رواية ضد الزمن الجزء الثاني (المتناقض) الفصل الحادي عشر 11 بقلم حازم الباشا


رواية ضد الزمن الجزء الثاني (المتناقض) الفصل الحادي عشر بقلم حازم الباشا 


كنا قد تركنا ادهم وريم في غرفه الرعايه المركزه ، وقد اغلق امجد عليهم الباب من الخارج ، ثم رحل ليبحث عن زيتا


حيث تشابكت ايديهما ، ونهضا سويا ببطء ، ولم يستطع ادهم ان يقاوم رغبته المحمومه في ضم ريم الى صدره 


التي استمرت تردد اسمه مرات ومرات ...


وكأنه نوع من التسبيح ، فقد ارتقى عشق ادهم في قلبها لدرجه تفوق ما يعرفه البشر !!!


اما ادهم ... فقد كانت كل ذره من جسده تصرخ شوقا لريم 


وكأن خلايا جسده قد تمردت على طاعته ، واندفعت لتحتضن ريم بكل رقه ... وبكل قوه في آن واحد !!!


مرت لحظات ...

كانت اصابع ادهم تطوف فوق ملامح ريم ، وكانها عابد ناسك قد اهتدى الى كعبته بعد طول عناء !!!


بينما اقتربت ريم لتغمر رئتيها بعطر انفاس ادهم ، ورائحه جسده 


تلك الرائحه الزكيه التي كانت قد تلاشت من ذلك القميص الذي كان جليسها وأنيسها طوال تلك السنوات الثلاث العجاف 


فمنذ رحيل ادهم عنها ، وهي لا تعرف النوم الا بعد ان ترتدي قميصه 


(( لمزيد من التفاصيل ... برجاء مراجعة الحلقه الثامنه من قصه ضد الزمن ))


استمر احتضان جسد ادهم لقلب ريم ...

واحتضان قلب ريم لجسد ادهم

ومر الكثير من الوقت في انحاء العالم 

الا انه تجمد في تلك الغرفه !!!


فأدهم ... قد تلاشى كل شيء من حوله ، فلم يبقى الا كيان ريم !!!

فالزمان هو ريم

والمكان هو ريم

والدنيا كلها هي ريم 


اما ريم ... فكادت تجذم ... ان رحلتها على الارض قد انتهت ، وانها اخيرا قد دخلت الجنه 


فجنه ريم لم تكن تتعلق بما (لا عين رأت ولا اذن قد سمعت ) ، ولكن جنتها الحقيقيه تتلخص ببساطه في ... 


عين تكحلت برؤيه ادهم !!!

واذن قد طربت بسماع انفاسه !!!


هكذا كان النشهد ...وكلاهما صامت ، يسترقق السمع والاحساس بضربات قلب الاخر ، وكأنهما قد تبادلا قلبيهما معا 


فضربات قلب ادهم كانت تدوي عاليه داخل صدر ريم ، لتعلو فوق انين ضربات قلبها 


ودفء قلب ريم ، قد اشعل نيران الشوق والحنين في جوف ادهم ، الذي كان يعاني من سقيع دائم ، حتى وان ابتلع كل براكين الارض !!!


وظلت تلك الحاله المنفرده من العشق ، الى ان قطعها صوت ريم الرقيق وهي تقول وقد اختلطت حروفها ببكائها : 

انا اكيد بحلم 

مش ممكن تكون في حضني بجد يا ادهم 

رد عليا وقولي اني مش بحلم 


رد ادهم وهو يغالب دموعه ، وقد بذل اقصى جهده ليظهر متماسكا : 

لا يا ريم 

ده مش حلم 

وسامحيني يا حبيبتي 

اقسم بالله فراقك ده مكنش بإيدي 

ومش ممكن تتخيلي فراقك ده 

عمل فيا ايه 


ردت ريم بكل اسى ... وقد اجهشت في نوبه بكاء حار : 

انت بتتكلم عن اللي عمله فيك الفراق !!!

يا اخي حرام عليك 

ده انا كنت بموت كل يوم الف مره بسببك

انا كرهت الدنيا والعيشه وكرهت نفسي 

لولا اني متمسكه بامل رجوعك 

كان زماني اتجننت ولا انتحرت 


ثم امسكت يد ادهم ، ووضعتها على قلبها ، وهي تقول :

يا ادهم انا مش بس حبيتك 

انا عشقتك بجنون 

عشق خلاني اتحمل وجع 

لا انت ولا عشر رجاله زيك يقدروا يتحملوا وجعه 


رد ادهم وقد انفلتت دموعه من مقلتيه : 

وانا بنتفسك يا ريم 

انت بالنسبالي مش مجرد بنت حبتها 

انتي الدنيا كلها 

انتي الجنه اللي عشت محروم منها 


شعرت ريم بدموع ادهم ، وهي تتساقط فوق خديها ، فانتزعت رأسها من بين ضلوعه ، وانتفضت تقبل رأسه وجبهته وهي تقول : طب ابوس ايدك ما تعيطش

انا مقدرش استحمل اشوفك بتعيط 

انت حبيبي وحياتي وعمري كله يا ادهم


حاولت ريم تهدءه ادهم ، فقالت وهي تبتسم برغم دموعها التي لا تتوقف : 

انت عارف اني بنام كل ليله 

وانا لابسه القميص بتاعك 

فاكر !!!

