![]() |
رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الخامس بقلم دينا جمال
أغلق جاسر الخط مع حمزة يتأفف حانقا ذلك المجنون العنيد المحتذلق لما يتحداه لما لا يرفض فقط كما فعل من سبقوه الآن ، كان أمله الأخير أن ييأس رعد من البحث عن وظيفة ويعود إليه ولكن بعد ظهور حمزة تبددت تلك الفكرة، ظل لعدة طويلة يبحث عن حل بديل إلى أن وجد واحدا لا يعرف إن كان سيجدي نفعا أم لاء ولكنه الأمل الأخير تقريبا ! ، التقط هاتفه يتصل برقم شقيق حمزة الكبير عله يقنعه بأن يقنع أخيه أن يتراجع ، انتظر بضع لحظات إلى أن أجاب ليسمع صوته يغمغم مرحبا :
-اهلا اهلا ، الشيطان بنفسه بيتصل خير يا أبو الاجسار حصل إيه
تأفف جاسر حانقا لا يكره شئ في حياته سوى ذلك اللقب اللعين الذي لا يستطيع التخلص منه :
- هيحصل ايه يعني ، حمزة أخوك واخد ابني يشغله معاه عِند وخلاص لو سمحت كلمه وقوله ما ينفعش اللي هو بيعمله دا إحنا مش عيال صغيرة بتلعب
سمع صوت من على الهاتف يردف ساخرا :-
- حيلك حيلك يا عم الشيطان وقولي الموضوع من أوله عشان أعرف أحكم مين الغلطان
تنهد بحمزة ليقص على صديقه ما حدث في الفترة الماضية وعليه سمع الأخير يغمغم ساخرا:
-وزعلان أنه مشي ، دا أنت تحمد ربنا أنها جت على قد كدة ، أنا لو منه هتجوز عرفي واجيلك بيها لحد البيت عشان اجلطك ، وبعدين حمزة أخويا مجنون ما بيسمعش لحد غير لنفسه ، هو بيشوف الناس كلها ماشية إزاي ويمشي عكسهم
تأفف جاسر حانقا ليردف منفعلا :
-أنت مش أخوه الكبير وأكيد ليك كلمة عليه
ما إن أنهى كلامه انفجر الطرف الآخر في الضحك يغمغم ساخرا من بين ضحكاته :
-لاء هو الكبير هو مولود قبلي ب3 دقايق ، وبعدين أنا قولتلك حمزة عندي جداا ، دا أنا مرة كنت بتخانق معاه في حوار مش فاكره والله بقوله احترمني دا أنا مقام أبو مراتك يعني حماك ، قالي لما بتبقى تحترم أنت حماك ابقى احترمك أنا وهو عنده حق أنا ما بطقش حمايا
وانفجر يضحك من جديد ليتأفف حمزة حانقا ، مَن الذي اوقعه في هؤلاء المجانين من البداية ، كاد أن يقول شيئا حين بادر هو يقول من جديد :
- ما تعاندش مع حمزة ، وبعدين الواد مش هيشتغل عتال يعني دا في شركة كبيرة وما تقلقش هيتعامل أحسن معاملة وأنت حاول تصلح علاقتك بيه وساعتها حمزة بنفسه هيرفده ، يلا روح شوف وراك سلام
وقبل أن يغلق الخط سمع صوته يحادث أحدهم على الطرف الآخر :
يا بسبوسة استني بس أنتِ بتهربي فين
أبعد جاسر الهاتف عن أذنه يقطب جبينه مندهشا هل تلك العائلة مجانين لتلك الدرجة حتى يطارد الشقيق الآخر حلوى ( البسبوسة) ويطلب منها أيضا ألا تهرب منه !!
تأفف حانقا ينظر للفراغ قلقا ما كان يخشاه حدث بسببه ، قسوته على رعد لم تحميه كما ظن بدل دفعته ليكن شخصا آخر لن يغفر قريبا أبدا ، لم يعد يستطيع البقاء أكثر يشعر بالإرهاق يخترق خلاياه قام التقط سترته ليخرج من الشركة عائدا للبيت
_______________
على صعيد آخر في شركة حمزة ، خرج رعد من الشركة يكاد يطير من الفرح اخيرا تم قبوله وفي شركة كبيرة ،وفي مركز ليس بالهين من الجيد أن حمزة كمن سبقوه وخافوا من بطش والده ، أما هو فلا لم يفعل بل رحب به للغاية ،توجه إلى وجهته التالية حيث منزل طرب الذي أوصله عندها بالأمس لازال يذكر العنوان استقل سيارة أجرة متوجها إلى مكانها لا يعرف لما سيذهب إليها لو أعاد التفكير مرتين لما ذهب إليها من الأساس ، وصل أمام العمارة دفع للسائق نقوده ودخل ليتوقف فجاءة متذكرا أنه لا يعرف في أي طابق تسكن من الأساس ، توجه إلى حارس العقار الذي لم يسأله حتى من هو ؟ ، أقترب منه حمحم يغمغم :
-مساء الخير يا عم الحج ، معلش الآنسة طرب ساكنة في الدور ، أنا زميلها و
ودون أن يدعه الراجل يكمل حجته الواهية غمغم بلامبلاة قبل أن يرفع كوب الشاي يرتشف منه بصوتِ عالي :
-الدور الرابع الشقة اللي على اليمين يا أستاذ
شكره متعجبا من ذلك الرجل ، ليأخذ المصعد ما أن أغلق المصعد بابه أخرج البواب الهاتف من جيب جلبابه يطلب رقم ما يغمغم سريعا ما إن أجاب الطرف الآخر :
-ايوة يا باشا زي ما جنابك قولت جه يسأل عنها ، وقولتله علي الدور الرابع وهو طلع دلوقتي
وصل رعد إلى الطابق الرابع خرج من المصعد ليتوجه إلى باب منزلها وقف أمام الباب المغلق يتنهد مرتكبا لا يعرف كيف سيعرف نفسه لمن سيفتح له ، رفع يده يدق الباب دون أن يفكر من جديد انتظر دقيقة تقريبا إلى أن فتحت له الباب سيدة مستنة بشوشة ترتدي حجاب فضفاض وجلباب كلاهما من اللون الأسود ، ابتلع لعابه مرتبكا حين سألته السيدة من يكون ، حاول أن يختلق كذبة ما فوجد نفسه يقول :
-أنا رعد ، أنا ...
