رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الثاني والثلاثون
بناء على رغبة القراء هنحط في بداية كل فصل كل عيلة بولادها عشان الناس اللي لسه بتتلغبط
جاسر ورؤي أبطال الأجزاء اللي فاتت عندهم 6 أولاد رعد وجوري أول تؤام
يوسف ومريم تاني تؤام
سليم وياسين آخر تؤام
----------------
نرمين أخت جاسر اللي جاسر كان بينتقم من صبري وبنته شاهندا عشانها
نرمين وياسر جوزها عندهم 2
( جاسر الكبير 29 سنة دكتور نفسي
اريج في 2 كلية طب )
ياسر كان ليه بنت من مراته اللي ماتت قبل ما يتجوز نرمين اسمها سما جوزها اسمه مصطفى
______________
عاصم أخو رؤي خال العيال اللي كان بيحب تهاني واتجوز حلم في الجزء التاني عنده ولدين
حسين الكبير مهندس ، مراد الصغير في ثانوية عامة ساقط سنة
_____________
رؤى كان ليها جيران أخ وأخت ساكنين سوا اللي هما عمرو وايمان
ايمان اتجوزت علي صاحب جاسر وعندها شريف الكبير ظابط شرطة ، وليان الصغيرة المدلوقة على الجاموسة جواد
_________
أما عمرو فاتجوز روان بنت صاحب الشركة اللي كان شغال فيها وخلف ولد وبنت
جواد جاموسة متنقلة مهندس ديكور
ومرام دلوعة ماما 22 سنة في كلية إعلام ومخطوبة لشريف ابن عمتها
_______
فاضل طرب وملاك ، ومليكة وتوحة وكل الناس دي هنعرف اصلهم وفصلهم فيما بعد
لما تتلغبط اطلع بص هنا وكمل الفصل عادي
نبدأ الفصل❤
___________
- مبروك !
شهقت مذعورة وكأنها سمعت صوت شيطان ليس صوت زوجها رعد الذي تعرف وتحب ، عادت خطاها للخلف تضع يديها على بطنها وكأنها تحمي جنينها منه ارتجف جسدها بعنف
تطرف عينيها الدموع تصرخ في وجهه بقوة :
- أنا مش هسمحلك تاخد ابني مني ، أنت فاهم
أنت مش هتحرمني من إبني
شعر في تلك اللحظة أنه وغد دنئ أوصلها لمرحلة بشعة من الرعب النفسي ، أراد أن يعانقها بكل ذرة فيه ، ولكنه حين أراد أن يفعل تذكر خدعتها الدنيئة في حقه فابتعد أكثر للخلف يحادثها بجفاء :
- لسه بدري أوي على الكلام اللي بتقوليه دا ، المهم دلوقتي صحة الجنين ، مين عارف على ما شهور الحمل تخلص ايه اللي هيتغير
قطبت جبينها تنظر إليه مدهوشة ، ما الذي يقصده بكلامه ؟! أيعقل أنه قد يسامحها أم أنه فقط يقول ذلك ليخدعها
___________
في إحدى سيارات جاسر مهران سترى على الأريكة الخلفية مريم ومعها ملاك تتجه السيارات بها إلى النادي ، التفتت ملاك إلى مريم تسألها:
- مالك يا مريم بقالك فترة حزينة وما بتكلميش حد وعلى طول لوحدك هو حصل حاجة بينك وبين مراد
تحركت عينا مريم بخواء تنظر إلى ملاك تحرك رأسها للجانبين قبل أن تحرك رأسها صوب النافذة تنظر للطريق شاردة ، مراد ماذا عن مراد بعد ما حدث بينهم منذ أسبوع ومراد حاول الاتصال بها عدة مرات ولكنها لم تجيب ولكنه لم يأتِ ، حين راسلها بعثت لها برسالة سخيفة مثله ( مريم لو سمحتي بطلي دلع وردي عليا ) ماذا فعلت ؟ حظرته من المحادثة
من على جميع البرامج حتى رقم هاتفه وضعته في قائمة الحظر حتى لا يستطيع الإتصال بها
وصلت السيارة بهم إلى النادي نزلت طرب تساعد ملاك في الاستناد على عكازيها حركتها لا تزال صعبة بطيئة ولكنها على الأقل تستطيع الحركة تشعر بسعادة تغمرها لذلك ، تحركت معها إلى داخل النادي يجلسان على أقرب طاولة ، جلست مريم مقابلة لملاك شاردة حزينة لتزفر ملاك أنفاسها بعنف تغمغم متضايقة:
- مالك يا مريم ، يا مريم دا إحنا ما صدقنا أن عمي جاسر وافق نخرج عشان نغير جو ، بدل مود الحزن العام ، طرب ورعد مختفيين ، والكل قلقان عليهم ، أنا مرعوبة على طرب أوي
قامت مريم تجلس على المقعد المجاور لها تربت على كتفها برفق :
- ما تقلقيش على طرب يا ملاك رعد طيب وحنين وعمره ما هيأذيها أبدا ، أنا واثقة من اللي بقولهولك دا ، أنا هقوم اجبلنا ايس كريم أو عصير
ابتسمت في وجه ملاك قبل أن تقوم تحركت صوب أقرب مقهى منها تطلب من البائع علبتي ايس كريم .. وقفت أمام المقهى الصغير تنتظر البائع لتشرد عينيها فيما حدث بينها وبين مراد لتجفل على صوت رجل يتحدث بالقرب منها :
- مين اللي مزعلك يا حلوة ؟
التفتت جوارها سريعا لترى ذلك الرجل من جديد ، يرتدي حلة سوداء بقميص رمادي دون رابطة عنق يستند على تلك العصا السوداء الغريبة ، حمحمت تهمس مرتبكة :
- نعم ؟ ، حضرتك عاوز ايه
ابتسم يدس يده الأخرى في جيب سرواله ، رفع كتفيه يمط شفتيه قليلا يردف بهدوء :
- أبدا أنا لقيتك قاعدة حزينة فقولت أجي اشوف مين اللي مزعل الوردة الحلوة دي
ما الذي يهذي به ذلك العجوز هل يتغزل بها ، شعرت بالإحراج والارتباك والقلق من نظرات عينيه الغريبة لتردف متوترة :
- على فكرة ما ينفعش كدة ، اتفضل حضرتك
ارتسمت على شفتيه ابتسامة صغيرة ملتوية قبل أن يضحك ضحكة صغيرة للغاية يردف بنبرة غريبة مغوية واثقة :
- أنا مش بعاكس يا حلوة ، حلوة دي صفة بتوصف جمالك ، صحيح قوليلي أنتي مرتبطة ولا مخطوبة ، أصل ابن واحد صاحبي بيدور على عروسة زي القمر زيك فقولت اسألك قبل ما اجي اسأل بابا
ماذا !! ذلك الرجل الغريب يقف أمامها ليهذي فقط ، حركت رأسها للجانبين بعنف تردف سريعا :
- ايوة أنا مخطوبة لابن خالي
همهم بسخرية ، كتف ذراعيه يغمغم متفهما :
- اااه قولتيلي ، يبقى هو اللي مزعل الحلوة ، ما يستاهلكيش طالما زعل عيونك الحلوة دي
توسعت حدقتاها أثر ما يقولها ابتلعت لعابها تهمس متوترة:
- هاا
ابتسم نصار في هدوء ينظر إليها مطولا لتشعر بجسدها يرتجف أثر نظراته الغريبة تحرك ليغادر وقبل أن يفعل التفت يقول لها :
أنا ماشي هشوفك تاني قريب سلام يا حلوة ، اضحكي عشان الورد اللي حواليكي دبلان
نبض قلبها بعنف لا تفهم ما يحدث ولكنها تشعر بالخوف أولا وشعور غريب ليس حب ، فهي تعرف شعور الحب كحبها لمراد ، ولكن لما دق قلبها بتلك الطريقة ، أجفلت على صوت النادل يحمحم :
- يا آنسة الايس كريم معلش الماشين كان فيها عطل ، اتفضلي
نظرت إلى الشاب لتلتقط أنفاسها بعمق تومأ برأسها التقطت منه كأسي المثلجات والتفتت تغادر ما أن اقتربت من الطاولة رأت مراد يجلس أمام ملاك يحادثها ويضحك !! الآن يضحك ويصرخ في وجهها ، رآها مراد ليقف عن مقعده تحرك إليها وقف على بعد خطوتين منها يشير للكأسين في يدها يردف يشاكسها :
- دا عشاني ، أنا بحب الشكولاتة والفسدق ومريم
رمته بنظرة حادة قبل أن تتجاوزه وكأنها لم تره
عادت لطاولتها من جديد وضعت المثلجات أمام ملاك تردف محتدة :
- كلي يلا عشان نمشي الجو بقى خنيف فجاءة
ابتسمت ملاك خفية تحاول ألا تضحك ، تحرك رأسها بالإيجاب التقطت علبة المثلجات وبدأت تأكل منها حين جذب مراد المقعد المجاور لمريم اختطف علبت المثلجات من يدها يأكل معلقة من يدها قبل أن يوجه حديثه لملاك :
- طب احكمي أنتِ يا ملاك عملالي بلوك من كل حاجة فون وفيس وواتس وانستا وماسنجر ، وزعلانة مني عشان كنت مصدع وما كنتس عارف اكلمها ، المفروض أنا اصالحها فين في الحلم
التفتت مريم إليه توجه له ابتسامة ساخرة قبل أن تردف منفعلة :
- لاء وتصالحها ليه ، مش مهم ، ما هي لو كانت مهمة كنت عبرت ورديت من الأول ، لو كانت مهمة عندك ما كنتش كلمتها بالأسلوب دا ولا قفلت السكة في وشها
توسعت حدقتي مراد ليضع العلبة من يده يغمغم سريعا :
- على فكرة أنا ما قفلتش السكة الموبايل فصل شحن وأنا فعلا كنت مصدع بجد من الأحداث اللي حاصلة في البيت ، أنا طلعلي أخ فجاءة متدشمل ومنهار من العياط على موت أمه ، وحسين عنده اكتئاب وحزين لأنه طلق چوري ، وماما مصدومة من اللي حصل ، ما كنتش عارف اواسي مين وأنا عايز حد يفهمني هو في اي ، مريم أنا بحبك بس أنا فعلا يومها كنت تعبان بجد ، أنا آسف بجد ما تزعليش مني
حركت رأسها للجانبين طرفت عيناها الدموع لتزيح نظارات عينيها تبكي تحادثه محتدة :
- كان ممكن تقول الكلام دا من أسبوع يا مراد مش تستنى كل الوقت دا ، أنت عندك مشاكل وإحنا لاء مثلا
قرب مقعده من مقعدها يحرك رأسه للجانبين يغمغم سريعا يدافع عن نفسه :
- يا مريم ما أنتي عملالي بلوك من كل حتة ، هقولك إزاي بس ، ما تقوليلها حاجة يا ملاك
ابتسمت مريم في سخرية قبل أن تنظر إليه تتهكم منه :
- مراد أنت كنت بتخترع حجج وتيجي عندنا البيت بس عشان تشوفني زي ما كنت بتقول ، المرة دي كان عندك سبب يا مراد
تنهد مراد بعنف قبل أن يحرك رأسه موافقا يردف :
- أنتِ عندك حق بس يا مريم أنتِ شايفة الدنيا متنشنة وما حدش مستحمل حد دلوقتي ، ما صدقت ملاك قالتلي انكوا خارجين قولت اجيلك النادي ، خلاص بقا يا مريم وحياتك عندي ما هزعلك تاني
نظر مريم إلى ملاك بحدة قبل أن تغمغم مدهوشة :
- أنتِ اللي قولتيله ؟!
ابتسمت ملاك في خفة تومأ برأسها تردف :
- ايوة يا مريم ، أنتي كنتي حزينة جداا وشاردة على طول ، وخلاص بقى يا ستي المسامح كريم
نظر مريم إلى مراد ليحرك رأسه بالإيجاب سريعا يؤيد ما تقول ملاك ، حاولت مريم جاهدة إخفاء ابتسامتها إلا أن مراد رآها ليصيح فرحا :
- ابتسمتي شوفتك خلاص ، كدة الزعل خلص ، وضحكت يعني قلبها مال وخلاص الفرق بينا اتشال
تلك المرة انطلقت ضحكات مريم فضحكت ملاك وابتسم مراد ووقف نصار يراقب من بعيد يبتسم ساخرا ، مراهق أحمق يملك زمام قلبها وهو لا يستحق ذلك !
____________
في مكتب جواد يجلس خلف مكتبه ، عينيه شاردة ارتسمت على شفتيه ابتسامة حزينة حين تجسد طيف نور أمام عينيه ، أدمعت عينيه يتنهد بعمق كم يتمنى فقط سماع صوتها وهي تضحك .. أجفل على صوت دقات على باب مكتبه ، سمح للطارق بالدخول ليدخل أحد مهندسي المكتب وقف أمام جواد يبدو مرتبكا لا أحد يصدق بعد ، أن جواد المتعجرف تغير ، حمحم يردف متوترا :
- باشمهندس جواد أنا آسف بجد ، بس أنا مراتي جالها طلق مبكر وأنا لازم أكون جنبها دا أول مولود لينا ، أنا عارف إن الشغل لسه ...
قاطعه جواد قبل أن يكمل كلامه ارتسمت على شفتيه ابتسامة حزينة خاملة يحادثه :
- ألف مبروك ، تقدر تروحلها ما فيش أي مشكلة ، وما تنساش تعزمني في السبوع
توسعت حدقتا الموظف اندهشا لا يصدق ما يسمع ومن من ؟! تحولت دهشته لابتسامة واسعة يشكره :
- أكيد حاضر ، متشكر جداا يا باشمهندس
وخرج يهرول من المكتب سعيدا وشردت عيني جواد من جديد ، كم تمنى هو الآخر أن تحمل منه طفلا ويكن جواره في تلك اللحظات ولكنها ذهبت وبقي حلمه فقط ، أجفل ينتفض حين فُتح الباب بعنف ودخلت مرام بحماس مبالغ فيه تصيح سعيدة :
- جواااد بص الصور دي ، وخدالك كام بوزيشين فظاااع أنا واثقة أنهم هيلفتوا أنظار الكل مع كابشن قمر كدة من بتوعي
جذبت مقعد من أمام المكتب تضعه جوار مكتبه تريه ما صممت ليتابع معجبا بلقطاتها المميزة التي أبرزت تصميماته بل جعلتها أكثر جمالا ، رفع وجهه إليها وابتسم يردف :
- تحفة بجد تصويرك هايل ، إحنا خسرنا عملا كتير أوي الفترة اللي فاتت همتك معايا
ابتسمت مرام بحماس تومأ برأسها ، عقدت جبينها تفكر في شئ ما قبل أن تردف فجاءة :
- أنت عارف إحنا محتاجين ايه ، كومباند تصوير ديكورات كومباند من وحدات سكنية عيادات ، چيم ، مطاعم ، دا هيجذب رجال الأعمال اللي بيعملوا قرى سياحية جديدة في الساحل الشرير
ضحك جواد بخفة يومأ برأسه قبل أن يردف بهدوء :
- آخر كومباند المكتب تعب في تصميماته بجد وكان مطلع حاجة عالمية ، تبع شركات عاصم للمقاولات ، بس مش عارف هيرضى ولا لاء ، لأن دا ما كنش بند مذكور في العقد من ناحية ، وهو لسه ما اعلنش عن الكومباند دا من ناحية
هبت مرام واقفة تغمغم متحمسة :
- أنا هخليه يوافق ، هات بس العنوان ومالكش دعوة بالباقي وراك رجالة
ضحك جواد بخفة ولم يرفض أعطاها العنوان لتحتضنه بقوة تردف :
- ساعة زمن واعتبر المهمة تمت يا كبير ، باي يا جوجي
زم شفتيه مغتاظا من ذلك الاسم السخيف التي تصر على نعته به ، اختفت من أمام عينيه ليبتسم مرام تغيرت باتت أكثر انطلاقا وحيوية دون قناع تزيف به الحقيقة ، تفعل ما تحب ولكن بالشكل الصحيح ، تنهد بعمق يخفي وجهه بين كفيه ما أن أغمض عينيه تجسدت له أمام عينيه ترتدي فستان أبيض حريري تنظر له وهي تضحك وأخيرا سمع صوت ضحكاتها العذبة وربما صور له عقله ذلك ليواسيه !!
