رواية ضد الزمن الجزء الثاني (المتناقض) الفصل الخامس عشر 15 بقلم حازم الباشا


رواية ضد الزمن الجزء الثاني (المتناقض) الفصل الخامس عشر  بقلم حازم الباشا 


كنا قد تركنا المشهد المتجمد ، بعد ان تلقى سعيد صفعه قويه من هبه ، التي خرجت باكيه من غرفة الطواريء 


لينضم سعيد الى صديقه امجد ، في قائمه المصفوعين حديثا !!!


وما ان خرجت هبه ، حتى تبعتها زيتا ، تاركين كلا من امجد وسعيد وقد وضعوا ايديهم على اصداغهم غير مصدقين لما قد حدث منذ لحظات بسيطه !!!


بينما انتابت ادهم موجه ضحك عارمه ، كان قد فشل في منع انفجارها


 الا ان عدوى تلك الموجه ، قد اصابت كلا من امجد وسعيد 


فانفجر الجميع في حاله من الضحك الهيستيري !!!

وانتهى المشهد ... بأن خرج امجد ليلحق بزيتا ، بينما اضطر ادهم الى تضميد جراح سعيد بنفسه


وفي اثناء ذلك ، دار بينهما الحوار التالي ... 


ادهم : 

بص يا سعيد 

القلم اللي خده امجد 

كان منطقي الى حد ما

انما القلم اللي لسعتهولك 

الاخت هبه 

ده كان تصرف غريب جدا !!!


رد سعيد باقتضاب :

ما غريب الا الشيطان يا دكتور


تعمد ادهم اغاظه سعيد ، فقال وهو يتحسس موضع اصابع هبه على صدغ سعيد :

ما شاء الله 

وشك نوور يا سعيد

الله اكبر

خساره اننا ما صورناش اللقطه دي 


فطن سعيد الى محاوله ادهم لاستفزازه ، فأبتسم ليفسد على ادهم متعته ، وقال بصوت هاديء :

ضرب الحبيب 

زي اكل الزبيب 

وانا بموت في الزبيب يا دكتور 


رد ادهم بابتسامه خبيثه :

اوووووبا

ده الموضوع طلع كبير

وفيه حب وغراميات

طب ما تحكي يا عم

والا انت بتكسف 


رد سعيد بابتسامه اكثر سخريه :

في دي عندك حق 

انا فعلا شاب خجول 

بس انت خلاص 

ما بقتش غريب 

فانا هاحكيلك 

بس اظبط لنا القعده الاول


رد ادهم باندهاش : 

اظبطها ازاي يعني 


سعيد بحماس :

اطلبلنا اتنين كيلو كباب على كفته 

وطاجن عكاوي

وتلات اطباق شربه كوارع


رد ادهم :

وطبق الشوربه التالت ده لمين ؟؟؟


سعيد مبتسما :

التلات اطباق شوربه 

دول ليا انا لوحدي يا دكتور !!!


رد ادهم بسخريه :

وبالنسبه للحلو 

سعادتك تؤمر بإيه 


سعيد وهو يفكر بعمق :

ممكن طبق بسبوسه بالقشطه

ولا اقولك

بلاش 

عشان ما ابوظش الدايت بتاعي


ثم تنهد بقوه وقال :

اههههه يا هبه 

عارف يا دكتور

انا وهبه كنا بنحب بعض

ومتفقين على الجواز 

ده احنا حتى كنا متفقين نجيب ٦ عيال 

واول عيل هنسميه " أوس "


رد ادهم باندهاش :

أوس !!!

اسم جديد وغريب


سعيد بحماس :

جديد ايه يا دكتور 

ده اسم من ايام سيدنا النبي 


ابتسم ادهم وقال :

ااااااه

انت قصدك " أنس "

على اسم سيدنا " أنس ابن مالك "


قاطعه سعيد :

لا يا دكتور 

انا قصدي " أوس ابن الخزرج " 

ده كان من الصحابه بتوع سيدنا النبي 

والنبي كان بيحبه اوي 


رد ادهم :

انا منبهر بثقافتك الواسعه دي 

بس وعهد الله يا سعيد

لو قلت نص كلمه تاني عن الدين 

هاجيب بكره بلاستر 

والفها على بوقك 


رد سعيد :

تمام اوي 

اقفل بوقي براحتك

وابقى اخللي حد يحكيلك بقا

حكايتي مع هبه !!!


