رواية ضد الزمن الجزء الثاني (المتناقض) الفصل الرابع عشر 14 بقلم حازم الباشا



 رواية ضد الزمن الجزء الثاني (المتناقض) الفصل الرابع عشر  بقلم حازم الباشا 


انطلق امجد نحو نقطه التجمع ، التي قد تم الاتفاق عليها في قلب احدى المناطق الصناعيه المهجوره بأطراف القاهره 


والتي تقع على بعد امتار قليله من مكان احتجاز زيتا 


ووصل امجد قبل الموعد المحدد بدقائق ، وقد كانت المنطقه خاويه تماما 


حيث عم ظلام دامس ، وسكون لا يقطعه الا نباح بعض الكلاب الضاله 


وبعد دقائق ...


وصل ادهم ، وقد بدا عليه بعض التوتر ، فحاول امجد ان يخترق عقله ، بحثا عن تفسير لما يقلقه ، لكنه فشل !!!


فاضطر امجد لسؤاله بشكل مباشر : 

في ايه يا ادهم ؟؟

مالك متوتر كدا ليه

انا حاولت ادخل دماغك 

عشان اعرف فيك ايه

بس كالعاده 

ما وصلتش لاي حاجه

وده معناه 

انك شفت حاجه تخصني انا !!!


رد ادهم بهدوء ، محاولا اخفاء توتره :

يا ابني احنا داخلين مواجهه مسلحه

عادي اني اتوتر 


التقط امجد فكره كان قد استخرجها من عقل ادهم ، فصاح مهللا ، وهو يتطلع للدبله التي تلمع في اصابع صديقه :

الف الف مبروك يا دكتور 

ربنا يتمم لكم على كل خير

ريم دي بنت حلال 

وبتحبك اوي 


رد ادهم بابتسامه واسعه :

عقبالك يا امجد 

انت وزيتا 

بس نخرج على خير الليله 

وانا هاعملكم 

احلى فرح في العالم


وقبل ان يرد امجد على ادهم .... 


كانت سياره سعيد ديدا ، تلك الجيب العملاقه ، قد وصلت في مشهد مهيب !!!


فوقف كلا من امجد وادهم يطالعان للسياره بانبهار شديد


وقد بدت سياره سعيد ، وكأنها قطعه حربيه عملاقه ، وقد كساها ذلك اللون الاخضر المموه 


الذي يطابق الوان زي جنود فرق الصاعقه المصريه !!!


لكن سرعان ما انطفأت تلك الهيبه !!! 

وزال ذلك الانبهار !!! 


وذلك مجرد ان فتح سعيد باب سيارته ، ووطأت قدماه الارض !!!


فقد كان سعيد يرتدي فانله قطنيه واسعه ، وشورت رياضي ابيض ، اقرب ما يكون للكلسون الصعيدي التقليدي

وقد انتعل في قدميه شبشبا !!!


ومما زاد من فكاهه المشهد !!!

ان سعيد كان يحمل بيده ، كيسا بلاستيكيا شفافا ، تظهر بداخله زجاجه زيت طعام وسكينا صغيرا !!!


اقترب سعيد من صديقيه بخطوات يملاءها زهو غير مبرر ، وناول كل منهما سلاحا ناريا صغيرا 


ثم قال وقد ارتسمت على وجهه ابتسامه عريضه : 

مساء الفل يا رجاله 

جاهزين للطلعه ؟


لم يتمالك ادهم غيظه ، فصاح بإنفعال :

ايه اللي انت لابسه ده يا سعيد

احنا داخلين على اقتحام 

مش رايحيين القناطر الخيريه !!!


ثم التفت مخاطبا امجد :

هو انت طلبت من سعيد 

يتنكر في لبس شحات !!!


رد سعيد على سخريه ادهم ، وهو مازال محتفظا بابتسامته البارده :

ده على اساس انك لابس واقي رصاص 

ولافح على كتفك مدفع !!!


