رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) الفصل الثامن
وهل أُحبك دون أن أدري؟
أم أنني أتسول الحُب ولا أدري!...
عادت جُلنار إلى الداخل بعدما أصابها البرد لتجد يد والدها يُحيط خصر روجيدا التي تُحاول إبعاد يده عنها بـ شتى الطُرق.. فـ إبتسمت بـ مكر صيادي
تهادت في سيرها حتى وصلت خلفهم ثم جلست بينهما قائلة بـ خُبث وهي تنظر إلى والدها
-عيب كدا يا شقي قدام بناتك المتربيين…
أشاح روجيدا بـ وجهها بـعيدًا تخفي إبتسامتها الخجولة بينما نظر جاسر إلى جُلنار شزرًا ثم قال بـ إزدراء
-أنتوا متربين؟…
أمسكها من مؤخرة عنقها ثم قال بـ حسرة وهو يُشدد من قبضته حولها فـ سعلت وقد تحول وجهها إلى الأحمر
-دا أنا مستخسر التربية اللي ربيتهالكوا وفـ الآخر تطلعوا بهوات فـ قلة الأدب…
ضحكت جُلنار على الرغم من إختناقها ثم قالا وهي تغمزه بـ شقاوة
-هذا الشبل من ذاك الأسد…
أشار إليها ثم إليه وقال بـ تهكم واضح
-قصدك هذا الجحش من ذاك الحُمار
-ضحكت وقالت:عيب يا بابتي متقولش على نفسك كدا
-دفعها بـ غيظ وقال:كل دا وبابتك!.. الله يرحمه…
ضحكت جُلنار ثم قالت وهى تنظر إلى والدها الذي يُتمتم بـ حديثٍ غيرِ مفهوم على الأغلب شتائم
-مين دا يا بابتي؟
-جدك.. أصله كان طيب وابن ناس فـ خَلِف واحد معرفش يربي ولاده…
ضحكت جُلنار حتى مالت إلى والدتها فـ دفعها جاسر بـعيدًا ثم قال وهو يُعانق روجيدا
-يلا يا بت روحي إلعبي بعيد
-تحدتث جويرية بـ عصبية:يا بابي دي girl's night يعني أنت اللي جيت غلط
-ضيق عيناه ثم قال بـ حنق:بس يا زبلة أنتِ ملكيش دعوة…
عقدت ذراعيها أمام صدرها بـ ضيق ثم قالت تشتكي إلى والدتها منه
-يا مامي ما تطلقي بابتي دا ونشوف واحد غيره
-هدر جاسر بـ غضب:اااه يا بنت الـ***...
ثم نهض ليُمسكها فـ صرخت وركضت تختبئ خلف روجيدا التي كانت تضحك بـ ملئ فِيها.. ليتقرب جاسر حتى وقف أمامهما وأردف مُحذرًا
-أوعي يا روجيدا أما أشوف مقصوفة الرقبة دي بتقول إيه
-ردت روجيدا وهي عاجزة عن كبح ضحكاتها:خلاص يا جاسر حقك عليا
-أشار إلى نفسهِ وقال بـ حنق:مش قولتلك إني معرفتش أربي…
كانتا چيلان وجُلناى عاجزتان عن كبح جماح ضحكاتها تُتابعان المشهد بـ تسلية واضحة خاصةً وجويرية تصرخ بـ رُعب مُحتمية خلف روجيدا
وضعت جويرية يدها على صدرها تضربه بـ خفة عدة مرات مُتتالية بـ ترجي ثم هتفت بـ توسل ونبرةٍ هلعة
-خلاص والله يا بابتي مامي مش هتطلق.. وإحنا كلنا بنحبك…
إقترب جاسر خطوة فـ صرخت ثم أردف وهو يُشير إليها بـ تحذير
-وأنتِ تقدري متحبيش يا مفعوصة!.. والله عال أوي…
هدأته روجيدا دون أن تبتعد عن جويرية قائلة بـ إبتسامة عذبة تعلم تأثيرها الواضح عليه
-خلاص يا جاسر بقى.. حقك عليا أنا
-مسح على خُصلاتهِ وقال بـ عُنف:أنا حقي تقل أوي يا فراولة وأنا مباسمحش فـ حقي…
كان دور روجيدا بـ الصراخ حينما حملها جاسر فوق ظهرهِ والفتيات يضحكن بـ شدة ثم إتجه بها ناحية الخارج ولكن قبل أن يخرج إستدار وأردف بـ تحذير
-لو حد هوب ناحية أوضتنا.. قسمًا بالله هنيمه فـ المخزن تحت يا معدومي التربية…
ثم خرج تاركًا إياهن يضحكن بـ شدة.. تقدمت جويرية ثم قالت باكية
-دلوقتي بابتي هيعاقب مامي بسببي…
نظر جُلنار إلى چيلان التي عاودت الضحك فـ تقدمت الأولى من جويرية ثم قالت وهي تُحاوطها بـ حنو أخوي
-أنتِ طيبة أوي يا جويرية.. أبوكِ نيته أبعد من العقاب بمراحل
-نظرت إليها جويرية بـ براءة وقالت:يعني إيه!
