رواية احفاد اليخاندرو (ابواب الجحيم التسعة) الفصل الرابع
ثمة لحظات ستمر عليك في الحياة ستعرف حينها أنك في كُل لحظات حياتك أبدًا لم تكُن وحدك، بل كان الله دائمًا في معيّتك، يُطيّب خاطرك، يجبر كسرك، يحفظك في نومك وصحوك، ينتشلك برحمته من منعطفات السوء، يُنير لك بصيرتك، ويُرشدك للوجهة والطريق أنت لست وحدك فـ معك من كفاك وأغناك عمّن سواه.💙
صلوا على نبي الرحمة
__________________________
خرجت من شقتها مسرعة وهي تتأكد أنها قد وضعت لحيتها، فهي منذ ذلك الموقف الذي تعرضت له سابقًا أصبحت تخشى أن تخرج يومًا دون باروكتها .
تحركت رفقة صوب الدرج وهي تقفز عليه كالاطفال تود اللحاق بموعدها في عملها الجديد.
وأثناء هرولتها على الدرج اصطدمت فجأة في جارها اللطيف بعض الشيء "جون "، لتبادله بسمته مفكرة بحيرة هل يظل مبتسمًا طوال الوقت ؟؟؟ فهي منذ خطت لتلك البلاد، لم تلمحه يومًا عابسًا، وكأن الحياة يومًا لم تريه مرارتها بل اكتفت بوضع كل ما تملك من الحلوى أمامه مربتة على ظهره كأم وهي تقول " هيا يا عزيزي تناول حلواك "
ابتسمت بسخرية وهي تتخيل الأمر، لتخرج فجأة من أفكارها مدركة أنها كانت تمعن النظر به بشكل فج، تنحنحت بخجل حاولت ألا تظهره وهي تقول :
" عفوا لم اسمعك ماذا قلت للتو ؟؟؟"
ابتسم جون مجددًا تلك البسمة البغيضة التي باتت تكرهها حقًا وهو يعيد حديثه مرة أخرى على مسامعها :
" كنت اقول إلى أين في هذا الوقت المبكر اسكندر ؟؟"
ابتسمت له بسمة صغيرة وهي تنظر للباب خلفه تود الرحيل سريعًا من أمامه الآن :
" لقد حصلت على وظيفة البارحة واليوم هو بداية عملي لذا خرجت مبكرًا حتى لا أتأخر عليه "
نظر لها جون بتعجب لما قالته :
" وظيفة ؟؟؟ اي وظيفة ؟؟؟ ألن تنتظر وظيفتك في الشركة معي لقد أخبرتك أنه بحلول الاسبوع القادم ستستلم تلك الوظيفة "
" بلى يا جون بالطبع سأذهب لتلك الوظيفة، لكنني أشعر بالملل في المنزل لذا اردت أشغال نفسي ببعض الأعمال حتى ابدأ العمل معك، والآن اعذرني لقد تأخرت على العمل أراك لاحقًا "
أنهت حديثها وهي تسرع صوب الباب حتى لا تمنحه فرصة أخرى للتحدث وهي حقًا لا تملك إجابة لنصف أسئلته، هي حتى الآن لا تصدق أنها نجت من سهرة الامس دون أن تجعله يشك في أمرها وهذا بالطبع بمساعدة أخيها بعدما حدثته لتعرف أكثر عن صداقته مع جون .
______________________________
"أخبرتك ألا تفعل شيء من تلقاء نفسك "
زفر ادم بضيق وهو يكمل ركضه على آلة السير أمامه لا يعطي انتباهه لانطونيو والذي منذ دخل لحجرة التدريب في الصباح وهو يصيح في الجميع لما فعلوه في آخر مهامهم ...
" انظر لتلك الورطة التي اوقعتنا بها... أنت لا تختلف في شيء عن أخيك "
أنهى انطونيو حديثه وهو يرمق فبريانو الذي كان يحمل بعض الأثقال ببرود ليبتسم له فبريانو وهو ينظر له نظرة قصيرة ساخرة ثم عاد لما كان يفعل بلا مبالاة ....
" حسنًا انطونيو فهمت، توقف عن الحديث فقد مللت حقًا، أنت منذ الصباح تصرخ في وجهي "
أخرج انطونيو صوتًا ساخرًا من فمه وهو ينظر في ساعة يده :
" حسنًا يا صغير آخر مرة اسمح لك فيها بالخطأ فهمت ؟؟؟"
" توقف عن التحدث لاخي بهذا الشكل انطونيو "
استدار انطونيو نصف استدارة بجسده وهو يرمق مارتن الذي كان يجلس بكل هدوء على أحد الطاولات التي تستقر في زاوية الغرفة يضع حاسوبه أمام ناظريه يرمقه باهتمام :
" أنت منذ الصباح تصيح في وجهه توقف عن هذا الازعاج قليلًا "
وافقه مارسيلو الأمر وهو يقول بانزعاج :
" نعم توقف عن هذا، ليس كل صباح تعكر صفونا يا رجل "
خرجت همهمات مؤيدة من الجميع، ليبتسم انطونيو بسمة مخيفة وهو ينظر للجميع في الغرفة ثم صاح بغضب كبير :
" حقًا اصبحت أنا الظالم الآن؟؟؟؟ وانتم لا تخطئون ؟؟؟ اقسم أنني لم أر بحياتي من هو وغد بمقداركم، أنا من أتلقى التقريع من جدي لأجل حفنة من الاغبياء امثالكم "
نظر الجميع لبعضهم البعض ثم قال جاكيري وهو يهبط من الجهاز الذي كان يتدرب عليه وبعدها اقترب من أخيه يربت على كتفه قائلًا بجدية كبيرة :
" لا تحزن هكذا يا اخي فأنت تعلمهم جيدًا مجرد حمقى بأجساد ضخمة، لكن أنت يا اخي أصبحت في الفترة الأخيرة تتذمر من كل شيء كالنساء هل اصابتك تلك الفتاة بالعدوى حينما عضتك ؟؟"
أنهى جاكيري حديثه لينفجر الجميع في الضحك على انطونيو الذي ابتسم بسمة سوداوية وهو يهز رأسه بنعم :
" حسنًا عندما تنتهون من الضحك اريدكم امامي "
