رواية عشق الادهم الفصل الواحد و الثلاثون والاخير
•كان حُبًا جديدًا، لم يكُن مشروطًا، على من يُحب أو يفعل أكثر للحصول على الآخر، كان حُبًا مليئًا بالألفةِ والطمأنينه، حُبًا يشعُر فيه المرء أنّه مهما ذهب بعيدًا لاشيء يُمكنه أن يحل مكانه•
تتابع مايحدث حولها بأعين خاوية ومتبلدة من المشاعر بعدما أدركت خطأ الإعطاء لمن لا يستحق، أنهي والدها حديثه مع محامي صديقه وعده بأن مكسب القضية لهم، لا تصدق أنها الآن جالسة بمحكمة الأسرة تنتظر حضوره لإتمام دعوة الخلع التي قامت برفعها عليه.
جاسر من كانت تغفو وتستيقظ مُتيمة بملامحه وأبسط تفاصيله ستقف بوجهه تطلب بالإنفصال، أصبحت تشمئز من فكرة أن هناك آخري على ذمته وتشاركها به لن تستطيع التحمل حتى تلد طفلها ويقم بتطليقها، أصبحت لا تستطيع التحمل عليها وضع قلبها أسفل قدمها وأن تخطو نحو المستقبل..خبايا لا تعرفها لكنها ستكون أفضل من دونه ودون...خداعة.!
ستكون كاذبة إن قالت أنها ليست حزينة، قلبها موجوع وهذا اسوأ ما يمكن ان نعلمه، نظرت لمعدتها التي تمسد فوقها برفق وحنو بالغ، ستعطيه كل ما يمكن أن يحلم بها حتى لو خيرت بينه وبين حياتها بالتأكيد ستختار جنينها، لم يتبقي لها الآن سواه، تنتظر مجيئة على صفيح ساخن حتى تنعم بضمه لصدرها ليرمم القليل من خراب روحها.
أستندت على يد المقعد ويدها الآخري خلف ظهرها بينما عاونها والدها وتقدمت لداخل القاعة الكبيرة نسبيًا فور ما رأته يتقدم لداخل المحكمة حتى لا تدع له فرصة بأن يحدثها.
وقفت أمام القاضي بوجه ساكن للغاية وأعين تتولى شرح الكثير ودلف هو ووقف بجانبها ينظر لها غافلًا عن إفتتاح القاضي لملف دعوة الخلع ونظر لساره بتريث يتسأل:
_اي سبب رفضك لرفع دعوة الخلع على زوجك الأستاذ جاسر الشريف.
تعلقت أعينها فوقه تناظره بعتاب قاتل لقلبه ولمحة من البرود والجفاء سيطرت على أعينها التي كانت متوهجة بحبه تجيب القاضي:
_مش هقدر أعيش معاه، عارفه إن جوازه عليا حلال شرعًا بس أنا من حقي أكون رفضاه، أنا مقصرتش معاه فى أي شئ سواء أهتمام او أحترام او طاعة قدام نفسي وقدام ربنا و.. وقدامه.
أنهت حديثها وتساقطت دموع لم تقدر على السيطرة عليها لتغلق أعينها بقوة تزيلهم برفق مكملة بصوت متحشرج:
_الحياة الزوجية بينا أستحالة تكمل، وأنا واحده بتخاف ربنا ومراضش بحاجة تغضبه، أنا مش هقدر اوفرله أي حق من حقوقه كـ زوج فيما بعد.
زفر القاضي بتمهل ينظر لجاسر وأعاد النظر لها مكملًا:
_موافقة تتنازلي عن كل حقوقك المالية والشرعية وتعيدي للأستاذ جاسر الشريف الصداق(المهر) يا ساره.؟
أخذت نفس عميق تجيبه بصوت متماسك وهادئ:
_موافقة.
وقبل أن ينطق القاضي تدخل جاسر بالحديث بعدما طال صمته رافضًا بلهفة:
_بس أنا بحبها ومش عاوزها تسيبني، عندي أستعداد أعمل اي شئ بس متسبنيش ولو على مراتي التانية هطلقها بس تفضلي معايا.
ظهرت أبتسامة ساخرة تخفي خلفها ألام تتضاعف على قلبها:
_وأنا مرضاش إني أكون سبب فى خراب بيت، وحتى لو عملت كدا أنا عمري..ماهرجعلك لو آخر راجل فى الدنيا دى كلها.
