رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل الحادي عشر 11 بقلم رحمة نبيل

 

  رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل الحادي عشر بقلم رحمة نبيل


فصل اليوم بمثابة الفتيل الذي سيشعل نيرانًا جديدة في دفتر الاحفاد، بمثابة الشرارة التي تعلن بداية الحرب، الهدوء الذي يسبق العاصفة .

استمتعوا 

ولا تنسوا الصلاة على الحبيب المصطفى .
________________________

تفاجئ السائق بالمسدس يوجه على رأسه، بينما التصقت راسيل في باب السيارة وهي ترمق ما يحدث بصدمة، تحاول كتم صرخة كادت تفلت منها، ترى يد مارسيلو تضغط بعنف كبير على رقبة السائق الذي ترك المقود يحاول التنفس بضربه ليد مارسيلو الصخرية، لكن مارسيلو ابتسم مقتربًا من أذن السائق :

" هل تعتقد أنني ابله ؟! لقد صعدت للسيارة برغبتي، لكن هذا لا يعني أنني سأسمح لك أنت والاحمق سيدك بأن تتمادوا "

قاوم السائق يد مارسيلو بكل ما يملك من قوة، متجاهلًا أن السيارة الآن تتحرك بلا قائد، لكن مارسيلو لم يهتم لكل هذا، يكاد يخرج روحه بين يديه، لا يهتم لبكاء راسيل في الخلف وهي تصرخ بجنون .

" سنموت، اتركه يقود السيارة، سوف نموت جميعًا "

حاول السائق أن يمسك مسدسه الذي سقط جواره حينما باغته مارسيلو بالهجوم، وكل أفكاره تدور حول قتل مارسيلو ومخالفة أوامر سيده الذي شدد على إحضاره دون أن يصاب بخدش واحد، لكن الآن تحكم به غضبه وأعماه عن أي أوامر، واخيرًا امسك المسدس، ثم رفعه بعنف يضرب به رأس مارسيلو الذي عاد للخلف بقوة وقد برقت عينه بغضب .

ازداد بكاء راسيل وهي تشعر أن موتها يحلق حولها، تلعن اليوم الذي عملت به لدى ذلك الرجل، والذي يبدو خطرًا في هذه اللحظة.

قفز مارسيلو للمقعد الأمامي جوار السائق، يهجم عليه بشكل مرعب يجذب رأسه له، يضربها بقوة في نافذة السيارة لتنبثق الدماء من وجه السائق وصراخ مارسيلو يصدح في السيارة بغضب :

" تعلم أن تعرف من هو خصمك قبل أن تقبل بكل غباء على مجابهته "

جذب رأسه بقوة يقربه من وجهه وهو يهمس ببسمة صغيرة :

" احيانًا لا تعطيك الحياة فرصة لتصحيح الأخطاء، وهذا الخطأ الذي ارتكبته بمحاولتك لاذيتي، لن تملك فرصة لتصحيحه "

أنهى مارسيلو كلمته وهناك بسمة مخيفة ترتسم على فمه، وقبل أن يدرك السائق مقصده شعره فجأة بجسده يندفع بعنف خارج السيارة، ليسقط على الطريق بقوة ولم يعي لشيء سوى بالألم الذي انتشر في أنحاء جسده وبقوة جعلته يغشى عليه منها، لكن وقبل أن يحدث ذلك سمع تلك الجملة التي خرجت من فم ذلك الرجل :

" ابلغ سلامي للغبي الذي ارسلك، وأخبره أنني ربما اكون محامٍ فاشل، لكنني أبرع في اشياء اخرى "

تبع حديث مارسيلو صوت محركات السيارة وهي تتحرك مبتعدة عن الرجل بقوة، كان مارسيلو يقود السيارة وهو يصفر ببرود بينما راسيل تجلس في المقعد الخلفي تشعر بقلبها قد توقف عن النبض، ووجهها شاحب بشكل مخيف، تنظر حولها تحاول أن تقنع نفسها أن ما حدث منذ ثواني كان مجرد تخيلات منها، لكن بالنظر للدماء التي خرجت من رأس السائق على جدار السيارة، انفجرت راسيل في البكاء برعب صارخة :

" أنت أيها المجرم، لقد كدت تقتل الرجل، إن لم تكن قد فعلت بالفعل، أنت قاتل "

ختمت حديثها وهي تفتح النافذة جوارها تصرخ للسيارات التي تعبر جوارها :

" أنقذوني، هناك قاتل هنا "

استدارت تنظر لمارسيلو الذي كان يقود السيارة دون أن يلتفت لها حتى :

" أوقف السيارة، اوقف تلك السيارة قبل أن أتصل بالشرطة واخبرهــ "

توقفت عن الحديث وهي تشعر بجسدها يندفع للامام بقوة بسبب توقف السيارة، ثم وجدت جسد مارسيلو يتحرك من المقعد الامامي ينظر لها نظرات باردة يميل بجسده نحوها، لتغمض هي عينها بقوة وهي تبكي صارخة به أن يبتعد عنها وجسدها ينتفض رعبًا منه، لكن فجأة شعرت بهواء قوي يضرب جانب جسدها، استوعبت فجأة وهي تفتح عينها أن مارسيلو عاد بجسده للخلف حتى يفتح لها الباب فقط .

نظرت للباب بصدمة لا تصدق أنه فتحه لها بهذه السهولة، نظرت له وهي تسأله بعينها إن كان جادًا فيما يحدث ام لا، لكن لم يصدر من مارسيلو سوى بعض الكلمات القليلة :

" هيا أخرجي "

" ماذا ؟! "

" ماذا ماذا ؟! طلبتِ أن أوقف السيارة لتهبطي، وها أنا أفعل، هيا اخرجي ولا تضيعي وقتي "

فتحت راسيل فمها بصدمة وهي تقول بنبرة مبهوتة :

" بهذه السهولة ؟! تتركني في مكان لا اعلم عنه شيء أو اعلم لغته، وتخبرني أن أهبط بعدما استهدفنا ذلك الرجل ؟! هل جننت ؟! ألا مروءة لديك يا رجل ؟!"

" أليس هذا طلبك ؟! "

" حقًا والآن أصبحت تنفذ حديثي ؟!"

نفخ مارسيلو بملل وقد بدأ يفقد صبره :

" ماذا تريدين يا امرأة، أنا لست متفرغًا لتلك الأحاديث "

ربعت راسيل يديها بقوة وهي ترمقه بقوة بينما داخلها يرتجف رعبًا منه :

" اعدني لبلادي كما اخرجتني منها "

ابتسم مارسيلو ببرود وهو يتحرك بالسيارة يتجاهل حديثها الغبي _ من وجهة نظره _ :

" إذن أخبرتني أنكِ حجزتِ لنا في فندق ؟! "

لم تجب عليه راسيل، بل اكتفت بمحاولة أخذ قرار تحسم به الجدال داخل عقلها، لكن صوت مارسيلو اخرجها من شرودها ذلك وهو يهمس بملل شديد :

" اتمنى أن تكون نساء ذلك الفندق جميلات؛ حتى لا اضطر للنظر إلى وجهك طوال الوقت "

فتحت راسيل عينها بصدمة من وقاحته، تشعر بتماديه في الحديث معها، لكنها رغم ذلك لم تجب تساؤله، تحاول أن تبتعد بعينها عنه، وهي تفكر في سبيل للفكاك من الورطة التي تدعى مارسيلو .

