رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل السابع 7 بقلم دينا جمال


رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل السابع بقلم دينا جمال 




ماذا ؟ ، ما الذي يحدث هنا ؟ بالطبع تتوهم ربما يهيئ لها ، أغمضت عينيها وفتحتها عدة مرات إن كانت تتوهم فسيختفي مراد من أمام عينيها ولكنها في كل مرة فتحت فيها مقلتيها رأت مراد لا يزال يجلس أمامها ينظر لها بنفس الابتسامة ، فغرت فاهها مدهوشة لا تصدق ما تسمع مراد معجب بها يخبرها أنها اشتاق لها ، وأنها أجمل فتاة رأتها عينيه ، هنا تأكدت أنه يكذب ، يُجامل وربما يسخر منها ، هي تعرف جيدا أنها ليست جميلة إطلاقا .. هبت واقفة تلملم كتبها سريعا وقفت أمامه ليرى طبقة شفافة من الدموع تتلألأ على زجاج نظارتها الشفافة ليسمع صوتها المختنق تهمس له :

- لو سمحت يا مراد أنا بجد مش ناقصة تريقتك عن إذنك 

توسعت عينيه دهشة ما الذي تهذي به تلك الحمقاء لما تظنه يسخر منها ، انتفض يود أن يوقفها ولكنها هرعت تركض من أمامه في أقل من لحظة ، ضرب كفا فوق آخر يحرك رأسه حزينا على حالها ، مريم من كثرة ما لاقت من تنمر فقدت تماما ثقتها في نفسها وعليه هو أن يساعدها في إسترجاعها ولكن كيف يفعل ذلك؟ 

إن علم والدها بالأساس أنه يأتي هنا لأجل فقط أن يراها ستقوم قيامته وسيعتبره الجميع خائن للأمانة ، ربما يطلب من جاسر ذلك الطبيب الماهر المساعدة لمساعدتها ولكنه لا يطيق ذلك المتعجرف أبدا تنهد حائرا لا يعرف ما العمل ، أجفل على دخول رعد من الباب ، اندفع كالسهم إلى أعلى دون أن يُلقي عليه حتى السلام ما بال تلك العائلة تركض كما لو أنهم في مسابقة عدو ، يختفون بلمح البصر ، ضرب مراد كفا فوق آخر يعلو بصوته :

- يا عمتتتتتي ، عاملة طبيخ ايه النهاردة 


أما على صعيد قريب صعد رعد إلى غرفته يلتف حول نفسه يشعر بالغضب ، لما كذبت عليه ، لما كانت تضع زينة وجهها في سيارة أجرة ، وحتى زينة وجهها تضعها بشكل فج يثير الغرائز ، كيف تفعل ذلك ... دق هاتفه نظر إليه ليجد رقمها ... نظر للهاتف غاضبا ولم يرد ، اتصلت مرة بعد أخرى وهو في كل مرة ينظر للهاتف ويتذكر شكلها ويرفض الرد إلى أن قرر إغلاق هاتفه ... دخل إلى المرحاض يضع رأسه تحت صنبور المياه الباردة عله يُطفئ تلك الحرارة التي تقتحم رأسه تغلي في عروقه ، حين خرج من المرحاض تسمرت قدميه حين وجد أبيه يقف أمامه تبادلا النظرات للحظات قبل أن يتنهد جاسر يردف بنبرة هادئة :

- رعد ، بص أنا عارف أنك زعلان بسبب اللي حصل في الشركة .. حقك عليا يا سيدي ما تزعلش ... أنا يومها كنت غضبان جداا وانفعلت عليك ، ارجع الشركة وأنا مستعد اعتذرلك قدام الموظفين لو دا يرضيك 


رفع رعد حاجبيه لأعلى ساخرا قبل أن يبتسم ساخرا يردف في تهكم :

- لاء ما يرضنيش ، لأن الموضوع أكبر من كدا بكتير أوي يا جاسر باشا ، طردك ليا في الشركة كانت القشة التي قسمت ظهر البعير زي ما بيقولوا ، لو سمحت يا باشا أنا جاي من الشغل تعبان ومحتاج أرتاح

وقف جاسر ينظر لولده للحظات وَّ أن يجذبه لأحضانه ، أن يعانقه ولكن لأنه لم يفعل ذلك منذ أعوام شعر بأن الأمر غريبا ، تنهد يخرج من غرفته يجذب الباب خلفه ، تحرك إلى غرفة نومه ... فتح الباب يرتمي بجسده إلى الفراش رفع كفيه يغطي بهما وجهه يفكر ، هل اخطئ لتلك الدرجة ، تذكر قديما والده لم يكن يوما بالقاسي عليه كان المدلل لدي الجميع لأنه كان الصغير ، ربما لذلك أصبح الشيطان حين تعرض لأكبر صدمة في حياته ، لم يكن يريد لولده أن يصبح مثله أراده أن يكن صلبا ولكن النتيجة كانت عكس المتوقع ؛ رعد يقف هناك بعيدا عنه يفصل بينهما حاجز من القسوة صنعه هو طوال سنوات .... أبعد يديه عن وجهه حين شعر بأصابعها تمسح برفق على خصلات شعره ، نظر لها وابتسم مرهقا لتقابله بابتسامة لا يكل ولا يمل من النظر إليها أبدا ... لا يصدق أن العمر تسابق معاهم ولكن أفضل ما في ذلك السباق أنها كانت جواره في كل مرحلة من مراحل حياته ، في الهزيمة قبل الفوز ... في المرض قبل الصحة ... أنها هي من أخرجته من سجن الشيطان الذي وضع نفسه فيه لأعوام يعثو في الأرض فسادا ، ربعت ساقيها ليضع رأسه على ساقيها كما اعتاد أن يفعل منذ أعوام احتضن خصرها بذراعيه يغمغم مرهقا :

- أنا تعبان يا رؤى ، أنا بقيت بكره أروح الشركة ورعد مش فيها ، كل ما بتفكر شكله وأنا بزعقله وبطرده ببقى عايز أحرق المكتب كله ... 


مشطت خصلات شعرها بأصابعها برفق تغمغم مترفقة :

-خلاص راضيه زي ما زعلته ، رعد طيب وغلبان طالعلي رغم كل اللي عملته دا بيحبك 


أغمض عينيه يتنفس بعمق قبل أن يهمس بنبرة حزينة متهدلة :

- أنا حاولت اتكلم معاه ، بس هو رفض بس أنا هحاول معاه تاني وتالت وعاشر ، أنا غلطتت في حقه ولازم اصالحه

ابتسمت رؤى سعيدة تدعو من قلبها أن يفعل جاسر ذلك ، مالت بجزعها تقبل وجنته تهمس له متلهفة :

- آه يا جاسر بالله عليك أعمل كدة ، أفضل وراه لحد ماتصالحه ، دا ابنك الكبير وسندك في الدنيا ، يلا أنا هقوم احط العشا ، البت جوري اتصلت بيا وقالتلي أنها هتيجي هي وحسين يتعشوا 

ضيق جاسر حدقتيه قام يرفع جسده جلس جوارها يغمغم حانقا :

- الواد ابن أخوكي دا لازق في البت ليه كدة ، وبعدين مش كفاية أخوه مقيم عندنا ، جاي هو كمان يتعشا ، هو اخوكي حارمهم من الأكل

ضحكت رؤى عاليا ، تحرك رأسها يائسة من غيرة جاسر ادمعت عينيها من الضحك لترفع يدها تمسح دموعها تغمغم :

- يا حبيبي أنت عارف أن حسين بيحب چوري من زمان ، هو بس مستني بنتك أم دماغ ناشفة زيك دي توافق وهو هيجي يتقدملها الصبح ، وبعدين واضح أن حصل مشكلة في الشغل لأنها قالتلي أنهم شغالين على تصميم سوا بعد ما تصميمها باظ 


كتف جاسر ذراعيه أمام صدره علا ثغره إبتسامة صفراء واسعة يغمغم ساخرا :

