![]() |
رواية صراع الذئاب الجزء الثاني (عهد الذئاب) الفصل الثاني والثلاثون
_ أمام المخفر يقف كلا من آدم و ياسمين وچيهان ... جميعهم في إنتظار هذا الذي يخرج من البوابة والفرح والسعادة يكسيان ملامحه... لم تتحمل ياسمين الإنتظار فقطعت المسافة وركضت إليه كالطفلة الصغيرة عينيها مليئة بالفرح ، وما أن أقتربت منه أرتمت علي صدره وهي تصرخ بسعادة غامرة:
- ياااااااسين.
تلاحما في عناق قوي بل أسطوري ... أجاب علي نداءها بنبرة عاشقة ولهفة مشتاق:
- وحشاني أوي يا حبيبتي... أوي.. أوي.
نظرت في عينيه محاوطة وجهه بين كفيها وقالت:
- أنت كويس يا حبيبي؟.
أجاب وهو يضمها إليه مرة أخري:
- أنا بقيت أحسن دلوقت.
وأنحني بشفتيه ليقبل رأسها وقد ترقرقت العبرات وتجمعت في رماديتيه.
_ حمدالله على السلامة يا نور عيني .
قالتها چيهان... فأبتعد عن زوجته ليعانق والدته:
_ آسف يا ماما... حقك عليا.
_ متتأسفش يا حبيبي... إحنا كنا متأكدين إنك عمرك ما تعمل حاجه زي كده وربنا يعلم أول ماعرفت كان قلبي مقهور عليك أد أي.
تدخل آدم فاتحاً زراعيه وهو يقول بمزاح :
- من لقي أحبابه نسي أخواته.
إبتسم ياسين وقام بمعانقته أيضاً وكلا منهما يربت بقوة علي الآخر... فقال ياسين:
- شكراً علي وقفتك جمبي وإنك متخلتش عني.
لكزه آدم بخفة في كتفه وقال:
- أنت أخويا يا عبيط وإبني الصغير .. يعني لو طلبت مني روحي مش هتردد أبداً.
قالت چيهان:
_ ربنا مايحرمكو من بعض أبداً يا حبايبي ويخليكو ليا.
حاوط ياسين ياسمين بزراعه وبالأخر ضم والدته التي ضمت إليها في الناحية الأخري آدم في مشهد رائع مليئ بالحب والسعادة... وقد جاء تواً أشرف الوكيل المحامي وقال:
- حمدالله علي سلامتك يابطل وألف مبروك علي البراءة.
ألتفت ياسين إليه وبنبرة إمتنان وشكر قال:
- أنا مهما شكرت حضرتك مش قادر أعبرلك عن الي جوايا.
وقالت چيهان أيضاً:
- ألف شكر ليك وتسلم علي مجهودك وتعبك عشان تظهر براءة إبني.
إبتسم أشرف وقال:
- مفيش داعي للشكر.. ده شغلي وقبلها واجبي المهني أن أعمل كل الي أقدر عليه عشان أظهر براءة المظلومين... وأستاذ ياسين عشان هو إنسان محترم وعلي خُلق وربنا بيحبه ظهرت أدلة براءته في وقت قياسي جداً عمرها ما حصلت مع حد.
_ ياسين أطيب وأحن قلب في العالم كله.
قالتها ياسمين وهي تحدق في رماديتيه التي تعشق النظر إليها
فقال آدم بنبرة فكاهية:
- ومن يشهد للعريس!.
نظر ياسين إليها وأجاب علي شقيقه:
- وأنا ربنا رزقني بملاك مفيش زيه في الكون كله.
_ طيب معلش بقي يا ياسو هضطر أقطع عليكو لحظات العشق دي عشان ألحق أوصل المتر أشرف وبعدين أخدكو أنت وماما عندي في البيت.
_ متشكر يا باشمهندس متتعبش نفسك أنا عربيتي كانت في الصيانة ورايح أستلمها دلوقت... ولو في أي حاجة كلمني علي طول أنا تحت أمركو في أي وقت.
قالها أشرف.. أجاب آدم عليه:
- تسلم يا متر وربنا مايجيب حاجة وحشة.
مد يده لمصافحته قائلاً:
- في رعاية الله.. مع السلامة.
بادله آدم المصافحة وكذلك ياسين ثم ذهب
_ يلا بقي عشان خديجة مستنينا علي نار ومحضرالكو حتة فطار ملوكي ده غير الغدا حكاية تانية خالص.
قالها آدم، فقال ياسين:
- معلش يا آدم روح أنت وماما وأنا هارجع علي شقتنا أنا وياسمين.
أذعن آدم إليه متفهماً رغبته في الذهاب إلي منزله:
- خلاص علي راحتك... بس برضو هوصلكو في سكتي ولا دي كمان معلش!.
إبتسم ياسين وقال:
- لاء متقلقش كده كده كنت هخليك توصلنا.
أستقلوا جميعهم سيارة آدم لينطلق بهم إلي وجهته.
___________________________________
_ و في اليوم التالي ...
يتمدد علي التخت في حالة يرثي لها، تتصل بأعضاءه الحيوية الأجهزة الطبية حيث أصابته غيبوبة بعد خروجه من العمليات وإزالة الرصاصتين من جسده،وكنان لايفارقه رغماً من جروح وجهه المؤلمه وجرح الحرق في كتفه.. بينما عزيز كان في حالة أسوأ منه... أُخرجت من جسده الرصاصة لكن عندما أفاق و رأي الضابط أمامه وعساكر الحراسة لن يُصدق ما سيحدث معه فأصابته صدمة عصبية ولج علي إثرها في غيبوبة.
ولنذهب إلي مصعب الذي طلب من العميد رحيم جمال الدين بالسماح نقل قصي و عزيز إلي مشفي البحيري بالقاهرة حيث هناك الأطباء و غرف العناية علي أعلي مستوي من الكفاءه... وأتصل بيوسف وأخبره.