سكت سعيد للحظات ، ليمنح امجد فرصه لانهاء تلك الضحكه العاليه التي انفجرت منه 


ثم استطرد سعيد ، وهو مازال محتفظا بنفس الابتسامه العريضه :

يا عم ادهم 

انت ببدلتك دي 

ناقصلك حزمة ورد

وعلبه شوكولاطه

وندخل نقرا فاتحه 

ونلبس دبل 


لم يعقب ادهم على ما قاله سعيد ، بل مد يده والتقط ذلك الكيس البلاستيكي من يد سعيد ، وقال بتهكم :

وايه ده اللي انت ماسكه في ايدك !!!

زيت وسكينه مطبخ !!!

انت داخل تطبخ يا سعيد ؟؟؟

انت عاوز تجيبلي جلطه !!!


رد سعيد بنفس النبره التهكميه :

بعد الشر عليك يا دكتور 

بس حاسب يا نجم 

انا في الطبيخ ما اقولكش 

حاجه فوق النمره واحد

تخلص بس الطلعه دي 

وهادوقك يا دكتور صينيه مسقعه 

هتحلف بشرفها طول عمرك 


وقبل ان يرد ادهم ، تدخل امجد ليقطع ذلك الحوار الساخر بصوت منفعل :

ينفع نأجل الوصله الكوميديه دي 

لحد ما نطلع زيتا من هنا !!!


هنا سكت الجميع للحظه ...


فاسطرد امجد :

انا هاخش اتعامل مع الحارس 

اللي على البوابه 

وانتو تدخلوا ورايا

مجرد ما اديكو الاشاره 

ان البوابه تمام


قال ذلك ، وقد هم بالاقتراب من بوابه ذلك المخزن 


الا ان ادهم اوقفه ، ثم نظر الى ساعته ، وقال : 

لحظه يا امجد 

استنى لما العربيه اللي واقفه هناك دي تتحرك 


وبالفعل في غضون لحظات قليله ...

كان مجموعه من افراد العصابه قد استقلوا تلك السياره ، وانطلقوا مبتعدين عن الموقع !!!


بعدها صاح ادهم : 

اتحرك دلوقتي يا امجد 


تقدم امجد بهدوء من الرجل الواقف على البوابه ، وها ان لمحه الرجل ، حتى رفع سلاحه وصاح بصوت غليظ : 

اقف مكانك !!!

انت مين ؟؟

وعاوز ايه ؟؟


تقدم امجد ببطء شديد ، ثم رد امجد هدوء : 

انا جاي ابلغك 

ان اللي انت خايف منه 

للاسف حصل !!!


رد الرجل وقد ارتسمت على وجهه ملامح الذعر :

انت تقصد ايه 

اتكلم يا بني ادم 


رد امجد وهو يتصنع الانفعال :

شد حيلك 

البقاء لله 

الحاج توفى 

اشرف اخوك لسه مكلمني حالا

لان تليفونك مقفول 


القى الرجل سلاحه ، وخر على الارض باكيا 


فسارعه امجد بلكمه قويه على مؤخره رأسه ، فغاب عن الوعي 


-----------------------ء


كان كل ذلك مجرد خدعه من امجد 


حيث باغت امجد ذلك الرجل بتلك الجمله التي ايقظت اكبر مخاوفه 


فاستطاع امجد ان يتوغل داخل عقله ، وعرف انه قد ترك والده على فراش الموت ، ومن ثم استطاع ان يتعامل معه كما رأينا الان


---------------------ء


سارع امجد بالتلويح لصديقيه ، فقد تم تأمين دخولهما الى المخزن 


وبذلك ينتهي دور امجد الرئيسي ، ويبدا دور سعيد ديدا !!!


تقدم سعيد من البوابه ، يتبعه صديقاه وكل منهما حاملا سلاحه 


وكان سعيد قد نزع فانلته ، وسكب على جسده زجاجه الزيت ، التي جعلت جسده لزجا ، لدرجه تجعل من الصعب الامساك به !!!


وما ان دخل سعيد الى المخزن ، حتى صاح بصوت جهور : 

سلاموووو عليكووووو

احنا جايين ناخد البت اللي انتو خطفتوها

ونتوكل على الله

ووعد مني يا رجاله 

مش هأذى اي حد فيكو 


كان الموقف بعيدا عن اي منطق ، فثلاثه رجال يقفون في مواجه تسعه مجرمين مدججين بالسلاح 


قد كانت تلك المعركه محسومه من قبل ان تبدأ !!!


