رواية عاصفه الهوي الفصل الثالث و السبعون بقلم الشيماء محمد
سبيدو، بعد ما سمع كلام عز، مكنش عارف هل السؤال ده بجد ولا هو فعلًا عنده علم بتعب همس؟ وقف محتار، مش عارف يجاوب، فعز قرب منه:
يا ابني مالك ساكت ليه كده؟ بقولك عرفت بتعب همس ولا لأ؟ أنا لسه قافل مع والدها وقالي إنهم في المستشفى.
عز سكت لحظة، وبعدها علّق باستيعاب:
انت لو مش عارف، جاي الصبح في حاجة حصلت؟ المصنع حصل فيه حاجة ولا الشركة؟
سبيدو بسرعة:
لا لا يا عمي، الحمد لله كل حاجة بخير. - أضاف بحرج - أنا بس كنت مواعد آية نفطر مع بعض، آسف يا عمي بس...
قاطعه عز بأسف حقيقي:
بتتأسف على إيه يا ابني؟ انت يدوب لسه مرتبط انت وآية، ومن أقل حقوقكم تفرحوا بارتباطكم ده، فلو حد المفروض يتأسف، فأكيد مش انت.
سبيدو بتأثر:
يا عمي حضرتك بتقول إيه بس؟ سيف أخويا بعيد عن آية وارتباطي بيها، المهم، تحب تعمل إيه حضرتك دلوقتي؟ عايز تروحله؟
عز بحرج:
هبلّغ نصر وأروح...
قاطعه سبيدو بسرعة:
والله عيب يا عمي أكون موجود وتقولي أبلغ نصر، حضرتك اطلع جهّز وهتروح أنا وانت نطمن عليهم ونقف جنبه، وربنا بإذن الله هيقومها بالسلامة.
طلعت سلوى اللي سمعت آخر جملة، فعلّقت باستغراب:
مين هي اللي تقوم بالسلامة؟ مين تعبان؟
عز جاوبها بزعل:
همس تعبت، وسيف خدها المستشفى.
سلوى شهقت:
البيبي حصله حاجة؟ طمّني يا عز!
سبيدو اتضايق إن حماته اهتمت بالبيبي أكتر من اهتمامها بتعب همس، آه حفيدها، بس برضه المفروض تهتم أكتر بصحة همس. بص لعز اللي جاوبها:
ما نزلش الحمد لله، بس الدكتورة متخوفة وحجزتها.
سلوى اقترحت:
خلينا يا عز نجيبها هنا جنبنا ونهتم بيها، همس مجنونة لسفرها بالشكل ده وشحططة ابني معاها بالشكل ده.
عواطف طلعت لآية بتصحيها، فتحت عينيها بكسل:
بتصحيني ليه يا عواطف دلوقتي؟ سيبيني شوية كمان.
عواطف مبتسمة:
جوزك تحت، هو اللي بعتني أصحيكِ.
آية فتحت عينيها على آخرهم:
بتتكلمي بجد ولا بتشتغليني؟
عواطف ضحكت:
هشتغلك ليه؟ هو يدوب واصل وقال هتفطروا مع بعض.
آية قامت بسرعة وهتطلع من الأوضة، بس عواطف وقفتها:
انتِ طالعة بالترنج؟ غيري هدومك الأول.
آية برفض:
أسلم عليه الأول وبعدها أطلع أغيّر.
نزلت جري، قابلت سلوى في وشها اللي مسكتها من دراعها:
انتِ عارفة إن سبيدو هنا؟ إزاي نازلة بلبس البيت كده؟
آية ببساطة:
علشان سبيدو جوزي، مش حد غريب، بعد إذنك.
شدت دراعها وراحت لعنده، وأول ما شافته رمت نفسها في حضنه كأنه غايب من سنين، مش من كام ساعة سايبها. حضنها ورفعها من على الأرض وهو عنده نفس الإحساس ده، همس لها أخيرًا:
وحشتيني، أنا مش عارف أنا كنت عايش إزاي أصلًا من غيرك؟
ابتسمت وعلّقت:
فعلًا تحس إننا مكنّاش عايشين.
نزلت على رجليها بس إيديها حوالين رقبته:
هنطلع نفطر أنا وانت بره؟
ابتسم بأسف:
لأ، للأسف يا روحي.
بصتله بصدمة:
ليه؟ طيب انت جاي ليه لو مش علشان نفطر مع بعض؟
وضّحلها اللي حصل، وهي اتفاجئت:
أنا هاجي معاكم، هطلع أغيّر هدومي وآجي معاكم.
سبيدو مسك دراعها قبل ما تتحرك:
حبيبتي، بلاش انتِ، خليكِ في الشركة مكان أخوكِ بما إن والدك رايح وسيف مش موجود، فانتِ تسدي مكانهم، وهطمنك بالفون أول بأول، اتفقنا يا روحي؟
وافقت على مضض، بس هو عنده حق. أخدها في حضنه وهي استكانت بين إيديه، وبعدت نفسها عنه ومسكت إيده لإنهم واقفين في نص الريسبشن، أخدته بعيد عن المدخل وقعدوا الاتنين جنب بعض:
هتيجي على طول ولا هتعمل إيه؟ يعني لو بابا وماما قعدوا، انت هتعمل إيه؟
جاوبها وهو بيلعب في خصلات شعرها:
هارجع أكيد، علشان المصنع كمان فيه طلبية جاية لي في الجمارك وعايز أروح استلمها.
ابتسمت وقربت منه أكتر وبدلع:
أروح استلمهالك أنا؟ أنا بقيت خبيرة في تخليص الطلبيات من الجمارك وبدأت أعرف الناس هناك وأتعامل معاهم.
داعب خدها بحب:
مش هينفع يا روحي.
بعدت عنه بغضب:
ليه إن شاء الله؟ مش واثق فيا؟
شدها عليه تاني:
الموضوع مالوش علاقة بالثقة يا قلبي، بس هتروحي الجمارك تقوليلهم إيه؟ أنا مراته، افرجولي عن طلبيته بالحب؟
كشرت بغيظ لإنها مفكرتش بالشكل ده، وهو ابتسم ومسك وشها وباس خدودها:
ما تكشريش يا روحي، لو تحبي أخلي الأستاذ إمام المحامي يعملك شريكة معايا في المعرض بحيث تبقي معايا في كل حاجة، إيه رأيك؟
فرحت بعرضه:
انت بتتكلم بجد؟
رفع دقنها تواجهه:
طبعًا، أنا عندي كام آية؟
بصت لعينيه كتير، ونظراتها كلها حب:
أنا بحبك أوي، بس مش محتاجة تاخد خطوة زي دي معايا، المعرض بتاعك وهوايتك المفضلة، بس عرضك يعنيلي كتير أوي، حبيبي، ربنا يخليك ليا دايمًا.
قرب من شفايفها، عايز يلمسهم، بيحلم بيهم من بعد ما سابها بالليل وهو بيتخيل نفسه بيلمسهم من تاني، ومش عارف إزاي بيقدر يبعد عنها، ولا إزاي يعرف يستغنى عن شفايفها.
آية قلبها بيدق بسرعة، أصلًا طول الليل بتحلم يقرب منها تاني، وبتتمنى لو في فرصة تشبع من قربه منها.
غمضت عينيها منتظرة لمسة شفايفه ليها.
اندمجوا الاتنين مع بعض، وغابوا عن العالم حواليهم، لحد ما سمعوا صوت عز:
هتيجي معانا يا أمي؟
هوليا ردت بسرعة:
طبعًا هروح لحفيدي.
سبيدو وقف بسرعة متوتر، وشد آية وقفها، بص لوشها وبإيده بيلمس شفايفها وهمسلها:
اطلعي انتِ ارتاحي شوية قبل ما تنزلي الشركة.
