رواية القلب أخضر الجزء الثانى الفصل الثالث بقلم رباب عبد الصمد
هو / لقد اخطاتى الوصف فى الاول والاخر فمادام بداخلك قلب ينبض فاذن هو جاهز للحب فى كل وقت فالقلب خلق للحب ولم يحدد له وقت ولهذا نجد الانثى تحب فى سن المراهقة ثم فى سن النضج ثم تحب ابنها فى ثم تحب احفادها ومثلها فى ذلك الرجل فالحب ليس محدد بوقت او بسن او بنوع ثم ان الحياة فى مجملها خلقت لنحب فتجدى نفسك تحبى وانتى طفلة بريئة ثم تفشلى وتحبى فى سن المراهقة ثم تفشلى ثم تحبى وتفشلى حتى تصلين للنضج فتحبى دون الفشل فليس من المهم ان من عشقتيه كان اول حب وانما لزاما ان يكون هو افضل حب
اخذت تنصت اليه فقد استصاغت تفسيره لمعنى الحب وشعرت انه محقا عندما فسر انها هى ايضا عشقت الماديات
صمتت وصمت
ليلى / انت محق ولكن حبى هذا زاد بالزواج لانى وجدت ان احلامى قد تحققت وبذلت قصارى جهدى لاسعاده حتى انى تكلفت فى تصنع اشياء لم اكن أألفها من قبل لارضيه
ظل صامتا وناظرا للمياة بينما ظلت هى ناظره له وهى تنتظر تحليله
ايوب وهو على نفس وضعه ولم يحول نره اليها قال / كان يجب عليكى ان تحبى نفسك اولا فنفسك اولى بالحب من الغير وان كنتى احببتيها لما فكرتى ان تهينيها او تقللى من شانها لاى انسان مهما كانت مرتبته فى قلبك فالحب والكرامة قرينان لا ينفصلان ابدا
كما انكى اخطاتى فى شان نفسك عندما بداتى علاقتك معه ببذل اقصى ما عندك لتظهريت له حبك وخنانك ولكنكى كنتى مخطاة لان الانسان الذى يبدا اى علاقة لابد ان يبدا كدرجات السلم يصعد درجة درجة حتى يفهمه الشخص الاخر وهذه قواعد اطبيعة العادلة اما معك فقد اعتقدتى ان قصارى مجهودك فى اظهار حبك له تبدوا قمة الحب فى حين فهمها هو ان هذا اول مجهودك فانتظر الاكثر
ثم انه شعر معكى منذ البداية انكى تحبينه اكثر مما يحبك هو فشعر بالامان تجاهك انكى لن تتركيه فلعب من خلفك وهو مستقر القلب
وكان من المفروض لتحافظى على نفسك لانها الاولى بالمحافظة ان تنسحلى من بداية الجولة عندما شعرتى بالحيرة فى داخله او بالتبلد وذلك لعدة اسباب
اولها : انه لو عرف قدر مشاعرك الحقيقية لعلم وحده ان ما قدمتيه هو اقصى ما عندك
وثانيهما : انه لم يقدرك وانتى تعطى الاقصى فمن باب اولى اذن انه لن يقدرك ان قل عطاؤك
وثالثهما : انكى منذ البداية كان يجب ان تخبرى نفسك اولا انكى اعطيتى اقصى ما عندك ولن تستطيعى اعطاء اكثر من هذا وان اى استمرا فى تلك العلاقة هو مجرد طاقة مستنفذه واهدار من كرامتك وتحطيم لنفسيتك
اخذ نفس عميق ثم استطرد قالا / الاحلام لا تعيش الا لايام قليلة لانها ان طالت سأمناها لانها ستنغص علينا حياتنا فما فائدة الاحلام مادامت لا تتحقق ووقتها نشعر برغبتنا فى البعد عن الاحلام والعيش فى الواقع وان نحاول ان نسعد انفسنا بما هومتاح بين ايدينا
نظر اليها وسالها مباغتا / ما كان احساسك وانتى تتكلفين فى اظهار مادياتك لارضاءه وهل شعرتى باى سعادة مع التكلف
لم تستطع الرد ولكن انهمرت دموعها اكثر فهو ضغط بسؤاله على جرحها فهى حقا لم تشعر باى سعادة
ايوب / لا احتاج الى اجابة لان الاجابة معروفة مسبقا فلا وجود للمشاعر الحقيقية مع التكلف وبالتالى لا سعادة ايضا فالاحاسيس لما جعلها الله لا نحاسب عليها لاننا لا نستطيع السيطرة عليها اما تلك المتكلفة فلا لاننا نسيطر عليها كامل السيطرة
