رواية حارة تايسون الفصل السابع
مـدت يدها سريعا لتلتقط الهاتف ، امسكته وهي لا تصدق نفسها انها وجدته اخيرا ، كان مغلقا ، عبثت بـه قليلا وقبل ان تضغط علي زر الفتح وجدت مَن يمسك يدها بتحكم ، نظرت لصاحب اليد التي كبلتها وجدت انه تايسـون
زاغت نظراتها بتوتر وهي تردف:-
_كنت .. كنت
اخذ الهاتف من بين يديها ببرود ثليجي ونطق بنفس البرود:-
_كنتي عايزة اية ؟
وعـد بقوة زائفة حاولت ان تتحلي بها:-
_كنت عايزه اكلم اهلي واطمنهم عليا
رفع احدس حاجبيه بسخرية وهو ينظر لها كأنه يخبرها
أتتلاعبين بي ؟ من الطبيعي ان تحاول الهرب ، مرة وراء الاخري ، ان تبحث عن نقرة لتخرج منها وبالطبع لم يفلح الخروج من المنزل فـ فكرت ان تأتي باهلها الي هنا
تايسون بجدية:-
_انا مبحبش لعب العيال انتي قايلة الصبح بلسانك انك موافقة تتجوزيني يبقي لية دلوقتي عايزه تهربي
نطقت بأندفاع:-
_انا مكنتش عايزه اهرب ، الصبح نسيت اقولك ان عندي شرط علشان اوافق ..
كالعادة رفع حاجبه عندما استمع لكلمة " شرط " تنحنحت مصححة عبارتها:-
_قصدي طلب وهو اني اكلم اهلي واطمنهم عليا وجيت دلوقتي اقولك بس لما ملقيتكش قولت ادور علي التليفون عقبال ما تيجي ومتوقعتش اني هلاقيه بالسهولة دي
تايسون بجمود:-
_لاني مفكرتش اخبيه لاني وثقت فيكي
تجمعت الدموع بعيونها و:-
_انا عايزه اكلم ماما واطمنها عليا بس
رده كان سريعا:-
_لاا
لا في قاموس تايسون يعني لا ، قرار لن يتغير مهما حدث وان فعل مَن امامه المستحيل ، نبرته الصارمة التي نطق بها حروف الكلمة اصابتها بالقلق منه ومن كل قادم ستراه معه ، يبدو انها سقطت في بئـر عميق بات الخروج منه مستحيلا ..
تابه حديثه بسخرية:-
_مفكراني مش عارف ان ابوكي وخطيبك المبجل ظباط ، يعني ابسط حاجة انهم هيراقبوا موبيلك اول ما تكلميهم وهيعرفوا طريقك ويوصلولك ، وكدا انتي انقذتي نفسك بس ياحرام من طيبتك مخلفتيش وعـدك معايا
وعـد بدموع:-
_انا مجاش في بالي....
قاطعها:-
_اومال الافكار دي هتيجي في بال مين لو مجتش في بال المحامية وعـد نصري ؟
رددت بذهول وقد استعجبت معرفته بوظيفتها:-
_انت عرفت ازاي اني محامية ؟
تايسون ببسمة استفزاز ونبرة تملك:-
_معقول هتجوز واحدة معرفش عنها اي حاجة
وعـد بأشمئزاز ونفور:-
_ما انت كنت عايز تخلف من اي واحدة والسلام ، دلوقتي بتدور علي الاصل والفصل ؟
اقترب منها قاطعا بعض الخطوات التي تفصل بينهم وهو يقول بصوت بطئ مثير للأعصاب:-
_لاني كنت عايز عيل وبس مش مهم من مين المهم يجيي ، لكن زي ما قولتلك انتي عجبتيني فـ يهمني اعرف عنك كل حاجة ، ثم اني هتجوزك يعني هتشيلي اسمي فلازم اشوفك تستحقي دا ولا لا
وعـد بأستفزاز محاولة ان تثير اعصابه:-
_وانت شايف اني استحق اشيل اسمك وفي قلبي غيرك !
ابتسم وقد كان وصل لها ، مسك خصلة من خصلات شعرها القصير وقام بلفها حول اصبعه عدة لفات دائرية ، كما انه راح يتنفس انفاسه الساخنة علي طول وجهها بأثارة و:-
_لا حكاية الحب دي سيبيها عليا ، انا هخليكي تنسي رامز بتاعك دا خالص ومتفتكريش حتي اسمه
اقترب بوجهه منها اكثر وتابع بعبث:-
_مش هخليكي فاكرة غير تايسون وبس
وكما اقترب فجأة .. ابتعد !