وافقت بدماغها، بس قبل ما تبعد، رجعت مسكت ياقة قميصه:
هشوفك تاني إمتى؟
مسك إيدها من على قميصه، باسها بخفة:
أول ما أرجع بإذن الله هجيلك مكان ما انتِ موجودة.
نزل عز وراه سلوى اللي علّقت:
انتو لسه هنا؟
عز هو اللي رد عنهم:
هيروحوا فين؟ سبيدو هيوصلنا، وآية هتطلع على الشركة، صح يا روحي؟
آية ابتسمت لأبوها:
صح، بس كنت عايزة آجي معاكم، سبيدو قالي خليكِ بالشركة مكانكم.
عز ابتسم:
وهو ده عين العقل، وإحنا هنكلمك ونطمنك يا روحي.
عز لف دراعه حواليها بحب:
ربنا ما يحرمني منكم أبدًا.
نزلت هوليا:
أنا جاهزة أهو، يلا.
خرجوا كلهم، وسلوى سألت:
هنروح بعربيتنا، صح؟
سبيدو علّق بلباقة:
لا، هنروح بعربيتي، اتفضلوا.
سلوى وقفت قدام عربيته وعلّقت باستنكار:
عربيتك "تسلا"؟
سبيدو بصّ لها باستغراب:
آه، ليه؟
سلوى معلّقتش، بس مكنتش متخيّلة إنه معاه عربية بالشكل ده وبالسعر ده، ما تخيلتوش غني للدرجة دي.
سبيدو فتح لها الباب:
مالها التسلا؟ مش عاجبة حضرتك، أغيّرها؟
حسّت إنه بيتريق عليها، فردّت تضايقه:
لا، بس ما تخيلتكش معاك عربية بالسعر ده؟
ضحك بصوت عالي وعلّق:
أنا لعبتي العربيات، إزاي ما تخيلتيش معايا عربية بالشكل ده؟ تعرفي إن عربية ابنك البوجاتي أنا اللي جايبها له؟ - قرب وشه منها - العربيات بكل أنواعها لعبتي، ابقى نوريني في المعرض عندي أي وقت وشوفيه.
سلوى دخلت مكانها:
هبقى آجي أكيد، خلينا نطمن الأول على حفيدي.
هوليا صححت:
نطمن على همس الأول، وابنك، مش حفيدك، وبعدين ممكن تكون حفيدتك، مين قالك إنه ولد؟
عز شاور لسبيدو:
يلا يا ابني، دول مش هيخلصوا، إحنا طريقنا طويل بيهم، يلا.
همس فتحت عينيها، كانت لوحدها في الأوضة، وحست برعب:
سيف؟ سيف؟
باب الحمام اتفتح:
موجود يا همس، اطمني يا روحي.
طلع لعندها وقعد على السرير جنبها:
نمت جنبك ويدوب صاحي، فقولت أغسل وشي أفوق كده. أبويا عرف، وزمانه على وصول هو وأمي وهوليا.
شدته عليها علشان تعرف تسند على كتفه، فهو ضمها لحضنه:
مكنش لازم تعرفهم وتتعبهم يا سيف.
وضّحلها:
بابا اتصل بيا، ولما ما رديتش، فاتصل بأبوكِ اللي افترض إنه عارف، لأنه سأل عنك، فقاله... المهم، حاسة بإيه؟ لسه المغص ولا هدي؟
بصتله كتير قبل ما تسأله بفضول:
ينفع أسألك سؤال وتجاوبني بصراحة تامة؟
وافقها بدماغه، فتابعت:
خايف عليا ولا على البيبي؟
بصلها كتير مستغرب تفكيرها:
البيبي اللي لسه ما شوفته ولا أعرفه، هخاف عليه؟ ولا أخاف عليكِ انتِ، مراتي وحبيبتي؟
علّقت بشرود:
حسيتك مش بتحبني النهاردة.
حط إيده على خدها:
النهاردة قولنا كلام كتير لبعض، كله أغبى من كله، ينفع نشطب اليوم ده من ذكرياتنا، وكل واحد ينسى كل اللي اتقال؟
همس بتبرير هي كمان : أنا عمري ما فكرت فيك بالشكل اللي قولته النهاردة، عمري أبدًا، ومش عارفة مصدر الكلام الغبي ده إيه؟ مصدقني، صح؟
حرك دماغه:
مصدقك يا همس، بس يا همس، أنا محتاجك تثقي فيا أكتر من كده. ثقي إن الظروف اللي بنمر بيها صعبة وجديدة عليا. أنا كنت طالب عادي، ما حبيتش أدخل جامعة خاصة، ودخلت جامعة عادية علشان عايز أعيش بشكل عادي، وسافرت اشتغلت علشان أصرف على نفسي، ومحدش هناك كان يعرف إني غني، كنت مجرد واحد بيدرس وبس. ولما رجعت مصر واتعينت في الجامعة، كان نفسي أكمل فيها وبس، لكن غصب عني دخلت مجال البيزنس بسبب مشاكل الشركة والأزمة اللي كان أبويا بيمر بيها، وغصب عني دخلت المطحنة دي واتطحنت فيها. سبيدو قالهالي، وحتى ماجدة قالتها، "انت بتلعب بنظافة قصاد ناس وسخة ما بترحمش"، فكان لازم ألعب بأسلوبهم وبطريقتهم، وما عملتش ده غير لما أذوكِ انتِ. لما كنتِ هتروحي مني، كان لازم ساعتها ألعب بنفس أسلوبهم وطريقتهم، وإلا هيدوسوا علينا. فأنا مش الشخصية اللي ممكن تهدد ولا تحبس، بس هم أجبروني أعمل ده.
سمعته بقلبها وبروحها، وبعد ما سكت، مسكت وشه بإيديها الاتنين:
ما عنديش أي شك في كل كلامك ده، وعارفة، وواثقة فيكِ لأبعد الحدود. أنا بس اتجننت لما عرفت إن في واحدة شاركتني فيك، بس اتجننت من غيرتي عليك. مش قادرة أفكر إنك تلمس واحدة زي ما بتلمسني، ولا تاخدها في حضنك، وأتفاجئ إن في واحدة لمستها قبلي؟ عملت علاقة معاها؟
سيف قاطعها برفض:
ليه بتبصيلها كده؟
علّقت بأسف:
عارفة إنك مكنتش في وعيك، ومش فاكر ده، بس دماغي بتتخيله كل شوية. بتخيلك معاها في السرير، وبتلمسها زيي، وبتعمل علاقة كاملة معاها. كل ما بغمض عيني، بشوفها عريانة في حضنك، ومش عارفة أمحي الصورة دي من دماغي. يمكن تكون هرمونات حمل زي ما بيقولوا، بس الصورة دي مجنناني يا سيف، ومش عارفة أشيلها من دماغي.
مسح دموعها:
طيب أعمل إيه علشان أمحيها؟ قوليلي، تحبي أبعد؟
مسكته من تيشيرته بإيديها الاتنين، قربته منها:
إياك تبعد عني تاني، مش هسمح لحد يبعدنا عن بعض، لا أنا ولا انت. مكاني في حضنك، ومكانك في حضني وبس.
سندت راسها على صدره، وهو علّق:
والصورة اللي مش عارفة تمحيها؟
اتنهدت بألم:
حضنك هيمحيها، بس المهم تخليني جنبك، وبس، ده المهم.
خلاها تستريح في السرير وهو جنبها، ساند على إيده ووشه ليها:
ما رديتيش عليا على فكرة. (بصتله باستفسار) فهو كمل :
المغص أخباره إيه؟
ابتسمت تطمنه:
أحسن كتير، بعد ما نخرج من هنا، نروح بيتنا، ماشي؟
ابتسم:
ماشي يا ستي.
استكانت في حضنه، ودفنت نفسها جواه أكتر وأكتر. سيطر الصمت عليهم كتير، لدرجة تخيل إنها نامت، فسألها بصوت هامس: نمتي؟
ردت زيه: لأ.
