رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) الفصل التاسع 9 بقلم اسراء علي


رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) الفصل التاسع

وإن كان أمل العُشاق هو القُرب
أنا أملي فـ حُبك هو الحُب

فتح باب السيارة ثم جلس جوار والده والذي ما أن رآه حتى تساؤل مُتأملًا ملامح وجهه المكدومة

-مين اللي عامل الحفلة دي فـ وشك؟
-أجابه جواد بـ وجوم مُقتضب:مفيش… 

تحركت السيارة بهما في صمتٍ ولم يزد جاسر في سؤالهِ وقد عَلِمَ أن ما حدث بسبب تلك الصغيرة التي سلبته عقله.. بل بـ الواقع يُذكره بـ نفسهِ 

ذات الشرسة في الدفاع عن حقوقه.. ذات الغيرة التي تُحركه فـ لا يبقى للعقل منطق لتنتطلق يداه تُعبر عما يُعتمل في داخله.. نفس العبوس والغضب.. وبكل بساطة جواد نُسخه مُصغرة من جاسر الصياد

تنهد جاسر ثم قال بـ نبرةٍ خبيثة ذات مغزى

-على العموم لو عاوز تاخد خطوة جد عرفني… 

نظر إليه جواد بـ عدم تصديق ولهفة قاتلة ثم تسائل بـ جدية

-بتتكلم جد يا بوس! 
-ضحك جاسر وقال :وجد الجد كمان يا بن جاسر… 

أوما جواد وهو يبتسم لـ شراسة ومضى يتذكر أمس

"عودة إلى وقتٍ سابق" 

لم يكد أن ينطق بما تفوهت به شفتاه العينة حتى كان جواد يطبق على عنقه بـ قوة كادت أن تقتلع لها حجنرته وقد ظهر جليًا بـ تحشرج أنفاسه وإتساع عينيه 

وبـ شراسة قاتمة أردف جواد وهو يهزه بـ قوة لا تتناسب مع جسد الهزيل أمامه 

-مكنتش عارف إنك مستعجل على موتك كدا!... 

كانت صرخات النساء تعج بـ المنزل ونادين تقف مُعانقة لصغيرتها التي ذُعرت من جواد وتلك الهيئة المُرعبة التي شاهدته عليها.. إلا أن كل هذا لم يجعله يحيد أو يفقد تركيزه عن ذلك الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة

وحينما أدرك سامح نظرات الإجرام بـ عيني إبن أخيه.. نظرات مُصممة بـ شدة على قتلهِ.. تقدم منه واضعًا يده على معصم جواد وحاول إبعاده ثم قال بـ صوتٍ حاد

-لو مش محترم وجود عمك يبقى متحلميش تخش البيت دا تاني ولا تشوف بنتي… 

لم يظهر أن جواد قد سمعه لعدة لحظات إلا حينما إخترقت آخر كلمة عقله فـ ترك المسكين أرضًا ليركض والديه إليه ثم هدرت والدته بـ جنون وصوتٍ مبحوح من كثرة الصراخ

-يا مجنون.. والله لاوديك فـ ستين داهية… 

لم تفقد ملامح جواد قتامتها ليردف وهو يُشير بـ يدهِ مُحذرًا بـ صوتٍ شابه فحيح الأفعى بـ رُعبها

-عالله أشوفك قريب منها.. وديني وما أعبد لكون مخلص عليك.. وأنا مبهددش مرتين… 

ورحلوا مهرولين خوفًا بينما الشاب ينظر إلى جواد بـ نظراتٍ سوداء قابلها هو الآخر بـ نظرات أشد ظُلمة و سوادًا

وعلى حين غُرة إلتفت إلى إيلاف الباكية بـ عُنف ثم هدر وهو يقترب منها فـ تنكمش بـ أحضان والدتها

-أنتِ عاوزة تجننيني مش كدا!... 