تراجع ادهم ، وقال مداعبا سعيد :

يا عم انا بهزر معاك 

ويلا بقا احكيلي القصه 

من اولها


لمعت عينا سعيد ، وقد بدأ يستعيد ذكرى اول لقاء جمعه مع هبه ، واندفع يحكي لأدهم تفاصيل ذلك المشهد 


------------------------ء


بدأت قصه سعيد وهبه منذ اكثر من عام 


ففي احدى الليالي ... 


كان سعيد يقضي سهرته ، في احد الملاهي الليله الفاخره 

والذي بالمصادفه ، كان نفس الملهى حيث ترقص "سحر" ، اخت هبه الكبرى !!!


وفي تلك الليله ، حضرتك هبه الى الملهى ، لتقترض من اختها بعض النقود ، لشراء بعض المراجع الطبيه


وجلست على احدى الطاولات الجانبيه ، تنتظر انتهاء اختها من تقديم فقرتها الراقصه 


وما ان لمحها سعيد حتى صاح فيها بصوت مجلجل : 

انتي يا بت 

تعالي هنا 


اقتربت هبه وهي ترتعد ، وقالت بصوت متحشرج :

حضرتك بتكلمني انا ؟؟؟


رد سعيد :

لا بكلم الحيطه اللي وراكي 

ايوه بكلمك انتي 

هو انتوا خلاص ما بقاش عندكوا ريحه الدم

مفيش نقطه خشا من ربنا 

زاد ارتباك هبه ، وقالت بصوت يكاد لا يسمع من شده خوفها :

اقسم بالله انا ما فاهمه اي حاجه

ولا عملت اي حاجه 


قاطعها سعيد :

ايه الفجور اللي انتوا فيه ده 

لابسه حجاب !!! 

ما طول عمركوا بتلبسوا ممرضه 

او ظابط 

او حتى تلميذه في المدرسه

انما توصل للتريقه على الدين 

ده مش هاسمح بيه ابدا


ردت هبه ومازال الرعب يملاء قلبها :

ماله لبسي بس 

انا مش فاهمه 

ايه اللي مضايق حضرتك بس 


صرخ سعيد في وجه هبه :

غوري يا بت 

اقلعي اللبس الطاهر ده

والا ورحمه ابويا 

هاقوم أفلقك نصين 


لم يكن هناك احد يجروء على التدخل ، ومواجهة سعيد 


فكل رواد ذلك الملهى يعرفون جيدا ، من هو سعيد ديدا ، ويعرفون ما هو قادر على فعله !!!


الا ان احدى الساقطات ، والتي كانت بالمصادفه ترتدي زي ممرضه !!!


قد رق قلبها ، عندما رأت دموع هبه المتلاحقه ، وقررت ان تنقذها من براثن سعيد


فتدخلت ، وهي تزيح هبه ، وتخاطب سعيد بكل ميوعه : 

جرا ايه يا سعيد باشا 

مين اللي معكر مزاج البرنس بتاعنا

البت دي مش شغاله هنا اصلا

دي اخت سحر الراقصه

شعر سعيد وكأن سطلا من الماء المثلج قد القي فوق رأسه 


فأزاح الساقطه جانبا ، وقال بصوت هاديء مخاطبا هبه :


انا اسف يا عروسه

انا كنت فاكرك 

واحده من البنات اللي شغالين هنا

وكنت ....


وقبل ان يتم سعيد عبارته ، كانت هبه قد استدارت ، واندفعت تركض حتى خرجت من الملهى !!!


تابعها سعيد بعينيه ، وهو ينادي عليها :

انتي يا بت 

ردي عليا 

يا بت

يا سخامه البرك 


وظل سعيد يصيح ، وهو يسير خلف هبه ، حتى خرج هو الاخر من من الملهى 

وتسارعت خطواته حتى لحق بهبه وقطع عليها الطريق 


وقبل ان ينطق حرفا ، شاهد ملامحها الجميله ، وقد غمرتها دموع غزيره ، لدرجه انها سالت على وشاحها وملابسها !!!


فامسكها برفق من ذراعها وقال بكل تأثر :

ورب الكعبه انا بقره

جحش

وبغل

سايق عليكي النبي تسامحيني


نظرت اليه هبه بكل استياء ، وقالت بصوت ممزوج بالبكاء :

حسبي الله ونعم الوكيل

فيك يا شيخ

ربنا ينتقم منك 


زاد احساس سعيد بالندم ، وقال متوسلا :

اقسم بالله انك لو ما سمحتينيش 

فانا عمري ما هسامح نفسي

ما تشيلينيش ذنبك بقا يا انسه 


ردت هبه بنفس الاستياء :

هو اللي زيك بيحس اصلا !!!