بعدت وشها عن حضنه علشان يشوف وشها، فهو علّق وهو بيلعب في شعرها: "أنا ما لمستش جيسيكا يا همس."
بصتله بحيرة: "قصدك إيه؟ ليه بتفتح الموضوع ده تاني؟ مش اتفقنا نقفله خالص وننسى كل اللي قولناه؟"
ابتسم ووضّحلها: "هنقفله يا روحي، بس بعد ما يخلص. أنا ما لمستش جيسيكا."
سألته بحيرة: "يعني إيه ما لمستهاش؟ مش بتقول صحيت لقيتها في حضنك ومن غير هدوم انتوا الاتنين؟"
وضّحلها بتردد وعينيه في عينيها: "ما تقبلتش اللي حصل، ولا تقبلت رد فعل أبويا، وروحت عملت تحاليل أفهم بيها إيه اللي حصلي في الليلة دي، وليه مش فاكر أي حاجة."
سألته باهتمام: "وعرفت؟"
حكالها كل اللي حصل بالتفصيل، والتحاليل، والنتيجة، وهي سمعته باهتمام لحد ما سكت، فسألته بحيرة: "طيب ليه ما قلتليش من البداية إنها مزقوقة عليك؟ ليه فضلت ساكت؟ ليه ما قلتش لحاتم وبرأت نفسك؟ ليه فضلت ساكت يا سيف؟"
بصلها كتير وإيده على خدها بحب: "حاولت أقول لحاتم، بس الغضب كان عاميه وكان مصدق جيسيكا ونسي العِشرة اللي بينا."
سألته باهتمام: "ولما هِدي ليه ما حاولتش تفهمه؟"
بصلها باهتمام قوي: "الشخص اللي تكوني محتاجة دايمًا تبرري تصرفاتك قصاده وتكلميه وما يصدقكيش، مالوش لازمة في حياتك أصلًا يا همس. طالما هو صدّق واحدة رخيصة لسه عارفها ورفض يسمع صديقه اللي معاشره من سنين، فمش مستاهل إني أبرئ نفسي قدامه."
سألته بحيرة: "وأنا؟ ما استاهلش تبرئ نفسك قدامي يا سيف؟"
مسك وشها بإيديه الاتنين: "انتِ عشقي يا همس، عشقي فاهمة؟ وقلتلك ألف مرة مفيش قبلك، وما حبيتش حد غيرك، وعمري ما لمست غيرك. إزاي بعد كل ده تصدقي حاجة غير كده؟ إزاي قدرتي تاخدي القرار وتبعدي عني؟ ده وجعني منك."
حاولت تبرر: "سبتني أمشي مع نادر ليه؟"
بص لعينيها: "علشان الصحافة اللي محاوطة البيت والمحكمة، علشان تعبك وحملك، وتكوني مع نادر، هو هيهتم بيكِ لحد ما أجيلك. ما تخيلتش إنك هتصدقي جيسيكا."
رفضت: "أنا سمعتك انت ما صدّقتش جيسيكا. ويمكن لو كنت قلتلي الحكاية دي من يوم ما ظهر حاتم وقال اسمها، مكنّاش وصلنا للنتيجة دي."
سكت شوية قبل ما يبرر سكوته: "إزاي أقول لمراتي المجنونة اللي ما بتفكرش لحظة قبل ما تتصرف، إن في واحدة اتهمتني باغتصابها؟ معرفتش إزاي أقولك، وخوفت تاخدي نفس رد الفعل اللي خدتيه."
باسِت إيده اللي على خدها: "أنا آسفة على رد فعلي ده، بس بحبك، أعمل إيه في حبي وقلبي اللي بيوجعني."
حطت إيديها حوالين رقبته ودخلت لحضنه: "خليني جنبك على طول، ما تبعدش عني وما تسمحليش أبعد عنك، وخليك واثق إني مهما بعدت كام ساعة، هتلاقيني راجعة. ولعلمك، لو مكنتش جيت، كنت هاجي النهاردة بحجة الكلية."
ابتسم وربّت على شعرها: "لِعلمِك، أنا روحت لبيت أخوكِ تاني، بس ملقتش غير ملك، اللي قالتلي إنك سافرتي مع أبوكِ، ولكِ أن تتخيلي صدمتي ساعتها."
باسِت رقبته: "بجد حقك على قلبي." - سألته بفضول - "انت لسه فاكر اللي قلته في البيت؟"
بصلها بمشاكسة: "إني خطبت شذى علشان فلوس أبوها؟"
كشرت: "يوووه يا سيف، انت مش هتنسى، صح؟"
ضم رأسها لصدره: "ما تشغليش بالك يا همس، المهم دلوقتي إننا مع بعض."
همس سكتت، لكن بعد شوية علّقت بتأثر: "سيف، أنا بحبك، وأه بحب العلاقة بينا، بس مش هي الأساس."
اتنهد سيف بأسف: "عارف... همس انتِ عندك حق، احنا لازم ننسى كل الهبل اللي قلناه لبعض."
سبيدو وصل واتصل بسيف يبعتله لوكيشن المستشفى، وبعدها اتقابلوا كلهم في غرفة همس، اللي فرحت بزيارتهم، وخصوصًا هوليا، اللي حضنتها جامد وعاتبتها على سفرها وبعدها حذّرتها: "إياكِ تسيبي حفيدي تاني وتبعدي، فاهمة؟"
ابتسمت بحرج، وكلهم فضلوا يتكلموا، قاطعهم وصول دكتورة منال اللي كانت جاية تطمّن على همس، ولما شافتها بتضحك والكل حواليها، علّقت: "أخيرًا شُفتِك بتضحكي؟ الحمد لله، ما تخيلتش إني هشوفك كده."
سلوى بفضول: "ليه، هي كان مالها؟"
سيف بص لوالدته ورد عليها: "كانت تعبانة وبتعيط من الألم، هيكون مالها يعني؟"
الدكتورة احترمت رد سيف جدًا، وفاتن وخاطر عجبهم رده.
منال علّقت: "أنا محتاجة أكشف عليها علشان نحدد هتفضل معانا ولا هنقولها يلا بره؟"
الكل بدأ يخرج بره، وفاتن كانت هتفضل مع بنتها، بس لما لقت سيف واقف طلعت هي كمان. الدكتورة بصت لسيف: "هقولك انت كمان اطلع بره."
بصلها بذهول: "أفندم؟ ليه؟"
علّقت: "محتاجة أكشف عليها."
سيف باستغراب: "دي مراتي، هاااه؟ مراتي!"
منال بحرج: "يا سيدي، عارفة إنها مراتك، بس أنا بتحرج أكشف على واحدة وفي راجل موجود، لو احتجنا حاجة هنبلغك."
سيف بص لهمس: "عايزة حاجة؟ هطلع لحد ما تخلص."
حركت دماغها بموافقة، وهو وطى وباس خدها وإيدها وخرج بره. فاتن أول ما شافته: "طلعت ليه؟"
جاوبها: "الدكتورة طلعتني."
راح وقف جنب سبيدو: "أخبارك إيه انت وآية؟"
سبيدو ابتسم لذكراها، وسيف لاحظ ابتسامته دي وعلّق: "مش عايز أعرف سر الابتسامة البلهاء دي."
سبيدو ضحك: "ما صدقتش وانت بتقول على مروان إن الابتسامة البلهاء بتيجي في نفس الباكدج."
سيف ضحك: "دلوقتي صدقت؟ ربنا يسعدكم يا سيدي."
أمّن على كلامه قبل ما يسحبه بعيد: "جيسيكا عايزة تتكلم معاك بأي شكل وخاربة الدنيا هناك، كمان خليل بعت رجالته يدوروا عليها."
