رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل العاشر 10 بقلم رحمة نبيل

  رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل العاشر بقلم رحمة نبيل


-دا مش مكانك، أنت شوية وماشي..


-د.محمد الغليظ


صلوا على رسول الرحمة


_________________


دقق مارتن النظر في الفيديو مرة واثنين وثلاثة، حتى ارتسمت بسمة مخيفة على جانب شفتيه ويده تتحرك بشكل تلقائي على شعر جولي، ينظر للفيديو مرة أخرى وهو يراقب حركات الفتاة في كاميرات المراقبة، رفع حاجبه وهو يعيد لقطة معينة مرة أخرى، ثم تابع الأمر منذ البداية أكثر من مرة حتى اغلق الحاسوب بعنف غير مقصود أدى لانتفاص جولي وهي تنظر حولها لنعاس وفزع، لكن مارتن نظر له بأسف يجذب رأسها له يربت عليه حنان :


" اسف حبيبتي، هل اخفتك ؟! "


نظرت له جولي بنعاس لا تشعر بشيء حولها :


" ما الذي حدث وكيف نمت ؟!"


ابتسم لها مارتن بخبث، ثم ادار الحاسوب بهدوء ليقابل عينها، وبعدها ضمها لصدره وهو يقول بجدية :


" انظري فقط لهذا العرض الممتع "


لم تفهم جولي شيئًا من حديثه وهي تحول نظرها للحاسوب تراقب شاشته التي تعرض فيديو ما، تلوي شفتيها بعدم فهم :


" ما هذا، أنا لا افهم، من هذه الفتاة؟! هل تراقب النساء يا مارتن ؟! ايها الفاسد"


فتح مارتن فمه من تحليلها ذلك ولم يكد يدافع عن نفسه، حتى وجدها تنتفض وهي تصرخ بحنق :


" أنت يا سيد تستغل أنني نائمة جوارك لتراقب النساء في المنزل، ثم من هذه الحقيرة التي تراقبها ها ؟! هل اغرتك بتنورتها القصيرة ؟! أنا أيضًا امتلك تنورة مثلها " 


" أنتِ ما الذي تقولينه ؟! هل فقدتِ عقلك ؟! اخبرك أن تنظري لما يحدث، تركتِ كل شيء وامسكتِ في تنورتها القصيرة ؟! ثم اقسم با جولي إن رأيتك يومًا ترتدين تلك التنورة التي تتحدثين عنها سأحرقك بها "


أنهى حديثه وهو يمسك وجهها بقوة يوجهه صوب الحاسوب يفتح عينها بقوة، بينما هي تحاول غلقها عنادًا به، لكن مارتن امسكها من الخلف وهو يفتح عينها بقوة :


" هيا هيا أيتها الحمقاء انظري "


" لا لن أنظر لتلك المشاهد التي تغذي بها عقلك القذر "


" عقلي أنا القذر ؟! بل أنتِ أيتها البلهاء، انظري لما اقصد، انظري "


فتحت جولي عينها مجبرة وهي تراقب ما يحدث أمامها قبل أن تتسع عينها بصدمة كبيرة تردد :


" ما هذا ؟! "


" ألم اخبرك ؟!"


نظرت له بغباء وهي تبتسم بسمة بلهاء :


" لم افهم شيئًا "


نفخ مارتن بضيق وهو يدفع رأسها للحاسوب أكثر، حتى كاد وجهها يلتصق به :


" انظري لتلك الفتاة، أنها نفسها سبب تسمم روما "


شهقت جولي بصدمة وهي تحاول ابعاد وجهها عن الحاسوب :


" هذه الحقيرة صاحبة التنورة القصيرة، اقسم إن رأيتها سوف اقلع لها شعرها واحدة تلو الأخرى "


ابتسم مارتن وهو يقول بخبث يضمها لصدره ببسمة واسعة ويده تداعب يدها :


" وما الذي سأناله مقابل أن اخذك حيث هي ؟!"


" إذن أنت تعترف أنك تعرفها ايها الخائن "


نفخ مارتن بحنق وهو يضمها له بقوة :


" بالطبع اعرفها أيتها الحمقاء، فهذه هي المساعدة الشخصية لانطونيو"


صمت ثواني ثم قال بخبث وهو يقترب منها يضع رأسه جوار رأسها هامسًا بشر :


" ما رأيك أن تذهبي غدًا لتلقي السلام عليها؟! أعني أنا رجل لا أستطيع أن اقترب منها، بينما أنتِ عزيزتي البريئة يمكنك فعلها، هذا ليس غريبًا عليكِ، ما رأيك ها ؟! "


استدارت له جولي ترمقه بحاجب مرفوع، قبل أن تبتسم بسمة مشابهة لخاصته، وهي تردد :


" سوف اذهب لاتفحص مخزن الأسلحة ..."


_________________________


كان يشعر أنه يحلق الآن على غمامة وردية عالية، بعيدًا عن الجميع، وعلى تلك الغمامة تتوسط هي أحضانه بكل راحة، ابتسم وهو يشعر بقلبه يهدر بقوة يراقب أصابعها الصغيرة الرقيقة تمتد لتمسك بالقلم، ثم تتحرك يدها بخفة صوب الورقة التي تقبع أمامها على الطاولة تنظر حولها للجميع، وكأنها في أحد أحلامها الوردية لا تصدق ما تعيشه الآن، شعرت بتربيته صغيرة على كتفها من الخلف، رفعت عينها ببطء لترى عين أخيها الدامعة وهو يهز رأسه لها يشجعها، وعلى الطرف الآخر كانت تقف صديقتها الأقرب، ورفيقة الحياة كلها، روبين الاميرة الرقيقة، تبكي بفرحة كبيرة وجوارها يقف ذلك الوحش الذي يحرس قلعة الأميرة، والعم توفيق يقف بعيدًا وهو يمسح دموعه بتأثر، وكذلك سيلين التي كانت تجلس على مقعد وهي تصور ما يحدث وعينها تذرف دموع فرحة، واخيرًا جوارها يجلس هو يرمقها بكل حنان العالم، يرمقها بكل الحب الذي يمتلكه، ينظر لها بلهفة، وهو ينتظر أن تخط اسمها جوار اسمه .


مدت رفقة يدها وهي تخط اسمها ببسمة واسعة جوار اسم جاكيري، ترفع عينها له ترمقه بحب كبير، لتنطلق فجأة زغرودة عالية من فم روبين، رنّ صداها في المكان كله، لتجذب أنظار الجميع بتفاجئ لذلك الصوت الغريب .


خاصة فبريانو الذي كان يقف جوارها وانتفض بخفة بمجرد سماعه لذلك الصوت الذي سمعه عدة مرات، رغم عدم معرفته لكيفية إخراجه أو سببه في الحقيقة .


ابتسمت روبين وهي تزيد من إطلاقها الزغاريد، بينما توفيق كان يصفق بقوة يحاول التصفير بشكل بائس .


نهض جاكيري من مقعده يجذب جسد رفقة إليه يضمها بقوة وكأنه لا يصدق أنها واخيرًا أصبحت زوجته، بينما رفقة تضم رقبته بقوة وهي تبكي فرحًا لا تصدق المسار الذي اتخذته حياتها، بعدما كانت منذ عدة أشهر ناقمة على ما يحدث شاعرة أن كل شيء يسير ضدها، ها هي الآن تعيش احلام لم تكن يومًا لتتجرأ والتفكير بها .


