق بعض الهواء النقي المنعش بعيدًا عن الجميع اعلى إحدى التلال التي يندر وجود أحدٍ بها، يتذكر حديث جده عن ماضي أبناءه والذين هم آباءهم ....
اغمض عينه وهو يصدر صوتًا خافتًا من فمه يشبه الموسيقى، وفي الحقيقة كانت تهويدة لطيفة من طفولته، الشيء الوحيد الذي يتذكره من والدته، والدته التي توفيت جراء مرضٍ خبيث، لم يتمكن أحد من مساعدتها وبقيت تحتضر أمام أعين الجميع دون مقدرة أحد على التدخل ومساعدتها، والدته التي لا يتذكرها الصغير ادم، ولولا بعض الصور التي يحتفظ بها جده لكان نسي شكلها ....
خرج فبريانو من شروده على صوت رنين الهاتف، لم يحبذ أن يتحدث لأحد الآن، لكن رؤيته لاسمها ينير شاشته جعلته يلتقط الهاتف بكسل وهو يتسطح بجسده على السيارة مردفًا بخفوت :
" نعم ؟؟؟؟"
" فبريانو ..."
" اممممم "
توقفت روبين عن التحدث لثواني قبل أن يعلو صوتها وهي تقول بصوت مرتعد جراء بكائها في الساعات السابقة :
" لقد جاء إلىّ ..."
" من ؟؟؟"
" الشاب نفسه الذي يريد الزواج مني، أنا .... أنا لا اعلم لماذا أنت بالتحديد من اتحدث معه واقص عليه الأمر، لكنني احتجت أن أخرج كل ما يعتمر صدري مع أحد لا يعرفني جيدًا "
ابتسم فبريانو بسمة صغيرة وهو يهمس و مازال بصره معلق بالسماء :
" لكنني اعرفك جيدًا يا ايها الارنب الوردي "
زمت روبين شفتيها بضيق وهي تنظر لنفسها في المرآة التي تقابل فراشها، ترمق بذلتها الوردية والتي تتخذ شكل ارنب لطيف، لكن صوته الذي صدر من الجانب الآخر أخرجها من شرودها وهي تسمع حديثه :
" أراهن أنكِ ترتدين الآن نفس الزي السخيف الوردي "
" هذا غير صحيح "
تحدثت روبين بصوت منخفض وقد بهتت من حديثه لدرجة ظنت أنه يراقبها، سمعت ضحكاته تأتي من الجانب الآخر وهو يقول :
" أتعلمين وددت لو أنكِ الآن بالمشفى حتى آتي لكِ "
صمت ليسمع تنفسها الغير منتظم وهي تقول بسخرية لاذعة :
" لا تخبرني أنك تخجل المجئ لمنزلي ؟؟؟؟"
" لا في الحقيقة أنا لست في مزاج يسمح لي برؤيتك بهذا الشكل السخيف، عيني لن تتحمل مقدار قبحك فيه "
حسنًا هي لم تُصدم، ولم تتفاجئ في الحقيقة كانت لتصدم إن اجاب بشيء آخر عدا حديثه الغير مراعي ذاك :
" حقًا فبريانو ؟؟؟ اقسم أنني بحياتي لم أر من هو بمثل وقاحتك، صدقًا هل يوجد من يماثلك وقاحة ؟؟؟"
" أنا وجميع اخوتي وابناء عمي "
انطلقت ضحكات روبين وهي تهز رأسها بيأس :
" الأمر وراثة في النهاية "
همهم فبريانو بموافقة وهو يصمت قليلًا ثم قال بعد هدوء قصير عم الأجواء :
" هل تمكنتي من قراءة ما كتبته لكِ على الجبيرة ؟؟؟"
نظرت روبين ليدها بغيظ وهي تهمس :
" لا لم افعل، رفضت أن أعلم من أحد وانتظر أن تخبرني بنفسك أيها البستانيّ اللطيف "
" لا تظني لانكِ لستِ امامي سأغفر لكٌ كلمتك تلك، صبرًا حتى اراكِ، سأقطع لكِ أذني الارنب السخيف القبيح الذي ترتدينه "
تحسست روبين الاذن التي تعلو رأسها برعب وهي تقول بحنق :
" حسنًا توقف عن المراوغة وأخبرني معنى تلك الكلمات "
" يوم اخبرك بمعنى تلك الكلمات، لن يعود أي شيء كما كان ...."