____________________________

خرج من شقته يحمل في يده سترته السوداء، ومفاتيح سيارته، يضغط على زر التحكم عن بعده، ثم صعد لسيارته يستقر خلف المقود، وهناك بسمة واسعة ترتسم على فمه، وكأنه ذاهب لحفل تكريم عن مجمل أعماله، تحرك فبريانو بسيارته من أمام العمارة الخاصة به، وقد كانت قيادته للسيارة في تلك اللحظة أشبه بقيادة جاكيري، حيث كان يتخطى السرعة المحددة بشكل خطير، يخرج هاتفه يضعه أمامه وهو يجري اتصالًا لأخيه .

" مارتن، سوف ارسل لك رقم هاتف اريدك أن تعلم مكان هذا الهاتف "

" هل هو هنا في ايطاليا ؟!'

" لا في مصر "

نظر مارتن بحدة وهو ينتزع مسدسه من يد جولي التي كانت تحمله بسعادة كبيرة وهي تتجهز للذهاب معه للشركة، ابعد عينه عن جولي بعدما رماها بنظرة حادة يقول بينما يفرك جبينه :

" حسنًا لكن هذا سيستغرق وقت أكبر و"

" خمس دقائق مارتن، ليس اكثر "

فتح مارتن فمه يبتسم بعدم تصديق مرددًا بسخرية كبيرة بعدما امسك يد جولي التي كادت تمسك بمسدس اخر من نوع آخر غير ذلك الذي انتزعه منها سابقًا :

" خمس دقائق ؟! هل تمزح معي فبريانو؟! أنا أخذ خمس دقائق حتى اجهز حاسوبي فقط "

لم يهتم فبريانو بحنق أخيه وهو ينحرف بسيارته في أحد الشوارع، وعينه تضيق بشر :

" خمس دقائق مارتن وارى العنوان على هاتفي "

أنهى المكالمة يلقي هاتفه جانبه ثم توقف بالسيارة جانبًا ينتظر أن يرسل له مارتن عنوان الهاتف الذي حدثته منه تلك البشعة واتسون، نفخ بضيق وهو يمسح وجهه يلعن نفسه؛ لأنه تجاهل وجود تلك الحقيرة هنا جواره، تحركت عينه على الهاتف جواره يراقبه بتركيز كبير، ينتظر أن تنير شاشته رسالة تنهي تلك المشاعر داخلة، لكن ما حدث هو أن رقمًا غريبًا اضاء شاشته، رمق الهاتف ببرود لثواني، قبل أن يرفع الهاتف، يضعه على أذنه، لكن فجأة انتفض جسده معتدلًا وهو يسمع صوت روبين تقول ببكاء :

" فبريانو أنت فين؟! الناس اللي هنا بيقولوا كلام غريب "

صمتت روبين قليلًا وهي تنظر حولها ترمق رجلًا ما، ثم همست بحسرة وقهر :

" دول اخدوا السماعة بتاعتي يا فبريانو "

أنهت حديثها وهي تحاول مسح دموعها وشهقاتها تصل لفبريانو الذي كان يضغط على المقود من الجهة الآخر وغضبه يزداد ويزداد، يهمس بنبرة خافته حنونة :

" روبين "

قاطعته روبين عن أكمال حديثه، وهي تقول بجدية كبيرة تنظر حولها للرجل الذي أعطاها الهاتف :

" في واحد هنا عطاني التليفون ده وقالي اقولك على العنوان، وكمان بيقولي أنهم هيقتلوني اساسا كمان نص ساعة "

صمتت ثم قالت بصوت مختنق بالبكاء والشجن يظهر واضحًا في نبرتها:

" كله بسببك أنت، من يوم ما عرفتك وانا بقيت اتخطف اكتر ما بتنفس، وكل مرة بتكون اسود من اللي قبلها "

ختمت جملتها ببطاؤ قد اشتد وهي تفكر أن تلك المرة هي الحاسمة، وسوف تنتهي حكايتها هنا، ولذلك همسات بشجن وحنين :

" فبريانو لو حصل ليا أي حاجة قبل ما توصل، أو لو نفذوا كلامهم وقتلوني اوعى تــ.... "

قاطع حديثها زفرات فبريانو الذي قال بعنف :

" لا تتحدثي بهذه الطريقة روبين لن يحدث لكِ شيء "

" سيبني اكمل كلامي لو سمحت، اقسملك يا فبريانو لو أنا حصلي حاجة وبصيت كده ولا كده على اي واحدة أنا هخلي عفاريتي تعكنن عليك عيشتك كلها أنت وعيلتك نفر نفر، لو عرفت واحدة غيري أنا هخلي روحي تظهرلك وتقتلك سامع "

فتح فبريانو عينه بصدمة من حديثها، وهو من ظن أنها ستتحدث كما يحدث عادة وتخبره ألا يغلق قلبه و يحاول أن يعيش كما هو معها، لكن روبين لم تتوقف عند ذلك وهي تقول بشر جعل فبريانو يبتسم :

" يا انا يا مفيش يا فبريانو"

" العنوان روبين "

تحدثت روبين وهي تنظر للرجل جوارها والذي كان يراقب الجميع يتأكد أن لا أحد ينتبه لما يفعل :

" أنا معرفش العنوان الحقيقة، ممكن تكلم الراجل اللي جابلي التليفون وتسأله، أنا بس كنت حابة اقولك وصيتي لو حصل حاجة "

ختمت حديثها وهي تعطي الهاتف للرجل تشير له أن يتحدث، وهكذا فعل الرجل حينما رفع الهاتف على أذنه يتحدث باحترام .

" مرحبًا سيدي "

" من أنت وما هدفك خلف مساعدة روبين ؟!"

نظر الرجل لروبين نظرة سريعة قبل أن يبعد عينه باحترام مرددًا :

" سيدي أنا أحد رجال السيد انطونيو، وعندما أخبرته بمواصفات الآنسة التي هنا وارسلت له صورتها أعطاني رقمك وطلب مني أن أخبرك بوجودها هنا "

ابتسم فبريانو بسمة صغيرة وهو يقول بنبرة مخيفة :

" هنا أين بالتحديد ؟!" 

_________________________________

ارتدى نظارته الشمسية ينظر لجولي جواره، يراها ترتدي الأسود بشكل مبالغ فيه، وتضع على عينها نظارة تشبه خاصته، نفخ مارتن بضيق وهو يردد معلقًا على ما تفعل :

" ما هذا جولي ؟! لِمَ ترتدين هذه الثياب ؟!"

نظرت له جولي بعد فهم :

" ماذا؟! أنا فقط احاول أن ابدو مخيفة، ثم هكذا أرى الأشخاص الخطيرين في التلفاز "

ابتسم مارتن بسمة ساخرة وهو يخرج من سيارته يتجه صوبها يفتح لها الباب، يمد يده لها وهو يردد بلطف :

" آه صحيح، لهذا شعرت بالخوف حينما رأيتك تصعدين للسيارة جواري ؟! احسنتِ الاختيار حبيبتي "

ختم كلماته وهو يسحبها من يدها بلطف، يسير بها نحو الشركة يردد بجدية حتى لا يعاني ويلات تهورها :

" كما اتفقنا جولي، اريد للأمر أن يبدو عاديًا، لا اريد أي مبالغة في ...."

لكن لم تعطه جولي فرصة اكمال تعليماته وهي تصرخ مشيرة صوب جهة معينة وصوتها يرج جدران المكان حولها :

" أيتها الحقيرة "

نظر مارتن حوله بسرعة يحاول التأكد أن لا أحد هنا في هذا الطابق المخصص لمكاتب الإدارة، ثم تنفس براحة وهو يدرك أن لا أحد انتبه لهم، يركض خلف جولي التي غافلت المساعدة الشخصية لانطونيو وانقضت عليها بشكل جعل الفتاة تصرخ برعب محاولة تخليص نفسها من بين يديها .

