رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل الخامس عشر
ها هي رحرح تعود بعد غياب قصير يا رفاق ...
بارت خفيف تعويضًا عن غيابي يوم الخميس؛ ولاني وعدتكم اني لو قدرت هنزل ليكم بارت انهاردة، وبالفعل بدأت فيه الصبح وانتهيت منه قبل ثواني من نشره، عشان مش حابة أتأخر عليكم، وعشان والله مش بيهون عليا اسيبكم كتير على نار، قراءة ممتعة احبائي .
"لا تَرتَجي مِن عبادِ اللّـهِ مَسألةً
فَالعبدُ عَبدٌ وربُّ العَبدِ مَن يهبُ".
صلوا على نبي الرحمة
________________________
كانت تجلس أمام الحاسوب الخاص بها تتابع مسلسلها المفضل منذ الأمس، حيث لم يغمض لها جفن وهي تسهر طوال الليل أمامه، سعيدة بسماعتها التي حازت عليها بكل شرف بعد بيع مصلحة حفيدتها لذلك البيومي المخيف .
لكن فجأة أزعج جلستها الرائعة تلك صوت موسيقى عالية قادمة من الخارج، انكمشت ملامح لولو بتعجب وهي تمسك عكازها الذي كان يستقر جوار فراشها، وبعدها تحركت بثقل للخارج، لتصدم بمجرد خروجها بروبين ترتدي فستان وردي مليئ بالزهور البيضاء يصل لنهاية قدمها دون أكمام، تبدو كمن خرجت للتو من أحد الأفلام القديمة، وهي تتراقص على موسيقى إحدى الأغنيات بكل سعادة، تتحرك في المنزل وهي تردد كلمات الأغنية بهيام :
" الدنيا حلوة واحلى سنين....بنعيشها واحنا يا ناس عاشقين ....ننسى اللى فاتنا ونعيش حياتنا....ع الحب متواعدين "
رفعت لولو حاجبها وهي تقول بسخرية :
" الظاهر بيومي قالها أنها مهزقة فعلًا "
كانت روبين ما تزال تغمض عينها وهي ترقص بكل استمتاع وكأنها البارحة فقط لم تكن على وشك الدخول في حالة اكتئاب، هزت لولو رأسها بعدم اهتمام وهي تتحرك صوب غرفتها تكمل مسلسلها المفضل وهي تصبر نفسها ببضعة كلمات :
' خلاص يوم ولا حاجة واهلك يجوا يخلصوني من همك، واقعد مع المسلسل بتاعي براحتي "
ازدادت بسمة روبين وهي ترقص وترفع يدها في الهواء، تقفز بسعادة ولم تدرك أن كل ذلك يحدث أمام عين فبريانو الذي كان يتكأ بكتفه على باب الغرفة وهو يبتسم بحنان يراقبها بكل سعادة، يشعر بقلبه يشاركها تلك الفرحة، وهو يتنهد براحة أنه واخيرًا تمكن من إعادة البسمة لوجهها بعدما قص عليها البارحة كل شيء، كل شيء حتى ما لم يقصه جده على الباقيين اخبرها به، فهو لا يود أن يعاني أيام كتلك التي عاشها بعيدًا عن لطفها ذاك، ابتسم وهو يمرر عينه على فستانها اللطيف الذي ذكره بارنبه الوردي العزيز والذي اشتاقه كثيرًا .
ومن بين غمرة السعادة التي كانت روبين تعيشها، شعرت فجأة بجسدها يصطدم في جسد ما، ودون حتى أن تفتح عينها أدركت صاحب ذلك الجسد الذي امسك يدها وهو يتحدث قريبًا من أذنها :
" تبدين كفراشةٍ وردية تتنقل بين ازهار جنة قلبي، أنتِ تزدادين قبحًا في عيني يومًا بعد يوم فاتنتي "
فتحت روبين عينها وهي تطلق ضحكة عالية على حديثه تقول وهي تبتعد عنه :
" اول جملتك خلت قلبي هيقف من الرعب وانا مفكرة إني خبطت في حد غريب، وبعدين طمنتني في الآخر أنه انت "
ختمت كلمتها وهي تجذب يده ليشاركها الرقص تغني له ببسمة وهي تمسك يده وهو يبتسم لها، بينما هي تردد الأغنية وهي تنظر له وكأنها توجه كلماتها له :
" انسى اللي راح على طول على طول......ماتسبش زعلك مرة يطول....افرح شوية واضحك شوية.....كدة خلى روحك عالية وهاي "
ابتسم فبريانو بسمة وقد أخذ فجأة قرار أن يشاركها جنونها ذاك، حيث أخذ يتحرك معها دون حسبان لما يفعل، يراقصها وهو يلف جسدها برقة، يتأمل بسمتها الجميلة، يشعر أنه في تلك اللحظة عاد نفسه فبريانو، فبريانو الصغير الذي كان يركض باكيًا لوالدته يشتكي لها نعت الجميع له باللطيف فتأكد له والدته أنه بالفعل أكثر الأشخاص لطفًا، ويبدأ هو بالتذمر منها، وقتها تنقض عليه والدته بالقبلات و تبدأ في زغزغته بقوة حتى يصرخ من بين ضحكاته أنه يستسلم وأنه لطيف كما تقول، تلك الكلمة التي كره أن يناديه أحد بها، لم يسمح أن يتم نطقها أمامه سوى من اثنين، وهذان الاثنان هما امرأتين، والدته وارنبه الوردي .
نظر فبريانو لروبين التي تتراقص أمامه بفرحة وهو يشعر بعينه التمعت بما يشبه الدموع، بعدما دخل حجرة عقله التي كان قد اغلقها بالكامل منذ سنوات، ابتسم بسمة صغيرة وهو يقترب من روبين يضمها فجأة دون مقدمات، يدفن وجهه في كتفها، ورغم أن روبين تفاجئت من فعلته، إلا أنها ابتسمت له بحنان وهي تربت على كتفه ظنًا أنه يعانقها بشكل عابر، لكن فبريانو كان في أشد حالاته حاجة لها، يود فقط أن يعيش تلك اللحظات كـ فابري الصغير وبعدها وبمجرد خروجه من عناقها سيرمي كل ذلك جانبًا ويعود فبريانو الحقير .
" إن اخبرتِ أحد أنني راقصتك، سأقتله "
صدمت روبين من حديثه الغريب ذلك، وها هي تتفهم سبب ذكره للقتل في كل احاديثه، لذلك مازحته بخشونة مثله :
" هو مش المفروض تقول هقتلك؟!"