___________
في شركة عاصم
وقف في مكتبه يتابع من خلف الستار يعرف أنها على وشك الوصول ، اشتاق لروياها ولكنه لن يدعها تعلم ذلك ، كل شيء انتهى كما أرادت
كان ضحية مثلها ولكنها أصرت أن تضعه في موضع الجاني ، انتفض نابضه بعنف حين توقفت السيارة وخرجت منها ، يا الله كم اشتاق إليها ، قلبه يلكمه بعنف يخبره أن يذهب إليها ويعانقه أو يتركه هو يفعل ذلك ، ولكنه رفض وبشدة تابعها بعينيه وهي تدخل إلى الشركة ليغلق ستار مكتبه والتفت ما أن فعل أجفل حين رأى زين يقف خلفه ينظر إليه عينيه تقطر ندما قبل أن يسأله :
- هي جت
حاول حسين التهرب من سؤاله ينقل محور الحديث لشيء آخر :
- هي مين ؟ ، أنا كنت زهقات وقولت اقف في الشباك شوية ، في إيه يا زين أنت كويس ، ودخلت امتى صحيح
ابتسم زين حزينا قبل أن يخطو خطاه صوب أخيه تنهد متألما على حاله يهمس :
- أنا هنا بقالي شوية يا حسين ، بس أنت منفصل عن الدنيا ، لما شوفتها نازلة من العربية جسمك اتنفض ، أنا عارف أنت بتحبها قد ايه ، أنا هروح اكلمها تاني وتالت وعاشر لازم تفهم أنك مالكش ذنب
وحين التفت زين ليغادر قبض حسين على ذراعه يمنعه من ذلك يرفض ذلك رفضا قاطعا :
- لاء يا زين ، أنا آه بحب چوري ، بس مش هقبل بأي حال من الأحوال تبقى معايا غصب عنها ، چوري عارفة إني ماليش ذنب ومع ذلك مصرة تخليني الجاني ، تعرف بعد اللي حصل أنا قولتلها أنا هروح اقول لعمي جاسر أن أنا اللي اعتديت عليكِ ومهما يعمل فيا أنا راضي ومش ممناع ، رفضت وقالتلي هقوله الحقيقة لو عملت كدة ، أنا مش بلومها صدقني چوري ما بتحبنيش هي كانت مجبرة عشان اللي حصل ، وكويس أن الموضوع خلص عشانها هي
أما هي فكانت تتحرك في ممرات الشركة بخطى سريعة واسعة ، تتمنى أن ألا تراه وتدعو من صميم قلبها أن تراه .. اكملت طريقها إلى مكتب خالها دقت الباب لتسمع صوته يطلب منها الدخول ، فتحت الباب ودخلت ؛ ليقم عاصم من خلف مكتبه ابتسم يفتح ذراعيه لها اقتربت منه تعانقه ليرفع يده يمسح على حجاب رأسها بخفة يردف :
- كدة يا چوري بقالي أسبوع بتحايل عليكي عشان تيجي الشركة ، الشركة دي أنتي متربية فيها ، دا أنتي بتتدربي هنا من وانتي في أولى جامعة ، لما رفضتي تروحي لشركة جاسر
ابعدها عنه يجذبها معه لتجلس على أقرب مقعد ويجلس أمامها يحادثها بنبرة قاطعة :
- چوري أنتي هترجعي تشتغلي في الشركة وأنا مش باخد رأيك أنا بقولك
حاولت أن تعترض :
- بس يا خالي
رفض اعتراضها الذي لم تقوله حتى بعد يردف بحدة :
- ما فيش بس يا چوري ، مش عايز دلع عندنا شغل كتير الفترة الجاية ، وما تقلقيش ما حدش منهم لا هيتعرضلك ولا هيكلمك ، ولو حد منهم ضايقك قوليلي وأنا ارفده خالص ، تمام كدة
تنهدت حائرة أتخبره أنها خائفة من نفسها أكثر ، أتخبره أن قلبها الأحمق يحتضر شوقا لرؤياه بعد أن كانت قد اقسمت أنها لن تحب حسين يوما ! ، حاولت أن تبتسم تومأ برأسها موافقة ، ليقف عاصم عن مقعده يلتقط ملف صغير من فوق سطح مكتبه يمد يده لها به يردف مبتسما :
- خدي دا قزقزي فيه قبل التقيل اللي جاي ورا ، يلا يا بنت على مكتبك
حاولت أن تجعل شفتيها تبتسم حين أخذت الملف من يد عاصم ، تحركت للخارج تسرع خطاها للمكتب ، تلقت الكثير من الترحيب من زملائها من الجيد بالنسبة لها أنها لم ترى زين ، ومن السيء أنها لمحت طيف حسين وهو يتحرك بعيدا ، ولكن طيفه لم ينظر إليها كما اعتاد أن يفعل
أما في خارج الشركة توقفت سيارة مرام ،نزلت منها وتحركت للداخل تنظر حولها هنا وهناك ، أعجبها مشهد لوحة هندسية غريبة على أحد الحوائط لتضبط عدسة كاميرتها وقبل أن تلتقط الصورة سمعت صوت ، صوت ربما سمعته قبلا يسألها مستنكرا ما تفعل :
- إنتِ مين يا أستاذة وبتصوري ايه بالظبط
التفتت له لتتدسع حدقتاها اندهاشا وهو أيضا ،
رمشت مرام بعينيها عدة مرات لتتأكد من أنه نفس الشخص المعيد السخيف الذي تسبب في رسوبها في المادة ، وهو نفسه الرجل الذي دافع عنها أمام عميد الجامعة وتسبب في فصل ذلك الوغد الذي تطاول عليها بذلك الشكل المهين الفج ، اما زين فكتف ذراعيه أمامه يسألها:
- ممكن أعرف بتعملي ايه هنا يا آنسة مرام
لا زال يتذكر اسمها إذا ،حمحمت ترسم ابتسامة صغيرة على شفتيها تتحدث :
- أنا جاية لباشمهندس عاصم صاحب الشركة ، بس بصراحة اللوحة دي لفتت نظري جداا ، فكنت عاوزة اصورها ما اعرفش أنه ممنوع التصوير
ابتسم زين بهدوء يشير إلى اللوحة يردف بهدوء:
- لاء مش ممنوع التصوير ولا حاجة اتفضلي صوريها وهاخدك لباشمهندش عاصم
ابتسمت سعيدة تشكره بحرارة ، رفعت الكاميرا أمام وجهها والتقطت صورة لها ومن ثم التفتت له ليشير له أن تتحرك بصحبته صوب مكتب عاصم، ما أن وصلا دق الباب ودخل وهي من خلفه ابتسم يحادث والده :
- باشمهندس عاصم ، الآنسة عايزة حضرتك عن اذنكوا
وتحرك ليغادر ليردف عاصم يمنعه :
- استنى يا زين أنا عايزك في موضوع مهم
ومن ثم التفت إلى مرام يردف مبتسما :
- ازيك يا مرام وازاي بابا ، سلمي لي عليه كتير ، اتفضلي يا بنتي اقعدي ، تشربي ايه
حركت رأسها للجانبين ترفض بلطف :
- لا أبدا ولا حاجة ، أنا جاية لحضرتك عشان استأذن حضرتك في حاجة ، جواد كان قالي أنه عمل لحضرتك كومباند كامل من حيث الديكورات ، فهل تسمحلي أن أنا اصور الديكورات دي من ناحية هتبقى دعايا لمكتب ديكورات جواد و من ناحية تانية دعايا لكومباند حضرتك ، قولت ايه اتمنى بجد أن حضرتك توافق
ظل عاصم صامتا عدة دقائق يفكر ، حين رفع عينيه ينظر إلى زين رآه يحرك رأسه موافقا وكأنه يطلب منه أن يوافق ففعل :
- ماشي يا ست مرام وأنا موافق ، زين هيوديكي الكومباند وصوري منه زي ما تحبي ، بس اشوف الصور قبل ما تنزل
ابتسمت مرام سعيدة ، هبت واقفة تشكره بلا توقف :
- أنا بجد متشكرة جداا جداا جداا لحضرتك ، يلا يا باشمهندس زين عشان لسه عندي شغل كتير
___________
في شركة جاسر مهران في مكتبه يجلس شاردًا ، يشعر بأن الحياة تضيق الخناق على رقبته ، حدسه يخبره بأمر خدعة ما تُحاك في الخفاء ، استند بظهره إلى ظهر مقعد رأسه للخلف يغمض عينيه متعبا ، حين فتح علي المكتب ودخل رآه في حاله تلك ليقترب منه يسأله :
- مالك بس يا جاسر ، يا ابني خلي عندك ثقة في ابنك أكتر من كدة ، رعد مستحيل يأذيها
والمشاكل بإذن الله خلصت مع موت تهاني ربنا يرحمها بقا
اعتدل جاسر في جلسة يستند بمرفقيه إلى سطح المكتب ، حرك رأسه للجانبين قبل أن يتمتم شاردا :
- لاء يا علي الموضوع أكبر من كدة أنا عارف ، في لسه كارثة هتحصل ، تهاني كانت ديل الحية مش الرأس أبدا ، في وسط الكلام اللي كانت بتقوله ، بتقولي أنه رجع عشان ياخد حقه اللي أنا سرقته
بعد انتهاء تلك الجملة بعدة ثواني دُق باب المكتب وداخل مساعد مكتب جاسر :
- جاسر باشا في واحد برة اسمه نصار عايز يقابل حضرتك
قطب جاسر جبينه قبل أن يومأ برأسه موافقا ، نظر لعلي يهمس قبل دخوله :
- تفتكر جاي ليه دا ؟!
رفع علي كتفيه يخبره أنه لا يعلم ، دخل نصار كعادته يستند على عكازه الأسود ، ابتسم جاسر يقوم من مكانه يصافحه يرحب به :
- اهلا اهلا نصار باشا ، نورت مكتبي المتواضع
تشرب ايه
ابتسم نصار يحرك رأسه يردف بهدوء :
- أنا مش جاي اعطلك ، أنا ماشي على طول ، بس كنت جاي اعزم حضرتك أنت وأسرتك على العشا آخر الأسبوع لو مناسب مع حضرتك
ابتسم جاسر في هدوء يحرك رأسه يهمهم قبل أن يردف :
- سيبني اخد رأي الأسرة لو الميعاد مناسب ليهم أنا راجل ديمقراطي في البيت أوي
ضحك نصار بخفة قبل أن يقم من مقعده يصافح جاسر يردف :
- وأنا هستنى تليفون من حضرتك واتمنى حقيقي إني انال الشرف دا ، عن إذنك
ورحل بهدوء تام ، التفت علي إلى جاسر يردف:
- الراجل دا مريب وعينيه مخيفة تحسها ما فيهاش نقطة رحمة ، سودا خبيثة ، حتى ابتسامته مش صافية
ضحك جاسر عاليا يضرب كفا فوق آخر يردف :
- كل دا لحقت تاخد بالك منه في الدقيقتين دول يا أبو علي ، أنا شايفة راجل محترم وطيب وعشري ، وأنا الأصح يا أبو علي ... صحيح أخبار شريف وليان ايه
__________
في شقة عمار البعيدة ، جلس شاردًا على فراشه عينيه تسبح بعيدا يشعر وكأن فأسا يصدم تلك الحجارة التي بناها فوق مشاعره وقلبه ، أسبوع مر وذلك الرجل المدعو محسن يعامله وكأنه ابن له حرفيا ، حتى وصل لدرجة أنه استيقظ في أحد المرات ليلا ليجده نائما على المقعد جوار فراشه وحين ايقظه وسأله أخبره أن حرارته ارتفعت فجاءة وظل جواره إلى أن انخفضت الحرارة من جديد ، وتلك السيدة التي لا يعرف اسمها طعامها أكثر من رائع حين تضع صينية الطعام أمامه تقول له جملة دافئة للغاية
( ربنا يقومك بالسلامة يا ابني )
وابنتهم لم يرها سوى عدة دقائق ولكنه في أحد المرات ، اقترب منها محسن وعانقها فرأى على شفتيها ابتسامة أمان ، في تلك اللحظة شعر بأنه يود أن يحتضن عاصم ويبتسم تلك الابتسامة التي رآها على وجه رقية ، ترى ما أخبار زين الآن يود حقا أن يطمأن عليه ... اجفل حين دُق الباب ودخلت رقية اقتربت منه تأخذ الدواء على الطاولة المجاورة للفراش تمد يده له به تردف :
- اتفضل بابا بيقولك خد الدوا دا ميعاده
أخذه من يدها لتلمح عينيه على رسغ يدها علامة جعلته يضيق حدقتيه وبفضوله القاتل ، امسك رسغ يدها فجاءة يزيح كم سترتها فجاءة لتظهر علامات يعرفها ، شهقت رقية تبتعد عنه بعنف للخلف في حين توقف الكلام في حلقه يشعر أنه يبتلع كرة تغص حلقه حين رأى تلك العلامات ، رقية قابلت مريض آخر يشبهه ، عانت وتألمت مثله ومثل ضحاياه
تلك الفتاة التي كان يراها تبتسم في أمان ، لم تعرف الأمان لمدة طويلة مثله ، هو لا يزال يجهل معنى ذلك الشعور إلى الآن ... ابتلع لعابه بصعوبة يحاول الإعتذار منها :
- أنا آسف ، أنا آسف بجد آسف ، ممكن اطلب منك طلب واعتبريه آخر طلب ، ممكن موبايلك أكلم أخويا
رمته رقية بنظرة حادة ساخطة قبل أن تقذف هاتفها إليه بحدة بعد أن ألغت القفل ، ليسارع عمار يكتي رقم زين ، يود الاطمئنان عليه ... مرت عدة لحظات إلى أن فتح الخط ليبادر يغمغم :
- ايه يا عم زين فينك ، ولا من لقى أحبابه نسي أخواته ، طمني عليك ، الحرباية دي عملتلك حاجة ، عاصم عرف أنك ابنه ، اوعى تكون قولتله حاجة عني يا زين ، عاصم مش لازم يعرف عني حاجة، زين ممكن تبطل عادتك المهببة دي كل ما اكلمك تفضل ساكت وتقعد تعيط دي رد عليا يا حمار
- أنا عاصم ، أنت مين وتعرف زين منين ، الو ، الو
توسعت حدقتي عمار فزعا ؛ ليغلق الخط سريعا في وجهه ، يحظر الرقم ومن ثم حذفه ، يعطي الهاتف لرقية يغمغم متوترا :
- لو سمحتي أنا عاوز انام اتفضلي
قطبت رقية جبينها ما الذي يهذي به ، أخذت هاتفها وخرجت من الغرفة ، في حين نزل عمار تحت غطاء الفراش يشعر بالبرد جسده يرتجف ، كاد أن يكشف كل شيء في لحظة تهور منه عليه الاختفاء من هنا قبل أن يعلم نصار
_____________
في ورشة محمود للسيارات ، انتهى من تصليح إحدى السيارات يشعر بصداع بشع بات يلازمه منذ عدة أيام ولا مسكن يجدي نفعا ، يشعر وكأنه شخص وآخر في الآونة الأخيرة ، جاء أحد العمال إليه يعطيه كوب من القهوة يردف :
- لقيت مصدع يا اسطى فقولت اجبلك القهوة ، مالك يا اسطى شكلك تعبان أوي ، وعصبي وبتخانق دبان وشك من الصبح أنا آسف يعني في الكلمة
التقط محمود منه الكوب يرميه بنظرة حادة يحادثه غاضبا :
- هات يلا سيجارة
قطب الشاب جبينه يردف متعجبا :
- بس أنت ما بتدخنش يا اسطى
قذفه محمود بزجاجة المياه المجاورة له يصرخ فيه:
- يا تجيب زفتة يا تغور من خلقتي
قام محمود بعنف ليهتز الكوب في يده ويسقط أرضا يتهشم تأفف بعنف يصرخ فيه :
- وادي الزفت كمان وقع ، كاتك الارف ، مشغل شوية عرر ، ابقوا اقفوا المخروبة
وتحرك للخارج يضع يده على رأسه من شدة الصداع ، يشعر بالألم في جميع أنحاء جسده عينيه حمراء وكأنه لم ينم منذ أيام طويلة ، وصل إلى شقته فتح الباب بمفتاحه ، دخل يبحث عنها ينادى عليها بعلو صوته ، صفع باب الشقة توجه إلى غرفة نومهم يدق الباب بعنف يصرخ فيها :
- افتحي يا فاطمة ، افتحي بدل ما أكسر الباب
أما في الداخل ارتجفت فاطمة خائفة وقفت بعيدا تحرك رأسها للجانبين تبكي خوفا ، محمود جُن ، أو أصابه مس لا ثالث لهما ، بين ليلة وضحاها بات وكأنه رجل آخر لا تعرفه ، صرخت مذعورة :
- مش هفتح يا محمود أنت خلاص اتجننت
لحظة اثنتين ثلاثة من الصمت ومن ثم صرخت مذعورة حين بدأ يدفع الباب بكتفه بعنف إلى أن كسره وقف أمامها وكأنه غول هارب من فيلم رعب ما ، شعره اشعث عينيه حمراء أنفاسه عالية سريعة ودون مقدمات توجه إليها قبض على خصلات شعرها بعنف يصرخ فيها :
- مش قولتلك افتحي يا فاطمة !
