رواية عاصفه الهوي الفصل الواحد و السبعون بقلم الشيماء محمد
الثلاثة مع بعض بيحاولوا ياخدوا قرار هيعملوا إيه، مؤمن اقترح: "تعالوا نكلم اللواء أسامة جابر ونشوف رأيه، نتعامل إزاي؟ إيه رأيكم؟"
كريم وافقه وبصوا لسيف اللي وافق هو كمان. اتصلوا باللواء، حكوا له الصورة كاملة، وهو كلم المقدم وجدي محمد اللي تواصل معاهم وراح لعندهم. شاف معاهم كاميرات المراقبة وشاف الفيديو اللي حصل لبدر وحنان، وتحفظوا عليه، وعرضوا عليه الصورة كاملة.
استدعوا حنان لمكتب سيف، وبدأ وجدي يستجوبها. لكنها رفضت تقول أي معلومة، وأصرت على موقفها بأنها ما تعرفش حاجة، وإن الفلاشة ما تعرفش بدر جابها منين.
طلب وجدي من الرجالة يطلعوها بره مكتب سيف، وبص لسيف: "ليه ما يكونش عندها حق ويكون بدر هو اللي خاين لحضرتك؟ ليه بتستبعده؟"
سيف رد باندفاع: "بدر في مقام أخويا، ده أولًا، غير إنه دخل عندي الشركة قريب بناءً على طلبي ومساعدة ليا، فهو خارج نطاق الشك أصلًا."
وجدي بتفكير: "معلش، الفلاشة هو اللي شافها وهو اللي خرجها من اللاب، فـ..."
قاطعه كريم: "بدر زي ما سيف قال، خارج نطاق الشك. وبعدين، هو جوز أخت مراته، فشيله من دماغك خالص وخلينا نروح المكان ده اللي بيحاول تهكير الشركة. ولا إيه؟"
وجدي وافقهم: "يلا، أنا أصلًا طلبت قوة وفي انتظار أوامري. يلا بينا."
وصلوا المكان اللي كريم حدده، واقتحموا المبنى. حاول كذا واحد الهرب بس تمّت السيطرة عليهم بسرعة، ووجدي اتفاجئ إن فيهم كذا واحد مش مصري.
حاولوا يستجوبوهم، لكن محدش فيهم نطق بحرف، ساكتين تمامًا.
مؤمن علق: "سيبني عليهم." (بص لواحد فيهم اللي كان قاعد على جهاز لما دخلوا سابه بالعافية) "خصوصًا ده، وأنا هخليه ينطق."
وجدي بهدوء: "متخيل إن العنف هيجيب نتيجة معاه؟ أعتقد الناس دي محترفة، مش قلمين هيخليهم ينطقوا."
مؤمن بغيظ: "سيبني عليهم، وأنا هقدر أخليه ينطق. يقولنا حتى مين مشغلهم؟"
وجدي علق: "مش هيقولوا." (لاحظ حالتهم الثلاثة فعلق) "أنا مقدر لحالتكم، ومقدر للحرب اللي انتو فيها، وشبه متابع للي بيحصل ليكم من بدري، بس التهور مش حل أبدًا."
كريم ساب الجهاز اللي كان قاعد عليه: "مفيش أي حاجة عليه، الجهاز خردة."
وجدي باهتمام: "يعني إيه؟"
كريم ببساطة: "يعني في زي kill switch (مفتاح للقتل)، الهاكر بيستخدموه في حالة لو اتكشف أو اتقبض عليه زي كده. المفتاح ده بيمسح الجهاز كله بحيث ما تفضلش عليه أي بيانات تكشف أي حاجة. بيقتل الجهاز يعني. فهم لما شافوا قوات البوليس بتاعتك، قتلوا الأجهزة."
سيف بص لهم: "طيب، بما إننا رجعنا لنقطة الصفر، أنا همشي. عايزين مني حاجة؟"
وجدي علق: "إحنا ما رجعناش لنقطة الصفر. إحنا وقفنا كل اللي كانوا هنا، ولسه هنحقق معاهم، و..."
قاطعه سيف بتهكم: "وإيه؟ متخيل هيقولوا حاجة لها لازمة؟ متخيل حد فيهم أصلًا يعرف هم بيتعاملوا أو بيشتغلوا لحساب مين؟"
وجدي قرب منه: "بس انت عارف بيشتغلوا لحساب مين، صح؟"
سيف مازال محتفظ بتهكمه: "خليل الورداني. كده عرفته؟ هل تقدر تقبض عليه؟ عندك أي دليل ضده؟"
سيف انتظره يرد، ولما فضل ساكت كمل: "شوفت بقى إننا رجعنا للصفر إزاي؟" (بص لكريم ومؤمن) "أنا هروح. عايزين مني حاجة؟"
سابهم وخرج، مؤمن وراه وقفه: "رايح فين؟ أو بمعنى تاني، هتروح فين؟"
سيف اتنهد وزفر بضيق: "مش عارف. جزء مني عايز يروح يجيب همس ويصالحها، بس جزء تاني شايف إن مش من حقها تزعل وزعلان منها كمان إنها سافرت مع أبوها. فحاليًا أنا في صراع جوايا، مش عارف مين هينتصر على مين في النهاية. فهمشي."
مؤمن فضل ماسك دراعه، فسيف طمّنه: "هلف بالعربية شوية، ولما أرسى على بر، هكلمك وأقولك أنا في المكان الفلاني. تمام كده؟"
مؤمن بتحذير: "المفروض تركيزك كله حاليًا يكون في الشركة. همس محتاجة لفترة ترتب فيها أفكارها، وهتلاقيها رجعت. إديها شوية وقت ومساحة وركز في الشركة."
قاطعهم خروج كريم: "سيف، مش قولت إن سبيدو مراقب خليل وعارف مكانه؟"
سيف بتذكر: "المفروض فعلًا. بتفكر في إيه؟"
كريم بتفكير: "كلمه، شوفه لسه مراقبه ولا..."
سيف اتصل بسبيدو وبعدها دخلهم تاني: "خليل عارفين مكانه. بتفكر في إيه؟"
كريم وجدي باصين لبعض، وبعدها كريم اتكلم: "تروح تقابله. استفزه، قوله إن حنان كشفتها وتحت إيدك، مقره ده تحت إيدك. حتى جيسيكا كمان."
وجدي بفضول: "جيسيكا دي اللي حضرت المحاكمة واتهمتك إنك زوجها؟ هي معاكم؟"
سيف بصله بتردد: "نفترض."
وجدي قرب من سيف: "أنا معاك يا باشمهندس سيف. معاك بجد. فحضرتك مش محتاج تخبي عني."
سيف بهدوء: "جيسيكا تقدر تعتبرها في ضيافتنا، ومش هسيبها غير ليك يتقبض عليها. لكن بعد ما أخد منها اللي عايزه." (وجّه كلامه بعدها لكريم) "ليه عايزني أروح لخليل؟ أو هنستفاد إيه؟"
كريم: "استفزاز مش أكتر. اللي هو توصله: هو ده آخر ما عندك؟ طظ، وريني اللي بعده. عايزينه يجيب آخر ما عنده، يا سيف."
سيف اتنهد بضيق: "ولو آخر ما عنده معجبنيش، يا كريم؟"
سؤاله فضل متعلق، وهو مكنش منتظر إجابة.
سيف موبايله رن، كان عز اللي بيتصل وطلب يقابله ضروري. سيف قاله على مكانهم وإنه مع كريم ومؤمن والمقدم وجدي، وكمان بلغه إنه رايح يقابل خليل. عز أصر يروح معاه، وسيف كان متردد وخايف على أبوه، بس قدام إصراره وافق.
وجدي ظبطلهم الدنيا، وسبيدو قابلهم معاه كذا واحد من رجالته زي البودي جارد. سيف حط جهاز تصنت وكاميرا صغيرة في دبوس الكرافت بتاعه وراح يقابل خليل، ومعاه عز وكريم ومؤمن وسبيدو والبودي جارد وراهم، وتحت رقابة وجدي .
خليل اتفاجئ بيهم كلهم قدامه، وخصوصًا عز. رجالته وقفوا في وشهم، بس خليل شاورلهم يسيبوهم يقربوا. قعد عز قصاده ووراه الأربعة واقفين، وهو ابتسم بس كان متوتر: "أقدر أساعدكم بإيه يا حلوين؟"
سبيدو ابتسم: "انت تساعدنا إحنا؟ إيه يا ترى اللي تقدر تعمله أصلًا؟"
خليل ابتسم زيه: "كتيييير."
سبيدو بتهكم: "زي إيه؟ جيسيكا تقول سيف جوزي؟"
خليل ضحك: "حلوة صح؟" (بص لسيف) "همستك فين يا ابن عز الصياد؟"
سيف ما ردش عليه، فهو كمل: "يا ترى قولتلها الحقيقة؟"
سيف بهدوء شديد: "اللي هي إيه الحقيقة؟"
خليل سند على الطاولة اللي بينهم وقرب وشه من سيف: "إنك اغتصبتها."