انحنى فبريانو نحو روبين وعينه مازالت تراقب ما يفعله جاكيري وفرحته الكبير بتحقيق حلمه أخيرًا :


" لنتزوج "


توقفت روبين عن التصفيق وهي تستدير له ببطء تضيق عينها بعدم فهم قبل أن يعيد هو حديثه مجددًا يشير بعينه لمسئول السفارة الذي كان يبارك لجاكيري ورفقة :


" اريد أن أتزوج مثل جاكيري "


فتحت روبين فمها ببلاهة وهي ترى الجدية تعلو ملامحه :


" نتزوج ؟! هل تمزح معي ؟!"


" لا "


" هل جننت فبريانو؟! نتزوج دون والديّ واختي و لولو ؟!"


ابتسم فبريانو بسمة صغيرة وهو يقول بكل بساطة :


" لا بأس لنحضر لولو ونتزوج، وعندما يعود والديكِ نتزوج مرة ثانية "


ابتعدت روبين عنه خطوات صغيرة وهي ترمقه بريبة وكأنه من كوكب آخر، لكن فبريانو ابتسم، يجذب ذراعها له يقول لها بمشاكسة :


" مش بيقولوا السكوت علامة الرضا ؟!" 


نظرت روبين ليده التي تجذبها صوب منصة المسؤول، تضربها بخوف من تنفيذ حديثه :


' واشمعنا بقى المثل ده اللي تعرفه ؟! أنت هتعمل ايه ؟! بطل جنون سيبني "


ضحك فبريانو وهو يرى حركاتها الفاشلة للهروب من بين يديها، تحاول الهرب من بين يديه، لكنه اسرع وامسك ثيابها من الخلف بينما هي تتحدث بنبرة باكية :


" لا مش هتجوز من غير بابا وماما وجاسي ولولو، مش هتجوز غير بفستان وجيبونة زي كل العرايس "


توقف فبريانو عن سحبها وهو ينخرط في موجة ضحك عالية، بعدما فعل كل ذلك فيك لاغاظتها ليس إلا، فهو لم يكن سيتزوجها على أية حال، إلا بعدما يعود والديها ويقيم لها زفاف كبير يليق بارنبه الوردي، ضم فبريانو روبين وهو يضحك بقوة :


" ايها الارنب الاحمق، كنت امازحك فقط ما بك !! "


ضربته روبين بغيظ على صدره وهي تحاول تمالك نفسها بعد تلك الصدمة التي تعرضت لها، عندما سمعت صوت جاكيري يقول للجميع بصوت عالي بعض الشيء :


" حسنًا اعزائي الآن اترككم واذهب مع عروسي الجميلة في نزهة "


تحدث اسكندر بغرض اغاظته :


' لم اسمح لك بذلك "


" وكأنني اهتم "


هكذا تحدث جاكيري، يخرج من الغرفة كلها تاركًا الجميع خلفه، ليبتسم توفيق وهو ينظر في أثرهما بحب متحدثًا بجدية :


" يااه فكرتوني باللذي مضى، لما سحبت مراتي من نص الفرح واخدتها ناكل كشري وبعدين حبسنا (شربنا) بشوبين ( كوبين ) قصب، يااه ايام والله "


ابتسمت روبين وهي تنظر له بجدية قبل أن تستمع لصوت جوارها يردد بحنان :


" عقبالك يا روبي...روبين، عقبالك يا روبين "


استدارت روبين لاسكندر وهي تبادله بسمته بأخرى لطيفة :


" شكرا يا اسكندر وعقبالك أنت كمان "


جذب فبريانو روبين له بقوة وهو يرمق اسكندر بحنق مرددًا :


" لا تتحدث معها بهذا الشكل الودود، ومن الأفضل ألا تتحدث معها أبدًا"


أنهى فبريانو حديثه وهو ينظر له بشر جعل اسكندر يرفع حاجبه بتهكم:


" ومن سيمنعني من التحدث ؟! أنت؟!"


انحنى فبريانو قليلًا وهو يهمس بفحيح :


" جيد أنك تعلم إجابة سؤالك، والآن احذر مني لأنني لا اتهاون في أي شيء يخص روبين، أنا لا أريد وضعك في نفس قائمة شباب الحارة والطيار والظابط وعم عبده البواب؛ لذلك احذر جنوني "


أنهى حديثه وهو يجذب روبين خلفه متحركًا خارج المكان بأكمله، بينما روبين تشير بيدها معتذرة لاسكندر، لكن فجأة اخفضت يدها برعب وهي تستمع لصوت فبريانو الحاد :


" أنا اراكِ روبين "


سارت روبين خلفه بغيظ وهي تتمتم بغضب، تاركة توفيق واسكندر وسيلين التي نهضت وهي تقول بحنق :


" هذان الفاسدان يتركونني هنا بهذا الشكل، دون أن يكلف أحدهما عناء التفكير في وسيلة عودتي للمنزل، اقسم أن أخبر اليخاندرو عنكما "


_____________________________________


تحركت خارج غرفتها وهي تعدل من ثيابها تنفخ بضيق بسبب شعرها الذي بات يزعجها بسبب طوله، تفكر جديًا في قصه ...


" إلى أين لورا؟! ألن تتناولي الطعام معي؟!"


هكذا تحدثت والدة لورا وهي تضع الاطباق على الطاولة أمامها بتعجب من هيئة ابنتها والتي توحي أنها ذاهبة للخارج في هذا الوقت الذي اعتادت فيه عدم الخروج .


" نعم امي، أنا ذاهبة لشراء فستان لحضور زفاف ابن خالتي، أليس هذا ماتريدينه؟!"


فتحت والدتها عينها بصدمة وهي تهمس :


" حقًا ؟!"


هزت لورا رأسها هزة صغيرة بمعنى نعم، ثم أضافت ببسمة صغيرة بلا روح :


" الأهم عندي ألا تحزني أمي "


ولم تكمل باقي جملتها وتخبرها ( أما أنا فليذهب حزني الجحيم)، شعرت لورا فجأة بذراع والدتها يضمها بقوة وهي تقول ببسمة واسعة :


" اه يا ابنتي لا تعلمين مقدار سعادتي بقرارك هذا، و صدقيني حبيبتي أنني افعل ما أراه جيد لأجلك، فأنتِ ابنتي الوحيدة لورا "


هزت لورا رأسها بنعم وهي تكتم بصعوبة تلك الدموع السخيفة التي لا يحلو لها السقوط في أوقات أسخف منها، ترى لورا والدها تتحرك صوب الطاولة تمسك محفظتها وهي تردد بحنان كبير لا تصطنعه :


" كم تريدين ابنتي ؟! اريدك أن تشتري اجمل فساتين السوق، تريدين أن آتي معك ؟!"


هزت لورا رأسها بلا وهي ترفع حقيبتها لوالدتها قائلة بنبرة مختنقة :


" لا بأس اميؤ أنا امتلك ما يكفي من النقود، ولا تتعبي نفسك امي، لقد أخبرت صديقتي وهي في انتظاري، سوف نذهب سويًا "


" صديقتك ؟!"


وكان واضحًا على والدتها الصدمة، فهي لم تأتي يومًا على ذكر أي أصدقاء لها في هذا المنزل، هذا لأنها لا تمتلك ببساطة، هزت رأسها برتابة ترتدي حقيبتها، ثم تحركت للخارج بعد تقبيل خد والدتها، وهي تودعها، تشعر بالذنب للكذب عليها بأمر صديقتها، لكن هي لن تتحمل أن تقضي ساعات مع والدتها وحدهم كأي فتاة وأمها، ليس لأنها تكره والدتها، ولكن لأنها لا تتحمل أي كلمة قد تتسبب في بكائها، ثم بعدها تتلقى لومًا من ولادتها وخطبة عن كم هي مدللة .