ارتجفت بين يديه تنظر إليه مصعوقة ، ماذا حل به هل جُن فجاءة ليفعل ذلك ، بكت تحاول دفعه بعيدا عنها ليقبض على كفيها في يده الأخرى ، وبحركة مباغتة رماها على سطح الفراش بعنف شهقت مذعورة تنظر إليه مرتبعة ما الذي ينوي فعله تحرك بخطاه إليها لتتراجع هي للخلف تضم قدميها إليها ضحكت ساخرا اندفع صوبها يضع ثقل جسده على جسدها صرخت مذعورة تحاول دفعه لا تصدق أن محمود يحاول الإعتداء عليها ، صرخت تدفعه بكفيها بعنف لتجده فجاءة يغمض عينيه من الألم ، رفع كفيه إلى رأسه يضغط عليه بعنف ابتعد عنها جلس على الفراش يتأوه قبل أن تتحول تأوهاته إلى صرخات ، ابتعدت هي عن الفراش سريعا تنظر إليه خائفة لتراه يغمض عينيه فقد الوعى ، وتراخى جسده على الفراش يبدو منهكا ، كانت فرصتها المثالية للهروب منه ولكنها لم تفعل ، محمود به علة ، وعليها مساعدته اقتربت منه تنظر لوجهه الشاحب المتعب مسحت على رأسه خائفة عليه قبل منه ، الحل فيما هي فيه أن تتصل بطيب ما ،
ومن حسن حظها هي تعرف أحدهم كان صديقًا مقربًا لنور وهو رجل خلوق ومن حسن الحظ أيضا أنها لا تزال تملك رقم هاتفه ، تواصلت معه سريعا وكما توقعت لم يرفض طلبها ، بدلت ثيابها تنتظر قدومه مضت نصف ساعة إلى أن جاء أخيرا ، رحبت به ومن ثم دلته على مكان غرفة محمود ، دخل الطبيب إلى الغرفة وبدأ بفحص محمود قسمات وجهه كانت لا تبشر أن ما بزوجها عارض وسيزول ، حين انتهى من الفحص نظر إليها يغمغم بهدوء :
- بصي يا مدام فاطمة أنا مش عاوز اقلقك بس أنا شاكك في حاجة واتمنى ما تكونش حقيقية ، أنا هاخد عينة من دمه وبعد التحليا هبلغك بالنتيجة وهحاول تبقى في أسرع وقت
حركت رأسها قلقة لتراه يفتح محقن يأخذ القليل من دم زوجها وكتب لها عدة أدوية له ومن ثم ودعها ، خرجت لإيصاله تحاول أن تفهم منه أكثر عن حالة محمود ، ولما هو قلق ولكن كلماته كانت مبهمة بالنسبة لها من نوعية:
- إن شاء الله خير ، مش عاوزين نسبق الأحداث ، هكلمك في اقرب وقت لما نتيجة التحاليل تطلع
ورفض أخذ النقود تماما وغادر ، تنهدت قلقة تعود أدراجها إلى غرفة محمود لتراه قد استيقظ بالفعل يحاول أن يعتدل بجسده على سطح الفراش ما أن رآها ظهر الغضب جليا على قسمات وجهه يحادثها محتدا :
- كنتي بتتكلمي مع مين برة يا هانم ، أنا سامع صوتك وسامع صوت راجل
محمود بدأ يهذي تقسم أن مس من الجنون قد أصابه ، حاولت أن تحادثه بهدوء :
- دا الدكتور يا محمود ، أنت كنت تعبان واغمي عليك فطلبتلك الدكتور وجه كشف عليك وكتبلك علاج وتحاليل
لم يبدو راضيا ، تحامل على جسده يترنح في خطاه قبض على معصم يدها بعنف غير مسبوق يتوعدها صارخا :
- لو ابوكي نفسه صحي من تربته وخبط على الباب ما تفتحيش ليه ، ما فيش جنس راجل يدخل البيت دا ، أنتي فاهمة ولا لاء
كم أرادت الصراخ في وجهه هي لم تكن يوما زوجة ضعيفة ونور أبدا لم يقل لها مثل تلك الكلمات وحتى محمود لم يقولها قبلا ،محمود به خطب وستعرفه لذلك ابتسمت في وجهه بهدوء تحرك رأسها توافق ما يقول :
- حاضر يا محمود ، اللي أنت عاوزه أنا هعمله ، ما تضايقش نفسك أنت تعبان أنا هروح أحضرلك العشا
_____________
في المستشفى حيث يعمل جاسر راضي ، يجلس هناك في مكتبه بعد يومٍ حافل بالكثير من العمل ، اضجع بظهره إلى ظهر مقعده يفكر شاردا لم يرى مليكة منذ مدة ولا ينكر شعور الاشتياق الذي يراوده بشأنها ، يتذكر كثيرا مواقف مرت بينهما ليجد نفسه يبتسم تلقائيا ومن ثم تحولت ابتسامته إلى ضحكات عالية ، وفجاءة وعى لنفسه لتختفي ضحكاته يحادث نفسه مدهوشا :
- جرى إيه يا جاسر من امتى يعني ، خلاص يبقى اخطبها طالما على طول بفكر فيها بالشكل دا ، ايوة هقول لبابا ونكلم والدها
انتفض على صوت دقات على باب غرفته ليحمحم يستعيد ثباته يسمح للطارق بالدخول :
- ايوة اتفضل
فُتح الباب ودخلت سما شقيقته ابتسمت في وجهه قبل أن تدخل إلى مكتبه تغلق الباب خلفها ؛ ليبتسم سعيدا برؤياها يغمغم يشاكسها :
- اهلا اهلا ست سما هانم ، بذمتك دكتور ياسر هيديكِ مرتب زي اللي كنت هديهولك ، اسمعي مني استقيلي وتعالي اشتغلي معايا
ضحكت سما قبل أن تتحرك صوب المبرد الصغير في غرفته تخرج له زجاجة عصير برتقال وهي تفاح ، مدت يدها له بالزجاجة لتلوح على شفتيه ابتسامة حالمة حين تذكر ما حدث بينهما في المطعم حين أخبرته أن والدها هو مالك مصنع العصير الذي يعشق ، يبدو أن والدها يهديه كل ما يعشق ، أجفلت على صوت سما تحادثه بنبرة خبيثة :
- اللي واخد عقلك يا جسورة ، ايه يا دكتور الإبتسامة الواسعة اللي كانت على وشك دي بتفكر في مليكة !!
توسعت حدقتاه مليكة ! كيف عرفت سما بأمر مليكة ، ابتلع لعابه يسألها مدهوشا :
- أنتِ جبتي الاسم دا منين
ضحكت سما في خبث قبل أن ترتشف القليل من العصير تردف ببساطة :
- أريچ قالتلي كل حاجة من طقطق لسلام عليكم ، وورتني صورتها كمان .. البت قمر يا جاسر ما شاء بس شعرها كيرلي ومنفوش مش حلو
- دي أحلى حاجة فيها شعرها
قالها فجاءة دون مقدمات بنبرة تائهة للغاية ، لتتسع ابتسامة سما تسخر منه :
- يا سيدي يا سيدي ، دا دكتور جاسر وقع بقى
انتفض ينظر لشقيقتخ مرتبكا رفع يده يمسح على رقبته يغمغم سريعا يحاول أن يبدو ثابتا :
- وقعت ايه بس لاء طبعا ، أنا بس عجبني شعرها المفروض تتحجب شعرها دا فتنة
وتاه من جديد ارتسمت على شفتيه ابتسامة بلهاء وهو يكمل :
- وعينيها لوحدها عالم تاني ، وضحكتها رهيبة صوتها رفييع وهي بتضحك ، دايما تلاقيها واقفة عاملة فيها جامدة وقوية وهي أضعف من جناح الفراشة ، بس جدعة وصاحب صاحبة وما تسيبش حد محتاجلها ، ومجنونة تتعصب تتعصب تتعصب وبعدين تهدا فجاءة
- جاسر خد بابا يا حبيبي وروح أطلب ايدها ، بدل ما إنت قاعد تحب على نفسك كدة
همست بها سما تجاريه ، ليجفل للمرة المئة يحرك رأسه للجانبين يغمغم مدهوشا :
- هو في اي أنا مالي بسرح كتير كدة ليه ، تعالي ننزل الكافتريا نشرب قهوة ، أنا شكلي مصدع ومش مركز
ضحكت سما تومأ برأسها ، تحركت معه صوب المقهى بالأسفل طلب جاسر لهما القهوة ، جلسا على إحدى الطاولات ليبادر هو قبل أن تسأله عن مليكة :
- قوليلي مرتاحة في الشغل هنا في المستشفى أنا عارف أنك شغالة في قسم الإدارة تبع الأوراق المهمة بتاعت المستشفى ، ايوة يا عم
ضحكت سما بخفة ، حركت كتفيها لأعلى تنهدت تردف :
- الشغل بسيط ، دكتور ياسر شكله موصيهم ما يدونيش شغل كتير ، بس اهو اي حاجة اشغل بيها وقتي بدل ما اتجنن من التفكير ، لحد ما تبدأ المدارس وهنشغل مع تميم وكيان
حرك جاسر رأسه كاد أن يقول شيئا حين سمع صوت رجل يتحدث من خلفه :
- ايه يا جاسر فينك كدة مختفي
التفت جاسر خلفه ليبتسم ، قام من مكانه يصافح الرجل الواقف خلفه يحادثه :
- اهلا دكتور طارق ، أبدا كنت بظبط شغل العيادة فما كنتش عارف اجي كتير ،اخبارك أنت إيه ، وأخبار الوالد
جاء العامل ووضع القهوة أمامهم ، رفعت سما عينيها تطلب من جاسر أن يأتي لتتجمد عينيها على الواقف أمامها بصحبة جاسر ، طارق بعد كل تلك الأعوام طارق يظهر من جديد ، انتفض جسدها بقوة حين تحركت عيني طارق لتتلاقى بحدقتيها ، في اللحظة التالية التفت جاسر لها يعرفها به وكأنه لا تعرفه :
- سما دا دكتور طارق ، دكتور باطنة ، دي سما أختي شغالة معانا هنا جديد
حركت سما رأسها بحركة خاطفة سريعة وكأنها تبتسم ، تعتصر كفيها أسفل الطاولة خاصة حين تكلم :
- اتشرفت بمقابلتك يا مدام سما ، عن إذنكوا عشان بمر على المرضى ، مبوسط إني شوفتك تاني يا ... يا جاسر
ومن ثم تحرك وغادر في هدوء وكأنه لم يفعل شيئا توا
_____________
- مش كفاية تصوير بقى بقالنا يجي 3 ساعات وأنا نسيت موبايلي في الشركة ومش عارف دلوقتي أروح فين
غمغم بها زين بنزق ، يكتف ذراعيه أمامه لتلتفت مرام له التقطت له صورة وهو يقف عابسا بوضعه الغاضب ذاك ، قبل أن تضحك تحادثه :
- خلاص أنا خلصت ، يلا بينا
رسم نصف ابتسامة على شفتيه يومأ برأسه تحرك معها إلى سيارته ، جلس خلف المقود وهي جواره نظر إليها يحمحم يطلب محرجا :
- معلش ممكن اتكلم من موبايلك عشان زي ما قولتلك نسيت الموبايل
ابتسمت تعطيه الهاتف ليشكرها يطلب رقمه لحظات وأجاب أبيه ليغمغم زين سريعا :
- بابا معلش أنا نسيت الموبايل عندك في المكتب ، وكويس انك رديت ، أنا وصلت الآنسة مرام وهي صورت وخلصت
-تعالا على البيت يا زين أنا عايزك
شعر زين بالقلق من نبرة صوت والده ولكنه أقنع نفسه أنه فقط يتوهم :
- حاضر يا بابا مسافة السكة ، مع السلامة
أغلق معه الخط يعطي الهاتف لمرام يشكرها ، صمت ولم يقل شيئا إلى أن توقفت السيارة في إحدى إشارات المرور ولم يستطع أن يظل صامتا أكثر التفت لها يتحدث:
- أتمنى سؤالي ما يضايقكيش ، بس أنا كنت أعرف أنك بلوجر ومشهورة وبعدين سمعت أنك اختفيتي فجاءة وبعدتي عن كل دا
ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها شردت عيناها قبل أن تردف بهدوء :
- تقدر تقول إني اشتريت مرام الحقيقة ورميت الفيك بتاعت اللايكات ، اللي أهم حاجة عندها الريتش والاعلانات وبس
همهم متفهما ومعجبا في الآن ذاته ابتسم يردف :
- بس حقيقي أنتي بتصوري حلو جداا ، صوريني بقى صورة عميقة وأنا بسوق يلا
ارتدى نظارته ومد يده يمسك بالمقود ينظر للأمام لترفع هي الكاميرا إلى عينيها تلتقط له صورة ، اقترب ينظر لشاشة الكاميرا يرى الصورة ابتسم يردف :
- لاء جامدة بجد
- والله عال يا مرام هانم أنتِ ناسية أنك على ذمة راجل ولا ايه
انتفضت مرام مدهوشة نظرت جوارها وقبل أن تتبين ماهية المتحدث التي تعرف من هو ، فتح الباب وقبضت يده على ذراعها ينزلها من السيارة بعنف وها هو شداد يقف أمامها يبدو في قمة غضبه ، لم تره غاضبا لتلك الدرجة من قبل ... نزل زين من السيارة يصرخ في شداد :
- إنت اتجننت يا جدع أنت ولا ايه ، أنت إزاي تشدها كدة ، أنت مين أصلا
ابتسم شداد ساخرا يرمي مرام بنظرة حادة بها من الوعيد ما بها قبل أن يطفق زين بنظرة قوية يسخر منه :
- أنا جوز الهانم اللي كانت راكبة جنبك في العربية
توسعت عنيا زين في دهشة ، زوج من ؟! حمحم ينظر لمرام يريد أن يسألها لتبادر هي :
- متشكرة يا باشمهندس زين على مساعدتك أنا هروح مع جوزي ، اتفضل عشان ما تتعطلش
شعر بالقلق من تركها بمفردها مع الرجل الذي يقف أمامهم ولكنه زوجها وهو الغريب هنا ، تحرك يغادر وآخر ما لمحت عيناه كان ذلك الرجل وهو يجذب يدها يدفعها في سيارة فاخرة تقف بالقرب منهم ، تنهد قلقا يكمل طريقه بعد مدة ليست بالقصيرة وصل إلى المنزل ، دق الباب لتفتح له حلم زوجة أبيه ، ابتسم لها متوترا لتبادله بأخرى هادئة تشير له لباب المكتب أمامه :
- زين ، عاصم مستنيك في المكتب ، أنا هحط الغدا على ما تخلصوا كلام
حرك رأسه متوترا ، لا زال يشعر بأنه الغريب الضيف المزعج الذي يفرض وجوده عليهم ، دق باب غرفة أبيه قبل أن يدخل ؛ ليرى عاصم يقف أمام شرفة مكتبه المطلة على الحديقة ودون مقدمات سأله :
- مين عمار يا زين !!