سيف بهدوء: "أول ما أنزل القاهرة هروح لها بإذن الله."
سكتوا الاتنين شوية قبل ما سبيدو يسأل بفضول: "الجواز حلو، صح؟"
سيف بصله باستنكار قبل ما يعلق: "سبيدو، لاحظ إنك هتتجوز أختي!"
-"يعني إيه قصدك؟"
جاوبه ببساطة: "يعني مش أنا الشخص اللي هتقوله إنها وحشاك أو بتموت فيها أو تسألني الجواز حلو ولا وحش."
سبيدو باستغراب: "بس انت أقرب حد ليا، فهتكون أول حد أفكر فيه وأتكلم معاه، وأحكيله عن حاجة بسطاني أو حاجة مزعلاني."
سيف بتأثر: "ماشي يا سبيدو، بس آية أختي الصغيرة، ماشي بقت مراتك، بس مش هقدر أسمعك بتحكي عن أول مرة تلمسها فيها أو تاخدها في حضنك أو حتى تبوسها. آه هي مراتك وحقك، بس مش هينفع، فأنا معاك في كل حاجة إلا الحتة دي، غصب عني، اعذرني."
سبيدو بتفهم: "لحد إمتى؟ ولا الوضع ده مستمر؟"
سيف ابتسم: "لا، مش مستمر إن شاء الله، هو لحد ما أتعود إنها بقت مراتك، وتبقى في بيتك ومراتك بشكل جاد حقيقي."
الممرضة خرجت وبصت في الوشوش اللي بره لحد ما لمحت سيف: "الدكتورة عايزاك."
سيف اتحرك: "وبعدين! شوية تعال، وشوية اطلع بره!"
دخل عندهم، والدكتورة ابتسمت: "هي الحمد لله أحسن دلوقتي، بس طبعًا مطلوب راحة تامة. هي فهمتني إنك المفروض هتسافر بيها للقاهرة؟"
بص لهمس: "انتِ أحسن دلوقتي؟ هتقدري تسافري؟"
وافقت بدماغها، وهو بص للدكتورة: "أقدر فعلًا أسافر بيها؟"
وافقت: "آه، تقدر، بس طبعًا هتسوق براحة، وهناك هترتاح يومين أو ثلاثة لحد بس ما الدنيا تستقر، وتتابع مع الدكتورة بتاعتها هناك. ومن هنا لحد ما الدكتورة تقولها أمورها تمام، مفيش طبعًا أي علاقة هتم، لحد ما نطمن."
همس باستفسار: "مفيش علاقة حتى لو أنا كويسة؟"
سيف ابتسم بس معلقش، والدكتورة بصتلها باستغراب: "آه، مفيش، لحد ما نطمن إن الحمل استقر. وبعدين أنا قلت يومين تلاتة، مش كتير."
همس بتهكم: "دول مش كتير؟ أمال الكتير يبقى إيه؟"
منال بصتلها بذهول وعلّقت: "الكتير لما أقولك مثلًا أول ٣ شهور مفيش، ده اسمه كتير."
همس بتريقة: "في الحالة دي، هقولك إني مش عايزة البيبي أصلًا اللي هيخليني بعيدة عنه ٣ شهور!"
الممرضة ضحكت، وسيف مسك إيد همس: "اهدي ممكن؟" - بص للدكتورة وحاول يتكلم بعملية - "أسافر بيها دلوقتي ينفع، ولا أنتظر لبكرة؟ إيه الأفضل لها؟"
منال بتفكير: "لو مضطر، امشي دلوقتي، بس زي ما قلت، هتسوق براحة، وهناك ترتاح في السرير على ظهرها اليومين دول، لحد بس ما أمورها تستقر، وبلاش نرفزة ياريت، النرفزة والزعل وحشين عليها، والنزيف اللي حصل ده كان إشارة من ربنا بينبهنا."
سيف بجدية: "ربنا ما يجيب زعل، وبإذن الله خير." - بصلهم - "أدخّل الناس اللي بره؟"
منال: "دخلهم، وأنا هكتب لها خروج، تخلص المحلول اللي في إيدها وتقدر تمشي بيها.
سبيدو كلم آية طمّنها على وضعهم، وهي كلمت سيف وهمس، واطمنت أكتر منهم. فكر يمشي، بس لما كلم سيف رفض وقاله إنه محتاجه علشان الكل هيرجع القاهرة، وعربيته مش هتكفي، وزي ما جاب أبوه وأمه وجدته، يرجعهم معاه، لأنه أكيد حماه وحماته هيرجعوا القاهرة برضه، فهو محتاج عربية تانية معاه.
آخر النهار، سيف أخد همس في عربيته، وركبت معاه فاتن وهوليا، وسبيدو ركب جنبه خاطر، وكمان عز وسلوى، واتحركوا كلهم على القاهرة.
في الطريق، بعد ما خرجوا من البلد وزحمتها، سبيدو كلم سيف: "هو انت هتفضل ماشي كده لحد إمتى، معلش؟ خرجنا بره البلد، فـ إيه بقى؟"
سيف ابتسم، وعارف كويس صاحبه حاسس بإيه: "سيادتك ناسي حاجة مهمة."
سبيدو: "اللي هي؟"
سيف: "إن همس حامل ولسه خارجة من المستشفى."
سبيدو استغبى نفسه وعلّق بحرج: "تصدق نسيت؟ المهم، أسبقك ولا أعمل إيه؟ أنا ممكن أتشل في العربية هنا، وخصوصًا بالصحبة الحلوة، انت عارف."
سيف ضحك: "قصدك حماتك؟ طيب حاسب لتسمعك وتتعلق."
سبيدو بضحك: "أتعلق أكتر من كده؟ بعدين هي معاها مكالمة مركزة فيها، مش سامع صوتها؟"
سيف: "سامع، المهم، عايز تمشي؟ اتحرك، أنا مش هقدر أزود السرعة عن كده."
سبيدو: "تمام، أشوفك في القاهرة، الله معك."
قفل معاه، واتحرك بسرعة، وخلال لحظات كان اختفى من قدامهم.
سبيدو وصل البيت، ونزلت آية تستقبلهم وهي بتجري، سلمت على أبوها وأمها وخاطر، بعدها بصّت لسبيدو: "أمال سيف وهمس فين؟"
عز جاوبها: "ورانا، بس سيف سايق على مهله علشان همس."
آية بقلق: "هي كويسة؟ والبيبي كويس؟"
خاطر جاوبها: "الحمد لله يا بنتي، بخير."
آية: "ربنا يتم حملها على خير يا رب."
سلوى بصت لبنتها: "بلّغي عواطف تحضر أكل لهمس، تشوف هي بتحب إيه وتجهزه."
آية قبل ما ترد عليها، عواطف طلعت: "كله بيجهز، سيف كلمني وبلغني إنهم في الطريق، وعقبال ما يوصلوا هتكون السفرة جاهزة، اطمني يا هانم."
سبيدو حمحم: "طيب، حمد الله على سلامتكم، أنا هنسحب، ورايا كذا حاجة في المعرض."
عز مسك دراعه: "انت هتقعد نتغدى مع بعض، محدش فينا أكل أي حاجة من بدري غير يدوب ساندوتشات، فصاحبك يوصل وناكل، وبعدها شوف مصالحك يا ابني."
ابتسم بحرج: "متشكر يا عمي، بس..."
قاطعه: "ما بسش، قولي حاجة لجوزك يا آية، أنا اللي همسك فيه وانتِ ساكتة ولا إيه؟"
اتحرجت وعلّقت: "خليك قاعد بجد، مشّي أمورك بالفون."
سبيدو بصلها: "مش هينفع، انتِ عارفة إني ما روحتش مشوار الجمارك النهاردة، وكان في عربية مواعد صاحبها يستلمها، وميعادي معاه بعد نص الليل، فالمفروض أضعف الإيمان أقابله وأعتذر له، لأنه كان جايبها هدية تقريبًا، وكده أعتقد إن خططه باظت، فمش عارف صراحة رد فعله."