وبهذه الكلمات أنهى فبريانو حديثه قبل أن يغلق الهاتف ودون مقدمات غير آبهًا بردها أو بالحيرة التي تركها بها ....
__________________________
" إذًا هل نامت ؟؟؟"
نظرت سيرينا لابنتها التي تغط في نوم عميق بعدما رحل أصدقائها المقززين من عندها وهي تتنهد ببطء حتى لا تسمعها :
" نعم فعلت، لكن انطونيو هي مصرة على الذهاب غدًا لمسابقة الغناء، وانا لا اعلم كيف امنعها ؟؟؟؟"
تحدث انطونيو بجدية وهو يعلق بذلته في الخزانة بعدما بدلها بثياب قطنية مريحة مرددًا ببسمة خبيثة توحي بالكثير :
" ومن قال إننا سنفعل ؟؟؟"
" ماذا تقصد ؟؟؟ هل ستتركها تذهب لها وتُرفض ؟؟؟ ستتدمر كليًا "
ابتسم انطونيو وهو يجلس على فراشه هاتفًا براحة كبيرة :
" لا تشغلي بالك بتلك الأمور سيرينا، فأنا أعلم ما افعل جيدًا وابنتك تلك أنا من سيعيد تربيتها كما اريد "
" انطونيو ..."
كانت نبرة سيرينا محذرة مرتابة وهي تحاول طمئنة نفسها أنها تفعل ما ينفع ابنتها :
" لا تجعلني اندم يومًا على مساعدتي لك انطونيو "
تحدث انطونيو بجدية كبيرة وهو يحرك أصابعه بخفة على بعض ازرار الحاسوب الشخصي له اثناء الحديث في الهاتف :
" لا تقلقي سيرينا، روما تعني لي الكثير ولن اقوم بالمساس بها يومًا او حتى جعلها تحزن، أنا فقط سأعيدها للطريق الصحيح، صدقيني سيرينا لو كان ما تفعله صحيح لكنت شجعتها عليه، فلست أنا من اكبت حرية امرأتي "
صمتت سيرينا ثم قالت :
" اثق بك انطونيو .... والآن اخبرني ماذا ستفعل بشأن مسابقة الغد ؟؟؟"
ابتسم انطونيو بخبث وهو يهمس :
" سأخبرك "
__________________________
توقف جاكيري بسيارته أمام منزل رفقة بشكل مثير للفزع حيث كاد يصعد بالسيارة على درج البناية ....
ترجل من سيارته وهو يركض لمدخل البناية بسرعة كبيرة، حتى اصطدم بعنف شديد في جسد كان يركض في الاتجاه المعاكس له، مما أطاح بذلك الجسد ارضًا بسبب قوة جاكيري مقارنة به، ولم يكن ذلك الجسد سوى رفقة التي ارتفعت صرخاتها بحنق شديد ...
" يا دماغي يا اما ....حاسة عقلي اتلقلق جوا "
لكن جاكيري لم يهتم بذلك الشخص الذي صدمه، بل استمر في الركض بسرعة صوب المصعد، إلا أنه توقف حينما سمع ذلك الصوت خلفه والذي لم يكن سوى لتلك المجنونة التي حدثته تتوسل مساعدته ...
عاد جاكيري للخلف بخطوات صغيرة يراقب ذلك الجسد المتكوم ارضًا بتدقيق يحاول ايجاد أي شيء قد حدث لها يستدعي طلبها للمساعدة ...