أنهى حديثه وهو يخرج من الغرفة تاركًا الجميع ينظر في أثره بخوف لما يمكن أن يفعل، فليس انطونيو من تمزح معه هذا المزاح، فمن بينهم جميعًا كان هو أكثرهم هيبة، ذو الوجه الفولاذي الذي لا يبتسم ولا يمزح أبدًا
" تبًا لك جاكيري "
كانت تلك كلمة ماركوس التي اتبعها بزجاجة المياه لتصطدم في رأس جاكيري من الخلف حيث كان يقف معطيًا للجميع ظهره يسمع صياح جايك الذي كان صامتًا :
" عسى أن تحترق في الجحيم يا حقير، لن أتعجب إن أرسلنا للقتال على الحدود هذه المرة "
استدار جاكيري لهم يرمقهم بنظرة مميتة :
" أنا لم أخبركم أن تضحكوا عليه "
أنهى حديثه وهو ينطلق لماركوس يتبع حديثه بلكمة عنيفة على فكه، تبعها لكمة على وجه جاكيري من مايك الذي صاح في وجهه :
" يدك عن اخي يا حقير "
ابتسم جاكيري بسمة مجنونة ثم وفي ثواني كان هناك قتال ينشب في المكان، وعلت الصيحات لينقلب الأمر لمباراة بين الجميع عدا فبريانو الذي كان يجلس ببرود في أحد الجوانب وهو يرتشف بضع قطرات مياه ثم نهض وهو يتجه لغرفته حتى يستحم وقد ملّ من ذلك العرض المعتاد للجميع .
_____________________________
نهض من على الأريكة بعنف شديد وهو يستمع للطرق على الباب الخاص به ليتجه صوبه سريعًا يعلم جيدًا الطارق، وبالفعل صدق ظنه وهو يرى أمامه امرأة تتشح بالاسود تسد مدخل بابه بجسدها الممتلئ وهي تصيح في وجهه بعنف :
" فين اختك يا اسكندر ؟؟؟ وديتها فين ؟؟؟ دي تالت مرة اجي وملقهاش "
ابتسم اسكندر لتلك السيدة ببرود وهو يجيب على اسئلتها :
" اختي مش هنا يا خالة وانا سبق وقولت كده ميت مرة فمش كل يوم والتاني تنطيلي هنا تسألي عليها "
شهقت السيدة وهي تعود للخلف بجسدها رافعة أحد حاجبيها اللذان قد حددتهما بقلم اسود وبشدة حتى أضحت تنافس سواد الليل :
" مش هنا ده ايه يا حبيبي ؟؟؟ وهي ازاي اساسا تتحرك من البيت وهي لسه على ذمة القضية "
ابتسم اسكندر بسماجة وهو يجييها :
" والله اختي مش على ذمة قضية ولا حاجة و أنتِ عارفة كده كويس اوي وعارفة إنها معملتش حاجة وحتى النيابة برأتها عشان كده هي مش مجبرة تفضل في المكان ده وكل اللي فيه شايفينها مجرمة "
نظرت له السيدة بعيون تشع نيران وهي تصرخ في وجهه :
" برأ ايه ؟؟؟؟؟؟ برأتها ده ايه يا عنيا ؟؟؟ القضية لسه شغالة واختك خرجت بكفالة لعدم كفاية الأدلة، لكن لسه متهمة يا عنيا، وكل اللي في الحارة دي عارف كويس اوي انها هي اللي حاولت تقتل بنتي وإن بنتي بين الحياة والموت دلوقتي بسبب اختك اللي مستحملتش أنها تاخد منها حبيبها اللي كانت بتدور على كل شعرها معاه "
" اخرسي قطع لسانك، أنا اختي اشرف من أي واحد في الحارة دي وبكرة برائتها تظهر ولغاية اليوم ده مشوفش وشك قدام بيتي سامعة, عن اذنك بقى يا ...يا خالتي"
أنهى حديثه وهو يغلق الباب بعنف شديد في وجه تلك السيدة ثم استند على الباب بضيق شديد، لا يصدق ما وقعت به أخته ....
" كان مستخبي كل ده فين ؟؟؟ ايه اللي وصلنا لكده يا رفقة ؟؟؟ يا رتنا ما جينا على الحارة دي ولا فكرنا في يوم نخطيها "
__________________
جلست مع ابنة خالها في ذلك المطعم وهي تستمع لحديثها التي لم تتوقف عن قصه عليها ....
" لكن تعرفي أنا اساسا عمري ما حبيت الشباب دول اصل انا عايزة واحد كده يكون هيبة وعافر ونجح بنفسه مش معتمد على حد فهماني ؟؟؟"
هزت روبين رأسها بنعم وهي تضع كوب العصير على الطاولة :
" أيوة فاهماكِ كويس .....وده احسن حاجة على فكرة "
ابتسمت لها اروى وهي تقترب منها تستند بذقنها على يدها متحدثة بفضول كبير :
" وأنتِ؟؟؟ "
"أنا ايه ؟؟؟"
نفخت اروى باستنكار من حديثها وهي تعود بظهرها قليلًا للخلف تلمح التوتر الذي على قسماتها من مجرد سؤال صغير :
" وأنتِ محصلش قبل كده وانجذبتي لحد أو مثلا ايه هي صفات الشخص اللي نفسك تتجوزيه وكده يعني "
فتحت روبين فمها قليلًا تفكر في إجابة لذلك دون أن تتطرق لأمور شخصية :
" لا في الحقيقة عمري ما فكرت في الموضوع ده ابدا "
رمقتها اروى بشك ثم هزت رأسها بحسنًا وهي تعود لتناول طعامها بهدوء حتى انتهوا منه ثم نهضت بسرعة وهي تقول بحماس :
" ودلوقتي جه وقت المتعة الحقيقية "
نظرت لها روبين بعدم فهم لتجدها تمسك بيدها وهي تجذبها بعنف من مكانها تسير بها خارج المكان مسرعة تردد على مسامعها عبارات غريبة عن قصر مسكون وعن مغامرة وشيكة جعلت روبين تتأكد أن الأمر لن ينتهي بخير أبدًا .....