صعدت لسياراتها الصغيرة تراقب هاتفها الذي صدر منه عدة مكالمات لمايك لمدة نصف ساعة دون إجابة؛ لذلك قررت التحرك والذهاب لمنزله والتحدث معه في أمر تصميم فستان لها .


________________________


كان يجلس على شرفة غرفته وهو يتنفس ذلك الهواء النقي يغمض عينه تاركًا الهواء يعبث في خصلات شعره كما يريد، يشعر بروحه تطفو في جسده وراحة كبيرة تعتريه بسبب ذلك الهدوء، رغم عاصفة غضبه التي اخرجها منذ ساعة تقريبًا في وجه ماركوس، انزعجت ملامحه وهو يتذكر شجاره القوي مع ماركوس الذي جاء يصرخ في وجوه الجميع لأنهم سمحوا لفتاته بالرحيل، وقتها لم يتحمل الأمر ومازال مرض أخيه يضغط على أعصابه؛ لذلك انفجر في وجهه فجأة وهو يلعنه ويلعن تلك الفتاة ويصرخ في وجهه، ليتلقى فجأة لكمة عنيفة من ماركوس، ثم بعدها تدخل مارتن ولكمه هو وماركوس واجبرهما على الاعتذار لبعضها البعض، ليرحل بعدها غاضبًا لغرفته، وها هو مازال يجلس منذ ذلك الوقت بضيق من الغضب والصراخ في وجه ماركوس.


تنفس محاولًا العودة للهدوء مجددًا، لولا صوت فتح الباب الذي أخرجه من تلك الحالة، وصوت اقدام تقترب منه، ثم جلوس جسد جواره يشاركه تلك الأجواء، ابتسم جايك بسمة صغيرة وهو مازال يغمض عينه مرددًا بهدوء :


" لا بأس ماركوس أنا لستُ حزينًا "


ضرب ماركوس على كتفه بمزاح وهو يقول بحنق :


" هيييه أنا اتيت حتى اجبرك على الاعتذار لي مجددًا، فالمرة الاولى لم تستهويني "


ضحك جايك وهو ينظر له :


" حقًا ؟! أنت أيضًا تدين لي باعتذار، لقد لكمتني لكمة شوهت ملامحي الجميلة يارجل "


امتدت يد ماركوس وهو يمسك وجه جايك يديره قليلًا، يهمس بجدية رغم علمه أنه خفف قبضته حتى لا يؤذيه :


' هل تؤلمك جايك ؟!"


هز جايك رأسه بلا وهو يقول بمزاح :


" لا لم تؤلمني لكمتك، بل آلمتني تلك التي سددها لي مارتن، يارجل قبضته حادة، يبدو أن كثرة ضغطة على الحاسوب تسببت في تقوية عضلات يده "


أنهى كلامه وهو يرى ماركوس يتحسس وجهه يقول بفم ملتوي بحنق :


" نعم صحيح قبضته مؤلمه "


نظر الاثنان لبعضهما البعض ثواني قبل أن ينفجروا في الضحك، وماركوس يدفع وجه جايك بغيظ يتحدث من بين ضحكاته :


" كل هذا بسببك أيها الاحمق، لو لم تغضب لأجل لا شيء، لكنا احتفظنا الآن بوجهينا دون كدمات ملونة "


ضحك جايك أكثر وهو يضم ماركوس بشكل مستفز جعل ماركوس يتململ بين يديه :


" آه هل تخاف على وجهكِ مارو ؟! أيها اللطيف "


أبعده ماركوس عنه بحنق وهو يصرخ :


" ابتعد يارجل عني، أنت احمق "


ضحك جايك أكثر وهو يستمر في اغاظة ماركوس، بينما كان مارتن يقف أمام غرفة جايك يراقبهما ببسمة صغيرة، سعيد لأنهما تصالحا، ولم ينسيا ما تربوا عليه، وهو ألا يُحزن أحدهما الآخر، وألا يخاصم أحدهما الآخر وأن جميع أفراد تلك العائلة بمثابة جسد واحد .


_________________________


في الاسفل كانت روز تراقب ما صنعته وهي تبتسم بلطف وقد قررت أن تصعد وتعطيه لجايك، لكن لم تكد تخطو لخارج المطبخ حتى وجدت مايك يدخل عليها وهو يقول بجدية يبحث بعينه عن شيء ما في المطبخ :


" روز هل رأيتِ هاتفي ؟!"


نظرت له روز بتعجب تتساءل عن سبب وجود هاتفه في المطبخ، ليتحدث لها مايك وكأنه سمع سؤالها لنفسها :


" لقد كنت هنا آخر مرة قبل أن اصعد للغرفة وأخرج فزعًا على صراخ انطونيو، وانا لا أجده في غرفتي "


هزت روز كتفها بجهل، ثم تركت الصينية التي تحملها في يدها، تشير له أنها ستبحث عنه معه، ابتسم لها مايك بامتنان وهو يبحث عن الهاتف رفقتها .


انحنت روز تبحث عن الهاتف مع مايك، والذي كانت عينه تدور في جميع أرجاء المطبخ بملل شديد، قبل أن يلمح بطرف عينه أعلى الثلاجة شيء مضيء؛ لذلك تحرك يلتقطه بسرعة ليصدق حدسه ويجد أنه هاتفه والذي كان قد كتم صوته في وقت سابق، انتبهت روز لمايك وهو يمسك هاتف؛ لذلك ابتسمت وهي تنهض تنفض ثيابها، تقترب منه ولم تكد تصل له حتى صرخ مايك صرخة عالية جعلت روز تركض بسرعة بعيدًا عنه وهي تحتمي لطاولة المطبخ، ظنًا أن هاتفه سينفجر أو ما شابه، لكن فتحت فمها ببلاهة وهي تراقب مايك يردد بصدمة :


" لقد اتصلت تلك العربية بي خمس مرات وانا لم اجب، يا ويلتي "


ختم حديثه بصدمة وهو يرفع عينه يبحث عن روز حتى يشاركها صدمته، لكن وجدها تختبئ خلف أحد المقاعد التي تحيط الطاولة، اتجه لها وهو يقول بحسرة :


" انظري لغبائي روز، تلك العربية الفاتنة اتصلت بي خمس مرات دون إجابة مني، يا ويلتي هكذا ستظنني اتجاهلها "


رمقته روز بريبة وهي تبتعد عنه ببطء وخوف من هيئته، بينما هو ينظر للهاتف بحسرة، قبل أن ينتفض بقوة على رنين هاتفه، نظر له بسرعة ليرى اسم لورا يعلو شاشته، صرخ مجددًا بسعادة متجاهلًا رعب لورا منه وهي تخفي جسدها برعب خلف المقعد :


" إنها هي، تتصل للمرة السادسة، يبدو أنها لم تتحمل فراقي أكثر "


ختم حديثه بغمزة، يخرج من المطبخ تاركًا روز ترمقه بصدمة، ثم تحركت من خلف المقعد وهي ماتزال تنظر لأثره برعب، وبعدها حملت الصينية وهي تركض بسرعة خارج المطبخ تهمس :


" هذا الرجل مجنون بالكامل ؟!"


توقفت أمام باب غرفة جايك، تتنفس لتهدأ ثم رفعت يدها تطرق الباب بهدوء تنتظر أن يجيب، وثواني قليلة فقط حتى وجدت الباب يُفتح بقوة وصوت جايك الصارخ يعلو في الممر : 


" ماركوس ايها الـ ....زهرتي ؟!" 


عادت روز للخلف خطوات صغيرة وهي تبتسم بسمة لطيفة، ثم مدت يدها بالصينية التي كانت تحملها وعليها ورقة رُسم فيها شخص يجلس على مقعد ومعدته منتفخة وأمامه صينية طعام، ابتسم جايك بسمة واسعة وهو يقول بلطف :


" هذا لي !!"