-أنت اللي أنقذت وتر من الغرق إمبارح
توسعت عينيه اندهاشا للحظات يتنهد بارتياح ليومأ لها لتبتسم السيدة بحبور تفسح له المجال ليدخل تردف مرحبة :
-يا اهلا وسهلا أدخل يا ابني ، أنا بجد مش عارفة أشكرك إزاي على اللي عملته مع بنت أختي ، خش ما تتكسفش
ابتسم لها متوترا قبل أن يخلع حذائه جانبا دخل إلى البيت ، ينظر حوله متوترا وتلك السيدة المسنة تتحرك أمامه ترشده إلى غرفة الجلوس وصل إليها لتطلب منه إن يجلس وتركته وغادر ، جلس يحرك ساقه متوترا ، صوت داخله يحثه على المغادرة في الحال ، ما أن حسم قراره وقرر المغادرة رأى تلك السيدة تعود للغرفة من جديد تحمل صينية مشروبات عليها كأسي عصير ، وضعتها على الطاولة أمامه تحادثه برحابة :
-أنا بجد مش عارفة اشكرك إزاي ، طرب من بعد اللي حصلها يا عيني بقى على طول عندها اكتئاب على فكرة دي مش أول تحاول تنتحر بس أنا كنت دايما بلحقها الحمد لله ان ربنا بعتك نجدة ليها
أراد فضوله اللعين أن يعرف بشدة بما مرت في الطبيعي لم يكن ليسأل ولكن بما أنه يوم العجائب فلا ضرر من السؤال إطلاقا ، حمحم يغمغم متوترا :
-أنا بعتذر لو انا فضولي بس هو ايه اللي حصلها
والجواب كان تنهيدة طويلة حزينة خرجت من بين شفتي السيدة العجوز ، ليغطي الحزن ملامح وجهها تغمغم حزينة:
-قول ما حصلهاش ايه ، يا عيني عاشت طفولة زي الزفت مع أب مريض سُكري ما بيبطلش ضرب فيها ليل ولا نهار ، أمها اللي هي أختي اتطلقت منه وللأسف ما عرفتش تاخد البنت فطلع المجنون دا عقده عليها ، ولما ربنا رحمها منه بعد سنين وردها لحضن أمها ، كانت للأسف بتحتضر من السرطان ما لحقتش تشبع منها وماتت قدام عينيها من كام شهر ، من ساعتها وهي متدمرة والدكتور قال عندها اكتئاب حاد وحاولت تنتحر كذا مرة
شعر بحرارة سخيفة تحرق مقلتيه ليشعر بشئ ما يسيل على وجهه ، كان يبكي دون حتى أن يشعر رفع يده يمسح دموعه سريعا ، في حين بكت السيدة العجوز حين أكملت بحرقة قلبها الملتاع !:
-أنا خايفة عليها أوي يا ابني ، طرب اللي شافته مش قليل ، دي بتخاف تنام بليل دايما تقول أن أبوها المجنون دا هيجي يضربها بليل زي ما كان بيعمل ، طرب طفلة ما عشتش طفولتها والله يا إبني ، أنا مش عارفة أعمل ايه ، على طول بتعاند وما بترضاش تاخد الادوية بتاعتها ، وما عاندهاش أصحاب أوصي حد منهم ياخد باله منها ، وأنا ست كبيرة مش هقدر ألف وراها في الشوارع
وانفجرت تبكي خوفا على إبنة شقيقتها ليتأثر هو حزينا وتدمع عينيه من جديد ، قام من مقعده يجلس بالقرب من مقعد السيدة العجوز يحاول أن يواسيها :
-صلي على النبي يا أمي ، هتتحل بإذن الله .. يمكن زي ما قولتي ربنا باعتني ليها عشان كدة
نظرت له السيدة سريعا بلهفة وكأنه طوق نجاتها الوحيد في الدنيا ، لتقطب جبينها قلقة تحادثه بحذر :
-أنت ، أيوة بس أنت ، أنت صحيح انقذتها ودا يقول أنك شاب طيب وابن حلال بس سامحني أنا ما اعرفكش بردوا
محقة ولا يمكن أن يلومها على قلقها ذاك وعليه أن يطمئنها بأنه ليس شاب فاسد سيؤذي ابنة شقيقتها مد يده يربت على كف يد العجوز
يغمغم مترفقا :
- أنا عارف أنه حقك تبقي قلقانة طبعا عليها ، خصوصا أنك ما تعرفنيش ، بس يشهد ربنا يا حجة أن أنا مش غرضي ااذي بنت أختك بأي شكل ، وإني هحاول اساعدها بكل طاقتي عشان تتجاوز اللي هي فيه
أشرق وجه السيدة العجوز فرحا لترفع كفيها تدعو له ، ليبتسم لها يردف:
-هي فين طرب صحيح
أنزلت السيدة يديها تلتفت له تغمغم سريعا :
-في الأغلب هتلاقيها عند الكورنيش هي دايما هناك ، هتروحلها يا إبني
يمكن أن تكن في نفس المكان الذي حاولت الانتحار منه ليلة أمس ولما لا، اومأ برأسه لينهض عن مقعده يردف :
- ايوة يا حجة ، هروح اشوفها في نفس المكان خير بإذن الله ما تقلقيش
تحرك خطوة واحدة ليشعر بيدها تقبض على ذراعه التفت لها يقطب جبينه لتبتسم تغمغم سريعا :
-هتمشي من غير ما تشرب العصير ما تجيش أبدا يا ابني ، دا ربنا يعلم أنا حبيتك زي ما تكون ابني تمام
اعتذر منها لتحاول إقناعه أن يشرب ولو القليل ولكنه رفض تماما ، اعتذر منها وخرج من المنزل نظرت من ثقب الباب إلى أن تأكدت أنه دخل إلى المصعد ، لتهرع إلى هاتفها تطلب رقمه انتظرت بضع لحظات قبل أن تغمغم سريعا :
-ايوة يا باشا جه زي ما قولتي وقولتله اللي قولتلي عليه بالظبط والنحنوح صدق دا عيط من كتر ما هي صعبت عليه ، ايوة قولتلها أنها عند النيل دلوقتي، بس ابن الهرمة ما رضييش يشرب العصير اللي كنت حطاله فيه أول جرعة ، ماشي يا باشا اللي تؤمر بيه ، سلام
____________
في منزل جاسر مهران قرابة الخامسة عصرا في غرفة يوسف ، أغلق يوسف الكتاب الذي أمامه رفع كفيه يمسح وجهه يتنهد حائرا ، من ناحية يود إلا يرى وليد لما بقي من حياته ومن ناحية أخرى ضميره يرغمه على مساعدته لا يرغب في تركه في ذلك الموج الأسود فهو صديقه رغم كل شئ ، أجفل على صوت هاتفه يدق برسالة ، التقطته يفتحه ليبصر رسالة طويلة من وليد بعث له فيها
( أنا ما كنتش متخيل أنك تعاملني بالطريقة دي يا يوسف ، أنا حقيقي ندمان إني عبرتلك عن مشاعري كنت فاكرك هتفهمني بس طلعت زيك زي أغلب الناس ، عايز أقولك أن الموضوع بقى عادي في بلاد كتير برة ، بلاد متحضرة حتى ما بيقولش كلمة شاذ دي بيقولي مثلي وليهم حقوق وبيتعاملوا عادي أنا بس كنت عايزك تدي مشاعرك فرصة ! )
حرك يوسف أصابعه على سطح شاشة هاتفه يرسل له ( كل التبريرات اللي أنت بتقولها دي ، بتقولها عشان عارف ومتأكد من جواك اللي بتعمله دا غلط ، اختلفت المسميات يا وليد والنتيجة واحدة وقولتهالك قبل كدة ، أنك شاذ عن الفطرة اللي خلقنا بيها يارب ، ياريت تفوق يا وليد قبل فوات الأوان )