__________________________
" اعتقد الآن أن عمل الجميع واضح صحيح ؟؟؟"
كان الجميع يحترق أمام برودة انطونيو وهو يكلفهم ببعض المهام التي قد لا يعودون منها أحياء وكل هذا لأجل مزحة سخيفة من ذلك القذر جاكيري والذي لم يُكلف نفسه عناء الحضور الآن، بل غادر بكل بساطة غير مهتم بشيء .
تحدث مارسيلو وهو يضغط على أسنانه بغيظ شديد :
" واضح يا حقير واضح "
أنهى مارسيلو حديثه وهو يخرج مسرعًا من الغرفة قبل قتله لانطونيو يلحق به جايك والذي وُضع معه في نفس المهمة ....
تاركين مايك يرمق انطونيو بشر كبير فهو أوكل له مهمة الانتهاء من العصابات التي تعسكر في ضواحي المدينة محاولة فرض سيطرتها ومنافسة مجموعتهم بكل سذاجة ....
" اتعلم يا انطونيو ؟؟؟ يومًا ما سأقتلك بيدي هاتين يا قذر تستحق ما قاله جاكيري عليك "
أنهى حديثه وهو يغادر المكان بغضب رفقة ماركوس وآدم اللذان سيذهبان معه في تلك المهمة وهو فقط يشعر كما لو أنه يشتعل داخليًا لا يطيق فكرة أن يطارد هؤلاء الحمقى طوال اليوم ثم يقودهم لأحد مخازنهم، يشبه الأمر كما لو أنه مزارع يطارد الدجاج ليدخلهم الحظيرة ...
" اخوك يكاد يشتعل أخشى أن يقتلنا في الطريق غيظًا من انطونيو "
نظر ماركوس لادم وهو يقول بخفوت ردًا عليه :
" اتمنى فقط أن أعود ليلًا لفراشي وانا قطعة واحدة "
_________________________
وها هي محاولتها المائة تفشل، فهي منذ وُضعت في ذلك المخزن البشع ذو الرائحة القذرة وهي تحاول مرارًا و تكرارًا الهرب لاعنة في نفسها كل من كان له يده في وصولها لهذه المرحلة فهي حتى الآن لا تدرك لما هي بالتحديد من وقعت في يد هؤلاء المجرمين ؟؟؟؟
جلست جولي ارضًا وهي تتنفس بحدة تشعر بطاقتها تنفذ متذكرة الآن أنها لم تتناول شيء منذ مدة كبيرة...
أسندت رأسها للخلف تفكر في إمكانية أن تصبح حياتها اسوء من هذا، طفولة مشردة وحياة صعبة واهانات من كل حدب وصوب، والآن تتساءل جديًا هل من مزيد ؟؟؟
الان فقط وفي هذه الحالة تذكرت كم هي بائسة، كم هي وحيدة، كم هي مشوهه داخليًا .
سقطت دموعها بدون وعي وهي ترى حياتها تمر أمامها، هي توقعت أن تكون نهايتها ميتة في منزلها دون أن يشعر بها أحد حتى تتعفن جثتها وتبدأ رائحتها تدق الابواب مترجية الجميع أن يشعروا بتلك البائسة، لكن يبدو أنها ستموت هنا، حسنًا للحق هذه موتة رحيمة مقارنة بما تخيلته .
ابتسمت من بين دموعها وهي تهز رأسها بيأس لافكارها السوداوية وهي من أقسمت أن تدفنها وللأبد، لكن لم تفلح في ذلك ...
ومن وسط كل تلك الأفكار السوداوية أبصرت نورًا خافتًا يأتي من بعيد لتنهض بسرعة تتحرك بحذر شديد صوب شعاع الضوء الذي كسر حدة الظلام في المكان لتجد أن الباب الخلفي للمخزن مفتوحًا ...
فتحت فمها ببلاهة لا تفهم الأمر، كيف ؟؟؟ هي متأكدة أنها حاولت مرات ومرات فتحه ولم تفلح، هل يعقل أنه فخ وبمجرد خروجها منه ستقتل كما ترى في الافلام ؟؟؟؟
ابتلعت ريقها وهي تقترب من الباب بأقدام مرتجفة وبشدة حتى أصبحت تقف أمامه لتمد يدها تفتحه أكثر تنظر بريبة للخارج تبحث عمن فتح لها الباب، لكن لم تجد أحد لذا سريعًا ودون حتى أن تفكر كانت تركض نحو الأسوار التي تظهر لها عالية من خلف الاشجار تسقط دموعها بعنف لا تصدق أنها قد تنجو من ذلك الأمر لتتوقف فجأة وهي تقف أمام باب الخروج والذي كان صخمًا جدًا يصعب تسلقه.
شعرت بالضعف حتى لمجرد المحاولة، لكن فجأة وجدت الأبواب تفتح على مصرعيها بشكل تلقائي، لتعود للخلف بريبة تنظر حولها تشعر أنها مراقبة، هناك من يفعل ذلك للنيل منها ...
