رواية عاصفه الهوي الفصل الثالث والستون 63 بقلم الشيماء محمد

رواية عاصفه الهوي الفصل الثالث والستون بقلم الشيماء محمد


سيف وصل الشركة ودخل مكتبه متنرفز، مش طايق أي حد. دخل مروان عليه يطمن على الامتحان، لكن سيف كلمه بعصبية، وبعدها اعتذر وطلب منه يسيبه لوحده، فاحترم رغبته وخرج.
بعد شوية، طلع سيف موبايله وفكر يعتذر لهمس، لكنه لقى نفسه بيكتب: "بطلي تعانديني بالشكل ده، كذا مرة تعاندي قصادي وفي كل مرة بنخسر إحنا الاتنين."
وصلت الرسالة لهمس، فكرت كتير ترد، لكنها ما كانتش عارفة تكتب إيه. أخيرًا، قفلت موبايلها وقررت ما تردش، الموضوع بالنسبة لها مش ناقص زعل أكتر من كده.
سيف انتظر ردها، لكن ما وصلش أي رسالة، فكتب رسالة تانية: "همس؟"
ما ردتش، والمرادي حتى ما شافتش الرسالة، وده زود عصبيته أكتر. حاول يتصل بيها، لكنه لقى موبايلها مغلق. حاول يقنع نفسه إنه فصل شحن، لكن عقله كان بيقوله إنها قفلته بإيدها.
فضل يفكر: هل ممكن تكون زعلت وبتعيط؟ ومش هتذاكر آخر مادة؟
لا، يمكن موبايلها فصل شحن وهي بتذاكر أو حتى بتنام شوية ترتاح.
لكن... هي شافت الرسالة الأولى، فده معناه إن الموبايل كان قدامها، يبقى قفلته بإرادتها.
يبقى زعلانة منه، والمفروض يروح يصالحها علشان تعرف تركز.
لكنها بتعانده وبتعصبه، كان هيجرى إيه لو ردت عليه كويس وقالتله حاتم قالها إيه؟
أفكار كتير ملخبطة بتعصبه أكتر، ومش قادر يخرج منها.
مريم دخلت مكتبه، قام ووقف بسرعة: "مريم، الغي مواعيدي."
ردت بسرعة: "الأستاذ إمام بره ومعاه الأستاذ رجائي، وأكدت عليك الميعاد الصبح، وقلتلي تمام. أقولهم إيه؟"
كان متعصب وبصلها شوية وهو بيحاول يقرر يعمل إيه.
مريم كررت: "باشمهندس، أقولهم إيه؟"
أخذ نفس باستسلام: "دخليهم طيب."
خرجت مريم ودخل إمام ورجائي. سلم عليهم سيف، بعدها إمام عرفه: "ده الأستاذ رجائي عطية، من أكبر محامين الجنايات في مصر، اسمه غني عن التعريف."
سيف رحب به، بعدها بص لإمام اللي كمل: "عرفته كل حاجة عن شذى وكل اللي حصل الفترة اللي فاتت، يعني هو ملم بالموضوع وبإذن الله خير."
سيف سأل: "هو إمتى المحاكمة بالظبط؟"
إمام رد: "يوم الأحد إن شاء الله."
سيف بتفكير: "ده خلاص. طيب، الوضع إيه؟"
رجائي حمحم قبل ما يتكلم: "مش عايز أطمنك وأقولك إنه تمام، لأن للأسف في ثغرات كتير جدًا، ومفيش دليل قوي ضدها."
سيف اللي أصلًا متنرفز، ما كانش محتاج حاجة تزود توتره: "يعني إيه مفيش دليل؟ واعتراف ماجدة؟"
رجائي لاحظ عصبيته وقال بهدوء: "حضرتك عايزني أطمنك وأقولك أي كلام وخلاص؟ ولا عايز تسمع أبعاد الموضوع؟ لأنه لو عايز حد يطمنك بكلمتين، فأنا مش الشخص ده."
سيف اتراجع وأخذ نفس طويل: "سامحني لو متعصب شوية، بس أنا أصلًا مضايق. اتفضل، فهمني الوضع وإيه اللي ممكن نقابله في المحاكمة؟"

إيليجا اتصل بكريم علشان يقابله في المستشفى، فراح هو وأمل. هناك كان إيليجا في انتظاره مع كام واحد من رجالته وعربية فان كبيرة بتراقب المكان. أول ما شاف أمل مع كريم، سأل: "هل تعتقد أنه من الحكمة تواجدها معنا؟"
كريم بصلها ورجع له بنبرة هادئة: "لا أدري، ولكن وجودها مهم."
إيليجا شرح لكريم: "لقد استطعت الوصول إلى رجل يعمل هنا، سيساعدنا."
بالفعل، قابلوا الراجل اللي أخذ من إيليجا شنطة، وبعدها بدأ يتحرك. لما لقى الكل وراه، وقفهم بصرامة : "واحد فقط يتبعني، لا أستطيع إدخالكم جميعًا."
كلهم بصو لبعضهم، لكن كريم قرب منه وحسم الأمر: "سأدخل أنا برفقته."
أمل مسكت إيده بخوف، لكنه طمنها بنظرته: "هدخل معاه لأني مش هثق في حد تاني يقدر يبحث في الكاميرات. غير كده، إنتِ هتابعيني وهتفضلي في أمان مع إيليجا ورجالته."
إيليجا ناوله كاميرا صغيرة وحطها في ياقة قميصه: "ستمكننا من رؤيتك طوال الوقت، ولو احتجت للمساعدة ستجدنا معك."
بعدها، دخل إيليجا وأمل العربية الفان علشان يراقبوا تحركات كريم، اللي كان بيتحرك وراء الراجل لحد ما وصله لأوضة مليانة كمبيوترات. الراجل قال له بجدية: "سأعطيك قدر استطاعتي من الوقت، ولكن عليك الإسراع. إذا تم ضبطك هنا، سأنكر معرفتي بك."
كريم قعد على الجهاز الرئيسي وبدأ يدخل على كاميرات المستشفى، ورجع للتاريخ اللي كان موجود فيه مع سيف. أخيرًا وصل لليلة دخوله المستشفى، وكلم إيليجا عبر السماعة في أذنه: "هل ترون ما أراه؟"
إيليجا رد: "نعم، ونسجله أيضًا. فلتكمل."
كريم فضل يتابع الكاميرات، ولاحظ إن سيف كان معاه طول الوقت لحد ما استقر في أوضته. بعدها، مفيش أي حاجة غير عادية بتحصل؛ سيف قاعد جنبه، وكريم بدأ يفقد الأمل إنه ممكن يثبت براءته.
أمل كانت متابعة وهي بتدعي ربنا إنه يظهر الحقيقة، وكل دقيقة كانت بتعدي كانت تفقد الأمل واحدة واحدة.
فجأة، دخلت الممرضة، والكل انتبه. كلمت سيف شوية، وغيرت المحلول لكريم، وبعدها خرجت.
سيف خرج وفضل قدام الأوضة وهو بيتكلم في الموبايل. شوية، ورجع للأوضة تاني. الممرضة رجعت كمان، بس المرة دي كانت معاها كوباية، شكلها قهوة، لسيف اللي أخذها وشربها، وبعدها قعد على الكرسي ونام في لحظات.
إيليجا سأل بفضول: "هل تم تخديره أم أنه غفى من التعب؟"
الكل انتبه للحركة اللي على الشاشة، وشوية ودخلت الممرضة تاني. المرة دي راحت لسيف، ولمسته علشان تتأكد إذا كان نايم، وفعلًا كان نايم.
أمل بتوتر: "ده فعلًا اتخدر. ما ينفعش يكون نايم وواحدة تدخل وتلمسه كده وما يصحاش."
كريم كان قلبه بيدق بسرعة، لكن الصدمة الكبيرة لما شاف مين اللي دخل الأوضة عنده بعدها.
أمل أول ما شافتها شهقت. إيليجا لاحظ وسألها: "هل تعرفينها؟"
أمل بصوت مليان صدمة: "انها مديرة المستشفى التي عالجت يد كريم في شهر العسل، صح يا كريم؟"
كريم بتأكيد: "هي فعلًا دكتورة جوزفين، بس ليه؟ إحنا ساعدناها وقتها."