" لا سأقتله هو، فـ أنا لا أستطيع العيش بدونك، أما هو فاللجحيم"
______________________________________
" نعم سيدي أنا اراقبهم الآن على جهاز التتبع امامي، وهم يقتربون من المنعطف الذي تقف عنده سيارتنا الثانية "
ابتسم ديفيد من الجانب الآخر وهو يردد كلمة واحدة مترفعًا عن الحديث :
" نفذ "
ختم ديفيد حديثه وهو يغلق الهاتف يتكأ بظهره للخلف وهناك بسمة واسعة ترتسم على فمه يتنهد بارتياح، فإن فشلت خطته السابقة في التخلص من أنطونيو، فهو هذه المرة سيتمم خطته كما خطط لها، بعد خداع تلك الحمقاء روما اخبرها أنهم فقط سيأخذون حاسوبه، وبعد أن أعطتهم فرصة اقتحام وكر اليخاندرو، استغل الأمر وقام رجاله بإفساد مكابح سيارة مارتن التي كانوا يراقبونها لأيام، لمعرفة الطراز الخاص بسيارته ومعرفة خط سيره اليومي لوضع الكمين أمامه وها هو ديفيد يضرب ضربته الثانية .
على الجانب الآخر تحدث أحد رجال ديفيد مع رفيق له في المجموعة وهو يراقب بعينه سيارة مارتن التي تقترب من منعطف يمر منه يوميًا أثناء طريقه للعمل :
" هو يقترب منك، يقود سيارة سوداء من طراز Bugatti ورقمها هو....."
__________________________
خرج انطونيو من الاجتماع الذي كان يعقده منذ الصباح وهو يخرج هاتفه يتفقده بعدما فتحه مجددًا ليجد العديد من الاتصالات والرسائل من مارتن التي تخبره عن اختفاء الحاسوب، ويسأله إن كان أخذه ام لا ؟!
رفع انطونيو حاجبه وهو يجري اتصالًا لمارتن أثناء تحركه صوب مكتبه يشير بيده لمساعده ألا يلحق به وهو يردد بجدية :
" ليس الآن، نصف ساعة وأحضر لي باقي المواعيد "
انتهى انطونيو من حديثه يدلف لمكتبه بخطى واثقة ينتظر رد مارتن .
وعلى الجانب الآخر كان مارتن يقود السيارة بانتباه وهو يستمع لرنين هاتفه الذي بيد جولي؛ لذلك تحدث بجدية وهو لا ينزع نظره من على الطريق :
" جولي من يتصل ؟!"
" أنه انطونيو "
" اه واخيرًا انتهى الاجتماع، حسنًا افتحي المكالمة وكذلك المكبر حبيبتي "
ابتسمت له جولي تهز رأسها بحسنًا، ثم نفذت ما طلبه منها مارتن، وهي تستمع لصوت مارتن الذي تحدث بهدوء كعادته :
" مرحبًا انطونيو، أنا أوشكت على الوصول للشركة "
" ما هذه الرسائل التي ارسلتها لي مارتن؟! عن أي حاسوب تتحدث ؟!'
نظر مارتن للهاتف ثواني ثم قال :
" ذلك الحاسوب الذي احضرناه من المهمة الأخيرة انطونيو، أنا لم أجده في أي مكان في القصر "
" حقًا؟! هل تأكدت أن حبيبتك العجوز لم تأخذه لتحاربني به في خيالها ؟!"
كتم مارتن ضحكة كادت تفلت منه وهو ينظر لوجه جولي الذي أحمرّ غضبًا وخجل من إطلاع انطونيو على تلك النقطة من حياتها، ثم قالت باعتراض :
" مهلًا يا سيد أنا لم أمس شيئًا، كما أن مارتن أخفاه بعيدًا عن عيني "
أنهت كلماتها وهي تنظر جانبًا تظهر لمارتن كم هي مستاءة من حديث ابن عمه الوقح، لكن مارتن نظر لها بحنان وهو يقول واثقًا بها :
" لا انطونيو، جولي لم تفعل شيء أنا واثق في ذلك"
مسح انطونيو وجهه بتعب وهو يقول :
" حسنًا مارتن تعال إلى مكتبي بمجرد وصولك "
نظر مارتن للطريق أمامه :
" لا بأس أنا اقتربت كثيرًا "
" حسنًا لا تتأخر "
وعلى الجانب الآخر جوار القصر كان رجال ديفيد ما يزالون يرابطون هناك وهم يراقبون حركة سيارة مارتن في المتتبع، واعينهم تكاد تخرج عليه، وقد ارتفع الادرينالين في أجسادهم جميعًا، أخرج الرجل الذي يبدو قائدهم هاتفه وهو يضعه على أذنه يتحدث مع سائق السيارة الذي يرابط عند المنعطف :
" هيا استعد لقد وصل عندك "
" لا تقلق سيدي لقد رأيت السيارة "
انتهى سائق السيارة من حديثه وهو يراقب تلك السيارة التي تتوافق مواصفاتها مع المواصفات التي حصل عليها، وانتظر حتى عبرت من أمامه، ثم تحرك هو خلفها بسرعة كبيرة يلاحقها، ويصطدم بها من الخلف .
واستمر اصطدامه بالسيارة حتى أجبرها على تغيير اتجاهها صوب المنطقة الجبلية، وهو مازال خلفها يضرب السيارة بسيارته في عنف كبير، حتى رأى أن السيارة بدأت تفقد القدرة على التحكم، توقف السائق عن الاقتراب من السيارة وهو يراها تتجه نحو المنحدر والحركة المجنونة تظهر أن قائد السيارة يحاول التحكم فيها أو إيقافها، لكن لم يدرك أن لا مكابح في السيارة، ثواني فقط حتى شاهد السائق السيارة تسقط من المنحدر وصرخات عالية تنطلق منها، وكل ذلك كان يسجله في هاتفه وهناك بسمة واسعة ترتسم على فمه، ثم أرسله لقائده يرفقه بجملة صغيرة ( تم الأمر سيدي )
وبعدها تحرك السائق من المكان بأكمله وهو مازال يستمع لصدى الصرخات تترد في المكان كله .
_________________________
استيقظت لورا وهي تنظر حولها بتعجب، تستشعر النسمات المنعشة التي تصطدم في وجهها، لا تعلم أين مكانها، لكنها تود البقاء هنا للابد، ابتسمت بسمة صغيرة وهي تستوعب بالنظر لما هي فيه، أنها ماتزال في سيارة مايك، تلونت بسمتها بالحسرة وهي تتذكر آخر ما حدث لها في العمل، سقطت دموعها بهدوء ثم مسحت وجهها وهي لا تتخيل ما كانت تفكر فيه، هي كانت على وشك ....
