رواية عاصفه الهوي الفصل الثانى و السبعون 72 بقلم الشيماء محمد


 رواية عاصفه الهوي الفصل الثانى و السبعون بقلم الشيماء محمد

  

#شيمووو

كلمتين استحملوهم مني قبل الحلقة:

لما اتنين بيحبوا بعض، تحصل بينهم مشكلة ويقفوا في منتصف الطريق، كل واحد عايز يمشي في اتجاه مختلف. هنا لازم يقفوا ويتفقوا هيمشوا من أي طريق. طيب، لو كل واحد أصر يمشي في طريقه، إيه النتيجة؟ لو مفيش حب كفاية يخلي واحد فيهم يتنازل عن رأيه أو يخليهم يختاروا حل وسط بينهم، يبقى لازم يحصل الانفصال، وكل واحد يكمل طريقه.

أنا شايف إن طريقي ده صح، وهي شايفة إن طريقها صح، ومش متفقين، فكل واحد مشي في طريق.

ده معناه إن مفيش حب كفاية بيننا يخلي واحد فينا يتنازل عن رأيه.

ده اللي حصل بين مؤمن ونور، ملخص الهري كله. الاتنين محبوش بعض كفاية علشان واحد فيهم يتنازل. مؤمن أناني، نور مريضة، وكل القطط الفطسانة اللي بتقولوها ملهاش أي لازمة. الموضوع بسيط جدًا، لا مرض، ولا أنانية، ولا كل الحجج اللي بتطلعوها دي. لازم كل إنسان يعرف إمتى يحارب وإمتى يستسلم لما تكون قضيته خسرانة.

لو نور حبت مؤمن، هتعيش معاه في النار، ولو مؤمن حب نور، هيستغنى بيها عن الكون كله. فطالما هو مش عايز يستغنى، وهي مش عايزة تعيش معاه في مكانه، فالمعنى واضح وصريح. الحوارات وقصص الحب اللي بتنسجوها في خيالكم ملهاش أساس. مفيش حب كفاية يخليهم يحاربوا، وبعدين ما ينفعش يحاربوا بعض، المفروض الزوجين يحاربوا مع بعض، مش يحاربوا بعض.

سيف وهمس بيحاربوا اللي حواليهم، سيف قالها: "مش هحارب قصادك لأن دي قضية خسرانة."

كذلك كريم، عايز أمل معاه يحارب معاها، مش يحارب ضدها.

هنا وضحتلكم الحب والمشاعر. لكن مؤمن ونور، يحاربوا مين؟ يحاربوا بعض؟ ليه؟ لا هو حبها كفاية، ولا هي حبته كفاية. ده الفيصل في كل اللي حصل.

أنا بشوف مهازل، أقسم بالله! أنتم بتحكوا في حوارات محصلتش في الرواية، وبتعيشوا في وهم حب مش موجود، وبتجيبوا مجاملات وتعتبروها حب.

فأنا مستغربة كل اللي بيحصل. سوري لو طولت عليكم، أسيبكم مع الحلقة.


همس فضلت منتظرة رد منه، لكن انتظارها طال وبعدها مبقاش أكتف أصلًا، فحست بإحباط واتكورت في سريرها تفكر في أيامها الجاية. إزاي ممكن ترجع جامعتها؟ وإزاي هتشوف سيف قدامها من غير ما يكون لها حق فيه؟

بعد فترة طويلة وهي بتتخانق مع النوم اللي مجافيها، حست بالجوع، فقامت تقلب في المطبخ تشوف أي حاجة تقدر تاكلها. اشتاقت للكرواسون بالجبنة اللي سيف بيعمله لها في الفطار، لكنها عملت ساندوتش جبنة أكلته على مضض وفضلت تدعي إنها ما تتعبش بعده.

رجعت أوضتها، قعدت بملل مش عارفة تعمل إيه. وصلتها رسالة فقامت بفضول تشوف مين، لأنها متأكدة إن سيف أكيد نام من بدري طالما مردش عليها كل ده.

اتفاجئت برسالة سيف من كلمة واحدة: "افتحي."

استغربت ومش فاهمة تفتح إيه؟ الموبايل؟ ولا الرسايل؟ ولا إيه؟

كتبت بحيرة: "أفتح إيه؟"

وصلها الرد خلال لحظة: "أكيد الباب، هتفتحي إيه يعني؟"

عنيها وسعت ووقفت وهي متوترة جدًا ، لكنها قعدت بإحباط لأنها فكرت إنه هيكون قدام بيت أخوها زي ما سابها الصبح ورجع لها. فكتبت بزعل: "أنا مش في المكان اللي انت فاكرني فيه، روّح يا سيف."

سيف وصلته الرسالة واستغرب، هي قصدها إيه؟ فكتب بسرعة: "مكان إيه؟ ما تقومي يا همس تفتحي الباب بدل ما أرن الجرس وأصحى البيت كله."

كشرت أكتر وكتبت: "باب إيه اللي أفتحه؟ افهم بقى أنا مش عند نادر."

وصلها الرد بسرعة: "يا بنت الحلال الله يهديكِ هزي طولك وقومي افتحي الباب، الجو تلج، عارف إنك مش عند نادر."

هنا هي وقفت تاني وعنيها وسعت، معقولة هو بره؟ ولا فاكرها عند هند؟ نفضت دماغها وجريت تفتح الباب تشوف قبل ما تتهور وتكتب أي رسايل تانية.

فتحت باب الشقة علشان بس تثبت لنفسها إنه مش موجود، لكن صدمتها كانت كبيرة لما شافته قدامها. كان باصص لموبايله، لابس جينز وجاكت جلد أسود وحاطط كوفيه حوالين رقبته. فضلت واقفة مش مستوعبة إنه قدامها بجد.

سيف رفع وشه من موبايله اللي حطه في جيبه بهدوء ومنتظر منها أي رد فعل، لكنها بصتله بصدمة ومش بتنطق. حاول يقول أي حاجة لكن مفيش كلام، هو عايز ياخدها في حضنه وبس. أخيرًا نطق بهمس:

"وحشتيني، فجأة الدنيا مبقاش لها طعم غير وانتِ معايا. كل حاجة فقدت معناها، والنوم بقى عزيز لو انتِ مش في حضني. لقيتني مش عارف أفكر ولا أتحرك ولا حتى أتنفس وانتِ مش جنبي. اكتشفت إن حياتي بكل بساطة بتبدأ وتنتهي بيكِ وبس."

أخيرًا همس قدرت تخرج بره صدمتها، لكن كل اللي عملته إنها رمت نفسها في حضنه. تلقفها بين إيديه وشالها من على الأرض بعشق وهو بيردد:

"وحشتيني... وحشتيني..."

انتبه على حركة على السلم تحتهم فبصلها:

"أدخل ولا أمشي يا همس؟"

ما نطقتش، لكنها دفنت وشها في رقبته. فهو همسلها: "أنا بحبك انتِ وبس... بحبك."

ضمها لحضنه ومخلاهاش تبعد عنه. همست: "ادخل لأوضتي يلا."

شالها وقفل الباب وراه، وراح ناحية أوضتها مباشرة. دخل ونزلها براحة، لكن بدون ما يسمح لها تبعد من حصاره لها بين إيديه. مسكت الكوفيه اللي حوالين رقبته، فكتها ورمتها على الكرسي. بعدها مسكت الجاكت، لكنه مسك إيديها الاتنين:

"همس، خلينا نتكلم لو سمحتي الأول."

بصت لعينيه:

"هو مش انت قلت في رسالتك: لو كنتِ قريبة لالتهمتك حيث أرغب وأتذوقك حيث ما شئت، أقطعك قبلًا وأمزقك عناقًا وأشعل جسدك عشقًا؟ مش دي كانت رسالتك ولا أنا اتهيألي؟ دلوقتي عايز تتكلم؟"

نظراتهم قالت كتير والكلام تاه بين نظراتهم. هو مد إيده لها وشدها لحضنه. طول النهار هو مشتاق لها، وطول اليوم بيفكر فيها في حضنه ليه دلوقتي بيتردد وعايز يتكلم؟ الكلام مش هيطير، خليهم يطفوا نار شوقهم لبعض، وبعدها يتكلموا براحتهم.

بعد فترة، همس بصت لهدومهم اللي بقت كلها على الأرض، وعقلها حاول يفكر، لكن إيديه حواليها بيضمها أكتر لحضنه، وبيرفع شعرها يدفن وشه في رقبتها وبيهمس بحبه ليها هي وبس. لفت وشها تواجهه، بس غيرت رأيها ودفنت وشها في صدره وغمضت عنيها وهمست: "غطيني كويس، الجو برد."