سيف بخبث: "وهو أنا اغتصبتها؟"
خليل رجع لمكانه: "آه اغتصبتها. ولا كتبت العقد اللي كتبتوه بتاع السرية ليه؟ ونقلتها من جامعتها ليه؟ حبستها لحد ما تعدي الفترة اللي تقدر تثبت فيها اغتصابك ليه؟"
سيف ابتسامته زادت، وعز قرب وسند على الطاولة بينهم: "اللي بعده يا خليل، هاه؟ عايز تلعب لسه تاني قصادي؟ ما اعتبرتش من آخر لعبة بينا؟"
خليل بيحاول يظهر بشكل لا مبالي وبيجاهد علشان يفضل مسيطر على أعصابه: "أنا بتسلى بيكم، ولسه مطول، يا ترى نفسك طويل؟ ولا هتسيبها لابنك؟"
عز ابتسم بثقة: "أنا سايبها لابني فعلًا، عارف ليه؟ لأنه قدها، ومهما تعمل مش هتهز طوبة واحدة في عيلة الصياد، لا زمان قدرت، ولا دلوقتي هتقدر. عارف ليه مش هتقدر؟"
خليل بفضول: "ليه يا عز باشا؟"
عز ابتسم بفخر ورجع لورا في كرسيه: "علشان الأسود اللي ورايا دول، ابني سيف الصياد، جوز بنتي اللي انت عارفه باسم سبيدو، وإخواتهم كريم المرشدي ومؤمن الدخيلي، طول ما إيديهم في إيدين بعض محدش هيقدر عليهم، لا انت، ولا المافيا بتاعتك، ولا كل اللي وراهم. أنا عشت حياتي بالطول والعرض، وعرفت ناس من كل صنف، بس قليل اللي يفضلوا ثابتين قدام العواصف، وولادي دول واقفين جبل، مش بس لنفسهم، لا، لبعض كمان."
خليل ابتسم بس كان واضح إنه متضايق من الكلام، مسح على دقنه وقال: "جميل قوي الكلام ده، بس خليني أفكرك بحاجات بسيطة، التاريخ بيعيد نفسه، والأسود بتاعتك ممكن يقعوا واحد ورا التاني، وساعتها مش هتقدر تعمل حاجة."
عز رد بثقة: "التاريخ فعلًا بيعيد نفسه، بس الفرق إن الأسود بتاعتي اتعلمت من أخطاء الماضي، واللي كان نقطة ضعف زمان، بقى نقطة قوة دلوقتي."
سيف أخد خطوة لقدام، وعينه كانت ثابتة في عيون خليل: "انت عارف إن لعبتك خلصت، مهما تحاول تلف وتدور، إحنا عارفين كل حاجة، ومستعدين لأي خطوة منك."
خليل ضحك بصوت منخفض وهو بيبص لسيف: "متأكد؟ يمكن عندي ورقة أخيرة هتقلب الموازين."
سبيدو قرب بخطوة، وصوته كان هادي بس فيه تحدي: "جرب، بس خليك عارف، لو لمست شعرة من أي حد فينا، هتبقى نهايتك على إيدينا."
عز أضاف بثقة :" أنا عشت حياتي بالطول وبالعرض، وربنا رزقني بأولادي دول كلهم، وبكرة هيكون عندي أحفادي، لكن إنت عملت إيه؟ ضيعت عمرك في انتقام خايب وجاي تضيع الباقي، ومهما تعمل مش هتقدر، لأن لو أنا كنت قوي قيراط، فأحب أقولك إن ابني أقوى مني بألف مرة، وهو وأصحابه دول أسود محدش بيقدر يقف في وشهم.
خليل بصّ لهم وبصّ له: "ابنك هدمّر حياته، وزي ما فرقته عن مراته هـ..."
قاطعه سيف: "فرقتنا بإيه؟ بجيسيكا؟"
خليل ابتسم ببرود: "عندي فضول أعرف هتقولها إيه؟ اغتصبتها معلش، ده ماضي؟"
سيف ضحك وقرب منه: "هرضي فضولك وأقولك إني عملت تحليل بعدها أثبت إن في مادة مخدرة في جسمي ومنشّط؟ ومش بس كده، التحليل أثبت إني مقومتش بأي نشاط جنسي من فترة كبيرة. إيه رأيك؟ همستي في أمان، واللي بيني وبينها أقوى بكتير من اللي بين عز الصياد وسلوى، فزي ما قدرتش عليهم زمان مش هتقدر علينا دلوقتي."
خليل بمغزى: "أمال هي في بيت أبوها ليه؟"
سيف اتوتر للحظة. معقول زي ما همّا بيراقبوه، هو كمان بيراقبهم؟
كريم اللي رد: "ياريت قبل ما تشغل بالك بمكان مراته، تعرف أماكن موظفينك. ولا إيه؟"
خليل انتبه له: "عارف أماكنهم."
كل الأربعة ضحكوا، ومؤمن علّق: "عارف مكان جيسيكا يعني؟"
سيف كمل: "ولا عارف مكان حنان؟"
كريم: "ولا الهاكرز اللي في برج النرجس؟"
خليل بصّ لهم بشك، فعز أكّد وهو مبتسم: "كلهم عندي. عندك إيه تاني؟ زايد؟ فادي؟ عيّاش؟ رجالتك كلهم تحت إيدينا. هنفضل نلعب كده كتير؟"
خليل بصّله بترقّب: "لحد ما تطلع في الشارع، أو زي ما قولت لابنك بره، أنت وشركتك، ومستعد أسيب ابنك في حاله. قولت إيه؟"
عز وقف يعلن انتهاء الكلام، وسيف اللي رد: "هرد عليك أنا، نفس ردي اللي سبق وقلتولك. عز الصياد أبعد لك من نجوم السما. ارمي ورقك. بااااي."
خليل ساب ضحكته تختفي، وفضل ساكت لثواني قبل ما يبص عليهم كلهم بنظرة غامضة: "طيب، خلينا نشوف مين اللي هيكسب في الآخر."
عز قدامه بيبصله بنفس الثقة: "احنا كسبنا من زمان، بس انت مش واخد بالك ."
خرجوا كلهم، وعز بصّ لابنه: "زي ما قولتلك، ضربتك تكون في مركز القوة علشان تعمل أثر. نفذ اللي قولتلي هتعمله بأسرع وقت ، المعركة لسه مخلصتش."
حط إيده على كتف ابنه وبصلهم بابتسامة خفيفة: "بس انتو قدها ."
سيف طمّنه وطلب من نصر ياخد أبوه للبيت، وكريم ومؤمن مشيوا، وهو ركب مع سبيدو يوصله لعربيته، وبعد ما وصلوا الاثنين عند عربية سيف ، سبيدو علق : "هي همس مش كانت عند نادر؟"
سيف نفى: "راحت عند أبوها."
سبيدو باستفسار: "تفتكر هو مراقب همس؟ ولا مراقبنا كلنا زي ما إحنا مراقبينه؟"
سيف بتوتر: "ما أعتقدش مراقبنا كلنا، وإلا كان عرف بجيسيكا ورجالته اللي اتقبض عليهم. هو ممكن يكون شاف همس ماشية مع نادر أو بالفعل بيراقبها، عايز يعرف جيسيكا تأثيرها إيه."
كريم بتنبيه: "همس المفروض تكون تحت عنينا يا سيف مش في بلد تانية."
سيف حرك دماغه بدون ما يرد. قاطع كلامهم اتصال وجدي اللي بلغهم إنه هيفضل مراقب خليل وكل حركاته، حتى رجالته اللي حواليه هيراقبهم.
قفل معاهم، وشوية وسيف وصلته رسالة، فمسك موبيله. كانت من همس. فتحها وقلبه بيدق. كانت أغنية. استغرب لأنه ما يعرفهاش، بس قرر بعد ما يسيب سبيدو يبقى يسمعها .
كريم كلم أمل وقال لها إنه هيروح للمحامي الأستاذ فريد عبد الوهاب، فأمل قالت له إنها عايزة تكون معاه، فطلب منها تجهز بسرعة علشان هيعدي ياخدها. وصل وكانت بانتظاره فعلًا. مؤمن بصله: "بما إن أمل معاك هدخل أنا أقعد مع العيال لحد ما ترجعوا."
كريم بحرج: "ما تخليك معانا؟"
مؤمن رفض: "يا عم الله يسهلك بقى، أنا هدخل، وانت معاك مراتك، الله معك، سلام."
نزل وهو علق: "استعجلها طيب يا مؤمن، تلاقيها واقفة مع نونا."
مؤمن وافقه ودخل. كانت أمل فعلًا بتتكلم مع نونا، فهو علق: "يا بنتي جوزك بره، انجزي بدل ما يعلقك."
أمل ابتسمت: "أهو طالعاله، يلا سلام."
ناهد بحب: "ابقي طمنيني يا أمل المحامي هيقولكم إيه؟ ولو حبيتوا تتأخروا بره براحتكم، ما تقلقيش على العيال."
أمل حدفت لها بوسة في الهوا وطلعت جري لكريم.
