رواية عشق الادهم الجزء الثانى (طغيان) الفصل الرابع 4 بقلم شهد السيد

رواية عشق الادهم الجزء الثانى (طغيان) الفصل الرابع بقلم شهد السيد


- لقد غلب قلبه الأسى، وصار يبكي في أي مكان وأمام أي شخص، إنها المرة الأولى التي لم تعد دموعه تعني شيئًا أكثر من كونه مُتعبًا وحسب.


تركت الفرشاة من يدها تزفر بحرارة وأعينها معلقة فوق صورتها المنعكسة بالمرأة لقائهم يعاد برأسها من جديد


"عودة لمدينة الألعاب" 


ظهر فوق شفتيها شبه إبتسامة صغيرة وهى تجيبه بأسي: 

_معدش ينفع يا جاسر، خلينا كده ربنا يوفقك فى حياتك ويهدى بالك... 


قاطعها سريعًا بتلهف وألم رأته يتجسد بطبقة رقيقة من الدموع بأعينه: 

_غلطان وندمان وبضرب نفسى مية قلم على غبائى بس والله كان غصب عنى أدينى فرصة أشرحلك وتسمعينى؛ معدش باقيلي غيرك يا سارة والله ندمان وبطلب من ربنا يسامحنى ويخليكِ تسامحينى. 


تعثر آدم برابطة حذائه ليسقط باكيًا لتنهض سريعًا تحمله من فوق الأرض تتفقده بقلق وتحاول تهدئته وجاسر لجوارها، وعندما هدء التفتت لجاسر تحدثة بهدوء: 

_أنا آسفه مُضطره أمشى عن أذنك. 


"عودة للوقت الحاضر"


نهضت تغلق الأضواء لكن صدح هاتفها برنين مرتفع، أسرعت بأمساك الهاتف خشية من إستيقاظ صغيرها لتجد جاسر هو المتصل، نظرت للساعة التى تشير للثانية ليلًا وترددت قبل ان ترفض المكالمة لكنه عاود الإتصال حتى أجابت وأتها صوته الذى كان بطيئًا غائب عن الوعى:


_سارة حبيبتي..أنا تحت جيتلك..جيت مشى..أدهم مــمسافر ومازن مش بيرد وأنا..أنا معنديش غيرك. 


أبعدت ستار الشرفة لتجده بالفعل واقفًا ينظر لغرفتها وبيده الأخري زجاجة لم تستطيع تبين هويتها، أجابته بصوت هادئ متماسك: 


_جاسر لو سمحت مينفعش كده روح ونتكلم الصبح بابا نايم ومش هينفع أنزل. 


صمت للحظات قبل أن يجيبها بنبرة أقرب للبكاء: 


_هو انتِ خلاص كرهتينى ومش عاوزه تشوفينى.؟ 

خايفة منى طيب أنا هفوق أنا عاوز اشوفك واحكيلك بس وهمشى..والله همشى. 


تركت الستار وشددت من ضم يدها، شيئًا ما بداخلها لم يستطيع الصمود، رغم الفراق لم تكره! 


أمسكت برداء الصلاة ترتدية وهبطت تخرج من المنزل بحذر لتجده جلس فوق الرصيف يرتشف من تلك الزجاجة بشراهة، جلست جوارة تنظر لهيئتة المزرية للغاية ولزجاجة الكحول التى بيده، مدت يدها تأخذها منه ولم يمناعها وتركها لها وظل ينظر لها بصمت طال وأربكها قبل ان يتحدث بصوت ثقيل مغيب: 


_شكلك حلو..ميختلفش عن أول مره شوفتك فيها؛ انتِ دايمًا حلوه ونضيفة بس أنا جرحتك..غبى. 


انهى حديثة بأزدراء من نفسه يضرب يده بالأرضية بقوة ونظر أمامه وعاد ينظر لها يحدثها بسلاسة وكلمات غير مرتب لها مسبقًا: 


_عارفة نسمه.؟ 

أخوها كان..أتمسك بحشيش بجالى القسم وحبسته ومرضيتش أقابل حد من أهله، دى فتحت الباب ودخلت تعيط وتلطم وأنا..سبتها مخليتش حد من العساكر يشدها يطلعها حاولت أفهمها أنه مش هينفع يطلع ولما لقت مفيش فايدة من الكلام معايا قطعت العباية بتاعتها و..وصوتت جامد وفضلت تزق فيا..العساكر دخلت وقالت انى..انى كنت بتهجم عليها وخوفتها لو مخلتنيش اخد اللى عاوزه هفضل حابس أخوها. 