شد الغطا عليها، وإيديه بيحاول يدفيها بحركتهم عليها، لحد ما حس إنها غرقت في النوم من نفسها المنتظم والهادي. وشوية وهو كمان غرق في النوم جنبها من تعب اليوم كله وقلقه وحيرته.


الشمس فردت نورها تعلن عن يوم جديد. في بيت المرشدي، مؤمن صحي من نومه بحماس وقام يشوف ابنه صحي ولا لسه؟ دخل عندهم براحة، بس كل واحد نايم في سريره، فمحبش يزعجهم أصلًا لسه بدري. نزل كانت ناهد صاحية، فراح لعندها صبّح عليها وقعد قصادها يدردش معاها شوية. بعدها سألته:

"صح يا مؤمن، سناء كانت بتقول الست صفية عايزة تمشي ومحرجة من قعدتها هنا معانا؟"

مؤمن باندفاع: "تمشي فين؟ لا خليها، بعدين محرجة ليه؟ أنا خليتهم يقعدوا في الملحق علشان تبقى براحتها وما تتحرجش من حد."

ناهد ابتسمت: "بس يا حبيبي ده مهما كان مش بيتها و..."

قاطعها: "نونا، هو أنا اللي هقولك ازاي تمسكي في حد ولا إيه؟ امسكي فيهم، حسسيها إنه بيتها، معرفش، قولي لها مش بتقولي انتِ وسناء إخوات؟ خلاص، انتِ في بيت أختك، اعملي أي منظر، مش أنا اللي هقولك تقولي إيه."

ناهد قربت منه: "انت عايزهم يفضلوا يعني هنا؟"

رد باندفاع: "آه عايزهم يفضلوا. انتِ متضايقة من وجودهم يا نونا؟"

ردت بسرعة: "أنا؟ أخص عليك يا مؤمن هتضايق ليه؟ بعدين انتو بتنزلوا أشغالكم وأنا بفضل لوحدي، على الأقل دلوقتي بنقعد إحنا الثلاثة مع بعض بنتسلى ونتبسط. ده أنا الود ودي يفضلوا معايا على طول. بس يا مؤمن سيبنا من اللي أنا عايزاه، لأنه مهما قعدوا هيمشوا، فهنقعدهم لامتى وبحجة إيه؟"

فكر لحظات قبل ما يعلق: "معرفش، بعدين هو لازم حجة يعني؟ سما لسه المؤتمر ما خلصش وبتروح كل يوم. وبعدين هي عايزة تحضر وتذاكر دراسات عليا، ما تقنعي أمها تخليها تفضل هنا علشان سما تحضر و..."

قاطعته ناهد بذهول: "انت بتهرج يا مؤمن ولا بتتكلم بجد؟ هقول للست اقعدي معانا علشان بنتك تحضر معرفش إيه؟ انت متخيل إنها توافق؟ طيب وافقت، الناس يقولوا عليها إيه؟ قاعدة ببنتها ليه عندنا؟"

مؤمن برفض: "محدش له حاجة عندنا أصلًا."

ناهد حركت راسها برفض: "يا حبيبي ماشي، بس في أصول يا روحي ما ينفعش نتخطاها. واللي ما نرضاهوش لينا ما نرضاهوش لغيرنا. نستقبلهم ضيوف على عيني، لكن نطلب طلب غريب ما ينفعش."

علق بضيق: "يعني نسيبهم يمشوا؟ ده اللي بتقوليه؟"

ناهد ربتت على كتفه: "لا ما نسيبهمش يمشوا، بس يقعدوا بالأصول يا حبيبي."

بصلها بحيرة: "إيه بقى الأصول دي إن شاء الله؟"

ابتسمت وعلقت بخبث: "الأصول دي بتختلف حسب تفكير كل واحد، فانت فكر إيه الأصول بالنسبة لك ولما توصل لحل تعالى قولي عليه."

قاطعهم خروج أم فتحي اللي صبحت على مؤمن، بعدها علقت: "الفطار جاهز. نحضر السفرة ولا ننتظر الناس تصحى ولا نصحيهم ولا إيه؟"

ناهد علقت: "لا شوية، الناس تصحى براحتها، وبعدها نحط الفطار على السفرة."

مؤمن انسحب لأوضته يستعد، وهو بيفكر في كلام ناهد وإيه الأصول اللي ممكن يقعد بيها سما وأمها عندهم؟


فاتن جهزت الفطار، وجوزها بعد ما قعد: "مش هنصحي همس تفطر معانا؟"

فاتن برفض: "لا، سيبها تصحى براحتها. كفاية عليها كليتها بتصحيها بدري، مش حتى في اليوم اللي تقعد فيه نصحيها بدري."

خاطر بص للأكل وبعدها وقف: "لا، هقولها تيجي تفطر معانا. نفسها تتفتح. غير إنها المفروض تنزل كليتها. يعني حتى لو في زعل بينها وبين جوزها، كليتها ما ينفعش تغيب عنها. (كمل برطمة مع نفسه) أنا كنت عارف إنه غلط جوازها مع الدراسة، بس صعبوا عليا وجوزتهم. اشرب بقى يا خاطر. النهاردة زعلانة، والنهاردة غضبانة، وبكرة حامل، وبعده تعبانة ومش قادرة."

فاتن ضحكت وعلقت: "انت بتكلم نفسك يا راجل انت؟"

خاطر: "ماهو من اللي بتعملوا فيا."

خبط على الباب: "همس يا بنتي اصحي."

فاتن من بره: "حوش، نومها الخفيف. افتح يا راجل الباب وصحيها. دي لو كسرت الباب مش هتصحى."

خاطر خبط تاني وفتح الباب بتردد، بس يدوب هينادي لمح سيف وفي حضنه همس، فقفل الباب بسرعة وخرج ورجع لبره.

فاتن علقت: "رجعت ليه يا راجل؟ مش قولت هتصحيها تفطر؟"

علق بابتسامة: "سيف معاها جوه ونايمين."

فاتن فتحت بوقها تعلق بس سكتت، لكن رجعت تاني وعلقت: "هو جه إمتى؟ تفتكر اتصالحوا؟ نايمين إزاي؟ أوعى تكون منيماه على الكنبة، حاكم بنتك دي ساعات بتبقى متخلفة. السرير أصلًا صغير مش هيكفيهم. كانت المفروض نامت في أوضة نادر سريره كبير ويساعهم. منيماه فين يا خاطر؟"

ابتسم وهو بيرد: "اطمني مش منيماه على الكنبة، والسرير سايعهم ده نصه فاضي أصلًا"

فاتن علقت: "بيصالحها بكلمة. ما بتعرفش تزعل منه أصلًا"

خاطر بجدية: "انتِ كنتِ عايزاها تزعل منه؟ وبعدين كليتها؟ ودراستها؟ وحملها؟ هي محتاجاه جنبها أكتر من أي وقت فات."

فاتن بإقرار: "عارفة الكلام ده كويس. وبعدين أنا مبسوطة إنهم اتصالحوا. أنا بحب سيف، وانت عارف ده كويس."

خاطر بحيرة: "أمال إيه صالحته بكلمة؟"

فاتن بمحاولة تبرير: "يعني هي ما بتعرفش أصلًا تزعل منه. والحمد لله إنه شخص كويس مش بيستغل ده. ربنا يصلح ما بينهم يا رب دايمًا."

همس صحيت من نومها في حضن سيف وابتسمت لوهلة، بس بعدها افتكرت الحقيقة اللي بتهرب منها وتجاهلتها ورفضت تتكلم معاه. جيسيكا حقيقة شافتها بعينيها، مش هينفع تفضل متجاهلاها. جيسيكا شاركتها الحضن ده وشاركتها كل حاجة خاصة بينهم، حتى لو هو مش فاكرها، بس ده ما يمنعش إنها حصلت. جوزها سبق وعمل علاقة مع واحدة غيرها، وفوق كل ده خبى عليها، ويمكن ده أكتر شيء وجعها، إنه حلف ألف مرة إنها أول واحدة يلمسها وأول واحدة في حياته، وده كدب.