توقفت عن التفكير وهي تستمع لصوت يأتي من خارج السيارة التي كان بابها مفتوح :
" ها أنتِ ذا، لقد نمتِ لساعات يا فتاة "
اعتدلت لورا في جلستها ترتب خصلات شعرها بعدم اهتمام وهي تردد ببساطة :
" ربما كان الحمل ثقيلًا هذه المرة على عقلي"
نظر لها مايك بعدم فهم لكنها لم تهتم وهي تخرج من السيارة، وتتحرك لتجلس على الرمال الباردة أسفلها وهو تحرك ليفعل المثل، جلس مايك جوارها وهو يرمقها بغموض، بينما هي فقط تستمتع بالنظر للبحر أمامها حتى اخرجها صوت مايك من شرودها :
" ما الذي حدث لكِ ؟!"
" طُردت من وظيفتي "
بكل بساطة نطقت تلك العبارة وهي لا تهتم للصدمة التي ارتسمت على وجه مايك، هي حقًا لا تهتم، هي من الأساس لم تكن مغرمة أو شغوفة بعملها؛ لذلك هي ليست حزينة على تركه، بل هي حزينة على خسارتها للشيء الذي ضحت بكل ما تمتلكه لأجله، حزينة لما ستلاقيه من والدتها ووالدها في المنزل .
سقطت دموعها دون أن تبكي بصوت، مما أوجع قلب مايك عليها وهو يقترب منها ف جلسته يقول بصوت حنون :
" لورا ..."
ولم يكمل جملته بسبب صدمته من رأس لورا التي استقرت على كتفه وهي ما تزال تضم قدميها بيديها، تبكي على كتفه خذلان العالم لها، وكأنها لا تصدق أن هناك أخيرًا كتف يستطيع احتواء أحزانها، تهمس من بين صوتها الذي ضعف بسبب كثرة بكائها :
" أنا بائسة، أنا بائسة، أشعر بالوجع يتملك مني، أخشى العودة للمنزل حتى لا اجد جميع أحزاني في انتظاري لتأرق مضجعي "
صمتت وهي تدفن وجهها في كتف مايك تهمس بوجع :
" خسرت الشيء الذي تخليت عن نفسي لاجله، هل هناك من هو أكثر بأسًا مني ؟؟"
رفع مايك يده بهدوء يربت على ظهرها بحنان شديد وهو يضم رأسها له مرددًا :
" أنتِ لستِ فاشلة، بل أنتِ افضل وامهر صحافية رأيتها، لم يجرأ أحدهم على اقتحام مكتبي سابقًا، أو حتى لم يتمكن أحدهم أن يرى وجهي سواكِ، وهذا يثبت كم أنتِ صحافية بارعة "
رفعت لورا رأسها وهي تتحدث من بين شهقاتها :
" أنا لست صحافية حتى مايك، أنا لست صحافية، أنا أعمل بتلك الوظيفة لأجل والدىّ فقط، أنا في الأساس درست علم الحيوان ومن المقرر لي أن أكون باحثة في ذلك المجال، لكن لا لم يسمحا لي بفعل ما أريد"
فتح مايك فمه بصدمة من حديثها، ثم صمت قليلًا وهو يقول بجدية :
" إذن افعليها لأجل نفسك، ليس من المفترض أن يعلما بالأمر، أعني لا اعتقد أنهما يحضران كل يوم للتأكد أنكِ تعملين صحافية "
نظرت له لورا من بين دموعها بعدم فهم، ليوضح مايك حديثه وهو يبتسم لها :
" كوني أنتِ لورا ولا تعبأي بشيء آخر "
صمتت لورا ثواني فقط قبل أن ترتسم بسمة مترددة على فمها وهي تقول بتردد :
" هل تقصد أن...."
" حان الوقت لتنتفض لورا من أسفل أكوام الرماد تلك، لكن قبل أن تفعل عليها أن تثبت شيئًا أخيرًا للجميع، وبعدها لن تهتم سوا لنفسها فقط "
صمت قليلًا ثم أضاف وهو يقرب وجهه منها ببسمة بريئة مصطنعة :
" ولمايك"
رفرفت لورا برموشها في بلاهة، قبل أن تسمع ضحك مايك العالية وهو يضع يده على كتفه :
" لا تقلقي أمر للاهتمام بي سهل للغاية، فالأمر يحتاج فقط لترتيبات وبعض الثياب المثــ..."
" توقف عن هذا "
" عن ماذا يا فتاة ؟! أنا اخبرك كيف تهتمين بي، حسنًا لا بأس سنتحدث به لاحقًا، والآن انهضي سوف ننفذ الخطوة الأخيرة لجعل الجميع يندمون "
نهض مايك وهو ينفض ثيابه من الرمال، ثم أمسك يدها يجذبها له وهي لا تفهم ما يقصد :
" ماذا ....ماذا تعني ؟!"
غمز لها مايك بخبث وهو يقول :
" سوف نستغل اسم مافو يا مليحة الوجه "
_____________________________
" إذن ؟!"
نظر مارسيلو جواره يرمق راسيل بتساؤل، لكن كل ما صدر منها هي زفرة عالية وهي تقول مشيرة للمنزل الكبير أمامها :
" إذن سيد مارسيلو، هل نظل أمام المنزل حتى المساء؟! ألن نتحرك ونتناقش معه ؟!"
" حسنًا كل ما في الأمر أنني حقًا لستُ مستعدًا لاي مقابلة "
نظرت له راسيل بعدم فهم، هل هو خائف ام ماذا ؟! حاولت أن تحيد أفكاره عن تلك النقطة حتى تنتهي من كل هذا وتعود للبلاد وتترك ذلك العمل الذي كاد يودي بحياتها مئات المرات :
" حسنًا سيدي، لا تقلق إن شعرنا أنه لن يــ "
توقفت عن الحديث وهي ترى التفات مارسيلو لها وهو يتشنج بشكل مخيف ويردد بحنق :
" اقلق ؟؟ اقلق من ماذا ؟! يا فتاة أنا لستُ مستعدًا للنقاش، أنا أكثر كسلًا من أن اخوض نقاشًا قد يطول عن خمس دقائق، أعني أنا حتى مجرد التفكير في الأمر يدفعني للملل والتفكير في الرحيل من هنا وليحترق هو ومكتبي "
صمت وهو يطرق مفكرًا تحت صدمة راسيل في حديثه، هل هناك من هو اكثر كسلًا ولا مبالاة في هذه الحياة منه ؟!
