رواية القلب أخضر الجزء الثانى الفصل الثالث والثلاثون بقلم رباب عبد الصمد
استطرد الحاج صالح كلامه : ايها الابله لقد حافظ اخيك على شرفك ولم يخنه بل هو من حافظ على طفلك وغذاه بدمه وحافظ على حبيبتك السابقة وساعدها دون ان تشعر لتعيش حياه كريمة وسجل ولدك باسمك كما ساعدك انت ايضا لتعثر عليها
وان كنت تود ان تعرف الحقيقة فهو احق بها منك لانه عشقها قبلك ولكنه قرر البعد لانه علم انها تحبك وان اراد ان يخونك لخانك منذ زواجك ولم ينتظر حتى طلقتها
هل هو من رتب لقاءهم ؟ بل هل سالت ليلى لما اخفت عنه حقيقتها ؟
سارمى فى جعبتك الان المشكلة التى من الاساس انت الذى خلقتها وعليك حلها
انت قد اجبرت على ليلى منذ البداية ولم تحبها وطلقتها وبسببك اشعلت النار بين العائلتين من جديد وعليك ان تختار حل من الحلول
اما ان تسترد ليلى لعصمتك مرة ثانية وهذا صعب لان عائلتها لن ترضى لها العيش مع من لوث عرضهم وان وافقوا لن ترضى هى وان رضى كلاهما ستعيش معك مجبرة فهل ترضى هذا على رجولتك
والحل الثانى ان تصر على طلاقك منها ووقتها لن تخمد النار بل على العكس ستشتعل اكثر وسنهدم بيت اخيك معتز واختك فريدة فليس من المعقول ان تطلق انت ابنتهم ويصون علي اختك ولن يامنوا على صفاء مع معتز وستشرد تلك الاطفال الابرياء اولاد اخوتك
اما الحل الثالث ان تعترف بانك لم تحبها من الاساس وانك انت المخطىء من البداية وتشترى رجولتك وتتركها تتنعم بحب رجل احبها فى صمت ووقتها سنحافظ على جمع شمل العائلتين كما كان
صمت الحاج صالح للحظات وصمت طارق ولم يعرف بما يتفوه به فقد ضيق والده حوله الخناق وعليه الان ان يعترف هل حقا يحبها ام لا وهل سيردها الى عصمته ام يتركها تعيش حياتها كما سيعيشها هو
شعر الحاج صالح بما يلوج فى صدر ولده فهو متردد ولم يهتدى بعد الى قرار وحقا فالموقف صعب والقرار سيكون قرار مصيرى لا عودة فيه والوقت ليس فى صالح الجميع فليس هناك فرصة للتريث والوضع فى البلدة متوقف على كلمة منه
فاراد ان يساعده فى التفكير وقد راى ان الشدة لن تفيد فى هذا الوقت بل قد تاتى بثمار عكسية اذ قد يعاند طارق ويقرر التمسك بليلى مهما كانت النتيجة فاقترب منه وربت على كتفه وقال بكل هدوء : يا بنى لا تجعل للشيطان بعقلم محل واعلم ان اخاك ما فكر فى نفسه يوما قط وشاءت الاقدار ان يوم ان يدق قلبه دق لانثى لم تحب غيرك فدفن حبه فى صدره لاجل سعادتك وتذكر فى كلمرة كنت تعترف بانك مجبر عليها وهو يهدا من روعك ويقويك لاجل التمسك بها وهو بداخل يتمزق ولكنه فضلك على نفسه ثم انه التقى بها دون ان يعرفها وتعرفه واول ما عرف قرر ان يكون ايضا القرار لك على الرغم من انك قد طلقتها بالفعل
اخذ نفس عميق ثم عاد واستطرد قال يا بنى لو علمت ما فعله اخيك لكى تعثر على حبك القديم وكيف حافظ لك عليها وكرمها واكرم ولدك وصانها من الركض حول الوظائف الغير لائقة لاجل عرضك ولاجل ابنك لعرفت ان من يفعل هذا لن تكون فى اخلاقه الخيانة
يا بنى هل تقبل رجولتك ان تجبر انثى على العيش معك وانت تعلم ان قلبها مع اخر ؟
يا ولدى تذكر ان جميعنا وقفنا معك لاجل ان تسعد بها ونحن ذاتنا ايضا من نقول لك الان ان سعادتك وسعادتها فى الانفصال
يا طاووس النساء هل هان عليك اخاك ان تطعنه فى رجولته وكرامته
