رواية ضد الزمن الفصل الثامن 8 بقلم حازم الباشا


رواية ضد الزمن الفصل الثامن بقلم حازم الباشا 

وصلت ريم بصحبة ابيها الى المنزل ، لتجده قد تحول الى ثكنه عسكريه !!!


فعلى كل زاويه من اركانه ، يقف احد افراد الامن مفتولي العضلات ، في مشهد سنيمائي ... 


وكأننا نقف امام احد قصور اباطره المافيا في تسعينيات القرن الماضي !!!


لم تكترث ريم لذلك المشهد الغريب ، فقد كان ذهنها مشتتا ما بين خوفها على ادهم ، ورغبتها في الاطمئان عليه من جهه ...


وبين ذلك الصدام الوشيك بينها وبين ابيها من جهة اخرى !!!


وما ان صعدت ريم الى غرفتها ، حتى لحق بها والدها

ثم اوصد الباب خلفه بإحكام ، وهو يقول بصوت منفعل : 

ممكن بقى افهم 

انتي كنتي فين ؟؟؟؟

وبتعملي ايه طول الاسبوع ده !!!


ردت ريم بصوت مرتعش ، وهي تحاول حبس دموعها : بص يا بابا .... 

انا هاحكي لك كل حاجه 

واقسم لك بالله 

انا ما كنتش عارفه 

انك نزلت مصر 

وان البلد كلها بتدور عليا 


ثم اقتربت من ابيها قليلا وقالت :

انا كنت عيانه اوي

جالي مرض جديد اسمه ( كورونا ) 

وربنا بعتلي انسان شهم 

ومحترم وجدع 

هو اللي انقذ حياتي 


انبثقت كل علامات التعجب من عيني ناصر ، وقال بصوت مرتبك : 

انتي بتقولي ايه !!! 

انا مش فاهم منك اي حاجه 

والكورونا دي يا بنتي 

نوع شكولاته مش مرض !!! 


زفرت ريم زفره طويله : 

طب يا بابا 

اهدا كده واسمعني 

انا هاحكي لك الموضوع كله

من اوله لأخره .... 


وبدأت ريم تروي كل تفاصيل ما حدث بينها وبين ادهم منذ ان التقيا بالمطار 


وحتى اللحظه التي التقت فيها مع ابيها


الا ان حرصها على سلامه ادهم ، جعلها تحذف بعض التفاصيل 


فحذفت كل ما يتعلق بالدكتوره نوران ، واستبدلت اسم ( ادهم ) ، باسم مستعار هو ( نور ) 


وذلك لتضليل ابيها في حاله محاولته البحث عن ادهم


وما ان انتهت ريم من سردها ، حتى انتفض ابوها في موجه عارمه من الغضب ، وقال بصوت حاد : 

ايه الجنان والتخاريف 

اللي انتي بتقوليها دي يا ريم !!!!

واضح انك يا اما عقلك اتلحس 

يا اما فاكره ان ابوكي 

ده اهبل 

وهيصدق قصه الوباء القاتل دي !!!


انكمشت ريم قليلا ، وقالت بصوت مرتعب : 

اقسم لك بالله يا بابا 

اني مش بكدب عليك 

وبكره تشوف بنفسك 

لما الوباء ده ينتشر في العالم كله


رد ناصر بصوت اهتزت معه جدران الغرفه : 

براحتك يا ريم 

واضح اني دلعتك اوي

واديتك حريه اكتر من اللازم

ودي النتيجه

بس انا هاعرف ازاي 

اعيد تربيتك من جديد 

انتي هاتفضلي محبوسه في اوضتك 

ومش هاتطلعي منها 

لا لما تقولي كنتي فين !!!

ومع مين !!!


زمجرت ريم باستياء ، لكنها لم تعترض 


فهي تعلم تماما انه لا يوجد مخلوق على الارض يستطيع الوقوف في وجه ناصر الحديدي اثناء ثورته 


فانتظرت لحظه حتى هدا ناصر ، وقالت بصوت منكسر :

اللي نشوفه يا بابا 

احبسني براحتك 

بس لو سمحت 

انا عاوزه موبايلي 


رد ناصر وهو يخرج من الغرفه : 

ولا حتى هتلمسي الموبايل يا ريم 

وهتفضلي معزوله عن العالم كله 

لحد ما اشوف اخرتها معاكي 


ثم اغلق الباب بعنف ، وصاح على احد الحراس بلهجه حازمه : 

ريم هانم ما تخرجش من اوضتها 

ولا تلمس موبايل 

ولا حد يدخل لها 

الا بأمر مني

فاهمين كلكوا !!!