" ما رأيك أن اقتله، سيكون اسهل من النقاش معه "
" أنت.... أنت.... أنت، أنت شخص غير معقول، اقسم أن أوصالي بدأت ترتجف من برودتك أنت وليس برودة الجو "
رمقها مارسيلو بعدم اهتمام وهو يتنهد، ثم هبط من السيارة يتحرك ناحية باب المنزل يردد بجدية :
" حسنًا لا تنظري لي هكذا، سوف ادخل للتناقش معه، لكن اقسم إن أستمر الأمر لأكثر من ساعة واحدة، سوف انهض وارحل وليحدث ما يحدث، أنا أملّ هذه الأحاديث السخيفة "
توقف مارسيلو أمام الباب يطرقه بعنف شديد وكأنه أتى لاقتحام المنزل وليس لنقاش ودي للوصول لحل سلمي لتلك المعضلة التي وضع بها مكتبه بسبب كسله وترفعه عن الذهاب المرافعات بنفسه، نظر مارسيلو للمنزل وهو يراه منزلًا متوسط الحجم، لكن تصميمه فريد من نوعه بشكل نال إعجابه ليردد وهو ينظر حوله :
" ذلك المنزل جميل "
نظرت له راسيل بحاجب مرفوع ليقول هو متجاهلًا نظراتها :
" ربما اشتري واحدًا مثله في المستقبل "
قلبت راسيل عينها بملل وهي تنتبه للباب الذي فُتح و الوجه الذي قابلهما وهو يقول بتعجب وصدمة لوجود الاثنين هنا :
" السيد والسيدة فوستاريكي ؟! "
تحفز جسد مارسيلو وهو يراقب ذلك الرجل الذي فتح الباب، ودون مقدمات ضم خصر راسيل بين ذراعيه بقوة وهو يرسم بسمة بلاستيكية على فمه يحي ذلك الرجل الذي قابله صباح اليوم في منزل الجدة وهو نفسه حفيدها :
" لا تخبرني أنك ذلك الحقير صاحب المنزل الرائع هذا "
فتح الرجل عينه بصدمة من حديث مارسيلو، ثم ردد بعدم فهم :
" حقير ؟! ماذا تقصد ؟! هذا منزل عمي الأكبر "
تحدث مارسيلو ببساطة وهو يصحح حديثه السابق :
" إذن عمك هو الحقير "
ولم يكد الرجل يجيب بسبب الصوت الخشن الذي انطلق من خلفه :
" نعم يا عزيزي عمه هو نفسه الحقير الذي تسببت في سجن اخيه بسبب غبائك "
التفت الشاب الذي كان يقف على الباب وهو يردد بصدمة :
" أنت من سجنت عمي الأصغر ؟! "
نظر له مارسيلو بحنق وهو يردد محتجًا على حديثه :
" لا ليس أنا، بل أحد محامي مكتبي، ثم لا تتحدث وكأن عمك ذلك كان قديسًا، هو قتل رجلًا بريئًا كل ذنبه أنه رفض إعطائه بعض المخدرات الإضافية "
فتح الشاب عينه بصدمة من حديث مارسيلو يتشدق بصدمة :
" ماذا ؟! مخدرات ؟!"
سخر منه مارسيلو :
" هذا ما لفت نظرك؟! ماذا عن القتل هل هو أمر عادي ؟!"
التفت الشاب لعمه يتجاهل حديث مارسيلو وهو يقول بجدية :
" هل ما يقوله صحيح ؟! هل عمي فعل ذلك ألم تخبرني أنه تشاجر مع أحدهم بسبب اختلافات بينهما ؟!"
ردد مارسيلو وهو يهز رأسه ببرود :
" نعم هو لم يكذب عليك، فقد اختلفا على كمية المخدرات "
صرخ عمه موبخًا إياه في عنف :
" لا تتدخل في الأمر جيرمي"
التفت بعدما لمارسيلو وهو يقول بحدة وهناك صوتًا يخبره أن يخرج سلاحه ويقتله :
" وأنت ما الذي تريده بمجيئك لمنزلي ؟! "
أخرج مارسيلو شيئًا من جيب بنطاله وهو يعطيه له ثم قال ببسمة صغيرة :
" فقط اردتك أن ترى هذا وبعدها نتحدث، لكن المرة القادمة التي نتحدث بها أنت من ستأتي إلىّ يا سيد "
انتهى مارسيلو من حديثه وهو يسحب يد راسيل ويرحل تاركًا الرجلين أحدهما يرمقه بحيرة وعدم فهم، والآخر يرمقه بشر وتوعد وهو يضغط على الذاكرة الالكترونية التي تتوسط راحة يده .
تحدث مارسيلو وهو يخرج من محيط المنزل :
" عجبًا انتهى الأمر اسرع مما تخيلت ".
تحدثت راسيل وهي لا تفهم شيء مما حدث::
" ما الذي حدث للتو ؟!".
نظر لها مارسيلو بخبث وغموض وهو يردد :
" مجرد قرصة اذن صغيرة حتى يعلم مع من يلعب، وايضًا ليفكر جيدًا قبل أن يرسل من يختطفنا "
شهقت راسيل بصدمة :
" هو من حاول اختطافنا من المطار ؟!".
نظر لها مارسيلو يدعي الاستنكار :
" من تظنين إذن قد يفعل ويحاول اذيتنا؟! "
" لا ادري ظننته مجرد شخص تجمعك به عداوة، خاصة أن صاحب القضية لا يعلم كيف تبدو "
" وهل سيصعب عليه الوصول لشكلي؟! ثم أنا لا امتلك أعدائًا "
صمت ثم أردف بجدية :
" أنتِ تتحدثين مع رجل ابيض كالثلج آنسة راسيل "
اخرجت راسيل صوت ساخر من حلقها وهي تردد بصوت منخفض :
" إن كنت ستأخذ من الثلج أحد صفاته سيد مارسيلو، فهي برودته، غير ذلك لا علاقة لك بالثلج "
______________________________
يقود سيارته كعادته المتهورة، غير مهتمًا لذلك الزحام الذي يتجنبه بشكل جنوني قد يودي بحياة الكثير، يبتسم باتساع وهو ينظر للعلبة أمامه، تلك العلبة التي تحوي دليل براءة رفقة، كان جاكيري يقود وهو يشعر أنه يطير من الفرحة، فقد استيقظ صباحًا بين احضان رفقة على صوت رسالة من مارتن والذي ارسل له فيديو جعله يفتح عينه بعدم تصديق، لقد استطاع مارتن فعلها، رغم إثبات المحضر أن الكاميرات كانت معطلة ذلك الوقت، ها هو ابن عمه يتغلب على نفسه ويحصل على جميع التسجيلات الخاصة بقضية رفقة.
تنهد براحة كبيرة وهو ينظر أمامه يقود نحو المخفر ليلاقي المحامي هناك ويسلمه ذلك الدليل، وبعدها يقدمه المحامي للنيابة ومعه موافقة مسبقة على ذلك التسجيل، الموافقة التي استطاع فبريانو الحصول عليها بمساعدة قائده .
توقف جاكيري بسيارته أمام القسم بشكل غريب حتى أنه كاد يعبر بها الجدار، وبسبب هذا تحرك صوبه عسكري يصرخ بغضب كبير :
" أنت يا أعمى، ايه هتدخل على وكيل النيابة من الحيطة ؟!"