إيليجا بتفكير عميق: "ربما هي لم تطلب المساعدة."
الكل ركز على الشاشة، وشافوا جوزفين داخلة ومعاها كذا شخص، واللي أخذوا كريم واتحركوا بيه. كريم كان بيحاول يتتبعهم، لحد ما وصلوا لدور مغلق في المستشفى لإصلاحات. دعا في سره إنه يكون في كاميرات شغالة هناك.
أخيرًا، كريم قدر يوصلهم لما دخلوا معمل فيه كذا دكتور، واللي قربوا منه وأخذوا منه عينات دم.
أمل سألته: "هو مفيش أي كاميرا بتسجل صوت يا كريم؟"
كريم بدأ يدور على كل الكاميرات في المكان، لحد ما لقى واحدة بعيدة شوية بتسجل صوت. حاول يشغلها بالتزامن مع الكاميرا القريبة اللي بتسجل الصورة فقط.
قسم الشاشة نصين: واحدة بتعرض الصورة لكريم، والثانية  الصوت.
ناريمان وصلت عندهم، وجوزفين استقبلتها بتوتر: "مازلت غير واثقة في خطتك."
ناريمان ابتسمت بثقة: "أنتِ تريدين الانتقام، وأنا سأعطيكِ ما تريدين."
جوزفين صرخت بغضب: "أريد تدميره، شركته، زوجته، طفله الصغير... أريده أن يجثو أمامي يترجاني كي أعفو عنه!"
ناريمان ردت بابتسامة باردة: "الشركة والمادة لا تهمه كثيرًا، فهو صاحب مبادئ. إن أردتِ تحطيمه، فلتبدئي بزوجته. هو يعشقها حد الجنون، دمّري زواجه أولًا."
جوزفين رفعت حاجبها بتساؤل: "وما يدريكِ أن زواجه يهمه فعلًا؟"
ناريمان ردت بنفس الهدوء: "أنا أعرفه منذ أن تزوجها، وأعرف أي نوع من الرجال هو. هو حقًا من ذلك النوع الذي يعشق زوجته حد الجنون. الاقتراب منه يكلفك الكثير. حاولت كثيرًا الاقتراب منه، لكني لم أستطع، حتى مجرد مصافحته. هذا النوع سيقتله ما ننوي فعله."
جوزفين فكرت للحظة ثم علقت بحدة: "سأجرب طريقتكِ، ولكن إن لم تأتِ بثمارها، سأقتل زوجته وطفله."
وقفت جوزفين تراقب ناريمان وكل رجالتها وهم بيصوروا كريم في أوضاع مختلفة معاها. كانوا يغيرون المكان والخلفية وحتى الغطاء على السرير، بحيث يظهر وكأن التصوير تم على مدار أيام وفي مواقف متعددة. 
انتبهت جوزفين من شرودها على ناريمان جنبها والدكتور اللي قرب منهم: "نحن مستعدون لأخذ عينة السائل المنوي."
ناريمان استفسرت: "هل تستطيع أخذها منه وهو تحت التخدير؟"
الدكتور ابتسم بثقة: "نعم، نأخذها من المصدر الأساسي، وصدقيني، هو لن يعرف من أين وكيف أتته تلك الضربة."
جوزفين علقت بابتسامة شريرة: "سيطلب تحليل الـDNA، وكم أتمنى أن أرى وجهه حين يرى النتيجة إيجابية مرة بعد مرة."
ناريمان ضحكت بتهكم: "هنا ستتركه زوجته وتأخذ ابنها بعيدًا."
جوزفين ردت بنبرة حادة: "سأقتلهما سويًا، وسأتركه هو ليعيش عالمًا أن موتهما بسبب تدخله غير المرغوب فيه."
ناريمان كملت بفخر: "وأنا سألد ولي العهد لإمبراطورية المرشدي، فإبني سيكون الوريث الوحيد."
ناريمان فجأة سألت جوزفين: "علمت إنكِ حصلتي على الملفات من دكتور ديريك قبل موته، كيف استطعتي الدخول لملفاته المحمية بواسطة كريم؟ برامجه غير قابلة للاختراق."
جوزفين ابتسمت بخبث: "طلبت من ماكس مراجعتها معه، فذهبت لمعمله برفقته، وحين فتح الملفات، قتلته وأخذت نسخة منها. هو اضطرني للقتل، وسيدفع ثمن كل هذا."
الاتنين راقبوا الدكتور وهو بيسحب العينة من كريم، وأمل من جواها حمدت ربنا إن الكاميرا ما جابتش المنظر نفسه لأن جسم الدكتور حجب جسم كريم. كانت شاكرة إنه ثبتها وألهمها الصواب إنها تقف جنب جوزها وتختار تثق فيه للنهاية.
الدكتور أخذ العينات ووضعها في المبرد، بعدها التفت لناريمان: "لقد بدأت اللعبة، فهل أنتِ مستعدة؟"
ناريمان بصتلهم بنظرة حادة: "الآن، ما الذي سيتم؟"
جوزفين ردت بثقة: "سيتم تجهيز العينة وتلقيحها، ثم زراعتها في رحمك. ألم تسمعي عن أطفال الأنابيب؟"
كريم تفاجأ بدخول الراجل اللي كان معاه: "انتهى الوقت يا صديقي، لا أستطيع منحك المزيد من الوقت. سيتم تغيير ورديتي الآن."
كريم وقف وهو مصدوم من كم المعلومات اللي عرفها: "شكرًا، لقد انتهيت.
كريم خرج لعند إيليجا، وأول ما أمل شافته حضنته. هو ابتسم وهمس لها: "لا يمكن كنت أتخيل كل اللي شوفته ده، بس كنت واثق إن ربنا هيقف معانا."
أمل ابتسمت: "وأنا كمان كنت واثقة إنه لا يمكن يتخلى عننا، كنت هتجنن وأعرف عملوها إزاي؟ إزاي التحليل بيطلع إيجابي كل مرة؟ والحمد لله عرفت."
إيليجا تدخل: "يجب أن نرحل، هيا."
تحركوا كلهم لبيت إيليجا، اللي سأل كريم: "الآن ما الخطوة القادمة؟"
كريم بتفكير وعينه على أمل: "يجب أن أعود للقاهرة، ولكن أولًا سأجعلها تدفع ثمن أخطائها."
إيليجا ربت على كتفه: "نعم، سنجعلها تدفع الثمن. الآن يجب أن نعيد فتح قضية مقتل الطبيب، وبما أنها طليقة معناه أنه تم إغلاق القضية."
كريم ابتسم: "سنُعيد فتحها بالتأكيد.
كريم أخذ أمل وراحوا الفندق اللي نقلوا فيه، لأنه ما حبش يكون متقيد في بيت إيليجا. دخلوا أوضتهم في الفندق، وصمت غريب خيم بينهم.
محدش منهم اتكلم، مجرد نظرات وأفكار كتير. أمل قربت منه بتردد، مدت إيدها بكل هدوء، وعنيها متثبتة في عينيه وهي بتفك زرار قميصه. اتصال عيونهم ما اتقطعش للحظة، واستمر الصمت بينهم. أيدها اتلفت حوالين رقبته، شدته عليها، وغابوا الاتنين في عالم خاص، محدش منهم نطق حرف، لكن نظرات عيونهم قالت كتير.
بعد فترة طويلة، أمل كانت نايمة على صدره، والصمت ما زال مسيطر، قطعه كريم أخيرًا: "ليه؟"
صوته كان مجرد همس. رفعت رأسها، بصت له بملامح صافية مليانة حب: "ليه إيه؟"
ابتسامتها الصافية ونور عيونها المبتسمة خلته يتردد في الكلام. هي مسكت وشه بلطف: "ما تهربش، وقولي ليه إيه؟"
فكر يقول أي حاجة غير سؤاله الحقيقي، لكنه تراجع، لأنه عارف إنها هتعرف. هو حاليًا عريان قدامها، بعقله، بأفكاره، مشاعره، هي شايفاه كويس، وقارياه كويس، وأي كلمة هينطقها هتعرف لو حقيقية أو مزيفة، فكان لازم يكون صادق.
أمل لاحظت حيرته: "أوعى تتكلم عن اللي حصل بينا، لأنه مش جديد ولا..."
قاطعها: "لا، اللي بيحصل بينا طول عمره مميز، بس..."