انتى اخطاتى قبله فحولتى مشاعرك النقية الناطقة بالعشق لمشاعر متبلدة بهدف ارضاء قلب لم يشعر بكى من الاساس وللاسف حبه للماديات هو الاخر جعله لا يفرق بين احساسك الحقيقى واحساسك المتكلف المتبلد فما همه هو انه ارضى شهوانيته
يا عزيزتى كان من الواجب عليكى لكى تكسبين قلبه وعقله ان تضعى لنفسك اولا قيمة عالية حتى يعرف ان من صعب مناله وجب الحفاظ عليه ان ناله
تمعن فى النظر اليها ثم مد يده ورفع وجهها اليه ليقابل عينيها الحزينة المملوءة بالدموع و الندم ومسح دموعها بانامله وقال بهدوء لكى يبعث فيها الشعور بالثقة / انها تجربة ومرت بكى ولا تجعليها تمحى من ذاكرتك قبل ان تؤثر فيكى وتؤثرى فيها وكلها خبرات لكى وليس عيبا ان تفشلى فى اول حب ولكن العيب ان تفشلى فيه بعد النضج والتجربة واجعلى قلبك يظل اخضر ينبض
لا تبحث عن ماضى كان من القدر
ولا تعاتب من خان وغدر
ولا تلاحق من تركك وهجر
ولا يغرنك من كان شكله كالقمر
ولا تندم واجعل من ندمك دروس وعبر
كن صاحب عزيمة وارادة
ولا تتساقط مثل ورق الشجر
ثم اكمل قائلا / واعلمى ان الحب اخذ وعطاء فالمراة دوما تعطى الحنان والدفء والرجل يعطى الامان والعطف فكلاهما بعطيان وكلاهما يكمل احدهما الاخر
ابعد يده عن وجهها وظل ناظرا اليها فقالت / اشعر بخناجر الندم تمزقنى على حب اهدرت فيه كرامتى
ذكراه تفتح ابوابا مغلقة
وتستفز حنينا فى ما اندملا
فكيف انسى انا يوما ملامحه ؟
وفى ملامحه عمرى الذى رحل
ايوب / لا تندمى ولا تحاسبيه على شىء ليس بيده فهو مظلوما فى الاول والاخر
نظرت له بدهشة وقالت انا لا افهمك اهو المظلوم ام انا المظلومة
ايوب/ انتى الظالمة وهو المظلوم
اتسعت دهشتها وتيبست نظرتها اليه وقالت / ماذا ؟
ايوب / نعم انتى الظالمة فى الاول والاخر زولا تتعجبى من ردى هذا فقد ظلمتيه اولا وظلمتى نفسك اخرا
اخذ نفس عميق وضيق عينيه ولم تحيدها النظر عن المياه ثم قال / لقد ظلمتيه اولا لانكى طلبتى منه او تمنيى على الاقل ان يحبك يبادلك الحب كما تبادلينه ونشيتى ان الحب مشاعر ولا تاتى بالاجبار فحاسبتيه على عدم استطاعتك على اجباره على حيه
ردت بسرعه وهى تشير بيدها على صدرها من صدمتها وقالت انا ؟ انا لم اجبره ابدا ؟
ايوب / بل اجبرتيه فكرهك له لانه لم يحبك بمثابة اعتراف بفشلك فى اجباره على حبك
ظلت محدقة به فاجبر على الالتفات اليها ونظر لها نظرة ثاقبة وقال / هل كان مجبر لان يحبك كما احببتيه ؟ هل كان ذنبه انكى احببتيه فى صمت ؟ هل ذنبه انكى احببتيه قبل ان يحبك ؟ هل ذنبه انكى احببتيه اضعاف ما احبك ؟ هل ذنبه انكى تكلفتى الحب لاجله؟
انتظر ردها ولكنها لم ترد وساد الصمت لحظات واخيرا اجابت بصوت هامس / انك لمحق هو لم يكن مجبر وانا حاسبته على شىء ليس بيده
ايوب / ولكنى لا انكر عليه انه احبك فى نهاية المطاف ولكن ما مقدار حبه الله اعلم وهل حبه هذا كان سيدوم ام لا هنا ايضا لا استطيع التنبوء ولكن العقل يقول انه احبك عندما راى انه على وشك فقدانك
ولكن ولانى اقول الحق وانا لا اعرفه انه على الرغم من حيرته معك فى انه بين يحبك او لا يحبك الا انه كان صريح منذ البداية فهو احب مغرياتك والشىء الجديد المختلف فيكى كما كان واضحا منذ البداية فى انه عاشق للماديات اكثرمنه عشقا للروحانيات والاحاسيس فهو كان واضح ولكن عينيكى هى التى كان يغشاها الضباب