" أيتها الحقيرة تتجرأين وتأتين لمنزلنا، ثم تدعين البراءة وأنتِ تعلمين ما ستتسببين فيه ؟! لعنة الله عليكِ يا حقيرة "

أنهت حديثها وهي تسقط الفتاة ارضًا وقد بدأت صرخاتها تعلو بشكل مثير للإنتباه؛ لذلك تدخل مارتن وهو يحاول جذبها بقوة من فوق الفتاة. متحدثًا بغضب من بين أسنانه :

" توقفي جولي، سوف تقتلين الفتاة "

لكن جولي لم تتوقف وهي تنقض على الفتاة بغضب مخيف، تتذكر تلك اللحظات التي عاشتها أثناء وجود روما داخل غرفة العمليات، لحظات جحيم عاشتها وهي ترى العائلة على وشك الانهيار بسبب ما حدث لها ولانطونيو .

بكت الفتاة أسفلها وهي تحاول الاستنجاد منها :

" ابتعدي عني، ما الذي تتحدثين عنه أيتها المجنونة؟! أنقذوني، النجدة لينقذني أحد "

تمكن مارتن من جذب جسد جولي له بقوة وهو يضم جسدها له بقوة كبيرة، يحاول أن يتحكم في غضبها، بينما اصوات اقدام تنبأه لقدوم الموظفين بسبب الصرخات التي تخرج من الفتاة وجولي، وبالفعل خلال ثواني امتلئ الطابق بالاعين الفضولية والجميع يتساءل عما حدث .

بكت الفتاة بقوة وهي تنهض ارضًا تستنجد بالجميع :

" تلك الفتاة المتوحشة كادت تقتلني، ارجوكم ساعدوني "

حاولت جولي التحرر من يد مارتن، لكنه شدد من قبضته على خصرها وهو ينظر لها بتحذير أن تتمادى في وجود الجميع، ثم رفع عينه لهم وهو يقول بجدية :

" كلٌ لعمله يا سادة، هذه مشاكل خاصة، ارحلوا رجاءً"

علت الهمهمات بين الجميع والكل يستنكر ما يحدث، يفكرون في هوية تلك المشاكل الخاصة بين رئيسهم وحبيبته والمساعدة الشخصية لرئيسهم الآخر، لكن من بين كل تلك الأصوات انبثقت صرخات جولي وهي تحاول التحرر من يد مارتن مرددة بغضب :

" أنها تهرب، اتركني مارتن تلك الحقيرة تهرب "

امسكها مارتن بقوة وهو يقربها منها وعينه تتحرك مع المساعدة الشخصية التي ركضت للخارج بشكل فزع وكأن الشياطين في أعقابها :

" اششش لا بأس لقد انتهينا جولي "

نظرت له جولي بصدمة، لا تفهم حديثه، لكنه لم يمنحها الفرصة للسؤال وهو يشير للجميع بالرحيل :

" انتهى العرض يا سادة، عودوا لعملكم "

تحرك الجميع تاركين جولي تنظر لمارتن بصدمة وقد بدأ الغضب يحتل ملامحها شيئًا فشيء، وقبل أن تصرخ في وجهه تستنكر فعلته، وجدته يجذبها لاحضانه بلطف كبير يردد وكأنه يحدث فتاة صغيرة :

" احسنتِ بنية العينين، اتممتِ دورك بشكل كامل، والآن حان الوقت لتبدأ المرحلة الثانية "

نظرت له جولي بعدم فهم، ليقترب هو مقبلًا خدها في لطف مشيرًا لمكتبه يحاول صرف تفكيرها على ما يحدث :

" هيا لدي صاروخ في مكتبي دعيني اريكِ إياه "

في الاسفل كانت الفتاة ما تزال تركض برعب وقد بدأت تشعر بضربات قلبها تخفق قلقًا، بل هلعًا من انكشاف فعلتها، اخرجت هاتفها بسرعة وهي تضعه على أذنها ترتقب الإجابة من الطرف الآخر، واستمر الأمر لثواني قبل أن تتحدث بسرعة واندفاع :

" حدثت كارثة، لقد كُــ...."

توقفت عن الحديث وهي تقف في منتصف الطريق برعب ترمق السيارة التي على مشارف دهسها وعينها مفتوحة بصدمة لا تستمع لحديث الطرف الآخر، ودقات قلبها ارتفعت وتيرتها بشكل مخيف، لكن فجأة وجدت السيارة تقف على بُعد خطوة منها، ويهبط هو بهيبته المعتادة وعلى فمه ترتسم تلك البسمة التي كانت تدعي ألا تراها يومًا موجهة لها، تحرك ذلك الجسد الطويل يقترب منها بخطوات بطيئة بثت في نفسها الرعب، حتى توقف أمامها، همست برعب وهي تنظر لوجهه :

" سيد .....سيد انطونيو ؟!"

" مرحبًا ......"

_______________________________

ركض جايك في ممرات القصر بسرعة كبيرة يتجه صوب غرفة مايك وهو يحمل في يده هاتفه يحاول الاتصال بشخصٍ ما، لكن يبدو أن مساعيه قد باءت بالفشل كما تُظهر ملامحه المحتقنة بالغضب، قابل في طريقه روز التي خرجت لتوها من غرفتها، لترسم على فمها بسمة واسعة، ترفع يدها لتحيته، لكن انمحت البسمة ببطء وهي ترى جايك يتجاهلها راكضًا بعيدًا عنها .

انزلت روز يدها بخيبة أمل تنظر في أثره بعدم فهم، لكن لم تكد تلحق به حتى وجدت فتاة تخرج من الغرفة المجاورة لغرفة ادم، وقد كانت الفتاة نفسها التي أحضرت الصبي الصغير لادم ذلك اليوم .

تحركت هايز صوب روز وهي تبتسم بلهفة :

" مرحبًا هل يمكنك مساعدتي !!"

على الجانب الآخر اقتحم جايك غرفة مايك بقوة لم تؤثر مقدار شعرةٍ في ذلك المتسطح على الفراش والذي كان يبدو منغمسًا في حلمٍ سعيد، هجم جايك على فراشه وهو يصرخ بنبرة جعلته ينتفض رعبًا :

" مايك استيقظ، مايك "

فتح مايك عينه بفزع وهو ينظر حوله ولم يستوعب بعد ما يحدث :

" ماذا حدث، ماذا حدث ؟!"

امسك جايك كتفه حتى يثبته في مواجهته وهو يقول بجدية :

" ماركوس حدثني منذ دقائق وطلب مني أن الحق به إلى أحد أماكن تمركز العصابات، ويبدو أنه لا ينتوي خير، أخبرني أنه ذهب لينقذ تلك الفتاة الصغيرة " 

فتح مايك عينه بفزع وهو يعتدل في جلسته يردد بعدم فهم :

" أي فتاة تقصد ؟! فيور ؟!"

صاح جايك بحنق وغضب من تلك الفتاة بسبب تعرض ماركوس للخطر لأجلها :

" تبًا لها، نعم هي تلك الحمقاء، انهض وتعال معي لنلحق به قبل أن يؤذي نفسه "

ختم حديثه وهو يركض خارج الغرفة يشير له أن يلحق به :

" بسرعة مايك، علينا أن نلحق به، سوف اذهب لاخبر ادم "

خرج جايك من الغرفة وهو يتجه بسرعة صوب غرفة ادم تاركًا مايك ينظر في أثره بصدمة كبيرة يردد بعدم فهم :

" فيور ؟! كيف ؟!" 