صمت عن الحديث يضحك ببطئ وهو يبعثر خصلات شعره أكثر مما هى عليه وأكمل: 


_لعبوها صح اوى..عارفه المثل اللى بيقولك ناسبنا الحكومة.؟ 

هما جريوا ورا كده وعرفوا فعلًا يلبسونى الليلة وابوها دخل وقال راجل ومراته وبينهم سوء تفاهم، ويا تكتب عليها يا هنشتكيك ونفصلك ونخلى سمعتك بجلاجل وطبعًا كلامها هى اللى هيكون مصدق مش أنا.


أخرج سيجارة من جيب بنطالة وأشعلها ينفث دخانها بعدم وعى وتحولت أعينه للأحمر القاني وهو يكمل: 


_كتبت عليها وكنت همشي قال لأ..سمعت بنتي فى الحارة يقولوا جوزها سابها فى ليلة الدخلة.؟ 

طلعت شقتها اللى فى بيت أبوها واترمت تحت رجلى تعيط وتقول انها مجبورة على اللى عملته وانها مش وحشة و..وصدقتها. 


ومع اول شعاع نور ظهر فى السما رجعتلك جرى فضلت قاعد جمبك وانتِ نايمه خايف اقربلك..حاسس بخيانتى وانى وحش اوى وعشان اعاقب نفسى بقيت ببعد عنك وطريقتى معاكِ زعلتك وزادت خناقتنا، روحتلها عشان أطلقها لقيت أبوها نازل فيها ضرب وهى تصوت، حجزت بينهم وقولتلهم محدش يمد ايده عليها تانى وهى فضلت تعيط وتبوس فى ايدي تقولى خليني على ذمتك وفى حمايتك ومش هتحس بيا. 


بعديها بفترة تقولى هو أنا وحشة عشان متقربليش.؟ 

زعقتيلها وسبتها ومشيت ودى كانت تالت مره اروحلها لحد ما أتصلت بيا فى مره بليل وفضلت تعيط وتقول ضربوني وقصولى شعري، روحت وفى نيتي اطلقها وابعدها عنهم واساعدها لحد ما تشتغل لقيتها لابسه ومتشيكة على الآخر وده حقك وحقي وأنا مراتك، رفضت أقربلها وشربتني عصير عشان أهدى وممشيش ومحستش بحاجه غير الصبح وأنا وهى فى نفس السرير. 


قومت وزعقت واتعصبت وبنت الحرام كان بالإتفاق معاهم تحطلي مخدرات فى العصير عشان اعمل اللى عملته، ولما قفشت معاها شريط البرشام ضربتها، كان أول مره أمدّ ايدي على واحده جيت أطلقها لقيت نفسي ماضي شيك على بياض وحاطين فيه أتنين مليون جنية غير أمضتي على قايمة بنص مليون. 


طيحت فيهم كلهم زى المجنون مبقتش عارف بكسر اى ولا بعمل اى وسبتهم ومشيت وأنا زى الغرقان فى بحر مش لاقى قشاية نجاة، بقيت مضطر أطلع اخواتها لو اتحبسوا، اروحلها..كان كل همى انتِ متعرفيش ومبقتش قادر ارجعك لما مشيتي ومبقتش قادر أسيبك، مش عاوز غيرك بس دراعى ملوي بيكِ. 


قبلتى ترجعي وقولت طُز فى كل حاجه المهم إنك معايا وهنرجع زى الأول واحسن، هى نارها قادت مبقتش تقول عليكِ غير السفيرة عزيزة بسبب معاملتي وحبى ليكِ، ولا بقيت اروحلها ولا اقربلها حتى بقيت تضغط عليا فـ بقيت اقربلها وأنا قرفان من نفسى وخايف أبصلك بعديها، شافت مره صورة ليكِ عندى وانتِ لسه حامل غارت اوى وراحت كشفت وعرفت أنها مبتخلفش ولازم علاج وموال حمدت ربنا واعتبرتها قشاية نجاة منه عشان مفيش حاجه تربطني بيهم، ومبقتش اروحلها خالص وفضلت معاكِ لحد اليوم اللى..اللى عرفتي فيه وجاتلي بعد ما انتِ مشيتي كانت عارفه إنك هتسبيني، بعدتك عنى..حتى عمتي ورفعت اتهتمت رفعت أنه بيتحرش بيها. 


أنا غلطان مش هنكر بس أنا تعبت والله تعبت ومبقتش عاوز غيرك انتِ وآدم ولو هطلقها واشحت بعديها بس أدفعلهم الفلوس دى معنديش مانع وهبقى مرضى بس ترجعيلي وتسامحيني، ربنا بيسامح ومفيش بنى آدم مش خطاء وأنا غلطت واعترفت وطالب منك تسامحيني وتخليكِ جمبى، ضهري مكسور من غيرك! 


