رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) الفصل الرابع
أشهد أن لا امرأة ً
تشبهني كصورة زيتية
في الفكر والسلوك إلا أنت
والعقل والجنون إلا أنت
والملل السريع
والتعلق السريع
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة ً
قد أخذت من اهتمامي
نصف ما أخذت
واستعمرتني مثلما فعلت
وحررتني مثلما فعلت
أحتاج منه الأمر ثانية واحدة حتى إستعاب ما تفوه به المسجي أمامه ثم أمسك تلابيبه وهدر بـ صوتٍ أفزع الجميع
-مين!
-إبتلع الرجل ريقه بـصعوبة وقال:سـ..سليمان الهواري...
لكمه جاسر بـ قوة ثم هدر بـ غضب أسود ، ناري
-سليمان فـ السجن
-تأوه قائلًا:مـ..مراته..مراته هي اللي بتقولي أعمل إيه...
جذبه جاسر حتى أستقام ثم أردف بـ فحيح وهو يتجه به إلى سيارةٍ ما
-واسمها إيه مراته!!...
صمت الرجل ولم يرد..فـ إبتسم جاسر إبتسامة سوداوية ثم قال بـ قتامة
-والله شكلي هرجع لأيام زمان وأنا باخد منك اللي عاوزه...
دفع به إلى السيارة ليصعد ثم أغلق الباب ليردف بعدها وهو يطل إليه من النافذة
-دا أنا كُنت شقي شقاوة يا شيخ..هتعجبك أوي يعني...
أشار إلى حُراسهِ ليومئ أحدهم بـ تفهم لتنطلق السيارات بعدها إلى مكانٍ مجهول
بينما إلتفت جاسر إلى الجمع ثم هدر بـ صوتهِ كله حتى صدى صداها بـ الفراغ فـ شابهت عواء ذئاب مُخيف
-إعرفوا إن بنات جاسر الصياد هما الفاصل بينكوا وبين جهنم..عشان اللي هتسوّل ليه نفسه إنه يفكر بس يقرب منهم...
ثم تركهم ورحل مُتجهًا إلى قصرهِ فـ إستقبلته روجيدا بـ جزع هامسة
-إيه اللي حصل يا جاسر!..عملت إيه؟...
بلا مُقدمات جذبها لتستقر بـ أحضانهِ فـ تأوه بـ قوة دافنًا هذا التأوه بـ عُنقها..ولم يزد هذا العناق إلا خوفًا وهلعًا عليه
ربتت على خُصلاتهِ وتركته يُخرج ما فيه جعبته من هموم وبـ الرغم أنهما بـ بهو القصر ولكنها لم تأبه سوى أن تُخفف عن روحه المُثقلة بـ الهموم
أتاها صوت غمغمته وكأنه بعيد كُل البُعد عن صوت جاسر القوي
-شكلي مش هرتاح عُمري يا روجيدا..بدفع ولسه هدفع تمن كُل غلطة غلطتها..وكأنه مش كفاية التمن اللي دفعته فيكِ...
أبعدت رأسه عن صدرها ثم حاوطت وجهه بين كفيها وهمست بـعذاب وقد آلمها قلبها لتلك الملامح المُعذبة
-ممكن أفهم بس..شاركني همومك يا جاسر...
طبع قُبلة مطولة على وجنتها ثم عاد يُعانقها قائلًا بـ إبتسامة مُتألمة
-السنين دي لو كانت علمتني حاجة فـ هي أنك الحيطة اللي مش هتميل بيا أبدًا..الكل شايف إني بقويكِ بس الحقيقة العكس
-ضمته أكثر ثم تمتمت بـ حيرة:جاسر ما تقلقنيش عليك أكتر...
شدد من عناقها وكاد أن يبتعد ليُقبلها مُستغلًا هدوء المنزل ولكن كـالعادة يخرج من بين شقوق الحوائط أحد ذنوبه قائلًا بـ مكر
-مش قولنا نقلل غراميتنا يا أشقيا!..بلاش شُغل مراهقة...
نظر جاسر من فوق كتف روجيدا الغارقة بـ صدمتها وخجلها ثم أردف بـ زمجرة غاضبة
-يارب أنا عارف إن ذنوبي تقيلة بس ولاد الـ*** دول قطم ضهر والله...
إقترب جواد مُقهقهًا بـ مرح خبيث كـ عادته ثم قال بـ مكر
-مش أنت اللي إتشاقيت وجيبتنا!
-كُنت حُمار وقتها والله...