القميص اللي ادتهولي البسه

وقت ما كان عندي كورونا !!!

لدرجه اني مبقتش اقدر انام 

الا وانا لابساه 

وحسا ان جزء منك لسه معايا 

ومحاوطني 


ابتسم ادهم ، وقد بدات دموعه تنحسر ، ثم اخرج كيسا صغيرا من جيبه ، وناوله لريم قائلا : 

عارفه الكيس ده فيه ايه !؟!


تناولت ريم الكيس من يد ادهم وتفحصته بدقه ، ثم قالت باندهاش : 

ده كيس فيه شويه رمل !!!


رد ادهم وهو يداعب خصلات شعر ريم الذهبيه : 

لا يا قلبي 

ده مش مجرد رمل عادي 

ده رمل انا اخدته من مكان علامات رجليكي جوا الحفره ، 

الحفره اللي حطيتك فيها 

في اول يوم اتقابلنا فيه


ثم استطرد : 

انا كنت بروح المكان ده كتير

 كنت بقعد هناك بالساعات 

وافضل افتكر اول لحظه حسيت فيها اني بحبك

لدرجه اني جبت كيس 

ومليته بالرمل اللي كانت بصمه رجليكي معلمه فوقيه

ومن وقتها 

وانا محتفظ بيه 

وبنام وانا ماسكه وببوسه وبحضه 

لمجرد انه شايل لمسه رجليلي عليه !!!


وما ان سمعت ريم ذلك ، حتى دفست رأسها مجددا بين ضلوع ادهم ، وقالت بكل استعطاف : 

انا بحبك 

بعشقك 

بموت فيك يا ادهم


رد ادهم بكل حنان : 

وانا بعيش فيكي يا ريم 

وعايش على امل ان ربنا يأذن لي اقرب منك تاني

وواثق جدا من رحمه ربنا بينا 


انتفض جسد ريم بقوه ، وصرخت بلوعه شديده : 

اوعى تقول انك هتبعد عني تاني 

والله العظيم انا خلاص 

مش هاقدر اتحمل اكتر من كده 

سنين وانا بتعذب في غيابك عني

بالله عليك ما تسبني تاني 

كفايه وجع بقا

انا قلبي مش مستحمل 

ولو خايف عليا 

فارجوك ما اتخافش 

مفيش اي حاجه ممكن تحصلي اكبر من فراقك 

خلينا نتجوز دلوقتي حالا 

واعيش ليله واحده معاك 

وانشالله بعدها اموت 


رد ادهم محاولا تهدئة ريم : 

حتى لو كان التمن ...

إن انا اللي اموت يا ريم !!!


هنا صرخت ريم بكل فزع : 

لا اوعى تقول كده 

انا اموت الف مره 

ولا ان يجرالك انت اي حاجه وحشه 

بعد الشر عليك يا قلب ريم


هنا انتزعها ادهم بقوه ، وضمها الى صدره وهو يقول بكل حنان : انا كلي كده 

فدا خصله واحده من شعرك يا ريم

اصبري 

وثقي في ربنا ثم فيا 

وصدقيني يا مولاتي 

ربنا رحمته اوسع مما تتخيلي 

يا حب عمري

يا عشقي الابدي

يا توام روحي 

يا ام نور !!!


وما ان سمعت ريم الكلمه الاخيره ، حتى لمعت عيناها ، وهدأت جوارحها ، فلقد فهمت رسالة ادهم !!!

وتذكرت ذلك الحلم الجميل ... 


عندما كان ادهم يسألها في الحلم ... 

اذا ما كانت تحبه اكثر ، ام تحب طفلهما ... نور 


(( عزيزي القاريء ... لمزيد من التفاصيل ، برجاء مراجعه الحلقه الاولى من قصه - ضد الزمن ))


استشعر ادهم ان ريم قد تفهمت الوضع ، واراد ان يمنحها مزيدا من الارتياح فقال مداعبا : 

انا بفكر اغير اسم ابننا 

واسميه امجد 


ردت ريم واصابعها تداعب ذقن ادهم : 

يا عم انت اتجوزني بس 

وانا اجيبلك نور وامجد 

وكل اللي نفسك فيه 


واخيرا ارتسمت الابتسامه على وجهيهما ، وكلامها على يقين ، بأن الله عالم بما في قلبيهما ، وهو ارحم الراحمين 


وانتهى ذلك المشهد من تلك القصه الاسطوريه ، بأن ضم ادهم رأس ريم الي صدره ، وناما لاول ليله ، وقد علما بأن حبهما لم ولن تشهد مثله الارض يوما 


فمشاعرهما ... اسطوريه ، وعشقهما ... ضد الكسر 


------‐-----------------ء


وعلى صعيد اخر كان امجد قد قضي ليلته بائسا مكتئبا


فهو لاول مره يختبر الشعور بالاحتياج والحنين الى شخص ، فما فعلته زيتا به ، كان اشبه بإعاده احياء المشاعر في قلب فارغ اصم 


فمنذ نعومه اظافره ، وهو يخشى الاقتراب من البشر


فتلك القدره الخارقه على قراءه افكار من حوله ، قد مكنته من رؤيه ما يخفيه الناس بداخل نفوسهم من غل وحقد وشر !!!