اما انتى فقد ظلمتى نفسك بما اجبرتى عليه نفسك فلما جعلتى نفسك لتتغير من اجل شخص وكان الاولى ان تجعلى الف شخص يتغير لاجلك وكان عليكى بدلا ان تضنى حياتك فى الوصول لشخص تمنيتيه ان تبقيها لشخص يتمناكى فالاول جعلكى عبدا ولكن الثانى كا سيجعلك ملكة ولكنكى اساتى التصرف
ظلمتى نفسك عندما قستى وفاءه بما يبديه امام عينيكى والافضل ان كنتى قستيها بما يبديه من خلفك وانتى كنتى على دراية تامة بما يفعله من خلفك فلما توهمتى وفاءه اذا
وماتت بقربى احلام قلبى
وتاهت الامانى بين الضباب
فلملمت عمرى ولم يبقى الا
سؤال يتيم يريد الجواب
لماذا رسمت لى الحب بحرا
وما انت فى العمر الا سرابا
ظلمتى نفسك عندما فهمتى ان جمال الحب انما يكمن فى العطاء فقط فبذلتى كل جهد لان تعطى حتى ان وصل العطاء لحد التكلف المؤدى الى التبلد ولم تعترفى ان الحب اخذ وعطاء وكانت لنفسك عليك حق بان ترى عطاء من احبته ولكنكى ظلمتيها
واعيب عليك هنا ايضا فما دمتى عشقتى العطاء فقط فكان واجب عليكى ان تتجاوزى عن اخطاءه ايضا فهذا قمة العطاء ولكنكى فرقتى بين العطاء فى الحالتين لانكى سامتى التمثيل وهذا ما قلته لكى انفا ان زيادة التكلف تؤدى الى التبلد وان كثرة العيش فى الاحلام تؤدى الى سامتها
ظلمتى نفسك عندما اجبرتيها على تصديقه وهى تشك فيه فى حين ان اصدق احساس النساء بمن تحب هو شكها فيه فان خالجها الشك فتاكدى ان هناك حقا ما يريبها
اما من ترى انه لا مجال للشك وانه باب مغلق عندها او عنده فهذه لا توجد الا فى حالتين للحب اما ان يكون المحب شاب او فتاه فى مقتبل عمرهم مخدوعين فى احلامهم مؤمنين بقداسة الحب وقداسة الحبيب فلا يدور بخلدهم ان يسمعوا كلاما قد يحتمل الصدق والكذب لان اذنهم ترفض من الاساس ان تسمع اى كذب ووقتها يتعاهدان على دوام الصفاء بقيه العمر كله فلا يتخيلان انهما يتعاهدان على مستحيل لانهم تمنوا ولم يفرقوا بين ما سيكون وما تمنوا ان يكون
اما الحالة الثانية فهى حالة الحبيب المطموس البصيرة فقد ملات خياشيمه الغرورفلم ياتى الى نفسه ان محبوبته او محبوبها على حسب ما اذا كان شاب او فتاه انه امنيه ومطمع للطرف الاخر
عاد الحديث ارتجالى بينهم فقال / ظلمتى نفسك عندما نظرتى الى الخزانه وفرقتى بين وهى فارغة وبين وهى مملؤة بالجواهر فخشيتى على متانتها وهى مملؤه ولم تخشى عليها وهى فارغة والخزانه هنا هو قلبه فقد خشيتى عليه وانتى تظنين انكى فيه تتربعين وتملاين جدرانه ولم تهتمى به وانتى تعلمين انه فارغ ولم ينبض لكى فى حين ان قلبه واحد فى الحالتين وكان يجب عليكة اما تهتمى به فى الحالتين او تهمليه فى الحالتين
بكت بحرقة وكادت ان تصرخ ولكنها قالت بصوت مبحوح مكسور / كنت ادافع واحافظ عن حبى
رد هو بسرعة / الصخور لا تنبت ازهار
ليلى / بل احينا تنبت ازهار بين الصخور
ايوب / ولكنها تكتسب صفة ما نبتت بينهم فتكون ذات اشواك حادة جارحة بدون اى رائحة لانها ازهار بين الصخور
ليلى / ولكن زهور الجنة بلا اشواك
ايوب / اى جنة
ليلى بدموع / جنة حبى واحلامى وسعادتى
