رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) الفصل السابع
ولا تزال الحرب مُشتعلة يظن أحد الطرفين أنه رابح
ولكن في الحقيقةِ أن كِلاهما خاسر وبجدارة…
تجهم صُهيب وإستحالت ملامحه إلى أُخرى صلدة، قاسية ثم أردف دون أن يلتفت
-طب إقفلي وهكلمك بعدين…
ولم ينتظر ردها بل أغلق الهاتف ثم إستدار لتلك التي تنظر إليه بـ خُبث مُنفر ليتقدم جالسًا فوق أحد المقاعد وتساءل
-خير!!...
تقدمت منه بـ خطواتٍ مُتمايلة حتى وصلت أمامه ثم جثت لتقول وهي تُمسد رُكبتيه
-حبيت أطمن على إبن أخو جوزي.. إيه غلطت؟…
أبعد صُهيب كفيها عنه بـ إشمئزاز واضح ثم أردف وهو يُشيح وجهه عنها
-مش فاضي لشغل النسوان دا.. عاوزة إيه يا كاريمان!!!...
تأففت بـ ضيق ثم نهضت جالسة أمامه مُخرجة لُفافة تبغ تُدخنها وقالت بـ جمود
-جاية أشوف إيه اللي مأخرك والبت خارجة داخلة مع الواد الظابط
-حك صُهيب مُؤخرة عنقه وقال بـ فتور:أنا ماشي على الخطة الأولى.. جُلنار.. هي ضربة قاضية لجاسر…
صمتت تتطلع إليه بـ نظراتٍ مُبهمة حتى قالت أخيرًا وهي تضع ساق فوق أختها بـ نبرةٍ لا تمط بـ أنوثتها بـ صلة
-أنت بتتحدى عمك؟
-زفر بـ ملل وقال:إتعدلي فـ كلامك.. ولا أنا بتحدى عمي ولا نيلة.. أنا بس دورت الموضوع فـ دماغي ولاقيت جُلنار هي اللي هتكسر ضهر جاسر…
زفرت سحابة رمادية بـ تملل تأخذ وقتها في تفسير حديثه حتى إتسعت إبتسامته فجأة وهي تقول بـ مكر
-عندك حق.. خصوصًا إن ضربة تانية فـ نفس المكان تموت…
عقد صُهيب حاجبيه بـ عدم فهم.. لتنهض هي بتمايلها المُعتاد ثم إقتربت منه حتى وقفت أمامه تمامًا لتقول وهي تُحدق به بـ تسلي
-السنيورة كانت بتحب واحد.. مُدرسها هو وإتحدت أبوها عشانه…
بهت وجهه صُهيب وتشنج فكه إلا أنه أخفى إنفعالاته بـ براعة.. لتُكمل كايمان حديثها وهي تسير بـ سبابتها على فكهِ المُتشنج
-كانت هتهرب معاه بس فجأة المُدرس إختفى و بعدين ظهر فـ المُستشفى
-تساءل صُهيب بـ عبوس:والمطلوب مني؟!
-إبتمست كـ أفعى وقالت:خليها تحبك وكدا كدا جاسر مش هيوافق على إرتباطكوا فـ تقعنها إنكوا تهربوا.. ويبقى حققنا كابوس مُرعب تاني ليه…
صر صُهيب على أسنانهِ ولم يعلم لِمَ أصابه الغضب لما أردفت به كاريمان.. أبعد إصبعها عن فكهِ ثم قال بـ جفاء
-وإفرضي إنه عامل حسابه!.. إفرضي إنها عرفت إنه مينفعش تكرر الغلط!...