كان طارق صامتا وموليا اباه ظهره وكانما بكاءه فى صدره ولكن ما ان سمع كلمة ابيه على اخيه الا والتفت اليه وبكى بحرقة وقال بصوت عالى يهز جدران الغرفة : لا يا ابى الا ابى الصغير لم اشك فيه يوما ولكنى ايضا لا اتخيل انى قد اضعت ليلى وخسرتها ولا اتخيل ان سعيش ابنى خارج احضانى
الحاج صالح مستخدما نفس اسلوب التانيب بهدوء : يا بنى هل اعترفت الان انه ابنك وانت نفسك من تنكرت عنه وطعنتها فى شرفها ؟
طارق : اعلم اننى كنت احمق واسات التصرف ولكن هل يعنى هذا اننى اتخلى عنهما
...........
كان ايوب يسير بين الغيطان وهو مشتت ولا يعرف الى اين تسير به اقدامه ولكنه كان يريد ان يبتعد ويبتعد ولاول مرة يشعر ان الحياة قد توقفت ولم يعد لقلبه حاجة لان ينبض وكان نبضاته الباقية كانت فقط لاجل ان تنبض بحبها هى
......
اتى كلا من حمزة ومحمود فى الميعاد المتفق عليه وقد قابلتهم ليلى فى الخفاء وقالت : انا عاجزة عن شكركما لانكما واقفتما ان تساعدانى
محمود : كيف تقولى هذا وانت تقدمين عمل جليل بل وتقدمين حياتك لاجل جمع شمل قرية
حمزة : لا عليكى من شكرنا يا ليلى فنحن لم نجىء لتشكرينا ولكن ما يخيفنى الان هو انتى فتصرفك هذا يعنى تقديم روحك قربان للقرية وياليتكى متاكدة ان مجرد تقديم حياتك قد يهدىء النار بين العائلتين ولكنكى قررتى المجازفة وانتى تطمعين ان تكون النتيجة كما تتمنيها فهل هذا يعقل ؟
محمود بقلق : حقا يا ليلى هذه مجازفة بروح لاجل تحقيق امنية قد تتحقق او لا تتحق وانتى الخاسرة فى الحالتين فان تحققت وهدات الثورة بين العائلتين انتى ايضا لن تحصلين على قلب من تعشقينه لان السبب سيظل قائما وهو وجود طارق بينكما وان لم يتحقق الهدوء المبتغى فانتى ايضا لن تحصلين على قلبه لانك ستكونين فى عداد الموتى فاى فكرة حمقاء هذه
بكت ليلى وقالت : انا لم افعل هذا لاجل حبى ابدا بل فعلته لاجل اخى ولاجل من عشقته حقا فهما المقصودان من تلك الوقيعة بكت اكثر ثم استطردت قائلة لم افعل هذا الا لاجل قريتى . لاجل اطفال ابرياء سيضيعون نتيجة افكار وعادات عقيمة متاصله فينا . لاجل عدم حرقة قلب ام على ابنها او زوجها . لاجل عدم ترمل شابة صغيرة والحكم عليها ان تربى اولادها وحدها بفضل تلك الموروثات
اقترب حمزة منها وقال : يا ليلى لا اريد ان افتقدك كما افتقدت زوجتى وكما افتقدت هانيا
ردت ليلى بثبات لتبث فيهم الهدوء : لا تخافا شىء فكل شىء مقدر ومكتوب ان كان خير او شر ثم اخرجت فيزا البنك التى قد اعطته لها هانيا وقالت افعلوا ما طلبته منكم من اموال هانيا لعلها تكون صدقة جارية لها
سار ثلاثتهم الى مديرية الامن وخرجوا بعد حوالى ساعة
محمود : كنت اعتقد انهم سيخذلوننا وان كنت لم استبعد فكرة انهم سيقبضون علينا ولم اتخيل ابدا منهم تلك المقابلة الودودة
حمزة وانا ايضا اعترانى نفس الشىء
ليلى بابتسامة هادئة : هؤلاء من اهلى قريتى ايضا ويهمهم ما يهمنى فهم من ابناء كلتا العائلتين وان كان منهم من هو منتدب فهو ايضا يود ان يسود الهدوء القرية وانا على عكسكما توقعت هذا منهم ولكن الذى صعب على توقعه نتيجة ما سنفعلهى
تنهد حمزة وقال حقا انها فكرة مجنونة
محمود : ايا كانت النتيجة فها نحن قد بدانا وعلينا التكمله فاذهبى انتى يا ليلى فقد انتهى دورك وسنكمل نحن
عادت ليلى لبيتها دون ان يشعر احد من انها قد خرجت من الاساس ورقدت فى سريرها فقد اخذ النهاك منها مداه
......