وافق العميد بعدما وضع شرط الحراسة المشددة علي غرفة عزيز وأيضاً علي أبواب المشفي من الخارج.
وبالفعل تم نقل قصي وعزيز في طائرة خاصة بداخل غرف مماثلة لغرف العناية تماماً وبها كل الأجهزة الطبية وكذلك برفقتهم أطباء متابعين لحالتهما طوال الطريق.
وبعد وصولهم إلي المطار كان في إستقبالهم سيارتين إسعاف تابعة لمشفي البحيري.
_ وفي المشفي...
كانت علياء في المكتب تتصفح موقع المشفي علي الحاسوب و تتأمل صورة يوسف التي تتصدر صفحة الموقع...
_ لولو يا لولو...
صاحت بها هاجر بعد أن دفعت الباب و ولجت بدون إستئذان مما جعل الأخري تنهض بفزع وهي تغلق الحاسوب بغضب:
_ إستغفر الله العظيم... تصدقي بالله أنا ساعات ببقي عايزه أضرب نفسي مليون قلم إن جبتك تشتغلي معايا هنا.
زمتت هاجر شفتيها لأسفل بحزن مصتنع:
_ أخس عليكي يا لولو بقي كده... أنا كنت جاية أقولك أن شكل فيه مصيبة برة والمستشفي مقلوبة والبوليس راشق في كل حتة.
عقدت حاجبيها وقالت:
_ استر يارب.. حصل أي؟.
أجابت عليها:
_ سمعتهم بيقولو أن أتنين من رجال الأعمال كانو مضروبين بالرصاص وخرجوه منهم وبعدها واحد دخل في غيبوبة والتاني لما صحي جاتله صدمة ودخل في غيبوبة برضو... وبيقولو أن قريب الدكتور يوسف.
تناولت علياء مأزرها الطبي وأرتدته قائلة:
_ تعالي نشوف في أي.
وبالأعلي في الطابق الخاص بغرف العناية... يقف مصعب مع يوسف وملامحهما في غاية الأسف والحزن لاسيما يوسف الذي أصبح في حالة صدمة عندما علم حقيقة والده التي أخفاها عليهم مؤخراً وهي تجارته للسلاح.
_ إزاي! وليه يعمل كده!!... مش قادر أصدق.
قالها يوسف وهو يرجع خصلات شعره إلي الخلف بعصبية وجنون غير مصدق.
ربت عليه مصعب وقال:
_ أهدي يا دكتور يوسف وخلينا نفكر في حل.
أخذ يتمتم إلي نفسه:
_ حل أي بس.
وألتف فجاءة إليه وبملامح تنذر بغضب كالعاصفة:
_ أنت كنت عارف بكده من زمان ومخبي؟.
زفر مصعب وأجاب عليه:
_ أنا لسه متفاجئ زي زيك... أصلا كنت شغال مع واحد اسمه كامل الشبراوي من أكبر رجال الأعمال وده من ساعة ما بعدت عن الآنسة ملك... و فجاءة لاقيت تلات رجالة بيخبطو عليا ولما فتحتلهم وروني بطايقهم ولاقيتهم من جهة أمنية ولما روحت معاهم هناك قابلت العميد رحيم جمال الدين وعرفني بنفسه و كشف لي حقيقة كامل وقالي ده واحد من تلاتة أكبر تجار السلاح في مصر ... كامل وسويلم والتالت كان مجهول وياريت بيبيعو لأي حد... ده بيبيعوه للجماعات الإرهابية و التكفريين الي ملين سينا وتخيل طلعو بيستوردو منين!... من إسرائيل بس عن طريق روسيا.. تقدر تقول تمويه.
رمقه يوسف بصدمة قائلاً:
_ طبعاً التالت ده طلع بابا؟.
أجاب مصعب:
_ للأسف أه... بس مكنش حد فينا عارف لأن كان المطلوب مني أبعتلهم كل تحركات كامل... وقصي بيه كانت مهمته إنه يوهم سويلم بصفقة أسلحة كبيرة يشتريها منه.
و هنا أنتبه يوسف إلي إسم قصي فقال:
_ و قصي متعاون مع البوليس إزاي وهو تاجر سلاح!.
_ قصي بيه طلع شغال معاهم من فترة كبيرة أوي بعد ما قدملهم ملفات ومستندات بكل الصفقات الي تمت مابين ناس هنا في مصر ومابين عصابات مافيا السلاح بره وفيديوهات متسجلة صوت وصورة ده غير حاجات كتير بتمس أمن مصر.
قالها مصعب
أطلق يوسف تنهيدة من أعماقه يشعر وكأن النيران تتأجج بداخل صدره يقول في نفسه:
_ ياتري ماما وأخواتي لما يعرفو أي الي هيحصل!.
_________________________________
_ و بمجرد أن وصل كنان إلي القاهرة قام بمهاتفة زينات لتخبره أن صبا كاد يصيبها الجنون لعدم معرفتها شيئاً عن زوجها وجاء والدها وأخذها عنوة كما أوصاه قصي حتي لا تتصرف بتهور وتكون العواقب وخيمة... فقرر الذهاب إليها وأخبرها كل شئ حتي يطمأنها.
وفي قصر عابد الرفاعي...
_ بتقول أي!!... أنا كان قلبي حاسس إن فيه مصيبة وكلكو مخبين عليا.
صرخت بها صبا
فقال عابد الذي كان علي علم بكل شئ لكنه قطع وعداً إلي قصي بأنه لن يخبر إبنته:
_ صبا يابنتي إهدي أهو قالك إنه بخير ورجع بالسلامة... قولها يا كنان.