سلوى بتهكم: "يعني هدية، هتفرق إيه من الليل للصبح؟ روح الصبح وهاتها وسلمهاله، هدية زي دي تأخيرها مش هيفرق."
سبيدو باستنكار: "أعتقد يا حماتي، ساعات التوقيت بيفرق مع البنات، يعني أنا لو سلمت الهدية بعد عيد الميلاد، أعتقد فقدت معناها." - بص لآية - "ولا أنا غلطان؟"
آية بتأكيد: "لا طبعًا مش غلطان، وتعمل حسابك في ده، مش هقبل منك هدية بعد ما المناسبة تعدي، ملهاش طعم."
سلوى بتهكم: "قيمة الهدية هتنسيكِ تأخيرها."
كلهم بصّولها باستنكار، بس خاطر اللي علّق: "أعتقد قيمة الهدية مش مهمة قصاد معناها أو قصاد اهتمام الشخص نفسه بحبيبه، قيمة الهدية ده آخر شيء ممكن حد يفكر فيه."
سلوى باستسلام: "دي وجهات نظر يا أستاذ خاطر، يمكن أكون عملية شوية أكتر من عاطفية، علشان كده نظرتي مختلفة."
عز أنهى الحوار: "تعالوا نقعد، احنا ليه واقفين كده؟"
سلوى: "اسمحولي أغيّر هدومي وأنزل الأول."
انسحبت، وعز بصّ لسبيدو: "شوف يا ابني، حاول بالتليفون تمشي أمورك، قدرت خير وبركة، اقعد معانا، هتنورنا، مقدرتش..." - بص لبنته - "نعذره النهاردة، وبكرة نعوضها."
ابتسم سبيدو بتقدير لحماه: "تمام، هطلع الجنينة أشوف هعرف أعمل إيه."
عز: "براحتك، البيت بيتك."
آية لأبوها: "هطلع معاه يا بابا بعد إذنك."
أبوها بيهزر: "طيب، هو هيعمل تليفونات مهمة، وانتِ؟"
آية بتفكير: "هساعده طبعًا يا بابا."
عز بتريقة: "هتساعديه إزاي، معلش؟"
آية فكرت لحظات: "هقرأ له الأسماء علشان مش معاه نظارة القراية." - خبطته في كتفه - "صح ولا إيه؟"
سبيدو بتأكيد: "أنا عندي عشا ليلي يا عمي، خفاش بالليل."
كلهم ضحكوا، وعز بضحك: "صعبت عليا، تصدق؟ فكرني ما أركبش معاك بالليل العربية، اطلعي معاه بدل ما تلبسيه في أمراض تانية."
خرجوا الاتنين مع بعض، وسبيدو علّق بمزاح: "خدي يا بنتي، طلعيلي رقم أشرف محمد عرفان بقى، طالما طلعتيني أعمى قدام أبوكِ."
ضحكت ومسكت دراعه بحب: "كنت عايزني أقوله إيه يعني؟"
رد بتهريج: "قوليله هقوله كلمة في بوقه، عادي يعني."
بصتله لوهلة تستوعب هو قال إيه، وهو ضحك على منظرها وصدمتها، وضحكه زاد لما ضربته في صدره.
قعدوا جنب البيسين، و بالفعل كلم الراجل، اعتذر منه ووعده إن الصبح هيروح للجمارك مباشرة، والراجل تقبل اعتذاره. قام من جنبها يتمشى، واتصل بالمعرض، كلم موظفيه، اطّمن منهم على أمور المعرض، وكلم رجالته اللي عند جيسيكا، اطّمن على الوضع عندهم، وكل ده وآية مرقباه لحد ما أنهى المكالمة، فهي علّقت: "لو هتعمل مكالمات تانية، قولي أدخل أجيب موبايلي، علشان القعدة كده مملة أوي. أنا قولت مكالمة وهتنجز، مش نص ساعة رغي!"
رجع قعد جنبها وقفل الموبايل، حطه في جيبه: "مش هعمل مكالمات تانية، يا سلام، أنا عندي كام يوكا يعني؟ أنا كلي لكِ، شاوري."
ابتسمت بخجل: "مش عايزة حاجة معينة، بس اقعد اتكلم معايا."
ابتسم، ومرة واحدة طلع موبيله: "شوفي، صح نسيت أوريكِ كام حاجة كده محتار فيهم، ونسيت أبعتلك الصور، مع تعب همس راح من بالي."
طلع موبيله، فرجها على أوض نوم، وانتريهات، وركنات، وفرش لشقته كلها، وهي بتختار معاه، وبيهزروا ويضحكوا. ومن فوق، سلوى في أوضتها سمعت صوت ضحكهم، فتحت البلكونة ووقفت تتابعهم بصمت تام، مستغربة إزاي وليه بنتها حبت سبيدو. هو وسيم وغامض، بس مش الشخصية اللي كانت بتتمناها لبنتها، كان عاجبها أكتر باسم، باليخت بتاعه، والاستايل، وهدوءه، ووسامته، لكن سبيدو عكسه تمامًا. آه، هو شخصية جدعة ووقف جنب ابنها، بس بتحسّه مش مناسب، بس مناسب لإيه؟ هو إيه يهمها أكتر من سعادة عيالها؟
افتكرت نصيحة هوليا: "البنت بتجيب جوزها، فبلاش تخسر بنتها." سبيدو مالوش أهل هنا، وبالفعل بنتها ممكن تجيبه لعندها، فليه هي بتعانده كل شوية وتتهكم عليه؟ ليه مش قادرة تقتنع باختيارات عيالها وتثق فيهم؟
"أوف، لو تقدر تتخلى شوية عن محاولة سيطرتها لكل حاجة حواليها، وتدي مساحة لكل حد يتنفس بالشكل والطريقة اللي تريحه، هتبقى الدنيا ألطف كتير.
راقبت بنتها بتحط راسها على صدر سبيدو، وهو بيلف دراعه حواليها بحب واضح، وباس راسها، وقعدوا في صمت محبب. اتنهدت باستسلام، ودخلت أوضتها علشان تنزل تشوف المطبخ وعواطف.
سيف وصل أخيرًا، وأول حد استقبله كانت آية وسبيدو، اللي لاحظ إن هوليا مش قادرة تنزل من العربية، فقرب منها بسرعة، مسك إيدها يسندها تنزل، وهي مسكت إيده تتسند عليه وبصّتله بعرفان: "رجليا خدلت من القعدة."
ابتسم لها: "ولا يهمك يا ست الكل."
سيف بصّلها باهتمام: "هوليا، انتِ كويسة يا روحي؟"
ابتسمت تطمنه: "آه، حبيبي، شيل همس، طلعها، بلاش تصحيها، اليوم كان صعب عليها."
فاتن علّقت: "لا، خليه يصحيها عادي، مش لازم يشيلها."
سيف لف ناحية همس، وأخته قربت منه: "هي بجد كويسة يا سيف؟ شكلها تعبان، حرام بلاش تصحيها."
بصلها: "مش هصحيها، اطمني، هي كويسة."
دعت بصدق: "يا رب تفضل كويسة وتقوم بالسلامة، وتفرح بيها وبالبيبي، وأنا أبقى عمتو."
ابتسم لها: "يا رب يا آية."
فتح الباب براحة وشالها، فهي فتحت عينيها بنعاس: "إيه؟ إحنا فين؟"
جاوبها: "وصلنا، هطلعك فوق."