-تمتمت جُلنار بـ حيرة:طب أفهمها إزاي دي بس؟…
نظرت إلى عينيها اللتين تُصران على معرفة ما تقصده جُلنار فـ لم تجد سوى أن قالت
-بابي كان عاوز يديها حُقنة.. بس هو عارف إنك بتخافي عشان كدا أخدها…
أومأت جويرية بـ تفهم لتزفر جُلنار براحة فـ قالت چيلان بـ همس وهي تنظر إلى شقيقتها الكُبرى
-يعني بتحب حمزة ومش مُنحرفة!.. ما هذا العبث!!...
************************************************
وضعها جاسر فوق الفراش لتضحك روجيدا بـ قوة.. وضع هو يديه حول وجهها ثم دنى منها وهمس بـ إبتسامتهِ الساحرة
-بتضحكِ يا فراولة!.. العيال مشموش ريحة التربية نهائي.. يا خسارة تعبي…
حاوطت روجيدا عنقه ثم قالت وهي تُقربه منها
-يعني بذمتك لما يبقى أبوهم جاسر الصياد مستني منهم إيه؟
-ضحك جاسر وقال:لأ فـ دي عندك حق.. المفروض كانوا يطلعوا رقاصات وأنا بلم النقطة من وراهم…
ضحكت روجيدا مرةً أُخرى ليدنو جاسر منها أكثر وقَبّلها كما لم يُقبلها من قبل
روجيدا ستظل الملكة مهما مرت السنوات.. ستظل سيدة النساء مهما رأت عيناه.. ستظل الشغف الذي لا يمل منه.. ستظل إعصار العشق الذي لا يهدأ ولا يستكين
إبتعد جاسر عنها لاهثًا ثم قال وهو يُبعد خُصلاتهِا عن وجهها وهمس بـ نبرتهِ العاشقة
-عشقك دا بير ملوش قرار…
ملست بـ أناملها الرقيقة فوق ذقنهِ المُشذبة ثم قالت بـ همسٍ ساحر
-ما هو محدش يستحق العشق دا غير جاسر الصياد
-تأوه جاسر قائلًا بـ حرارة:ااااه يا قلبي.. ديمًا توقيتك صح يا فراولة…
ضحكت روجيدا ضحكة لم يُكتب لها أن تمتد طويلًا وجاسر يئدها في مهدها قبل أن تُكمل
بعد وقتٍ طويل.. طويل جدًا كـ كل رحلة عشق بينهما لا تنتهي سريعًا
كانت تتوسد صدره العاري وبـ أطراف أناملها تتحسس ذلك الوشم لم يُمحه الزمن.. ثم إرتفعت تُقبله فـ رد قـُبلتها بـ أُخرى فوق وجنتها أكثر عُمقًا وشغفًا
إرتفعت روجيدا تنظر إليه دوم حديث فـ إعتدل جاسر وقال بـ ريبة
-البصة دي وراها حاجة
-حمحمت بـ حرج قائلة:يعني…
إتكئ جاسر إلى الفراش ثم قال وهو يجذبها إلى أحضانهِ
-قولي يا روجيدا
-أردفت بـ تردد وهي تعض شِفاها السُفلى:موضوع چيلان…
تحكم جاسر في نوبة غضب سوداء كادت أن تضربها ثم أردف بـ صوتٍ هادئ ظاهريًا
-مش كُنا قفلنا الموضوع دا!