بكت مجددًا بخوف وهي تفكر هل تعود مجددًا وتتجنب أي شيء قد يسرع عملية قتلها ام تجازف وتخرج الأن ؟؟؟
و بخطوات بطيئة كانت تقترب من الباب تعبره بقلب مرتجف وهي تنظر خلفها كل ثانية خوفًا أن تتلقى رصاصة أو ما شابه من الخلف، لكن للعجب لم يحدث شيء وها هي قد خرجت من حدود ذلك القصر لتبتسم بعدم تصديق ثم تتحرك قليلًا وهي ما زالت تنظر للباب تعطي ظهرها للطريق حتى استدارت فجأة تركض بعنف شديد وكأن حياتها تعتمد على ذلك تركض وهي تمسح دموعها بعنف، تضحك بعدم تصديق وهي تصرخ فرحة بما حدث .
وهناك في النافذة كان يقف وهو يراقبها ببسمة واسعة بعدما رآها تركض كطفلة صغيرة هامسًا بنبرة غامضة :
" الآن فقط ساعدتك على الهرب، لكن لنا لقاء قريب يا بنية العينين "
_________________________________
دخل المحل وهو يتلفت حوله بحثًا عن شيئًا ما متجاهلًا جميع النظرات التي توجهت صوبه فجأة وكأنه برأسين أو ما شاب...
تحرك ببطء مثير للاعصاب صوبها وهو لا يحيد بنظره عنها وهناك بسمة كبيرة ترتسم على فمه يمني نفسه بمتعة كبيرة، وقف أمامها يراقبها وهي تحدث أحد الزبائن بهدوء شديد وبسمة لطيفة غبية ترتسم على فمها ليقاطع هو كل ذلك بوقاحة :
" هيي .... أنت يا صغير "
رفعت عينها فجأة وهي تشعر وكأن ذلك الصوت مألوف جدًا على مسامعها، لتدرك عندما أبصرت صاحب الصوت أين سمعته، إنه ذلك الوقح مجددًا.
تجاهلته رفقة وهي تعود للزبون أمامها تعرض عليه قطعة ملابس :
" كما كنت اقول سيدي هذا النوع من القماش مــ ...."
" ألا تراني احدثك ؟؟؟ أريد كوب عصير بارد "
رفعت رفقة عينها له وهي ترمقه بشر تجز على أسنانها من وقاحته تلك :
" عفوًا يا سيد لكننا لا نبيع العصير هنا "
" إذا ماذا تبيعون ؟؟؟"
نظرت رفقة للثياب حولها ثم لقطعة الثياب في يدها ثم قالت بسخرية :
" نبيع اوراق تبغ "
تصنع جاكيري الصدمة وهو ينظر حوله ثم دفع بوجه الزبون بعيدًا وهو يهمس بريبة :
" يا فتى هذه الأشياء لا تقال في العلن هكذا ....هل يعلم والدك ما تعمل به ؟؟؟"
فتحت رفقة فمها مبتسمة بعدم تصديق، هذا الرجل يخرج حقًا اسوء ما فيها تشعر أنها تود لو تنقض عليه تقتله وتنتهي منه تمامًا :
" ماذا تريد يا سيد فأنت تعطل عملي هنا "
نظر جاكيري حوله ثم قال بسخرية :
" أي عمل هذا فلا أحد هنا سواي "
شعرت رفقة بغضبها يتصاعد في جميع أوردتها مهددًا بالانفجار في وجهه تتساءل لِمَ جاء هنا؟؟؟ هل يعقل أنه أرهق نفسه وجاء هنا لأجلها ؟؟؟ أم أن الأمر مجرد صدفة ؟؟؟؟
" حسنًا يا سيدي نحن هنا في محل ملابس كيف اساعدك ؟؟؟"
ابتسم جاكيري وهو ينظر حوله ببسمة ثم عاد بنظره لها وقال :
" اريد شراء بعض الملابس "
" حسنًا أي نوع من الملابس سيدي ؟؟؟"
دار جاكيري بعينيه في المكان كله ثم قال بلا اهتمام :
" ملابس رياضية..... اريد ملابس رياضية مريحة "
ابتسمت له رفقة بسمة عملية وهي تحاول أن تنحي جميع أفكارها الإجرامية جانبًا ثم تحركت من خلف المكتب الصغير وهي تجوب المحل بحثًا عن شيء يناسبه، واستمرت في ذلك لدقائق حتى عادت له تحمل بعض الثياب وهي تعطيها له :
" حسنًا اعتقد أن هذا سيناسبك سيدي "
ابتسم جاكيري بسمة خبيثة وهو ينظر بعينها :
" حقًا ؟؟؟ "
" ما رأيك أن تذهب وتقوم بتجربتهم ؟؟؟ غرفة القياس من هنا "
ابتسم لها جاكيري بسمة لم ترتح لها للحق وهو يمد يده يأخذ الثياب منها ثم ذهب حيث أشارت لتتنهد هي فجأة وكأنها كانت تكتم أنفاسها تلعن ذلك الوقح عديم الذوق في سرها....
" هييه يا فتى ...تعال لهنا "
تحركت رفقة صوب الصوت بتعجب لترى ما يريد، لذا وقفت خلف الباب وهي تقول بصوت منخفض :
" ماذا يا سيد هل هناك مشلكة في المقاس ؟؟؟"
" نعم يا صغير هناك مشكلة فهذه الثياب مقاسك أنت، لا تتسع حتى لذراعي، هل تحاول اغاظتي بتلك الطريقة ؟؟؟"
نظرت رفقة للباب بشر كبير تود لو تكسر ذلك الباب ثم تهجم عليه توسعه ضربًا حتى يصل صراخه لجميع المحلات المجاورة ليتعلم كيف يتصرف كالبشر الطبيعيين ...
" عفواً يا سيد لكنني أحضرت مقاسات كبيرة لا يعقل أنها ليست على مقاسك فلقد كــ....."
" لما لا ترى بنفسك؟؟"
لم تفهم رفقة حديثه وما كادت تفتح فمها لتستفسر عن قصده حتى أطلقت صرخة نسائية بامتياز هزت أرجاء المحل وهي تبصره يفتح الباب عاري الجذع كليًا .....