- ومين قالك إن أنا هوافق أصلا ، ولا اقولك هوافق واطلع على جتته هو وأخوه البلا الأزرق 

عيال اخوكي اللاجئين دول 


ضحكت رؤى من جديد توجهت صوب المرحاض في حين اضطجع هو يظهره إلى ظهر الفراش أمسك جهاز التحكم يقلب بين قنوات التلفاز بغير هدى إلى أن توقف ينظر لما يُعرض أمامه بابتسامة عريضة يتذكر أول مرة شاهد فيه فيلم الكرتون ذاك معها 


جلست علي الفراش تشاهد فيلم كرتون ( frozen ) 

رفع جاسر نظره يري ما تشاهد ، فبدأ يندمج مع أحداث الفيلم ويسألها عنه 

جاسر: يعني البنت دي لما بتمسك حاجة  بتتجمد 

رؤي : ايوة ، وايديها بتطلع تلج لما بتخاف أو تتوتر 

جاسر: طب مين البنت أم شعر أصفر دي 

رؤي : دي أختها 

بعد مدة من الاندماج ، قاطعها جاسر مرة اخري 

جاسر: طب ليه البنت ام شعر أبيض دي ما بتلعبش مع أختها ليه 

رؤي بضيق من مقاطعته الكثيرة : شايف الخصلة البيضا الي في شعر اختها 

هز جاسر رأسه إيجابا فاكملت : وهما صغيرين البنت الي بتطلع تلج من ايديها كانوا بيلعبوا مع بعض ومن غير ما تقصد ضربتها بالتلج دا في دماغها ، فالقزم العراف الي عالجها في الفيلم مسح كل ذكريتها عن قدرات اختها ، عشان كدة اختها ما بترضاش تلعب معاها بتخاف لتأذيها 

جاسر: يا رتني أنا كمان اقدر ، امسح كل الذكريات الوحشة الي شوفتيها معايا 

اشاحت ببصرها الي التلفاز حتي لا يري دموع عينيها ، فاغلق حاسوبه الشخصي وقام من مكانه وذهب ناحية الفراش وجلس بجابنها 

لاحظ ابتعادها عنه لتترك مسافة بينهما 

فاصطنع انشغاله بالفيلم ، ليعود مقاطعتها مرة اخري

جاسر: يعني دلوقتي البنت دي بقت الملكة 

رؤي: آه يا جاسر ، أبوها مات وبما انها الكبيرة فبقت هي الملكة 

جاسر: طب فين الملك

رؤي: ما فيش 

جاسر بضيق: ايه الهبل دا ازاي ما فيش ملك ، ماليش دعوة أنا عاوز ملك 

رؤي ساخرة : ملك ولا كتابة 

نظر لها جاسر باشمئزاز : قومي يا رؤي من جنبي

رؤي: أنت الي جيت قعدت جنبي ، واسكت بقي مش عارفة اتفرج على الفيلم 

تمتم جاسر بصوت منخفض : رخمة 

عاد لمتابعة الفيلم مرة اخري ، اندمج مع أحداث الفيلم ، ثم فجاءة وجدته ينظر لها وعلي شفتيه ابتسامة خبيثة 

رؤي بخوف: بتبصلي كدة ليه 

جاسر مبتسما بخبث: True love kiss 

تدرجت وجنتيها بحمرة الخجل 

جاسر ساخرا : فعلا فيلم أطفال 

ضيقت عينيها بغيظ وامسكت جهاز التحكم واغلقت الفيلم

جاسر بضيق: انتي جاية عند الحتة المهمة وتقفلي التلفزيون ، هاتي يا بت الريموت 

رؤي بغيظ : لاء ، وريح نفسك ، هانز مش هيبوسها 

جاسر ساخرا : عشان فقري 

رؤي: لاء عشان ما بيحبهاش وكان بيضحك عليها عشان يوصل لحكم المملكة 

جاسر: ايه دا يعني ما فيش بوس في الفيلم دا 

رؤي بغيظ: أنت قليل الادب علي فكرة 

جاسر ضاحكا: عارف علي فكرة 

Back

حين عاد من ذكراه انفجر ضاحكا ، علا صوت ضحكاته حتى أنها خرجت على صوته وهو يضحك ، نظرت له متعجبة لتنظر لشاشة التلفاز علها تعرف على ما يضحك ، وفهمت لما يضحك حين رأت ذلك الفيلم وتذكرت نفس المشهد القديم ، قام هو من مكانه أقبل صوبها إلى بات أمامها ليغمزها بطرف عينيه يغمغم عابثا :

-ما تجيبي واحدة True love kiss

ضحكت عاليا تصدمه على صدره برفق تظنه يمزح ، تحركت لتغادر ليمسك برسغ يدها يعيدها إليه يغمغم عابثا :

- أنتِ رايحة يا برقوقة أنتِ ، أنا عايز واحدة True love kiss

توسعت حدقتيها خجلا جاسر الوقح ألا يخجل ، ماذا إن فتح أحد الصغار الباب ورأهم الآن ، كادت أن تنهره حين فتح سليم الصغير الباب بعنف يصيح غاضبا:

- ماااامااا ، سليم جعان وياسو جعان ومراد جعان ويوسف جعان كله جعان ، كله جعااان

التفت جاسر ينظر محتدا لذلك الصغير الذي يقف غاضبا ، أقترب منه يرفعه من تلابيب ثيابه عن الأرض يصيح فيه محتدا :

- هو أنا يا حيوان مش قولتلك ألف مرة ما تدخلش الأوضة من غير ما تخبط ، جو التربية الايجابية وقول Sorry  دا بتاع أمك، لو كررتها تاني يا سليم هعلقك في المروحة 

اضطربت حدقتي الصغير ينظر لوالدته يستنجد بها لتهرع رؤى إليهم سريعا تأخذ الصغير من بين يدي جاسر تغمغم تعاتبه :

- يا جاسر براحة عليه قولتلك لسه صغير ، روح يا حبيبي وأنا هنزل احطلكوا العشا 

هرع الصغير يهرب من الغرفة لتتحرك رؤى خلفه ليقلب جاسر عينيه ساخرا يغمغم يقلدها متهكما :

- براحة عليه لسه صغير ، دا صغير دا ، دا قرد عيال عاهات أنا اللي جبته لنفسي 

____________

في شركة عاصم ، تحديدا في مكتب حسين رفع حسين رأسه عن مخطط التصميم أمامه لتقع عينيه على جوري الواقفة جواره توجه انظارها للتصميم أمامها ترفع يدها بين حين وآخر تمسح قطرات العرق عن جبينها في حين وقف هو ينظر لها يبتسم كمراهق يختلس النظر لابنة الجيران التي يحب ، چوري الجميلة إبنة عمته لازال يتذكر تلك الأوقات التي قضوها سويا وهم صغار كانا أعز أصدقاء كانت حتى قرر في يوم أن يخبرها بحقيقة مشاعره تجاهها وكانت النتيجة أنه خسرها كصديقة ولم يحصل عليها كحبيبة ، چوري بعد أن أخبرته بشكل لطيف أنها لا تراه سوى شقيق كرعد وربما هو أقرب بدأت علاقتهم تتداعى ، بدأت تتهرب منهم شيئا فشئ إلى أن انقطعت علاقتهم تماما قبل عدة أعوام تحديدا ثلاثة أعوام وباتا نقيضين بعد أن كانا أعز أصدقاء ، 

شعرت هي أنه ينظر إليها حين أطال النظر ، رفعت وجهها تنظر إليه تقطب جبينها ليحمحم مرتبكا ينظر للتصميم أمامه ، ابتسمت هي يائسة تنظر لساعة يدها لتشهق تغمغم سريعا :

- يا نهار أبيض الوقت سرقنا ، دا أنا قولت لماما من أكتر من نص ساعة أننا خارجين دلوقتي ويستنونا على العشا ، يلا بسرعة 