لم ترد عليها وشهقاتها تجعل جسدها ينتفض فـ تقدم منها خطوة قبل أن يسد عليه الطريق جسد عمه القوي الذي لم ينجح الزمن في إضعافهِ ثم هدر بـ حدة قوية أجفلت الجميع

-بنتي ليها أب يدافع عنها.. ومهما كنت مين يا جواد مش هسمحلك تأذيها.. بنتي خط أحمر ليك ولغيرك… 

تراجع جواد بـ جفلة قبل أن يُعاجله سامح بـ لكمة أطاحت به أرضًا فـ صرخت إيلاف بـ خوف

-بابا!!... 

إلا أن سامح لم يستدر إليها بل إنحنى إلى مستوى جواد وجذبه من تلابيبهِ وأكمل بـ غضب 

-العرض الهمجي اللي عملته فـ بيتي دا حسابه تقيل أوي.. إلزم حدودك يا جواد لو كنت رافض فـ ترفض بـ أدب أما أنا مش هسمحلك تعمل اللي عملته دا تاني… 

ثم عاجله بـ لكمتين أُخرتين آلمت فكه وجعلت الدماء تنزف من شفتيه و أنفه ليقول بـ جمود دافعًا إياه بعيدًا

-برة يا جواد.. ولما تعرف تحترم عمك إبقى إدخل بيتي.. ولما تعرف تحترم بنت عمك إبقى تعالى طالبني بـ حقك فيها… 

ثم إستدار جاذبً زوجته و إبنته وقال بـ هدوء وكأن شيئًا لم يكن

-دلوقتي تتفضل تطلع برة عشان عاوزين ننام… 

بقى جواد يُحدق بـ الفراغ الذي خلفه سامح بـ نظرات خاوية،مجوفة، شرسة ولكنه لم يقدر على حديث.. لذلك لملم ما تبقى من كرامتهِ ورحل

"عودة إلى الوقت الحالي" 

وعلى الرغم من الشعور بـ النقمة والغضب لما فعله عمه ولكنه يعمل في قرارة نفسه أنه لم يفعل ما فعله إلا يوقفه عند حده.. إلا لأنه يخشى عليه مما قد يرتكبه

والأكثر أنه يُريد من إيلاف أن يجعلها حقه.. حقه الحصري والوحيد 

لذا إبتسم وهو يُريح رأسه إلى الخلف قبل أن يُباغته جاسر بـ سؤالهِ

-سامح ضربك ليه؟ 

غمغم جواد دون أن يتأثر لمعرفة والده بما حدث

-عشان تماديت وقليت أدبي
-أردف جاسر بـ هدوء وشماتة:تستاهل 
-إبتسم جواد بـ تهكم وقال:أنت مع مين يا حج!.. مش أنا إبنك برضو!! 
-أنت إبن *** تستاهل حتى يكسر رقبتك… 

ضحك جواد قبل أن يتأوه ألمًا عندما ضغط جاسر على كدمة فكه ثم تساءل بـ مكر مازح

-بتوجع دي! 
-حك جواد فكه وقال بـ ضيق:لا أبدًا.. أنا بس بشوف نفسي بحس ولا لأ… 

ضحك جاسر ثم مال إلى ولده وتساءل بـ خُبث صيادي وكم بدى الإثنين كـ نُسخة مُتطابقة حتى العبث المُطل من ذهب عينيهما

-مش أهم حاجة ضربت العريس!؟ 
-إبتسم جواد بـ عبث وقال:عيب عليك يا كبير.. دا أنا حتى ابن جاسر الصياد
-ليرد جاسر بـ خشونة مازحة:وليك الفخر يا ولد… 

ضحك جواد وشاركه جاسر الضحك.. فـ رجال الصياد لا يُدافعون عن نساءهم سوى بـ الدم

************************************************

نثر عطر صديقه ثم عدّل خُصلاتهِ الجانبية بـ أصابعهِ بعدما إلتقط مفاتيحه و مُتعلقاته الشخصية مُتجهًا إلى الخارج 

وجد شهاب جالسًا بـ شرود عجيب عليه يُدخن لُفافة تبغ وينفث دخانها بـ قوة.. ليزفر يزن بـ ضيق ثم قال وهو يتقرب منه بـ توجس

-إوعى تقولي أنك بتفكر فـ اللي قالته الست دي!... 

