![]() |
رواية عشق الادهم الجزء الثانى (طغيان) الفصل السابع بقلم شهد السيد
أنتِ امرأة
تأتي الأشياء طِوعًا وحُبًا لها
أنتِ التي لأجلها
أُشرع قلبي كُل صباح
على مصرعِه.
مدآر.
شهقات متلاحقة تصدر من بين شفتيها تزيد من إحتضان قدميها وتخبئة وجهها المُغرق بالدموع بينهما، تمتمت بأحرف متقطعة غير مترابطة قبل أن تجهش فى البكاء من جديد، كيف له أن يتخلى وهو آخر الباقيين.!
رفعت وجهها سريعًا عندما أستمعت لصوت الباب يُفتح ويتقدم للداخل بخطوات هادئة حرصًا على عدم قلق نومها لكنه وبالمعنى الحرفى فوجئ بها تلقى نفسها بين ذراعيه تعقد يدها حول عنقة تتشبث به وكأنها هاربة من ذئاب تلاحقها تخبئ وجهها بتجويف عنقه ليستشعر دموعها وإرتعاش شفتيها وجسدها وهى تحادثة بصوت منخفض مُترجى:
_متسبنيش..أنا محدش فضل معايا كتير زيك ولا أستحملنى قدك..أنا آسفه بس أرجوك متسبنيش..أنا مش همنعك تنام جمبى او تقرب منى بس عشان خاطري متشميش..عشان خاطري يا حازم.
رباه.!
اى تعويذة حظ إلقيت عليه الآن، بين يديه بكامل إرادتها تطلب عدم إبتعاده، ترك ما بيده من حقائب يسقط فوق الأرضيه بجانبهم وعقد يده حول جسدها يضمها لصدره بقوة ألمتها قليلًا، أستنشق رائحتها الهادئه بسكينة ألقيت على قلبه يحادثها بصوت منخفض هادئ:
_عندى أستعداد نفضل عايشين كده طول عمرنا بس متبعديش عن عيني، انتِ فرحتى فى الحياة اللى عمري ما هتخلى عنها يافرح.
أنهي حديثة يطبع قبلة رقيقة فوق رأسها يحاول تهدئة نوبة البكاء التى أصابتها، وعندما شعر بأستكانتها تمامًا بين ذراعيه وتراخى جسدها أنحني قليلًا يرفعها بخفة بين يديه يدلف بها لغرفة نومهما يضعها فوق الفراش يتأملها وهو مغمضة الأعين، مد يده يزيل بقايا الدموع العالقة بأهدابها وعدل من وضعية الغطاء فوق جسدها وعندما أبعد يده وهم بالرحيل وجد كف يدها بثوانٍ قليله يقبض فوق يده وعادت فتح أعينها الزمردية قائلة بصوت متحشرج:
_متسبنيش..خليك جمبي.
انحني ينزع حذائه وانضم لها بالفراش لتسارع بأحتضانة وإسناد رأسها لصدره، زفر أنفاسه المحتبسة وضجيج المشاعر السائدة يكاد يعم المدينة، أعلنت برغبتها عن نهاية الصفحات المُبللة بدموع أعينها وبداية كتاب آخر يحمل بين طياته الفرح لـــفرح.!
_____________________________________
صرخ بضيق شديد عندما أحرز الفريق المنافس لفريقة المفضل هدف جديد بينما هى أرتفع صوت صياحه السعيد تمسك بـ بوق كبير تصدر به أصوات مزعجة ليجذبه منها يضعه جانبًا قائل:
_اقعدى يابت بطلى دوشه.
جلست جواره تصفق بيدها تُهلل بإستفزاز وصياح:
_الأهلى عمهم وحارق دمهم، زياد يا بليله.
دفعها بعيدًا عنه بعنف وضيق يصيح فى تشدد:
_بت أقسم بالله هلبسك الطفاية دى فى وشك أنا مش طايقك، وبعدين بليله مين الزمالك ده نادي العظماء..أنا هبرر لمين بس ياماما قومي اغسليلك طبقين ولا حاجة ايش فهمك انتِ فى الكورة.
جلست بوضع القرفصاء فوق الأريكه تلوح بيدها تجيبه بدفاع:
_لا ياحبيبي فاهمة يا بابا الدور والباقي على اللى هيخسر الرهان وهيجبلى بيج ماك وغزل البنات...هييييه جـــــون.
صرخت بسعادة وهى تصفق بيديها بفرحة عارمة لكنها تفاجأت به يغلق شاشة التلفاز لتنظر نحوه بضيق تضربه بذراعه:
_شغل التلفزيون.
-مش هشغل حاجه بطلى دوشة.