هبط جاكيري من السيارة وهو ينظر للرجل ببسمة واسعة، فهو في هذه اللحظة في أقصى حالاته انتعاشًا؛ لذلك لا يعتقد أن هناك ما قد يزعجه، ابتسم وهو يتحرك نحو العسكري وعانقه بشكل جعل العسكري يفتح عينه بصدمة وهو يستمع لصوت جاكيري الذي خرج وبه لكنة غريبة :
" وه يا بوي "
وبمجرد انتهاء كلمة جاكيري حتى ترك العسكري يقف في مكانه وهو يحدق بصدمة كبيرة في الفراغ الذي تركه، يكرر كلمة جاكيري بعدم فهم، يشعر بالريبة مما حدث، هل ذلك أحد المجانين؟!
تحرك العسكري من مكانه بسرعة يلحق بجاكيري، لكن للاسف كان جاكيري قد اختفى فجأة وكأنه لم يكن، وقف أمام المركز وهو ينظر حوله ليتأكد أن لا أحد انتبه للجنون الذي حدث منذ ثواني .
وفي الداخل كان جاكيري يعطي العلبة للمحامي وهو يقول ببسمة واسعة :
" هل انتهى الأمر هكذا ؟! اصبحت رفقة بريئة ؟!"
ضحك المحامي بسخرية وهو ينظر للعسكري الذي يقف أمام الباب :
" انتهى الأمر؟! نحن لم نبدأ سيد جاكيري، سوف ادخل أنا وارى ما سيحدث وانت ارجوك انتظرني هنا "
وبمجرد انتهاء حديث المحامي حتى تحرك للداخل تاركًا جاكيري يرمق أثره بعدم فهم، ثم تحرك بهدوء يجلس على المقاعد المصطفة على جانب الجدار، يشرد فيما رآه في التسجيل صباحًا، حبيبته الجميلة لكم عانت، يشفق عليها مما رأت، لقد سبق وقصت عليه الأمر، لكن أن يرى بعينه يختلف تمامًا، اغمض عينه وهو يعد نفسه أن يعمل جاهدًا على تعويضها عن كل هذا، فقط يعود معها لبلاده وسوف ينسيها كل هذا .
فجأة فتح جاكيري عينه بأنزعاج وهو يسمع صوت صراخ وبكاء يكاد يصم الآذان، نظر جواره ليجد عدة أناس ملتفين حول شيء ما وهناك من يصرخ بجنون بينهم، تحرك نحوهم بأقدام بطيئة وهو يحاول معرفة ما يحدث، مستغلًا السماعة التي يضعها باذنه ليصل إلى أذنه صراخ وبكاء رجل .
" حسبي الله، حسبي الله، منهم لله "
ورغم أن جاكيري لم يفهم سبب ما يحدث، إلا أن القهر في صوت الرجل اوجعه وبشدة، تحرك أكثر وهو يخترق الجمع ليرى ما يحدث، ليتوقف جسده فوراً وهو يرمق ذلك الجسد الصغير الذي كان ملتفًا ارضًا وجواره الرجل يصيح بقهر وهو يصرخ .
تحرك أحد العساكر ليفسح المكان :
" خلاص وحد الله، وحد الله، كل واحد يروح لحاله "
هكذا هتف العسكري وهو يزيح الأشخاص الذين تحدث أحدهم وهو يضرب كف بكفٍ يردد :
" يا اخي ازاي يجيلهم قلب يعملوا كده في طفلة، الراجل يبلغ عن بنته مختفية وبعد أسابيع يعرف أنها مرمية في خرابة ومتاخد منها كل أعضائها "
ارتجف جسد جاكيري وهو يعود بنظره للرجل الذي كان ينظر بين الفنية والأخرى للجسد المسجى ارضًا ويبكي كطفلٍ صغير :
" منهم لله، حسبي الله ونعم الوكيل"
شعر جاكيري بقلبه يهتز بقوة في مضجعة وهو يتراجع للخلف ينظر نظرة أخيرة للرجل الذي كان العسكري يحاول إقناعه أن جثة ابنته يجب أن تتحرك من هنا.
تحرك جاكيري للخارج بأقدام مرتجفة وهو يتجاهل ما أتى لأجله، يشعر بجسده كله ينتفض رعبًا وذكرى قديمة تعود لرأسه وصوت طفل صغير يبكي مرتعبًا ( لقد فتحوا معدته فبريانو، سوف يفعلون معنا الأمر ذاته، لقد أخذوا كل ما في معدته، لقد رأيتهم اقسم )
تحرك جاكيري صوب السيارة وهو يقودها مبتعدًا عن المكان ويده ترتجف بقوة، يشعر بانفاسه تتقلص شيئًا فشيء وهو يخرج هاتفه يضعه على أذنه ينتظر الرد، ثواني حتى هتف بسرعة ولهفة :
" لقد فعلوها مجددًا فبريانو، لقد فعلوها مجددًا يا اخي "
________________________________
" ما الذي تتحدث عنه آدم، ابعد يدك عني "
اشتد ضغط آدم على تلابيب ثياب صديقه وهو يقول بعين حادة، بينما يده تجذب رفيقه إليه أكثر وأكثر :
" كما سمعت يا صديقي، هل سبق وأن أعطيتك رسالة توصلها لهايز؟!"
نظر له الشاب ثواني قبل أن يهز رأسه بلا في حركة بطيئة جعلت آدم يغضب أكثر وهو يقرب وجهه من صديقة مرددًا بحدة :
" وهل سبق وأن اعطيتها أنت رسالة باسمي ؟!"
ثواني مرت قبل أن يهز الشاب رأسه ببطء وهو ينظر لوجه آدم الذي اسود فجأة، ثم دون مقدمات كانت لكمة آدم تسقطه ارضًا وبعدها انحنى ادم بالقرب منه وهو يهمس له :
" أيها الحقير، تلك كانت الفتاة الوحيدة التي أُعجبت بها، وأنا أخبرتك بهذا لانك صديقي، لا لكي تبعدها عني بهذا الشكل "
كام يتحدث آدم والغضب يتلبسه، يشعر بنيران تتآكله، يتذكر إعجابه الطفيف بتلك الفتاة صاحبة النظرات الذكية واللطيفة والغبية بنفس الوقت، الفتاة التي خشي أن يسقط في حبها فابتعد عنها وأخبر صديقه باعجابه لها، لكن ما لم يتوقعه هو أن يفعل صديقه هذا بها .
" أنت حقير، أنت أكثر شخص حقير قابلته في حياتي "
مسح رفيقه الدماء عن جانب فمه وهو يحاول أن ينهض يهمس من بين أنفاسه المرهقة بسبب الضرب الذي تلقاه من آدم:
" فعلت كل هذا لأجلك "
رمقه آدم بسخرية لاذعة وهو يقول :
" حقًا ؟! لأجلي ؟! هل تمازحني ؟!"
