رواية احفاد اليخاندرو (ابواب الجحيم التسعة) الفصل السابع عشر
كان صدى تصفيقه يرن في القاعة بأكملها مصحوبًا بصفير مشجع، وهي فقط كل ما تمكنت من فعله هو الابتسام والبكاء في آن واحد ..
لم تصدق ذلك الشعور الذي غمرها فجأة، هناك من يدعمها...يشجعها، وهذا الشعور أكثر من رائع في الحقيقة، راقبت جولي تحرك مارتن من مكانه يتقدم منها يقف أسفل المسرح وهو مازال يصفق هامسًا بحنان شديد :
" خطفتي قلبي يا فتاة ...."
تحدثت جولي من بين دموعها وهي تنظر للجنة التحكيم التي ترمق مارتن بتعجب لوجوده أثناء اختيار أعضاء الفرقة...
" اعتقد أنني لم أنل اعجابهم مارتن ....."
" لا بأس بنية العينين، هؤلاء مجموعة من الصم لا احساس لهم، يمكنني شراء هذا المسرح لكِ إن اردتي واجلس أنا فقط واستمع إليكِ ...."
نظرت جولي لعينه التي كانت تلتمع بشكل جعلها تتوتر وللمرة الأولى في حياتها أمام رجلٍ ما، حاولت ألا تظهر تأثير كلماته عليها وهي تقول بهمس أثناء مراقبتها بنظرات لجنة التحكيم :
" أشعر أنهم سيضربوننا مارتن، أنهم ينظرون لنا بشكل سيء "
" اممممم حسنًا لنتحرك من هنا، سوف احضر لكِ طعام لذيذ وحلوى أيضًا "
تحركت جولي بغباء تهبط من المنصة ثم تحركت تسير خلف مارتن الذي حدج الجميع بنظرات مخيفة، و كأنه على وشك الانقضاض عليهم، لكن توقف الاثنان فجأة على صوت أحد أعضاء لجنة التحكيم وهو يقول بعدم فهم لما حدث :
" عفواً يا سيد، ولكن من أنت؟؟؟ وكيف تدخل للمسرح وتأخذ المتسابقة بهذا الشكل ؟؟؟"
استدار مارتن للجنة التحكيم يرمقهم بنظرة باردة مخيفة وهو يهمس بشر :
" و ما شأنك أنت يا سيد ؟؟؟ "
" شأني أنك الآن تأخذ مغنية الفرقة معك يا سيد، دون حتى أي كلمة "
توقفت جولي وهي ترمقه بعدم فهم مرددة حديثه خلفه ببلاهة :
" مغنية الفرقة ؟؟؟؟؟ أنا ؟؟؟؟"
هز الرجل رأسه وهو يبتسم لها لتطلق جولي صرخة عالية سعيدة رنّ صداها في المكان كله، ثم و دون سابق إنذار كانت تلقي نفسها بين ذراعي مارتن وهي تضحك بعدم تصديق أثناء صراخها في أذنه :
" نجحت مارتن .....نجحت "
اطلق مارتن ضحكة عالية وهو يضمها بحنان شديد يشاركها فرحتها تلك ثم نظر للجنة التحكيم وهو يهمس في رأسه أنهم نجو مما كان سيفعل بهم، فهو كان سيأخذها ويحضر لها كل ما يعلم أنه يسعدها ثم يأتي ويلقنهم جميعًا درسًا، وبعدها يأخذها لمركز فنون اكبر من هذا وتلك المرة سيهدد الجميع أن يقبلوها، ليس لأنه لا يثق بها وبقدرتها، بل لأنه لا يثق في الجميع عداها ....
_______________________________
كان يجلس أمام لوحته وهو يتمتم بشرود كبير غير عابئًا بمن يحيطه، فقط هو و لوحته و ألوانه وذلك المظهر الطبيعي الجميل، ابتسم جايك بسمة صغيرة أثناء تحرك يده بحذر شديد يود وضع اللمسة النهائية على لوحته التي سهر عليها ليالي طويلة، لمسة واحدة فقط تفصله عن الانتهاء واخيرًا من تلك اللوحة، لكن لمسة تحتاج للدقة والحذر :
" فقط نقطة واحدة وننتهــ....."
توقف عن الحديث وتوقفت يده أمام اللوحة مباشرة وهو يجد جسد يندفع بحدة يسقط فوق لوحته بشكل جعله يغمض عينه ببرود ظاهري، بينما مراجل غضبه تغلي داخله وهناك بسمة مخيفة تتسع على فمه وهو يرمق ذلك الجسد الذي تكوم على لوحته الحبيبة :
" من ذلك الملعون الذي.... أفسد ......لوحتي "
كان يضغط على حديثه بشكل أثار رعب تلك التي تتسطح على لوحته وقد تلوث وجهها بالكامل بالألوان و هي ترتجف خوفًا منه ...
استدار جايك نصف استدارة ينظر للشخص الذي دفع تلك البلهاء على لوحته ليجدها فتاة ذات جسد ممشوق، بجمال فاتن لو كان في موقف آخر ووقت آخر، لكان غازلها بكل ما يعرف من غزل، لكن الآن وفي تلك اللحظة، كل ما يشعر به، هو الغضب، الغضب وفقط ...
نهض وهو يدفع مقعده بحدة ثم استدار لتلك الفتاة وهو يقول بشر بينما ينقل بصره بينهما :
" سأقتلكما اليوم ......"
ابتسمت الفتاة بسمة باردة كريهة وهي تنظر لتلك التي تتسطح ارضًا بسخرية :
" هذا الحديث تقوله لتلك النكرة، لكن أنا ...لا انصحك بقول هكذا حديث ابله أنت لست بقادر على تنفيذه "
نهضت الفتاة من على لوحته وهي تبكي بخوف ثم انحنت تتحمل اللوحة وهي تضعها على الحامل مجددًا تحاول أن تصلح ما أفسدته، رغم صعوبة ذلك حيث أن نصف الألوان خرجت في وجهها وثيابها، لكن خوفها من نبرة ذلك الشاب جعلتها تفعل أي شيء حتى تتقي شره ...
نظر جايك للفتاة بغضب حاول كبته، فهي بالنهاية فتاة، لكن حديثها ذلك لم يساعد أبدًا على تهدئته، لذا بدون كلمة واحدة تحرك صوب لوحته وهو ينزعها من على الحامل ثم فجأة وفي غفلة عن الجميع كان يلقيها في وجه تلك الفتاة المتبجحة وهو يقول ببسمة مخيفة :
" لا تستفزي كرمي آنسة ....."