ضحكت بـ صوتها كله ثم قالت وهي تميل إليه و وجهها على بُعد مقدار إنش واحد من وجههِ
-دي بقى نسيبها لحضرة الدكتور..الطُرق قدامك كتير…
دفعها لينهض وتحرك بعيدًا عنها فـ تبعته وإبتسامتها الخبيثة لا تزال مُرتسمة على ثغرها المطلي بـ أحمر شفاه قاني اللون
لايتوقف فجأه ثم إستدار مُتساءلًا على حين غفلة
-عمي فين؟…
أجفلت كاريمان لسؤالهِ وأصابها الإرتباك لثوان قبل أن تستعيد توزانها ثم تساءلت وهي تزفر دُخان لُفافتها
-بتسأل ليه!...
إقتربت منه ثم أردفت وهي تُحدق بـ عينيهِ الحادتين اللتين تتطلعان بها بـ إزدراء جلي
-أنت تسمع أوامر عمك وتنفذ وبس فاهم ولا تحب أفهمك يابن جابر؟
-هدر بـ حدة:برة يا ****...
ضحكت بـ صوتها المُنفر ليُبعد وجهه عنها فـ قذفت اللُفافة أسفل قدمها ثم دهستها بـ قسوة وأكملت إقترابها حتى وصلت إليه
أدارت وجهه إليها ثم حاوطت عنقه رافعة نفسها إلى مستوى شفتيها لتهمس وهي تُحدق بـ خاصتهِ القاسية
-المُهم سيبك من الطار وسليمان وخلينا مع بعض…
إرتعدت وهي ترى ملامحه تسود بـ ظلام مُرعب وعينيه اللتين تتجمعا الشُعيرات الحمراء وكأنها خطوط من البرق.. وعلى حين غُرة صفعها بـ قسوة جعلت الدماء تنبثق من زاوية شفتيها و أنفها ثم هدر وهو يغرز أصابعه بـ ذراعيها العاريين
-هستنى إيه من واحدة لمها سُليمان الهواري من الشوارع وعملها مراته
-هدرت هي بـ غضب:ومين قالك إني مراته؟…
إتسعت عيناه بـ ذهول غاضب ليُبعدها عنه يتنفس بـ حدة عدة ثوان يُلملم أنفاسه الهدرة ثم إستدار إليها وعيناه بهما جحيم خالص قابضًا على مرفقها ليهدر بـعدها بـ صوتٍ جهوري، مُفزع
-عالله أشوف خلقتك هنا فـ بيتي تاني…
*******************************************************
أغلق جاسر الهاتف وألقاه بـ إهمال جواره ثم تطلع إلى البناية التي أمامه والتي فيها صعدت الدعوة كاريمان مُنذ مُدة ليهبط من السيارة مُغلقًا أزرار حلته وقرر الصعود إلى أعلى
-خُد يا جدع أنت رايح فين!.. هي وكالة من غير بواب!...
إستدار إليه جاسر وهو على أعتاب مدخل البناية ثم أردف بـ إبتسامة قاسية وهو يربت على كتف حارس البناية
-عفارم عليك عرفتها لوحدك!.. هي فعلًا وكالة من غير بواب…
ثم دفعه جاسر ودلف دون أن يأبه إلى غضب الآخر ومحاولات في اللحاق به حتى وصل إلى المصعد ودخله
أراد الحارس منعه ولكن جاسر أردف وهو يمنعه بـ يدهِ
-الأسانسير حمولة راكب واحد بس…
عقدت الدهشة لسان الحارس و بقى واقفًا كـ تمثال جحري حتى أُغلقت أبواب المصعد وإختفى جاسر خلفها
ضرب كف على آخر ثم هتف وهو يعود إلى مكانهِ
-لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. إيه الناس دي!