صاحت صبا بغضبٍ مستطير:
_ بخير مين يا بابا أنت مش شايف منظر كنان عامل إزاي!... ده أنا لولا صوته مكنتش عرفته... وياتري قصي حصله أي؟.
أجاب كنان وهو منكس رأسه بأسف:
_ قصي بيه في العناية المركزة في مستشفي البحيري.
__________________________________
_ في المشفي...
تطرق علياء باب المكتب بعدما علمت من آسر ما يحدث... فأتاها صياح يوسف بغضبٍ من الداخل:
_ مش عايز أشوف حد خالص.
فتحت الباب و ولجت إلي الداخل قائلة:
_ ولا حتي أنا يا يوسف!.
نهض من الكرسي وأتجه نحو النافذة مولياً إليها ظهره وقال:
_ عايزة أي يا علياء؟... عايزاني أحكيلك أي!... عايزاني أقولك أن البوليس الي واقف في كل مكان في المستشفي عشان بابا لما يقوم بالسلامة يقبضو عليه في قضية أقل حكم ليها مؤبد!!.
أقتربت منه وقالت:
_ ليه بتقول كده... بالتأكيد فيه حاجة غلط و باباك يطلع مظلوم.
إبتسم بتهكم وهو يلتفت إليها... قائلاً بسخرية:
_ مظلوم!... وبعدين مالك زعلانة أوي كده ده أنتي المفروض تفرحي وتشمتي فيه... إن ربنا خدلك حقك منه وحق أبوكي الي مات من القهرة بسببه.
تراجعت إلي الخلف وهي في محاولة إستيعاب كلماته فقالت بإستنكار:
_ أي الي أنت بتقولو ده!... أنا عمري ما فرحت ولا شمت في حد حتي لو كان ظالمني... يوسف أنا مقدره الي أنت فيه ولولا كده كان هات
هايبقي رد فعلي مش هايعجبك.
أطلق ضحكة هيسترية وقال بإستهزاء:
_ لسه عايزه بابا يجي يطلب إيدك ليا من أهلك!... هتقوليلهم عزيز بيه البحيري من أكبر تجار السلاح!.
رمقته بتعجب من حالته النفسية المريبة فقالت:
_ أنا هاسيبك دلوقت ترتاح شويه وهابقي أتطمن عليك... عن إذنك.
و كادت تخرج فوجدت يده قابضة علي زراعها ليجذبها مانعاً إياها من الذهاب.
نظرت إليه بريبة وخوف فقالت بتوتر:
_ ييي يوسف... سيبني أمشي.
صفق الباب بعنف وأوصده جيداً وعينيه لاتبرح عينيها التي تجلي بداخلهما الخوف خاصة نبرة صوته المريبة وهو يقول:
_ عايزة تمشي وتسيبيني؟.
و دفعها نحو الباب وأرتطم ظهرها به فأحست بالألم.
_ أنا كنت رايحة مكتبي وعندي كذا حالة هاشوفهم.
أقترب منها كالوحش الثائر وصاح في وجهها:
_ جاوبي عليا... أنتي فاهمة سؤالي.
أدركت مغزي سؤاله ولا تعلم بماذا تجيب عليه وظلت تنظر له.
أستطرد كلماته:
_ هاقولك أنا... الدكتورة علياء بعد الي حصل مش هيشرفها تتجوز واحد أبوه تاجر سلاح حتي لو كان دكتور.
فاض بها الكيل من إتهاماته فصرخت وهي تجذب زراعها من قبضته:
_ كفاية بقي إتهاماتك السخيفة دي... أي عايز تظلمني تاني!.
أنتبه لأفعاله وكلماته فعاد إلي رشده... نظر لأسفل بخزي من حاله... فقال بندم:
_ علياء أنا.....
قاطعته لتكمل لومها عليه:
_ علياء دي مهما حصلك من ظروف هاتفضل أنت بالنسبة لها يوسف الي بتحبه والي عمرها ما هاتحب غيره... باباك تاجر سلاح تاجر مخدرات حتي لو كان أي... برضو بحبك.
ولأول مرة تعتريه تلك الحالة... يشعر بضيق في صدره وإختناق لايزول سوي بالبكاء.
_ علياء أنا محتاج لك.
و ما أن رفع عينيه لتأتي في عينيها فأجهش بالبكاء... وما أصعب بكاء الرجل... فتحت زراعيها لتفسح له بأن يرتمي بينهما ويبكي كطفلٍ صغيرٍ يحتاج إلي حضنٍ دافئ ليشعر بداخله بالأمان والطمأنينة.
لاتعلم من منهما يحتاج إلي هذا العناق هو أم هي، هو يتشبث بها وكأنها طوق النجاه الذي ينتشله من الغرق في محيطٍ مظلم... وهي لاتريد سوي ذلك لن تشعر بهذا الأمان من قبل.
___________________________________
_ لم تعرف للنوم درباً منذ الأمس، مازالت مستيقظة من بعد الولادة وصغيرتها لم تسمح لها بالنوم... تارة تبكي بلا سبب وتارة أخري تريد أن ترضع.
صدح رنين المنبة الرقمي ليوقظ يونس بفزع وتقلب و وقع علي الأرض، فأخذ يتمتم بحنق ثم نهض ليذهب إلي الغرفة الثانية لكي يطمأن علي زوجته وصغيرته... وجدها تضع الصغيرة في مهدها.
_ أنتي لسه صاحية من ساعة ما رجعنا من المستشفي! .
قالها يونس... فأجابت كارين وهي تجز علي شفتها السفلي بألم وتستند علي التخت:
_ چولي مبطلتش عياط... ترضع وتروح في النوم متكملش خمس دقايق الي ببدأ فيهم أنام تقوم صاحيه وتعيط... أنا تعب يا يونس مش قادرة هاموت وأنام ساعة بس.
أقترب منها وعانقها بحنان قائلاً :
_ معلش يا قلبي... شوفتي كلمة مامي مش بالساهل إزاي.
