رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الثلاثون
بناء على رغبة القراء هنحط في بداية كل فصل كل عيلة بولادها عشان الناس اللي لسه بتتلغبط
جاسر ورؤي أبطال الأجزاء اللي فاتت عندهم 6 أولاد رعد وجوري أول تؤام
يوسف ومريم تاني تؤام
سليم وياسين آخر تؤام
----------------
نرمين أخت جاسر اللي جاسر كان بينتقم من صبري وبنته شاهندا عشانها
نرمين وياسر جوزها عندهم 2
( جاسر الكبير 29 سنة دكتور نفسي
اريج في 2 كلية طب )
ياسر كان ليه بنت من مراته اللي ماتت قبل ما يتجوز نرمين اسمها سما جوزها اسمه مصطفى
______________
عاصم أخو رؤي خال العيال اللي كان بيحب تهاني واتجوز حلم في الجزء التاني عنده ولدين
حسين الكبير مهندس ، مراد الصغير في ثانوية عامة ساقط سنة
_____________
رؤى كان ليها جيران أخ وأخت ساكنين سوا اللي هما عمرو وايمان
ايمان اتجوزت علي صاحب جاسر وعندها شريف الكبير ظابط شرطة ، وليان الصغيرة المدلوقة على الجاموسة جواد
_________
أما عمرو فاتجوز روان بنت صاحب الشركة اللي كان شغال فيها وخلف ولد وبنت
جواد جاموسة متنقلة مهندس ديكور
ومرام دلوعة ماما 22 سنة في كلية إعلام ومخطوبة لشريف ابن عمتها
_______
فاضل طرب وملاك ، ومليكة وتوحة وكل الناس دي هنعرف اصلهم وفصلهم فيما بعد
لما تتلغبط اطلع بص هنا وكمل الفصل عادي
نبدأ الفصل❤
___________
في شركة عمرو انتهى دوام العمل ، الموظفون يرحلون يرحلون من حوله شيئا فشيء والمكان يصبح فارغا وأكثر اتساعا وربما يضيق على نفسه كلما بات وحيدا أكثر ، عينيه الخاوية تتابع نظرات المشفقة نحوهه وهم يرحلون ، يسمع صوت همسهم البعض شامت يسخر والبعض الآخر حزين مشفق ، وهو لا يهتم الكلمات ترتد داخل فراغ روحه يسمع صداها جيدا دون أن يفهم أي منها ، إلى أن بات وحيدا لا أحد غيره رفع كفيه يخفي بهما وجهه تنهمر دموعه بحرقة ، رفع يده حين شعر بلمسة يد رقيقة على كتفه ظنها هي فنظر إليها متلهفا ، لتختفي لهفته ويعود الألم من جديد لم تكن هي لم يكن أحد من الأساس كان يتوهم ، نظر خلفه حين سمع صوت يعرفه جيدا يردف ساخرا :
- تؤتؤتؤ يا حرام يا جواد
التفت برأسه ينظر خلفه ليرى ليان تقف أمامه تعقد ذراعيها أمامها تنظر له شامتة ، ولها كل الحق هو لا يلومها بعد ما فعل بها ، بعد كل الكلمات السامة القاسية التي صفعها بها مرارا وتكرارا ، ليان ضحية أنانيته وعشقه الشديد لنور ولكن أين نور الآن ؟! ، اقتربت ليان منه أكثر إلى أن باتت على بعد خطوتين منه تنظر لحالته المزرية ، عينيه الحمراء والدموع التي تملئها والدموع التي نزلت على وجهه ، وجهه الشاحب منظره المزري المبعثر ، جعلها تبتسم تنظر له بحقد قبل أن تردف شامتة :
- يا حرام يا جواد شكلك بقى شبه المتسولين مع الإعتذار هما انضف وأشرف منك ألف مرة ، إنما أنت تستاهل كل اللي أنت فيه وزيادة ، تستاهل كل الوجع اللي في الدنيا ، أنت مش متخيل أنا شمتانة فيك قد ايه ، أنت تستاهل دا ذنبي ، وذنب غيري اللي لعبت بمشاعري وحبي ليك عشان ترضي انانيتك وغرورك المريض وآخرهم استخدمتني سلمة عشان توصل لحب حياتك ، شوفت بقى اديك اتحرمت منها ومش هتشوفها تاني ، اوعى تكون فاكر اني هصدق أنك بقيت غلبان واتعلمت الدرس يا حرام ، كلها كام يوم وهترجع زي ما كنت نفس الحقد والأنانية والغرور ... بس تعرف منظرك كدة ولو مؤقت طفا النار اللي في قلبك ، من كل قلبي بتمنى ليك العذاب دايما
وختمت كلامها بضحكة ساخرة تنظر له من أعلى لأسفل قبل أن تلتفت وقبل أن تغادر سمعت صوته من خلفها يهمس بنبرة نتشنج ألما :
- أنا آسف أوي يا ليان !