هزت روز رأسها بنعم وهي تلف الصينية لتظهر ورقة أخرى مكتوب عليها :


" هذه مقرمشات مملحة لذيذة لأنك لا تحب الحلوى "


شعر جايك بقلبه يقفز بعنف لا يحتمل مقدار اللطف الذي يراه أمامه :


" لكنني بالفعل احب حلواكِ أنتِ زهرتي "


ابتسمت له روز بخجل قبل أن يتنحى يشير لها أن تدخل وهو يقول بلطف :


" هيا اريد أن اريكِ شيئّا "


نظرت له روز بعين مترددة، قبل أن يسارع هو بالقول :


" سوف اترك الباب مفتوحًا لا تقلقي "


خطت روز للداخل وهي تنظر حولها برهبة، لكن فجأة فتحت عينها وفمها ببلاهة وهي تراقب كم اللوحات التي رسمها لها جايك، مررت عينها على الغرفة كلها بصدمة، قبل أن تتوقف على إطار صغير يجاور فراشه، يحمل رسمتها التي أعطتها له في المشفى .


سمعت صوت جايك خلفها وهو يحمل منها الصينية ثم جذبها صوب الشرفة حيث كان يجلس منذ ثواني مع ماركوس، يضعها على مقعد ماركوس ثم جلس مقابلها وهو يقول ببسمة واسعة يشير للقمر أمامه :


" اريدك أن تشاركين تلك اللحظات "


نظرت له روز ثواني قبل أن تحول نظرها للسماء تشرد فيها وهناك بسمة صغيرة ترتسم على فمها، بينما عين جايك كانت تراقبها بشغف كبير وهو يقول بجدية :


" هذه المرة الأولى التي أرى بها مشهدًا بهذه الروعة ولا ارسمه، اخاف أن أغفل عن أي حركة تقومين بها "


نظرت له روز قبل أن تضحك وهي تخرج دفترها مشيرة له ألا يتحرك، ورغم تعجبه إلا أنه فعل ما طلبت يراقب أناملها تتحرك على الورقة بدقة وهي كل ثانية وأخرى تنظر له، ليستوعب هو أنها تصوره؛ لذلك اعتدل في جلسته يضع قدم على الأخرى وهو يتخذ وضعية مضحكة، ينتظر أن تنتهي هي .


مدت روز يدها بعد دقائق برسمتها التي استغرقت منها عشر دقائق تقريبًا وهي تكتب أسفلها اسمها وكأنها رسام محترف، تنظر لجايك ببسمة وهي تراقب ردة فعله، مد جايك رأسه يرمق رسمتها قبل أن يفتح فمه بانبهار يصفق بقوة :


" يا فتاة، جيد أن دافنشي مات قبل أن يرى منافسة قوية مثلك على الساحة "


ابتسمت روز له بخجل كبير، ليضم هو رسمتها وهو يقول بتفكير جدي :


" افكر في أن ابني لكِ مرسم جوار خاصتي، أو يمكنني مشاركتك مرسمي الخاص إن اردتِ "


أنهى حديثه وهو يبتسم لها بسمة لطيفة جعلتها تضحك بقوة، نهض جايك من جوارها وهو يقول بحنق :


" حسنًا هذا اقوى من قدرة أصابعي على التحمل، أبقي هنا سوف احضر لوحة كبيرة وارسمك "


راقبت روز رحيله ببسمة عاشقة وهي سعيدة أنه عاد مجددًا لطبيعته بعد تلك الغمامة السوداء التي غيمت عليه منذ ساعات، عاد جايك بسرعة وهو يحمل لوحة كبيرة يقول ببسمة واسعة :


" خذي راحتك زهرتي فـ أمامنا ليلة طويلة حتى ننتهي من الرسمة "


_____________________


يده تعانق يدها وكأنه يخشى أن يتركها فتتلاشى من بين يديه، ذقنه يستند على قبضته التي تضم خاصتها، وعينه لا ترتفع من على وجهها الحبيب الساكن بشكل يؤلم قلبه :


" روما حبيبتي اشتقت إليكِ "


صمت ثم قبل يدها برقة هامسًا :


" الطبيب أخبرني أن سبب سوء حالتك هو التأخر في حصر السم، هل كنتِ تعانين بصمت بعيدًا عني ؟!"


صمت قليلًا ثم أردف بوجع وقهر :


" أنتِ أنانية روما، ماذا كان سيحدث إن ظهر شيء واخرني عن الصعود للغرفة ؟؟ آلمتِ قلبي بشدة هذه المرة روما، لكن لا استطيع الغضب منكِ، وكيف افعل وانبذ موطني "


ابتسم بخفة وهو يداعب خصلاتها :


" لأول مرة أسقط مثل هذه السقطة القوية روما، لقد حطمتي كل الاسوار الشائكة التي أحاطت بي، دمرتي كل جبالي، لكنني لستُ حزينًا لأجل ذلك، فإن لم تلن جبالي امامك، فامام من ستفعل ؟!"


شعر انطونيو أثناء حديثه بأصابع روما تتحرك بين يديه، ابتسم بسمة صغيرة وهو يضغط أكثر على يدها، فهي منذ ساعات وهي تستجب له بهذا الشكل وكأنها تخبره أنها معه وتسمعه، وقد أخبره الطبيب حينما هرع له اول مرة تحرك بها أصابعها، أن الأمر عادي وكل هذه بدايات استفاقة يصدرها جسدها، وهذا أمر جيد لها، رفع انطونيو يوجه نظره لسيرينا التي سقطت في النوم على الأريكة، يبتسم بسمة صغيرة، ثم أخرج هاتفه من جيبه والذي أعطاه له مارسيلو قبل الرحيل، وضع الهاتف على الطاولة جوارها، يشغل فيديو صغير لهما أثناء قضاء شهر العسل حينما كان يصورها وهي تعزف له في ليلة هادئة وعلى ضوء القمر، ابتسم وهو يستمع للحنها يخرج من سماعة هاتفه يخترق قلبه بقوة، ثم استند برأسه جوار جسدها يراقبها بحب وصوت ضحكاتهما وعزفها يأتيه عبر الهاتف .


" عودي لي روما، أنا الآن مشرد بدونك "


انتبه أثناء ذلك لتوقف الفيديو وسماعه صوت رنين يوحي بوصول رسالة له، رفع عينه ببطء يرمق تلك الرسالة التي ظهرت له وسط شاشته وكانت من مارتن ( لقد كنت محقًا انطونيو، وصدق شكك، غدًا سوف انتهي من كل ذلك، انتظر مني رسالة بكل التفاصيل، اعتني بنفسك وبروما اخي ) 


ارتسمت بسمة مخيفة على فم انطونيو وهو يزيد من ضغطه على يد روما دون شعور هامسًا بشر :


" نهايتك ستكون على يدي أنا .........."


_____________________________


كانت ماتزال تبكي منذ تركها ماركوس، لم تتوقف عن البكاء أو تتحرك من مكانها، إلا عندما ذهبت لتتأكد من حالة أيان، ثم عادت تجلس جوار ادم والذي يبدو أنه يغط في نوم عميق بسبب الإرهاق الذي تعرض له .


