رواية احفاد اليخاندرو (ابواب الجحيم التسعة) الفصل الثاني عشر بقلم رحمة نبيل
كانت تقف أمام الباب وهي تحدق فيه، يتوقف أمامها وبين يديه يقبع التيشيرت الخاص به، بينما جذعه العلوي عاري كليًا، أفاقت من تأملها على صراخه الذي صم أذنيها.
" أيها المتحرش القذر، كيف تدخل دون طرق الباب ؟؟؟"
فزعت رفقة من صراخة ومما كانت تفعل منذ قليل، لتخرج حروفها غير مرتبة متوترة من ذلك الموقف الذي وضعت به :
" انا .... أنت اللي قلعت مش انا ...اقصد يعني انت اللي قالع ....يعني هو أنا داخلة حمام عام عشان الاقيك قالع؟؟؟ ده مكتب يا محترم "
ومن شدة توترها لم تدرك أنها حدثته بالعربية، إلا عندما ألقى ثيابه ارضًا بلا اهتمام يضيق عينيه في إشارة منه لعدم الفهم :
" ماذا قلت يا هذا؟؟؟؟ هل تستغل جهلي بلغتك حتى تستمر في تحرشك بي دون أن أفهم حديثك الوقح لنفسك؟؟؟؟ "
فتحت رفقة عينها بصدمة كبيرة لا تصدق حقًا أين وصل به خياله ؟؟؟؟ يظنها تتحرش به مع نفسها ؟؟؟ ذلك النرجسي هل لأنها ظلت تنظر له دقائق عند دخولها يتهمها أنها تتحرش به ؟؟؟ حسنًا لا تنكر أن جسده متناسق يشكل مستفز ليس وكأنه مدير شركة يقبع خلف مكتبه طوال الوقت، بل يبدو أقرب لمصارع ثيران، أو حتى هو الثور .
فاقت من افكارها على صوته المستفز وهو يضيف مستندًا للمكتب يضم يديه لصدره :
" والان تتحرش بي داخل عقلك صحيح ؟؟؟؟"
رفعت رفقة عينها له وهي تقترب منه متحدثه بنبرة ساخرة تحاول بها اخفاء خجلها، فهي من المفترض شاب مثله، لا يجب أن تخجل من رؤيته بوضع كهذا :
" أنت يا سيد، كيف تحدثني هكذا ؟؟؟ من تظن نفسك ؟؟؟'
" وسيم تعرض للتحرش للتو "
أجاب جاكيري ببساطة كبيرة جعلتها تفتح فمها بصدمة وهي تحاول ترجمة حديثه، لا تفهم هل يتحدث بجدية في أمر التحرش ؟؟؟؟ فهو يكرر الكلمة كثيرًا هل يعتقدها شاب غير طبيعي ؟؟؟ :
" أنت هل جننت؟؟؟ عما تتحدث ؟؟؟؟ "
ابتسم جاكيري لها ثم اقترب منها فجأة مما جعلها تعود للخلف بتحفز شديد ترفض اقترابه منها بهذا الشكل لتسمع حديثه الهامس :
" إن أردت ادعاء الشجاعة بوقوفك أمامي بكل تبجح صارخًا في وجهي بهذا الشكل، حاول أن تتحكم في ارتجاف يدك "
ابتلعت رفقة ريقها وهي تنظر ليدها، تلاحظ ابتعاده عنها وهو يسمح للطارق أن يدخل للمكتب...
تقدمت السكرتيرة لداخل المكتب وهي تحمل حقيبة، وضعتها على الأريكة بأمر من جاكيري الذي فقط أشار لها بعينه ثم عاد لتلك الصغيرة التي تبدو أنها مازالت في صدمة رؤيتها له بهذا الشكل، ابتسم بسمة صغيرة ثم حمل الحقيبة التي تحوي ثيابه بعدما لوث ثيابه التي كان يرتديها بسبب سقوط مشروبه عليها .
حمل جاكيري الحقيبة ثم تقدم نحو الحمام الذي يقبع في المكتب تاركًا إياها ترمقه بحنق لتجذب قبعتها بعدها عن شعرها بمجرد ذهابه تتنفس بحنق، ألا يكفيها ذلك الشعر المستعار الغبي ؟؟؟؟ هي لم تكن سترتدي القبعة، لكن بعد حديث عم توفيق وملاحظته الجرح الذي جاهدت اخفاءه قررت ارتدائها؛ حتى لا تضطر للبحث عن سبب تبرر به جرحها للجميع .
خرجت من شروطها على صوت جاكيري الذي ظهر أمامها وهو يغلق ازرار قميصه الاسود هامسًا ببسمة لعوبة لم تطمأن لها :
" والآن يا فتى، هل أنت مستعد لـ.....ما هذا ؟؟؟؟؟ هل جرحت نفسك ؟؟؟"
____________________________
صوت فتح الباب سبب رعشة قوية في أجساد الثلاثة الذين يتسطحون ارضًا منذ وقت طويل دون طعام أو حتى مياه.
ومجددًا صوت خطوات يرنّ في المكان جعل الثلاثة يتبادلون النظرات برعب شديد، فاليومين السابقين كان ذلك المختل يأتي لهم ويضربهم ضربًا مبرحًا، حتى وصل بهم الحال لعدم قدرتهم على تحريك أصابعهم، والآن فقط ذاقوا من سمهم، فهم كانوا يتفننون في اذاقة ضحيتهم اسوء انواع الألم وكلما زادت الأموال، زادت حدة ضربهم .
وعلى عكس العادة تمت إضاءة الانوار في المكان ليغمض الجميع أعينهم بتأفف واضح، لكن ذلك الصوت الغريب جعلهم يفتحونها سريعًا بعدم فهم .
كان الشخص القادم مختلفًا عن ذلك الذي اعتادوا رؤيته في الأيام السابقة، ذلك شخص أخر، بملامح أخرى، ونظرات أخرى جعلتهم يتمنون لو كان هو نفسه الذي يضربهم كل مرة .
ابتسم فبريانو وهو يتحرك صوب الجميع يرمقهم بنظرات غامضة بعدما فرغ الكاميرات واكتشف أن الرجال الذين تعدوا على الارنب الوردي الصغير، قد تم الامساك بهم بواسطة رجال هو يعرفهم جيدًا، رجال مارتن أخيه، ورغم جهله لعلاقة مارتن بهم، إلا أنه كان من السهل الوصول لمكانهم طالما عرف من أخذهم .
" مرحبًا ..."
صمت وهو ينظر لهم ببسمة كان يقصدها عادية، لكنها خرجت مخيفة ...
" كيف حالكم يا رفاق ؟؟؟؟"
لم يجيبه أحد ونظرات الرعب والاستنكار تعلو وجوههم، لوى فبريانو فمه بضيق وهو يقول :
" أتعلمون كانت أمي دائمًا تخبرني أنه من العيب أن يحييك أحد ولا ترد تحيته، حسنًا دعونا من هذا، لقد جئت هنا لمساعدتكم "
نظر الجميع له بشك ليبتسم ببراءة شديدة وهو يشير لباب الغرفة المفتوحة قائلًا بهدوء شديد :
" سمعت أن هناك شابًا مستبدًا يأتي إليكم كل يوم ويعذبكم يا مساكين "
صمت ثم أضاف غير منتظرًا لرد من جهتهم :
" حسنًا في الحقيقة هو اخي، ولذا شعرت أنه من واجبي إصلاح ما أفسده ذلك المتحجر القلب "
أنهى حديثه وهو يقترب منهم ليعود الثلاثة للخلف برعب، ابتسم وهو يقترب أكثر ثم انحنى صوبهم وبدون كلمة واحدة قام بفك وثاق الثلاثة ليبادلونه النظرات الخائفة .