_______________________
" تبًا لكِ روما ...سأترك عملي واقبع أمام غرفتك حتى لا أغفل عن مصائبك "
كان انطونيو يتمتم بتلك الكلمات غاضبًا أثناء طريقه صوب غرفة روما، بعدما جاءه اتصال من سيرينا تطلب مساعدته لردع طيش ابنتها التي تصر بكل عند على حضور المسابقة اليوم هي وشلة المعاتيه الذين ترافقهم ....
فتح انطونيو الباب بعنف شديد اجفل الجميع في الداخل لينتفضوا بفزع، لكن ردة فعلهم تلك لا توازي ردة فعله المصدومة وهو يلمح ما فعلته تلك الغبية في نفسها...فقد كانت ترتدي ثياب سوداء كما قالت من قبل وخططت، وتضع العديد من الحلقات المعدنية الصغيرة في انفها واجزاء متفرقة من وجهها بشكل أثار غثيانه، بالإضافة لوضعها احمر شفاه، لكن ليس بالاحمر بل اسود اللون مع ظلال عيون سوداء فكانت أشبه بالشبح .
" ما الذي يحدث هنا ؟؟؟"
ركضت سيرينا صوب انطونيو وهي تزفر براحة شديدة لقدومه، ثم توقفت جواره وهي تشير لابنتها ومن معها قائلة بحنق شديد لكن بصوت هامس حتى لا تثير غضب ابنتها :
" تصرف انطونيو فتلك العنيدة ستنفذ ما برأسها ولن..."
" اخرجي سيرينا وخذي معكِ هذا القطيع من القطط المشردة "
أنهى حديثه وهو يرمق فرقة روما بنظرات مخيفة جعلتهم جميعًا يتحركون للخارج بخوف قبل حتى سيرينا التي ابتسمت بتشفي عليهم ثم لحقت بهم تاركة ابنتها وشأنها مع انطونيو ...
" والآن يا صغيرة...أخبريني ما الذي جعلك تتحولين لغراب مخيف هكذا ؟؟؟؟"
فتحت روما عينها وفهما باتساع مستنكرة حديثه الوقح _ من وجهة نظرها _ تهتف بحدة :
" هيييه يا سيد راقب حديثك ...ثم ما شأنك أنت بما افعل ؟؟؟؟"
اقترب انطونيو منها بخطوات مخيفة وهو ينظر بعينها بشر هامسًا :
" روما ....."
ارتجف جسد روما بتأثر من نبرته، وهي تحاول أن تدعي عدم الاهتمام قائلة بضيق مصطنع :
" ماذا ؟؟؟؟"
" توقفي عن استفزازي حتى لا اضطر لقتلك في نهاية الأمر "
أنهى حديثه وهو يبتعد عنها يراقب أثر ما قاله على وجهها والذي كان بكل بساطة صدمة....فقط صدمة هي ما تمكنت من إظهارها على وجهها ..
ابتسم انطونيو بشكل مخيف ثم همس :
" صبري بدأ ينفذ يا فتاة....اذهبي وأمسحي ذلك القرف عن وجهكِ، واياكِ ...اياكِ أن المح وجهك بهذه الاضافات المقززة، وبالنسبة لتلك المسابقة، فلن تذهبي الآن .."
فتحت فمها بغية الصراخ والاعتراض ليقاطعها بنظرات مخيفة وهو يقول :
" غدًا تذهبين بعدما يفحصك الطبيب .... الآن اذهبي لمسح وجهك "
نظرت له روما وملامحها تنطق بالاعتراض والتمرد، لكن كل ذلك قُتل في مهده وهي تسمع صرخته التي هزت أرجاء الغرفة :
" الآن........"
ركضت روما برعب شديد صوب المرحاض وهي تتخبط في كل ما يقابلها تحاول تفادي غضبه، بينما هو ابتسم بسمة مخيفة وهو يتجه صوب الخارج يخرج سلاحه، لا ينتوي خيرًا لهؤلاء الحثالة....
__________________________
" توقف ...توقف "
توقفت رفقة عن التحدث وهي ترمق جاكيري بملل شديد تفكر في سبب إيقافه لها هذه المرة بعدما أوقفها مئات المرات منذ بدأت تترجم له ذلك المسلسل ...
" أنت تغش يا فتى ....لم تترجم كما يجب، عارٌ عليك "
رفعت رفقة حاجبها بسخرية تنتظر باقي حديثه ليقول هو بتأكيد وهو يشير للشاشة بعدما اوقف تشغيل المسلسل مؤقتًا :
" أنظر لذلك المشهد ....ذلك الرجل يغازل السيدة و أنت لم تذكر أي جمل غزل في حديثك "
ابتسمت رفقة بسخرية من حديثه وهو ينظر لذلك المشهد الذي يقف به الحاج " عبدالغفور البرعي " مع " فاطمة " وهو يغازلها ببعض العبارات الشعبية أو ما يطلق عليها " تثبيت " وهي بالطبع تجاهلت ذلك الحديث لظنها أنه ليس مهمًا للأحداث، لكن ذلك الجاكيري كان له رأي آخر ....
" حقًا ؟؟؟؟ وكيف عرفت يا ذكي أنه يغازلها ؟؟؟؟"
" هل أنت احمق أو ما شابه ؟؟؟ الأمر واضح وضوح الشمس ...انظر ملامحه وبسمته العابثة...انظر لخجل تلك السيدة من حديثه ...بالتأكيد يغازلها، وأنا أريد معرفة ذلك الغزل العربي "
ابتسمت رفقة بسمة صغيرة وهي تردد حديثه :
" غزل عربي ؟؟؟؟"
" نعم، أنا متحمس لمعرفة كيف يغازل العرب، أعني اخبرني كيف يتحدث الرجل لحبيبته وتلك العبارات التي يستطيع بها سلب لب الفتاة ؟؟؟"
كتمت رفقة ضحكة كادت تفلت منها وهي تتذكر بعض عبارات الغزل الفجة من بعض الأشخاص في الشارع تردد بسخرية :
" صدقني لا تريد أن تعرفها "
" لِمَ؟؟؟؟ هل هي منحرفة ؟؟؟ هل عادة ما تغازلون بعضكم البعض بعبارات سيئة ؟؟؟؟"
فتحت رفقة فمها بصدمة، لِمَ كل مرة يتوقف تفكيره عن هذه النقطة ؟؟؟ لماذا دائمًا يتوقع هذه الأشياء؟؟؟؟
" أنت توقف عن حديثك هذا ...ليس هذا ما قصدته بحديثي ...بل ...بل قصدت أن البعض منهم يغازل غزل مبتذل مقزز ...البعض فقط ليس جميعهم "
ابتسم جاكيري بسمة سمجة وهو يعتدل في جلسته يواجهها :
" حسنًا اخبرني بعض ذلك الغزل "
" ماذا ؟؟؟؟ بالطبع لا ... أنت تحلم "
" سأزيد راتبك "
" هل تغريني ؟؟؟"
هز جاكيري رأسه بنعم وهو ينظر لها بفضول كبير يحاول اختراق رأسها لمعرفة ما تفكر به، لتهز هي رأسها بلا، لن تستطيع حقًا، لن تتمكن من قول تلك الكلمات الحميمية أمامه، تلك الكلمات التي لم تخرج من فمها يومًا، لن تخرجها الآن وله هو ...