مؤمن قعد جنب ناهد: "عاملة إيه يا روحي؟"
ابتسمت باستغراب: "أنا كويسة حبيبي. قولي أخبار سيف إيه؟ مراته عاملة إيه معاه؟ البنت دي بتصعب عليا مش عارفة ليه؟ قولي عاملين إيه الاتنين ووصلوا لإيه بعد المحاكمة؟"
مؤمن حكالها ملخص اللي حصل، بعدها اتنهد بإرهاق: "بس يا ستي، ومراته ما تقبلتش اللي حصل للأسف ومشيت مع أخوها، وسيف محتار ما بين يحايلها وما بين يزعل منها إنها مشيت وسابته."
ناهد باستنكار: "يزعل منها بتاع إيه؟ انتو بتاخدوا بنات الناس أمر مسلم بيه ولا إيه؟ هو حد اتهمه بحاجة بسيطة ولا إيه؟ دي واحدة بتقول إنه جوزها وكان يعرفها يعني في سابق معرفة بينهم."
مؤمن باستغراب: "مش المفروض تقف جنبه؟ وبعدين ما أمل تقبلت أسوأ من اللي حصل بمراحل و..."
قاطعته ناهد: "يا حبيبي، أمل وكريم عرفوا بعض في ظروف صعبة وتحملوا ظروف أصعب، ومتجوزين بقالهم كذا سنة وبينهم عيل، مش لسه من شهرين. غير أمل كبيرة وناضجة عن همس اللي لسه ما اتخرجتش حتى من جامعتها. أمل اتخرجت واشتغلت في شركة من أكبر الشركات واحتكت بسوق العمل، فده عطاها شخصية ونضج وتجارب، غير همس اللي لسه فرحانة بالدنيا وما فيها، ولا راحت ولا جت. بقولك إيه يا واد؟"
بصلها باهتمام: "قولي."
مسكت دراعه: "رن لي على الواد سيف، عايزة أكلمه."
مؤمن بتردد: "هتكلميه تقوليله إيه يا نونا؟ ما بلاش، الواد مكتئب واللي فيه مكفيه."
سيف بعد ما بقى لوحده شغل الأغنية اللي همس بعتها بسرعة وبدأ يسمعها بفضول. كانت أغنية "بعد مؤقت" لتامر حسني:
"خلينا نبعد فترة ونشوف كده لما نغيب
اعتبره بُعد مؤقت وأهو كده أحسن ليّا وليك
خلينا نبعد فترة ونشوف كده لما نغيب
يا نفوق ولَبَعضنا نرجع يا نقول محصلش نصيب."
الأغنية ضايقته أكتر مما هو مضايق، مد إيده يقفلها بس تراجع، هيكملها وخلاص:
"أنا لسه باقي عالحاجات
اللي أنا جنبك عشتها
ده إنت رغم إن انتَ قاسي
كان فيك حاجات بحبها
سيبنا نبعد فترة يمكن البُعد ده كده يفيدنا
وإن حد سألك مرة عني متقولش موضوعنا انتهى
ساعات الحاجة قيمتها بتتقدر وهي بعيد
وأنا مطمن في البُعد إن إحنا هنوحش بعض أكيد
ونشوف أنا وإنت زعلنا من بعضنا كده إمتى وليه
علشان لو تاني رجعنا نتعلم من الأيام دي."
فكر يكلمها ويتخانق معاها لأنه إمتى مقدرهاش؟ مسك موبيله بس بعدها تراجع تاني.
موبيله رن، كان مؤمن فرد عليه:
"أيوه يا مؤمن."
"أيوه يا سيف، انت فين كده؟ عملت إيه مع خليل؟"
سيف باقتضاب: "مفيش جديد، قابلناه ورمينا الكلام وإدينا منتظرين، ووجدي ورجالته مراقبين خليل وكمان سبيدو. المهم، انت عايز حاجة ولا بس بتطمن؟"
مؤمن كان هيرد بس ناهد أخدت منه الموبيل: "هات يا واد، انت هتفضل ترغي كده؟"
سيف ابتسم وبعدها سمعها بتكلمه: "إزيك يا سيف، أخبارك إيه يا حبيبي؟"
"أنا بخير يا ست الكل، انتِ عاملة إيه؟ والله عارف إني مقصر وكذا مرة أقول لحضرتك هنيجي، بس الظروف مش سيبانا في حالنا."
ناهد بحب: "حبيبي، أنا مقدرة ظروفك وانشغالك ودراسة مراتك. ربنا معاكم. المهم، طمني عليكم؟ همس عاملة إيه؟ عملت إيه بعد المحاكمة؟"
سيف بتردد: "عملت المتوقع منها."
ناهد حست بصوته الموجود: "حبيبي يا سيف، انت عارف مكانتك عندي وعارف إني بتعامل معاك زي كريم ومؤمن."
أكد: "عارف يا نونا أكيد."
ابتسمت وكملت: "طيب يا حبيبي، معلش روح لمراتك واتكلم معاها وفهمها براحة مرة واتنين وعشرة. مراتك من يوم ما عرفتك للنهارده وهي بتتعرض لحاجات كتير أوي، من خطوبتك للتهديد من البنات اللي كانوا هينشروا صورها، للسباق اللي انت قالوا إنك موتت فيه بعد الشر عليك، للي حصل في فرحكم والفيديو اللي جالكم. خلاصة الكلام يا سيف، هي اتعرضت لكتير واتحملت كتير، فأوعى دلوقتي تستنكر عليها زعلها لأنه حقها، حقها تثور وتغضب، وواجب عليك تتحملها يا حبيبي. انت بتمر بعاصفة، فاحمي بيتك لحد ما تعدي عليك بسلام. أرجوك ما تقفش في وشها، عديها يا حبيبي، احمي بيتك علشان تعدوا كلكم بسلام منها، وأنا هدعيلكم ربنا يخرجكم منها بسلام كلكم."
أمن على كلامها وقفل معاها وراح بعدها على بيته، طلع لأوضته مباشرة يرتاح فيها.
مؤمن قام بعدها يطلع أوضته يرتاح شوية بس قبل ما يدخل سمع صوت ضحك إياد وإيان، فراح لأوضتهم اللي بابها مفتوح.
جوه الأوضة كانت سما قاعدة على الأرض وقدامها تربيزة صغيرة على رجليها وعليها كتاب وهي مركزة فيه. مؤمن يدوب هيعلن عن وجوده بس إيان حدف لعبة في وش سما اللي اتفاجئت الأول، بعدها بصتله وهي مكشرة. مؤمن تراجع، معقول هتزعق فيه؟ وقف يشوف هتعمل إيه؟
سما شاورت لإيان: "تعال هنا قدامي."
إيان مبتسم وراح وقف قصادها، فهي مكشرة: "ارفع إيديك الاتنين فوق بسرعة."
مؤمن اتفاجئ بابنه فعلًا بيرفع إيديه الاتنين ويدوب هيدخل، بس سما بدأت تزغزغ إيان اللي كركر بصوته كله، وهي رمت التربيزة بعيد. بعدها بصت لإياد: "تعال يا اللي عامل نفسك محترم، تعال هنا، اقف يلا وارفع إيديك."
إياد قرب وعمل زي إيان، وهي برضه زغزغته، بعدها وقّعت الاتنين على الأرض وبتضحكهم هما الاتنين.
قعدت بعدها، فإيان وإياد هجموا عليها الاتنين علشان يعملوا زيها ويضحكوها، وصوت ضحكهم بقى عالي جدًا.
مؤمن ابتسم ورجع خطوة، حمحم وقرب يخبط، فالاتنين جريوا عليه وشدوه.
إيان: "بابا، اقعد بسرعة."
مؤمن باستغراب نقل نظراته بينهم وبين سما اللي ضحكت: "ما تبصليش، ماليش دعوة."
إيان صرخ: "اقعد يا مؤمن."
مؤمن باستنكار وهو بيقعد: "قعدت أهو، قبل ما تغلط، ما أضمنش بعد مؤمن دي ممكن تقول إيه."
سما مبتسمة وراقبت إيان اللي وقف قصاد أبوه: "ارفع إيديك فوق بابا."
مؤمن لسما: "إيه العبارة؟"
سما بضحك: "اسمع كلامهم وانت ساكت."
مؤمن يدوب هيرفع إيديه، فالاتنين كل واحد مسك دراع، وإيان بص لسما: "يلا يمكة، اعملي."
سما اتصدمت وبصتله بحرج، فمؤمن ابتسم وشد الاتنين، حطهم قدامه وهو اللي زغزغهم لحد ما جريوا بعيد عنه.
فضل مكانه قاعد قصادها في الأرض وبحرج: "لو تحبي تروحي الملحق تركزي في..."
قاطعته: "لا ما أحبش، أنا مبسوطة معاهم. لو انت عايز تقوم ترتاح قوم، بعدين أركز في إيه؟"
شاور على كتابها: "انتِ بتذاكري أهو."
صححت: "ده كتاب عن الأدوية وتركيباتها وتفاعلاتها مع الأدوية المختلفة. بقرأه من باب التسلية، لكن مش مطلوب مني، وبعدين أنا يدوب بحضر مؤتمر مش أكتر، فمش ورايا التزامات ناحيته. كان نفسي أعمل ماجستير بس يلا."
