رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الواحد والثلاثون 31 بقلم دينا جمال


 رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الواحد والثلاثون

بناء على رغبة القراء هنحط في بداية كل فصل كل عيلة بولادها عشان الناس اللي لسه بتتلغبط 
جاسر ورؤي أبطال الأجزاء اللي فاتت عندهم 6 أولاد رعد وجوري أول تؤام 
يوسف ومريم تاني تؤام 
سليم وياسين آخر تؤام
----------------
نرمين أخت جاسر اللي جاسر كان بينتقم من صبري وبنته شاهندا عشانها 
نرمين وياسر جوزها عندهم 2 
( جاسر الكبير 29 سنة دكتور نفسي 
اريج في 2 كلية طب )
ياسر كان ليه بنت من مراته اللي ماتت قبل ما يتجوز نرمين اسمها سما جوزها اسمه مصطفى
______________
عاصم أخو رؤي خال العيال اللي كان بيحب تهاني واتجوز حلم في الجزء التاني عنده ولدين 
حسين الكبير مهندس ، مراد الصغير في ثانوية عامة ساقط سنة 
_____________
رؤى كان ليها جيران أخ وأخت ساكنين سوا اللي هما عمرو وايمان 
ايمان اتجوزت علي صاحب جاسر وعندها شريف الكبير ظابط شرطة ، وليان الصغيرة المدلوقة على الجاموسة جواد 
_________
أما عمرو فاتجوز روان بنت صاحب الشركة اللي كان شغال فيها وخلف ولد وبنت 
جواد جاموسة متنقلة مهندس ديكور 
ومرام دلوعة ماما 22 سنة في كلية إعلام ومخطوبة لشريف ابن عمتها 
_______
فاضل طرب وملاك ، ومليكة وتوحة وكل الناس دي هنعرف اصلهم وفصلهم فيما بعد 
لما تتلغبط اطلع بص هنا وكمل الفصل عادي 
نبدأ الفصل❤
___________
يقبض كف يده بعنف دقات قلبه تتصارع من شدة الألم يحاول أن يبدو ساخرا لا مباليا بدموع عينيها التي تنزف أمامه ، عينيه لم تكن تتابع حركات جسدها وهو يتحرك بل كانت تتحرك على قسمات وجهها وهي تتألم وتبكي ، تضم شفتيها تعض عليهم بعنف تحاول جاهدة إلا تنفجر في البكاء ، يشعر بقلبه ينفجر ألما عليها وبسببها ، لم يكتفِ بما تشعر به من ألم فقلبه لا زال يحترق قام من مكانه يدس يده في جيب سرواله أخرج حفنة من النقود من جيب سرواله يقذفها عليها تجمدت مكانها ، توسعت حدقتاها ألما تنظر إليه مصعوقة مما يفعل ، لم تعد تتحمل أكتر سقطت على قدماها أرضا تجهش في البكاء بصوتٍ عالي ، وهو يقف أمامه  يحاول أن يبدو ثابتا جامدًا ، يخبر قلبه المدمر أنه لن يتأثر بدموعها بعد الآن ، لن ينتشلها عن الأرض يحتضنها يخبرها بأن قلبه  يحتضر ألما لبكائها ، ولكن حتى قلبه المدمر الذي لم يعشق غيرها لم يسمح له بفعل ذلك ، كتف ذراعيه أمامه يحادثها محتدا :
- أنا مش عاوز عياط ، قومي اقفي ... بتعيطي ليه ما اترماش عليكِ فلوس بدل المرة ألف ، قووومي
وقفت ترتعش قدماها بعنف تنظر أرضا تقبض بيديها على أطراف ثوبها تنهمر دموعها تضم شفتيها لتكتم شهقاتها ... اقترب منها مد يده يمسح الدموع عن عينيها لترفع وجهها إليه سريعا تحركت مقلتيها على وجهه ما أن نظرت لعينيه غص قلبها خوفا منه ، لم ترى رعد لم تراه أبدا ، اقترب منها أكثر يميل بجزعه ليحملها وقبل أن يفعل ابتعد يغمغم يسخر منها :
- ما تستاهليش حتى اني اتعب نفسي واشيلك 
امسك بكف يدها يجذبها معه لداخل غرفة داخلية ، ارتعشت خوفا ما الذي سيفعله ، أيعقل أنه سيحتجزها ، يضربها ، يغتصبها ، الكثير من الأفكار السيئة اقتحمت عقلها ، انتفضت بعنف حين فتح باب غرفة النوم ، دخلا ليجذبها إلى أحضانه بهدوء كما يفعل رعد دوما يحملها صوب الفراش دون مقدمات ... كانت تود مقاومته إبعاده ، ولكنه كان رعد ، كان رعد الذي تعرف لولا أنه تحاشى النظر لوجهها لكانت ظنت أنه سامحها ، حين ابتعد عنها ظلت متجمدة تنظر للسقف عينيها تتحرك هنا وهناك تتذكر اللحظة التي قررت فيها الإعتراف لأبيه بكل شيء ، اليوم الذي أتى فيه عُدي إلى منزل جاسر قبل عزومة العائلة
Flash back
- أنا عارف أنك مش مصدقاني ، أنتي بالذات شوفتي مني كتير أوي ... على العموم بينا الأيام ، وبعدين أنا دلوقتي قدام جاسر مهران يعني لو فكرت أغدر بيه ، هيغدر هو بحياتي 
كل اللي أنا عاوزه منك ، أنك تنسي اللي فات خالص وما تقوليش لحد عليه ، أنا لا هأذي رعد ولا جاسر ولا أنتِ ، بالعكس دا أنا عاوز أصلح اللي بوظته ولو حسيتي مني بغدر قولي لجاسر
على كل حاجة ، باي يا حبيبتي 
وتركها وتحرك إلى سيارته يأخذها ويغادر ، ووقفت هي مكانها متجمدة لا تصدقه قلبها يصرخ فيها أنه كاذب لعين ، انتفضت حين سمعت صوت جاسر يتحدث من خلفها بهدوء:
- شكله ندمان فعلا ، الشيطان شاطر فعلا 
انتي واقفة عندك ليه كدة ؟ رعد بيسأل عليكي اطلعي يلا جهزي نفسك عشان العزومة 
تحركت مقلتاها تنظر لوجه جاسر وجملة عُدي تتردد في أذنها « ولو حسيتي مني بغدر قولي لجاسر على كل حاجة »
وهي الآن تشعر بالغدر ، عُدي ليس بطيب ولن يكون فجاءة ولن تقتنع بمسرحية النادم الحزين الذي قدمها أمامهم قبل قليل ، هي خير من تعرفه ، ارتعشت كل ذرة بها تبتلع لعابها مذعورة قبل أن تهمس خائفة :
- أنت وعدتني لو أنا اللي حكتلك هتديني الأمان ومش هتأذيني ، أنا ما بقتش قادرة اخبي أكتر من كدة وعُدي طالما جه هنا يبقى ناوي على كارثة  ، أنا هحكيلك على كل حاجة
ظل جاسر يناظرها لعدة دقائق قبل أن يغمغم بهدوء :
- تعالي معايا الجنينة اللي ورا عشان ما حدش يسمعنا 
حركت رأسها موافقة تحركت أمامه إلى الحديقة الخلفية كل ذرة بها تنتفض أرادت أن تتراجع ولكن سبق السيف العزل ، إن تراجعت الآن .. جاسر سيهدم الدنيا فوق رأسها ، جلست على مقعد أمامه في الحديقة الخلفية تعتصر ثيابها بكفي يدها ابتلعت لعابها خائفة تومأ برأسها حين قال :
- احكي يا طرب وما تخافيش من أي حد مهما كان طالما ناويتي تشتري أماني 
التقطت نفسا قويا تومأ برأسها موافقة قبل أن تردف :
- أنا ما كذبتش صدقني في معظم اللي تعرفه ، أنا طرب جلال المهدي ، بنت رجل الأعمال جلال المهدي ، كانت حياتي أسعد حياة تتمناها أي بنت ، لحد ما دخلت الحية حياتنا ... اسمها تهاني كان معاها ابنها زين
شخصت عيني جاسر ذهولا لدرجة أنه وقف عن مكانه يردف مصعوقا :
- تهاني !!!
فتح هاتفه سريعا يبحث في ملفات الصور القديمة ، إلى أن عثر على صورة قديمة لهم جميعا هو ورؤى وعاصم وتهاني ، وجه الهاتف إليها يسألها :
- هي دي ؟!
 قطبت طرب جبينها مدهوشة حين رأت الصورة ، قبل أن تومأ برأسها تغمغم مذهولة :
- ايوة هي ، هو حضرتك تعرفها ؟! 
عاد جاسر مرة أخرى إلى مقعده يقبض كف يده غاضبا أنفاسه على وشك الإنفجار ، كم مرة يجب أن يتخلص من تهاني حتى تبتعد عن حياته نهائيا ، الحية لا تزال تسعى في الأرض فسادًا ، نظر إليها يحاول أن يهدأ يردف:
- هقولك ، بس كملي أنا سامعك
ابتلعت لعابها مرتجفة تومأ برأسها موافقة :
- أنا لما بدأت افهم الدنيا ومن أنا عيلة الصغيرة وهي موجودة معانا هي وزين ، بابا كان بيحب زين أوي هو وماما وكان متكفل بكل حاجة بيه واتربى معايا من وأنا صغيرة ، لحد ما كبرت وفجاءة بدون مقدمات الدنيا اتقلبت ، ماما عملت حادثة واختفت وقالوا أنها ماتت ، وبابا اتجوز تهاني ، وملاك عملت حادثة ، وبابا تعب ومات وفجاءة لقيت املاكه كلها باسم عُدي ، ما كنتش مصدقة بابا ما يعملش كدة ، هددته أنه لو ما رجعليش فلوسي ، هرفع عليه قضية 
فضربني وكتفني وخلاني مضيت على شيك بمبلغ ضخم قدام ملاك الصغيرة وهي بتبكي ومرعوبة ، كان عايز يكسر شوكتي بأي شكل ، وما اكتفاش بدا الحية تهاني عرضت عليه يشغلني رقاصة أهو من ناحية يكسر شوكتي ومن ناحية اجيبلهم فلوس ، ولما رفضت خطفوا ملاك وكانوا هيخلي كلب من رجالته يغتصبها ، مش هنسى أول ليلة كنت برقص فيها وأنا بمنع دموعي عشان عارفة أن أي غلطة ملاك هتدفع التمن
شخصت عيني جاسر ذهولا لايصدق ما يسمع منها ، أما هي ففاضت عينيها بالدموع حركت رأسها تضحك متألمة :
- ما تستغربش عُدي دا أسوء من الشيطان نفسه ، كان بيبعت كل ليلة رجالة ، رجال أعمال على ناس ليه معاهم مصالح عشان يقضوا ليلة مع طرب ، بس اقسملك إني عمري ما سمحت لحد فيهم أنه يلمس شعري منه ، وكنت بضربهم ومرة كنت هموت واحد منهم فهو خاف على شغله ، وفضلنا على كدا كذا سنة وفجاءة وبدون مقدمات ، لقيت نفسي مخطوفة من ناس غريبة أنا مش عرفاها ، المرة دي كان معاهم صورة رعد ، وبيهددوني كالعادة يا أما أنفذ اللي هما عايزينه يا أما يقتلوا ملاك ، كانوا عايزيني اخليه يدمن ، بس أنا ما اقدرش أعمل كدة ، وعشان عارفة أن ملاك تحت أيديهم كنت بضحك عليهم واوهمهم إني بحطله المخدرات ودا والله ما كنش بيحصل أنا كنت برميها ، ولما رعد جالي الكبارية وعرف اني كنت بشتغل رقاصة ، لقيتهم باعتلني فيديو زبالة لملاك وواحد بيقلعها هدومها وبيهددوني بيه ، عشان ما اقولش لرعد عنهم حاجة ، فاضطريت اكدب عليه واقوله أن الست اللي مأجرينها دي هي مرات أبويا وأنها مهددناي بفلوس ، وطبعا حضرتك عارف اللي حصل بعدها اتجوزت رعد وجيت قعدت هنا ، هما وقتها بعتولي رسالة إني ماليش دعوة بيهم وما اجبش سيرتهم وهما هيبعدوا خالص ، بس دا طبعا مش حقيقي لأن الست اللي كانت عاملة مرات أبويا جت هنا وما كانتش جاية عشان الشيك والكلام دا ، هي كانت جاية عشات تدي الكيس اللي فيه سم للخدامة ، والحمد لله أنا شوفتها في المطبخ وهي بتحط منه في كوباية رعد ، ما كنتش اعرف هي حطت ايه بس كنت مستحيل اخلي رعد يتأذي بسببي ، الحارس اللي جه مع عُدي وانا ضربته هو نفس الراجل اللي كان خاطفني وعاوزني احط المخدرات لرعد ، صحيح أنا ما شوفتش وشه قبل كدة بس فاكرة صوته القذر كويس اووووي ونظرة عينيه الخبيثة البشعة ، ولما واجهت عُدي اعترف وقالي أنه مصورني وأنا بحط المخدرات لرعد ، اقسملك بالله أنا عمري ما اذيت رعد ، أنا كنت مرعوبة دايما ليتأذي منهم عشان كدة كنت بحاول دايما ابقى موجودة في اي مكان هو موجود فيه ، دي الحقيقة كلها ، حضرتك مصدقني ولا لاء ؟
ظل جاسر صامتا لبعض الوقت ينظر إليها يفكر في الكثير قبل أن يردف :
- شكرا يا طرب شكرا لكل اللي عملتيه عشان ابني ، 
انتي انقذتي حياته مرة واتنين وتلاتة ، أنا بجد بشكرك عشان عملتي كدة ، وعشام قررتي أنك تقوليلي على كل حاجة ، وزي ما قولتلك قبل كدة أنتي مش بس مرات ابني ، أنتي بنتي وأنا هفضل دايما في ضهرك ، يلا روحي اجهزي عشان العزومة وما تشليش هم حاجة تاني خلاص ، الموضوع بقا معايا أنا ، عيشي حياتك وركزي مع رعد وعايز اشوف حفيد قريب