زمّ جاكيري شفتيه بحنق مفكرًا في طريقة ليجبرها على الحديث فيما يريد، حتى ابتسم بخبث وهو يقول ناظرًا بعينها :
" حسنًا إليك ما سيحدث .... إن لم تخبرني بغزل عربي الآن، فلا عمل لك عندي هنا "
_______________________________________
" أرى أنك بدأت تعود للطفك "
توقفت يد فبريانو في الهواء وهو يرمق روبين بشر يشتعل في عينه يكاد يحرقها به، ثم وضع الطعام في فمها بعنف شديد وهو يهمس من بين أسنانه بغل :
" توقفي عن نعتي بتلك الصفة المقززة، حتى لا اجتز عنقك هذا "
ابتسمت روبين وهي تمضغ الطعام بتلذذ شديد مبررة حديثها السابق حول لطفه، الذي يعد بالنسبة له سبة نابية غير مقبولة :
" اقصد أن تعاملك معي أصبح لطـ..مراعيًا، انظر إليك تطعمني الطعام بنفسك بدلًا من أن تأكله أنت "
تحدث فبريانو بجدية وهو يطعمها من الطبق باهتمام شديد _ من وجهة نظرها _ ليردد :
" لا أنا فقط لا احب هذا الطعام، غير أن هذه الوجبة يوضع بها الدجاج في أسفلها، لذا اطعمك أنتِ الارز حتى أجد الدجاج لي، وسبب أنني اطعمك بنفسي هو أنني أريد أن اضمن ألا تغدري بي وتأكلي قطع الدجاج خاصتي "
فتحت روبين فمها بصدمة من حديثه؛ لتغص في طعامها بصدمة تحاول معرفة إن كان يمزح ام لا ؟؟؟؟ لكن ملامحه أخبرتها الجواب والذي كان واضحًا وبشدة وهو لا ...
" أنت... أنت لئيم "
هز فبريانو كتفه بعدم اهتمام لحديثها وهو يطعمها آخر ملعقة من الأرز ثم ترك الملعقة وهو يحمل الشوكة ملتقطًا قطع الدجاج يتلذذ بشدة من طعمها الرائع جاعلًا من روبين تكاد تضربه على وجهه وهي تردد بتذمر :
" هذا لي ... و هذه وجبتي أنا "
" نعم اخبروني ذلك وهم يعطوني الوجبة "
" إذًا أعطها لي ..."
رفع فبريانو و جهه من على طبق الطعام وهو يردد بعدم فهم :
" و لِمَ قد افعل ذلك ؟؟؟؟"
تحدثت روبين بوجه محمر غضبًا من برودته وتصرفاته :
" لأنه طعامي يا رجل "
" ليس مبررًا كافيًا...."
زمت روبين شفتيها وهي تصمت، فبالنهاية لن تتغلب عليه، لذا فقط صمتت و هي تراقبه يأكل بنهم لتردد ساخرة منه :
" مش فاهمة ايه الطفاسة دي ؟؟؟ ولا كأنك محروم ...مش بتاكل غير على قفايا "
رفع فبريانو نظره لها مجددًا يقول بانتباه :
" تقولين شيئًا ؟؟؟"
" لا فقط كنت اخبرك أنني سأخرج من المشفى "
" جيد، فأنا سئمت حقًا من طعام المشفى ...اتمنى أن تكون عائلتك تستطيع طبخ طعام لذيذ "
لم تتفاجأ روبين بحديثه ولم تهتم له في الحقيقة، بل قالت وهي تنظر الكبيرة بشرود :
" هل تظن أن تلك الجبيرة ستكون حجة جيدة لتأخير السفر ؟؟؟"
نظر فبريانو للجبيرة ثم عاد بنظره لطبق الطعام وهو يقول :
" ربما "
" أنا لا أريد العودة أبدًا ...افضل الموت على العودة "
" يمكنني قتلك إن اردتي "
رمقته روبين بصدمة لحديثه، يبدو أنه في وادي بعيد عنها، لا يفكر بما تفكر به، أو يشعر بما تشعر هي به :
" حقًا هل هذا ما توصل له عقلك ؟؟؟ قتلي ؟؟؟"
" أو خطفك، أنا أستطيع القيام بأمور كثيرة ومتنوعة كما تعلمين، ربما اقطعك لأجزاء صغيرة"
ضحكت روبين بعدم تصديق لحديثه وهي تفكر أن ذلك الرجل، أبدًا لن يتغير ....
عم صمت في المكان لا يتخلله شيء سوى صوت عقارب تلك الساعة التي تتوسط الجدار فوق روبين وهي تدور في نظام معين لتعلن عقاربها عن ثواني ودقائق وساعات أخرى تمر من حياتك ....
" صحيح أنت لم تكتب لي ذكرى على جبيرتي "
نظر فبريانو ببرود لقدمها وهو يضع الطبق جانبًا ثم راقبها تحضر القلم سريعًا تمده إليه بلهفة تبتسم له تلك البسمة اللطيفة التي بات يمقتها بشدة وهي تمد يدها له بقلم ...