تحدث فبريانو وهو يعتدل مشيرًا للباب :
" ها هو باب الغرفة مفتوح أمامكم، وايضًا صرفت جميع الحراس من المكان كله، لكم الحرية في الخروج "
نظر الثلاثة لبعضهم البعض برعب شديد يفكرون في هذا الجنون وأنه ربما يكون فخ أو ما شابه لذا لم يتحرك أحد .
تجاهلهم فبريانو وخرج من الغرفة بكل هدوء تاركًا إياهم ينظرون لبعضهم البعض بخوف ليتحدث أحدهم :
" لقد ترك الباب مفتوحًا، هل تظنونه فخًا ؟؟؟"
ابتلع آخر ريقه وهو يحدثهم بما يدور في خلده :
" لا اعلم، ولكن ايًا كان الأمر فأنا سأخرج من هنا، فـ في النهاية نحن لسنا في النعيم حتى نتمسك به "
أنهى حديثه وهو ينهض ثم أضاف بخوفت وتعب :
" ربما يكون صادقًا ويدعنا نخرج وإن لم يكن، ما هو اسوء احتمال ؟؟؟ لا اظن أن هناك اسوء مما نحن به، أنا لست مستعدًا للتعفن هنا "
تحدث وهو يتحرك صوب الباب بشك وبخطوات مترددة رغم حديثه ينظر حوله في الممر ثم قال بتعجب :
" لقد ...لقد صدق، لا يوجد أحد هنا "
نهض الاثنان الآخران يتحركان صوبه ببطء شديد وتعب مما عانوه .
تحرك الثلاثة صوب الخارج بحذر ليحمل أحدهم حجر كبير بعض الشيء من الأرض ليتخذه سلاحًا للدفاع عن نفسه أمام أي أحد.
سار الثلاثة في الممرات بخوف يبحثون عن باب الخروج من ذلك المكان الذي لا يعرفون ما هو بالتحديد أو يعرفون مكانه حتى فهم جاءوا إلى هنا بشكل غامض .
توقف الثلاثة فجأة برعب في الممرات وهم يبصرون نفس الرجل الذي كان يقف معهم في الداخل، وهو يقف أمام باب الخروج المفتوح، مشيرًا للخارج يقول ببسمة صغيرة :
" احسنتم يا رجال، اعجبتني شجاعتكم، والآن وصلتم للمرحلة الأخيرة، إن تخطيتموني، فأنتم احرار، وإن لم تفعلوا فـ....."
ترك حديثه معلقًا وهو يرميهم ببسمة مخيفة جعلت الثلاثة ينظرون لبعضهم البعض بتفكير في الأمر ليهمس أحدهم بصوت خافت وقد دبّ الامل في اوصاله بعدما رأى نور الشمس :
" لنفعلها يا رفاق، ليست المرة الأولى التي نضرب بها أحدًا، ونحن ثلاثة وهو واحد فقط "
نظر الثلاثة لبعضهم البعض لتتعالى البسمات فجأة على وجوههم جعلت بسمة مخيفة بحق ترتسم على وجه فبريانو وهو ينظر له نظرة لو رأوها لركضوا حيث كان محبسهم واغلقوا الباب على أنفسهم.
__________________________________
وقف أمام باب غرفتها وهو يتأكد من القناع الطبي( الكمامة) الذي يعلو وجهه وايضًا من القبعة التي تقبع أعلى رأسه، يود ألا تكون ملامحه واضحة لها، فقط يريد الاطمئنان عليها والرحيل بكل هدوء .
طرق الباب بهدوء ثم فتحه بعد ثوانٍ من طرقه، خطى لداخل الغرفة بخطوات متمهلة ينظر في أنحاء الغرفة حتى وقع نظره عليها تجلس أمام الطاولة التي تجاور الفراش، ولم تكلف نفسها حتى عناء الاستدارة لرؤية الشخص الذي دخل لغرفتها .
تقدم بخطوات بطيئة وهو يتحدث بهدوء شديد رغبة في جذب انتباهها :
" مرحبًا يا آنسة، أنا عامل التوصيل اتيت لاوصل لكِ الـ..."
توقف عن الحديث وهو يجد زجاجة دواء تسقط ارضًا بعنف شديد وتهشمت، فتح فمه بفزع وهو يركض صوبها ولم يكد يتحدث كلمة حتى وجد أحد الأبواب التي تحتل جدار الغرفة يفتح، والذي يبدو أنه المرحاض وهي تخرج منه....لحظة واحدة، إن كانت تلك جولي فمن هذه التي تجلس على المقعد أمام الطاولة ؟؟؟؟
أنهى حديثه وهو يراقب جولي تتحرك بتعب شديد متحدثة بهدوء :
" روبين ؟؟؟ هل حدث شيء ؟؟؟"
ردد مارتن الاسم بعدم فهم، من تلك الفتاة ومن أين جاءت؟؟؟؟ عليه أن يقوم بالبحث حولها وأن يتأكد أنها ليست سيئة ...
نظرت روبين لجولي بأسف وهي تشير لزجاجة الدواء المهشمة ارضًا :
" آسفة لقد سقطت مني زجاجة الدواء بالخطأ جولي "
ابتسمت لها جولي وهي تستند على الجدار تقترب لفراشها مجددًا :
" لا بأس جميلتي سأخبر المشفى أن تحضر لي واحدة أخرى فـ..."
توقفت عن الحديث وهي تراقب أحد الأشخاص يقف على بعد صغير من فراشها يحمل في يده حقائب كثيرة وهو ينظر لها نظرات غامضة وكأنه تمثال لا يتحرك وعينه لا تتحرك من على وجهها ....
اقترب جولي من روبين وهي تهمس بصوت منخفض :
" روبين، من هذا ؟؟؟"
نظرت روبين له وهي تهز كتفها بعدم معرفة فهو عندما دخل تحدث بالايطالية وهي بالطبع لم تفهم ما قاله :
" لا اعلم حقًا من هو "
اقترب مارتن بخطوات بطيئة يضع الحقائب على الفراش ثم قال بصوت جعل قلب جولي يهتز في مضجعه :
" اتيت لاوصل الطلبية سيدتي، أتمنى لكِ الشفاء العاجل "
أنهى حديثه وهو يضع الحقائب بكل هدوء على الفراش ثم رماها بنظرة أخيرة وتحرك للخارج.
كانت جولي فقط تنظر لاثره وهي تسترجع صوته وتلك البحة المميزة بها، هي لا يمكن أن تنساها أبدًا، أفاقت من شرودها على صوت روبين التي كانت تحدثها بشيء لا تفقه، لكن وقع عينها فجأة على الحقائب لتجد كلمة مكتوبة عليها بخط كبير و واضح، كلمة جعلتها تنتفض في جلستها وهي تنهض من الفراش تركض بخطوات ضعيفة نحو الخارج متجاهلة نداء روبين....
" سلامي لعينيكِ" تلك الكلمة التي كانت تزين الحقائب وذلك الصوت الذي حدثها، لا يمكن أن تخطأهم أبدًا، تحركت بتعب شديد للخارج تبحث عنه في جميع الأوجه علها تلمحه من بينهم ...
خرجت حتى الحديقة الأمامية التي تطل على الباب الخارجي للمشفى وهي تتوقف في منتصفها بتعب تنظر حولها باحثة عنه، ليس بعد أن جاء إليها تدعه يذهب دون حتى معرفة من هو.
" تبحثين عني ؟؟؟؟؟"
_________________________
كانت تجلس أمام فراش جولي لا تستوعب سبب ركضها للخارج بتلك الطريقة، ورغم ذلك لم تتمكن من اللحاق بها وهي تقبع على ذلك المقعد المقيت، زفرت بضيق وهي تدير عينها بملل في الغرفة قبل أن تقع على هاتفها لتحمله سريعًا تفعل ما خططت له منذ استيقظت ...
