رواية سلسلة حكايات رمضان (مرحلة الياس في العلاقات) الحلقة الثالثة عشر 13 بقلم هاجر نور الدين


 رواية سلسلة حكايات رمضان (مرحلة الياس في العلاقات) الحلقة الثالثة عشر

_ حسن مستحيل يعمل حاجة زي دي، إنت شكلك مجنون!

قولتها بعصبية وإنفعال لـ فارس اللي بيقول حاجة من سابع المستحيلات إني أصدقها على حسن، جالي ردهُ الغير مُبالي وقال:

= والله بكرا هتشوفي بنفسك يا هايا، الڤديوهات معايا صوت وصورة كمان، وأكيد إنتِ عارفة شكلهُ وطريقتهُ يعني.

فضلت آخد نفسي بشكل ملحوظ وبصوت عالي وأنا بحاول أهدي أعصابي بدل ما يغمى عليا في الشارع، لحد ما جالي صوت فارس وهو قلقان وبيقول:

= هايا إنتِ كويسة؟

قولت بصوت واهن وضعيف:

_ كويسة يا فارس إقفل دلوقتي.

قفلت المكالمة من غير ما أسمع ردهُ وروحت البيت مشيّ وأنا عقلي مش هادي إطلاقًا عن التفكير والقلق في اللي سمعتهُ، غصب عني دمعت وكنت حاسة الكون كلهُ بيضيق عليا، ولكن برضوا مش هصدق اللي إتقال غير لما أشوف بعيني وبكرا مش بعيد.

بس الثقة اللي بيتكلم فارس بيها تخلي اللي بيسمعهُ يصدق، وأنا مش بعيط عشان اللي حسن عملهُ دا لو عملهُ فعلًا ولكن أنا بعيط بسبب إن فارس هو اللي ماسكها عليه وأنا مكنتش أتمنى أبدًا حد يمسك حاجة على حسن.

وصلت البيت وأنا ملامحي باهتة ونظراتي في الأرض وجافة وواضح عليا الهمدان والتعب، تعب نفسيتي وتفكيري ظهر على جسمي وملامحي، أول ما حسن شافني كدا جِه جنبي وقال بتساؤل وقلق:

_ في إي يا هايا مالك؟

بصيتلهُ بهدوء وأنا بتفحصهُ، مردتش عليه كنت بس بتفحص وشهُ وملامحهُ وبشوف لو في آي أثار للمخدرات، ولكن ملامحهُ طبيعية حتى تحت عينيه بينور.

رجع سألني من تاني لما طولت في السكوت:

_ هايا؟

بصيتلهُ بتركيز وبعدين بعدت عيني من عليه وقولت بتنهيدة:

= مفيش مصدعة شوية وحاسة إني تعبانة.

إتكلم بتساؤل وقلق وقال:

_ طيب أقوم أعملك حاجة تشربيها؟

بصتلهُ وإبتسمت بهدوء وقولت:

= لأ شوية وهبقى كويسة.

قام من مكانهُ ودخل المطبخ، حطيت وشي بين إيدي وأنا تايهة في أفكاري اللي بحاول أخليها تسكت بآي طريقة، كنت حقيقي في حالة تصعب على أعدائي.

طلع من المطبخ بعد شوية وحط قدامي فنجان قهوة بالنيسكافيه زي ما بحب وقال بإبتسامة وهو ماسك الفنجان بتاعهُ:

_ عارف إنها بتفوقك في اللحظات اللي زي دي.

بصيتلهُ بإبتسامة وبعدين بصيت للقهوة ومسكتها بين إيديا وبدأت أشربها، كان قاعد جنبي بيحاول يخليني أقول مالي، ولكن هقولهُ إي بالظبط!

مهما كان لو دا طلع حقيقة فـ أنا مش عايزة شكل حسن في عيني يتغير أو شكلهُ قدامي أكيد لو صارحتهُ بحاجة زي كدا مش هيبقى بنفس الطريقة والشخصية اللي بيتعامل معايا بيها دلوقتي، هيحس بتُقل في المعاملة فيما بعد.