-تنهدت وقالت:ممكن تسمعني للنهاية…
كاد أن يعترض ولكنها نهضت و وضعت إصبعها السبابة فوق شفتيهِ وقالت بـ توسل
-عشان خاطري ومن غير أما تتعصب
-تأفف قائلًا:قولي يا ست هانم…
لوت شدقها بـ ضيق ولكنها تحكمت بـ ضيقها ثم أردفت بـ رزانة أم
-يمكن چيلان غلطت يا جاسر بس أكيد مش قصدها.. هي حبت والحُب مش عيب
-قاطعها جاسر هادرًا:مش من ورايا ولا مع واحد زي دا
-تحدثت هي بـ صبر:يا حبيبي أنا معاك فـ دي.. أنا كُل قصدي ليه متخليهوش يتقدم ويتخطبوا…
دفعها جاسر دون وعي منه فـ إتسعت عيني روجيدا بـ صدمة ثم أردف بـ حدة
-أنتِ أكيد جرى لمخك حاجة.. بقولك الواد شكله مش مريحني…
تنهدت روجيدا بـ تعب ثم قالت مُتجاهلة ما فعله مُنذ قليل
-جاسر إنت نفسك قولت إنه مفيهوش غلطة.. ليه بقى متخليش چيلان ترتبط بيه.. ثم إنه لو كان عاوز منها حاجة أو غرضه لقدر الله شر مكنش إستنى كل دا.. خصوصًا إنك ضربته
-هو أنا ضربه من سنة.. دا إمبارح بس يا روجيدا
-مسحت على وجهها وقالت:يا حبيبي كل اللي قصدي عليه إنهم مش هيتفقوا وأنا بقولك عن ثقة..ليه بقى متسبهاش تخوض التجربة دي عشان تعرف إنك مش هتبعدها عن حاجة إلا لو كانت بـ تضرها…
مسح جاسر على خُصلاتهِ ثم على وجههِ ليقول وهو ينظر إليها بـ نظراتٍ قاتلة
-وليه أعيش بنتي تجربة زي دي.. أنا مربتهاش عشان أعيشها تجارب تتعبها
-وضعت يدها على وجنتهِ وقالت:وفكرك هي مبسوطة دلوقتي!.. چيلان هتفضل عايشة فـ حالة إكتئاب لمجرد إنك رفضت حاجة بتحبها بدون سبب
-غمغم جاسر بـ تجهم:ما هي قالت إنها فهمت إن اللي عملته غلط…
إقتربت منه أكثر ثم وضعت يدها الأُخرى مُحاوطة وجهه وأردفت بـ إبتسامة رزينة
-طب ما هي لازم تقول كدا عشان هي فعلًا غلطانة.. بس مش معنى كدا إنها إقتنعت…
أشاح وجهه بعيدًا عنها فـ أعادته إليها وأكملت
-صدقني وجعها فـ البداية أحسن أما يكون لما مشاعرها تتعمق أكتر.. وساعتها مش هتسامحك.. خليها تفهم إنك بعدته عنها عن إقتناع
-ردت عليها بـ خفوت:مش عاوز بنتي تتوجع يا روجيدا.. أنا أكتر واحد عارف الوجع دا صعب أد إيه
-إبتسمت وقالت بـ ثقة:هنا يجي دورنا نداوي…
ظلت تُحدق به بـ إصرار فـ زفر جاسر بـ بأس قبل أن يقول مُستسلمًا
-بس من حقي أراقبه الأول قبل ما يجي…
إتسعت إبتسامة روجيدًا ثم تساءلت بـ شك
-بجد وافقت!!
-أجابها مُبتسمًا:وهو أنا ينفع أرفضلك طلب يا فراولة…
صرخت بـ سعادة ثم قفزت مُحتضنة إياه فـ حاوطها مُتساءلًا بـ عبث
-الواد جواد فين؟
-أجابت مُبتسمة:عند سامح
-قربها منه أكثر ثم قال بـ مكر:حلو كدا سهرتنا آخر دلع…
************************************************
-بس أنت منور والله يا بن أخويا…
أردف بها سامح بـ توتر وهو ينظر إلى ابن أخيه الجالس يُطالعهما بـ عقدة حاجب وريبة قبل أن يقول بـ سخرية
-دي عاشر مرة تقولهالي يا عمي من نص ساعة.. مش مرتاح مش عارف ليه؟
-إبتسم نادين بـ ذات توتر زوجها وقالت:كدا برضو يا جواد!.. إخص عليك…
إزداد يقينه بـ وجود خطبٍ ما ليردف بـ تشكك
-هو أنا شتمتكم بـ جدي وأنا مش واخد بالي؟
-سأله سامح:ليه!