أبتعدت عنه ورمقته وهي توكزه في صدره بحنق: _ أنت بتتريئ عليا! .
لن يستطع كتم ضحكاته فأطلقها وهو يضمها إليه مرة أخري:
_ مقدرش أبداً أتريئ علي روحي.
وقام بلفها نحو مرآه الزينة... رفعت عينيها فشهقت بفزع، فخصلات شعرها منتصبة كمن أصابتها صاعقة وبياض عينيها شديد الإحمرار من السهر وعدم النوم وثيابها غير مهندمة :
_ يا نهار أزرق مين دي! .
أجاب وهو يقهقه:
_ دي أُمنا الغولة.
رمقته بغضب:
_ نعم!.
_ بقول دي أرق وأجمل مامي في الدنيا وهاتبقي أحلي لما بابي يونس يديلها شاور ويلبسها هدوم جديدة ويسرحلها شعرها وتناملها شويه عقبال ما دادة سميرة تحضر لها الأكل.
قالها يونس... فتعجبت وقالت:
_ دادة سميرة!.
أجاب عليها:
_ دادة سميرة ماما بعتتها عشان تساعدك وتاخظ بالها من چولي... وعلي فكرة هي الي يعتبر مربياني أنا وأخواتي مع ماما والوحيدة الي أثق فيها وهاسيبها معاكي أنتي وچوليانا وأنا مطمن.
رمقته بإبتسامة إمتنان وقالت:
_ تسلملي ماما چيچي... بجد فعلاً محتاجة لحد يساعدني.
عانقها يونس بحنان:
_ متقلقيش من أي حاجه أنا كمان جمبك ومش هخليكي تحتاجي لحاجة.
وقفت علي أطراف أناملها وحاوطت وجهه وقامت بطبع قبلة علي جبينه قائلة بنبرة رقيقة:
_ ربنا مايحرمني منك يا حبيبي.
صدح رنين الهاتف... تساءل يونس:
_ ده موبايلك ولا موبايلي؟.
ذهبت نحو طاولة الزينة وهي تقول:
_ ده الفون بتاعي عشان حطيته علي الشاحن من ساعة ما رجعت.
_ فكرتيني لما أروح أشوف الفون بتاعي سبتو في الصاله يشحن ودخلت نمت.
قالها وغادر الغرفة، وهي وجدت المتصل صبا:
_ أوبس... ده أنا نسيت خالص أكلمها هي وقصي.
لمست علامة الرد وقالت:
_ الو.
_ إنتي فين يا كارين بقالي يومين بتصل عليكي إنتي ويونس موبايلتكو مقفولة.
_ معلش ياصبا والله غصب عننا... أصل تعبت فجاءة ويونس خدني علي المستشفي و ربنا قومني بالسلامة أنا وچوليانا.
_ بجد... ماشاءالله ألف ألف مبروك يا حبيبتي حمدالله علي سلامتك أنتي وقلب خالتو لما أشوف المصيبة الي أنا فيها دي وأفوقلك بس هاعرفك إزاي ده يحصل من غير ماتبلغيني أنتي ولا يونس الي محسوب عليا إبن خال علي الفاضي.
_ أولاً حقك عليا ومتزعليش مني ولا من يونس هو كان هيموت من الرعب عليا وأنتي عارفة ظروفي الصحية والحمدلله بقيت كويسه... ثانياً بقي مصيبة أي الي أنتي فيها كفي الله الشر؟.
_ قصي من يومين سافر لسينا في صفقة سلاح والمفروض كان رجع بالكتير تاني يوم... موبايله مقفول وكمان موبايل كنان زيه وأنا هاموت من القلق عليه ده واخد تلات عربيات حراسه غير عربيته وده مش معناه غير إن الناس الي رايح لهم ممكن أو أكيد هيأذوه.
_ إهدي بس وإن شاء الله خير... ممكن تكون الشبكة هناك وحشة.
_ أهدي أي يا كارين بقولك راح سينا و هيقابل تجار سلاح يعني دول مبيتفهموش غير بالقتل... أنا بابا جه بعد ماقصي مشي وخدني عنده وموصي كل الحرس ممنوع السماح بالخروج ليا.
أثارت كلماتها قلق كارين:
_ مش ممكن يكون باباكي عارف أخباره؟.
_ ما أظنش... بابا بقاله فترة كبيرة ساب تجارة السلاح.
_ كده مش أدامك غير حل أخير كلمي خالك وأحكيله حقيقة إن قصي إبنه وهو بمعارفه هيقدر يوصل ليه.
وهنا دخل يونس و وقف أمام كارين مما أربكها وقالت في محاولة إنهاء المكالمة :
_ طيب يا صبا هاكلمك بعدين... سلام.
أغلقت المكالمة وقالت بتوتر:
_ مالك واقف لي وبتبصي لي كده؟.
زفر بغضبٍ وأجاب:
_ أنا كنت واقف من بداية المكالمة لحد ما سمعت الي سيادتك مش عايزه تقولهولي ولا تفهميني حاجة... والمرة دي وربنا ما هاسيبك غير لما تحكيلي أي حوار إن قصي يبقي أخويا ؟.
نظرت له بخجل من إكتشافه لحقيقة كذبها عليه فقالت:
_ أنا هحكيلك.
سردت له ما أخبرتها به صبا... وبعد إن إنتهت من حديثها... هب واقفاً وأتجه نحو الخزانة وأخذ ثياب له.
_ أنت بتعمل أي؟.
تساءلت كارين فأجابها وهو يخلع قميصه القطني ويلقي به علي الأرض:
_ زي ما أنتي شايفه بلبس عشان خارج.
أقتربت منه وقالت:
_ إستني بس وفهمني هاتعمل أي دلوقت؟.