أغمضت عينها تهيأ نفسها لما ستفعله، فهي بمجرد استيقاظها تذكرت حديثها له البارحة وايضًا وقاحتها معه التي وصلت أن تصفه بالفقير وتعايره بيتمه، منذ متى أصبحت بلا شعور هكذا؟؟؟ أم أن حديثها مع اختها البارحة ومعرفتها بما يخطط له الجميع وتزويجها من ذلك المقيت جعلها تخرج وقاحتها ملقية إياها في وجهه؟؟؟؟؟
وضعت الهاتف على اذنها تنتظر رده وهي تعض أظافرها بتوتر شديد، لكن لم يأتي رد من الجهة الأخرى، مما جعلها تعيد الاتصال مجددًا بإصرار كبير، وايضًا لا رد، ودون يأس اتصلت للمرة الثالثة ليجيب هو هذه المرة بصوت حانق جاد :
" يا فتاة لقد تجاهلت اتصالك مرتين، يعني أنني لست متفرغًا "
عضت روبين شفتيها بحرج شديد لما فعلته وهي تردد بسرعة قبل أن تغلق :
" آسفة حقًا، أنا فقط أردت الاعتذار لك عما قلته البارحة، أنا حقًا لم اقصد ايًا مما قلت صدقني "
ضيق فبريانو ما بين حاجبيه وهو يحاول التفكير لِمَ تعتذر منه ؟؟؟ ليصله صوتها موضحًا الأمر :
" ذلك الحديث الغير مراعي من طرفي عن كونك فقيرًا، أعني أنا حقًا لا اقصد أي إساءة لك فالفقر ليس عيبًا كما تعلم "
كتم فبريانو ضحكة كادت تفلت من فمه وهو ينظر حوله للمنزل فهو عاد منذ قليل، متحدثًا بتأثر مصطنع :
" لا بأس فأنا لا أخجل من فقري أبدًا "
" نعم يكفيك أنك مكافح منذ طفولتك ولم تستسلم يومًا وظللت تعمل لأجل اخوتك "
ابتسم فبريانو بسخرية وهو يضيف على حديثها :
" نعم صحيح، لقد قضيت طفولتي اعمل طوال الوقت لأجل اخوتي حتى اضحوا اليوم اشخاصًا يفتخر المرء بهم "
ابتسمت روبين وهي تكاد تدمع من حديثه وكيف عانى لأجل أن يخرج رحال صالحين كأخوته :
" حسنًا، سعيدة أنك لم تبتأس من حديثي بالأمس والآن اتركك لتكمل عملك واسفة على ازعاجي لك "
تحدث فبريانو بلا اهتمام وهو يتحرك صوب غرفته ينظر لثيابه الملطخة بالدماء، مردفًا بجدية :
" لا أنا فقط كنت انتهي من التنظيف....."
لم يكمل حديثه بسبب سماعة لصفارة تدل على قطع الاتصال ليطلق ضحكة عالية وهو يلقي هاتفه على الفراش مرددًا بسخرية :
" نعم حقًا اضحوا رجالًا يفتخر بهم المرء، اثنان من أكبر اوغاد العالم، شيء يرفع الرأس حقًا "
على الجانب الآخر نظرت روبين بتأفف لهاتفها وهي ترى أنه قد فرغ من شحنه لذا تحركت بمقعدها صوب غرفتها تريد إعادة شحنه ....
___________________________________
كان يقف مستندًا على سيارته وعينه مسلطة على زجاج أحد المطاعم الذي أوقف سيارته أمامها، ابتسم عندما وقعت عينه عليها تتحرك كفراشة صغيرة جميلة، فراشة استطاع هو جذبها بنيرانه له، لكن ما لم يستطعه هو إحراقها، بل هو من احترق بقربها وكأن السحر انقلب على الساحر، اتسعت ابتسامته وهو يراقبها تلاعب طفلة صغيرة يبدو أنها أتت مع والدتها لمطعمها الخاص الصغير الذي افتتحته منذ أيام قليلة فقط، كخطوة بداية في طريق حلمها .
ابتسم انطونيو وهو يغلق سيارته ثم تحرك بخطوات هادئة صوب المطعم الصغير الجميل " قلب روما " والذي من الوهلة الأولى قد يعتقد البعض أن المقصود بروما هنا هي روما عاصمة ايطاليا، لكن الحقيقة "هي" المقصودة بذلك .
دخل انطونيو للمكان ليصدر صوت أجراس جعله يرفع عينه له مبتسمًا بسمة صغيرة ثم تحرك ببطء صوب أحدى الطاولات التي تقبع جوار الجدار الزجاجي الذي يمتد بطول الحائط كله يحده العديد من الأزهار من الخارج.
ابتسم وهو يراها تقترب منه سريعًا تحمل في يدها دفترًا صغيرًا تقول دون أن ترفع نظرها له :
" مرحبًا بك في مطعم قلب روما، كيف اخدمك سيدي وماذا احضر لك ؟؟؟"
" اريد روما نفسها "
رفعت روما عينها بتعجب وهي تفتح فمها بصدمة من وجوده هنا ثم دارت بعينها في المكان تمنع ظهور بسمة على فمها هامسة :
" انطونيو ؟؟؟؟؟ ماذا تفعل هنا ؟؟؟ لا تخبرني انك تركت شركاتك وأعمالك و كل ما يشغلك وجئت لهنا ؟؟؟"
ابتسم لها انطونيو ثم هز كتفه بمعنى هذا ما حدث، ابتسمت روما باتساع وهي تضم الدفتر لصدرها تود احتضانه بقوة، ثم همست بفرحة كبيرة :
" حسنًا بما انك اتيت دعني اعد لك افضل واجمل حلوى قد تتذوقها في حياتك يا عزيزي "
غمز لها انطونيو وهو يرتشف بعض المياه أمامه هامسًا :
" لا تخبريني انك وضعتي نفسك على قائمة الحلوى ؟؟؟"
انمحت بسمة روما من وجهها وهي تقترب منه قليلًا ثم همست له بشر :
" لا تخبرني أنك جلست مع مايك مجددًا ؟؟؟"
نظر لها انطونيو بعدم فهم :
" ماذا ؟؟؟ لا ...أعني ما شأن مايك بنا الآن ؟؟؟"
اعتدلت روما في وقفتها وهي تضيف بضحكة جاهدت لكبتها :
" هذا لأن مايك هو من يغازل الفتيات بمثل هذا الغزل المقزز "
أنهت حديثها وهي تتركه راكضة نحو المطبخ، وهو فقط ينظر لاثرها بغيظ شديد مرددًا بضيق :
" غزل مقزز ؟؟؟؟؟"
أنهى حديثه ثم أخرج هاتفه بعنف يتصل بذلك الاحمق مايك الذي ذهب له في الصباح يخبره كاذبًا أنه ذاهب في غداء عمل ويحتاج لبعض الكلمات التي قد يلقيها على مسامع السيدة التي سيقابلها، و للعجب صدق ذلك الاحمق تلك الكذبة الخرقاء بأن انطونيو قد يقوم يومًا بمحاولة تملق سيدة لأجل صفقة، غبي لا يدري بأنه يرفض أن يجري اجتماعات مع سيدات، ليس لعدم اعترافه بهن، بل لأنه لاي يستطيع أن يتعامل معهن بحرية، بل يتعامل بخشونة مرعبة، كما أنه لا يحبذ الجلوس مع امرأة أو يفضل الخوض في حديث معها، عدا روما بالطبع ...