ايوب / اى جنة هذه واى احلام واى سعادة فلم تكن جنتك الا نارا ولم تكن احلامك الا احلام نوم سرعان مان انقشعت مع طلوع الشمس واى سعادة تلك التى ما كانت الا نصف سعادة فهل انتى نصف انسانى لتعيشى نصف سعادة فلم تكن سعادتك الا بظنك انها سعادة فانتى من رفعتى رجل فوق قدره ولكنكى غفلتى انه حتما سيضعك دون قدرك
ظل يهاجمها وكانه يساعدها لان تفيق لنفسها فقال / * لكل شىء فى الدنيا ثمن ولكن انتبهى ان تدفعى ثمنا غاليا مقابل شىء رخيص
ابتعادك عنه قد يكون مؤلم ولكنه افضل من قربك منه بلا تقدير
عزة نفسك لا بد ان تكون نقطة ينتهى عندها الف حبيب وراحتك هى عندما تكونين بكرامتك حتى وان كان قلبك ممزقا
قد تكون وحدة قلبك مؤلمة ولكنها افضل بكثير من قربه منكى وهو مملوء بالنفاق
لما شعرتى انه لا يريدك كان من الاوةلى انتساعديه على فقدانك بدلا ان تجبريه على حبك
الحياة جميلة فاعطيها حقها من التفاؤل تعطيكى حقك من السعادة
بكت اكثر ووضعت يدها حول اذنها وكانها لا تريد ان تسصغى لاكثر من هذا فهو قد وضع كل الحقائق امامها وشعرت انها المخطاة الاولى فى حق نفسها وقالت وهى على نفس وضعها / كنت اتمنى ان اعيش كما ارادت نفسى ولكنى عشت كما اراد زمانى ولم اتمنى البكاء يوما ولكن حبه وزمانى هم من ابكونى
رق لها والى الحالة التى وصلت اليها ولكنه شعر بارتياح لانها اخيرااخرجت ما كانت تكتمه وهذا فى حد ذاته سيريحها فمد يده وازاح يدها عن اذنيها ووضع كفه تحت ذقنها وقال لها بكل هدوء / انتهى
نظرت له ولازالت الدموع تتساقط من عينيها ولكنها لم تفهم مقصده
مد يده واخرج منديلا واخذ يمسح دموعها وقال / هذا ما اردته منكى فقد لاحظت انكى تكتمين شيئا داخلك ولا تستطيعين اخراجه فتناقشت معكى لابين الحقائق امامك لعلك تكتشفين مواضع قصورك فتتخطيها وفى نفس الوقت فالافصاح عما يكتمه الصدر يؤدى الى الانفراج اما الكتمان فهو اول المميتات فيبدا بظهور علاماته على الوجه فيزاد تجهما ويذبل حتى يتملك الجسد كله فيضعفه حتى يكهله قبل اوانه وانا لم ارضى لكى هذا
نتظاهر بالقوة ونبتسم لكل القلوب
نتالم ونذرف الدمع ملىء الجفون
نواسى نضمد جراح القلوب
ونحتاج لمواساة بنفس الاسلوب
فيا نفسا كفاكى تمثيلا وتظاهرا بالصمود
وافتح ذراعيكى واجنحتك وتخلص من القيود
عبر وامسح الدموع ولا تكن سجين نفسك والروح
تعجبت منه فهى حقا هدات الى حدا كبير ولكنها لم تعرف بما تجيبه فقد قراها كما كان علي اخيها يقراها دون ان تنطق
مر الوقت بينهم سريعا ونظر لساعته فوجد ان موعد الغذاء قد حان فقال لها هيا لتتناولى غذاءك وساصطحبك لقاعة الدرجة الاولى
ليلى / وانت الا تاخذ غذاءك ايضا
ابتسم لها ونظر فى ساعته وقال / على ان اعود لغرفة القيادة فقد غبت عنها كثيرا وانا لم اعتاد ان اعتمد على اى ربان مساعد
اعتذرت خجلا وقالت / يبدوا انى ارهققك كثيرا
ايوب بابتسامته الجذابة / انا مستعد لاى شىء من اجل ان تكون ليلتى وابنها فى صحة جيدة ونفسية جيدة ايضا
ابتسمت له وسارت الى جواره
وقف عند بوابة القاعة والقى نظرة سريعة على الترابيزات حتى تخير لها ترابيزة تجلس عليها امراة فيما يبدوا انها تخطت الخامسة و الخمسين من عمرها فامسك يدها وقادها الى تلك الترابيزة واجلسها وقال لها ساعود اليكى ولن اتاخر واتمنى لكى طعاما هنيئا