إنتظر جاسر حتى وصل المصعد إلى الطابق المطلوب وما أن إنفتحت أبوابه حتى ترجل خارجه
تقدم إلى باب الشقة المنشودة وقبل أن يقرع الجرس وجد الباب يُفتح وإمرأة تُزج خارجه
إبتعد خطوتين فـ سقطت كاريمان أسفل ساقيهِ.. تطلعت هي إليه بـ رهبة لم تستطع إخفاءها وخاصةً تلك النظرة المُخيفة التي يرمقها بها
-جاسر باشا؟…
رفع جاسر ناظريه إلى صُهيب وحدق بـ ملامحهِ المشدوهة المُمتزجة بـ نظرة ساخطة، نارية تزجر تلك الساقط أرضًا.. فـ إتسعت إبتسامته ثم قال وهو يعود بـ نظرهِ إلى كاريمان
-حبيت أعملك زيارة مفاجأة وأطمن إن جوز بنتي مش زير نساء…
خيم صمت لا يتخلله سوى صوت أنفاسهم وصُهيب يُحدق بـ جاسر بـ عدم فهم ليضحك الآخر بـ صوتهِ كله ثم قال
-مُفاجأة مش كدا؟؟…
إنحنى يرفع كاريمان من ذراعيها ثم قال بـ عتاب وهو يرمق صُهيب
-مش عيب توقع مرات عمك كدا!.. إخص إيه العقوق دا؟…
إبتلعت كاريمان ريقها بـ صعوبة بالغة وجسدها ينتفض بين ذراعي جاسر الذي دفعها إلى الداخل ثم أردف بـ صوتٍ ماكر
-مش هتقولي إتفضل يا حمايا ولا إيه!...
إبتعد صُهيب يُفسح المجال ليدلف ولا تزال الصدمة عاقدة لحواسه ِ فـ أصبح مشلول التفكير
كادت أن ترحل كاريمان ولكن جاسر منعها قائلًا بـ خُبث
-على فين بس يا ست الكل!.. مش واجب برضو تُقفي جنب إبن جابر ولا إيه؟…
حبست كاريمان أنفاسها ثم دلفت بـ صمتٍ وقلبها ينتفض من بين أضلعها كـ أرنب مذعور يهرب من براثن نسرٍ جارح
بعد قليل
كان الجميع يجلس بـ غُرفة الإستقبال
جاسر يجلس في مواجهة الأثنين واضعًا ساق فوق أُخرى.. يتكئ بـ مرفقيهِ إلى ذراعي المقعد وقد بدى مُخيف بـ جلستهِ وكأنه مارد ضخم
بدأ جاسر الحديث وهو يتطلع إلى ملامحهما وخاصةً ملامح كاريمان المذعورة
-طبعًا بتسألوا جاي ليه مش كدا؟
-أومأ صُهيب قائلًا:يعني زي ما حضرتك شايف…
تجهمت ملامح جاسر وتحولت إلى ظلام.. ذلك الظلام الدامس الذي يقذف الرُعب بـ القلوب ثم هدر بـ نبرةٍ دوت كـ الرعد بـ قوتها و بأسها
-سليمان فين!!...
كان يوجه حديثه بـ ذات إلى كاريمان التي هزت رأسها بـ نفي قائلة بـ تلعثم
-مـ.. معرفش…
خرجت منها صرخة مدوية حينما مرت رصاصة بـ جوار رأسها أطاحت بـ بعض خُصلاتهِا الشقراء.. بينما تحفز صُهيب بـ الكامل فـ أردف جاسر بـ تحذير دون أن يحيد بـ نظرهِ عنها
-إهدى إحنا بندردش بس…
ثم وجهه حديثه إلى تلك المُرتعبة وجسدها يرتجف بـ وضوح
-محدش قالك قبل كدا إني مبحبش الكدب؟…
صمتت مُبتلعة خوفها فـ أكمل جاسر وهو يحك جبهته بـ تململ
-إحنا إتقابلنا قبل كدا من سنين فاتت.. فاكرة!...