ابتسمت متوترة تومأ برأسها موافقة قامت من مكانها تحركت عدة خطوات تغادر قبل أن تقف التفتت تسأله متوترة :
- هو أنا لازم اقول لرعد مش كدة ؟!
حرك جاسر رأسه بالإيجاب ، لتبتلع لعابها متوترة تردف :
- بس هو مش هيسامحني وهيزعل أوي ، هو قالي يوم ما جالي الكبارية ، أنه لو عرف اني مخبية عليه أي حاجة تاني عمره ما هيسامحني 
ممكن حضرتك تقوله
صمت جاسر عدة لحظات قبل أن يحرك رأسه للجانبين رافضا :
- أنتِ اللي لازم تقوليله يا طرب ، لازم يعرف منك أنتي مش من أي حد تاني ، هو آه هيزعل وجدااا بس رعد طيب وهتقدري تخليه يسامحك 
خوفها من كره وغضب وخذلان رعد منعها من أن تقول شيئا وان يفعل أبيه كذلك فياليتها أخبرته 
Back
أجفلت من شرودها على صوت باب المرحاض وهو يُفتح وخرج رعد يجفف شعره ، ارتسمت إبتسامة باهتة حزينة على شفتيها ، رعد دوما ما كانت يأتي إليها لتجفف خصلات شعره كالطفل الصغير ، القى المنشفة جانبا يتوجه صوب الفراش وضع رأسه على الوسادة يوليها ظهره ظل هكذا لدقيقة تقريبا قبل أن ينتفض فجاءة يغمغم حانقا:
- أنا مش طايق نفسك معايا في الأوضة
توسعت حدقتاها حين قال ما قال لتراه يحمل وسادته قام من الفراش يتجه للخارج ، لتنتفض خلفه تلف الغطاء حولها لحقت به توقفه قبل أن  يخرج أمسكت بذراعه تصيح فيه متألمة :
- ولما أنت مش طايق حتى نفسي معاك ، لمستني ليه 
ابتسم متهكما يزيح ذراعها متقززا نظر لها من أعلى قبل أن يردف بنبرة في غاية القسوة :
- أصل أنا للأسف لسه بحبك بس مش هقدر اخليكِ في حياتي تاني ، عشان كدة أنا عاوز ذكرى منك قبل ما ارميكِ برة حياتي ، مجرد ما تخلفي مش هيبقا ليكي وجود لا في حياتي ولا في حياة ابني ولا بنتي ولما يكبر ويسأل عنك ، هعمل زي الأفلام اللي بتتفرجي عليها وهقوله ماما ماتت وهي بتولدك يا حبيبي
شهقت مذعورة مما قال ، تراجعت خطواتها للخلف تنهمر الدموع من عينيها تحرك رأسها للجانبين شهقت في البكاء تتوسله :
- لا يا رعد ابوس إيدك ، أنت مش هتعمل كدة ، مش هتحرمني ، أنا بحبك والله بحبك زي ما إنت بتحبني وأنا متأكدة أنك لسه بتحبني 
تلاقت مقلتاه مع عينيها وهي تنظر اليه تبكي بحرقة تتوسله إلا يفعل ، ألا ينفذ الكابوس الذي رأته قبلا في بداية زواجهم أما هو فظل صامتا طويلا قبل أن ترى الدموع تتجمع في عينيه يحاول جاهدا أن يسجنها في مقلتيه ، ارتسمت إبتسامة ألم تتألم على شفتيه قبل أن يردف بنبرة محترقة :
- بحبك ، أنا فعلا حبيتك ، دا أنتِ كنتي الحب الأول في حياتي ، أنا كنت عايش منبوذ وحيد في وسط أهلي اليوم اللي شوفتك فيه ، كان من أسوء أيام حياتي جاسر باشا مهران طردني قدام موظفين شركته كلهم ، كنت حاسة بألم مش طبيعي ، بفكر في كل لحظة إني أرمي نفسي في النيل واخلص بقا في اللحظة اللي ظهرتي فيها وعملتي الفيلم الهندي بتاعك 
وفجاءة قلبتي حياتي شقلبتيها ، لقيت نفسي بخرج وبضحك وبتكلم ، لقيت حد اشاركه حياتي ، تخيلي كنت عايش غريب وسط أهلي وحاسة بالسكن معاكي أنتي ، ويطلع كل داااا في الآخر فيلم من طرب هانم ، ايه الرخص دا بجد ، انتي أرخص حاجة أنا شوفتها في حياتي ، أنا بكرهك يا طرب بكرهك من كل ذرة في كياني قد ما حبيتك كرهتك ، أنا مش طايق حتى ابص في وشك 
اما هي فكانت الدموع تهبط من عينيها فقط تحرك رأسها للجانبين لا تود أن تسمع كلامه كرهه إليها ، انهارت أرضا تبكي بحرقة أما هو فالتفت وغادر ، دخل إلى الغرفة المجاورة لها يغلق بابها عليه ، جلس خلف الباب المغلق تنهمر الدموع من عينيه بحرقة ، يضع يده على فمه يكتم صوت صراخه من الألم !!
___________
في منزل جاسر مهران ، الوضع هناك كان سيء حقا ، جاسر يلتف حول نفسه يحاول الوصول لرعد بأي شكل ، إلى أن تلقى اتصالا من السيارة التي أرسلها لتتبع سيارته ، جعل الدماء تفور في جسده يصرخ بعلو صوته :
- يعني اييييه العربية تاهت منكوا ، هو أنا مشغل عندي بهايم ، اقفل
واغلق الخط في وجه الرجل ، هرعت كاملا إليه تبكي بحرقة تتوسله :
- بنتي أرجوك ، والله طرب مالهاش ذنب ، طرب طيبة ، أرجوك رجعي بنتي قبل ما يأذيها ، وأنا هبعد أنا وبناتي عنكوا خالص

نظر جاسر إلى السيدة متعاطفا مع ذعرها الشديد على ابنتها ، كاد أن يقول شيئا حين صدح صوت رؤى من خلفه تحادث كاملا بحدة :
- ما تخافيش أوي كدة على بنتك ، ابني مش هيأذيها لأنه للأسف بيحبها ، بالعكس دي هي اللي أذته وخدعته وهو للأسف بردوا ما حبش غيرها ، أنتي وبنتك لعنة دخلت حياتنا ... أنا مش هحط ملاك المسكينة معاكوا لأنها عيلة صغيرة ومالهاش ذنب ، انتوا فعلا لازم تطلعوا برة حياتنا خالص يا كاملا هانم 

التفت جاسر برأسه سريعا ينظر لرؤى مدهوشا مما يسمع اقترب منها يردف بذهول :
- ايه اللي أنتي بتقوليه دا يا رؤى ؟ البنت دي هي اللي أنقذت حياة ابنك مرة واتنين وتلاتة صدقيني 
حركت رؤى رأسها للجانبين تنهمر الدموع من عينيها تهمس بحرقة :
- كانت قالتله يا جاسر ، كان هيسامحها ، انما دلوقتي هو مجروح أوي ابني بيتعذب يا جاسر أنا حاسة بيه ، أنا عايزة ابني يا جاسر عايزة أخده في حضني ، دور على رعد يا جاسر ما تسيبوش لنفسه دلوقتي، بدل ما يحصل اللي فضلت خايف منه سنين 
هنا توسعت حدقتي قلقا وشعر بالخوف يجتاح قلبه ، ابتلع لعابه متوترا يومأ برأسه سريعا ، في تلك اللحظة المشحونة بالقلق فُتح باب المنزل ودخلت چوري ،حين نظر جاسر إليها علم ان خطبا جلالًا قد حدث لابنته ، اقترب منها خطوتين لترتمي بين أحضانه تبكي بعنف ، كاد أن يسألها عما بها حين سمعها تهمس بحرقة:
- خلي حسين يطلقني يا بابا ، أنا مش هقدر اتجوزه والحيوان اللي اسمه زين دا طلع  أخوه  ، هو السبب في اللي حصل 
رائع المصائب لا تأتي فردا أبدا ، أولا رعد والآن چوري وماذا بعد ، أما بالخلف فكان يقف يوسف يتابع ما يحدث بصمت شديد وعقله يتصارع وجزء بداخله يخبره أنه يجب أن يمزق أجنحة الملاك حتى لا تطير بعيدا أو تخدعه كما فعلت شقيقتها مع شقيقه ، وعزم على فعل ذلك !
في تلك اللحظة تحديدا دق هاتف جاسر نزعه من جيب سترته ليبصر رقم غير مدون لديه ، التقط الهاتف يفتح الخط ليسمع صوت سمعه قريبا يغمغم متلهفا :
- جاسر باشا ، أنا آسف جدااا لازعاجك ، أنا بس كنت عاوز اتطمن عليك ، حضرتك كويس مش محتاج مني أي حاجة أنا تحت أمرك ، صحيح أنا نصار مع حضرتك
ضيق جاسر حدقتيه نبرة صوت نصار مألوفة   مألوفة بشكل لا يمكن تجاهله ، ابتسم يحادثه :
-أنا بخير يا نصار باشا شكرا على سؤالك ، وهيبقا في بينا لقاء قريب بإذن الله ، عشان أنا محتاج اتكلم معاك أكتر ، واتعرف عليك أكتر
____________
أما هناك عند جاسر راضي ، نزل جاسر من سيارته يصعد خلفها يحاول اللحاق بها ليعتذر منها عما فعل ، اقترب من شقتها كاد أن يدق الباب حين سمعها صوتها الباكي تتحدث بحرقة من الداخل :
- عمار السبب يا زينب 
- عمار مين يا مليكة أنتي أول تجبيلي سيرته
- دا بني آدم مريض كنت بحبه زمان ، وبعدت عنه ودلوقتي هو بيطاردني ، هو اللي ضرب على جاسر رصاص وكان هيموته لو كان حصله حاجة ما كنتش هسامح نفسي أبدا ، انتي عارفة أول حاجة عملها ايه شدني يخبيني ورا ضهره ، هو كان همه بس يحميني وأنا كنت هبقى السبب في موته 
- طب اهدي يا حبيبتي ، اهدي الحمد لله عدت على خير 
- أنا بحب جاسر يا زينب بحبه أوي ومش هستحمل يحصله أي أذى بسببي ، حتى لو هو ما بيحبنش أنا بحبه
- ما بيحبكيش إزاي يعني ما تقوليش كدة 
- لاء يا زينب أنا حاسة أنه ما بيحبنيش ، جاسر بيحب شغله أكتر من أي بني آدم في الدنيا ، وما اعتقدش أنه يوم ما يختار يتجوز أو يحب ، هيختار بقلبه حتى لو قلبه حب 

تراجع للخلف بدلا من أن يدق الباب يكفي ما كان يجب أن يسترق السمع منذ البداية ، شعر بالاسى لأن مليكة تحمل نفسها ذنب ما حدث وهو من استفز عمار ، فقط لو يقع ذلك المخنث تحت يديه ، طلقة واحدة لا تكفي ليأخذ بثأره
تحرك صوب باب شقته يفتحه يتذكر كل حرف قالته مليكة ، مليكة تحبه لا ينكر أنه يشعر بمشاعر إعجاب غريبة نحوها ولكن أوصلت تلك المشاعر لدرجة الحب ؟! لا يعرف حقا 
مليكة جميلة حيوية ضاحكة ، شعرها الغجري يدعوه دومًا بأن يخلل يده فيه يمسده برفق يتلمسه يستشعر به ، لا يعرف هو حقا لا يعرف 
توجه إلى فراشه يرتمي عليه كتف ذراعيه خلف رأسه ينظر لسقف الحجرة شاردا يفكر 
فيها ، حاول أن يغمض عينيه لينام ليجد هاتفه يدق برقم سامر ، قطب جبينه قلقا يتسأل لما يتصل سامر الآن ؟ ، فتح الخط يردف :
- خير يا سامر حصل حاجة ولا ايه !
سمع صوت سامر يغمغم متوترا :
- أنا آسف يا جاسر اني اتصلت بيك دلوقتي ، بس أنا بحاول اكلمك من بدري ... بقولك يا جاسر بصراحة أنا عاوز آجي اتقدم لأريچ 
انتصف جاسر جالسا أثر ما سمع قطب جبينه يردف متعجبا :
- نعم وأنت تعرف أريچ منين عشان تتقدملها، دا أنت شوفتها مرة ولا اتنين بالكتير أوي ، ولا أنت بتصيع من ورا ضهري

توتر سامر عدة لحظات قبل أن يردف سريعا:
- صدقني الموضوع مش زي ما انت متصور أنا بس معجب بيها وحابب يبقا دا بشكل رسمي قدام الكل ، قولت ايه 
سامر لا يقول كل الحقيقة من توتر صوته يعرف أنه يكذب ليقرر تلقينه درسا ، صمت عدة لحظات قبل أن يحادثه منفعلا غاضبا :
- لاء طبعا أنا مش موافق ما فيش لا خطوبة ولا جواز إنت لسه حتة طالب ما عكش حتى شهادة ، وأنا مش هجوزك اختي
تمنى حقا أن يرى تعابير وجه سامر على ما قال لحظتين وانفجر يضحك بقوة يسخر منه :
- متخيل شكلك دلوقتي ، يا عم موافق عادي ، استنى بس اخدلك ميعاد من دكتور ياسر 
تنفس سامر الصعداء يغمغم حانقا :
- حرام عليك وقفت قلبي ، دا أنت غتت يا اخي ، ماشي هستناك ، بس ترد عليا على طول 