__________________________
تحرك ماركوس يصعد للسيارة جوار آدم الذي عاد بظهره للخلف يتأوه بضيق، مرددًا بتمهل :
" تمهل في القيادة ماركوس فأنا لا احتمل قيادتك السيئة "
تحرك ماركوس بسيارته و هو يتحدث باعتراض على اتهام ادم في حق قيادته الرائعة :
" قيادتي السيئة ؟؟؟ هل تعتقد أنك تركب مع جاكيري يا فتى ؟؟؟"
أنهى ماركوس حديثه تزامنًا مع ارتفاع صوت اصطدام قوي في المكان تبعه صوت صراخ يعرفه جيدًا وهو يقول بشر :
" أنت أيها الاعمى ....."
كتم ادم ضحكة ساخرة كادت تفلت من فمه وهو يراقب ماركوس بشماتة مرددًا :
" نعم صدقت يا عزيزي "
أنهى حديثه وهو يراقب ذلك الجسد الذي توقف جوار نافذة ماركوس وهو يهتف بغضب مشتعل :
" هيا ترجل من تلك الخردة التي تركبها، هيا أيها الاحمق "
هبط ماركوس من السيارة بضيق شديد وهو يتجهز لقتال شديد مع تلك الطبيبة المخيفة التي تمتهن الشجار بدلًا من الطب، وما كادت قدمه تستقر على الأرض حتى سمع صرختها الحانقة :
" كان يجب أن اتوقع، أنه أنت، فلا يوجد احمق هنا سواك "
اغمض ماركوس عينه ثوانٍ عاد وفتحها منحنيًا بعض الشيء يضع يده في جانبه مرددًا وكأنه ينحني لملك أو ما شابه :
" اعتذاري لسموكِ أميرة سارة "
" لم أكن أعلم أنك خفيف الظل إلى جانب وقاحتك "
ابتسم ماركوس بسمة جانبية وهو يعتدل في وقفته مضيفًا ببسمة سمجة بعض الشيء يعيد شعره للخلف بغطرسة مصطنعة :
" أنا متعدد المواهب "
ضحكت سارة بسخرية لاذعة، ثم فجأة اختفت بسمتها وهي ترفع اصبعها في وجهه هاتفه بسخط و غيظ :
" سوف تقوم بتصليح كل ما حدث لسيارتي يا هذا "
نظر ماركوس لاصبعها ثم مد يده بسرعة لم تستوعبها يمسك اصبعها بسخرية مقتربًا من وجهها يهمس :
" اياكِ واعتبار أن صمتي ضعف مني، أنا فقط اضع في الاعتبار أنني أمام امرأة حمقاء وإلا لكنتِ رأيتي مني ما لا يسرك "
أنهى كلماته بنظرات مشتعلة جعلته تبتسم بسمة جانبية وهي تسحب اصبعها من بين يديه التي كادت تكسره من شدة إمساكه لها هامسة له بشر وتحدي يوازي تحديه :
" للجحيم يا قذر ....أتظنني اخشاك ؟؟؟؟ "
" حري بكِ هذا ..."
ابتسمت سارة بسخرية على حديثه ثم تجاهلته وهي تصعد لسيارتها تتحرك بسرعة مخيفة مصدرة اصواتًا عالية نتيجة احتكاك عجل سيارتها في الأرضية أسفله...
رمق ماركوس أثرها بسخرية ثم صعد للسيارة وهو يحاول تهدئة غضبه يتجاهل ادم الذي كان يريح ظهره على المقعد خلفه وهو يصفر باستمتاع مرددًا :
" أنتما مسليان جدًا حقًا ...."
" تبًا لك ادم ....."
أنهى ماركوس كلماته وهو يتحرك بسيارته بسرعة توازي سرعة سارة التي تحركت بها وداخله مراجل تغلي غضبًا منها، لكن جزء منه يشكر هروبها من أمام نظره ...فهو لم يكن ليضمن أن يقوم بقتلها في أرضها إن استمرت في استفزازها له ....
_____________________
كان جايك يقف وهو يبتسم بسخرية على وجه تلك الفتاة الذي احترق غضبًا، لكنه لم يعبأ بها، بل تحرك نحو تلك الأخرى التي سقطت على لوحته وهو يقول بصوت جامد لم يظهر مقدار غضبه :
" لا تدعي حمقاء كتلك تتحدث بهذا الشكل عنك مجددًا "
رفعت الفتاة عينها له وهي تحاول كبت دموع كانت تحرق عينها، تشعر بالذل والخنوع يتلبسها مثيرًا في جسدها موجة وجع لا وصف يُكتب فيها ...
تعجب جايك لصمت تلك الفتاة وهي تنظر ارضًا، لكن تعجبه لم يقدم طويلًا وهو يسمع صوت تلك المتغطرسة من خلفه يصدح بسخرية لاذعة :
" لا ترهق نفسك فهي لن تجيبك .... أنها بكماء "
أنهت حديثها وهي تضحك بسخرية كبيرة جلبت الدموع لعيون تلك التي لم تملك حتى رفاهية الدفاع عن نفسها، رفع جايك حاجبه وهو ينظر لتلك الفتاة بعدم فهم...
" يا للهول...أنتِ كريهة يا فتاة "
توقفت الفتاة عن الضحك فجأة وقد عادت ملامح الإجرام تعلو وجهها بسبب استفزاز ذلك الشاب الحقير :
" اسمع يا رجل أنا لست متفرغة لحديثك القذر هذا، فأنا لدي العديد من الأشياء لأقوم بها "
صمتت ثم قالت ببعض التكبر :
" أنا فنانة كما تعلم و..."
" لا لست اعلم "
" ماذا ؟؟؟"
صدمت الفتاة من حديثه، كيف لا يعرفها ؟؟؟؟ ليس هناك أحد لا يعرف من هي مونيكا ميلر، كانت تنظر له ببلاهة تنتظر أن يضحك مخبرًا إياها أنه يمزح وأنها غنية عن التعريف، لكنه لم يفعل شيء سوى أنه نظر لها باستهانة طبيرة جعلتها تصرخ في وجهه بجنون :
" لا تنظر لي هكذا، كيف لا تعلم من هي مونيكا ميلر ؟؟؟"
" من هي مونيكا ميلر ؟؟؟"
تحدث جايك بعدم فهم وبرود لاذع جعلها تجيبه صارخة :
" إنها أنا...لا اصدق أنك لا تعلم ماهيتي "
" لا لحظة ......"