______________
ايه اللي جابنا هنا يا اروى خلينا نمشي "
جذبت اروى يد روبين سريعًا قبل أن تتحرك خطوة وهي تنظر بعينها في حماس شديد مشيرة للمنزل خلفها :
" القصر ده اكثر قصر مشهور في البلد كلها وناس كتير بتقول إنه قصر مسكون وفيه عفاريت ومحدش بيدخل فيه وبيخرج عايش أبدًا الموضوع عامل زي حكايات الرعب كده "
ارتعشت روبين وهي تطلع للقصر الذي كانت به في الأمس فقط تفكر في حديث اروى، كيف أنه مسكون وهي قابلت به أمس العديد من الأشخاص بالإضافة أنها خرجت منه حية ؟؟ هل يعقل أن اروى تختلق تلك القصص لتخيفها فقط !؟؟؟
" اروى أنا مش بحب كده، ومش بحب الحوارات دي ...خلينا نرجع البيت احسن "
ومجددًا منعتها اروى وهي تشير للقصر بحماس غبي قد يؤدي بها للموت :
" لا بلييز أنا ما صدقت الاقي حد وأصاحبه عشان اجي معاه هنا مخصوص أنتِ مش متخيلة أنا ازاي مستنية اليوم اللي ادخل واستكشف فيه المكان ده"
كانت روبين تراقب حماستها بتعجب، حيث كانت اروى تدور حول السور العالي للقصر محاولة إيجاد أي ثغرة تمكنها من الدخول وهي فقط كل ما تفكر به أن تتركها هنا وحدها وتركض بعيدًا، فهي في حياتها لا تفضل هكذا مغامرات بل كل ما تريده هو حياة هانئة هادئة لا اكثر ولا اقل .
خرجت من تفكيرها على صراخ اروى الذي جعلها تركض بهلع صوب صوتها تفكر في مائة فكرة وفكرة، وكلهم تبخروا بمجرد رؤيتها لسبب صراخها والذي كان أنها وجدت إحدى البوابات مفتوحة على مصرعيها لتقفز كما المجانين لا تصدق نفسها صائحة :
" مش مصدقة .... دي متيسرة والله أنتِ وشك حلو عليا...دي إشارة عشان ندخل "
تراجعت روبين للخلف ومازالت عند رأيها، أنها ابدًا لن تغامر وتـ.......توقفت عن التفكير وهي تجد نفسها بالفعل تتوسط الحديقة في ذلك القصر ومجددًا يتكرر كل شيء معها لتنظر حولها بريبة تبحث عن أحد في الإرجاء، لكن لا شيء كما اول مرة وكأن لا أحد يسكن المكان ...
" واو شايفة الجنينة لوحدها كبيرة ازاي ؟؟؟ ده الله يكون في عون الجنايني اللي بيقدر يظبطها كده دي تلاقيها قطمت وسطه "
وعند هذه الكلمة سافر عقلها لشاب ذو تيشرت اسود بلا اكمام وعضلات ليست بالهينة ابدًا يحمل فأس وهو يقطع الاخشاب بنظرات ترسل برودة في الجسد وبسمات عابثة ......
" هييييه يابنتي أنتِ روحتي فين ؟؟؟ ركزي معايا الله يكرمك، بقولك أنا هقف تحت الشجرة اللي هناك دي وأنتِ صوريني "
أنهت اروى حديثها وهي تركض لأحد الاماكن وهي تستظل بشجرة مبتسمة بسمة غبية بعض الشيء تتخذ وضعية التصوير مشيرة لروبين أن تبدأ وتصورها ....
شعرت روبين وللمرة التي لا تعلم عددها أنها تود الركض من هنا وتركها، لكنها رغم ذلك لم ترد أن تفسد فرحتها لذا أخرجت هاتفها سريعًا حتى تنتهي من الأمر ووجهته صوب اروى ثم أخذت لها العديد من الصور بأوضاع مختلفة ...
" اصبري اصبري ...خدي ليا صورة وانا عاملة نفسي مش واخدة بالي ...استني هوريكِ "
أنهت حديثها وهي تقف بوضعية معينة تنظر للسماء ببسمة مشرقة جعلت بسمة لا إرادية ترتسم على وجه روبين وهي تبدأ الاندماج معها ناسية الموقف الذي هم به، رفعت الهاتف وهي تبتعد قليلًا حتى تأخذ الصورة بشكل أفضل، لكن اثناء ذلك لاحظت شيء غريب يظهر في هاتفها لتدقق النظر وهي تقرب الصورة أكثر من ذلك الشيء الذي يتحرك والذي لم يكن سوى شاب لا يرتدي ثياب علوية يضع سماعة أذن وهو يرقص بشكل محترف وبشدة في مكان ليس بالبعيد عنهم، شهقت روبين بفزع وهي تنظر لاروى التي ابتعدت تصور المكان بهاتفها بينما روبين مازالت تراقب ذلك الشاب من الهاتف بصدمة وهو يحرك جسده بحركات مرنة وبشكل مبدع، لكنها لم تكن في حالة تسمح لها بالنظر والاستمتاع برقصه فهي شعرت بالرعب فجأة وهي تحاول الحديث لاروى دون جذب نظر .....