طرق القاضي بالمطرقة التي بيده يأمرهما بالسكوت وتحدث بحزم:
_قررنا نحن رئيس محكمة الأسرة الموافقة على دعوة الخلع رقم 102، رفعت الجلسة.
أنهي القاضي حديثه ونهض بوقار مغادرًا القاعة هو ومستشاريه، بينما زفرت ساره بتروي وتوجهت للخروج لكنها توقفت على حديثه:
_مكنتش أستحق منك تفتكريلي أي شئ حلو بينا.!!
-متستحقش منى غير كل كره ياجاسر.
تفوهت بها بجمود وغضب يهتز له جسدها وألتفتت له قبل خروجها مكملة:
_انتَ محبتنيش، انتَ حبيت أهتمامي ومطاوعتي ليك فى كل قرار، أتعودت على حبي ليك اللى هيبقي صعب تلاقيه من أنسان تاني غيري، أبني هيفضل معايا بعد ما يجي للدنيا بخير وهبقي اخليك تشوفه وقت ما تحب ودا مش حبًا فيك بس أنا ست مترضاش تحرم أب من أبنه بس إياك تقول فى يوم يبات عندك لأن المعجزات السابعة هتبقي تمانية ساعتها يا..حضرت الظابط.
أنهت حديثها بسخرية وتهكم وكأن ألم قلبها بدأ يُشكل طبقة صلبة حوله مانعًا إياه من الإنحراف خلف مشاعر هدرت بسنوات من عمرها وأنتهت بحصولها على لقب"مُطلقة".
ومن هنا يا سادة يجب علينا التعلم، عليك إختبار مكانتك والرحيل وإذا كانت ردة الفعل السعي خلفك فـ أعلم بأنك مرغوب، وإذا لم تكن فـ عليك الرحيل غير نادمًا على من أستنزفوا كل شئ جميل بداخلك وعندما قابلوا الوحش الحقيقي الذي كان مختبئ عنهم قاموا بأتهامك بأن هذه حقيقتك ولم يلتفوا لكل جميل قد حدث سابقًا وقاموا بإهداره.!
"مَذاق الفُراق مُروِّع، ولا يُمكن نسيانهُ أبداً ."
« _____ »
بخطوات سريعة بعض الشئ دلفت جودي لداخل الشركة ترد على التحيات بإبتسامة لطيفة وأستقلت المصعد حيث طابق ليليان وفور ان همت بالخروج تراجعت قبل أن تصتدم بإيهاب الذي إقتراب لإستقلال المصعد، أبتسمت ببعض الحرج تصافحه:
_أنا آسفه كنت بجري ومخدتش بالي.
صافحها يحدثها بمزاح طفيف:
_بما أنك هتبقي تحت تدريبي فـ ممكن دلوقتي عادي جدًا أكدرك فى تدريب زياده.
ضحكت بخفة تعطيه الأوراق التي كانت بيدها تشرح ما بها:
_ليليان قالتلي إن تدريبي هيبقي معاك لأنك من أشطر اللى شغالين فى قسم الديزاين هنا، شوف بقى التصاميم دي على ما أدخل لـ ليليان.
اومأ إيهاب وهم بالإجابة لكنه قطع حديثه عندما وجد يد تمتد تجذبها عنوة ببعض الحده، رفع رأسه ينظر لفاعلها ليجده شاب ذو شعر فوضاوي وملابس أنيقة، يعتقد أنه رأه ذات مره لا يتذكرها.
وبنبرة ظهر بها الضيق أثناء جذبه لجودي تحدث:
_عاوزك ثواني.
ظهر عليها التفاجؤ من الموقف وحاولت إبعاد يده دون لفت النظر لهم وهى تسير خلفه:
_سيب ايدي بدل ووالله أفرج عليك الشركة.
دلف بها لغرفة الإجتماعات مغلقًا الباب من خلفهم يترك يدها ويعقد يده أمام يده يحدثها بتهكم:
_شغل القطة المخربشة دا مش لايق عليكِ سيبيه لغيرك.
ضمت شفتيها بأغتياظ تضربه بذراعه بقوة صائحة بوجهه:
_ملكش دعوه بيا انتَ سامع وسع...