لم يلقَ جواب وكأنه لم يتحدث من الأساس.. لتنطلق سبة من بين شفتيهِ بـ خفوت ثم إقترب حتى جلس أمامه وقال بـ فتور

-أنت يا بني!!... 

عقد شهاب حاجبيه ثم نظر إلى يزن المُمتعض وقال بـ فتور ماثل فتور صديقه

-عاوز إيه يا كازانوڤا! 
-تأفف يزن وقال:بقولك إوعى تكون بتفكر فـ كلام الست دي… 

لم يرد شهاب على الفور بل أخذ وقتًا وكأنه يملكه ثم أجاب بـ هدوء أثا غضب يزن الذي قلما أصابه الغضب

-ولو كنت بفكر يعني فيها إيه؟ 
-هب يزن هادرًا بـ صوتٍ جهوري غاضب:فيها إنك إتجننت وإتحولت لواحد حقير… 

قطب شهاب حاجبيه بـ غضب ناري ثم جأر هو الآخر ناهضًا بـ عُنف مُماثل

-إلزم حدودك يا يزن متتخطهاش
-هدر يزن بـ إستهجان:لا والنبي!.. واللي بتقوله دا ميخليش الواحد يخسر أعصابه! 
-أنا قولت بفكر مقولتش هنفذ… 

ضرب يزن الطاولة الصغيرة بـ ساقهِ لتسقط ويسقط ما عليها معًا ثم إقترب من شهاب وأمسك تلابيبهِ بـ شراسة ماثلت شراسة وخطورة ملامحه

-حتى لو مجرد تفكير دا ميدلش غير إنك واحد حيوان.. أنا قولت تربيتك واللي حصل فـ حياتك تخليك أناني بس متخيلتش إنك معدوم الضمير… 

نفض شهاب يد يزن بـ عنف هز يزن ثم هدر بـ صوتٍ حاد شق سكون الصباح الهادئ

-متتخطاش حدودك يا صاحبي.. وإذا كنت أنا معدوم الضمير فـ موصلتش بيا الحال إني *** زيك ولا نسيت عملتك!... 

إختفى لون يزن وبُهت مما قاله شهاب.. بل وإرتجف بدنه بـ شدة بينما أكمل الآخر دون أن يرأف بـ حالةِ صديقه

-فاكر صحوبيتنا بدأت إزاي ولا تحب أفكرك!.. فاكر السجن يا يزن ولا أفكرك!! 
-همس يزن مصدوم:أنت عارف إني كنت برئ
-ليرد شهاب بـ قسوة:مفيش دخان من غير نار… 

فتح يزن فمه لكي يتحدث ولكنه لم يستطع.. الكلمات تقف بـ حلقه وتأبى الخروج.. لذلك صمت وقد إنعقد حاجبيه بـ ألم.. ألم غادر يفتك به من غدر صديقه.. ذلك الذي ساعده يومًا.. صداقتهم كانت قائمة على المنفعة المُتبادلة حتى تحولت تدريجياً إلى رابطة أخوة صعب كسرها.. ولكن بحديثهِ الآن هدم ما كان

مسح شهاب على خُصلاتهِ بـ غضب لم يكن ليتوقع أن يفتح جرح صديقه القديم.. ذلك الجرح الأكثر قسوة على الإطلاق ويعلم مدى الظُلم الذي أَلمْ به