وبينما هي في هذه الحالة التي تشعر فيها بحاجتها الماسة لبخاخها وجدت يد تمتد من الخلف وتقرب الصورة أكثر ليصبح ذلك الشخص أوضح و أوضح تبعه صوت تعرفه خير معرفة ببحة لن تنساها يومًا وهو يقول بصوته الجاد :
" انظروا لذلك الوغد يعتقد نفسه مايكل جاكسون "
_________________________________
" هيا انهض لست متفرغًا لهذا الهراء "
هكذا تحدث مايك بنبرة لا تقبل النقاش وهو يسحب أحد الشباب في تلك العصابات من ثيابه بعنف شديد يجعلك تقف قليلًا مفكرًا هل ذلك المايك هو نفسه مايك العابث ؟؟؟
جذب مايك الرجل من ثيابه بعنف شديد يتحدث بنبرة مرعبة :
" لم يُخلق بعد من يتحدانا يا عزيزي "
أنهى حديثه وهو يلقيه ارضًا بعنف شديد ثم وفي ثواني كان هناك ثقب يتوسط رأسه من فعل رصاصته ليبتسم بسمة لا روح فيها وهو ينظر حوله يرى ماركوس و ادم قد انتهوا مما كانوا يفعلوا، ليهز رأسه برضا وهو يتنهد بتعب ينظر لذراعه الذي اصيب به للتو برصاصة طائشة كانت في طريقها لادم، لكنه تلقاها عنه ...
" انتهينا يا زعيم "
نظر مايك لادم الذي كان يقف خلفه يتحدث بهدوء وجدية كعادته وايضًا احترام، وهذه قاعدة أخرى من قواعد اليخاندرو وأحفاده وهي: الأكبر في كل مهمة هو القائد وبما أن مايك هو الأكبر هنا فهو بمثابة القائد لادم وماركوس .
هز مايك رأسه بحسنًا ثم نظر لأحد الرجال الذين أتوا معهم يأمره بعينه أن يجمع الاحياء منهم ثم يأخذهم للمخزن...
وما كاد يتحرك حتى سمع صيحة انثوية يتبعها صوت أحد رجاله وهو يقول بجدية وصوت صخري :
" سيدي وجدنا تلك الفتاة مختبئة بين الحطام "
استدار مايك ثم نظر للفتاة بلا تعابير واضحة على وجهه ثم أشار برأسه بلا اهتمام لرجاله :
" تخلصوا منها لا نحتاج لنساء معنا "
أنهى حديثه وهو يرحل لولا صرختها الفزعة التي خرجت بصوت جاهدت ليكون طبيعيًا لا يظهر عليه خوفها :
" انتظر .....أنا أعلم كل شيء قد تحتاجه للوصول لباقي العصابات "
توقف مايك في سيره ثم استدار ببطء ينظر لتلك الفتاة التي لا يظهر منها شيء فهي تضع قطعة قماش قذرة تخفي بها وجهها، لكن تلك العيون التي تظهر منها جذبته والحق يقال فتنته، لذا ابتسم بسمة صغيرة وهو يقترب منها قليلًا هامسًا قرب أذنها :
" للجحيم أنتِ و معلوماتك، أنا احصل على ما أريده دون مساومة يا هذه "
أنهى حديثه ثم أشار لرجاله بالتخلص منها لولا أنها وفي لحظة واحدة كانت تجذبه بعنف لها مخرجة أحد الأسلحة من ثيابها تصيح بالجميع أن يبتعدوا عنها :
" اقسم إن اقترب أحد مني لاقتله وأمام أعينكم، أنا لا املك شيء اخسره "
تبع حديثها ضحكة عالية هزت جميع ارجاء المكان، لكن تلك الضحكة لم تكن منها بل من ذلك الذي اعتقدت بكل غباء أنها تمكنت منه، فـ في ثوانٍ فقط كانت تتسطح ارضًا على وجهها وهو يقترب منها هامسًا بصوت مرعب جانبها :
" آه يا صغيرة لم أكن اتمنى أن نصل لتلك النقطة حقًا ليتك قُتلتي بسلام يا جميلتي، لكن أتعلمين اعجبتني وبشدة تلك الشجاعة الغبية لذا هيا انهضي وارحلي من هنا "
أنهى حديثه وهو يتحرك تاركًا إياها تنظر له بصدمة من بين دموعها لا تصدق حديثه تشعر أنه يدبر لها شيء لا تفهمه، لكنه ابتسم لها مجددًا تلك البسمة المخيفة مشيرًا بعينه صوب الباب وهو يأمر رجاله بعينه أن يبتعدوا ثم أشار بيده لها بمعنى اذهبي ...
نهضت الفتاة بتوجع من قدمها التي جُرحت بسبب السقطة التي سقطتها للتو تنفض ثيابها وهي ترمقه بشك ثم تحركت من جواره بخوف شديد تخفي خوفها أسفل نظراتها المتحدية له ...
وللعجب فقد صدق في حديثه وتركها ترحل، وها هي واخيرًا تخرج من ذلك المكان القذر لتركض فجأة وهي تنظر خلفها برعب شديد حتى ابتعدت عن المكان بمقدار لا بأس به واخيرًا سمحت لنفسها بالانهيار وهي تسقط ارضًا تصرخ بعنف شديد، لا تنتبه لتلك العيون التي لم تتركها ثانية منذ خروجها من المكان .
____________________________________________
وضعت رفقة يدها على فمها بصدمة وهي تستدير بسرعة تعطي ذلك الوقح ظهرها لا تصدق ما فعله للتو غير منتبهة لصرختها التي كانت انثوية وبحق، لتسمع فجأة ضحكات عالية تأتي من خلف ظهرها.
كان جاكيري ولأول مرة يضحك ومن قلبه على تلك الغبية التي نست للحظة أنها متنكرة في رجل، لا يصدق ما سمعه للتو يتخيل ماذا كان ليفعل إن حدث هذا قبل أن يعرف حقيقتها يقسم وقتها أنه كان سيظنها قد تحولت جنسيًا .