صمتت بصدمة سيطرت عليها عندما وجدت منديل ورقي يوضع فوق فمها ويحركه ببعض العنف هامسًا بحده:
_محدش قالك عليا رافع قرون عشان صرخة الروج الحمرا دى، وإياكِ أشوفك واقفه بتتكلمي مع اللى أسمه إيهاب دا تاني، اي إن غاب القط إلعب يافار.؟
أبعدت يده بقوة بعدما ألمتها شفتيها من عنف حركته فوقهم وأجابتة مستهزئة:
_دا انتَ حتى مش محصل قطة يا بصباص يا نسوانجي وسع يالا وسع بقولك.!
أمسك أنفها يضغط فوقه بقوة بعض الشئ يحدثها بتوعد وتلاعب:
_هوسع بس بمزاجي وهقرب برضو بمزاجي وساعتها مش هتعرفي تتكلمي عارفه ليه.؟
عشان مهما لفيتي ودورتي وأتقمصتي مرجوعك ليا يا وزة.
أنهي حديثه غامزًا وغادر غرفة الاجتماعات يعلو وجه إبتسامة واثقة، عادت الشجارات بينهم من جديد وبداخله كامل العزم على أنه لن يجعلها تنفلت من بين يديه هذه المره ولتفعل ما تفعل.!
"لقد أحبّا بعضهما،
ولكن لا يريد أحد منهَما ان يعَترف بذلك للآخر !
إنهَما يتبادلان النظرات في عَداوة شديدة،
ويريدان ان يموتا مَنْ الحُب"
« _____ »
نظرات خاطفة مصوبة نحوها وهى تجلس بوقار وهدوء فوق مقعدها والإبتسامة لا تفارق وجهها، حجابها ناصع البياض المعقود بأتقان حول رأسها وثوبها المحتشم والراقي بألوانه الزاهية كـأنها أميرة تتميز بالجمال والبهجة او فراشة محلقة بالأجواء الجميع يتمني أمتلاكها لكن هو من فاز بها أخيرًا.
أنتبه لصوت راجي الذي وجه الحديث له:
_يعني خلاص مسافرين النهارده بليل وهتفضلوا أسبوع.؟
عاد بظهره للخلف بأريحه يجيبه بهدوء:
_لأ..شهر.
_أدهم.!
نطقتها ليليان بأعتراض لكنه أشار لها بالصمت لتصمت على مضض، أبتسم راجي يحرك رأسه بعدم تصديق، ليليان وجدت من يروضها أخيرًا وتصمت بأشارة منه.!!
نهض راجي يجمع الأوراق التي أمامه ويغلق زر سترته قائلًا:
_ترجعوا بالسلامة رغم رفضك انكم تعملوا فرح دا مريب بالنسبالي.
نهضت ليليان لتجلس أمام أدهم تمسك بكوب العصير الخاص بها تجيبه بإبتسامة هادئة:
_ولا مريب ولا حاجه، دي مجرد شكليات يا راجي مش مهمة بالنسبالي فرحاتنا مع أهلنا كانت كافية بالنسبالي.
ربت راجي فوق ظهرها برفق وودعها مغادرًا لتبتلع ليليان ما بفمها تحدث أدهم:
_ساره كلمتني من شوية، خلعته.
مرر أدهم يده بخصلات شعره مار بعنقه يجيبها بحيرة وهو يلتقط إحدي سجائره:
_رغم أنه غلطان بس صعبان عليا حاله، مش عارف أي اللى رماه على البت اللى اتجوزها دي، ومش عارف منين بيحب ساره ومنين يتجوز عليها.
رفعت ليليان يدها نحو فمه تطعمه بلطف وعناية وألتقط السيجارة من يده تضعها بالمنفضة وتعطيه بدلًا منها كوب العصير تجيبه بأبتسامة بسيطة:
_من وجهة نظري جاسر مبيحبهاش، حب ساره لجاسر خلاه مرضي كون أنه مرغوب وفيه شخص بيجري وراه دايمًا ويتمناله الرضى عشان ينول منه كلمة حلوه، بس لما الشخص دا يقرر يمشي هيتنازل عن اي حاجه عشان يفضل معاه، يمكن حب معاملة ساره وشخصيتها الرقيقة معاه اللى اي راجل يتمناها وجذبته شخصية مراته الجديدة وطمع وبقى عاوز الإتنين، وطمعه كانت نهايته التخلي.
