رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل السادس عشر 16 بقلم رحمة نبيل


رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل السادس عشر  بقلم رحمة نبيل

كانت تقف أمام مكتب الإدارة الخاص بمركز الرقص الذي تدرب به، وخلفها يقف فبريانو كعامل تخويف لذلك الموظف المسكين الذي كان قلقًا من نظراته وهو يقول بتوتر من نظرات فبريانو :

" دي المرة التالتة اللي تغيري فيها الفرقة يا آنسة روبين، كده مش هتعرفي تركزي تدريباتك على مكان معين "

نظرت روبين نظرة عابرة لفبريانو، قبل أن تعود بعينها للموظف وهي تقول ببسمة غبية صغيرة :
" اصل انا كنت يعني بجرب عشان اشوف هستقر على ايه ؟!"


" ده على اساس أنك جديدة في المركز يا روبين ؟؟"

استدارت روبين هذه المرة ورمقت فبريانو بحنق وكأنها تخبره أنه هو السبب في هذا كله، لكن فبريانو وحفاظًا على وعده لها لم يتحدث بكلمة أو يتدخل في شيء، حتى تنتهي هي من كل ذلك وتعود مجددًا لفرقة الباليه النسائية، زفرت روبين بغيظ وهي تعود بنظرها للموظف وهي تستخدم آخر سلاح لها :

" معلش والله دي آخر مرة، أنا بس عايزة ارجع لفريق البنات "

انحنت روبين قليلًا وهي تهمس للموظف مشيرة لفبريانو :

" اصل بعيد عنك ده خطيبي ودماغه ناشفة شوية، ورافض إني افضل في فريق فيه رجالة، أصله من أصول صعيدية ودماغه ناشفة حبتين "
رفع الموظف نظراته بتشنج لوجه فبريانو وقال بسخرية :

" ده صعيدي ؟! على كده انا صيني بقى"
تنهد ثم أضاف بحنق وهو ينقر على الحاسوب أمامه :
" تمام يا آنسة روبين، اعتبريه حصل، بس دي آخر مرة لأن المركز مش بيشجع الانتقال الكتير بين الفرق ده عشان التشتت في التدريبات "

ابتسمت روبين باتساع وهي تهز رأسها بحسنًا، ثم سحبت يد فبريانو وخرجت للممر وهي تردد براحة كبيرة :

" شوفت لما سكت وايدك دي فضلت جنبك الموضوع مشي بسرعة ازاي ؟!"

ابتسم فبريانو بسمة جانبية خطفت لبها، ثم نظر لساعة يده وهو ينحني عليها قليلًا هامسًا :

" لقد استمر النقاش الخاص بكِ معه خمسة عشر دقيقة، بينما أنا كنت استطيع انهاءه في دقيقة واحدة فقط "

أنهى كلماته بغمزة، ثم تحرك تاركًا إياها تنظر لاثره بفم مفتوح، لا تصدق نهجه في الحياة، وكيف يفكر في الأمور بكل هذه البساطة.

توقف فبريانو عن السير وهو يسمع صوت رنين هاتفه، أخرجه من جيب بنطاله وهو يجيب عليه متجاهلًا حديث روبين الحانق خلفه :

" مش معنى اني عرفت اللي فيها تبقى تــ ..."


لكن لم يعطها فبريانو فرصة اكمال كلماتها وهو يشير لها بيده أن تصمت، وعينه تضيق بشكل أخافها، ثم فجأة انتفض من جوارها وهو يركض للخارج دون كلمة واحدة، مما جعل روبين تنظر لاثره بصدمة وخوف أنّ شيء خطير حدث، كادت تركض خلفه لكن صوت محرك سيارته أوقفها وهي تنظر لباب المركز بتعجب، لا تفهم ما حدث للتو، نظرت حولها بحيرة، هل تلحق به أم تذهب للتدريبات وتحدثه في الهاتف ؟؟ حتى إن أرادت اللحاق به فهي لا تعلم أين رحل .

كان يقود سيارته بسرعة مخيفة وهو يتحدث في هاتفه وقلبه ينبض مرتعبًا بين جنبات صدره، وصوت ابن عمه يثير فزعه :

" ما بك جاكيري ؟! ما الذي حدث ؟! وفعلوا ماذا ؟! ومن هؤلاء الذين فعلوا ؟!"
وصل صوت جاكيري الذي كان يقود من الجانب الآخر لا يعي ما يحدث حوله، وكأنه انفصل عن الواقع يرى فقط مشاهد قديمة، جاهد سابقًا على دفنها في ابعد نقطة في عقله، والآن مجرد لحظات صغيرة اعادتها له وبقوة :
" لقد رأيت طفلة صغيرة كذلك الصبي في طفولتنا، لقد أخذوا كل ما في معدتها فبريانو، لقد ...لقد "

توقف جاكيري فجأة وهو يشعر بالألم ينخر جسده، ومن الجانب الآخر كان فبريانو مرتعبًا من حالة جاكيري، وقد تفهم الآن سبب ما قاله، هناك ما لمس النقطة السوداء داخل جاكيري، النقطة التي تخطاها جاكيري في طفولته بصعوبة، ذهب لأطباء وعانى من صدمات متتالية حتى أنه فقد النطق لفترة في عمره .

وصل لفبريانو صوت جاكيري الذي كان يظهر به غصة بكاء ووجع ارهقته هو :

" لقد أنهار والدها، كان جسدها يبدو صغيرًا، كانت طفلة فبريانو "
" أين أنت جاكيري ؟!"

هز جاكيري رأسه وكأن فبريانو يراه :

" لا اعلم، أنا لا أريد العودة للمنزل الآن لا اريد رؤية أحد"
تحدث فبريانو بحنان شديد :

" حسنًا عزيزي لا تعد سوف ارسل لك موقع منزلي وتعال عندي، أنا الآن على وشك الوصول، حسنًا ؟!"
" حسنًا "

وبالفعل اغلق فبريانو الهاتف وأرسل موقع الشقة التي يقطن بها لجاكيري وهو ينحرف في قيادته داخل الشارع الذي تقع به شقته، توقف بالسيارة الخاص به أمام المنزل، ثم صعد للأعلى ينتظر جاكيري، دخل فبريانو الشقة الخاصة به يلقي المفتاح بلا اهتمام على اول طاولة قابلته، ثم تحرك صوب الثلاجة يبحث عن عصائر وطعام لجاكيري .

دقائق قليلة مرت قبل أن يسمع فبريانو صوت رنين جرس منزله، تحرك بسرعة صوبه، ثم فتح الباب ودون كلمة واحدة جذب جسد جاكيري لأحضانه بقوة وهو يربت على ظهره بحنان ولطف وصوت جاكيري وصل له مختنق بغصة :
" عاد الوجع اقوى فبريانو، أشعر بقلبي يبكي كمدًا "
_______________________________________

ارتسمت بسمة واسعة على فم ديفيد وهو يراقب ملامح انطونيو الذي كان يجاهد لاحتواء صدمته، ثواني مرت فقط قبل أن تصدح ضحكة ديفيد في المكان وهو يقول بشكل استفز جميع خلايا انطونيو :

" أنا آسف حقًا، لكن نظرتك تلك تضحكني 

صمت ثم نظر له بشكل مختل :

" ماذا ألم تشعر بغيابه اليوم عن العمل ؟!"

رفع انطونيو نظره لديفيد وجسده كله ينتفض غضبًا، لكن ديفيد لم يهتم وهو يتحرك صوب مقعده بهدوء ووجع؛ بسبب الرصاصة التي تلقاها في ذراعه للتو وهو يردد بشفقة مصطنعة :
" للاسف يبدو أن غياب مارتن عن العمل سيطول .... للابد "
تحفز جسد انطونيو وهو يضيق عينه في انتظار ما سيقوله ديفيد، لكن وكأن ديفيد هوى اللعب على اوتار صبر انطونيو؛ لذلك اتكأ بظهره للخلف وهو يمسك ذراعه المصاب يردد بصوت مرهق بعض الشيء :

" اتمنى ألا تنزعج من ذلك، أنا فقط أردت أن تخفف من الكثافة السكانية داخل القصر "

اشتدت قبضة انطونيو على سلاحه وكل ذلك تحت نظرات ديفيد الخبيثة وهو يقول :

" ربما الآن وفي هذه اللحظة التي نتحدث بها، يكون مارتن في السماء "

وبمجرد انتهاء حديث ديفيد اتبعه بضحكة عالية وهو يرى أن خطته سارت على خير ما يرام والآن منحه انطونيو فرصة رؤية نتائج أفعاله متمثلة على وجهه، ها هو قد احرز للتو هدفه في مرمى انطونيو، بدأ شعور الانتشاء من رؤية صدمة انطونيو تستحوز على جسده، فتح فمه ليضيف جمله أخرى يطعن بها انطونيو الطعنة الأخيرة، لكن توقفت كلماته على باب فمه وهو يفتح عينه بصدمة يرى ذلك الجسد الذي دخل لمكتبه بكل كبرياء، ازداد اتساع عين ديفيد وهو يرى البسمة التي ترتسم على وجه ذلك الزائر الغير متوقع .

" هل أتيت في وقت غير مناسب ؟!"
تحركت عين روما وهي تنظر لوجه ديفيد الذي كان شاحبًا وكأنه رأى شبحًا للتو، لتتسع ابتسامتها وهي تلقي عليه نظرة باردة تشبه خاصة انطونيو :

" مر وقت طويل ديفيد، عجبًا أنت تزداد قبحًا يومًا بعد يوم "
أبتسم انطونيو بسمة مخيفة وهو يتحرك صوب المقعد الذي كان يحتله في بداية الجلسة واستقر به واضعًا قدم على الأخرى، وأمامه جلست روما على المقعد المقابل لهما وخلف المكتب يقبع ديفيد في جلسة تبدو عادية للبعض وكأنهم في اجتماع أو ما شابه، وهكذا كانوا بالفعل، لكن اجتماع من نوع خاص ....