" ماذا اخبرني هل نجحت الأساليب التي أخبرتك بها ؟؟؟"
هكذا تحدث مايك من الجانب الآخر وهو يجاهد لفتح عينه بعدما استيقظ على رنين هاتفه، لكن فجأة انتفض من نومته وهو يستمع لصراخ انطونيو الحانق :
" فقط انتظر حتى اتي إليك أيها الحقير صاحب الغزل المقزز سأريك الجحيم "
أنهى حديثه ثم اغلق الهاتف بعنف شديد يلقيه على الطاولة لا يصدق أنه حتى اقدم على طلب نصيحة من ذلك الاخرق وهو من كان يتحدث دائمًا بما يدور في نفسه، ويخبرها كل ما يود دون خجل، لكنه فقط أراد أن يأتي اليوم ويسعدها ببضع كلمات غزل كتلك التي يسمعها في التلفاز و لحظه السيء ذهب لذلك الاخرق مايك، ليته لم يفعل وتحدث بما يفكر فيه كما جرت العادة دائمًا ...
خرج من أفكاره على صوت ضوضاء شديد في المكان تبعها ضحكات عالية ودخول بعض الشباب كهؤلاء الذين يقومون بسابقات الدراجات النارية في الطرق وهم يتحدثون بصوت عالٍ مزعج قبل أن يجلسوا على أحدى الطاولات ويقوم أحدهم بالتصفيق بحدة شديدة :
" انتم ايها الحمقى .... ألا يوجد أحد هنا ام ماذا ؟؟؟؟؟"
خرج شاب صغير في السن وهو يركض صوبهم يحمل دفترًا كذلك الذي كانت تحمله روما وهو يقول ببسمة عملية :
" نعم تفضلوا كيف اساعدكم؟؟؟؟"
" من أنت يا فتى ؟؟؟ وأين تلك الجميلة التي كانت هنا البارحة لِمَ لم تأتي هنا لتأخذ طلباتنا ؟؟؟؟؟"
حاول انطونيو تكذيب نفسه بأنهم يقصدون روما بحديثهم وانشغل في قائمة الطعام أمامه يتفحصها محاولًا اشغال عقله عنهم، لكن كل تلك الأفكار تبخرت وهو يسمع صوت صراخ الشاب من الطاولة المقابلة له :
" أخبرتك أن تذهب وتنادي الفتاة الجميلة نحن نريدها هي وليس أنت"
أنهى حديثه وهو يضرب الطاولة بيده مرددًا كطفل يحتج على شيء :
" نريد الجميلة .....نريد الجميلة .....نريد الجميلة "
أخذ جميع من معه يرددون تلك الكلمات خلفه وكأنهم في احتجاج ما غير واعيين لما فعلوه بحديثهم ذاك .....
__________________________________
حاولت رفقة ابعاد يده عنها بعنف لاخفاء جرح رأسها، لكنه سبقها وهو يبعد يدها هي بعنف شديد يزجرها بنظراته ثم قال بصوت مخيف :
" أيها الصغير من فعل هذا بك ؟؟؟؟"
" أنه .....هو ....لقد صدمت رأسي في طاولة المطبخ بالخطأ ؟"
نظر جاكيري لها بشك لتتحدث بجدية وهي تبعد يده عن رأسها تحاول أشغاله عنها، فهي لن تخبره بالطبع ما حدث؛ لأنها إن فعلت سيكتشف هو أمرها وبكل سهولة، كما أنها لا تريد منه أن يتدخل في أمورها الخاصة .
" لِمَ لا نبدأ العمل الآن ؟؟؟؟"
تجاهل جاكيري حديثها وهو ينحني قليلًا حتى يصل لها ثم همس بصوت مخيف بعض الشيء :
" هل تظنني احمقًا ؟؟؟؟؟ "
نظرت له رفقة لا تفهم الغرض وراء حديثه ليشير هو بعينه للجرح قائلًا بسخرية :
" هل كنت تصارع الطاولة كالثيران لتحصل على هكذا جرح يحتاج لتقطيب ؟؟؟"
ابتلعت رفقة ريقها وهي تفكر في وسيلة للهرب من حصاره، ولا تعلم ما هذا الخوف الذي أصابها من حديثه وكأنه يمتلك حق معاقبتها أو ما شابه ...
" لا أنا فقط سقطت بقوة "
ابتسم جاكيري دون قول كلمة واحدة ثم سحبها من يدها عليه لتصدم في صدره ولم تكد تتأوه حتى من الصدمة حتى وجدته يسحب يدها ويتحرك بها صوب الأريكة و أجلسها عليها وجلس هو على الطاولة التي تقابلها قائلًا بهدوء شديد يضم قبضتيه :
" أنا استمع ..."
علت البلاهة وجه رفقة، لا تفهم شيء مما يفعل ولا تعلم سبب إصراره على معرفة الأمر، لكنها اضطرت لقول نفس الحقيقة حتى تتخلص منه :
" لقد تشاجرت مع أحد الرجال البارحة و حدث ما حدث، هل انت سعيد الآن ؟؟؟"
" ما اسمه ؟؟؟"
فتحت رفقة فمها وهي تنتفض من مكانها بضيق شديد :
" هييه أنت توقف عن ازعاجي والتدخل في اموري الخاصة، أنا لا اعمل لديك "
" أنت كذلك بالفعل "
" اه صحيح نسيت "
أنهت حديثها وهي تحك رأسها بضحكة غبية؛ ليهز جاكيري رأسه بيأس منها ثم تحرك وأحضر حاسوبه واضعًا إياه على الطاولة التي كان يجلس عليها، ثم ازاحها قليلًا بحنق معطيًا الحاسوب لها وهو يقول ببسمة سمجة :
" هيا اكتب اسم ذلك المسلسل واحضره لنبدأ العمل "
هزت رفقة رأسها بحنق وهي تهتف :
" نبدأ عمل ايه بقى ؟؟؟ أنت خليت فيها عمل بهبلك ده ؟؟؟ ربنا يصبرهم اللي عايشين معاك "
أنهت حديثها وهي تدخل على اول حلقات المسلسلات لتبدأ عملها كما يقول هو....
مرت ساعتان تقريبًا وهي مازالت تقوم بترجمة الأحداث له وهو يتابعها بحماس شديد وكل خمس ثوانٍ يستوقفها يسألها سؤال غبي ...
" توقف توقف ....لحظة فقط "
توقفت رفقة فجأة وهي تنظر له بتعجب ليقول هو مشيرًا للحاسوب :
" ذلك الطعام ..."
" الكشري ؟؟؟؟؟"
هكذا تحدثت رفقة بعدم فهم لتعقيبه على الأمر ليهز هو رأسه وهو يقول بجوع متحسسًا معدته :
" نعم، أود أن آكله والآن "
" الآن ؟؟؟"
" نعم هل تستطيع صنعه لي ؟؟؟؟"
قال حديثه وهو ينظر لها بعيون بريئة بعض الشيء يضم شفتيه كصغير يرجو والدته أن تصنع له حلواه المفضلة ...
ودون شعور منها هزت رأسها بنعم ليبتسم هو باتساع شديد مغلقًا الحاسبة بعنف يجذبها من يدها بسرعة للخارج :
" جيد دعنا نذهب لمنزل وتعده لي، وفي طريقنا نشتري جميع المكونات"
" حسنًا لـ....مــــــــــاذا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟"
_________________________________
تحرك الاثنان ببطء شديد في طرقات القصر وكل ثانية وأخرى يلتفتان للخلف خوفًا أن يفاجئهما أحد ...
ابتسم ادم بخبث شديد وهو يتحرك مع ماركوس نحو جميع الغرف.