تقدم منه شهاب ثم ربت على كتف يزن الذي نظر إليه بـ ذهول وقال بـ خفوت وندم حقيقي

-أسف يا كازانوڤا.. غضبي عماني وقولت اللي قولته.. متاخديش على كلام واحد زيي… 

ثم عاد يربت على كتفهِ ليربت يزن على كفهِ وقال بـ خفوت وصوتٍ جامد لا حياة به

-محصلش حاجة يا شهاب.. أنا برضو إستفزيتك
-نفى بـ قوة وقال:بس مكنش ينفع أكون بـ الدناءة دي… 

أخذ يزن نفسًا عميقًا ثم قال وقد إستعاد إتزانه

-خلاص يا شهاب.. متفتحش الموضوع دا تاني
-حرك رأسه موافقًا ثم قال بـ جدية:مكنتش ناوي أقبل العرض من أساسه.. بس حبيت أشوفك هتعمل إيه لو قولتلك إني موافق
-إبتسم يزن وقال:وأديك شوفت وصلنا لإية… 

إستدار يزن لكي يذهب إلا أنه قال وهو يُدير المقبض قبل رحيله دون أن يستدير 

-أنا مكنتش عاوزك تخسر نفسك.. لأنك لو وافقت على العرض دا كنت هتخسر نفسك ومش هتأذي غيرك.. سلام يا صاحبي… 

ثم خرج يزن وأغلق الباب خلفه بـ بعض القوة ليتجهم وجه شهاب بـ غضب.. لم يكن عليه أن يكون حقيرًا لتلك الدرجة في إيذاء صديقه بـ أبشع ما يكون

شهاب يفقد نفسه ولم يكن هكذا من قبل.. تلك الأفعى التي دخلت منزله أمس وهي تعرض عليه ذلك العرض الدنئ بـ أن يأخذ چيلان بـ القوة فـ جاسر الصياد لن يسمح له.. خاصةً وأن الفروق المستوى الإجتماعية لن تشفع له أنها تُحبه

وأي قوة تحدثت عنها سوى.. نهشها حية.. قاتلًا جاسر الصياد الذي أهانه وسط الجموع 

تحسس تلك الكدمة على فكهِ والتي أقسم أن يسترد كرامته بـ كل وسيلة ممكنة.. ولكن چيلان!!.. تلك النسمة الرقيقة والحلوى المُحرمة على مريض السكري تناولها.. هل يُعقل إيذاءها بـ تلك الحقارة؟.. صحيح أنه لا يُحبها ولكن و لولهة تذكر ما حَلّ بـ صديقهِ مُنذ سنوات ليعقد حاجبيه بـ ألم..ألم إستشعره قاتل و موجع يُهشم العظام من فرط قوتهِ

إرتمى على الأريكة خلفه وأخذ يُفكر كيفية الحصول على چيلان! 

**********************************************

إلتفت إلى مصدر الصوت الذاهل بـ غضب دون أن يفلت صُهيب ذقن جُلنار التي تكاد يُغشى عليها بـ تعجب 

حدق به صُهيب بـ شئٍ من الغضب ليس لمُفاطعة ما أوشك على فعلهِ وهذا ما يحمد الله عليهِ ولكن لشئٍ مجهول، قوي يعتصر قلبه بـ قبضة موجعة ثم  تساءل بـ خشونة قاتلة وأعين مُلتهبة كـ الجمر

-أنت مين!... 

إقترب ذلك الشاب منهما بـ غضب ناري وهو يُحدق بـ جُلنار بـ نظرات تكاد تُذيب الحجر من قوتها.. لم يعتقد أنها ستخونه بـ مثل تلك السُرعة.. كيف نسته؟.. كيف وهو يعد الأيام ليعود إليها بـ تلك الخطة المُحرمة ليت وجها ويهربا معًا

رُغمًا عن جُلنار إرتجفت بـ خوفٍ بين يدي صُهيب والتي حاولت إبعاده ولكن ما كان منه سوى أن جذبها أكثر إليه ثم أخافها خلف ظهره يحميها ممن! لا تعلم

إحتقنت عيني الآخر ثم هدر بـ صوتٍ أسود 

-إزاي تتجرأ وتلمسها إزااااااي؟… 

إقترب ينوي خطفها منه إلا أن صُهيب أحال دون ذلك ولكن أكثر ما ألمه هو تشبث جُلنار به.. توقف وهمس بـ عدم تصديق

-بتتحامي مني فيه!... 