في تلك اللحظة تحديدا توقف قلب زين وفرت الدماء من جسده ، من أين أتى عاصم بإسم عمار؟ ولما يسأله عنه ؟ حمحم متوترا يحاول أن يقول شيئا في تلك اللحظة التفت عاصم ورأى على وجهه نظرة حادة ، اقترب منه يحادثه :
- ومن غير كذب يا زين ، مين عمار وليه مش عايزك تقولي عنه ، تبع تهاني ؟
حرك زين رأسه للجانبين سريعا ، لن يقول شيئا إن فعل عمار سيقتل ، ابتلع لعابه يحاول أن يبدو ثابتا :
- دا واحد صاحبي يا بابا ، هو اللي كان بيساعدني عشان نبعد حسين وچوري عن أذى تهاني لما كنا مسافرين ، ويا اما نصحني إني أجي اقولك إني ابنك بس أنا كنت بخاف ما تصدقنيش ، وأكتر من مرة يطلب مني اني ما اقولش لحد عنه ، هو مش حابب يعرف هو مين
نظر عاصم مطولا إلى وجه ولده ، تنهد يسأله قلقا :
- يعني أنت متأكد ، أن هو شخص كويس يا ابني؟
عند تلك النقطة تسارعت الدموع إلى عيني زين وتسارعت معها أنفاسه يهمس بحرقة :
- أوي كويس أوي ، بس للأسف الدنيا جاية عليه أوي ، واتعذب في حياته أوي ، عمار دا سندي يا أما دافع عني ، عمل كتير عشان خاطري عشان يحميني من تهاني ، الله يرحمها بقى ، أنا نفسي أساعده أوي بس مش عارف
وانفجر يبكي بحرقة ليقترب عاصم منه يعانقه يحادثه مترفقا :
- طب خلاص يا زين اهدا ما تعيطيش يا ابني ، هوصله وهساعده عشان خاطرك ، صحيح عملت إيه مع مرام بنت لذيذة أوي واخد بالك ها
ارتسمت إبتسامة شاحبة على شفتي زين ابتعد عن أبيه يمسح دموعه بكفي يده يردف :
- على فكرة دي طلعت متجوزة
____________
توقفت سيارة شداد في حديقة منزل عمرو ، نزل منها يجذب مرام من مرفق يدها بعنف للداخل ، دق باب منزل عمرو بعنف فتحت إحدى الخادمات ليدخل شداد ، هب جواد واقفا ما أن رآه يجذب مرام بتلك الطريقة ليندفع صوب يجذب مرام من يده لتقف خلف ظهره يصرح في وجه شداد :
- إنت اتجننت ولا ايه إزاي تمسكها كدة يا حيوان
اشتعلت حدقتا شداد غضبا نظر صوب عمرو يحادثه محتدا :
- سامع ابنك يا عمرو
قبض جواد على تلابيب ثياب شداد يصرخ في وجهه :
- آه سامع ابنه حد قالك اننا طرش يا عنترة بن شداد أنت ، وبعدين بقولك إيه شيل دا من دا يرتاح دا عن دا ، وأي جنية أنت دفعته في الجوازة دي أنا هردهولك قده عشر مرات بس تطلق مرام قولت ايه
ضحك شداد عاليا يسخر مما يقول جواد ، قبض على كفيه يبعده عن ثيابه يدفعه للخلف :
- خلي فلوسك في جيبك تنفعك ، ولا ايه يا عمرو ما تقول حاجة لابنك ، على العموم أنا مش هتكلم دلوقتي ، أختك المصونة يا باشمهندس كانت قاعدة في عربية راجل غريب وهو لازق فيها ولا كأن ليها راجل مكتوبة على اسمه
هنا صاحت مرام تدافع عن نفسها تصرخ غاضبة :
- كداب يا جواد ، هو شاف الصورة على مزاجه ، أنا قولتلك اني هروح لشركة عمو عاصم وهو وافق وبعت معايا ابنه وهو عرض عليا يوصلني البيت ولما العربية وقفت في الإشارة قالي عاوز اتفرج على الصور بس ، هو شافني وعمل الحوار دا أنا مش خاينة وما عملتش حاجة من اللي هو بيقولها دي
- ماشي يا مصراوية ، أخوكي بقا زين أهو ، قدامي هترجعي معايا الصعيد
توسعت عينا مرام تقبض على ذراع جواد تبكي خائفة ، تحادثه مذعورة:
- لالا يا جواد أنا بخاف هناك أوي ، مامته بتكرهني وبتكره بابا وبتعاملني وحش أوي
هنا صدح صوت عمرو بقوة غاضبا :
- سليم ، هو دا اتفاقنا يا سليم ، أمك تبهدل البنت ، خلاص يا سليم اتفاقنا خلص لحد كدة
امسك جواد بذراع شقيقته يجذبها لأحضانه يخفي وجهها عنه ينظر للواقف أمامه يهسهس يتوعده :
- أختي مش هتخرج من هنا إلا على جثتي ، واحسنلك تطلقها وتخرج برة حياتها وحياتنا
نظر شداد لمرام وهي تتمسك بأحضان جواد والأخير يشدد على عناقها مشاهد مغاير تماما لما حدث قبل عدة ، جواد كان شبه يتخلص من شقيقته يسخر منها يطلب منها الرحيل بلا عودة ، ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه يوجه حديثه لمرام :
- شوفتي يا مصراوية أن الحقيقة شعورها أحلى ألف مرة من الفيك والكومنتات ، أنتي طالق يا مرام ، خلي بالك من أختك يا جواد
هبعتلك ورقة بنتك يا عمرو ، سلام عليكوا
والصمت ساد بعد أن غادر المكان ، ابتعد مرام عن أحضان جواد تنظر له ممتنة ، مد يده يمسح برفق الدموع عن عينيها يحادثها مترفقا :
- ما تخافيش ما حدش هيبعدك عننا ، خلاص هو طلقك ومشي ، هو آذاكِ يا مرام وأنا اقسملك هطلع عينه
حركت رأسها للجانبين نظرت إلى أبيها ابتلعت لعابها بغصة تهمس :
- لاء يا جواد ما أذنيش خالص ، مامته مرة استغلت غيابه وشتمتني فأنا رديت عليها وهزقتها راحت ضربتني وهو جه هددها فبقت تخاف تقربلي ، بس الست دي بتكره بابا أوي ، ليه يا بابا بتكرهك كدة ، وايه الإتفاق اللي بينك وبين شداد ولا سليم
تنهد عمرو بقوة يشعر بالغضب الشديد من توحيد لولا أن أنها سيدة مسنة لجز عنقها ، نظر إلى ولديه يردف :
- سليم يبقى ابن عمي فؤاد ، ما خدتوش بالكوا من الاسم بالكامل سليم فؤاد صالح الأحمد ، على فكرة هو مش كبير في السن هو لسه يا دوب هيتم ال 30 ، عمي فؤاد الله يرحمه بقى نهب ورث جدي وخد حق أبويا واللي ساعدته على كدة توحيد مراته ، لما والدي مات روحت أطالب بحقي في الورث جت توحيد تطردني هزقتها زي ما انتي عملتي وما اعرفش اخد حقي وقتها كان سليم لسه طفل صغير ، من حوالي خمس سنين لقيت سليم بيتصل بيا وبيعرفني بنفسه ولما اتقابلنا كان معاه ورق نصيب والدي في الورث ، وقالي أنها كانت وصية عمي قبل ما يموت أنه يرجعلي ورثي
وسبحان الله يخلق من ضهر الفاسد عالم زي ما بيقولوا ، سليم محترم ومهذب جداا مش شبه لا أبوه ولا توحيد أمه ، من فترة لما مرام حالها اتعوج زيادة عن اللزوم ، كنت قاعد مهموم في المكتب لما لقيته جاي ، وحكيتله وهو اللي قالي ابعتك عندهم الصعيد بعيد عن كل حاجة ، بس أنا خوفت عليكي من أمه ، وهو بردوا خاف لأمه تأذيكِ لو روحتي على أنك بنت عمرو بس ، وواحدة من قرارتي الغبية عرضت عليه يتجوزك على ورق عشان أمه تخاف تقربلك ، بس واضح أن جبروت توحيد ما وقفش
هنا اقترب جواد منه إلى أن بات بالقرب منه ليُخفض صوته حد الهمس يحادث والده متضايقا :
- وأنت ضمنت منين أنه كان هيلتزم بكلمته ما ممكن كان يغدر ويعتدي عليها ، وما حدش يقدر يلومه ما هي مراته بقى
حرك عمرو رأسه للجانبين ينفي تلك الفكرة تماما يردف :
- ما كنش هيعمل كدة ، عشان شداد اصلا متجوز ومخلف وبيحب مراته جداا ، دا متجوز أوربية من لندن من حوالي خمس سنين وعنده منها بنت روحه فيهم هما الإتنين
توسعت عيني مرام تنظر لجواد مدهوشة ، شداد متزوج !! أيعقل أن تكن قطرة الندى هي زوجته وكان يكذب ، ولكن والدها يقول ان زوجته أوربية !!
هناك أمام مطار القاهرة الدولي يقف شداد ينتظر على أحر من الجمر خروج زوجته وابنته
يحمل باقة ازهار كبيرة الحجم وفي السيارة الكثير من الهدايا لها ولابنته ، وقف خارج المطار بالكامل لتظن أنه لن يأتي ، شقت شفتيه إبتسامة كبيرة حين رآها تخرج زوجته الجميلة
أميرته " سوار " صاحبة الاسم المميز والطلة الخلابة التي سرقت منذ أن رآها لأول مرة قبل ستة أعوام ، في إحدى الصفقات كانت مع والدها ، برتقالية الشعر زرقاء الأعين صاحبة نمش ، شعر بالغيرة منه حين رآه يلامس وجهها في حين هو لا يفعل ، فتاة أجنبية فاتنة من أب مسلم عربي يعيش في كندا وأم إسبانية ، نظر إليها وهي تخرج تبحث حولها هنا وهناك تزم شفتيها متضايقة حين ظنت أنه لم يأتِ ، ظهرت طفلته الصغيرة تمسك بيدها ، أميرته التي اخذت شعرها البرتقالي وملامحه الشرقية " أسيل " صاحبة الأربع سنوات
رأته طفلته الصغيرة لتصيح فرحة تجذب فستان والدتها تشير إليه تركض صوبه ليسارع إليها حملها بين أحضانه يشبعها تقبيلا وهي تضحك عاليا ، أخذها واقترب من سوار ، رفع حاجبه يغمغم عابثا :
- كنتي فاكرة أن أنا مش هاجي ولا ايه ، وحشتيني يا أحلى سوار في العالم كله
ضحكت شفتاها سعيدة لتقترب تعانقه بقوة تنهدت بقوة تهمس بنبرة شغوفة مشتاقة :
- وحشت أنا كتير سليم
ابتسم لها يبعدها عنه يقبل جبينها يغمغم مشتاقا هو الآخر :
- وأنتي كمان يا سوار وحشتيني أوي ، أخبار حمايا ايه بقى كويس
حركت رأسها بالإيجاب ليمسك بكف يدها يأخذها إلى السيارة ، وضع الحقائب في صندوق السيارة ومن ثم عاد يجلس جوارها دون مقدمات جذبها إليها يعانقها بقوة تكاد تهشم عظامها يهمس بلوعة :
- دا اسمه حضن مطارات ، ما اعرفش أحضنه في الشارع ، وحشتيني في كل نفس اتنفسته يا سوار
ابتعدت عنه تنظر لعينيه ترتسم على شفتيها ابتسامة رقيقة لولا ابنتهم التي تجلس على الأريكة خلفهم لكانت قبلته ، وفجاءة دون مقدمات زمت شفتيها تبعده عنها تحادثه محتدة :
- صحيح سليم نسيت اقولك مبروك على الجواز ، مش هتهليني اشوف عروسة
ضحك بملئ شدقيه ، هي غاضبة ولكن كلامها يجعل الأمر مضحك لأبعد حد :
- أنا مش عارف هتنطقي الخ والضاد امتى بس
أدار محرك السيارة ينطلق بها إلى منزلهم يردف :
- وبعدين يا سوار هو مش أنا حكتلك الموضوع كله قبل ما تسافري ، وعلى فكرة أنا طلقت مرام ، البنت قعدت يومين ومشيت ، وبعدين أنتي عارفة أن ماما ما كنتش هتسيبها ، دي ما بطيقش سيرة عمرو
حركت سوار رأسها توافق ما يقول قلبا وقالبا والدته إمرأة مخيفة قاسية حاولت ضربها مرة من قبل ولكن سليم لم يسمح لها ، ولم تيأس حاولت جعل سليم يضربها حتى تكسر شوكتها كما تقةل ولكنه لم يفعل ذلك أبدا ، زمت شفتاها تنظر إليه قلقة قبل أن تهمس :
- أنت مش لمستها سليم صح
حرك رأسه للجانبين يردف سريعا :
- لاء طبعا ، أنا ما ألمسش أي ست غير سوار ، وبعدين البنت لسه قدامها مستقبل وحياة عايزة تعيشهم ، ودلوقتي بقت شخصية مختلفة عن اللي حكتلك عنها ، ربنا يوفقها هي وأخوها ، سيبك بقى من كل دا وحشتك صح قولي الحقيقة
نظرت له بترفع قبل أن تشيح برأسها بعيدا تردف بإباء :
- لاء ما وحشتش أنا
ضحك عاليا كاد أن يقول شيئا حين صاحت أسيل الصغيرة كمذياع نسي أحدهم إغلاقه :
- لا يا بابا ماما مش بتقول الحقيقة ، ماما كل يوم كانت بتقعد تقول وحشني سليم ، عايزة ارجع لسليم ، امتى بابا يخف عشان ارجع لسليم ، وعارف بردوا بتفتح الفون بليل وتجيب صورك وتبوس الفون ، وعارف بردوا خدت البرفن بتاعك قبل ما نسافر وترش كتير على المخدة وتاخدها في حضنها بليل
توسعت ابتسامة سليم الخبيثة ينظر لها عابثا في حين أحمر وجه سوار يكاد ينفجر من الخجل الصغيرة شبيهه أبيها فضحت أمرها ، مال سليم بجسده يهمس عابثا :
- ما وحشتش أنا ها ، طب وتبوسي في الصور ليه والأصل موجود