وأغلق الهاتف يلقيه جانبا قام من مكانه يلتف حول نفسه يحاول إيجاد حل لتلك المعضلة ، تفكيره ذهب بأن يخبر أبيه ، هو أكبر سنا وبالتالي لديه من الخبرة ما سيمكنه من حل تلك المعضلة ربما ، تردد عدة مرات إلى أن قرر اخيرا أن يذهب إليه نزل إلى أسفل يبحث عنه
في غرفة المعيشة قرابة الخامسة مساءً يجلس علي الأريكة المقابلة لشاشة التلفاز المسطحة رغم ذلك عينيه لا تحيد عن شاشة هاتفه الجوال يتابع أسعار أسهم البورصة الخاصة بأسعار الأسمنت يلتقط كوب الشاي الخاص به يرتشف منه بين حين وآخر ليضعه مكانه من جديد ، أما هي فتجلس علي مقعد جواره تشاهد أحد الأفلام القديمة أمامها طبق صغير به بعض بذور عباد الشمس أجفل كلاهما علي صوت حمحمة تأتي من ناحية باب الغرفة رفع جاسر وجهه عن شاشة هاتفه والتفت رؤي ابتسمت تغمغم :
- ادخل يا يوسف واقف ليه يا حبيبي
نقل يوسف عينيه بين والدته وأبيه ليتراجع عن ما كان سيقول تلعثم يغمغم مرتبكا :
- لاء خلاص وقت تاني أنا هطلع اذاكر
- استنى يا يوسف
غمغم بها جاسر بصرامة لتثبت قدمي الأخير التفت إلي أبيه من جديد يبتلع لعابه متوترا ربت جاسر علي سطح الأريكة المجاور له يردف بنبرة أكثر لينا :
- تعالى أقعد هنا جنبي ، كنت عاوز إيه
تحرك يوسف سريعا يجلس جوار والده مرتبكا يفرك يديه متوترا نظر ناحية والدته عدة مرات ليخفض عينيه أرضا انتفض حين غمغم جاسر محتدا :
- في أي يا ابني ما تنطق
نظر صوب والدته للمرة الأخيرة ليخفض صوته يهمس لأبيه مرتبكا :
- هو ينفع نروح مكتب حضرتك أو أي مكان لوحدنا
هنا فهمت رؤى أن صغيرها لا يرغب في التحدث أمامها تركت الطبق من يدها وقفت من مقعدها تغمغم مبتسمة :
- هعملكوا عصير في الحر دا بدل الشاي
ابتسم جاسر يومأ لها تحركت للخارج ظل يوسف يتابعها حتي اختفت من أمامهم تماما هنا التفت لأبيه يسأله سريعا :
- بابا يعني ايه مثلي !! ، واحد صاحبي في الدرس قالي كلام غريب كدة أنا ما فهمتوش وعايزني أشاركه فيه أنا حاولت انصحه كتير بس هو رافض يسمع أي كلام ، أنا صعبان عليا اسيبه في الطريق دا ، دا كان أعز أصدقائي
تنهد جاسر يفرك جبينه متعبا ، صدق من قال أن المشاكل لا تأتي فردا الأول رعد وانقلابه عليه ، والآن يوسف وصديقه ذاك ، عليه أن يتصرف في ذلك الموضوع أولا قبل أن يجر ذلك الشاب ولده إلى فوهة سوداء مريضة
رسم ابتسامة بسيطة على ثغره يغمغم بهدوء :
- ربنا سبحانه وتعالى قال ( إنا خلقانكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم )
ربنا سبحانه وتعالى لما خلق سيدنا آدم ، خلق من ضلعه ونيس ليه وهي ستنا حوا ، وبعد ما الشيطان خدعه وأقسمله باسم الله أن دي شجرة الخلد وسيدنا آدم أكل منها ونزل هو السيدة حواء الأرض وبقوا هما المسؤولين عن إعمار الأرض ما فيش غيرهم ، ربنا سبحانه وتعالى خلق آدم وخلق ليه أنثى مختلفة عنه في تكوينها ، أضعف منه عشان يحميها فيها حنية وطيبة ومشاعر عشانه ، عشان يكملوا بعض ، عشان حوا هي اللي هتخلف بعد كدة والأرض تعمر ، ميزان المعادلة محسوب بالشعرة يا يوسف ، أنت عارف الحكاية بدأت منين يا يوسف بعد ما خلاص أتعرف مين العدو وهو إبليس وبعد قرون كل فترة بتيجي أمة ومعاها رسول يدعوا الناس لله ويجي الشيطان يتفنن في الغواية وتبدأ المعركة ويفوز اللي يتبعوا الرسل ويخسر اللي مشيوا ورا الشيطان ، عند سيدنا لوط عارف ايه اللي حصل لقوم سيدنا لوط يا يوسف
اومأ برأسه يغمغم سريعا :
-ايوة ربنا أمر الملائكة أنهم يخسفوا بيهم الأرض
ابتسم جاسر يومأ يوافقه قبل أن يردف يكمل له :
-مش بس كانوا شواذ دول كانوا بيتباهوا بكونهم خارجين عن الفطرة ، سيدنا لوط هو ابن أخو سيدنا إبراهيم ، سيدنا لوط كان في قوم في الشام اسمهم سدوم يدعوا الناس فيها لعبادة الله ، قوم سدوم كانوا ناس غريبة بيتمعتوا بفعل الفواحش كانوا بيعملوا كل حاجة غلط لحد ما زهقوا من الغلط التقليدي غش ، سرقة ، خيانة... خلاص بقى زهقنا عايزين نجدد ابليس يسكت دخل بينهم يفكروا كدة في فكرة جديدة هوب طلعوا في فكرة طب ما نخالف الفطرة بدل ما نعاشر السيدات لاء إحنا هنغير ، المشكلة اللي تضحكك أن الموضوع بدأ عندهم اللي هو إحنا بنعمل كدة عشان نبقى عملنا كل الفواحش لحد ما وصل بيهم الحال أن شهواتهم بقت للرجالة وخرجوا عن الفطرة ، وسيدنا لوط بدأ يدعوهم اللي بتعملوه دا غلط دا ذنب وفاحشة كبيرة وتوبوا إلى الله ولكن لا حياة لمن تنادي ،لاء وكانوا بجحين لدرجة أنهم هددوا سيدنا لوط أنت لو ما بطلتش الكلام دا إحنا هنطردك من القرية ، سيدنا لوط زيه زي كل الأنبياء ما استسلمش وبدأ يدعوهم مرة واتنين وتلاتة وأربعة ويحذرهم من عذاب ربنا العظيم اللي هيحل بيهم ولكن لا حياة لمن تنادي ، هنا سيدنا لوط دعا ربه أنه ينصره على قومه الكافرين وأنت عارف طبعا أن دعوى الأنبياء مجابة ، بعدها ربنا أرسل 3 ملائكة سيدنا جبريل وميكائيل وإسرافيل كانوا متجسدين في شكل ثلاث رجال ويقال أنهم كانوا على قدر كبير من الوسامة راحوا لسيدنا لوط ، سيدنا لوط رحب بيهم ما كانش يعرف في الأول أنهم ملائكة فكان خايف جداا على ضيوفه من ظلم قومه ، طبعا زوجة سيدنا لوط اللي كانت ضد زوجها وبتحب وبتأيد اللي قومها بيعملوه أول ما شافتهم خرجت تتسحب وراحت جري على أهل قريتها وبلغتهم باللي شافته ، والقوم فعلا ما صدقوا راحوا على بيت سيدنا لوط وبدأوا يطلبوا منه إن يسلمهم الضيوف اللي عنده وسيدنا لوط بيحاول بشتى الطرق يمنعنهم من دخول البيت ، في الوقت دا كان الثلاث رجال قاعدين في هدوء تام وقاموا وطمنوا سيدنا لوط أنهم ملائكة من عند الله وجايين عشان يحلوا بالظالمين العذاب ، وأن سيدنا لوط لازم ياخد القلة القليلة اللي اتبعوه ويمشي من القرية دي بليل يسبها ، وما يبصش وراه لأن صوت العذاب هيبقى عظيم ، وقالوله زي ما جه في القرآن ( إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ) ومع بداية الفجر بدأ العذاب أمر الله الملائكة أنهم يخسفوا بيهم الأرض ويجيبوا عاليها سافلها ومش بس كدة ربنا سبحانه وتعالى أرسل عليهم حجارة من سجيل عشان تبيدهم تماما وفضلوا عبرة لمن يعتبر على مر العصور ، ويقال إن مكان القوم دا البحر الميت اللي هو شديد الملوحة دا