أجاب وهو يغلق أزرار قميصه:
_ هاتعرفي بعدين.
تركها وغادر .
___________________________________
_ هربت علا من المشفي بدون أن تخبر ياسمين أو السيدة چيهان... قررت الفرار إلي أي بلدة بعيدة عن إيدي شقيقها صالح التي تقبض علي عنقها كل يوم في أحلامها المرعبة.
وقفت في محطة مصر للسكة الحديدية ثم ذهبت إلي نافذة التذاكر وسألت الموظف أي من القطارات تتجه إلي الأسكندرية فأشار لها نحو القطار الذي يقف في آخر رصيف... نظرت بداخل محفظة نقودها التي تخبأها دائماً في طيات ثيابها، فوجدت كل ما لديها مائة جنيه وخاتم ذهبي خاص بها... أشترت تذكرة ذهاب و في طريقها إلي الركوب أصتدمت في إحدهم لتقع محفظتها وكادت تنحني لتلتقطها... سبقتها يد غليظة تعرف صاحبها جيداً لايفارقها في الحلم أو اليقظة... شهقت بذعر و علي وشك الصراخ... وضع يده علي فمها وقال بتحذير:
_ أقسم بالله لو صرختي لأكون رميكي تحت عجلات القطر أول ما يمشي.
رمقته بخوف وهي تومأ له بالنفي فأكمل:
_ ما تخافيش... أنا عارف إنك كنتي في المشتشفي مع الجماعة الي كنتي بتشتغلي حداهم وكان ممكن أدخل وأقتلك من غير ما يدري بيكي حد واصل.. لكن الي حاشني عنك حاجتين... الأول لما عرفت إن الكلب الي عمل فيكي كده خد جزاته وأتقتل علي يد حرمة والتانية.
صمت وأكمل بنبرة حزن:
_ أمي الي يرحمها وصتني إن أخد بالي منك.
صاحت بصدمة:
_ أمي ماتت؟.
بكي رغماً عنه وقال:
_ أنا السبب... لما أدليت علي مصر وراكي كانت فاكرة إني هاقتلك... مستحملتش إنها تسمع خبر قتلك علي يدي فماتت من القهرة.
أجهشت بالبكاء وأرتمت علي صدر شقيقها وهي تقول:
_ حبيبتي يا أمي... سامحيني يا مااه.
وهكذا أنتهت حالة الذعر التي كانت بها لتنتهي بفاجعة موت والدتها... فذهبت مع شقيقها الذي أستأجر مسكن لهما يمكث كليهما فيه حتي تضع مولدها التي لاتعلم ماذا سوف يكون مصيره!!.
_________________________________
_ وبداخل منزل البحيري يجلس كلا من آدم و ياسين ويونس في غرفة مكتب والدهم...
_ يابني ماتقول أي الحاجة المهمة الي جبتنا علي ملا وشنا عشانها؟.
قالها آدم.
أجاب يونس:
_ لما يجي يوسف وبابا هاتعرفو وقتها كل حاجه.
_ يوسف لسه مكلمه قبل ما أجي قالي إنه عنده عمليات ومينفعش يجي.
قالها ياسين... وتحدث بعده آدم:
_ وبابا بقاله يومين في سفرية تبع شغله و أتصلت عليه موبايله مقفول.
زفر ياسين بغضبٍ وصاح:
_ إنجز يا يونس أنا سايب ياسمين لوحدها.
صاح يونس فيه بغضبٍ مماثل:
_ ما خلاص هقولكم.
وأخبرهم بكل ما يعلمه من كارين.
_ يعني بابا طلع مخلف من الشغالة في الحرام من قبل حتي ما يتجوز ماما وأنكر إبنه ويشاء القدر إن إبنه يطلع ألد أعداءه!.
قالها ياسين بدهشة وتعجب.... فقال آدم:
_ كده وضحت الرؤية دلوقت.
_ يعني أنا بحكيلكو عشان تندهشو!.
قالها يونس
فأجاب ياسين:
_ عايزنا نعمل لأبوك أي يعني... أنا عن نفسي مبقتش أستغرب لما أعرف أو أكتشف عنه حاجة.
جلس آدم علي الكرسي خلف المكتب وتساءل:
_ طيب أي الي يخلي قصي مخبي كل السنين دي حقيقته ومواجهش بابا؟.
أجاب يونس:
_ لما تشوفه أبقي اسأله.
وفي ذلك الحين رن هاتف آدم....فقال:
_ مصعب بيرن عليا.
أجاب وقال:
_ الو يا مصعب؟.
________________________________
_ و أمام غرفة العناية... تحدق الممرضات من خلف الزجاج في هذا الممدد عاري الصدر ورغماً من حالته الصحية والأجهزة الموصولة بجسده مازال وسيماً وجذاباً وخاصة خصلاته شعره المبعثرة علي جبهته زادته جمالاً فوق جماله الساحر.
تنظر بهيام له قائلة:
_ يالهوي هو فيه كده... يخربيت جماله.
أجابت زميلتها وهي كالغائبة عن الواقع:
_ يا قلب أمه طلع كان مضروب رصاصتين واحدة في كتفه والتانيه في رجله ده غير ضهره متشرح من ضرب الكرباج... كنت لسه بدهن له مرهم مضاد حيوي قعدت متنحه له دكتور آسر وكان بيغير له علي الجرح خد باله شخط فيا وقالي لو مبطلتيش التوهان الي أنت فيه ده هديلك جزا يومين.
فقالت الممرضة الثالثة:
_ ده أنا عرفت عنه كله حاجه من الواد ممدوح الي بيسجل بيانات الحالة وطلع يعرفه... إسمه قصي العزازي وراجل أعمال غني أوي ومعروف بإسم الملك و هو ملك فعلاً وملك قلبي.
_ واقفين بتعملو أي عندكو يا هوانم وسايبين شغلكو؟ .