فقد عاش يتعذب برؤيه مدى بشاعة الناس ، وقد انكشف امامه ذلك القناع المزيف الذي اعتاد الجميع وضعه 


ليظهروا في حله مصطنعه من الطيبه والشهامه المزيفه 


واستمرت حاله نفور امجد من الناس ، وبالاخص من الفتيات التي كن يحاولن التودد اليه ، فبرغم علمه بمشاعرهن الجميله تجاهه


الا انه في نفس الوقت كان يرا في اعماقهم ذلك النفور والاشمئزاز من ماضيه 


والذي لم يكن لأمجد ادنى ذنب فيه ، فهو ابن المجرم القاتل ، الذي قتل زوجته ... قتل ام امجد


فذلك الجزء المظلم ، كان قاسما مشتركا بين كل النساء من حوله ، وعلى رأسهم إنجي ، التي تهيم به عشقا !!!


كانت كل النساء كذلك ... باستثناء تلك الفتاه الرقيقه العذبه ... زيتا ، التي كانت تحمل الخير والحب للجميع ، وكانت ترى في ماضيه سببا مضافا يدفعها الى مزيد من العشق والاحترام تجاهه 


وقد احتل حب امجد اعظم مساحه من قلبها النقي البريء ، فهو في عينيها بطلا ... استطاع ان يقهر ظروفه ويهزم ماضيه


ظل امجد يفكر في زيتا ، حتى خارت قواه ، وداعبه النعاس


فارتمى على فراشه ، وقد عزم على ان يسخر كل جهده لايجاد فتاته الضائعه ... او بلفظ ادق ... حبيبته الهاربه !!!


---------------------ء


وفي منتصف الليل ...


هب ادهم من نومه مفزوعا 


فلقد رأى حلما مستقبليا مخيفا ... 


يتعلق بفتاه تم اختطافها وقتلها 


وما اثار دهشه ادهم ... 


هو ان تلك الفتاه كانت تتكلم بلغه غير مفهومه لم يستطع ادهم ان يميز اي شيء فيها سوى .... اسم امجد 


فقد رددته اكثر من مره ... قبل ان تلفظ انفاسها الاخيره !!!


انزوى ادهم في احد اركان الغرفه ، واتصل بامجد ، وطلب منه ان يامر احد موظفيه بفتح الباب ، قبل ان تستيقظ ريم 


وبالفعل سارع امجد بتنفيذ طلب ادهم ، وتم فتح الباب ، معلنا عن نهايه تلك اللحظات التي عاشها ادهم في نعيم القرب من ريم


اقترب ادهم ببطء ، ليطالع وجه ريم ، التي بدت كطفله نائمه ، وقد سالت قطره من لعابها على خدها 


فمد ادهم اصابعه ومسح القطره برفق ، ووضعها في فمه ، فرحيق لعاب ريم بالنسبه له ، يعادل انهارا من اللبن والخمر والعسل


ثم خلع سترته ، ووضعها برفق على صدر ريم ، وطبع قبله حاره على جبهتها 


ثم انطلق مسرعا خارج الغرفه قبل ان تهزمه دموعه


فهو لا يعلم كم من الشهور او الاعوام سوف تنقضي حتى يرى ريم مجددا


‐------------------------ء


انطلق ادهم صوب منزل امجد 


وقد بدأ يتذكر تفاصيل وجه زيتا ، وادرك انها هي نفس الفتاه التي كان يشاهدها في منزل امجد


بينما كان يراقب منزله ، قبل اول لقاء جمع بينهما


وقد كان ادهم يظن بأن امجد لن يكترث كثيرا ، عندما يخبره بأن حياه زيتا في خطر ، وانها سوف تودع عالمنا قريبا 


لم يكن يعلم بأن ما قد يفعله امجد لانقاذ زيتا ، قد يتخطى ما يمكن ان يفعله هو نفسه لانقاذ ريم !!!


ولم يكن كلاهما على علم ، بأن نقاذ زيتا يحتاج الى معجزه 


وان تلك المعجزه تستلزم ان يتكاتف بطلي القصه ، فاتحادهما معا ... قد يصنع ما يمكن ان نسميه فعلا ... بالمعجزات 

الفصل الثاني عشر من هنا


تعليقات



×