رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الرابع 4 بقلم دينا جمال


رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الرابع بقلم دينا جمال

جلس جوارها أرضا من الجيد أنهم في الصيف وإلا كانوا تجمدوا من البرد بثيابهم الغارقة في المياه تلك ، تنهد قلقا يختلس النظر إليها بطرف عينيه ليراها تنظر صوب المياه تبكي ، ليزفر أنفاسه يغمغم مترفقا :

-بصي أنا مش هقولك على اللي بيحصلي في حياتي عشان ما ابقاش بعلي عليكِ في الحزن ، بس اقسملك أنا لو سلمت نفسي لشيطاني كان زماني انتحرت من سنين من اللي حصلي وشوفته ، ممكن تهدي صدقيني كل حاجة ليها حل

نظرت إليها لتطرف عينيها الدموع ، يواسيها ويحاول التخفيف عنها ، لو يعلم أنها هنا للإيقاع به ؟! ، رغما عنها هي هنا رغما عنها .. ظلت تنظر إليه بضع لحظات قبل أن تخفض عينيها تومأ برأسها ، تشعر بوخز عنيف في قلبها وعقلها جسدها بالكامل يرفض ما تفعل ولكن ما باليد حيلة ، رفعت وجهها إليه تعطيه شبح ابتسامة باهتة تشكره من جديد ، ليبتسم لها يومأ دون كلام ، يظنها ستغادر ولكنها ظلت عليها أن تفتح حديثا آخر ، فكرت وفكرت ولم تجد سوى أنها رفعت وجهها إليه تغمغم فجاءة :

-أنا جعانة

قطب جبينه متعجبا ما تقول ليغمغم يسألها:

-أنتِ بتقولي إيه معلش ؟

_بصراحة يعني أنا جعانة

نطقتها لترفع كفيها تخفي وجهها بهما خجلا ؛ ليبتسم ساخرا هو الآخر يكاد ينهار من الجوع لم يدخل معدته شيء منذ الصباح حتى الافطار لم يتناوله ، بسط كف معدته يغمغم محرجا:

_ما تفكرنيش بقى دا أنا ما كلتش حاجة من الصبح 

وضع يده في جيب سرواله يخرج محفظته متمنيا أن يجد الماء لم يصل للنقود ، امتعضت شفتيه حين وجد النقود جميعا تغرق في المياه لا جنية واحد جاف ، اخرج النقود من المحفظة يغمغم حانقا :

_الفلوس كلها مبلولة واكيد ما حدش هيرضى ياخد فلوس مبلولة ، هنشفها ازاي دلوقتي 

ازاحت كفيها عن وجهها تنظر للنقود في يده ، ربعت قدميها تمط شفتيها تغمغم :

_ما اعرفش بقى اتصرف وبعدين ما سبتش محفظتك ليه قبل ما تنط ورايا

توسعت حدقتيه ذهولا تلك الفتاة قطعا مجنونة أو شربت الكثير من المياه فباتت تهذي ، صاح فيها منفعلا :

_ أنتِ متخلفة يا بنتي استغفر الله العظيم يارب ، المفروض اقولك استنى يا انسة ما تغرقيش هشيل بس المحفظة والساعة قبل ما انط وراكي

ضحكت رغما عنها على ما يقول تتخيل شكله وهو يفعل ذلك ، ويبدو أن ضحكاتها أصابته بالعدوى ضحك في البداية بخفة يسخر منها قبل أن ينفجر هو الآخر في الضحك !

ظل يضحك لدقيقة كاملة ما أن هدأت ضحكاته نظر لها مدهوشا ، لا يصدق أنه يتفاعل مع فتاة بتلك السلاسة وكأنها يعرفها منذ أعوامٍ ، علاقته مع الفتيات ليست شبه سيئة بل هي سيئة ، كان دوما يتجنبهم حتى فتيات العائلة ... حين نظر إليه تبتسم ابتلع لعابه مرتبكا مما يحدث، ابتدأ اليوم بمشاهدة وإهانة من أبيه وانتهى بإنقاذه لتلك الفتاة الغريبة والآن يتحدث معها ويضحك وكأنهم أصدقاء منذ الصغر ، أصدرت معدته صوتا تخبره أنها لا تزال جائعة وأن يتوقف عن الضحك كمراهق أحمق ويبحث لها عن شئ تأكله ، ضحكت بخفة تمسح بيدها على معدتها هي الأخرى تغمغم محرجة :