صاحت بها هاجر لينفزع ثلاثتهم وألتفتن إليها.. فقالت إحداهن:
_ دكتورة هاجر... إحنا كنا بنتابع حالة قصي بيه.
رمقتهن بنصف عين وقالت:
_ و المتابعة برضو بتبقي من ورا الإزاز!.
أجابت الفتاه الثانية:
_ أنا عن نفسي كنت مستنية دكتور آسر.
صاحت بها هاجر:
_ نعم ياختي! ... أصدي مستنياه ليه إن شاء الله.
أجابت عليها:
_ عشان بنتابع حالات الرعاية.
تنهدت هاجر ثم قالت:
_ طيب... روحي إستنيه في الإستراحة والأختين التانين دول ينزلو لقسم الحضانات تحت دكتورة هالة عايزاكو.
أجاب الثلاثة:
_ حاضر يا دكتور.
وبعد ما ذهبن... قالت:
_ بنات آخر زمن... سايبين شغلهم وعملين يعاكسو في الراجل الي في الغيبوبة... لما أروح أشوف آسورتي أختفي فين عماله أدور عليه ومش لقيا....
توقفت الكلمات علي لسانها حين وقعت عينيها علي قصي، فهي لأول مرة تراه... وكما فعلت الفتيات أخذت تتأمل في ملامحه من خلف الزجاج وهي تقول:
_ ده طلع عندهم حق فعلاً ... ده مش قمر ده عباره عن كل المزز الي في العالم جمعوهم وحطوهم في خلاط وطلع لنا القشطة الي بالنوتيلا ده.
_ ده أنا الي ها أقطعك صوابع وأرميكي في طاسة الزيت وتطلعي لنا بطاطس فارم.
ذلك الصوت جعلها تنتفض وترتعد من الفزع والرعب... أغلقت عينيها وتعتصرهما وتجز علي شفتها السفلي وتلتفت له رويداً.
_ آسورتي حبيبي كنت بدور عليك وربنا.
قالتها وهي تؤكد له ما قالته مشيرة له بإصبعها السبابة.
أمسكها من مأزرها من الخلف مثل اللص عندما يُمسك به... ثم أخرج من جيبه مشرط طبي وقال:
_ أيوه بأمارة خلاط المزز والقشطة بالنوتيلا!.. ها؟ .... أنا بقي هخليكي تبوظي عصير فراولة من كل حتة في جسمك وأنا بشرحك.
أمسكت في يده التي بها المشرط وقالت برجاء:
_ حقك عليا يا آسورتي... غلطة ومش هتتكرر والله تاني... وأنت قلبك طيب ومش ههون عليك. رمقها رافعاً إحدي حاجبيه وقال:
_ صادقة يا قلب آسورتك... بس لازم تتعاقبي.
زمتت شفتيها لأسفل كالطفلة وقالت:
_ هاتشرحني برضو؟.
أجاب بمكر ومازال محتفظ بملامحه الجادة:
_ ما هو يالعقاب يا التشريح... ها تختاري أي؟.
إبتسمت رغماً عنها وأجابت بمزاح:
_ نحذف إجابتين.
أتسعت عينيه بغضبٍ مصتنع:
_ أي؟.
_ أكل بانيه.
_ من عيوني هاعمل منك بانيه دلوقت.
شهقت بخجل وهي تتشبث بتلابيب مأزرها:
_ها... ياقليل الأدب.
قهقه من رد فعلها وقال:
_ علي فكرة أنا مش أصدي الي في دماغك خالص يا أم نية شمال.
أزداد تورد وجنتيها وقالت بخجل:
_ خلاص بس بقي.
_ وبعدين أي يا قليل الأدب دي في واحدة تقول لجوزها كده؟.
أجابت بخجل:
_ Sorry.مش أصدي.
دفعها إلي صدره وربت علي ظهرها وقال:
_ كده بقو غلطتين يعني عقابين.
رفعت وجهها من صدره ورمقته بنظرة إستعطاف مصتنع:
_ لازم عقاب.
أومأ لها قائلاً:
_ اممم.
أبتعدت عنه قليلاً وقالت:
_ والعقابين أي بقي... طبعاً هاتقولي....
قاطعها بإختطاف قُبلة من ثغرها الوردي... غرت فاهها وظلت واقفة مثل التمثال، فأقترب من أذنها وقال:
_ و العقاب التاني هو يعني مش عقاب هو مكافأة وأجمل مكافأة مستنيها من زمان... فرحنا الخميس الجاي.
مازالت في وضعها الثابت
_ جوجو.. قولتي أي يا حبي؟ موافقة؟.
_.......
لاتجيب عليه.. فأراد أن يختطف قطعة سكر مرة أخري... أقترب من شفتيها المفتوحتين... أنتفضت قبل أن يلمسها وركضت وهي تقول:
_ متنساش تقدملنا علي أجازة وأعمل حساب الهني مون!.
غر فاهه كالأبله ثم ضحك كالأبله وقال وهو يضم يده في قبضة الإنتصار :
_ أيوه بقي... yes... yes.
____________________________________
_ ممنوع يا مدام.
قالتها الممرضة إلي صبا لتصيح في وجهها وتدفعها بعنف:
_ دي مين دي الي يتقالها ممنوع... أوعي من وشي.
جاء علي صياحها الجهوري آسر وقال لها:
_ مدام صبا الآنسه سهام ملهاش ذنب... هي بتنفذ التعليمات.
ألتفت له وبنظرة مرعبة قالت:
_ ومين أنت كمان؟ .
أجاب عليها بهدوء و رقي:
_ أنا دكتور آسر المسئول عن حالة قصي وعزيز بيه.
حاولت أن تخفض من علو صوتها:
_ طيب يا حضرة الدكتور ممكن أدخل أطمن علي جوزي... أنا مراته.