نظر جايك لها من أعلى لاسفل نظرات تقييمية ثم قال بعد صمت قصير :
" لا لا اعلم ... أنت فقط تشبهين تلك الفتيات اللواتي كان ابن عمي يحضرهم للمنزل "
فتحت مونيكا عينها بصدمة وهي تراقبه ينهي حديثه ثم استدار يجمع كل أدواته وبعدها أخذ لوحته الحبيبة التي فسدت و رحل بكل بساطة تاركًا خلفه اثنتين، واحدة يكاد فكها يلامس الأرض من الصدمة، والأخرى تكاد تنفجر ضحكًا مما حدث ...
" أنتِ أيتها الحمقاء، لماذا تضحكين ؟؟؟"
هزت روز كتفيها بلا شيء وهي تتجاهل مونيكا تتحرك لداخل المركز مجددًا حيث كانت الاثنتان تقفان في حديقة ذلك المركز ....و روز تبتسم بتشفي على ما قام به حفيد اليخاندرو الذي لا تعلم اسمه ولا حتى ترتيبه بين كتيبة الإعدام الخاصة لاليخاندرو ...
رمقت مونيكا رحيل جايك لتهمس بغل شديد وغيظ :
" سأريك يا كريه من هي مونيكا ميلر...فقط انتظر "
____________________________________
كادت رفقة تفتح فمها لتصرخ في وجهه بغضب، هل يهددها ذلك الحقير ؟؟؟؟ ماذا إن لم تخبره بما يريد ؟؟؟ هل سيطردها ؟؟؟ حسنًا ليفعلها، فهي ملت منه....
لكن ما كادت رفقة تنفذ ما فكرت به حتى سمع الجميع صوت عالي يصدر في أرجاء الشركة كلها والذي لم يكن سوى جهاز انذار الحرائق والذي تبعه عمل بخاخات المياه، الشيء الذي جعل رفقة تنتفض وهي تتمسك براسها خوفًا أن تسقط بروكتها وهي تنهض صارخة بجنون :
" حريقة.....حريقة ....حريقة "
رمقها جاكيري بغباء وهو يراها تتحرك في أرجاء المكتب كالممسوس، لكن فجأة انفجر بالضحك وهو يراها تنقلب رأسًا على عقب بعدما اصطدمت في إحدى الفازات تصرخ برعب ....
علت ضحكات جاكيري أكثر وهو يراها تجاهد للنهوض بيد وبالأخرى تتمسك ببروكتها ...
تحرك صوبها وهو ينحني ثم سحبها بعنف ولم يكد يتحدث كلمة حتى وجدها تسحب يده خلفها بقوة شديد لا يعلم من أين اكتسبتها تسحبه خلفها في أرجاء الشركة وهي تصرخ بكلمات لم يفهم منها شيء سوى اسم توفيق ...
" حريقة يا عم توفيق ....حريقة يا عم توفيق "
كانت تزاحم العمال وهي تدس جسدها بين الأجساد التي كانت تركض للخارج بجنون محاولين النجاة بأنفسهم، وهي ما تزال تسحبه خلفها وهو فقط مستمر في الضحك بعنف عليها، لا يهتم لتلك الشركة التي تحترق ولا بكل تلك الأجساد التي تجاهد للنجاة، كل ما يراه هو أفعالها المجنونة وهي تحاول النجاة بنفسها و ببروكتها التي تتمسك بها كما يتمسك الغريق بطوق نجاته ...
خرجت من الشركة وهي تصرخ بجنون في العم توفيق الذي كان ينام غير عالمًا بما يحصل معه، تركت رفقة يد جاكيري وهي تركض صوبه تهزه بعنف شديد صارخة :
" عم توفيق ....اصحى يا عم توفيق مش وقت مزاجك دلوقتي ...اصحى هتتحرق يا عم توفيق "
ابعد توفيق يدها عنه بضيق شديد وهو يهتف من بين تمتماته الناعسة :
" مش وقتك يا حجة دلوقتي "
" هو فعلًا مش وقته ....اصحى لاحسن تحصل الحجة يخربيت دماغك اللي هتوديك في داهية "
فتح توفيق عينه بحنق وهو ينظر في وجهها مغتاظًا :
" فيه ايه يا زفت أنت ؟؟؟ حد يصحي حد كده ؟؟؟؟ "
نظرت رفقة للشركة خلف توفيق وهي تقول بصوت مرتعب :
" رنجتك واخلع ...."
نظر لها توفيق بعدم فهم ليشتم فجأة رائحة غريبة، لذا همس بصوت متعجب :
" ايه الريحة دي ؟؟؟ هو الفسيخ ريحته فاحت في الشركة وهتطرد ولا ايه ؟؟؟"
" فسيخ ايه يا حاج توفيق؟؟؟ ده الشركة كلها هتبقى فسيخ دلوقتي اجري بعيد عن الشركة ...."
أنهت كلماتها وهي تبتعد سريعًا عن الشركة ثم وقفت جوار الجميع يراقبون الشركة في نفس وقت وصول سيارات إطفاء كثيرة...
بينما توفيق كان يتناول اخر قطعة رنجة بسرعة كبيرة وبعدها أمسك نصف ليمونة ثم ركض حيث الجميع و هو يهمس بتضرع، ليس وكأنه منذ ثواني كان يتناول الفسيخ أثناء اشتعال الشركة :
" استرها يارب ....استرها يارب ....دي الشركة الوحيدة اللي قبلت توظفني "
نظرت له رفقة بسخرية وهي تتمتم في سرها :
" معلش تلاقي بقيت الشركات مكنش عندها فيو حلو تتشمس فيه عشان كده رفضوك يا حاج توفيق ....هو أنت بتيجي تعمل حاجة غير أنك تاكل وتنام و تستسجم و لا كأنك على الشط ؟؟؟"
تجاهلها توفيق وهو يراقب أحد رجال الاطفال وهو يخرج حاملًا عقب سيجارة وهو يقول بجدية :
" لقد وجدنا هذه، يبدو أن هناك أحد ألقاها بالخطأ في المخزن لتشتعل ببعض الصناديق وهذا ما تسبب في انطلاق إنذارات الحريق، لكن لا تقلقوا الأمر تحت السيطرة "
أنهى حديثه وهو يلقي السيجارة ارضًا ثم عاد للداخل حتى ينتهي مما حدث مع أصدقاءه تاركًا جاكيري يقف بين الجميع و هو يشعر باشتعال دماءه بين أوردته ليقول من بين أسنانه :
" من صاحب تلك السيجارة ؟؟؟؟؟"
__________________________
كان يراقبها عن كثب وهو يحاول احتواء ضربات قلبه الذي هدر في قربها وخاصة مع تلك البسمة التي ترتسم على فمها ...