" عندما جئت للجامعة ورأيتك كيف كنت تتعامل مع الجميع بلطف وهدوء وتعقل، انجذبت إليك دون الشعور بشيء، هكذا ودون أي مقدمات، لكنك وقتها كنت احمقًا مغرورًا "


صمتت هايز قليلًا وهي تسمح دموعها مرددة بحنق شديد ترمق وجه ادم :


" ومازلت احمقًا، لكن احمق لطيف، منذ عدت لحياتي، وأنا لا أستطيع العيش بشكل طبيعي دون التفكير بك، أنت يا ادم أكثر الأشخاص حقارة في حياتي، لقد عانيت بسببك كثيرًا أيها المغرور "


أنهت حديثها وقد بدأ الغضب يتسرب لاوردتها فجأة مما عانته بسببه لتبدأ في التحدث بغضب :


" مغرور غبي، تدعي الثقل فقط لأركض خلفك ؟! "


صمتت تضيف بغباء :


" حسنًا لقد ربحت وكنت اركض خلفك بالفعل، لكن ليس كثيرًا فقط أو اثنتان، انا اكرهك آدم ايها المتكبر الـ "


" هناك سلاح في ثيابي هايز يمكنك قتلي به وتخليصي من ضوضائك تلك، إن كنت حقيرًا ومغرورًا ومتكبرًا بهذا الشكل، لِمَ مازلتِ جالسة هكذا دون أن تخنقيني وتريحي العالم مني، يا فتاة أنت ناكرة للجميل "


ابتلعت هايز ريقها وهي تردد بصدمة :


" منذ متى وأنت تستمع لي ؟!"


" منذ بدأتِ الحديث وبدأتِ سبي، اعتقدت أنكِ ستغازلينني؛ لذلك ادعيت النوم، لكن يبدو أن لسانك هذا يحتاج للبتر هايز"


لوت هايز شفتيها بخجل من حديثه وهي تقول مبررة لنفسها :


" كنت على وشك الشكر بك ومغازلتك اقسم، لكنك لم تمنحني فرصة "


" أي فرصة تلك ؟! اشعر أنني لو امهلتك دقيقة إضافية، كنتِ سنهضين وتكسرين تلك الأجهزة فوق رأسي "


صمتت هايز بخجل منه ومن حديثه، قبل أن تقول بهدوء :


" لا تظلمني هكذا ادم، يكفي أنني تحدثت عن مشاعري تجاهك منذ بداية معرفتي لك "


" اه عندما كنا بنفس الجامعة وكنت مغرورًا ؟! نعم سمعت، اذهبي بعيدًا عن وجهي هايز قبل أن انهض أنا واريكِ ادم جديد، ادم الوقح الذي لم يعرف يومًا لباقة أو احترام "


نهضت هايز من على المقعد بسرعة وهي تقول بصدمة من حديثه :


" هل أنت غاضب مني ادم؟!"


ردد ادم بسخرية لاذعة وهو يعتدل في جلسته :


" لا ياقلب آدم لستُ غاضبًا، ثم أنتِ لم تفعلي شيء يستدعي غضبي "


سارعت هايز بالتحدث :


" هذا ما احاول قوله منذ استيقظت، أنا لم أفعل شيء يستدعي غضبك ادم "


نظر لها ادم ثواني قبل أن يمسك زجاجة مياه جواره بتعب وهو يرفعها حتى يلقيها في وجهها، لولا أنها صرخت وهي تركض للخارج برعب، تردد :


" سوف اذهب لارى أيان"


رمق ادم رحيلها بحنقؤ قبل أن ترتسم بسمة صغيرة على فمه يتنهد بتعب هامسًا :


" تبًا لكِ هايز "


_____________________________


تحرك مايك صوب البهو وهو يجيب على المكالمة بسرعة قبل أن تنتهي، يحاول تنظيم أنفاسه حتى لا يظهر لهفته لها ويدعي الثقل :


" مرحبًا "


" واخيرًا، أنا أتصل بهاتفك منذ ساعة تقريبًا "


ابتسم مايك بسمة صغيرة ثم قال بجدية :


" عفواً كنت مشغولًا بعض الشيء، كيف حالك آنسه لورا ؟!"


أبعدت لورا الهاتف عن أذنها بتعجب لتلك النبرة الجادة المتعقلة التي يتحدث بها معها، هل هو جاد حقًا ؟!


" هل ازعجتك ؟!"


" لا، لا بأس يمكنني أن اقتنص بعض الدقائق لكِ من بين جدولي المزدحم "


ابتسمت لورا بسمة صغيرة محرجة وهي تقول له وعينها تستقر على القصر الخاص به :


" في الحقيقة أنا هنا، اقصد أنا أمام القصر، لكن هناك بعض الحرس يرفضون ادخالي، وأنا كنت احتاج للتحدث معك في أمر هام "


فتح مايك فمه بصدمة وهو يتحرك بأقدام سريعة خارج القصر يردد بعدم تصديق :


" أنتِ هنا الآن؟! هل حدث شيء خطير !!"


أنهى حديثه وهو يسرع أكثر صوب البوابة يشير للحرس الذين احضرهم مارتن مرة أخرى بأمر من انطونيو، بعدما كانوا تخلوا عنهم سابقًا، تحرك مايك صوب الخارج يبحث بعينه عن سيارتها ليراها تلوح له، اتجه لها بخطوات هادئة متزنة بينما هي خرجت من سيارته وهو تبتسم له بسمة صغيرة :


" اعتذر إن تسببت في ازعاجك سيد مافو ؟!"


انتزع مايك الهاتف من على أذنه وهو يدسه في جيبه يمد يده قائلًا ببسمة صغيرة :


" لا لا بأس، مرحبًا "


بادلته لورا التحية وهي تردد ببسمة صغيرة متوترة :


" مرحبًا " 


صمتت لورا وهو صمت ينتظر أن تتحدث بما جاءت لأجله في هذا الوقت، يحاول أن يفكر في سبب قد يجعلها تبحث عنه وتتصل به وتأتي له، لكن وصلته الإجابة دون أن يُرهق عقله في التفكير أكثر وهو يراها تضم حقيبتها لها بتوتر :


" أنت مافو صحيح ؟!"


رفع مايك حاجبيه بتهكم :


" ماذا هل اكتشفتِ مافو آخر؟!"


ابتلعت لورا ريقها وهي تهز رأسها بلا تقول بجدية :


" أعني أنت مافو ولذلك يمكنك تصميم فساتين جميلة صحيح ؟!"


ابتسم مايك بسمة صغيرة وهو يستمع لحديثها يميل بوجهه بعض الشيء مجيبًا إياها:


" نعم اعتقد ذلك "


" إذن أريدك أن تصمم فستان لي، خصيصًا لي أنا فقط، هل تستطيع ؟؟"


فتح مايك عينه بصدمة من اندفاعها بهذا الشكل لا يفهم نبرتها التي تحدثت بها، لكنه رغم ذلك هز رأسها بهدوء وهو يقول بجدية بعيدًا عن أي مزاح :


" حسنًا اعتذر لكِ لورا، لكنني هذه الفترة لا استطيع تصميم أي شيء حتى أنني لا أذهب للمكتب و "


توقف فجأة عن الحديث وهو يرى انفجار لورا الصادم في البكاء وهي تتحدث من بين شهقاتها :


" لا لا ارجوك، أنا سأدفع لك ثمنه، سأعطيك ما تريد "


صدم مايك من ردة فعلها، فهو لم يخبرها شيء يستحق البكاء، لكن لورا بكت وهي تتخيل فشلها المتكرر، وها هي تفشل فيما تفاخرت به أمام الجميع، الآن سيتأكد الجميع أنها كاذبة، وكل هذا خطأها لأنها تسرعت وقالت ما قالت لماليكا .


مسحت دموعها وهي تقول وشهقاتها تصعب أمر فهمها على مايك :


" صدقني سوف ادفع لك ضعف ثمن الفستان "


" لورا هل تعلمين سعر اقل تصميم اقوم به ؟!"