نظر آسر إلي كنان الذي أومأ له فقال:
_ حاضر بس معلش هم عشر دقايق مش أكتر.
وبعد أن تعقمت جيداً ولجت إليه... جلست علي مقعد بجواره وما أن نظرت إليه ورأت الضمادات محيطة بكتفه والأجهزة موصولة به تساقطت عبراتها:
_ كده ياقصي! ... رايح وعارف إن لاقدر الله كنت هاتموت! ... طيب كنت هاتسيبني لوحدي من غيرك إزاي! ... أنا اليومين الي غبت فيهم عني كنت بموت في الثانية ميت مرة ما بالك لو روحت وسبتني كان هيجرالي أي... يا حبيبي أنا مش عايزة حاجة من الدنيا دي كلها غيرك أنت ومالك إبننا.
أمسكت يده بين كفيها و وضعت جبهتها علي يده وأستطردت:
_ عارف.. أنا مبيجليش نوم غير وأنت واخدني في حضنك... ولما كنت في المستشفي و مثلت عليك إن تعبانه ومبتكلمش خليت دادة زينات تجبيلي قميص من بتوعك كنت لابسه وأزازة البيرفيوم بتاعتك... كنت برش منها علي المخدة وأحط عليها راسي وأخد القميص في حضني وأفضل أشم فيه ريحتك وأحاول أتخيل إنك أنت الي حاضني وبطبطب عليا... وأقعد أتفرج علي صورك لحد ما أروح في النوم ... شوفت حبك وصلني لأيه!! .
أخذت تذرف دموعها التي أغرقت يده حتي أحست بحركة أنامله بين كفيها فأنتفضت وهي تحدق في وجهه:
_ قصي.
فتح عينيه رويداً رويداً... رفرف قلبها ويرقص من فرط السعادة وهي تراه يفيق من تلك الغيبوبة .
_ قصي.. سامعني؟... قصي.
نظرت إلي الخارج عبر الزجاج وصاحت:
_ دكتور آسر... دكتور آسر.
أنتبه إليها كنان وهي تشير له علي آسر ليخبره وألتفت لها لتشير له بفرحة غامرة إلي قصي الذي بدأ يستيقظ.
_________________________________
_ يعني أي ممنوع ندخل نطمن علي بابا يوسف؟ . صاح بها آدم و هو يدفع الباب بعنف و ولج خلفه ياسين و يونس ثم مصعب.
نهض يوسف من خلف مكتبه وتقدم إليه عاقداً ساعديه أمام صدره وقال بهدوء أعصاب يُحسد عليه:
_ دي أوامر العميد الي مستني أبوكو يفوء ويقوم بالسلامة ويجي يحط الكلابشات في إيديه ويترحل علي السجن.
_ يوسف مش وقت هزار... إحنا عايزين نفهم الي حصل وأي الي لم بابا علي قصي وأتضربو بالرصاص إزاي ومين الي ضرب عليهم نار؟ .
قالها ياسين... فأبتسم يوسف بسخرية سبرت غضب أشقائه:
_ بإختصار شديد بابا عزيز البحيري الي من أشرف رجال الأعمال طلع من أكبر تجار مافيا السلاح في مصر ... ها فهمتوا؟ .
غر ثلاثتهم أفواههم غير مصدقين ما سمعت أذانهم... أكد لهم مصعب ما وقع عليهم من صدمة: _ للأسف دي الحقيقة.
تقدم منه آدم بغضب وأمسكه من تلابيب سترته:
_ وأنت كنت عارف!.
أجاب مصعب بدفاع عن حاله:
_ أنا كنت سايب الحراسة من عندكو بقالي شهور من وقتها أتقطعت علاقتي بعزيز بيه ولما كنا في سينا مع الراجل الي كنت بشتغل معاه أتفاجأت زيي زيكو.
رمقه يونس بعتاب وقال:
_ كنت بتشتغل مع قصي؟ .
أجاب عليه:
_ لاء مع واحد اسمه كامل الشبراوي... آدم بالتأكيد يعرفه أو سمع عنه ومن غير ما أخوض في تفاصيل... أنا وقصي بيه كنا مكلفين من البوليس نوقع أكبر تلات تجار للسلاح.
قال آدم بسخرية:
_ قصي تاجر السلاح بيساعد البوليس!!.
_ ده الي كلنا كنا فاكرينه... بس طلع العكس وفيه حاجه كمان مهمة تعرفوها....
قاطعه يونس وقال بتهكم:
_ إن قصي يبقي أخونا الكبير الي من أم تانية.
هنا نظر يوسف له فأكمل يونس:
_ يعني الي خلاك تصدق أبوك تاجر سلاح مش مصدق إنه خلف من الشغالة بعد ما ضحك عليها وكمان أنكر إبنه! .
كاد يوسف يتحدث أوقفته طرقات علي الباب و ولجت بعدها الممرضة ثم قالت:
_ دكتور يوسف... دكتور عايز حضرتك لأن الحالة الي كانت في الغيبوبة فاق ونقلناه من غرفة العناية للجناح الغربي.
قالتها وذهبت... فأرتدي يوسف مأزره الطبي وقال بسخرية:
_ أي مش ناويين تطمنو علي أخوكو الكبير! .
ذهب جميعهم معه بالأعلي.
وبعد خروجهم من المصعد... رأي يوسف آسر وهو يخرج من غرفة العناية الذي بها والده فقال لهم:
_ أطمنو عزيز بيه بخير وبقي أحسن من الأول... وممكن بإذن الله يفوء في خلال يومين لأن الغيبوبة الي فيها دي كانت نتيجة صدمة عصبية.
قال آدم في محاولة أخيرة:
_ ينفع أدخله ولو خمس دقايق؟ .