وبدأت تلملم أغراضها سريعا ليضحك هو بخفة يساعدها على ضب أوراقها وأوراقه معها ، التفتت إليه تغمغم سريعا :

- حسين أنا هكلم ماما على ما تخلص ما تتأخرش

ابتسم لها يومأ برأسه ، صدق من قال رب ضارة نافعة .. في حين خرجت هي من غرفة المكتب وقفت بالخارج تحادث والدتها ، ما أن انتهت من المكالمة وجدت زين يقف أمامها يبتسم متوترا قبل أن يتنهد بعمق يعتذر منها :

- حاسس إني سبب غير مباشر في اللي حصل ، أنا آسف بجد على اللي حصل 

نظرت چوري له متعجبة ما بال ذلك الشاب المتوتر يحمل نفسه الذنب ، يعتذر لأجل خطاء لم يفعل من الأساس ، ابتسمت تغمغم سريعا :

- ايه اللي أنت بتقوله دا يا باشمهندس ، أنت مالكش ذنب طبعا ، لا من قريب ولا من بعيد 

ابتسم لها متوترا كعادتها قبل أن يحمحم مرتبكا يتلعثم قائلا :

- هو أنا ، لو مش هضايقك طبعا ، لو مش موافقة عادي والله ، لو هضايقك بلاش ، هو أنا يعني ينفع اخد رقمك ، مش قصدي والله حاجة أنا 


قاطعته چوري تردف ضاحكة :

- في اي يا باشمهندس خده عادي ، رقمي اصلا مع الشركة كلها ، أنا اصلا ما بردش على الموبايل ، هات موبايلك اكتبهولك 

ابتسم زين سعيدا يخرج هاتفه يعطيه لها ؛ لتسجل رقمها على هاتفه في تلك اللحظة تحديدا خرج حسين من المكتب ورأى المشهد كاملا تقف بالقرب منه تضحك ، تُمسك هاتف ما بالطبع هو هاتفه والرقم الذي رآها تدونه بالطبع هو رقمها الذي يحفظه عن ظهر قلب ، اعتصر قبضته غضبا ذلك الأحمق الذي جاء قبل يومين فقط يظن أن بإمكانه سرقتها منه بتلك البساطة ، توجه صوبهم حمحم ينظر صوب زين يحدجه بنظرة حادة يغمغم مبتسما من بين أسنانه :

- ايه يا باشمهندس زين ، مش وراك شغل ، وقت الشغل حضرتك ما تطلعش من مكتبك إلا لو احتجت الحمام غير كدة لاء ، اتفضل على مكتبك 

حمحم زين متوترا أخذ الهاتف من چوري يبتسم لها مرتبكا :

- عن إذنك يا آنسة چوري ، أنا آسف يا باشمهندس عن إذن حضرتك 

وتحرك يبتعد عنهم إلى مكتبه لتنظر چوري إليه حانقة :

- على فكرة ما ينفعش كدة أنت احرجته وهو لسه جديد ، يلا عشان اتأخرنا والكل مستنينا على العشا 

وتحركت تسبقه للخارج رآها تتوجه صوب 

سيارتها تجلس على المقعد الخلفي ليتحرك السائق بالسيارة ليزفر حانقا لولا ذلك الأحمق لما كانا تشاجرا ، توجه إلى سيارته سريعا هو الآخر يلحق بها 

______________

على صعيد آخر في المستشفى الخاصة بجاسر مهران ، وقف الممرضون والأطباء في ذلك الممر أمام غرفة المريض يسمعون صيحات عالية تأتي من الداخل ، أقترب ياسر منهم قطب جبينه يغمغم متعجبا :

- هو في اي انتوا واقفين كدة ليه 

في اللحظة التالية سمع صوت جاسر ولده يصيح بعلو صوته :

- جووووووون مش قولتلك ميسي دا عالمي يا ابني

توسعت عيني ياسر في ذهول ليتحرك إلى الغرفة فتح بابها ليجد جاسر يجلس جوار سامر على فراشه يتابعان إحدى مباريات كرة القدم ، جاسر يشجع بحماس أما سامر فكان فقط يجلس يتابع بعينيه ما يعرض أمامه في هدوء أشبه بالخمول ، حمحم ياسر يجذب انتباه جاسر يحادثه :

- جاسر عايزك دقايق لو سمحت

اومأ جاسر له ليرفع يده يربت على كتف سامر يغمغم مبتسما :

- هشوفك بكرة يا أبو الأسمار 

وتحرك يغادر في حين يقف ياسر ينظر لما يفعل مدهوشا ، جذب جاسر باب الغرفة يوصده بالمفتاح من الخارج كما كانت ليتحرك خلف أبيه إلى مكتبه ، ارتمى على الأريكة ما أن دخل يغمض عينيه ليغمغم ياسر ساخرا :

- من امتى وأنت بتحب الكورة وبتشجعها بحماس أوي كدة

فتح جاسر عينيه وابتسم ليعتدل في جلسته قليلا يضطج إلى ظهر الأريكة يغمغم ضاحكا :

- ولا بطيقها والله لسه ، بس الملف اللي ادتهولي عرفت منه إن سامر بيحب الكورة جدا وخصوصا ميسي بعد بحث بسيط على جوجل عرفت أن في ماتش النهاردة للفريق بتاعه أنا حتى ما أعرفش اسمه ايه ، بس بحكم الشغلانة أنا عارف مصطلحات كتير في الملعب ، تسلل هجمة مرتدة ، ضربة جزاء ، إلى آخره


ضحك ياسر ليجذب له مقعده يجلس أمام جاسر يغمغم ساخرا :

- وبعد ما عملت فيها فهد العتيبي اتوصلت لايه يا چينيس عصرك وزمانك 

ضحك جاسر ليتحرك من مكانه صوب المبرد الصغير في غرفته فتحه يخرج زجاجتي عصير برتقال عاد لأبيه يمد يده له بواحدة ليفتح غطاء الأخرى ارتمى بجسده إلى الأريكة من جديد يغمغم :

- ما هي المشكلة يا دكتور ياسر أنكوا بتستخدموا أسلوب النصح والوعظ بتاع الآباء أكتر في العلاج النفسي ، يعني ومع كامل احترامي طبعا ليك ، لما تفضل تقوله يا إبني والدتك ما ماتش بسببك ، يا ابني ما تعملش في نفسك ، لازم تقبل على الحياة لازم ولازم ولازم ولازم ، كل دا كلام نظري مستحيل يطبقه مريض اكتئاب عايز حد يمسك بأيده ويطبقله هو الكلام دا


رفع جاسر يده يشير إلى رأسه يغمغم ساخرا:

- المشكلة كلها في الأعمى اللي جوا عمره ما شاف الدنيا ، بس يقدر يخليهالك جنة ويقدر يخلي الجنة في عينيك جحيم ، عشان كدة لازم تلهيه وتشتته هيزرع فيه فكرة سلبية أزرع قصادها واحدة إيجابية ، سامر بيحب الكورة رغم أنه يبان مش متفاعل بس أنا كنت براقب كويس ايديه اللي بتتضم مع كل جون بيضيع.، رجليه اللي بيهزها مع كل ضربة جزاء ، عينيه اللي وسعت لما ميسي جاب جون ، أنت عرفت أجذب انتباه الأعمى اللي جوا دا 

لم يجد ياسر ما يفعله سوى أنه رفع يده يصفق لولده معجبا بطريقة تفكيره :

- لاء لعيب صحيح ، ليك حق توصل بالسرعة دي واسمك يتشهر ، ياريت البت أريج والله تتخصص في نفس المجال هي كمان وتبقي تحت تدريبك 

بصق جاسر العصير من فمه يغمغم منفعلا :

- بعد الشر ما تقولش كدة ، دي هتجبلي السكر ، دي بتقعد ساعة تدور على الشراب ، وفوضوية ونيلة وأنت مدلعها أوي يا بابا 


ضحك ياسر أريج الصغيرة لها كامل الحق في أن تتدلل يكفي أن نرمين تخاف عليها حد الذعر من أن يتكرر ما حدث لها معها :

