رواية القلب أخضر الجزء الثانى الفصل الثانى والثلاثون بقلم رباب عبد الصمد
جلست ليلى خلال تلك الساعات امام حاسوبها وعادت من جديدة تبس روح التعاون بين الناس وتحسهم على عدم الانصياع لكلام من يحاول استفارهم للقتل من جديد
ولكنها مع الاسف لم تلقى من الناس اى اقبال بلعلى العكس وجدت منهم اشد النفور والاستعداد للاخذ بالثار وشعرت ان رائحة الدماء تبعث من بين كلماتهم وتعبيراتهم فاغلقت الحاسوب فى ياس وبدات تفكر فى خطة جديدة للم الشمل واول شىء اتى الى ذهنها حمزة ومحمود زوج نهال فاتصلت بهم على الفور
حمزة : اهلا بليلى كيف حالك
ليلى بتلعثم يدل على توترها : لقد وعدتنى انت والسيد محمود انكما ستساعدانى عندما تنتهيا من رحلتكما اليس كذلك ؟
حمزة مؤكدا : بالطبع ولازلنا عن وعدنا والدليل انى والسيد محمود قطعنا رحلتنا اول ما علمنا ان القبطان ايوب ايوب نهى رحلته ايضا ووصلت انا وهو الى القاهرة لتونا
ليلى براحة : هل شىء جميل فانا فى اشد الحاجة اليكما وان استطعتم ان تاتو الى فى الصباح الباكر فيكون فضلا منكما وشرحت لهم ما حدث وما تريده منهم
.....
اخيرا وصل ايوب الى القرية اول ما بدا فعله انه ذهب الى ليلى وما ان راه الحاج نعمان الا ورحب به ولكنه كان خجلا مما فعله ابن اخيه من اشعال نار الحرب بين العائلتين وحاول ان يبدى اسفه ولكن ايوب كان مشغولا بشىء اخر وهو الاطمئنان على ليلته
لاحظ الحاج نعمان اللهفة فى عينيه فشعر بالفرحة لان كان متاكدا ان ابنته نعم ما اختارت وانها ستكون فى امان معه ثم ان حكمة ابنته وحسن تصرفها قد جعلت نظرته لها تتغير فحاول ان يطمانه دون ان يطلب فقال يا علي خذ كبير عائلة الحاج صالح ليطمان على اختك
نظر له ايوب بخجل فقد شعر ان لهفته عليها وشوقه قد فضحته ولكن لم يكن هناك وقت ليقدم اى اعتذار او يشرح موقفه فالوقت ليس فى صالحهم والوضع متازم
صعد كلاهما اليها وما ان فتح علي الباب وتلاقت عين ايوب وليلى الا وانقبض قلب كليهما فاقترب منها ايوب فى بطء وكاد شوقه اليها يقتله ولكنه كان يصارع نفسه حتى يبدوا ثابتا امام اخيها
اقترب منها وجلس جوارها على طرف سريرها وقال بصوت حانى : كيف حالك وحال ابنى
لم تستطع التفوه بحرف فبكت وقالت ساءت حالتى وحالته وانا اشعر ان الاقدار تقف بيننا
اغمض عينيه واخذ نفس عميق محاولا كبت انفعاله حتى لا يصرخ فهو كان يشعربنفس شعورها ولكنه كان يقاوم
مد يده وحضن كفها وشد عليها وقال لها : لا تخافى فانا جوارك
خرج علي حتى يترك لهم مساحة ليتصارحوا فيها ويخففوا عما تكنهم صدورهم من قلق البعد وترك باب غرفتها فتوحا واكتفى بان ينتظر بالقرب من الباب
ما ان خرج على الا ورفعت هى كفه وقبلته وقالت : ساموت ان فرقتنا الاقدار فالحياة لن اعيشها الا معك
دمعت عيناه لاجلها وقال : هونى عليكى وعلي يا ليلتى ولا تمزقينى فكفانى ما صدرى
لم تشعر الا وهى ترتمى فى صدره فحاوطها بذراعيه وربت عليها فى حنان وقال : اسمعى يا ليلتى واعلمى انى دائم الشوق لاطمان عليكى ولكنى من الان لا استطيع فساعدينى انتى وطمانينى عليكى باى طريقة فانتى هنا بحريتك اما انا فتصرفاتى تحت المجهر من طارق