سألها باستغراب: "طيب إيه اللي مانعك؟ معقول خالتي صفية هترفض؟"
بصتله باستنكار: "طبعًا هترفض، ورفضت أصلًا من زمان. قالت: هتقعدي في القاهرة لوحدك؟ طيب إزاي؟ وخيرتني أرجع كفر الشيخ لجامعتي هناك أحضر فيها بس رفضت. أنا ما صدقت خرجنا منها، فما بالك أروح أقعد عند أخويا ومراته؟ فقولت خلاص، ما بدهاش، حلو كده. واديني بشتغل الصبح ولحد الظهر وآخر النهار في صيدلية، فيومي مشغول."
سكتوا شوية، ومرة واحدة لقته بيسألها:" انتِ فسختي خطوبتك ليه؟ يعني كتبتي وبعدها فسختي، فليه كتبتي وليه فسختي؟ ما كنتِ..."
قاطعته: "كنت إيه؟ أستحمل؟ أستحمل إيه وليه؟ هو أنا معيوبة ولا ناقصة؟"
وضح بسرعة: "لا مش القصد، بس... اعتبريني ما سألتش."
سما بابتسامة تفهم: "لا عادي ليه؟ على العموم سيبته لأنه كان ابن أمه أوي. تقول يمين يقول آمين، تقول شمال يقول آمين، وبعدها يجي يتخانق معايا إزاي ما أسمعش كلامها."
سألها بحذر: "ليه الإنسان اللي بيحب عيلته أو بيحترمهم ده مرفوض عند الستات؟ يعني لازم أقل أدبي على عيلتي علشان أبقى راجل كويس؟ مش يمكن بار بأمه؟"
سما باندفاع: "البر حاجة وإلغاء الشخصية حاجة تانية يا باشمهندس."
مؤمن بضيق: "يعني إيه؟ ما هو راجل بيحب والدته، ما بيحبش يزعلها. انتِ إيه يضايقك؟"
سما بصتله باستنكار مستغربة كلامه. بعدها استوعبت إنه طلق مراته بسبب حاجة زي كده، فحاولت تتكلم بهدوء وتفهمه وجهة نظرها: "حبه لوالدته دي مش قضيتنا، ولا برها، ولا كل الليلة اللي بتتكلم فيها دي. أنا بتكلم عن إلغاء شخصيته، وتبقى هي اللي تأمر وتنهي في علاقتنا."
مؤمن برضه مصر على موقفه: "زي إيه؟ بتتدخل في إيه بينكم مثلًا؟"
سما بهدوء: "في اختيار شبكتي مثلًا، كانت بتختار حاجة ينفع تبيعها فيما بعد."
مؤمن كشر باستنكار، وهي كملت: "لون حوائط الشقة رفضت تعمل اللي طلبته، وعملت بمزاجها."
قاطعها بضيق: "وهو كان رد فعله إيه؟"
سما بتهكم: "احمدي ربنا إنها وقفت واختارت مع العمال. قولتله طيب تكلمني وأنا كنت هاجي، قال محبتش تتعبك، هاه؟"
فضل ساكت، فهي كملت: "جابت فستان بنتها علشان أحضر بيه كتب الكتاب. قولتلها مش ذوقي، زعلت، وهو يقولي: وإيه يعني؟ هو انتِ لازم تعارضيها؟ ما تسمعي كلامها؟ وكانت القاضية بعد كتب الكتاب. لقيتها بتتحكم في القايمة وهنكتب فيها إيه ورفضت تكتب الدهب بتاعي فيها وده مش قصتي القصة انها مصرة كلامها يمشي فوق الكل ، ده تخيل كمان بتقوله: هتقعدوا أسبوع في شقتكم لحد ما الناس تبارك لكم، وبعدها تاخدها أسبوع الغردقة زي ما اتفقنا، بس المهم قبل ما يسافر يوري الناس كلها إنه راجل."
سكتت شوية، بعدها كملت بعصبية: "ده أنا لقيتها مختارة لي ألبس إيه في ليلة دخلتي. بالله يا باشمهندس، ما تفكرني بالولية دي وعمايلها، لاحسن بتعصبني. عيب لما يكون راجل متعلم ويمشي ورا كلام حد جاهل بدون نقاش. يعني أنا أمي ست بسيطة وتعليمها على قدها، بس ما بتتدخلش في اللي ما بتفهمش فيه، ما بتحاولش تفرض رأيها وكلامها على حد، ما بتحاولش تعمل نفسها ست العارفين وكل الناس جهلة إلا هي. أنا جيت في الآخر، ولقيتني بتجوزها هي، ومفيش وجود له نهائي. مكنش ينفع أستمر، وإلا كنت هأذي نفسي أوي."
سكت بيفكر في كلامها، وهل وضعها فعلًا مختلف عنهم؟ سألها بفضول: "لو الزمن رجع بيكِ..."
قاطعته: "مكنتش هوافق، لأنه من أول يوم، وأمه اللي بتتكلم مش هو، وأنا عملت نفسي مش واخدة بالي أصلًا."
هيتكلم، بس قاطعه إياد اللي جه وقف قصاده: "يلا العب معانا."
إيان انضم له وشدوه يقوم معاهم، وهو بالفعل قام معاهم يلاعبهم شوية تحت أنظار سما، اللي بصتله بتحاول تفهم ليه مهتمة توضح له موقفها بالشكل ده، وليه رأيه مهم بالنسبالها، وليه بتفرح لما بتحسه مهتم بحاجة تخصها؟
همس في أوضتها تليفونها رن، كانت هوليا اللي سلموا على بعض بحرارة. بعدها سكتوا الاتنين، هوليا قطعت الصمت ده: "همس حبيبتي، أنا مقدرة إحساسك وخوفك وحيرتك، بس كل اللي عايزة أقوله إن خليل الكلب حاول زمان يفرق عز وسلوى وحاربهم كتير بس مقدرش. حتى لما اقتنعت أنا بكلامه، عز ابني رفض يسمح لأي حد يخرب بيته وحافظ عليه. فأوعي تهدي تعب كل السنين اللي فاتت دي وتسمحي لكلب زي خليل يوطي راس عز ولا راس سيف. سيف بيحبك واعتقد ده أهم من أي اعتبار تاني. مش منتظرة منك رد، بس حبيت تسمعي الكلام ده مني."
قفلت المكالمة وسابت همس في حالة اشتياق أكتر لجوزها اللي حرمت نفسها منه ومن حضنه.
كريم وأمل وصلوا عند الأستاذ فريد المحامي، وأمل لاحظت توتر كريم وخوفه فمسكت إيده بدعم: "يلا يا حبيبي ننزل ونقابله، يعني إيه ممكن يحصل؟ أنا وانت هنواجه أي حاجة طالما مع بعض."
ابتسم لمحاولتها وربت على إيدها: "ربنا ما يحرمني منك يا أمل، يلا يا روحي."
نزلوا، إيديهم في إيدين بعض، خايفين من بكرة ومن الأيام الجاية مخبية إيه؟
كان في انتظارهم فريد اللي سمع من كريم كل اللي حصل. بعدها علق بحيرة: "بالنسبة للنسب فده للأسف يا باشمهندس كريم مش هيسقط، لأنه بغض النظر عن الطريقة، بس هو ابنك. فالنسب مش هيسقط لأي سبب."
كريم بص لأمل بحيرة مش عارف حتى يتكلم ولا يسأل في إيه؟
أمل هي اللي اتكلمت: "يعني دلوقتي حضرتك هنخسر القضية وبس؟ هتعلن إن كريم فعلًا أبو ابنها؟ وسمعتنا؟ واسم العيلة؟ أكيد في حل غير كده؟"
فريد بتفكير: "الحل هو إننا نرفع قضية تشهير ضدها، وهنقدم الفيديوهات اللي معاك، وهي هتتحبس وهتاخد حكم محترم. أما بالنسبة للبيبي فده وضعه يرجعلكم، هو شئنا أم أبينا ابنك. هتربيه أو هتحطه في ملجأ ده قراركم، محدش له حق يتدخل فيه."
أمل بتماسك: "لا طبعًا، ابن المرشدي مش مكانه ملجأ، مكانه وسطنا. جهز للقضية اللي هنرفعها ضدها، وممكن نعمل مؤتمر صحفي نشرح فيه اللي حصل."
قاطعها فريد: "بس مش قبل المحاكمة يا باشمهندسة."
أمل بحيرة: "ليه؟"
فريد بتنبيه: "خليها تتفاجئ بالفيديوهات، ما تكونش مستعدة وتلاقي ثغرة أو تهرب مثلًا. خلينا نفاجئ الكل بالحقيقة اللي عرفتوها في المحاكمة الجاية، بلاش نحرق أوراقنا بدري."
اتناقشوا كتير قبل ما يخرجوا الاتنين، أمل حست بخنقة كريم وضيقه فطلبت تسوق هي العربية، وهو وافق. شوية ولقاها بتركن العربية فبص حواليه، كانوا على النيل: "ليه وقفتي هنا؟"
ابتسمت في وشه: "تعال نقعد شوية في الهوا الطلق ده."