بدأوا بأول غرفة والتي كانت خاصة بانطونيو ليجد أنه ليس بها، وكذلك جاكيري ومارتن وفبريانو، لكن الباقيين كانوا في غرفهم البعض نائم كـ مارسيلو و مايك والبعض مستيقظ كـ جايك الذي كان منغمسًا في إحدى لوحاته كالعادة ...
ابتسموا بشر وهم يتحركون نحو بهو القصر مستغلين غياب الكبار كلهم، فهم لا قبل لهم بهم؛ كفبريانو أو انطونيو، وايضًا شاكرين خروج سيلين في هذا الوقت .
وضع الاثنان العديد من الألعاب النارية في منتصف البهو بالتحديد أسفل انذار الحرائق ثم نظروا لبعضهم البعض بنظرات خبيثة و أشعلوا الالعاب وفي ثواني كان يركضون للخارج في انتظار انفجارها وبعدها تشغيل انذار الحريق المكثف والمطور بواسطة مارتن وماركوس، حيث كانت شدة المياه به كبيرة بشكل كبيرة بالإضافة أن هنا بعض المخارج في سقف القصر خاصة بإخراج نوع معين من المواد المضاده الحرائق ذات اللون الابيض .
نظر الاثنان لبعضهما البعض ببسمة وهم ينتظرون ذلك الانفجار بفارغ الصبر ....
وهناك في غرفة فبريانو خرج من مرحاضه وهو يلف منشفة على خصره أثناء تجفيف شعره، ليبدأ في ارتداء ملابسه وما كاد يفعل حتى سمع صوت انفجار كبير تبعه انطلاق جهاز الانذار، وانفجار المياه من كل مكان وتلك المادة البيضاء أيضًا ...
لم يهتم فبريانو أنه لا يرتدي سوى شورت قصير بل سريعًا حمل سلاحه وهو يركض للاسفل ظنًا أن هناك من هجم على القصر، في نفس وقت خروج جايك من غرفته وهو غارق في في تلك المادة البيضاء يحمل رسمته الغالية التي تدمرت كليًا من المياة والمادة البيضاء، وايضًا مايك الذي ركض خارج غرفته وهو يصرخ بفزع لما يحدث ......
هبط فبريانو الدرج بشر وعيونه تقدح شرار يتوعد لمن سولت له نفسه بالاقتراب من....
توقف عن أفكاره السوداوية وهو يجد بعض الألعاب النارية تتوسط البهو وهي تخرج دخان كثيف خانق، رفع فبريانو حاجبه وهو يقترب منها ينظر لها ببرود شديد ثم نظر لمن حوله وهو يقول بنبرة مخيفة :
" من فعل هذا ؟؟؟"
ألقى جايك لوحته ارضًا بغضب وهو يتوعد للفاعل بالقتل :
" سأقتله ايًا كان، حتى إن كان جدك هو الفاعل "
" حقًا يا جايك ؟؟؟؟"
انتفض جايك بفزع وهو يستمع لصوت جده من الخلف، استدار ينظر له برعب وهو يهز رأسه بلا :
" لا بالطبع يا جدي، هذا تعبير مجازي فقط صدقني، لقد قلته في لحظة انفعال فقط "
تحدث مايك وهو يمسح وجهه بغيظ شديد مشيرًا للباب :
" ها هم الموتى قد حضروا "
دخل كلًا من ادم و ماركوس ببسمة متسعة وآدم يحمل هاتفه لتسجيل تلك اللحظة بينما ماركوس يلتصق به من الخلف وهو يراقب المشهد من هاتف ..
" وها نحن يا سادة كما وعدناكم نرصد لكم الحدث لحظة بلحظة والآن نبدأ مع جايك....ثم مايك .....ثم مارسـ..."
مر ادم بهاتفه على وجه جايك المحترق أيضًا ثم مايك الذي كان يبتسم بسمة مخيفة، كتم ادم ضحكته على ملامحهما وهو يتحرك بالهاتف متوقعًا رؤية وجه مارسيلو الغاضب أيضًا، لكن للعجب كل ما قابله هو وجه فبريانو الذي كانت ملامحه لا تفسر ...
مد ادم يده وهو يمسح الكاميرا متحدثًا بتعجب :
" عجبًا يبدو أن الكاميرا الخاصة بي قد تعطلت "
نظر ماركوس للهاتف جيدًا وهو يقول مبتلعًا ريقه يتمنى أن يكون حديثه جادًا :
" نعم صدقت ...جرب أن تغلق الهاتف ثم افتحه ربما هناك عيب به "
اتسعت بسمة مايك وهو يتجه صوب الأريكة يجلس عليها بكل هدوء متأكدًا أن فبريانو وجده سيتولون أمرهم كما يجب ...
حرك آدم هاتفه بعنف وهو يدعو ربه أن يكون السبب هو المادة البيضاء المنتشرة في المكان والتي جعلت الرؤية مشوشة بعض الشيء، لكن اثناء تحريكه الهاتف صدم وهو يلمح جده يقف في الخلف وهو يرمقه بنظرات جعلته يود البكاء ....
عاد ادم للخلف وهو يقول بنبرة تشبه البكاء :
" اعتقد أننا نحتاج لارتداء نظرات أيضًا ماركوس "
نظر له ماركوس بعدم فهم ليجده يشير نحو ركن ما وهو يقول بنبرة بكاء :
" انا ارى جدك ايضًا "
تحرك ماركوس يوجه عينه حيث يشير ادم لينتفض وهو يجد اليخاندرو يقف مربعًا يديه بوجه حانق ساخر بعض الشيء ...
" حسنًا يا رفاق لقد خرجت للتو من المرحاض بعدما انهيت حمامي "
نظر ادم لأخيه وهو يحاول الابتسام بصعوبة يرى مدى ما سببوه في القصر بسبب أفعالهم الصبيانية هو وماركوس ...
" هنيئًا لك يا اخي "
هز فبريانو رأسه بسخرية ثم رفع مسدسه وهو يسحب الزناد يجهزه للاطلاق وهو يقول بنبرة حزن مصطنعة :
" لكن يا اخي اظن انني احتاج لحمام اخر فكما ترى هناك من أفسد حمامي السابق وايضًا أفسد شورتي الحبيب "
" أوليس هذا رائعًا ؟؟؟ أعني أن الاستحمام مفيد لك يا اخي، ثم لا تقلق أنا سأغسل لك جميع ثيابك المتسخة إن أردت اقسم لك "
تحدث ادم وهو يحاول رسم بسمة خائفة، ولم يكد يتحدث بكلمة أخرى حتى وجد مسدس فبريانو يوجه له هو و ماركوس ...ثوانٍ فقط وكان الاثنان يركضان للخارج بشكل مخيف وصراخهما يعلو في القصر كله ...
ابتسم اليخاندرو عليهم ثم نظر لمايك وقال :
" اذا نجى الاثنان من يد فبريانو ارسلهما لي "
أنهى حديثه وهو يتحرك صوب مكتبه الذي كان يجلس به منذ الصباح، تاركًا مايك يتمدد على الأريكة بكسل شديد وجواره جايك الذي نظر لـ لوحته بحسرة كبيرة لاعنًا هذين الاحمقين في سره، ثم فجأة تحدث بتعجب :
" مهلًا أين هو مارسيلو؟؟؟ لم اره منذ الصباح، كما أنه لم يخرج أيضًا "
هز مايك كتفيه بعدم معرفة ....
وفي الاعلى كان يتسطح على فراشه وهو مغطى بالمادة البيضاء والكثير من المياه، لكن كل ذلك فشل في الفوز على نومه، واستمر مارسيلو في النوم غير عابئًا بما يحدث حوله.....