ليلى بنحيب : ماله طارق بنا الم يشق طريقه من جديد مع زوجة جديدة وحب ابدى وطفل
هل سيظل يحرمنى من الحياة سواء وهو يملكنى او لا
ايوب وقد ابعدها عن صدره وبدا الجديه على ملامحه : اسمعينى يا مهجة الفؤاد وجوهرة عمرى ان فرقت بنا الاقدار فاعلمى ان عمرى لم يبدا الا عندما عشقتك سواء قبل ان تتزوجى اخى او حتى بعدما التقينا فحبك كان هو الحياة لى واعلمى ان انفاسك التى هى عطر انفاسى كانت لى ترياقى من الموت قهرا على فقدانك وان لم يشا القدر ان يجمع بيننا فاعلمى انى ساعلن وفاتى وساقدم كفنى حتى لعائلتى وساختفى من القرية ومن الحياة هنا وساظل حبيس البحر حتى اكون طعاما للقروش
بكت اكثر وقالت : هل ستستسلم للاقدار وتتركنى الم يكن بيننا ميثاق الا تتركنى مادمت حيا ؟ الم نتعاهد ان نواجه قدرنا حتى ننعم بحبنا ؟
ايوب : لقد كنت ارتب الى كل هذا وكنت ارتب لان اجعل طارق يتاكد انه لم يحبك حقا كما قال حتى ان واجهته بحبى لا يتاثر ولكنه انهى كل شىء باستعجاله وتهوره حتى اوصلنا الى ما نحن فيه وانا لا اتحمل اى نظرة شك من ابنى فقد يرانى خائنا وهذا مالا اتحمله وان كنت سبقت وقلت لكى اننا سنواجه مشاكل ولكن سنقف عند نقطة ستكونين انتى قيها المحاربة وحدك وها جاء وقتها فانا لا استطيع ان اقول لاخى طلقها هى لا تحبك على الرغم انى اعلم انه لا يحبك وهو ايضا يعلم ولكنه سيكابر وسيعاند وهنا يكون دورك
ليلى بياس : اتعلم ما نتيجة ما تقوله ؟
اوما ايوب بنعم
بكت اكثر وقالت : هذا معناه ان يتزوجنى مرة اخرى رغما عنى لتظل علاقة النسب قائمة بين العائلتين
اوما مرة اخرى بنعم ولكنه كان يتمزق من الداخل
صرخت صرخة ضعيفة مصحوبة يشهقة ممزوجة بحرقة قلبها وقالت ولكنى نفذت ميثاقنا واعترفت امام الجميع انى زوجتك وكلى فخر بذلك ولم اهاب احد ولا حتى اخاك الذى كان يسمع كل حرف تفوهت به
ايوب :انتى انثى يا ليلى لن تحاسبى عما تتفوهين به مثلى فانا والد اخى وكبير عائلتى وقد يحملون قولك عن قلقك على زوجك فقلتى انه اخو زوجك اما انا فلا
ليلى وقد ابتعدت عنه ومسحت دموعها وقالت بثبات : ولكنى اعلنها امامك انى ملك لك وحدك وحتى ان عدت الى اخاك مجبره فلن اجعله يملكنى ثانية ولن انكشف عليه واعلم ان الحب لا ياتى بالاجبار الم يكن هذا كلامك
لم يدرى بنفسه الا وشدها مرة اخرى الى صدره وشد عليها وهمس لها : ارحمى رجولتى فكيف اعيش معكى وانا اعلم ان اخى ينظر لى نظرة خائن او اعيش معكى وانا اشعر انه يتخيلكى فهذا ما لا اطيقه ولكن اعدك ان لا اعترف بنسيانك فلن يفرقنا الا الموت
تنفست بحرارة فى صدره ثم اخذت نفس عميق وكانها تستمد منه اخر قوة تساعدها على البقاء
شعر بها وبما تفعله ففعل مثلها واستمد كلا منها قوته من الاخر وتباعدا على امل اللقاء القريب . لقاء زوج وزوجه وليس لقاء عاشقان حالت بينهم الاقدار
تركها ورحل وترك انفاسه تحيطها بالامان واخذ انفاسها ترياقا يمنحه القوة
وقبل ان يغادر حجرتها وقف امامها وقال : انا فى حاجة الى مساعدتك فارجوكى عاودى نشاطك لتهداة العائلتين
نظرت له نظرة يائسة فهى قد اعدت خطتها بالفعل ولكنها كانت تخشى الا يكون طارق هو سبب تفرقتهم بل يكون الموت هو السبب
......