زفر بتروي ولم يجيبها لتغير مجرى الحديث تحدثه بإلحاح:
_برضو مش هتقولي مسافرين فين.؟
غمزها بعينه اليسري يجيبها بأبتسامة متلاعبة:
_لما تقوليلي الأول مش عاوزه نعمل فرح ليه.
أعادت إطعامه من جديد تجيبه بعبوس مصتنع:
_اصلًا مش عاوزه أعرف رايحين فين.
تنهدت بحرارة تنظر له ولملامحه الرجولية الجذابة التى أذابت قلبها عشقًا، لا تريد سواه، ماذا سيفيد زفاف كبير ملئ بالمجاملات التى ليست بحاجة لها وبعض الضيوف الذين يأتون لمشاهدة العريس والعروس ومتابعة مايحدث بأعين ثاقبة، يكفيها وجود عائلتها الصغيرة بأحتفال دافئ خالى من التصنع.
أنتهي إفطارهم وجلست لجواره تشاهد أخر ما تم بمنزل الزوجية الخاص بهم قبل أن تدلف جودي بخطوات سريعة تلقي التحية بضيق وجلست بأحد الأركان تنظر بهاتفها ولم تمر لحظات ودلف زياد ينظر نحوها هى أولًا وأبتسم وجلس على مقربة منها.
تبادل أدهم وليليان النظرات ذات المعني ومن ثم تحدث زياد:
_بما أنك بتتبني المواهب يا لى لى ما تتبنيني أنا كمان.
ضحكت ليليان بخفه ونظرت نحو زياد تتسأل:
_وانتَ هوايتك اي يا زيزو.؟
أجابها زياد بثقة وفخر:
_الصيد.
_صيد النسوان.
نطقتها جودي بنبرة خافته بعض الشئ أستمعوا لها جميعًا وضحك أدهم بأستمتاع بينما نظر لها زياد بضيق وعاد ينظر لشقيقه:
_يسلام.؟
عجبتك أوي.!
أجابه أدهم بأبتسامة مستفزة:
_جدًا بصراحه عندها حق، هى بس لو توافق على العريس اللى جايبهولها والله يحطها فوق راسه.
نهض زياد ممسكًا بمتعلقاته يجيبه بسخرية:
_عشان تخر عليه.
تمتمت جودي بالأستغفار بضيق ولم تعقب بينما غادر زياد لوجود أمر هام عليه القيام به قبل الغد وأستمر جلوس أدهم بصحبة ليليان بعض الوقت.
« _____ »
أتسعت أبتسامة ليان وأغلقت هاتفها فور خروج والدها من غرفة الملابس الصغيرة بعد أصتحابها له فى جولة لأنتقاء ملابس جديدة له، نهضت تهندم من القميص الرمادي الذي يرتديه تحدثه بأبتسامة مرحه:
_أيوه بقى حساك صغرت بجد.
أنهت حديثها بأبتسامة مُحبة تتلمس وجهه الحليق وخصلات شعره الرمادية القصيرة المصففة، وبدون سابق أنذار أحتضنته، أبتسم عامر وضمها لأحضانه يقبل رأسها يتمني دوام وجودها معه وأن يعاونه الله لتعويضها ما فقدت، يكفي وقوفها بجانبه حتى أستطاع فتح متجر صغير لبيع الأجهزة الكهربائية.
أبتعدت عنه وبعدما أنتهوا من إختيار الملابس أعطته كارت النقود المعدني الخاص بها تحدثه:
_روح حاسب انتَ يا حجوج زي ما عملتك وأنا هكلم مازن برا عشان مفيش شبكة هنا.
اومأ عامر بالإيجاب وأنسحب نحو الكاشير بينما غادرت ليان المتجر تعيد مهاتفة مازن بعدما جائتها رسالة بأنه واخيرًا فتح هاتفه، أعادت الإتصال لمرات كثيرة قبل أن تظهر رسالة نصية منه يخبرها بأنه لن يستطيع حضور عقد قرآنهم اليوم وأن يأجلوه حتى يعود من السفر، يعتذر ويطلب منها المسامحة.!!
أنخفضت يدها بالهاتف وبهتت إبتسامتها، توقف عقلها وتشتت أفكاره لماذا.!!