ابتلعت رفقة ريقها وهي تحاول التحرك من أمام غرفة التبديل بسرعة وسوف ترسل أحد زملائها في العمل هنا ليتولى هو أمر ذلك الرجل، لكن ما كادت تتحرك من مكانها حتى شعرت بيد تجذبها وبقوة لغرفة التبديل وتبعها اغلاق الباب، ليبدأ قلبها في إعلان حالة الطوارئ منبهًا عقلها أن تهرب وبسرعة، لكن يبدو أن لا استجابة من جسدها حيث كانت تحصر نفسها في زاوية الغرفة وهي ترمقه برعب شديد لا تعلم ماذا سيفعل، تفكر في رأسها أنه ربما يضربها انتقامًا منها على ما فعلته في المحل ذلك اليوم وعلى سبها له لكن ما حصل بعد ذلك جعلها تفتح فمها ببلاهة حيث مدّ يده لها بالثياب وهو يقول بكل جدية :
" ها هي الثياب بيدك ارني كيف ستدخلها في جسدي "
نظرت رفقة ببلاهة للثياب ثم رفعت نظرها له ليقول وهو يستدير معطيًا ظهره لها :
" انظر لعضلاتي الكبير "
نظرت رفقة له بخوف و قد تأكدت أنه ربما كان نرجسي أو متغطرس، لكن ما هي متأكدة منه أنه مجنون .....
" تلك الثياب الصغيرة لا تتسع لجسدي، لذا هيا خذ مقاساتي وأحضر لي ثيابًا أخرى غير تلك "
اغتاظت رفقة وبشدة من ذلك الحقير ثم وبدون مقدمات كانت تصفعه على ظهره بعنف معنفة إياه بغلظة :
" أنت أيها المنحرف ما دخلي أنا في مقاس عضلاتك ؟؟؟"
استدار جاكيري بها يرمقها باعتراض مصطنع :
" هل تتحدثون لزبائنكم دائمًا بهذه الوقاحة يا فتى ؟؟؟ أنا أخبرك أن الثياب لا تتسع لجسدي لذا خذ قياسي الصحيح واحضر لي ثياب غيرها"
" أتعلم أنت حقًا شخص وقح مزعج ومتغطرس وأنا صدقًا لم اعد اتحملك، لذا يا سيد أنا سوف استقيل من هذه الوظيفة عسى ألا ارى وجهك البغيض مجددًا "
أنهت حديثها وهي تخرج من الغرفة بعنف تاركة إياه ينظر في أثرها ضاحكًا وقد بدأ حقًا يستمتع بتلك اللعبة الصغيرة معه ...
شرع يرتدي ثيابه حتى يخرج، يكفي متعة لليوم عليه العودة ومواجهة أخيه الذي سيـ....
توقف جاكيري عما كان يفعل وهو يخرج سريعًا من المكان قبل أن يكمل ارتداء ملابسه ليرى سبب صرخات ذلك الصغير، ليتفاجئ أنه يقف في منتصف المحل وهو يرمق المكان الفارغ بصدمة وايضًا الباب المغلق والأضواء المطفئة تهمس بصدمة كبيرة لا تصدق ما تتعرض له :
" لقد أغلقوا المكان وتركونا بالداخل وحدنا ....."
________________________________
كان يراقبها بعيون صقر ينتظر في سيارته وهو يبتسم بخبث يراها تخرج من المطار يحيطها العديد من رجالها وكٱنها جوهرة نادرة الوجود، ابتسم يتحرك بسيارته يتبع السيارة التي صعدت لمتنها ينظر في المرآة المجاورة له يتأكد أن رجاله خلفه فاليوم لا تراجع عما قرره ....
بينما هي كانت تقود سيارتها ببسمة غامضة تراقب سيارته التي تتبعها بنظرات باردة تردد أن الحرب بدأت مبكرًا جدًا ...
نظرت جوارها لحارسها الشخصي وهي تقول ببسمة لعوبة :
" انظر يا ستارك يبدو أننا أصبحنا مهمين لدرجة أن حفيد فوستاريكي بشحمه ولحمه يهتم بنا "
نظر المدعو ستارك للخلف وهو يراقب تلك السيارة بعدم فهم :
" ماذا ؟؟؟ لما يلحق بنا ذلك الرجل ؟؟؟"
ابتسمت سيرينا وهي تقول وضحكاتها تعلو في المكان :
" اظن أنه يود أن يعيد الماضي مجددًا، حسنًا وانا جاهزة ؟؟"
أنهت حديثها بغمزة ثم وفجأة استدارت بسيارتها سريعًا تقف بها في منتصف الطريق تقطعه على سيارته الذي خرج من سيارته ببسمة وهو يقترب منها بشكل كبير ....
" مرحبًا بعودتك سيرينا العزيزة "
" سيد فوستاريكي اشتقت لك كثيرًا ، ألم تشتاق لي ؟؟"
اقترب منها أكثر وهو ينظر بعينها هامسًا بصوت بارد وبشدة :
" والآن وبما أنكِ عدتي لبلادك سيرينا، لدينا حساب لم ننتهي منه بعد "
رمقته سيرينا بنظرة مرعبة تدرك جيدًا مقصده وهدفه وراء ذلك الحديث لتقول بغضب يشتعل بها وبنبرة مخيفة رغم عمرها الذي تجاوز الخمسين منذ شهور قليلة :
" فلتذهب مع حساباتك للجحيم سيد فوستاريكي ابنتي لن تكون لك يومًا، على جثتي أسمعت ؟؟؟"
وها هي الحرب بدأت مجددًا، سيرينا إحدى أكبر الاعضاء في مجموعتهم والتي تكون أيضًا والدة المرأة التي خفق لها قلبه، الوحيدة التي أحبها وهو ليس مستعد أبدًا أن يخسرها......
" حسنًا سيرينا راقبيني وأنا آخذها من بين يديكِ وعندها صدقيني لن أسمح لأيًا كان أن يبعدها عني، ولا حتى أنتِ "
أنهى حديثه وهو يتحرك لسيارته ثم عاد بها للخلف واستدار يكمل طريقه ولي داخله يتوعد لها بالويل إن فكرت أن تحول بينه وبين حبيبته ..............
راقبت سيرينا رحيله وهي تستشاط غضبًا وقد ظنت أنه نسي الأمر ومحى ابنتها من قلبه بعدما اخذتها وسافرت بها حيث لا أحد يعرفهما، لكن يبدو أن حفيد اليخاندرو ليس بالخصم الهين الذي يمكن أن يستسلم أبدًا ...