ابتسم صديقة بسخرية وهو يستند على يده ومازال مسطحًا في الأرض :
" أنت كنت جديدًا في الجامعة ادم لا تعلم شيء عن الجميع بها، وتلك الفتاة التي سقطت بعشقها في ذلك الوقت كانت ستكون أكبر خسارة تتلقاها؛ لذلك افتعلت أمر الرسالة لابعدها عنك "
نظر له ادم بعدم فهم لينهض صديقه ببطء وهو يقول مقتربًا من آدم يربت على كتفه :
" صدقني أنت لم تكن لتستطيع أن تتعامل مع ما واجهته الفتاة ذلك الوقت "
" ما الذي حدث لها ؟! "
نظر له صديقه ثواني، ثم هز رأسه بلا شيء وهو يتحدث بجدية :
" لا شيء، فقط انس الأمر، لقد مرت أعوام كثيرة عليه، الآن عش كما تريد رفقة حبيبتك ادم "
نظر له آدم يتابع سيره بعيدًا عنه وهو يشعر بقلبه ينقبض من إشارته لذلك الشيء الذي كان سيجعله يتوجع مع هايز، تحرك ادم مبتعدًا عن ذلك الركن وهو يبحث عن هايز وعينه تحمل اصرارًا لمعرفة ما حدث معها، يود اخذها والرحيل من هنا ومعرفة ما حدث، لكن لم يكد يتحرك من مكانه صوب هايز التي تقف رفقة صديقتها، حتى ارتفع في المكان صوت موسيقى يصدر من جهة الشاشة الكبيرة التي تتوسط الحديقة .
تحركت صديقة هايز وهي تتوسط الحديقة تقول بصوت عالي وسعيد :
" حسنًا بهذه المناسبة قررت أن أجمع بعضًا من ذكرياتنا عن كل شخص تمت دعوته "
أنهت حديثها تستمع تصفيقًا حادًا من الجميع، لكن ادم لم يكن يهتم كثيرًا وهو يتحرك صوب هايز، لكن توقف وهو يستمع تصفير عالي وقد بدأ الفيديو بعرض فيديوهات مختلفة لبعض الاصدقاء والجميع يضحك كلما أتت ذكرى سخيفة لشخصٍ ما، حتى رأى ادم فيديو يخصه وهو يجلس في المكتبة وصديقه يحاول ازعاجه ليبدأ هو في مشاجرته بشكل لطيف وتتعالى ضحكات الاثنين ويتم طردهم من المكتبة، نظر آدم بطرف عينه لصديقه الذي نظر له باعتذار .
ولم يكد يتحرك مرة أخرى حتى ارتفع صوت صرخات وبكاء، ولم تكن الصرخات غريبة على أذنيه، تحركت رأسه بسرعة صوب هايز وقد ظن أن الصرخات قادمة منها، لكن كان جسد هايز متصنم وشاحب كالاموات وانظارها معلقة بالشاشة أمامه، تحرك ببطء ينظر للشاشة وقد صدم مما يرى .
فيديو يعرض صورة لشاب يضحك بشكل مخيف وهو يقترب من هايز التي كانت تجلس في ركن صغير وهي تصرخ وتترجاه أن يبتعد تحاول أن تثبت نظارتها على وجهها المكدوم :
" لا لا ارجوك، أنا لم أفعل لك شيء، ارجوك، دعني وشأني أنا أتوسل إليك ارجوك "
كان جسد آدم متصنم في مكانه وهو يشاهد ما يُعرض أمامه، ويده تشتد ضغطه بلا إرادة منه، يرى هايز تصرخ وتتلوى بثياب مقطوعة بين يدي شاب عُرف في الجامعة بأفعاله الغير أخلاقية ورهاناته السخيفة، صدح صوت الشاب وهو يردد بأسف مصطنع :
" للاسف هايز لا يمكنني ذلك، فقد خسرت الرهان، وهذا هو عقابي، تخيلي أن أُعاقب بقضاء بعض الوقت معكِ، هذا مقرف صحيح ؟!"
بكت هايز وهي تتوسل له أن يدعها، وصوت صراخها يعلو أن يساعدها أحد.
في تلك اللحظة تحرك صديق آدم من مكانه وهو يصرخ في منظم الحفل :
' أنت أيها الحقير اغلق هذا التسجيل، اغلق هذا الأن"
وكذلك فعل المنظم الذي صدُم مما يعرض أمامه، لدرجة أن الصدمة شلته في مكانه.
كانت صديقة هايز تكتم شهقتها بصدمة على ما رأت، لا تعلم من وضع هذا الفيديو هنا، تقسم أنها لم تفعل، بكت بقوة وهي تتحرك صوب هايز تتحدث بخوف عليها :
" هايز...هايز اقسم أنني لا اعلم شيء بشأن ما ..."
توقفت عن الحديث وهي ترى ابتعاد هايز عنها خطوة للخلف، تشير لها ألا تقترب، تحت أنظار مورا التي اتسعت بسمتها وهي تنجح للمرة الثانية في إذلال هايز، بعد أن تسببت المرة الأولى في خسارة الرهان الذي اوصلها لتلك الحالة .
كان آدم يحدق في الجميع بنظرات غامضة، ثم ببساطة تحرك نحو الخارج تاركًا الجميع يحدقوت في أثره بشفقة مما رأى، فكل ذلك حدث قبل أن ينتقل هو لجامعتهم .
راقبت هايز رحيل آدم بأعين مقهورة وهي تحاول كتمان آهة داخلها، لم تكن تتمنى لأحد أن يرى ما حدث لها، يكفيهم أنهم سمعوا عن الأمر فقط أيام الجامعة، لكن أن يروه الآن وكذلك ادم أمر حطمها بقوة .
توقف آدم أمام باب الحديقة ثواني قبل أن يمد يده ويغلقه بكل بساطة وبعدها نظر لصديقة هايز وقال بصوت مخيف :
" اغلقي ذلك الباب "
نظرت له الفتاة من بين دموعها بصدمة قبل أن تتحرك صوبه بسرعة بعد رؤية نظراته وتقف أمام لوحة القفل الخاصة بالباب الرئيسي للحديقة، وبعدها اغلقته بالرقم السري الخاص به .
ابتسم ادم وهو يعود مجددًا حيث الجميع، ثم اتجه صوب هايز وامسك يدها بلطف وهو يجرها خلفه حتى طاولة تترأس الحديقة واجلسها عليها بهدوء وقرب أحد اكواب العصير الموضوعة أمامها وقال ببسمة صغيرة :
" ابقي هنا حبيبتي لحين انتهى من هذا "
همست هايز بقهر ووجع :
' آدم أنا لم....."