علق بهزار: "الهوا الطلق ولا قصدك التلج؟ حبيبتي الجو برد، يلا بينا نقعد في مكان مقفول."
شجعته لأنها عارفة كويس إنه بيحب الأماكن المفتوحة: "يا كريم، تعال نقعد شوية، ولما نبرد نقوم."
نزلت وهو معاها، قعدوا على مقعد ساكتين، بس إيديهم في إيدين بعض. أمل احترمت صمته، واتمنت لو تقدر تدخل جوه دماغه تطمنه وتقوله إنها معاه مهما يحصل حواليهم. كريم لاحظ نظراتها فعلق بهزار: "أكيد أنا مش الجليس اللطيف حاليًا، تحبي تقومي يلا؟"
ضغطت على إيده، ونظراتها كلها حب: "انت إمتى هتستوعب أنا بحبك قد إيه؟ كريم، انت مش مجرد أبو ابني أو جوزي فقط؛ انت حبيبي وروحي وصاحبي ودنيتي كلها، انت دنيتي كلها. وزي ما الدنيا هترمي علينا هنتحمل، المهم إننا مع بعض، وابننا معانا. ناريمان مصيبة وحلت علينا، هنتحملها يا حبيبي."
كريم مبسوط من كلامها، بس برضه متضايق: "نتحملها إننا نربي ابنها يا أمل؟"
ردت بهدوء متنافي مع وجعها من اللي بيحصل: "مش في ناس بتتبنى عيال تربيها؟ نعتبر ده كده، ده غير إنه ابنك يا كريم. وفوق كل ده، الأب والأم اللي بيربوا، مش اللي بيخلفوا. يعني لو ربيناه أنا وانت هيبقى ابننا أنا وانت، مش ابنها. هي مجرد حافظة مش أكتر. فاطمن، وثق دايمًا إن ربنا بيختارلنا الصالح دايمًا."
(حاولت تهزر): "بعدين مش كنت بتزن عليا عايز عيل كمان؟ أهو جه أهو."
بصلها باستنكار: "منك انتِ، مش من حد تاني، وأكيد مش بالطريقة دي."
ربتت على إيده قبل ما تعلق: "لو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع، فثق إن ده أفضل سيناريو ممكن يحصل يا حبيبي. ربنا بيمتحنا."
علق بهدوء: "ونِعم بالله."
هزرت: "قوم بقى هاتلي درة من الراجل اللي بيشوي هناك ده، نفسي راحت لها."
ابتسم وقام يجيب درة لهم هم الاتنين، وقعدوا أكلوها، وهو من جواه بيحمد ربنا على وجود أمل في حياته.
سيف صحي على موبيله بيرن، فتح عنيه كانت الدنيا ظلمة، مسك موبيله كان سبيدو فرد عليه: "انت فين يا سيف؟ مش اتفقنا تتكلم مع جيسيكا بالليل؟"
سيف رد بصوته النايم: "لا يا سبيدو صراحة مش قادر أنزل ومعنديش طاقة أنزل، الصبح هكلمك ماشي؟"
قفل معاه، بعدها بص لرجالته: "قولولها مش فاضي لها الليلة، لما جدوله يسمح هيجيلها."
اتصل بعدها بآية وبعد ما سلم عليها: "ما تيجي نتعشى أنا وانتِ بره، إيه رأيك؟"
اترددت: "اليوم كان طويل أوي يا حبيبي، انت مش محتاج ترتاح؟"
علق: "محتاج أرتاح وعلشان كده بكلمك، أكيد يا آية راحتي معاكِ يا قلبي."
وافقت، وقامت تجهز عقبال ما يوصل لعندها. بعدها طلعت تستأذن أبوها اللي وافق على طول.
وقفت قدام أوضة سيف فكرت تدخل عنده ومترددة لحد ما قطعت ترددها وخبطت خبطة خفيفة بحيث لو نايم ما يصحاش، لكن رد عليها فدخلت: "ينفع أدخل؟"
ابتسم واتعدل في سريره: "تعالي يا يوكا ادخلي."
راقبها وهي بتدخل وتستقر جنبه فعلق: "انتِ خارجة ولا جاية من بره؟"
علقت بتردد: "هطلع أتعشى بره أنا وسبيدو لو معندكش مانع؟"
ابتسم لها بحب: "اطلعي طبعًا براحتك، سبيدو جوزك يا آية مش خطيبك، فاتحركِ معاه براحتك."
قربت منه: "طمني عليك، ليه همس مش هنا؟ أوعى تكون صدقت جيسيكا؟"
ما ردش عليها، فهي كملت: "هي مش جيسيكا دي كانت صاحبة حاتم، مش انت؟ أمال بتتبلى عليك ليه؟"
جاوبها بهدوء: "علشان هي مزروعة من خليل وسطنا، فلما مقدرتش تلفت انتباهي ارتبطت بحاتم."
آية بتفهم: "ليه همس مصدقاها؟ المفروض..."
قاطعها: "المفروض إيه؟ تتجاهل اللي حصل وتعمل نفسها مش واخدة بالها ولا تعمل إيه؟ همس رد فعلها طبيعي."
علقت باستنكار: "لو رد فعلها طبيعي مكنتش قعدت انت كده مستنكر اللي حصل منها؟"
سيف بضيق: "آية حبيبتي ما تشغليش بالك بينا، واتكلي على الله، أنا وهمس بنعرف نتلاقى، لا تقلقي."
قبل ما تقوم سألته بفضول: "هي دي الصور اللي انت أخدتها من الألبوم صح؟ بس دي كانت صور عادية ليكم انتو الثلاثة؟ انت وحاتم وجيسيكا بينكم؟ ليه زعلت يومها مني؟"
سيف بتذكر للصور: "اتفاجئت إنك محتفظة بيهم بالرغم من إنك عارفة إن علاقتي بحاتم اتقطعت مش أكتر، ولو كانت شافتهم كان هيبقى عندها ألف سؤال عن حاتم وعن جيسيكا، ومكنتش مستعد أجاوبهم. أيوه، دلوقتي ندمت، ويمكن لو هي شافتهم فعلًا وسألت وعرفت القصة بالشكل ده كان هيبقى أفضل بكتير من دلوقتي."
آية باعتذار حقيقي: "أنا آسفة بجد يا سيف، مكنتش أقصد أعمل أي مشكلة." (ابتسم لها بصدق، وهي كملت) "همس مش بتعرف تفضل زعلانة منك، صح؟ هترجع؟ فانت ليه زعلان أوي كده؟ سيبها يومين وهترجع مع كلامك لها واتصالك بيها كل شوية."
زفر بضيق: "همس عنيدة، غير ظروفها مكنتش أحب تكون بعيدة عني في الوقت ده."
آية بحيرة: "ظروف إيه يا سيف؟"
اتردد كتير قبل ما يقولها: "همس حامل."
هنا دخل عز اللي كان جاي لعنده وسمع آخر جملة وردد بفرحة: "بجد همس حامل يا سيف؟ ليه مقولتش طيب؟ مكنش المفروض راحت أصلًا المحكمة معانا؟ ولا..."
قاطعه سيف: "ما تروحش إزاي وهي طرف أساسي يا بابا؟ بعدين أنا عرفت يدوب في حفلة عيد ميلادي وكنا ناوين نعرفكم بعد المحاكمة بس اتطربقت علينا."
عز قرب قعد قصاده: "ولا اتطربقت ولا أي حاجة إن شاء الله، روح لهمس ووضحلها الصورة كاملة، والموضوع هينتهي، المهم انت لازم ترجعها وسطنا تاني."
موبيل آية رن فسيف علق: "قومي يا بنتي لجوزك وأنا هكمل نوم."
آية وقفت، وعز مسك دراع سيف: "انت تقوم تروح لمراتك، ما تسيبهاش تبات بره وهي زعلانة."
سلوى خبطت ودخلت بصت لآية: "سبيدو تحت انزلي." (بصت لجوزها) "وانت ياريت تسيبه يرتاح، مش هيجرى حاجة لو باتت ليلة بره خليها تهدى وتعرف تفكر."
عز بغيظ منها: "انتِ تعرفي إنها حامل يا سلوى؟ هاه لسه عايزاها تبات بره؟"
سلوى بصت لابنها بصدمة: "بجد يا سيف كلام أبوك ده؟ همس حامل؟"
سيف أكد بضيق: "أيوه بجد لسه عارفين."
سلوى فكرت لحظات مش عارفة تاخد أي رد فعل، تفرح بخبر الحمل ولا تزعل لزعل همس وخروجها بره البيت؟
أخيرًا نطقت: "سيف انت لو روحتلها هتيجي معاك، همس ما تقدرش تستغنى عنك، وبعدين هرمونات الحمل هيخلوها ترجع، ما تقلقش أصلًا."
موبيل آية رن تاني فسلوى بتذكر: "يا بنتي قولتلك سبيدو تحت انزلي."
سيف قام من مكانه علشان الكل يخرج: "أنا هنزل أسلم على سبيدو بعد إذنكم."