" هل ستأكل حلواك ؟؟؟؟"
نظر مارتن لطبقه الذي لم يمسه بسبب انشغاله في مراقبتها، ابتسم بسمة صغيرة وهو يدفع طبقه بهدوء صوبها مبتسمًا بسمة حنونة قائلًا :
" هو لكِ "
اتسعت بسمة جولي وهي تنقض على الطبق تستلذ به، لا تعلم هل ازدادت لذة الطعام، أم أن فرحتها هي ما جعلت كل شيء رائع اليوم ؟؟؟؟
" شكرًا لك "
نظر لها مارتن بتساؤل دون الإجابة لتوضح هي سبب شكرها وهي مستمرة في تناول طبقها، أو الأصح طبقه نو ...
" لم يفعل لي أحد ما فعلته أنت اليوم ....لذا اشكرك "
" هذا طبيعي يا جميلتي فليس الجميع أنا "
لم يكن يقصد من حديثه تكبرًا أو ما شابه بل أراد إيصال لها فكرة أن الجميع لن يكونوا هو في عشقه لها، ولن ينالوا تلك المكانة التي خصصت له في قلبها، هو فقط من يحق له حبها، وهو فقط من يحق له أن يرى تلك البسمة، بل ويكون هو سببها ...
" توقف عن ذلك "
" عن ماذا ؟؟؟"
" نظراتك تلك توترني ولا استطيع الأكل بشكل جيد ".
ابتسم لها مارتن وابعد عينه من عليها وهو يتنهد ببطء يحاول تنظيم ضربات قلبه، كاد يتحدث بشيء لولا رنين هاتفه الذي قاطع ذلك وهو يعلن وصول رسالة له ...
أخرجه يتفحصه وهو يقرأ تلك الرسالة التي كانت مكونة من كلمتين فقط ( انتهت الإجازة )
ابتسم بسخرية وهو يلقي برأسه على الطاولة هامسًا بحنق تحت نظرات جولي التي لم تفهم شيء من أفعاله ....
" الرحمة ...."
__________________
" تودين مني أن أكتب لك على الجبيرة ؟؟؟"
هكذا أردف فبريانو وهو ينظر للقلم في يده بتعجب وسخرية كبيرة، لكن روبين لم تنتبه لتلك السخرية وهي تهز رأسها بنعم تنتظر أن يترك ذكرى لها على جبيرتها، لكن للعجب وجدته يتجاهل الجبيرة التي تزين قدمها ويتقدم في جلسته منها ثم نظر للجبيرة التي على يدها مشيرًا لها وهو يقول بجدية كبيرة :
" سأكتب على تلك الجبيرة حيث لا أحد كتب لكِ، وحذاري أن تدعي أحدًا غيري يكتب عليها وقتها سأقطع ذراعك واحرقه بالجبيرة...."
أنهى كلماته وهو ينحني قليلًا يخط ببعض الكلمات على الجبيرة لم تستغرق منه دقائق ثم نهض وهو يبتسم بسمة صغيرة يقول وهو يرمق كلماته :
" احتفظي بها دائمًا ايها الارنب الوردي "
نظرت روبين لجبيرتها تتجاهل غروره ذلك وهي تحاول قراءة تلك الكلمات التي كتبها بالايطالية على الجبيرة، لكنها فشلت في معرفة مقصده بها :
" ماذا كتبت عليها ؟؟؟ أنا لا افهم شيئّا "
" هذا سر خطير "
هكذا همس فبريانو وقد انحنى فجأة قرب وجهها لتتراجع هي للخلف بفزع وهي تحاول تمالك نفسها قائلة بسخرية تخفي خلفها خجلها وتسارع نبضها وضعف أنفاسها :
" ماذا؟؟؟ سر زراعة الأشجار ؟؟؟"
ضرب فبريانو رأسها بخفة حانقًا :
" بل زراعة اليقطين يا رأس اليقطين "
لوت روبين شفتيها وهي ترمقه بغيظ شديد ثم قالت بتذمر تبعده عنها قليلًا :
" حسنًا ابتعد قليلًا فأنا لا استطيع التنفس، أنت تستولى على اكسجيني كله "
ضخك فبريانو ضحكات صغيرة وهو يهز رأسه بيأس عليها، يعتدل قائلًا :
" إذًا متى بالتحديد ستخرجين من هنا ؟؟؟"
لم تتحدث روبين بسبب فتح الباب فجأة وسماعها لصوت اروى يصدح في الغرفة :
" يلا يا روبين ساعديني احطك على الكرسي النقال عشان ...."
توقفت فجأة عن الحديث ترمق هذا الذي يعطيها ظهره تهتف بتذكر :
" هو ده الجنايني اللي كان في القصر المرعب ؟؟؟؟؟"
___________________________________
كان يتسطح على الفراش بشكل عشوائي يمارس هوايته المفضلة أثناء العطلات، ألا وهي النوم، لكن ذلك الصوت الذي يصدح جوار رأسه بشكل منفر أزعج نومه وبشدة، لذا فتح عين واحدة وهو يرمق ذلك الجسد الذي يشرف عليه من الاعلى...
انتفض مارسيلو من فراشه برعب وهو يتنفس بعنف، فمظهر سيلين وهي تشرف عليه بهذا الشكل المخيف ورؤيتها بهذا الشكل المفاجئ بمجرد استيقاظه، كاد يوقف قلبه ..
" هيا يا فتى انهض وجد لك عملًا بدلًا من النوم، يا عديم الفائدة "
زفر مارسيلو بضيق يغمض عينيه وهو يحاول العودة للنوم مرة أخرى بعدما أفسدت نومه الذي سقط فيه بصعوبة كبيرة بعد عودته من الشركة عند جاكيري، لكن سيلين لم تدعه يفعل ذلك، وهي تسحب الفراش من عليه صارخة في وجهه أن يتحرك ويجد شيئًا مفيدًا يفعله بدل الجلوس كما النساء هكذا.
تحرك مارسيلو بآلية وهو يسحب فراشه ثم خطى نحو الخارج غير مهتمًا بثرثرتها ولم يسمع حتى ما قالته و هو يخرج، بل تحرك بسلاسة صوب غرفة أخيه يلقي بنفسه على الفراش بعنف ....