انحنى ادم جوار أذنها هامسًا :
" اششش، فقط استمتعي بالعرض "
اعتدل بعدها في وقفته بعد أن طبع قبلة على وجنتها، وهو يحرك يده لظهره يخرج سلاحه الذي يخبأه خلف سترة بذلته يجهزه للاطلاق وهو يقول ببسمة مخيفة :
" والآن دعونا نبدأ الحفلة يا سادة "
________________________________
كان ماركوس يجلس على فراشه وهو يشعر بجسده كله يترجاه للبقاء في المنزل اليوم وأخذ راحة، نفخ بضيق وهو يتقلب في فراشه بملل شديد، يحاول فتح عينه يستحثها للاستيقاظ .
سمع صوت اشعار يصل لهاتفه، جعله يتحرك بكسل شديد لا يدري ما أصابه اليوم، كل ذلك من تحت رأس القصيرة الغبية فيور التي جعلته يطيل السهر مساء أمس وهو يراقبها تلعب لعبتها السخيفة باستخدام هاتفه .
امسك الهاتف ينظر له بملل ونعاس، قبل أن تنقشع غيمة النعاس عن عينه بسرعة وهو يفتح عينه بصدمة يهمس من بين أنفاسه المصدومة :
" فيور أيتها الـ..."
صمت يضغط على شفتيه بصدمة وهو يتحرك من فراشه ينفض المفرش بعيدًا عنه، يتحرك صوب الخارج ودماؤه تغلي غضبًا وقهرًا مما يرى أمامه، اقتحم غرفة فيور بعنف وهو يصرخ صرخة هزت أركان القصر كله :
" فيــــــــــور "
لكن إن ظن أنه بصراخه هذا سيدفعها للنهوض من مكانها فقد أخطأ، حيث أنها لم تتحرك ولو القليل في نومتها الغريبة تلك، وهي تفتح فمها تهمس بعدة كلمات غير واضحة أثناء نومتها .
انقض ماركوس على الفراش الخاص بها وهو يهزها بقوة صارخًا :
" فيور...أيتها الغبية استيقظي، ما الذي فعلتيه بهاتفي ؟!"
تمتمت فيور بحنق من بين نومتها وهي تحاول ابعاد يد ماركوس عنها، لكن ماركوس لم يسمح لها وهو يرفع رأسها بقوة من على وسادتها يهزها بعنف وهو يصرخ :
" استيقظي أيتها الحمقاء واخبريني ما هذه الحماقة التي فعلتيها ؟!'
استدارت فيور في نومتها ولم تهتم بما يحدث حولها، لتشعل بذلك غضب ماركوس الذي ألقى هاتفه بقوة على الفراش وحمل فيور بين يديه وهو يتجه للمرحاض يتمتم بغضب :
" سوف اريكِ أيتها القصيرة الحمقاء اقسم أن اجعلك تتحسرين على نفسك "
انتهى ماركوس من حديثه وهو يضغط بقدمه على الصنبور الخاص بحوض استحمام فيور، وانتظر ثواني فقط قبل أن يلقي بجسد فيور في الحمام بعنف .
انتفضت فيور وهي تشهق بعنف شديد بعد أن شعرت فجأة بمياه باردة تضرب جسدها، لكن ما هي سوى دقيقة فقط حتى اعتاد جسدها على المياه وعادت للنوم مجددًا مما جعل ماركوس يفتح عينه بصدمة وهو ينقض عليها :
" أنتِ أيتها الجثة، استيقظي اللعنة عليكِ "
فتحت فيور عينها وهي تنظر له من بين اجفانها الناعسة :
" ما الذي تريده وكيف تسمح لنفسك باقتحام احلامي يا رجل ؟!"
" اقتحام احلامك؟! اقسم أن أقحم مسدسي لعقلك "
ختم كلماته وهو يرفع جسدها بقوة رغمًا عنها يسحبها للخارج يلقي المنشفة في وجهها لتبدأ هي في تجفيف فمها بحنق، قبل أن تستمع لصوته يردد بصوت لاهث غاضب وهو يرفع هاتفه في وجهها :
" ما هذا؟! "
" هذه صورتك"
" نعم هذه صورتي، وماذا تفعل صورتي على موقع زواج وتعارف ؟!"
نظرت له فيور ثواني قبل أن تضع المنشفة وتربت على الفراش جوارها وهي تتحدث بهدوء كعجوز تخطت الثمانين :
" اجلس هنا يا بني "
" لا يا جدتي لن أجلس حتى افهم سبب وضعك لصورتي على موقع زواج وتعارف ؟! هل تظنيني عجوز بائس ؟! يا فتاة أنا حتى لم اتخطى السابعة والعشرين "
نظرت له فيور بحاجب مرفوع :
" وهل تظن هذا رقم يستهان به، أنت على مشارف الثلاثين يا رجل ولم تحظى في حياتك بعلاقة عاطفية واحدة "
امسك ماركوس تلابيب ثيابها وهو يهتف من بين أسنانه :
" وهل تراني اشتكيت لكِ؟! ما شأنك وعلاقاتي يا فتاة ؟!"
" يا بني أنا أخشى عليك أن تقضي بقية حياتك وحيدًا تعيسًا "
نظر لها ماركوس ثواني قبل أن يقترب منها على حين غرة منها يهمس أمام وجهها وانفاسه تضرب وجهها بشكل جعلها تفتح عينها وهي تبتلع ريقها، تستمع لصوت ماركوس الهادئ الاجش :
" إن وصلت لتلك المرحلة من البؤس، سوف اتخذك شريكة لحياتي عنوة فيور، وسأضطر لمشاركتك يومي وحياتي وقلبي أيضًا، ما رأيك ؟!"