_دوشة!
قول بقى إنك أتقمصت طبيعي لازم تتقمص الأهلى ده عمهم يالا..تاكل ترمس.؟
ولا لأ صح انتَ ليك فى البليله بس.
أنهت حديثها تلاعب حاجبيها بأستفزاز مثير لأعصابة وعندما هم بالنهوض صرخت بتفاجؤ وتركت كوب المشروب الغازى من يدها ليسقط على ملابسه يلوثها كذلك الأريكة.
نهضت قبل ان يستوعب ماذا حدث حتى تقف بجانب أدهم الذى يتحدث بالهاتف تختلس النظر نحوه عندما نهض يصيح بنفاذ صبر وإهتياج، أشارت لأدهم نحو زياد الذى يقترب منهم ليتقدم يقف بوجهة يمنعه من الإقتراب يشير له بإلتزام الصمت حتى ينهى مكالمته.
إبتسمت جودي بإتساع ليشير لها متوعدًا يحادثها بهمس أستمعت له جيدًا:
_مبقاش زياد لو ما ربيتك يا شيطانة انتِ، والله لنحدد معاد كتب الكتاب والفرح النهارده.
لاعبت حاجبيها بلامبالاه ليهم بالإقتراب منها ليجدها تركض سريعًا كـ فرخة هاربة من براثين صاحبها.
ذهب يفتح باب المنزل عندما أرتفع صوت رنين الجرس بإزعاج ليجد مازن أمامه ينظر لملابسه المُبتلة يضحك بخفوات قائل:
_مش كبرت على الحاجات دى.؟
دفعة زياد بحقن يشير لسترته قائل بضيق:
_لم نفسك دى بيبسي..جودى دلقتها عليا.
ظهرت ليان من خلف مازن تضع عُلبة الحلوي التى بيدها جانبًا تضحك بقلة حيله قائلة:
_حقيقي انتو الإتنين فى عالم تانى، مش قادرة أستوعب إزاى هتفتحوا بيت وتربوا أطفال ده انتو محتاجين اللى يربيكم يابنى.
هم بالرد عليها لكنه إستدار عندما شعر بأصابع تربت فوق كتفه بلطف، وجدها تمسك بصحن به قطعة كبيرة من طعام المكرونة البشاميل تبتسم فى وداعة تحرك الصحن أمامه فى محاولة لإغراءة بالطعام وإمتصاص غضبة:
_مش عاوز تتعرف عليا خالص.؟
ضحك رغمًا عنه يمسك بالشوكة من يدها يشاركها الطعام وسط ضحكاتهم التى لا تنقطع رغم شجارهم الدائم.
________________________________
هبط من سيارته لتقع أعينه عليها وهى تخطو نحو الداخل مُمسكه بيد صغيرهم، إبتسم كـ من أزيحت الهموم عن قلبه يقترب منهما يحمل الصغير يلقيه بالهواء لتدوى أصوات ضحكاته السعيدة عندما سقط بأحضان والده يعانقة بحب وسعادة لرؤيته:
_بابا.
-روح قلب بابا.
أجابه جاسر بها وهو يطبع قبلة عميقة فوق رأسه المستقر بأحضانه ينظر لساره التى تراقبهم بإبتسامة هادئه للغاية، إبتسم لإبتسامتها فقط، إبتسامتها التى أعطته دافع لما هو مُقدم عليه يتسأل عن احوالها بلطف ودلفوا للداخل سويًا لتتسع إبتسامة الجالسين.
إقتربت ليليان تصافح سارة وتحتضنها هامسه:
_جايين سوا.؟
لم تنمحى إبتسامة سارة وهى تجيبها بهدوء:
_لأ قابلنا بره فى الجنينة، هاتى عنك.
قصدت بحديثها صحن الطعام الذى بيد ليليان لتجيلها ليليان وهى تشير نحو المطبخ:
_ليان جوه بتحط وجودى بتحول الأكل على السفرة أدخليلهم.
اومأت سارة وإختفت لداخل المطبخ بينما وضعت ليليان الصحن وتقدمت من أدهم وجاسر تلقى التحية عليه بإبتسامة هادئة، نظر جاسر نحو سارة الظاهر جزء بسيط منها وأعاد النظر لـ ليليان يتسأل:
_حكتلك.؟
همهمت ليليان بالإيجاب تجيبه بهدوء وحكمة:
_خرج نفسك من المُستنقع اللى وقعت فيه قبل ما تفكر تقرب منها، لو خايف عليها مش هتعرضها للخطر والناس اللى خربوا بيتكم دول أكبر خطر، قضية صعبة بس بالنسبة لظابط شاطر مفيش حاجة صعبة.