-هدر جواد من بين أسنانهِ:أصلكوا مركبني ذنب مش عارف ليه.. هو أنا جيت فـ وقت غير مُناسب
-غمغت نادين بـ ضيق:وأنت من أمتى بـ تيجي فـ وقت مناسب؟
-أفندم!!...
إبتسمت نادين بـ إصفرار ثم قالت وهي تحك جبهتها بـ تعب
-بقول مفيش حد كدا ولا كدا فـ حياتك!...
تغاضى عما سمعه ثم قال ضاحكًا وهو ينظر إلى الدرج
-فيه ولكنها حلوفة لا تُبالي…
حرك سامح فمه يمينًا ويسارًا بـ حركة شعبية ثم أردف بـ سخرية
-دي هتبقى المرحومة لا تُبالي…
كاد جواد أن يرد ولكن صوت الجرس صدح لينهض قائلًا
-خليك يا عمي هشوف مين اللي جاي دلوقتي…
ثم رحل دوم أن يدع مجالًا للإعتراض.. لتضع نادين يدها على ذراع زوجها قائلة بـ جزع وهي تعلم العواقب
-قوم إلحق ابن أخوك.. دا هيقتلهم ويخمس بـ دمهم…
نهض سامح سريعًا ليلحق بـ جواد فـ وجده ينظر إلى القادمين بـ عقدة حاجب خطيرة وقد فَطِنَ سبب قدومهم وهو يرى بـ أيديهم باقة من الزهور الراقية تُنافس في رُقيها عُلبة من الشيكولاتة الغالية فـ إسودت عيناه بـ ظلامٍ مُرعب
وقبل أن يدع له الفُرصة للحديث تولى سامح الدفة قائلًا بـ ترحيب متوتر
-أهلًا وسهلًا نورتونا…
ثم ربت على كتف جواد الذي إلتوت عضلة فكه بـ غضب يعلم سامح أنه سيطيح بـ الأخضر واليابس ولكن ماذا يفعل فـ إبنتهِ تُحب ذلك الفتى رادفًا
-دا جواد الصياد.. ابن أخويا جاسر الصياد
-تحدث ذو الشيب قائلًا:طبعًا غني عن التعريف.. إزيك يا جواد باشا!
-أجاب جواد بـ نبرتهِ الخطيرة:كويس.. كويس جدًا…
ثم نظر إلى ذلك حامل الباقة بـ إبتسامة سمجة لمح بها الخُبث.. وها هو ذلك الأرعن يُنفذ تهديده أن ما علق بينهما لم ينتهي يوم السباق
بعد قليل
كان الجميع يجلس بـ غُرفة الإستقبال.. الجميع مُتحفز وأحدهم غاضب.. غاضب إلى حد الإشتعال.. إلى حد قد يُحطم ذلك المقعد الجالس عليه فوق رؤوس الجالسين بـ إبتسامتهم المُثيرة للإشمئزاز من وجههِ نظره
وضع جواد يده أسفل ذقنهِ جالسًا بـ هيمنة مُخيفة فوق المقعد الوثير ثم تساءل بـ فظاظة
-إيه سر الزيارة؟!...
إشتدت إبتسامة سامح وهو يقول مُتنحنحًا بـ حرج
-عيب يا جواد.. ضيوفنا وعلى راسنا
-ضحك كبيرهم وقال:سيبه يا سامح باشا.. جواد باشا اكيد ميقصدش
-رد جواد بـ عُنف:لا أقصد…
ساد الصمت المُهيب على الجميع قبل أن يقطعه الشاب بـ مكر يُقطر من عينيهِ
-أومال فين عروستي!...