أومأت بـ هستيرية ليردف صُهيب هذه المرة بـ غضب
-محدش يعرف سُليمان فين
-أومأ جاسر ثم قال بـ إبتسامة:وأنا مصدقك…
نهض جاسر ثم عاود وضع سلاحه خلف جذعهِ ليردف وهو يرحل دون النظر إليهما
-أنا جيت أتأكد من حاجة.. وإتأكدت خلاص…
ثم غادرهما بـ هدوء ولكن ذلك الهدوء الذي تلى العاصفة فـ خلف وراءه دمارًا وخرابًا وأخيراً رُعب يصعب التخلص منه
عاد جاسر من الشركة ليلًا وقد بلغ التعب منه مبلغه.. بعدما قابل صُهيب و زوجة عمه تلك الحرباء التي تيقن من أول لحظة أنها كاذبة ولكن ليست بـ غبية.. والمعلومات التي حصل عليها عن ذلك الضابط ومعلوماتهِ لا يعلوها الغُبار وهذا ما جعل الغضب يتصاعد إلى فروة رأسهِ
حك خُصلاتهِ ثم توجه إلى غُرفتهِ وفتحها ليحبس أنفاسه وهو يرى روجيدا تقف بـ منامة خاطفة لما تبقى من أنفاسهِ
منامة وردية قصيرة.. قصيرة إلى حد إشتعال دماءه الحارة.. كنزة.. كنزة و فقط طويلة بـ الكاد تُغطي أردافها وخُصلاتها التي لم تنل منها الشيب بعد مُسترسلة بـ نعومة على ظهرها
حلّ رابطة عنقه وزفر بـ حرارة ثم قال بـ صوتٍ حار ونظراته تلتهمها كُلها
-اللهم صلي.. اللهم صلي.. إحنا عندنا عيد وأنا معرفش…
إلتفتت إليه روجيدا ضاحكة ثم إقتربت منه قائلة بـ نعومة تُناسب مظهرها الطفولي
-أنت جيت بدري…
لم يكن على دراية مما قالت خاصةً ونظراته مُتعلقة بـ ساقيها العاريتين اللتين تتقاطعان بـ دلال لم يُخلق إلا لها.. حتى توقفت عند قدميها الحافيتين وذلك الـ.. الخُلخال اللعين الذي يُعانق كاحلها الأبيض
فتح أزرار قميصه ثم مسح على خُصلاتهِ قائلًا بـ أنفاسٍ سلبتها تلك الجنية المُهلكة
-أيوووووه يا جدعان.. دا إحنا هندبح النهاردة…
ضحكت روجيدا بـ دلال ثم تعلقت بـ عنقهِ مُتساءلة بـ نبرةٍ ذات مغزى
-هتدبح إيه ولمين؟.. أنا مش فاهمة
-عض على شفتيهِ بـ غيظ ثم قال:أنا..بـ المنظر دا أنا اللي إدبحت وشوفي دمي سايح إزاي !
-ضربته على كتفهِ وقالت:بس بقى الله..ما تركز يا جاسر…
تطلع إلى شفتيها المطليتين بـ لونٍ أحمر قاني يزدهما فتنة وإغراءًا.. حك جاسر زاوية فمه ثم قال بـ عبث وهو يدنو منها
-طب إيه هنحتفل ولا هنقضيها إغراء ونظرات لا تُسمن من جوع…
ضحكت حتى مالت بـ رأسها إلى الخلف فـ حاوط خصرها إلى أن تنتهي وحينما إنتهت إقتربت منه أكثر حتى لفحته أنفاسها العطرة ثم همست بـ تلاعب
-إغراء إيه يا حبيبي بس؟.. أنا فـ مُنتهى البراءة
-رفع حاجبه وقال:لأ صادقة يا شيخة روجيدا…
حمحم جاسر ثم قال وهو يُقربها منه أكثر بـ لهجتهِ العابثة كـ ملامحهٍ
-ألا في سؤال في مُنتهى الأهمية ودا هيحدد مُستقلبنا إن شاء الله
-إبتسم بـ دلال وقالت:إسأل يا بيبي
-عقد حاجبيه وغمغم بـ تعجب:بيبي!.. مش مهم أنا برضو بقول إني بيبي…
ضحكت روجيدا بـ قوة واضعة رأسها بـ كتفهِ ليدفعها ثم تسائل وهو ينظر إلى كنزتها بـ نظراتٍ تكاد تحرقها إشتعالًا
-هو البتاع اللي مش عارف اسمه دا.. لابسة حاجة تحته ولا هو قطعة واحدة؟!...