نظرت فيور له وهي تشعر بقلبها يضربها بقوة وكأنه يرقص طربًا مما سمع، كأنه يحثها أن تقول نعم، وقبل أن تفتح فمها شعرت بقبلة صغيرة على خدها وصوت ماركوس يهمس جوار أذنها :
" قلبي هذا لم يشاركني به أحد سابقًا لأنني لم اسمح بهذا، ليس لأنني بائسٌ فيور، هناك فرق صغيرتي "
انتهى ماركوس من حديثه وهو يبتعد بغتة كما اقترب بغتة تاركًا فيور تنظر لرحيله بأنفاس مقطوعة وهي تشعر بالضباب حولها، تستمع لصوت الذي وصل لها قبل أن يغلق الباب :
" هذا آخر تحذير لكِ، توقفي عن لعب دور امي فيور "
راقبت فيور خروجه بانفاسه لاهثة وهي تضع يدها على صدرها تهمس :
" ويلتي كاد قلبي يتوقف قربه، ذلك الحقير يستغل وسامته لاضعافي وتحطيم أهدافي "
_________________________________
خرج انطونيو من المكتب وهو ينفخ بضيق يتحدث في الهاتف مع أحدهم بغيظ :
" ماذا ماركوس ؟! أين أنت؟! "
تحدث ماركوس من الجانب الآخر وهو يحمل في يده كوب قهوته يجلس خلف مقوده، يتحرك بسيارته بسرعة لتجنب غضب انطونيو :
" في الطريق انطونيو، آسف لقد استيقظت متأخرًا "
" حسنًا لا تتأخر فذلك الحقير مارتن لم يأت بعد للعمل ولا اعلم السبب، وانا لدي اجتماع خارجي "
تحدث ماركوس وهو يتابع الطريق بعينه في عدم فهم :
" ماذا تقصد ؟! لقد مر مارتن علىّ قبل رحيله للسؤال عن ذلك الحاسوب، وكان ذلك منذ ساعات طويلة، هذا يعني أنه من المفترض أنه وصل "
تحدث انطونيو بحنق وهو يصعد بسيارته يشير للسائق بالتحرك :
" لا اعلم أين هو ولا اهتم، كل ما أريده أن يأتي أحد للبقاء في الشركة ويدير امورها حتى انتهي من ذلك الاجتماع، ومارتن حسابه معي ثقيل هو وتلك العجوز الغبية "
انتهى انطونيو من حديثه وهو يشير للسائق بالتحرك، بينما هو اندمج في مكالمة أخرى غامضة بكلمات مقتضبة لا تدل على اي شيء :
" نعم أنا الآن في طريقي لهناك، لا فقط ساعة واحدة وأصبح هناك، في انتظارك "
اغلق المكالمة وهو يضع الهاتف جانبًا، ثم شرد خارج النافذة وعينه تلتمع ببريق مرعب، وهناك بسمة صغيرة ترتسم على فمه وهو يردد في نفسه :
" حان الوقت للانتقام "
مرت ساعة تقريبًا، وتوقفت سيارة انطونيو أمام أحد القصور الكبيرة، هبط من السيارة وهو يرتدي نظارته السوداء التي تتلائم مع بذلته السوداء، حتى قميصه اسود، لكن على غير العادة لم يكن مرتديًا رابطة عنق، ابتسم وهو يتحرك داخل القصر دون أن يجرأ أحد على ايقافه، ليس لشيء ولكن لأن رجاله سبقوه لهنا وافسحوا له الطريق، أخرج انطونيو سلاحه يحركه بين أصابعه وهو يدخل للمنزل بعدما تخطى الحديقة .
نظر في جميع الجهات يبحث عن شيء حتى وقعت عينه على إحدى الغرف المغلقة، تحرك صوبها وملامحه تزداد قتامة، توقف أمام الباب ثواني قبل أن يقتحم الغربة متسببًا في انتفاضة ذلك الذي يتوسط مكتبه في الداخل .
" مرحبًا ديفيد "
نظر ديفيد أمامه برعب وهو يرى أن انطونيو فوستاريكي يقف الآن في منزله دون حتى أن يعلم بذلك، نظر حوله وخارجًا يبحث عن رجاله أو أي أحد قد يحتمي خلفه من انطونيو، لكن لا شيء، انطونيو فقط وهو .
ابتسم انطونيو على صدمته يدخل المكتب وهو يقول ببسمة :
" يبدو أن عمل رجالي كان هادئًا لدرجة أنك لم تشعر بالأمر "
نظر له ديفيد بجهل وهو يراقب تحرك انطونيو حتى المقعد الذي يقبع أمام المكتب يضع مسدسه على طاولة المكتب وهو يقول ببسمة صغيرة :
" ارجو ألا تكون زيارتي ثقيلة عليك سيد ديفيد، لكن هناك حساب صغير نحتاج لتصفيته "
سقط قلب ديفيد وهو يتخيل أن روما الحمقاء أخبرته بكل شيء، لكن حديث انطونيو التالي جعله يبتسم بسخرية :
" ألا ترى أن أمر تسميم زوجتي أمر وقح سيد ديفيد ؟!"
ابتسم ديفيد وهو يعود بظهره للخلف يقول ببرود :
" نعم هو أمر وقح، لكن سيد انطونيو هي لم تكن مقصودة بذلك، بل كتن أنت المقصود "
رفع انطونيو حاجبه ثم قال بمزاح مخيف :
" نعم هذا يحسن موقفك قليلًا في عيني "
هز ديفيد كتفه بمعنى لا بأس ثم أضاف :
" ألا تظن أن تكبدك العناء ومجيئك حتى منزلي لأجل امرأة كـ روما مضيعة للوقت ؟!"
وبجملته الصغير تلك استطاع ديفيد انتزاع فتيل غضب انطونيو الذي حمل المطفأة أمامه وألقى بها في وجهه بعنف جعل الاخير يصرخ بجنون وهو يمسك عينه التي شعر بها تنفجر من قوة الضربة وصوت انطونيو يصل له مخيفًا :
" أنت هكذا لا تساعد نفسك "
رفع ديفيد عينه التي لم تصاب وهو يهمس بغل وغضب شديد :
" لا تغضب هكذا، فصدقني تلك المرأة لا تستحق ما تفعله، تلك المرأة التي اتيت لهنا فقط لأجل الانتقام لها،ةهي نفسها من بــ "
ولم يكمل كلمته بسبب الرصاصة التي أصابت ذراعه ليطلق على إثرها صرخات هزت القصر كله وصوت انطونيو خرج غاضبًا وهو يهمس بفحيح :
" زوجتي خط احمر، بل خطوط حمراء، لا أحد يتخطاها، ومن يفعل سيلقى مني ما لا يسره "
نهض ديفيد من مكتبه وهو يصرخ بألم، ثم قال بعنف ملقيًا حديثه النابع من رغبته في الانتقام :
" زوجتك تلك يا سيد هي من تعاونت معي لتدمير عائلتك "
فتح انطونيو عينه بشكل مخيف جعل ديفيد يبتسم بتشفي وهو يراقبه قد تخلى أخيرًا عن عرشه، يقف جوار المكتب وهو يقول بصوت مخيف :
" ما الذي تقصده ؟!"
" آسف هل جرحتك ؟! لكن تلك هي الحقيقة وانا لا يهون علىّ تركك لمثل تلك المخادعة، زوجتك البارحة هي من سمحت لرجالي بدخول منزلك يا سيد، وهي نفسها من سمحت لي بفعل ما أريده بمنزل "
صمت ثم قال بخبث :
" صحيح كيف حال ابن عمك "
نظر له انطونيو نظرات سوداء ليكمل ديفيد بصوت خبيث مخيف :
" مارتن فوستاريكي......... "