زفر بتروى يحرك رأسه بالإيجاب وإقتراب يصافح مازن بينما وقفت ليليان أمام أدهم تبتسم بإشراق وحماسة تمسك بيده تضعها فوق معدتها المسطحة قائلة بصوت منخفض سعيد:
_مش مصدقة اللى حصل، حاسه نفسي فى حلم خايفة اصحى منه، حامل يا أدهم.
إبتسم لسعادتها يطبع قبلة عميقة فوق جبهتها يحادثها بحنو:
_كفاية حركة كده، الدكتورة قالت راحة تامة أول أربع شهور، تعالى اقعدي وهما هيكملوا.
لسعادتها لم تجادل وجلست بالفعل تنظر لمعدتها وتبتسم بإتساع وهى تنظر حولها، تتخليهم يركضوا هنا وهناك وهى من خلفهم ضاحكة، ضحكت بحق وهى لازلت لم تستوعب، طفلها قادم.!
نهضت ترحب بفرح التى وصلت للتو برفقة حازم والتى لم تأتى منذ فترة طويلة بعض الشئ وسعد الجميع بحضورهما، أصوات حديث سائدة وضحكات مرتفعة ودعابات تلقى وصحون عديدة توضع بجانب بعضها بنظام، لا شئ سوى المودة يسود بينهم، الحزن متروك على أعتاب المنزل قبل الدخول، المنزل الذى امتلئ بدفئ تجمعهم وما زاد السعادة والصياح معرفتهم بخبر حمل ليليان الذى وبدون أدنى شك جعل الجميع فى حالة من السعادة العارمة.
_________________________________
بمنتصف النهار وبداخل تلك المُنطقة التى أشتهرت بمكوث اسوأ العائلات بها أرتفعت أصوات الهياج والتأوات بين من يظنون أنفسهم أسياد الحى وبين عائلة من الطبقة المتوسطة، أمسك منصور شقيق نسمة الأكبر الشاب الذى ينزف بغزارة من سائر وجهة ومناطق متفرقة من جسده يضع مطوية حادة حول رقبته يصرخ بعنف وقسوة به:
_هتطلقها ياروح امك وهتجوزها غصب عن عين أتخن تخين هنا، طلق يالا.!
أنهارت زوجة الشاب المسكين وهى ترى الذل والمهانة الذى تعرض لها زوجها واشقائه الملقين ارضًا وصراخ والدتهم المُسنه لتجثو على ركبتيها تمسك بيد زوجها تقبلها بقهر تحادثة برجاء واعينها تزرف الدموع دون توقف:
_طلقني..طلقني ابوس إيدك هيموتوك.
ظهر الرفض على وجه إسماعيل يحاول إبعاد يد منصور عن عنقة يلتقط أنفاسه بصعوبة بالغة:
_مش هطلقها يا ***.
دوي بالمكان صوت صفارة عربة الشرطة يتبعها إنتشار العساكر سريعًا يسيطرون على من هم حاملين للأسلحة لتبتسم نسمة الواقفة بثقة وجبروت عالمه بأنها ستضغط على جاسر حتى يهرب اشقائها من القسم ووضعت يدها بخصرها تتحدث بصوت مرتفع واثق:
_تعالا يا جاسر شوف عملوا اى فى نسايبك، اتهجموا علينا واحنا قاعدين فى أمان الله آه والله.
هبط من مقدمة السيارة يخرج سلاحه من خلف ظهره وبرفقته حازم الذى سارع بالإمساك بشقيقها الأصغر والذى كان ينوى الهرب يثبته أرضًا يضع الأصفاد الحديديه بيده.
تقدم جاسر من منصور يشهر سلاحه لرأسه يحادثه بحده:
_نزل إيدك يالا نزل بقولك.
أشتدت يد منصور حول رقبة إسماعيل يصيح برفض:
_مش هوسع غير ما يطلقها، طلق ياروح امك.
إبتعد جاسر خطوة للخلف يطلق النيران على قدم منصور ليسقط أرضًا يصرخ بألم يفتح بقدمه لتصرخ والدة نسمة وأقتربت تحاول إبعاد العساكر الذين إجتمعوا يقيدوا ولدها ويسحبوه نحو عربة الشرطة، شحب وجه نسمة وهى تراه يدفع أشقائها واحدًا تلو الآخر ولا ينظر حتى نحوها.
تقدم حكيم يصيح بغلظة يحاول تهديد العساكر للإبتعاد عن ولده الأكبر لكنه تفاجؤ بحازم يثبته جيدًا وجاسر من أمامه يضع الأصفاد بيده وتغلف أعينه نظرة باردة غير عابئ لصراخ حكيم الغاضب:
_انتَ ناسى أنا معايا ليك اى.