سكت، فسألت: "بس إيه؟ عايز تقول إيه؟"
عدل جلسته على السرير، فشدت الغطا عليها وقعدت قصاده. انتظرته يتكلم، فبص لعينيها. هي سألته: "علشان الصمت اللي كان بينا؟"
نفى بسرعة: "الصمت ده كان بيتخلله كلام كتير. إحنا مش بنحتاج كلمات علشان نعبر بيها عن مشاعرنا أو عن اللي جوانا. عنينا بتتكلم، فلأ، يا أمل، ما أقصدش الصمت نهائي."
قربت منه بحيرة: "أمال تقصد إيه؟ عايز تحيرني معاك؟"
نفى بهدوء: "لا، يا حبيبتي... أمل، حسيت براحة جواكِ، راحة غريبة. نظراتك، لمساتك، قربك مني، فيكِ حاجة غريبة كنت مفتقدها. ومكنتش عارف إني مفتقدها غير دلوقتي لما حسيتها. مش عارف، فهماني ولا لأ؟ في حاجات ما بتحسيش إنها ناقصاكِ غير لما تلاقيها. أنا كنت مفتقد الراحة اللي في عينيكِ..." أضاف بابتسامة حزينة: "كنت مفتقد عينيكِ يا أمل."
بصت للأرض، وبعدها رفعت عينيها عليه، فسأل السؤال اللي كان بيهرب منه: "شكيتي فيا، صح؟ اتمسكتِ بجوزك وأبو إبنك، ووقفتي جنبي علشان المركب تمشي؟ قومتي بدورك على أكمل وجه، صح؟"
قربت أكتر، وسابت الغطا يقع منها، وتحديدًا دي كانت أول مرة ما تهتمش إنها تغطي جسمها قدامه. قعدت قصاده، ومسكت وشه بإيديها، وعنيهم كانوا متعلقين ببعض: "أيوة، حسيت براحة كبيرة فوق ما تتخيل."
كريم مسك إيديها براحة عشان يبعدهم، لكنها ما سمحتلوش يتحرك. سألته: "إنت مكنتش محتاج تعرف اللي حصل ده حصل إزاي؟"
كريم حاول يبرر: "كنت هتجنن، لأني عارف إني ما لمستش واحدة في الكون غير مراتي. فكنت عايز الحقيقة تظهر، عايز أرفع راسي في وش مراتي، وعيلتي، وحتى موظفيني. كان لازم أفهم اللي حصل ده حصل إزاي. بعدين، يا أمل، أنا مش بلومك أصلًا، وزي ما قلت، إنتِ قومتي بدورك بمثالية شديدة."
حاول يبعد تاني، لكنها فضلت ماسكة وشه بإصرار: "سمعتك، فتسمعني. أنا ما قومتش بدوري بمثالية زي ما بتقول، ومكنش سهل، بس المقابل كان مستحيل. أنا قبلت كريم بكل ما فيه، بتهوره، بمشاكله، بعيوبه، بعصبيته، بحنيته، وبحبه. فهنا، إنت واجهت مصيبة، وكان لازم نواجهها مع بعض. يا إما كنت هبعد وأسيبك، وكنت هتوصل للحقيقة، بس أي حبيبة هكونها لو اتخليت عن حبيبي؟
فأنا ما قومتش بدوري كزوجة، لأني لو زوجة، كان تصرفي اختلف تمامًا. قومت بدوري كحبيبة. وكحبيبة، يا كريم، كنت عايزة أعرف إزاي واحدة حامل منك؟ أنا كنت واثقة تمام الثقة إن ده حصل وإنت مش في وعيك. كريم في وعيه لا يمكن يخوني. مكنش عندي شك ولو واحد في المية في أخلاقك. كنت واثقة فيك، بس قلت أكيد خدروك، أكيد مش في وعيك. افترضت أي افتراض غير إنك تكون لمست واحدة غيري. بس من جوايا، كان ده واجعني. حتى لو مش في وعيك، فكرة إن واحدة شاركتني فيك قتلاني. فلما عرفت الحقيقة، وعرفت إن ده كله شغل دكاترة، وإن حبيبي ليا أنا لوحدي، حسيت براحة لا يمكن تتخيليها. فلا، يا كريم، أنا ما شكيتش فيك للحظة، بس ارتحت نفسيًا، وغروري وصل لحد السما لما عرفت الطريقة اللي حصل بيها الحمل. جوزي، حبيبي، ملكي أنا وبس، ومفيش واحدة قدرت تشاركني فيه، سواء في وعيه أو غير وعيه. إنت ملكي أنا وبس. كنت بدعي ربنا وأقوله: يارب، اظهرلي الحقيقة وخليني أقبلها كحبيبة قبل كزوجة. فربنا حفظك ليا، وحفظ طهر علاقتنا، وحفظك في عنيا. فآه، عنيا فيها راحة غير طبيعية. أي حاجة تحصل بعد كده مش مهمة، مش فارق معايا. المهم، إنت حبيبي وبس."
أخذها في حضنه وفضل حاضنها كتير وهمسلها: "كنت خايف فعلًا يكون حد خدرني وعملت حاجة معاها، ومع الشخصية دي بالذات. لدرجة فكرت أقتلها مهما تكون العواقب. بس الحمد لله، إنتِ وبس في حضني. إنتِ وبس، يا أمل، ومش عايز غيرك أصلًا."
بعدت عنه، واتقابلت نظراتهم. ابتسم وعلق: "تعرفي إن دي أول مرة تفضلي قدامي كده وتتكلمي معايا كده؟"
أمل كانت مبتسمة ومغيبة عن الواقع. فضلت للحظات تحاول تفهم هو بيتكلم عن إيه، ولما لاحظت نظرات عينيه، صرخت وشدت الغطا عليها. فضحك جامد، وأخذها كلها في حضنه: "بحبك يا أمل يا بنت عبدالله. بحبك، يا مراتي، ياللي بعد كل السنين دي بتتكسفي لسه مني."

سيف بعد اجتماعه مع المحامين رجع البيت مباشرة وطلع لهمس. كانت قاعدة على مكتبها، رفعت عينيها وبصتله نظرة عابرة ورجعت لكتبها.
سيف دخل وشاف موبايلها على الكومود، راحله وفتحه، لكنه كان مغلق. سألها: "قافلة موبايلك ليه؟"
ردت بدون ما ترفع دماغها: "مش عايزاه يزعجني وأنا بذاكر، ولا دي كمان عندك مانع فيها؟"
حط الموبايل من إيده وقرب منها: "هتفضلي تعانديني كتير؟"
همس سابت القلم من إيدها وقامت وقفت في وشه بتحدي: "هو كل ما هتنفس نفس بدون إذنك هتعمل اللي عملته ده؟ وتقولي بعاندك؟ بعاندك في إيه، هاه؟ أنا تقبلت حاجات لا يمكن حد يقبلها، فبطل تيجي عليا أنا! قال بعاندك قال؟ ده أقرب شيء قلتلك معاديه ليه رفضت تجاوبني."
زعق قصادها: "قلتلك بعد امتحاناتك، محتاج أفوق شوية! السفر والمشاكل والشركة والخناقات وامتحاناتك ودلوقتي محاكمة شذى. كل اللي طلبته شوية وقت أعرف فيهم راسي من رجليا، بس شوية وقت."
همس ردت ببساطة: "ما عارضتش، قلتلك خد الوقت اللي يناسبك، بس ما تقفش تحاسبني على النفس اللي بتنفسه. اتكلمت مع أستاذي كلمتين أو هو سألني في حاجة مش هتقف تعلقلي المشنقة."
رد باستنكار: "أنا مش بعلقلك المشنقة."
أكدت له: "لا، بتعلقها يا سيف. أسلوبك وكلامك وخناقك بيقولوا إنك بتعلقها. ولما أقولك اقفل الكلام طالما متعصب يبقى سيادتك تقفل الكلام ونتكلم لما نهدى. لكن تقف في وشي وتتخانق معايا وبعدها تيجي تقولي بعاندك؟ أي عناد ده؟ ومين بيعاند مين؟"
رفع راسه للسقف وزفر بضيق، بعدها قال: "طيب، ينفع نقفل كل المواضيع دي دلوقتي لحد ما يعدي امتحانك ويعدي كتب كتاب آية؟ بعدها نقعد أنا وإنتِ قعدة طويلة، اسألي كل أسئلتك وهجاوبك عليها كلها، ينفع؟"
بصتله للحظات، بعدها لفت تبعد عنه ورجعت لمكتبها بدون أي تعليق. مسك دراعها: "على فكرة، أنا بتكلم."
