رواية ظنها دمية بين أصابعه اقتباس بقلم سهام صادق


 

رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل اقتباس بقلم سهام صادق



أرادت ليلى أن تُشعل أحاسيس زوجها العزيز ، الذى أصابته مشاعر التبلد على غير عادته ، عقاباً لها على ما اقترفت
تعلم بأن لا ذنب لها فيما حدث.....فهى العالقه بين حبه ، وجنونه
يجدها جوهرة لا شان لغيره بها ، ولا يصح لمالكها أن يعرضها على العيان
وانما يحفظها بمكنونها داخل أصداف قدره ، ومحتواه

صاحبت ليلى زوجة عمها ، لتستنشق نسمات الهواء علها تبعثر عثرات الوجع من ابتعاده ، وجفاءه معها
إلا أنها اقترفت ذنباً ما بعده ذنب حين لم تصارحه برغبتها فى الخروج ......و بدأت العاصفه
وأشعلت بركان غيرته فى ثورانه والجنون
تُحدث حالها:
—وفيها ايه لما أخرج شويه مع مرات عمى ، يمكن ساعتها تصالحنى يا عزيز .....اه وحشتنى اوى يا قاسي
***********
عاد عزيز من المصنع ، فلم يعد قادراً على الصمود خلف عناده , وجبروت مخاوفه
هو يخشى جموحها ...يخشاه أكثر من خشية الموت ذاته
ولكن الانتظار لم يعد كافيا ، عليه العوده و إلتماس الغفران من الجميله الساحره حبيبة قلبه ليلاه
قاد سيارته فى سرعه ، متلهفا على احتواءها فى صدره
ليطلب منها الغفران
هى ليست وحدها المتألمه ، بل الالم صار بين ضلوعه كما النيران الموقده
وصل عزيز إلى الفيلا ، ليدلف إلى الداخل فى سعادة ، يرقص قلبه طرباً

—أخيراً هاخدك فى حضنى يا ليلى....يخربيت الحب وسنينه ، هحبك أكثر من كده ايه ..... ليناديها فى لهفه:
ليلى .....ليلى
إنت فين يا حبيبتي

حين سمعت كارولين هتاف عزيز ، رقص قلبها طرباً ، فها هو بطلها التى تتمناه بينها وبين نفسها
ها هو الفاكهة المحرمة ، والفرصه سانحه ، ولن تحتمل ضياعها
كانت على علم بخروج ليلى ، لتدخل غرفتها على عجل وترتدي ذاك الرداء الذى أخذته خلسه من غرفه ليلى ، لتتهادي أمامه وتحقق ما تتمني
فقد حاصرتها الشهوه ، ولذة الوصال لتخرج على عجل ، هامسه فى نهاية البهو
—ليلى ليست هنا سيد عزيز ...خرجت منذ قليل
حتى أننى تصورت أنها فى الطريق اليك

ثم اقتربت منه فى هدوء ، واطلقت العنان لروب ذاك الرداء ليتساقط على الأرض ، و تتلاعب فى خفه أمامه

كان عزيز فى وضع لا يحسد عليه ...كيف لذاك الرداء الذى اقتناه بنفسه لزوجته أن يعتلي جسد امرأة سواها

 مشاعره تتناقض داخله
بين غضبه من زوجته لخروجها دون علمه ، وبين غضبه من تلك المرأة التى يعلم جيدا ما تصبو إليه
ووسط مخاوف الغضب داخله ، اقتربت كارولين من عزيز تتحسس باناملها الناعمه صدره إلى أن وصل بها الأمر إلى فتح أحد أزرار قميصه

لم يدرك عزيز فى البدايه ما حدث، ولا ذاك التقارب المقزز من زوجة ابن أخيه ، إلا أنه وللحظه فارِقه أفاق كمن لدغه عقرب
ليمسك بكفها ويطيح بها فى عنف قائلا:
—انت عايزه مني ايه ...انا مش قولت لك مليون مره ، حذاري تتحركي فى الفيلا وكأن مفيش فيها غير جوزك
عايزه توصلي لإيه