هزت لورا رأسها بلا وهي تفتح حقيبتها تقول بجدية كبيرة ماسحة دموعها :


" لدي الآن ألف فقط يمكنك اخذها وعند الاستلام سوف أعطيك باقي حسابك "


نظر مايك بيدها وهو يمسح وجهه بتعب ثم ضم قبضتها على الأموال وهو يردد بجدية :


" احتفظي باموالك لورا، أنا لا أتحدث في أموال هنا، ولن أخذ منك شيئًا "


نظرت له لورا ثواني وهي تتجهز للدخول في نوبة بكاء أخرى تتخيل نظرات الجميع لها، ونظرات والدتها حينما تجدها قد عادت دون فستان قيم :


" سوف أعلمك العربية، ما رأيك ؟! سوف أعلمك كل شيء "


ابتسم لها مايك بسمة صغيرة وهو يرى إصرارها ذلك، لكنه لم يبدي موافقته أو رده وهو ينحني لها شاكرًا إياها بلطف :


" ريتها امك خلفت كلب وما خلفتك "


فتحت لورا فمها ببلاهة وهي تردد :


" ماذا ؟!"


" اشكرك على عرضك المغري، واريكِ أنني تلميذ نجيب لن يرهقك في تعليمه اللغة، فها أنا تعلمت الكثير منكِ "


رمقته لورا بفم مفتوح وهي تحاول عدم اظهار صدمتها من حديثه :


" توقف عن هذا يا رجل، توقف "


ابتعد مايك عنها بتعجب من صياحها ذلك وهو يردد بعدم فهم :


" هل قلتها بشكل خاطئ؟! غريب لقد حفظتها بشكل متقن، ربما فاتتني كلمة أو ماشابه"


ردد كلماته وهو يفتح هاتفه ليراجع التسجيل الخاص بلورا حينما كان يحدثها لولا يد لورا التي امسكت الهاتف وهي تقول ببسمة واسعة :


" هل وافقت ؟!"


نظر لها مايك ثواني قبل أن يبادلها البسمة وهو يهز رأسه :


" كنت سأوافق على أية حال، حتى بدون ذلك العرض السخي و...."


وتوقف عن الحديث وهو يشعر بلورا تعانقه بقوة مرددة بسعادة كبيرة :


" شكرًا كثيرًا أنت افضل مافو في هذا العالم "


كان مايك ينظر لها بصدمة مما فعلت وهو مازال لا يستوعب ما حدث، لكن فجأة شعر بالهواء يضربه بعدما كان دافئًا منذ ثواني، يراقب لورا التي صعدت لسيارتها وهي تقول بسعادة ملوحة بيدها من السيارة، تشعر بالانتصار لاول مرة منذ فترة طويلة، والسعادة تتغلغل لها بقوة :


" شكرًا لك مافو، ريتها امك خلفت كلب ولا خلفتك "


لوح لها مايك بعدما خرج من صدمته وهو يقول ببسمة واسعة وصوت عالي :


" العمى بقلبك لورا ..."


وكان كل ذلك تحت مرأى ومسمع من آدم الذي توقف بسيارته أمام البوابة وتجلس جواره هايز، يرمق الاثنين بصدمة، لا يصدق مقدار الغباء الذي يستوطنهما، يسبان بعضهما بكل سعادة ورضا نفس .


" آدم هل أنت بخير ؟! لِمَ توقفت فجأة ؟!"


هز ادم رأسه وهو يقول لا شيء ثم تحرك بسيارته للداخل يردد بسخرية :


" احمقان "


_______________________________


كانت تجلس على المقعد في المركبة التي استأجرها ليقضي معها يوم آخر كذلك الذي قضوه بمجرد وصولهم لمصر، لكن هذه المرة كان هو قائد السفينة ورفض وجود شخص آخر .


ابتسمت رفقة وهي تلمح الطاولة التي كانت تستقر في منتصف السفينة تحوي أصناف كثيرة من الطعام، حركت عينها لجاكيري الذي خرج لتوه من مكان القيادة، يتجه نحوها وهو يحمل مكبر صغير على شكل اسطوانة ووضعه على الطاولة وهو يغمز لها مشاكسًا :


" والآن صاحبة الشعر المجعد، سوف اؤدي لكِ الأغنية الأولى في حياتنا كزوجين، لقد سهرت طوال الليل اختار الأغنية بعناية واحفظها لأجل عينيكِ جميلتي "


ابتسمت رفقة بحب وهي تكاد تدمع من لطفه، رأته يمد يده ويشغل الأغنية على هاتفه الذي سبق وأوصله بالمكبر، لتصدح كلمات الأغنية العربية في المركبة، فتحت رفقة فمها بصدمة تستمع لكلمات الأغنية وترى جاكيري يغنيها بكل سعادة وهو يشير لها مع كل كلمة وكأنه يخبرها أن تلك الكلمات موجهة لها .


ولم تكن الأغنية التي قام جاكيري باختيارها بكل عناية إلا اغنية ( سو يا سو حبيبي حبسوه )، وكان جاكيري محقًا حين اخبرها أنه أخذ ليلة طويلة ينتقي اغنية مناسبة، فلا تعتقد أن هناك اغنية تناسب حالتها أكثر من تلك الأغنية .


انفجرت رفقة بالضحك وهي ترى جاكيري يشير لها وهو يغني بهيام وعيونه تشع بالحب، وكأنه يغني لها اكثر الكلمات رومانسية وليس اغنية عن حبسها، ورغم أن جاكيري لم يفهم سبب ضحكاتها إلا أنه اتجه لها يمسك يدها وهو يجذب لتشاركه الاحتفال، بينما هي لم تكن تستطع أن تقف على قدمها من كثرة الضحك :


" يا اخي أنت لو قاصد تذلني مش هتختار الأغنية دي "


أنهت كلماتها وهي تنفجر في الضحك وهي تراه يحرك جسدهما مع الموسيقى معتقدًا أن ضحكاتها تلك سعادة :


" هل اعجبتك الأغنية لهذه الدرجة رفكة ؟!"


ازدادت ضحكات رفقة أكثر وهي تهز رأسها بنعم مرددة من بين أنفاسها اللاهثة :


" اغنية معبرة حقًا جاكيري، يمكنك أن ترقص عليها أمام سجني عندما يتم القاء القبض علىّ "


انكمشت ملامح جاكيري بحنق وهو يقول مستاءًا من تلك الكلمات :


" لا تذكري أمر سجنك رفكة، فهذا لن يحدث طالما أنا حي، ثم ما علاقة اغنية شاعرية كتلك بسجنك ؟!"


ضحكت رفقة وهي تقول بصعوبة :


" هل تعلم معنى كلمات تلك الأغنية ؟!"


" لا، لكنها تحتوي كلمة حبيبي؛ لذلك خمنت أنها رومانسية، فأنا أعلم أن كلمة حبيبي رومانسية هنا، كما أنها لنفس المغني السابق الذي رقصنا على أغنيته "


إجابته رفقة بعدم تصديق لمنطق اختياره الاغاني :


"يعني ما نص اغاني مصر مليانة حبيبي، ومن بين كل الاغاني اخترت دي، ونعم الاختيار فعلًا "


صمتت تحاول تنظيم أنفاسها التي هلكت بسبب الضحك :


" جاكيري حبيبي هذه الأغنية كان يغنيها أحد الرجال لحبيبته بعدما تم سجنها"


فتح جاكيري فمه ببلاهة ثم أشار لمكبر الصوت وهو يقول بعدم فهم :


" هذه الأغنية ؟!"


هزت رفقة رأسها بنعم وهي تستمع جملته المصدومة :


" هذه الموسيقى الحماسية واللطيفة لأن حبيبته تم سجنها؟! أليس من المفترض أن تكون الموسيقى أكثر حزنًا وكلماته أقل حماسة من هذا ؟! هل كان يشمت في حبس حبيبته ؟!"