سيف سابهم ونزل، كان بالفعل سبيدو تحت، سلموا على بعض وسبيدو علق وهو بيبصله بتهكم: "ما صدقتكش لما قلتلي تعبان وهتروح، اتاريك نايم بجد بالبيت؟"
سيف بتهكم مماثل: "يعني هقولك تعبان ومروح، لو مش هكون في البيت هروح فين يعني؟"
سبيدو بإقرار: "رايح لمراتك مثلًا."
سيف بضيق: "بعتلها حد زي ما اتفقنا؟"
سبيدو بذهول: "إحنا اتفقنا نبعتلها حد؟ ده إمتى يا سيف؟"
سيف بسخرية: "هو مش انت يا ابني اللي قلت المفروض همس تكون تحت عنينا؟ ولا كان بيتهيألي؟"
سبيدو بنفس اللهجة: "أيوه قلت، بس كلامي إنك تروح تجيبها هنا، مش معناه أبدًا أبعتلها حد هناك يا سيف." (مسك موبيله) "هشوف حد أبعته لحظة."
وقفه سيف: "لا خلاص، أنا هحاول أروحلها، لو مرضيتش ترجع معايا نبقى نبعتلها."
آية انتظرت شوية يخلصوا كلامهم، بعدها نزلت: "خلصتوا رغي ولا لسه؟"
سيف اللي رد: "آه يا حبيبي، تعالي."
وقفت بينهم وبأسف: "سيف، هات همس لو سمحت، يعني ده وقتها أصلًا تكون موجودة، نفسي نخرج مع بعض إحنا الأربعة، نسهر مثلًا ولا نتعشى مع بعض ولا أي منظر."
سيف بأسف: "هتيجي بإذن الله، وبعدين الأيام جاية كتير يا آية، يلا اطلعوا انتوا."
سبيدو قبل ما سيف يطلع: "سيف، بجد ابعت حد؟"
سيف بتفكير: "لو احتجت هبلغك، ما اتحرمش منك يا غالي."
سبيدو أخد آية واتحركوا بعربيته، آية علقت بحزن: "سيف متضايق أوي، ساعات بحس همس عندها حق، بس لما بشوف سيف وحبه لها، بقول لو تعرف هو بيحبها قد إيه، لا يمكن تبعد عنه لحظة."
سبيدو ابتسم: "هي عارفة، وهو عارف، بس للأسف الزعل بيكون على قد المحبة يا روحي."
آية سكتت، بس بعدها علقت بحزن: "يعني معقول أكون عارفة حبيبي بيحبني قد إيه وبيتعذب قد إيه وأسيبه وأمشي؟"
سبيدو بمحاولة لتبرير رد فعل همس: "لو موجوعة منه أو زعلانة، ممكن تكوني محتاجة وقت لترتيب أفكارك، فهي محتاجة شوية وقت وهتلاقيها رجعت."
آية بصتله فجأة: "أنا ما بحبش البعد، انت فاهم؟ مفيش حاجة اسمها الواحد يبعد يرتب أفكاره دي، ترتب أفكارك في حضني."
سبيدو بص لها بذهول لوهلة إنها أخدت الكلام عليهم، بعدها ابتسم بحب: "لا من الناحية دي اطمني، أنا ما عنديش قصة البعد دي أصلًا، ولا يمكن أسمحلك تخرجي بره بيتي بعد ما تدخليه، علشان بس الأمور تبقى واضحة قدامك، أنا غير سيف في القصة دي، سيف بيدي لهمس مجال حرية، اعتقد مش هيكون موجود عندي."
آية بالرغم من إن الكلام نفس اللي هي طلبته، بس نوعًا ما تخوفت منه: "قصدك إيه؟ هتحبسني يعني لو حبيت أمشي؟ ولا أزعل؟"
سبيدو هنا باستنكار: "انتِ يا بنت مش لسه قايلة حالًا كل واحد يرتب أفكاره في حضن التاني؟"
آية بتهرب: "لا طبعًا، ما قلتش كده، حصلش."
سبيدو بذهول ردد: "حصلش؟ إيه ده اللي حصلش معلش؟ أمال انتِ قولتي إيه معلش؟"
آية بتبرير: "قلت انت ترتب أفكارك في حضني، تنكر؟ انت مش أنا."
رد بسخرية: "أنا؟ وسيادتك؟"
ابتسمت: "أنا ليا مطلق الحرية أرتب أفكاري في المكان اللي يعجبني."
حس برغبة فظيعة إنه يمسكها من شعرها؟ يديها كف على قفاها؟ يشتمها أقل واجب، بس فتح بوقه بدون ما عقله يسعفه برد مناسب.
آية ضحكت على منظره وعلقت وهي بتبص قدامها: "اقفل بوقك يا حبيبي."
سبيدو بص قدامه وفضلوا ساكتين لحد ما وصلوا المكان اللي هيتعشوا فيه، ركن عربيته وبصلها بجدية: "اللي قولتيه كان الصح إن كل واحد يرتب أفكاره في حضن التاني، لأني واثق تمامًا إن البعد يولد الجفا، أما الهبل اللي قولتيه بعد كده ده، هاعتبر نفسي ما سمعتوش أصلًا، تمام؟"
ابتسمت له بحب: "تمام."
نزلوا مع بعض، كان المكان خاص واستغربت إنه عازمها في جنينة مع إن الجو برد بس معلقتش، لكن لما دخلت وشافت التربيزة الجاهزة والورود عليها وحواليها والأنوار المزخرفة للمكان، وأكتر شيء شدها شعلات النار المنتشرة حوالين التربيزة تدفي المكان.
سبيدو راقبها بترقب يشوف رد فعلها، هل هيعجبها ولا الجو فعلًا برد واختياره لمكان مفتوح كان غلط؟
أخيرًا ابتسمت وبصتله بانبهار: "المكان تحفة، حبيبي."
اتنهد بارتياح: "بجد عجبك؟ كنت خايف من البرد فطلبت الشعلات دي تدفي المكان."
علقت: "كل حاجة في منتهى الجمال، عجبتني بجد."
شد كرسي علشان تقعد وهو قعد قصادها، ولحظات والجرسون قرب: "تحبوا تشربوا حاجة ولا تتعشوا الأول؟"
سبيدو بص لآية: "أعتقد نتعشى الأول، صح؟ ولا إيه رأيك؟"
وافقته بابتسامة ساحرة، واتعشوا الاتنين بهدوء ودردشة عادية، بعدها اشتغلت موسيقى ناعمة فهو وقف: "تيجي نرقص مع بعض؟"
يدوب هتقف فحذرها: "أنا ما بعرفش أرقص علشان تبقي عارفة، فاعذريني مقدمًا لو دوست على رجلك."
ضحكت وهي بتمسك إيديه: "الموضوع بسيط، لا تقلق."
كان بيبص لرجليه بس هي منعته: "حبيبي اتحرك عادي بدون ما تبص لرجليك وما تفكرش، الرقصة السلو قرب بين حبيبين مش حاجة بتدرسها وبتخططلها."
سابت إيده ولفت دراعاتها الاتنين حوالين رقبته وهمست: "اتحرك مع الموسيقى ومعايا وبس."
حط إيديه حوالين خصرها وقربها منه، فهي ريحت راسها على كتفه واتمايلوا مع أنغام الموسيقى.
سيف بيحاول يفكر في الخطوة الجاية، أو مشاكله مع خليل، الشركة، أي حاجة تانية، لكن بعد همس عنه وحملها اللي ملحقش يفرح بيه مجننه، مسك الموبايل ألف مرة يحاول يكلمها بس ما عرفش يقولها إيه؟
قعد يقلب في الإنستجرام شوية بزهق، لقى صورة رومانسية مكتوب عليها:
"أخبريني كيف أرتوي منك؟ وأنا في حديثي معك أعطش أكثر، ولو أنك قريبة لكنت التهمتك حيث أرغب وأتذوقك حيث ما شئت، أقطعك قبلًا وأمزقك عناقًا وأشعل جسدك عشقًا."
لقى نفسه بيقراها كذا مرة وقلبه بيدق بعنف، فكتبها في رسالة وبعتها وهو منتظر بترقب، هي هترد بإيه ولا هيكون رد فعلها إيه؟
همس في بيتها، أمها بتحاول تعشيها بأي طريقة، وهمس مش قادرة تاكل أي حاجة، فعملت زي ملك وجابت فاكهة يمكن تعرف تاكل منها. أخيرًا، همس قدرت تهرب من حصار والدتها ودخلت أوضتها. موبيلها أعلن عن رسالة، فتحتها، كانت من هالة بعتالها ملف PDF وطلبت منها تذاكره علشان الدكتور نزله النهاردة وهي غابت.
همس فتحت الملف واندمجت فيه، أهو تشغل عقلها عن سيف بأي حاجة. مسكت دفتر وبدأت تسجل النقاط المهمة في الملف لحد ما راجعته كله، واكتشفت إنه عدى تقريبًا ساعتين. تعبت فرمت الموبايل من إيدها وقفلت الورق.