أجاب آسر بدون أن يتفوه مشيراً إلي عساكر الحراسة و رفع كتفيه كأن يخبره ما بالأيدي حيلة.
___________________________________
_ أي ده أنت قايم فين كده مينفعش.
صاحت بها صبا إلي قصي وهو ينهض وينزع إبرة المحلول المغروزة بيده.
أجاب وهو يجز علي فكه من ألم جرح كتفه وساقه وأيضاً جراح ظهره التي يحاول إخفاءها عنها :
_ قولتلك مبحبش رقدة السرير وأديكي شايفه بعينيكي الحمدلله بقيت كويس.
أقتربت منه لتمسك يده وتسنده:
_ طيب أقعد بس أستريح هنا وأنا هاروح أنادي لكنان عشان يجيبلك حاجة تلبسها.
أذعن لها، فذهبت وهي تدير مقبض الباب لتجد آدم ويونس ويوسف وياسين يقفون أمامها... تعجبت ولا تعلم ماذا تقول ليأتيها صوت قصي:
_ واقفة عندك ليه؟.
ولج آدم وقال:
_ ممكن أنا وأخواتك ندخل؟.
أتسعت عينيها وهي تنظر لآدم ثم إلي قصي الذي رمقها بتوعد حيث ظن إنها من أخبرتهم.
أجاب قصي بإقتضاب:
_ أتفضلو.
دخلو وجلس كل منهم علي مقعد وقالو جمعيهم:
_ حمدالله علي السلامة.
أجاب عليهم:
_ الله يسلمكم.
فقال يونس:
_ أنا عرفت كل حاجة من كارين وأنا الي قولت لياسين وآدم ويوسف.
_ وهي كارين عرفت منين؟.
قالها قصي... فأجابت صبا بخجل بدون أن تنظر له:
_ أنا الي قولتلها يوم ما هربت من المستشفي وجيت لاقتني عندها.
أطلق زفرة ونظر إليها... فقال آدم:
_ و عرفنا كمان الي حصلك وحصل لبابا في سينا... مصعب حكي لنا كل حاجة.
_ و أنا كان بإمكاني أسيبو لحد مايموت لكن برغم كرهي ليه وعمري ولو سمحته في حقي والي عمله فيا زمان.. إستحالة أسامحه في حق أمي الي ظالمها و ماتت في حادثة لما جت تهربني منه ومن جدكو حكيم.
قالها قصي... فقال يوسف:
_ وهو دلوقتي في العناية ومنتظرين يفوق خلال يومين وبعد ما بتحسن هيرحلوه علي السجن علي ذمة القضية.
أجاب قصي بجمود:
_ هو الي عمل في نفسه كده.
وأخيراً تحدث ياسين:
_ طيب كرهك لبابا وعرفناه... ممكن أفهم سبب كرهك لينا.. ليه أخدتنا بذنبه؟ .
نهض قصي وبدأ الغضب يظهر في نبرة حديثه:
_ عشان هو أبوكو وأنتو ولاده الي معترف بيكم... أنتم ولاد چيهان هانم بنت الحسب والنسب وأنا مجرد إبن الشغالة... أنتو أتكتبتو علي إسمه عيشته في حضنه الي حرمني منه وخلاني أقول بابا لواحد غيره أداني إسمه و حنانه وكل مايُملك... والوقت الي بقيت إبنه ربنا رزقه بأجمل بنوته بقت أختي وحتة مني وبعد ما توفي بقيت أنا أبوها وأخوها.
صمت ونظر إلي يونس وأستطرد:
_ ويوم ما عرفت إنها يوم ماحبت وعايزة تتجوز ويطلع الشخص ده أنت... كانت جوايا نار لو طلعتها كانت هاتحرق الكل في اللحظه دي أتعادت كل ذكري سودة عيشتها وشوفت فيها أبوكو.
نهض ياسين وأقترب منه وقال:
_ ومين قالك إن إحنا زيه!... بالعكس هو ظلمك وأنت صغير و ظلم كل واحد فينا لما كبرنا و جينا نختار مستقبلنا... عندك يوسف جوزو بنت خاله بالعافية عشان مصلحة العيلة وحرمو من البنت الي بيحبها... عندك يونس عشان أتجوز كارين طرده وحلف إنه ما هيعيش في الڤيلا... وآدم كان هيخرب عليه حياته وبيته لما عايز يجبره يتجوز علي خديجة مراته عشان الخلفة وفي نفس الوقت جواز مصلحة... حتي ملك أختي الي دمر لها حياتها بسبب إنه مش راضي تتجوز مصعب... وأخيراً أنا... خليت حكايتي للآخر لأنك هاتستغرب أصلها تشبه حكاية بابا بالظبط مع الفرق إن أنا متخلتش عن الإنسانة الي حبتها بجد وعمري مابصيت لمستواها الإجتماعي وعشان أخترتها النتيجة كانت مصيري زي أخواتي خدتها وعيشنا بعيد عنه لأن مش هاستحمل إنه يهينها أو يبص لها بصة تضايقها وتجرح مشاعرها.
تقدم آدم ليقف أمامه أيضاً وقال:
_ تعالي ننسي أي خلافات قديمة حصلت مابينا ونعوض السنين الي فاتت... إحنا أخوات وعمرنا ما هنتخلي عنك.
فقال يونس:
_ أيوه أخويا وعم بنتي چوليانا.
رمقه بسعادة وقال:
_ كارين ولدت؟.
_ الحمدلله قامت بالسلامة هي وچولي بقالهم يومين.
قالها يونس
_ ألف مبروك.
قالها قصي.... فأجاب الآخر:
_ لاء ألف مبروك دي ماتنفعشي كده... كلكو معزومين علي السبوع.
قهقه الجميع بسعادة وأخذو يسترجعون ذكرياتهم القديمة... ليجد قصي ما كان يفتقده منذ سنين دفئ العائلة والأخوة.