________________
في شركة عاصم حل الليل وهي لم تذهب بعد ولم تفعل شيء منذ أن جاءت صباحا وهي شاردة في الفراغ تفكر في كل شيء ، حسين زين رعد طرب ، رعد شقيقها التي لا تنفك تحاول الوصول إليه كل لحظة ، رعد طعنه العشق بخنجر مسموم لم يقتله بل تركه شبه حي يعشق ويتألم في الآن ذاته ، رغم ذلك لا تنكر قلقها على طرب على الرغم من ثقتها بأن رعد لن يؤذيها ولكنها قلقة عليها ومنها ، وزين ذلك الوغد لا تود رؤياه من جديد أبدا حتى لا تخنق أنفاسه حتى الموت ، وحسين لم تره اليوم ولكنها تشعر بوجوده تشعر أنه هنا حولها ، ظالم أم مظلوم لا تعرف سوى أنها تتألم كلما تذكر ما حدث بينهما ، قامت من مقعدها تخرج من الشركة ، وها هو حسين يقف أمام سيارته يتحدث في الهاتف ، ترى مع من يتحدث ؟ ، ولما يبتسم ويضحك أيضا !! ، أهي إحدى الشقراوات التي كانت معه في الصورة
تنفست حانقة ، تجز على أسنانها بغيظ نظرت أمامها تبحث عن السيارة لتنهر نفسها بعنف نسيت من الأساس الاتصال بالسائق ليأتِ ، ستأخذ سيارة أجرة وتذهب ، رفع يدها تشير إلى سيارة أجرة لتسمع صوته يأتي من خلفها يتحدث بهدوء :
- چوري إنتِ لسه في الشركة ، تعالي اوصلك في طريقي
تلك النبرة تعرفها ، نبرة حسين وهو يتحدث مع چوري ابنة عمته وليست چوري الفتاة التي يحب ، التفتت له تردف بهدوء :
- لاء شكرا ، أنا هوقف تاكسي
رفع كتفيه لأعلى يردف ببساطة :
- وتوقفي تاكسي ليه ، تعالي يا بنتي هوصلك في طريقي أنا ابن خالك ولا ناسية
زفرت أنفاسها بعنف تود تمزيق وجهه بأظافرها المستفز يثير غضبها ، تحركت جواره إلى السيارة فتحت الباب المجاور له جلست ، ليجلس جوارها يدير محرك السيارة يتحرك في صمت ، صمت سخيف لم ينطق بكلمة معها طوال الطريق كان يتحدث في الهاتف مع أحد المهندسين عن مشروع جديد تقيمه الشركة ، توقف السيارة بهم فى إحدى محطات البنزين فجل ما فعله أنه التفت لها وهو يتحدث على الهاتف :
- خليك معايا يا سمير ثواني ، تشربي حاجة يا چوري ؟
شدت على حقيبتها بأظافرها تحرك رأسها للجانبين ، نزل من السيارة وهو لا يزال يتحدث في الهاتف توجه إلى المقهى الصغير التابع لمحطة البنزين وعاد في يده كوب قهوة صغير وزجاجة مياة ، أعطى عامل المحطة نقوده وعاد يقود السيارة من جديد وهو يتحدث في الهاتف ، لا تفهم حقا هل يقوم ببناء المشروع على الهاتف ، تحارب رغبتها في صفعه بالحقيبة على وجهه ورمي هاتفه بعيدا ، يتجاهلها بشكل مستفز ، حتى عندما وصلت إلى بيت أبيها أبعد الهاتف عن أذنه للحظة يعطيها ما يشبه ابتسامة يردف :
- حمد لله على السلامة
جزت على أسنانها مغتاظة نزلت من السيارة تصفع الباب بعنف تتحرك للداخل ، ليغلق هو الخط ينزل الهاتف من على أذنه تراقبها عينيه وهي تبتعد ، ترتسم على شفتيه ابتسامة حزينة مرهقة ، مسح وجهه بكف يده قبل أن يدير محرك السيارة يغادر
_____________
في شقة رعد ، دخل إلى غرفتها ليراها شاردة كما تركها صباحا لم يقل شيئا فقط اقترب منها يتحدث بهدوء :
- قومي ألبسي عشان هننزل
جملته جذبت انتباهها لتلتفت برأسها إليه تسأله سريعا :
- هنروح فين ، هنرجع الفيلا
حرك رأسه للجانبين يبتعد عنها فتح دولاب ثيابها يقف جواره يغمغم ببساطة :
- هنروح للدكتورة
شهقت بعنف تنظر إليه مذعورة تحرك رأسها للجانبين قبل أن تصرخ في وجهه :
- أنت عايز تموت أبني
ضحك ساخرا يضرب كفا فوق آخر يحرك رأسه متهكما :
- مش بقولك الأفلام العربي كلت مخك ، يعني أنا عاوز اخلف منك هوديكِ تسقطي الجنين ، طرب ألبسي لو سمحتي ، وما تتأخريش
وتحرك ليغادر قبل أن يخرج من باب الغرفة سمع صوتها تنفجر من خلفه بحرقة :
- لحد امتى يا رعد ، هنفضل على الحال دا لحد امتى ، كفاية كدة يا رعد أرجوك أنا كدة هكرهك وأنا بحبك ، بحبك أوي
التفت لها بعد صمت طويل حين علا صوت بكائها ابتسم يردف بهدوء:
- اكرهيني ، ساعتها هيبقى في بينا شعور مشترك لأن أنا كمان بكرهك
وخرج من الغرفة وتركها لتتحرك خلفه قبضت على ذراع ليلتفت لها فصرخت فيه وهي تبكي :
- خلاص طلقني ، طالما بتكرهني سيبني وطلقني ، عايز مني ايه ، أنا مش هسمحلك تلمسني تاني
ارتسمت إبتسامة ساخرة على شفتيه يرفع كتفيه لا مباليا :
- مين قالك أن أنا عايز ألمسك أصلا ، أنا مش عايز منك حاجة ، وجودك في حياتي بقى عبئ عليها ، ما تقلقيش هطلقك بس لما أخد ابني الأول
دفعته في صدره بعنف تصرخ فيه بجنون :
- أنا مش هسمحلك تاخد ابني مني أنت فاهم
لم يتأثر بما يحدث وكأن قلبه فجاءة بات أشد قسوة من الحجارة كتف ذراعيه أمام صدره يسخر منها :
- اعقليها يا طرب هتلاقي مستقبله معايا أحسن ، لو عاش معاكي هيطلع كداب وخاين وب100 وش زيك ، إنما أنا هربيه أحسن تربية ولما يكبر ويسأل عليكي مش هقوله ماما خاينة يا حبيبي ، ماما ضحكت على بابا يا حبيبي ، ماما خدعت بابا يا حبيبي ، هقوله ماما الله يرحمها ماتت وهي بتولدك
لم تصدق ما تسمع منه ، كلمتها وكأنها مئة سوط ينزل عليها بلا رحمة ، عادت خطاها للخلف تحرك رأسها للجانبين تهمس مذعورة :
- إنت جبت القسوة دي منين
ضحك عاليا يتهكم منها :
- من عند بتاع القسوة ، هبقى اجبلك منه وإحنا راجعين لو بتتوحمي عليها ، يلا عشان ميعادنا مع الدكتورة ، مش عايزة تتطمني على الجنين
دق هاتفه في تلك اللحظة حين أجاب قطب جبينه فجاءة يغمغم قلقا :
- طب أنا جاي
أغلق الخط ينظر إليها يغمغم سريعا قبل أن يرحل :
- مشوار ساعة ، ارجع الاقيكِ جاهزة
وخرج يغلق الباب عليها بالمفتاح من الخارج ، لتنهار هي أرضا مكانها تبكي بحرقة ، مر الوقت بها وهي على حالها تقريبا ربع ساعة وسمعت صوت الباب ، رفعت وجهها ظنته هو ... توسعت حدقتاها حين رأت والده أخيرا عثر عليهم ، لا تعرف حتى كيف دخل إلى الشقة ولكنه هنا الآن ، قامت تهرول إليه ألقت بنفسها بين أحضانه تبكي بحرقة تتوسله :
- مشيني من هنا أرجوك ، رعد خلاص بقى بيكرهني ، عايز ياخد مني ابني
قطب جاسر جبينه ابعدها عنه قليلا ابتسم يسألها :
- أنتي حامل ؟
حركت رأسها تبكي بحرقة ، جسدها يرتجف بعنف أمسك جاسر كف يدها برفق يجذبها لتجلس على المقعد أمامه يحادثها مترفقا :
- اقعدي واهدي يا حبيبتي ما تخافيش ، رعد مش هيرجع دلوقتي ، آذاكِ ؟! ، ضربك؟
حركت رأسها للجانبين تنهمر الدموع من عينيها تتابع شهقاتها :
- لاء ، بس كلامه ونظراته أسوء ألف مرة ، قالي كلام وحش أوي ، أنا عارفة أنه مجروح بس أنا ما اذيتهوش أنا حميته أكتر من مرة ، كل دا مش مهم ، رعد عاوز ياخد ابني مني لما أولد بيقولي مش هخليه يتربى مع واحدة خاينة وب 100 وش زيي ولما يسأل عليا هيقوله إني مت
هنا ضحك جاسر يحرك رأسه يائسا :
- عديتي الواد وبقى بيتفرج هو كمان على افلام عربي ، وأنتي تفتكري رعد هيعمل كدة يا عبيطة ، أنا عارف مكانوا من أول خدك رعد ومشي ، بس قولت اسيبهم يمكن يعرفوا يتصافوا ، بس لما لقيتكوا غيبتوا قلقت وقولت اجي اشوف في إيه ، دلوقتي تحبي تيجي معايا ويتربى رعد وهو مش طايلك ولا عارف مكانك ، ولا تفضلي هنا وتحاولي تصلحي اللي بينكوا تاني ، عشان اللي في بطنك وعشان الحب اللي بينكوا
وقبل أن يسمع إجابتها أخرج هاتف من جيب سترته يعطيه لها ، ربت على كف يدها برفق يردف :
- حاولي عشانه عشان هو بيحبك وبيحبك أوي كمان وعلى قد الغلاوة يكون الوجع ، ولو لقيتي ما فيش فايدة اتصلي بيا وأنا هاجي اخدك غصب عن عين أهله ، خلي بالك من نفسك وانشفي كدة
قام من مكانه ، ربت على وجنتها برفق قبل أن يخرج من المنزل ، يغلق الباب بالمفتاح كما كان ، وجلست هي تفكر في كلمات أبيه ، ربما هو محق وهي فقط من تبكي منذ مجئيهم لهنا ، قامت سريعا خبئت الهاتف جيدا وبدلت ثيابها وجلست تنتظره ، عاد بعد مدة فتح باب المنزل ليراها تقف أمامه ابتسمت في هدوء تردف قلقة :
- إنت كويس ؟ ، كان في حاجة ولا ايه أصلك خرجت تجري
قطب جبينه ينظر إليها مستنكرا عدة لحظات قبل أن يردف بجفاء :
- مالكيش دعوة ، يلا يا دوب نلحق
ابتسمت في وجهه تومأ برأسها ، تحركت أمامه سار خلفها ينتظر لحظة هروبها ولكنها لم تفعل حتى حين تأخر في خطواته يتيح لها الفرصة وقفت وانتظرته ، استقلا سيارته إلى عيادة الطبيبة ، جلست على مقعد في صالة الانتظار مجاورة له تنظر للسيدات أصحاب البطون المنتفخة ، تتخيل نفسها ببطن منتفخة مثلهم ، اجفلت على صوت المساعدة تقول :
- باشمهندس رعد ، مدام طرب اتفضلوا دورك
اومأت برأسها وقفت عن مقعدها معه لتمد يدها تمسك بكفه قطب جبينه ينظر لها محتدا ، تحركا إلى غرفة الطبيبة ، جلست طرب أمامها تسألها الطبيبة عدة أسئلة وهي تجيب عليها وهو صامت واجم ، إلى أن طلبت منها الطبيبة الذهاب إلى فراش الفحص ، هنا مدت يدها تمسك بيده تهمس مرتبكة :
- أنا خايفة تعالا معايا
نظر لكف يدها الذي يتشبث بكفه ، قبل أن يرفع عينيه إلى وجهها ليراها تنظر إليه مرتبكة متوترة ... كاد أن يوافق وفي اللحظة الأخيرة رفض ، سحب يده بعيدا عنها يشيح بوجهه في الإتجاه الآخر ، أدمعت عيناها ولم تستلم تتذكر كلام أبيه جيدا ، هي لا تشعر بالخوف من الأساس هي فقط تحاول إيصال له فكرة أنها لا تشعر بالأمان بعيدا عنه لتعود تهمس من جديد :
- رعد أنا خايفة
قبض كف يده بعنف يغزر اصابعها في باطن يده يقاوم ذلك الجزء الذي يرتجف داخله وهو تستنجد به ، اغمض عينيه يطحن أسنانه ، انتظرت أن يلتفت إليها حتى ولكنه لم يفعل سمعت صوت الطبيبة تتحدث :
- يا مدام يلا عشان لسه في كشوفات كتير
نظرت إليه تترجاه للمرة الأخيرة ولكنه لم يقم ، تهدلت أكتافها حزنا ، قامت تتحرك صوب فراش الفحص ما أن تسطحت عليه رأته يقف بالقرب من الفراش يوجه انظاره لشاشة السونار ، ابتسمت سعيدة تدمع عيناها فرحا ، مدت يدها تمسك بكف يده ، لم يجذب يده بعيدا عنها ولكنه أيضا لم يمسك بيدها
___________
في شقة مليكة وزينب ، زينب هناك في غرفتها ترتجف خوفا ، دخلت مليكة عليها الغرفة تتأفف حانقة من خوفها تنهرها :
- وبعدين معاكي يا زينب ، أول ما يجي الليل تقعدي تترعشي وخايفة أحسن والدتك وفؤاد دول يجيوا ، يا حبيبتي عدى مدة طويلة كانوا جم وقتها ، بطلي تخوفي نفسك يا زينب
حركت زينب رأسها للجانبين ترتجف تهمس خائفة :
- أنا عارفة فؤاد كويس يا مليكة ، فؤاد دا تعلب بيفضل مستخبي لحد ما يتأكد أنك مش واخد خوانة ويهجم ، أنا واثقة أنه مش هيسكت
ويبدو أن حدس زينب لم يكن به خطاء ، ففي عتمة الليل وقفت سيارة فؤاد ونزل هو ووالدة زينب ، يقدح الشرر من أعينهم ، خاصة والدة زينب التي تفضل فؤاد شاكرا يخبرها أن ابنتها ترافق الرجال ، بشكل فج سافر وأنه تقريبا باتت عاهرة وفتاة ليل وربما راقصة أيضا !! ترافق الرجال لتتقاضى منهم أجر ، ابنتها المصون أطاحت بشرفك يا عمتي ، ألن تقتليها ؟!!!