نظرت روجيدا إلى كنزتها ثم إليه بـ تعجب قائلة بـ توضيح
-لأ تحته هوت شورت يا جاسر
-غمزها بـ وقاحة قائلًا:عليا النعمة ما في حاجة هوت غيرك يا فراولة…
إبتسم بـ خجل مُخفضة رأسها ليرفعها هو وكاد أن يُقبلها إلا أنها منعته قائلة بـ جدية
-لأ يا جاسر مش هينفع أنا واعدة بناتك بـ girl's night ومش هينفع كدا
-عقد حاجبيه ثم تساءل بـ إستنكار:نعم يا ختي.. girl's night إيه وبتاع إيه؟.. لا بقولك إيه خليها bad boy's night ونفرح أنا وأنتِ…
عاودت غلق أزرار قميصه ثم قالت بـ هدوء تُحاول توصيل وجهة نظرها
-يا حبيبي.. چيلان واللي حصل مأثر عليها من إمبارح فـ قولت يعني نعمل الحفلة دي أنا والبنات عشان أقدر أتفاهم معاها ونحل الموضوع من غير همجيتك…
أكدت على عبارتها الأخيرة وهي تُغلق الزر الأخير بـ القليل من العُنف فـ زفر وأبعدها عنه قائلًا بـ غضب جاف
-روحي يا روجيدا.. بس كلامي مش هرجع فيه نهائي…
تحركت خلفه ثم قالت بـ صبر وهي تحتضن خصره من الخلف
-أنا مقولتش ترجع فـ كلامك.. أنا بقول أتفاهم معاها.. وحاول تكسب چيلان يا جاسر.. أه غلطت بس متعملش معاها زي جُلنار.. متخلقش فجوة مش هتقدر تسدها بعدين…
إستدار إليها بغتةً فـ شهقت من عُنف نظراتهِ ثم قال بـ حدة أفزعتها
-روجيدا!!..إقفلي على الموضوع دا.. الواد دا مش مستريح له نهائي.. نظراته كدا فيها حاجة مُنفرة رغم إنه مفيهوش غلطة لا فـ حياته ولا فـ شغله
-ربتت على وجنتهِ ثم قالت بـ حنو:طب ممكن تسبني أتصرف بـ طريقتي.. صدقني مش هخذلك…
جذب يدها ثم لثم باطنها هامسًا بـ إبتسامة عذبة وكأنها بخرت كل غضبه بـ تلك اللمسة
-عارف إن عمرك ما هتخذليني يا روجيدا.. عارف إن عمري ما هعرف أتسند إلا عليكِ…
إبتسمت بـ سعادة ثم إستطالت تُقبل زاوية شفتيه فـ همس وهو يستشعر نعومتهما على بشرتهِ القاسية
-طب مش يلا نجيب الخامس بقى؟
-ضحكت ثم قالت وهي تبتعد:جااااسر!!!...
زفر بـ غيظ ثم إبتعد قائلًا بـ لهجة حاقدة
-طب روحي يا مربى عشان مطلقكيش النهاردة…
سمع صوت ضحكاتها الرنانة وهي تبتعد فـ إلتفت وحدق بـ مكان إختفاءها ثم قال بـ تحسر
-هُما يشبعوا بيها صوت وصورة وأنا خايب الرجا أشبع بيها خيال…
************************************************
-إيه اللي عمل فيك كدا يا موكوس!...