ماذا قد يحدث يجعله يتركها بيوم كـ هذا بعدما أقتربوا من تحقيق حلمهم بالإجتماع سويًا وليعرف الجميع أنها أصبحت له.!!
لا لن تسامحة فـليذهب للجحيم....
بينما بمكان آخر..
أحتضنها مازن يرفض إبتعادها عنه يقبل رأسها معتذرًا:
_حقك عليا متزعليش، انتِ عندى أغلي من كل حاجة يا رهف.
أنهي حديثه يتلمس تلك الندوب التي تحتل الجزء الأيسر من وجهها أثر حريق بشع طال وجهها وبعض أنحاء جسدها لتصبح"مشوهة" يفزع الجميع من رؤيتها والإختلاط بها عدا هو.
تلمس وجهها برفق وحب بالغ وإبتسامة حنونة تظهر على وجهه رغم أعينه الباكية:
_مش مهم عندي غيرك، انتِ أهم شئ فى حياتي.!!
« _____ »
وضعت كوب قهوتها أعلي سطح مكتبها تضحك بأستمتاع على حديث حازم من الجهة الأخري قائلة:
_ميهمنيش الست فرخات بتوعك برضو مش هنكتب الكتاب غير لما أتعين رسمي.
تذمر حازم بضيق يجيبها:
_يابت أعمل معاكِ اي حيرتيني عرضت عليكِ كل شئ ممكن يغريكِ مش موافقة، خليكِ أرفضي لحد ما أطير من إيدك خلى مستشفى الأشباح بتاعتك دي تنفعك.
ضحكت مرة أخري على تذمره من مكان عملها حيث جاء حظها بالعمل بمشفي شبه مهجورة لا يعمل بها الكثير ولا يوجد بها طبيب غيرها الآن نظرًا لأجازات الأطباء الأخرين.
فتحت مكبر الصوت ونهضت تنزع المعطف الطبي الخاص بها تضعه على ظهر المقعد تجيبه:
_بعد كدا لما يكون عندي بيات فى المستشفى هكلمك، طلعت مُسلي أوي يا زوز.
-زوز.!
أبتسمت بتلاعب تجيبة بلهجتها السورية الأصيلة:
_لك حازم شو فى مافيني دللك شوى.؟
زفر بحرارة يجيبها بحب:
_فيكِ تسوي مابدك.
مرت لحظات وردية قُضيت بينهم، ولربما تكون الأخيرة بعدما فتح الباب ببطئ مريع لترفع بصرها سريعًا لتتفاجئ بنصار عثمان.!!
أبن زوج والدتها التي كان الجميع يصر على زواجها به قبل أن تفر، هاربة لمصر تحتمي بأدهم منهم.
إبتسامة سوداوية خبيثة تعتلي وجهة وهو يغلق الباب من خلفه لتنهض فرح سريعًا تحاول منعه صارخة:
_انتَ جيت هنا ازاي أطلع برا..يا أعتماااد
صرخت بأسم الممرضة التي تكون معها عند بياتها لكنه لمس ذراعها العاري الظاهر من تلك السترة البسيطة والتي تصل أكمامها لمنتصف ذراعها يجيبها بأنتشاء لرؤيتها فزعة:
_ششش أعتماد نايمة شو بدك وأنا بسويلك ياه يانبض قلبي.
أبتعدت للخلف سريعًا وأنتبهت على صوت حازم الصادر من هاتفها لتصرخ بأستنجاد:
_الحقني...
دفعها نصار بعنف بالغ ينتشل هاتفها يضربه بالأرض بقوة وأسرع بأمسكها قبل هروبها للخارج صارخة يحتجزها بين ذراعيه يحدثها بصوت منخفض:
_بدك تهربي لوين يا فرحة القلب، لو تعرفي قديش تعذبت حتى أجيلك لهون لكنتي أستقبلتيني بالأحضان، أشتاقتلك كتيير.
دفعته بعنف تتلوي بين يديه صارخه تجرح وجهه بيدها:
_بعد عنــــي شو بدك منــي يا كلب.