—أريدك عزيز ....بكل جنون أريدك ...أقسم أننى لا أرى رجلا سواك ....أنت من أتمناه ....و أعلم انك غير مرتاح مع ليلى
اسمعنى عزيز ...ليلى ليست مناسبه لك ....لازالت صغيره ، ساذجه
إنما أنا أكثر من تقدرك ...اعطني فرصه واحده اقدم لك ما تريد ....سأكفيك عزيز ، وأعلم أن ليلى لا تكفيك

صوب عزيز أنظاره على كارولين فى غضب لو كان الأمر بيده لأشغل بها النيران حتى تصبح رمادًا
إلا أنه يحكمه قيود ابن أخيه ليقول فى حنق غاضب :
—اسمعى .... آخر مره أحذرك ....لو كررتي اللى عملتيه ده تانى ، هخليكي عبره لكل الستات الحقيره اللى زيك

وانطلق إلى الخارج ليهمس :
—كنت فاكر أنى خلصت من سميه ، أتاري فروعها الخبيثه لسه جذورها ممتدة
ومفيش قدامى إلا انى اخلعها من جذورها
**********
فى الفندق
دلف كلا من صالح وزينب إلى الغرفه المخصصه لهما فى ارهاق ليرتمي صالح على الفراش
هامسا بعين  شبه منغلقه من شدة حاجته للنوم
—تعالي يا زينب ، سيبي الشنط دلوقتى وخلينا ننام ونرتاح شويه ، ولما نصحى نبقى نرتبهم ف الدولاب

أفاقت زينب على حيرتها
ماذا عليها أن تفعل ...تلك الغرفة بفراش واحد....فراش سيجمعها بزوجها الذى ستُصدر القرار الأخير بحق ارتباطها به ، وتبتعد
وتتحرر من زيجتها التى كانت أملا لها فى بادىء الأمر ، وعندما حان الصباح لم تجد إلا السراب والوجع
كان بطل فى مسلسل حياتها البائسه

ولكن وحده القلب يُطالب بحقوقه ...حقوق وإن كانت الاخيره إلا أنها لا زالت فى عصمته
لتقرر بلسان حالها هامسه بصوت يكاد أن يكون مسموع بعض الشىء
—وفيها ايه ...اشبعى منه يا زينب على أد ما تقدري ...بس يا ترى هتتحملي تبعدى عنه ، وعن يزيد !

وظل هذا التساؤل سابحا بين جدران الغرفة و سقفها والسماء

اقتربت زينب من الفراش ، فهى حقاً غير قادره على الصمود ، بل فى أمس الحاجة الى النوم
لتعتلي فراشها فى نعومه كعادتها ، إلا أنها أصيبت بالذهول حين فاجئها صالح بذراعيه يحتويانها فى تملك ضاماً إياها إلى صدره فى عشق ملتهب
لم تقدر، بل لم تحتمل تبلد مشاعرها أمامه لتضرب بالمستحيل عرض الحائط
وتتعمق بصدره كما الطفله الناشدة لحنان أبيها

ابتسم صالح فى حالميه فها قد بدأ يخطو خطواته الأولى فى طريقه لقلبها ، ولن يستسلم
حلمه بين يديه ولن يعود الا وهى بكامل إرادتها زوجته قولا وفعلا
***********
كان سيف شادرا فى مكتبه يفكر
صار محاصرا بين حَلقَة وكتاب موصد ، وصار داخله كالحروف المبعثره
لم يعد يفهم مشاعره تجاه بيسان ، وما سر غضبه من خطبتها
والكره المستكين لجنس النساء متمثلا فى ليلى زوجة عمه
و زوجته التى صارت أمامه كصورة باهته من حياة لا مشاعر فيها ولا طموح
و......شهد
نعم شهد ....هى مفتاح أبواب الغضب ، وتحرير عمه من براثن تلك المرأة على حد ظنه
امسك الهاتف ، محدثا شهد فى ابتسامة انفلتت من بين شفتيه