" ماذا ديفيد هل ظننت بعقلك الصغير ذاك أنني قد اساعدك ضد عائلتي ؟؟"

اشتعل غضب ديفيد وهو يبتسم بسمة تخفي خلفها غضب لو خرج لاطاح بالقصر وحوله لرماد :

" ألن تتساءل سيد انطونيو عن الشخص الذي ساعدني في التخلص من ابن عمك؟! "

صمت ثم أضاف بمكر شديد وهو يضرب ضربته التالية :

" كل ذلك بفضل زوجتك الحبيبة، التي لولاها لما تمكنت من الدخول للقصر والعبث بمكابح سيارة مارتن، حسنًا حتى اكون منصفًا هي لم تعلم أنني سأفعل هذا، أنا فقط أخبرتها أنني اريد الحاسوب الذي يحتوي على معلومات ستؤدي بكم للهلاك وهي كانت أكثر من مرحبة بذلك "

نظر انطونيو جواره لروما وهو يقول بهدوء :

" هل صحيح ما يقول روما ؟! أنتِ من ساعدتيه في ذلك؟!"

هزت روما رأسها بلا وهي تقول :

" لا لا ديفيد ارجوك إن أردت شكر أحد على الأمر فيمكنك أن تشكر زوجي، فهو من أرسل رسالة الحراس وأمرهم أن ينفذوا ما اطلب أنا؛ لذلك اشكر انطونيو، فهو صاحب الفضل في دخولك القصر "

نظر ديفيد بتشوش لانطونيو وهو لا يفهم الحوار الذي يدور بين الاثنين الآن، حدق في انطونيو الذي اعتدل في جلسته وهو يقول ببسمة:

" لا داعي للشكر ديفيد، فنحن بيت كرم كما تعلم، نستقبل جميع ضيوفنا بصدر رحب "

ضحك ديفيد ضحكة عالية ساخرة ثم قال :

" حقًا هل تسخرون مني الآن ؟؟ آسف لاخباركم أنني رغم كل ما تفعلونه اتقدم عليكم خطوة "

اقترب انطونيو منه وهو يقول بجدية :

" وأنا اتقدم عليك برحلة كاملة عزيزي ديفيد، وكل ما فعلته انت كان ما سمحت له أنا بالحدوث، وذاك الحاسوب الذي سرقته من منزلي البارحة لا قيمة له، فقد قام مارتن بجعله قطعة حديد بلا فائدة "

ابتسمت روما على ملامح ديفيد وهي تتذكر الخطة التي وضعها انطونيو حتى يصلوا لهذه اللحظة، انطونيو الذي أحيانًا تخشى تفكيره وبشدة ...

" مارتن، هذه هي الخطوة التي اتحدث عنها يا سيد انطونيو والتي تعمدت أن تتغافل عنها وتنشغل بزوجتك عنها، هل زوجتك اغلى عندك من ابن عمك ؟! "

نظر انطونيو له ثواني فقط دون رد، ثم أخرج هاتفه وهو يجري اتصالًا تحت نظرات ديفيد الساخرة ونظرات روما المترقبة، ونظراته هو المخيفة، ثواني فقط حتى صدح صوت عالي في المكتب كله بعدما فتح انطونيو المكبر ...

" حسنًا اعلم أنك غاضب لأنني لم آت للعمل انطونيو، لكن صدقني أنا لا يد لي بالأمر "

ابتسم انطونيو وهو ينظر لديفيد الذي شعر أن الهواء فرغ من حوله :

" أين أنت مارتن ؟!"
________________________________________

" إذن أين هو ذلك الحقير ؟!"

هكذا صدح صوت آدم وهو يقف في منتصف الحفل يبحث بعينه عن ذلك الشاب الذي ظهر في الفيديو للتو وهو يقترب من هايز بشكل اثار شياطين آدم .
بدأ الجميع يتحرك بقلق من هيئة آدم وعلت الأصوات في المكان والكل يشعر بالخطر يقترب منهم، البعض بدأ يتحرك لمحاولة إيجاد مخرج من تلك الحفلة التي ستنقلب لمجزرة بعد ثواني فقط، بينما مورا تراجعت ببطء للخلف وهي تشعر بالرعب يتملكها، نظرت حولها تحاول ايجاد مخرج لها من تلك الورطة، هي لم تعتقد أن آدم سيجن بهذا الشكل، بل اعتقدت أنه فقط سيترك هايز ويرحل بكل بساطة .

تحدث صديق آدم وهو يحاول الاقتراب منه لمنعه من التصرف بحمق :

" ادم ما الذي تفعله بحق الله؟! الأمور لا تُحل هكذا "

لكن رصاصة واحدة خرجت من مسدس آدم جعلت جميع الاجسام تتصنم في أماكنها وهو يتحدث بشر مخيف بعيد كل البعد عن آدم اللطيف، ادم الهادئ المتفهم، وكأن من يقف الآن بين الجميع هو أخوه الأكبر...فبريانو .

" اقسم أن تستقر الرصاصة التالية في رأس أي شخص يتحرك خطوة واحدة من مكانه، الجميع سيظل هنا ليشهد الحفلة، ولن يرحل أحد إلا عندما أخبره أنا بذلك، وإلا سأحرق ذلك المكان فوق رؤوس الجميع "
ختم آدم حديثه بصراخ جعل الجميع ينتفض وبكاء الفتيات يعلو برعب، ومن ضمنهم مورا التي كانت ترتجف بذعر مما هو قادم.
كانت هايز تجلس على المقعد وهي تشعر بجسدها يستسلم، تشعر بالمهانة تغطيها، الآن وقد رأى الجميع مرة أخرى كم تعرضت للذل قديمًا ستصبح علكة في الافواه، لن تستطيع محو تلك المشاهد من روؤس الجميع، بعدما ظنت أنهم نسوها قديمًا، فقد نُشرت قديمًا مشوشة بعض الشيء وفقط جزء صغير هو ما نُشر لها وهي تبكي وتصرخ أن يساعدها أحدهم، لكن الآن عُرض المشهد كاملًا بلا نقصان أو تشويش، وعند هذه النقطة خرجت منها آه عالية وهي تستوعب فجأة ما حدث، تنغمس في بكاء عنيف وكأنها ما تزال محبوسة في تلك اللحظات المهينة

ركضت صديقة هايز لها وهي تضمها بقوة تحاول أن تتحكم في ارتجاف جسدها مرددة :

" لا بأس حبيبتي كل شيء سيصبح بخير 

رفعت وجهها وهي تقول بحقد وغضب :

" ذلك الحقير لم يأت للحفل أنا لم ادعوه لمنزلي "

تدخل صديق آدم في الحديث وهو يقول نافيًا :

" بلى لقد أتى ادم، أنا رأيته بنفسي في طرقات المنزل مع إحدى الفتيات منذ ساعة تقريبًا "
فتحت الفتاة عينها بصدمة وهي تستوعب أن ذلك الحقير الذي كاد يدمر حياة صديقتها أتى لمنزلها دون حتى أن تعلم، لكن افاقت فجأة على مظهر ادم وهو يتحرك بشكل مخيف صوب منزلها .

وعم صمت خانق بين الجميع، والكل ينظر لبعضهم البعض، وكأنهم يبحثون بأعينهم عن المجرمين الذي اشتركوا فيما حدث، والكل يترقب القادم .

تحدثت إحدى رفيقات مورا بارتجاف :
" سوف اتحدث مع الشرطة "

وقبل أن تضع الهاتف على أذنها كان صديق آدم ينتزعه بقوة وهو يقول ببسمة خبيثة :

" ما بكِ عزيزتي، لِمَ كل هذا الخوف ؟! المخطأ فقط هو من يحق له الخوف؛ لذلك اهدأي فقط وشاهدي العرض، أم أنكِ تخشين شيء ما ؟!"
كان يتحدث وهو ينظر لمورا التي كانت على حافة الانهيار، وما كادت مورا تفتح فمها بكلمة، حتى وصل للجميع صوت صراخ عالي يأتي من داخل المنزل، ثم ازدادت حدة الصرخات وهم يراقبون ذلك الجسد الذي أُلقى في منتصف الحفل وصوت آدم يقول ببسمة مخيفة

" الآن نبدأ اللعبة "

تناقل الجميع النظرات بينهم وهم يحاولون تخمين ما يدور في رأس آدم، لكن لم يصلوا لشيء، إلا أن آدم أشفق عليهم من تلك الحيرة وهو يقول ببسمة صغيرة :

" اللعبة تدور حول معرفة كل شخص كان له علاقة بما حدث، حتى ولو بكلمة واحدة، سوف نبدأ من هذا القذر 

ختم كلماته بضربة في معدة الشاب الذي صرخ بوجع وهو يسب آدم، لكن ادم لم يهتم وهو يكمل :
" أنا سوف أشير عليه، وهو سوف يشير على شخص آخر كان معه في تلك اللعبة ويخبرنا دوره، والشخص الآخر سيشير على شخص آخر ويخبرنا دوره وهكذا حتى نعلم عدد القذرين بيننا، والآن لنبدأ "

نظر آدم للأسفل وهو يوجه حديثه للشاب الذي رفع وجهه وهو يبصق بوجع في الأرض ...

" لتذهب للجحيم "

ابتسم ادم بسمة صغيرة ثم رفع مسدسه وأطلق رصاصة توسطت قدم ذلك الشاب الذي ارتفعت صرخاته في المكان بشكل جعل الجميع يغلقون آذانهم برعب وقد بدأت الأجساد تنتفض ذعرًا، يشعرون أنفسهم كفئران تجارب في هذه اللعبة، لم يمنح آدم الشاب وقت حتى لإكمال صرخاته وهو يقول بجدية مخيفة :
" هل نبدأ الآن؟! "
بكى الشاب بصوت مرتفع كان من الممكن أن يدفع الجميع للبكاء معه شفقة عليه، لكن الجميع هنا يعرف فعلته التي استحق عليها هذا الألم؛ لذلك كل ما تلاقاه هو نظرات غاضبة والبعض متوجسة .
أشار آدم على الشاب وهو يقول :
" نبدأ باللاعب الأساسي في هذه القذارة، والآن دورك "
رفع الشاب يده وهو يشهق باكيًا بقوة بشير لشاب آخر كان يقف في أحد أركان الحديقة يحاول إخفاء جسده عن أعين الجميع :
" هو من وضع الرهان "
تحركت أعين الجميع صوت الشاب الذي صرخ بجنون يدافع عن نفسه تحت نظرات الجميع له :

" هو يكذب أنا لم أفعل شيء اقسم، هذا الكاذب هو يـ "

لكن توقف حديثه بسبب تلك الرصاصة التي مرت جانب ذراعه وصوت آدم يصدح في المكان بقوة :

" أي اعتراض وأي شخص سيعطل لعبتنا ستتم معاقبته، هيا أكمل دون أي اعتراض "
كان الشاب يمسك ذارعه الذي تم خدشه بسبب الرصاصة وهو يقول بوجع مشيرًا لشاب ثالث يرتجف بقوة وكأنه يعلم أنه التالي :

" كان طرفًا في الرهان "
ابتسم ادم وهو يتحرك بنظره صوب الشاب الذي رفع أصابعه التي كانت ترتجف مشيرًا لشاب رابع :
" هو من وضع العقاب للخاسر "

تحركت أعين الجميع على ذلك الشاب الذي كان ينظر ارضًا وأشار بيده الحرة على شاب خامس وهو يقول :

" هو من صوّر ما حدث "

ومجددًا تحركت الأعين على ذلك الشاب الذي بكى رعبًا وهو يشير على شاب سادس :

" هو من اقترح نشر الفيديو بين الجميع "

كانت هايز تتحرك بعينها بين الجميع وهي تشعر أنها على وشك السقوط ارضًا، الجميع كان يتخذها مجرد لعبة، سقطت دموعها بقهر وشعور بالظلم يكاد يخنقها، تشعر أنها تود الهروب من تلك اللعبة والاختفاء عن أعين الجميع .