ضحكت رفقة من تحليله ذاك وهي تضم وجهه بحنان بين كفيها تهمس له :


" انظروا لهذا الرجل، هل يوجد من هو الطف منك ؟! "


ابعد جاكيري يدها من على وجهه وهو يوقف الأغنية بفم مذموم، ثم رفع المكبر وهو يلقي به في النهر بحنق كبير، وقد ضاق لأنه كان يغني تلك الكلمات لها منذ قليل، راقبت رفقة ما يفعل بصدمة، لتجده يعود لها وهو يقول ببسمة صغيرة :


" لا بأس انسي تلك الأغنية السخيفة، أنا سوف اغني لكِ "


فتحت رفقة عينها بانبهار وهي تهمس :


" تستطيع الغناء ؟! "


" لا، لكنني سأحاول لأجلك، هيا اجلس ودعيني ابدأ "


جلست رفقة على الطاولة بحماس وهي تراقب بأعين شغوفة حركات جاكيري الذي استقر أمامها على المقعد وهو يمسك يدها بحنان شديد، يرمق عينها بحب، ثم بدأ الغناء لها إحدى الأغنيات الإيطالية التي يدرك جميع معانيها جيدًا ويعلم كل كلمة، ورغم أنه لم يجرب سابقًا، إلا أن صوته كان أكثر من رائع وهناك بسمة واسعة ترتسم على وجهه .


امتدت يده تحيط وجه رفقة في حنان شديد يقترب بوجهه منها وهو يستقر بعينه على شاطئ عينها، وقد اعتزل الأبحار، بعدما وجد مرساه بين عينها، شعرت رفقة برغبتها في البكاء حبًا لذلك الرجل، وقلبها يهدر بحبه .


ودون شعور منها بدأت رفقة تكرر معه كلمات تلك الأغنية التي كانت المفضلة لها في وقت دراستها للايطالية، الأغنية الاكثر حالمية بالنسبة لها، تُوجه لها الآن من الرجل الاكثر حنانًا في العالم .


انتهى جاكيري من أغنيته وهو ينظر لعين رفقة مرددًا :


" اعشقك ايها الأملس "


انتهى من كلماته التي جعلت رفقة تفتح فمها بعدم تصديق أنه مازال يتذكر اول لقاء لهما في ذلك المحل حينما أخذ دورها، وبعدها حدث الهجوم على المحل لأجل الامساك بها، ثم أخذ يصفها بالاملس لأنها كانت قد نسيت لحيتها ذلك اليوم .


ضحكت رفقة وهي تردد :


" هل مازلت تتذكر ؟! كم كنت لئيمًا يومها يارجل "


ابتسم لها جاكيري وهو يربت على وجنتها بإصبعه :


" لم انس أي لحظة بيننا، وخاصة تلك التي شاهدتك بها تنزعين باروكة شعرك وتصبين شلالاتك الحريرية السوداء في بحيرة قلبي الجافة "


دمعت عينه رفقة وهي تنهض ملقية جسدها بين أحضانه التي تقبلتها بكل سعادة، يدفن وجهه بين شلالاتها الحبيبة وهو يتشدق بحب :


" ولم أدرك سوى الآن أن راحتي تقبع هنا بين ذراعيكِ يا ذات الشعر المجعد "


__________________________


كانت عين روبين تستقر بكل جدية على الطاولة التي تقبع بين لولو وفبريانو وعليها بعض اوراق الالعاب المعروفة ( كوتشينة ) فقد تحدت لولو فبريانو أن ينتصر عليها في هذه اللعبة التي لا يعلم عنها فبريانو شيئًا، لكنه وافق مقابل أن ينفذ شرطه من تلك اللعبة أن انتصر عليها .


تحدثت لولو ببسمة ماكرة وهي تسحب جميع الأوراق أمامها بعدما فازت في تلك الجولة أيضًا:


" افتكر اني لو فوزت فأنت هتجيب ليا سماعة زي اللي مع البت روبين دي، بس هتجيبها ليا بيبي بلو عشان الاسود شكله مش حلو "


حدق فبريانو في أوراقه بكل خبث وهو يردد بجدية كبيرة :


" وأنتِ ستدعينني اقتلك إن فزت "


استدارت روبين تنظر له بصدمة وهي تردد :


" فبريانو ..."


" ماذا ؟! لقد اتفقنا قبل اللعب "


ابتسمت لولو باستهزاء وهي تراقبه على وشك الخسارة :


" سيبيه يا روبين قال يعني هيفوز اوي "


ابتسم فبريانو بمكر وهو يضع ورقة له على الطاولة يردد بعيون باردة :


" لا تستهيني بخصمك أبدًا لولو "


فتحت لولو عينها بصدمة وهي ترى فبريانو يسحب جميع الأوراق من أمامها بشكل شعرت به روبين أنه سيؤدي لاصابتها بجلطة، لكن فبريانو لم يهتم وهو يخرج سلاحه يجهزه، ثم وضعه على الطاولة جوار أوراقه، وهناك بسمة بريئة ترتسم على وجهه، بينما روبين لا تصدق حقًا ما يفعل .


نهضت روبين فجأة من مكانها وهي تسحب يد فبريانو بسرعة قبل الجولة الأخيرة التي قد تنتهي بقتل جدتها بسبب لعبة غبية :


" فبريانو هيا سوف اوصلك لمنزلك "


تشنج فبريانو وهو يردد بسخرية :


" حقًا وهل سأخاف الذهاب للمنزل وحدي ؟! "


ابتسمت له روبين تحاول أن تلين قلبه بملامحها البريئة :


" مش عايز نتمشى سوا ؟! يعني هو قتل لولو احسن عندك من أننا نتمشى سوا !؟"


نظر لها فبريانو بتفكير، ثم حول نظراته لـ لولو التي كانت ما تزال تولي كامل اهتمامها للأوراق في يدها، لتجد فجأة أن فبريانو يلقي باوراقه أمامها وهو يقول ببرود :


" لقد مللت من اللعب، نجوتِ هذه المرة لولو "


نظرت لولو له وهي تراه يتحرك للخارج مع روبين التي كانت تجذبه قبل أن يغير رأيه، لوت لولو فمها بسخرية وهي تردد :


" اهرب يا جبان، صبرك عليا يا بيومي، المرة الجاية مش هتكون سماعة بس، ده أنا هخليك تجدد ليا عفش البيت كله "


ضحكت روبين بقوة وهي تجذب فبريانو بقوة تمنعه من العودة لـ لولو، وهي تتحرك معه خارج المنزل، تتحرك معه صوب شقته التي استأجرها في نفس الشارع الذي تقطن به مع جدتها، تنظر له كل ثانية والأخرى وهي تحاول أن تكتم ضحكتها على حنقه الواضح لأنها منعته من قتل لولو، وكأنه طفل منعته والدته من اللعب في الوحل .


" بكرة عندي تدريب، اتنقلت لفرقة البنات "


وها هي تنجح في جذب انتباهه لها، وهو ينظر لعينها بكل جدية مرددًا :


" اهم شيء بالنسبة لي روبين هو ألا تكوني حزينة لأجل هذا الأمر، إن اردتِ العودة لفرقتك القديمة يمكنك ذلك "


ابتسمت روبين بحنان ولم تكد تجيبه، حتى سمعت صوته المخيف يردد :


" بعدما اقتل جميع الرجال بها "


فتحت روبين فمها بصدمة وهي تنتوي الصراخ به أن يتوقف عن حديثه الدائم عن القتل، لكن ما كادت تفعل إلا وسمعت صوت حانق حاد يأتي من خلفها :


" مش ده الراجل اللي ضربك يا سامي "


شعرت روبين بتصلب جسد فبريانو وهو يتسمع لتلك الكلمات، وهناك بسمة مخيفة ارتسمت على فمه وكأنه للتو وجد متعته الخاصة التي ستعوض خيبة أمله لما حدث منذ ثواني مع لولو، لكن لم تعطه روبين فرصة التفكير حتى في الإقدام على اي شيء حيث أمسكت يده وهي تجذبه بقوة مباغته إياه صارخة :


" اجري يا فبريانو "


لم يشعر فبريانو سوى بجسده يتحرك خلفها وهو يقول بغيظ كبير :


" مهلًا أنا أريد التشاجر معهم "


" دول كتير مش شايف ؟!'