—ألو ...صباح الخير يا دكتورة شهد
ها....عامله ايه .....إنت فى الجامعه ؟
تمام ...ايه رأيك أفوت عليكي نتغدى بره سوا فى اي مطعم
محتاج اتكلم معاكي

كانت شهد من فرط سعادتها تقفز من لمحات الفرح ، تلك السعادة التى لفتت انتباه أحد زملاءها بالجامعه ليساوره القلق والفضول من تغيرها المفاجىء

أنهت شهد اتصالها مع سيف ، لتسارع بالحديث مع لميس وتخبرها بتلك المفاجأة التى تتمناها منذ زمن

—شوفتي ، مش قولتلك يا شهد ، أن سيف بيحبك بس هو مش واخد باله
إنت بقي حاولي تستغلي الفرصه على أد ما تقدري ، عايزاه ميشوفش ست غيرك ...فاهمانى طبعاً

—فاهمه يا لميس ، بس أنا خايفه يكون عايزنى عشان اي حاجه تانيه ....اعمل ايه ساعتها

—لازم تتصرفي ، خليه ينشدلك ، وإلبسي الفستان إياه ، مش هو معاكي

—ايوه
—خلاص يبقى ادلعي يا بت ، استغلي امكانياتك وانوثتك
تعالي انا هفهمك
وظلت كلتاهما يحيكان ما ستفعله شهد للإطاحه بسيف مالك فؤادها على حد ظنها ...فهى فى النهاية لا زالت طفله ساذجة

بعد أن انتهت شهد من المحاضره الاخيره
وجدت سيف ينتظرها أمام بوابة الجامعه ، لترافقه إلى المطعم وتناول الغداء سويا
وفى الطريق لم تخلو لحظاتهم من نظرات متناقضه
فعينا شهد حالمه بمن أسمته بطلها
أما سبف فنظراته ماكره ، يرى فى شهد طوق النجاه لعمه من قيود ليلى اللعوب كما يراها بعقله المريض
***********
عودة إلى الشركه
—منار ....تعاليلى المكتب حالا
—حاضر يا سميه هانم
انطلقت السكرتيره الخاصه بسميه إلى مكتبها فى سرعه
فيبدو أنها اليوم ليست بمزاج يسمح بالاخطاء

—عايزاكي تلغي كل مواعيد النهارده ، هارون باشا لو سأل عنى قوليله ان عندى اجتماع مع مدير البنك ....
وانطلقت بسيارتها على غير هدى

و فى الطريق ، صدح صوت هاتفها برنين متواصل ، لتفكر فى إغلاقه إلا أنها لمحت أحد الارقام الغريبه ، وساورها الفضول لمعرفه ماهية المتصل .

—الو .....مين ....ماجد مين ....النمرة غلط
وقبل أن تغلق المكالمة
استمعت إلى صوت ذاك المتصل وضحكته الساخره يقول بصوت مرتفع :
—اعملي حسابك لو قفلتي يا سميه هانم ، معنديش مشكله أنى اروح لهارون باشا ومدام بيسان ، وسيف باشا
و أقولهم على اللى حصل زمان .....
ها هتسمعي كلامى للآخر ولا انفذ أنا كلامي

تبدلت ملامح سميه من التيه والغضب إلى الخوف والريبه لتعاود الحديث بصوت مرتفع:
—انت عايز ايه يا ماجد....ايه اللى فكرك بيا بعد العمر ده كله ....انا نفذت زمان كل اللى طلبته مني ، وافتكر أنى قدمتلك كتير ، ووقفت على رجلك تانى بسببى ، وشركتك بقى ليها اسم ووجود ف السوق
عايز ايه تانى

أتاها صوت ضحكاته الساخره فى اشمئزاز منها :
—بقى إنت اللى وقفتينى على رجلي ، وخليتي لشركتي اسم ف السوق
ايه يا مدام هو غياب ١٥ سنه يعملوا فيكى كده
انا شايفك لسه ف شبابك ، وزي ما إنت جميله
مش معقول نسيتى
ولو ناسيه افكرك أنا يا مدام هارون