ابتسم ادم وهو ينظر للشاب الذي وصلت عنده اللعبة، وقد رفع يده يشير بحقد ودموع غضب من نفسه، هو بالأساس كان يعاقب نفسه منذ سنوات على ما حدث، أشار بكل غضب صوب إحدى الفتيات وهو يقول :

" كانت هي من أخبرتني أن اقترح هذا الاقتراح على الجميع "

تحولت جميع الأنظار لتلك الفتاة التي ارتجفت وهي تشعر بقرب انهيار تسمع صوت آدم يتحدث بهدوء مخيف وهو يقول بحماس مصطنع :

" عنصر نسائي ينضم للعبتنا ؟! هذا مثير للاهتمام "

صرخت الفتاة برعب من نظرات الجميع لها وهي ترمق مسدس آدم بخوف مشيرة لمورا :

" ليس أنا، أنها هي مورا من أخبرتني أن أخبرهم بالأمر، وهي نفسها سبب خسارة الرهان، بعدما علمت العقاب المخصص للرهان، جعلتهم يخسرونة فقط لتنفيذ ذلك العقاب، وهي نفسها من وضعت الفيديو الآن، هي الملامة الوحيدة، إنها مورا اقسم"

كانت تتحدث وهي تبكي وتصرخ بجنون ويدها ترتعش مشيرة لمورا التي تحولت جميع الأنظار لها، عادت للخلف وهي تهز رأسها بلا، تحاول ايجاد كلمات تبعد بها تلك النظرات عنها، تبتلع ريقها بخوف :

" لا تنظروا لي هكذا، ابعدوا أعينكم العفنة عني، لا تنظروا لي وكأنكم بلا خطايا، جميعكم مخطئون وجميعكم اشتركتم في الأمر بمشاركتكم للمقطع المصور، كنتم تتسابقون على نشره أيها العفنون "

ابتسم ادم وهو يرى أن الأمر ازداد حماسة؛ لذلك أشار لهايز أن تتقدم وهو يقول بهدوء وحنان :

" تعالي هنا هايز "
نظرت له هايز برجاء الا يجبرها على الوقوف بوجوههم الآن، لكنه تجاهل نظراتها وهو يخبرها أن تقترب، ساندتها رفيقتها وهي تجبرها على التحرك صوب آدم، وبمجرد أن أصبحت جوار آدم حتى ضم ادم خصرها وأمسك سلاحه واضعًا إياه في يدها وهو يقول بشكل مخيف :
" خذي بثأرك هايز "

" سيد مارسيلو ما تفعله لم يعد محتمل، هيا أخرج رجاءً لنرحل من هنا "

كانت راسيل تتحدث بغضب وهي تكاد تحطم الغرفة التي يبيت فيها مارسيلو ليلته داخل الفندق الذي سبق وحجزت به سابقًا، لكن هو لم يصدر منه أي رد وهي الآن تقف على باب غرفته تكاد تشتغل غيظًا منه، لقد تأخروا كثيرًا على ميعاد رحلتهم .
زفرت وهي تحاول أن تتحلى بآخر ذرات صبرها، تذكر نفسها أنها بمجرد أن تطأ ارض ايطاليا، سوف تهرب لمنزلها بعيدًا عنه :

" سيد مارسيلو، هل أنت مستيقظ ؟! "
أتاها صوت مارسيلو الناعس من الداخل وهو يتحدث بحنق :

" وهل يستطيع أحد النوم مع صرخاتك تلك ؟! لقد افسدتي نومي يا فتاة، والآن ارحلي حتى اعوض تلك الدقائق الثمينة التي اضعتها بصوتك"
نفخت راسيل براحة وهي ترى استجابة منه واخيرًا، ثم أضافت بهدوء وصوت محايد، حتى لا يعاندها :

" اعتذر سيدي على تصرفي الاهوج، يمكنك طردي بمجرد الوصول للبلاد ارجوك، والآن هلّا تحركنا لربما نلحق معاد الطائرة، يمكنك النوم بها إن أردت "
ورد مارسيلو كان كلمة واحدة أشعلت غضبها :

" لا "
هنا وجُنّ جنون راسيل وهي تضرب الباب باقدامها وصراخها يرنّ صداه في الممر :
" لا ماذا يا لعين ؟! اقسم إن لم تخرج من تلك الغرفة لاتركنك واغادر وحدي وبمجرد وصولي للبلاد سوف ارفع دعوة عليك لاصابتي بأمراض نفسية عدة، واطالبك بعلاج لاعصابي التي اتلفتها ببرودتك تلك، افتح ذلك الباب اللعين تبًا لك "

أنهت كلماتها الصارخة والحادة وهي تضرب الباب بقوة متجاهلة نظرات رواد الفندق الذين كانوا يرمقونها بصدمة من أفعالها الغير مسئولة، بينما راسيل كانت تلهث بعنف بسبب صراخها السابق وهي تشعر أنها اخرجت كل غضبها في تلك الصرخات، لكن لم تجد أي رد من مارسيلو؛ لذلك رفعت يدها عاليًا تنتوي أن تكسر بها ذلك الباب الغبي الذي يمنعها عن تحطيم وجهه، ومن حظها السيء أو الجيد، فُتح الباب فجأة لتسقط ضربتها على مارسيلو الذي امسك يدها كردة فعل سريعة من جسده وجذبها بقوة مما جعل اتزانها يختل وتسقط في أحضانه .

رفعت راسيل عينها برعب ومازالت دقات قلبها تضرب بقوة وهي تشعر أن أنفاسها تخرج بصعوبة، تنظر لوجه مارسيلو الذي كان يرمقها بحنق :

" أنتِ يا فتاة أكثر شخصًا مزعجًا قابلته في حياتي، ألم تسمعي يومًا عن الهدوء ؟؟"
نزعت راسيل جسدها عنوة من بين أحضانه وهي تقول بغيظ وقد فاض كأس صبرها حتى فرغ :

" يكفينا هدوئك سيد مارسيلو، والآن سوف انتظرك في الاستقبال في الاسفل "

رفعت اصبعها في وجهه تكمل حديثها بتهديد :
" وحذاري أن تعود للنوم للمرة الرابعة "
نظر مارسيلو لاصبعها قبل أن يقول بهدوء مرهق لاعصاب راسيل :

" وقليلة الادب أيضًا، أنتِ مثال سيء لمساعدة شخصية لمحامٍ معروفٍ مثلي"
أطلقت راسيل ضحكة عالية وهي تتحرك بعيدًا عنه مرددة :

" نعم صدقت، محامي معروف بفشله، أيها الفاشل 

لاحقها مارسيلو بنظراته وهو يتعجب غضبها هذا، لكنه لم يهتم كثيرًا وهو يعود لغرفته حتى يتجهز، بعدما أفسدت راسيل نومته للمرة الرابعة .

بعد ساعة كان مارسيلو يتقدم في المطار وخلفه راسيل تسير حانقة منه بعدما عزفت عن الحديث معه منذ خرجوا من الفندق، وكأنها بذلك تعلن نهاية رحلتها معه، كانت تسير وهي تضع وجهها ارضًا تقنع نفسها بأن ما قررته بشأن تركها للعمل، هو أكثر القرارات الصحيحة التي قد تتخذها في حياتها، وأثناء انشغالها في افكارها تلك، شعرت برأسها تصطدم بعنف في شيء صلب أمامها، أغمضت عينها بغضب وهي تسمع صوت الشيء الصلب يتحدث بلهفة :

" ويلتي لقد نسيت جوربي البرتقالي في غرفة الفندق "

كان مارسيلو يتحدث بصدمة كبيرة وهو ينظر خلفه لها يراها تغمض عينها بعنف وكأنها تكبت وحوشها عنه، لكن هو لم يهتم وهو يكاد يتحرك للعودة :

" لنعد ونحضره و...."
توقف مارسيلو وهو يراها تتحدث بفحيح مخيف :

" اقسم إن تحركت خطوة من هنا سوف اقتلك في منتصف المطار، ثم أي جورب هذا يا احمق ؟! هل هناك من يرتدي جوربًا برتقاليًا؟! 