ردت بتهكم: "وأنا سمعتك، وهنفذ اقتراحك، وهرجع لمذاكرتي. فسيادتك معترض ليه دلوقتي؟"
كان عايز يزعق، وبالفعل فتح بوقه علشان يزعق لكنه سكت. أخد كذا نفس يهدى علشان يتكلم بهدوء، لكنه قال بنبرة فيها تهديد: "بطلي تنرفزيني بالشكل ده وتعانديني لو سمحتي."
بصتله بذهول: "برضه بنرفزك وبعاندك؟ ماشي، تمام، هبطل. ينفع تسيبني إذاكر وتطلع بره؟"
ردد بذهول: "أطلع بره؟"
أكدت: "أيوه، أطلع بره. لأنك بصراحة بتطلعني عن شعوري وبتحرق دمي لدرجة مش هتتخيلها، فلو سمحت."
كان هيعترض تاني لكنه تراجع، وخرج بدون أي كلمة. قبل ما يقفل الباب سألها: "مش عايزة أي مساعدة في المادة اللي عندك؟"
ردت بدون ما تبصله: "عندي machine وإنت بتكرهها، فشكرًا."
قفل الباب وفضل واقف بره شوية. لمحته هوليا فقربت منه: "صالحتها ولا كملت عليها؟"
رد بغيظ: "كملت عليها."
ابتسمت وربتت على كتفه: "تعال نتمشى شوية في الجنينة، ولا وراك شغل؟"
سيف باس راسها بحب: "وراي مشوار الأول، خليني أخلصه وبعدها نقعد مع بعض. بس سبيدو منتظرني."

مؤمن راجع البيت بالليل، ومتعود يرجع متأخر علشان يسيب الكل على راحتهم. وهو داخل لمح حد واقف جنب البيسين، فراح ناحيته لأنه افتكرها ناهد، بس لما قرب شاف إنها سما. حاول ينسحب بهدوء، لكنها أخدت بالها منه ورحبت: "أهلًا يا باشمهندس."
مؤمن اضطر يرد: "إزيك يا دكتورة؟ إيه، بتفكري تنتحري جوه حمام السباحة ولا إيه؟"
سما استغربت: "أنتحر؟ ليه؟" وفجأة علقت بغيظ: "هي والدتي قالتلك على فسخ خطوبتي ولا إيه؟ لعلمك، أنا مش زعلانة عليه، هو كان راجل متخلف أصلًا، مكنش عنده شخصية قصاد مامته وبتمشي كلامها عليه وعليا وانا مقبلتش ده ولا يمكن كنت اقبله وكفاية كده."
مؤمن بنفس الاستغراب: "محدش قالي حاجة، أنا بس كنت بهزر مش أكتر."
سما اتنهدت بتراجع: "سوري يا باشمهندس، بس والدتي شايفة إن فسخ خطوبتي ده نهاية الكون، وإنه كان عريس لقطة ومش هلاقي زيه تاني، زي ما يكون ما اتخلقش غيره. مش عارفة لحد إمتى هنفضل نقيم الراجل بفلوسه ومركزه، مش بشخصيته وأخلاقه وتعليمه."
مؤمن علّق: "والله يا دكتورة، للأسف الجواز ده أنا كنت مقتنع إنه اختيار، فلازم تختار صح. بس بعد تجربتي اكتشفت إنه رزق من ربنا ونصيب. ممكن تختاري حد محترم جدًا ومتدين ومتعلم، وبرضه ما تنجحوش سوا. فبقيت مش عارف، المفروض الاختيار يكون بناءً على إيه؟"
سما فكرت شوية: "حب، أعتقد؟ الحب هيخلينا..."
قاطعها بتهكم: "هيخلينا إيه؟ نتقبل ظروف بعض؟ نفهم بعض؟ هيعمل إيه الحب؟ بديت أحس إن حتى الحب ده أكذوبة بنضحك بيها على بعض. لا الاختيار الصح نفع، ولا الحب نفع، ولا الفلوس نفعت. مفيش حاجة نفعت. الواحد بدأ يسأل نفسه: طيب، إيه الحكمة من ده كله؟ الحب والجواز، ودلوقتي الطلاق؟"
سما بصتله كتير: "طيب، إيه؟ نرتبط ببعض بناءً على إيه؟ إنت بتسودها في وشي ليه أكتر ما هي سودا؟"
ابتسم بأسف: "سوري، بس الدنيا كلها حاليًا سودا، فمش شايف أي ألوان تانية." سكتوا الاتنين بعدها، وهو تراجع: "هسيبك تكملي تأملاتك في الحياة، وربنا يوفقك وتصبحي على خير."
مشي خطوة، لكنها علّقت: "أعتقد الحكمة في حالتك هي إيان. يعني أنا اللي شخص غريب بالنسبة له، بس لما بشوفه هو وإياد بيجروا ويضحكوا ضحكتهم الجميلة دي، بلاقي نفسي ببتسم. مهما أكون متضايقة أو متنرفزة، ببتسم. فما بالك إنت والده؟ فأكيد حكمتك هي إيان."
هنا هو ابتسم والتفت لها تاني: "إيان أجمل حاجة ربنا رزقني بيها. ولو هو اللي طلعت بيه من تجربتي دي، فهو كفاية."
انسحب بعدها وسابها، ودخل للعيال، شافهم نايمين ببراءة. قعد جنبهم شوية، بعدها راح لأوضته.

سيف مع سبيدو قعدوا يتكلموا كتير عن قضية شذى وخططوا أكتر، لكن بعدها سيطر الصمت عليهم. سيف كان غارق في أفكاره عن همس والخناق اللي حصل بينهم، وسبيدو ملاحظ ضيقه بس احترم صمته لحد ما حس هو نفسه بالضيق: "يا تتكلم يا تقوم تمشي؟"
سيف رد عليه بذهول: "نعم؟"
سبيدو ببساطة: "يا تتكلم يا تمشي، أما قعدة الندامة دي صراحة تخنق. مبعرفش أقعد ساكت كده، فيا تتكلم يا تسيبني أقلب رزقي."
سيف بغيظ: "تقلب رزقك إزاي يعني؟"
سبيدو كشر وحاول يوضح: "أقلب رزقي في شغلي. على فكرة، ده قصدي. ولا سيادتك مش واخد بالك إني النهار كله بكون في المصنع؟"
سيف وقف: "قلب يا سيدي رزقك. سلام."
سبيدو استوقفه: "إنتو معندكوش امتحان بكرة ولا إيه؟"
سيف استغرب: "عندنا، بس ليه؟"
سبيدو باستغراب أكتر: "يعني اللي أعرفه إنك بتساعد وبتذاكر معاها، فليه قاعد شايل طاجن ستك ومشيلني الهم معاك؟"
سيف بذهول: "إيه هو طاجن ستي اللي شيلتهولي؟"
سبيدو ضحك: "هو المثل بيتقال كده. هي دي كمان هتستفسر فيها؟ أما بيلاقوا حد قاعد حاطط إيده على خده وشايل الهم بيقولوله شايل طاجن ستك. هتقول ليه؟ هقولك معرفش."
سيف أخد نفس طويل قبل ما يرفع إيده: "بقولك إيه، سلام. أنا مصدع وعايز أنام."
سبيدو: "مش عايز تقولي يعني متخانقين ليه وسايبها ليه وهي عندها امتحان؟"
سيف فضل ثابت مكانه شوية قبل ما يرفع راسه يبصله: "حاتم كل ما بشوفه عفاريت الدنيا بتتنطط في وشي، وخصوصًا لو بيتكلم معاها. فبلاقيني بروح أتنرفز عليها هي، وهي مش فاهمة أنا مالي ولا في إيه. بتحول لكائن غبي."
سبيدو باستغراب: "ولما إنت عارف إنك غبي ليه مش بتسكت ولا تبعد لحد ما تهدى؟ والأهم من كل ده، ليه مخليتوش يتفصل بعد الفضيحة أياها؟ كان ممكن يتفصل بسهولة، وإنت عارف ده كويس."