" ستارك ....اتصل بروما واخبرها ألا تأتي لهنا حتى أخبرها بعكس ذلك "
" اسف سيدتي، لكن السيدة روما حدثتني من ساعة تقريبًا وأخبرتني أنها على وشك الصعود للطائرة واعتقد أنها الآن قد أصبحت على مشارف الوصول بالفعل "
أغمضت سيرينا عينها بغضب شديد ثم صرخت :
" إذا أرسل العديد من الرجال المطار ستارك لا أود أن تقع ابنتي بين يديّ حفيد اليخاندرو افعل كل شيء وأحضر لي ابنتي ..فهمت ؟؟؟"
" فهمت سيدتي، امرك "
____________________________________
انتفضت روبين وهي تنظر خلفها فزعة تراقب ذلك البستانيّ مجددًا والذي كان يبتسم لها ...
" ها أنتِ قد عدتي مجددًا "
ابتلعت روبين ريقها برعب وهي تنظر حولها تبحث عن اروى لتأخذها وترحل سريعًا من هنا قبل أن ينتبه لها أحد من سكان المنزل ...
" إنه...هي ...اروى ابنة خالي لقد جائت هنا لزيارة صديق وانا اتيت معها"
" صديق ؟؟؟؟"
ابتلعت ريقها وهي تهز رأسها بنعم تنظر في جميع الإرجاء عدا عينيه التي كان يرمقها بها بشكل مخيف جعلها تشعر كما لو أنه يكاد يخترق عقلها ...
" اممم حسنًا سوف نتحدث في هذا لاحقًا ...والآن جيد أنني وجدتك هنا فأنا كنت على وشك أن اتصل بكِ "
انتبهت له روبين بترقب ليكمل هو لها بنظرة عابثة :
" ألم تخبريني أنكِ ستساعديني في البحث عن وظيفة ؟؟؟؟"
هزت روبين رأسها بسرعة وهي تنظر له ليبتسم هو بسمة كان يقصد أن تكون بريئة، لكنها كانت مخيفة للحق :
" حسنًا ما رأيك غدًا نبحث عن وظيفة مناسبة لك ؟؟؟ اخبرني فيما تبرع فيه وانا سأحاول البحث معك عن شيء يناسبه "
نظر له فبريانو مفكرًا وهو يعد على أصابعه :
" حسنًا لنرى أنا استطيع استخدام جميع أنواع الأسلحة كما أنني اجيد التقطيع وايضًا ذبح ..... "
" الدواجن ؟؟؟"
" بل البشر "
نظرت له روبين بصدمة كبيرة وهي تعود للخلف وقد بدأت تخاف ذلك الشخص تشعر بجنونه، وفجأة شعرت بأحد يمسك بيدها وقد كانت اروى التي تحدثت بخوف شديد تظن أنه غاضب من وجودهم هنا ...
" نحن آسفات سيدي لم نقصد أبدًا التلصص بل كنا مرات فقط وجئنا لنلقي نظرة "
نظرت روبين لاروى وهي تشير لفبريانو الذي يرمق الاثنتان باستهانة كبيرة لا يصدق كيف يقف رفقة فتيات حمقاوات، لكن لا بأس هو ليس لديه ما يفعله بعد منعه من المهام لاسبوع كامل وكل ذلك بسبب الحقير مايك .
" متخافيش ده مش من صحاب البيت...ده الجنايني هنا شاب مسكين مفيش خوف منه ابدًا "
نظرت لها اروى بعدم فهم لما تقول :
" وأنتِ عرفتِ منين ؟؟؟ أنتِ تعرفيه ؟؟؟"
نظرت روبين ببسمة غبية لفبريانو ثم عادت بنظرها لاروى وهي تهمس لها:
" هحكيلك بعدين، لكن كل اللي لازم تعرفيه دلوقتي إن مفيش خوف منه "
أنهت حديثها وهي ترمق فبريانو ببسمة ثم قالت :
" إنها ابنة خالي قـ..."
توقفت عن الحديث وهي تنظر خلف فبريانو صارخة برعب تخفي جسدها فيه مستغلة فرق الطول بينهما لتخفي جسدها خلفه :
" لقد رآنا ذلك الراقص "
رفع فبريانو حاجبه وهو ينظر خلفه لذلك الذي يقترب منهم بتعجب لوقوفه بهذا الشكل ....
ليبتسم باستخاف وهو يسمع الفتاة تهتف برعب :
" ليتني لم استمع إلى تلك الحمقاء اروى سوف يرسلنا للشرطة من تحت رأسها وأنت يا مسكين سوف تفقد وظيفتك بسببنا وقبل حتى أن نجد لك وظيفة أخرى "
كتم فبريانو ضحكة كادت تفلت منه لينتبه فجأة على صوت خلفه وهو يقول :
" فبريانو ماذا تفعل هنا ؟؟ ومن تلك الفتاة التي تقف معك ؟؟؟؟"
______________________
كانت تركض وهي تشعر أنها قد أوشكت على خسارة كل طاقتها في الركض فهي منذ سمح لها ذلك الرجل بالرحيل وهي تركض في الطرقات لا تدري أين تأخذها قدمها حتى وجدت نفسها فجأة تقف أمام منزل صغير وهي تطرق عليه بعنف تكاد تسقط ارضًا من التعب ...
فُتح الباب لتسمع صوت مألوف لها وبشدة وكيف لا وهي كانت اعز صديقة لها طوال فترة طفولتها وحتى في شبابها ...
" تفضلي كيف اساعدك ؟؟؟"
رفعت عينها لتلك الواقفة بتعجب ثم أزاحت تلك القماشة التي تخفي وجهها وهي تقول بدموع غزيرة :
" هذه أنا يا جولي ....نورسين "
الفصل الخامس من هنا