" أنا أفعل "

" وأنا لا اهتم حقًا لا اهتم، أخبرك شيئًا ؟؟ هيا عد للفندق، أنا سوف اكمل الرحلة وحدي "

أنهت راسيل حديثها وهي تتخطاه تاركة إياه يرمق أثرها بحنق، ثم زفر بضيق وهو يلحق بها متحدثًا بجدية :

" حسنًا أنتِ تدينين لي بجورب برتقالي جديد "

توقفت راسيل فجأة ثم تركت حقيبتها ارضًا وهي تستدير له، مما جعل مارسيلو يبتسم لها بسمة صغيرة كطفل اغضب والدته ثم ابتسم في وجهها وكأن شيئًا لم يكن، اقترب راسيل من مارسيلو بهدوء، ثم ودون مقدمات وبشكل صدم مارسليو عانقته راسيل وهي تضم خصره بقوة تربت على ظهره بلطف كما لو كان طفلًا صغيرًا مشاغبًا :
" حسنًا يا عزيزي دعنا نعود للبلاد وسأحضر لك كل ما تشاء من الجوارب، حسنًا ؟!"
ابتعدت عنه وهي تبتسم له بلطف، ثم تحركت وحملت حقيبتها متجهة صوب بوابة التفتيش وفي رأسها علمت كيف تجعله يصمت، يتصرف كطفل صغير مشاغب، إذن ستعامله كطفل مشاغب .
كان مارسيلو ينظر لاثرها بصدمة وهو يحاول استيعاب ما حدث منذ ثواني، ينظر لها تقترب من بوابة التفتيش، تحرك صوبها وهو يحاول الخروج من صدمته لما قامت به منذ قليل، وايضًا يحاول التماسك حتى لا يذهب هو ويعانقها هذه المرة ويستشعر لذة عناقها ذلك مجددًا ........
_____________________________________

تحركت فيور على الدرج وقد ملت الجلوس في الغرفة، وقررت أخيرًا أن تهبط وترى ما يمكن أن تفعله لتبديد ذلك الملل، لكن بمجرد وصولها للطابق الارضي حتى وجدت أن لا أحد به، انكمشت ملامحها بتعجب وهي تهمس متحركة في المكان :
" ما هذا ؟! هل اختفى جميع سكان المنزل ؟!"
وبينما هي تسير بهذا الشكل انتبهت للصوت القادم من المطبخ، استدارت برأسها ببطء ترى أن روز تقف في المطبخ تعد اشياء لا تعلم هويتها، ابتسمت فيور بسعادة وتحركت صوبها وهي تقفز بحماس أنها واخيرًا وجدت من يمكنها الحديث عنه

" مرحبًا روز "

استدارت روز وهي تبتسم بسمة لطيفة تشير بيدها لفيور في حركة تحية، اتسعت ابتسامة فيور وهي تقترب أكثر من روز تقول بملامح لطيفة :

" هل هناك ما يمكنني فعـــ "

ولم تكمل كلماتها بسبب تلك الجملة التي جعلتها تنتفض من محلها وهي تصرخ برعب :

" أنتِ يا فتاة لقد اخفيتِ الزهرة خلفك، انحني جانبًا "

كانت فيور تصرخ برعب وهي تنظر حولها بحثًا عن الصوت حتى أبصرت جايك الذي كان يجلس جوار باب المطبخ حيث لم تره، واضعًا قدم على الأخرى وهو يحمل بين أصابعه قلمًا وعلى قدمه يستقر دفترًا صغيرًا وينظر لها بحنق 

رمقت روز جايك بغيظ وهي تشير له أن يخرج من المكان، لكن جايك هز رأسه بلا وهو يقول مندمجًا في رسمته :

" لا أنا لم انتهي من رسم زهرتي بعد "
دارت فيور بعينها في المكان بحثًا عن تلك الزهرة التي يتحدث عنها، حتى انتبهت واخيرًا لزهرة جميلة الشكل موضوعة في إناء على الطاولة التي تتوسط المطبخ؛ لذلك تطوعت بكل لطف وهي تحمل الزهرة وتقربها من جايك واضعة إياها أمامه مباشرة تقول ببسمة 

" هكذا افضل يمكنك الآن رسمها دون أن يزعجك أحد "

تحدث جايك وهو ينظر للزهرة الصغيرة أمامه متحدثًا بتعجب :

" ما هذا ؟!"

أجابت فيور ببساطة :

" زهرتك "
لكن رد جايك اتاها ليمحي البسمة عن وجهها وهو يشير خلفها :

" لا بل هذه زهرتي، وأنتِ الآن تقفين في وجهها ولا يمكنني استكمال رسمها، هيا تنحي جانبًا "

اغتاظت روز من حديثه هذا الذي اخجلها أمام فيور؛ لذلك اخرجت دفترها وخطت به بعض الكلمات وهي تقترب منه ترفع الورقة في وجهه، رفع جايك وجهه لها ببراءة وهو يقرأ كلماتها ( أخرج من المكان بأكمله جايك ) .

تشنج جايك معترضًا :
" لتخرج هي، فأنا اتيت قبلها "
نظرت له روز بغيظ، لكنه لم يهتم وهو يكمل رسمته مرددًا :
" أنتِ اصبحتِ شريرة كبيرة روز "
شعرت فيور أنها تقف هنا حائلًا بين الاثنين؛ لذلك تحركت ببطء خارج المطبخ وهي تبتسم على تلك القصة اللطيفة أمامها .
بينما روز كانت ما تزال تقف أمام جايك وهي تهز قدمها بحنق وغيظ منه، لكنه لم يهتم وهو يتحدث مكملًا رسمته :
" أصبحتِ لا تطيقين البقاء معي، لدرجة أنني لم اعد ارسمك سوى مرتين فقط في اليوم "
رفع عينه ينظر لروز نظرة الطفل الصغير لوالدته :

" هل مللت مني روز ؟! هل اتسبب لكِ في الازعاج بجلوسي الطويل معك ؟!"

نظرت له روز ثواني وقد فاجئها بسؤاله ذاك؛ لذلك اعتدلت في وقفتها وهي تنظر له بتردد لا تعلم بما تجيبه، نظرته تلك تضعفها، زفرت بضيق وهي تخرج دفترها مجددًا تخط عليه بعض الجمل، لكن تصنمت يدها فجأة وهي تشعر بذقنه تستند على رأسه وجسدها يُجذب لخاصته، ويد جايك تضم ظهرها وهو يهمس بصوت أجش :

" آسف إن كنت أفعل روز، لكنني لا أستطيع أن امتنع عن تلك العادة بعدما تغلغلتي داخل اوردتي، أنا أصبحت استنشق رحيقك بدلًا من الهواء زهرتي "

ختم جايك حديثه وهو يضمها أكثر يهتف بعشق لم يعترف به مباشرة :

" فقط قربك هو ما يجعلني أشعر أنني حي؛ لذلك ابقي جوار قلبي هنا "

وبعد تردد قصير مدت روز يدها تحيط خصر جايك تتمسك به كهرة صغيرة، اغمض جايك عينه بحب وهو يهتف :

" أنتِ هي الرسمة الوحيدة التي عجزت عن رسمها كما أراها؛ لذلك استمر في المحاولة مرة بعد مرة وكل مرة افشل فشلًا ذريعًا، حاولت، اقسم أنني حاولت رسمك كما اراكِ، لكن الورقة امامي كل مرة لا تستوعب مقدار التفاصيل التي احفظها لكِ في عقلي"

سقطت دمعة متأثرة من روز وهي تدفن وجهها أكثر في صدر جايك، تحاول مقاومة دموعها التي قد تهبط الأن وهي تهمس في نفسها أن قريبًا جدًا ستخبر جايك بأمر تحدثها، بعدما تحصل على ما عاهدت نفسها ألا تتحدث أمامه إلا عندما تسمعه منه، فقط بعدما تطمئن أن جايك لن يتخلى عنها تحت أي ظرف ستتحدث، وعندها ستتحدث ولن يستطيع أحد جعلها تصمت .
________________________________

كان يجلس وهو يشرد في الفراغ أمامه يفكر فيما يحدث الآن مع أحفاده، هل هم بخير أم هناك ما حدث ولم يعلم به ؟! زفر اليخاندرو بضيق وهو يرى أن بقاءه هنا طال أكثر مما يجب؛ لذلك هو سيخرج من هنا واليوم، هو في الأساس بقى لمعرفة أين سيصل التفكير بذلك الغبي الذي اختطفه لينتقم لعمه منه، عمه ذلك الحقير الذي قتله بيده يوم الاجتماع الكبير، وهو نفسه كان أحد المتسببين في موت أبناءه الثلاثة، اغمض اليخاندرو عينه بحنق وهو يرفض الدخول لتلك المنطقة من عقله، كاد ينهض من مقعده، لكن صوت فتح الباب أوقفه، ليعود ببرود لمقعده وهو يعيد يده للخلف ممسكًا ببعض الحبال وكأنه مازال مقيدًا.
سمع اليخاندرو صوت اقدام تقترب منه، لكن لم تكن نفسها صوت خطوات ذلك الاحمق الذي احضره هنا، بل كانت خطوات أكثر ...رقة.

فكر اليخاندرو في كلمته الأخيرة وهو يلمح أمامه فتاة صغيرة في العمر بعض الشيء، تقريبًا في عمر أحفاده، لم يهتم اليخاندرو كثيرًا وهو يراقب اقتراب الفتاة منه بحذر :
" لا تخف أنا لن اؤذيك "
رفع اليخاندرو حاجبه بتهكم، ثم قال وهو يبتسم لها بسمة صغيرة :

" لكم أنا ممتن للطفك آنستي، كان جسدي يرتجف رعبًا منكِ منذ قليل "

ابتسمت له الفتاة بسمة جعلت اليخاندرو يدرك أمام أي نوع من الحمقاوات يجلس، صمت يستمع حديثها وهي تنظر حولها بحذر :
" أنا أتيت لمساعدتك وإخراجك من هنا "

صمتت، ثم قالت ببسمة صغيرة وهي تنحني برأسها أمام وجه اليخاندرو الذي رفع حاجبه بترقب لما ستقول :

" لكن بشرط أن تصطحبني معك "

ابتسم اليخاندرو وهو يستمع لصوتها يردد :
" صدقني أنا لست سيئة كأخي ولست مهتمة بالانتقام لعمي حتى "

مرت عينها على وجه اليخاندرو قبل أن تقول وهي مندفعة خلف رغبتها في الثورة على تقاليد أخيها 

" أنت حقًا وسيم، رغم سنوات عمرك التي تظهر واضحة على وجهك "
واخيرًا تكرم اليخاندرو بالحديث وهو ينظر لها ببرود :
" اذهبي من هنا يا صغيرة، أنا حقًا لست في مزاج جيد لمثل تلك الالاعيب "
" هل تظنني امزح ؟! اقسم أنني اتحدث بجدية، وسوف افك وثاقك حتى لتتأكد من أنني اتحدث بجدية "
ضحك اليخاندرو وهو يلقي الاحبال ارضًا ثم نهض أمام أعين الفتاة التي اتسعت بصدمة وانبهار وهي تراه يدفعها جانبًا يردد بحنق 

" لست متفرغًا لمثل تلك الترهات يا صغيرة "
" مهلًا أنا لست صغيرة كثيرًا أنا فقط أصغرك ببضع سنوات، ما رأيك أن ترافقني "
أطلق اليخاندرو ضحكة عالية وهو يخرج من الباب الذي تركته تلك الصغيرة مفتوحًا :
" للأسف أنا هذه الأيام مشغول، لكن يمكنني ارسال أحد احفادي لمرافقتك، هم يكبرونك ببضع اعوام فقط، لكن لا بأس افضل من أن يكبرونك باعوام تتجاوز عمرك كله، سأرسل لك ماركوس، هو لطيف ومتفهم"
صمت قليلًا قبل أن يخرج وردد بجدية :
" أو ربما ارسلهم كلهم ويمكنك حينها الاختيار بينهم، لكنني لا انصحك بأول ثلاثة منهم، فهم يأكلون الفتيات الصغيرات "