سيف بص للأرض بزعل وبعدها رد: "هتصدقني لو قلتلك مش عارف؟ بحاول أقنع نفسي بأي مبرر، بس الحقيقة إني مش عارف. ساعات بقول أنا غلطان، كنت فصلته وارتحت. وساعات أقول لا، ما يستاهلش يتفصل، يمكن يجد في الأمور أمور. لكن، مش عارف.
سابه ومشي راح البيت. قبل ما يدخل أوضته، عز وقفه وشده على المكتب: "اقفل حوار حاتم ده، وإلا هتدخل أنا وأبعده تاني زي ما بعدته زمان. بطل تخليه يلعب بيك وبمراتك ويبعدكم عن بعض. إنت أذكى من كده يا سيف."
سيف بصله كتير قبل ما يعلق: "كنت أقدر أفصله من الجامعة، بس لقيتني اترددت. مش عارف ليه؟"
عز رد بحزم: "لأنك بتحمل نفسك ذنب مش ذنبك." مسكه من ياقة قميصه وأضاف: "مش ذنبك اللي حصل يا سيف، ففوق قبل ما تضيع اللي في إيدك."
سيف بحزن: "لو مش ذنبي، ذنب مين؟"
عز زعق: "اقفل القصة دي وبطل تتكلم فيها. عندي استعداد تام أبعد حاتم تمامًا من مصر كلها، مش الجامعة بس. فبطل تخليه يلعب بيك. لو مش علشانك، فعلشان همس اللي سايبها النهار كله بعد خناقك معاها بتخلف وسط امتحاناتها."
سيف بص للأرض بصمت، فعز تنهد : "اطلع خد شاور، وخد مراتك في حضنك، واعتذر مجرد اعتذار بسيط على نرفزتك عليها، واقفل الحوار ده."
سيف طلع أوضته. همس كانت مركزة في أوراقها اللي مالية المكتب كله، لدرجة إن في أوراق واقعة حوالين المكتب على الأرض. حمحم علشان يلفت انتباهها. بصتله للحظات، وبعدها رجعت تبص لأوراقها: "حمد لله على السلامة."
قرب منها، وطى عليها وباس راسها: "الله يسلمك. هدخل أخد شاور، عايزة حاجة؟"
نفت بإشارة من راسها، لكنها كانت بتراقبه وهو داخل الدريسنج يقلع بدلته بإرهاق، وبعدها اختفى في الحمام. لحظات وسمعت صوت المية.
رجعت لأوراقها، بتحاول تصرف عقلها عن التفكير في أي حاجة تخص سيف أو مشاكله، لأنه مش وقته.
خرج من الحمام، لبس هدومه، وحط برفانه المميز. قرب منها، شد كرسي وقعد جنبها: "عاملة إيه في الماشين؟"
كانت عايزة تفضل متعصبة، لكن نظرة واحدة لوشه شافت مدى إرهاقه وتعبه، وحست بكمية المشاكل اللي حواليه. هي عارفة كويس إنه بيحبها وبيقدرها وبيعشقها، وعارفة بكمية الضغوط اللي عليه. فيها إيه لو اتعصب شوية عليها؟ أهو قدامها بيحاول. رجوعه العصر كان محاولة، ومحاولاته لإسعادها وإرضاءها مش بتنتهي أبدًا. هو بيحبها، وهي عارفة ده كويس، فالمفروض تعذره لما يفقد سيطرته شوية على أعصابه. لاحظ إنه منتظر إجابتها، ولما صمتها طال، كرر: "للدرجة دي المادة صعبة؟ ولا زعلانة وبتحاولي تاخدي قرار تكلميني ولا تفضلي زعلانة؟"
مكنش غريب عليها إنه يفهم أفكارها، فردت وهي بتبص لأوراقها: "مش زعلانة أوي يعني، أو زعلانة بس مش لدرجة أقاطعك. غير إن المادة رخمة ومش بحبها."
قرب بكرسيه أكتر: "أساعدك إزاي؟ أنا بكرهها آه، بس بفهم فيها كويس."
تمتمت بتهكم: "دلوقتي بتقول؟"
سمعها بس ما علقش، وسابها تقلب في أوراقها. يدوب كان هيقوم، لكنها وقفته: "شوف المسألة دي."
بدأت تشرح له اللي فهماه، وهو بيسمعها بانتباه. ولما سكتت، بدأ يشرحها بالطريقة الصح، وقعدوا كذا ساعة يحلوا مسائل وامتحانات قديمة، يكسبوا خبرة أكبر في حل الامتحانات.
بعد ما خلصوا، قعدوا الاتنين ساكتين. هو قطع الصمت: "حقك عليا، اتنرفزت عليكِ جامد، فحاولي تعذريني."
ابتسمت بتفهم: "هحاول حاضر، لكن إنت كمان حاول تقلل عصبيتك دي."
اتنهد بأسف: "هحاول، بس يا همس..."
قاطعته: "بس إيه؟ أتجنبك وإنت متعصب؟ أعملها إزاي وإنت حتى طلبي إننا نأجل الكلام رفضته واعتبرته عناد؟"
بص للأرض بحرج، وبعدها رفع عينيه لها، وحط إيده على خدها بحب: "اتحمليني وأنا متعصب، وأنا أوعدك هحاول أعمل كنترول على عصبيتي دي أكتر من كده."
عنيهم اتقابلوا في نظرة طويلة فيها كلام كتير أبلغ من أي كلام ممكن يتقال بالشفايف، لحد ما أخيرًا شبح ابتسامة ظهر على ملامحها، وتمتمت: "أمري لله، هديك فرصة كمان."
ابتسم بحرج: "فرصة كمان؟ لامتى هتفضلي تديني فرص؟"
مع إنه سؤال تهكمي، لكنها جاوبته بجدية: "هديك فرص لآخر يوم في عمري."
هنا هو ضمها لقلبه، وباس راسها كذا مرة وهو بيتمتم: "حقك على قلبي."
 
كريم بمساعدة ايليجا سلموا التسجيلات اللي تحت ايديهم للظابط اللي كان بيحقق في قضية مقتل دكتور ديريك ماكس اللي فرح جد.ًا انه اخيرًا حط ايده على القاتل لانه كان حزين بسبب ان مقتل الدكتور اتأيد ضد مجهول ، وقبل ما يقبض على جوزفين اتأكد ان كل اجراءاته قانونية علشان المحامين ما يلاقوش أي ثغره يخرجوها بيها . 

همس خلصت آخر امتحان وراحت على الشركة مباشرة، لأن سيف بعتلها رسالة يطلب منها تكلم نصر ييجي لها، لأنه مش هيقدر يجي. قررت تفاجئه.
وصلت عند مريم وسلمت عليها، بعدها سألتها: "هو لوحده؟"
مريم ردت بأسف: "لا، عنده اجتماع مع ناس من بره الشركة."
همس تنهدت: "هو قالي أصلًا إنه مش هيقدر يجي عشان عنده ميتنج، بس قلت يمكن يكون خلص؟"
مريم: "ممكن نص ساعة كمان، مش قبل كده. تحبي تنتظريه مثلًا؟ ولا هتعملي إيه؟"
همس بتفكير: "مش عارفة، كنت عايزة أشوف هعمل إيه في فرح أخته بكرة."
مريم اقترحت: "تحبي أقولك على محلات تروحيها لحد ما يخلص؟"
قاطعتها همس: "لا، ما بحبش. يا أروح معاه، يا مش فارق معايا أصلًا."
قعدت قدامها بغيظ، وكل ما مريم تقترح حاجة، همس ترفضها، لحد ما استنفدت أفكارها وقعدت بصمت. فضلت همس تدور على مصممين أزياء وموضة، وتشوف مين خبير فيهم وأفضل المحلات اللي ممكن تشتري منها، لأنها واثقة إن سيف هيطلب منها تشوف مكان أو شخص كويس يساعدهم، وقررت تكون مستعدة. 
باب مكتب سيف اتفتح، وخرج بدر وراه حنان. أول ما شافها بدر راح لها مباشرة: "هموس، إزيك؟ عاملة إيه يا بنتي؟ الامتحانات واخداكِ للدرجة دي؟"
ابتسمت بأسف: "للأسف آه، بس خلصت أهو. دعواتك."