صعدا إلى أعلى ، دق فؤاد الباب بهدوء
خرجت مليكة من غرفة زينب تحادثها حانقة :
- استني هروح افتح للديلفري ، ناكل وبعدين نقوق يا زينب
فتح مليكة الباب لتشخص عينيها ذعرا حاولت أن تغلقه ليدفعه فؤاد بعنف يسقطها أرضا على ظهرها لتصرخ فيه :
- إنت اتجننت امشي اطلع برة بدل ما هصوت وألم عليك الناس ، الحقوووووني يا نااااس
صرخت مليكة ولكن الباب كان قد اغلق بالفعل خرجت زينب على صوت صرخات مليكة ، لتصرخ هي الأخرى مذعورة حين رأتهم أمامها ، اقترب سناء منها تخرج سكين من حقيبتها تحادثها متوعدة :
- مش أنا قولتلك يا زينب ، أنتي لو ما حافظتيش على نفسك أنا هموتك ، ماشية في الحرام مع الرجالة يا فاجرة
حركت زينب رأسها للجانبين مذعورة تبكي بحرقة ، في حين هبت مليكة تقف أمام زينب تحميها منهم تصرخ فيهم :
- انتي مجنونة يا ست أنتي ، مين دي اللي ماشية في الحرام مع رجالة ، بنتك أشرف من الشرف ، الوسخ دا هو اللي كان بيتحرش بيها ودلوقتي بيتهمها
تمسكت زينب بمليكة تبكي مذعورة ، اقترب فؤاد من مليكة ، قبض على خصلات شعرها يبعدها عن زينب ؛لتحدشه مليكة بأظافرها بعنف تحاول ضربه تصرخ عل أحدهم يسمعها ، تحاول الوصول لزينب خاصة وهي تسمع صرخاتها وترى والدتها المريضة تبرحها ضربا ،
طالت يداها وهي تحاول إبعاد عنها تحفة صغيرة موضوعة على الطاولة صدمته على رأسه بعنف ليتأوه من الألم هنا تشتت انتباه سناء حين نظرت خلفها ، لتزحف زينب بجسدها تحاول الابتعاد عنها ، في حين هرعت مليكة إلى باب الشقة تفتحه تصرخ مذعورة تطلب النجدة ، هرعت إلى زينب من جديد حين قبضت تلك السيدة على السكين لتدفعها مليكة بعنف للخلف تصرخ فيها :
- ابعدي عنها يا مريضة ، أنتي مش طبيعية هتموتي بنتك ، اجري يا زينب
حاولت زينب الهرب ولكن فؤاد قبض على شعرها يعيدها لوالدتها من جديد وكأنه يقدم قربانا ليُذبح مثلا ، صفعت سناء مليكة بعنف تدفعها بعيدا عنها وتحركت تمسك بالسكين صوب ابنتها التي تتوسلها ألا تفعل ، في اللحظة التي رفعت فيها سناء السكين احتضنت مليكة زينب بقوة في لحظة ، لم تكن تتركها للموت ، فانغرز نصل السكين في بطن مليكة ، التي توسعت حدقتاها ألما تشهق بعنف وكأن الحياة تغادرها ، والغريب في الأمر أن لم يحضر أحد ، وكأنهم جميعا باتوا أجبن من فرخ الدجاج الصغير ، صرخت زينب مذعورة بإسم مليكة ، ولأن هناك قلوب كالحجارة بل أشد قسوة أرادت سناء أن تكمل جريمتها التي جاءت لأجلها ولكن للأسف صوت المصعد منعها ، خرج جاسر من المصعد لتصرخ زينب بإسمه ... ركض إليهم لتتسع حدقتاه ذعرا حين رآها ملقاة أمام عينيه جثة عينيها جاحظة زينب تحتضنها وتبكي ، في تلك اللحظة قرر فؤاد الهرب وترك عمته تدفع ثمن جريمتها النكراء وكأن مس من الجنون أصاب جاسر في تلك اللحظة التي رآها فيها غارقة في دمائها ، قبض على عنق الوغد يصدم رأسه بالحائط بعنف عدة مرات إلى أن سقط أرضا فاقدا للوعي أو ميتا لم يهتم ؛ اندفع صوب السيدة الواقفة أمامه يعرفها من الصور والدة زينب ، التي سيقوم بتخليص العالم منها الآن اقترب منها يقبض على عنقها يصرخ بجنون :
- قتلتيها ، أنتِ قتلتيها !!
دخل إلى المستشفى يركض وهو يحملها بين يديه والخوف الذي يطعن قلبه لم يشعر به قبلا ، فكرة أنها قد لا تنجو تقتله ، الآن فقط تأكد أنه كان يحبها طوال تلك الفترة ولكنه فقط كان يكابر ، لا يود الإعتراف بالحب ، حين دخل إلى المستشفى أسرع الممرضون في أخذها منه يهرعون بها إلى غرفة الطوارئ ، تحركت عينيه تختطف نظرة أخيرة خوفا من أن تكن المرة الأخيرة التي يراها فيها ، تهاوى جالسا على أقرب مقعد منه يشعر بجسده بأكمله يتداعى ألما ، نظر لزينب التي تقف بالقرب منه جسدها يرتجف بعنف دموعها لا تتوقف يسألها :
- هو إيه اللي حصل يا زينب ؟ أنا عايز أعرف اللي حصل بالظبط
حركت رأسها ناحيته لتشهق في البكاء بعنف تغمغم بحرقة :
- كانت عاوزة تموتني أنا ، كانت جاية تموتني أنا ، يا ريتها موتتني أنا ، مليكة مالهاش ذنب
ومن ثم بدأت تقص عليه وهي ترتجف ما حدث ، ليقبض كف يده غاضبا يتوعدهم بالكثير ، نظر لزينب مشفقا على حالها ليردف يهدئها :
- اهدي يا زينب ، مليكة هتبقى كويسة ، كلمي والدك خليه يجي ، وأنا هكلم والد مليكة لازم يعرف
ابتعد جاسر عن زينب يخرج هاتفه طلب رقم والد مليكة ، انتظر بضع لحظات إلى أن أجاب الأخير قلقا :
- خير يا دكتور جاسر في اي حصل حاجة ؟
ويبدو أن حدس الرجل أخبره أن هناك خطب ما جؤى لابنته ، حاول جاسر أن يبدو هادئا حتى لا يزيده ذعرا :
- خير يا حج فتحي ما تقلقش مليكة بس تعبانة شوية ، إحنا في المستشفى هبعتلك عنوانها في رسالة ما تقلقش الموضوع بسيط بإذن الله ، مستني حضرتك
وأغلق الخط دون أن يعطي الرجل فرصة ليسأله عن مزيد من التفاصيل ، أغمض عينيه متألما يتمنى فقط أن يكن الأمر بسيطا كما قال ، نظر لكف يده الغارق بدمائها ، التي لطخت قميصه أيضا يتمنى ألا يظل له منها سوى تلك القطرات وأن تعود له سالمة
__________
مرت الساعات وجاء الصباح في منزل جاسر مهران ، استيقظوا جميعا على صوت مريم وهي تصرخ بعلو :
- النتيجة ظهرررت ، يا جماعة النتيجة ظهرت
قام جاسر من فراشه يهرول للخارج تلحق به رؤى ، التي هرعت إلى غرفة يوسف تهزه ليصحو :
- يوسف قوم ، مريم بتقول النتيجة ظهرت
أولاها يوسف ظهرت يغمغم ناعسا :
- طب بعدين لما اصحى
في اللحظة التالية قفز من فوق فراشه يغمفم مذهولا :
- أنتي بتقولي ايه ، النتيجة ظهرت ، صحي ملاك قوليلها
وخرج يركض من الغرفة إلى أسفل ، رأت مريم تجلس أمام جهاز الحاسوب المحمول ووالدهم مجاور لها يقول :
- يا بنتي طالما الموقع واقع ، أنا هجبهالكوا من الكنترول
لتصيح مريم متوترة :
- لالا إحنا هنجيبها ، هيشتغل أهو
اقترب منها سريعا يجذب جهاز الحاسب يضعه على قدميه يغمغم سريعا :
- هاتي أنا هعرف اجيبها
بعد عدة محاولات استطاع أن يفتح أحد الصفحات ، كتب رقم جلوس شقيقته أولا لتظهر نتيجتها ليصيح فرحا :
- مريم جاسر عبدالله مهران 94,6
صرخت مريم سعيدة ليعانقها جاسر سريعا فرحا ، وتطلق رؤى الزغاريد العالية تعانق ابنتها
رفع يوسف رأسه ينظر لملاك التي تجلس أمامه تنظر له متلهفة خائفة ، يحفظ رقم جلوسها عن ظهر قلب ليكتبه ، أراد أن يرى النتيجة أولا قبل أن يقولها لهم خوفا من أن تكن نتيجتها سيئة فتحزن ، ولكنه ابتسم حين رأى مجموعها الذي يقارب مجموع مريم ليعلو بصوته سعيدا :
- ملاك جلال المهدي 93,7
توسعت حدقتا ملاك مدهوشة لا تصدق أن تلك نتيجتها ، انهمرت الدموع من عينيها اقتربت كاملا منها تعانقها لتتحدث ملاك بحرقة :
- كان نفسي تبقى هنا ، كانت هتفرح أوي
ونظرت لجاسر تبكي ، ليقترب منها ربت على وجهها بخفة يردف :
- ما تعيطيش يا ملاك ، قريب أوي طرب هتبقى هنا ، وبعدين افرحي جايبة مجموع عالي
ومن ثم نظر ليوسف يحادثه ضاحكا :
- وأنت يا عم يوسف مش ناوي تجيب نتيجتك ولا خايف
ابتسم يوسف في ثقة قبل أن يكتب رقم جلوسه وانتظر بثقة وترقب ظهور نتيجته حرك شاشة الحاسوب نحوههم ما أن ظهرت يردف بابتسامة واسعة :
- يوسف جاسر عبدالله مهران 98,5 ، عالمي يا ابني والله ، عشان تتريقوا عليا تاني يا شوية فشلة ، أنا إزاي الوزير ما كلمنيش لحد دلوقتي ، وفريق إعداد برنامج الأستاذة منى الشاذلي
وقف يقفز من فرحته ليضحك جاسر عاليا ، اقترب منه يعانقه يصدمه على رأسه بخفة يردف سعيدا :
- مبروك ياض ، لاء ياض ايه بقى مبروك يا دكتور يوسف
اقتربت رؤى منه تعانقه تبكي بقوة سعيدة :
- مبروك يا حبيبي ، ألف مبروك ليكوا كلكوا ، أخيرا خبر حلو في وسط اللي إحنا فيه ، صحيح اتصل بمراد اتطمن عمل إيه
________
في منزل عاصم
التفوا جميعا حول مراد وهو يحاول جاهدا فتح صفحة النتيجة رافضا هو الآخر أن يأتي أبيه بالنتيجة من الكنترول ، بعد عدة محاولات أخيرا استطاع أن يفتح الصفحة ، يكتب رقم جلوسه لتظهر نتيجته تهدلت قسمات وجهه حين رآها ، جذب حسين منه الحاسب يغمغم فرحا :
- 92 في المية مبروك يا عم ، اومال مالك وشك قلب ليه خضتني ، ما تقلقش هتلحق هندسة مستريح في النظام العجيب بتاعكوا دا
وقف مراد يحرك رأسه للجانبين بعنف يغمغم غاضبا :
- لاء أنا كان المفروض أجيب أعلى من كدة ، وبعدين التنسيق كل سنة بحال يعني ممكن تنسيق السنة دي يخليني ما الحقهاش اصلا
اقتربت حلم منه تغمغم سريعا :
- ايه اللي أنت بتقوله دا يا مراد ، حبيبي مجموعك حلو جداا ، وإن شاء الله هتلحقها وإن مالحقتهاش عام ، هتلحقها خاص ولا إيه يا عاصم
حرك عاصم رأسه موافقا يوجه حديثه لمراد :
- مراد ما تنكدش على نفسك وعلينا ، أنت نجحت يعني المفروض تفرح ، وبعدين كل واحد بياخد نصيبه وإن كان على هندسة هتدخلها ، ايه مش سامع زغاريد يعني يا حلم
أطلقت حلم الزغاريد العالية ، ليتركهم مراد ويهرع إلى غرفته يوصد الباب بالمفتاح من الداخل ، هرع زين وحسين خلفه يدقان الباب عليه :
- يا مراد أخرج بطل شغل العيال دا / يا ابني لو مجموعك وحش كنا هنقولك هنخبي عليك ليه / اطلع يا مراد نحتفل وبطل اللي بتعمله دا / خلاص سيبه يا زين وهو لما يقتنع أن اللي بيعمله دا شغل عيال هيبقى يخرج
في داخل غرفة مراد التف حول نفسه يشعر بالغضب الشديد من نفسه ، هو من وثق في قدراته حد الغرور ، دق هاتفه في تلك اللحظة برقم مريم ، أجاب ليسمعها تصيح فرحة :
- مراد طمني عملت ايه ، الواد يوسف الدحيح جاب 98,5 وأنا جبت 95 ، طمني جبت كام
شعر بالغضب الشديد من نفسه يتزايد ليحادثها منفعلا :
- اقفلي يا مريم
وأغلق الخط معها يقذف الهاتف بعيدا يتنفس بعنف
أغلقت مريم الهاتف لاء للمرة الثانية مراد هو من أغلق الخط دون مقدمات ، بدلا من أن يبارك لها ، نظرت إلى أبيها وقد لمعت عيناها بالدموع غص صوتها ألما تحادثه :
- بابا لو سمحت أنا مش عاوزة اتجوز مراد
تحرك جاسر صوب ابنته لترتمي بين أحضانه تبكي بحرقة حاول أن يفهم ما حدث لتتمتم من بين شهقاتها :
- دي تاني مرة يا بابا يعملها ، يكلمني بأسلوب وحش ويقفل في وشي السكة ، دا كدة بيهيني أنا مش عوزاه خلاص
ربت على رأس ابنته برفق ، يتحدث يهدئها :
- ما تعيطيش يا مريم ، أنتِ ما غلطتيش يا حبيبتي ، خلاص اللي أنتي عوزاة أنا هعمله يعتبر الفاتحة اللي بينا كأن لم تكن وأنا هكلم عاصم دلوقتي اقوله
اقترب رؤى منهم سريعا لتخرج مريم من بين أحضان أبيها ترتمي بين أحضانها تبكي ، في حين اردفت رؤى سريعا :
- اهدا بس يا جاسر ، أكيد في سوء تفاهم ، مراد ومريم بيحبوا بعض
حرك جاسر رأسه للجانبين بعنف يغمغم محتدا :
- لا يا رؤى ، دي بتقولك تاني مرة ... وبعدين هي بتكلمه قدامي ، ما قالتش اي كلمة تضايقه ، ومش من حقه يقفل السكة في وشها ولا يتنزفر عليها ، حتى لو هي مراته وفي بيته دا إحنا لسه على البر وبيعاملها بالمنظر دا ، اومال لما يتجوزوا ، وإحنا لسه اللي بينا ما بقاش رسمي حتى ، فشكرا شيل دا من دا نكد على البت بعد ما كانت مبسوطة بنتيجتها
هنا تدخل يوسف سريعا ينقذ ما يمكن إنقاذه :
- يا بابا مراد مجموعه مش هيعجبه أنا عارف ، فأكيد عشان كدة متنشن مش قصده اللي حصل ....