___________________________________
استدارت جولي بعنف للخلف، لتصدر منها آه متوجعة بسبب حركتها العنيفة، لكنها تحاملت على نفسها وهي تنظر له يستند على مبنى المشفى وهو يرمقها بنفس النظرات دائمًا، اقتربت منه ببطء وهي تتحدث بفضول شديد :
" من أنت؟؟؟ و لِمَ تستمر في ملاحقتي ؟؟؟"
توقفت على بُعد خطوات منه تنتظر إجابته ليبتسم هو لها بسمة صغيرة لم تظهر سوى في عينيه بسبب ارتداؤه للقناع الطبي :
" لا تخبريني أنكِ نسيتي اسمي بهذه السرعة يا جميلة ؟؟؟"
اقتربت منه جولي أكثر تحاول تكوين صورة له في رأسها، لكن ذلك القناع وقف عائقًا في طريق رغبتها :
" مارتن ...."
" اه حسنًا يكفيني هذا القدر لليوم، سأكون جشعًا إن طالبتك بأكثر من ذلك "
تحدث بنظرات عابثة وهو يتمتع باسمه الذي سمعه للمرة الأولى منها، بينما هي حقًا مازالت لا تفهم، من هذا ؟؟؟؟ و لِمَ كل هذا التعلق بها ؟؟؟
" هل اعرفك ؟؟؟ قابلتك من قبل حتى ؟؟؟"
ضيق مارتن عينيه قليلًا وهو ينحني للامام بعض الشيء يقترب من وجهها :
" لا اظن أنني قابلتك جسدًا، ربما روحًا، لكن ليس جسدًا "
رمقته جولي للحظات ببلاهة ثم همست دون شعور :
" أنت شخص مجنون ؟؟؟؟"
انطلقت ضحكات مارتن في المكان وهو يقول من بينها :
" نعم ربما من يعلم، لكن اتمنى ألا يقف هذا حائلًا بيننا يا بنية العينين "
ابتسمت جولي دون شعور لحديثه عن عينيها ثم فتحت فمها لتتحدث بما يجول في خاطرها، لكنه قاطع أي نية لها في التحدث وهو يخلع قبعته لينساب شعره غير المصفف على عينه بطريقة عشوائية وهو يضع القبعة أعلى رأسها وبعدها خلع الجاكت الخاص به يضعه عليها ثم اقترب منها يتحدث بنبرة مرحة :
" في كل مقابلة لكِ سأكشف عن جزء من هويتي، واليوم رأيتي شعري لذا نكتفي بهذا حتى الآن "
أنهى حديثه وهو يضرب انفها بإصبعه في حركة لطيفة جعلت ملامحها تنكمش وتعود هي للخلف ...
ابتسم لها ثم قال بهمس جوار أذنها :
" احتفظي بتلك القبعة فهي المفضلة لدي، ولاحقًا عندما تأتي للسكن في منزلي سأطالبك بها لذا احتفظي بها لأجلي، سلامي لعينيكِ "
أنهى حديثه ثم تحرك للخارج بخطوات سريعة حتى لا تلحق به، وهو يشعر أنه يطير من السعادة تاركًا إياها تنظر لاثره ببلاهة شديدة، لكن و دون إرادتها كانت تبتسم بسمة واسعة وهي تهتف :
" مجنون ......لكن لطيف "
______________________________________
خرجت روما من المطبخ مفزوعة بسبب تلك الضجة في الخارج وكانت في تلك الأثناء تحاول مسح الدقيق الذي ملء وجهها وثيابها بكثرة، لكن توقفت فجأة وهي تجد المكان فارغ تمامًا ولا أحد به...
رمشت روما بعدم فهم فهي للتو سمعت أصوات هؤلاء الحمقى الذين يأتون كل يوم مسببين الفوضى في المكان، لكن الآن لا ترى شيء بل كان المكان هادئ بشكل مثير للريبة والجميع يجلس في مقعده بكل سلام، وانطونيو يجلس جوار الجدار كما كان وهو يتصفح هاتفه باهتمام شديد وكأنه لا شيء حدث...
شعرت لوهلة أنها تتخيل، لكن ملامح " توم " ذلك الصبي الصغير في منتصف العمر وهو يقترب منها مبتسمًا باتساع انبئها أن شيئًا حدث بالفعل .
تحدث توم وهو يقترب من روما بشكل سريع سعيد :
" مرحى يا شيف لقد تخلصنا من هؤلاء المزعجين "
إذًا هي لم تكن تتخيل بل كل ما سمعته كان صحيحًا، لكن ما الذي حدث؟؟؟
سحبت توم سريعًا للمطبخ وهي تنظر بشك لانطونيو ثم أغلقت الستار الذي يفصل بين المطبخ والخارج وهي تنظر للطهاة حولها ببسمة صغيرة مشيرة بيدها :
" لا تهتموا ..ارجوكم أكملوا عملكم "
أنهت حديثها ثم نظرت لتوم وهي تقول بعدم فهم لحديثه :
" ماذا حدث في الخارج توم ؟؟؟ وأين ذهب هؤلاء الوقحين ؟؟؟"
ابتسم توم بسعادة وهو يقص عليها ما حدث منذ بدأ هؤلاء الوقحون يصرخون مطالبين بخروجها هي بدلًا منه ....
" نريد الجميلة ....نريد الجميلة ....نريد الجميلة "
" نعتذر يا سادة يبدو أن الجميلة مشغولة، ما رأيكم في الوحش ؟؟؟"
أنهى انطونيو حديثه وهو ينهض دافعًا مقعده بعيدًا بغضب يهمس في نفسه بشر :
" انا فقط من يُسمح له بقول جميلة هنا "
توقف انطونيو أمام الشباب ليرمقوه من أعلى لاسفل بتقييم قبل أن يتحدث أحدهم بسخرية كبيرة :
" من أنت يا هذا ؟؟؟ و لِمَ تتدخل بما لا يخصك ؟؟؟؟ ألم تخبرك الماما أن هذا عيب ؟؟؟"
أنهى حديثه لينفجر جميع من معه بالضحك، لكن انطونيو فقط ابتسم بسمة جانبية وهو يخلع جاكت بذلته قائلًا بسخرية :
" لا لم تخبرني فالماما خاصتي لم تكن موجودة أثناء تربيتي، ويبدو أنك كذلك الأمر لم تجد من يريك كيف يكون الاحترام "
" وأنت من ستريني ذلك ؟؟؟؟"
أنهى حديثه وهو يقترب بوجهه من انطونيو بشكل مستفز جعل انطونيو يبتسم ثم قال بهدوء شديد يعطي سترة بذلته لتوم :
" لاقيني في الزقاق الجانبي خلف المطعم يا صغير "
أنهى حديثه وهو يتحرك للخارج راغبًا في إبعادهم عن المكان حتى لا يتسببوا في ضرر قد يحزن روما أو يخيفوا رواد المكان فتحزن هي ...
راقب توم انسحاب جميع الشباب خلفه بعيون غاضبة متحدية لتمر تقريبًا عشر دقائق فقط قبل أن يدخل ذلك الرجل مجددًا وهو يأخذ السترة من توم شاكرًا إياه بنظرات باردة ثم عاد بكل هدوء لمقعده كأن شيئًا لم يكن ...
" وهذا كل ما حدث، لكن بعد أخذه السترة مني خرجت لارى ما حدث وجدت جميع الشباب مكومين في صناديق القمامة في الخارج في شكل يدفع السرور للقلب يا شيف "
ضحكت روما بانطلاق وهي تهز رأسها بيأس على انطونيو ثم أشارت لتوم بالانصراف تردد :
" اه من أفعالك طوني "
أنهت حديثها وهي تتحرك صوب الخارج تخلع عنها مريول المطبخ ثم سحبت مقعد وجلست أمام انطونيو الذي ابعد عينه عن هاتفه وهو يرمقها بنظره لم تخرج لسواها يومًا ....