عقد كِلاهما حاجبيه لتلك العبارة الغير مفهومة إلا أنه سُرعان ما أزال الدهشة ليقول ضاحكًا بـ إستدراك

-أكيد معرفتنيش.. شكلي إتغير.. بس أنا غيرته عشانك… 

بدى لصُهيب أنه يهذي كـ المجنون ولكنه سمع شهقة مُرتعبة من بين شفتي تلك التي تحتمي به ثم همسها المشدوه

-عبد الرحمن!... 

وصلته همستها واضحة كما وصلت لأذني صُهيب ليقول ضاحكًا بـ سعادة

-كُنت مُتأكد إن قلبك هيعرفني… 

إحتقنت عيني صُهيب بـ غضب هدد بـ حرق الجميع ثم إستدار ينوي صاب جام غضبه الغير مُبرر عليها.. ولكن ما أن نظر إلى عينيها المُرتعبة حتى تيقن أنها خائفة

كانت تستنجد به و ظهر هذا واضحًا من قبضتيها اللتين تتشبثا بـ قميصهِ بـ قوة.. لم يرَ جُلنار بـ هذا الخوف قبلًا.. فـ إما يُمثل هذا الشخص الرُعب التام لها أو أنه ماضٍ مؤلم يُشكل ذكرى بشعة تأبى أن تعود

لذلك إبتسم لعينيها المُرتعبتين ثم همس بـ صوتٍ عميق، أرسل الطُمأنينة بـ قلبها المذعور

-متخافيش.. محدش هيقرب منك وأنتِ معايا… 

ثم عاد يستدير إلى ذلك الذي كان يقف خلفه مُباشرةً ثم قال بـ حدة وهو يدفعه بعيدًا

-إتفضل من هنا.. شكلك غلطت فـ الشخص اللي أنت عاوزة
-هدر عبدالرحمن بـ غضب وقال:إبعد من هنا أنا عاوز جُلنار
-دفعه صُهيب بـ قسوة رادفًا:على جثتي تقرب منها…

إقترب عبدالرحمن ينوي لكمه إلا أن صُهيب تفاداها بـ مهارة ثم وجهه إليه هو لكمة أردته أرضًا فـ صرخت جُلنار بـ فزع

جثى إلى مستواه ثم قال وهو يُمسكه من تلابيبهِ هادرًا بـ شراسة 

-أنت تعرفها منين! 
-حاول عبدالرحمن ضربه وهو يصرخ:جُلنار بتحبني وهنتجوز… 

تحولت عيني ذلك المارد إلى بركتي سواد عميق حتى كادت أن تبتلعه شخصيًا ثم هدر بـ فحيح مُرعب خرج كـ هدير رياح عاصفة فـ الخواء

-أوعى تتجرأ وتجيب اسمها على لسانك… 

لكمه عبدالرحمن على حين غُرة من قوة غضبه ثم قال صارخًا بـ جُلنار التي تراجعت مُجفلة

-قوليله يا جُلنار إنك بتحبيني…. 

وضعت يديها على شفتيها تُحرك رأسها رافضة بـ عُنف جعله يقف مبهوتًا فـ أتاح الوقت لصُهيب أن يركله بـ ساقهِ في رُكبتهِ من الخلف ليسقط أرضًا متأوهًا بـ عُنف

إنحنى صُهيب لمستواه وهمس بـ صوتٍ لم يصل إلا إليه بـ هسيس مُرعب يتفجر بـ البراكين 

-جُلنار بتاعتي.. ملكي.. ويا ويلك لو قربت من أملاك صُهيب الهواري…

تفاجأ من نفسه قبل ذلك المذهول أمامه مما قال.. مُنذ متى وجُلنار الصياد أصبحت مُمتلكاته؟.. بل وما يفعله يتخطى حدود المنطق