خلصت قهوتي وكانوا لسة قاعدين، قومت وقولت بدون سابق إنذار:

_ أنا هقوم أنام عشان تعبانة أوي وعندي جامعة بكرا، تصبحوا على خير.

دخلت أنا وكالعادة السقف صديقي الصدوق في كل المشاعر والسلبيات وحتى الحُب، التفكير هيفنجر دماغي، وأخيرًا وبعد جلد ذات كبير وتعب نفسي رهيب نمت.

تاني يوم صحيت وكنت بسابق الوقت بصراحة عشان أروح الجامعة وأخلص المحاضرات عشان أقعد مع فارس واتأكد من اللي قالهُ، جِه معايا حسن كالعادة بيوصلني وقال وإحنا قدام الجامعة:

_ خلي بالك من نفسك يا هايا عشان إنتِ مش عجباني اليومين دول.

بصيتلهُ بفراغ ما هو مش عارف إي اللي أنا بمُر بيه وقولت بتنهيدة:

= حاضر يا حسن، سلام.

كان لأول مرة أسيبهُ وأدخل من غير ما أضحك أو أحاول أنكشهُ أو حتى أقولهُ سلام، كنت دايمًا أخليه يقف معايا كتير لحد ما المحاضرة تبدأ وأستغل الوضع ونقعد مع بعض طول الفترة بتاعتها لحد المحاضرة التانية.

فضل واقف في مكانهُ بإستغراب وزعل بان في عينيه ولكن كنت دخلت المحاضرة ومبصتش ورايا تاني، عدت المحاضرة أخيرًا اللي مسمعتش منها ولا كلمة وخرجت بسرعة وأنا عيني بتدور على فارس في كل مكان وكل زاوية.

لحد ما هو جِه من ورايا وقال بإبتسامة لزجة:

_ بتدوري عليا يا حلوة؟

لفيت وبصيتلهُ وقولت بعصبية:

= ممكن تيجي بقى توريني اللي عندك؟

إبتسم إبتسامة جانبية وقال:

_ تعالي يا روحي نقعد في الكفاتيريا.

مشيت وراه بالغصب وأنا بتغاضى عن كلمة "روحي"، لإن في حاجات تانية أهم الحقيقة، قعدنا وبعدين قال بإبتسامة:

_ قولتي إي هو قرارك يا حلوة؟

نفخت بضيق وقولت بتوتر:

= فارس أنا على أعصابي بجد، ممكن توريني اللي عندك وتخلص، مش بحب أسلوب المُماطلة دا قولتلك!

بصلي بإستغراب مُزيف وقال بمنتهى البرود:

_ حبيبتي أنا قولتلك أسمع قرارك ولو أه أوريكِ وأحافظ على السر، لو لأ يبقى مالهاش لازمة عشان هتشوفيها برضوا ولكن مع عامة الشعب.

نفخت بضيق أكبر وبصيت على إيدي اللي بتتحرك يمين وشمال بتوتر رهيب وكانت بتترعش هي ورجلي بسبب الإنفعال والقلق، ودا غير ألم المعدة والتفكير ولكن قطعت كل دا وقولت:

= ماشي يا فارس، موافقة تتقدملي.

إبتسم بسعادة حقيقية بانت في ملامحهُ وفتح الموبايل بتاعهُ ووراني الڤيديوهات، كان فعلًا ظاهر فيها حسن وهو بيكلم شخص والشخص دا بيصورهُ من غير ما ياخد بالهُ، إتكلم الشخص وقال وهو بيدي لـ حسن أكياس فيهم بودرة بيضا:

_ دول اللي هتوزعهم على المجموعة اللي حددناها في الكلية.

إتكلم حسن بتردد وقال:

= طيب دول مش جرعة قوية أوي صح؟

ضحك الشخص دا وقال بسخرية:

_ قوية أو ضعيفة هو إنت اللي هتاخدها، إنت ليك فلوس وبس، إنت بتوزع مش مُدمن.