" هل انتهيتي من صنع حلوتي؟؟؟؟"
ضربت روما بيدها على الطاولة وهي تقول بعيون ضيقة وكأنها بذلك ستخترق أعماقه :
" ماذا فعلت بالصبية الذين كانوا هنا انطونيو ؟؟؟؟؟؟"
نظر انطونيو ليدها قليلًا وقبل أن يتحدث قاطعهم صوت الاجراس على الباب تبعه صوت عالِ وهو يقول بانطلاق غير منتبهًا لانطونيو :
" روما الجميلة احضري لي طبقي المعتاد ...."
همس انطونيو وهو ينظر لذلك العجوز الذي جلس على طاولة مقابلة له :
" ما بال الجميع اليوم يناديكِ بهذا اللقب؟؟؟؟؟؟؟ أنا فقط من يحق له مناداتك بهذا ..........."
كادت تجيبه لولا أن قاطعهم صوت هاتفه ينبئه بوصول رسالة فتح الرسالة بفضول لتتغير ملامحه بشكل مخيف قبل أن ينهض دون قول كلمة متجهًا للخارج تاركًا إياها تنظر في أثره بتعجب وهي تفكر أن هناك مصيبة اكيد وإلا ما كان ليرحل بهذا الشكل
_____________________________
فتحت باب الشقة بهدوء شديد وحنق تتمتم بعدة كلمات مغتاظة لذلك الأبله الذي يلتصق بها، رافضًا أي حلول للرحيل والذهاب بعيدًا عن منزلها.
أغلقت رفقة الباب بعنف بمجرد دخوله كإشارة منها في عدم ترحيبها بوجوده، لكن يبدو أن جاكيري لم يكن معها من الأساس فهو كان يدور بعينه في المكان يتفحص الشقة التي تعيش بها تلك الفتاة بفضول شديد .
ألقى الحقائب ارضًا بلا اهتمام ثم تحرك في أرجاء المنزل بوقاحة يتفحصة وهو يقول ببرود :
" يا رجل شقتك صغيرة جدًا "
لوت رفقة شفتيها بسخرية تحاول كبح تلك السبة التي اندفعت من جوفها قاصدة إياه وهي تقول :
" نعم يا بِك أعتذر لأن شقتي المتواضعة لم تنل اعجاب جلالتك "
قالت حديثها وهي تتظاهر بالانحناء له ليبتسم هو بسخرية وهو يتجاهلها متجهًا صوب مطبخها قائبًا وهو يفتح الثلاجة :
" كم من الوقت سيستمر تحضير ذلك الطبق؟؟؟"
دخلت رفقة خلفه بغيظ شديد لتراه يخرج قطعة حلوى كانت تخبئها لتأكلها مساءً فهي من ذلك النوع المدمن والشره تجاه الحلوى، تتناولها كثيرًا لمحاربة نوبات الكآبة التي تصيبها كل فترة، لكن جاكيري بالطبع لم يفكر في كل ذلك وهو يأكل القطعة كلها في مرة واحدة بشكل جعلها تفتح عينها بصدمة وهي تهتف مانعة دموعها :
" تلك كانت اخر قطعة "
انتبه جاكيري لها وهو ينظر لها بعدم فهم يهتف من بين مضغاطه :
" حقًا !؟؟؟؟ لم تكن جيدة على اي حال، جيد أنني خلصتك منها حتى لا تزيد وزنك، وأنت لا ينقصك وزن فأنت بالفعل سمين "
فتحت رفقة عينها بشدة وهي تفكر، هل يمكن أن جسدها قد ازداد وفي خضم كل مشاكلها لم تنتبه، و دون ثانية تفكير إضافية كانت تتركه وهي تركض بجنون صوب اول مرآة ...
راقبها جاكيري بصدمة قبل أن ينفجر ضاحكًا عليها يشعر بوجع في صدره من كثرة الضحك وهو يتذكر ملامحها المصدومة، تلك الغبية لم تتوقف ثانية بتفكر أنها الآن في نظره شاب، والشباب لا يتأثرون بهكذا حديث بسهولة.
كان يضحك بشدة وهو يراقبها تركض صوبه مجددًا تصرخ بغضب استحوذ على جسدها كله :
" أنت أيها المخادع، سأقتلك بيديّ هاتين "
أنهت حديثها وهي تنزع سكين من أحد الإدراج تتجه له راكضة لكن لم تنتبه لاسفل قدمها، وفجأة سقطت بعنف ارضًا مما تسبب في زيادة ضحكات جاكيري أكثر يتنفس بعنف شديد من بين ضحكاته وهو يشير عليها :
" أنت ..... أنت لست طبيعيًا يا رجل....ستقتلني "
كان يتحدث بصعوبة كبيرة بسبب ضحكاته لتنهض هي بعنف شديد ترمقه بغيظ تفكر في أكثر من طريقة لقتله والانتقام منه، لكنه قاطع تلك الأفكار وهو يغلق الثلاجة ثم قال :
" حسنًا كف عن اللعب وهيا ابدأ في تحضير الطعام فأنا اتضور جوعًا "
نظرت له رفقة بتشنج وهي تشير لنفسها بحنق :
" لعب ؟؟؟؟ هل تسمي ما يحدث لي الآن لعبًا؟؟؟؟ أنت شخص عديم الشعور حقًا "
" حسنًا هذا كلام جارح لي، أنا لدي مشاعر مثلك يا رجل "
قال وهو يدعي الحزن لتبتسم بسخرية وهي تتركه متجهة للخارج لتحضر الحقائب هامسة بسخرية :
" لا وانت وش مشاعر يا واد ....ده أنت اخر معرفتك في المشاعر هو الجوع "
أنهت حديثها وهي تدخل المطبخ حاملة الحقائب في يدها ثم وضعتها بعنف شديد على الطاولة وهي تقول بحدة وكأنه يعمل عندها وليس العكس :
" اسمع يا هذا، القوانين هنا هي قوانيني أنا، لذا أنا من سيأمر وأنت من سينفذ "
كان جاكيري يتناول بعض الفاكهة التي عثر عليها أثناء بحثه في الثلاجة ينظر لها بكل برود دون حتى أن يحرك عيونه وهي فقط مستمرة في إلقاء الأوامر في وجهه، لكن وأثناء تلك الجلسة الودية الممتعة سمع الاثنان صوت رنين الباب ...
ألقى جاكيري الفاكهة في وجهها؛ لتلتقطها هي بسرعة تراقبه يتحرك نحو الخارج بشكل يدعو الرائي للتفكير أنه صاحب هذا المنزل وهي ضيقة لديه .
فتح جاكيري الباب وهو يسخر من حديثها ليتفاجئ بشاب نحيل يقف على الباب وهو ينظر له بتعجب وتفحص جعل جاكيري يبتسم بسخرية وهو يقول :
" ماذا ؟؟؟ ألم تر وسيمًا من قبل ؟؟؟؟"
فتح جون فمه بعدم فهم ثم قال بحاجب مرفوع :
" من أنت؟؟؟؟ وأين هي تلك الفتاة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟"
__________________________________
كان يسير في ممرات المشفى وهو يحمل هاتفه يضغط على بعض الازرار باهتمام شديد ثم وضعه في بنطاله يرفع نظره أمامه لتقع عينه على ذات الممرض منذ المرة السابقة، ودون حتى أن يفتح فمه كان الفتى يلتصق بالجدار في خوف شديد جعل فبريانو يود الضحك بشدة وهو يفكر أن ذلك الشاب حقًا مسلي ....