هي مُجرد ورقة رابحة لكسب الوقت وحمايتها من الأذى.. إذًا لمَ كل ذلك الغضب الغير مُبرر وتلك النزعة لحمايتها حتى بـ حياتهِ؟ 

لا يعتقد أنه سيحصل على الجواب حاليًا

عاد إلى جُلنار ثم أمسك كفها وجذبها خلفه وكأنه يركض بها حتى لا ينهض الآخر ويخطفها من بين يديهِ

بعد القليل من الوقت

كانت تجلس جواره بـ السيارة والصمت يطبق على أنفاسهما.. بينما صُهيب بدى كمن يُصارع شيطانًا مارد.. لتتوقف السيارة بـ طريقٍ خال وإلتفت إلى جُلنار 

كانت هادئة مُستكينة بدت وكأنها إستعابت الصدمة وتقبلتها

أحست به يُحدق بها فـ إلتفت إليه وكانت مستعدة لأسئلته والتي كانت أكثر منطقية

-مين دا؟ 
-رفعت كتفيها وأجابت بـ بساطة:عبد الرحمن… 

إرتفع حاجبيه دهشة ليس لجوابها بل لهدوءها وكأنها لم تكن على وشك الموت خوفًا كمن ظهر له شبح قتيله ولكنه تغاطى عن هذا كله وتساءل بـ صوتٍ مكتوم

-علاقته بيكِ إيه!... 

كان دورها في إرتفاع حاجبها المُنمق ثم تساءلت وكيف تعقد ذراعيها أمام صدرها 

-بصفتك إيه بتسألني؟… 

بـ لمح البصر كان صُهيب يُشرف عليها واضعًا يد خلف عُنقها على ظهر المقعد والآخر يتكئ إلى باب السيارة جوارها وهتف بـ فحيح

-بصفتك خطيبتي… 

لم تجفل لفعلتهِ عدا تصاعد ضربات قلبها إلا أنها أجابت بـ ثبات إنفعالي ساخر

-مظنش إنك جيت وتقدمت وأنا وافقت… 

ضرب الباب جوارها بـ غضب ثم صرخ قائلًا بـ عُنف 

-جُلناااار! 
-ردت بـ براءة:يا نعم!... 

إلتوت عضلات فكه القاسية بـ غضب ثم إقترب حتى باتت أنفاسه تُطير خُصلاتهِا الثائرة بـ جنون حول وجهها الفتي فـ يجعلها آيةٍ لـ الناظر.. ثم هدر دون أن يأبه بتأثيرها القاسي عليه

-متعلبيش معايا
-أردفت بـ نفاذ صبر:نفسي أفهم أقولك على أساس إيه!... 

حدقت بـ عينيهِ بـ تحدي فـ يجعل فيروزها يتوهج بـ إفتتان قبل أن تردف بـ هدوء دون أن ترتجف 

-إعقل يا صُهيب وإفهم إن طُرقنا مش واحدة وعُمرنا ما هنتلاقى…

حدق بها بـ سوداويهِ القاتلة بـ جاذبيتها ثم هبطت نظراته إلى شفتيها المغوية بـ إمتلاء يدعو إلى فعل المُحرمات ثم عاد إلى آسرتيهِ وقال بـ صوتٍ أجش

-هخليهم يتلاقوا يا جُلنار… 

أبعد يده عن المقعد خلفها ثم سار بـ إبهامهِ على وجنتها يـُبعد خُصلة تتطاير فـ تدخل بين شفتيها اللاهثة وأكمل بـ نعومة ولا يزال إصبعه يتحسس نعومة وجنتها 

-شُغلي الشاغل من النهاردة.. إني أتخلل كل ذرة من كيانك.. إني أهدم حصونك واحد ورا التاني.. إني أخلي قلبك مفهومة العشق صُهيب وبس… 

إبتسم جُلنار بـ جُرأة وهي تعلم جيدًا أن صُهيب خُلق من أجلها فقط ثم قالت بـ خفوت ماكر

-وبعدها!!... 