-أنا كمان جعانة أوي على فكرة ، اقولك تعالا أنا هتصرف 

وقامت من على الأرض تتحرك أمامه تشير له ليتبعها ، ليبتسم مدهوشا من تلك الفتاة الغريبة تحرك خلفها ليراها تقف عند إحدى عربات طعام الشارع الذي لم يأكله يوما ! تشير له بأن يقترب وفعل ، حين وصل إليها رآها تقف جوار البائع أخذت المحفظة من يده تخرج بعض النقود منها تغمغم مبتسمة :

-مساء الخير يا حج ، معلش أنا وجوزي كنا في مركب في النيل ورجلي اتزحلقت ووقعت في الماية وهو نط ورايا والحمد لله لولاه كان زماني غرقت ، الفلوس سليمة والله هي بس اتبلت 

ابتسم لها الرجل العجوز يحرك رأسه موافقا يردف :

-ربنا يخليهولك يا بنتي ويسعدكوا ، ما فيش مشكلة طبعا ، انتوا عايزين ايه 

ابتسمت سعيدة تنظر إليه تهمس تسأله :

-تاكل ايه

قطب جبينه يرفع كتفيه يحادثها بصوت خفيض :

-ما اعرفش أنا عمري ما كلت من على عربية كبدة ، أنا ما باكلش من الشارع

توسعت حدقتيها تنظر له مستنكرة كيف لا يفعل ذلك ، الجميع يأكل من الشارع حتى هي حين كانت تعيش حياة الترف والثراء كانت تعشق أكل عربات الشارع ، ذلك الشاب غريب حقا؟! ، التفتت إلى البائع تغمغم مبتسمة:

- أربعة كبدة وأربعة سجق 

وما هي إلا دقائق وكانت تحمل طبق من الكرتون ، جلسا على حافة سور الكوبري لتؤرجح قدميها كطفلة صغيرة مدت يدها إلى أحد السندويشات تعطيها لها ، نظر لما في يدها لعدة لحظات مرتابا منه قبل أن يلتقطه من يدها رفعه إلى فمه يقضم قضمة منه ليهمهم متلذذا أحب طعمه على ما يبدو ، ابتسمت سعيدة لتلتقط ساندويتش هي الأخرى تقضم منه ، تشكره للمرة الثالثة :

-بجد أنا مش عارفة اشكرك إزاي ، أنا كنت جاية انتحر دلوقتي قاعدة باكل كبدة ، أنت اتبعتلي نجدة

لم يعتاد المدح رفع يده يضعها على رقبته محرجا ، ابتسم يومأ لها يهمس يحذرها : 

-المهم أنك ما تسمعيش كلام شيطانك تاني ، وعلى العموم فرصة سعيدة جدا إني اتعرفت عليكي يا آنسة طرب

لا هي ليست بالفرصة السعيدة لو علم الحقيقة ، ابتسمت مرتبكة يكملا تناول طعامها كل منهما ينظر في اتجاه عكس الآخر وكل منهما يختلس النظرات للآخر ، نظر لساعة يده ليجدها اقتربت على منتصف الليل ، لم يكن يريد العودة ولكن والدته بالطبع تحترق قلقا عليه الآن ، ابتلع لعابه ينظر لها يغمغم بنبرة خاملة :

-تعالي أوصلك عشان أنا لازم أروح ، والدتي مالهاش ذنب 

لم تفهم نصف جملته الآخر ، اومأت له ليكملا سريعا تناول المتبقي من الطعام ، تحركا على كورنيش النيل الجميع ينظر لثيابهم المبتلة ولكن ما البيد حيلة ، ود لو يخلع ما يرتديه ويضعه عليها ولكنه لا يريد سوى ذلك « التيشرت » ولن يسير عاريا في الشارع ، أوقف أول سيارة أجرة قابلته انحنى على النافذة المجاورة للسائق يغمغم :

-مساء الخير يا عم الحج ، معلش أنا والمدام كنا في نزهة نيلية وللاسف وقعنا في الماية ، هديك اللي أنت عاوزه بس للأسف الفلوس مبلولة ، عشان مش هينفع تفضل ماشية كدة والهدوم لازقة فيها بسبب الماية 

نظر السائق لهم مرتابا لعدة لحظات قبل أن يومأ موافقا ، ابتسم رعد يشكره ليتحرك سريعا فتح لها الباب الخلفي ليجلس هو جوار السائق ، وجه حديثه إليها كي لا يعلم السائق أن لا علاقة بينهما :