دفنت وشها في صدره، ولفت إيديها حوالين رقبته، وغمضت عينيها، ودخل بيها. الكل كان في استقبالهم، بس لما شافوه شايلها محدش اتكلم، وأبوه شاورله يطلع بيها لأوضتها مباشرة، ووراهم طلعت عواطف بسرعة. بعدها دخل سبيدو اللي كان مسند هوليا، فعز قرب منها بقلق: "أمي، انتِ بخير؟"
ابتسمت في وشه: "بخير، مالي يعني؟ ماسكة إيد جوز حفيدتي، في إيه مالكم؟"
سبيدو قعدها، وقعد جنبها، وكمان آية قعدت معاهم وعلّقت: "سبيدو، وريها الأوضتين بتوع النوم اللي احترنا فيهم، هوليا ذوقها عالي أوي."
سلوى كشرت تلقائيًا، وخصوصًا لما الثلاثة اندمجوا مع بعض، وهي محدش كلمها.
عواطف فتحت الباب، وشالت الغطا علشان يحطها على السرير، وبعدها هتقلعها الشوز، فهو علّق بصوت هامس: "سيبيها يا عواطف، وروحي انتِ."
ردت زيه بهمْس: "هقلعها الشوز وأغير لها هدومها."
ابتسم بعرفان: "تسلميلي، بس طلعيلي هدوم لها، وأنا هكون معاها."
عواطف اتحركت للدريسنج، طلعت هدوم تكون مريحة لها، وحمحمت وهي طالعة، حطت الهدوم وكلمته بهمس: "لو احتجت أي حاجة، ابعتلي رسالة، الأكل هيكون جاهز، هتنزل تاكل معاهم؟"
فكر لحظات: "ابعتيلي رسالة لما تجهزوا السفرة وهشوف، مش عايز أسيب الناس اللي تحت دي، وفي نفس الوقت مش عايز أسيب همس لوحدها."
طمأنته إنها هتعرفه وطلعت، وقفلت الباب. هو قلع همس الشوز، وقعد جنبها بعد ما شد الغطا عليها، إيده على وشها بحب، وهمسلها: "حمد الله على سلامتك في بيتك."
فتحت عينيها، بصّتله كتير بصمت، نظراتها كان فيها لوم وعتاب وتأنيب وحب وحاجات كتير وكلام أكتر.
قرب منها، باس جبينها بوسة طويلة: "حقك عليا، أنا عارف إني باجي عليكِ أوي، بس صدقيني غصب عني، كنت عايزك تتمسكي بيا، حتى لو غلطان، امسكي فيا يا همس، اعذري أخطائي، لأني بحبك، بعشقك، مش بس بحبك، فثقي في حبي وعشقي ليكِ، بلاش البعد يا همس، أرجوكِ، بلاش يكون ده دايمًا أول تفكيرك، تبعدي عني."
همست بعياط: "بلاش توجعني أوي كده."
مسح دمعتها اللي نزلت: "معرفش إزاي، بس صدقيني عمري ما قصدت أوجعك، عمري. خليكِ معايا وخليكِ جنبي، ما تسمحيش لبنتنا اللي جواكِ تكبر بعيد عن عيني، عايز أكون معاكِ في كل لحظة هي بتكبر فيها، عايز أحس بحركتها جواكِ، عايز أشاركك في كل خطوة، ما تحرميناش من بعض يا همس."
أخذت نفس طويل ولفّت نفسها بحيث تدخل لحضنه، فهو ضمها وسمعها: "ما تسمحليش أبعد عنك، ولو طلبت منك تبعد، احضني، ما تسمحليش أبعد يا سيف، لأن بعدي بيوجعني أنا أكتر منك."
فضلت في حضنه شوية، بعدها هتتعدل، فهو باهتمام: "عايزة إيه؟"
بصّتله: "مش مرتاحة في الهدوم دي، وحاسة إني محتاجة آخد شاور من قعدتي في المستشفى طول اليوم، وتعبى، والنزيف اللي كان عندي، عايزة آخد شاور، نادي على ما..."
مكملتش الكلمة من نظرته لها، فسكتت، وهو علّق: "من قبل ما تبقي في بيتي، وقلتلك إني أنا موجود، فما بالك دلوقتي يا همس؟ هل متخيلة أسمح لحد يجي يساعدك وأنا موجود؟ قومي يلا، أنا معاكِ."
شالها، وأخدها للحمام، بحيث تنتعش وتغير هدومها.
في بيت المرشدي، الكل اتجمع على السفرة آخر النهار، والكل بيتكلم عن المحاكمة ويشوفوا الخطوة الجاية إيه؟
صفية بتكلم ناهد وسناء: "إحنا خلونا بقى نسافر بكرة، المؤتمر خلص، واحنا نرجع لبيتنا، سناء لو حابة تفضلي انتِ معاهم، خليكِ، وأنا وسما هنمشي."
سما بتلقائية بصّت ناحية مؤمن اللي اتفاجئ بالكلام، وصفية لاحظت سكوت الكل، فحسن المرشدي علّق: "خليكِ قاعدة معانا يا أم سمير، ليه عايزة تمشي؟ زهقتي مننا ولا إيه؟"
صفية بحرج: "يا خبر يا أبو كريم، زهقنا إيه بس، بس خلينا نرجع بيتنا، وسما كمان ترجع لشغلها."
مؤمن باصص لناهد وبيشاور لها تتكلم، وحمحم لها وهي بتشاورله يسكت، كريم لاحظ نظراتهم وابتسم، بعدها بصّ لصفية: "معلش يا ست الكل، يعني بلاش السفر دلوقتي، خلينا بس نعدي المحاكمة دي على خير الأول، وربنا يسهل بعدها."
صفية بصّتله: "بكرة ولا بعده، مسيرنا هنمشي، فهتفرق إيه يعني يوم من اتنين من عشرة؟"
كريم حمحم بحرج: "بصي يا ست الكل، لو تسمحي لنا نطمع في كرمك..." - مؤمن باصصله باهتمام يشوف هيقول إيه، وناهد والكل متحمسين - "يعني أقصد بكرة المحاكمة، وبسنت تقريبًا عندها ظرف مش عارف صراحة، ومش هتقدر تيجي كام يوم، وسما بتقعد مع إياد وإيان، فبلاش بكرة بالذات، والكل في المحكمة، تقولي هتاخديها وتمشي، خليها معاهم علشان بس نطمن، يعني عارف إن ده طلب كبير بس..."
قاطعته صفية بحرج: "يا خبر يا ابني، طلب كبير إيه بس؟ إحنا أهل وعيلة."
مؤمن ابتسم، وناهد كمان ابتسمت وعلّقت: "والله يا صفية، الواحد كان شايل همهم، بس اتحرجت أقول لسما خليكِ معاهم، يعني هي جاية تفك عن نفسها يومين، نقوم نشيلها همومنا كده؟"
سما بحرج: "هموم إيه بس يا طنط، أنا بحبهم الاتنين."
سناء مبتسمة وعلّقت: "والاتنين بيعشقوكِ، مش بس بيحبوكِ." - بصّت لصفية - "خلينا يومين بس، لحد ما بسنت ترجع للعيال، وبعدها يا ستي هنسافر، اتفقنا؟"
صفية وافقت بحرج، وكريم بصّ لمؤمن و غمزله، فمؤمن ضربه برجله، وحسن لاحظ هزارهم، فكشّر لهم الاتنين، فسكتوا تمامًا.
كريم قطع الحرج والصمت بسؤاله: "هو سيف مختفي ليه النهاردة؟"
مؤمن بتذكر: "أنا نسيت أصلًا أقولك، هو سافر لهمس."
كريم ابتسم: "طيب كويس، يا رب يكونوا اتصالحوا."
ناهد علّقت: "الحمد لله إنه سافرلها، اتصالحوا، صح؟"
مؤمن علّق بأسف: "معرفش وضعهم إيه، بس اللي أعرفه إنها تعبت، ووداها المستشفى، وبعد ما نخلص أكل هكلمه أطمّن على حالتها."