- يا عم الصغيرة لازم تتدلع وبعدين أمك قافلة عليها ماية ونور خايفة أحسن ، 

وصمت مرتبكا ليردف سريعا يُعدل ما كان سيقول :

 - قصدي يعني عشان صغيرة وهبلة 

فهم جاسر ما لم يقل والده ، والدته لا تزال آثار الماضي عالقة داخل وعيها تخاف على ابنتها من شبح الماضي الذي لم يتوقف عن مطاردتها ، ابتسم وكأنه لم يفهم شيئا ، ويديه تتجه صوب هاتفه اليوم ستبدأ أولى جلسات علاجه النفسي مع الحية حفيدة الثعبان 

____________

على صعيد آخر في منزل علي وإيمان 

تمددت ليان على الأريكة تبتسم ببلاهة كلما تذكرت ما حدث بينها وبين جواد ، وماذا حدث تحديدا لا شئ إطلاقا ظل صامتا طوال الطريق وهي تختلس النظرات إليه ، حتى وصلا إلى منزلها فأوقف سيارته التفت لها ابتسم مجاملا :

- وصلنا ، بكرة ما تتأخريش ماشي

وابتسمت هي له سعيدة تومأ برأسها سريعا بلا توقف كطالبة بلهاء تُحب مدرس الرياضيات الوسيم ... ومن ثم نزلت من السيارة تصعد إلى منزلها

فتحت هاتفها تنظر لصور جواد الكثيرة التي اخذتها من على صفحته الشخصية على صفحات التواصل الاجتماعي تحتفظ بهم في قلبها قبل هاتفها ، تبتسم سعيدة ...قبل أن تتأفف حانقة حين خرجت مرام خطيبة شريف من غرفته تحمل الكاب الميري الخاص بشقيقها تلتقط معه عدة صور ، نظرت مرام صوبها تغمغم سريعا:

- ليان ما تعرفيش مسدس شريف فين ، عايزة أتصور معاه قبل ما يجي عشان هو ما بيرضاش يدهولي 

تأففت ليان حانقة تحرك رأسها للجانبين رسمت ابتسامة صفراء على شفتيها تردف :

- لاء ما أعرفش يا ليان ، شريف ما بيعرفش حد مكان مسدسه عشان دا عهدة وهو قالك الكلام دا قبل كدة حتى الرصاص اللي فيه عهدة 


تأففت مرام حانقة تقلب عينيها لتبتسم لليان تغمغم بلامبلاة :

-طيب خلاص مش مشكلة ، أنا هروح اتصور مع البدلة 

وتركتها ودخلت من جديد لغرفة شريف لتزفر ليان حانقة تلك المتصنعة تكرهها لا تعرف حتى لما يحب شريف ، تشك إن مرام تحبه من الأساس ، مرام لا تهتم سوى بزيادة أعداد المتابعين على صفحاتها الخاصة لتصبح كما يُقال الآن ( بلوجر ) شهيرة ، الفكرة أكلت رأس مرام بالكامل 

أما في الأسفل وقفت سيارة شريف لينظر لتلك الجالسة جواره تبدو متعبة بالكاد تفتح مقلتيها ، أوقف سيارته نظر إليها يغمغم سريعا :

- أنا دقيقة وجاي مش هتأخر عليكِ

فتح باب سيارته خرج منها يغلق السيارة صعد السلالم لأعلى لسوء حظه المصعد معطل ، دق جرس الباب لتهب ليان تفتح له الباب ، ابتسمت ما أن رأته تغمغم سريعا :

- شريف أخيرا جيت ، تعالا شوف خطيبتك ناقص تتصور مع حيطان أوضتك

ابتسم ساخرا يومأ لها قبل أن يردف :

- ليان افتحي أوضة الضيوف واتأكدي أنها مفروشة ، وسيبي باب الشقة مفتوح أنا دقيقة وطالع 


قطبت جبينها متعجبة وقبل أن تسأله عما يحدث تركها ونزل لأسفل ... عاد لسيارته وقف خارجها ينظر لحالها يفكر مرتبكا كيف ستصعد السلم مع كل تلك الكسور التي بها ، تنهد بعمق يفتح باب السيارة المجاور لها يغمغم مرتبكا :

- أنا مش متحرش والله ، بس صدقيني الاسانسير بايظ وإحنا في السابع ومش هتعرفي تطلعي على رجلك كل دا 


توسعت عينيها هلعا تحرك رأسها للجانبين جين فهمت ما سيفعل ولكنه لم يبالي انحنى بجذعه يحملها بين ذراعيه ، لتنتفض بين ذراعيه مذعورة ليغمغم هو متعبا :

- الله يرضى عنك زقي معايا اليوم اللي مش عايز يخلص دا ، وبطلي فرك أنا لسه هطلع بيكي السابع 

صمتت محرجة في حين دفع هو باب السيارة بساقه لينغلق وتحرك يصعد بها لأعلى يحاول تنظيم أنفاسه ، حمل أثقال وصعد بها لقمة جبل عدة مرات ، وتلك الفتاة الهزيلة لن يكن صعب عليه حملها ... أما هي فكانت في وضع لا تُحسد عليه تشعر بالخجل والخوف والندم في آن واحد ... أخيرا وصل بها إلى الطابق السابع وجد باب الشقة مفتوح ليدلف بها إلى الداخل توسعت عيني ليان ما أن رأتهم ، لا تفهم لما يحمل شقيقها فتاة شقراء جميلة كالعروس بين يديه ، فغرت فاهها في حين تحرك شريف صوب الداخل ما كاد يصل لغرفة الضيوف سمع شهقة عالية نظر لصاحبتها ليجد مرام تنظر إليه مصعوقة سقط الهاتف من يدها تنظر له مذهولة أما هو فابتسم ساخرا ، دخل إلى الغرفة من الجيد أن ليان تركت بابها مفتوحا .. برفق وضع نور على الفراش يجذب عليها الغطاء في تلك اللحظة دخلت مرام كالعاصفة إلى الغرفة تصرخ بعلو صوتها :

- أنت بتخوني يا شريف ، وكمان جايبها البيت ، مين دي بقى واحدة زبالة لقيتها في الشارع 

توسعت حدقتي نور ألما قبل أن تهبط منها الدموع ، في حين قبض شريف على ذراع مرام يصرخ فيها بعلو صوته :

- لسانك يا مرام ، دي أخت صاحبي وزي ما انتي شايفة يا عامية عاملة حادثة واخوها مسافر مأمورية ما كنش عارف هيسيبها مع مين ، أنا جايبها هنا عشان تبقى مع والدتي وليان ، اتفضلي اعتذرليها حالا على القرف اللي قولتيه دا 

حمحمت مرام مرتبكة وفكرة الاعتذار تهينها ولكن أمام نظرة شريف الحادة لم تجد سوى أنها ابتسمت لها باصفرار تردف على مضض :

- أنا آسفة 

اومأت نور لها مرتبكة دون رد ، لتشتاط مرام غيظا الحمقاء لم ترد عليها ، هل لأنها جميلة للغاية لم ترد ، أشارت إليها نظرت صوب شريف تغمغم حانقة :

- شايف ما بتردش عليا إزاي مع اني اعتذرلتها 


تأفف شريف حانقا لم يرد أن يقل أنها خرساء حتى لا يجرح مشاعرها فتولت نور المهمة بدلا عنه كانت لا تزال تحتفظ بالقلم ودفتر الأوراق ، لتخط على أحد الأوراق شيئا ومن ثم ترفعه صوب مرام ( أنا آسفة عشان ما ردتش عليكي ، بس أنا خارسة ، ما بعرفش اتكلم ) 

وكم وجدتها مرام فرصة جميلة لزيادة عدد المتابعين ، سريعا كانت تلتقط صورة لنور ترفعها على صفحتها تكتب تحتها 

( شريف حبيبي ، بيعطف على بنت خرسا ) 

هنا اتسعت حدقتي شريف غضبا حين قرأ ما كتبت ليأخذ الهاتف من يدها بعنف يلقيه في عرض الحائط لتصرخ فيه تسبه :

- يا حيوان إنت عملت ايه

لم يتمالك أعصابه خاصة بعد ما فعلت ليرفع يده يصفعها غاضبا !!