___________________

خرجت روز من غرفتها وهي تحمل بعض الثياب النظيفة، ومنسقة جديدة لأجل هايز والتي طلبت منها ذلك؛ حيث أنها لم تحضر ثياب أثناء قدومها إلى هنا رفقة آدم، ابتسمت هايز وهي ترى روز تقترب منها حاملة الثياب بيدها :

" اشكرك كثيرًا أشعر أنني اثقل عليكِ بطلبي هذا "

هزت روز رأسها وهي تشير لها أنها لم تفعل شيء، وأثناء ذلك عبر من أمامهم جايك الذي تجاهل وجودها للمرة الثانية مما جعل وجه روز يحمر حرجًا وغضبًا منه تتساءل عن سبب تجاهله لها بهذا الشكل، بينما جايك لم ينتبه حتى لوجودها وكل تفكيره يقبع عند ماركوس .

اقتحم جايك غرفة ادم وهو يصرخ بنفس الشكل :

" ادم أيها الحقير استيقظ، ألم يكفيك تغيبك البارحة وذهابك للتنزه رفقة تلك الطبيبة ؟!"

سقط ادم من فراشه بسبب انتفاضته القوية التي نتجت عن اقتحام جايك، ولم يشفق عليه جايك أو يتوقف عن أفعاله، بل اقترب منه يجذبه من الأرض بعنف متجهًا به صوب المرحاض الذي يقبع في غرفته، بينما آدم مازال يقاوم النعاس ولم يستيقظ بشكل كامل، يستمع لتقريع جايك الحانق :

" نحن هنا نعاني من المصائب والسيد الصغير يتنزه ويستمتع رفقة الطبيبة وابنها "

همس آدم بنعاس وهو يحاول فتح عينه :

" ماذا تقول أنت؟! أي استمتاع هذا لقد كنت في المشــ "

توقف عن الحديث بسبب دفع جايك له في المرحاض وهو يرمقه بشر :

" اششش حسابك معي لاحقًا يا سيد، والآن تجهز فعلينا اللحاق بماركوس قبل أن يحدث له شيء "

هنا وفتح ادم عينه باتساع يهمس بصدمة :

" ماركوس ؟! ما به ماركوس ؟! "

ابتسم جايك بسمة ساخرة جعلت ادم يود لو ينقض عليه :

" فقط انتهي والحق بي أنا ومايك ايها اللعوب "

تحرك جايك للخارج تاركًا آدم ينظر لاثره بصدمة وهواجسه تلاحقه أن ماركوس حدث له شيء سيء؛ لذلك ركض بسرعة يتحضر للـ لحاق بمايك وجايك .

_____________________________________

" آنسة لورا، دورك الآن "

ابتسمت لورا بسمة صغيرة وهي تحمل حقيبة يدها تنهض من مقعدها، متجه صوب الباب الذي أشارت له الممرضة منذ ثواني، وقلبها قد انقبض بقوة، لا تشعر بالراحة أبدًا في هذا المكان، لكنها مضطرة للقدوم هنا، لربما تصل أخيرًا لحل يخص مشكلتها .

تحركت بآلية صوب الأريكة التي تستقر في أحد أركان الغرفة، ثم تمددت عليها بهدوء كبير تضع يدها على معدتها وهي تنظر للسقف الذي حفظته تقريبًا وقد أحصت عدد الشقوق به بسبب كثرة تحديقها به كل مرة تأتي لهذا المكان، شعرت بجسد يستقر على المقعد جوارها، وصوت رخيم هادئ يردد بمرح : 

" يبدو أنكِ صرتِ خبيرة في هذا آنسة لورا "

لم تجب لورا على مزحته تلك وهي تقول بشرود كبير :

" لقد أخبرتني سابقًا أن هناك الكثير من الحالات تعالجت مما اعانيه، لماذا إذن لم يحدث ذلك معي؟! الأمر يزداد سوءاً معي"

تنهد الطبيب وهو ينظر لـوجهها يحاول اختراقها ومعرفة ما عاشته، ليرتفع صوتها مجددًا :

" أليس هناك علاج لي؟! اريد أن أعيش بشكل طبيعي" 

" آنسة لورا، أنتِ لستِ مريضة بمرض عضوي حتى يكون لكِ علاج سحري بمجرد أخذه تبرئين من سقمك، حتى بعض الأمراض العضوية لايوجد لها ذلك العلاج السحري، الأمر يحتاج للوقت والجهد والأهم من ذلك الاصرار "

هبطت دموع لورا وهي تقول بيأس:

" يا ليتني كنتِ مريضة بمرض عضوي، علّي وقتها استطعت أن أظهر الجميع كم اتألم، أنت لا تدرك مقدار المعاناة التي أعيش بها، أنا أعيش بين أشخاص لا يؤمنون بالمرض النفسي، بل يجب أن يروا دماءك تسيل أمامهم حتى يتأكدوا أنك تتألم "

صمتت وهي تقول بصعوبة من بين بكائها :

" دكتور أنا حتى لا أثير الشفقة بقلوبهم، تلك الشفقة التي يهرب منها جميع المرضى، أنا لا اراها بأعينهم، أنا فقط أرى مجرد استخفاف واستهانة بي، أصبحت لا انام إلا بعدما ابكي لساعات حتى ييأس مني عقلي ويقرر إعطاء أوامر لجسدي بالراحة؛ حتى يستيقظ ويكمل بكاء في اليوم التالي، لا أحد يشعر بي ولا بألمي، احيانًا أود الصراخ أنني أتألم ايضًا، أنني أعاني، أنا لا اتدلل، أنا اختنق "

صمتت وهي تحاول التحكم في تنفسها الذي أصبح صعبًا بسبب بكائها وصراخها في الوقت ذاته، تغمض عينها ثواني قبل أن تلقي قنبلتها في وجهه :

" امي تريدني أن أذهب لزفاف ابن خالتي "

اعتدل الطبيب في جلسته وهو يردد بعيون ضيقة :

" هو نفسه خطيبك السابق ؟!"

هزت لورا رأسها تضيف على حديثها السابق :

" وأنا وافقت "

" حسنًا آنسة لورا، مواجهة اسباب انهيارك هي خطوة جيدة للعلاج، لكن في هذه الفترة لا انصحك بفعل ذلك، أن تذهبِ بقدمك للرجل الذي كان بمثابة القشة التي هدمتك، ومواجهته في حالتك تلك هي مخاطرة قد تؤتي نتائج عكسية وتؤدي لتدهور حالتك "

رفعت لورا عينها الحمراء وهي تردد محركة كتفها في حركة تدل على عدم اهتمامها :

" وكأن حالتي تنتظر تلك المقابلة حتى تدهور، انتهى الأمر دكتور لقد سبق وحجزت فستاني وجهزت نفسي للذهاب، فلا اريد احزان والدتي على أية حال "

صمتت ثواني وهي ترى نظرات الطبيب الرافضة والمستنكرة لطريقتها في التعايش مع مرضها النفسي، قبل أن تبتلع لورا ريقها وهي تقول بشرود تقاطع نظراته الحانقة تلك :

" لقد حصلت على رفيق جديد "

انتبه لها الطبيب بكامل تركيزه، يرى بسمة صغيرة ترتسم على فمها بشكل جذب كامل انتباهه، يسمعها تردد براحة لأول مرة أثناء حديثها عن أحد :

" هو الطف شخص عاملني حتى الآن، وهذا يثير رعبي "

تفهم الطبيب تفكيرها وما يدور الآن بخلدها، دوّن بعض الكلمات في الدفتر أمامه وهو يقول بجدية :

" هل رأيتِ منه أي بادرة قد تخيفك منه ؟!"