دفعها فوق الأرض بعنف يجثو فوقها ممزقًا ملابسها يعذب روحها ألمًا بأقسي الطرق، ينال منها ماهو عزيز عليها كأنثي غير عابئ بصراخها وبكائها، ينالها بكل وحشية لا توصف من فرط حقارتها، يشوه روحها البريئة والنقية وقد أعمته رغبته المريضة بها طوال السنوات الماضية.!
« _____ »
دلف للوحدة الصحية المتهالكة بأحد الأماكن المتطرفة وصدره يعلو ويهبط بجنون تكاد تنقطع أنفاسه وهو يصعد الدرج بسرعة رهيبة حتى كاد يتعثر عدة مرات يفتح الأبواب على يمينه ويساره ليجد سيدة بدينة ترتدي زي طبي خاص بالممرضين فاقدة للوعي فوق مقعدها كـ حال عامل الأمن الذي وجده بالأسفل، أكمل بحثه بقرب يقرع كـ طبول الحرب حتى أتسعت أعينه وتسمرت قدمه بعدما فتح باب أحدى الغرف وأستمع لنحيبها بأحد الأركان وجسدها شبه عاري وملابسه ممزقة تلوثها الدماء تحتضن جسدها بأرتجاف عنيف.
سقطت دموعه رغمًا عنه وهو ينظر لحالها المأسوي، فرحة يومه وحياته مُدمرة باكية بعدما أنتزع أحدهم برائتها، أعتدى على من هى حقه وشرفه.!!
أقترب منها بخطوات مرتجفه يركع أمامها على ركبتيه هامسًا بصوت باكي وشفتيه ترتعش:
_فرح.!
أنتفضت ترتطم بالحائط من خلفها بذعر دب بأوصالها وأبتعدت للخلف سريعًا ويدها تضم ملابسه الممزقة، وجهها مجروح وجانب شفتيها ينزف والظاهر من جسدها تطبع فوقه آثار الإعتداء، وجهها مزعور باكي وشعرها مشعث تبكي بهيستيريه وهى تنظر له منتحبه.
صرخ بصوت مكتوم كـ طفل تدمر موطنة وسرقت لعبته التي هى حقه، دمائه مشتعلة بوقود قلبه المجروح ينوى الفتك بالجميع، نهض يجذب معطفها وانحني يضعه فوق ذراعيها لكنها أبتعدت تنظر له بخوف، له هو.!!
أغمض أعينه بقوة لتتساقط دموعه بقهر على رؤيتها بتلك الحالة وأعاد فتحها يحاول رسم إبتسامة مطمئنة يؤمي لها بالتشجيع لتأتي معه، حركت رأسها بالنفي تحدثه بصوت مبحوح من فرط صراخها ينبعث منه الألم والحسرة:
_مش بأيدي.
أزال دموعه المتساقطة ولم يعقب ووضع المعطف فوقها لتتمسك به وأنحني يحملها بين يديه مغادرًا بها، كان كـمشهد أسطوري لبطل نبيل أنقذ روح من الإحتراق لكن..كان تأخير البطل سبب بتشويه الجثه.!
« _____ »
أزال قطعة القماش عن أعينها لترمش عدة مرات قبل أن تضح لها الرؤية لتضع يدها فوق فمها بحركة سريعة وبكت بسعادة لم تشعر بها من قبل، هما على وشك الهبوط بمطار مكة المكرمة.!
التفتت نحو أدهم الجالس جوارها يتابع تعابير وجهها بإبتسامة مُحبة لتعانقة دون حديث تشدد من أحتضانه ودموعها تتساقط أعلي ذراعه:
_شكرًا..شكرًا أوي.
ضمها لأحضانه بحنو وحب يقبل قمة رأسها، الوقت السابق كان رائع بكل ما تحمل الكلمة من معاني لطيفة، مغامرة أجواء الإختطاف التي قضتها معه كانت مُسلية للغاية وهو يرفض أن تعلم بوجهتهم، منذ أن أعدوا حقائبهم وغادروا منزل زوجيتهم وفور وصولهم للمطار الدولي قام بوضع قماش أسود فوق أعينها طوال تلك المدة الماضية.
كانت تخبره كثيرًا بأنها تتمني ذلك لكنها كانت مقيدة بسبب ظروف عملها ووجود مسؤولية عائلتها، لقد أخذ وعد على نفسه بأن يجعلها تفعل كل ما تمنته يومًا ولم تحظي به، تجربة لأول مرة معه..معه هو فقط.!