أنهى اليخاندرو حديثه بغمزة وهو يخرج يعطيها ظهره ملوحًا لها وهو يضيف بنبرة مخيفة متوعدة :

" اخبري اخيكِ أنني سأرسل له احفادي؛ كي يشكرونه على حسن ضيافته لي "

ختم حديثه وهو يخرج سلاحه يقتل اول شخص قابله، ثم تحرك نحو الخارج وفي رأسه تدور حروب طاحنة، يعلم جيدًا أن اختطافه السخيف لم يكن انتقامًا لعمه، بل كان تلبية لأوامر البعض الذين تجمعه بهم قصص طويلة، قصص هو سينهيها بيده 

ابتسم اليخاندرو بسمة مخيفة وهو يتحرك خارج ذلك المنزل الذي كان يسجنه به ذلك الرجل، يقتل كل من يقابله في طريقه مستغلًا سرعة بديهته، وعنصر المفاجأة، انحنى اليخاندرو جوار الجسد الذي أسقطه للتو وأخذ منه هاتفه، ثم تحرك للخارج وهو يردد بشر :
" لقد استمرت تلك المسرحية أكثر مما يجب، والآن حان وقت إسدال الستار"
_________________________________

ركض موسى في ارجاء المجلة وهو يبتسم باتساع ينادي الجميع في الممر كمجنون، انطلق صوب المكاتب يقتحمها وهو يصرخ :

" اجتماع مهم في بهو المجلة الرئيسي "
خرج موسى متجهًا صوب مكتب مدير المجلة وهو يطرق الباب بعنف حتى سمع صوت صراخ المدير من الداخل وهو يسب الطارق، لكنه لم يهتم وهو يقتحم المكتب قائلًا ببسمة كبيرة :

" سيدي هناك اجتماع مهم في بهو المجلة "
نظر له المدير بعدم فهم :

" أي اجتماع هذا ؟! ثم من الذي عقد هذا الاجتماع دون اخباري ؟!"
تحرك موسى صوبه وهو يجذبه بقوة من على مقعده يقول بسرعة جاذبًا إياه للخارج :

" سيدي لا وقت للحديث، هيا الآن لنلحق ببداية الاجتماع 
تحرك موسى في الممرات وهو يكاد يطير فرحًا بما على وشك الحدوث، وصل مع المدير حتى البهو، يخترق الجمع الذي كانت همهماتهم المتعجبة تعلو أكثر واكثر ولا أحد يفهم سبب تجمعهم المفاجئ، ترك موسى يد المدير وهو يتجه صوب الشاشة الكبيرة التي تتوسط البهو، ثم أخذ يحاول أن يربطها بهاتفه والجميع يترقب ما يفعل، دقائق قليلة فقط حتى نجح موسى فيما يفعل، وابتعد وهو يحمل هاتفه الذي يظهر كل ما به على الشاشة، يتحرك أصابعه بخفة حتى فتح Facebook وبدأ يبحث فيه عن شيء وهو يقول بحماس شديد :

" إذن هل الجميع هنا ؟! أين ماليكا ؟!"

رفعت ماليكا يدها بعد فهم وهي تقول :

" أنا هنا "

" جيد عزيزتي فانتِ اهم شخص هنا "
ابتسمت ماليكا بعدم فهم وهي تقول :
" ماذا هل حان وقت اعلان جائزة الصحفي الافضل للعاصمة ؟!

" لا، بل افضل من ذلك كله "

راقب الجميع الشاشة التي تظهر صفحة المجلة الرسمية على Facebook، ثم راقبوا ما يحدثوا وقد تفاجئ الجميع من أن هناك بث مباشر على الصفحة يحضره الآلاف الأشخاص، والإعداد في تزايد حتى قاربت للمليون، ولا أحد يفهم ما يحدث، أو من ذلك الذي خرج في بث على موقع المجلة وهم جميعهم هنا .

فجأة ظهرت صورة امرأة جميلة ذات وجه معروف للجميع، تتوسط الشاشة وهي تجلس على مكتب تقول ببسمة هادئة رقيقة :

" مرحبًا بكم في مركز التصميم الرئيسي للسيد مافو، معكم مولي المساعدة الشخصية للسيد مافو "

تعالت الهمسات بين الجميع ولا أحد يفهم ما يحدث وكيف وصلت مساعدة مافو شخصيًا لصفحة المجلة، اقترب المدير من الشاشة يطالعها بعيون مترقبة، وجد المساعدة الشخصية تنهض من مكتبها والكاميرا تتحرك خلفها في أروقة المركز التي تحمل شعار مافو الاصلي، حتى وصلت لباب كبير فتحته بهدوء وهي تدخل وخلفها الكاميرا، توقفت المساعدة وهي تستدير تغطي الرؤية خلفها متحدثة بلباقة :
" والآن أترككم مع السيد مافو نفسه "
وبمجرد تحرك الفتاة حتى ظهر رجل في الشاشة والصدمة أن أمامه كانت تقبع لورا والتي كانت تنظر لصاحب الظهر ذلك ببسمة واسعة 
على الجانب الآخر عند مايك كان يجلس وخلفه مساعده الشخصي يحمل الكاميرا وهو يصوره بظهره وأمامه تجلس لورا التي رفضت رفضًا قاطعًا أن يظهر بوجهه لأجلها، وأخبرته إياها صراحة، لن تتخلى هويتك التي جاهدت للحفاظ عليها سنوات لأجلي، ابتسم مايك وهو يراقب توتر لورا التي صدمت بمجرد اخبارها خطته .

رفعت لورا نظرها لمايك ترمقه بتوتر، لكنه أشار لها خفية أن تهدأ، ثم غمز لها بخفة وهو يمنحها بسمة داعمة وبدأ التحدث ليخفف عنها وطأة الموقف :
" اشكرك آنسة لورا لمنحي اليوم شرف رؤيتك والجلوس معكِ وجهًا لوجه "
نظرت لورا له بتوتر، ثم قالت ببسمة صغيرة :

" الشرف كله لي سيد مافو، الجلوس هنا معك هو شرف كبير لأي شخص "
ضحك مايك بانتشاء من حديثها ولولا البث الذي يذاع الآن لكان شاكسها كثيرًا غيظها أكثر :
" شكرًا لك هذا من لطفك "
كان الجميع خلف الشاشات يتابع ما يحدث بافواه مفتوحة بصدمة، لا أحد يصدق أن مافو قرر التخلي عن غموضه الذي أحاط به لسنوات عدة، والخروج والتحدث هكذا بكل اريحية مع أحد .

تنفست لورا وهي تحاول استمداد الثقة من نظرات مايك، تذكر نفسها بكل من استهان بقدراتها، بكل من ساهم يومًا في هدم جسور ثقتها، بكل من تحدث بكلمة سابقًا كان من شأنها تحطيم قلاع ثباتها .
بدأت لورا تطرح أسئلة كثيرة حول مافو، أسئلة كانت تراود البعض وكانت دائمًا تراها تزين الصفحات وامامها علامات استفهام كثيرة، وها هي الآن تزيل تلك العلامات واضعة الإجابة خلف كل سؤال .

كانت ماليكا تشاهد ما يحدث بغضب شديد تخرج هاتفها حتى تتأكد أن الصور والرسالة وصلوا لمافو والذي حصلت على رقمه الخاص من هاتف صديقها بصعوبة كبيرة، ليظهر لها أن الصور وكل شيء قد وصل له، بل وقد رآها أيضًا .
تعالت الهمسات حول ماليكا بشكل جعلها تزداد غضبًا وهي تسمع أحاديثهم :
" هل هذه لورا ؟!

" كيف وصلت لمافو بل وتجلس معه بهذه الاريحية؟!"

" ألم يكن من المفترض أن تكون ماليكا هي من تقوم بتلك المقابلة ؟؟"
" ربما لم تستطع الوصول له، فلا أحد يستطيع "

" لكن لورا فعلت "

تنفست ماليكا بعنف وهي تعيد نظرها للشاشة تتابع اللقاء بغضب كبير تراقب ما يحدث والحوار الودي بين لورا ومافو، ولِمَ التعجب وهي رأت بعينها كيف كان يتعامل معها كما لو أنها حبيبة له .

عند مايك و لورا كانت لورا قد اندمجت بالحديث مع مايك حتى أنها نست أمر الكاميرا وأمر البث وهي تنغمس معه في حديث ودي، ومايك فقط يبتسم وهو يشرد في ملامحها الرقيقة البسيطة واللطيفة، كم هي جميلة وبريئة .
مرت نصف ساعة تقريبًا قبل أن تلقي لورا كلمة الختام لذلك اللقاء، وتودع الجميع بكلمات بسيطة لطيفة، ويغلق المساعد الكاميرا، ثم خرج من المكتب واغلق الباب خلفه بإشارة من مايك الذي كان ينظر لفرحة لورا أمامه بسعادة، لكن ما لم يتوقعه هو أن تنهض لورا وتعانقه بقوة وهي تصرخ سعيدة :

" لا اصدق، اقسم أنني لا اصدق ما فعلت للتو، لقد كان هناك الآلاف في البث"

ابتسم مايك باتساع وهو يربت عليها بحنان مرددًا بلطف :

" الأمر الآن بيدك لورا، أما أن تكملي، أو ترحلي وتحققي ذاتك "

ابتعدت لورا عنه ببطء وهي تهمس له بصوت خافت ممتن :
" حان الوقت لتعيش لورا كما تريد لورا ولأجل لورا "
ابتسم مايك وهو يضمها بحنان هامسًا بخبث :

" ومايك ؟؟"
ضحكت لورا بخفة وهي تقول :
" نعم ومايك، الصديق الأقرب لقلب لورا "

ضحك مايك بصخب وهو يبعد وجه لورا عنه هامسًا بغمزة :

" ها نحن نتقدم اسرع واسرع، أنا أرى في نهاية هذا الطريق منصة زواج مزينة بالورود البيضاء منقوش عليها مايك ولورا "
ابتعدت عنه لورا وهي تبتسم له بسمة صغيرة، ثم حملت حقيبتها وقالت تصرف ذهنه عن ذلك المزاح 

" وهل انتهى مايك من فستاني الخاص لحضور زفاف قريبي ؟؟"

لوى مايك شفتيه وهو يقول بغيظ من حديثها ذلك :
" على وشك الانتهاء منه "
" أنت يا رجل كسول "
اقترب منها مايك وهو يهمس 

" وأنتِ يا فتاة ناكرة للجميل "

ابتسمت له لورا وهي ترفرف برموشها تضم يديها لصدرها :

" بل أنا مجرد مسكينة تحتاج لفستان جميل تحضر به زفاف احمق مجبرة على الذهاب له مايك "
نظر لها مايك بحنان ثم انحنى قليلًا وكأنه يلقي التحية على أميرة ما :
" مايك والفستان والمركز كله طوعًا لكِ اميرتي العربية ...."
__________________________________
تحفزت حواس ديفيد وهو يستمع للصوت القادم من هاتف انطونيو، ابتلع ريقه وهو يقول بعدم فهم وصدمة 

" لكن...لكن رأيت سيارته بعيني تسقط من المنحدر، هل تحاول خداعي ؟؟"

نظر له انطونيو بتعجب ثم ردد :

" حقًا ؟!"