دموعها نزلت، ومبقتش عارفة تتصرف إزاي؟ تقوم من بين دراعاته اللي محاوطينها؟ تهرب من حضنه؟ تفضل مغمضة عينيها وتلغي عقلها؟ طيب، هل هي عندها حق، ولا دي هرمونات الحمل اللي بتأفور مشاعرها؟

استمر عياطها بصمت بتحاول ما تصحيهوش، لكن برضه صحي وحس بيها وبعياطها. اتنهد وفضل ساكت شوية، مش عارف يتعامل إزاي معاها ولا عارف يقول ايه؟ طيب، يتجاهل دموعها دي ويعمل نفسه نايم ويهرب من مواجهتها، ولا طلع النهار بمشاكله ولازم يواجه كل اللي بيهرب منه؟

أخيرًا مقدرش يفضل ساكت ولا يتحمل دموعها، فشد إيديه حواليها واتكلم بهمس:

"لو تعرفي أنا بحبك قد إيه لا يمكن تعيطي بالشكل ده؟ ولو تعرفي مستعد أعمل إيه علشان خاطر دموعك دي لا يمكن أصلًا تعيطي. همس بطلي عياط واتكلمي معايا، قولي كل اللي جواكِ، ما تعيطيش بصمت بالشكل ده لأنه بيقتلني."

بيحاول يلفها تواجهه وهو اتعدل شوية وسند على إيده، فهي نامت على ظهرها وبصتله بصمت، بإيده مسح دموعها:

"علشان خاطري بطلي عياط، اتكلمي معايا."

مسحت دمعة نزلت منها:

"عايزني أقول إيه؟"

ابتسم:

"قولي أي حاجة، لو مستعدة أنا ممكن أخدك دلوقتي على أقرب مطار ونسافر أنا وانتِ. مش عايز الشركة ولا الجامعة، شاوري على أي جامعة في العالم كله هوديكِ فيها تكملي السنة دي. خلينا نبعد عن كل المشاكل دي ونسيب الناس دي كلها. أنا مستعد لده معاكِ، مستعد أستغنى عن العالم كله بيكِ. انتِ مستعدة تاخدي الخطوة دي معايا؟ تسيبي الدنيا كلها ونمشي أنا وانتِ مع بعض لوحدنا، أو مش لوحدنا..."

حط إيده على بطنها:

"بنتنا معانا."

فكرت لوهلة توافقه وتهرب معاه، بس أهلها، دراستها، حلمها، الواقع بتاعها، لقت نفسها بتعلق بجمود:

"انت كدبت عليا، قولتلي إني أول واحدة وأنا..."

قاطعها:

"ما كذبتش عليكِ ولا يمكن أكدب عليكِ، ولا في طبعي أصلًا الكدب يا همس."

علقت بصوت مهزوز من العياط:

"وجيسيكا؟ ما كدبتش عليا فيها؟"

اتنهد:

"همس افهمي، جيسيكا خليل حطها في طريقي و..."

قاطعته برفض:

"هو حطها لكن ما أجبركش تعمل معاها علاقة. انت قلبت الدنيا عليا لمجرد إنك شكيت إني طلعت مكتب حاتم، دلوقتي انت عملت علاقة كاملة مع واحدة وبتتهمك بالاغتصاب وكان الحل بالنسبة لك انت وأبوك إنكم تحبسوها علشان ما تروحش تبلغ ويروح الدليل من جسمها؟"

سيف اتعدل:

"همس افهمي..."

قاطعته برفض:

"مش قادرة أفهم إن دي كانت شخصيتك في يوم من الأيام ولا هي دي شخصيتك وأنا شايفة جانب واحد بس منها؟ ولا أنا بغمض عيني عن عيوبك علشان بحبك؟ تقدر تقولي جيسيكا فين دلوقتي؟"

سكت، فهي كررت سؤالها:

"جيسيكا فين يا سيف؟"

اتكلم بجمود:

"عايزة إيه من مكانها؟ يفرق معاكِ في إيه؟"

أصرت:

"جاوبني لو سمحت."

جاوبها:

"عند سبيدو."

هزت دماغها بتفهم وعلقت:

"جيسيكا اتهمتك، حبستها انت وأبوك. شذى عارضتك، حبستها. جيسيكا رجعت تاني تهددك، حبستها. انت بتحل مشاكلك بإيدك، اللي بيقف في وشك بتخفيه."

سيف قام وقف وبيلبس هدومه:

"انتِ بجد ده اللي شايفاه من تصرفاتي؟ إني بخفي أي حد يقف في طريقي؟"

همس ما ردتش، فهو كرر:

"ردي عليا يا همس، ده اللي شفتيه؟ شذى اللي بتدافعي عنها حاولت تقتلك وكانت هتنجح، نسيتي؟"

ردت بعنف:

"بعد ما انت خونتها وكسرتها وحولتها من دكتورة ناجحة حاطة مناخيرها في السما لواحدة اتخانت وخطيبها لعب بيها، وعلشان إيه؟ فلوس أبوها؟ مش انت روحت تتجوزها علشان فلوس أبوها؟ الغاية لا تبرر الوسيلة بالنسبة ليْ يا سيف."

سيف بص لها بصدمة ولأول مرة يخونه عقله ويعجز تمامًا عن الرد. وقف جامد باصص لها بيحاول يستوعب اتهاماتها دي اللي رمتها في وشه، بس عقله وقف تمامًا.

همس حست إنها زودتها وغلطت فيه بطريقة لا تُغتفر، وكلامها ده مش هيتنسي للأسف. حاولت تتراجع أو تقول أي كلمة بس معرفتش تنطق هي كمان. هي مجروحة، وده اللي طلع منها.


فاتن بره بصت لجوزها:

"خاطر، دول بيتخانقوا. خلينا ندخل ونقولهم يجوا يفطروا؟"

خاطر برفض:

"وهل ده هيمنع خناقهم؟ فطارهم هيحل مشاكلهم؟ النقاش والخناق والتفاهم بعده ده اللي هيحل مشاكلهم، مش تدخلنا ولا الفطار."


سيف أخيرًا لقى صوته:

"أعتقد مفيش كلام تاني ممكن يتقال بينا بعد كلامك. لو وصلت بينا المرحلة إنك شايفة حبي ليكِ خيانة لشذى، وإني راجل بتاع فلوس مستعد أبيع نفسي وأحبس اللي يقف في وشي، وشنيع للدرجة دي، فكده فعلًا خلص الكلام بينا. ينفع تقومي تشوفي الطريق للحمام علشان أدخل قبل ما أرجع شركتي؟ لو بيتنا اتخرب، في ٥ آلاف بيت تاني مفتوحين من الشركة والمصنع اللي بتتهميني دلوقتي إني بعت نفسي علشان فلوس أبو شذى. في ٥ آلاف بيت فكرت فيهم قبل ما أفكر في نفسي يا همس. فكرت من شوية أسيب الدنيا كلها وفي داهية كل الناس، وفي داهية العالم كله، المهم انتِ. ومش واخد بالي إني بحارب في قضية خسرانة؟ بس الحمد لله إنك قولتي رأيك فيا، على الأقل أفوق واهتم بكل البيوت المفتوحة. فقومي لو سمحتي، شوفي طريق الحمام خليني أخرج من هنا."

لبست الروب وفتحت باب أوضتها، الطرقة فاضية. فبصتله:

"طريق الحمام فاضي، اتفضل."

طلع وسابها. دخل الحمام وفضل واقف قدام المراية، مش عارف يفكر بس يأجل التفكير. المهم يخرج من هنا الأول ويرجع شركته، ومش هيعرّف حد إنه جالها زي الغبي في نص الليل. وياريت لو يكون أبوها وأمها نايمين ومحدش يعرف بوجوده هنا.

خلص بسرعة ولبس هدومه وخرج. خبط على باب أوضتها ففتحت بسرعة:

"باقي هدومي والشوز بتاعي."

فتحت الباب ودخلت. قعدت على حرف السرير عايزة تنطق لأنها عارفة إنه لو مشي من عندها بالشكل ده فحياتهم انتهت. بس هو جرحها كتير، سابها أكتر. كام مرة طلب منها قبل كده تسيبه؟ ردود أفعاله دايمًا عنيفة وصعبة، وعصبيته أصعب وأصعب.

راقبته بيلبس باقي هدومه بصمت تام، وأخد موبيله ولبس جاكته ومسك الكوفية بتاعته:

"ياريت ما تعرفيش حد إني جيت هنا. وياريت كمان لو ترجعي لدراستك، وبما إنك مقدمتيش مدينة بسبب جوازنا، فشقتك موجودة اقعدي فيها. واعتقد إن عمي وحماتي مش هيسيبوكِ لوحدك. ولو احتجتي حاجة كلميني أو ابعتي رسالة أو..."