تركها وذهب لاخيه فى قسم الشرطة وما ان جاء محاميه باذن رؤيته الا وركض نحو اخيه وضمه لصدره وشد عليه كما يضم الاب صغيره وقال : لا تخف يا بنى فانا فداك
ايوب كان صادق المشاعر مع اخيه فهو حقا يشعر انه اباه ولم يكن خائنااو يتمثل البراءة فحبه لاحيه شىء وحبه لليلى شىء اخر فهو لم يتعدى عليه لانه عندما عشقها ى البداية لم يكن يعلم انها زوجته ثم انه قبل ليلى كان على دراية ان اخيه لم يحبها قط
ثم انه سمع بام اذنه من فم اخيه مرة ثانية انه لم يحبها فهو بين قرصى الرحى واكثر الثلاثة تالما فلا هو قادر ان يعيش حبه بكل اريحيه كما يعشه كل العاشقون ولا هو قادر ان يمنع نفسه فقلبه لا يملكه فحتى ان بعد عن ليلى فلن يبتعد عن قلبه النابض لها
وفى ذات الوقت غير قادر على الدناءة او التخلى عن اخيه ونتيجة هذا انه كان فى صراع دائم بينن وبين نفسه
طارق بياس : سيضيع كل شىء منى ليلى وسهيلة وابناى
كان طارق يتكلم بدون اكتراث فى اختيار عباراته فهو من داخله لا يريد ليلى كما يريد سهيلة ولكنه شعر انه لابد ان توجد فى حياته لاجل ابنه ولانه اعترف اخيرا امام نفسه انها نعمة ولن تتكرر ثانية فاراد ان يحتفظ يها حتى وان لم يحبها فانه كان حقا انانى وتاكدت رغبته تلك عندما سمع كلامها على ايوب فشعر انه قد اضاع شىء ثمنيا فاراد ان يحتفظ بها لمجرد الاحتفاظ ولم يكن يعلم ان مجرد تلك الكلمة قد مزق اخيه
مرت ايام قليلة انهى ايوب والمحامى اجراءات خروج اخيه وما ان وصلا الى البيت الا واستقبلهم الحاج صالح ومعتز بالاحضان
بينما نادى طارق على سهيلة امامهم والتى كانت لازالت مقيمة عندهم بامر من ايوب فقد قال ان هذا بيتها وبيت ابنها واعترف بما اقترفه فى حقها وانه سيتزوجها فى التو
رحب الجميع وان كانت فرحتهم ممزوجة بتوتر من القادم فالكل يريد ان تهدا الاوضاع بينما كلا من الحاج صالح وفريدة منتظران المواجه بين ايوب وطارق ومنتظرين ما قد تسفر عنه تلك المواجه وان كانوا يتمنوا ان يبتعد طارق لتصبح ليلى من نصيب ايوب فهو احق الناس بها
تركهم ايوب وصعد لغرفته فهو يتحاشى اللقاء منفردا بطارق فصعب ان يقف الاب موقف المذنب امام ابنه فعلى الرغم من تقارب سن كلاهما الا ان ايوب لا يشعر نحوه الا وكانه والده لانه دوما ما كان يتحمل عنهم المسئولية اما الان فالوضع محرج له ومن الصعب ان يصدق طارق ان الذى كان بينه وبين ليلى لم يكن الا وكلاهما لا يعرف الاخر معرفة كلية