ضحك جاسر عاليا يسخر منه قبل أن يغلق معه الخط ، يعود إلى ما كان عليه يفكر تلك المرة بشكل آخر ، لما لا يقلد سامر ويطلب يد مليكة ربما تقاربهم أكثر سيجعل مشاعره أكثر وضوحا ربما !
___________
أما هناك في منزل محمود وفاطمة ، تأخر الوقت ومحمود لم يعد من العمل بعد تشعر بالقلق عليه ، من أن يظهر منير من جديد ويصيبه بسوء ذلك المريض المهووس ، جلست على الأريكة المقابلة للباب تضم ركبتيها لصدرها تنظر لباب المنزل تناظره لتشرد عينيها تفكر في الايام الماضية ، علاقتها بمحمود غريبة لا تفهمها ، محمود رجل مثالي كما يقال عنه ولكنها تشعر بالغربة من بعض تصرفاته ربما بسبب ضيقها منه يوم زواجهم بسبب إصراره على إتمام زيجتهم رافضا اعتراضها تتذكر ما قاله لها جيدا 
(- أنا مش صغير يا فاطمة ، وعارف أنتي رافضة ليه ، وسبب الرفض دا لازم يتنسي تماما ، لو سمحتي روحي غيري هدومك على ما اغير هدومي ) 
وفعل ما أصر على فعله رافضا رفضها نهائيا ، لن تنسى أبدا أنه اخذها بين أحضانه ظل يعانقها حتى وهو نائم وكأنه خائف من أن يستيقظ فلا يجدها جواره ، اجفلت من شرودها على صوت الباب وهو يُفتح ومن ثم دخل هو ، وقفت تقترب منه تسأله قلقة :
- اتأخرت ليه كدة قلقتني عليك ، مالك شكلك تعبان
ابتسم لها شاحبا يحرك رأسه للجانبين يشعر بصداع فظيع يقسم رأسه نصفين ، رفع يده إلى وجهه يربت على وجنتها مترفقا :
- لا أبدا دا بس من ضغط الشغل ، دا أول يوم انزل بعد الإجازة فلسه جسمي مريح ، اعملي لي فنجان قهوة ولا اقولك أنا هاخد حمام وأنام هلكان
تحركت تسبقه إلى مرحاض غرفتهم أخرجت ثيابه تعد له ما يحتاج ، خرجت من المرحاض تحادثه مبتسمة :
- أنا جهزتلك الحمام وهدومك جوا ، هعملك حاجة خفيفة تاكلها 
تحركت لتغادر الغرفة ليمسك بذراعها ابتسم متعبا عينيه غائرة حمراء من التعب يهمس يشكرها :
- تاعبك معايا ، شكرا
ابتسمت خجلة تومأ برأسها تحركت لخارج الغرفة تُعد له الطعام حين عادت للغرفة رأته يتسطح إلى الفراش يغط في النوم ، وضعت الطعام جانبا اقتربت منه تجذب الغطاء لتضعه عليه حين رأت قسمات وجهه تتشنج من الألم وفجاءة فتح عينيه ومال بجسده إلى سلة المهملات الصغيرة الموضوعة جوار الفراش يتقيأ بعنف ، فزعت هي من منظره اقتربت منه سريعا أمسكت منشفة صغيرة مبللة جلست جواره ليأخذها منها يمسك شفتيه يلقيها بعيدا أما هي فسألته مذعورة:
- مالك يا محمود ، شكلك تعبان أوي
نظر إليها بأعين زائغة من الألم وضع رأسه بين أحضانه يهمس منهكا :
- مش عارف يا فاطمة حاسس اني سقعان ودماغي وجعاني أوي ، أنا محتاج أنام أنا عارف ، خليني بس في حضنك
اومأت له سريعا تنظر إليه قلقة تحتضنه برفق تمسح على خصلات شعره ، رفع عينيه إليها يسألها منهكا :
- هتزعلي عليا لو مت يا فاطمة ؟
توسعت حدقتاها ذعرا لتطرف عينيها الدموع تهمس بحرقة :
- ما تقولش كدة يا محمود بعد الشر عليك ، أنت تعبان بس شوية وهتبقى كويس أرجوك ما تقولش كدة ، أنا مش حمل العذاب دا تاني
ابتسم لها يومأ برأسه يحاول أن يبدد ما قال وأقلقها :
- أنا بهزر معاكي يا فطوم ، سبيني بقا أنام يا ولية، جوزك جاي مضحضح
وابتسم يلثم وجنتها بقبلة صغيرة قبل أن يضع رأسه بين أحضانه من جديد يغمض عينيه ، أما هي فاعتصر القلق قلبها تشعر بشيء سيء على وشك الحدوث!!
____________
في صباح اليوم التالي في منزل عاصم ، ربما لم يذق اي منهم للنوم طعما ، عدا مراد الذي كان نائما من الأساس قبل أن يأتوا ، الجميع صامتون لا طاقة لهم لأي كلام ، حلم لا تجد ما تقوله ، منذ أن أخبرها عاصم بما حدث وهي صامتة لم توجه له كلمة واحدة ، وحسين لازم غرفته بعد ما حدث بينه وبين چوري بالأمس ، أما زين فكان يشعر بالألم والخوف والذنب
الخوف على عمار فهو حتى لا يعرف كيف حاله الآن ، الذنب الذي ألقته عليه چوري ، والألم على حال شقيقه حسين الذي خسر الفتاة التي يحب بسببه ، كلما أغمض عينيه تظهر أمامه صورة عمار والرصاصة في صدره فيستيقظ مذعورا ، حين فتح عينيه مذعورا تلك المرة أصفر وجهه حين رأى أمامه جاسر مهران ومعه أبيه ، ابتلع لعابه ينظر لأبيه وكأنه يستنجد به ليتحدث جاسر بهدوء :
- ما تقلقش يا زين أنا مش هأذيك عشان خاطر عاصم مش عشانك ، أنا عايز تحكيلي كل حاجة من طقطق لسلام عليكم من غير ما تنسى أي تفصيلة مهما كانت صغيرة 
ابتلع زين لعابه متوترا ، ليته يقدر على إخباره عن عمار حتى ينقذ شقيقه من براثن نصار :
- حضرتك أنا ما أعرفش حاجة غير اللي انتوا تعرفوها ، وأنا طفل صغير اتربيت في بيت جلال المهدي ، الله يرحمه كان راجل طيب ومحترم جدا وبيعاملني زي ابنه ، لما كبرت و دخلت كلية هندسة سافرت عشان كانت في محافظة تانية ، وكنت بتصل أسأل عليهم كل فترة ، وفجاءة لقيت كل حاجة اتغيرت ، واللي عُدي عمله حاولت ابعد أذاه عن طرب وملاك إكراما حتى للراجل اللي رباني، بس ما عرفتش ...وبعدين عرفت صدفة أنهم بيتفقوا على حسين وچوري عشان كدة قدمت في الشركة يعني عشان ابقى قريب منهم قولت يمكن أعرف انقذهم هما ، صدقني دا اللي حصل وتقدر تسأل حتى تهاني عن التفاصيل دي

ظل صامتا لعدة لحظات قبل أن يردف بهدوء :
- تهاني اتقتلت امبارح !!

في طرقات المستشفى يتحرك بخطى متلهفة سريعة صوب غرفة ولده ، قلبه يطرق بعنف وكأنه سيراه للمرة الأولى مثلا ... فتح باب غرفته ليبصر ولده مضجعا على فراشه يستند برأسه إلى وسادة خلفه يغمض عينيه وهناك قطرات دموع تتسلل إلى وجهه اقترب منه جلس مجاورا له ليفتح جواد عينيه يبتسم لأبيه ابتسامة شاحبة بسيطة مجهدة ، أما عمرو فمد يده إلى جواد يشجعه :
- قوم يلا بقا ، هات ايدك 
نظر جواد لأبيه عدة لحظات قبل أن يمد مف يده إليه جذبه عمرو عن الفراش برفق ، وقف جواد على قدميه ينظر إليه حائرا عينيه غائرة ، اسنده عمرو إلى المرحاض يعطيه حقيبة صغيرة يغمغم :
- فيها هدوم ، خد دش وغير هدومك ، لأن إحنا مش هنروح دلوقتي يلا 
ألتقط جواد الحقيبة من أبيه ابتسم يومأ برأسه 
دخل إلى المرحاض يحاول أن يتماسك وقف أسفل المرش الصغير تتساقط المياة على روحه المنهكة الحزينة ، انتهى بعد مدة طويلة نوعا ما ، نظر إلى انعكاس صورته المنطفأة في المرآة وابتسم يتحدث إلى انعكاس صورتها الذي صوره له مخيلته بنبرة خاملة حزينة :
- أنا مش هنساكِ أبدا يا نور هتفضلي في قلبي طول العمر ، مستحيل هحب بعدك ... أنتي قولتيلي قبل كدة أنك نفسك إني اتغير وأنا ضحكت واتريقت وقولتلك أنا أحسن واحد ممكن تقابليه في حياتك ، أنا أسوء واحد ممكن تقابليه في حياتك ، بس أوعدك اني هتغير وهبقى شخص تاني ، هصلح علاقتي بكل واحد زعلته أو سمع مني كلمة وحشة ، هتعذر للكل وهطلب منهم كلهم السماح ، مش هنساكِ أبدا يا نور لآخر لحظة في عُمري 
تحرك صوب باب المرحاض فتحه وخرج إلى أبيه الواقف ، رأى كيف ابتسم سعيدا حين رآه ليبادله الابتسامة بأخرى شاحبة ... اقترب عمرو منه ودون مقدمات جذبه إليه يعانقه بقوة يعتذر منه مرارا وتكرارا ، ابتسم جواد يغمض عينيه قبل أن يبتعد عن أحضان أبيه حين فُتح الباب ودخلت مرام تغمغم حانقة :
- جواد أنا جبتلك عصير وهتشربه مش بمزاجك
وسكتت حين رأت أبيها أمامها ، عقدت جبينها لا تفهم ما يحدث ولكنها نظرت إلى جواد تحادثه :
- أنا برة ، اشرب العصير لو سمحت 
التفتت لتغادر لتسمع صوت جواد يطلب منها البقاء :
- استني يا مرام ، استني عشان خاطري
وقفت والتفتت لهم ، اقترب جواد منها يحرك ساقيه بجهد شاق وقف أمامها يحادثها مترفقا :
  - مرام أنا وأنتي اعترفنا أننا غلطانين وبعد ما كنا ما بنطقش بعض حرفيا ، بقيتي أهم واحدة عندي في الدنيا ، وقررنا نبدأ صفحة جديدة صح ؟ ، بابا كمان عاوز يبدأ معانا صفحة جديدة ، أنا عارف إني آخر واحد ينصح ، بس اعتبريها بداية جديدة من كل النواحي ، كفاية صرعات بقى 
ومن ثم نظر جواد إلى والده الذي أسرع إلى ابنته فابتعد جواد للخلف ، نظر عمرو لابنته حزينا ، قرار آخر خاطئ كاد أن يدمر حياتها أخذه في لحظة غضب منها تنهد بقوة يعتذر منها :
- أنا آسف يا مرام ، أنا عارف إن اللي عملته دا غباء ، كنت هيضعك خالص ، أنا بجد آسف
رفعت مرام عينيها تنظر إلى أبيها لتتدافع الدموع إلى عينيها تنهمر على وجهها تصرخ في وجهه بحرقة :
- لاء أنا مش مسمحاك ، أنت نفيتني بعيد ، بعدتني مع راجل غريب أنا ما اعرفوش وأول مرة اشوفه في حياتي، أنا كنت مرعوبة وأنا معاهم لوحدي ، ما كنتش بنام طول الليل من الخوف ، خايفة يدخل في أي لحظة يضربني ولا يعتدي عليا ، هو ما عملش كدة بس أنا كنت خايفة أوي ، والست المجنونة أمه دي كانت بتعاملني وحش أوي وضربتني مرة ، أنا مش مسمحاك ، أنا كنت خايفة أوي أحمق صاحب قرارات خاطئة تُدرس للعبرة منذ الصغر ، نظر لابنته الباكية أمامه ويقسم داخله على أنه سيلقن توحيد درسا لن تنساه على ضرب ابنته ، مد عمرو كفيه يمسك بذراعي ابنته برفق يعتذر منها مرارا وتكرارا :
- أنا آسف حقك عليا يا بنتي ، كان قرار غبي ومتهور ، أنا ما كنتش عاوز اعترف اني فشلت كأب فكنت عمال الطش شمال ويمين وما بعملش حاجة غير اني بأذيكوا بس ، حقك عليا يا مرام ، أنا هخلي سليم يطلقك ، وتوحيد هدفعها التمن غالي أوي 
حركت مرام رأسها للجانبين بعنف تحاول أن تبتعد عنه ترفض مسامحته تنهمر دموع عينيها ، نظر عمرو إلى جواد يطلب منه المساعدة ، ابتسم جواد يشير لأبيه بأن يحتضنها ، تردد عمرو بضع لحظات وفي اللحظة التي كادت مرام أن تبتعد عنه جذبها إلى أحضانه يعانقها ، نزلت دموع عينيه هو الآخر يترجاها أن تسامحه:
- حقك عليا يا مرام أنا آسف سامحيني يا بنتي 
تجمدت مرام بين أحضان والدها لعدة لحظات قبل أن تغمض عينيها تنهمر دموعها تقبض يديها على سترته تتمسك به بقوة 

بعد مرور بعض الوقت ، دخلت روان إلى المستشفى تتحرك صوب غرفة ولدها ، لا تفهم حقا أين الجميع حين وصلت للغرفة سمعت صوت ضحكات عمرو العالية تأتي من الداخل قطبت جبينها مدهوشة فتحت باب الغرفة لترى عمرو يجلس على فراش جواد وجواره مرام ، وجواد الذي من المفترض أن يكن هو المريض يجلس على مقعد أمامها ، أما عمرو فكان يحكي شيئا ما ويضحك:
- بس يا ستي ، جبتلها أكل من أشهر مطعم فيكي يا بلد ما أنا كنت لسه قابض بقى ، قامت مرجعة في كيس الأكل ، وكلت 4 فول و4 طعمية لوحدها 
توسعت حدقتي روان حين أدركت أن عمرو يتحدث عنها لتغمغم حانقة تدافع عن نفسها :
- على فكرة بقا المطعم دا أصلا أكله مش حلو وغالي على الفاضي وإحنا مقاطعينه!! من سنين 
 وبعدين أكلي أحلى كدة كدة
ضحك عمرو عاليا يومأ برأسه نزل من الفراش توجه إليها ، يلف ذراعه حول كتفيها يردف ضاحكا :
- على يدي يا حبيبتي ، فاكر البيض اللي كان بيلزق في الحيطة ، ولا الكيكة المحروقة اللي كنت بفطر منها كل يوم الصبح عشان بس ما تعيطيش 
ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتي جواد ينظر لشقيقته تحديدا وهي تضحك على ما يحدث ، يشعر بالوهن والهزال ولكنه يبتسم رغم ذلك وهو يتابع ضحكات مرام وسعادة والدته ، وينظر إلى أبيه 
______________
عليه العودة للعمل في المستشفى من جديد ، كما أن عليه العودة للعيش معهم في المنزل ، والده غاضب للغاية من هجره لهم بلا سبب ، تأكد من إغلاق كل شيء في المنزل جيدا ، من يعلم فربما لن يعود قريبا ، توجه إلى باب المنزل ما أن فتحه رأى مليكة تقف عند المصعد تطلبه ، ابتسم يُغلق الباب توجه إليها يغمغم سريعا :
- صباح الخير ، أنتِ امبارح فهمتي الوضع غلط صدقيني ، أنا صعب عليا عياطك رغم أني شخص مش emotional ، وعايز اقولك كمان إني عمري ما شوفتك سهلة ولا الكلام اللي فهمتيه دا خالص ، وأنا بجد آسف لو اللي حصل دا ضايقك 
نظرت إليه تبتسم ، لو يعلم أنها تود أن تعتذر هي له لما بادر هو ، حركت رأسها تنهدت تردف :
- حصل خير ، هي كانت ليلة غريبة ومخيفة والحمد لله أنها عدت على خير 