رد طاقم الحراسه :

اوامرك يا ناصر بيه


استطرد ناصر بغضب واضح : 

مفيش حاجه تعدي من الباب ده 

غير الاكل والشرب 

ولو حد كسر كلامي ده 

ما يلومش الا نفسه 


ارتعد ذلك الحارس مفتول العضلات ، وكأنه فأر مذعور في مواجهة قط بري شرس ، وقال بصوت مرتعب : اوامرك يا ناصر بيه


شعرت ريم بان العالم كله ينهار فوق رأسها ، فقد تبدد اي امل بداخلها ان ترى ادهم ، او حتى تطمئن عليه


فكان عزائها الوحيد ان ملابسه ، لا تزال تحتضن جسدها ، حامله معه عطر جسده ، الذي منحها بعض السكينه


----------‐-----------------ء


وعلى جانب اخر ، في نفس التوقيت ...


كانت الدكتوره نوران قد نجحت في تطهير جرح ادهم ، الذي بدا يستعيد وعيه تدريجيا


بينما كان يقتلها القلق لاختفاء ريم الغير مفهوم !!!


وكان الوقت قد تاخر ، وانتصف الليل ، فقررت نوران ان تنتظر حتى يستفيق ادهم  


ولم تفعل نوران ذلك ارضاءا لريم ، او خوفا من بطشها 


ولكن لانها كانت طبيبه بمعنى الكلمه ، لا يمكن ان تتخلى عن شخص مصاب يحتاج اليها 


وجاءت اللحظه الحاسمه ... 


واستفاق ادهم ، ليصعق بوجود الدكتوره نوران جالسه على كرسي مجاور لسريره ، وقد هزمها النوم 


فاعتدل ببطء معاندا الم جرحه الشديد ، وقال هامسا ، وهو يتحسس يد نوران برفق : 

دكتوره نوران ... 

دكتوره نوران


انتفضت نوران مستيقظه وقالت : 

حمدالله على سلامتك 

يا دكتور ادهم 


ثم استطردت بصوت مرتبك : 

هو حضرتك عرفت اسمي ازاي !!!


فرد عليها ادهم بصوت اكثر ارتباكا وقال : 

وحضرتك عرفتي اسمي ازاي !!! 

وازاي دخلتي هنا !!!


ردت نوران : 

استاذه ريم اتصلت بيا 

عشان حضرتك دخلت في حاله اغماء 

وحرارتك كانت مرتفعه 

بسبب تلوث الجرح 

وانا جيت وعملت كل اللازم 

والحمد لله حضرتك اخيرا فوقت 


ادهم مقاطعا : 

وريم اتصلت بيكي ازاي ؟؟؟ 

وهي فين دلوقتي ؟؟؟


ردت نوران : 

هي نزلت الشارع

ودورت على تليفون 

وكلمتني منه 

وبعد كده قالت لي 

انا هانزل ١٠ دقايق 

ارجع التليفون لصاحبه


قاطعها ادهم مجددا :

الكلام ده حصل امتى ؟


ردن نوران :

الكلام ده بقاله اكتر من ساعتين 

ولحد دلوقتي ما رجعتش 

وانا فعلا قلقانه عليها جدا 


رد ادهم بصوت مرتعب ، وقد لاحظ وجود دفتر مذكراته بجوار نوران : 

هو حضرتك فتشتي في دولابي 

وقريتي المذكرات دي ؟؟؟


ردت نوران بنبره غاضبه : 

لا يا افندم 

مش من اخلاقي 

اني اتجسس على اي حد 

ومذكرات حضرتك دي 

لا تعنيني في اي شيء !!!


استشعر ادهم الحرج ، وقال بصوت رقيق : 

انا اسف يا دكتوره 

اكيد ريم هي اللي قرت المذكرات 

وارجوكي تسامحيني على ...


قاطعته نوران بحده : 

حصل خير يا دكتور ...

انا لولا ان ريم 

قعدت تتوسل ليا 

اني اجي واسعفك 

مكنتش هاحط نفسي ابدا 

في موقف زي ده 

ولعلم حضرتك ... 

انا فضلت قاعده لحد دلوقتي 

عشان خايفه على حياتك مش اكتر !!!


رد ادهم بحماس : 

اللي حضرتك ما تعرفيهوش 

ان حياتك انتي اهم مني 

واهم من حياة ريم الف مره !!!


اندهشت نوران من رد ادهم وقالت بنبره ساخره : اشمعنا يعني !!!


التقط ادهم دفتر مذكراته ، وفتح احدى صفحاته ، التي كانت تحوي ارقاما وكلمات غير مفهومه 


ثم القى نظره على ساعه معلقه في جدار الغرفه ، وقال بصوت صارم : 

انا مش هاعرف اشرح 

لحضرتك اي حاجه دلوقتي 

بس كل اللي هاطلبه منك 

انك تثقي فيا 

وتعملي اللي هاطلبه منك بمنتهى الدقه


لم تدري نوران ما هو سبب ارتياحها الغريب لادهم !!!