فريدة فى غرفتها وبحزن جلست بجوار علي ودفنت راسها فى صدره وبكت
شعر هو بها وحاوطها حتى اصبحت كلها بين احضانه وربت عليها وقال : لا تخافى
مجرد نطقه للكلمة جعلها تبكى اكثر فى صدره وقالت : اعرف ان اخى احمق واعرف ان الاخر اولى بها واعرف ان ليلى فى الاول والاخر قد ظلمتها الحياة فلا هى هنات بمن تزوجت ولا هى هنات بمن احبت ولكنى لا اود ان افترق عنك لمجرد انى ادفع ثمن حماقة لم اقترفها فانا لا اتخيل حياتى بعيدة عنك
ربت عليها وشد عليها فى احضانه وقال لها مهدئا : وكيف هانت عليكى نفسك ان تتخيلى حياتك ولم تقتسمى معى التخيل الم نقتسم كل شىء حتى احلامنا ؟ فهل تخيلتى نفسك دونى ولم تتخيلى نفسى دونك ايتها الروح الساكنة فى جسدى
تشبثت فى صدره واخذت تقبله وتبكى وتقول : نعم اخطات فهذه اول مرة لا اقتسم معك فيها شىء ولكن هذا من خوفى من الفراق
علي : عن اى فراق تتكلمين ايتها الفريدة فان كنتى شاركتينى فى خوفك لعلمتى ان الفراق يعنى خروج روحك من جسدى فلا تحزنى يومها اذن لانى لن اعيش بدونك
رفعت راسها وقالت : اخاف من الاقدار
علي : علينا بالدعاء فهو الوحيد القادر على تغيير الاقدار ثم مد يده ومسح دموعها وقال انتى فريدتى ولن افارقك مهما كان ولكنها اختى وتقتسم معى انفاسى فلن اتركها هكذا
فريدة باستفهام : وماذا ستفعل ؟
علي : ساذهب انا الى طاووسكم
بالفعل قام على وذهب لمقابلة طارق وجلس فى غرفة الضيوف منتظر قدومه وما ان اتى له حتى وقف وسلم عليه بكل هدوء بينما كان طارق ينظر اليه على وجل فهو لا يعرف سبب المقابلة
بدا علي الكلام وقال : لقد سبق واستودعتك اختى وطلبت منك ان تحافظ عليها ولكنك لم تحافظ . وسبق وقلت لك انها قد عشقتك فى صمت فقدر لها هذا واجعلها قرة عينك ولكنك لم تفعل . سبق وان قولت لك انها منى ولن تطيب لى الحياة وانا ارى الدموع فى عينيها ولكنك فعلت . سبق وان قلت لك انك ستتزوج من قلب اخضر فحافظ على خضاره واسقه من حنانك قبل حبك ولكنك لم تفعل
كان طارق يستمع له ولكنه غير قادر على الحديث فموقفه ضعيف لانه حقا فعل كل ما حذره منه علي
بينما استطرد على وقال : وهل كنت تعتقد انى اوصيك هكذا عليها وانا ليس بكفيل بحماية كل ما وصيتك عليه ؟ ان كنت ظننت هذا فانت موهوم وانما انا وصيتك عليها لاجل انها كانت تعشقك وان كنت اعلم انها لم تعشقك ما كنت وصيتك لانك كنت ستجدنى بين الحين والاخر اسد لاهث على باب دارك ليطمان على ابنته
والان جئت لاثار منك بحق كل دمعه ذرفتها عيونها