وما ان دخل ايوب الا ودخل خلفه طارق
استصعب ايوب الموقف واخذ يتنفس بصعوبه وولى طارق ظهره واخذ ناظرا من شرفته ومضيق عينيه فى استعداد الاتهام الذى سيلقى عليه من اخيه
طارق بكل غيرة : كيف تعرفت على ليلى ؟
اخذ ايوب نفس عميق ولازال على نفس وضعه موليا اخاه ظهره وسرد كل شىء من اول لقاء كان بينهم
طارق بعصبية : كنت مع زوجتى فى غرفة واحدة ولم تخبرنى . خفق قلبك لها واستصغت خيانتى ايها الفهد
ايوب بعصبية : لا انا لم اخونك ووضعى انا وهى لم يكن بارادتنا وان اردت ان تحاسب فحاسب نفسك اولا فانت من تركتها تهرب فى بلد غريبة وانت تعلم حالتها الصحية واتصلت بك واخفيت انت بنفسك ما حدث فهل اضرب الودع لاعلم ما تخفى عنى ثم انى سالتك هل تريدها وانت بنفسك انكرت حبها واعترفت بحب غيرها كنت اتمزق خوفا من ان تقول انك لازلت تريدها ومع هذا ان كنت تفوهت بهذا لكنت خرجت من حياتها للابد
طارق بعصبية اكبر : هل كنت تريد ان تسمع منى انى لا اريدها حتى تبرر لنفسك خيانتك لاخيك كيف ايها الفهد تخليت عن شيمتك وتحولت بدلا من تاركا لفريستك لاجل غيرك لسارق فريسة غيرك
كاد ايوب ان يتكلم الا انه استدار على صوت صفعة قوية من يد الحاج صالح على وجه ابنه طارق
صدم ايوب وتقدم نحو ابيه وحجز بينه وبين اخيه
صاح الحاج صالح وقال : لا تحجزنى عنه فقد فاق خياله حدوده ووجب ان نعيده لرشده
طارق بعصبية : اى رشد يا ابى وانا ارى اخى يخوننى
الحاج صالح : ايها الاحمق لم يخنك بل خانك عقلك المريض وان كنت رشيد لكنت اعتقدت انها هى ايضا خانتك وتخليت عنها ولكنك لم تتخيل هذا لانك لا تريد ان تتخيل هذا فكيف لك تعتقد ان اخاك خانك وهى لا مع انك تاكدت انها تعرفه وتحبه
والحقيقة التى لا تستطيع ان تواجه بها نفسك انك اردت الاحتفاظ بها لانك شعرت انها صعبة المنال او انها سعيدة من غيرك فقد اعتدت عليها وهى تتنازل لاجلك ولم تعتاد منها الترفع عنك فاردت ان تشعر انك لازلت طاووسا للنساء كما انك شعرت اخيرا انك كنت تمتلك جوهرة ورميتها من يدك بكل حماقة فعدت تبحث عنها لمجرد انك شعرت ان غيرك يريدها كما لو كنت طفل يرمى دميته وان جاء اخر يحملها ركض قبله ليمسكها مرة اخرى
ساد الصمت للحظات وابتعد ايوب عن ابيه فموقفه صعب ومد يده ليمرر اصابعه بين خصلا شعره بعصبيه ولم يستطع الوقوف اكثر من هذا فى هذا الموقف فخرج من