تحدث موجهًا حديثه لمارتن الذي كان في ذلك الوقت يجلس في أحد المطاعم وهو يغمز لجولي ويتناول طعامه من يدها :
" مارتن، ألم تذهب بسيارتك للعمل اليوم ؟!"

" اه في الحقيقة انطونيو هناك شخصٌ مسكين كان في حاجة لسيارة فـأعرته خاصتي، واشتريت أنا واحدة تشبهها تمامًا حتى لا أشعر بالحنين لخاصتي "
ابتسم انطونيو بتقدير وهو يقول :

' كم أنت حنون يا مارتن، محظوظة تلك العجوز بك 

ضحك مارتن من الجانب الآخر وهو يلقي قبلة في الهواء لجولي ويقول لها بمزاح :
" انطونيو يمدحك حبيبتي "
رفع انطونيو نظره لديفيد الذي كان يبدو كما لو أنه انفصل عن عالمهم ذاك، لا يفهم شيء، هو خطط لكل شيء بدقة وحرافية، لم يكن هناك أي خلل في خطته، كيف حدث هذا، كيف افلتوا منه ؟!
تحدث انطونيو وهو يدعي الجهل :

" إذن من ذلك المسكين الذي استعار منك سيارتك مارتن ؟!"

" اه ماذا كان اسمها ؟! اعتقد روزيلا واتسون، نعم صحيح روزيلا واتسون "

فتح أنطونيو فمه مبتسمًا وهو يجيب مارتن :
" خيرًا فعلت يا اخي، عسى الله أن يسعدك جراء ذلك الخير الذي تفعله مع المساكين "

في تلك اللحظات كان ديفيد قد تلقى الطعنة الأخيرة وهو يسمع ما قاله مارتن، تلك السيارة التي سقطت كانت تحمل جسد أخته على متنها ؟! هو من قتل أخته بنفسه ؟! سقطت دموع ديفيد وهو يشعر بقلبه يتصدع قهرًا على ما حدث .
تحدثت روما بشفقة مصطنعة :

" أنا آسفة لفقدك ديفيد، ما رأيك أن تلحق بها ؟!

رفع ديفيد عينه بغل وحقد ودموعه تسقط بقهر ووجع على أخته وآخر من تبقى له في حياته وهو يهمس :
" أيتها الحقيـــ "

وقاطع كلمته رصاصة انطونيو التي استقرت في صدره لينهي بذلك جملته وحياته، بينما روما أغلقت عينها بقوة وهي صدمت من ردة فعل انطونيو الذي نهض من مقعده وتحرك صوبها وهو يضمها بحنان له هامسًا :

" لنرحل من هنا جميلة الجميلات، انتهينا من هذا الفصل 

تحركت معه روما وهي تلقي نظرة أخيرة على ديفيد الذي كانت نهايته ابسط مما توقعت، أغمضت عينها وهي تستقر في السيارة جوار انطونيو تتذكر بداية الأمر كله، حينما عادت من المشفى وصارحت انطونيو بكل شيء، تتذكر نظرة الالم التي علت نظراته وهو يتخيلها بين احضان رجلٍ آخر، لكن روما لم تسمح له أن ينجرف في تلك التخيلات وهي تندفع له تضم وجهه بين يديها هامسة بعشق :
" انطونيو، لا تنجرف في تلك الأفكار، اقسم أنه لم يلمسني يومًا، لم أكن اسمح له، ولا ادري السبب لكن وقتها كان قلبي يؤلمني عندما يقترب مني؛ لذلك منعته الاقتراب، أنا في حياتي كلها لم يمسني رجلٌ سواك حبيبي، انظر إلىّ "
نظر لها انطونيو بوجع لتقترب روما منه تقبل وجنته بحنان :
" اقسم أنني حتى لم احبه، وقتها كنت اعتقد أنني معجبة به، كنت مراهقة في السابعة عشر انجرفت وراء حكايات حمقاء من صديقاتها عن كم هو رائع أن تحصل على رفيق وحبيب"
أبعد انطونيو يدها عنه بهدوء، ثم تركها ورحل من الغرفة كلها تاركًا إياها تبكي بقهر وندم، تتمنى لو يعود بها الزمن مرة أخرى فتمحي تلك النقطة من سجلها، واستمرت طوال الليل تبكي وانطونيو لم يعد حتى بداية النهار، وعندما عاد لم يتحدث سوى بجملة واحدة :
" افعلي ما يخبرك به روما "

وهكذا منذ ذلك الوقت كان كل شيء بينها وبين ديفيد على مرأى ومسمع انطونيو، وكل شيء تفعله بأمر من انطونيو

يوم فتحت الباب لرجال ديفيد كان انطونيو يجلس خلف شاشة حاسوبه يراقب كل ما يفعلون، وعندما رأى ما حدث بسيارة مارتن، تحرك وايقظ مارتن وأخبره كل شيء وبسرعة كبيرة كان انطونيو يجري اتصالاته ويحضر سيارة طبق الاصل من سيارة مارتن ويضعها في المنزل ويأتي بسيارة نقل لأخذ سيارة مارتن التي تعطلت بها المكابح حتى المخزن، ثم وضع بها روزيلا وحركها بالناقلة حتى مفترق طرق وعندما اقترب مارتن من ذلك المفترق أتخذ طريقًا غير الذي يؤدي للشركة، ووقتها تحرك أحد رجاله بسيارة مارتن التي تعتليها روزيلا حتى أوشك على بلوغ المنعطف، ثم قفز من السيارة تاركًا روزيلا تصارع للنجاة من خطة وضعها اخيها، لكن أدارها انطونيو .....
نظرت روما جوارها لانطونيو الذي كان ينظر من النافذة شاردًا، ثم بتردد مدت يدها تلتقط خاصته وهي تقول بصوت خافت :

" طوني "
نظر لها انطونيو ثواني قبل أن يبتسم لها بسمة صغيرة، ثم سحب يده من أسفل يدها وعاد بنظره للنافذة وجواره روما تحاول التحكم في دموعها بسبب جفاءه معها، لكن فجأة سمعت جملته التي خرجت منه هامسة :

" أنا لستُ غاضبًا منكِ روما، أنا فقط أشعر بالغيرة تحرقني، سنتحدث في المساء جميلتي حسنًا ؟!"

نظرت له روما وقد تساقطت دموعها وكأنها تسأله بعينها إن كان جادًا أم لا؟! وانطونيو الذي لم يتحمل بكائها ووجعها يبتسم لها بحنان وهو يجذب رأسها لاحضانه مقبلًا إياها وهو يهمس لها بلطف :

" انتهى كل شيء روما، انتهى كل حزن جميلتي "
__________________

" يا رفقة اهدي بقى مش كده، تلاقيه يا ستي لسه مشغول مع المحامي "
توقفت رفقة عن السير يمينًا ويسارًا وهي تنظر لروبين بشر، ثم صاحت وقد نفذ صبرها :

" اصبر ايه ؟! بقولك جاكيري مش بيرد على تليفونه ومختفي، وأنتِ جاية تقوليلي إن فبريانو جاله اتصال وبعدين جري وهو مرعوب، يبقى اكيد حصله حاجة "

صمتت فجأة هي تفتح عينها بصدمة ثم هتفت باكية :
" مصيبة يكون عمل حادثة لوحده، وهو بيسوق زي الطور الهايج، تلاقيه لبس في حيطة ولا خبط في عربية "
كانت رفقة تبكي وهي تلطم وجنتها بخوف وقد بدأت الأفكار السيئة كلها تتجمع في رأسها وروبين ترمقها بضيق :
" أنا استاهل اني سيبت التدريبات وجيت على ملى وشي عشان اشوف العرض الهابط ده، تلاقيه بيلف هنا ولا هنا، أنتِ عارفة دماغه ضاربة اساسا "
توقف رفقة عما تفعل وهي ترمي بسهام لروبين صارخة بشكل جعل روبين تنكمش على نفسها على الأريكة :
" أنتِ بتتكلمي عنه كده ليه ؟!"
بسطت روبين يدها أمامها بخوف 

" اتكلم عنه ازاي ؟! والله ما عملت حاجة "
صرخت رفقة وهي تبكي خوفًا عليه، لكن تحاول اخفاء كل ذلك أسفل حديثهاالغاضب :
" لا أنتِ بتتريقي عليه، وبتقولي دماغه ضاربة، وهو مش كده جاكيري طيب وعاقل على فكرة "

هزت روبين رأسها برعب وهي تكاد تبكي من صراخ وبكاء رفقة :
" حاضر حاضر، أنا اسفة هو مش دماغه ضاربة، فبريانو هو اللي دماغه ضاربة، اهدي أنتِ بس "
نظرت له رفقة ثواني وهي تتنفس بعنف قبل أن تنهار باكية على المقعد وهي تدفن وجهها بين يديها قائلة بصوت مختنق :
" قلبي بيوجعني اوي، من الصبح وقلبي مقبوض ومش عارفة ليه ؟! خايفة يكون عرف حاجة وحشة عن قضيتي وخايف يقولي لازعل، يرد عليا بس واطمن وفي ستين داهية اي حاجة "