قاطعه جاسر يتحدث غاضبا :
- متنشن متنيل على عينيه ما حدش قاله ما يذاكرش إنما ما يزعقش لأختك ولا يكلمها وحش ، أنا ليا كلام تاني مع عاصم
ومن ثم وجه انظاره إلى ابنته ، أمسك بذراعيها برفق يمسح دموعها عن وجهها يحادثها :
- مريومة حبيبتي اوعي تعيطي أبدا ، افرحي أنتي جايبة مجموع كبير ، أنتي وملاك والحمار يوسف ليكوا عندي مفاجأة كبيرة ، يلا امسحي دموعك يا حبيبتي
دق هاتفه في جيبه ليخرجه فأبصر رقم نصار ، فتح الخط يحادثه مبتسما :
- اهلا اهلا نصار باشا ، ابن حلال كنت لسه هتصل بيك
تحدث نصار بلهفة مبالغ فيها :
- أنا سمعت أن نتيجة الثانوية طلعت وعارف أن ولادك التلاتة في ثانوية عامة ، فقولت اطمن عليهم
ضحك جاسر بخفة يحادثه سعيدا :
- فيك الخير والله ، الحمد لله التلاتة نجحوا وجابوا مجاميع كبيرة
رد نصار سعيدا :
- بجد والله ، ألف مبروك ، طب ايه مش هتقبل عزومتي بقى على الأقل نحتفل بيهم ، اي وقت أنت تحدده النهاردة بكرة بعده ، أي يوم أنا معاك ، بس لو مش هبقى رخم ياريت النهاردة عشان نحتفل بيهم والنتيجة لسه طالعة
ضحك جاسر بخفة ينظر إلى الجمع الملتف حوله عدة لحظات قبل أن يعود يحادث نصار :
- هنكون عندك النهاردة إن شاء الله
أردف نصار سريعا متلهفا سعيدا :
- يا نهار أبيض تنوروا طبعا ، هبعت لحضرتك العنوان في رسالة ، في انتظاركوا
أغلق جاسر الخط مع نصار نظر إليهم يردف بهدوء :
-جهزوا نفسكوا النهاردة معزومين عند واحد صاحبي ، ألف مبروك مرة تانية ، ومن بكرة تقدروا تخرجوا وتنبسطوا الكام يوم دول قبل ما تتنفخوا في الجامعة ، رؤى تعالي معايا عايزك
تحرك لأعلى ورؤى خلفه ، دخلا إلى الغرفة لتغلق رؤى باب الغرفة اقتربت منه تردف ممتعضة :
- إنت ما صدقت يا جاسر ، بدل ما تهدي البنت ، تقول فرصة نفشكل الجوازة ، أنت ما تعرفش مريم بتحب مراد قد إيه
التفت لها يبتسم في هدوء قبل أن يردف :
- عارف هي بتحبه قد ايه ، وعارف أن سر مريم معاكي واكيد تعرفي اللي أنا ما اعرفوش ، بس حتى لو بتموت فيه كدة ، مراد مش من حقه أنه يكلمها وحش ولا يقفل السكة في وشها ، دي كدة إهانة ليها ، ومش هسمح أن بنتي تتهان ، لما اربيه يبقوا يرجعوا تاني
تنهدت رؤى قلقة تومأ برأسها موافقة ما يقول ، نظرت إليه عدة لحظات في صمت قبل أن تردف :
- جاسر أنا واثقة أنك عارف رعد فين ، دي حاجة مش كدة ، مش هقولك قولي هو فين ، بس طمني عليه
أقترب منها إلى أن بات ملاصقا لها رفع يده إلى خدها يربت عليه برفق يحادثها :
- ما تقلقيش هو كويس ، وطرب كويس وافرحك كمان ... طرب حامل
توسعت حدقتا رؤى قبل أن تشهق بقوة تغمغم مدهوشة :
- بجد والله ، طب دا خبر حلو أوي ... طب طالما كدة هما فين خليهم يرجعوا يا جاسر عشان خاطري
حرك رأسه للجانبين يرفض يردف بهدوء :
- سيبيهم يتصافوا يا رؤى على أقل من مهلهم كمان ، وما تقلقيش هما تحت عينيا ، امبارح رعد خد طرب وراحوا للدكتورة ، كل حركة بيخطوها أنا عارفها ، فمش عايزك تبقي قلقانة خالص ، وفكي التكشيرة دي وافرحي ... إحنا معزومين عند صديق ليا كان مسافر ولسه راجع
ربت على وجنتها برفق قبل أن يدخل إلى المرحاض اغتسل وبدل ثيابه وقف ، أمام المرآة يجفف خصلات شعره يحادثها :
- رؤى أنا قلقان من يوسف ، نظراته ناحية ملاك خصوصا بعد اللي حصل من طرب أختها اتغيرت ، الأول كنت بلاحظ أنه بيبصلها وهو بيبتسم ، دلوقتي حتى ابتسامته زي ما يكون فيها وعيد كدة ، أنا وعدته آخر مرة إني هفاتح والدتها في الخطوبة لما النتيجة تطلع ، بس أنا دلوقتي قلقان على البنت من يوسف
تحركت رؤى نحوهه تلتقط سترة حلته تساعده في ارتدائها ضحكت بخفة تحرك رأسها للجانبين :
- يا حبيبي بس بقى ، أنت على طول قلقان من حد من عيالك شوية رعد وشوية يوسف ، وبعدين يوسف إيه اللي قلقان منه ، دا لسه عيل مخلص ثانوي ، يوسف شخصيته مستقلة لوحدها بس دا مش معناه إنه يقلق يعني ، وبعدين يوسف بيحب البنت ، لما كان تعبان كان عمال يخترف بإسمها إزاي ، وبعدين أنت وعدته نفذ وعدك لو سمحت ، حتى لو هتقروا فتحة بس ولما يخلصوا أول سنة في الكلية نعمل الخطوبة
تنهد جاسر قلقا يومأ برأسه موافقا ، نزل لأسفل ليرى يوسف يقترب منه يغمغم سريعا :
- بابا أنت
قاطعه يردف بهدوء :
- عارف يا يوسف ، تعالا معايا
وأخذه يتحركان صوب غرفة المعيشة حيث تجلس كاملا ومريم وملاك معا ، جلس على الأريكة ليتحرك يوسف يجلس مجاورا له ، ابتسم جاسر يوجه حديثه لكاملا :
- بصي يا مدام كاملا ، انسي اللي حصل مع رعد وطرب وبعدين أنا طمنتك على طرب ، هي بخير ما تقلقيش ، خلينا نبص لبكرة ... أنا طالب منك أيد ملاك ليوسف ابني ، صدقيني أنا ما كنتش هطلب طلب زي دا غير بعد ما اتأكدت إن يوسف بيحبها وملاك كمان ميالة ليه ، ومش عايزين نكسفها ونقول أنها كمان بتحبه
أحمر وجه ملاك خجلا تشد كفيها ، تسب يوسف في نفسها على ذلك الموقف المحرج ، أما من وجهة نظر كاملا فهي ترى أن يوسف أفضل من رعد بكثير ، كما أنها أكثر عقلانية واهدأ رغم صغر سنه ، نظرت إلى ابنتها لترى وجهها يكاد ينفجر من الخجل لتبتسم تردف بهدوء :
- والله أنا ما عنديش مانع ، يوسف محترم واخلاقه عاليا ، بس هما مش صغيرين شوية
ضحك جاسر بخفة يربت على ساق يوسف يردف :
- نعمل ايه بقى لعم يوسف المستعجل ، على العموم إحنا نقرا فاتحة دلوقتي ، ولما يخلصوا أول سنة في الكلية نعمل الخطوبة ، تكون حتى الظروف تبقى أحسن ولا إيه يا ملاك
لم تفعل ملاك شيئا سوى أنها قبضت على يد مريم الجالسة جوارها تشعر بأن قلبها يكاد يتوقف من عنف دقاته ، ارتعش جسدها حين سمعت صوت يوسف يغمغم متلهفا :
- طب إيه مش هنقرا الفاتحة مش قولتوا فاتحة بس ، نقراها دلوقتي ، انتوا مش حافظينها ولا ايه
ليضحك جاسر يردف :
- لاء حفظينها يا لمض
لكزت مريم ملاك في كتفها برفق تهمس لها خفية :
- مبروك يا ملوكة ، اقري الفاتحة معانا يلا
التفوا جميعا في غرفة المعيشة لقراءة الفاتحة ، دق وليد الباب ففتح له يوسف يغمغم عابسا :
- ايه يا عم فينك اتصلت بيك خمسين مرة ، كنت قدم شوية كنا بنقرا فتحتي على ملاك
ابتسم وليد يعانق يوسف ليهمس له الأخير خفية :
- بقولك ايه تعالا معايا نروح لمراد ، لأنه شد هو ومريم وبابا حالف ليفركش الجوازة كلها
كادت أن ترتسم ابتسامة كبيرة على شفتي وليد يتمنى أن يحدث ذلك فعلا وتكن مريم من نصيبه هو ، أبتعد يوسف عنه يسأله :
- صحيح ما قولتليش ناوي على كلية إيه
اختلس نظرة خاطفة صوب مريم ، يعرف أنها تود الدخول لكلية إعلام وهو يود أن يكن قريبا منها بأي شكل كان نظر ليوسف يغمغم سريعا :
- إعلام
ضيق يوسف حدقتيه ينظر لوليد في حذر لعدة ثوانٍ قبل أن يبتسم يردف:
- دخلت علمي علوم ليه لما ناوي على إعلام ، على العموم هنتكلم في الموضوع دا بعدين ، يلا نشوف مراد
تحرك ليغادر ليسمع صوت جاسر يحادثه غاضبا :
-إنت رايح فين يا زفت ، أنا مش قولت خارجين
التفت يوسف لأبيه ابتسم يغمغم سريعا :
-معلش يا حج أنت عارف اني ماليش في الحوارات دي اعفيني أنا ، سلام
___________
أتى الصباح ، فتح عينيه ليبصر وجهها أمامه في بداية الأمر ابتسم تلقائيا قبل أن تختفي ابتسامته يعقد جبينه غاضبا ، انتصف جالسا يدير وجهه إليها يحادثها محتدا :
- أنتي ايه اللي دخلك اوضتي ، وبعدين لزقة وشك في وشي كدة ليه
ابتسمت تريح كف يدها أسفل ذقنها تغمغم بنبرة حالمة :
- ببصلك عايزة البيبي يطلعك شبهك بالظبط ، كل اللي يشوفه يقول دا رعد على صغير
قام من الفراش ينفض الغطاء عنه ابتعد عنها دخل إلى المرحاض يصفع الباب بعنف ولكنها لم تستلم قامت خلفه تلحق به رغم غضبها من تجاهله ، خرج من المرحاض ليراها تقف تنتظره وعلى شفتيها ابتسامة واسعة تردف :
- أنا حضرتلك الفطار
تحرك من جوارها وكأنه لم يرها من الأساس صوب دولاب ثيابه فتح الدولاب يخرج قميص وسروال ، عاد للمرحاض بدل ثيابه وخرج ليراها لا تزال تقف مكانها على شفتيها نفس الابتسامة تردف :
- على فكرة أنا مش هفطر غير لما تفطر معايا ، والدكتورة قالت لازم أكل كويس عشان البيبي
لم يعرها انتباها ، فقط شرع في ارتداء حذائه يردف بلامبلاة :
- تفطري ما تفطريش أنتي حرة مش بتاعتي دي ، عن إذنك
وتركها وغادر خرج من المنزل يغلق الباب عليها بالمفتاح لتتهدل قسمات وجهها حزنا ، تهاوت جالسة على الفراش تبسط على يدها تحادث طفلها حزينة :
- بابا شكله مش هيسامح بسهولة ، أو مش هيسامح خالص ، أنا خايفة ياخدك مني وخايفة أكرهه مش عارفة أعمل ايه ، وجدك عمال يقولي ما تستلميش
سمعت هاتفها يدق داخل دولاب الثياب لتشهق بعنف نسيت إغلاق صوت الهاتف من الجيد أن رعد ليس هنا ، هرعت إلى الهاتف لترى اسم جاسر أجابت سريعا وقبل أن تردف بحرف سمعته يقول :
- أنا عارف إن رعد نزل ، اوعى تكوني ناسية تقفلي صوت الموبايل ، المهم أنا متصل افرحك نتيجة الثانوية العامة طلعت وملاك جابت 93 في المية
شهقت طرب بقوة تضع يدها على فمها ، اتسعت ابتسامتها تغمغم سعيدة :
- بجد والله أنت بتتكلم بجد ، الحمد لله يارب ، الحمد لله ، كان نفسي أكون جنبها لما نتيجتها تطلع بس مش مهم ، المهم أنها نجحت وجابت مجموع ، طمني عليها وعلى ماما عاملين إيه
تحدث جاسر مترفقا يطمأنها :
- بخير يا بنتي ما تقلقيش ، كويسين جداا ... المهم أنتي خلي بالك من نفسك وخلي نفسك طويل ، وفي اي وقت رعد يفكر بس يتمادى كلميني وأنا هكون عندك في دقايق ، ما تقلقيش أنا في ضهرك
أغمضت عينيها تنهمر الدموع منها تحرك رأسها بالإيجاب ، غص صوتها مختنقا تهمس له :
- حاضر ، قول لملاك طرب بتقولك مبروك يا حبيبتي ، وقولها عايزة لما ارجع الاقيكِ بتمشي على رجليكِ
ودعته تغلق الخط ألقت الهاتف جوارها تخفي وجهها بين كفيها تبكي ، تعبت تتمنى العودة لسابق حياتها ، تتمنى العودة لكنف أبيها تخبره أنها تعبت كثيرا ، تخبره أن يخبر رعد أن يسامحها يكفي لم تعد تحتمل نظرات الاشمئزاز التي يلقيها عليها ، وقفت فجاءة تحركت صوب دولاب ثيابها تبحث بينهم إلى أن وجدت فستان بيتي يشبه حلة الرقص ليس كثيرا ولكنه يفي بالغرض ، حلت عقدة شعرها وفتحت التلفاز على قناة بها الموسيقى عالية وبدأت تتمايل كما كانت تفعل ، تتحرك هنا وهناك ، تخرج كل تلك الشحنات الحبيسة فيما تفعل ، سمعت صوت تصفيق يأتي من خلفها التفتت سريعا لترى رعد يقف خلفها ينظر إليها في سخرية ، تحرك خطاه نحوها يردف متهكما :
- حلو العرض المجاني ، رغم أني مش موجود .. مش كنتي تستني لما أجي عشان الحقه من أوله ، وبعدين هي مش الدكتورة منعت الحركة العنيفة شوفتي بقى أنك أنتي اللي عاوزة تسقطي الجنين ، على العموم أنا جيت في الآخر وما لحقتش اشوف حاجة ممكن تعيدي العرض تاني
وأمسك بذراعيها بين كفيها يجذب جسدها نحوهه يقربها منه يتمتم ساخرا :
- ولا أنتي بتعملي كدة عشان أنا واحشك ، قولي ما تتكسفيش
شعرت بالغضب الشديد من نظراته المتهكمة وكلماته السامة الساخرة المهينة جذبت نفسها بعيدا عنه لترفع يدها تهبط بها على وجهه بعنف ، توسعت عيناه غضبا أما هي فعادت خطاها للخلف تصرخ فيه بعلو صوتها :
- أنت فاكر نفسك ايه ، حاكم ولا قاضي
أنا اللي انقذت حياتك مرة واتنين وتلاتة ، أنا كان ممكن بكل بساطة اخدعك واخد منك كل الفلوس اللي أنا عوزاها ، أو احطلك المخدرات وكان زمانك دلوقتي مدمن مرمي في مصحة ، أو سيبك تشرب كوباية الشاي اللي كان فيها سم ، أنا كنت بخاف ليحصلك حاجة وأنت في شركة أبوك فكنت بتلكك عشان اجيلك ، كنت بحاول دايما ابقى موجودة حواليك عشان ما حدش يأذيك ، كنت عارفة أنك في يوم هتعرف عشان كدة كنت خايفة احمل منك عشان ما تعملش نفس اللي بتعمله دلوقتي ، أنا اشتغلت رقاصة غصب عني وأنت عارف ، بس عمري ما حسيت بالإهانة زي اللي حسيتها منك ، أنا حبيتك رغم كل اللي حصل ، حبيتك وحسيت معاك بالأمان ، حسيت إني ممكن أنام وأنا مش خايفة من اللي هيحصل بكرة ، بس دلوقتي إني حاسة إني أكتر إنسانة مقرفة في الدنيا ، زعلان إني ما قولتلكش لو كنت قولتلك ما كنتش هتصدقني زي ما إنت دلوقتي مش مصدقني ، بتعاملني على إني واحدة رخيصة
كنت بتقولي اكرهيني عشان يكون في بينا شعور مشترك ، أنا دلوقتي فعلا بكرهك
ظل ينظر إليها طويلا ، يرى الدموع تتسارع لتهبط من عينيها ، يتسأل قلبه خائفا ، هل تمادى لتلك الدرجة ؟! ليعاود الرد على نفسه سريعا لا هي من خدعته ... تركته وهرعت إلى غرفتها توصد الباب عليها يسمع صوت بكائها العالي من خلف الباب ، ليشعر بنغز حاد يزلزل كيانه ، ربما هي محقة ، ربما هي محقة !!