ابتسم جاسر يحرك رأسه ، ها قد أتى المصعد وفتح الباب تراجع خطوة للخلف لتتقدم هي ومن ثم دخل هو ، ضغط على رز الطابق الأرضي يلتفت لها يغمغم :
- ما تركبيش الأسانسير مع راجل غريب ، أحسن النور يقطع عليكي جوا ، دايما بقولها لأريچ 
ابتسمت في بداية الأمر تحرك رأسها ولكنه عندما ذكر اسم أريچ تضائلت ابتسامتها شيئا فشيء ، أيعقل أنه يراها فقط كأريچ !! وقفت بعيدًا تفكر ساخرة ، ودائرة أفكارها تلقيها داخلها وتسخر منها تخبرها بأن الحلم الذي تحلم به ليس لها بهِ حق من الأساس ، رفعت عينيها تنظر صوب جاسر في تلك اللحظة كان ينظر في ساعة يده فلم يلاحظها ، وتسألت هي في نفسها لما ليس لها به حق ، ما الذي ينقصها 
لا شيء إذا ذلك الحلم حق أصيل لها ، تنهدت بعمق تقبض على ذراع حقيبتها حين سمعت صوته :
- تحبي اوصلك في طريقي ؟
رفعت وجهها إليه تحرك رأسها للجانبين تشكره :
- لاء شكرا أنا طلبت عربية ومستنياني 
ابتسم يومأ برأسه ، دس يده في جيب سرواله من جديد يفكر في حديثه مع جاسر ، يود أن يخبرها أنه يرغب في التقدم لخطبتها عله يدرك حقيقة مشاعره أكثر ولكنه يخشى من مشاعره تلك ، ماذا أن لم يحبها وهو يعرف أنها تحبه ؟ المعادلة صعبة وهو لا يود كسر قوارير قلبها التي بالكاد تتماسك ، فتح حقيبة يده التي تحوى حاسوبه المحمول وعدة أوراق وأشياء أخرى ، أخرج منها قطعة حلوى في الأغلب أريچ من وضعتها في الحقيبة ، التفت لها يمد يده لها بها يردف مبتسما :
- اتفضلي 
وقف المصعد وفتح بابه ، خرجت أولا وهو من بعدها وقفت أمامه ابتسمت تشكره أخذت قطعة الحلوى من يده تبتسم له ، قبل أن تغادر سريعا ،وقف هو مكانه يتنهد حائرا رفع يده إلى شعره يردف :
- وبعدهالك يا دكتور جاسر أول مرة تبقى محتار كدة 
خرج إلى سيارته ، دخل إليها ليمد يده يمسح على عجلة المقود يحادث السيارة :
- شكلي كدة قريب هحب حد أكتر منك يا غالية 
وأدار المحرك وانطلق إلى المستشفى 
حين وصل لهناك وجد أبيه في الحديقة الخارجية الملحقة بالمستشفى يبدو أنه كان يتفقد شيئا ما ، اقترب جاسر منه ليلتفت ياسر إليه يردف ساخرا:
- لاء مش معقول دكتور جاسر بجلالة قدره ، قرر أخيرا أنه يتعطف علينا ويرجع شغله ، دا أنا هنفخك في الشغل الفترة الجاية

ضحك جاسر يقترب من أبيه يردف ضاحكا:
- طب استنى بس دا أنا حتى جايبلك خبر حلو ، البت المقروضة أريچ متقدملها عريس وعايز منك ميعاد عشان يجي يتقدم 
قطب ياسر جبينه بات قلقا من فكرة زواج ابنته ليصبح الصهر الجديد مثل ذاك الوغد مصطفى ، وجه تركيزه لجاسر يسأله :
- مين دا ؟ ويعرف أريچ منين ؟ ، حد من صحابك
حرك جاسر رأسه بالإيجاب يردف بهدوء :
- آه سامر ، أكيد أنت فاكره ... أنا كجاسر مبدئيا موافق عليه ، هو شاب محترم وأخلاقه عالية ، بس طبعا دا قرار أريچ في الأول وفي الآخر ، المهم حددلي ميعاد عشان أقوله يجي فيه ، عشان هو مش مبطل زن 
خرجت ضحكة صغيرة قلقة من بين شفتي ياسر قبل أن يتنهد يحرك رأسه موافقا :
- ماشي خليه يجي النهاردة على 9 كدة ، وأنت طبعا هترجع البيت تاني والنهاردة يا جاسر ما فيهاش نقاش دي ، لما تدخل مكتبك هتلاقي ملفات الحالات مستنياك 
ومن ثم التفت وقبل أن يغادر عاد يلتفت إلى ولده يسأله :
- صحيح ، هو البيه مش ناوي لا يخطب ولا يتجوز بقا ولا ايه !!
__________
في منزل عاصم
انفتح زين في البكاء بعنف ما أن سمع خبر مقتل والدته ، رغم أنها كانت أبشع مما يتصور عقل يكفي ما يلاقيه شقيقه بسببها ولكنها تظل والدته وكان يتمنى أن تتراجع عما تفعل ولكن ذلك لم يحدث وها هي قد رحلت للأبد ، يقسم لو أن عمار مكانه لكان ضحك سعيدا ولكنه لن يفعل ، هو فقط كان يتمنى لو تحدث معجزة تغير من والدته ، نظر عاصم إلى ولده حزينا أما جاسر فتعجب كثيرا فتعجب كثيرا من بكاء الفتى ، تهاني ليست بالأم الحنون ليبكي عليها لتلك الدرجة ، اقترب عاصم منه ليرتمي زين بين أحضانه يتشبث به ويبكي ، ظل هكذا إلى أن دخل مراد للغرفة يود أن يرى ذلك الشقيق الذي ظهر في حياتهم فجاءة دون مقدمات ، حين رأى ذلك الشاب بين ذراعي أبيه يبكي وينتحب ، حمحم مراد يلفت انتباهم إليه ... التفت عاصم إليه يغمغم سريعا :
- كويس أنك جيت يا مراد خليك جنب أخوك 
وأنا هجبلكوا الفطار
 حرك مراد رأسه يوافق أبيه ، قام جاسر وعاصم لخارج الغرفة متجهان ، وقف عاصم أمام جاسر يسأله :
- اتقتلت إزاي !!
Flash back
تحركت السيارة التي بها عُدي وبعض من رجال جاسر تسبق السيارة التي بها تهاني والجزء الثاني من رجال جاسر على الطريق الصحراوي الفارغ بعد منتصف الليل ، في منتصف الطريق ظهرت سيارة أخرى تلحق بالسيارة التي بها تهاني ، خرج رجل ملثم من ناقذة السيارة يطلق الرصاص على السيارة الأخرى ، حاول رجال جاسر تفاديها ولكن يبدو أن من في السيارة كان عازما على إنهاء مهمته ، لم يتوقف عن إطلاق الرصاص الذي اخترق كل جوانب السيارة ومنها الإطارات إلى أن وقفت السيارة مرغمة في منتصف الطريق ، أطلق رجال جاسر الرصاصات كرد فعل على ما يحدث وهنا كانت الخدعة ، في لحظة انشغال رجال جاسر في الدفاع عن أنفسهم ، كان يقطن على سطح مبنى ليس بقريب منهم قناص محترف في يده بندقية حديثة الطراز يوجه هدفه صوب تهاني المختبئة في السيارة تصرخ من الخوف مما يحدث ، رصاصة بدقة عالية أصابت صدرها في لحظة لتشهق شهقة عالية وتجحظ مقلتيها ، و انسحبت السيارة تختفي كما ظهرت
Back
قطب عاصم جبينه مدهوشا قبل أن ينظر لجاسر يغمغم :
- حد قاصد يقتل تهاني ، بس مين هيعمل كدة ، مستحيل يكون عُدي 
شردت عيني جاسر في الفراغ عدة لحظات قبل أن يحرك رأسه للجانبين يردف :
- لاء مش عُدي ، عُدي أهبل من أنه يعمل كدة ، عُدي اصلا اللي كانت محركاه تهاني ، دا حد تاني خالص فاكر كلام تهاني في الحفلة لما قالتلي أنه راجع عشان ينتقم وياخد حقه وكل اللي قالته دا ، في شخص تالت لسه مستخبي في الضلمة ، لما حس أن تهاني ممكن تفضح سره قتلها ، وبنسبة كبيرة أوي الشخص اللي ورا تهاني ... بس مين الشخص دا ؟!!
وبعد صمت طويل من كلاهما نظر جاسر إلى عاصم يسأله :
- صحيح ما قولتليش رد فعل حلم لما عرفت أن عندك ابن ، تقبلت وجوده ولا رفضت 
تنهد عاصم حائرا يرفع كتفيه لأعلى لا يعرف بما يجيبه :
- مش عارف يا جاسر أنا من ساعة ما قولتلها إمبارح وهي ساكتة تماما ، المهم أنت طمني على رعد ، هو كويس بعد اللي سمعه إمبارح
تنهد جاسر ينهش القلق قلبه ، فكرة أنه لا يعرف حتى أين هو ترعبه ، وطرب المسكينة لا ذنب لها ، الحمقاء فقط لو كانت أخبرته ما كان حدث ما حدث نظر إلى عاصم يردف قلقا :
- ما اعرفش هو فين ، بس هحاول أوصله بأي شكل ، خلي عينك على زين ... يمكن الشخص اللي ورا تهاني 
يحاول يهدده أو يضغط عليه بحاجة ، إحنا لسه مش عارفين أحنا بنتعامل مع مين ، واتكلم مع حلم ما تسيبهاش ساكتة كدة ، هو حسين فين صحيح !
_____________
بعيدا في شقته البعيدة عن الأعين كان يهذي بين الوعي واللاوعي ، يشعر بالألم يأرجحه ومن ثم يدفعه أرضا ولهيب من نار يصفع جسده كالسوط وربما أشد قسوة ، وفجاءة تختفي تلك الألم تنسحب رويدًا رويدا ، فتح مقلتيه قليلا يتأوه من شدة الألم ليبصر وجه فتاة قريب منه تضع شيء ما على جبينه توترت حين استيقظ عادت خطواتها للخلف تنظر إليه مرتبكة أما هو فمد يده إلى جبينه يزيح ما عليه ليجد قطعة قماش مبللة بمياه باردة ، ابتعدت الفتاة عنه بعيدا تعلو بصوتها :
- يا بابا دا صحي 
بابا !! ما العبث الذي يحدث هنا ؟ ، ومن هؤلاء من الأساس ؟! ، لحظات ودخل رجل هنا تذكره عمار ، ذلك هو الطبيب الذي أنقذ حياته وأخرج الرصاصة من صدره ، وتلك الفتاة هي ابنته ،  ولكن السؤال ما الذي يفعله كلاهما هنا ... اقترب الرجل منه جلس أمامه يفتح مقياس حرارة يضعه في فمه وهو ينظر إليه متعبا مشوشا ، دقيقة وأطلق المقياس صافرته نظر الرجل لسطح شاشته ليتنهد يتحدث أخيرا  :
- الحمد لله الحرارة طبيعية ، دا أنت بتفرفر من السخونية من كام ساعة ، أنا مش قايلك يا ابني لازم حد يبقا جنبك عشان يديك العلاج ويعملك كمادات ، كنت هتروح فيها بس الحمد لله ربنا ستر ، استند عليا عشان تقعد لازم تاكل وام رقية هتجبلك الأكل حالا 
نقل عمار عينيه ينظر إليهم متوترا ، من هؤلاء ولما يقتحمون حياته بذلك الشكل ، حرك رأسه للجانبين حاول التحدث فبالكاد خرج صوته :
- لو سمحت امشي ، أنا هبقى كويس 
تفاجئت رقية كثيرا من وقاحة الشاب أمامها ، بدلا من أن يشكرهم والده لم يغمض له جفن طوال الليل بسببه ، أما محسن والد رقية فجل ما فعله أنه حرك رأسه للجانبين يتحدث بهدوء :
- ماشي يا سيدي هنمشي بس بعد ما تاكل وتاخد علاجك ، ضميري ما يسمحليش اسيبك مرمي كدة لحد ما تموت ، هات ايدك اسند على ايدي يلا 
توتر عمار كثيرا مما يحدث ، استند على ذراع الرجل وانتصف جالسا ليجد ذلك المدعو يضع وسادة وثيرة خلف ظهره ، كاد أن يقول شيئا حين دخلت سيدة تقريبا في منتصف الأربعينات تشبه تلك الفتاة الواقفة بعيدا او تلك الفتاة هي من تشبهها تحمل بين يديها صينية طعام متوسطة الحجم وضعتها أمامه على الفراش لم يهتم بما على سطح الصينية ، حين سمعها تحادثه بنبرة حانية عطوف :
- كُل يا ابني ما تتكسفش ، ربنا يشفيك ويعافيك وتقوم بالسلامة يارب 
توتر أكثر ، ينظر إليهم مرتبكا ولا ريب من كلمة خائفا ، لما يهتمون لأمره وهم لا يعرفونه أصلا ، لما تبتسم تلك السيدة في وجهه وكأنه كان ولدها المسافر منذ أعوام وعاد توا ، لما ظل الرجل جواره ساهرا طوال الليل ، لما حين استيقظ رأى تلك الفتاة الواقفة بعيدا تضع قطعة قماش مبتلة على جبنيه ، ما الذي يحدث هنا ، اجفل حين ربت الرجل على كتفه بخفة يحادثه مترفقا :
- مالك يا ابني ، كُل يلا عشان تاخد علاجك 
تسارعت أنفاسه يحرك رأسه للجانبين ينقل رأسه بينهم قبل أن يخرج صوته مرتعشا :
- أنا مش عاوز حد ، لو سمحتوا خدوا الأكل دا وامشوا ، وشكرا أوي على اللي عملتوه عشاني ، ارجوكوا اتفضلوا 
ذاك الشاب أمامها يُخفي سرا ، تعرض للأذى مثلها ... خائفا يلتفت حوله نبرته ترتعش 
أما والدها فقرر بحزمه المعتاد أن يوقف ما يحدث فنظر إليه يحادثه محتدا :
- إنت مش عيل صغير وكل عشان تاخد العلاج ، ولما تخف يا سيدي مش هتشوق خلقتي ، رقية خدي والدتك وارجعوا الشقة 
_____________
في منزل جاسر مهران .. تحديدا في غرفة چوري ، جلست على سطح فراشها ضامة ركبتاها لصدرها تتساقط الدموع من عينيها عينيها شاردة تتنقل بين أركان الغرفة ، بداخلها نصفين يصرخان فيها ، أحدهما يخبرها بأنها حمقاء غبية تهدم حياتها تأخذ حسين بذنب لا ذنب له فيه ، والآخر يصرخ في النصف الأول يخبره أن يصمت فما عانته كان أبشع مما يمكن تصوره ، يكفي أنها لا تزال تشمئز من نفسها كلما تذكرت ما حدث ، رفعت كفيها تُخفي وجهها تبكي بحرقة ، سمعت صوت خطوات تقترب منها رفعت وجهها سريعا تنظر لمن دخل لترى مريم شقيقتها الصغرى تقترب من فراشها جلست بالقرب منها ،رفعت يدها تضعها على كتفها نظرت إليها متوترة قبل أن تهمس مرتبكة :
- مالك يا چوري بتعيطي ليه ، ماما قلقانة عليكِ أوي ، دا بتقولي أنك قاعدة سرحانة وحزينة ما تعرفش أنك منهارة كدة من العياط ، أنتي متخانقة مع حسين 
هي اشتاقت لحسين ، قلبه ينهرها بعنف يخبرها أن تتواصل معه تخبره أنها تراجعت عما قالت ولا تود الإنفصال ولكن ذكريات ما حدث لها تقف بالمرصاد تمنعها من فعل ذلك
نظرت لشقيقتها للحظة واحدة قبل أن ترتمي بين أحضانها تنفجر في البكاء ، ضمتها مريم إليها تسألها مذعورة :
- مالك يا چوري ، حصل ايه طيب ، طب خلاص مش هسألك بس اهدي بالله عليكي اهدي 