-زي ما اتفقنا يا طرب هوديكي عند خالتك وهروح اغير هدومي واجيب هدومك واحصلك ، هي خالتك عزلت فين صحيح أنا دايما بنسى عنوانها الجديد 

أخبرته بالعنوان بصوت مرتفع ليسمع السائق ويبدأ بالتحرك إلى هناك .. في الطريق اضطجع رعد برأسه إلى ظهر المقعد يغمض عينيه متعبا ، يشعر بجسده محطم وكأنه خرج توا من معركة دامية لأجل والدته فقط سيعود ، اختلس نظرة خاطفة صوب طرب ، ليراها تنظر للفراغ شاردة ملامح وجهها منقبضة ، ودَّ عدة مرات أن يسألها لما اقدمت على الانتحار ولكنه تراجع لا علاقة له بها من الأساس ربما تكن تلك المرة الأخيرة التي يراها فيها ، مَن يعرف ربما ؟!

وقفت بهم سيارة التاكسي عند عمارة سكنية في منطقة راقية للغاية نزلت من السيارة ابتسمت له تلوح له وداعا ، قبل أن تأخذ طريقها لداخل مدخل العمارة تطلب المصعد ، ما أن باتت داخله ضغط زر الإيقاف وانفجرت في البكاء في أقل من لحظة ، جلست أرضا تضم ساقيها لها تستند بجبينها إلى قبضة يدها تبكي ، تشعر بالاشمئزاز من نفسها ، لم يتردد لحظة لإنقاذها من الموت ، رأت في عينيه الألم يصرخ ومع ذلك كان يخبرها أن تتحلى بالصبى لم يتركها حتى تأكد أنها وصلت إلى بيتها ذلك ليست بيتها ، ذلك بيت ... لم تكمل حين وجدت باب المصعد يُفتح ويدخل هو إليه ، ابتسم حين رآها رفع يديه يصفق لها بخفة يغمغم معجبا :

-حقيقي شابو ، عجبني ادائك جداا ، بس كان لازم تخليه ياخد رقمك ولا تاخدي رقمه ، بس مش مهم هندبر لقاء تاني ، بتعيطي ليه بس ، إحنا لسه بنمهد ما بدأناش حتى !!

______________

في فيلا جاسر مهران 

التفت ودارت حول نفسها تخرج كل لحظة وإلى الشرفة تنظر للحديقة ، فؤادها يتصدع إلى ألف قطعة ، رعد لم يعد بعد انتصف الليل ولم يعد ، دخل جاسر إلى الغرفة يتحدث في هاتفه يغمغم منفعلا :

- تقلبوا الدنيا عليه أنا بدفعلكوت كل شهر قد كدة عشان تفضلوا ماشيين ورايا بالعربيات بس ، مش بتاعتي دي .. اتصرفوا 

وأغلق الخط حين نظر صوب زوجته رآها تنظر إليه تبتسم ساخرة ، اقتربت تقف أمامه تردف تتهكم منه :

-بجد قلقان عليه ، بعد ما طردته وأهانته قدام الشركة كلها ، قلقان عليه وأنت بتعامله أسوء معاملة ، خليت حتى أخواته الصغيرين يخافوا منه ويفتكروه شخص وحش عشان كدة أنت دايما بتزعقله ، رعد عمره ما كان وحش ، رعد طيب وحنين بس أنت اللي مصمم دايما تصطدله أي غلط من وهو عيل صغير 


لم يجد ما يقوله فصمتت كعادته حين لا يريد أن يجيب ، فما كان منها إلا أن أن اقتربت منه تصرخ فيه بحرقة :

-أنا عايزة ابني ... هاتلي ابني ، زي ما مشي بسببك ترجعه ، أنا عايزة ابني 

وانهاااارت تبكي حاول الاقتراب منها لتدفعه بعيدا عنها ، سمعت صوت زامور سيارة لتهرع إلى الشرفة رأت سيارة تاكسي تقف ورعد ينزل منها توسعت عينيها تبتسم سعيدة ، هرولت للغرفة تهبط إليه 

في الأسفل كان يجلس يوسف ومريم وچوري يحاول كل منهم الوصول له إلى أن رأوا والدتهم تهبط السلم ركضا تغمغم فرحة :

-رعد برة 

هب يوسف من مكانه يركض للخارج ليرى شقيقه يقترب منهم ، هرع إليه يعانقه تنهد بعمق يغمغم :