قاطعته بصدمة:

"انت بتعمل إيه؟ انت بتسيبني؟"

بصلها بتهكم:

"أنا راجل مغتصب وخاين ومش بعيد أكون قتال قتلة في نظرك، فاعتقد معدش في بينا مجال لأي حاجة تانية. كده كفاية ولا إيه؟"

همس وقفت مصدومة:

"وحبنا؟"

بصلها بغضب وبلهجة كلها سخرية:

"أي حب اللي بتتكلمي عنه؟ اللي شوهتيه من شوية؟ اللي نهيتيه بكلامك؟ أي حب هاه؟ فهميني؟ ولا فين الحب ده؟ انتِ ما تعرفيش يعني إيه حب أصلًا يا همس. ما تعرفيش الحب. انتِ بس أعجبتي براجل وسيم، حبّيتي اهتمامه بيكِ، حبّيتي دلعه ليكِ. الظروف اللي حصلت بينا عيشتك في وهم حب كبير. واتجوزتي الراجل اللي حارب الدنيا كلها علشان يكون معاكِ. راجل عمل المستحيل علشان يقرب منك. وبعد ما اتجوزتيه عجبتك العلاقة بينا. ده أكتر شيء ممكن تكوني حبّيتيه بينا. ومش عيب ولا غلط إن الواحدة تحب العلاقة مع جوزها، بس مش أساس تبني عليه حياة سليمة ولا أساس يواجه مشاكل الحياة. لأن في أول مشكلة هيتشوه الحب ده ويتسمى بأبشع الألفاظ. وبعد تعب وحروب ومشاكل وسفر وسهر، يتقالك بكل بساطة: انت بعت نفسك علشان فلوس أبو شذى."

همس مسحت دموعها:

"ما قصدتش الكلمة، ما تمسكش فيها."

زعق فيها:

"لا قصدتيها يا همس. قصدتيها. انتِ لا يمكن تتخيلي أنا تعبت قد إيه، وعملت إيه، وحاربت إزاي عصام المحلاوي علشان أخلص منه ومن سيطرته على الشركة. ولا هتقدري سفري أنا وكريم. انتِ تعرفي إن اللي حصل لكريم حصل بسببي؟ لو مكنش سافر معايا مكنتش ناريمان عرفت توصله بره."

سكت شوية، بعدها كمل:

"عارفة لما تبقي شايلة جبل فوق أكتافك، وربنا مقدّرك تمشي بيه، ويجي حد بكلمة يحسسك بالحمل ده قد إيه تقيل؟ طيب انت شايله ليه؟ فتحس إنك مش قادر خلاص تشيل أكتر من كده. كلمة تهدك وتوقفك وتوقعك. انتِ هديتيني. ما بتهونيش عليا أبدًا بس أنا بهوّن عليكِ كتير. مالوش لازمة الكلام. بعد إذنك."

خرج وسابها واقفة مكانها، وعينيها مليانة دموع.

 بس اتفاجئ بحماه وحماته قاعدين على السفرة وفضل جامد مش عارف ينطق، لحد ما خاطر انتبه له فابتسم ووقف:

"يا أهلًا يا أهلًا بجوز بنتي الغالي، كنت لسه هصحي البت دي بس عرفت إنك معاها، محبناش نزعجكم حتى الكلام بنتكلم بهمس."

حاول يبتسم في وشه:

"صباح الخير يا عمي، وآسف إني جيت بدون..."

قاطعه خاطر:

"إياك تكمل يا سيف، اقعد افطر معانا يلا."

فاتن علقت:

"ما تقعد يا سيف، انت هتعمل فيها غريب ولا مكسوف؟"

اعتذر بذوق منهم:

"معلش اعذروني بس لازم..."

قاطعه خاطر بحزم:

"أقسم بالله يا سيف لو هتمشي بدون ما تقعد تفطر معانا لأزعل منك ليوم الدين. هو إيه ده؟ إحنا ننزل بيتك ونقعد فيه بالأيام وانت حتى اللقمة مش عايز تدوقها؟ هي دي أصول يا سيف؟"

فاتن وقفت ولاحظت ضيقه فعلقت:

"أمال همس فين؟ اقعد يا حبيبي كل لقمة معانا وأكلها هي كمان، دي ما داقتش أي لقمة من امبارح، فالست في بداية حملها لو بتحب جوزها هو اللي بيعرف يأكلها."

سيف كان عايز يعلق بتهكم:

"ده لو بتحب جوزها..." بس سكت وما علقش.

فاتن نادت:

"بت يا همس، اطلعي هنا بقى."

همس طلعت وراه ووقفت، ففاتن علقت:

"جوزك عايز ينزل من غير فطار، قعديه يلا وافطروا انتو الاتنين."

خاطر اتحرك من مكانه، مسك دراع سيف لأنه واثق إنهم زعلانين ومعرفوش يتفقوا:

"اقعد وافطر معانا وسيبها على الله، ربك حلال الحلول والعقد، هتتحل."

سيف علق:

"ونعم بالله، بس يا عمي..."

قاطعه خاطر:

"ما بسش، كل حاجة بسيطة واشرب قهوتك واتكل على الله، مش همسك فيك."

فاتن بصت لبنتها:

"تعالي اقعدي يلا جنب جوزك."

و شاورت لبنتها تقعد، فقعدت جنبه بصمت تام، حاول خاطر وفاتن يقطعوا الصمت بأسئلة عادية. فاتن ناولت بنتها ساندوتش يدوب أخدت قطمتين منه، قامت بسرعة للحمام. وسيف كان هيقوم وراها بس تراجع، هو هيسيبها ويمشي فلازمته إيه يخاف عليها دلوقتي ولا يقف جنبها؟

خاطر فهم إنه اتحرج منهم، فعلق:

"سيف يا ابني، البيت بيتك، قوم مع مراتك، ما تتحرجش مننا. طبيعي هتخاف عليها في أول حمل، قوم يا ابني."

سيف كان هيعلق، بس رجع في قراره وقام ورا مراته. وقف على باب الحمام:

"محتاجة مساعدة؟"

مردتش عليه، وهو فضل مكانه جامد بيراقبها لكن متربط مكانه مش قادر يتحرك لعندها. أخيرًا خلصت واتعدلت، غسلت وشها بعدها، وبصتله:

"تعرف إن دي أول مرة تشوفني تعبانة أو برجع وتقف جامد بالشكل ده؟"

بصلها كتير قبل ما يجاوب:

"ما هو ده الطبيعي لما حبك يترمي في وشك، ويتقالك بناقص حبك انت."

قاطعته بانها حطت إيديها على شفايفه تمنعه يكمل:

"أنا غلطت وهبلت في الكلام، بس عمري ما قولت بناقص حبك، ولا عمري أقولها. ولا انت هتسيبني وتمشي، ولا..."

قاطعها وهو بيبعد إيديها:

"همس، أنا همشي علشان بس الأمور تبقى واضحة قدامك."

وقفت قصاده مش عارفة تعمل إيه ولا عارفة تتصرف إزاي ولا عارفة حتى تقول إيه؟ بس هي عارفة إنه لو مشي دي بداية النهاية.

اتحرك من مكانه يخرج، بس هي وقفته قدام باب أوضتها، مسكته من دراعه وحاولت تدخله، بس فضل جامد:

"مش عايز أتكلم يا همس، لو سمحتي."

بتحاول تزقه يدخل:

"ما تتكلمش، اسمعني."

فضل باصصلها بجمود، فهي بترجي:

"علشان خاطري يا سيف... ولا بلاش خاطري، علشان خاطر بنتك."

بصلها بحدة:

"انتِ امبارح قولتي بلاش نلعب بورقتها، نسيتي؟"

علقت بعياط:

"كنت غلطانة. من امتى بتقفلي على الواحدة وعلى الكلمة بالشكل ده؟"

علق بجمود:

"من النهاردة، من ساعة ما قولتي اللي قولتيه من شوية."

مسكت وشه:

"أنا آسفة، ما قصدتش اللي قولته، أنا بس مجروحة و..."

قاطعها وهو بيبعد إيديها عن وشه:

"مجروحة من إيه، هاه؟ من واحدة ظهرت في حياتي من قبل ما أعرفك بسنين؟ ولنفترض إني بجد اغتصبتها ولا كنت على علاقة بيها، ولا كانت حبيبتي، ولا حتى مراتي. ده ماضي لا يعنيكِ من قريب ولا من بعيد، ولا أنا ملزم أقدملك تقرير عن حياتي من يوم ما اتولدت لحد ما عرفتك. ليكِ تحاسبيني من بداية ما قولتلك بحبك، ولا دي كمان لا، تحاسبيني من اليوم اللي دخلتي فيه بيتي وبقيتي على ذمتي. قبل كده بساعة ما يخصكيش."