إبتسم صُهيب لإبتسامتها ثم هتف بـ غرور ومشاعر غريبة تكتنفه مُنذ حلمه بها.. ولم يكن ليظن أن تشتعل مشاعره من مُجرد حُلم حمل إليه هبة شفتيها

-إني أعلمك تحبيني…

أسبلت جفنيها عم قصد ثم عادت ترفع فيروزها القاتل وتساءلت بـ صوتها المُدلل

-وأنت هتحبني!... 

حدق بـ ملامحها الرائعة بل أروع ما رأى.. ثم إبتسم إبتسامة لم يكن يعلم أنه يمتلك بـ مثل جاذبيتها وهمس بـ صوتٍ رجولي يحمل وعودًا بات يحمل على عاتقهِ تنفيذها

-هسيبك تعلميني حُبك.. إني معشقش غير عنيكِ وإني أكون أسير ليهم… 

***********************************************

تلك المرة التي لا يعلم عددها بـ نزع نظارته الشمسية ثم إرتداءها.. أحمق ويعلم ولكن صديقه بات يُخيفه كثيرًا بل يشعر أحيانًا وكأن شهاب يفقد آدميته رويدًا

لذلك لم يجد بدًا من مُهاتفتها بعد أن سرق رقمها من هاتف صديقه خلسة.. وإتفق معها على اللقاء بـ مقهى الجامعة ولم يعلم كيف سمحوا له بـ الدخول 

ولكنه تعمد في دلوفه أن يذهب إلى الحارسة النسائية ومارس بعض طقوسه الجذابة كـ إبتسامتهِ، غمزاتهِ،ضحكاتهِ،عيناه بـ لونها الرائع جعل من وجوده بـ الحرم الجامعي أسهل ما يكون

إلتفت بـ بصرهِ إلى الباب الذي يدلف منه الوفود ليجدها تدفع الباب وتدخل بـ هدوء

يا إلهي!!!

هذا كل ما خرج منه وهو يراها تقترب منه..تتمايل بـ غنج ورُقي يُذيب القلوب..وإبتسامة واثقة وبارد  بـ الوقت ذاته

إلتوى حلقه بـ تشنج وعيناه تُسافران على طول جسدها بـ فطرة ذكورية سُرعان ما نهر نفسه قائلًا

-إهدى..أنت جاي هنا عشان تؤدي مُهمتك وتمشي...

إقتربت منه تتهادى حتى وصلت وبـ إبتسامة خلابة أردفت

-أتمنى مكنش إتأخرت عليك!
-حمحم وقال بـ صوتٍ أجش:لا أبدًا...

نزع نظارته الشمسية لتظهر عينية الرائعة ذات بريق يصعب إنكار تأثيره ثم قال وهو يضع يديه فوق الطاولة

-الأول أحب أعرف عن نفسي..أنا يزن الحداد صاحب شهاب
-ردت بـ نفس ذات الإبتسامة:إتشرفت بيك..وأنا چيلان الصياد...

وجاء دوره أن يبتسم بـ شفتيه القاسيتين ، الرفيعتين ثم هتف وهو يُحدق بـ وجهها البهي

-طبعًا غنية عن التعريف...

إبتسمت شفتيها المُمتلئتين بـ إتساع أسر عيناه لثوان قبل أن يستعيد توازنه..سعل عدة مرات ثم تساءل

-تشربي إيه الأول!

مطت شفتيها المطليتين بـ أحمر شفاه وردي رقيق ثم قالت بـ صوتٍ هادئ

-ممكن عصير برتقان...