-حرام عليك يا اخي نشفت دمنا ، ماما كان هيجرالها حاجة من قلقها عليك ، خشلها بسرعة 

اومأ برأسه ليترك شقيقه ويتحرك شبه راكضا صوب والدته ، ادمعت عينيه حين رأها تبكي هرع إليها لتحتضنه تشد عليه خوفا وكأنه سيهرب ، علا صوت نحيبها تحادثه بحرقة :

-حرام عليك ، توجع قلبي عليك كل دا ، أنت مالك هدومك مبلولة ليه كدة ، أنت كويس حصلك ايه 

ابعدها عنه قليلا يقبل جبينها يطمأنها :

- أنا كويس ما تقلقيش يا ماما 

اقتربت چوري ومريم منه يعانقانه ، بكت چوري تغمغم تعاتبه :

-كنت حاسة بيك طول الوقت ، كنت عارفة أنك كويس بس حزين ، ما تبعدش تاني يا رعد ، حقك عليا بس أرجوك ما تبعدش تاني ، هكلم مين آخر اليوم واحكيله على اللي حصل ، هرخم على مين كل ليلة قبل ما ننام عشان خاطري ما تبعدش تاني 


أما هو فكان يقف بعيدا عند نهاية السلم ينظر لولده ، يود فقط في تلك اللحظة أن يعانقه يعتذر له عما اقترفت يداه في حقه ، ولكن في اللحظة التي رفع فيها رعد عينيه ينظر لوالده انقبض فؤاد جاسر ألما ، رأى نظرة خاوية من أي مشاعر يوجهها ولده إليه ، رأى جاسر القديم صاحب النظرات الفارغة من اي مشاعر هناك يقف أمامه ، تحرك رعد متجها إليه وقف أمامه ظل ينظر إليه لدقيقة كاملة في صمت كامل قبل أن يتمتم بصوت خالٍ من اي مشاعر :

- أنا مستقيل يا جاسر باشا ، عن إذنك 

وتركه يقف مكانه وصعد لغرفته بالأعلى ، دخل إلى غرفته يوصد بابه بالمفتاح ، توجه إلى المرحاض يتخلص من ثيابه المبللة وقف أسفل المرش يشعر ببرودة المياه تنهمر على جسده لتلوح على ثغره إبتسامة صغيرة حين تذكرها وهي تجلس أمامها تقضم من تلك الشطائر ، بدت كطفلة صغيرة وهي تفعل ذلك ، شئ بداخله أراد أن يراها من جديد ، شئ بداخله يحثه أن يذهب غدا لنفس العنوان ليطمأن عليها ، علها تحتاج للمساعدة منه ، فهو إلى الآن لم يعلم لما أقدمت على الانتحار ، ربما تعاني الكثير لتفعل وتحتاج ليد عون تكن جوارها ، انتهى من الاستحمام وقف أمام مرآته ينظر لانعكاس صورته يقرر التالي سيذهب إليها غدا صباحا أو بعد الظهيرة ليطمأن عليها ، ليس هناك ضرر من فعل ذلك أليس كذلك ؟!

ارتمى على الفراش يطوي ذراعيه خلف رأسه ينظر للسقف شاردا، لا يعرف لما تلك الفتاة الغريبة صاحبة الإسم الغريب ترفض ترك أفكاره 

____________

على صعيد آخر في منزل ياسر ونرمين 

في غرفة جاسر الطبيب النفسي استلقى جاسر على فراشه يفكر في حالة رقية ، هو نادرا ما ينشغل بحالة حتى يأخذ أفكارها معه للبيت دوما ما كان يجيد التخلص من اي فكرة تتعلق بأي مريض بمجرد خروجه من عيادته ولكن حالة رقية ترفض الخروج من رأسه يفكر فيها في كل لحظة بشكل مستفز ، فتح هاتفه ينظر للرسائل التي بعثها له جاسوسه كان من ضمنها رابط صفحتها على موقع الفيس بوك كيف لم يلاحظ ، فتح الرابط يتصفح صفحتها ، اقتباسات حزينة صور كئيبة تلك الفتاة تعاني من الوحدة على ما يبدو ، هل يدخل بنفس الطريقة التي دخل بها حاتم إلى رقية ولكنه ليس بالوغد الدنئ ليعذب فتاة ويغتصبها ، ارسل لها طلب صداقة وأرسل لها رسالة كتب فيها ( مساء الخير ، آسف للازعاج أنا دكتور جاسر ، دكتور نفسي ، وبروفايلي موثق لو في اي شك ، حابب اتكلم معاكي في موضوع ما لو تسمحي طبعا )