في الغرفة القريبة منهم غرفة يوسف ، يستند يوسف إلى عكازه يتحرك يسارا ويمينا بعصبية حركات عشوائية غاضبة ووليد يقف بالقرب منه يحاول أن يجعله يهدأ :
- يا ابني اهدا ، يا يوسف اهدا أنت لسه تعبان ، مش معنى أن أختها عملت كدة ، أن هي كمان هتعمل زيها ، ملاك لسه عيلة صغيرة ، وبعدين هي ملاك بتخرج اصلا
وقف يوسف فجاءة ينتفس بعنف احتدت عينيه حين تذكر مشهد شقيقه ونظرات الألم تذبح مقلتيه ، رفع رأسه إلى وليد وصاح غاضبا :
- ما هي خلاص عملت العملية بكرة تخرج وتروح وتيجي ، أنت ما شوفتش شكل رعد ، رعد طول عمره مسالم هادي ، رعد عمره ما حب ولا عرف بنت وهي أول حب في حياته ، رعد اتدبح منها ، أنت ما شوفتش شكله وهو ماسك المسدس وهما خايفين على الهانم ما حدش فيهم بص في عينيه ، ما حدش فيهم شاف الوجع وهو بيصرخ ، أنا مش هسمحلها تعمل زي أختها 

شعر وليد بالقلق من تهديد يوسف الصريح والمخيف في الآن ذاته ، تحرك إليه يغمغم بحذر :
- إنت ناوي على ايه يا يوسف ، يوسف ما تاخدش البت بذنب أختها 

ضحك يوسف ساخرا تحركت بعيدا تشرد فيما سيفعل ، قبل أن ترتسم ابتسامة ملتوية على شفتيه يردف متوعدا :
- بكرة تشوف أنا هعمل إيه ، لما أخلع ريشها ريشة ريشة عشان ما تعرفش تطير برة حدود إيديا ولا حتى سنتي واحد 
شعر وليد بالقلق على ملاك فيبدو أن ما يدور في عقل يوسف ليس بهين على الإطلاق 

وفي الغرفة القريبة من غرفة يوسف ، تقبع غرفة ملاك التي ترتعش بين أحضان والدتها خائفة على شقيقتها :
- طرب يا ماما ، تفتكري رعد هيأذيها ، أنا خايفة عليها أوي 
انهمرت الدموع من عيني كاملا خوفا على ابنتها ، تحاول أن تواسي الأخرى  :
- لا يا حبيبتي ، رعد طيب وبيحبها ومش هيأذيها هو بس زعلان منها عشان فاهم ، هما هيقعدوا ويتكلموا وهيفهم وهيرجعوا قريب ، وهنفرح كلنا خلاص أملاك جلال رجعت لينا تاني ، وهنرجع بيتنا القديم يا ملاك ، رفعت ملاك رأسها عن أحضان والدتها تحرك رأسها للجانبين تردف بحرقة:
- لا يا ماما أنا شوفته من الشباك ، كان حاطط المسدس على دماغه ، يا ماما طرب اتبهدلت أوي عشاني ، أرجوكي خليها ترجع 
نظرت كاملا إلى ابنتها مشفقة حزينة ، دق باب الغرفة في تلك اللحظة حين أذنت للطارق بالدخول ظهر يوسف ، دخل إلى داخل الغرفة يوجه حديثه إليهم مترفقا :
- مساء الخير أنا آسف للإزعاج ، أنا بس كنت جاي اتطمن عليكوا ، وابشركوا اني قربت أوصل لرعد واحد صاحبي شافه في محيط منطقة يعرفها وطلبت منه أنه أول ما يشوفه تاني يبلغني ، وما تقلقوش على طرب رعد بيحبها واللي بيحب ما بيأذيش
ومن ثم حرك عينيه ينظر إلى ملاك التي تطالعه بنظرات متوترة للغاية ليبتسم لها يطمأنها أن كل شيء بخير في وجوده !
أما هناك في صالة المنزل الكبيرة لا تنفك رؤى تحاول الاتصال برعد ، يكاد قلبها يقف خوفا عليه ، وقفت في منتصف الصالة تقضم أظافرها تحرك ساقيها بتوتر شديد ، تنظر للصغيران أمامها وهما يلعبان ، وكم تمنت في تلك اللحظة أن يعد جميع اولادها أطفال كسليم وياسين لا يعون من غدر الحياة شيء 
القت هاتفها على الأريكة بعنف ، جلست هناك تهز ساقيها متوترة تكاد تبكي من الخوف ، تحرك سليم الصغير إليها ، تسلق الأريكة يدس نفسه بين أحضانها بسط كفه الصغير على وجنتها يتحدث :
- ماما أنتي زعلانة من سولي 
رغما عنها خرجت ضحكة صغيرة من بين شفتيها ، حركت رأسها للجانبين تحادثه مترفقة :
- لا يا حبيبي ، مش زعلانة منك ، ولا من ياسين يلا انزل العب 

أخيرا ظهر جاسر بعد غياب ساعات ، تحركت إليه ما أن رأته تصرخ في وجهه دون مقدمات :
- إنت فين يا جاسر بتصل بيك من بدري ، لقيت رعد قولي أنك لقيته ، قلبي واكلني عليه أوي 
تغاضى عن صراخها الزائد عن حده رفع يده يربت على كتفها برفق يردف :
- قربت الاقيه ، أنا طالع لچوري
تجاوزها وهي تكاد تنفجر غيظا منه ، وصعد لأعلى توجه إلى غرفة چوري ليرى مريم تخرج منه اقتربت منه ما أن رأته تغمغم سريعا :
- بابا كويس أنك جيت ، چوري منهارة من العياط خالص ، وماما متعصبة جداا ومش عايزة اقولها ، ويوسف معاه صاحبه ، أنا هروح اعملها عصير وهاجي على طول
تحركت تنزل لأسفل سريعا ، أمسك جاسر مقبض غرفة ابنته وفتحه ودخل ، قامت چوري ما أن رأته تنظر إليه تود أن تسأله وخائقة ، أما جاسر فتنهد بقوة يحادثها مترفقا :
- اللي انتي عوزاه خلاص حصل يا حبيبتي ، حسين طلقك ، ربنا يعوضك بالأحسن 
فعل ما طلبته ، لما قلبها انقسم إذا ، لما نفذ بتلك السرعة ، حاولت أن تتماسك أمام أبيها بقدر المستطاع رفعت يدها تمسح الدموع عن وجهها ترسم ابتسامة صغيرة على شفتيها تردف بهدوء :
- ويعوضه بالأحسن مني ، البداية كانت غلط فلازم تكون دي النهاية
________________
 وقفت سيارة عمرو أمام مكتب جواد المغلق منذ مدة طويلة نزل منها كل من جواد ومرام وهو ، تحرك عمرو يتقدمهم يفتح باب المكتب له ، ابتسم جواد شاحبا يتحرك صوب المكتب المظلم الخاوي ما أن وطأت قدميه داخل المكتب اشتعلت إنارة المكان وظهر جميع موظفي المكتب وهم يصرخون فرحين ، هو أكثر من أن يعرف أن ما يفعلون زائف ، وعلى الأغلب والده هو من طلب منهم فعل ذلك وفي الأغلب أيضا دفع لتلك الضحكات والابتسامات والتهاني ، كما دفع للزينة والبالونات والكعك 
اقترب يقف في بقعة فارغة ابتسم يتحدث فصمتوا :
- أنا واثق ألف في المية اللي انتوا عاملينه دا من ورا قلوبكوا ، أنا ما كنتش شخص كويس تفرحوا عشان هيرجع تاني ، أنا عارف إني كنت بني آدم سيء ومتعجرف ومغرور ، وأسلوبي تعاملي معاكوا بشع ، بس اقسملكوا أن كل دا هيتغير من اللحظة دي ، ومتشكر على الحفلة 
تقدروا تقطعوا التورت دي وتاكلوا وتروحوا وقت ما تحبوا لأن النهاردة ما فيش شغل ، عن إذنكوا 
وتحرك بخطى ثقيلة يكمل طريقه لمكتبه فتح إضاءة الغرفة ، نظر لمكتبه وهو يقف مكانه يبتسم ساخرا كلما تذكر ذلك الطاووس الذي كان يجلس هنا قبل فترة وجيزة ، وكيف قصت الحياة ريشه ليعتبر ، دخل إلى المكتب يجلس على المقعد المجاور له ، لم يجلس على مقعده 
لحقت به مرام ومعها أبيهم ، التفت جواد برأسه ينظر إلى والده يبتسم :
- شكرا على الحفلة 
ومن ثم نظر إلى شقيقته يحادثها :
- مرام الفترة الاخيرة العملا بدأت تقل بشكل ملحوظ ، واتقالي أن السوشيال ميديا بقت وسيلة لعمل دعايا وإعلانات لأي منتج أو عمل ، أنا عايزك تبقى مسؤولة عن الدعايا الخاصة بالمكتب ، بشكل مبتكر واعتقد أن موضوع زي دا مش هيبقى صعب عليكي ، وليكي مرتب ثابت

توسعت ابتسامة مرام ، الآن استطاعت أن تُعادل طرفي المعادلة حبها لوسائل التواصل الاجتماعي ، واستخدامه بشكل مفيد ، لمعت عيناها تغمغم سعيدة :
- موافقة جداا جدااا جدااا 
____________
المصائب لا تأتي فردا أليس كذلك وذلك ما حدث تحديدا حين توقفت سيارة فاخرة سوداء اللون في حديقة منزل جاسر مهران ونزل منها  تحرك ظ صوب باب المنزل يدقه بخفة فتحت له مريم الباب تسأله :
- مين حضرتك ؟
ابتسم في هدوء يزيح نظارته من فوق عينيه يضعها فوق رأسه ينظر إليها عن كثب جميلة تلك الصغيرة ، تلك مريم ابنته الوسطى ولها شقيق تؤام يدعى يوسف ، ابتسم لها ابتسامة خبيثة يسألها :
- جاسر باشا موجود 
اومأت برأسها مرتبكة من نظرات الرجل ليبتسم يردف :
- قوليله نصار يا حلوة !
شعرت مريم بالارتباك الشديد من نظرات الرجل الواقف أمامها ابتعدت للخلف تمتم متوترة :
- حاضر ثواني اقوله
وتركته واقفا أمامه تتحرك سريعا إلى مكتب أبيها رأته ينزل إليه قبل دقيقة ، دقت الباب ودخلت تغمغم سريعا :
- بابا في واحد اسمه نصار واقف برة عاوز حضرتك
لا ينكر جاسر أنه تفاجئ كثيرا من زيارة نصار له الآن ولكن الرجل يقف خارجا على باب منزله ، اقترب من ابنته يبتسم لها لف ذراعه حول كتفيها يحادثها :
- ماشي يا حبيبتي ، اطلعي أوضتك يلا
ابتسمت مريم لأبيها تومأ برأسها صعدت لأعلى 
في حين توجه جاسر صوب الباب فتحه يبتسم يرحب بمن يقف خارجا :
- اهلا اهلا نصار باشا نورتنا ، اعذرني على وقوفك هنا ، بس مريم بترتبك لما بتشوف حد غريب ، اتفضل اتفضل
وافسح له الطريق ليدخل ابتسم نصار يشكره توجه للداخل ليبصر طفلين صغار يلعبان أرضا يحاوطهم الكثير من الألعاب يعرفهم ، هو يعرف ويحفظ كل معلومة عن كل فرد هنا
ياسين وسليم أبناء جاسر التؤام الأخير الصغير المدلل ، يتردان روضة رائعة للأطفال تبعد عن هنا بمسافة نصف ساعة بالسيارة تذهب والدتهم معهم صباحا وتعود لأخذهم عند الثانية ظهرا ، مؤسف أن تذهب في أحد المرات ولا تجد لهم أثرا !!
لاحظ جاسر نظرات نصار المصوبة إلى الصغيرين ، ليحمحم فأجفل نصار من شروده نظر إلى جاسر وابتسم :
- ما شاء الله دول ولادك ؟
رسم جاسر إبتسامة صغيرة على شفتيه يومأ برأسه :
- ايوة ياسين وسليم آخر العنقود ، من هنا يا نصار باشا اتفضل 
وتحرك جاسر أمامه إلى غرفة مكتبه ، دلف نصار إلى غرفة المكتب ينظر لها ككل بنظرة سريعة قبل أن يجلس على الأريكة وجلس جاسر على مقعد مقابل له يردف مبتسما :
- نورت والله يا نصار باشا ، قبل أي كلام تشرب إيه
ابتسم نصار يضع عصاه جواره يردف بنبرة ودودة للغاية :
- لو ما فيهاش تعب ، قهوة مظبوط 
اومأ جاسر برأسه قام وخرج من المكتب في تلك اللحظة حرك نصار عينه على كل تفصيلة في المكتب أمامه ، قام من مكانه يتوجه صوب مكتب جاسر رأى على مكتبه ثلاثة إطارات كل واحد منهم يحوي صورة اثنين من أبنائه ، رعد وچوري ، يوسف ومريم واخيرا ياسين وسليم 