هكذا هو كالبرق سريع المجئ وسريع الذهاب !
ابتعد فترك لها مساحة لتتنفس اخيرا براحة بعدما كان يكبت علي انفاسها ، كانت تتنفس بقوة وهي تشعر باعصابها تُكاد تنهار ، احاديثه وقربه بتلك الطريقة تترك بقلبها عواصف لاول مرة تختبرها وبالحقيقة تلك العواصف تقلب كيانها رأسا علي عقـب !
_يعني مش هينفع اكلمهم ؟
قالتها بدموع بعد صمت طويل حاولت فيه ان تجمع اشتاتها ، فـ رد:-
_لـو محاولتيش تعملي شغب من هنا لكتب الكتاب ياوعـدي هخليكي تكلميهم علطول بعد ما نكتب
قالت بنظرات قطة متأملة:-
_وعـد ؟
رد باسما بصدق:-
_وعـد ياوعـدي
وها هي تغير قانون من قوانينه ، كان يرفض الامر فيستحيل ان يوافق عليه ، لكن معها وامامها وافق خلال بضع دقائق لا تُعد !
يبدو .. انها ستتمكن منه وستتمكن من امتلاك قلبه !
يبدو !!!
. . .
صعدت لغرفتها بعدما انتهت من حديثها معه ، جلست علي فراشها مستربعة ، بيدها صحنا كبيرا ملئ بالفاكهة التي احضرتها لها ام السعد بناءا علي اوامر تايسون وحولها اطباق من المكسرات والتسليات ، اشياء واكلات غالية جدا متعجبة هي لوجودها في حارة !
لكن كل عجب وغريب عليها وجدته في حارة تايسون لذا هذا الغني ايضا الذي تعيش فيه هنا لم يكن لتتعجبه خاصة وهي بمنزل كبير الحارة .. تـايسـون
طرقات علي الباب افاقتها من حبل افكارها فسمحت لـ الطارق بالدخول ، دخلت عـلا وبيدها ادوات التنظيف ، نطقت وهي تضعهم بجوار الباب:-
_هنضف الاوضة ياهانم
سمحت لها بالدخول وهي تؤمي بنعم ، بدأت بتنظيف الغرفة وعيونها كل لحظة والاخري تنظر لـ وعـد بنظرات غير مفهومة لها ، عندما طال تبحلقها بـ وعـد نطقت وعـد متسائلة بفضول:-
_في حاجة ؟ بتبصيلي لية كدا ؟
عـلا:-
_مستغربة ازاي واحدة زيك كبيرة وعاقلة وباين انها بنت ناس توافق تتجوز تايسون بية
وعـد بتعجب:-
_ومالك مستغربة لية كدا ، قصدك علشان هو في حارة وكدا
اردفت بتسرع وقد وجدت انها الفرصة التي ستجعل تلك الوعـد تنفر وتفز من المكان:-
_لا مش دا السبب ، انتي شكلك راقية وبنت ناس محترمين ازاي رضيتي تتجوزي واحد زي دا
وعـد بنفاذ صبر:-
_ايوة يعني ماله
عـلا بملامح جامدة:-
_قتال قتلة
صرخت وعـد بزعر:-
_اية ؟
عـلا بشفقة مصطنعة:-
_انتي مكنتش تعرفي ولا اية ؟ كل الهيلمان اللي عايش فيه البية .. من شغلانته دي ، البية احسن واحد يجيب الحريم لحد بيته ، عيل ومعيلش وخلف وبعدين البت تختفي ، بس حوارك انتي غير ، انتي يافعلا احلويتي في عينه يااما ناويلك علي نية تانية ..
وجدتها تطالعها بعيون متسعة ذاهلة .. فتابعت:-
_هفهمك بيحصل اية .. اخويا يجيبها وهي ترفض زيك كتير ، بعدين بسحره ووعوده ليها توافق علي طلباته ومعرفش ليله التنفيذ بقي بيروحوا ويختفوا فين !!