أنت متخيل العذاب عامل إزاي ، ولكن بما أن إبليس كان حاضر الوقعة وشاف مدى العذاب اللي اتعرضوله ومدى الإثم اللي بيرتكبوه أصحاب الفاحشة دي وأنها من الكبائر فبدأت حربه من جديد ، لو اقنع واحد وخلاه يتبع نهج قوم لوط ، كان الشخص دا المجتمع والناس حتى حجارة الأرض بتنائى أن هو يمشي عليها ولكن بما أننا في زمن ما يعلم بيه إلا ربنا فأنت هتلاقي داعمين للجُرم اللي كان عذابه عظيم ، وبيحاولوا يأيدوه ويدعموه ويقولك دا حرية شخصية ولازم نحترمها ، أنا مستعد احترم حريتك الشخصية لو أنت بتحب اللوبيا وما بتحبش الفاصوليا إنما تقولي حرية شخصية في فاحشة وذنب ومن الكبائر كمان ، نتشبه بقوم كان عذبهم أن الأرض اتخسفت بيهم ، لازم تفتكر الكلمتين دول كويس يا يوسف عشان لا وليد ولا أي حد غيره يأثر على تفكيرك ، فاهمني
اومأ يوسف موافقا يبتسم لأبيه كاد أن يقول شيئا حين بادر أبيه يغمغم مرة أخرى بهدوء :
-وبالنسبة لوليد أنا من رأيي أنه يتعرض على دكتور نفسي وأنا هكلم جاسر في الموضوع دا ، وكمان هكلم والده احاول امهدله الموضوع ونشوف هيحصل ايه بإذن الله خير
ابتسم يوسف سعيدا ليعانق أبيه بقوة يغمغم ممتنا :
-متشكر يا بابا بجد مش عارف أشكرك إزاي ربنا يخليك لينا يارب
ابتسم يعانق ولده يربت على رأسه ، ليعقد جبينه في تلك اللحظة لا يتذكر آخر مرة عانق فيها رعد وهل عانقه من الأساس من قبل ؟!!!
___________
في منزل إيمان وعلي
في غرفة شريف الأبن الأكبر نظر شريف لساعته ليجدها السادسة يعرف أن مرام لديها محاضرات اليوم حتى الثامنة ، سيذهب إليها ويأخذها من جامعتها ويخرجا سويا اشتاق لها منذ شهرين وهو غائب ، تحرك للخارج ليسمع والدته تحادث شقيقته :
-خالك عمرو زعل على فكرة لما عرف أنك بتدوري على تدريب في مكتب ديكور برة وكلم جواد وهتنزلي تدربي عنده من بكرة
توسعت حدقتيه لا مستحيل أن يحدث ذلك ، جواد سيدمر شقيقته ، أقترب من غرفة المعيشة كاد أن يصرخ رافضا ما يحدث ولكنه صمت حين رأى تلك الابتسامة الكبيرة الحالمة ولمعة عيني ليان التي أخرسته تماما ، تنهد بعمق عليه أن يقنعها بأن تعدل عن قرارها ذاك وليان عنيدة لن تقتنع بسهولة ، خرج من البيت يستقل سيارته صوب جامعة ليان ، بعد نصف ساعة تقريبا وصل إليها أوقف سيارته خارجا لينزل ، دخل إلى الجامعة ليراها تجلس هي ومجموعة من صديقاتها على طاولة كبيرة خارج المدرجات ابتسم يرفع يده يلوح لها ، ليرى كيف توسعت حدقتيها وأصفر وجهها ، قامت سريعا من بين صديقاتها توجهت نحوه تعقد جبينها تهمس له غاضبة :
-شريف أنا كام مرة قولتلك ما تجيليش الجامعة غير وأنت لابس البدلة الميري بتاعتك ، ايه اللي أنت لابسه دا
قطب جبينه غاضبا هل سيقضي الباقي من عمره يرتدي حلته الرسمية لأجل الآنسة المصون مرام تريد ذلك ، لا بالطبع لن يفعل
مد يده يمسك بكف يدها يهمس محتدا :
-ما تتكلميش معايا بالأسلوب دا خالص يا مرام لو اتكررت تاني هيبقى كل اللي بينا انتهى ، وبعدين ايه موضوع البدلة الميري معاكِ أنتي مخطوبالي ولا مخطوبة للبدلة الميري يا مرام هانم يا بلوجر يا معروفة
توترت قسمات وجه مرام ماذا تقول أنا أحبك بالطبع ولكن أحب حلتك الرسمية ومركزك العسكري أكثر بألف مرة ، أنت لا تفهم مستقبلي في الشهرة بالكامل يعتمد عليك يا عزيزي ، أمسكت كف يده تغمغم سريعا :
-ايه اللي أنت بتقوله دا يا شريف لاء طبعا أنا بحبك ، وبحبك أوي كمان ، أنا آسفة إن كنت ضايقتك أو انفعلت أنا بجد آسفة
ذلك الإعتذار السطحي التي تجبر شفتيها عاى نطقه لم يقنعه تمام ولكنه تغاضى وابتسم لها :
-ماشي يا مرام ، عشان أنا بحبك بس ، يلا بينا لو خلصتي عشان نخرج
ابتسمت سعيدة تتعلق بذراعه لم تنسِ طبعا أن تخرج هاتفها وتلتقط صورة لها معه وترفعها على أحد مواقع التوصل مع جملة سخيفة كعادتها ( احلى مفاجأة من خطيبي ، يا بخت اللي ظابط يحبها )
___________________
على صعيد آخر ، اخيرا وصل لوجهته حادث مروع على الطريق أدى لغلق الطريق لأكثر من ساعة إلى أن أخيرا فُتح الطريق وتحركت السيارات ، ووصل إليها رآها تجلس في نفس المكان تضم ركبتيها لصدرها تنظر صوب النيل تهبط دموعها في صمت ، هو يظنها حزينة على موت والدتها وهي تبكي اشمئزاز من نفسها ، لأنها تشترك في تلك الخطة اللعينة لأن لديها في حقيبتها جرعة المخدر الأولى التي يجب أن تدسها في أي من مشروباته ، لأنهم احتجزوا ملاك رهينة وهناك من يراقبها إن لم تفعل ما قيل لها سيقتلوا شقيقتها ، أجهشت في البكاء ترفع كفيها تغطي بهما وجهها لا سبيل لها سوى ذلك ، أقترب رعد منها يغمغم سريعا :
-آنسة طرب ممكن تهدي ، خلاص اللي حصل حصل اهدي أرجوكِ
حركت رأسها للجانبين بعنف هو لا يفهم ، لا يفهم أنها مجبرة على قتله وهو لم يفعل لها شيئا هو يحاول أن يساعدها وهي ستلقيه بيديها إلى الموت ، أجفلت على صوته يغمغم:
-أنا هروح اجبلنا عصير من بتاغ العصير دا، اهدي أرجوكِ
وتركها وغادر سريعا لتجد ذلك الرجل الذي يقف يراقبها يشير لها أن تفعل ما امروها به وإلا !!