التقط الإطار الذي به صورة يوسف ومريم يركز عينيه مع صورة مريم يتطلع بتركيز شديد إلى صورة تلك الصغيرة الجميلة ابنة الشيطان ، فاتنة بحق ، جميلة كتفاحة نضرة في بستان طاهر محرم يحرسها الشيطان نفسه وعليه أن يتسلل من خلف ظهره ليتذوق لذة تلك التفاحة التي تودي بالجميع إلى الهلاك منذ قديم الأزل 
أجفل حين سمع صوت الباب يُفتح ، وضع الصورة من يده وأمسك تحفة أثرية قديمة ينظر إليها وكأنه يتفحصها ، التفت إلى جاسر ينظر إليه يشير للتحفة في يده يعينيه يتحدث :
- جميلة أوي ، شكلها حقيقة بجد ، أنا بعتذر جداا بس شكلها لفت نظري
ابتسم جاسر بهدوء يومأ برأسه وضع صينية القهوة على الطاولة يعود لمقعده :
- ما هي حقيقية فعلا ، هدية من صديق 
اتفضل القهوة 
عاد نصار أدراجه يجلس على الأريكة التقط فنجان القهوة يرتشف منه القليل قبل أن يضعه مكانه يوجه انظاره لجاسر ابتسم يتحدث بهدوء:
- بصراحة ومن غير مقدمات أنا من ساعة ما رجعت مصر واشتريت الشركة دي عشان أعمل لنفسي بيزنس خاص وببحث في السوق عن شركة أقدر اشاركها وأنا انبهرت حقيقي بمجموعة شركات مهران وبمدى تفوقها وذكاء صاحبها ، اللي عمل كل دا من الصفر 

لاحت ابتسامة ساخرة صغيرة على شفتي جاسر يومأ برأسه قبل أن فنجان القهوة إلى فمه يرتشفه منه القليل يردف :
- من الصفر ، اااه
حمحم نصار قبل أن يضع الفنجان من يده يبرر موقفه سريعا :
- صدقني أنا ما كنتش أعرف أن عُدي سارق أملاك أخوه لو كنت أعرف ما كنتش شاركته ، وبعد اللي عمله في الحفلة أنا لغيت الشراكة معاه ، أنا بس شخص بيحب يتعجل الخطوات ، ما بحبش امشي من الصفر زيك فقولت شراكتي لشركات المهدي هتفيده وهتفديني 
ابتسم جاسر يضجع بظهره إلى ظهر المقعد يضع ساقا فوق أخرى يردف بهدوء :
- أنا عارف أنك ما تعرفش اللي عمله عُدي ، بالعكس دا أنا بشكرك لأنه لما رفع عليا المسدس أنت منعته ، ورد للجميل دا ، أنا مستعد اشاركك واعلمك أصول الشغل لحد ما تكبر في السوق
توسعت حدقتي نصار اندهاشا أجاد رسمه على وجهه قبل أن يحرك رأسه للجانبين يغمغم سريعا :
- صدقني أنا مش جاي اطالبك بأي جمايل ، ولا أي حاجة من الكلام دا ، أنا حقيقي عاوز اتعرف عليك ولو تسمحلي طبعا ويبقى ليا عظيم الشرف أننا نبقى أصدقاء ، إنما لا شراكة ولا جمايل ، حضرتك مش مضطر تماما تضيع وقتك ، أنا لو ما عرفتش اشتغل في سوق العقارات هبيع الشركة وأرجع امريكا وخلاص ، أنا بس كنت عاوز أكمل باقي حياتي هنا في بلدي 
ابتسم جاسر بهدوء ليقوم من مكانه جلس جوار نصار ، رفع يده يربت على كتفه بخفة يردف ضاحكا :
- أنت مرتبك ولا كأنك عريس جاي يتقدم لواحدة من بناتي ، ما نبقا أصدقاء وشركا يا عم فيها ايه يعني !!
_____________
في منزل علي وايمان ، تحديدا في غرفة ليان 
تقف أمام مرآة زينتها تتنفس بعنف تحاول أن تهدأ ، تشعر بالارتباك والدتها العزيزة أصرت على دعوة حنان على الغداء كما دعتها هي قبلا ، والدتها تصر على رد العزيمة كما يحدث في المسلسلات والأفلام ، أجفلت حين دخلت والدتها الغرفة لتلتفت ليان لها تغمغم مرتبكة :
- يا ماما ما كانش ليه لزمة حكاية رد العزومة دي ، وبعدين بصراحة بقا هي مش صاحبتي هي أخت زميلي في المكتب 
أغلقت إيمان الباب ومن ثم اقتربت من ابنتها وقفت أمامها تردف بهدوء :
- طب ما أنا عارفة خالك يومها شافك وأنتي خارجة من الشركة مع اللي اسمه شهاب دا وأخته الصغيرة ، وبعدين أنتي لما كلمتيني ما قولتليش أخت زميلي ، قولتيلي صاحبتي يعني أنتي اللي كذبتي على العموم ما بقاش في داعي للكلام دا لأن الناس زمانهم على وصول ، وعلى فكرة أخته هي اللي استأذنت أن هو يجي معاها 
ابتلعت ليان لعابها مرتبكة لا تفهم شيئا وتحاول ألا يذهب تفكيرها بعيدا عند تلك النقطة، أما إيمان فتركتها وخرجت ؛ لترى شريف يخرج من غرفته يستند إلى عكاز يده حركته لازالت صعبة للغاية وهو يرفض بشدة المكوث في فراشه ، ابتسم شريف يقترب من والدته يشاكسها :
-ايه يا إيمي ، حوار العزومة دا شكله في عريس للبت ليان
ابتسمت إيمان بخفة قبل أن تلتفت برأسها يمينا ويسارا بحذر عادت تنظر لشريف تحادثه بصوت خفيض :
- أقولك الحقيقة ، أخت شهاب هي اللي كلمتني قبل ما خالك يقولي اصلا ، وقالتلي أن أخوها عايز يتقدم لليان ، وأنا قولت لابوك قالي اعزميهم على الغدا نتعرف عليهم 
ضحك شريف عاليا قبل أن يردف :
- مخابرات في مطبخنا ، على العموم أنا جهزت ومستعد لتقمص دور أخو العروسة الرخم 
بعد عدة دقائق ، دُق جرس الباب قام علي من مكانه يفتح الباب ليبصر شاب ومعه فتاة تبدو أكبر منه بعدة أعوام على يدها طفلة رضيعة وفتاة صغيرة ابتسم يرحب بهم :
- اهلا وسهلا اتفضلوا نورتوا 
- ايه دا مش معقول شهااب عاش من شافك يا جدع 
جاء صوت شريف من خلف والده ابتسم شهاب هو الآخر حين دخل ليقترب من شريف يعانق كل منهما الآخر ضحك شريف من جديد يلف ذراعه حول كتفي شهاب يردف :
- فينك يا عم عاش من شافك ، سنين طويلة ما شفتكش 
كان علي هو أول من سأل :
- هو انتوا تعرفوا بعض 
نظر شريف إلى أبيه يومأ برأسه يغمغم مبتسما :
- ايوة أنا وشهاب كنا مع بعض 3 سنين ثانوية عامة وخصوصا 3 ثانوي كنا مسحولين ، فاكر ياض لما كنا بنطلع نجري في الشارع بعد درس الفيزيا عشان نلحق درس العربي ، بس لما دخلنا الكليات مقابلاتنا قلت ، وبعد التخرج كل واحد راح في رحلة حياته ، بس أنا بجد مبسوط جداا إني شوفتك تاني ، اتفضلوا واقفين ليه 
جلس الجميع في غرفة الصالون ، وشريف يجلس بالقرب من شهاب يتذكران ذكريات مراهقتهم أيام الثانوية ، دخلت إيمان تحمل صينية عليها أكواب العصير ترحب بهم ، قامت حنان تأخذ الصينية من بين يديها تضعها على الطاولة ، جلست إيمان بالقرب منها تنظر للطفلة الصغيرة بين ذراعي حنان تغمغم مبتسمة:
- بسم الله ما شاء الله ، زي القمر 
ابتسمت حنان تقربها منها لتحملها إيمان بين يديها تنظر للصغيرة النائمة بعمق ،تتذكر ليان حين كانت طفلة رضيعة كانت طفلة صارخة كثيرة البكاء ، نظرت إلى حنان تحادثها :
- ربنا يخليهالك ، اومال مين العسل اللي جنبك دي 
ابتسمت حنان تعبث بشعر سارة التي زمت شفتيها تنظر إليهم عابسة لتردف حنان :
- دي سارة أختنا الصغيرة ، في ابتدائي والله بس هتحسيها كدة أرملة أو مطلقة 
ضحكت إيمان بخفة تنظر لتلك الصغيرة العابسة لتسأل حنان :
- اومال ليان فين مش شيفاها يعني ؟
وقبل أن ترد إيمان ، حمحم شهاب يوجه حديثه لعلي :
- بص يا عمي ، أنا وشريف كنا أصحاب من زمن وتقدر تسأله على أخلاقي أنا نفس الشخص ما اتغيرتش ، وتقدر تسأل كمان أستاذ عمرو خال ليان ، أنا شغال في الشركة عنده في قسم هندسة الديكور أنا المسؤول عن القسم ،  وبصراحة أنا معجب بليان بنت حضرتك ويكون ليا الشرف لو توافق عليا 
نظر علي إلى الشريف الذي بدا مرحبا للغاية يبدو أنه يعرف ذلك الشاب جيدا ، ضحك بخفة يردف :
- المواضيع ما تتاخدش قفش كدة يا باشمهندس ، إحنا لسه بنتعرف على العموم أنا هسأل ليان ، المهم دلوقتي الغدا أنا واقع من الجوع ، اتفضلوا نتغدى 
قامت إيمان لتضع الأطباق الأخيرة على طاولة الطعام لتلحق بها حنان تسألها مبتسمة :
- تحبي أساعدك في حاجة ؟
التفت إيمان لها قبل أن تبتسم تعطيها طبق الحساء من يدها لتتحرك حنان تضعه على الطاولة ، عادت لإيمان تسألها :
- هي ليان مش هتخرج تتغدى معانا ولا ايه ؟

نظرت إيمان لباب غرفة ابنتها قبل أن تنظر إلى تعاود النظر لحنان تردف :
- هدخل اشوفها اهو يا حبيبتي
ابتسمت حنان تومأ برأسها تحركت للخارج تجلس سارة التي تبدو عابسة منذ البداية ، رفعت يدها تسمح على شعرها بخفة اخفضت صوتها تسألها :
- مالك يا سرسورة شكلك متضايق ليه كدة 
حركت سارة رأسها للجانبين ترفض أن تقول شيئا لتتنهد حنان قلقة ، نظرت صوب شهاب لتراه يتحدث مع ذلك الشاب المدعو شريف ووالده ، فابتسمت الأمور تسير بشكل جيد أكثر مما توقعت 
أما في داخل غرفة ليان ، دخلت إيمان إلى الغرفة لتهب ليان واقفة تردف سريعل متوترة :
- ايه يا ماما اللي أنا سمعته دا ، انتي مش قولتي عزومة 
رفعت إيمان كتفيها وكأنها لا تعلم شيئا إطلاقا تغمغم سريعا :
- طب وأنا هعرف منين يا ليان ، إحنا كنا بنرحب بيهم عادي ، لقيت أخوها فجاءة بيقول لوالدك أنه عايز يتقدم ، أنتي عارفة دا طلع هو وشريف أصحاب من ثانوي 
شعر ليان بأن الكلام يقف في حلقها فقط تنظر إلى والدتها مذهولة تهمس مرتبكة:
- طب وبابا قاله ايه ؟
ابتسمت إيمان تردف بهدوء :
- هيكون قالهم إيه ، علي مش هيوافق من غير ما ياخد رأيك أولا وبعدين يسأل على الولد ويعرف أصله ، يلا بقى عشان نتغدا الناس مستنيانا 
اومأت ليان برأسها تبلع لعابها متوترة تحركت خلف والدتها للخارج ؛ لتبتسم حنان ما أن رأتها قامت تعانقها لتبتسم ليان تعانقها هي الأخرى تردف :
- عاملة ايه يا حنان ، اومال فين عائشة 
ابتعدت حنان عن ليان تغمغم سعيدة :
- بخير يا حبيبتي الحمد لله ، انتي وحشاني خالص ، عائشة على رجلين شهاب قافشة فيه زي الواد شهاب ابني ، أصل شهاب حنين أوي عشان كدة الأطفال كلها بتحبه 
جلست ليان قرب سارة ابتسمت تحادثها :
- ازيك يا سرسورة عاملة إيه
اعطتها الفتاة ابتسامة متضايقة واضحة للغاية قبل أن تردف بكلمة واحدة :
- كويسة 
قطب ليان جبينها لا تفهم ما سر غضب سارة ، نظر لحنان لترفع الأخيرة كأنها تخبرها أنها أيضا لا تعلم ، اختسلت ليان نظرة سريعة صوب شريف أخيها لتراه يبتسم لها يشاكسها لتخفض رأسها إلى طبقها سريعا ، شريف لا يتوانى عن مضايقتها ، أما شهاب فحاول اختلاس النظرات إليها ليتأوه بخفة حين صدمه شريف بساقه السليمة يهمس له :
- شايفك ياض 
ضحك بخفة يومأ برأسه . انتهى الغداء وانقسموا إلى مجموعتين الرجال في ناحية برعاية شريف يشاهدون مبارة قدم قدم ، والسيدات في أخرى قريبة منهم برعاية إيمان يشاهدون مسلسل تركي ما ، قامت إيمان تستأذن منهم دخلت إلى المطبخ لتقوم حنان تجلس جوار ليان تخفض صوتها تحادثها :
- ما قولتليش ايه رأيك ، موافقة ولا عايزة فرصة تفكري ولا رافضة الموضوع من أساسه