تساءل يزن بـ تعجب و تهكم بـ الوقت ذاته وهو يرى كدمة تُزين فكه ليتأفف شهاب تاركًا إياه أمام باب شقته ودلف
أغلق يزن الباب وتبعه ثم تساءل بـ جدية وهو يجلس جواره
-ما تفهمني يابني.. مش عيب ظابط طول بـ عرض ياخد لوكمية فـ وشه بـ الفظاعة دي؟…
أمسك ذقنه ثم حدق بـ الكدمة بـ تدقيق ليقول بعدها بـ سُخرية واضحة
-وما شاء الله اللي ضربك تنين مش بني آدم عشان يعمل فـ وشك الخريطة دي
-نظر إليه شهاب شزرًا ثم قال:خلصت تريقة!!!...
ضحك يزن وهو يومئ بـ رأسهِ ليقول شهاب بـ جمود
-جاي ليه وسبت شُغلك؟…
إستراح يزن بـ جلستهِ ثم قال وهو ينظر إلى الكدمة بـ تسلي واضح
-واخد إجازة ومقدرتش أقعد هناك لوحدي.. فـ قولت أجي أونسك.. خصوصًا وأنت مضروب كدا ومش لاقي الصدر الحنين اللي يطبطب عليك
-هدر شهاب بـ غيظ:يزن!.. لو جاي تهزر أنا وحياة أمي ما فايقلك…
تنهد يزن ثم نهض وإتجه ناحية المطبخ ليفتح المُبرد مُخرجًا منه بعض الثلج وتساءل
-أبوها شافكوا ولا إيه!!
-أجاب شهاب بـ لامُبالاة:ولا ميشوفناش…
عاد يزن إليه ثم تساءل وهو يمد يده بـ الثلج
-يعني هو اللي ضربك كدا؟…
إسودت عيني شهاب بـ غضب حاقد، به لهيب خطر أثار العربية بـ نفس يزن خاصةً وهو يقول بـ قتامة جعلت يد صديقه تتراجع عن إعطاءه الثلج
-بس ورحمة أمي لهتدفع هي التمن أغلى مما أبوها يتوقع…
ظل يزن يُحدق به لحظات حتى سأله بـ صوتٍ باهت، مشدوه
-أنت بتتكلم بتقول إيه؟.. شهاب متخليش عيارك يفلت.. دي مجرد بنت أبوها شديد عليها مش أكتر
-هتف شهاب بـ صوتٍ جاف:مش مُشكلتي.. بس حقي هاخده غصب عنهم…
مدّ يزن بـ الثلج فـ أخذه شهاب ثم قال وهو يجلس جواره بـ هدوء
-صلي على النبي كدا وبطّل جنان.. سيب الموضوع هحله بـ معرفتي…
تساءل شهاب وهو يضع الثلج فوق الكدمة كاتمًا تأوه كاد يفلت منه
-هتعمل إيه؟
-زفر يزن وقال بـ تململ:ملكش دعوة.. بس شيل الأفكار السودة اللي أنت زرعتها فـ عقلك دي والدنيا هتتحل…
نظر إليه شهاب بـ فتور ثم عاود النظر أمامه وأشعل التلفاز يُشاهده بـ لا مُتابعة حقيقية
لم يستطع يزن التخلص من الإنقباض الذي يشعر به فـ وضع يده بـ خُصلاتهِ يمسح عليها بـ شرود.. يجب مُراقبة شهاب جيدًا فـ الآخر يبدو أنه قد فقد عقله
نظر إلى الباب الذي يُدَق.. ثم ربت على ساق شهاب الذي كاد أن ينهض وقال
-خليك هفتح أنا…
نهض يزن ثم توجه إلى الباب وفتحه.. ليتفاجئ بـ سيدة تقف أمام الباب
إبتسم بـ عبث وهو يُحدق بها.. قد مُمتلئ بـ مُنحنيات لم تدخر جُهدًا في إبرازها.. وجه أبيض مُستدير به لمحة أو لمحات من الخُبث والعبث فـ تتسع إبتسامته
أطلق صفيرًا عال ثم غمغم بـ صوتٍ ماكر، خفيض
-طلعت عابث يا شهاب.. ومخلي على صاحبك…
حمحم يزن ثم عاود النظر إلى تلك السيدة وتحدث بـ عبثهِ المُعتاد
-إحنا تحت أمر الجميل…
إبتسمت الشفتين المطليتين بـ لونٍ قاتم لم يستطع تحديد ماهيته ثم قالت بـ صوتٍ مُغري
-مش دي شقة الظابط شهاب!