هزت لورا رأسها بلا وهي تنظر له وعينها تدمع بلا إرادة منها، وكأن من كثرة بكائها أضحت العين تظن أن تلك هي وظيفتها الأهم :

" لا، لم يفعل "

ابتسم الطبيب بسمة حنونة يردد بجدية :

" إذًا لِمَ لا نجرب لمرة أخيرة؟! اقتربي منه، لربما يكون ذلك الشخص اللطيف هو الضوء الذي سيرشدك لطريق علاجك "

" تظن هذا ؟!"

" نعم، واريدك أن تخبريني بكل ما يتعلق بذلك الرجل "

_____________________________

كان يقف في منتصف المنزل وهو يرفع سلاحه وأمامه بعض الرجال أصحاب الأجساد الضخمة، لكنه لم يهتم بهم أو بما يفعلون، بل ابتسم بسخرية لاذعة وهو يقول :

" حسنًا انتم تضيعون وقتي، وكذلك وقتكم؛ لذلك اقترح أن تعطوني فيور وسوف ارحل "

تحدثت سيدة وهي تجلس على الأريكة بكل أريحية لا تهتم لسلاحه الذي يرفعه عليها، ويبدو أن تلك الأجساد الضخمة حولها تعطيها ثقة كبيرة في نفسها :

" اخبرتك أن لا فتيات لك عندي، وتلك الفيور التي تتحدث عنها، أنا لا أعلم عنها شيئًا "

بمجرد انتهاء حديثها كانت رصاصة من مسدس ماركوس تخرج نحو هدفها والذي كان ساق أحد الرجال، وصوته يخرج صارخًا بغضب :

" لا تستفزي غضبي أكثر وإلا اقسم أن اقتل الجميع هنا ولن أهتم "

ويبدو أنه نجح في هز ثقة السيدة حيث اعتدلت في جلستها بتحفز، وهي تنظر لرجالها الذين عادوا للخلف قليلًا خوفًا من سلاحه، فهم لا يمتلكون مسدسات، فقد كانوا يعتمدون على اجسادهم في اخافة الجميع هنا .

" ألا تفهم يا فتى أخبرتك أن فتاتك تلك ليست هنا، لا يوجد فتاة هنا بهذا الاسم او بالمواصفات التي تتحدث عنها "

احمرت عين ماركوس بغضب وهو يصرخ في وجهها :

" وهل تعتقدين أنني ابله يا سيدة ؟! لقد علمت أنها هنا لديكِ، وإن لم تخرج والآن سوف انفذ ما قلته سابقًا "

تحركت عين السيدة في الخفاء وهي ترمق أحد الرجال الذي تسلل بحذر من الخارج يقف خلف ذلك الشاب المجنون، ينتظر اللحظة المناسبة حتى يقيده، لكن ماركوس استدار بسرعة كبيرة يطلق رصاصة في منتصف صدر ذلك الرجل يرديه قتيلًا، ثم التفت ببطء وهو يهمس بشر :

" اريد فيور، والآن" 

_________________________

اعتدل اسكندر في وقفته وهو يرى اقتراب شاب هزيل الجسد متسخ الثياب منه بحركات سريعة، يلتفت كل ثانية والأخرى حوله، حتى توقف أمامه وهو يقول بجدية وقلق ظهر جليًا في صوته :

" أنا عرفتلك يا باشا أجهزة المراقبة بتاعة العمارة فين ؟! هتلاقيها في الدور الأول تاني شقة على اليمين، وبيكون عليها شيفتات طول الوقت ماعدا الساعة واحدة الضهر والساعة تسعة بليل، لأن ده الوقت اللي بيتبدل فيه الشيفتات "

أنهى الشاب حديثه وقد افضى بكل المعلومات التي حرص على سحبها من والده حارس العقار، ومعرفة منه كل ما يخص أجهزة المراقبة الخاصة بتلك العمارة، فتح الشاب عينه وقد ارتسمت بسمة جشعة على فمه وهو يراقب تلك الأموال التي اخرجها اسكندر من جيب بنطاله، يكاد لعابه يسيل لأجلها، وماكاد اسكندر يرفع يده بالاموال، حتى انتزعها الشاب منه انتزاعًا، يتحسس ملمسها بسعادة كبيرة يردد بلهفة :

" ده كتير اوي يا بيه والله "

ابتسم اسكندر بسخرية وهو يمد يده يردد بحنق :

" مفتاح الشقة "

نظر له الشاب بعدم فهم للحظات قبل أن ينتبه فجأة لنسيانه أمر المفتاح الذي استطاع أن يحوذ نسخة منه من سلسلة مفاتيح والده :

" أيوة صحيح، لا مؤاخذة يا بيه نسيت، اتفضل ده مفتاح الشقة اللي فيها كل أجهزة المراقبة "

أخذ اسكندر المفتاح منه ثم هز رأسه ببطء وهو ينظر للسيارة التي تقف خلفه :

" طب تمام شكرًا ليك، وطبعًا مش محتاج أبلغك أن لو حد عرف بالاتفاق اللي بينا هيحصلك ايه ؟! "

هز الشاب رأسه بسرعة وهو يردد :

" ينقطع لساني لو نطقت بكلمة يا باشا "

هز اسكندر رأسه ثم تحرك بخطوات متزنة صوب السيارة يضغط على المفاتيح بقوة، يصعد للسيارة وهو يشير لجاكيري بالتحرك :

" هيا "

تحرك جاكيري بالسيارة وهو يراقب في المرآة اسكندر الذي نزع باروكة الشعر المستعار واللحية الكثيفة التي كانت تغطي نصف وجهه وايضًا النظارة السوداء التي كانت تساهم بدورها في إخفاء ملامحه :

" لقد أحضرت مفتاح شقة المراقبة، والآن الجزء الثاني من الخطة "

ختم جملته وهو يمد يده لجاكيري بالمفتاح يردد بجدية :

" سوف انتظر اتصالًا منكم "

أخذ جاكيري المفتاح من يده وهو ينظر جواره لتوفيق الذي أشار له أنه جاهز، توقف جاكيري بسيارته أمام إحدى البنايات وهو يعدل من ثيابه، ثم تحدث بجدية أثناء ترجله من السيارة :

" هيا توفيق لننتهي من هذا "

تحرك كلًا من توفيق وجاكيري صوب العمارة التي سبق وحدثت بها جريمة القتل المتهمة بها رفقة، يستمع لصوت توفيق جواره يتحدث بجدية :

" ستفعل كنا أخبرتك، سوف تقف جانبي ولا تبدي أي ردة فعل قد تكشف تنكرنا، كل ما ستفعله هو قول كلمة ( وه يا بوي ) كل فترة حتى يقتنع من أمامنا بتنكرنا "

نظر جاكيري لثيابه التي يتميز بها أهل الصعيد في مصر وتلك العمة تعلو رأسه يردد بعدم اقتناع :

" حقًا ؟! هكذا سأبدو من جنوب مصر ؟!"

" نعم افعل ما اخبرك إياه وستكون، ولا تنسى أن تقول وه يابوي كل دقيقة "

" وهل هكذا يتحدث أهل الصعيد في جنوب مصر ؟!"