بدر ابتسم بتعاطف: "ربنا يوفقك."
حنان بصتلها من فوق لتحت، واستغربت إزاي واحدة بالشكل ده قدرت تخطف راجل زي سيف الصياد؟ مش جميلة، مش راقية، وشها طبيعي، مفيهوش أي ميكب، لبسها جينز وتيشيرت أقل من العادي. آه، ممكن يكونوا ماركة، لكن شكلها طبيعي جدًا، لا تمت للثراء الفاحش بصلة، ولا حتى مجرد ثراء عادي. مجرد عادية وبس.
قربت منهم ومثلت إنها ما تعرفش همس، وبصت لبدر بإغراء: "ما انت بتعرف تهزر وتجامل أهو، أمال عايش دور الصارم ليه؟"
بدر بص لهمس، مش عارف ممكن يكون رد فعلها إيه. يدوب كان هيرد على حنان، لكن همس سبقته، وبصتلها بتهكم: "وسيادتك بقى عايزاه يعيش دور إيه معاكِ طالما مش عاجبك الراجل الجاد؟"
حنان كانت هترد، لكن همس كملت ببرطمة: "مش عارفة أنا إيه الأشكال دي اللي سيف بيشغلها عنده."
حنان بنرفزة: "أنا ما اسمحلكيش، فلو سمحتي..."
همس قاطعتها بسخرية: "ما إيه؟ ما تسمحليش؟إنتِ اللي مش هتسمحيلي؟"
قبل ما حد يرد، خرج كذا واحد من مكتب سيف ومعاهم مروان وسيف نفسه. سيف شاف همس واستغرب وجودها، لكنه ابتسم في وشها وهو بيسلم على ضيوفه ويودعهم. مروان أخدهم يوصلهم لباب الأسانسير، وسيف راح مباشرة لهمس، ضمها وباس راسها: "طمنيني يا روحي، عملتي إيه في الامتحان؟"
همس كانت متعصبة من حنان، وسيف لاحظ تكشيرتها وعصبيتها، فرد تكشيرة حواجبها وسأل: "متضايقة ليه كده؟ الامتحان كان وحش؟"
همس ابتسمت في وشه تطمنه: "لا يا حبيبي، الحمد لله كان كويس. أنا كنت جاية مبسوطة." (بصت ناحية حنان) "بس اتعصبت هنا."
سيف تتبع نظراتها لحنان اللي اعتذرت: "أنا رايحة مكتبي بعد إذنكم."
همس راقبت حنان وهي بتبعد، واتضايقت أكتر من جيبتها القصيرة والفتحة اللي فيها. لكن انتبهت على سيف وهو بيسأل: "ضايقتك في إيه يا روحي؟"
همس بصت لبدر: "هي سيادتها عايزاك تكلمها إزاي؟"
بدر رفع إيده: "معرفش ومش مهتم أعرف. بقولك إيه، جوزك اللي بيعين الأشكال دي هنا."
سيف بصدمة: "إنت بتسلمني ولا إيه؟" (بص لهمس ودافع عن نفسه) "والله ما أنا، ده البأف مروان."
مروان كان راجع وعلق: "يادي مروان اللي مش خلصان منكم ده. ماله البأف مروان؟ عملكم إيه؟"
همس بتهديد: "هقول لهالة على الأشكال اللي بتعينها دي، خليها تقيم عليك مش بس الحد ده، باقي أيام الأسبوع كمان."
مروان بعدم فهم: "وأنا عملت إيه؟ بعدين هو أنا ناقص؟ إنتِ شيفاها راضية تصالحني أصلًا؟ علشان..." (انتبه فجأة) "إنتِ عايزة تقوليلها إيه أصلًا؟ وأشكال إيه اللي بعينها؟"
همس بغيظ: "أشكال حنان والنوعية دي."
مروان بجدية: "لا، انتبهي لو سمحتي. أنا مش بعين بناءً على الشكل. أنا بيتقدملّي CV فيه كل مميزات الشخص اللي قدامي، وبختار منهم كام واحد، وقسم الـHR هم المسؤولين. أنا بختار ورق فيه شهادات، مش أشخاص."
همس اقتنعت بكلامه، لكنها مردتش. فسيف اتدخل: "هي ضايقتك في إيه؟" (عرض بهزار) "تحبي أرفدها؟ شاوري؟"
همس، اللي مش بتحب تقطع عيش أي حد، ردت: "لا طبعًا، مش لدرجة الرفد. بعدين لا هي ولا عشرة من نوعيتها يعرفوا يضايقوني أصلًا. المهم، يلا بقى."
سيف استغرب: "يلا إيه؟"
همس باندفاع: "يلا علشان عايزاك."
هنا الكل بص لها بذهول، فمريم قعدت على مكتبها تعمل نفسها مشغولة، ومروان رجع خطوة لورا علشان يخرج. سيف علق بعد ما تخطى ذهوله واستوعب إن همس أكيد قصدها حاجة مختلفة تمامًا عن اللي جه في باله، فحب يوضح: "عايزاني؟ خير يا روحي؟"
همس وضحت: "مش بكرة كتب كتاب آية؟ وأنا المفروض أستعد وأجيب فستان؟ فعايزاك معايا. يلا نطلع نشتري فستان وكل الحاجات اللي المفروض أجهزها. ممكن بقى يلا؟ يدوب نلحق."
سيف اتنهد وبص لمروان، بعدها لمريم: "أنا ورايا إيه؟"
مريم بصت للنوت قدامها: "يدوب ميتنج مع المستثمرين الجداد اللي قلت هتقابلهم، وبعدها عندك ميعاد مع أستاذ رجائي وأستاذ إمام، بعدها المفروض هتروح المصنع زي ما اتفقت مع سبيدو، وبعدها..."
قاطعتها همس بصدمة : "وبعدها إيه؟ هو كده فاضل حاجة في اليوم ولا دي مواعيد الشهر الجاي كله؟"
مريم بهدوء: "مواعيد النهارده فقط."
همس بصت لسيف: "يعني إيه طيب؟ مش هجيب؟"
سيف بتعاطف: "طيب إيه رأيك لو تنزلي انتي وهالة مثلًا؟"
مروان انتبه وحمحم: "هالة مش هينفع."
سيف بص له بذهول، وقبل ما يعلق، مروان كمل: "هروح لها أنا ووالدتي. حابة تشوفها. كلمت والدها واستأذنته وبالعافية وافق علشان خاطر أمي كلمته وكلمت والدتها، فمعلش المرة دي يا همس."
همس بتفهم: "هي قالتلي فعلًا إنها هتقابلكم النهارده." (أضافت بهزار) "بس ليه سيادتك تخرج لخطيبتك، وهو ما يخرجش معايا؟"
مروان تراجع خطوتين: "بقولك إيه يا هندسة، خليكِ محضر خير. ما هو واحد فينا لازم يكون موجود. إنتو اتجوزتوا خلاص، سيبوا غيركم يتجوز. أنا مضطر أنسحب قبل ما الحوار ياخد سكة مش عجباني. بعد إذنكم."
سابهم ومشي. همس بصت لسيف: "هتعمل إيه؟"
سيف اتنهد بحيرة: "مش عارف. هل هند هتقدر؟"
همس نفت: "لا، مش هتقدر تخرج وتلف."
مريم حمحمت، فبصلها سيف: "عندك اقتراح يا مريم؟"
مريم بهدوء: "آه، في خبيرين أزياء ممكن تستعين بحد فيهم. هيساعدوها وهيكونوا أفضل من أي حد."
سيف باهتمام: "زي مين؟"
مريم قالت اسم كذا حد، وسيف سكت لحد ما خلصت، بعدها علق بسخرية: "إنتِ شغالة معايا من إمتى يا مريم؟ علشان شكلك زهقتي وعايزة تغيري."
قاطعته بسرعة: "ليه بس يا أفندم؟ خير؟"
سيف بصلها مباشرة بصرامة: "هل إنتِ متخيلة إني ممكن أكلم راجل أقوله تعال لبس مراتي، ولا تعال اخرج معاها اختار لها لبس؟ إنتِ شايفة إني من النوعيات دي؟"
مريم تراجعت بسرعة: "لا، يا أفندم. أنا مفكرتش فيها كده أبدًا. فكرت إنها وظيفة زي أي وظيفة، زي الدكتور و..."