سندت راسها على صدره بتقاوم اغماءها:

"موافقة بس ما تسبنيش وتمشي وتقولي كملي حياتك معرفش إزاي، وشقتك هاتي أبوكِ وأمك فيها، موافقة بس ما تقوليش إن حبي ليك هو رغبة وعلاقة جسدية بس، أنا مش كده، أنا مش كده يا سيف."

علق بتهكم:

"الاتهام وجعك أوي وكلامي وجعك؟ تشويه الحقايق وجعك يا همس؟"

زقها بعيد عنه بحدة شوية:

"ده بالظبط اللي انتِ عملتيه، تعب وتضحيات ووجع وحروب لخصتيها بخيانتي لشذى، اللي حولتها من دكتورة ناجحة لوضعها دلوقتي."

(كمل بقهر):

"دي شذى نفسها ما اتهمتنيش اتهام زي ده، وعارفة في قرارة نفسها إن اللي دمرها كان أبوها باختياراته وطمعه وجشعه في أملاك غيره."

همس بترجي:

"سيف، أنا مقصدش اللي فهمته، أنا بس..."

قاطعها بزهق:

"لو سمحتي يا همس، كل ما هنتكلم كل ما نزود في الغلط، فخليني أمشي، وبعدين لما أفوق من كل اللي أنا فيه ودماغي تروقلك نبقى نتكلم. أنا سايب خليل البوليس مراقبه، وسايب جيسيكا محبوسة زي ما انتِ عارفة، وسايب الشركة والمصنع والجامعة، أنا حرفيًا سايب الدنيا كلها ورايا وجيتلك هنا، وبضرب نفسي على اللحظة اللي قومت ركبت فيها عربيتي علشان أجيلك. بلعن غبائي اللي خلاني أحبك بالشكل ده والطريقة دي، وخلاني على رأيك أخون شذى. كان المفروض أكون راجل وعلى قد كلمتي معاها واتجوزها زي ما وعدتها، حتى لو بدون حب، هي كانت موافقة. بس على رأيك أنا خنتها وبسببي اتحبست، فدي انتِ عندك حق فيها. بس معلومة صغيرة عني يا همس: أنا من يوم ما اتخرجت من الجامعة لحد يومنا ده النهاردة ما أخدتش مليم واحد من أي حد، حتى أبويا نفسه، ولما سافرت اشتغلت وكنت بصرف على نفسي، فمش أنا اللي كنت طمعان في فلوس المحلاوي. ولو نسيتي أفكرك إنه كان بيزنس بين أبويا والمحلاوي، وحتى ارتباطي ببنته كان نوع من البيزنس، علشان هو اللي كان طمعان في الشركة مش العكس."

همس حركت راسها برفض:

"أنا عارفة كل اللي بتقوله ده، أرجوك يا سيف، أرجوك..."

(بدأت تتعب جامد وماسكة بطنها):

"أنا تعبانة علشان خاطري اهدى واسمعني."

مسكت دراعه واتعلقت فيه بس شد دراعه جامد منها:

"تعبانة؟ خلي أبوكِ يوديكي لدكتور، ولا كلمي نادر أخوكِ، دول اللي بتتحامي فيهم مني، هيقوموا بدوري وزيادة. انتِ مش محتاجاني."

همس مسكت دراعه قبل ما يخرج وبترجي وهي بتقاوم الإغماء:

"علشان خاطري ما تسيبنيش وتمشي، سيف لو سمحت."

جه يشد نفسه تاني منها بس هي المرة دي وقعت بين إيديه، مسكها بسرعة وسندها لكنه كان جامد بمشاعره وحس إنها ممكن تكون بتلعب بأعصابه مش أكتر، فعلق بجمود:

"بلاش الحركات دي لو سمحتي يا همس، أنا عندي شغل ومش فاضي للعب العيال ده."

شالها وحطها على السرير ويدوب بيسحب دراعه من تحت رجليها لاحظ الدم اللي هي بتنزفه. بص للدم برعب واتجمد، معقول البيبي هينزل؟

نادى على فاتن اللي جت تجري هي وخاطر بسرعة من صوته. فاتن دخلت بسرعة:

"في إيه مالها يا سيف؟"

بصلها برعب:

"بتنزف."

خاطر وراها:

"طيب نطلب الإسعاف ولا نروح المستشفى ولا نعمل إيه؟ نجيب دكتور هنا؟"

فاتن مسكت إيد بنتها بتحاول تفوقها، بعدها بصت لجوزها:

"كلم نادر، اسأله نوديها ولا هو يكلم الإسعاف يجوا بسرعة ولا نعمل إيه؟"

خاطر اتصل بنادر وفاتن بصت لسيف:

"هات أي برفان نفوقها يا سيف."

فضل جامد مكانه شوية فهي قامت جابت برفان كانت العلبة اللي سبق واخدتها منه قبل ما يتجوزوا. سيف بص للعلبة، معقولة لسه معاها؟ إزاي يتهمها إنها مش بتحبه وما تعرفش تحب؟ إزاي ممكن حبيبين يجرحوا بعض بالشكل ده؟

خاطر قفل مع ابنه وحط إيده على كتف سيف:

"قال ننزلها المستشفى يا سيف وهو هيكلمهم ينتظرونا. قال سيف أسرع من الإسعاف، عقبال ما تيجي وترجع تاني. شيلها ويلا."

فاتن بتفوق همس بالبرفان بتاع سيف، ففتحت عنيها بضعف وتمتمت:

"ما تسبنيش يا سيف، علشان خاطري ما تمشيش."

خاطر بصله هو وفاتن اللي علقت:

"خلينا ناخدها المستشفى يلا."

سيف شالها وامها حطت ملاية عليها غطتها، ونزلوا الثلاثة بسرعة للمستشفى. وطول الطريق سيف سايق وعينه عليها في المراية وهي بتتأوه وتعيط وماسكة إيد فاتن:

"ماما، هو كده خلاص البيبي راح؟ كده مات؟"

فاتن حاولت تطمنها:

"يا حبيبتي الحاجات دي أرزاق يا همس، ورزقك هتاخديه يا حبيبتي غصب عن الكل."

همس برفض:

"قوليلي كده راح ولا إيه؟ أنا عايزاه يا ماما، ما بقاش فاضلي غيرها يا ماما. سيف عايز يسيبني ويمشي، سيف هيسيبني ويمشي، ولو البيبي نزل هيسيبني خالص، ماما."

فاتن حضنت بنتها والاتنين عيطوا وسيف قدام حاول ينطق أو يطمنها بس لسانه اتربط، معرفش يقول حرف واحد. وصل المستشفى، كان في كذا حد في انتظاره، أخدوها طلعوها لفوق، وقربت منهم دكتورة عرفت نفسها:

"أنا دكتورة منال الغباشي، دكتور نادر كلمني، هي تعبت من إمتى؟"

فاتن اللي جاوبتها :

"يدوب دلوقتي، كانت كويسة وقعدت تفطر يدوب لقمتين، قامت ترجع بعدها وقعت من طولها ولقيناها بتنزف."

منال قربت من همس وبتسألها:

"انتِ حامل في قد إيه؟"

همس بضعف:

"حوالي ٥ أو ٦ أسابيع يدوب."

منال ابتسمتلها:

"حاسة بوجع؟"

همس:

"مغص جامد وظهري بيوجعني."

فاتن شهقت، بس خاطر شدها:

"اهدي، إن شاء الله خير."

الدكتورة قربت جهاز السونار:

"هطمن على البيبي وخير إن شاء الله، مش هنسبق الأحداث."

(بصت ناحية سيف):

"حضرتك جوزها؟"

سيف جاوبها بإشارة من دماغه، فهي علقت:

"اطمن، إن شاء الله خير."

الممرضة كشفت بطنها وحطت الجيل، والدكتورة بدأت تعملها الأشعة وحالة صمت تام قطعتها منال:

"انتِ قولتي حامل في قد إيه؟"

همس برعب:

"٥ أسابيع تقريبًا."

منال:

"٦ بالظبط، البيبي ما نزلش، حجمه كويس وطبيعي، والمشيمة حجمها مناسب."

الكل اتنهد بارتياح وخاطر وفاتن حمدوا ربهم. وسيف تراجع خطوة لورا عايز يهرب بدون ما حد ينتبه له، لكن منال وقفته:

"مش حابب تشوف ابنك أو بنتك من قريب؟ تعال قرب."