بناء على رغبة القراء هنحط في بداية كل فصل كل عيلة بولادها عشان الناس اللي لسه بتتلغبط
ياسر كان ليه بنت من مراته اللي ماتت قبل ما يتجوز نرمين اسمها سما جوزها اسمه مصطفى
______________
عاصم أخو رؤي خال العيال اللي كان بيحب تهاني واتجوز حلم في الجزء التاني عنده ولدين
حسين الكبير مهندس ، مراد الصغير في ثانوية عامة ساقط سنة
_____________
رؤى كان ليها جيران أخ وأخت ساكنين سوا اللي هما عمرو وايمان
ايمان اتجوزت علي صاحب جاسر وعندها شريف الكبير ظابط شرطة ، وليان الصغيرة المدلوقة على الجاموسة جواد
_________
أما عمرو فاتجوز روان بنت صاحب الشركة اللي كان شغال فيها وخلف ولد وبنت
جواد جاموسة متنقلة مهندس ديكور
ومرام دلوعة ماما 22 سنة في كلية إعلام ومخطوبة لشريف ابن عمتها
________
فاضل طرب وملاك ، ومليكة وتوحة وكل الناس دي هنعرف اصلهم وفصلهم فيما بعد
لما تتلغبط اطلع بص هنا وكمل الفصل عادي
نبدأ الفصل ❤
______________
-أنا هروح اجبلنا عصير من بتاغ العصير دا، اهدي أرجوكِ
وتركها وغادر سريعا لتجد ذلك الرجل الذي يقف يراقبها يشير لها أن تفعل ما امروها به وإلا !! ، هبت واقفة تُسرع خطاها إلى أن باتت خلفه أمسكت ذراعه تمنعه من التقدم التفت لها مدهوشا يرفع حاجبيه متعجبا مما فعل لتحمحم مرتبكة :
-أنا مش عايزة أشرب حاجة معدتي وجعاني أوي
ابتسم لها ليحمحم متوترا ينزع ذراعه من بين كفيها عاد خطوة للخلف يتمتم مرتبكا :
- تمام ماشي ، تعالي نقعد على النيل
اومأت له مرتبكة تحاول ألا تنظر صوب ذلك الذي يراقبها من بعيد ، تحركت تسير جواره إلى المقاعد البلاستيكية الموجودة على ضفاف النيل ، جذب لها مقعد لتشكره بابتسامة باهتة توجه انظارها للمياه أمامها تنظر إليها شاردة خائفة حياة شقيقتها بين يديها ولكن ذلك المسكين الجالس جوارها لا ذنب له ، أجفلت على صوته يهمس لها بنبرة هادئة لينة :
-آنسة طرب ، أنتِ كويسة ؟
صوته وهو يهمس باسمها بعث فيها رجفة لم تعرف لها سببا ، سمعت اسمها مئات المرات مجدوا اسمها اولائك السكارى والمخمورين ولكن صوته وهو يهمس باسمها قلقا ، أشعرتها بشئ غريب دغدغ حواسها ، لفت رأسها إليه وابتسمت حزينة حركت رأسها بنعم وكل ذرة فيها تنفي أنها بخير ليحمحم من جديد يردف :
-أنا ، أنا روحت بيتك وقابلت خالتك ، طيبة أوي وبتحبك أوي شكلها
اخفضت رأسها لأسفل تبتسم ساخرة ، لما يجب أن يكن بتلك الطيبة ليصدق خدعتهم ، كل لحظة تشمئز من نفسها أكثر ولكن ما باليد حيلة
رفعت رأسها إليه حين سمعته يردف يواسيها :
- هي حكتلي عن اللي حصلك ، شوفتي كتير وأنا ما اقدرش أنكر دا ، بس عمر الانتحار ما كان حل ، مش يمكن ربنا بيختبر صبرك ، والدتك ارتاحت من عذاب مرضها ، لازم تكوني فرحانة ليها أنها ارتاحت ما كنتيش هتستحملي تشوفيها بتتعذب قدامك
- بس بقى اسكت ، اسكت إنت مش فاهم حاجة
صرخت بها فجاءة هبت من مقعدها تتحرك صوب السور الفاصل بينهم وبين النيل وقفت هناك تنظر للمياه تنهمر دموعها الأحمق لا يفهم شيئا ، يواسيها يحاول أن يخفف عنها ، لما يفعل ذلك ، لما يجب أن يكن بتلك الشهامة لما لم يتركها ويقل لنفسه أن الأمر ليس من شأنه ويمضي في حياته قدما ، دق هاتفها في تلك اللحظة حين أخرجته من جيب سروالها رأت رسالة من رقم غريب عبارة عن فيديو لملاك شقيقها وهي راقدة على فراش غائبة عن الوعي ورجل ضخم الجثة يقف أمامها ينظر إليها نظرة خبيثة سوداء تعرفها جيدا وأسفل الفيديو كتب لها ( لو ما حطتلوش الجرعة الأولى ، هبعتلك فيديو تاني لأختك بس وهو بيغتصبها يا قلبي )
شهقت مذعورة تضع يدها على فمها أصفر وجهها من الخوف تنهمر دموعها ذعرا ، هب رعد متوجها إليها لتسرع تدس الهاتف في جيب سروالها ، رفعت يديها تمسح دموعها تغمغم سريعا:
- أنا آسفة ، أنا بجد آسفة عشان زعقتلك ، بس أنت عارف أنا حالتي النفسية وحشة أوي ، أنا هروح أجيب عصير
ودون أن تعطيه الفرصة للنطق بحرف هرولت تركض صوب محل عصير شعبي بالقرب منهم طلبت منه كوبين من عصير ( قصب السكر) من البلاستيك التقطت أحد الكوبين تُدس فيه خفية تلك المادة البيضاء السامة كل ذرة بها ترتجف وضعت أقل القليل منها واسقطت الباقي أرضا دون أن يراها ذلك الذي يراقبها ، حين رفعت رأسها إليه رأته يبتسم يهز رأسه برضا يشير لها بأنها أحسنت ، حملت الكوبين توجهت صوب رعد ارتعش كفها وهي تمد الكوب إليه ليأخذه منها يغمغم ضاحكا :
-عملتي كل دا عشان تدفعي أنتِ حق العصير خلاص يا ستي دا أنتِ فيمنسيت جداا
ارتعشت ابتسامة صغيرة على شفتيها تراقبه وهو يشرب الكوب وهي ترتشف من كوبها هي الأخرى ، سمعت صوت هاتفها يدق لتفتحه سريعا لتجد رسالة أخرى ( برافو عليكِ لازم يعني اضغط عليكِ شوفتي الموضوع سهل إزاي ، أختك روحت البيت بس لسه تحت عينيا ، وكلمة غلط تطلع منك هقتلها ، انچوي يا روحي )
تنفست الصعداء تغلق هاتفها لتنظر صوب رعد ، في الأغلب الكمية التي وضعتها لن تؤذيه تتمنى حقا ذلك ، ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها تسأله :