-أجابها بـ خُبث:ولو مش شقته نخليها شقته…
ضحكت بـ صوتٍ عال جعلت شفتي يزن تميلان بـ إبتسامة خبيثة ثم قالت وهي تضع يدها على خصرها
-طب ممكن أتكلم معاه؟
-طب مينفعش معايا!
-عاودت الضحك ثم قالت:وماله.. بس هو موجود الأول؟
-أجاب يزن ونظراته تتفحصه بـ جرأة:طب مش نتعرف الأول…
مدت يدها تُصافحه ثم قالت بـ نبرةٍ غامضة إلا أنها حين خرجت.. كانت بها بحة أنثوية خطيرة
-كاريمان…
************************************************
لم يتحمل جاسر أكثر من ذلك وخيالها المُدلل يعبث بـ مُخيلتهِ فـ يُصيبه الجنون
أبعد الغطاء عنه ثم نهض هاتفًا بـ غيظ
-يحرق الـ girl's night على أبوها فـ ساعة واحدة.. أنا عاوز مراتي…
فتح الباب وخرج ثم توجه إلى الغُرف الخاصة بهم يبحث عنهم حتى وجدهم بـ غُرفة چيلان وصوت ضحكاتهن ترن بـ أُذنيهِ فـ هدر بـ نزق
-هما بيضحكوا وأنا عمال أتكوي بـ نار فـ أوضتي.. ماشي يا روجيدا…
فتح الباب دون طرق فـ وجدهم يجلسن على الأرض وهن يرتدين ذات المنامة القاتلة.. يضعن طلاء الأظافر الأحمر والذي ماثل لون أحمر الشفاه
إنتفضن هن فزعًا فـ قالت روجيدًا بـ حدة وخجل
-مش تخبط يا جاسر!...
وضع جاسر يديه بـ جيبي بنطالهِ ثم تقدم منهن بـ خيلاء حتى جلس جوار زوجته وقال بـ لا مُبالاة
-جاي أشاركك فـ الليلة السودة دي على دماغكم…
هتفت جويرية مُصححة وهى تضع طلاء الأظافر فوق آخر إصبع بـ قدميها
-لا يا بابني دي ليلة pink مش شايف اللي إحنا لابسينه!...
صر على أسنانهِ ثم قال بـ لهجةٍ ذات مغزى وهو ينظر إلى روجيدا
-ما دا اللي مقلق راحتي…
عقدت الفتيات حاجبهن دون فهم.. لينظر جاسر إلى چيلان فـ أخفضت رأسها بـ خجل
إبتسم جاسر بـ حنان أبوي.. كيف يقسو على مُدللته؟.. تلك الصغيرة التي تربعت على قلبهِ بـ خُبث بـ دلالها وشقاوتها.. هدوءها وجمال عينيها اللتين يعشقها ولمَ لا وهي تحمل لونيهما.. الدليل الأوحد على عشقه لروجيدا
شهقت چيلان عندما جذب ساقها الغير مطلية ثم أخذ زُجاجة الطلاء من بين يدي روجيدا وقال دون النظر إليها
-إزاي ملونتيش الصوابع الحلوة دي؟
-إبتسمت چيلان وقالت بـ خجل:مش بعرف.. جُلنار هي اللي كانت هتحطلي
-عقد حاجبيه بـ دهشة مُصطنعة وقال:جُلنار تساعدك واللي جايبها لأ!.. لدرجادي مخصماني!!...