ضحك جواد بـ ملئ فِيه ليُمسك جاسر تُحفة فنية ثم رفعها ينوي قذفها بـ إبنهِ رادفًا بـ غيظ
-يلا ياض يابن الـ*** من هنا بدل أما أبيتك فـ المُستشفى...
*********************************
صعد جاسر إلى غُرفتهِ بعدما أنهى أعماله مع جواد ليجد روجيدا مُمدة على بطنها وترفع ساقيها تُؤرجهما بـ الهواء و منامتها القصيرة تفعل به الأعاجيب
على الرغم من مُضي العديد من السنين ولكنها تبقى كما هي لا تتغير مُهلكة إلى حد قاتل
مسحت عيناه على جسدها الذي لم تنجح السنوات من تغييره أو تغيير تأثيره عليه حتى وصل إلى فتحة الظهر الواسعة التي بـ الكاد تُغطي خصرها
حك مُؤخرة عُنقه ثم هتف بـ حرارة وعيناه تمسحان عليها بـ إشتعال
-وبعدين بقى فـ الأمجاد اللي هنعيدها تاني دي!!...
نزع كنزته السوداء ثم ألقى بها و توجه إليها بـخُطىٍ تُشبه ظفر النمر بـ فريسته مُتساءلًا بـ خُبث
-تفتكر ياض يا جاسر ربنا يرزقك بـالخامس فـ الليلة دي؟!...
إنتبهت إليه روجيدا لتبتسم بـ جاذبية ثم تساءلت وهي تعود بـ ناظريها إلى الحاسوب
-أخيرًا طلعت يا حبيبي..أنا كُنت هنزلك...
إقترب جاسر منها ثم أردف وهو يجلس جوارها يتطلع إلى الحاسوب معها
-يلا عشان المكتب يشهد على الحدث العظيم بتاع النهاردة...
نظرت إليه بـ عدم فهم ليغمزها بـ وقاحة رادفًا بـ نبرةٍ لا تقل وقاحة عن غمزاتهِ
-تصدقي رغم السنين دي كُلها يا فراولة إلا إن مكتب البيت مشهدش مرة على أمجادي!..رغم إن مكتب الشركة سبقه!!...
أخذ منها الوقت عدة ثوان حتى إستنبطت المعنى الوقح لحديثهِ لتصرخ بـ خجل فـ أكمل هو ضاحكًا
-الفكرة حلوة نبقى نجربها مرة
-لكزته بـ حدة رادفة:عيب يا جاسر..إحترم سنك
-وماله سني إن شاء الله؟!
-زفرت بـ يأس قائلة:ملوش يا جاسر..سبني أخلص شُغلي...
وضع كفه الساخن فوق ظهرها ثم تساءل
-بتعملي إيه!
-أجابت دون النظر:بعدل محاضرة بكرة...
على حين غُرة أغلق الحاسوب ثم أبعده بـ يدهِ لتشهق روجيدا بـ صدمة فـ أردف هو وظهر أصابعه يتحسس ظهرها العاري بـ رقة
-لأ سيبك من المحاضرة..وخليكِ هنا مع العملي...
ضحكت روجيدا بـ دلال ألهبه ليُديرها سريعًا وقبل أن يُقبلها تساءلت وهي تحتضن وجهه بين كفيها
-بعد السن دا ولسه يا جاسر بالشغف دا!!...
قَبّل باطن يدها بـ رقة لا تُناسب إلا هي وأردف بـ نبرةٍ أجشة ، صادقة بـ معانيها
-العُمر مجرد رقم..لكن الشغف لسم قاتل يا فراولة...
ثم مال يلتقط شفتيها بـ قُبلة عاصفة تحمل مشاعره التي تعجز الكلمات عن وصفها..مُهلكة روجيدا كـ أول مرة يلتقيها..شهية كـ حبة فراولة طازجة يتذوقها لأول مرة
إبتعد عنها بعد قليل ثم جثى فوقها ولكن روجيدا أبعدته وهمست بـ توتر
-جاسر عاوزة أقولك على حاجة…
زمجر بـ إعتراض ثم أردف وهو يتعامل مع حمالة منامتها
-بعدين..هتقولي كل اللي عاوزاه بعدين
-إلا أن روجيد قالت بـ حزم:لأ الموضوع مهم…
تأفف بـ ضيق ثم قال وهو يبتعد عنها بـ غضب
-إرغي يا روجيدا
-إبتلعت ريقها بـ صعوبة وأردفت:جُلنار!...
تحفزت ملامح جاسر ثم أردف بـ خفوت خطير
-مالها؟
-تنحنت وقالت:إتقدملها عريس النهاردة
-هدر جاسر بـ حدة:يا ما شاء الله..وبـ سلامته رايح لمراتي ومفكر إن أبوها قرطاس لب!...