- أنت ليه جيت هنا ، أكيد خالتي حكتلك كل حاجة عني ، ليه جيت ورا واحدة معقدة زيي ، ليه ما قولتش أنا مالي
حمحم مرتبكا، محقة ! هو نفسه لا يعلم لماذا فعل ذلك تلك الغريبة التي لم يرها سوى مرة شعر وكأنه يعرفها منذ أعوام ، أنها مسؤولة منه
أنه يجب أن يبقى جوارها لسبب لا يعرفه ، هو ليس حب على الإطلاق لا يمكن أن يحب فتاة من أول لقاء هو فقط شعور سئ بالمسئولية تجاهها ، رفع كتفيه ابتسم يتمتم مرتبكا :
-مش عارف ، تعرفي أن أنا عمري ما كان ليا علاقة مع بنت ، عمري ما ارتبطت ولا صاحبت ولا أي حاجة من الكلام دا ، البنت الوحيدة اللي كنت رايح اخطبها طلعت بتحب واحد تاني ففضلت إني أنسحب طبعا ، أنا حتى مش عارف بقولك الكلام دا ليه ، بس أنا حاسس أنك مسؤولة مني ، حاسس إني أعرفك قبل كدة ، ممكن يكون كلامي ملغبط شوية ، بس أنتِ ممكن تعتبريني أخ ليكي وصدقيني هتلاقيني دايما جنبك ، وصدقيني أنا محتاج حد اشاركه وافضفض معاه ، أنا تقريبا منبوذ في بيتنا ما حدش يعرف عني حاجة
شعرت بالشفقة عليه ، أحست بألم عميق في صوته حين نطقت كلماته الأخيرة ، الرجل به ما يكفي ويزيد وتأتي هي لتُكمل عليه ، لا لن تفعل أليس راقصة محترفة في ذلك المجال لتريهم مكر حواء أولا ومكر الراقصات ثانيا ، أخرجت هاتفها من جيب سروالها تأكدت من حذف الرسائل لتمده إليه تغمغم مبتسمة:
-طب ممكن تسجلي رقمك ، عشان لو احتاجتك في أي وقت
ابتسم لها يأخذ الهاتف منها كتب رقمه لتأخذ منه الهاتف طلبت رقمه ليدق الهاتف في جيب سرواله أخرجه يفتحه لتجذبه معه تغمغم منهم:
-أنا هسجل رقمي عندك عشان لو احتاجتني في أي وقت ، أنا هسمعك
ابتسم لها يومأ لها برأسه لا يعرف حتى ما يفعل ولكنه سعيد !
___________
في عيادة جاسر النفسية ، أمسى الليل على وخرجت آخر حالاته الآن ، أو ربما ظن أنها الأخيرة ، دخلت الممرضة ما أن خرجت الحالة التي عنده وقفت أمام مكتبه تتحدث بهدوء:
-دكتور جاسر مدام رقية وصاحبتها برة ، هما معادهم النهاردة زي ما حضرتك قولت
تنهد يفرك جبينه بأصابعه كيف نسي ذلك ، رفع نظره للمساعدة يغمغم :
-عصر دقايق ودخليهم
اومأت بهدوء لتتحرك للخارج تجذب باب الغرفة خلفها ، أخرج هاتفه من جيب سرواله ينظر للمحادثة بينها وبينه ليجدها أرسلت له منذ الأمس ( هو مش حضرتك اتفقت معايا أننا هنبدأ جلسات كل يوم بعد ما ترجع من العيادة ، عدى يومين وأنت مطنشني على فكرة ، كان ممكن تقول انك مش فاضي يا دكتور ، على العموم شكرا لذوق حضرتك)
ضحك ساخرا الحمقاء تسير على درب خطته دون أدنى عناء منه ، قرر إرسال رسالة صوتية لها بصوتٍ رخيم هادئ تحدث ( أنا آسف جدا يا آنسة مليكة أنتِ عندك حق كان المفروض اعتذرلك ، بس أنا فعلا كنت مشغول جداا الفترة اللي فاتت ، أنا بكرر اعتذاري بإذن من بكرة نقدر نبدأ جلساتنا لو حابة )
أرسلها لها ليخرج من المحادثة يعرف أنها ستوافق
وضع الهاتف جانبا يستعد لدخول رقية ، دقيقتين ودق الباب ودخلت تلك المسكينة تمسك بيد صديقتها تبدو أقل توترا قليلا فقط عن المرة السابقة يبدو أنها أخذت الدواء قبل مدة قليلة ، رحب بها محتفظا بالمسافة الأمانة بينهم ، تحركت رقية تجلس بعيدا كما فعلت المرة الماضية تقبض على يد صديقتها ، ليغمغم هو يبتسم :
- تحبوا تشربوا ايه ، المرة دي أنا عملت حسابي وجبت عصير برتقال بزيادة قولت يمكن آنسة رقية بتحبه واتكسفت تقول المرة اللي فاتت
حركت رأسها نفيا بعنف تنظر أرضا تقبض على كفي صديقتها وظلت صامتة وهو كذلك لم ينطق بحرف آخر ، حاولت صديقتها أن تتحدث ليشير لها سريعا أن تظل صامتة ، رفعت رقية وجهها لتراه ينظر إليها وكأنه ينتظر .. ابتلعت لعابها خائفة في حين تحدث هو مترفقا :
- رقية أنا هنا عشان اساعدك ، ما تخافيش أنا مش هضغك عليكِ بأي شكل من الأشكال لو مش عايزة تتكلمي خلاص ، قوليلي يا رقية أنتِ بتحبي مين من المغنين
تعجبت من سؤاله ، فتحت شفتيها بالكاد خرج صوتها :
-أنا بحب أغاني شادية وعبدالحليم وفيروز
ابتسم يومأ برأسه ليضحك بخفة يردف:
-عارفة أغنية شادية بتاعت قوم ولعلك شمعة عمري ما فهمت هي ليه عايزاه يولعله شمعة وهو مسافر ، هل مثلا النور كان قاطع وهو ماشي ، وبعدين ما تقومي أنتِ تولعي الشمعة دا أنتِ غريبة جداا ، لاء والكوبلية بتاع لما تيجيني تاني ، تاني ، تاني ، تاني ، خمسة وسبعين تاني
في الثانية تحسي أنها هنجت والشريط سف المخرج كان واقف بيلطم ورا يقولها ما خلاص يا ستي كل دول تاني
ضحكت صديقتها عاليا ، في حين خرجت ضحكاتها هي ضعيفة للغاية وكأنها لم تضحك منذ أعوام ، ابتسم حين ضحكت ... ليبدأ في الانتقال من موضوع لآخر ، في الفن والكرة والأخبار وأسعار الخضراوات اليوم الكثير والكثير من الأشياء الأخرى التي لا علاقة لها بمشكلتها من الأساس بدأت تتجاوب معه شيئا فشئ ، وصديقتها تجلس لا تفهم لما لم يذكر أمر مشكلتها إلى الآن ، إلى أن انتهت الجلسة وخط هو عدة أدوية أخرى على سطح ورقة ، يضعها أمامه على سطح المكتب لتقترب صديقتها منه تنظر له مستنكرة انتهاء الجلسة دون أن يفعل شيئا غير الحديث الغير مجدي تماما ، ليحرك شفتيه يهمس لها :