سيف حمحم علشان صوته يطلع:

"ما بفهمش في الأشعة دي."

منال بتشجيع:

"هشرحلك، تعال."

سيف بتردد قرب، عنيه اتقابلت مع همس اللي مدت إيدها له، فبص لإيدها وبعدها مسكها وقرب أكتر وانتبه على الدكتورة بتشرح له الأشعة. بعدها بصت للممرضة وطلبت منها تجيب أدوية معينة، والتفتت لفاتن:

"أنا محتاجة أتكلم معاهم الاتنين لوحدهم شوية لو ينفع؟"

فاتن بصت لسيف بعتاب، بعدها قربت وباست بنتها:

"إحنا بره."

خاطر كمان ربت على شعرها:

"ألف سلامة عليكِ."

الأوضة فضيت عليهم الثلاثة، وهمس سألتها:

"النزيف ده حصل ليه؟ والتعب اللي أنا فيه ده ليه؟ المغص بيقطع بطني وظهري بيوجعني جدًا."

منال بصتلهم الاتنين:

"الحمل ما نزلش، بس ده مش معناه إنه في أمان."

همس بتوتر:

"قصدك إيه؟ هينزل؟"

منال بهدوء:

"ينزل أو يكمل دي حاجات بتاعة ربنا، لكن إحنا بنعمل اللي علينا. والدتك بتقول إنك كنتِ كويسة والنزيف فجأة، بس ده مش منطقي. إيه اللي حصل بينكم؟"

(بصت لسيف):

"حضرتك صمتك غير طبيعي، سمعت عنكم كتير وعن قصة حبكم، بس مش شايفة أي حاجة من اللي سمعتها. الصمت القاتل بينكم ده ليه؟ عملت إيه فيها وصلتها للحالة دي؟"

سيف بتوتر:

"قصدك إن ممكن تكون العلاقة بينا وصلتها لده؟ ده ممكن يكون السبب؟"

منال حركت رأسها برفض:

"العلاقة الطبيعية لا، مش ممكن تكون السبب، إلا لو كان حملها في خطر. بس أنا شايفة حمل طبيعي."

(بصت لهمس):

"ولا غلطانة؟ دكتورك قالك إيه عن حملك؟"

همس بتوتر:

"أنا لسه عارفة إني حامل، مكملتش أسبوع. رحت للدكتورة مرة بسبب الترجيع، بس قالت لي كل حاجة طبيعية."

منال بتفكير:

"طيب كنتوا عنيفين في العلاقة؟ ولا كانت بشكل طبيعي وهادي؟ عملتوا حاجة خارجة عن المألوف؟ أو حاجة غريبة أو..."

قاطعها سيف:

"لأ طبعًا، مش هنعمل حاجات خارجة عن المألوف وإحنا لسه عارفين بحملها."

منال بتفكير:

"طيب زعلتها؟ في حاجة حصلت زعلتك بشكل جامد؟ أو اتعرضتي لأزمة؟ أو خوف شديد؟ أو اتفاجئتي بحاجة؟ ساعات الخوف أو الحزن الشديد يعمل المغص ده. ساعات بتلاقي طلبة بتشتكي من المغص قبل الامتحان. حاجة زي كده. فهل اتعرضتي لخوف أو حزن أو رعب شديدين للدرجة دي؟"

هنا همس غمضت عينيها بتعب:

"أنا تعبانة، أرجوكِ لو ينفع آخد مسكن اديني أي حاجة للمغص ده."

الدكتورة فهمت إن همس مش حابة تتكلم. طلبت من الممرضة تجيب لها حقن مسكنة، بس ضعيفة، وقالت:

"هتهدي الألم، لكن مش هتسكته تمامًا. مش هينفع أكتب لك حاجة أقوى. المسكنات الطبيعية أفضل."

سيف بهدوء واهتمام:

"زي إيه المسكنات الطبيعية؟"

منال وقفت:

"حضنك."

الاتنين بصوا لها باستنكار، وخصوصًا سيف، فهي وضحت:

"مستغربين ليه؟ لما بتحضن مراتك أو حبيبتك جسمها بيفرز هرمون السعادة، وده هيحفز معاه هرمونات تانية، فهيقلل

 إحساسها بالوجع، ومش بعيد تلاقيها هديت ونامت. عمرك ما كنت تعبان ودفنت نفسك في حضنها ونمت، واستغربت إزاي وسط تعبك أو صداعك نمت الليل كله؟ أمال حب إيه اللي بسمع عنه بينكم؟"

قاطعهم وصول الممرضة بالحقن. بدأت تجهزها وتركب كانيولا في دراع همس. بعدها سيف سأل:

"هتخرج إمتى من هنا؟"

همس بحزن:

"لو مستعجل على شغلك روح انت."

سيف بص لها باستنكار:

"اطمنتي إن البيبي ما نزلش فخلاص، روح انت؟"

همس بصت له بغيظ:

"انت عايز تمشي، امشي يا سيف، مش همسك فيك. مش هينفع ومش هقبل تفضل جنبي غصب عنك."

سيف فضل باصصلها شوية، بعدها وجه كلامه للدكتورة:

"هتخرج إمتى؟ وهل ينفع آخدها القاهرة؟"

منال بصت لهمس:

"تخلص المحلول وأجاوبك بناءً على حالتها، هل المغص اتحسن ولا؟ غير إن التوتر اللي بينكم ده اقضوا عليه، أنهوه."

(بصت لسيف):

"بتحبها؟ ده وقت تظهر الحب ده. نفسية الحامل مهمة جدًا للبيبي ولها. انت مسؤول عنهم الاتنين. هنسيبكم لوحدكم، والشد اللي بينكم والعصبية دي أنهوها."

خرجوا الاتنين ومنال قفلت الباب. فاتن قربت تطمن منها وهي طمنتهم، بعدها علقت:

"أعتقد الأمور بينهم مش أحسن حاجة صح؟ سيبوهم شوية لوحدهم يتصافوا، ده مهم لنفسيتها جدًا."

فاتن بتهكم:

"هم متخانقين، واللي حصل ده علشان سيبناهم يتصافوا. بيقطعوا بعض."

منال بصدمة:

"بيمد إيده عليها؟"

فاتن وخاطر الاتنين:

"لا طبعًا."

فاتن كملت:

"دول بيموتوا في بعض، بس زعلهم متخلف."

خاطر أكد:

"هيعرفوا يتصافوا."


جوه عند سيف فضلوا ساكتين الاتنين لحد ما سيف وقف وهيتحرك ناحية الباب فهمس برعب:

"انت هتسيبني وتمشي؟"

دموعها نزلت كتير وهو بصلها باستغراب:

"هو مش سيادتك من لحظة قولتي مع السلامة روح شغلك؟ ولا بتقولي الكلام وتنسيه؟"

همس بتمسح دموعها اللي نازلة بغباء:

"وحضرتك ما صدقت؟ هاه؟ الشركة والشغل اختيارك الأول دايمًا قبلي وبعدها تلومني على تفكيري؟ دايمًا مستعد تستغنى عني."

قرب منها بغيظ:

"أنا يا همس؟ صح بأمارة من شوية وأنا بقولك لو مستعدة تسيبي كليتك يلا نسافر أنا وانتِ لأي مكان؟"

ضحكت بتهكم:

"ده كان كلام، مجرد كلام لا يمكن تنفذه. طيب أنا موافقة، يلا بينا، تعال شيلني واطلع بيا على أقرب مطار، يلا يا سيف، بناقص الجامعة خالص، مش عايزة جامعة، عايزاك انت جنبي وبس."

هنا هو علق:

"أهو ده بقى اللي مجرد كلام. عايزاني أنا، صح؟ انتِ تقريبًا من يوم ما عرفتك للنهارده كل اختياراتك هي البعد عني، في كل مشكلة قابلتنا أول حاجة بتعمليها بتبعدي عني ولا تعمليلي بلوك، نسيتي؟"

همس زعقت:

"علشان انت بتخلي القرب منك صعب أوي، صعب وبس. بتقولي مش بقفل بابي في وشك، وبلاقي نفسي لبست في حيطة."

علق بحزن:

"طالما بلبسك في حيطة يبقى خلاص، خلينا ننهيها يا همس."

مقدرتش ترد عليه بس عيطت، وعياطها بدأ يزيد وهي بتحس إن كل حاجة حواليها بتنهار وهي بتتفرج عليها بعجز. سيف مهنش عليه عياطها بالشكل ده:

"ينفع تهدي وتفكري في البيبي اللي كان هينزل بسبب عياطك ده؟"

همس زقته:

"وانت عايز تنزله، صح؟ انت مكنتش عايز عيال من البداية."