اجابه توفيق ببسمة غبية :

" لا هكذا يتحدث أهل الصعيد في التلفزيون المصري "

انتبه توفيق أثناء حديثه للعِمة التي تقبع فوق رأس جاكيري والتي كانت غير منتظمة الشكل كما يرى عادة، لذلك أشار له أن يعدل من وضع عِمته، لكن جاكيري لم يعرف كيف يتصرف، تقدم منه توفيق يحاول أن يصل لرأس جاكيري ويعدل من وضعيتها يردد بتأفف واضح :

" شكلك هتبوظ الخطة، اتظبط كده عشان ربنا يكرمنا في اللي داخلين عليه "

لم يفهم جاكيري معنى حديث توفيق، لكنه لم يكد يستفسر حتى رأى توقف توفيق والذي تحرك صوب الرجل المستقر على مقعد أمام بوابة البناية :

" سلام عليكم يا اخينا "

" وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، اؤمرني "

هكذا رد بواب العمارة التحية وهو يعتدل في جلسته يرمق الرجلين بتفحص يحاول معرفة سبب وجودهما، ويبدو أن توفيق أدرك نظراته، حيث تحدث بجدية وهو يشير للبناية :

" كنت بس حابب أسألك لو فيه شقق فاضية في العمارة اهنه، اصل عقبال عندك جيت أنا وابني نحضر فرح لناس تبعنا اهنه وكنا عايزين نلاقي مكان نبيت فيه"

وكان واضحًا على التوفيق الجهل في تقليد اللهجة الجنوبية، فتحولت من لهجة خشنة فخمة، إلى لهجة أخرى غير مفهوم اصلها، ولأجل إقناع البواب بتمثيلهما اطلق جاكيري الكلمة التي عمل طوال الليل على حفظها، يطلقها بقوة من فمه :

" وه يا بوي " 

نظر البواب بتعجب لذلك الشاب الذي تبدو ملامحه غير مألوفة للأعين هنا، يستغرب كلمته السابقة :

" وانتم بقى عايزين الشقة دي كام يوم يعني ؟!"

" يومين إن شاء الله، وياريت لو تكون الشقة في الدور الأول لاحسن أنا عندي الغضروف ومش بقدر اطلع سلم "

تحدث البواب ببسمة :

" لا متقلقش احنا عندنا اسانسير في العمارة هنا "

" لا ما هو ابني بعيد الشر عنده ضيق تنفس فممكن يموت مني لو ركب اساسنير، مش كده يا حبيب بابا ؟!"

وكما تدرب جاكيري أجاب بآلية :

" وه يا بوي " 

ابتسم توفيق بغباء، يراقب ملامح البواب الذي كان يرمق الاثنين بعدم فهم، يتعجب طريقة حديث الأب التي تدمج ما بين القاهرية والصعيدية في بعض الالفاظ، وابنه الذي يردد كلمته تلك بدون مناسبة، لكن رغم ذلك تحدث : 

" وماله، الف سلامة على الأستاذ، أنا هتصل بالبيه صاحب العمارة واسأله كده لو فيه شقق في الدور الأول ولا لا، انتم عايزينها على امتى كده ؟!"

سارع توفيق بالحديث :

" انهاردة ياريت، اصل احنا منعرفش اي حد اهنة نبات عنديه ( عنده )، وجولنا نأجر شقة احسن من الفنادق الغالية "

كام توفيق يقلد اللهجة الصعيدية كما سمعها من التلفاز، بل وكان يضغط على بعض الكلمات كـ ( عنديه ) أو ( جولنا) حتى يظهر للبواب أمامه أنه من الجنوب كما يدعي. 

لم يستطع الرجل أن يتحمل أكثر من هذا وهو يبوح بالسؤال الذي يحيره : 

" لا مؤاخذة في السؤال، بس هو انتم صعايدة ؟!"

ابتسم توفيق وهو ينظر لجاكيري نظرة انتصار وكأنه يخبره ( لقد خدعناه )، يردد بكل كبرياء يحاول أن يقلد في حديثه الصعايدة الذين شاهدهم في أحد المسلسلات المصرية القديمة :

" للدرجة دي باين علينا ؟!"

تحدث البواب بسخرية لاذعة :

" باين عليكم ايه يا جدع ده انتم نيلة خالص، مش فاهم اساسا ايه اصلكم، نص كلامك من هنا ومفيش غير كلمة اهنه اللي جنوبية وياريتك نطقتها صح ، والأستاذ كل شوية يقولي وه يابوي، على ايه مش عارف"

استدار توفيق ينظر لجاكيري الذي كان يحاول فهم ما يدور حوله، لكن انتبه لصوت توفيق جواره وهو يقول بحنق :

" عجبك كده اديك كشفتنا بغبائك، قولتلك أنك لافف العمة غلط يا غبي"

مسح توفيق وجهه بضيق وهو يهز رأسه بيأس من أفعال جاكيري الذي كان يرمقه بعدم فهم لما قاله منذ ثواني :

" اه اصل احنا عندنا تجارة في القاهرة وأغلب وقتنا بنقضيه فيها، فتلاقي لهجتنا قابلة معاك كيف ما بيتحدثوا البندر "

أنهى حديثه بجملته الأخيرة وقد أمل أن تقنعه تلك الجملة بأنهم من الصعيد، ثم أضاف جملة أخرى حتى يزيد من إقناع الرجل والذي كان يرمقهما بشك وريبة :

" قصره انهاردة هنعدي عليك نشوف شو سويت في موضوعنا " 

أنهى حديثه وهو يتحرك دافعًا جاكيري أمامه .

رمقه البواب ببلاهة لا يفهم تلك الخلطة العجيبة من اللهجات، فمرة يتحدث كما يتحدث أهل الشمال في مصر، ومرة يتحدث ببضع كلمات تبدو جنوبية، والآن ختم حديثه بلهجة شامية ....

ردد البواب بعدم اقتناع :

" اقطع دراعي أما كنتم من حواري القاهرة "

استدار توفيق يرمق جاكيري بتذمر هامسًا :

" من حق التنكر يبوظ، ما أنا ساحب ورايا واحد مش بيفهم وبوظلنا الخطة، ربنا يسامحك يا شيخ، يا ريتني كنت جبت اسكندر معايا بدل ما أنا بليت نفسي بيك "

استدار للبواب وهو يودعه على وعد بالمجيء في الليل لاستلام الشقة، يدفع جاكيري بعيدًا عن البناية وهو يردد له أنه أفسد خطته بغبائه، وأن المرة القادمة لن يصطحبه معه .

______________________________

خرج جايك من غرفته وهو يضع سلاحه في جيب بنطاله يتجه صوب الخارج، يصرخ بصوت عالي في المنزل :

" هيا ادم لقد تأخرنا "

أنهى حديثه لينتبه فجأة لروز التي تقف في المطبخ، ارتسمت على فمه ابتسامة، شعر فجأة بدلو من المياة الباردة تهبط فوق نيران غضبه مطفئة إياه، نظر للدرج يتأكد أن آدم لم ينتهي بعد، ثم غير طريقه وهو يدخل للمطبخ بأقدام حشرة حتى لا تنتبه له روز ويباغتها هو من الخلف، وبمجرد وقوفه خلفها، مد يده يجذب خصرها لصدره بقوة وهو يضع ذقنه على كتفها مرددًا بمشاكسة :

" اشتقتك زهرتي "

بينما هو في تلك الحالة المستكينة، كانت هي تشعر بالرعب تستمع لذلك الصوت الذي يهمس في أذنها بتلك النبرة الحنونة والحميمية، فتحت فمها بصدمة وهي تستمع لحديثه خلفها :

" لقد احتفظت برسمتك الأخيرة فوق فراشي، وفي قلبي، وعندما اعود اريد رسمك مرة أخرى "

ولم يصل لجايك رد من روز، لكن فجأة شعر بشيء عنيف يصطدم في ظهره ليطلق صرخة عالية وهو يستدير فجأة بشر وعيونه تطلق نيران، لكن فجأة كل ذلك تبخر، ينظر بصدمة ورعب لروز التي كانت تقف عند باب المطبخ تحمل في يدها بعض الأواني وقد رمته بواحدة منهم منذ ثواني، انتفض جايك للخلف، يكتم صرخة مرتعبة كادت تخرج منه، يراقب بعينه اثنين من روز .