طارق محاولا امتصاص غضبه : لا داعى لهذا فانا اخطات واعترفت بخطاى واود ان اعوضها عما بدر منى
نظر له علي نظره ثاقبة بعينيه المضيقتين وقال بعصبية : اخطات ؟ يا لها من كلمة سهلة تنطقها بكل اريحية ايها المغرور هل تعتقد ان خيانتك لاختى كل يوم مع غيرها مجرد خطا تعتذر عليه ؟ ام تعتقد ان دموعها التى كانت تذرفها من عيونها قهرا على عيشة عاشتها ولم تكن تتمناها يوما مجرد خطا تعتذر عليه ؟ ام انك تعتبر ان طعنك لها فى شرفها والتبرا من الاعتراف بابنك خطا تعتذر عنه ؟ ام انك تعتبر ان حياتها التى عاشتها مقهورة وهى تتنازل عن كرامتها لاجل ارضاءك خطا تعتذر عنه ؟ قل لى عن اى خطا تعتذر ان كانت حياتها معك من الاساس خطا وهل تعتقد انى سآمن مرة اخرى على اختى بين يديك او انى قد اسلمها لك مرة اخرى وان كنت لا تفهم الفرق بين المرة الاولى والان فساعرفك حتى لا يشرد خيالك بما لن يحدث ابدا
ففى المرة الاولى كنا نود ان نجمع شمل العائلتين لاجل تهداة الاجواء اما الان فانت من اشعلت تلك النار وعليك وحدك ان تتحمل نتيجتها
كما ان جميعنا فى المرة الاولى كنا مجبرين على اتمام تلك الزيجة ايا كان انى كنت عاشقا لاختك واريدها باى ثمن وان اختى هى الاخرى كانت عاشقة لك ولكننا الان لسنا فى حاجة الى الاجبار ولن اكسرها لاجل غرورك فكرامتها منى وان من يهين كرامتى لا يلومن الا نفسه ولا تتخيل مجرد التخيل ان ارضى لاختى ان تعيش مكسورة القلب او الكرامة بل عليك ان تتخيل انى سافعل ما فى وسعى لتتزوج من يحبها ويصونها
هنا هتف طارق بسرعة دون تريث : هل ستزوجها من اخى ؟
علي : انا قلت من يصونها ويحبها ايا كان اخاك ام غيره فشراء الرجوله هنا ليس لها ثمن وانا ان دفعت حياتى ثمنا لاجل ان يتزوج فهدكم من اختى لن اتردد ابدا ما دمت ساموت وانا مطمئنا عليها انها فى كنف رجل منيع
طارق : هل هذا رايها حقا ؟ الم تعد تريدنى ؟ ان كان هذا رايها فساخلى لهم الطريق
ابتسم علي ابتنسامة سخرية وقال : اسال عقلك وعينيك وانت تعرف ولكن نصيحة لا تسال قلبك لانه سيضلك . هذا اخر ما عندى واخر تحذير منى ابتعد عن اختى والا لن تتوقع منى ما سافعله وفى هذه الحالة اقول لك ايضا اسال عقلك فيما استطيع ان افعله لاجل اعلاء كرامة اختى وسعادتها
وقبل ان اخرج اذكرك بشىء اخر : اياك ان يخيل لك عقلك المغرور المريض انى سانتقم لاختى من اختك فليس من شيمتى ان انتقم من النساء كما ان اختك هى روحى التى اعيش بها ولا احد يؤذى روحه
خرج علي وترك طارق غارقا فى ياسه من عودة ليلى الي