—ماجد ...ارجوك ...اللى فات مات ...قولي عايز مني ايه وانا هعمله
عايز كام ؟

استعاد ماجد جديته ، ليجيب فى حنق :
—كام ايه يا مدام .... إنت فاكرانى عايز فلوس
هو أنا كنت ناقص فلوس علشان احتاج منك
واللى بتقولي انك قدمتهولى ده جزء بسيط من اللى قدمتهولك أنا أو بمعنى أصح سرقتيه
ولا نسيتى العقود اللى لعبتى فيها والشركه  اللى كانت على وشك الإفلاس لولا هارون صديق عمرى
اللى اخدتينى سِلمة علشان توصليله

عادت سميه إلى الوراء ...إلى ما يقرب الاثنى عشر سنوات تتذكر كم جرائمها فى حق ماجد ، و هارون ، و.......و سالم  لتتجمد فى مكانها ، ثم أفاقت على صيحة ماجد :
—أنا وإنت منختلفش عن بعض ، الاول انا اعتبرتك دميه أتنقم بيها من سالم لما كان هياكل السوق
لفيت حواليكى ، والشهاده لله إنك كنتِ مستعده ع الآخر ،مجرد ما رميت الشبكه وقعتي زي السمكة الدايخه
وقدرت أوصل للى انا عايزه
تخيلي بقى لو سيف عرف ان ابوه مات لما شافك معايا ف السرير ، لما يعرف إن عمره كله كان كذبه ، وإن أبوه مماتش فى حادثه زي ما قالوله ....هيعمل ايه ؟!

—ماجد......ارجوك

إلا أن ماجد لم يكتفي بما صرح به ، كان كما السجين الذى وجد أخيرا أبواب زنزانته مواربًا ليبذل كل طاقته للهروب
واستكمل حقائق ماضيهما المقيت :

—وانت كنتي شطوره اللى انا عملته ف سالم ، إنت كررتيه مع هارون ، بس بعد إيه ....بعد ما خربتي بيتى
أهو أنا بقى دلوقتى
يا فيها..... لاخفيها
انا مش عايز فلوس ...... أنا عايز .....
***********
دلفت أشرقت إلى سيارتها بعد صدمتها حين علمت بخبر حملها ، لتسرع إلى مراد وتعرض عليه الأمر
للإسراع بإجراءات زواجهما قبل فضح المستور

اتصلت به على عجل لتهمس بصوت يئن من خوفها وخشيه وصول الخبر إلى والدها :
—مراد ...عايزاك ضرورى ...قابلني ف الشقه دلوقتي

ثم أنهت مكالمتها ، لتُدير محرك السياره وتنطلق فى طريق اعترافها بجريمه نشأ عنها طفل الخطيئه

دُهش مراد من طلب أشرقت ، ففى الآونه الاخيره كان هو المطالب لها دائما باللقاء ، لإشباع جماح رغباته
ولكن اليوم اختلف الأمر لتُطالبه هى بالحضور
—يا ترى عايزاني ليه يا أشرقت  ..... أنا ناقص قرفك إنت كمان

ثم جلس على مكتبه بأريحيه ، مسبلاً جفنيه فى هدوء حالم ، وصورتها لا تفارقه
هى الانثى الوحيده التى رغبها....هى الاميره المتوجه على عرش فؤاده
هى وحدها من تستحق لقب امرأة
هى زينب ......ولا أحد سواها

وهنا نتساءل :
تُرى من هو ماجد ؟ وماذا يريد من سميه هذه المره ؟
وما سر جريمتها مع هارون ؟
كيف سيتلاعب سيف بشهد ؟ وهل ستسقط بين براثنه أم أن للأقدار شأن آخر ؟
ماذا تحمل تلك الرحله لزينب ؟ و أي قرار ستختار ؟
و أخيرا
عزيز .....و ليلى ....  و كارولين .....

تعليقات



×