حكت روجيدا جبهتها بـ تعب.. ثم قالت وهي تقترب منه بـ خفة تُمسد على ذقنهِ النامية قليلًا
-يا حبيبي.. الموضوع مش كدا
-أبعد يدها بـ بعض العُنف وقال:أومال إيه إن شاء الله؟
-اجابته بـ صبر:اللي متقدم دا مُعيد عندنا فـ الكُلية وأنا أشهدله بـ الأخلاق…
ولكنه أتى رد جاسر باترًا، حازمًا لا يقبل الجدال
-وأنا مش موافق.. قفلي السيرة دي
-ما هو بصراحة مينفعش
-عقد حاجبيه وتساءل بـ خفوت خطير:ليه؟…
ردت عليه بـ إرتباك وكأنها تلميذة أذنبت لتقول بـ خفوت مُرتبك
-أصلي واقفت على إنهم يتقابلوا ويتناقشوا…
********************************
إستيقظ يزن عقب ليلة كاملة من النوم بعد تلك السهرة الماجنة التي قضاها مع أصدقاءهِ بـ العمل
سعل ونهض ليجد تلك الأجنبية تنام جواره فـ عقد حاجبيه بـ قلق ولكنه سُرعان ما إطمأن وهو يراها ترتدي كامل ثيابها
وتذكر أنه عاد بها إلى هُنا فـ قد كانت ثملة بـ شدة حتى إنه لم يستطع معرفة بـ أي نُزل تُقيم
حك خُصلاته شديدة السواد ثم تحرك خارج الغُرفة.. بحث عن شهاب فـ لم يجده ليلتقط هاتفه وأجرى إتصالًا هاتفياً به.. ليأتيه الرد بعد عدة لحظات
-صباح الخير يا كازانوفا
-تمتم يزن بـ صوتٍ أجش، ناعس:أنت فين؟
-أتاه صوت شهاب ساخرًا:قولت اسيبلك المكان عشان تاخد فيه راحتك…
تأفف يزن ثم أردف وهو يتجه ناحية المطبخ ليُحضر كوبًا من الشاي الأخضر
-مش وقت تريقة.. وبعدين أنا معملتش حاجة
-واللي كُنت ساحبها معاك الشقة إمبارح!
-رد يُدافع:كانت سكرانة ومكنش ينفع أسيبها فـ الشارع
-لأ شهم…
وضع يزن الشاي بـ كوبهِ المُفضل ثم تساءل وهو يعود إلى الصالة
-نزلت القاهرة ليه؟
-أجاب شهاب بـ بساطة:هقابل چيلان…
تحفزت حواس يزن ليُمسك بـ الهاتف بعدما كان يضعه بين كتفه وأُذنه ثم قال بـ ترقب
-ليه؟.. حددت موقفك منها!
-أجابه شهاب بـ تحفظ:حاجة زي كدا
-طب فهمني
-رد عليه شهاب بلامُبالاة:هفهمك بس مش دلوقتي…
زفر يزن بـ ضيق ثم أردف بـ تحذير
-إحسب خطواتك يا شهاب.. أنا سمعت إن أبوها راجل مش سهل ومحدش بيعدي من تحت إيده بـ سهولة
-متقلقش.. حاسب خطواتي كويس…
تسلل القلق إلى قلب يزن إلا أنه لم يجد سوى أن يؤازره قائلًا بـ صوتٍ شبه هادئ
-تمام يا صاحبي.. خلي بالك من نفسك
-رد شهاب بـ تهكم:حاضر يا مرات أبويا…
أغلق يزن الهاتف ثم جلس يُمسك الكوب مُقربًا إياه من فمهِ ليأتي صوت تلك الأجنبية من خلفهِ تهتف بـ عربية ركيكة
-صباه (صباح) خير يزن
-غمغم بـ فتور:صباح النور جوليا.. لية ممشتيش إمبارح؟…
عقدت حاجبيها بـ عدم فهم ليتأفف قائلًا بـ إستدارك
-أعني لما لازلتِ هُنا؟.. كان يجب أن ترحلي صباحًا…
إقتربت تُعانق ظهره هامسة بـ دلال
-كُنت أُعاني أثار الثمالة…
ثم أكملت بـ ذات الدلال ولكنها صبغت عربيته الركيكة فـ خرجت بـ نغمة مُلهبة
-وكمان صاهبك..مش رضى أمشي إلا لما أنت تصهى (تصحى)...