تجمدت عيني جواد على الجالس بـ نظرةٍ أقل ما يُقال عنها مُميتة زاجرة بـ قوة لم يستطع الآخر إخفاء خوفه منها ثم تساءل بـ صوتٍ نافس الأفعى بـ فحيحها المُرعب
-عروستك إزاي؟
-أجاب الآخر بـ إريحية:زي الناس…
وليته لم ينطق
*********************************************
وضع رأسه فوق الوسادة مُنشدًا بعض النوم.. بعد ذلك اليوم القاسي.. ماذا يُريد عمه؟ والأدهى أن تلك الحية لا تُريد إخباره عن مواجد تواجده.. ولكن آخر ما يعلمه أن عمه خاف القُضبان مدى الحياة فـ كيف تتلقى منه تعليمات؟
تنهد بـ تعب وقد قرر تأجيل التفكير لما بعد فـ جسده مُنهك إلى العظم
وبـ غمرة نومهِ.. كان يحلم.. يحلمُ بها تلك التي إخترقت عالمه النائي عنها..كانت بعيدة كُل البُعد عن حياتهِ ولم يُفكر الإقتراب
وبـ حلمهِ زارته كـ جنية شقية تتراقص بـ ثوبٍ أزرق ماثل زُرقة البحر بـ تصميم إغريقي مُثير لا يُناسب إلا جسدها الغض.. بـ فتحة صدر وظهرة مُثلثية واسعة و حمالتين أظهرت جمال ذراعيها و كتفيها.. ينسدل حتى وصل إلى مُنتصف ساقها بـ دلال أسره
مسح على خُصلاتهِ السوداء ثم تقدم منها وهي تضحك تلك الضحكة الشقية بـ صوتها الرنان جعله يتسمر مكانه مأخوذًا بـ سحرها
لمَ تلك الخفقات الغريبة عليه تُعكر عليه صفو حياته وتجعله بـ ذلك الجنون لـ الإقتراب منها وغمرها بين ذراعيهِ.. أن يُحيط خصرها ويغرق كفه بـ خُصلاتهِا.. أن يمس شفتيها المُثيرتين بـ شفتيهِ القاسيتين ولكن ليس بـ رقة بل بـ شغف لم يكن ليظن أنه يمتلكه أبدًا
وقد كان.. إقتربت الجنية بـ خُصلاتهِا الكتسنائية المُتمايلة بـ غنج يُشبه غنج خطواتها وقديمها الحافيتين فوق الرمال الناعمة.. إقتربت لتُحيط عُنقه وتُقرب شفتيها بـ شغف من خاصتهِ هامسة قبل أن تُغيبه في ملحمة لم يكن ليحلم بها في أعظم أحلامه جموحًا
-وإمتلكت قلبك جنية…
إنتفض بـ فزع حقيقي وكأن حية لسعته بـ سُمٍ قاتل.. يمسح على وجههِ المُتعرق بـ قوة وهو يستغفر الله عما كان
لعق شفتيه يتذوق مذاق شهديها الرائع العالق بـ تلك القُبلة الوهمية.. عاد يستغفر لجنونه وجموح مشاعره المُفاجئ وحدها.. لمَ تتفجر تلك المشاعر الآن بعد سنين عِجاف؟
عاد يلعق شفتيه ولكن هذه المرة بـ تهمل وشفتيه ترسمان إبتسامة وهو يتذكر مذاقها التوتي صعب النسيان وإن كان وهمًا.. جُلنار الصياد أضحت شبكة عنكبوتية صعب الفكاك منها وهو كـ فريسة سهلة وقع بـ شباكها التي نسجتها بـ دلال وغنج مُحترف بـ براءة
مسح على خُصلاتهِ بـ توتر قلما يمتلكه ثم همس بـ تعجب حقيقي
-وبعدين بقى!.. مالي كدا مش مظبوط!...
أيعقل أن يكون وقع بـ شِركها دون أن يعي!.. المرتين رآها فيهما!..لحديث طويل عم ماضٍ يأبى تركه وشأنه!.. أم لأنها و بـ بساطة جُلنار الصياد!!
كان الصباح قد أشرق ولم يعي أنه طوال الليل كان يتلظى بـ نار إقترابها منه..أحقًا إمتلكت قلبه أم هو عبث الشيطان!
نهض ولم يأبه للإجابة بل كله لهفة لرؤيته عله يستشف لِمَ تركته ظمآنًا بعد تلك القُبلة الوهمية تلك القُبلة والتي وكأنها كانت كـ قطعة من الجنة.. كـ فاكهة مُحرمة عليه
أخذ حمامًا يُبرد النار المُشتعلة مُنذ منامه الرائع.. ضحك بـ إستمتاع وهو يُفكر بـ رد فعلها عندما يُخبرها أنه قَبّلها..ضحك وحقًا قد راقه رد فعلها اللذيذ وأراده حقيقة
بعد نصف ساعة
إلتقط حاجياته الشخصية ثم توجه إلى خارج المنزل وهبط بعدها إلى سيارتهِ مُتجهًا إلى مكانٍ سيجدها به حتمًا
***********************************************
نزلت عن جوادها الأسود تربت على خُصلاتهِ المُسترسلة بـ نعومة ثم همست بـ إبتسامة رائعة بـ نعومتها
-تعرف إنك وحشتني!.. وأديني رجعت.. يا ترى وحشتك؟!