" ألن تساعدني للنهوض ؟؟؟"
كان سؤالًا حانقًا من رفقة التي تحاول النهوض بمساعدة نفسها وقد يأست من تحرك ذلك الجامد عديم الاحترام _ حسب رأيها _
تحدث جاكيري ببرود وهو يشير لها :
" أرى أنكِ بخير....إذًا لماذا حدثتيني لطلب المساعدة "
ضربت رفقة رأسها بتوبيخ لنفسها وكأنها نست سبب قدومه للحظة، ثم و في غفلة عنه أمسكت يده تسحبه للخارج وهي تقول بفزع :
" عم توفيق ليس بخير .... إنه يلفظ أنفاسه الأخيرة وأنا لا أعلم عنوانه "
توقفت أمام السيارة التي تصطف أمام البناية وهي تخمن أنها سيارته الخاصة تنتظر منه أن يبادر ويفتح لها الباب، لكن كل ما صدر منه هو كلمات غير مهتمة :
" إذًا ؟؟؟؟؟"
" إذًا ماذا ؟؟؟؟ اتيت بك لتعطيني عنوانه حتى أنقذه "
نظر لها جاكيري بتعجب كبير :
" وكيف من المفترض بي أن أعرف عنوانه ؟؟؟؟؟"
" ربما لأنه يعمل لديك في شركتك ؟؟؟؟"
" وهل هذا سبب لأعرف عنوانه ؟؟؟"
هزت رفقة رأسها بنعم وهي تكاد تنفجر غيظًا من ذلك الغبي الذي لا يفقه شيئًا في أمور شركته، حتى ابسط الاشياء، كقدرته على معرفة بيانات موظفيه ....
همس جاكيري بتعجب لتلك المعلومة الجديدة :
"عجبًا يبدو أنني فاتني الكثير "
نظرت له رفقة دون ردة فعل تنتظر أن يجد لها العنوان، لكن كل ما فعله هو الوقوف دون فعل أي شيء، فاض الكيل برفقة وهي تصرخ في وجهه بجنون :
" ماذا تنتظر ؟؟؟؟ الرجل سيموت "
" احاول تذكر عنوانه فأنا في الحقيقة لا أعلمه، حسنًا سأخبرك شيئًا، لكن ليكون سرًا بيننا....أنا لا افهم شيئًا في هذه الأمور المكتبية فهذا ليس تخصصي في الحقيقة، لكن اخي ذلك الوحش الذي يأكل الاطفال لو تتذكرين أخبرتك عنه سابقًا..... يجبرني على الذهاب للشركة، في البداية كنت اتملص من الأمر لكن وجودك غير الكثير وأصبحت اذهب خصيصًا لاضايقك "
كانت رفقة تقف وهي ترمقه ببلاهة تستمع لقصته المأساوية تلك وهو يحاول اخبارها أنه لا يفلح في تلك الأعمال ، وكأنها تنتظر حديثه :
" يا راجل من غير ما تقول باين عليك ..."
" لم افهمك "
مسحت رفقة وجهها بحنق وهي تحاول أن تتمالك نفسها ثم همست من بين أسنانها :
" اتصل بأحد موظفي الشركة واخبرهم أن يحضروا لك عنوان توفيق ارجوك ...."