بكت روبين حزنًا على رفيقتها، ثم تحركت تجلس جوارها وهي تضم جسدها لها بحنان هاتفة وهي تربت عليها بلطف :
" متخافيش يا حبيبتي اكيد هو بخير، يمكن مشغول ومش سامع تليفونه "
بكت رفقة أكثر وهي تهتف من بين شهقاتها :
" لا، هو عمره ما قعد ده كله من غير ما يكلمني، قلبي مقبوض يا روبين، حاسة أنه مش كويس، قلبي مقبوض عليه "
سقطت دموع روبين حزنًا عليها وهي تواسيها :

" متخافيش يا حبيبتي حتى لو حصل حاجة فأكيد فبريانو معاه "
" كده قلبي هينقبض أكثر، أنتِ كده مش بتطمنيني يا روبين "
دفعت روبين رأس رفقة بعيدًا عن أحضانها وهي تقول حانقة

" على فكرة أنا برضو مش بحب حد يتكلم عليه، فبريانو مش بعبع يعني عشان كلكم تيجوا عليه كده، أنتِ ولولو على طول كده جايين عليه، وشايفين أنه وحش، مع أنه والله طيب وحنين ولطيف "
مسحت رفقة دموعها وهي تبتسم بسمة صغيرة :

" روبين يا حبيبتي احنا مش شايفين أنه وحش، هو بالفعل وحش ومخيف، بس الظاهر أن المرايا بتاعة الحب عندك متدشدشة( متحطمة) فالبعيدة مش شايفة إن اللي معاكِ مش شكل شخص لطيف، ده شكل جزار اساسًا "
صمتت روبين ثم قالت بشفاه مزمومة :

" مش اوي، هو جزار شوية صغيرين، بس جزار طيب والله "
ضحكت رفقة وهي تمسك هاتفها تتصل بجاكيري للمرة التي لا تعلم عددها ....
_________________

على الجانب الآخر كان جاكيري يضع رأسه على قدم فبريانو الذي كان يلقي برأسه على الأريكة خلفه وجاكيري يتحدث بصوت ضائع :
" مازال الأمر يطاردني، لم انسه لحظة واحدة، اتمنى لو أفقد ذاكرتي "

سمع فبريانو صوت رنين هاتف جاكيري فألقى عليه نظرة يبصر اسم ( صاحبة الشعر المجعد ) ينير شاشته، ثم قال ببسمة ساخرة :

" حقًا؟! لكن إن فقدت ذاكرتك، فسوف تنسى أيضًا صاحبة الشعر المجعد خاصتك "

" تلك هي الوحيدة التي لن انساها، وحتى إن حدث، فسوف يتذكرها قلبي "
ابتسم عليه فبريانو وهو يصفعه بخفة مرددًا :

" أما نحن فلا بأس بنسياننا أيها النذل، لم تكمل معها عامًا واحدًا حتى، والقيت بسنوات عمرك معنا عرض الحائط ؟!"

ابتسم جاكيري بسمة صغيرة وهو يرفع رأسه لفبريانو يرمقه بحب :
" لا تخف يا اخي فأنا عندها سأفقد ذاكرتي، ولن أفقد حياتي، أنتم اساس حياتي فبريانو، وخاصة أنت يا اخي "

صفعه فبريانو مجددًا وهو يقول :
" إن ظننت أنك بحديثك هذا ستقنعني، فأنت محق "
ضحك جاكيري، ثم صمت وهو يشرد في السقف وقال بصوت مختنق وقد بدأت الدموع تتجمع في عينيه :

" لو أننا لم نختطف ذلك اليوم ولم أرى ما رأيته وقتها، هل تعتقد أنني كنت سأكون مرتاح البال الأن "

اغمض فبريانو عينه بحزن على جاكيري الذي تعرض لاسوء ما قد يتعرض له إنسان وكل هذا أثناء طفولته، ذلك اليوم الذي خرج به من مدرسته مع جاكيري الذي كان يكبره بأربع سنوات، وكان مكلف أن ينتبه له، وقتها لم يشعرا بأنفسهم سوا وهم في حجرة مظلمة ملقيين وسط مئات الأطفال في اعمارهم وأصغر منهم، وقتها كان جاكيري يضمه بقوة رافضًا أن يتركه يبتعد عنه خطوة واحدة، ومرت ساعة وبدأ بعض الرجال في الدخول وسحب الاطفال واحدًا تلو الآخر، وجاكيري فقط يضم ابن عمه بين أحضانه وهو يمنعه من رؤية ما يحدث، يهمس في أذنه أن والده سيخرجهم، سوف يخرجون من هنا .
لكن ما حدث كان أن والده تأخر كثيرًا في معرفة مكانهم وقد جاء الدور على فبريانو الذي ظل يصرخ ويبكي وجاكيري يتمسك به في عنف رافضًا تركه وهو يصرخ بجنون :
" دع اخي....دع اخي من بين يديك العفنة "
لكن الرجال تجمعوا حول جاكيري يجذبونه بعيدًا عن فبريانو الذي كان يصرخ بخوف بعدما أدرك ما يفعلونه من صرخات الاطفال، في ذلك الوقت ثارت حمية جاكيري تجاه ابن عمه وهو يفلت من بين يدي الرجل ويحمل صخرة عملاقة ملقيًا إياها في وجه الرجل الذي يمسك فبريانو، ثم صرخ بجنون وهو ينقض عليه بالصخرة متسببًا في انفجار دماء رأسه:

" أخبرتك أن تترك اخي"
في ذلك الوقت جن جنون الرجال وتركوا فبريانو وقاموا بسحب جاكيري معهم بالقوة، تحت صرخات فبريانو الذي كان يتمسك في اقدام جاكيري وهو يبكي برعب يخشى أن تكون صرخات أخيه هي التالية التي يسمعها؛ لذلك بكى وصرخ وهو يتمسك في جاكيري الذي كان يحاول أبعاده عنه حتى لا يأخذونه معه، كان في تلك اللحظة يفكر أنهم لحين ينتهون منه سيأتي والده وعمه لانقاذ فبريانو، ضرب جاكيري فبريانو بقوة وهو يبعده عنه :
" اتركني فبريانو، اتركني "
بكى فبريانو أكثر وهو يتمسك في أقدامه :

" لا، لا اريد ارجوك ابقى معي جاكيري، أنا خائف "
" ابي سوف يأتي لأجلنا فبريانو، انتظره سوف يأتي لأجلك عزيزي 

في تلك اللحظة سحب الرجال جاكيري للخارج تحت صرخات فبريانو الذي كادت حنجرته تتمزق بسببها، وجاكيري يسير معهم دون مقاومة خوفًا أن يعودوا لأخذ فبريانو.
دفع به الرجال لإحدى الغرف، ثم أغلقوا الباب ورحلوا، استدار جاكيري برعب وهو ينظر حوله يشتم رائحة الدماء في كل مكان، تراجع للخلف بخوف وهو يرى بعض الرجال يلتفون حول فراش وهناك ادوات مليئة بالدماء تحتل أيديهم، لكن وأثناء تراجعه اصطدمت قدمه في شيء يقبع في الأرض، حرك عينه ببطء ليرى ابشع مشهد قد يراه طفل، جثة طفل آخر صغير جسده فارغ تمامًا من جميع أعضاءه، حتى عينه، في تلك اللحظة شعر جاكيري برغبة في التقيأ وهو يعود للخلف باكيًا برعب يسمع صوت بعض الرجال :

" ألم تخرجوا الجثة تلك بعد ؟! هيا اخرجوها وأحضروا ذلك الصغير وخدروه "
بكى جاكيري وهو يركض صوب الباب يصرخ ويطرق عليه برعب ينادي والده وينادي جميع أعمامه وجده وأمه وكل من يعرفهم، لكن فجأة شعر بشخص يجذبه من الخلف وهو يكتف جسده، وصوت بكاء جاكيري يعلو أكثر وأكثر، حتى شعر بجسده يقع بعنف على فراش معدني، ثم حقنة تقترب منه وهناك من يمسك قدمه ويده، صرخ وقاوم بكل ما يمتلك لكن بالنهاية هو طفل صغير، ثواني فقط حتى ارتفع صوت تبادل رصاصات في الخارج، لتتوقف يد الطبيب في الهواء وهو يشير لاحدهم بالذهاب ورؤية ما يحدث .
في الغرفة التي تحوي الاطفال اقتحمها اليخاندرو بجنون وهو يبحث عن أحفاد بين الجميع ينادي باسمائهم 

" جاكيري، فبريانو ....جاكيري "

صرخ فبريانو بصوت خافت بسبب صراخه السابق :
" جدي "

استدار اليخاندرو بسرعة صوب فبريانو وركض له وهو يتلقفه بين أحضانه برعب يتأكد أنه بخير ثم تحدث برعب من الإجابة :

" جاكيري ؟! أين هو فبريانو ألم يكن معك ؟!"
بكى فبريانو وهو يشير للخارج :


" لقد أخذه الرجال ومنذ قليل سمعت صراخه يا جدي لقد قتلوا جاكيري"
في تلك اللحظة كان والد جاكيري يقف على الباب يستمع لكلمات فبريانو برعب وهو يهز رأسه رافضًا لتلك الكلمات، ثم ركض كالمجنون يقتحم جميع الغرف ويقتل كل من بها دون تفريق، حتى اقتحم إحدى الغرف ووجد بها طفله الصغير مسطح بلا حياة على فراش وأمامه بعض الرجال يمسكون ادوات حادة ولم يحتج التخمين عما كانوا ينتوون ....
" فبريانو ....فبريانو "

استفاق فبريانو فجأة على هزة جاكيري لجسده وهو يقول ساخرًا :
" منذ ساعات وأنت تنصحني بعدم الانغماس في الذكريات وها أنت أوشكت على الانتهاء من تذكر مرحلة طفولتنا كلها "

ضربه فبريانو على جبهته بغيظ وهو يبعده عنه :
" ابتعد عني، هيا أنا لا أحب التقارب هذا "
ابتعد جاكيري عن فبريانو وهو يرمقه بحنق يفرك جبهته :
" أنت أيها اللئيم أنا الآن أمر بحالة سيئة، احتاج الاحتواء وأنت لم تتوقف عن ضربي منذ وضعت رأسي على قدمك "
ضحك فبريانو ضحكة صغير وهو يفتح له ذراعه 