وعـد برعب وهي تنظر لها بعدم تصديق:-
_انتي مستوعبة انتي بتقولي اية ؟
اؤمات بنعم وهي تؤكد حديثها:-
_الحارة كلها عارفة بالحكاية دي وانه سفاح
ابتلعت ريقها بقوة ولم تعرف ماذا تفعل ، بأي جحيم بالله اوقعت نفسها هي ، هل فعلا ما تقوله تلك الفتاة صحيحا .. ؟
عـلا:-
_وعلشان كدا بنات الحارة كلهم مبيقربوش لبيته مبتشتغلش عنده غير ام السعد عضمها طري وملهاش فايدة في سوقه
وعـد بنظرات متشككة:-
_وانتي مبتخفيش منه لية ؟
ارتبكت علا لكنها حاولت ان تخفي ارتباكها هذا وهي تقول بثقة واهية:-
_انا اخت دراعه اليمين والبية طالاما حد في امانه يبقي يفاديه بعينيه
اطمئنت علا انها قالت كل ما تريد ، لذا لملمت كل ادوات التنظيف بعدما انتهت من تنظيف الغرفة و:-
_هسيبك دلوقتي وهروح انضف باقي البيت ياوعـد .. هانم
لم ترد عليها ، فهي لم تسمعها من الاساس
كل ما كان يجول بخطارها هو .. كيف تهرب من هنا ؟
كيف تفر من بين براثن ذلك التايسون ؟
كلما تقرر ان تخضع له تسمع ما يجعلها تخشاه اكثر ..
لن تستطيع ان تحيا معه ، لن تتحمل ان تحيا مع قاتل
او كما قالت عـلا ... سفاح
. . .
ثلاثة ايام مروا علي اختفائها ، كانوا ك الكابوس علي كل احبابها ، لا يعلم نصري كيف هو متماسك لتلك الدرجة لحتي ذلك الوقت ، ربما لانه غير مستوعب الامر لحتي الان ، او ربنا يمنحه الله القوة لحتي يجدها ثم يسقط صريع الخوف عليها ، لا يعلم السبب بالفعل
ما يعلمه انه يفعل وسيفعل المستحيل ليجد ابنته
قطعة من قلبه .. روحه وكل ما له ...
مَن كانت منهارة هي نشوي التي من كثرة الخوف بدأت تهذي بكلمات غير مفهومة وكأنها قاربت علي الجنون
ابنتها الوحيدة التي لا تملك غيرها بالحياة علي وشك الضياع او ربما تكون بالفعل ضاعت ..
نطق نصري بجنون:-
_طيب اللي عايزها ، عايزها لية ؟ لو عايز فلوس كان اتصل لكن محدش عبرنا ، ياتري فينها دلوقتي ومع مين وهيعمل فيها اية !!
. . .
القوة التي بعثها رامز لـ البحث بكل الحارات الملتفة حول الشارع التي قد تكون وعـد اختفت منه ، كان رئيسها يقف امام رامز هاتفا بكل المعلومات التي حصل عليها اخيرا بعد بحث طويل:-
_لفينا كل الحارات وكل بيوتها بيت بيت يابية وكل نقرة فيه وزنقور ، بس مفيش حاجة غريبة ولا حاجة بـس....
رامز بنفاذ صبر وتساءل:-
_بـس اية ؟
الرجل:-
_في حارة ليها بيبان خاصة بيها ، رجالتها منعونا ندخل ، استخدمنا العنف رفعوا علينا السلاح ، عددنا كان قليل للاسف فانسحبنا
رامز بغضب:-
_ازاي يعني يمنعوكوا تدخلوا ، اسمها اية الحارة دي ومين كبيرها
نطق الرجل:-
_اسمها حارة تايسون وكبيرها جاسـر الصـاوي لكنه معروف في حارته بأسم تـايســون يابية
رامز وهو يأمر الرجل بالانصراف:-
_طيب انت امشي من قدامي دلوقتي
توقف الرجل وظهر عليه التردد وكأنه يريد ان يقول شيئا لكنه مترددا من قوله ، نظر له رامز بتساءل فـ قال:-
_في حاجة كمان يابية
_امـم
همهم بمعني " قـل ما لديك "
_اللي عرفته واللي متداول ك حوار بين اهالي المناطق اللي حاولين حارة تايسون دي ، انه كان بيدور علي واحدة يجيب منها عيل وفعلا لقيوا واحدة و.....
صاح بنفاذ صبر:-
_و اية ؟
_تقريبا لقيوها في نفس اليوم اللي اختفت فيه الانسة وعـد ..
أقد تكون هي بالله ؟ ..