-أنتِ توحشي أي حد يشوفك…
إلتفتت لذلك الصوت العابث خلفها لتجده بـ كامل أناقته.. يرتدي قيمص أزرق مُغلق جميع أزراره عدا أول زرين.. و بنطال أسود يلتصق بـ فخذيهِ المُعضلين حتى خُصلاتهِ مُصففة بـ عناية وعينيه السوداء بـ نظرة لا تقل عبثًا عن صوتهِ
حاربت ضربات قلبها المُتسابقة ثم أردف وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها
-أفندم!...
إقترب صُهيب منها بـ تهمل وعيناه لا تحيد عن شفتيها التي أقلقت مضجعه ثم قال بـ إبتسامة لعوب
-صباح الخير
-رفعت حاجبها المُنمق وقالت:جاي هنا عشان تقولي صباح الخير!...
إقترب خطوة أُخرى ثم قال بـ ذات الإبتسامة وهو يُحدق بـ فيروزها المُشتعل بـ لهيب أزرق مُثير
-لأ.. جيت عشان أقولك إني حلمت بيكِ…
فغرت شفتيها وقد باغتها الرد العجيب.. تهدل ذراعيها جوارها وهى تُحدق به وكأنه كائن فضائي غريب عن عالمها
إبتسم لردة فعلها المتوقعة ثم تقدم منها أكثر لتتراجع هي والصمت يُحيط بهما عدا صهيل الجواد المُعترض
إلتصقت بـ السياج خلفها وحاصرها هو.. إبتلعت ريقها بـ توتر ثم قالت بـ همسٍ وعيناها مُعلقة بـ عينيهِ الضاحكة بـ رجولة صارخة
-حِلمت بـ إيه!
-رفع حاجبيه ثم أجاب مُبتسمًا:مش هيعجبك الحلم.. أصله خادش للحياء…
ولدهشتهِ تساءلت وهي تزرع فيروزها الجرئ بـ عينيهِ بـ قوة جعلته غير قادر على الفكاك من أسرها
-إحكيلِ الحلم
-همهم بـ غرابة:بقولك خادش للحياء!
-حركت كتفيها بـ بساطة ثم قالت:مش أنت اللي حلمت بيا!.. من حقي أعرف حلمت بـ إيه!...
إشتعلت عيناه و حواسه وكذلك جسده لتذكره تلك القُبلة الساحرة لتهبط عيناه بلا إرادة إلى شفتيها الغير مطليتين.. يواجه إغراءهما الطبيعي دون أحمر شفاه كما تذوقها تمامًا
ليُقرب رأسه منها حتى باتت أنفه تتلامس مع خلصتها ثم همس بـ عبث لا يليق إلا بـ صُهيب الهوارى.. نعم الآن لقبه أصبح الهواري
-إيه رأيك أعرفك عملي؟!...
أنفاسه
عبقه
حضوره الطاغي
عيناه
إبتسامته
وأخيراً دفئه الذي يُحاصرها به
كل هذا جعلها ريشة في مهب الريح أمامه
عصفور بين براثن نسر جامح
الجميلة و الوحش
قطة بين براثن ذئب
ولكن صُهيب لم يكن سوى صُهيب.. لا نسر ولا وحش أو حتى ذئب.. بل ما تشعر به تجاههِ يتعدى كل هذا.. غريب أجل ولكنها تتيقن أنها لا تليق إلا به
وحينما طال صمتها.. وضع هو يده أسفل ذقنها مُقررًا تحقيق حُلمه وعلى أساسه سيُحدد ما يشعر به تجاهها
أهى رغبة بـ مُجرد أُنثى فائقة الأنوثة!
أم هي شعور تخطى ذلك بـ مُجرد لمسة وهمية مُحرمة!
وإقترب مُتخطيًا جميع الخطوط الحمراء ومُتجاهلًا نواقيس الخطر التي تدق حوله
-جُلناااار!!!...