.


صمت مطبق طفق على المكان عقب ما حدث ، نظرت مرام صوب شريف مصعوقة تضع يدها على خدها لا تصدق أنه فعل ذلك ،كيف يفعلها احتقنت عينيها بالدموع لتمد يدها تخلع خاتم خطبتهم بعنف ألقته على وجهه لتهرع إلى الخارج تجذب حقيبتها تخرج من المنزل مسرعة ، وقف هو مكانه ينظر لكف يده لا يصدق ما فعل ، كيف رفع يده وصفعها ، أليست تلك الفتاة التي يحب بل يعشق وكان يطير فرحا حين وافقت على خطبتهم ، نظر صوب نور ليراها تنظر إليه منكمشة خائفة .... رائع يا شريف الآن أصبحت الشرير الذي يخشى منه الجميع ، التفت ينظر صوب باب الغرفة ليرى شقيقته تنظر إليه مرتبكة متوترة يبدو أنها رأت ما حدث ، تنهد متعبا ليقترب من شقيقته يغمغم يحادثها :

- ليان خليكي جنب نور ، هي تعبانة أوي ولو سمحتي هاتيلها هدوم من هدومك 

اومأت له شقيقته ليخرج من الغرفة ، دخل إلى غرفته ارتمى على فراشه يخفي وجهه بين كفيه يتنهد متعبا نادما ، رفع كفيه عن وجهه لا يصدق ما فعل نظر لدبلة خطبتهم التي تحاوط إصبعه يتذكر سعادته يوم خطبتهم ، تلك السعادة التي بدأت تتلاشى شيئا فشئ مع هوس مرام الشديد لأن تصبح إحدى مشاهير مواقع التواصل الإجتماعي حتى باتت تستخدم حبهم وعلاقتهم لتزيد من عدد متابعينها ، أغمض عينيه لا يعرف ما سيفعل !

______________

عودة لمنزل جاسر مهران 

الجميع على طاولة الطعام ، حتى رعد بعد إلحاح من والدته نزل ليتناول الطعام معهم ، على الرغم من العدد الكبير الموجود حول الطاولة إلا أن الجميع صامت يفكر ، كلُ يغرق في بحره الخاص ، رعد لازال ذلك المشهد الذي رآها فيه يرفض الخروج من رأسه ، يدور في محور عقله آلاف الأسئلة ، أما جواره فجلس يوسف شاردا يفكر في وليد صديقه ترى ماذا حدث له ، يعرف أن والد وليد شخص قاسي عنيف ، هل ترى عنفه لأجل ما هو فيه .. وجواره يجلس مراد يحاول اختلاس النظر لمريم التي تجلس على الاتجاه الآخر تضع وجهها في طبقها تتخاشى النظر إليه ، لا يفهم لما لم تتقبل كلماته ، لما تظنه يسخر منها .. مريم تعرضت للكثير والكثير من التنمر فيما مضى حتى باتت لا تملك أدنى ثقة في نفسها ، أما حال شقيقه لم يختلف كثيرا عن حاله ، يحاول النظر لچوري التي لم تعيره انتباها منذ أن خرجوا من المكتب بسبب ذلك الأحمق زين ، بعد أن تقدم صوبها خطوة واحدة أعاده هو خطوتين وثلاثة للخلف ... أما الصغيرين ياسين وسليم انكبا على الطعام يأكلان بنهم يلوثان أيديهم ووجوهم بالطعام ، نظرت رؤى للصمت السائد حولها لتحمحم تردف متعجبة :

- مالكوا قاعدين ساكتين ليه دا ، حتى مراد ما بينكافش جاسر زي عادته يعني 

رفع مراد وجهه ينظر إليهم يزيف ضحكة كبيرة قبل أن يردف حانقا :

-البركة في ابنك ساحلني في المذاكرة كل ما أقوله يا ابني كفاية تعالا ناخد بريك يقولي لاء ذاااكر يا مراد عشان ننجح مش فاهم هيدخل طب لوحده يعني ولا إيه 

ضحكوا جميعا ليرفع حسين يده يصدم مراد على رأسه يردف ساخرا :

-وأنت ما بتذاكرش ليه يا زفت ، أنت عارف لو دبلرت السنة دي بابا هيعمل فيك ايه ، هيعلق راسك على باب زويلة 

توسعت عيني مراد فزعا ليرفع يده يضعها على رقبته يبتلع لعابه مرتبكا ليضحك الجميع عليه ، عدا رعد الذي وقف فجاءة يعتذر منهم يتوجه إلى غرفته ، نظر الجميع إليه في عجب ، في حين تأوهت چوري متألمة تطقطق عظام رقبتها تشعر بالألم :

- رقبتي وجعاني أوي ، 48 ساعة قليلين أوي على تصميم الواجهة 

حرك حسين رأسه موافقا لينظر جاسر إلى طفلته مشفقا على حالها ، ليمد يده في جيب سترته أخرج هاتفه يطلب رقم عاصم انتظر بضع لحظات قبل أن يغمغم مبتسما:

- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، من غير رغي يا أبو العواصم ، 48 ساعة قليلين أوي على العيال ... اديهم أسبوع عشاني وما تقلقش أنا ضامنك عند الشركة اللي هتوقع معاهم 


صمت بضع لحظات يستمع إلى الطرف الآخر قبل أن تتسع ابتسامته يغمغم ضاحكا :

- وأنت تقدر تقول لاء ياض ولا ايه ، مش كفاية الواد ابنك اللي لاجئ عندي من ساعة ما خلفته

ماشي يا أبو نسب في رعاية الله مع ألف سلامة 

أغلق الخط لينظر صوب چوري يغمغم مبتسما:

-اديني كلمت خالك عاصم ومعاكوا أسبوع بحاله ، اطلعي ارتاحي بعد العشا ، أنتِ شكلك تعبتي أوي النهاردة 

ضحكت چوري سعيدة لتهب من مكانها تعانق والدها ، لينظر حسين لهم مبتسما وبداخله سعادة تجعل قلبه يرقص فرحا لن يقضي معها يومين فقط بل سبعة أيام 

في الأعلى نظر رعد لهاتفه ليجد رسالة من رقمها أرسلتها له ( رعد ممكن ترد عليا ، على فكرة أنت فاهم غلط ) 

جعد ما بين حاجبيه ليطلب رقمها هو ، رفع الهاتف إلى أذنه ليسمع صوته يدق مرة بعد أخرى ولا مجيب ، ابتسم ساخرا يلقي الهاتف على الفراش ليدخل إلى مرحاض غرفته

_____________

هناك في الملهي الليلي حيث تعمل وتر ، تمايل خصرها باحترافية شديدة تكرهها على إيقاع الأغنية النقود تنهال عليها كالسيول ، تنظر لوجوه السكارى والمخمورين أمامها مشمئزة منهم ، أقترب أحد الرجال منها يحاول التحرش بها ليسرع أحد الحراس بإبعاده عنها ، انهت رقصتها سريعا نزلت من المسرح لتجد إحدى الفتيات التي يعملن هنا تمد يدها لها بمئزر أسود اللون ارتدته سريعا تستر جسدها العاري ،  

تحركت لتعود لغرفتها لتجد مهاب يسرع خلفها قبض على رسغ يدها يغمغم سريعا :

- استني يا راقصة مصر الأولى ، يا وش السعد ، دا في خير كتير جايلك مستنيكي في ال VIP وما تقلقيش دا مش هيطلب منك حاجة ، أنا هطلع معاكي وهحضر القاعدة كلها 

نزعت يدها من يده تنظر له متقززة ، ليبتسم هو تحرك أمامها إلى الطابق العلوي فتح باب غرفة خاصة لتجد هناك رجل تعرفه ربما ، رأته عدة مرات على شاشة التلفاز ... أشار مهاب لها لتدخل ليدلف خلفها يعرفها بالزائر :

- المخرج حمدي الدرويش ، المخرج المعروف أكيد تعرفيه 

اومأت برأسها ليقف الرجل يصافحها بلباقة يقبل كف يدها ، على الرغم من طريقته اللبقة إلا أن النظرة الخبيثة التي رأتها في عينيه لا تختلف كثيرا عن نظرات الجميع ، الجميع عدا رعد !