" لا املك رقم أحد في الشركة، فأنا لا اعطي رقمي لأحد وهذا يدل على أنك مميز يا فتى "
قال حديثه بجدية كبيرة وهو ينهيه ببسمة خبيثة جعلت رفقة تطلق صرخة مغتاظة، جعلته يعود للخلف بريبة من تصرفاتها وهو يهمس لنفسه ( أنها جنت )
ضربت رفقة للسيارة بقدمها في عنف شديد تحاول تفريغ بعض غضبها فيها لتسمع صوته الحانق :
" هيييه هذه سيارة اخي، سيقتلني إن تدمرت هذه المرة، لذا عامليها بلطف "
اندفعت رفقة صوبه وهي تدفع صدره بغضب :
" أنت عبيط ياض ؟؟؟؟ أنت عبيط ؟؟؟؟ هي عيلتك كلها عبط كده !؟؟؟؟ ولا أنت طلعت خلقة في وسطهم ؟؟؟؟"
لم يفهم جاكيري حديثها، لكنه فجأة انتفض وهو يقول :
" صحيح تذكرت أنا أحمل معي رقم تلك المساعدة الشخصية "
ابتسمت رفقة بسخرية وهي تردد :
" ها أنت تمنح رقمك الشخصي للموظفين "
تحدث جاكيري وهو يخرج هاتفه بجدية كبيرة :
" لا هذا فقط لأنها كانت مثيرة ...."
فتحت رفقة فمها بصدمة لحديثه الوقح، لكنها لم تتحدث بل انتبهت له وهي تسمع صوته يقول بنبرة لعوبة :
" نعم يا جميلة هذا أنا .......لا لا اتصلت بكِ لأجل شيء آخر .... أنت تعلمين أنني اراكِ مثيرة لكن في الــ .."
توقف بسبب ضربة رفقة التي صاحت في وجهه بجنون لمغازلته الفتاة أمامها بكل وقاحة :
" العنوان ...."
_____________________________
زفرت بحنق وهي تجذب الفراش على جسدها للمرة الخامسة أثناء نومها، فهي منذ تقريبًا نصف ساعة وهي تشعر بالبرودة المفاجأة لتجد أن الفراش بطريقة أو بأخرى ابتعد عن جسدها ...
فتحت روبين عينها بملل وهي تكاد تصرخ نزقًا، لكن بدلًا من ذلك صرخت رعبًا وهي تجد ذلك الجسد يجلس على مقعد جوار فراشها بكل برود وهو يمسك الفراش الخاص بها يجذبه على جسده تاركًا إياها تتلظى من البرودة ...
نظرت روبين لفبريانو بصدمة وهي تراه يسحب الفراش من عليه ليدفئ به نفسه غير مهتمًا بها، اعتدلت في نومتها وهي تردد بصدمة :
" أنت ....ماذا ....لقد اتيت ....أخبرتني أنك..."
" أنا جائع ..."
هكذا قاطع فبريانو حديثها المتقطع الغير مفهوم لتطلق روبين صرخة حانقة حاولت التحكم بها حتى لا يشعر أحد رواد المنزل ويأتي ليرى تلك المصيبة في غرفتها :
" أنت.... هل أنت معظم لدرجة تدفعك لاقتحام منزلي ومطالبتي بالطعام ؟؟؟؟"
رمقها فبريانو بلا تعابير محددة وهو يعترف لأول مرة :
" أنا لست معدم....لكنني أحب تناول طعامك "
" حسنًا يبدو أنك أخطأت التعبير هي تقال ( أحب تناول الطعام رفقتك ) "
" لا بل احب تناول طعامك الخاص، لا اعلم لماذا لكنه يكون لذيذًا "
لوت روبين شفتيها بسخرية وهي تردد :
" لن اتعجب حديثك فقد سمعت منك ما هو اسوء، ثم اخبرني لماذا اتيت ؟؟؟ ألم تقل أنك لن تأتي إلىّ هنا لانك خجول يا مسكين ؟؟؟"
" نعم قلت هذا، لكن ...."