نظرت له المراة ولكنها لم تفهم لغتهم التى تحدثوا بها ولكنها حيته تحية احترام واجلال لكونه ربان السفينه ورد هو عليها التحية بينما هى نظرت لليلى وكانها تحسدها على معرفتها بالربان
جلست ليلى فى صمت واخذت تتامل القاعة حولها فكم كانت حقا فخمة وكل الموجودين ايضا مظهرهم يدل على الثراء والثقافة قلم يقدم على رحلة مثل تلك الا من كان قد انتهى من زيارة معظم المناطق السياحية فى العالم او محبى الخيال والهدوء والرومانسية وعند تلك الكلمة توقفت وابتسمت ساخرة على نفسها وقالت انا اذن ينظر الى مثلهم وكانى من محبى الخيال والومانسية ولم يعلموا انى جئت مجبرة وبمحض الصدفة وهنا توقفت ايضا عند تلك الكلمة وقالت لابد ان هناك من هم مثلى ولا يجب على ان اخذ بالظاهر حتى لا انخدع مرة اخرى
ظلت تحادث نفسها ولم تنتبه للسيدة التى تجلس جوارها وهى تتحدث معها باللغة الاجنبية
اخيرا تنبهت فاعتذرت لانها لم تنتبه للكلام من بدايته فوجدت السيدة تبتسم لها فى عذوبة وقد انضم للترابيزة رجل اخر فيما يبدوا انه تعدى الستين من عمره فاصغت لهم فوجدتهم يتعرفون على بعض ويشركونها معهم
السيدة /اسمى ايزابيل من بلغاريا وزوجى متوفى وليس لى ابناء وترك لى اموالا كثيرة وقد جئت لتلك الرحلة لانه قد سبق وحجز لى وله ولكنه توفى قبل الرحلة بشهرين واوصانى ان استكملها حتى وان كنت وحدى فهو كان يعلم كم كنت شغوفة بمثل تلك الرحلة وراى انها خير سلوى لى عن فقدانه
واساها الرجل بينما ظلت ليلى صامته تنظر اليهم وتصغى لهم وقبل ان يتفوه الرجل بالتعريف بنفسه انضم للمقعد الرابع والاخير شاب فى حوالى الخامسة والثلاثين من عمره وحياهم باللغة ااجنبية ولكن رات ليلى ان ملامحه تميل الى العربية ومع ذلك ردوا جميعا التحية عليه بالانجليزية حيث هى اللغة السائدة بين معظم الركاب لكونها اكثر اللغات شيوعا
الرجل / انا البرت من المكسيك زوجتى متوفيه ولى ابن وابنه وهم من حجزوا لى على تلك الرحلة منذ سنه لكى اتمتع بمثل تلك الرحلة الخيالية فى اواخر ايامى
نظروا جميعهم للشاب فقال الانجليزية / انا حمزة من سوريا كاتب سياسى سابقا ولاجىء سياسى حاليا
نظرت له ليلى بسرعة فلم تخيب فيه نظرتها
لاحظ هو ايضا نظرتها ولكنه لم يتفوه بحرف وفضل ان ينتظر حتى تعرفهم هى بنفسها وان كان لا يشك ابدافى انها عربية خاصة بشكل حجابها الذى يميزها بل مصرية على وجه الخصوص
الكل نظر لها فقد حان دورها مما جعلها تتوتر ولكنها اضطرت ان تعرف نفسها فقالت / ليلى من مصر خريجة لغات وترجمة واكتفت بهذا ولم تقل اى شيئا اخر
انتبه هو لها وابتسم فلم تخب نظرته فيها هو الاخر ثم حياها باللغة العربية فردت تحيته ولكن لازال التجهم هو الصفة المميزة لوجهها
طال وقت سمرهم وهم يتناولون غذاءهم ومنها تاكدت ليلى ان هذا المكان يجعل بين الغرباء الفة ةكبيرة فسيعا ما الفت الثلاثة على الرغم انها لم تتحدث مطلقا ولكنها كانت مصغية فقط كما لاحظت ان السيدة ايزابيل ثرثارة الى حد ما ولكنها مسلية ايض فى حين ان السيد البيرت يبدو عليه الحنان والرفق فقد ابدى رافته على تلك السيدة الوحيدة واخذ يواسيها على فقدها زوجها على الرغم انها ما اظهرت اى حزن وحاولت ان تستمتع رحلتها بكل ما اوتيت
اما حمزة فاخذ يتمعن فى تفاصيل ليلى محاولا ان يتغلغلها لعله يعرف سبب وجودها وحيدة