تنهدت حين تذكرت رعد لتخرج هاتفها من جيب المئزر توسعت حدقتيهل حين وجدت رقم رعد اتصل بها ، هبت واقفة سريعا تستأذن منهم خرجت من الغرفة تقف خارجا تحاول الاتصال إلى أن أجاب اخيرا لتبادر قائلة :

- رعد اخيرا رديت من الصبح بحاول اتصل بيك ما بتردش عليا ، رعد على فكرة بقى مش من حقك تحكم وتزعل من غير ما تفهم ، أما عارفة أن أنا قولتلك تعبانة ومش هقدر اخرج ، بس كان خطوبة صاحبتي وأنا كنت ناسية ونزلت متأخر جداا لاني ما كنتش عاوزة أروح وهي اللي فضلت تتحايل عليا ، وقولت استغل الوقت واحط ميكب في التاكسي ، أنت شوفتني وقتها وزعلت ومشيت وما عرفتش افتكرت ايه ، بس على فكرة بقى أنا اللي زعلانة ، سلام يا رعد

وأغلقت الخط لتتنفس الصعداء ، من الجيد أن علقها نسج تلك الكذبة ، انتفضت حين شعرت بالهاتف يدق في يدها ورأت رقم رعد انتظرت عدة لحظات قبل أن تفتح الخط تغمغم بنبرة غاضبة :

- نعم يا رعد ، عاوز ايه 

سمعته يتنهد بعمق قبل أن يردف يعتذر منها :

- طرب أنا آسف ، أنا بجد آسف 

أغمضت عينيها ينقبض قلبها ألما ،رعد الطيب انطلت عليه كذبتها ببساطة وها هو يعتذر ، حمحمت تفتح عينيها تغمغم بنزق :

- لاء على فكرة بقى أنا مش مسمحاك لو ما خدتنيش بكرة ودتني دريم بارك عشان نفسي اروحها أوي 

ضحك عاليا المجنونة تتصرف كطفلة صغيرة غاضبة :

-عيوني يا آنسة طرب ، بكرة من بدري هاخدك ونروح ، بكرة الجمعة وما عنديش شغل 

وافق كما توقعت أنه سيفعل ارتعشت ابتسامتها تحاول الا تبكي ، أغلقت معه الخط لتغمض عينيها ما أن فعلت انسابت دموعها ، شعرت بيد توضع فوق كتفها ، نظرت للفاعل لتجد إيهاب ينظر إليها يبتسم :

- ايه يا طرب بتعيطي ولا ايه يلا يا حبيبتى المخرج مستنيكي من بدري 

نفضت يده عن كتفها تنظر له باشمئزاز لتتحرك أمامه عادا الى الغرفة جلست أمامه ليبتسم لها يبدأ في الحديث مباشرة :

- بصي يا فنانة من غير لف ولا دوران ، أنا عندي ليكي عرض ما يتفوتش ، هخليكي نجمة في فيلمي الجديد والأجر اللي تطلبيه قولتي ايه 

رفعت حاجبها الأيسر ساخرة لتكتف ذراعيها أمامها تغمغم مستهنجة :

- ويا ترى الدور دا ، دور ايه بالظبط 

ضحك الرجل الجالس يردف ساخرا:

- أنتِ رقاصة هتاخدك تعملي دور دكتورة مثلا ، رقاصة بردوا 

شعرت بالإهانة مما قال لتهب واقفة ضربت بيدها سطح المكتب تغمغم محتدة :

- خليهولك الدور دا ، وهبقى بدل الرقص من عندي هدية يمكن تيجي على مقاسك

تحركت للخارج غاضبة لتسمع يهمس حانقا :

- هو أنا مش قايلك ما تجبلهاش الموضوع خبط لزق كدة دي بنت الحسب والنسب 

ابتسمت تسخر من حالها إبنة الحسب والنسب وصل بها الحال لهنا !

_________________

أما هناك في منزل ياسر فالهدوء يعم على سكان المنزل في غرفة جاسر اضجع بظهره إلى عارضة فراشه الكبيرة يحرك أصابعه على سطح شاشة هاتفه يفتح المحادثة بينه وبين مليكة تلك الحمقاء بالطبع تنتظر أولى جلساتهم على أحر من الجمر ، أرسل لها ( مساء الخير يا آنسة مليكة ،مستعدة للجلسة )

والعجيب في الأمر أنها رأت رسالته ولم ترد 

قطب جبينه مستنكرا ما فعلت ليرسل لها ( آنسة مليكة إنتِ موجودة ؟ )

ومن جديد رأت الرسالة ولم ترد ، احتدت حدقتيه يشعر بالغضب الشديد الحمقاء هل تتحداه ، وقبل أن يفعل شيئا وجدها أرسلت رسالة صوتية له ، فتح الرسالة يستمع إلى ما أرسلت  ( مساء الخير يا دكتور جاسر ، أنا آسفة إني ازعجتك الفترة اللي فاتت وخدت من وقتك ، بس أنا مش مريضة نفسية ومش محتاجة جلسات علاج من حضرتك ، حقيقي أنا متشكرة لمساعدتك وحضرتك تقدر تقدمها لحد تاني محتاجها ، تصبح على خير)

احتقنت عينيه يقبض على هاتفه يشعر بالغضب ، غضب كلمة قليلة عما يشعر به الآن ، الحية تتلاعب به ، سيريها ما سيفعل هو 

هب واقفا يتنفس بعنف يحرك أصابعه في خصلات شعره غاضبا ، يتوعدها بالكثير .. فشلت أولى مخططاته لا يهم لديه الكثير والكثير ، أمسك هاتفه يرسل إليها ( ولا يهمك يا آنسة مليكة دا شئ يبسطني أنك تكوني كويسة  ، مبسوط إني اتعرفت عليكي .. تصبحي على خير)

قالها ليدفع الهاتف بعنف إلى الحائط يتنفس غاضبا 

في الغرفة المجاورة له ، غرفة شقيقته الصغرى لم يكن الوضع أفضل حالا ، على فراشها كانت تجلس تعبث في هاتفها هي الأخرى تقلب بين مقاطع الفيديو المختلفة إلى أن أرسلت إليها رسالة ( وحشتيني يا أريج ) 

ابتسمت سعيدة لتفتح الرسائل سريعا تكتب متلهفة :

-وأنت كمان وحشتني أوي يا توفي 

أرسل لها وجه يضحك قبل أن يكتب لها 

( يا بنتي يخربيت دا دلع مهبب ، بس بجد أنتِ وحشتيني بقالي أكتر من سنة ما شوفتكيش )

اعتدلت في جلستها تنظر حولها حَذِرة قبل ان ترسل له 

( مش ناوي تنزل مصر بقى )

مرت عدة دقائق قبل أن يرسل لها 

( معلش يا حبيبتي حد من الولاد صحي كنت بشوفه ، قريب يا حبيبتي هنزل ، تحبي اجبلك ايه وأنا جاي)

ابتسمت سعيدة سيأتي قريبا إذا أرسلت له 

( لاء مش عاوزة حاجة غيرك ، المهم تيجي بسرعة ، اخبار سما ايه )

أرسل لها بعد لحظات 

( نايمة يا حبيبتي الولاد مغلبينها طول النهار )


ابتلعت لعابها تتنهد قلقة قبل أن تعاود الإرسال له 

( مصطفى ، سما أختي وأنا مش عاوزة اجرحها بأي شكل .. أنت قايلي أن ما فيش بينكوا تفاهم ومتفقين على الطلاق )

وأسرع هو يرسل لها يطمئنها 

( يا حبيبة قلبي هو أنا هضحك عليكي يعني ، أنتي عارفة أنا بحبك إزاي ، المهم خلي بالك من نفسك وأنا قريب جدااا هتلاقيني قدامك ، تصبحي على خير يا قلبي)

ابتسمت متوترة ترسل له ( وأنت من أهل الخير يا حبيبي) 

أغلقت المحادثة بينهما تلقي الهاتف جوارها تخفي وجهها بين كفيها تنهدت بعمق ، تعلم أن ما يحدث خاطئ ولكنها لا تستطيع السيطرة عليه ! ، كيف تكن المشاعر لزوج شقيقتها ولكن أليس هو من ابتدأ واعترف بتلك المشاعر !!