بصلها بذهول:

"ده أنا؟ أنا ولا أبوكِ اللي شرط علينا الشرط المتخلف ده؟"

حطت إيديها على ودانها رافضة تسمع وبتعيط وبس:

"انت مكنتش عايز البيبي، ومش عايزني أنا كمان دلوقتي. خلاص، امشي، مستني إيه؟ مش هقولك خليك، سيبني واللي يحصل يحصل. لو كمل هبقى أعرفك إن عندك عيل، لو نزل انساني، امشي، اتفضل."

حاول يقرب منها بس بتبعده عنها لدرجة الكانيولا اتحركت وإيديها بتنزف مكانها، فزعق فيها:

"يا همس اهدي، البتاعة طلعت من إيدك، اهدي."

همس زعقت:

"سيبها، هيجرالي إيه؟ بتخاف عليا؟ روح شركتك للخمستلاف موظف بتوعك، هم أهم مني، اتفضل."

لأول مرة ما يعرفش يحتويها ولا يهديها، فبعد عنها وطلع لبره. بص لأبوها وأمها:

"الدكتورة فين؟"

فاتن دخلت لبنتها وحضنتها، وخاطر وقف قصاد سيف:

"الدكتورة راحت مكتبها."

سيف راحلها وجابها بسرعة وطلب منها تديها أي مهدئ، بس الدكتورة بصتله بضيق:

"مراتك حامل، أفكارها مشوشة، هرموناتها بتتحكم فيها. لو مش هتعرف تكون جنبها، سيبها وامشي. أمها وأبوها يهدوها، لكن ما تطلبش مني أديها مهدئات تضر البيبي علشان الله أعلم انت زعلان منها في إيه؟ لو حضرتك مش هتكون دعم، ما تكونش عائق بعد إذنك."

راحت لغرفة همس وسيف وراها. فضل مكانه جامد بيراقبها وهي واقفة قصاد همس اللي فاتن حضناها وهي بتعيط:

"مشي يا ماما خلاص؟"

فاتن بزعل:

"يا حبيبتي عياطك هينزل اللي في بطنك "

الدكتورة أكدت:

"لو هتفضلي في عياطك الهستيري ده، البيبي هينزل. فحاولي تهدي، مش هينفع اديكي مهدئات زي ما جوزك طلب لأنها مهما كانت أمان، أنا مش بفضلها وخصوصًا في أول شهور الحمل، ضررها أكبر. اهدي وبطلي عياط لو سمحتي."

خاطر جنب سيف:

"يا تمشي يا تقوم بدورك. وعدتني إنك هتكون بدالنا كلنا، مش مجرد زوج. بس أنا مش شايف قدامي غير زوج، لأني كأب لا يمكن أشوف بنتي كده وأتفرج عليها، ولا كأخ ولا كصاحب. انت زعلت منها كزوج، فين الباقي؟"

سيف بصله:

"حضرتك مش عارف إيه اللي بينا ولا..."

قاطعه خاطر:

"ولا عايز أعرف، ولا عمري اتدخل بين راجل ومراته، لأني ما أقبلش حد يدخل بيني وبين مراتي. بس انت في وضع صعب ومشاكلك كلها صعبة يا سيف، وتحملها فوق طاقة الناس العادية اللي زينا. إحنا ناس بسيطة وعايشين عيشة بسيطة، انت دخلت بيتي شقلبته وسحبت عيالي كلهم من تحت إيدي وأخدتهم الثلاثة. فأوعي تهز ثقتي فيك يا سيف، لأني مش بس سلمتك همس، أنا سلمتك بيتي كله، أنا سلمتك روحي، مش بس همس. فلو الدور صعب عليك، عرفني إنك مش قدّه، واديني وقت أسحب عيالي، يمكن أعرف أرجعهم."

سيف باصص قدامه بجمود، مبقاش قادر على الأحمال اللي بتتحط فوقه كل شوية. دلوقتي خاطر بيحمله عياله كلهم؟ بس هو بالفعل سحبهم كلهم. نادر اللي اتجوز ملك من الوسط بتاعه، هند اللي هو أخد بدر يشتغل معاه، وهمس بتنهار أهي قدامه وحامل في ابنه أو بنته.

راقب الممرضة اللي ركبت كانيولا جديدة في إيدها ونظفت آثار الثانية وحطت إيدها جنبها:

"ألف سلامة عليكِ."

الدكتورة:

"حاولي تنامي شوية، غمضي عينيكِ وهتنامي."

سيف قرب منهم:

"سيبونا لوحدنا."

فاتن زعقت فيه:

"لا يا سيف، مش هسيبها تاني لوحدها معاك. "

سيف قلع الجاكت اللي كان لابسه ورماه على الكرسي:

"براحتك، خليكِ يا حماتي، بس سيبيلي مراتي."

وقف جنب السرير، وفاتن بصتله مترددة تقوم من جنب بنتها اللي دموعها نازلة بصمت. بصت لخاطر اللي شاور لها تقوم، قامت براحة، وسيف قعد مكانها، وأخد همس في حضنه:

"حقك عليا، أنا آسف يا همس. مفيش في الكون ده كله أهم منك انتِ، مفيش أهم منك. حقك عليا، أنا مش هبعد في أي مكان غير وانتِ في حضني. حقك عليا."

هنا هي انكمشت في حضنه أخيرًا ودخلت أكتر وبتكور نفسها بين إيديه، بتحرك دراعها بس مسكها:

"الكانيولا هتتحرك تاني، ثبتي إيدك دي، معلش."

همست بتردد:

"مش هتمشي؟"

بعد نفسه عنها شوية ومسح بإيديه الاتنين وشها:

"مكنش مجرد كلام يا همس لما قولتلك إني مستعد أسيب الكون كله وأسيب الشركة وأخدك ونمشي. مش مجرد كلام."

همس بصت لعينيه:

"وأنا موافقة، نمشي ونبعد، ومش هبص ورايا مرة."

ضمها لحضنه تاني:

"حاولي تغمضي عينيكِ، أنا مش هروح مكان."

منال بصت للممرضة بتاعتها لقتها بتتفرج عليهم بهيام ومبتسمة، فضربتها في كتفها وهمستلها:

"يلا."

شدتها وخرجت، وخاطر كمان شد فاتن وخرجوا وقفلوا الباب وراهم.

منال علقت:

"إيه اللي وصلهم لحالة الانهيار دي؟ باين إنهم بيحبوا بعض جامد."

فاتن بأسف:

"ربنا ينتقم من اللي كان السبب، والله ما أعرف إيه اللي حصلهم وليه؟"

خاطر:

"ربنا يصلح ما بينهم ويهديهم، أما ليه وحصل إيه، فدي بتاعتهم مش بتاعتنا. معلش يا دكتورة تعبناكِ معانا."

منال ابتسمت:

"يا خبر يا عمي، ده واجبي. غير إن دكتور نادر جمايله مغرقانا كلنا."

فاتن علقت:

"كلمه طمنه، تلاقيه قلقان."

منال قبل ما تنسحب:

"أنا في مكتبي، لو في أي حاجة بلغوني."

(بصت للممرضة):

"خليكِ قريبة منهم."


مؤمن قبل ما ينزل الشركة راح للملحق يتكلم مع والدته بحيث يشوف طريقة يقنع بيها والدة سما إنها تفضل معاهم أطول فترة ممكنة. قبل ما يدخل الملحق لمح سما واقفة بره التراس في الجنينة بشرود تام، ولقى نفسه بيتساءل يا ترى سرحانة في إيه بالشكل ده؟ هل ممكن تكون بتفكر في خطيبها اللي افترقوا قبل الفرح مباشرة؟ التفكير ده ضايقه واتحرك يدخل لوالدته، وبعد ما مشى كذا خطوة لقى نفسه بيقف، وبعدها قرر يصبح عليها مش أكتر، مجرد هيقولها صباح الخير ويمشي.

قرب منها وحمحم، فهي انتبهت وبصلته:

"باشمهندس مؤمن صباح الخير."

ابتسم وقرب أكتر منها:

"صباح النور. صاحية بدري ليه كده؟ يا بنتي، انتِ في إجازة، استمتعي بيها."

ابتسمت وبهزار:

"هو حضرتك مش عارف أول شرط من شروط الإجازة الصحيان بدري؟ ما تفهمش ليه؟ أيام الشغل هتموت وتنام، وأيام الإجازة تصحى زي البوبي في ميعاد الشغل. طيب فين يا عم النوم؟ ده أنا كنت ببوس الساعة بالله خليكِ واقفة بس خمس دقايق."