موبيلها أدّى جرس إن شحنه هيخلص، فقامت تشحنه. وصلته وهنا لمحت إشعار إن في رسالة من سيف من أكتر من ساعتين.
قلبها كان هيقف وهي بتفتحها، قرأتها بقلبها قبل عينيها وبتعيد كل كلمة تتأكد منها. فكرت تكتب رد، بس كل تفكيرها إنه بعتها من ساعتين، ممكن يكون نام أو زعل منها أو زهق.
نفضت راسها، المفروض إنها هي اللي زعلانة منه، مش هو.
سيف فضل كتير منتظر رد منها، لكن هي مفتحتش حتى الرسالة.
أخيرًا، موبيله أعلن عن وصول رسالة، مسك موبيله بفتور بس انتبه لما شاف اسمها، فتحها بسرعة:
"لن أكذب عليك، فأنا أشتاق معانقة كل شيء بك. فكيف أخبرك بطريقةٍ منمقة أنك بداخلي رغم كل البعد وقلة الكلام وازدحام الأمور السيئة؟ كيف أخبرك أنك ثابت في قلبي؟"
اتعدل وبيحاول يفكر هيعمل إيه بعدها، لكن وصلته رسالة تانية منها:
"أحتاج إليك وأهرب منك، وأرحل بعدك من نفسي. حررني، رفقاً، انصرني، ساعدني كي أهجر طيفي. الحب كظلي يتبعني، يعدو بجنون من خلفي، وأنا إعصارك يعصف بي، يهدر، يقطفني من صيفي. فحررني."
قرأها كذا مرة وهو مش فاهم يحررها إزاي؟ هي عايزاه يبعد عنها ويسمحلها تبعد؟ هل بتحبه لكن اكتفت منه ومن المصايب اللي بتحصل حواليه؟
هي ذنبها إيه تعيش مهددة عمرها كله بالشكل ده؟ من أول ما حبته وهو المصايب والأزمات مش مفرقاه، فهل الصح إنه يسمح لها تبعد؟ هل يحررها فعلًا من حبه؟ طيب والبيبي اللي لسه حتى قلبه ما نبضش جواها مصيره إيه؟ هل ممكن يسمح لابنه أو بنته يعيشوا حياة هو مش فيها؟ وإزاي أصلًا هو يعيش في حياة همسته مش فيها؟
أسئلة بدون أجوبة للأسف.
همس بعد ما بعتت الرسالة استغبت نفسها: هل هي عايزاه يحررها فعلًا من حبه؟ هل مستعدة تربي بنتها بعيد عنه؟
حطت إيدها على بطنها: "أكيد انتِ بنوتة طالما باباكِ اتمناكِ بنوتة، صح؟ إزاي أحرمك من أكتر إنسان ممكن يحبك في الكون ده كله؟ إزاي أنا أعرف أعيش من غيره؟"
مسكت موبيلها، فكرت تمسح الرسالة الأخيرة أو تعدلها، لكن هو شافها، وبما إنه مردش، فأكيد هو ماعندوش رد أصلًا عليها.
سيف مكمل تقليب في موبيله لفت انتباهه مقطع من أغنية عجبته لبهاء سلطان:
(أنا من غيرك بتوه توهان
أنا من غيرك مليش عنوان
يا ترى انت زيي كمان، زيي كمان مشتاق لزمان
قعدة عادية ومكالمة بتسأل فيها عليا
في العربية واقفين والدنيا معدية
نرغي شوية نضحك نسمع كام أغنية
نضحك نسمع كام أغنية)
بعد تردد دام ثواني بعتلها المقطع ده، همس أول ما وصلتها الرسالة فتحتها بسرعة، ابتسمت لأن الأغنية دي بالذات لسه نازلة وعجبتها، فبعتتله: (طيب وقفت ليه؟ اسمع باقي الأغنية).
سيف وصلته الرسالة وكشر لأنه ما يعرفش إيه باقي الأغنية أصلًا، واستغبى نفسه إنه بعت مقطع بدون ما يعرف إيه باقيه أصلًا، ما يمكن يكون الباقي غبي وبدل ما يكحلها يعميها خالص؟
عمل بحث عن الأغنية علشان يسمع الباقي بسرعة:
(لما أقولك تبعد إياك تسمع مني
قرب أكتر امسك فيا بكلمة احضني
إزاي تمشي ده انت لوحدك بس فاهمني
أنا مستني أهو تكلمني
أصل التفاصيل أجمل بكتير بوجودك فيها، بوجودك فيها
أتاريك انت يا حبيبي انت، اللي محليها حياتي انت محليها)
سمعها كذا مرة وفضل محتار يعمل إيه؟
آية وسبيدو سهروا مع بعض، وهي بردانة وقربت الشعلات منها علشان تدفى، سبيدو علق: "تحبي نغير المكان؟"
بصت لساعتها: "لا الوقت اتأخر أصلًا، بس بعد كده عرفني لو هنقعد في مكان مفتوح أبقى عاملة حسابي."
سألها بفضول: "عاملة حسابك إزاي؟"
ابتسمت ووضحت: "يعني أنا لابسة فستان ويدوب جاكت، لو عارفة إننا هنقعد في مكان مفتوح كنت لبست حاجة تقيلة، مع إني كنت حابة إنك تشوف الفستان ده."
سبيدو بفضول أكتر: "طيب ما توريني الفستان؟"
بصتله برفض: "في التلج ده؟ انسى."
فضوله زاد: "على فكرة الجو مش برد للدرجة دي، انتِ أوفر، الجو منعش."
شهقت باعتراض: "بأمارة الهاي كول اللي انت لابسه، والكوفيه اللي حوالين رقبتك، والجاكت، صح؟ أنا يدوب لابسة فستان."
مسكت الجاكت فتحته: "هوريك لمحة يدوب."
عجبه فستانها ومسك هو الجاكت شدها عليه: "تعالي بجد نروح مكان تاني."
كان ماسك طرفين الجاكت، فهي طلعت إيديها ويدوب هيبعد الجاكت بس اعترضت: "خليه حواليَّ، أنا بوريك الفستان مش أكتر."
فضل ماسك الجاكت حواليها وهي بين إيديه، همست: "حلو الفستان؟"
مكنش مركز مع الفستان قد ما هو مركز معاها، فجاوبها بصدق: "الأحلى اللي لابسة الفستان."
حطت إيديها حوالين رقبته، فهو اعترض: "انتِ هتفضلي مذنباني بالجاكت ولا إيه؟"
ضحكت واتعلقت برقبته: "هو مش البرد اختيارك؟ يبقى آه، تفضل متذنب."
ساب الجاكت ولف دراعاته الاتنين حواليها: "هدفيكِ بطريقتي."
ضمها لحضنه، فقلبها دق بسرعة وتوتر، وخصوصًا لما نزلها وبإيديه بيدلك دراعاتها الاتنين، وهي باصة للأرض محرجة ومتوتّرة من حركاته.
براحة رفعت وشها تبص لعينيه، ودي كانت غلطة لأنها معرفتش بعدها تفصل نظراتهم من تاني، ولقته بيقرب منها ولمس خدها بقبلة ناعمة. غمضت عينيها فيها، بس ما اكتفاش بواحدة وبيقرب أكتر من شفايفها، وقبل ما يلمسهم بعدت وعلقت: "على فكرة أنا اتأخرت و..."
قاطعها وهو بيمسك دقنها يرفع وشها تواجهه: "انتِ مراتي، انتِ عارفة ده كويس، صح؟"
هزت دماغها، فهو كمل: "يبقى لما أقرب منك ما تبعديش عني لو سمحتي."
قرب من شفايفها والاتنين نبضاتهم عالية وأنفاسهم متلاحقة، وهي غمضت عينيها، فابتسم، وأخيرًا لمس شفايفها.
يمكن من أول مرة شافها فيها وهي عيلة حلم باللحظة دي، أو يمكن اتمناها، لكن مكنش عنده الجرأة يفكر فيها بالشكل ده.
بوستهم كانت ناعمة، رقيقة، كلها حب، استمرت فترة طويلة، محدش فيهم عايز يبعد عن التاني. أخيرًا، هو بعد براحة، فهي دفنت وشها في صدره هربًا من عينيه ومواجهته، وهو ضمها وسكت يديها الفرصة تسترد أنفاسها المخطوفة.
همست بعد فترة من الصمت المحبب: "على فكرة أنا فعلًا اتأخرت والمفروض أروح، دي أول مرة نفضل بره لحد وقت زي ده."
سبيدو بص لساعته ووافقها، لبسها الجاكت بتاعها والكوفيه بتاعته لفها عليها، وأخدها في حضنه لحد عربيته اللي أول حاجة عملها شغل التكييف السخن علشان الجو يدفى شوية.
اتحرك، وهي حضنت دراعه وسندت راسها على كتفه براحة، والاتنين ما حسوش إنهم محتاجين للكلام.
آية سألت: "تفتكر همس ممكن تفضل زعلانة من سيف؟"
رد بتفكير: "مش عارف، أنا عارف إنهم بيحبوا بعض، لكن ما أعرفش همس كفاية."