_____________

في منزل روان وعمرو في غرفة ابنتهم مرام ، أخذت روان ابنتها بين أحضانها تنظر لزوجها غاضبة تغمغم محتدة :

- عاجبك كدة يا عمرو ابن اختك يضرب البنت بالقلم ، الخطوبة دي مش هتكمل وحق بنتي لازم يجي 

اومأ لها عمرو موافقا غاضبا هو الآخر مهما حدث ستظل روان هي الصغيرة المدللة لدى الجميع ، ومهما حدث شريف لا يملك الحق في صفعها ، التقط هاتفه يتصل برقم علي ما أن أجاب الأخير صرخ عمرو فيه :

- ينفع اللي ابنك عمله دا يا علي يضرب بنتي بالقلم هي حيوانة عشان يضربها 

بادر علي يغمغم سريعا يحاول تهدئته:

- حقك والله حقك ، وأنا جايبه وجايلك في السكة ، قدامنا عشر دقايق ونكون عندكوا 

هناك على صعيد قريب في سيارة علي التي يقودها شريف ، أغلق علي الخط مع عمرو ينظر لولده متضايقا قبل أن يعاتبه للمرة الألف تقريبا:

- أنا بجد مش قادر أصدق أنك أنت اللي عملت كدة ، في ألف حل غير أنك تضربها من امتي ودراعك سابقك 


تنهد شريف ضجرا ألن تتوقف دروس الأخلاق تلك ، هو يعلم جيدا أنه اخطئ وليس لديه أدنى حق في فعل ما فعل ولكن مرام تمادت كثيرا بما فعلت زفرت أنفاسه بعنف يغمغم حانقا :

- يا بابا أنا عارف إني غلطت ، بس هي السبب .. شتمت نور ودي أخت صاحبي وأنا مش جايبها تتهان في بيتي .. ولما عرفت هي مين راحت مصورها ومنزلة صورتها على الزفت وكاتبة أن أنا بعطف على بنت خرسا ، بذمتك دا ينفع هي كدة بتهين البنت ، أنا اتعصبت وخدت الموبايل ورميته من اللي عملته راحت شتماني ما حستش بنفسي غير وأنا بضربها بالقلم ، أنا تعبت كل حركة بتحصل في حياتنا بتصورها وتنزلها على النت عشان تلم متابعين 

تنهد علي حائرا شريف محق في غضبه ، مرام تخطت جميع الحدود بما تفعل ، ولكن مع ذلك شريف لا يملك الحق أبدا في صفعها التفت علي إلى ولده يحادثه :

- شريف انتوا لسه على البر ولو في كل مرة هتتعصب هتضرب مراتك ، فأنا اللي هفركش الجوازة إنت مش واخد بنات الناس تبهدلها ، لازم هيحصل مشاكل وبعدين ما تنساش أن مرام اصلا مدلعة ، المشكلة اتحلت لما ضربتها ولا كبرت أكتر ، المنطقي أنك تقعد معاها وتتكلموت وتفهمها وأنا هخلي عمرو يكلمها على موضوع النت دا ، لما نروح هناك تعتذر لخطيبتك ، ومش عايز عصبية 


تنهد شريف يومأ برأسه وقفت السيارة أمام منزل عمرو لينزلا منها ، دق شريف الباب ليفتح له جواد ابتسم ساخرا يغمغم متهكما :

- اوعى تكون جاي تعتذر ، مش دي أختي قسما بالله تستاهل بدل القلم ألف دي عيلة مستفزة 


جواد وبعدين !! صاح بها عمرو محتدا ليبتسم جواد ساخرا يفسح لهم الطريق ، توجه علي أولا يصافح عمرو ، لينظر الأخير صوب شريف محتدا ، في اللحظة التالية سمعا صوت مرام تنزل على السلم تصيح محتدة :

- هو ايه اللي جابه اطلع برة ، طلعوه برة 

نزلت مرام إلى أسفل تنظر إلى شريف عينيها حمراء منتفخة من البكاء ابتلع شريف لعابه مرتبكا ينظر لها نادما لترفع مرام يدها أشارت إلى باب المنزل انهمرت دموعها تصرخ فيه :

- اطلع برة يا شريف ، أنا مش عاوزة اشوفك خلاص كل اللي بينا خلص 

شعرت بغصة تضرب في قلبه حين رآها بذلك الحال ، صحيح أنه لا يحب أفعال مرام ولكنه يحبها هي ،  لا يعرف كيف سمح له قلبه بفعل ذلك ، أقترب منها خطوتين يغمغم نادما :

-مرام أنا آسف بجد آسف ، أنا بجد ما كنش قصدي بس أنتِ زودتيها يا مرام تصورتي البنت وتنزليها أنتِ كدة اهنتيها ، يا مرام مش منطقي أن حياتنا كلها تبقى مشاع كدة على الفيس والانستا عشان تلمي فولورز 

أشاحت بوجهها بعيدا عنه ، أنزلت يدها تكتف ذراعيها أمامها تغمغم ساخرة :

- ايوة طبعا اتعصبت وضربتني عشان خاطر الست الهانم الخرسا خليها تنفعك ، خلاص علاقتنا انتهت 

جعد شريف جبينه متضايقا لما يجب أن تشمت بفتاة لم تختار أن تكن خرساء وتعايرها أيضا لم يحب ذلك إطلاقا ... كاد أن يقول شيئا حين سمع جواد يحادثها محتدا :

- ما تعشيش في الدور يا مرام ، أنا وأنتِ عارفين أنك قليلة الأدب ومستفزة ومش من حقك تهيني واحدة وتقولي عليها خارسة ، زي ما مش من حقك تصوري واحدة تعبانة وتكتبي فوقيها خطيبي بيعطف على بنت خرسة حركة رخيصة أوي ، وعلى فكرة أنا فتحت الإيميل بتاعك من اللاب توب وحذفت البوست دا 


احتقنت عيني مرام غضبا لتترك شريف وتتوجه صوب جواد تصرخ فيه :

- أنت إزاي تعمل كدة ، أنت اتجننت يا معقد ، أنا عارفة انك بتكرهني من زمان 

شعر جواد بالغضب الشديد أراد حقا صفعها ولم يتردد في فعل ذلك رفع يده وقبل أن يفعل أمسك شريف بيده سريعا يحادثه محتدا :

- جواد ، أنا جاي أصلح الدنيا تقوم تضربها أنت

أقترب عمرو من ولده يدفعه بعنف صوب السلم يصيح فيه بعلو صوته :

- اطلع أوضتك ويوم ما أيدك تتمد على اختك الصغيرة اقطعهالك 

نظر جواد لها مشمئزا حانقا ليتركهم ويصعد لغرفته غاضبا ، قابل في طريقه والدتهم لينظر لها كارها قبل أن يتجاوزها يكمل طريقه لغرفته ، أما عمرو فالتفت لابنته قبض على رسغ يدها يحادثها غاضبا :

- اياكي يا مرام تزعقي لأخوكي الكبير أو تقولي عليه معقد تاني ، واللي عملتيه دا قرف ، أنك تتاجري بمرض واحدة عشان توصلي للي أنتي عوزاه ، أنا مش متخيل أنك تعملي كدة ، أنا هاخد اللاب والتاب والكمبيوتر بما ان موبايلك اتكسر ، وهروح لاي مهندس كومبيوتر عندي في الشركة اخليه يقفلك الايملات دي كلها يا هانم 