ناهد باهتمام: "تعبت؟ مالها؟ دي عيلة، بنت إمبارح، إيه تعبت دي؟ مالها يا مؤمن البنت؟"
مؤمن بتردد: "كانت حامل."
كلهم بصّوله بصدمة، وأمل علّقت: "أوعى تقولي إنها أجهضت؟ هزعل أوي بجد."
مؤمن بأسف: "معرفش صراحة يا أمل، هو سيف قالي إنها تعبت، وأخدها المستشفى علشان يطمنوا، مكلمتوش تاني للأسف."
حسن باهتمام: "الكلام ده إمتى؟"
مؤمن: "الظهر تقريبًا."
حسن علّق بلوم: "الظهر يا مؤمن؟ ومن الظهر لدلوقتي ما كلمتوش تطمن عليه وتشوف وضعه إيه؟ يعني نفترض محتاج حاجة، ولا حتى محتاج بس حد جنبه، يعني إن مكنتش انت أقرب الناس ليه تقف معاه في ظرف زي ده، مين يقف معاه؟ تخلص أكل وتكلمه، ولو لسه في المستشفى، تروحوله انتو الاتنين، وتشوفوا شركته والوضع عنده إيه."
خلص العشا، وكله قام من على السفرة، وحسن طلب من مؤمن يكلم سيف، فقام لبره يكلمه، وكريم طالع وراه، بس وقّف أمل همسلها: "ما تنسيش تتصلي ببسنت، تديها إجازة كام يوم."
ضحكت: "حاضر يا حبيبي، هكلمها دلوقتي."
كريم نبهها: "في أوضتك فوق، لأحسن حد يسمعك كده ولا كده."
طلع بعدها لمؤمن، كلموا سيف، رد عليهم، طمّنهم على وضعه، وقفل معاهم، قبل ما يدخلوا مؤمن سأل كريم: "ليه طلبت منهم يقعدوا؟"
كريم عمل نفسه مش فاهم بيتكلم عن إيه: "طلبت من مين؟"
مؤمن بغيظ: "ما تستعبطش، انت عارف كويس أقصد إيه؟"
كريم ابتسم: "ماشي، مش هستعبط، حسيتك مش عايزهم يمشوا، فاتدخلت، غلطان أنا؟"
مؤمن بصّله كتير بحيرة: "مش حكاية غلطان بس..."
كريم قرب منه: "ما بسش يا مؤمن."
مؤمن محتار ومش عارف بيعمل إيه، ولا بيفكر إزاي: "هتصدقني لو قلتلك أنا مش عارف أنا عايز إيه، ولا عايزهم يفضلوا أو يمشوا؟"
كريم ابتسم وربت على كتفه: "ومحدش مستعجل عليك علشان تعرف، سيب الأيام تعرفك بكرة جاي فيه إيه."
قبل ما كريم يدخل، مؤمن مسك دراعه: "انت إيه رأيك؟"
كريم باستغراب: "مش لما يكون في حاجة أبقى أقول رأيي؟ عايزني أقول رأيي في إيه؟ في شيء انت مش عارفه لسه؟"
مؤمن بغيظ: "بس انت عارفه."
كريم بذهول: "أنا مش عارف حاجة، أنا جوايا إحساس تماشيت معاه، ولا أكتر ولا أقل، زي ما قلتلك، ما تستعجلش قراراتك، يلا نطمنهم على سيف."
دخلوا، طمنوهم إنهم بخير، وإن سيف رجع بيها القاهرة. حسن بصّ لمراته: "بكرة بإذن الله تروحي تزوريها انتِ وأمل."
ناهد وافقت: "حاضر، أكيد، البنت دي أصلًا بتصعب عليا، معرفش ليه، نروح آخر النهار يا..."
بصّت حواليها: "هي أمل فين؟ مش كانت هنا ولا بيتهيألي؟"
سما ردت: "قالت هتطلع فوق وجاية."
ناهد هزت دماغها، بعدها اقترحت: "ابقي تعالي معانا يا سما، اتعرفي عليها بشكل أوضح، سيف جوزها أقرب حد لمؤمن..." الكل بصّلها باستنكار، فكملت بسرعة: "وكريم طبعًا، الثلاثة أصحاب من زمان، واهو تغيّري جو معانا."
سما بحرج: "ربنا يسهل يا خالتو، بعد إذنكم هدخل ألعب مع إياد وإيان شوية."
صفية علّقت بتهكم: "قصدك تقعدي معاهم؟"
سما بضحك: "لا، أقصد ألعب معاهم، أوضة الألعاب اللي جوه دي حلم أي طفل."
صفية بغيظ: "إديكِ قولتي بنفسك طفل."
سما ضحكت، وقبل ما تمشي: "ما أنا بعتبر نفسي منهم، الله!"
كلهم ضحكوا، ومؤمن تابعها مبتسم، بعدها كريم خبطه في كتفه، فبصّله بضيق، فكريم شاورله ناحية أمه وخالته، فهو بصلهم، كانوا متابعينه، فوقف: "أنا ورايا كام مكالمة مهمة، بعد إذنكم."
انسحب، ولحظات وكريم وقف: "هطلع أشوف أمل غطست فين كده، بعد إذنكم."
كريم طلع لأمل، كانت بتكلم بسنت، فهو قعد جنبها منتظرها تخلص. أنهت المكالمة والتفتت له: "تفتكر كده صح؟"
كريم باستغراب: "إيه هو؟"
أمل وضّحت: "إنك تطلب بشكل مباشر من طنط إن بنتها تقعد بالعيال؟ دي ممكن ترفض ارتباطهم بجد لو حست إن دي وظيفتها، أعتقد غلط اللي عملته يا كريم."
كريم بحيرة: "ده اللي جه في بالي يا أمل، لما حسيت إن مؤمن عايزها تفضل موجودة، قلت نديه شوية وقت يرتب أموره، ويشوف هو عايز يعمل إيه؟"
أمل بتفهم: "ربنا يقدم اللي فيه الخير، يا رب."
سيف صحي من نومه، كانت همس صاحية، باصة ناحيته، واستغرب إنها مش في حضنه. قرب منها، باس خدها: "صباح الخير يا روحي، عاملة إيه النهاردة؟"
ابتسمت: "الحمد لله، بخير."
قرب أكتر منها، باس خدها التاني : "صاحية من بدري؟"
نفت: "مش كتير، نمت بدري امبارح."
كانت وحشاه، فقرب يبوسها، بس بعدت وشها، فباس خدها. حط إيده على وشها يخليها تواجهه، وحاول يقرب من شفايفها، بس لاحظ إنها بتبعد وشها. فهم إنها مش عايزاه يبوسها، ومعرفش ليه؟
حاول يفسر تصرفها ويحلله، معقولة زعلانة منه؟ أو مش عايزاه يبوسها، طيب ليه؟ افتكر بعدها حملها، هل ممكن تقرف منه؟ سمع كتير عن حوامل ما بيطيقوش ريحة أزواجهم مع الحمل، معقولة ممكن ما تطيقوش فترة الحمل؟ طيب لو ده حقيقي، ممكن يعمل إيه؟ لا لا، تلاقيه بس علشان صاحي من النوم، يقوم ياخد دش وينتعش، وهي هترجع تمام.
باس جبينها وقام، فهي وقفته: "رايح فين؟"
جاوبها مبتسم: "هدخل الحمام، عايزة حاجة؟"
شكرته وراقبته وهو بيختفي من قدامها، فاتنهدت بوجع، وافتكرت كلامه واتهامه إنها بس بتحب العلاقة بينهم، مش بتحبه هو. عمره ما هيتخيل هو وجعها قد إيه باتهامه ده. آه، بتحب قربه، لكن مش ده أساسهم أبدًا. لو هتموت عليه، لا يمكن هتنسى اتهامه ده أبدًا.