تحرك نحو الغرفة التي تقبع بها وهو يضع يديه في جيوب بنطاله ببرود، طرق الباب مرة واحدة وقبل أن يسمع الأذن دخل بعنف، ليجد أنها تفتح فمها وكأنها كانت على وشك التحدث ....
ابتسم فبريانو وهو يتحرك صوب فراشها يجذب مقعد ثم جلس عليه ينظر لها بنظرة فاحصة يسألها بجدية :
" كيف حالك الآن ؟؟؟"
" أنا بخير شكرًا لسؤالك "
هز فبريانو رأسه بلا بأس ثم تحدث وهو يشير لقدمها :
" متى ستنزعين ذلك الشيء ؟؟؟؟؟؟ "
هزت روبين كتفها بعدم معرفة ليقاطع حديثهم ذاك طرقات على الباب تبعها دخول الممرضة وهي تجر عربة طعام ببسمة بشوشة تقدم بها الطعام لروبين قائلة بإيطالية منمقة :
" ها هو الطعام آنستي، اتمنى أن ينال اعجابك "
لم تكد روبين تفتح فمها وتخبرها أن تتحدث بالانجليزية حتى قاطعها فبريانو وهو يشير للمرضة قائلًا بالايطالية :
" حسنًا شكرًا لكِ، أنا سأطعمها "
ابتسمت له الممرضة ثم رحلت بكل هدوء تاركة إياهم ...
تحرك فبريانو من مقعده وهو يتجه صوب الطاولة لتبتسم به روبين وهي تراه يجذب الطاولة صوبها قائلة :
" ماذا كانت تقول ؟؟؟"
جلس فبريانو على مقعده وعكس توقع روبين لم يكن فبريانو يحضر الطاولة لها، بل كان يدفعها لمقعده هو ثم جلس أمامها وهو يقوم بفتح جميع علب الطعام قائلًا بجدية كبيرة :
" كانت تخبرني ألا ادعك تتناولين هذا الطعام فهو سيء لصحتك "
أنهى حديثه تزامنًا مع وضع اول ملعقة في فمه يتناول الطعام بشراهة كبيرة وجوع قد بلغ منتهاه عنده، يتذكر الآن فقط أنه لم يتناول طعامه منذ الصباح ..
نظرت له روبين بعدم استيعاب لحديثه :
" عفواً ماذا قلت ؟؟؟؟"
رفع فبريانو عينه لها وهو يقول بتعجب :
" هل ضربوكِ على اذنك أيضًا ؟؟؟؟"
فتحت روبين فمها بصدمة لحديثه ثم مدت يدها السليمة تجذب الطاولة من أمامه بعنف تصرخ في وجهه :
" أنت يا سيد هذا طعامي أنا، فوق أنك لم تأتي لي بهدية، تأتي لتأكل طعامي أيضًا أي نوع من الأشخاص أنت ؟؟؟"
" لا ادري البعض يخبرني أنني من ذلك النوع الدموي والبعض الآخر يخبرني أنني من النوع البارد، ما رأيك أنتِ ؟؟؟؟"
نظرت له روبين وهو يتناول الطعام غير عابئًا بها وهي تقول بسخرية كبيرة :
" من النوع اللطيف "
" تبًا لكِ، لا تلقبيني باللطيف، المرة القادمة سأجل جسدك كلك مغطى بتلك الجبيرة القبيحة كوجهك "
أنهى حديثه وهو مستمر في تناول طعامها، اغتاظت بشدة من وقاحته في حديثه معها لتمد يدها مجددًا تحاول أخذ ولو قطعة صغيرة من الطعام، لكنه أمسك بها وهي تحاول سرقة طعامه _ كما فكر هو _ ليضريها بعنف على يدها وهو يزجرها بنظرات مخيفة :
" المرة القادمة التي تمدين ذراعك لسرقة طعامي ستعود بدون كف "
أنهى حديثه وهو يرميها بنظرات حارقة وكأنه طعامه هو وهي من تتهجم عليها سارقة إياه ...
شعرت روبين بالقهر والظلم يتسرب لها وهي تراقبه ثم فجأة و دون أن تشعر وجدت نفسها تقول :
" تبدو كطفل لطيف وأنت تأكل "
ألقى روبين معلقته بعنف شديد وهو ينهض قائلًا :
" هذا يكفي سأشوه وجهك القبيح هذا واجعله أكثر قبحًا "
صرخت روبين بفزع وهي ترفع إحدى الوسائد في وجهه تتعذر بشدة :
" آسفة آسفة ...خرجت دون وعي مني اقسم لك "
ضربها فبريانو بخفة على رأسه وهو يعود لمكانه بغيظ يكمل طعامه ليسمع سؤالها الذي خرج بعد فترة صمت :
" لِمَ تغضبك تلك الكلمة ؟؟؟"
رفع فبريانو عينه لها لتسترسل هي في الحديث :
" أعني من لايحب أن يدعوه الجميع باللطيف ؟؟"
" أنا "
" لماذا ؟؟؟"
تناول فبريانو الطعام ببرود دون إجابة لتتوقف هي عن الحديث وهي تراقبه بحسرة ينهي طعامها، ليخرج فجأة صوته وهو يقول بصراحة وبلا اهتمام وكأن الأمر عادي :
" هذا لأن الجميع كان يسخر مني في طفولتي ويدعونني باللطيف، ويتنمرون عليّ "
فتحت روبين عينها بصدمة وهي تقول :
" يتنمرون عليك لانك لطيف ؟؟؟ هذا ليس تنمرًا "
ابتسم فبريانو بسخرية وهو يترك الطعام ثم دفع الطاولة لها بعدما ترك لها نصف كمية الطعام بالضبط :
" نعم كانوا يسخرون من مظهري ويدعونني باللطيف الصغير "
باشرت روبين في تناول الطعام تقول بتعجب من بين مضغاطتها :
" لِمَ كيف كان مظهرك وأنت صغير ؟؟؟"
" طفل بشع ذو بشرة بيضاء بشدة و خدود ممتلئة حمراء واعين ملونة "
كان يتحدث بتقزز وهو يتذكر مظهره أثناء طفولته وتلك الفترة التي كان الجميع يسخر من مظهره و يدعوننه بالقط اللطيف، لكنه بالطبع لن يخبرها أنهم كانوا يشبهونه بالفتيات الصغيرات اللطيفات ...
غصت روبين في طعامها وهي تشعر بأنها يتلفظ أنفاسها، لذا أسرعت ترتشف بعض المياه بسرعة وهي تقول من بين أنفاسها اللاهثة :
" هل تخبرني أنك حزين بسبب أن مظهرك كان لطيفًا ؟؟؟؟"
هز فبريانو رأسه بدون اهتمام ليسمع صوتها العالي المضحك وهي تقول :
" يا حياتي على القمر الصغنن ابو خدود....يا خلاصي على العسل يا ناس، أنتِ حلوة كان عندك خدود وأنتِ صغيرة يا قمر "
رمقها فبريانو بحاجب مرفوع لملامحها تلك، حيث كانت تضم يديها لصدرها وهي ترمقه بعيون كادت تخرج قلوب ...
" مش متخيلة شكلك بخدود جميلة مقلبظة....يا مقلبظ "
كانت تتحدث وفبريانو فقط يرمقها ببرود شديد دون حتى أن يبدي منه أي ردة فعل منه على تلك الأشياء السخيفة التي تقوم بها، ليقاطع كل ذلك رنين هاتفه، أخرجه وهو مازال يرميها بنظرات مستهزئة قبل أن يضع الهاتف على أذنه وهو يستمع لصوت مارتن اللاهث و كأنه في سباق ما وبكلمات متقطعة غير مفهومة كان صوته يرنّ في اذن فبريانو :
" فبريانو .......تعال بسرعة ..... آدم ........"
___________________________
كانت تتحرك بسيارتها في