رفعت وشها وبصتله: "انت عرفت إنها حامل؟"
سبيدو بفرحة: "بجد؟ لا، ماعرفتش، سيف مقالش."
ابتسمت بحزن: "ملحقوش يقولوا لحد، أنا عرفت يدوب النهاردة صدفة. سيف زعلان أوي، وخصوصًا إنه يدوب عرف بحملها وبعدها مشيت."
ربت على إيدها: "هيرجعوا لبعض، يعني الواحد واثق من حبهم ورجوعهم قبل الحمل، فما بالك وفي رباط بينهم قوي بالشكل ده؟ هيرجعوا يا روحي، هم بس محتاجين يرتبوا أمورهم مع بعض ويتكلموا ويتصافوا."
آية بفضول: "انت كنت تعرف بقصة جيسيكا واتهامها لسيف بجوازة منها؟"
سبيدو استغرب إنها ما تعرفش تفاصيل علاقة جيسيكا بأخوها: "يعني مش تفاصيل وما تسأليش عن تفاصيل، طالما الموضوع بعيد عننا يبقى اكتفي باللي صاحب الشأن يقدمه."
علقت باعتراض: "ده أخويا؟"
علق بعدها: "وإيه يعني؟ ده ما يديكيش الحق تدخلي في أموره الخاصة، اللي عايز يقولهولك براحته، انتِ عارفة سيف مش بيحب حد يتدخل في خصوصياته. المهم تيجي نفطر مع بعض الصبح؟"
استغربت تغييره للموضوع بس تقبلته: "متخيل إني هعرف أصحى بدري لدرجة نخرج نفطر؟"
ابتسم: "هصحيكِ، إيه رأيك؟"
ابتسمت: "جرّب لو قدرت، نطلع نفطر مع بعض."
لقته بيقف، واكتشفت إنهم قدام بوابة الڤيلا، الأمن سلموا عليهم وفتحوا البوابة، ودخلها لحد جوه، ويدوب هتخرج، لقته بيفك الحزام وهينزل معاها، فاعترضت: "خليك، الجو برد عليك."
ابتسم ونزل معاها لحد باب الڤيلا، وقفوا قصاد بعض، إيديهم في إيدين بعض، مش عايزة تسيبه يمشي ولا هو عايزها تمشي من قدامه، فاقترحت: "هو ما ينفعش تيجي تبات معانا هنا؟"
رد بهزار: "في أوضتك وفي سريرك؟ موافق."
ضربته على صدره بهزار وضحكوا، بس بعدها علق: "نفوق شوية من اللي اسمه خليل ونتجوز بإذن الله. كنت بقول لأخوكِ في إجازة نص السنة علشانه هو ومراته."
ردت بتفكير: "هو فاضل قد إيه عليها؟ الأيام مش بتعدي ليه؟... أيوه صح، هتاخدني فين في شهر العسل؟"
رد بجدية: "بفكر جديًا ما أخرجش من أوضة نومي أصلًا."
الصدمة سيطرت عليها، فضحك على منظرها: "إيه يا روحي؟ انتِ جرالك إيه؟"
آية بتبعد عنه: "أنا بقول كفاية كده، وتصبح على خير. روح بيتكم يلا."
ضحك جامد وهو ماسك إيدها، مش عايز يسيبها: "استني بس هنا. طيب خدي رأي مرات أخوكِ، شوفي هتقولك إيه؟"
بتحاول تشد إيدها: "مرات أخويا راحت باريس ولفوا العالم في شهر العسل. سيف أخدلها جزيرة لوحدهم."
علق بضحك: "حلو الجزيرة دي، موافق عليها. أي مكان مفيهوش ناس حلو."
هديت شوية: "نتكلم جد بقى، هنقضي شهر العسل فين؟"
ابتسم و داعب خدها: "صدقيني، نظرتي للأمور غيرك، فاختاري انتِ. أنا اللي يهمني في القصة دي إننا مع بعض، أما فين مش هيفرق معايا. شوفي حابة تقضيه فين وبلغيني أرتب الدنيا."
ابتسمت، بس رجعت كشرت تاني: "أيوه يعني فين برضه؟ ميزانيتك طيب إيه؟ اديني أي تفاصيل أعرف أقرر عليها."
فرد تكشيرتها بإيده : "المكان اللي تختاريه موافق عليه ومفيش أي تفاصيل ولا أي ميزانية. شاوري وأنا هنفذ، شاوري يا روحي وعرفيني."
ابتسامتها وسعت تاني، وهو شدها من الكوفية اللي حوالين رقبتها عليه وباسها بشغف، وهي بادلته شوقه وشغفه، واستغربت إزاي كانوا عايشين قبل كده.
الباب اتفتح فجأة، كانت سلوى، فآية اتوترت وبعدت وبصت للأرض، أما سبيدو فعلق: "حماتي، إزيك؟ مش تحمحمي يا حماتي بدل ما خضيتي البونية كده؟"
شهقت باستنكار: "أنا أحمحم؟ ولا حضرتك تحترم......."
قاطعها قبل ما تتكلم: "قبل ما حضرتك تكملي بس، أنا عارف كويس حدودي إيه وبتعامل على أساسها. بوصل مراتي، هاه مراتي، لباب البيت، وطبيعي جدًا هبوسها قبل ما تدخل. حضرتك، شيء زي ده ممكن يضايقك، فالمفروض تعلني عن وجودك قبل ما تنقضي علينا كده."
سلوى بذهول: "انت هتعلمني إزاي أتحرك في بيتي؟ وتقولي إيه المفروض أعمله؟ انت بتهرج، صح؟"
آية اتدخلت: "ماما لو سمحتي."
زعقت: "أنا لو سمحت؟ انتِ مش سمعاه بيقول إيه؟"
سبيدو اتدخل: "عيالك كبروا واتجوزوا، حضرتك إيه مشكلتك معاهم؟"
سلوى هتزعق، بس صوت هوليا وراها: "سلوى، سايبة جوز بنتك واقف بره ليه؟ تعال سبيدو، ادخل حبيبي."
سبيدو ابتسملها: "معلش، الوقت اتأخر، مرة تانية ست الكل."
هوليا: "ادخلي يا سلوى وسيبي الراجل يسلم على مراته قبل ما يمشي."
سبيدو ابتسم، وسلوى تقريبًا هوليا شدتها وغمزت لسبيدو: "ما تأخرهاش."
سبيدو شاور على عينيه: "تصبحي على خير يا روحي."
هوليا بضحك: "هي روحك، مش أنا. أنا هكتفي بهوليا."
ضحك، وهي دخلت وقفلت الباب، وسبيدو علق: "جدتك دي عسل."
آية اتنهدت: "هي عسل، بس ماما هتقلب عليك. أصلًا دي كانت مخلية سيف وهمس يتلفتوا حوالين نفسهم صراحة، كنت بقول سيف أوفر، بس دلوقتي عذرته."
قرب منها بفضول: "عذرتيه ليه هاه؟"
ابتسمت بحرج وبصت للأرض: "يعني مش عارفة، إزاي الواحد بيعرف يبعد عن حبيبه بعد ما يقربوا كده؟"
سبيدو كمل: "ما بيعرفش، وبيفضل عايزه طول الوقت قدامه، ومش عارف يشبع منه. علشان كده بقولك، شهر العسل مكانه الصح أوضة النوم."
هتعترض، بس هو ضحك: "هوديكِ المكان اللي يعجبك، بس خليكِ فاكرة رأيي. تصبحي على خير يلا."
باسها بخفة، وهي دخلت وقفلت الباب، سندت عليه مبتسمة.
سلوى قربت منها وبتهكم: "حلوة البوسة أوي؟ بني آدم معدوم الذوق، نفسي أعرف بتحبي فيه إيه؟"
آية اتنهدت وهي مبتسمة: "بما إني مبسوطة، هقولك تصبحي على خير يا مامي."
باست خدها وطلعت بترقص وتدور وتدندن، وهوليا مبتسمة راقبتها لحد ما طلعت، بعدها علقت لسلوى: "ليه بتعاندي عيالك بدل ما تشاركيهم فرحتهم بحبهم؟ خسرتي سيف، وبتخسري كمان آية. عايزة تخسريها؟ البنت بتجيب جوزها وعيالها بيت أبوها، ليه عايزة تبعدي بنتك عنك؟"
سلوى برفض: "جوزها مش عاجبني."
هوليا: "بس عاجبها وبتحبه وبيحبها، يبقى مفيش قدامك غير تحبيه وتقبليه علشان خاطرها. بلاش تخسري عيالك."
سلوى بتهكم: "شوفي مين اللي بيتكلم؟ اللي قاطعت ابنها وأحفادها علشان مرات ابنها مكنتش عجباها؟"
هوليا بأسف: "ولحد الآن مش عجباني، بس شر لابد منه. وصدقيني ندمانة على كل لحظة أحفادي كبروا فيها بعيد عني، فما تعمليش زيي. تصبحي على خير."
طلعت وسابتها، وراحت عند آية تحكيلها عن خروجة سبيدو، وسهروا الاتنين مع بعض مبسوطين.