خرج من الحمام، ولبس هدومه، وطلع لعندها: "تحبي أجيبلك حاجة تاكليها؟"
رفضت بحركة من راسها، فهو قعد جنبها: "طيب تحبي تعملي إيه؟"
استغربت قعدته: "انت مش هتنزل الجامعة ولا الشركة؟"
هز دماغه برفض: "مش هنزل، معنديش أهم منك أهتم بيه."
بصتله كتير، مش عارفة ترد عليه، ولا عارفة تاخد أي رد فعل، فهو علّق: "انتِ مش عايزاني أفضل معاكِ؟"
نفت بسرعة: "لا، مش القصد، بس استغربت."
وضّحلها: "هروح بس محاكمة كريم وهرجعلك، معنديش محاضرات، والشركة فيها آية وبدر ومروان، وحتى أبويا ممكن ينزل."
اتكلموا شوية وسكتوا، فقرب منها وهمس: "وحشتيني يا همس، وحاسس إني مفتقدك، مش عارف ليه؟"
ابتسمت بحرج، أو هو حس بده، وخصوصًا لما قرب منها، فهي لفت وشها بعيد. تيقن إنها مش عايزاه يبوسها أو يقرب منها، فضل جامد للحظات قبل ما يبعد عنها ويبص لساعته، وأنقذته خبطات هادية على الباب، فقام يشوف مين. فتح، كانت عواطف، بلغته بهمس: "في حد تحت عايز يقابلك."
بص لساعته وبصلها: "مين عايز يقابلني الساعة ٧ الصبح يا عواطف؟"
بصت لهمس جوه، وبصتله بتردد، وبصوت واطي: "حاتم الشرقاوي."
بصّ لها بذهول: "حاتم؟ بجد؟"
عواطف بتأكيد: "هو أنا هتوه عنه يعني؟"
سيف فضل واقف لحظات قبل ما يقرر ينزله، وقبل ما يقفل الباب، همس سألته بفضول: "في حاجة يا سيف؟"
بصّلها: "لا، ما تشغليش بالك.؟"
اتضايقت من اجابته وهو لاحظ ده ، اتنهد وقالها : "حاتم تحت، هنزل أشوفه عايز إيه."
استغربت الأول، بعدها علّقت بضيق: "عايز حبيبته، هيكون عايز إيه يعني منك غيرها."
مردش عليها ونزل مع عواطف اللي انسحبت وسابته واقف قصاد حاتم بصمت، بعدها سيف علّق: "خير يا حاتم؟"
حاتم بص حواليه: "نسيت قد إيه بيتك ضخم يا سيف، غيرت حاجات كتير فيه."
سيف علّق: "انت ما دخلتوش من سنين، فطبيعي حاجات كتير هتتغير فيه، كل حاجة بتتغير."
حاتم بتهكم: "في دي عندك حق، كل حاجة بتتغير، ده حتى النفوس بتتغير."
سيف بلهجة قاطعة: "عايز إيه يا حاتم؟ أكيد مش جاي الساعة ٧ الصبح تشوف ديكورات بيتي اتغيرت ولا زي ما هي في الكام سنة اللي فاتوا."
حرك دماغه بتقبل لكلامه، ودخل في الموضوع: "عايز جيسيكا، هتفضل مخليها عندك لحد إمتى؟"
سيف بهدوء: "لحد ما أسلمها بإيدي للبوليس؟ حاتم، فوق بقى من الوهم اللي انت عايش فيه، جيسيكا عمرها ما حبتك."
حاتم زعق قصاده: "وحبتك انت؟ ده اللي انت عايز تقوله؟"
سيف برفض: "ولا اتنيلت حبتني، هي ما حبتش حد، هي كان عندها وظيفة قامت بيها فقط لا غير، سيادتك هتفهم ده إمتى؟"
حاتم برفض مطلق: "مش هفهمه، انت ما عشتش معانا أنا وهي، المشاعر اللي كانت بينا حقيقية، الأيام اللي قضيناها مع بعض كانت حقيقية، في حاجات خاصة بينا كانت حقيقية، انت متجوز وفاهم أنا بتكلم عن إيه، في حاجات بينك وبين مراتك، لو الكون كله قالك إنها ما بتحبكش، انت هتقول لا، بتحبني، لأن في مشاعر خاصة بينكم، في لحظات ما بتتنسيش."
قاطعه سيف بغضب: "انت بتتكلم عن مراتي! مراتي يا حاتم! والمشاعر والأحاسيس دي اتبنت بصعوبة، ومرت بكتير، واتحملت كتير، ولو الكون كله اتحط في كفة، وأنا في كفة، عندي يقين تام إن همس هتختار كفتي، لو حد قالها ادفعي حياتك علشان خاطر جوزك، هتدفعها وبدون تردد، وكذلك أنا، فهل انت تقدر تقول نفس الكلام ده عن جيسيكا؟ جيسيكا باعتك بمليون وراتب شهري، أنا ما أجبرتهاش تمشي، ولا أبويا أجبرها، احنا اديناها فلوس بس، وهي اختارت الفلوس."
حاتم علّق برفض: "انت منعتها، وهي مشيت بسبب خوفها منكم، ودلوقتي انت رجعت تهددها تاني."
سيف اتنهد بتعب: "انت حر تصدق اللي تصدقه، أنا رميت طوبتك من زمان، من ساعة ما اخترت تكدب صاحبك اللي عاشرته سنين، وتصدق واحدة عرفتها شهر."
حاتم زعق بغضب وقهر: "الواحدة دي كانت في حضني ليل ونهار، وكان بينا..."
قاطعه سيف بتهكم: "بينكم جنس يا حاتم، مش حب، وأعتقد المفروض تفرق بين الاتنين."
حاتم بصّله برفض قاطع: "مكنش جنس، كان حب، حب وبس."
سيف بسخرية: "ما انت مجربتش الحب علشان تعرف تفرق بينهم."
حاتم لمح همس واقفة فوق، فبصّله بسخرية مماثلة لسخريته: "وانت جربت الاتنين علشان كده عارف تفرق كويس بينهم؟"
سيف قرب منه خطوة: "مش كل الناس بتحتاج تغوص في مستنقع علشان تعرف وتميز إنه مستنقع. جيسيكا عرضت نفسها عليا كتير قبل ما تقرر تلعب بيك، ولو كنت عطيتها وش، مكنتش عبرتك، واللي حصل في الليلة إياها أنا شرحتهولك، ووريتك التحاليل، كرمًا مني، أكتر من كده مالكش عندي، ضميري مرتاح، الدور والباقي عليك."
حاتم بترجي: "خليني أشوفها طيب؟"
سيف لبس قناع رجل الأعمال: "لما أنتهي منها، ممكن أبقى أسمح لك تشوفها، دلوقتي أنا هطلع أغير هدومي علشان أنزل الشركة." - رفع صوته - "نصر!"
لحظة ودخل نصر: "أفندم يا باشا؟"
سيف بجمود: "وصل باشمهندس حاتم لعربيته."
راقبه لحد ما قفلوا الباب وراه، واتحرك علشان يطلع، شاف همس فوق، بصّوا لبعض نظرة طويلة، بعدها اتحركت ترجع أوضتها، وهو وراها. دخلت وسابت الباب مفتوح، فهو دخل وقفله وراه، وانتظرها تتكلم، لكنها فضلت ساكتة.
مقدرش يتحمل سكوتها بالشكل ده، فقرب منها: "عايزة إيه يا همس؟"
بصّتله برفض لكل حاجة بتحصل: "هتعمل اللي عايزاه يا سيف؟"
قرب خطوة منها: "أنا معنديش في الكون ده كله غيرك أهتم بسعادته، فآه، هعمل اللي انتِ عايزاه."
بصّتله بشك: "طيب، كلم سبيدو يسيب جيسيكا، خليها ترجع لحاتم."