صمت قليلًا ثم قال بجدية وهو ينظر بعينها :
" لكنني أحب النظر إلى وجهك القبيح، اعتقد أنني أدمنت ذلك "
و اه من ذلك الاحمق الذي يلقي بحديثه دون اهتمام، لو يعلم ما سببه حديثه بها، لكان أشفق عليها من قوله، ابتلعت روبين ريقها وهي تحاول الخروج من حالة الخجل تلك لتسمع صوته مجددًا يعيدها وبقوة لتلك الحالة :
" أخبرتك سابقًا أنني احبك عينيكِ الكحيلة، يمكنك إضافة أنني أحب أيضًا تلك الحمرة التي تعلو وجنتك عند الخجل "
حسنًا هنا ويكفي فتحت فمها بنية الصراخ في وجهه أن يتوقف وهي تكاد تفقد أنفاسها، لكنها تفاجئت فجأة به يجذبها لاحضانه بشكل لم تستوعبه إلا عندما همس جوار أذنها :
" وايضًا أخبرتك سابقًا أنكِ قبيحة، لكن بشكلٍ ما قبحك يروقني....عند
______________________________
دخل كلًا من ماركوس وآدم للمشفى حتى يقوم ادم بفحصه الدوري المعتاد، لكن فجأة توقف الاثنان عن الحراك وهم يبصرون تلك الطبيبة التي كانت تلاحق ادم وهي تقف في أحد أركان المشفى تبكي بشكل هيستري وهناك شاب آخر يقف قبالتها يحاول تهدئتها .....
نظر ماركوس لادم يحاول معرفة ردة فعله للأمر، هل يكملوا طريقهم أم يتوقفوا ؟؟؟ لكن لم يظهر على ادم شيء وهو يدير وجهه الجانب الآخر متحدثًا بجمود :
" لِمَ توقفت؟؟؟؟ هيا لنذهب وننتهي من هذا ..."
تحرك الاثنان صوب غرفة الفحص والتي كانت تحتلها تلك الطبيبة المزعجة، ومن غيرها ؟؟؟ الطبيبة سارة .
نهضت سارة من مكتبها فورمات راقبت ادم الذي خطى لداخل الغرفة وهي تقول بنبرة عملية تغلق الباب خلفه وترتدي القفازات الطبية :
" مرحبًا سيد آدم، اتمنى أن تكون بخير "
صمتت وهي تتوقف أمامه ثم قالت بنبرة عادية:
" أخشى أنني أنا من سيكمل متابعة حالتك بسبب ظروف خاصة تمر بها الطبيبة هايز "
" ماذا حدث لها ؟؟؟؟"
كان ذلك سؤال ماركوس والذي يعلم جيدًا أنه نفس السؤال الذي يدور بخلد آدم، لكنه يترفع عن السؤال بسبب عناده الغبي ...
رفعت سارة عينها ترمقه لثواني بنظرات حانقة قبل أن تبعد عينها لادم وتكمل فحصه تحت نظرات ترقب من قبل ادم حاول جاهدًا أن يخفيها :
" لقد تعرض والدها لحادث مأساوي، وهو الآن في غرفة العمليات ولا تبدو حالته مبشرة "
اغمض ادم عينه يدعي عدم الاهتمام، بينما ماركوس في الحقيقة لم يهتم، ليس قسوة منه، لكن هو رأى من الحياة ما يجعله ينظر لتلك الأمور بنظرة عادية، ولا يتأثر بهكذا احداث ...
اقتحم غرفة الفحص شخصٌ ما وهو يقول بصوت عالٍ وبسمة واسعة :
" سارة حبيبتي هل انتهيتِ ؟؟؟؟"
التفتت سارة سريعًا للداخل وهي تنظر له بنظرات محذرة بسبب أفعاله الطائشة، لكن يبدو أنه لم يهتم بنظراتها، لتعود هي وتكمل فحص ادم وهي توضح بنبرة باردة :
" الطبيب اندرياس ....خطيبي "
________________________________
كام يغطي في نومٍ عميق، لا يزعجه أو يعكر نومه شيء، وكيف يحدث وهي بطلة أحلامه، لكن كل ذلك تلاشى وهو ينتفض على صوت رنين هاتفه، فتح انطونيو عينه بانزعاج شديد يتوعد المتصل بالويل لافساده نومته الهانئة، لكن كل تلك التوعدات اختفت وهو يلمح اسم سيرينا ينير شاشته ...