قاطعها تاني: "إنتِ بتشبهي الدكتور ببتاع الأزياء؟ اسكتي يا مريم. طيب، الدكتور ممكن الإنسان يموت من غيره، بتبقى ضرورة قصوى. لكن بتاع الأزياء ده إيه؟ هاه؟" (بص لهمس) "تعالي يا بنتي جوه المكتب."
مسك إيدها وأخدها ودخلوا مكتبه. قفل الباب وشدها عليه، وضمها لحضنه: "طمنيني، امتحانك كان كويس بجد؟"
لفت إيديها حوالين رقبته بحب: "آه يا حبيبي، بجد كان كويس خالص. اطمن. المهم، مفيش أي ميعاد من المواعيد اللي قالتها دي كلها ينفع تزوغها؟"
سيف بأسف: "لا، التلاتة مهمين."
همس: "طيب، أعمل إيه؟ قولي حلول."
سيف بتفكير: "طيب، عندي حد مش هيعجبك، بس هيفيدك."
همس بصتله بتساؤل، فقال بتردد: "سلوى."
كشرت بغيظ وبعدت عنه: "إنت متخيل إني أخرج أنا وهي نشتري فستان مع بعض؟ أنا ومامتك يا سيف؟"
سيف ابتسم: "صراحة، لأ. بس هي ذوقها لا يختلف عليه اتنين، ودي حقيقة مش هننكرها."
همس حركت راسها برفض: "لا برضه ، بعدين هي مرضيتش تتزل مع آية ولو قولتلها هتنزل معايا وده ممكن يضايق آية او يزعلهم الاتنين من بعض ، مش حابة ده "
سيف ابتسم من مراعتها لمشاعر الكل وباس أرنبة أنفها : أنا قولتلك النهاردة اني بحبك ؟ 
عينيها لمعت والتسمت بحب : ولا عبرتني بابتسامة حتى .
ضحكوا الاتنين وهو علق بهزار : نصابة كبيرة يا همستي . اقترحت همس بحماس : "طيب إيه رأيك هوليا؟ أنا ممكن أخرج مع هوليا؟ قولت إيه؟"
سيف اعترض بهدوء: "هي مش هتمانع أبدًا، بس مش هتفيدك يا روحي. لا تعرف أماكن هنا ولا ذوقها هيعجبك. هوليا، زي ما شوفتيها، منطلقة، مش بيقيدها موضوع اللبس ده. أصلًا ممكن تلاقيها بكرة لابسة بنطلون وتيشيرت عادي جدًا في كتب الكتاب. شوفي غيرها."
قعدت بإحباط على طرف مكتبه: "هشوف أي حاجة عندي في الدولاب، أصلًا في فساتين كتيرة ملبستهاش. هعمل شوبينج في الدريسنج بتاعي."
ابتسم، لكنه افتكر حد تاني فاقترح: "طيب مرات أخوكِ، ملك؟ أعتقد مش هتتأخر، وهتعرف تروح فين وتجيب إيه؟"
همس بحماس وقفت: "تصدق؟ كانت رايحة من بالي. هكلمها."
طلعت موبايلها ورنت على أخوها الأول: "ندور حبيبي."
سيف شدها من شعرها لما قالت "حبيبي"، فابتسمت وكملت مع أخوها. سلموا على بعض، بعدها علقت: "لو قلت لمراتك تخرج معايا دلوقتي هتعترض ولا إيه رأيك؟ عايزة أشتري فستان وسيف مشغول."
نادر ابتسم: "كلميها طيب. أنا في المستشفى أصلًا وعندي عملية هتطول شوية، فهي مش هتعترض. كلميها يا همس."
همس سألته بتردد : "إنت مش معترض؟"
نادر بحب: "وهعترض ليه؟ بالعكس، مبسوط إنك فكرتي فيها واعتبرتيها زي هند، لأني أعتقد لو هند كانت متاحة كنتِ خرجتي معاها. فمبسوط إنك فكرتي في ملك."
ابتسمت بحرج، لأنها بالفعل ما فكرتش فيها أول حد وسيف اللي فكر فيها مش هي: "طيب خلاص، هكلمها دلوقتي. المهم بكرة كتب الكتاب علشان بس ما تقولش عمليات ولا نبطشيات."
نادر ابتسم: "عارف، سيف كلمني وقالي. وإن شاء الله ربنا يسهل."
قفلت معاه واتصلت بملك، اللي فرحت جدًا باتصالها ووافقتها، وقالت إنها هتمر عليها تاخدها من الشركة.
نزلت هي وملك، اللي أخدتها لأكبر أتيليه في القاهرة، وفضلوا يختاروا مع بعض، واكتشفت إنها شخصية لذيذة جدًا.
موبايل همس رن، كانت مامتها بتطمن على امتحاناتها وبتسألها عن موعد كتب الكتاب بالضبط علشان تعرف هينزلوا إمتى هي وجوزها.
سمعت صوت ملك: "همس، شوفي الفستان ده، هيكون تحفة عليكِ."
فاتن استغربت الصوت: "مين يا همس اللي معاكِ؟ ده لا صوت هند ولا هالة؟ آية ولا إيه؟"
همس ابتسمت لملك، وشاورت لها على الموبايل، وبعدت خطوة وهمست لوالدتها: "دي ملك يا ماما."
فاتن بتهكم: "وجوزك فين لما سايبك كده؟"
همس بغيظ: "إيه سايبني دي؟ بعدين هو عارف أنا فين ومع مين. كلمتها وما اتأخرتش، في خلال ربع ساعة كانت عندي، لأني ملقتش حد ينزل معايا وسيف مشغول في الشركة وطالع عينه، وهالة، عيلة مروان رايحين عندها يصالحوهم، وهند زي ما إنتِ عارفة ظروفها، فكتر خيرها إنها ما اتأخرتش عني، ودي مش أول مرة على فكرة، ملك ما بتترددش تساعد حد."
فاتن بتهكم أكتر: "لا يا أختي، ده مش حبًا فيكِ ولا علشان هي كويسة، ده بس علشان تبلف أخوكِ و..."
همس بعصبية قاطعتها: "تبلفه ولا علشان بتحبه؟ وبعدين حتى لو بتعمل ده علشان أخويا، فدي نقطة لصالحها. أنا لو مبحبش حاجة وعملتها علشان سيف، فده علشان بحبه وعايزة أسعده. أي واحدة بتعمل حاجة لجوزها علشان تسعده، دي حاجة حلوة مش وحشة. معقولة إنتِ عايزاني أنا اللي أقولك الكلام ده؟"
فاتن ردت بغيظ: "ولا تقولي ولا ما تقوليش. يلا روحي شوفي فستانك."
قفلت المكالمة، وهمس أخدت نفس طويل تحاول تهدي نفسها وترجع لطبيعتها، وابتسمت وهي بتضحك في وش ملك: "وريني الفستان اللي عجبك."
أخدت الفستان منها، وبتتفرج عليه بس الاتنين كانوا ساكتين. ملك سألتها: "دي طنط، صح؟ هيجوا الليلادي ولا بكرة؟"
همس ابتسمت: "بكرة أعتقد. بتقولي المحروس جوزك فين، ولا الحب والشعبطة قبل الجواز بس؟"
ملك ابتسمت زيها: "لا غصب عنه. هو لو عنده وقت، مكنش سابك لوحدك أصلًا. الشركات الكبيرة دي الناس بتكون متخيلة إن صاحبها حر نفسه، مالوش مدير، يقدر يمشي براحته ويروح براحته، لكن الحقيقة غير كده. صاحب الشركة لو موقفش وتابع كل حاجة بنفسه، وإيده بإيد كل موظفينه، لا يمكن ينجح ولا يمكن شركته تكبر وتعلى."
همس بتأكيد: "ربنا يكون بعونه يارب. سيف بتعدي عليه أيام مش بينام فيها غير يمكن ساعتين أو تلاتة، ولو وصل لأربعة يقول: يااااه، أنا نمت كتير."
رجعوا يتكلموا تاني بأريحية، وهمس اختارت فستان عجبها واتأخرت بره كتير.