تجمع الجميع في بهو القصر وهم ينظرون لانطونيو ينتظرون منه توضيحًا عن سبب قطع إجازاتهم، لكن كل ما صدر من انطونيو هو هزة كتف صغيرة معلنًا جهله لسبب تجمعهم :
" اخبرتكم أنني لا اعلم شيئًا، لذا كفوا عن النظر لي بهذا الشكل قبل أن انهض وانزع أعينكم من محاجرها "
زفر جاكيري وهو يضرب قدم أخيه بقدمه حانقًا :
" لا تحاول إقناعي بأن جدي سيفعل شيء دون معرفتك، نحن لسنا حمقى "
" بل أنتم حمقى جاكيري، لكن رغم ذلك أنا حقًا لا اعلم شيئًا "
أنهى انطونيو كلماته وهو يلوي شفتيه بحنق وقد ضاق ذرعًا من حديثهم ذلك، كاد ادم يفتح فمه يتحدث ويعرض وجهة نظره، لولا ذلك الصوت الذي صدح من خلفهم :
" هيا انهضوا جميعًا وساعدوني في نقل الاثاث لانظف قاذوراتكم وقاذورات الحمقى الذين احضرتموهم "
علت جميع الوجوه ملامح استنكار، ولم يجب أحد بكلمة واحدة عليها لتتحرك هي دون النظر لهم ظنًا منها أنهم يتبعوها لفعل ما قالته، وعندما دخلت لغرفة الاجتماعات التي كانت مدمرة كليًا أشارت لبعض الطاولات الصغيرة وهي تقول :
" حركوا تلك الطاولة وأخرجوها حتى انظف أسفلها "
أنهت حديثها وهي تنظر للطاولة، تنتظر بصبر أن يتحرك أحد هؤلاء الفاسدين ويحملها ثم يـ......توقفت سيلين عن التفكير تنظر للخلف ولم تجد أحد، بل كانت وحدها في الغرفة تحدث نفسها بكل غباء ..
استشاطت غضبًا وهي تتحرك صوب الخارج بعنف تتوعد للجميع بالويل، في نفس وقت هبوط مايك وهو يعبث بشعره الهائج بسبب نومه، يتبعه ذلك الغبي مارسيلو الذي أفسد نومه عندما ارتمى بجسده عليه ....
تحدث مايك بملل وهو يتجه صوب الارائك :
" ما هذه الأصوات العالية؟؟؟؟ وما هذا الازعاج في المنزل ؟؟؟؟"
لم يكد ينهي حديثه حتى وجد عصا غليظة سقطت على ظهره بعنف يتبعها صراخ سيلين التي سمعت حديثه أثناء خروجها من الغرفة :
" إزعاج يا عديم الفائدة ؟؟؟ تسمي التنظيف إزعاج ؟؟؟"
فزع مايك من هجوم سيلين الغير متوقع وهو ينتفض بعيدًا عن مرمى عصاها صارخًا بفزع :
" ماذا حدث ؟؟؟ ما الذي فعلته لتضربيني أيتها العجوز الخرفة ؟؟ تبًا لكِ أشعر بأن ظهري قد كسر اسفل عكازك، اقسم أن موتك سيكون على يدي أنا "
أنهى حديثه وهو يفرك ظهره بغيظ شديد، فهو لم يفعل شيء، هو استيقظ للتو بحق الله ...
تجاهلته سيلين وهي تنظر للجميع صارخة في وجوههم بغلظة شديدة لا تلائم عمرها :
" أخبركم أن تأتوا خلفي، وانتم يا الواح الثلج لم تتحركوا و لو خطوة واحدة ؟؟؟ ماذا يمكنني التوقع منكم؟؟؟ حفنة من الاوغاد عديمي الاحترام، شاء قدرهم أن يكون اليخاندرو هو مربيهم، بالطبع لن يكونوا رهبانًا، بل سيضحوا فاشلين فاسدين كأمثالكم أيها الاوغاد "
كانت تصرخ وهي تحرك يدها بعنف في كل اتجاه تشعر بجسدها يشتعل غضبًا منهم، وأثناء ذلك الصراخ وتلك الضوضاء التي عمت أرجاء المنزل أشار مارسيلو لماركوس وهو يقول :
" ماركوس ...اعطني هذه التفاحة الحمراء "
أشار ماركوس لإحدى التفاحات وهو يقول بجدية :
" تقصد هذه ؟؟؟"
" لا المجاورة لها "
" هذه ؟؟؟"
" نعم اعطني إياها "
أنهى مارسيلو كلماته وهو يفتح كف يده ينتظر أن يلقيها ماركوس له، لكن ماركوس ابتسم ببساطة وهو يقضم منها قضمات كبيرة مستمتعًا بمذاقها وهو يردد :
" احسنت الاختيار مارسيلو طعمها لذيذ حقًا "
نظر له مارسيلو بشر وهو يهمس :
" سوف اقتلك يا قذر "
وفي الثواني التالية نشب قتال عنيف بين الاثنين تحت صيحات التشجيع من الجميع يراقبون القتال بحماس شديد وقد تجاهلوا سيلين التي ما زالت تصرخ وكأنه ليس لها وجود ...
رمقتهم سيلين بصدمة وهي ترى أن مجرد تفاحة واحدة كانت قادرة على تحرك كتلك الثلج تلك وهي من كانت تصرخ لساعات وساعات لم ترى منهم أي حركة طفيفة..
شعرت سيلين بالغضب الشديد وهي تتحرك بسرعة مبتعدة عنهم تضرب عكازها في الأرض بعنف صارخة :
" اليخاندرو .....تعال وانظر بنفسك لثمرة تربيتك لهؤلاء الحثالة...اخبرتك أن تلقي بهم في أي ملجأ وتنتهي ...لكن لااااا ظللت تقول لا يجوز أن ألقي أحفادي في الملجأ"
بينما عند الاحفاد اشتعل القتال أكثر واكثر بين الأخوين و اشتعل التشجيع معه تباعًا بين الجميع حتى وفجأة أسقط ماركوس مارسيلو على فبريانو، والذي كان هادئًا منذ البداية، ليسقطوا هاتفه ارضًا بعنف شديد مسببين في كسر شاشته.
صمت الجميع فجأة و عم الهدوء الأجواء قبل أن ينهض فبريانو وهو يلقي مارسيلو جانبًا قائلًا بنبرة مخيفة :
" سأسعد سيلين واعيد تربيتكما ...."