تنهدت ليان متوترة لا تعرف بما تجيبها ، أما حنان فابتسمت تربت على كف بيدها برفق تردف بهدوء :
- اسمعيني يا ليان ، شهاب أخويا من بعد موت والدي ووالدتي الله يرحمهم وهو لينا أنا وسارة كل حاجة في حياتنا ، عشان كدة لما اتجوزت حمدت ربنا اني الشقة اللي قصدانا فضيت ما كنتش هقدر ابعد عنهم ، شهاب طول عمره ماشي بدماغه كدة مطرقع ، يصحى من النوم ينط في أول قميص وبنطلون يلاقيهم مكويين ولا حتى نص مكوة وينزل ، والاقيك فجاءة الأستاذ واقف قدام المراية عمال يختار قميص والتاني والتالت ويقولي دا عليا أحلى ولا دا ، البنطلون دا كويس ، البرفان دا ريحته حلوة ، شعري كويس ولا محتاج يتقص ، ما بقتش فاهمة ماله الواد دا ، الاقيه عمال يعمل سندوتشات كتير وهو رايح الشغل وأنا لما كنت اقوله خد معاك أكل ، يقولي انتي متلغبطة بيني وبين شهاب ابنك ، أنا قولت في حاجة بس هو مش عاوز يقولي ، وبعدها بفترة لقيته داخل متضايق جدااا ، ومن هنا لهنا ما سيبتوش غير لما عرفت أن هو معجب بيكي ، وأن هو شاكك أنك معجبة بجواد ، وأنه حذرك منه وأنتي ما صدقيتهوش ، وزعقتي فيه أنه يبعد عنك ، فأنا قولتله خلاص هي مش عيلة صغيرة وربنا يعوضك بغيرها وبعدين شوفتك في المستشفى فقولت بصراحة معاه حق ، الفترة اللي انتي غبتي فيها كان قلقان عليكي جداا ، كان كل يوم يرجع يقولي ما جاتش يا حنان يا ترى فيها ايه ، لحد ما روحتي المكتب وزعقتي في جواد وسيبتي المكان ومشتيتي شهاب قلق أوي عليكِ وخرج وراك لحد ما ركبتي تاكسي ومشيتي ، ولما رجع الشغل جواد بغروره كان فاكر أنه ممكن يهزقه عشان خرج وراكي  ، لكن شهاب ما سمحلوش وهزقه واستقال ... والحمد لله ربنا كرمه بشغل أحسن وشوفي المفارقة بقى في شركة باشمهندس عمرو أبو جواد نفسه ، يوم ما رجعتي الشركة كان راجع البيت ناقص بس يحضن الناس في الشوارع من فرحته أنه شافك تاني ، أنا ما بقولكيش الكلام دا عشان أجبرك توافقي عليه خالص ، شهاب شاب هايل وألف بنت تتمناه ، أنا بس بعرفك هز بيحبك قد ايه 
ابتلعت ليان لعابها مرتبكة قلبها يدق بعنف أثر كلمات حنان ، شهاب كان دوما في خلفية صورتها الزائفة مع جواد ، أيعقل أنه يكون في النهاية شهاب ! 
____________
مسطحة على الفراش تنظر لسقف الحجرة لا تعرف حتى كم الوقت ، استيقظت منذ ساعات لا طاقة لها حتى في رفع جسدها عن الفراش ، عينيها لم تعد ترغب في البكاء من جديد ، قضت فصل طويل من حياتها تبكي ، قلبها يتفتت إلى مئات القطع بات يكرهها لدرجة لم تحلم بها في أسوء كوابيسها ، أيعقل أنه سيفعل ما يقول ، رعد سيأخذ منها طفلها الصغير ما أن تضعه ويلقيها لخارج حياتهم ، رعد لن يفعل أليس كذلك ؟!
أجفلت حين سمعت صوت الباب ودخل رعد لم ينظر إليها أما هي ففعلت حركت عيناها على قسمات وجهه الذابلة عينيه الحمراء يبدو أنه كان يبكي مثلها ، وضع صينية صغيرة للطعام على الطاولة بالقرب منها ، وتحرك إلى المرحاض ، قامت سريعا عليه أن تتحدث معه ما أن يخرج عليه أن يسمعها ، انتظرت طويلا إلى أن خرج من الغرفة يجفف وجهه بمنشفة صغيرة ، ما إن أبعد المنشفة عن وجهه رآها أمامه ، طالعها بلا كلام أما هي فتنهدت بعمق تهمس تتوسله :
- اسمعني يا رعد أرجوك اسمعني ، أنا ما ضحكتش عليك ، أنا خوفت أقولك ما تصدقنيش ، زي ما إنت دلوقتي مش مصدقني 
والله يا رعد أنا بحبك ، بحبك أوي ، سامحني آخر مرة ، أرجوك سامحني ، اعملك ايه عشان تسامحني ، أنت عمرك ما قسيت عليا يا رعد 
وسكبت عيناها الدموع بحرقة رغما عنها ، أما هو فظل ينظر إليها دون كلام لعدة لحظات ، قبل أن ينثني جانب فمه بما يشبه ابتسامة ساخرة ، اقترب منها يضع يده على خصرها يهمس لامباليا :
- سيبك من ان اللي بتقوليه دا ، أنا عايز طفل 
وهم بها ، حين دفعته بعيدا عنها بعنف ارتدت للخلف تحرك رأسها للجانبين تصرخ فيه بحرقة :
- إنت مش جايب واحدة من الشارع تبسطك ، أنا مش رخيصة عشان تعاملني بالأسلوب ، ويكون في علمك أنا مش هسمحلك تلمسني ، ولا تاخد مني ابني ، أنت فاهم 

لانت قسمات وجه رعد وبدا أكثر هدوءً حين اقترب منها يضمها لأحضانه لم تقاومه حين عانقها بل انفجرت في البكاء تتمسك به تتوسله :
- سامحني يا رعد ، ما تكرهنيش فيك أرجوك 
اخذها بين أحضانه يمسح على خصلات شعرها القصير بخفة ، ابعدها قليلا عنها ، ينظر لعينيها لعدة لحظات قبل أن يميل صوبها يقبلها بلا مقدمات ، تداعت بين يديه دون مقاومة ، ومر بهما الوقت ، ليبتعد عن الفراش يلتقط ثيابه يرتديها نظر إليها يغمغم ساخرا :
- شوفتي بقى أنك مش محتاجة إجبار ، أنا اول ما بحط ايدي عليكي بتسلمي على طول
وكم كانت كلماته قاسية ، جلعت حدقتاها تشخص من الألم أما هو فأشار للطعام الموجود على الطاولة يردف لامباليا :
- الأكل ، كلي لو عايزة 
وخرج من الغرفة تاركا إياها ، تنهمر الدموع من عينيها ، لا تصدق أنه قال ما قال ... رفعت يدها إلى فمها تطبق كف يدها على ثغرها تصرخ بلا صوت 
_______________
في منزل ياسر راضي ، فتح جاسر باب المنزل في تمام الثامنة والربع تقريبا يدندن بلحن قديم ، رأى أريچ تجلس جوار سما تشاهدان مسلسل ما ليقطب جبينه يسألها :
- ايه دا ، أنتي ما لبستيش ليه ؟
رفعت أريچ وجهها إليه تأكل بعض المقرمشات تسأله ساخرة :
- والبس ليه يا ظريف هتخرجنا مثلا
توسعت حدقتي جاسر قبل أن يضع يده فوق رأسه يغمغم سريعا :
- يا نهار أبيض دا أنا نسيت اقولك ، بابا قالي ابلغكوا ونسيت ، سامر جاي هو وأبوه بعد شوية عشان يتقدملك 
شهقت أريچ بعنف لتهب واقفة تنظر إليه مذهولة ، في حين هبت سما هي الأخرى تقترب منه تغمغم حانقة :
- يا نهارك أبيض يا جاسر وازاي تنسى تقول حاجة زي دي ، أنت شايف العيال مبهدلين الدنيا إزاي ، يا مااامااا الحقينا بسرعة سيبي الكيكة دلوقتي ، وأنت يا بيه ايه بتحب جديد عشان كدة نسيت ، شيل كيان وتميم وخلي بالك منهم على ما نلم البهدلة دي بسرعة 
ضحك جاسر عاليا يومأ عاليا قبل أن يشرد في جملة سما ( يحب ) !! هل حقا هو يحب ؟! ، تأوه حين لكزته سما بذراعها تصرخ في وجهه :
- شيل العيال من الأرض عشان اكنسها
انتفض من مكانه يحمل الطفلين عن الأرض ليرى شقيقته تسرع في تنظيف المكان ، ووالدته خرجت من المطبخ تصرخ في وجهه هي الأخرى على أنه لم يخبرهم منذ الصباح ، ليصيح حانقا :
- ايه يا جماعة هو كل واحدة تشوف خلقتي تصوت ليييه نسيييت ، هو النسيان حرام في البيت دا ، وبعدين دا العريس من طرفي يعني المفروض تشكروني 
تحرك للداخل حين سمع صوت والدته تتوعده ليغمغم يردف متوترا :
- طب يا ماما أنا جوا شكلك مشغولة دلوقتي 
تحرك إلى غرفة أريچ ليراها تقف أمام مرآة زينتها تحاول إغلاق سحاب سترتها إلى أن نجحت ، دخل إلى الغرفة يضع الطفلين على الفراش ، وجلس جوارهم ينظر إليها يبتسم ؛ لتتوقف هي عن الحركة تماما التفتت له ليرى الحماس الذي كان يملئ عينيها يتراجع ، والدائرة الصغيرة السوداء في عينيها تتضارب بعنف ، ورعشة تضرب جسدها ، كان يشعر بأن ذلك سيحدث ... ستتذكر لذلك تعمد إلا يخبرهم منذ الصباح حتى لا يتركها مع عقلها وذكريات ما فعله ذلك الوغد ستأكلها إلى أن يأتي المساء ، وقف عن مكانه رفع ذقنها بخفة لتنظر إليه يسألها :
- خايفة ؟
 ابتلعت لعابها تومأ برأسها اهتزت نبرة صوتها بعنف حين بدأت تتحدث :
- إنت لما قولتلي اتوترت وما انكرش إني اتحمست ، بس للحظة جت صورة عمار قدامي وافتكرت اللي حصل واللحظة اللي بعدها اتبدلت صورة عمار بصورة سامر ، أنا خوفت أوي يا جاسر ، خوفت أوي
وسكبت عيناها الدموع تحتضنه ، رفع يده يمسح على رأسها برفق يحادثها :
- سامر بردوا كان خايف أوي زيك كدة ، كل ما يبص لأي مراية يشوف صورة مامته ويفتكر الحادثة اللي كانت السبب في موتها ، سامر مش عمار يا أريچ .. سامر شخص سوي ، طيب ، بيحب القطط زيك ، ما فيش حد بيحب القطط يبقى شرير اعتقد ، وبعدين أنتي معاكي الحزام الأسود يوم ما يقل أدبه كدة ولا كدة اديله في صدره طبقيله القفص الصدري 
ضحكت أريچ بخفة تومأ برأسها ، ابتعدت عن جاسر تعرف يديها تمسح دموعها ، رفع يده يربا على وجنتها برفق يردف :
- يلا كملي لبسك ، وما تحطيش ميكب اب على وشك يا أريچ ، اومال المتحرشة بتاعتك فين 
ضحكت أريچ تشير له إلى الأريكة حيث كانت تنام قطتها 
بالخارج دخل ياسر يحمل عدة حقائب بها فاكهة وعصائر نظر للساعة ليجدها التاسعة إلا ربع ، نظر للمكان حوله ليراه نظيف للغاية ليبتسم يوجه حديثه لنرمين :
- عشان كدة قولت لجاسر يبلغكوا من بدري تسلم ايديكوا بصراحة
بشرت نرمين أسنانها بغيظ تتمتم حانقة :
- الحيوان ابنك ، لسه قايلنا من نص ساعة ، دا أنا وسما بقالنا نص ساعة بنلف حوالين نفسنا ، ابقى اكشف عليه يمكن عنده زهايمر مبكر ولا حاجة
خرج جاسر من غرفته يضحك عاليا يوجه حديثه لوالدته :
- ما خلاص يا جماعة نسيت لا إله إلا الله ، أهل دول وأصحاب ولمة صحيح
ضحك ياسر يعطيه الحقائب في يده يردف :
- ماشي يا ظريف ، حط دول في المطبخ على ما أروح اغير هدومي 
تحرك جاسر صوب المطبخ يضع الحقائب ليرى سما تقف هناك تبدو شاردة هي الأخرى ، يلوح على شفتيها ابتسامة حنين لشيء تذكرته لتتبدل بأخرى ساخرة ، شعر بالغضب من تلك النوعيات المقززة من البشر ، عمار ومصطقى كل منهما تفنن في إيذاء إحدى شقيقته ، لو بيده لأبادهم من على وجه الأرض ، وهو كان أيضا كان سينضم إليهم إن كان اتبع ما يقوله له شيطان انتقامه الخبيث وأذى مليكة ، مليكة لا ذنب لها ، فقط الوغد عديم النخوة والرجولة هو من يأخذ ثأره من إمرأة وهو ليس كذلك 
مليكة !! لما كل يشرد فيها يجب أن يظهر اسمها فيها ، تذكر تلك المقولة القديمة ( كل الطرق تؤدي إلى روما ) والآن كل فكرة تؤدي إلى مليكة !! ، تنهد يحرك رأسه يستفيق مما هو فيه ، دخل إلى المطبخ يشاكس سما :
- سما ، سما ، سما بقولك ايه مش عايزة تتشغلي بمرتب هايل جبار ، فظيع خطير ، 5 أيام في الأسبوع وجمعة وسبت إجازة ، من الساعة 3 للساعة 9 ، وهتروحي وتيجي معايا 
ضحكت سما ساخرة التفتت له تكتف ذراعيها أمامها تردف :
- أنت مش عندك assistant  يلا ، عاوز ايه 
ضم جاسر شفتيه يلتقط قطعة حلوى من جوارها يدسها في فمه يغمغم متضايقا :
- هتسافر مع جوزها يا أختي ، وأنا قولت جحا أولى بلحم طوره 
- طوره
إعادتها سما ساخرة قبل أن تردف :
- إنت دكتور في المدبح يلا ، وبعدين أنا ما اشتغلش معاك يا سايكو يلا ، دا أنت بتقعد المرضى وال assistant بتوعك في صمت رهيب عشان البيه بيكره الدوشة وهو رمز الإزعاج اللي في الدنيا ، وبعدين خلاص أنا هشتغل مع بابا في المستشفى من الأسبوع الجاي ، أقولك خد أريچ هي كدة كدة في اجازة وما ورهاش حاجة ، ايه دا الجرس بيرن ليكونوا هما 
نظر جاسر لساعة يده ليجدها التاسعة تماما ، نظر لشقيقته يغمغم حانقا :
- لما يمشوا هشوف إزاي ترفضي عرضي الجبار 
وتحرك للخارج توجه صوب الباب يفتحه يبتسم يرحب بهم :
- اهلا وسهلا يا أستاذ كمال اتفضل ، ادخل يا عم سامر ... أنت هتعملي عريس ومكسوف 
ضحك سامر يعانق جاسر قبل أن يصطحبهم إلى غرفة جلوس الضيوف ، جلس ثلاثتهم ليرحب بهم جاسر من جديد :
- منورنا والله يا أستاذ كمال ما شوفتكش من زمان ، طبعا الكلام دا مش لابنك لأني بشوفه أكتر من أهلي 
ضحك كمال بخفة يربت على كتف جاسر يشكره :
- ربنا يباركلك يا ابني على اللي عملته مع ابني 
ابتسم جاسر للرجل قبل أن يقف من مكانه جلس جوار سامر يلكزه في كتفه يتمتم ساخرا :
- ايه يا عريس شكلك متوتر كدة ليه ، وبعدين جايب ورد وشوكولاتة للعروسة معروفة ، أخو العروسة بقا اللي يبقى صاحبك دا مش جايبله معاك ساعة براند ولا اتنين لتر بنزين أنت عارف أنه غالي ، لاء دا واضح اننا ما عندناش بنات للجواز بقا 
توسعت حدقتي سامر فزعا مما جعل جاسر يضحك عاليا ، في تلك اللحظة دخل ياسر إلى الغرفة يرحب بهم ، جلس على المقعد المجاور لمقعد كمال ، أشار لجاسر بعينيه ليخرج الأخير غاب لبضع لحظات وعاد يحمل صينية عليها عدة أكواب من العصير ، يضعهم على الطاولة يغمغم عابثا :
- لاء أنا مش العروسة والله ، اتفضلوا العصير 
ضحكوا جميعا ليلتفت كمال إلى ياسر يحادثه :
-بص يا دكتور ياسر ، أنا يشرفني إني اطلب أيد بنتك أريچ لسامر ابني ، وجاسر عارف سامر وأخلاقه كويس ، سامر في آخر سنة صيدلة كان المفروض يتخرج السنة دي ، بس بسبب اللي حصل ما عرفش يكمل السنة الحمد ، قولت ايه وكل اللي تطلبوه مجاب 
همهم ياسر يحرك رأسه ينظر إلى جاسر حين بدأ يتحدث :
- شهادة حق ، سامر محترم وأخلاقه عالية وصاحب صاحبه ، وعشان تكون في الصورة دي في استلطاف متبادل يعني بينه وبين المفعوصة أريچ 