" لا يهمني، جيد أنهم اجتمعوا حتى أتخلص منهم جميعًا، ليتوقفوا عن الحوم حولك "


نظرت له روبين وهي تركض بكل ما تملك من قوة تصرخ بغضب :


" يحوموا مين، مفيش حد بيحوم ولا حد يعرفني اساسا هنا "


نظر لها فبريانو بحنق ثم صرخ :


" تكذبين ؟! لقد أخبرتني لولو بكل شيء، الجميع هنا يحوم حولك، وانا لا اسمح بهذا روبين "


جذبته روبين لإحدى الطرق الجانبية وهي تدفعه صوب الجدار حتى تخفي جسده، تضم خصره بين يديها، تخفي وجهها في صدره تدعي ألا يراهم سامي وجماعته التي تُعرف بالعنف في المنطقة كلها .


" لا تصدر صوتًا ارجوك "


لكن فبريانو لم يكن ينتبه سوى لاحتضانها إياه بتلك القوة، يشعر بجبال برودته تذوب أسفل جمرات لمساتها، ابتلع ريقه وهو يقول بجدية وصوت اجش :


" لقد رحلوا "


أبعدت روبين رأسها ببطء عنه وهي تنظر حولها تستوعب الهدوء الذي غرقوا به، تتنفس براحة شديدة مبتسمة غير واعية بنظرات فبريانو لها، ثم تحركت ببطء صوب بداية الزقاق، تمد رأسها تفحص المكان حولها قبل أن تبتسم بسعادة وهي تستدير لفبريانو هامسة براحة :


" توهناهــ "


ولم تكمل كلماتها بسبب جذب فبريانو لها بقوة وهو يدسها بين أحضانه، يحبط مقاومتها الناتجة عن صدمتها يهمس لها بصوت خافت :


" ابقي هكذا روبين، لبعض الوقت فقط ارجوكِ "


توقف جسد روبين عن التحرك وهي تبتلع ريقها وقد بدأ هدير قلبها يعلو ويعلو حتى كاد يصم أذنها، تنظر في وجه فبريانو بتعجب، لكن فبريانو لم يهتم وهو يزيد من ضمها مرددًا بحب :


" أنا اتنفس بوجودك فقط روبين "


ابتسمت له روبين بسمة صغيرة ثم أخذت تربت على ظهره بحركة تلقائية من يدها دفعت البسمة لوجهه وهو يشعر كما لو أنها تربت على طفل صغير .


ومن بعيد وخارج الزقاق كان ما يزال يقف بثياب تنافس الليل سوادًا وهو يحمل هاتفه واضعًا إياه على أذنه مرددًا بجدية :


" نعم سيدتي مازال معها ......سأنفذ بمجرد رحيله عنها "


________________________________


صباح اليوم التالي :


يرمق ساعة يده بحنق شديد وقد بدأ يشعر باليأس، فها هو يجلس عند نفس الإشارة التي قابلها فيها مرتين، منذ ما يقارب الثلاث ساعات، ينتظر أن تظهر له، أو يراها حتى يجذبها من أذنها ويجرها معه للمنزل .


دفن ماركوس وجهه في يديه يحاول ايجاد حل، وطريقة للعثور عليها، فهي لم تسبق وأخبرته بأمر مسكنها السابق، كل ما كان يعرفه هو أنها تعمل عند هذه الإشارة دائمًا وهذا هو الخيط الوحيد الذي يمتلكه حتى الآن.


أخرج هاتفه وهو مازال يمرر عينه على الطريق أمامه، بعدما ترك سيارته على جانب الطريق جلس على أحد المقاعد التي تستقر هناك، وضع الهاتف على أذنه وهو يتحدث مع أخيه :


" هل وصلت للمطار ؟! جيد، متى ستعود إذًا ؟!"


صمت ماركوس يستمع للطرف الآخر، ثم قال بجدية كبيرة :


"حسنًا مارسيلو ارجو ألا تتهور، إن وجدت الأمر خطر كما وصفت لك مساعدتك الشخصية، ارجوك تحدث معي أو مع أي أحد منا حتى نأتي إليك"


نفخ ماركوس بحنق من برودة أخيه :.


" اعلم أنك لست صغيرًا مارسيلو، لكن هذا لــ "


توقف ماركوس عن الحديث وهو يبصر شيء جعله ينتفض من مكانه، متحدثًا بتعجل ولهفة :


" حسنًا مارسيلو اتصل بي بعد وصولك "


ختم حديثه وهو يغلق المكالمة بسرعة راكضًا صوب تلك التي كانت تمر على جميع السيارات ترتدي معطفًا جلديًا مهترئ، نظر بطرف عينه للإشارة وهو يركض وسط الطريق، ثم وعلى حين غرة امسك يد تلك الفتاة جاذبًا إياه بجانب الطريق بعنف شديد جعل الفتاة تصرخ برعب وهي تقاومه ظنًا أنه شرطي :


" لا سيدي أنا لا أفعل شيء اقسم لك، أنا فقط كنت ابيع له بعض الاشياء "


ابتسم ماركوس بسمة خبيثة وهو يترك يدها بعدما توقف جوار المقعد الذي كان يستقر عليه منذ ثواني مرددًا بجدية :


" أين هي فيور ؟!"


" فيور ؟!"


بتعجب شديد همست الفتاة الصغيرة التي كانت تبيع منذ ثواني بعض الاشياء في الإشارة، لكن ماركوس لم يمنحها الفرصة للتفكير وهو يضغط على يدها بقوة صارخًا بشكل مخيف :


" الفتاة التي كانت تبيع أشياء كتلك التي تضعينها في معطفك، هنا في هذه الإشارة "


رمقته الفتاة برعب وهي تحاول التفكير فيما يقصد وما يريد، حتة صرخت وهي ترتجف بين يديه :


" فوفا تقصد ؟! "


" فوفا ؟! أيًا يكن، أين هي ؟!"


" هل أنت شرطي ؟! "


نفخ ماركوس بحنق شديد وهو يجذب الفتاة له اكثر هامسًا من بين أسنانه بعنف :


" أين هي تحدثي ؟!"


بكت الفتاة بخوف وهي تقول من بين أسنانها المرتجفة :


" لا اعلم، لقد اختفت منذ ايام "


ضيق ماركوس عينه بشك :


" هل تحاولين خداعي يا فتاة ؟!"


" لا لا اقسم أنني لم أرها منذ ايام، لقد اختفت بشكل مفاجئ، ارجوك اتركني أنا لم أفعل لك شيء، ارجوك دعني وشأني "


كانت تبكي الفتاة بانهيار ليضطر ماركوس لترك يدها بيأس، تاركًا إياها تركض بعيدًا عنه برعب كبير، بينما هو ينظر لاثرها وهو يفكر في حديثها، إن لم تعد فيور هنا منذ رحيلها معه، أين ذهبت إذن ؟!


تحرك صوب سيا?

الفصل الحادي عشر من هنا 

شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
 

تعليقات



×