فتح انطونيو المكالمة وهو يردد بنعاس لم يزل يزين نبرته :
" ماذا سيرينا ؟؟؟ هل حدث شيء لروما ؟؟؟؟"
" انطونيو تعال بسرعة فقد استيقظت روما من النوم بعدما تلقت اتصالًا هاتفيًا، ثم اصبحت تصر بشكل مخيف على الذهاب للمسابقة ..... الآن "
تحرك صوب الخارج بغضب شديد يشعر بأنه يود القبض على رقبة تلك الحمقاء روما، كان يشب ويلعن ذلك اليوم الذي سقط فيه صريعًا لهواها :
" تبًا لكِ روما....سأحقرك حية ..... سيكون موتك على يدىّ "
كانت يتحدث بتلك الكلمات وهو يتجه للخارج، تاركًا خلفه مارسيلو يرمق أثره بصدمة، أثناء توقف مايك جواره وهو ينتزع منه طبق الطعام مرددًا بحنق :
" توقف عن سرقة طعامي ....ما الذي تنظر له؟؟؟"
تناول مايك قضمة من طعامه وهو يرمق الاتجاه الذي ينظر له أخيه ليسمع صوت مارسيلو يقول بصدمة :
" انطونيو سيحرق العاصمة "
" ماذا ؟؟؟؟"
" سمعته يقول تبًا لك روما سأحرقك "
فتح مايك فمه بعدم استيعاب لما يقول أخيه مرددًا بغباء :
" عجبًا هل وصل به الغضب لهذا الحد ؟؟؟"
هز مارسيلو رأسه بعدم معرفة ثم قال يتذكر :
" أين ذهب مارتن؟؟؟ أصبح يختفي كثيرًا مؤخرًا "
" إنه يعتني بالعيون البنية ..."
ردد مارسيلو ببلاهة :
" عيون بنية ؟؟؟"
" نعم ...مارتن أضحى طبيب عيون في الآونة الأخيرة"
أنهى مايك حديثه بسخرية وهو يتحرك صوب البهو يلحق به أخيه الذي ردد بغباء :
" ما بال الجميع هذه الأيام ؟؟؟؟"
بينما انطونيو خرج من القصر وهو يتجه صوب الجراج لإحضار سيارته دافعًا كل ما في طريقه بغضب ...
وعلى مقربة منه كان يتحرك جايك وهو يحمل لوحته نفسها التي فسدت سابقًا بسبب تلك الفتاة الحمقاء، لكن ها هو قد اصلحها تقريبًا بعد جلوسه أمامها لساعات .....
وأثناء سير جايك بحذر شديد وهو يحمل لوحته وجد فجأة يد تزفعه جانبًا بعنف مما اسقط لوحته ارضًا ليرتفع صوت صراخه الغاضب وهو يركل اللوحة بقدمه وقد سأم منها :
" تبًا لكم جميعًا، اقسم أنني لن اكملها "
لكن كل صراخه ذلك لم يلفت انتباه انطونيو والذي كان سببًا في تدمير لوحته للمرة الثانية وهو يصعد لسيارته متحركًا بها يتوعد روما ...
أخرج هاتفه وهو يجري اتصالًا هاتفيًا مرددًا بغموض :
" تغيرت الخطة ستأتي الآن........"
_________________________
الحب لن يطرق أبواب قلبك، بل يحطمها بكل بساطة ويقتحمه قبل حتى أن تستوعب الأمر، ثم بعدها يتربع داخل القلب وهو يقول بأسف مصطنع ( صحيح نسيت اخبارك أنني دخلت لهذا المكان المقفر، اتمنى ألا تنزعج مني )....
انتبه ....
" لا تدري من أي باب قد يأتي جحيمك "