-هكلمك في الموبايل افهمك كل حاجة
اومأت صديقتها له ، لتتجه صوب رقية من جديد هنا قام هو يفتح لهم الباب ، مد يده ليصافحها قبل أن تخرج :
-مع السلامة يا رقية
ظلت تنظر لكفه الممدود عدة لحظات متوترة ، لتحرك رأسها تبتسم مرتعشة لم تقدر أن تفعل ، لم يطاوعها جسدها بأن تفعل حاولت تحريك أصابعها ففعلت قليلا فقط صوبه لتعاود ضمهم من جديد ، وهو كان يعرف أنها لن تستطيع فعل ذلك ولكنه كان يود رؤية حركة أصابعها وسعد حين رآها ، حاولت أن تصافحه يعني أنه اكتسب ولو أقل القليل من ثقتها أعاد يده جواره لتخرج الفتاتان ، وعاد هو لمقعده ارتمى عليه يستند إلى ظهر المقعد يغمض عينيه ، انتهت إجازته ومنذ الغد سيعاود الذهاب للمستشفى التي يملكها خاله صباحا ومن ثم للعيادة ليلا ، يحاول جاهدا أن يعثر على الوقت لأجل الذهاب لمليكة دون فائدة ، تأفف حانقا قام ليلملم أشيائه حين دقت الممرضة الباب دخلت إلى مكتبه لينظر إليها يغمغم :
-أي حالة أجليها لبكرة أنا تعبان
حمحمت تغمغم متوترة :
-أنا آسفة يا دكتور ، بس جاسر باشا مهران خال حضرتك هو اللي برة
توقف عما يفعل ينظر لها يعقد جبينه متعجبا ، تحرك للخارج ليجد خاله بالفعل معه شاب لا يعرفه ولكنه يبدو في مثل عمر يوسف ، اقترب منه ابتسم يغمغم مندهشا :
-جاسر باشا بنفسه عندي في العيادة ، نورت والله ... خير يا خالي
ضحك جاسر مد يده يربت على كتف ذلك الشاب المتحذلق ابن شقيقته ، أشار له للغرفة خلفه يغمغم :
-عايزك في كلمتين لوحدنا يا جاسر
عقد الأخير جبينه وحدسه يخبره أن خاله هنا بسبب ذلك الشاب الجالس بعيدا ينظر له خائفا ، اومأ له ليتحرك بصحبته ، جذب جاسر الباب يغلقه عليهم اقترب من ابن شقيقته يغمغم بإيجاز :
-بص يا جاسر أنا عارف أنك دكتور نفسي شاطر ويمكن أشطر من أبوك ، وكمان لسه شاب ففاهم دماغ الشباب ، الشاب اللي قاعد برة دا يبقى زميل يوسف إبني في المدرسة ، بس هو مش عارف اجبهالك إزاي ، الولد مشاعره شاذة عن الطبيعي ، فاهمني طبعا ... أنا وعدت يوسف إني هساعده عشان كدة جبته ليك ، هتقدر تساعده
حرك جاسر رأسه بالإيجاب يغمغم في هدوء :
-هو علميا أنا أقدر اساعده ، عمليا أنا محتاج اقعد مع حد من أهله وياريت يكون والده أو والدته ، لو دا مش متاح الموضوع هيبقى أصعب شوية
حرك جاسر "مهران" رأسه بالإيجاب يردف:
-أنا قولتله إني مش هقول لحد من أهله بس طبعا الكلام دا عشان يرضى يجي معايا هنا ، أنا كلمت والده وهنزل اقابله دلوقتي وهحاول امهدله الموضوع ولو كدة هخليه يقابلك
هكذا أفضل ، خرج جاسر من الغرفة متوجها صوب وليد الذي يجلس متوترا يفرك كفيه ، وضع يده على كتفه يبتسم له مترفقا :
-ما تخافش ، جاسر هيتكلم معاك وزي ما اتفقنا لا والدك ولا والدتك هيعرفوا حاجة
ابتسم الفتى خائفا يومأ له قام متوجها صوب غرفة الطبيب ، في حين ترك جاسر العيادة ونزل ينتظر والد وليد في المقهى القريب للعيادة جلس هناك يشرد في لقائه مع وليد الفتى أكد له أنه لم يقم بأي علاقة من ذلك النوع ، كان يود أن يبدأ ذلك مع يوسف ، لا يعرف كيف سيطر على نفسه ولم يهشم وجهه ، من الغد سينقل جميع دروس يوسف ومريم إلى البيت لن يغادرا إلا معه ، المضحك في الأمر أنه من المفترض أن يخشى على مريم أكثر من يوسف لأنها الفتاة هي من المفترض أن تكن مطمع الذئاب الضالة ولكن ها هو يخشى على ولده وكأنه فتاة على وشك إغتصابها
رأى سيارة والد وليد تقف ونزل منها ، توجه ليدخل إلى المقهى يبحث عنه إلى أن رآه فاقترب منه جذب المقعد يجلس جواره يغمغم خائفا :
-وليد ماله ، هو فين ، قولتلي عايزك ضروري في حاجة ليها علاقة بوليد
اومأ جاسر له ، تنهد بعمق ليقترب بجسده من الطاولة يغمغم بهدوء:
-بص يا أستاذ عماد ، أنا عايزك تهدا ونتناقش والحمد لله أن ابن حضرتك ما دخلش في المحظور لسه
قطب عماد جبينه قلقا ليتنهد جاسر مرة أخرى يغمغم بهدوء بهدوء :
- هو وليد ابن حضرتك ، أتعرض لاعتداء أو تحرش من أي نوع وهو صغير
قطب عماد جبنيه مستنكرا ليحرك رأسه للجانبين بعنف يغمغم محتدا :
-ايه اللي أنت بتقوله دا لاء طبعا ، أنا مستحيل اسمح لحد يأذي ابني بأي شكل من الأشكال دا ابني الوحيد وبخاف عليه أكتر من روحي
هنا قرر جاسر أن يخبر عماد بكل ما يعرف ، أصفر وجه عماد مما سمع لا يصدق ما يسمع كيف ذلك ، كيف يكن ولده كذلك مستحيل بالطبع ، ما الذي حدث له ؟! ... حرك رأسه يهمس مصعوقا :
-لاء طبعا ايه اللي أنت بتقوله دا ، مستحيل وليد لاء طبعا ،وليد
صمت لعدة لحظات قبل أن تتسع حدقتيه وكأنه تذكر شيئا ما ليعاود النظر لجاسر يغمغم مصعوقا :
-أنا السبب ، ايوة أنا السبب ، أنا اللي فتحتله المنصة الأجنبية دي سمعت أن فيها افلام كتير من النوع دا بس قولت وليد عاقل ومستحيل يتفرج عليهم ، والواد اللي قالي زميله من برة يبقى مش زميله بقى على كدة ، أنا السبب