أرتفعت زاوية فم جاسر بإبتسامة ساخرة يجذبة من تلابيب ملابسة بعنف:
_اللى معاك ده تخلى الحجة تولعلك عليه حجر معسل يا حكيم بنتك سلمتك يا نطع، خـــدوه.
أنهى حديثه يدفعه بعنف ليسقط بعنف فوق الأرض وأجتمعت العساكر من حوله يسحبوه نحو عربة الشرطة غير عابئين بسبابه لإبنته ولـصياحه الغليظ.
تقدمت نسمة سريعًا تمسك قميصة بكلتا يديها تصرخ بشراسة:
_سلمتك اى أنا مسلمتكش حاجه.
قبض فوق كفيها بعنف يلتقط الأصفاد من أحد العساكر يضعها بيدها رغم محاولاتها للإلفات حتى أنها حاولت أستعطافة:
_أنا حامل اقسم بالله حامل، سيبني يا جاسر وسع.
أغلق الأصفاد بإحكام يقبض فوق فكها يحدثها بتوعد من بين أسنانه:
_إبنى وهاخده عشان ملوش ذنب إن أمه ****، مش هسيبه لواحده زيك والاقيه بقى مدمن ولا قتال قتلة.
سحبها من يدها نحو السيارة الكبيرة التابعة للشرطة يدفعها للداخل يغلق الباب من خلفها يلتفت لحازم الواقف خلفه يعاون إسماعيل على الصعود لسيارة الإسعاف وسيل الدعوات التى إلقيت لهم من والدة إسماعيل وأهالى المنطقة.
إقترب حازم من جاسر يخرج أوراق مطوية من جيب بنطالة قائل بهدوء:
_دى صور القايمة والوصل اللى كانوا مع حكيم عشان ميبقاش فيه اى دليل على كلامهم.
فتحهم جاسر يتأكد من صحتهم وإبتسم بعدم تصديق يتسأل:
_جبتهم إزاى.
أشار حازم نحو شابة صغيرة كانت مسؤولة عن تنظيف منزل حكيم دومًا، إبتسم جاسر لها بإمتنان ومزق الأوراق التى بين يديه.
إقتربوا سويًا من والدة إسماعيل التى أنحنت تود تقبيل يد حازم إلا أنه أبتعد سريعًا يخبرها أنه لم يؤدى سوى واجبه، أشار جاسر نحو الكاميرا المعلقة أمام محل البقالة المواجهة تمامًا لمنزل عائلة نسمة:
_تسمحيلي أخد تسجيلات الكاميرات دى يا أمى.؟
اومأت السيدة سريعًا وفتحت الباب المغلق تتركه يأخذ ما يشاء بالتأكيد تلك الكاميرا سجلت لحظة وضعهم للحشيش بسيارتة وستفيده بالكثير بينما وقفت السيدة تدعوا بالحمد لربها على نجاة ولدها من بين أيدى هؤلاء الطغاة.
___________________________________
بعد مرور ثلاث أيام.
_حكمت المحكمة حضوريًا على المتهم حكيم أبو غالى بالسجن المؤبد بتهمة تجارة المواد المخدرة وغرامة قدرها 500 ألف جنية، وعلى المتهم منصور حكيم ابو غالى بالإعدام شنقًا لإثبات تهمة الشروع فى قتل ومشاركتة فى تجارة المخدرات، وعلى المتهمة نسمة حكيم ابو غالى بالسجن لمدة عامين بتهمة إنتهاك حرمة الغير، رفعت الجلسة.
أرتفع صراخ والدة نسمة ترفض حديث القاضي تحاول التمسك بإبنها المسحوب بواسطة عساكر الشرطة بينما وقف جاسر يتابع صعودهم واحدًا تلو الآخر لعربة الترحيلات لتنفيذ حكم المحكمة.
زفر بعمق يراقبهم وهم يرحلون عن حياته الذين دمروها بدون ذرة رحمة وضعت بقلوبهم، دمروا عائلته الصغيرة من أجل مبتغاهم وفقط.
نظر لإصدقائه الذين أصطفوا لجواره بإبتسامة، أصروا جميعًا على حضور جلسة الحكم وعاونوه كثيرًا بعمل عقد طلاق لنسمة منه بتاريخ قديم حتى لا يتورط معهم عند الحكم عليهم وطلقها فعليًا عند مقابلته لها بقسم الشرطة، حدثهم بمزاح طفيف:
_بالمناسبة السعيدة دى هعزمكوا على أحلى أكلة سمك فى عمركم كله.