أنهى حديثة وأنسابت دمعة حزينة من أعينه ينظر لوجهها الباكي بأنتظار إجابتها التى ستكون بمثابة حُكم صدر عليه مدى حياته، أما بالغفران او دوام العذاب، ليجدها تزفر طويلًا وهى تنظر أمامها تحدثة بصوت متحشرج: 


_حقيقي مش عارفه اقولك ايه، هما يمكن لعبوها صح عليك زى ما بتقول عشان تبقي فرد من عيلتهم وتخدم مصالحهم، بس..مش قادره أنسى ولا قادره أسامح ولا قادره حتى أكرهك! 

لو ندمان فعلًا حاول تبينلي إنك بتصلح اللى عملته فيا، مبقتش بصدق الكلام، عاوزه أفعال! 


_____________________________


صوت أقدام بطيئة تأتى من خلفة لتزداد إنتفاضة جسده وصرخ يحاول فك قيد يده وقدمه ليتحرر من ذلك المقعد الجالس فوقه ومقيد به تغطي أعينه شريطة سوداء عريضة: 


_شو بدكم منى، مين أنتم وليك! 


شعر بقبضة عنيفة تمسك بخصلات شعره وصوت غريب عنه يهمس بأذنه بوعيد ناري: 


_أتمنيت اللحظة دى من زمان، إنك تبقى بين ايدي زى ماهى كانت بين إيدك، عشان أدوقك جزء من اللى هى شافته، عشان أخليك تحس بحرقة قلبي وحسرتي. 


أنتفض جسده برعب سرى بأوصاله لينتبه لصوت أقدام آخري ويد أفلتت رأسه من يد الآخر والتى لم تكن سوى يد أدهم الذي أبعد حازم عن نصار قبل أن يفقد عقله عليه: 


_بس. 


أبعد حازم أدهم عنه ورفع يده بتحذير طاغي وقلب ملتاع بالنيران:


_متقوليش بس محدش فيكم له دعوة انتوا النهاردة مجرد ضيوف شرف، وهو بطلة الليلة. 


تقدم من نصار يمسكه من تلابيب ملابسه حتى ينهض وهو مقيد وباغته بلكمة عنيفة وأعينه تلتمع بشرارات الغل والإنتقام، لم يدع له الفرصة وأنقض فوقة يتوالى عليه بالضربات المتفرقة وهو يسبه بالعديد من الألفاظ لا يرى سواها وهى جالسة ترتعش وملابسها ممزقة، خائفة من كل لمسة تتعرض لها. 


أقترب مختار يبعده من فوقة رغمًا عنه عندما تحولت صرخات نصار للبكاء، أشار أدهم للطبيب بعيدًا بالإقتراب قائلًا:


_إخلص شوف شغلك خلينا نمشي. 


أقترب الطبيب من نصار يسحبه بمساعدة مختار فوق الفراش الحديدي الصغير وقيده مختار جيدًا ليبدأ الطبيب بنزع ملابس نصار لينتفض الأخر صارخًا برعب: 


_بعدوا عنى، شو بدكم منى شو سويت إلكم بعدوا عنى. 


قبض حازم فوق فك نصار بعنف يثبت رأسه ينظر للكدمات المتفرقة على وجهة يجيبه بتشفي: 


_انتَ حرقت قلوب ودمرت ناس بحقارتك وشهوتك الـ**** يا *** واللى هيحصلك ده عشان متبقاش حيوان ناحية اى ست خلقها ربنا تانى، أصل أنا حبيت اعاقبك على طريقة بلاد برا بس هما هناك بيستخدموا مع المغتصبين مواد كميائية فى الإخصاء، أنا بقى جبتلك دكتور إيده تتلف فى حرير ومن غير بنج عشان تسمعني جمال صوتك. 


أزداد تلوي جسده وعلت صرخاته حتى كاد يفقد صوته ليضع مختار قماشة عريضة فوق فمة يكتم بها صرخاته المتواصلة وأنضم لهم بعيدًا يستمع لحديث أدهم: 


_مكنش لازم تديله طرف الخيط وتعرفه اللى بيحصل فيه ده ليه. 


نظر حازم نحوه يجيب أدهم بصوت منخفض بعض الشئ: 


_معدش فارق معايا شئ غير انى جبت حقها. 


أغمض أعينه بتشفي تزامنًا مع صرخه طويلة نبعت من نصار، زفر بتروي وهو يشعر كأن كوب ماء مثلج سكب فوق حريق قلبه، يستطيع الآن ان يقول بأنه فاز بها بعدما ثأر لها.! 