ضحكوا الاتنين وهو علق:

"في دي عندك حق."

سكتوا الاتنين وصمتهم محرج. مؤمن حب يقطع الصمت فعلق على المج اللي في إيدها لأنه كان بتاعه هو الخاص:

"بتشربي إيه في المج ده كله؟"

ابتسمت بحرج:

"بشرب قهوة."

توقعت إنه هيتصدم، بس هو نفسه كان بيحب يعمل فيه قهوة ونور كانت دايمًا بتتريق عليه وتتعمد تعمله في فنجان صغير بالرغم من إنها عارفة إن ده بيضايقه. سما انتظرته يعلق بس لقتّه عادي، فده أثار فضولها:

"غريبة."

بصلها بدهشة:

"إيه اللي غريبة؟"

وضحت:

"توقعت هتقولي موشح طويل عن القهوة وأضرارها، وإزاي مج كبير زي ما كل حد يشوفني يسمعني نفس الموشح، وأقولهم بشربها فرنساوي ومش بكتر فيها القهوة، وأفضل أشرح وأبرر."

ابتسم بتفهم:

"ولسه بتشرحي وتبرري؟"

جاوبت ببساطة:

"لا طبعًا، زهقت وبطلت.(كملت بهزار):"بس ده ما يمنعش إني منتظرة الموشح."

ضحك معاها، بعدها علق بحرج:

"أنا عايز أقولك معلومة صغيرة بس."

بصتله بانتباه:

"اتفضل."

- "ده المج بتاعي اللي بحب أشرب فيه قهوتي."

ابتسمت بحرج وتمتمت:

"يعني انت عارف الموشح إياه؟"

هز دماغه بموافقة، فهي كملت:

"علشان كده ما استغربتش، بس عندي سؤال فضولي جدًا."

بصلها بانتباه:

"اتفضلي."

- "ليه في اتنين؟ أقصد مجين، بس الثاني شكله جديد تمامًا محدش استعمله؟"

جاوبها ببساطة:

"المجين شكلهم عجبني مع بعض واشتريتهم، بس واحد بس اللي استعملته، والثاني اتركن محدش استعمله. محدش غيري بيحب يشرب في مج كبير."

حست إنها ضايقته فغيرت الموضوع ومدت إيدها بالمج:

"هشاركك قهوتي بما إنك شاركتني في المج بتاعك. اتفضل، يمكن يطلع ذوقنا واحد في القهوة كمان."

استغرب إزاي بتعزمه يشرب من نفس كوبايتها، كل حاجة فيها غريبة، وبتردد أخد منها المج وشرب منه. هي منتظرة تعليقه وبصلته بفضول فوضح:

"حلوة."

كشرت بإحباط:

"بس حلوة؟ أنا قهوتي مميزة جدًا، مش بس حلوة. فحضرتك محتاج تبذل مجهود أكتر من مجرد حلوة دي. مالها القهوة؟"

وضحلها:

"هي مظبوطة كقهوة وطعمها حلو، بس مشكلتها معايا إنها أوفر سكر."

ضيقت حواجبها:

"أنا بحب السكر زيادة، بس مش لدرجة أوفر سكر؟"

أكد:

"أوفر سكر."

اتريقت:

"انت أوفر رخامة على فكرة. المفروض تجاملني وتقولي: حلوة، تسلم إيدك."

بصلها بذهول:

"هو مش من لحظة قولت حلوة وسيادتك اعترضتي وقلتي: قول رأيك وتعليقك؟"

وضحت بتهكم:

"أيوه، وذوقيًا مهما أصر تتمسك برأيك إنها تحفة ومفيش أجمل منها، وفيما بعد لما تبقى تطلب مني أعملك قهوة، تذكر كمعلومة طفيفة: لو سمحتي يا سما، قللي السكر شوية، وكفاية إنها من إيديكِ، ده لوحده هيحليها."

بصلها بذهول تام وعاجز عن الرد، فهي وضحت:

"ده الصح على فكرة. وبما إنك مصدوم من اللي بقوله، فده وضح حاجات كتير عن شخصيتك. الستات بتحب المجاملة، ومهما تصر إنها تسمع الحقيقة، فهي مش عايزة تسمعها، هي محتاجة تصر على المجاملة لحد ما تثبتلها إنها حقيقة مش مجاملة. نفهم بقى."

مؤمن بعد ما تغلب على ذهوله ابتسم بمجاملة:

"القهوة جميلة وتحفة، وما دوقتش ولا هدوق في جمالها. وبتمنى لو عملتيلي بإيديكِ قهوتي، بس أقل سكر لأنها كفاية إنها من إيديكِ. كده صح؟"

كانت هتضحك بس اكتفت بابتسامة بسيطة:

"في أمل منك. خالتو وماما صاحيين جوه لو عايز تصبح عليهم."

ابتسم ووضح:

"فعلًا عايز أصبح عليهم. سلام، أشوفك بعدين."

راقبته وهو بيبعد، وهي مبتسمة على مشاكسته.


سبيدو اتصل بآية كتير بدون رد، كان نفسه يفطروا مع بعض أو على الأقل تكون هي بداية يومه واستغرب إمتى اتعلق بيها وليه؟ طول عمره بيفطر لوحده وعايش لوحده، فليه دلوقتي محتاجها معاه؟

استغرب من نفسه لأن حتى ووالدته موجودة قبل ما تسافر مع جوزها على وعد ترجع لما يحدد ميعاد فرحه، مكنش بيحب يصحى ويفطر معاهم، ليه دلوقتي عايزها معاه تفطر معاه؟ هو مش من هواة الفطار أصلًا.

لقى نفسه قدام الڤيلا بيفكر يدخل ولا يمشي من سكات، اتصل بسيف اللي رد عليه بصوت واطي:

"أيوه سبيدو."

سبيدو استغرب:

"صوتك مش نايم فليه موطيه؟ مين جنبك خايف يصحى؟"

يدوب سمع صوته:

"لحظة معلش."

انتظر لحد ما سمع صوته واضح:

"أيوه يا سبيدو خير؟"

سبيدو باستغراب:

"انت فين كده؟"

سيف وضح:

"في المنصورة عند همس."

سبيدو باستغراب:

"يعني كويس ويارب تكونوا اتصالحتوا، بس هتيجي إمتى؟ جيسيكا منتظراك وخليل ومحاكمة كريم بكرة، من الآخر عايزينك هنا."

سيف:

"مش عارف هقدر آجي إمتى، فمش عارف أقولك إيه أصلُا."

سبيدو بضيق:

"تقولي إيه في إيه؟ أنا آه مقدر مشاكلك مع همس وعارف صدقني حالتك، بس حاليًا في مصايب أهم، فهاتها وانزلوا هنا كملوا خناق."

سيف باقتضاب:

"مش هينفع، سبيدو معرفش انت عرفت ولا لأ بس همس حامل."

سبيدو بتفهم:

"عرفت ومبروك وربنا يقومها بالسلامة، بس ده ما يمنعش..."

قاطعه سيف:

"وإحنا في المستشفى واحتمال البيبي ينزل، لسه شايف إن في حاجات أهم؟"

سبيدو اتصدم باللي سمعه ومعرفش يقول إيه؟ لسه بيباركله يقوله البيبي هينزل؟ حاول يعتذر:

"سيف معلش اللي ربنا رايده هيكون، لا طبعًا مفيش أهم من صحتها دلوقتي، خليك جنبها، أنا موجود هنا ما تقلقش وياريت تطمني عليها."

سيف شكره بس حذره:

"مش عايز حد يعرف حاجة."

قفل معاه وفضل برضه مكانه مش عارف يدخل ولا يمشي ولا يعمل إيه؟

أخيرًا قرر يدخل وخلاص، هيسلم عليهم وياخد آية يوصلها الشركة وبس كده.

وقف قدام البوابة والأمن أول ما شافوه فتحوا بسرعة وهو دخل، فتحتله عواطف اللي سألها عن آية فبلغته إنها نايمة وهتطلع حالًا تصحيها وتعرفها بوجوده.

عز أول ما شافه:

"كويس إنك جيت يا سعد."

قرب منه:

"خير يا عمي حضرتك محتاج إيه؟"

عز بتوتر:

"كلمت سيف؟ مراته عاملة إيه؟"

سبيدو معرفش يرد، وهل ده مجرد سؤال بريء ولا هو عارف حاجة وبيختبره؟

الفصل الثالث والسبعون من هنا

تعليقات



×