فقد ووجدت نفسها ترد دون اي تردد : 

حاضر يا دكتور 

انا هاثق فيك 

وهانفذ كل اللي تطلبه مني 

بس اوعدني انك مش هتخذلني 

ولا هاتعمل اي حاجه تأذيني 


امسك ادهم يد نوران برفق ، وقال بصوت حاسم : اوعدك يا دكتوره

انا عمري ما هأذيكي 

وصدقيني لو قلت لك 

انا على استعداد 

اني افدي حضرتك بحياتي 


شعرت نوران بان جسدها بدا ينتفض من شده الخجل ، وقد ازدادت دقات قلبها ، الذي اجتاحته سعاده غريبه !!!


وقالت بصوت رقيق جدا :

انا هاصدق كلامك يا دكتور ادهم

برغم اني مش فاهمه 

سبب اهتمامك بيا 

ولا حتى فاهمه سبب 

ثقتي فيك دي


رد ادهم بصون حنون :

ثقتك دي في محلها يا دكتوره

وبكره الايام هتثبت لك ده

بس انتي لازم تنزلي 

دلوقتي حالا من هنا 

وتسافري لاهلك في المنصوره 

وتختفي هناك كام يوم 

لحد ما اجيلك 

واحكي لك على كل حاجه 


ثم استطرد قائلا : 

في حاجه مهمه جدا 

قبل ما تروحي البيت 

ضروري تشتري سرنجه 

وحقنه انسولين 


اندهشت نوران لمعرفه ادهم بتفاصيل عن منزل اسرتها ، وقالت باندهاش : 

بس انا الحمد لله معنديش سكر 

ولا اي حد من اهلي 

عنده مرض السكر 

ايه لزمه الانسولين ده !!!


رد ادهم بنبره حاسمه : 

ارجوكي ثقي فيا 

الوقت مش في صالحنا 

لازم تنزلي حالا


تصافح الاثنان بود ، وودع كل منهما الاخر ، وقد لاح في الافق


ان قصه طويله ، قد بدات اول سطورها اليوم ، لتجمع بين ادهم ونوران !!!


----------------------------ء


 وقبل بزوغ فجر اليوم التالي ..  

 

كانت نوران قد وصلت الى اعتاب منزل اسرتها ، في احدى القرى الصغيره بضواحي مدينه المنصوره


دقت نوران جرس المنزل مرارا وتكرارا ، ولكن دون جدوى ، فاخرجت مفتاحها ودخلت ، لتجد جسد والدها ممددا على الارض في منتصف الردهه !!!!


شهقت نوران وهي تهرول باتجاه ابيها ، وهي تصرخ :

بابا ...

بابا ... 

فوق يا بابا ورد عليا


لكن الاخير كان في حالة اغماء تامه ، والعرق يتصبب منه بغزاره ، بينما كانت اطرافه بارده كالثلج


لم يكن من الصعب على طبيبه واعده مثل نوران ، ان تكتشف ان حاله الحاج عزمي والدها ، ليست الا ... غيبوبه سكر !!!


اسرعت نوران بالتقاط انبوبه الانسولين من حقيبتها ، وحقنت والدها بجرعه بسيطه منه ، وقد كانت كل ذره من جسدها ترتجف بشده


مرت الدقائق بطيئه ومرعبه ...


حتى استفاق الحاج عزمي 


واخبر ابنته ان امها واختها ، كانا قد سافرا مساء الليله المنصرمه ، الى بلده مجاوره ، لحضور زفاف احدى بنات اخوالها 


وقد كان مخططا ، ان يلحق هو بهما بعد انتهاء عمله اليوم ، الا انه قد شعر بارهاق شديد ، فأثر ان يعتذر عن الحضور 


وبرغم استفاقه الحاج عزمي وتعافيه ، الا ان حاله الفزع التي اصابت نوران لم تهدأ


فلم يكن قلقها على ابيها هو سبب خوفها الوحيد !!! 


بل كان خوفها الاعظم هو ...

كيف علم ادهم بما اصاب والدها قبل ساعات من حدوثه !!!


وهنا لمعت عباره ريم في عقل نوران ، عندما اخبرتها ...

 

(ان ادهم ليس مجرد بشرا عاديا) !!!! 


اختلطت مشاعر الخوف والارتباك داخل قلب نوران ، مع احساس غريب بالفرح والزهو ... ولم لا ! 


فذلك الشخص الاسطوري المدعو ادهم ، كان قد اخبرها من سويعات قليله ... 


ان حياتها هي ... 


اغلى عنده من حياته ... 


بل واغلى من حياه ريم نفسها ... !!!!

الفصل التاسع من هنا


تعليقات



×