حرك جاسر رأسه يآسا يغمغم متضايقا :
- طالما عارف كدة بتفتحها ليه من الأول ، بتوقف ابنك قدام النار وتقول لاء مش هيتلسع فيها ، بص يا أستاذ عماد ، ابنك دلوقتي في عيادة الدكتور النفسي اللي في العمارة اللي جنب الكافية دا
وصمت قام من مقعد يجلس على المقعد المجاور لعماد مد يده يشد على كتفه يغمغم مترفقا بحاله :
-جاسر ابن أختى دكتور شاطر وأنا واثق أنه هيقدر يساعد ابنك ، أنا كلمتك عشان تكون جنب ابنك وتحتويه ، واعرف كويس أن الضرب والتعنيف في الحال دا مش هينفع لأن الغلط من عندك من البداية ، لو سمحت أبنك محتاج وجودك كصديق قبل أب
اومأ عماد ليضع كفيه على وجهه تنهمر دموعه لا يصدق أنه السبب فيما حدث لولده ، ظل جاسر جواره يحاول مواساته إلى أن هدأ الرجل قليلا ، وخرجا سويا من المقهى ، أشار جاسر للرجل على العيادة يغمغم :
-هنا ، أنا مش هطلع ، أنت اللي هتطلع ، خير بإذن الله
ابتسم الرجل يوما له يردف ممتنا :
-أنا بجد مش عارف أشكرك إزاي على اللي عملته ، ربنا يباركلك ويخليلك ولادك
ابتسم جاسر يربت على كتفه يتحرك صوب سيارته ، في حين صعد عماد مسرعا صوب عيادة جاسر ما أن دخل من باب العيادة يبحث عن ولده وجد وليد يفتح باب الغرفة المقابلة له ، شخصت عيني وليد فزعا حين رآه ... في حين هرول عماد إلى ولده يحتضنه بكى بعنف يعتذر منه :
-أنا آسف ، أنا السبب ، حقك عليا ، أنا آسف !
_____________
في صباح اليوم التالي
في تمام السابعة صباحا في منزل علي وإيمان
في غرفة شريف الأبن البكر ، حمل شريف الوسادة يضعها فوق رأسه يحاول النوم ، تأفف منزعجا من صوت الحركة القادمة من خارج غرفته ، انتصف جالسا يفرك عينيه لا يفهم لما الصخب منذ الصباح الباكر يا ليان ، يكفي أنه نام بالأمس متأخرا بسبب مرام التي أصرت على مشاهدة فيلم في السينما حتى منتصف الليل وعليه لم يعود للبيت إلا بعد الواحدة ليلا ، قام من فراشه يفرك عينيه تحرك للخارج ليجد ليان تتحرك هنا وهناك تركض بمعنى أصح تبدل ثيابها بجنون ، وقف عند باب غرفتها تثائب يغمغم ساخرا:
-يا صباح الكركبة ، عاملة دوشة ليه على الصبح
دي لسه الساعة سبعة
هرولت ليان إليه تعلقت بذراعه تقفز تغمغم سعيدة :
-النهاردة هنزل تدريب في مكتب جواد
اختفت ابتسامته شيئا فشئ أراد أن يخبرها أن ذلك الأحمق الذي تهيمين به عشقا ما هو إلا شاب ماجن فاسق لا يستحقك إطلاقا ، أن تلك الفرحة التي تقفز في مقلتيك سيحولها هو بعجرفته إلى دموع لن تتوقف كم يكره ذلك الجواد ، ولكنه لم يستطع أن يراها حزينة بسبب كلماته ، سيقتل جواد أن أحزنها وينتهي منه للأبد ، وربما يلقيه خلف القضبان بلا رجعة
ربت على رأسها يحادثها مبتسما :
- كملي لبسك على ما ألبس عشان أوصلك يا حبيبتي
قفزت سعيدة تقبله على وجنته ، خرج من الغرفة متوجها إلى غرفته اغتسل وبدل ثيابه وقف أمام المرآة يمشط شعره حين نظر لانعكاسه تذكر جملة مرام ، مما جعله يتسأل هل زيه العسكري هو فقط ما يجعل له قيمة ، أيعقل ذلك؟!
حين خرج من الغرفة هرولت ليان صوبه تعلقت بذراعه تغمغم تغازله :
-ايه الحلاوة دي كلها ، يا بختها مرام والله
ابتسم ساخرا مرام لو رأته هكذا لصرخت في وجهه لأنه لا يرتدي زيه العسكري ، قرص وجنة شقيقته بخفة ، نزلا إلى سيارته جلست جواره قلبها يدق فرحا ستصبح هي وجواد في مكان واحد كل يوم ، ستراه عدة مرات ، ربما لو تعرف عليها أكثر لأحبها كما تفعل هي ، وشريف يتنهد قلقا كلما نظر إليها ورأى عينيها تلمع فرحا وصلا أخيرا إلى مكتب جواد ، نزلت ليان ليلحق بها شريف ، أمسك بكف يدها يتوجهان للداخل لم يحتاجا للدخول فجواد كان يصف سيارته جواره ، ابتسمت ليان يكاد قلبها يخرج من مكانه حين رأته، خطف انظارها كعادته ، اقترب جواد من شريف يصافحه مبتسما ، ليضغط شريف على كف يده أقترب برأسه منه يهمس يتوعده :
- أنت ابن خالي واخو خطيبتي بس ليان عندي خط أحمر يا جواد ، قسما بالله لو زعلتها أو احرجتها مش هسمي عليك واظن واضح
ضحك جواد دون أن يعقب فقط ربت على ذراع شريف يغمغم ضاحكا :
-ماشي يا حضرة الظابط ، يلا بقى هوينا عشان عندنا شغل كتير
قلب شريف عينيه ساخرا ، قبل أن يلتفت لليان ابتسم يحادثها مترفقا :
-حبيبتي لو احتاجتي أي حاجة في اي وقت
كلميني ماشي
اومأت ليان له تبتسم سعيدة ، عينيها هناك عند جواد كعادتها
وقف شريف بعيدا ينظر لها وهي تسير جوار جواد لداخل مكتبه يرى نظراتها العاشقة التي لا تستطيع إخفائها لا يعرف حقا لما أحبت شقيقته ذلك الوغد ، تنهد قلقا ليعود لسيارته جلس هناك يأخذ طريقه العودة شارد الذهن يفكر في مرام وكلامها عنه ، خائفا على ليان ... الكثير من الأفكار تزاحمت في رأسه أغمض عينيه للحظة حين فتحها ، توسعت حدقتيه ذعرا حين رأى امرأة تركض في منتصف الشارع ، تركض إلى سيارته تحديدا وكأنه تود أن تصدم نفسها بها ، حاول تفاديها دون فائدة ... اصطدم بها لتسقط أمام سيارته أرضا مدرجة بالدماء !