الا ان شيئا عجيبا ، وغير متوقعا قد حدث !!!


فلقد اندفع رجلان من العصابه باتجاه سعيد ، وهما يهللان بفرحه عارمه : 

سعيد ديدا 

انت فين يا راجل 

نورت المخزن يا زعيم 


احتضن سعيد الرجلان ، بينما وقف باقي افراد العصابه وهم في حاله ذهول ، وقد بدأ بعضهم يهمس بصوت منخفض :

هو ده فعلا سعيد ديدا !!!


وبينما كان سعيد يصافح الرجلان ، استل احد افراد العصابه سلاحه وصوبه باتجاه رأس سعيد


لمح امجد ذلك القناص ، فصاح بصوت عالي :

خد بالك يا سعيد 


وفي لمح البصر ... 


كان سعيد قد تحرك من مكانه ، واشهر سلاحه ، واطلق النار مستهدفا ساق الرجل ، الذي انكب على الارض قبل ان يضغط زناد سلاحه


كانت تلك الحركه البهلوانيه ، وذلك التصويب بالغ الدقه كافيين ، لان يتأكد الجميع ، أن من يقف امامهم هو بالفعل ... سعيد ديدا !!!


فالقى الجميع اسلحتهم ، ورفعوا ايديهم للاعلى ، معلنين عن استسلامهم


فلم يكن هناك اي احد يجرؤ على مواجهة سعيد ديدا وهو حاملا سلاحه 


فهو الاسرع والادق تصويبا ، والاكثر جراءه من بين كل المجرمين !!!


انتهت تلك المواجهه سريعا ، فصاح امجد : 

فين زيتا 

مخبينها فين 


تدخل ادهم قائلا : 

انا عارف هي فين


وعلى الفور تحرك ادهم يتبعه امجد ، وصعدا الى احدى الغرف في اعلى سطح المخزن 


حيث كانت زيتا مكممة الفم ، ومقيده على احد الكراسي 


فأسرع الاثنان بفك وثاقها ، وكمامه فمها ، وهي تبكي وتهمهم بلغه غير مفهومه 


وما ان تحررت زيتا ، حتى القت بنفسها في حضن (ادهم) !!!!!!!


ثم قالت بصوت باكي :

شكرا ادهم 

انا كنت واثقه 

انك تيجي تنقذني 


اندهش الاثنان من ردة فعل زيتا الغريبه !!!!!

خصوصا انها لم تلتقي ابدا بأدهم !!!!!


 الا ان صدمة امجد كانت اقوى ، فقد اختلطت دهشته مع احساس عميق بالغيره !!!


لدرجه ان احساسه بالغيره ، قد اشعل رأسه ، مما افقده القدره على التوغل داخل رأس ادهم ، او حتى رأس زيتا !!!


اما ادهم ، فقد رفع يديه عاليا ، وكأنه يقول لأمجد ... (( انا بريء ، وماليش دعوه بالهبل اللي بتعمله حبيبتك ))


تجمد المشهد للحظات ... 


كتم امجد غيظه ، وخرج من الغرفه ، تاركا ادهم يحاول ازاحه زيتا بلطف من بين ذراعيه 


ثم اعطاها منديلا وهو يحاورها بلطف : 

انت ليه عملتي كده يا زيتا 

امجد اكيد اتضايق من تصرفك ده


ردت زيتا بصوت مختنق : 

انا مش طلبت منه ييجي ينقذني

خلاص انا مش عاوز اشوف رجل ده

ومش عاوز اعرفه تاني

انا اليوم راجعه بلدي !!!


---------------------ء


في تلك الاثناء ...


كان امجد قد نزل الى ساحه المخزن 


ليجد ان معركه بالايدي قد اوشكت على الانتهاء بين سعيد ، وافراد العصابه !!!


حيث كان معظمهم قد افترش الارض ، وهم في حالة اعياء شديد ، من جراء لكمات سعيد القويه 


فسارع امجد لنجدة صديقه ، وقد استل سلاحه واطلق منه عيارا في الهواء 


فما كان من الرجلين المتبقين ، الا ان لاذا بالفرار !!!


اقترب امجد من سعيد ، وقال بازعاج واضح :

هو ايه اللي حصل يا سعيد

احنا سبناك مع الاتنين صحابك 

وباقي العيال رموا سلاحهم 

والموضوع كان خلاص خلص !!!