تحركت روز بعنف وهي تخرج دفترها تكتب عليه جملة ثم رفعتها بعنف في وجهه :

" تبًا لك جايك "

فتح جايك فمه وهو يصرخ بعدم فهم :

" أنتِ...اثنين ...ماذا يحدث ؟!"

استدارت الفتاة الأخرى والتي لم تكن سوى هايز التي كان وجهها شاحبًا وهي تنظر لذلك الشاب الذي ضمها منذ قليل، تبتلع ريقها برعب، بينما جايك فتح عينه بصدمة، يكتشف أنه ضم للتو هايز، لكن كيف هذا الفستان الذي ترتديه هو يعرفه حق المعرفة، هو نفسه فستان روز الذي اعتاد رؤيتها به مرات عديدة .

تحدثت هايز وهي تلاحظ نظراته للفستان الذي ترتديه :

" لقد اعارتني إياه روز "

ابتلع جايك وهو يبعد نظره من على هايز يراقب تحرك روز للخارج ليركض خلفها بسرعة وهو يقول بصدمة :

" اقسم روز أنني ظننتها أنتِ، هي ترتدي نفس ثيابك وتضع منشفة على شعرها ولم اميز لونه، وهي تمتلك نفس طولك تقريبًا "

توقفت روز وهي تستدير له تشير بيدها ألا يلحق بها، ثم بعدها ركضت للأعلى وهي تبكي بغضب مما فعل، فبعدما تجاهلها طوال الساعات الماضية، ها هو يعانق هايز بدلًا منها .

صرخ جايك بحنق شديد :

" مـــــاذا ؟! لستُ أنا من اعرت ثيابي لفتاة أخرى روز "

سمع جايك صوت آدم القادم يردد بلهفة :

" هيا جايك لقد انتهيت "

استدار جايك بعنف لادم ثم انقض عليه بلكمة عنيفة دون أي مقدمات وهو يردد :

" تبًا لك أنت وحبيبتك "

خرج جايك من المنزل بعنف وهو يترك آدم ينظر لاثره بصدمة وعدم فهم، لكنه لم يتوقف ثانية إضافية، يركض خلفه حتى يلحق به هو ومايك .

صعد الثلاثة للسيارات وتحركوا صوب العنوان الذي أعطاه لهم ماركوس ....

______________________

خرج مارسيلو من المصعد الخاص بالطابق الذي تم حجز غرفته به وخلفه تسير راسيل والتي كانت ترمقه كل ثانية والأخرى بريبة، لا تزال مرتعبة مما فعل، وقد أخذت قرارها بالفعل وهو أن تترك ذلك العمل بمجرد عودتها من هذه الرحلة المشؤومة، وحتى ذلك الوقت ستقوم بعملها على أكمل وجه .

" حسنًا سوف اذهب أنا لغرفتي وأقوم بواجبي "

هزت راسيل رأسها بموافقة وهي تشير للغرفة المجاورة له تتحدث بجدية كبيرة :

" حسنًا سيدي وانا سوف ابدل ثيابي والحق بك "

" لماذا ؟!"

نظرت له راسيل بعدم فهم لسؤاله السابق :

" لا افهمك سيدي، ألم تقل أنك ستبدأ في فحص أوراق القضية ؟! "

عاد مارسيلو للخلف بصدمة وهو يشير لنفسه غير مصدقًا لذلك الاتهام الذي القته عليه منذ ثواني :

" أنا قلت هذا ؟! متى ؟!"

" سيدي أنت للتو قلت أنك ستذهب لغرفتك وتقوم بواجبك "

هز مارسيلو رأسه وهو يوضح حديثه :

" نعم هذا ما قلته، لكنني لم آت على ذكر القضية "

ازداد حنق راسيل أكثر وأكثر من تلاعبه بالحديث :

" أوليست القضية هي واجبك ؟! "

نظر لها مارسيلو لثواني يبلاهة، لا يفهم إصرار تلك الفتاة على القضية وتكرار أمرها كل ثانية، زفر بضيق وهو يدفع وجهها جانبًا يقول بحنق وملل :

" واجبي الذي أقصده، هو واجبي تجاه جسدي يا فتاة؛ النوم "

انتهى من كلماته وهو يفتح باب الغرفة الخاصة به يخطو داخلها لا يهتم بصدمة راسيل التي ترتسم على وجهها تشعر بالبلاهة فجأة، وهي تراقبه يتمطأ بكسل كبير، ثم اغلق الباب في وجهها بقدمه، دون حتى أن يستدير ويستأذن منها، أي وقاحة تلك التي يمتلكها ذلك الرجل ؟!

ظلت راسيل تقف أمام باب غرفته وهي ترمقه ببسمة غير مصدقة لما فعل، ذلك الرجل يستمر في مفاجئتها بوقاحته .

تحركت راسيل صوب غرفتها وهي تحاول ابتلاع غضبها منه، تخلع عنها سترتها العلوية تاركة أخرى بيضاء بلا أكمام، ثم حررت خصلات شعرها التي تعقدها طوال الوقت، تتنفس بتعب شديد وجسدها مازال تحت تأثير الصدمة التي تعرضت لها منذ ساعة تقريبًا على يد مديرها المجنون، وأثناء تبديل ثيابها سمعت صوت طرق على باب غرفتها جعلها تتحرك صوبه وقد توقفت عن تبديل ثيابها :

" حسنًا أنا قادمة "

فتحت راسيل الباب لتتفاجئ بمارسيلو يقف أمام غرفتها وهو يتكأ بكتفه على إطار الباب يردد بجدية مشيرًا لغرفته :

" هناك مشكلة في تدفئة غرفتي"

فتحت راسيل فمها تردد بتهكم ساخرة من حديثه :

" وما شأني أنا سيدي، اتصل بخدمة الغرف وأخبرهم بالأمر "

" شأنك أنكِ أنتِ من حجزتِ لي الغرفة، ثم أنا لا أحب الحديث مع أحد اخبريهم أنتِ "

زفرت راسيل بحنق شديد وهي تضغط على اسنانها بغيظ :

" شيء آخر سيدي ؟!"

" نعم لا ترتدي الأبيض مجددًا فهو لا يليق ببشرتك، يجعلك تشبهين اخي بـ ثياب نومه "

فتحت راسيل عينها بصدمة وهي تضع يدها أمام رقبتها التي كانت تظهر هي وجزء صغير من مقدمة جسده بالإضافة لذراعيها بالكامل :

" أنت أيها الوقح ما شأنك بي وملابسي، ارحل من أمام غرفتي الآن"

نفخ مارسيلو بضيق وهو يجذب ثيابها مشيرًا لها بحنق :

" يا فتاة مثل هكذا ثياب لا تناسب الفتيات، أنا حتى لا أرتدي هذه الثياب التحتية "

ضربت راسيل يده بعنف وهي تردد غاضبة :

" أنت تتجاوز حدودك يا هذا، ثم لا علاقة لك بملابسي أو بي، كل ما لك علاقة به هو عملي فقط فهمت ؟!"

" لا "

كادت راسيل تمطره بسيل من السباب بسبب بروده الذي أوصلها لحافة انفجارها، لكن فجأة شعرت بجسدها يندفع للغرفة الخاصة بها والباب يغلق بعنف في وجهها، وقبل هذا لمحت بعينها ثلاث رجال يسيرون في الممر .