كانت روجيدا تُتابع ما يحدث بـ إبتسامة واسعة بـ صمت فـ أردف چيلان بـ خجل وهي تحجب العبرات بـ عينيها فـ تمنعها عن الهطول
-أنا أسفة يا بابني.. مكنش لازم أغلط الغلطة دي…
ضرب قدمها بـ خفة ثم قال بـ هدوء وهو يفتح زُجاجة الطلاء
-أنا بخاف عليكوا يا چيلان مش أكتر.. لازم تعرفي إني بعمل كل حاجة عشان مصلحتكوا
-أومأت وقالت:عارفة.. مامي فهمتني وعرفت اللي عملته غلط…
نظر جاسر إلى روجيدا بـ إبتسامة ساحرة ثم عاود النظر إلى ساق چيلان وقال بـ جدية
-بس أنا مرجعتش فـ كلامي
-عضت على شِفاها السُفلى وقالت:عندك حق يا بالتي.. صدقني أنا موافقة على كل حاجة قولتها…
قذف الزُجاجة إليها ثم قال بـ مرح
-مدام كدا خُدي البتاع دا مش عارف أعمل فيه حاجة…
ضحكن جميعًا ليميل جاسر إلى روجيدا هامسًا بـ عبث
-فكريني أفاكئك على مجهوداتك العظيمة.. واللي هتشهد عليها الليلة الأعظم دي يا فراولاية…
ضحكت روجيدا بـ قوة ولكن سُرعان ما شهقت بـ خجل وهي تستشعر يداه تتسلل أسفل كنزتها.. لتسألها جُلنار بـ تعجب
-مالك يا مامي؟.. في حاجة ولا إيه!
-أجابت روجيدا بـ تلعثم:مـ.. مفيش
-أومال مالك؟…
ضحك جاسر وأجاب هو بـ عبث واضح
-لا أبدًا دا المربى سقعت.. قومي إقفلي البلكونة يا جُلنار…
أومأت ثم نهضت لتُغلق الشُرفة ولكن أسرها مشهد القمر مُكتملًا بـ سماءٍ صافية وتتراص حوله النجوم المُشعة مكونً لوحة فنية عظيمة
إتكأت إلى سور الشُرفة وتفكيرها يذهب إلى صُهيب.. ذلك المُحتل الذي سيطر على عقلها بسهولة ويُسر.. غيرُ سامح لها بـ التفكير بـ غيرهِ
وبـ الأسفل
بـ هذا الرُكن المُظلم البعيد قليلًا.. يقف هو.. بعد غياب طال ها هو قد عاد.. صحيح أنه إختلف كثيرًا عما كان ولكن هوسه بها لم يقل بل تملك منه حد الجنون
مسح بـ نظراته عليها.. إشتاقها كثيرًا وها تلك اللحظة التي تتمناها كثيرًا قد حانت
لم يكن عليه الرحيل.. ولكن كان يجب عليه أن يُحافظ على المظهر الضعيف
إبتسم وهو يراها تتكئ إلى سور الشُرفة.. تبتسم إبتسامتها الخلابة.. خُصلاتهِا تتطاير كـ سلاسل من الذهب.. مُهلكة وفاتنة كما تعود تمامًا
رائعة أنتِ يا جُلنار.. رائعة بـ كُل تفاصيلها الصغيرة.. ومن لا يعشق تلك الآسرة.. لم يتغير عشقه لها ولكن شكله قد تغير ليستطيع العودة.. ولكن هي ستتعرف عليه صحيح!.. ألم تقل أنها تعشقه!..بـ التأكيد ستعرفه.. قلبها سيعرفه
إبتسم بـ إتساع ثم أردف بـ تصميم وإرادة عندما وجدها تختفي داخل غُرفتها بعد تلك الدقائق التي أنعمت عليه بـ رؤيتهِ لها
-رجعتلك يا جُلنار ومحدش هيقدر يفرق بينا تاني حتى لو جاسر الصياد نفسه…