______________________
كانت تحرك قدمها بصعوبة صوب المنزل، تجر نفسها جرًا بتعب وارهاق بعدما انتهت من العمل، إن كان ما تفعله مع ذلك الاحمق يسمى عمل، ارتسمت بسمة ساخرة على وجه رفقة وهي تتذكر أفعاله المجنونة الغير مسئولة بالمرة، وضحكاته المجلجلة، ونظراته العابثة.....كل ذلك تغير كليًا بعد حادثة اليوم في الشركة التي كادت تودي بحياة البعض لولا سرعة التصرف.
زفرت بتعب وهي تضع المفتاح في الباب بغية فتحه، لكن صوت الباب خلفها انفتح بشكل مفاجئ جعلها تنتفض برعب وهي تستدير تواجه جون الذي توقف أمام منزله ينظر لها ثوانٍ قليلة قبل أن يقول بصوت خافت :
" حدثني اسكندر وأخبرني بكل شيء "
غامت عين رفقة وهي تنتظر باقي حديثه مع اتخاذ وضعية الفرار لداخل المنزل وإغلاق الباب عليها، لكن حديث جون الذي تلى جملته نفى كل تلك الأفكار عن رأسها :
" لِمَ لم تخبريني بالأمر، كان بامكاني مساعدتك أكثر "
" تساعدني أكثر ؟؟؟؟ هذا باعتبار أنك ساعدتني من الأساس "
كان حديثها وقح غير مراعي وهذا ظهر من ملامحه الممتعضة، لكن حقًا لم تتمكن من لجم لسانها أو رأسها التي تولت أمر استحضار ما حدث معها بسببه وتركه لها والفرار وهي تنزف بشدة...لم يهتم أنها كانت لتموت أو ما شابه.
فتح جون فمه بصدمة غير متوقعًا لهجومها ذاك، هو لم يقصد شيئّا مما حدث يقسم، هو فقط في لحظة غضب فعل ما فعل، فكرة أنه شارك حياته الخاصة وأسراره الشخصية مع فتاة أثارت جنونه، فهو لا يحب الفتيات، يمقتهم وبشدة ..
" حسنًا اعترف انني أسأت التصرف كثيرًا، لكن لا بأس ها أنا ذا أعتذر منكِ، وصدقيني سأكون دائمًا في ظهرك وادعمك "
صمتت رفقة لا تعلم ماذا تقول أو تفعل، هل تحدث أخيها وتستشيره في الأمر كعادتها الأخيرة ؟؟؟؟؟؟ أم فقط تتجاهل حديثه وكأنه لم يكن ؟؟؟
" لا بأس "
وكان هذا ما استطاعت النطق به وهي تبعد عينها من على وجهه تحاول الفرار لغرفتها الآمنة بعيدًا عنه، فهي منذ تلك الحادثة وهي لا تطمئن جواره ..
عبثت بمفتاح المنزل ولم تكد تفتح الباب حتى سمعت صوته وهو يهمس بشكل أثار حفيظتها :
" رفقة ....هل ...هل يعلم ذلك الرجل، اقصد مديرك هل يعلم حقيقة كونك فتاة ؟؟؟؟"
استدارت رفقة بحدة له وقد بدأت نظراتها تشتعل أكثر وهي تهتف بشراسة وعداوة :
" لا، وإياك أن تحاول نطق شيء أمامه بخصوص ذلك الأمر "
" متأكدة أنه لا يعرف ؟؟؟؟ في المرة الأخيرة بدى لي أنه يعرف، بل و يحرسك "
صمتت رفقة وقد بدأت ملامحها تشحب مفكرة في امكانية حدوث ما يتحدث عنه جون، لكن إن كان حديثه صحيح، فربما كان طردها او حتى ابلغ الشرطة عنها، لكنه لم يظهر من تصرفاته أو حديثه يومًا أنه يعلم، صحيح ؟؟؟
لم تجب رفقة على حديثه بل اكتفت بالدخول لمنزلها بكل هدوء تحت نظراته المتعجبة لردة فعلها، ثم تمتمت ببعض الكلمات التي لم يصل له معناها، لكنه خمن أنها تودعه أو تستأذنه لغلق الباب حيث أنها قامت بإغلاق الباب بعد كلماتها تلك ...
استندت رفقة بظهرها على لا تستطيع التفكير في احتمالية حدوث ذلك، ورغم جميع المؤشرات التي تفيد بعدم معرفته لهويتها، إلا أن ذلك الهاجس اشعرها بالقلق حقًا، لتفكر جديًا في التأكد بنفسها، لكن كيف ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
_____________
كان الجميع يجلس بهدوء شديد، كلٌ منشغل في شيء معين، بينما كان مايك يتوسط اخويه وهو ينظر لملامح الاثنين بعدما اوسعها فبريانو ضربًا؛ ليتوقفا عن افعالهما الصبيانية ...همس بصوت منخفض مخافة أن يصل لفبريانو وينهض ليوسعه ضربًا هو الآخر :
" اخبرتكما مئات المرات أن تتجنبا ذلك الوغد فابري، انظرا لنفسيكما...لقد دمر ملامحكما تمامًا حتى أنني لا اعلم أيًا منكما مارسيلو وايكما ماركوس؟؟؟"
" هل قلت شيئًا مايك ؟؟؟"
نظر مايك لفبريانو ببسمة غبية وهو يهز رأسه بلا :
" لا لم اقل شيئًا، فقط كنت اخبرك أن هناك بقعة صغيرة في وجه مارسيلو لم تتلون "
ابتسم فبريانو بسخرية وهو ينظر لهاتفه يراقب رسائل تلك الغبية وهي تصر عليه أن يخبرها ترجمة تلك الكلمات أو أنها ستسأل ابنة خالها، كاد يجيبها لولا صوت مايك الذي صاح كاسرًا الصمت بين الجميع وهو يقول ببسمة خبيثة :
" ما رأيكم أن نلعب نفس اللعبة التي لعبناها في الطائرة، لكن مع بعض الإضافات الجديدة ؟؟؟؟"
______________________________
كان يجلس في مكتبه وهو يسمع اصوات أحفاده الصاخبة وحديث سيلين المتذمر منهم، ارتسمت بسمة صغيرة على شفتيه وهو يرمق الهاتف جواره بشرود هامسًا وهو يتهيأ للنهوض :
" حان وقت بداية النهاية ........"