" هيا تعال سأعانقك "
لوى جاكيري شفتيه بحنق يدرك جيدًا أن فبريانو يحاول صرف تفكير عن كل شيء :
" لا شكرًا لك، سوف اذهب لرفقة واعانقها هي، لا ينقصني سوى أن أعانق دمويًا مثلك "

ضيق فبريانو عينه بسخرية ثم انقض على جاكيري يجذبه بعنف لاحضانه وهو يصيح :

" حقًا ؟! تترفع الآن عن أحضاني أيها الحقير، بعدما كنت تأتي إلىّ باكيًا ؟! هيا انظر ها أنا الآن اعانقك "

صرخ جاكيري وهو يتحرك، يحاول ابعاد فبريانو عنه :

" لا سأتقيا ابتعد عني، اريد عناق زوجتي فقط "

ضحك فبريانو عليه بصخب، قبل أن يستمع لصوت رسالة تصل له على هاتفه في نفس وقت وصول رسالة على هاتف جاكيري، نظر الاثنان لبعضهما البعض ثم أمسك كل منهما هاتفه وهو يقرأ الرسالة بصوت عالي :

" اجتماع طارئ غدًا في القصر "

نظر الاثنين لبعضهما البعض بتعجب قبل أن ترتسم بسمة واسعة على فم فبريانو وهو يهمس 
" هل اشتم رائحة متعة في الأجواء ؟؟
____________________________________________

كانت يد هايز ترتجف وهي تمسك السلاح وتنظر للجميع، ثم استدارت ببطء تنظر لادم وهي تهز رأسها برجاء تخاف من الجميع وتخاف من نظراتهم :
" لا اريد ادم ارجوك دعنا نرحل من هنا "

صمتت وهي تبكي بقوة، ليجذبها ادم لاحضانه بلطف وهو ينظر للجميع، ثم قال بعد صمت قصير :

" حسنًا الأمر يخصك عزيزتي وأنتِ فقط من لكِ الحق في الحكم عليهم، لكنني لن اتنازل عن أن يركع الجميع ويتوسل غفرانك "

تبادل الجميع النظرات بصدمة، وهم يرمقون المجموعة التي ارتكبت كل هذا الفعل القذر، والكل يرميهم بنظرات مشمئزة مما فعلوا، لكن آدم لم يهتم بكل هذا وهو يقول :

" أما هذا أو لا أعدكم أن تخرجوا من هنا على ارجلكم "

زحف الشاب الذي كان ظاهرًا في الفيديو وهو يقول ببكاء :

" أنا آسف هايز، أنا آسف"

تقدم أحد الشباب وهو يجلس على ركبته ارضًا ثم اخر ثم اخر حتى ركع الجميع أمام هايز عدا الفتاتين، لكن وبنظرة واحدة من آدم اقتربت الفتاة الاولى وهي تجلس مصغرة على ركبتها تهتف ببكاء :

" أنا آسفة سامحيني "

نظر آدم لمورا التي كانت ترمق هايز بحقد وكأنها لم تكتفي بكل ما فعلت، وكأنها لم تكن المتسببة في احياء تلك الندبة، تحركت مورا ببطء صوب الجميع، ثم بهدوء جلست على ركبتها وهي تقول بدموع هبطت منها ولم ترفع نظرها لهايز :

" سامحيني هايز "

كانت هايز تبكي وهي تنظر للجميع، تتذكر ما عانته بسببهم، هي ليست ملاكًا حتى تهز رأسها ببسمة وتخبرهم أنه لا بأس، هي تحقد عليهم جميعًا، تبغضهم، تكرههم من كل قلبها، تقدمت بخطوات بطيئة من الشاب الذي كان يحاول الاعتداء عليها، ثم دون مقدمات صفعته صفعة رنّ صداها في المكان، ولم يكد الشاب يستوعب الأمر حتى عاجلته بأخرى وأخرى وهي تصرخ في وجهه 

" أنا أيضًا توسلتك، أنا أيضًا طلبت عفوك، أنا أيضًا بكيت "
كانت تتحدث وتصرخ دون الشعور بنفسها، ثم بعدها صفعت مورا بغضب وكره، ورفعت عينها للجميع الذين ينحنون أمامها وبصقت عليهم وهي تصرخ :
" للجحيم أنا لن اسامح أحدًا منكم، وحتى آخر نفس لي في هذه الحياة لن افعل، أنا اكرهكم من كل قلبي "
أنهت كلماتها وهي تلقي عليهم نظرة مستحقرة، ثم تحركت مرفوعة الرأس أمام الجميع وقد شعرت فجأة أنها حرة، أنها ليست مضطرة لتنحني أمام أحد، وقفت أمام آدم وهي تهمس بأنفاس لاهثة :
" أخرجني من هنا آدم "
ابتسم لها آدم ثم أمسك يدها وهو يرمي لهم بسمة أخيرة وهناك بسمة غامضة مخيفة ترتسم على فمه وهو يردد :
" لم ينتهي الأمر بعد "

تحرك ادم وهو يشير لصديقة هايز أن تفتح لهم البوابة، ثم عبر منها مع هايز التي كانت ترفع رأسها في وجه الجميع وجوارها يسير ادم وهو يلقي عليهم نظرة متوعدة .

استدارت صديقة هايز وهي ترمق المتسببين في كل هذا، ثم خلعت حذائها والقته في وجوههم وقالت بغضب :

" خارج منزلي يا حثالة، وإياكم أن أرى أحدكم أمامي "
ابتسم صديق آدم وهو يخلع حذائه كذلك، ثم ألقاه في وجه الشاب الذي خطط لكل هذا وهو يقول بتوعد :

" الويل لمن ألمح طيفه بالقرب مني، لعنة الله عليكم يا قذرين"

بدأ سباب الجميع يعلوا وهم يلقون كل ما يقابل أيديهم عليهم، قبل أن ينهض الجميع ويخرجوا من المنزل تحت سباب ولعنات الجميع، يحاولون تفادي كل ما يلقى عليهم، وقد اضحوا منبوذين من الجميع الآن.
ابتسم الجميع بمجرد انتهاء كل هذا، ثم صاحت صديقة هايز لمنظم الحفل :
" موسيقى يا عزيزي "
تقدم صديق آدم منها وهو يمد يده لها غامزًا :
" تسمحين لي ؟!

ابتسمت له الفتاة وهي تضع يدها بيده :
" بالطبع اسمح، رغم أنني لم أنس لك فعلتك بهايز سابقًا "

ضحك الشاب وهو يجذبها لمنتصف الحديقة يراقصها وكأنه برحيل كل القذرين من حياتهم أصبحت أرواحهم، تطوف بخفة وحرية .

في السيارة عند ادم كانت هايز تخرج رأسها من السيارة وهي تسمح للهواء البارد أن يصطدم بوجهها وشعرها يغطيه، وهناك بسمة واسعة صافية ترتسم على وجهها، وكأنها للتو فقط شعرت أنها تحيا، روحها للتو تحررت من قيود الحزن، كان آدم ينظر لها وهناك بسمة واسعة ترتسم على وجهه وهو يحضر في رأسه مصائب لكل من سولت له نفسه في حرمانه من تلك البسمة سابقًا، سمع صوت هايز تهتف براحة :

" أشعر بروحي تطفو من خفتها، أنا الآن أشعر براحة لم أشعر بها يومًا آدم "

ضحك آدم وهو يغمز لها بحب :

" حسنًا أظن أنني استحق مكافأة كبيرة الآن"
ابتسمت له هايز تضم يدها لصدرها وهي تقول ببسمة صافية :

" أنا أحبك آدم"
تأوه آدم بحب وهو يهمس لها :

" حسنًا كانت هذه المكافأة افضل مما توقعت "
ضحكت هايز وهي تقف في السيارة تشير لادم بأن يفتح لها السقف، ثم فردت يدها وهي تغمض عينها تستقبل الهواء بسعادة تصرخ بصوت عالي، وآدم يزيد من سرعة قيادته وهو يشاركها الصراخ بجنون وقد قرر أن يشاركها لحظات جنونها، عله يتحرر هو أيضًا من تلك القيود التي تقيد قلبه .
______________________
بعد ساعة 

كان الجميع بمن فيهم آدم وهايز اللذان وصلا منذ دقائق فقط، يجلسون في البهو والضحكات تتعالى فيما بينهم على جايك الذي كان يمسك يد روز مانعًا إياها أن تعطي أحد حلوى مما طهت لهم وهو يصرخ 

" تبًا لكم جميعًا كل واحدٍ يملك فتاة لتنهض وتعد له ما يريد "
ضم انطونيو روما وهو يقول ببسمة مستفزة :

" لكنني أحب حلوى روز بالتحديد "

لوى جايك فمه بقهر وهو يهتف بغيظ :

" اخي ...."
ضحك انطونيو بصوت عالي وهو يداعب خصلات جايك بشكل مستفز :
" ماذا ؟! أيها الغبي هل تغار على طعام ؟!"

أبعد جايك يده عن رأسه وهو ينظر لماركوس الذي كان يمد يده بشكل خفي لأخذ حلوى :

" أنت أيها السارق، أنا اراك ماركوس "
توقف ماركوس وهو يقول مشيرًا جواره :
" ماذا ؟! كانت هذه لفيور وليس لي "
تحدثت فيور وهي تهز رأسها بلا :
" هو يكذب، كانت هذه له 

نظر ماركوس جواره لفيور وهو يقترب منها هامسًا :
" أنتِ أيتها الجدة، اقسم أن أريك الويل فيور "
نظرت له فيور ببراءة :
" ماذا يا بني ؟! أنا فقط لا أود أن أراك تكذب، هكذا ستصبح لص وايضًا كاذب "

" أنتِ أيتها الــ ..."

لكنه توقف عن الحديث بمجرد رؤيته لنظراتها التي تعلقت خلفه وهي تهتف بسعادة :
" ويل قلبي، لقد عاد جدك الوسيم "

استدار الجميع صوب الباب ليظهر لهم اليخاندرو الذي كانت ثيابه غير مرتبة كما العادة وهو يتحرك لهم يهتف ببسمة حانقة :

" أيها الحمقى انتم هنا تمرحون، وأنا مقيد في مقعد غير مريح؟! الآن أدركت صدق سيلين، أنتم لم تتذوقوا يومًا طعم الأدب ........"

___________________________

عندما ظننت أنك تفوقت عليهم، كانوا هم يتلاعبون بك كما يشاؤون، وما فعلته ليس اجتهاد منك، بل كان فقط ما سمحوا هم بحدوثه .

تعليقات



×