زفر بـ نفاذ صبر وهو يمسح على وجههِ..تلك الكتلة الأنثوية الصارخة ستفقده عقله..يتساءل بـداخله كيف يُحافظ صاحبه على توزانهِ أمامها..فـ هو مُنذ أن أبصرها وهو يجلس فوق جمرات نارية مُشتعلة

أجبر نفسه على الإبتسام ثم أشار إلى النادل ليأتيه فورًا فـ أملاه طلبه  رحل..ليعود بـ نظرهِ إليها فـ وجدها مُنشغلة بـ هاتفها مما أتاح له الفُرصة ليتأملها أكثر

كانت لا تزال ترتدي نظارتها الشمسية وهذا أكثر ما يستفزه حاليًا..يحث يده الخبيثة أن تمتد وتنزعها ليرى لون عينيها..فـ كم أخبره صديقه أنه يخشى عيناها كثيرًا..تُرى هل سيخشاها هو الآخر؟

ولكنه لم يكن يعلم أنها بداية لعنته

تنحنح يزن ليجذب بصرها إليه فـ نظرت بـ إبتسامة أفقدته الباقية المُتبقية من عقلهِ.. لتتساءل هي عندما وجدته قد أطال الصمت

-أنت قولت إنك عاوز تكلمني بـ خصوص شهاب مش كدا!... 

لمَ على صوتها أن يكون بـ تلك النغمة الكلاسيكية الآسرة.. كيف لأحمق مثل شهاب إلا يُفتن بـ تلك الـ.. التي لا يجد لها وصفًا يوفيها حقها

إلا أنه تماسك بـ قوة من حديد يُحسد عليها ثم أردف بـ صوتٍ أجش

-كُنت حابب أسألك لو عندك إستعداد تحاربي عشان شهاب… 

بهتت لثوان قبل أن تستعيد هدوءها وقالت بـ إتزان نظرًا لأنها وعدت والدها

-كل حاجة فـ إيد شهاب دلوقتي.. لو حابب ياخد خطوة فـ ياخد.. أما أنا عملت اللي عليا
-بس آآ… 

قاطعته چيلان بـ صلابة ثم قالت وهي تنزع نظارتها الشمسية.. تلك الحركة التي كان يتطلع إليها 

-صدقني يا أستاذ يزن أنا مش فـ إيدي حاجة أعملها… 

وضاع يزن وهو يرى الكمال العينين أمامه.. مُبهرة لدرجة أن أنفاسه إختفتت وتضخمت رئتيه مُطالبة للهواء.. ولكن عينيها آية بـ الجمال.. كيف لك أن تخاف من كوكبي عيناها!.. بل عالمان يجعلاك غيرُ قادر على الإشاحة بعيدًا

فطنت چيلان لمَ ينظر إليه خاصةً وهو ينظر إليها مبهوتًا فـ ظنت أنه خائف كما الجميع تمامًا لتُسارع بـ وضع النظارة على عينيها وهي تلعن غباءها الذي يجعلها تنسى وضع عدساتها

إلا أن يديه كانت الأسرع دون وعيًا منه تمنعها عن حجب ذلك الجمال عنه ثم هتف مبهورًا بـ صوتٍ أجش خافت

-لأ… 

إرتعشت لملمس كفه الخشن على كفها الناعم لتسحب يدها سريعًا واضعة النظارة على عينيها ثم قالت بـ تلعثم

-مـ.. معلش.. الشمس بتتعبني..أقصد بتتعب عيني… 

أومأ بـ إحباط وهو يتنمى أن نظارتها اللعنة تلك أن تُكسر فـ لا تحجب جمالها الفاتن عنه

قطع توتر تلك اللحظة صوت هاتف چيلان التي صدح فـ أجابت وهي تعتذر من يزن.. وهو ينظر إليها تُتمتم بـ بضع كلمات مُقتضبة و ملامحها تنعقد بـ إنشداه قبل أن تغلقه ثم نطرت إليه هامسة بـ صدمة

-بابا بيقولي إنه وافق يقابل شهاب…

تعليقات



×