حين دخلت إلى الغرفة هرعت إلى الهاتف فتحته تهمس بحرقة :
- أنا ما بقتش قادرة استحمل ، والله مابقيت قادرة
لتسمع صوته يحادثها مشفقا :
- خلاص يا بنتي اهدي بطلي عياط ، أنا هبعدك
__________
في المستشفى
لم يذق للنوم طعما ، الأطباء قالوا إن الحالة حرجة وتحتاج للوقت حتى تستقر ، وهو الوقت يمر على قلبه ثقيلا ، سمع خطوات تهرول في الممر حرك رأسه ليرى والديها يهرولان نحوهه ، اقترب فتحي منه يسأله مذعورا :
- مليكة فين؟ بنتي حصلها ايه ، طمني يا ابني ابوس إيدك
وقف جاسر يربت على كتف الرجل كيف يخبره أن ابنته في الرعاية وحالتها حرجة أيضا ، اقتربت شاهندا منه تحادثه قلقة :
- إنت ساكت ليه ما ترد ؟ مليكة كويسة ، طمني وقول كويسة
تنهد بعمق يحرك رأسه بالإيجاب ابتلع لعابه يحادثهم بهدوء :
- اهدوا يا جماعة ، مليكة في العناية حالتها نوعا ما مستقرة يعني ، بإذن الله تفوق وتبقى كويسة ، اهو الدكتور اهو
قالها حين رأى الطبيب يخرج من غرفة الرعاية ليهرع ثلاثتهم إليه يسأله فتحي مذعورا :
- طمني يا دكتور بنتي حصلها إيه
نظر الطبيب إلى فتحي عدة لحظات قبل أن يردف :
- حضرتك والدها ؟ هو دكتور جاسر ما قالكش ، بنت حضرتك كانت جاية بطعن نافذ بسكين في منطقة البطن ، الساعات اللي فاتت كانت حالتها حرجة بس نقدر نقول الحمد لله أن الحالة استقرت
شهقت شاهندا مرتعدة في حين نظر فتحي إلى جاسر يصرخ غاضبا :
- طعنة ، بنتي اتضربت بسكينة وأنت تقولي حادثة بسيطة ، مين اللي عمل كدة فيها ، ورحمة أبويا لهشيله من على وش الدنيا
حاول جاسر احتواء الموقف ، لا يلوم الرجل على غضبه فهي ابنته ، هو نفسه انفجر غضبا حين رآها ، تحدث يهدئه :
- اهدا يا عم فتحي الدكتور بيقول أن الحالة استقرت ، أنا ما رضتش اقولك عشان ما اقلقكش أكتر ، مليكة لما تفوق البوليس هياخد أقولها ونعرف مين اللي عمل كدة
ومن ثم نظر للطبيب يسأله :
- هي هتفوق امتى ؟ ونقدر نشوفها ولا لاء
- كمان كام دقيقة ، بس مش كتير ... أنا هبلغ البوليس عن إذنك
وتركهم وتحرك ، لتهرع شاهندا راكضة إلى غرفة ابنتها ومن خلفها فتحي وهو بعدهم دخلوا إلى الغرفة لتقترب شاهندا منها جلست أرضا جوار فراشها تمسح على رأسها تنهمر الدموع من عينيها ، أما فتحي فوقف أمام فراشها يبكي وكأنه يخاف يقترب فيؤذيها ، كان جاسر يقف جواره حين سمعه يدعو :
- يارب ، يارب خليهالي يارب ، يارب ما تاخدهاش مني زي اخواتها !
جملته لفتت انتباه جاسر الذي لم يسطر على السؤال الذي خرج من بين شفتيه دون مقدمات :
- أخواتها ، هي مليكة كان عندها أخوات ؟
حرك فتحي رأسها إليه قبل أن يومأ برأسه يهمس بحرقة :
- ايوة ربنا رزقني ببنتين تؤام ، كنت طاير بيهم من الفرحة تسميتهم رؤية وهدى ، كانوا أغلى وأحلى حاجة في حياتي ، كانوا حتة من قلبي أنا وشاهندا ، بس يشاء ربك لما وصلوا خمس سنين رؤية تعبت تعب شديد جالها سخونية شديدة بقينا بنلف بيها على الدكاترة وما فيش فايدة ، وماتت ، كنت بموت بس اللي مصبرني هدى ، اللي لحقت اختها بعدها بشهرين وأقل ، ما كنتش فاهم ليه كنت هتجنن من الحزن عليهم ، بس لطف ربك بينا في الوقت عرفنا أن شاهندا حامل ، كنا مرعوبين على مليكة لما اتولدت لو كحت ولو لمرة نجري بيها على الدكاترة ، كنا محافظين عليها لدرجة الرعب ، وشاهندا خافت تخلف تاني وقولنا كفاية مليكة وربنا يباركلنا فيها ، مليكة لو راحت مني أنا هتجنن
في تلك اللحظة شعر جاسر أنه يود أن يبكي ، وتعجب في الآن ذاته من شيء ما ، ربما لا أحد يعلم ولكنه كان يملك شقيقة تؤام ، ولدت معه اسمتها والدته رؤى على اسم زوجة خاله ، كما اسمته على اسم خاله ، ولكن شقيقته التؤام توفت في عمر صغير أيضا بسبب عيب خُلقي في القلب ، نظر لمليكة تتحرك عينيه بسرعة على قسمات وجهها حين بدأت ترفرف بإهدابها بخفة تحاول فتح عينيها ، إلى أن فعلت أخيرا تأوهت متألمة ، تحرك مقلتيها تحاول أن تعتاد على إضاءة الغرفة ، ظلت تنظر إليهم عدة لحظات عقلها يحاول إدراك ما يحدث ، قبل أن يظهر على وجهها الخوف الشديد تتحدث بوهن :
- زينب ، زينب فين ، حصلها ايه ، زينب كويسة
تلك الفتاة الراقدة أمامه سيتزوجها ولو سنحت له الفرصة سيفعل ذلك الآن وحالا ، بعد كل ما حدث لها تبحث مذعورة عن صديقتها ، تحدث يطمأنها :
- اهدي يا مليكة وما تخافيش زينب كويسة ومع باباها هتجيلك دلوقتي ما تقلقيش
تنفست الصعداء تحرك رأسها ، التفتت برأسها إلى والدتها تعاتبها بالكاد يخرج صوتها :
- ايه يا ماما اللي مقعدك على الأرض كدة ، أنا كويسة ما تقلقيش عليا ، قومي اقعدي على كرسي لو سمحتي ، أنا كويسة ما تخافيش
هنا التفت إلى فتحي فتح فمه سيطلب يدها وينتهي الأمر الآن ، حين فُتح الباب بعنف وهرعت زينب تدخل إلى الغرفة ، خافت أن تحتضنها فتؤذيها فجلست جوارها تبكي بحرقة تعتذر منها :
- أنا آسفة يا مليكة ، يا ريتها كانت مموتني أنا ولا تتأذي أنتي ، أنا آسفة أوي
ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتيها تحرك رأسها للجانبين تهمس :
- ما تقوليش كدة يا زينب أنا كويسة الحمد لله ، وأنا ما كنتش هسمحلها تأذيكِ ابدا ، إحنا أخوات مش أصحاب
دُق باب غرفتها وتلك المرة دخل ضابط شرطة وبصحبته رجل آخر وعسكري ، اقترب الضابط منها يعرفها نفسه :
- أنا آسف للازعاج ، بس المستشفى بلغتنا أن حضرتك فوقتي وتقدري ، أنا المقدم مجدي صالح ، ممكن أخد منك كلمتين عن اللي حصل
نظرت مليكة لجاسر يبدو أنه لم يتحدث ، وتشكره لذلك .. حركت رأسها بالإيجاب ليشيؤ الضابط لمساعده ليبدأ كتابة المحضر في حين تحدث هو :
- دكتور جاسر بيقول أنه لما خرج من الأسانسير سمعت صوت صاحبتك بتصرخ ولقاكي مرمية على الأرض مطعونة بالسكين ، وموجود فؤاد ابن خال زينب ، دكتور جاسر وقتها ضربه وحجزه عنده لحد ما بلغ الشرطة وما قالش أي تفاصيل تانية ، فأنا حابب أعرف التفاصيل كاملة من حضرتك
ابتلعت مليكة لعابها تتحدث بصوت ضعيف :
- فؤاد دا حيوان ، اتعرض لينا قبل كدة وإحنا في محل بنشتري هدوم ، بس أنا هزقته وحاولت يتعرض لزينب ، بس كان وقتها معانا واحدة صاحبتنا تالتة واخوها ، اسمه شريف ودا ظابط ، فهو خاف ومشي وهو بيتوعد أن الموضوع مش هيعدي بالساهل
قاطعها الضابط يسألها :
- الظابط دا كانت رجله مكسورة
حركت مليكة رأسها بالإيجاب ليردف الضابط من جديد :
- يبقى هو الرائد شريف علي ، سهل اخد أقواله كملي معلش هتعبك
حركت مليكة رأسها تكمل ما تقول :
- امبارح بليل كنت مع زينب في الشقة لما لقينا الباب بيخبط ، فتحت الباب لقيته هو .. حاول يتهجم علينا وكان عاوز يطعن زينب بالسكين ، عشان ينتقم منها ولا إيه مش عارفة ، وأنا بحاول أدافع عن زينب السكينة جت فيا أنا
همهم الضابط يحرك رأسه ، ليتحدث جاسر في تلك اللحظة :
- ممكن اكلم حضرتك كلمتين على انفراد
قام مجدي يخرج من الغرفة بصحبة جاسر وقفا خارجا ليتحدث جاسر :
- فؤاد شخص مريض نفسي بيدوفيلي كان بيتحرش ببنت خالته زينب وهي طفلة ويهددها أنه هيقتلها لو حد عرف باللي بيعمله فيها ، زينب في إحدى الجلسات قالتلي أنه في مرة من المرات كان على وشك اغتصابها بس حد جه من أهلها وهو هرب
شعر مجدي بالغضب الشديد من ذلك الوغد القذر ، نظر لجاسر يردف :
- على العموم البصمات اللي على السكينة بصماته ، وبأقوال حضرتك أنت ومليكة وزينب ، وهتواصل مع شريف كمان عشان أخد أقواله ، هيلبس قضية شروع في قتل
أنا متشكر جداا لمساعدتك يا دكتور جاسر
ابتسم جاسر في هدوء يصافحه ، رحل الضابط ومعه المساعد ، لترتسم على شفتي جاسر ابتسامة ماكرة لم يكن من الصعب تبديل بصمات الحية بالثعلب ، ليتخلص منه بعيدا ، أما الحية فلن تظهر للنور من جديد
دخل إلى الغرفة من جديد ينظر اليهم ، ليرى زينب تنظر لمليكة متوترة تعتذر منها في كل نظرة ، تحرك فتحي يتمتم :
- أنا هروح اسأل الدكتور عن حالتها بالتفصيل ، تعالي معايا يا شاهندا
يبدو أن فتحي شعر أن هناك حديث بين ثلاثتهم يجب أن يقال ، فأخذ زوجته وخرج من الغرفة ، التفتت زينب إلى مليكة تردف سريعا :
- ليه ما قولتيش عليها يا مليكة ، انتي مش فاهمة حاجة دي اختفت أنا خايفة ترجع تاني
ابتسم جاسر ساخرا ، تعود من جديد ! لا يظن ذلك أبدا ، في حين مدت مليكة يدها تمسك بيد زينب تحادثها :
- ما ينفعش ابقى السبب في أن والدتك تتحبس يا زينب هتبقى نقطة سودا في حياتك ، هتدمر حياتك أنتي ، وبعدين فؤاد يستاهل هو اللي محضرها عليها المشكلة دلوقتي في البصمات يارب ما يكشفوش عليها
ابتسم جاسر في خبث من جديد قبل أن ينظر إليهما يردف بهدوء :
- أنا رأيي من رأي مليكة ، فؤاد لازم يتحاسب على كل اللي هببه ، وحبس والدتك كان هيضرك أنتي ، وأنا ما اعتقدش خالص أنها هتظهر تاني ، أكيد خافت وهربت ، تبقى أنا آسفة يعني عبيطة لو فكرت تظهر تاني ، والحمد لله مليكة بخير وبإذن الله هتبقى أحسن ، عن إذنكوا
وخرج من الغرفة يغلق بابها عليهم ، تحرك يبحث عن فتحي إلى أن وجده أخيرا ، أوقفه يطلب منه دون مقدمات :
- عم فتحي ، أنا طالب منك أيد مليكة !!
__________
وصل يوسف ووليد إلى منزل عاصم توجها مباشرة إلى غرفة مراد ، دق يوسف الباب يغمغم حانقا :
- افتح يا زفت ، نيلت ايه الله يخربيتك ، افتح يا مراد
فتح مراد الباب بعد عدة لحظات ليدخل يوسف دفعه للداخل ليدخل من خلفه وليد ، نظر يوسف لمراد غاضبا يحادثه محتدا :
- ايه الدراما اللي أنت عاملها دي يلا ، ما مجموعك يجيب هندسة ، أنت عارف أنت هببت ايه ، بابا كان جنب مريم وهي بتكلمك لما قفلت في وشها السكة ، راحت مريم معيطة وعليه بابا راسه وألف سيف أن الجوازة دي مش هتكمل اشرب بقى ، وشكلها في الآخر زي ما أنا قولت هتتجوز الواد وليد
دق قلب وليد بعنف أثر جملة يوسف ، يدعو من صميم قلبه داخل نفسه أن يحدث ذلك فعلا ، في حين تحرك يوسف صوب مراد ينظر لعينيه ، مراد متوترا يحرك عينيه بشكل سريع مضطرب ، يبلع لعابه بين حين وآخر ، اقترب يوسف منه أكثر يحادثه :
- بقولك ايه يا مارو سيبك من حوار ، أنا مجموعي أكبر من كدة والهري دا ، أنت عامل مصيبة وبتداري عليها باللي أنت بتعمله دا
فعلى بلاطة يا مارو هببت عليه
انتفض قلب مراد داخل أضلاعه نظر ليوسف متوترا قبل أن يحرك رأسه يردف منفعلا غاضبا :
- بقولك ايه يا يوسف أنت مش جاي تعمل عليا محلل نفسي ، أنا متضايق بسبب النتيجة ، مش عايز تصدق أنت حر ، وبعدين أختك كبرت الموضوع أوي يعني ، أنا ما كنش قصدي
أنا هروح لعمي جاسر واتكلم معاه ، ممكن تتفضل بقى عشان أنا تعبان وعايز أنام
نظر يوسف إليه ساخرا قبل أن يردف يحادثه بهدوء :
- مراد ، قولي أنت هببت ايه وإحنا هنلاقي ليه حل
صرخ مراد غاضبا :
- اطلع برة يا يوسف بقولك
تحرك يوسف صوبه يقبض على تلابيب ثيابه شد على أسنانه يهمس محتدا :
- هببت ايه يا مراد انطق
توترت نظرات مراد الغاضبة ، ابتلع لعابه متوترا
لتنكمش قسمات وجهه قلقا قبل أن يتحدث يخبره بما حدث !
__________
قصر كبير فخم للغاية له حديقة واسعة ، توقفت فيه سيارة والدها وسيارة أخرى وسيارات الحراسة التي تتبع والدها دوما ، نزلت من السيارة تشعر بالخوف ، اسم نصار وحده يخيفها ، چوري رفضت المجيء وذهبت للعمل ، ويوسف في الغالب ذهب لمراد ذلك الوغد لن تسامحه أبدا على ما فعل ، وانتهى بهم الأمر بأن تأتي هي وملاك والصغيرين ووالدتها ووالدة ملاك وبالطبع أبيها ، فتح نصار لهم باب القصر ترتسم على شفتيه ابتسامة كبيرة سعيدة يرحب بهم بسعادة كبيرة :
- اهلا اهلا نورتوا ، حقيقي أنا سعيد جداا انكوا شرفتوني ، اتفضلوا البيت بيتكوا
ابتسم جاسر بهدوء يرحب به يدخل إلى المنزل وهم خلفه، تعلقت عينيها بطائر كانريا جميل الشكل فوقفت تراقبه إلى أن سمعت صوت أبيها يصدح باسمها من الداخل :
- يا مريم ادخلي يلا
تحركت تسرع خطاها ارتبكت حين رأته يقف عند الواقف ، ابتسمت متوترة حين مرت من جواره سمعته يهمس بنبرة غريبة :
- نورتي قصرك يا حلوة !