فضل حسن ساكت شوية وبعدين إتكلم بتنهيدة وقال:

= تمام هوزعهوملك وأخلصهم، بس متفقناش هتديني كام؟

ضحك الشخص الغامض وقال:

_ كدا هبتدي أحبك، عشان بتفهم، لو خلصت اللي معاك دول هديك 10 آلاف جنيه كـ بداية عشان أشجعك بس.

بصلهُ حسن بإندهاش وبعدين إبتسم ووافق وخد الحاجة ومِشي، كنت بتفرج على ڤيديو ورا التاني من نفس النوعية دي وغيرها كتير زي اللي بيوزع فيهم واللي بيقبض فيهم وكتير كتير أوي.

كانت دموعي بتنزل وأنا مش مصدقة اللي عيني شايفاه وقولت برفض:

_ لأ لأ، مستحيل مش قادرة أصدق!

إتكلم فارس بإبتسامة وقال:

= الڤيديوهات قدامك صوت وصورة أهي، وعايز أقولك الڤيديو من دا لو نزل هيبقى تريند السنين خصوصًا إن حسن مشهور ما شاء الله في الأدب والرُقي والعلم.

غمضت عيني بقوة وقولت بإنفعال:

_ خلاص كفاية خلاص، أنا لو إتخطبتلك يا فارس هتمسح كل دا؟

بصلي بعيون مليانة حُب وقال:

= أوعدك أول ما أضمن إنك خلاص موافقة عليا وهتبقي ليا هعملك كل اللي إنتِ عايزاه ومش هنشر حاجة على السوشيال ميديا، بس إني أمسحهم دا هيبقى بعد ما نتجوز ما أنا لازم أضمن حقي برضوا.

فضلت ساكتة شوية وأنا دموعي بتنزل ومقهورة الحقيقة، بس دا حسن، وأنا لو قالولي أزمي نفسي في النار عشان خاطرهُ ويبقى مبسوط مش هتردد أبدًا، بصيت لـ فارس ومسحت دموعي وقولت بهدوء:

_ موافقة يا فارس، بس لو خلفت بوعدك معايا أنا هـ...

قاطعني وقال بإبتسامة وحماس:

= أخالف إي بس، أنا مش عايز حاجة غيرك أصلًا، طول ما إنتِ معايا مش هخّلِف ولا هعوز حاجة من آي بشر تاني.

سيبتهُ بعدها وقومت من غير كلام وأنا الحزن في ملامحي وعيوني وبس، سمعتهُ وهو بيقول بحماس وأنا قايمة:

= هبقى أكلم والدك وآخد منهُ ميعاد بقى.

سيبتهُ ومشيت وحتى مكملتش باقي محاضراتي، كنت ماشية في الشارع بعيط وبس، كان قلبي واجعني بطريقة صعبة، ولكن أنا مش مهم سعادتي في حين إن حسن ميتضرش في حياتهُ وتفضل ماشية زي ما هي وتفضل صورتهُ قدام الناس سليمة.

بعد وقت طويل من النحيب والعياط روحت البيت، كان باين على عيني الإلتهابات عشان كدا دخلت نمت على طول قبل ما حد ياخد بالهُ.

بالليل صحيت وخرجت قعدت معاهم بحاول أبان طبيعية، دخلت البلكونة عشان أنفرد بنفسي شوية وأشم شوية هوا، جِه ورايا حسن بكوبايتين شاي بالنعناع وقال بإبتسامة:

_ بالك مش رايق ليه يا هايا، حتى سمعت إنك جيتي بدري من الجامعة.

بصيتلهُ لمدة دقيقتين ساكتة وبتأملهُ بس وكإني بودع حُبي ليه وبودع حق إني ينفع أبصلهُ كدا مرة تانية وقولت بكل هدوء عكس العاصفة اللي جوايا تمامًا:

= أنا هتخطب يا حسن.

تعليقات



×