أبعد ذراعيها عنه ثم أردف بـ جمود
-طب يلا نمشي.. لا يجب أن أتأخر على عملي…
نهض ثم قال وهو يتجه إلى الغُرفة التي ناما فيها
-هغير هدومي وأجي
-أووكيه…
**********************************
هدر جاسر بـ صوتٍ مُرعب جعل روجيدا تنكمش على نفسها خوفًا
-وافقتي! من كل عقلك وافقتي! والبيه جوزك ملوش لازمه مش كدا؟…
تغلبت روجيدا على خوفها لتقترب منه جالسة جواره ثم قالت وهي تُمسد على ذراعهِ بـ لمسات سحرية رقيقة
-أبدًا والله.. الموضوع وما فيه إن الولد أخلاقه عالية وأهي فُرصة لجُلنار تخرج من القوقعة اللي حابسة نفسها بيها…
صمتت قليلًا وقد هدأ غضبه فـ أكملت بـ هدوء حتى لا يفقد أعصابه وتُهاجمه أحد نوبات ضيق التنفس
-جُلنار من اليوم دا وهي متأثرة.. صحيح بتضحك ومُنطلقة لكن جواها جرح كبير يا جاسر.. اللي عملته مع الشاب دا وموقفك منها عملوا حاجز كبير مش سهل يتهد بينكوا
-رد عليها جاسر بـ إجهاد:اللي عملته جُلنار كسرني يا روجيدا.. كسرني وأنا مُكنتش أتوقع دا منها.. تحبه وماله لكن تحديدها ليا وكلامها اللي لمحت فـ عنيها التحدي وجعني…
أغمضت روجيدا عينيها ثم جذبت رأسه إلى صدرها مُقبلة إياه لتتساءل بـ خفوت
-طب وليه عملت كدا!
-أجاب دون تردد وقوة:لأنه جبان.. مقدرش يواجهني من أول مرة.. تفتكري ينفع أسلم بنتي لواحد جبان؟!..واحد خاف يواجه والدها لأول مرة عشان بس اللي وصله عني…
صمت قليلًا يبتلع مرارة تلك الأيام ثم أردف وهو يرفع رأسه إليها
-الحُب مش كفاية.. الُحب مينفعش لوحده من غير شجاعة..الحُب محتاج قوة تسنده.. جُلنار مكنتش هتقدر تعيش مع واحد جبان.. مكنتش هتعرف لأنها إتربت على المُغامرة.. ولو كُنت سلمتها ليه كُنت أول واحد هتلومه…
إبتسمت روجيدا ثم قالت وهي تربت على وجنتهِ
-عشان كدا منعتها.. كُنت بتحميها يا حبيبي.. عارفة ومقدرة بس حبيت أسمع الإعتراف دا منك.. بلسانك
-وأديكِ سمعتي.. تفتكري إتصرفت غلط؟
-قالت بـ مكر:التصرف صح.. لكن اللي عملته فـ الشاب مكنش صح نهائي.. جُلنار كانت ممكن تكرهك
-تكرهني!...
هدر بها بـ صدمة ثم أردف بعدها بـ صوتهِ القوي
-بلاش تعرف أنا عملت كدا فيه ليه.. خليها تكرهني أحسن من خيبة الأمل اللي هتحس بيها فـ أول حُب…
تعاطفت نظراتها معه ليزفر جاسر بـ غضب ثم تمتم بـ إستغفر وقال بـ تعب
-وجويرية أخبارها إيه؟
-أجابته روجيدا بـ حُزن:نايمة من الصُبح.. ومش بتكلم حد
-سبيها أنا هكلمها بكرة…
مسدت على ذراعهِ ليربت على يدها فـ أردفت بـ إلحاح
-ها قولت إيه؟…
تجمدت ملامحه وظهر الخطر بـ عينيه إلا أنها قالت بـ هدوء تُحاول إقناعه
-ثق فـ جُلنار يا جاسر..جرب تثق فيها ومش هتندم.. بنتك عقلت…
أشاح بـ نظراتهِ عنها ثم عاد إليها وقال بـ جمود ولهجة صارمة
-الحارس هيفضل عينه عليها.. وعالله تغلط غلطة…
**********************************
في صباح اليوم التالي
جلست جُلنار أمامه على المقعد دون إلقاء تحية فـ إبتسم بـ تسلية وهو يتأملها
ترتدي بنطالًا قُماشيّ من اللون الأخضر الداكن يعلوه كنزة بيضاء حريرية الملمس بها رابطة عُنق تتدلي بـ هيئة أنثوية بحتة.. ولم يغفل عن خُصلاتها الكستنائية التي تركتها حُرة تتلاعب بها الرياح بـ نعومة
تنحنح صُهيب ليُجلي حلقه نافضًا تأثره بها ثم أردف
-تحبي تفطري ولا تشربي حاجة!