وانتظر فضول الانثي لتعرف ، رأت الرسالة وظلت صامتة بالطبع تتصفح الآن صفحته الشخصية لتتأكد من صدق كلامه ولكن صفحته بها الألف من الاشادات بمدي براعته في مهنته ، بعد مرور عشر دقائق اجابت ترسل له 

(مساء الخير ، خير حضرتك)

ابتسم ينظر لرسالتها يشعر بالانتصار حرك أصابعه على سطح هاتفه يرسل لها 

( اعتقد أنك اتأكدتي إني دي مش صفحة فيك ، فيس بوك مش هيوثق صفحة فيك ، أنا شوفت بوست ليكِ بالصدفة ودخلت على بروفايلك من تحليلي لبوستاتك أنتِ شخصية وحيدة أوي والوحدة دي للأسف أول أبواب الاكتئاب)

رأت رسالته وقرأتها وكتبت رد صغير للغاية 

( ايوة يعني وبعدين مش فاهمة عاوز ايه )

هنا كان يجب أن يلاعبها بأحد ألعابه الطبية أرسل لها ثلاثة صور يطلب منها الاختيار بينهم وفعلت فابتسم كان متأكدا أنها ستختار تلك الصورة ليرسل لها :

-الصور دي إختبار بسيط جدا لقياس درجة تقبل عقلك للاكتئاب وزي ما توقعت عقلك مستعد ليه جداا ، خليني اساعدك لو تحبي طبعا ومن غير فلوس ، أنا بعمل كدة دايما ، أنتِ مش أول حالة وأنا آسف على كلمة حالة ) 

وانتظر ردها ، علم أنها ستتأخر ، ستكون مترددة ربما لن توافق في البداية ولكن في الاغلب ستوافق مرت عدة دقائق قبل أن ترسل له 

(ماشي أنا موافقة ) 

ابتسم يرسل لها سريعا:

-مبدئيا أنا عمري ما هطلب منك اي معلومات شخصية ولا صور ولا الهبل دا ، ثانيا ميعاد جلستنا كل يوم الساعة 11 على ما اكون رجعت من العيادة معلش ، ثالثا في اي وقت حسيتي أنك مش عاوزة تكملي قوليلي وكأن شيئا لم يكن )

وردت بالموافقة ليلقي الهاتف جواره يبتسم سعيدا ما أسهل خداع حواء ؟! 

__________

عودة لفيلا جاسر مهران 

حاولت رؤى عدة مرات أن تجعل رعد يتناول الطعام دون فائدة وانتهى الوضع بأن كل دخل إلى غرفته ليخلد للنوم 

في غرفة يوسف تحديدا ، كان يتصفح هاتفه قبل النوم كعادته يشاهد تلك الفيديوهات العميقة التي لا نفع منها حتى يسقط في النوم كما اعتاد ، في أثناء مشاهدته وصلت له رسالة من صديقه في المدرسة بعث له فيها 

( يوسف إنت لسه صاحي )

قطب جبينه متعجبا من رسالته المتأخرة ولكنه قرر الرد خوفا من أن يكن لدى صديقه مشكلة 

( ايوة يا وليد لسه صاحي في حاجة ولا ايه )

انتظر بضع لحظات إلى أن وجد وليد يبعث له بمقطع فيديو فتحه دون أن يشك في شئ لتتسع حدقتيه حين رأى ما فيه اغلقه سريعا يستغفر الله ، اعتدل جالسا يرسل لصديقه غاضبا :

-ايه القرف اللي أنت باعته دا يا وليد ، أنت اتجننت يعني ، فيديو زفت مقرف وكمان اللي فيه شواذ 

ارسل صديقه له وجه يضحك ليرسل له بعد ذلك :

(يا إبني فين المشكلة دي حرية شخصية ، أنا غلطان إني قولت اشاركك ، شكلك دماغك حجر زي ناس كتير ، على فكرة كل واحد حر ) 

توسعت حدقتي يوسف مذهولا ليرسل له سريعا :

-أنت اتجننت يا وليد دا حرام وذنب ومن الكبائر 

وجائه الرد الصادم :

-ماشي يا عم الشيخ سلام ، أشوفك بكرة في الدرس وهقولك اللي أنت مش عارفه 

ليرد يوسف عليه :

( اللي أنا مش عارفه ، هو ايه اللي أنا مش عارفه بالظبط ؟! )

وجاءه الرد الأخير الذي جعله يتصنم مكانه من المفاجأة 

( بصراحة بقى يا يوسف أنا معجب بيك ) !!!

الفصل الخامس من هنا

تعليقات



×