لكنها لم تهتم بكل هذا وهي تفتح الباب مجددًا بعنف تستعد للصراخ في وجه مارسيلو الذي وجدته تبخر من أمام غرفتها، رفرفت برموشها وهي تنظر يمينًا ويسارًا تبحث عنه، لتدرك أنه ذهب لغرفته، زفرت بضيق وهي تغلق باب غرفتها مجددًا تتحرك صوب فراشها بتعب شديد، تشعر أن معاملة هذا الرجل تستنفذ كل صبرها، هي في الأساس لا تدرك كيف تعامله، تجهل ردات فعله على اي شيء، أغمضت عينها بتعب وهي تهمس لنفسها :

" استعدي لجحيمك على يد ذلك الاحمق راسيل "

____________________________

كان يضع حاسوبه أمام وجهه يجري اجتماعًا عبر الانترنت مع بعض الشركاء في الدول الأخرى، يراقب كل ثانية جولي بطرف عينه يراها تضع سماعة الأذن وهي تتمايل على بعض الأغاني، يحاول عدم الابتسام .

" نعم ادرك ذلك، لكن إن لم نخاطر، لن نتقدم؛ لذلك اخبرك أنني سأ...."

توقف مارتن عن الحديث وهو يرفع عينه يراقب جولي يراها تختبأ خلف الأريكة وهي تغني بصوت عالي إحدى الأغنيات الحماسية، بينما تخرج رأسها كل ثانية والأخرى وكأنها تحتمي من طلقات رصاص العدو .

وضع مارتن يده على فمه يحاول كتم ضحكته، يجذب الحاسوب له حتى يقلل من صخب صوت جولي التي تبدو مندمجة في الغناء ولم تدرك بعد أن صوتها مرتفع .

" ماذا كنت اقول ؟! اه سوف نــ "

" هيا يا عزيزي ارني ما لديك، تظنني جبانة مثلك ؟! "

توقف مارتن عن الحديث وهو يستند برأسه في ملل على يديه يراقب جولي ومغامراتها الخيالية والتي يكاد يجزم أنها ضد انطونيو، ينتظر أن تنتهي من جزء الصراخ هذا وتعود للاختباء مجددًا، وبعد ثواني من صراخها توقفت وهي تركض صوب المرحاض الموجود في المكتب، ليتنهد مارتن بنزق وهو يعود للاجتماع مجددًا :

" اعتذر عن هذا، لقد قررنا أن نغامر بنصف الأسهم تقريبًا في صفقتنا الـ"

" اركض يا مارتن، لقد هجم رجال انطونيو على الوكر "

اغمض مارتن عينه بغيظ يلعن نفسه مئات المرات لاقتراحه أن تأتي معه للعمل، فتح عينه وهو يراقب جولي تركض صوب خزانة الملفات الخاصة به تخفي جسدها خلفها، وكل ثانية تخرج رأسها وكأنها تستطلع الطريق .

تجاهل مارتن جميع الرجال في الاجتماع وهو يعود بمقعده للخلف ثم نهض يقول باقتضاب :

" لحظة من فضلكم "

اتجه بعدها لجولي والتي كانت تختفي خلف الخزانة، لكنه بمجرد اقترابه منها وجدها تستكين ارضًا، تضع يدها على كتفها تردد بصوت خافت :

" لقد أُصبت يا رجال، كدت أُقتل للتو "

امسكها مارتن بعنف وهو يردف بشر :

" بل ستُقتلين الآن سيدة جولي المدمرة "

تفاجئت جولي من اقتحام مارتن لخيالها وإفساد متعة المطاردة على الاغاني الحماسية، بالإضافة لجذبه لها بحنق شديد يلقي جسدها على الأريكة المقابلة له وهو يشير بإصبعه محذرًا :

" إن تحركتِ خطوة واحدة بعيدًا عن تلك الأريكة، أنا من سيقتلك جولي وليس رجال انطونيو "

أنهى حديثه وهو يشير لرقبته بعلامة الذبح، قبل أن يتحرك عائدًا لمكتبه، لكنه توقف وهو يستمع لصوت جولي الخافت :

" هل تسمعونني يا رجال، لقد تم أسري، لقد تم أسري، أحضروا بسرعة وحرروني "

استدار مارتن ببطء لها وهو ينظر لها مضيقًا عينه يشير لها بتحذير :

" سوف اقتل رجالك جميعهم وافجر مخازن اسلحتك كلها جولي "

فتحت جولي فمها لتجيبه، لولا إصبعه الذي رُفع في وجهها وهو يكرر بشر :

" اصمتي قبل أن افجر هذا المكتب بنا "

صمتت جولي فجأة وهي تضع يديها بين قدميها تدعي البراءة مبتسمة بلطف، وهي تقول بهدوء :

" آسفة مارتن أنا فقط أحب تلك الألعاب منذ كنت صغيرة، هيا هيا اكمل عملك "

ابتسم مارتن بتهكم وهو يستدير للعودة إلى مكتبه، لكنه توقف مجددًا وهو يسمع صوتها يناديه :

" مارتن "

نظر لها مارتن بتساؤل لتبتسم هي له قائلة :

" هل يمكنك اعطائي هاتفك، لقد نفذ شحن خاصتي، وانا اشعر بالملل "

رمقها مارتن ثواني قبل أن يتحرك صوب مكتبه ينتزع هاتفه ملقيًا إياه صوبها، ثم عاد وجلس خلف حاسوبه يتشدق ببسمة عملية :

" اعتذر عن المقاطعة، والآن يا سادة لنكمل "

رفعت جولي هاتف مارتن وهي تقلب به بتركيز، قبل أن تبدأ في التقاط العديد من الصور لها، بكثير من الأوضاع، تحت أنظار مارتن الذي كان يختطف نظرات لها، وهناك بسمة حنونة ترتسم على وجهه، يشعر بالراحة لوجودها قربه هنا، رغم كل ما تفعله ورغم أفعالها الغير مسئولة معظم الاوقات، إلا أنه لا يمتلك خيارًا سوى الغرق في بحور عينيها التي يرفض النجاة منها .

____________________________

" سيدي هناك اخبار سيئة "

اعتدل في جلسته وهو يرسم بسمة ساخرة على فمه :

" ومنذ متى أتيت لي بخبر جيد ؟! "

ابتلع المساعد ريقه وهو يخشى ردة فعل سيده حول ذلك الخبر الذي علمه منذ ايام واخفاه عنه محاولًا تدارك خطأه، لكنه فشل :

" عندما أرسلنا مساعدة انطونيو الخاص بتلك الملفات التي تم رش السم عليها، لم يكن انطونيو هو من استلمها "

اعتدل الرجل في جلسته وهو يترقب القادم من حديثه، يدرك جيدًا أنه لن يعجبه، فهو خطط كثيرًا لينتهي من انطونيو، حتى استطاع اغراء مساعدته الشخصية وأعطاها سم قوي المفعول، يتم رشه على أي شيء، ثم عندما يمسك الضحية ذلك الشيء، يلتصق السم بيده وبعدها من السهل أن يصل لفمه عبر تناول الطعام أو غيره، لكن ها هي خطته المحكمة تخطأ هدفها :

" كانت زوجته هي من أخذته "

" زوجته؟! انطونيو فوستاريكي لديه زوجة؟!"

هز المساعد رأسه وهو يجيبه بكل ما يملك من معلومات والتي علمها من المساعدة الشخصية الخاصة بانطونيو، عسى أن يش
تعليقات



×