توسعت عيني مرام ذعرا تحرك رأسها للجانبين بعنف ليردف عمرو محتدا :

- ويا تتعدلي يا مرام يا هربيكي من أول وجديد أنا بقالي مدة مطنش اللي بتعمليه بس لحد هنا وكفاية أوي ، يلا على أوضتك

انهمرت دموع مرام لتهرع إلى غرفتها راكضة ، في حين توجه عمرو إلى أحدي الطاولات التقط من عليها علبة حُلي أقترب من شريف يمد يده له بها يغمغم في هدوء :

-شبكتك ، بنتي أنا احاسبها لو غلطت مش من حقك تمد أيدك عليها ، لما تضربها في الخطوبة اومال بعد الجواز هتعمل ايه ، اتفضل الشبكة

نظر شريف لوالده يستنجد به ؛ ليحمحم علي مرتبكا يغمغم سريعا :

-اهدا بس يا عمرو ، شريف غلطان وهو جاي يعتذر وأنا أوعدك أن اللي حصل دا عمره ما هيتكرر تاني

التفت عمرو إلي علي ، ابتسم يردف بهدوء :

- هو فعلا مش هيتكرر تاني ، وعايز تعرف أن مجيك هنا على راسي يا علي ، بس صدقني إنت لو كنت مكاني هتعمل نفس اللي أنا بعمله ، أنا ما بقتش مأمن لبنتي مع ابنك 

تنهد علي حائرا ، لا يمكنه لوم عمرو ولكن ، وقبل أن يكن هناك لكن وجدوا جواد ينزل راكضا على سلم البيت وقبل أن يسأله أحد ما به كان يخرج من المنزل إلى سيارته يقودها بعنف يبتعد عن البيت ، بين الطرقات الفارغة يتوجه إلى مكتبه الخاص

قبل أن يصل لهناك وصل إليه إتصال من اماندا ، فتح الخط يضع سماعة أذنه ليسمعها تغمغم بنبرة ناعمة شديدة الإغراء :

- جواد فين أنت ، أنت وحشتني كتير ، تعالا نروح نتعشى

- لاء اجهزي وجهزي السهرة أنا جايلك 

سمعها تصيح فرحة ليغلق معها الخط يدير مقود السيارة لم يكمل طريقه إلى مكتبه بل إلى منزل اماندا ، أوقف السيارة أسفل منزلها لينزل منها ... صعد لأعلى يفتح باب منزلها بالمفتاح الذي معه ، ليراها تقف أمامه ترتدي ثوب للنوم يكاد لا يستر منها شيئا ، ابتسم دون اهتمام ليتوجه إلى الطاولة خلفها يلتقط منها كأس مشروب يشير لها بأطراف أصابعه لتضحك متغنجة تقترب منه تتمايل في كل خطوة

___________

في صباح يوم الجمعة يوم العطلة ، لما استيقظ باكرا هو من عادته أن يستيقظ باكرا وخاصة اليوم لأن لديه الكثير اليوم ، توجه إلى مرحاضه سريعا ليغتسل ويبدل ثيابه ، نظر لساعته ليجدها السابعة ، يوم الجمعة لا أحد في المنزل يستيقظ مبكرا ، خرج من غرفته ومن ثم من المنزل لم يأخذ السيارة بل أوقف سيارة أجرة ، في الطريق اتصل بها عدة مرات إلى أن سمع صوتها تجيب ناعسة :

- ايوة مين على الصبح

ضحك بخفة ليغمغم مشاكسا :

- صح النوم يا خُم النوم ، اصحي يلا عشان ننزل 

ويبدو أنها لم تتعرف عليه أو كانت نائمة فلم تنتبه لصوته لتغمغم حانقة :

- بقولك ايه يا مهاب الزفت أنت ، الدور دا تلبسه أنت وهبقى اجبلك البدلة من عندي 

قطب جبينه مستنكرا ما تقول عن أي دور تتحدث وبدلة ماذا ؟! :

- بدلة ودور ايه يا طرب ، أنتي بتتكلمي عن ايه يلا يا بنتي مش عايزة تروحي دريم


على الجانب الآخر ، توسعت حدقتيها حين أدركت أن من يحادثها هو رعد هبت جالسة تغمغم سريعا مرتبكة:

- رعد معلش أنا كنت بحلم شكلي أنا لما بكون نايمة بقول أي كلام ، ايوة طبعا عاوزة أروح ، هغير هدومي ونتقابل عند الكورنيش مكان ما متعودين نتقابل

اغلقت معه الخط تتنفس الصعداء ، لتجد رسالة تصل لهاتفها بعد لحظات ( برافو عليكي ، ما تنسيش تحطيله الجرعة التانية في اي حاجة وانتوا مع بعض وما تنسيش احنا عينينا عليكي ، اي غلطة أختك هتدقع التمن )

اعتصرت مقلتيها من الألم ما يحدث لها يفوق التحمل ، باتت تفكر مؤخرا في الانتحار علها تنتهي مما هي فيه ، مالت تقبل جبين شقيقتها ، توجهت صوب المرحاض تغتسل ، خرجت منه ترتدي ثيابها تجدل شعرها للخلف تخلت عن مساحيق التجميل التي باتت تلازمها كظلها ، خرجت من الغرفة لتجد زوجة أبيها تجلس في صالة المنزل ابتسمت ساخرة تكتف ذراعيها:

- مش من عادتك يعني يا توحة تصحي بدري ، ولا أنتي لسه جاية 

نظرت السيدة لها لتبتسم ساخرة خلعت حذائها ،  لتتأكد طرب من أنها وصلت توا ، اقتربت منها تغمغم ساخرة :

- أنتي رايحة فين بدري كدة عندك زبون بيصحى بدري ، وأنا هستنى ايه من رقاصة يعني 

احتقنت عيني طرب غضبا كم ودت ان تنقض على تلك الحية تبتر رأسها السام طحنت أسنانها تهمس لها :

- الرقاصة دي أشرف منك ألف مرة ، أنتِ السبب ، أنتِ اللي دمرتي حياتنا ، أمي ماتت ووالدي انتحر ، وأنا بشتغل رقاصة غصب عن عين أهلي بسبب وصل الأمانة اللي كتبته غصب عني ليكي 

اطلقت توحة ضحكة عالية لتقترب منها وضعت يدها على خصرها تتشدق ساخرة :

- ايوة أنا اللي عملت وعملت أكتر من كدة كمان ، مش أنتي اللي كنتي حاطة راسك في السما وطرب هانم راحت ، طرب هانم جت ، اديكي بقيتي حتة رقاصة رخيصة ، خدي بالك أنا لو عايزة مهاب يشغلك فتاة ليل ، هيعمل كدة غصب عن عينك ، أنا بس عاملة حساب لعضم التربة 


احتقنت عينيها بالدموع لتمعنها بصعوبة لن تضعف أمام تلك الحية أبداا ، أمسكت دموعها تنظر لها كارهة مشمئزة ، لتخرج من المنزل تصفع الباب بعنف ، ابتسمت توحة ساخرة لتخرج هاتفها تطلب رقم ما :

- ايوة يا حبيبي ، ايوة هي خرجت اهي ، أكيد رايحة تقابل ابن جاسر ... لازم تدمره يا عُدي لازم جاسر ورؤي يموتوا من قهرتهم على عيالهم ، لازم يدفعوا تمن اللي عملوا فيه ، هما وعاصم ، بس عاصم أنا اللي هحاسبه بنفسي 

انا بعتله مفاجأة عنده الشركة عمره ما هيصدقها أبدا ، أنا هدفعه تمن أنه طلقني وراح اتجوز ست حلم ، دي لسه حسابها معايا طويل ، طويل أوي 

الفصل الثامن من هنا

تعليقات



×