طب يا سيدي 

انا مش مسامحاك 

ولا عمري هاسمحك

وربنا يأخدك انت وامثالك


اندهش سعيد من كل هذا الكم من الغضب والالم الذي سببه لهبه !!!


فعبر الى منتصف الطريق ، ووقف في مواجهه السيارات القادمه ، وقد كان من سوء حظه ان هذا الطريق ، هو طريقا سريعا !!!


صاح سعيد بصوته الجهور :

قسما برب العزه 

انا مش هاتحرك من مكاني ده

الا لما تسامحيني

او 

ربنا ينتقم مني 

عشان ترتاحي !!!


رمقته هبه بنظره مستهزئه ، ثم استدارت ، واكملت سيرها !!!


وما هي الا لحظات قليله ...


حتى دوى في المكان صوت ازيز فرامل احدى السيارات المسرعه !!!


فالتفت هبه بسرعه نحو مصدر الصوت ، لتجد جسد سعيد طائرا في الفضاء ، قبل ان يعود ليرتطم بعنف في الارض ، وقد سالت الدماء من كل موضع بجسده !!!


هرولت هبه في اتجاه سعيد وصاحت بفزع :

ايه اللي انت عملته ده 

الله يخرب بيت سنينك


رد سعيد وهو مبتسم :

برضو بتدعي عليا 

ابو ام لسانك ده يا شيخه


قالت هبه بصوت متلهف :

انت كويس طيب !!


سعيد مبتسما :

مسمحاني الاول 


ردت هبه بصوت حنون :

مسمحاك يا زفت

بس رد عليا 

حاسس بإيه ؟؟


رد سعيد محاولا ان يستند على هبه لينهض :

لا يا هبه 

انا مش كويس 

انا جعان 

جعااااان 


اسندته هبه لينهض ، وقالت وهى تبتسم :

ده وقت هزار 

يا حلوف انت

عشان تصدقني 

لما قلت لك

انك ما بتحسش 


في تلك الاثناء ... 


كان الماره قد امسكوا بسائق الشاحنه التي دهست سعيد


فاقترب منهم ببطء ، وهو يتكئ على كتف هبه ، ثم قال بصوته الجهور مخاطبا السائق المسكين :

انت اسمك ايه ياض ؟


رد السائق بذعر واضح وبلكنه شاميه :

اوس

اسمي اوس 

والله العظيم ما شفتك

الله يخلي لك المدام 

ما تتصل بالشرطه


رد سعيد وقد تحولت ملامحه الى قمه السعاده :

هي لسه ما بقتش المدام

بس انت قدم المشيئه

وعهد الله لو تم المراد 

هاسمي اول عيل اجيبه منها 

اوس 

على اسمك

وجميلك ده عمري ما هانساولك ابدا

روح يا شيخ

ربنا يستر طريقك


وفي لمح البصر كان السائق قد اختفى من امام سعيد وهو يكبر ويهلل ويدعوا له بالزواج السعيد من هبه


بينما تبدل لون وجه هبه من القمحي الى الاحمر القاني ، وقد اخرسها الخجل 


فانتهز سعيد الفرصه ، وقال :

ما تيجي نحتفل بالمناسبه السعيده دي 

واعزمك على اكله فشه وكرشه 

عندنا في السيده


ردت هبه وهي تمنع نفسها من الابتسام:

هو ده اخرك !!

فشه وكرشه !!

بس اقولك على حاجه 

انا فعلا هاموت من الجوع


وبالفعل ، استقل الاثنان سياره سعيد ، وذهبا الى مطعم شعبي ، في قلب السيده زينب 


لتكتشف هبه ... ذلك الجانب المشرق من شخصيه سعيد 


فالكل يحبه ويحترمه ، وقد عاملوها باحترام وحب ، لم تشهده قط في كل حياتها السابقه


وتكتشف ايضا ...


انها اول فتاه يقدمها سعيد الى اهل منطقته ، وقد شعرت في اعماقها 


انها ايضا ستكون الاخيره !!!

الفصل السادس عشر من هنا


تعليقات



×