سلوى في البيت بدأت تقلق على همس وفكرت تتصل بيها، لكنها خافت تضايقها وسيف يزعل تاني منها،فكرت تتصل بهمس بس خافت برضه تعتبرها تدخل في خصوصيتها أو همس تكون مع سيف أصلا،  فقررت أخيرا تتصل بسيف. لما اتصلت، اتوترت وما عرفتش تقول إيه، وبدأت تتكلم في أي حاجة. ولما حست إن سيف مشغول ومستني حاجة مهمة، فكرت تقلب الحوار على آية: "هو أنا لو قلت مش هحضر بكرة و..."
سيف قاطعها بصدمة: "بقولك إيه يا سلوى، أنا على آخري. هي موضة ولا إيه؟ كل واحدة ما يعجبهاش شريك إبنها تقول مش هحضر؟ مرة فاتن، ومرة إنتِ، ولا إيه؟ ما ورناش غيركم؟ كل واحد حر يختار شريك حياته اللي هيعيش معاه براحته. بعدين، لعلمك، سبيدو أفضل حاجة حصلت لآية، راجل بجد، ويعتمد عليه، وهيعرف يسعدها ويحميها ويحافظ عليها. فبطلي نظرتك السطحية للناس، وحاولي تعرفي حقيقة البني آدم اللي قدامك وبعدها احكمي عليه."
سلوى اتغاظت من كلامه: "ربنا يسهل. اقفل، الواحد غلطان أصلًا إنه كلمك."
سيف ابتسم، لكنه قبل ما يقفل سأل: "همس رجعت ولا لسه مع ملك؟"
سلوى ابتسمت لأول مرة وحست بارتياح لأنه عارف إنها بره: "لا، لسه. هما فين؟ ولا قصدك إنها في بيت أخوها؟"
سيف وضح: "لا، نزلوا مع بعض يعملوا شوبينج." (كان هيقول يشتروا فستان لهمس، لكنه تراجع لتجنب زعلها من إن همس ما طلبتش منها هي وطلبت من ملك.) "ملك قالت لها يتمشوا شوية ويشتروا حاجات، فهمس قالت فرصة تقرب منها شوية. إنتِ عارفة المشاكل بينهم، فبتعوض رفض أمها للبنت."
سلوى ارتاحت: "طيب، أكلمها أشوف هي فين وأبعتلها نصر ولا إيه؟"
سيف طمأنها: "لا بس عايزة تكلميها تطمني عليها براحتك طبعا ، بس ملك معاها بعربيتها، هتوصلها، وأنا متابع معاها بالفون. ما تقلقيش."

هند كل شوية تكلم بدر تشوفه فين، فيرد إنه لسه هيتأخر، فقعدت متضايقة وكل شوية تعمل سيناريو خناق معاه في دماغها لما يرجع. أنس حاول يهديها أو يهزر معاها، لكنها كانت متعصبة جدًا.
أخيرًا، سمعت صوت المفتاح، وقفت مستعدة للخناق. لاحظت إن معاه حاجات كتير وأكياس أكتر، فبصتله بتحفز، إنه سيادته بيتسوق ومش على باله أصلًا هي.
بمجرد ما دخل بدر، استقبلته شزرات نظراتها. حط كل حاجة من إيده وقرب منها: "روح قلبي، متضايقة من إيه؟ للدرجة دي وحشتك؟"
كشرت أكتر: "بتهزر سيادتك؟"
مسك إيدها، لكنها زقت إيده بعيد: "هند، روحي، اشتريت شوية حاجات أخرتني. تعالي شوفي جبت إيه."
رجعت خطوة بعيد: "مش عايزة أشوف. كان ممكن تيجي البيت الأول وتطمن عليا ونتغدى، بعدها تبقى تخرج تعمل الشوبينج بتاعك براحتك."
ردد: "الشوبينج بتاعي؟ على العموم حقك عليا لو اتأخرت، بس خوفت أعمل زي ما قولتي كده. أريح وأكسل أخرج تاني. الواحد بيطحن في الشغل، ورجوعي للبيت بيبقى المحطة النهائية خلاص. الواحد بيفصل مية ونور وهوا، فمحبتش آجي وأكسل."
اقتنعت بكلامه، لكنها محبتش تعترف: "وإيه بقى المهم اللي كنت خايف تكسل عليه بالشكل ده؟"
بالرغم من تهكمها، تجاهل كلامها وراح فتح علبة كان واضح إن فيها فستان. مسك الشماعة ورفعها قدامها. كان فستان طويل من لونين، الجزء اللي فوق لحد الخصر من الشيفون الأبيض بأكمام طويلة من نفس اللون، ونازل باتساع من بداية الخصر باللون البودر. انبهرت بالفستان، وخصوصًا لما مسك أطرافه الشيفون الواسعة وعلق: "فستان سواريه للحوامل. الشيفون الواسع ده مش هيضايقك على بطنك، وفي نفس الوقت هيبقى حلو عليكِ، علشان تحضري بيه كتب كتاب آية بكرة. يارب يعجبك يا روح قلب بدر وعشقه."
بصت لعينيه وهي بتفكر في كل لحظة كانت ناوية تتخانق معاه فيها، وفي وقوفها قصاده ونرفزتها، وهو بيلف علشان يفاجئها بحاجة زي دي. عجزت تنطق بحرف واحد، فبدر قلق، حط الفستان من إيده وقرب منها ومسك وشها: "روحي، حقك عليا بجد، كنت عايز أفاجئك."
عيطت، فضمها بتوتر: "للدرجة دي يا هند زعلانة مني؟"
ضمها أوي، وهي دفنت وشها في حضنه وعلقت بعياط: "لا، مش زعلانة. أنا بحبك."
استغرب، وبعدها بعد عنها، مسح دموعها بحيرة: "بتعيطي ليه طيب لو مش زعلانة؟"
علقت من بين دموعها وبغيظ: "علشان دي هرمونات الحمل المتخلفة اللي محسساني إني بقيت كائن غبي متخلف جاحد و..."
قاطعها بحب وهو بيمسح أي أثر لدموعها: "روح قلبي إنتِ، ما تعيطيش طيب. هرمونات الحمل دي تشاور وكلنا ننفذ. إنتِ أجمل كائن ربنا خلقه، فاهمة؟ وأنا بعشقك بكل حالاتك."
قاطعهم أنس اللي كان بيحمحم: "وبعدين؟ هي وصلة الحب دي مش هتخلص؟ ما خلاص يا هنود، هو بيحبك ومعبرش حد غيرك بقميص حتى."
أضافها بهزار علشان يخرجهم من جو العياط، بس بدر رد: "يا بارد، مين قالك إني معبرتش حد؟"
أنس جري على الأكياس: "جبتلي حاجة يعني؟ أفتح؟"
بدر ابتسم: "افتح يا لمض."
اتفرج على الطقم اللي أبوه جابه، واستغرب إزاي عرف ذوقه، لأنه مكنش عايز بدلة وكان عايز حاجة كلاسيك. بص لابوه بفرحة: "مجبتش بدلة ليه؟ مين قالك إني..."
قاطعه بدر: "مين ممكن يفهمك أكتر من أبوك؟ هاه؟ لسه عندك شك في ده؟"
أنس حضن أبوه: "حضرتك أجمل أب في الدنيا."
هند أضافت: "وأجمل زوج، وأجمل كل حاجة."
بدر بخجل: "وبعدين كده هتغر وأصدق، ومش هتعرفوا تكلموني."
كلهم ضحكوا، وبدر ضمهم الاتنين بحب لقلبه.

سيف مع سبيدو خلصوا اجتماعهم ونقاشهم، وقبل ما يركب عربيته سأل: "عملت إيه مع الجرسون؟"
سبيدو ابتسم: "اطمن، كل حاجة في التمام. المهم، أنا بكرة أوف، أوك؟"
سيف بهزار: "ليه؟ الصبح وراك إيه إن شاء الله؟"
سبيدو بغيظ: "هجيب أمي من المطار، جاية هي وجوزها عبد الرحمن العدوي. عندك مانع؟"
سيف ابتسم وركب عربيته وتحرك.

في مكان تاني، رن تليفون، فرد الشخص بسرعة: "أيوه يا أفندم."
"نفذت اللي طلبته منك؟"
رد بنفس السرعة: "زي ما حضرتك قلت بالظبط. أقنعتهم إني معاهم وهقول كل اللي عايزني أقوله. اطمن يا باشا، كله تمام."
الفصل الرابع والستون من هنا
تعليقات



×