وقفت أريچ داخل غرفتها تحركها ساقها اليسرى متوترة كانت تظنه يمزح حين قال أنه سيتقدم لخطبتها لما لم يكن يمزح ، لما هو بالخارج الآن ، لما هي متوترة لتلك الدرجة ، اقتربت سما منها تربت على كتفها تحادثها مترفقة :
-روچا اهدي يا حبيبتي ، وبعدين انتي كلمتيني عن سامر قبل كدة وشكله لذيذ وجاسر صاحبه واكيد واثق فيه إلا ما كنش خلاه يجي يتقدم اصلا ، ولا إيه يا ماما

زفرت نرمين أنفاسها تردف متضايقة :
- ولو أن أنا كان نفسي أنك تبقي لرعد ، لولا الحرباية اللي جت خدته دي ، بس ياسر وجاسر بيشكروا في أخلاق الولد هو صحيح لسه طالب بس كلها سنة ويتخرج 

قطبت أريچ جبينها مستنكرة ما تقول والدتها ، رعد ابن خالها جاسر ، والدتها كانت تريد أن تزوجها لرعد !! لا تتذكر أنها تحدثت معه ما يزيد عن سلامات رسمية لم تفكر به يوما ليكن زوجا لها ، أجفلت حين دخل جاسر إلى الغرفة يمسك بكف يدها يجذبها معها دون مقدمات للخارج يهمس لها مشاكسا :
- انتوا ما تجوش غير بالقفش كدة 
وضحك أما هي فأصفر وجهها تماما كالليمون حين دخلوا إلى الغرفة تمسكت بكف يده تنظر اليهم حدقتاها ترتعش بعنف ، أما سامر فوقف وارتسمت على شفتاه ابتسامة كبيرة ، اقترب يعطيها باقة الأزهار أراد أن يقول الكثير لكن الجميع ينظر إليهم حرفيا ، أما أريچ فالتقطت منه الباقة تكاد تتداعى أرضا من شدة توترها ، حمحم كمال يساعد ولده المرتبك يوجه حديثه لياسر :
- ما تاخد أريچ يا سامر البلكونة تتكلموا شوية ، لو دكتور ياسر يسمح طبعا
حرك ياسر رأسه موافقًا ليتحرك جاسر يسبقهم فتح الشرفة يقف داخلها يوجه حديثه لسامر :
- عينيا عليك وبراقبك وهراقبك 
ومن ثم انسحب بهدوء يضيق حدقتيه ينظر إلى سامر الذي ضحك بخفة يردف :
- عسل جاسر وهو عايش في دور الحما 
نظر إليه ليحمحم ابتسم يحاول أن يجمع جملة مفيدة ليقولها ولكن الكلمات تبعثرت من على شفتيه ظلا هكذا طويلا إلى أن دخل جاسر إلى الشرفة يغمغم حانقا :
- دا أنا نمت وأنا واقف جنب البلكونة مستنيك تنطق حرف واحد ، يالهوي ... أنت يا ابني هتشلني ، أنا هروح اتعشى واشرب كوباية شاي على ما تقرر تقولها ازيك بس 
وخرج من الشرفة يضرب كفا فوق آخر ، ليقرر سامر أن يتحدث أخيرا :
- تعرفي أنك وحشتيني أوي ، بجد وحشتيني 
_____________
في منزل عاصم .... مراد لم يفارق غرفة شقيقه منذ الصباح ... زين انهار في البكاء كطفل صغير وهو جلس جواره يواسيه يعطيه دوائه ، يتحدثان يحاول أن يهون عليه حزنه ، حرك مراد عظام رقبته اليابسة ينظر لساعة الحائط ليجدها العاشرة ، هو لا يحب النوم باكرا ولكن جسده متعب ، رأسه تدق بعنف 
يشعر بالصداع يشتد وفي تلك اللحظة دق هاتفه ، نظر لاسم المتصل ليرى اسم مريم يضئ ، مريم اتصلت به كثيرا وهو لم يرد ... فتح الخط ليسمع صوتها تغمغم متلهفة:
- أنت فين يا مراد بتصل بيك من بدري ما بتردش
وضع يده على جبينه يشعر بصوتها يلكز عقله بعنف ليحادثها متضايقا :
- مريم وطي صوتك ، دماغي مصدعة ، وبعدين هكون فين يعني في البيت 
شعرت مريم بالقلق لتخفض نبرة صوتها تسأله خائفة :
- مالك يا مراد أنت تعبان ولا ايه ، وبعدين أنا بحاول اتصل بيك من الصبح عشان كدة قلقت ، وسألت بابا لما جه من عندكوا قالي أنك موجود وكويس ، وما كنتش بترد فما فهمتش في اي
تأفف بصوت عالي سمعته هي ليردف متضايقا :
- طب ما هو عمي جاسر قالك إني في البيت اهو ، مريم أنا مصدع بجد ومش قادر اتكلم ، هكلمك بكرة سلام
وأغلق معها الخط ، وضع رأسه على الوسادة ما أن فعل ذلك غط في النوم في لحظات
في خارج الغرفة ، فتح عاصم باب منزله بعد أن عاد من العمل ، حسين يعكتف غرفته رافضا الخروج ، ومراد مع زين ، وحلم لا تتحدث معه ، دخل إلى غرفة زين ليراه يغط في النوم تنهد حزينا ينظر إليه لعدة لحظات قبل أن يتوجه لغرفة نومه ، دخل ليرى حلم تجلس على مقعد صغير جوار الشرفة تتطلع إلى الخارج ، تحرك يقترب منها جذب المقعد المجاور لها جلس يسألها :
- مالك يا حلم مش عايزة تتكلمي معايا ليه ، يا حلم زين مالوش ذنب في حاجة ، دا عاش عمره كله محروم مني ، أنتي زعلانة عشان جه يعيش معانا
حركت رأسها للجانبين بعنف لتخرج من بين شفتيها شهقة عالية تلوم نفسها :
- أنا السبب يا عاصم ، أنا السبب لو ما كنتش دخلت حياتك ما كنش كل دا هيحصل ، ما كنتش تهاني هتعمل كل دا ، ما كنتش هتحرم طفل مالوش ذنب من أبوه ، أنا السبب في كل دا يا عاصم

وهو الذي كان يظنها غاضبة من وجود زين ، وهي تلوم نفسها ومقتنعة أن ما حدث ، حدث بسببها هي !! ، أمسك بذراعيها يحرك رأسه للجانبين يغمغم منفعلا :
- لا يا حلم أنتي ازاي بتفكري كدة اصلا ، حلم أنا علاقتي بتهاني كانت بايظة من قبل ما اشوفك اصلا ، حلم تهاني كانت في كل لحظة بتقارني بجاسر جوز اختي وبتقلل مني ، ودا صعب أوي على اي راجل ، تهاني مؤذية الأذى في دمها ، اذت رؤى زمان عشان شايفة أن أملاك جاسر من حقها ، واذتنا واذت ناس غيرنا ، واهي ماتت وحسابها عند ربنا هيبقى عسير على كل اللي عملته ، اوعي تلومي نفسك يا حلم ، والحمد لله أن زين ما خدش منها اي ، ربنا يرحم الراجل اللي رباه وعلمه الأخلاق وأنه فضل جنب أخوه عشان يحميه من مكايدها ، دي كانت عايزة تقتل بنت جاسر لولا ستر ربنا ووجود زين ، اوعي تلومي نفسك يا حلم ، وما تزعليش من وجود زين...
رفعت حلم يدها تضعها على فم عاصم تردف سريعا :
- ما تقولش كدة يا عاصم دا بيته ، وكفاية أنه أتحرم منك السنين دي كلها ، ما تبعدوش عنك وعوضه عن اللي فات ، صعبان عليا أوي صدقني خسر أب في حنيتك سنين عمره 
ابتسم عاصم يقبل كف يدها قبل أن يعانقها يردف :
- ربنا يخليكي ليا يا حبيبتي
ابتعدت حلم عنه تتمتم قلقة :
- حسين يا عاصم ما خرجش من اوضته إمبارح ، شكله حزين أوي 
تنهد حزينا ، حزين محطم ولكنه لا يلوم چوري
ولن يترك ولده هكذا ، ولكن صحيح كيف نسي جاسر دخل إلى غرفة حسين وظل بالداخل لنصف ساعة تقريبا قبل أن يخرج ، ترى فيما تحدثا ؟!
____________
مرت سبعة أيام غريبة ، رعد لم يقترب منها منذ آخر مرة ، هل شعر بالندم ؟ 
لم تعد تراه سوى نادرا ، يضع الطعام ويخرج 
كما فعل الآن وضع الطعام ولم ينظر إليها حتى وخرج ، ولكن المختلف رائحة البيض التي تثير معدتها ، هبت من الفراش تركض إلى المرحاض 
تتقيأ بعنف ، رفعت وجهها تنظر لانعاكاس صورتها لترى كم هي شاحبة ، لحظة اثنتين ثلاثة وتوسعت حدقتاها أيعقل أن يكن ما تفكر فيه صحيح ، فتحت الصيدلية الصغيرة الموجودة في المرحاض ويبدو أن رعد وضع اختبار الحمل هنا قاصدا ، أمسكت بإيدي ترتعش تنظر لجانب العلبة لتعرف كيف تستخدمه ، وفعلت وضعته أمامها على حوض الغسيل تنتظر تدعو في قلبها أن لا تكن حامل الآن ، ولكن الخط الأول اكتمل وظهر الخط الثاني شهقت مذعورة تضع يدها على فمها ، رفعت الاختبار أمام عينيها علها فقط تتوهم لتشهق من جديد حين سُحب من يدها وسمعت صوته يغمغم :
- مبروك !

تعليقات



×