___________________________


هبط من فوق دراجته النارية يتقدم نحوها لتقف بمنتصف الحديقة تعقد يدها بضيق تشيح وجهها بعيدًا عنه ليمسك بفكها بين يديه يضغط فوقه ببعض القوة: 

_أنا بتعمليلي بلوك يا جودى وبتخلعي الدبلة ده أنا هخلع راسك واركبها على عصاية مقشة. 


جرحت يده بأظافرها ليبتعد عنها يتمتم بكلمات غاضبة لتضربه بذراعه بعنف: 

_عاوز اى يا حشاش يا خاين هاه.؟ 

جايلي ليه روح شوفلك سجارة اشربها والله لقول لادهم اخليه يمسح بوشك بلاط القاهرة رايح جاى. 


رفع يده عاليًا يود لكمها يجيبها من بين أسنانه: 

_ده أنا نفسى أتجوزك مش حبًا فيكِ لاا عشان أصبحك بعلقة وامسيكِ بعلقة لجل جنانك ده. 


دفعته بعيدًا تصيح بوجهة بغضب قائلة: 

_امشي يالا امشي روح بيتكم يلا. 


تفاجأت به يمسك بخصلات شعرها يحرك رأسها يمينًا ويسارًا بوعيد:

_بت أنا صبرت عليكِ كتير خلااص هتلمى الدور ولا اعلقك من رجلك دلوقتي وأنا مش طايقك ولا طايق حد. 


زفرت بضيق تهندم من وضع ملابسها وعقدت يدها تجيبه بهدوء نسبي: 

_سيب شعري طيب. 


ترك خصلات شعرها بضيق ليتفاجئ بها تدفعه بعنف وتركض لداخل المنزل من جديد تخرج له لسانها كـ طفلة أنتصرت للتو، أشار لها بالتوعد وهو يكاد يخرج الأدخنه من أذنيه وأنطلق مغادرًا لتغلق الباب وتخرج خاتم خطبتهم من جيب سترتها ترتديه تتمتم بصوت منخفض:

_قال أخلع دبلتي قال عبيط ده ولا اى! 


________________________________


ترك الطبيب الأوراق التى بيده وظفر بتروى ينظر لقسمات وجهها المتلهفة ليجيبها بصوت هادئ رزين: 

_منكرش إن فيه تحسن واضح جدًا فى التحاليل وده يخلى اى حد بوضعكم يخلف بس انتِ..مش عارف فى حاجة غلط. 


بهت وجهها وهى تسأله بصوت مهتز: 

_يعنى العيب منى.؟ 


زفر الطبيب بضيق ينظر للأوراق التى أمامه وهو يجيبها: 

_تحاليل أستاذ أدهم مفهاش اى شئ يمنع الخلفة، وانتِ كمان معندكيش شئ يمنع، التأخير ده إرادة من ربنا احنا عملنا اللى علينا. 


اومأت بصمت ونهضت تغادر لا تعلم متى وصلت للمنزل حتى رغم انها ولاكثر من مرة كادت تصتدم بأحد وهى تقود، صعدت لغرفتهم وجلست بصمت توزع نظراتها بالغرفة وتحديدًا فوق فراش الأطفال الصغير الموجود جوار فراشهم، شعرت بألم يعصف بمعدتها كذلك رأسها، نهضت ببطئ تبحث عن مسكن آلام لتستمع لجرس المنزل بالأسفل، كعادة أدهم نسيان مفاتيح المنزل والمغادرة.! 


هبطت رغم ألمها تتقدم من الباب تحادثة بصوت منهك:

_نفسى مره تفتح بمفاتيحك... 


أنقطع حديثها عندما وجدت رجل بأخر العقد الثامن ولجوارة سيدة ستينية ومن خلفهم شاب وفتاة ولجوارهم حقائب سفر، عقدت حاجبيها وهى تتسأل: 

_مين حضراتكم؟ 


مد الرجل يده يدفع الباب الممسكة به يجيبها بتهكم: 

_انتِ اللى مين ده بيتي. 


تمسكت بالباب جيدًا وحدثته بحدة بالغة: 

_هو اى اللى بيتك مين حضرتك أستاذ.! 


زفر الرجل بضيق تبدو غبية بعض الشئ كيف لم تتعرف عليه.؟ 

أجابها ببعض الضيق وهو يضع يده بجيب بنطالة:

_أنا كمال الشرقاوي صاحب البيت ده ممكن توسعي بقى.! 


_إكرام الضيف ياحبيبتي. 

نطقها أدهم الذي حضر فجأة وتخطاهم يقف لجوار ليليان يحيط ذراعيها يبعدها للخلف يفسح لهم المجال للدخول بتعابير غير، مفسرة بالنسبة لهم اما لها...تصرخ بالضيق! 

الفصل الخامس من هنا 



تعليقات



×