هببت ايه يا اذكى اخواتك  

بعد ما طلعنا نجيب زيتا ؟؟؟


رد سعيد بصوت واضح عليه الاعياء :

ابدا يا كبير

كان لازم اعلم على العيال دي 

عشان الكل يعرف 

مين هو سعيد ديدا 

فلميت السلاح كله ورميته

ورجعت لهم تاني 

وقلت لهم اللي امه جابت راجل 

ييجي يوريني نفسه 


قاطعه امجد :

فالح اوي 

مكنش له لزوم تعمل فيها "فان دام"

اهم شلفطوا لك وشك 


كان وجه سعيد منتفخا من الضربات التي تلقاها ، وقد شجت رأسه ، وسال منها الدماء


في تلك اللحظه ...


 كان ادهم قد نزل وبصحبته زيتا ، ثم انطلق جميعهم الى المستشفى ، لعمل ما يلزم من اسعافات للفالح ... سعيد ديدا


الا ان زيتا قد رفضت ان تركب بصحبه امجد ، واستقلت سياره ادهم 


------------------------ء


وصل الجميع الى المستشفى ، التي كانت شبه خاويه من الاطباء 


وصعدوا الى غرفه استقبال الطواريء 


حيث قام امجد باستدعاء "هبه" لتقوم بعمل الاسعافات اللازمه ل "سعيد"


وفي تلك الاثناء ....


حاول ادهم تلطيف الاجواء بين امجد وزيتا 


فطلب من امجد ان يفحص زيتا ، ويتاكد من انها بخير  


الا ان الاخير رفض ، وقال بصوت عالي : 

افحصها انت يا ادهم

دي واحده مهندهاش دم 

انا كنت بخاطر بحياتي عشانها

وهي كل اللي في دماغها

انها تغيظني بيك 

بجد دي ما شافتش بربع جنيه تربيه 


وفي رد فعل غير متوقع !!!


نهضت زيتا من مكانها ، وقد طفح بها الكيل من اهانات امجد 


ووقفت في مواجهة امجد ، وكل علامات الغضب تقفذ من وجهها ، ثم صاحت بصوت عالي :

انا متربي احسن منك مستر امجد

من اليوم مفيش "زفته"

مفيش خدامه

انا بس اطمن على مستر سعيد واشكره

بعدها ارجع بلدي 


انصدم امجد من رده فعل زيتا ، وصاح فيها :

انتي اكيد اتجننتي 

اتلمي يا زفته 

بدل ما امسكك 

اكسر عضمك دلوقتي 


في تلك اللحظه ...

كان رد فعل زيتا فعلا غير متوقعا بالمره !!!


فقد انفجرت بالبكاء ، وقامت بصفع امجد صفعه قويه على وجهه 


كانت تلك الصفعه كفيله بأن يتجمد امجد في مكانه 


وليس امجد فقط من تجمد ، بل كل من كان بداخل تلك الغرفه !!!


لم يقطع هذه الحاله من التجمد ، سوا دخول هبه الى الغرفه ، وهي تقول بنبره رقيقه :

مساء الخير 

تحت امرك يا دكتور امجد 

فين الحاله اللي حضرتك عااااا....... !!!


وفجأه انخرس صوتها !!!


ثم اندفعت في اتجاه سعيد ، وقد تبدلت ملامحها من الابتسامه اللطيفه ، الى الغضب الحاد !!!


حيث رمقته بنظره احتقار واضحه ، وقالت باشمئزاز : 

سعيد !!!

انت بتعمل ايه هنا يا حيوان يا زباله 


رد سعيد بتلعثم : 

انا مش سعيد 

انا حزين 

اصبري بس افهمك الموضوووو ........ !!!


وقبل ان يتم سعيد عبارته ، كان قد تلقى صفعه قويه على وجهه 


اعقبها وابل من الشتائم اللازعه ، كانت هبه تهمهم بها قبل ان تخرج من الغرفه ، وقد انهمرت دموعها بغزاره 


ليلحق سعيد بصديقه امجد ، وينضم الى قائمه المصفوعين حديثا !!!

الفصل الخامس عشر من هنا


تعليقات



×