-أجابت بـ جمود لا يخلو من التهكم:أحب أسمع عاوز إيه…
إتسعت إبتسامته المُتسلية ثم أردف وهو يميل إلى الطاولة
-فعلًا عرق الصيادية بيجري فـ دمك…
زفرت جُلنار بـ نفاذ صبر ليضحك صُهيب قائلًا بـ إستسلام ذائف
-خلاص خلاص.. إحنا مش حابين نضايقك سنيوريتا…
تحولت ملامحه إلى الجدية فجأة فـ أجفلت جُلنار لتغيره وتغير لهجته
-مبدئياً مش حابب أضحك عليكِ ولا اقولك إني حبيتك ولا أُعجبت بيكِ من أول نظرة.. بس منكرش إني مُعجب بشخصيتك…
صمت قليلًا وتابع ملامحها المُترقبة ليُكمل صُهيب حديثه وهو ينظر إلى فيروزها الجامح
-اسمي صُهيب جابر الهواري.. الاسم دا بيفكرك بـ حاجة؟…
راقب ملامحها التي تحولت إلى الصدمة ثم الغضب ليبتسم بـ تهكم وأكمل غير سامحًا لها بـ الحديث
-من شكلك بيقول عندك علم.. تعرفي إيه؟؟…
ظلت جُلنار تُحدق به بـ غضب مُمتزج بـ الصدمة لوقت لا بأس به ثم أردفت بـ لهجة حذرة، هجومية
-أعرف إن باباك شخص حقير.. رغم إني معرفش تفاصيل كتير بس كفاية اللي سمعته من أهل القرية واللي شغالين فـ القصر عندنا…
تحولت ملامحه إلى أُخرى صخرية، مُخيفة إلا أن نبرته خرجت هادئة ولكنها تشي بـ مدى خطورتها
-كويس..ليا عم بيستخدمني عشان أنتقم لعيلتنا منكوا…
عقدت الصدمة لسانها وبقت تُحدق به بـ عدم إستيعاب.. تفهم صُهيب حالة الصدمة فـ أكمل بـ هدوء وروية
-أنا عارف إنها صدمة.. بس صدقيني مش فنيتي أذية حد.. والدليل إني حكتلك.. الدليل إن نيتي مش سيئة…
إستدركت جُلنار صدمتها ثم أردفت بـ تهكم
-وممكن تكون نيتك أسوء فـ إعترفتلي عشان تكسب تعاطفي
-إبتسم صُهيب بـ إعجاب وقال:وارد جدًا.. بس دي مش شخصيتي.. أنا إتخليت عن أي حاجة تخص الهواري حتى اسم العيلة كمان
-وليه عرفتني إنك من عيلة الهواري؟
-أجابها بـ بساطة:عشان أثبتلك حُسن نيتي
-صمتت جُلنار ثم قالت بعد مُدة:وطلبت إيدي ليه؟…
نظر إلى عينيها مُطولًا ثم أجاب بـ صدق
-عشان لو معملتش كدا هيجي غيري ويأذيكوا
-وأنت إيه ذنبك تربط نفسك بواحدة مبتحبهاش!
-تنهد وقال بـ جدية:هحاول أكسب وقت فـ فترة الخطوبة وأعرف عمي فين وعلى أساس كدا هتصرف قبل أما أورطك…
عادت جُلنار إلى الصمت فـ أكمل هو حديثه
-مش هحاول أضغط عليكِ.. هسيبك تفكري بس ياريت تاخدي بالك من مصلحة الكُل…
صمت قليلًا وأكمل بـ جدية وجعل صوته يبدو به خطورة الأمر
-اللي حصل لجويرية النهاردة كان بتخطيط من عمي.. كُل أما بنتأخر كُل ما الضرر بيزيد…
ثم نهض ولملم أشياء قائلًا بـ إبتسامتهِ الرجولة، المُهلكة
-هسيبك تفكري وإن شاء الله تفكري صح.. سلام…
ليتركها بـ حيرتها ويرحل متوجًا إلى سيارتهِ
فتح السيارة وصعد ولكنه تفاجئ بـ من يصعد وصوت لم تنجح السنوات في نزعه من ذاكرته يقول بـ تهكم وصُهيب يُحدق بـ هيئته الطاغية التي لم ينجح الزمن في طمسها
-إزيك يابن جابر!...