تجمدت مكانها وارتسمت ابتسامة واسعة ساخرة على شفتيها ، التفتت لها خرجت من بين شفتيها ضحكة متقطعة قبل أن تردف مذهولة :
- آسف إنت بتتكلم بجد ، آسف على ايه ولا على ايه ، أنا آسف أوي يا ليان وأنا المفروض اتأثر واسامحك ، دا أنت دمرتني نفسيا ، من وأنا عيلة مراهقة صغيرة وأنا بحبك رغم أسلوبك وطريقتك الزفت كنت دايما بقول لنفسي إني هقدر أغير طريقتك دي أنت عارف أنا بسببك كنت بقف قدام المراية واقول يمكن أنا وحشة ، طب يمكن مش عاجبه لبسي خلتني فقدت ثقتي في نفسي ، وفجاءة رفعتني لسابع سما بمعاملتك اللي اتغيرت 180 درجة ، فجاءة أنا بحبك يا ليان وبغير عليكِ ، كنت حاسة إني في حلم جميل ، عشان اكتشف أنه كابوس وأنك أسوء إنسان على وش الأرض ، طلعت بتستغلني وبتتريق عليا وأهنتني عشان ترضي غرورك المريض ، آسفك دا مالوش أي لازمة أنا عمري ما هسامحك ، تعرف أنا كنت ناوية أستقبل لما عرفت أنك هتشتغل في الشركة ، بس دلوقتي لاء ، أنا هنبسط أوي وأنا بشوفك كل يوم بمنظرك دا ، باي يا جواد اسيبك تكمل عياط
وتركته وخرجت من المكتب مسرعة كل ذرة بها ترتجف لا تعرف حتى كيف وقفت بذلك الثبات أمامه كل ذرة بها كانت تصرخ من شدة الألم فقط لرؤياه ، وقفت جانبا تلتقط أنفاسها المسلوبة ، رأت شهاب يخرج من المكتب نظر لها قلقا تحرك صوبها يسألها :
- مالك يا ليان أنتِ كويسة
حاولت أن تبتسم تومأ برأسها لهثت أنفاسها تهمس بنبرة ترتعش :
- أنا عايزة امشي من هنا يا شهاب لو سمحت روحني
_____________
في عتمة الليل جلست جوار أبيها أرضا أمامهم شعلة نيران وهو يجلس على الجانب الآخر منهم رائحة الذرة وهو يشوى تعطي عبق خاص مع النسيم الممتزج بالحقول الزراعية ، يرتدي جلباب أبيها يطوي ساقيه ، يجلس على بساط صغير يختلس النظرات إليها بين الحين والآخر قبل أن يكسر حاجز الصمت قائلا :
- صحيح افتكرت أريچ بتسلم عليكِ وبسكوتة المتحرشة بتسلم عليكِ
وضعت مليكة يدها على شفتيها تضحك بخفة قبل أن يتدخل والدها في الحديث متعجبا :
- مين بسكوتة المتحرشة دي ؟
ضحكت مليكة من جديد قبل أن توجه حديثها لأبيها :
- دي القطة الصغيرة بتاعت أريچ أخت دكتور جاسر ، بس هي على طول لازقة فيه ، فهو مسميها كدة
ابتسم فتحي كاد أن يقول شيئا يشارك به في الحديث حين أتى أحد عمال الحقل الخاص به يغمغم سريعا :
- حج فتحي ، الدكتور البيطري اللي بيولد البقرة عايزك يا حج
قام فتحي من مكانه يوجه حديثه لابنته :
- أنا رايح اشوف الدكتور يا مليكة مش هتأخر ، اطفي النار والدكتور عارف أوضته ، تصبحوا على خير
تحرك فتحي إلى أن غاب عن أنظارهم ، اختسلت مليكة نظرة متوترة إليه قبل أن ق
تقبس في كفها بعض من التراب تلقيه على النيران ليردف جاسر :
- مستعجلة ليه ، سيبيها شوية
ابتسمت مرتبكة تومأ برأسها جلست أرضا من جديد كل منهما على اتجاه والنيران بينهما ، وفتحي لم يعد هنا لذلك لم يعد هناك داعي للخجل في الكلام ، ابتسم يوجه حديثه إليها :
- عاملة ايه ، وأخبارك جلساتك ايه مع دكتور قاسم
ابتسمت تومأ برأسها ، رفعت وجهها لتقابل وجهه تنهدت بعمق قبل أن تهمس :
- الحمد لله ، دكتور قاسم فعلا شاطر ، صحيح هو أنت وأريچ سيبتوا الشقة خلاص ؟
تمنت أن تسمع كلمة لا ، دق قلبها قلقا من أن يكون رحل بلا رجعة ، تنفست الصعداء داخل نفسها حين حرك رأسه للجانبين يردف مبتسما :
- لا أبدا إحنا بس قاعدين مع والدي ووالدتي الفترة دي ، وفي الأغلب أنا بس اللي هرجع أريچ هترجع تقعد معاهم تاني
حركت رأسها لتراه يقف عن مكانه أخمد النيران وقف ينفض يديه من الغبار التقط اثنين من حبات الذرة يغمغم مبتسما :
- بقولك ايه ، ما تيجي نشوف البقرة الصغيرة اللي لسه مولودة دي ، تعرفي مكان المزرعة السعيدة بتاعت باباكي دي
ضحكت بخفة تومأ برأسها تحركت جواره ليمد يده لها بإحدى حبات الذرة ابتسمت تأخذها منه تسير جواره في طريقهم للمزرعة يتحدثان يضحكان وهو يراقب من بعيد ، نظراته حادة يصوبها صوب جاسر ... كيف تبتسم له تضحك معه تسير جواره ليلا ... الغضب بلغ منه مبلغه وهو من بعيد يراقب أراد أن ينقض عليه يبرحه ضربا ولكن نصار في القصر سيعلم بالأمر وسيؤذي مليكة ، كور قبضته يشدها ألما لما تنظر هكذا ، لما تلمع عينيها حين يبتسم ، لما تحرك خصلات شعرها خلف أذنيها هي لا تفعل ذلك إلا حين تكن خجلة فقط ، النظرة التي يراها في عينيها كلما نظرت إليه تمزقه ، نظرة عشق ربما لم يرها في عينيها قط وهي تنظر إليه حتى قبل أن يحدث ما حدث ، تحرك خلفهم يتسلل إلى أن انكسرت جزوع الأشجار تحت قدميه دون أن ينتبه ، وانتبه جاسر للصوت ليختبئ عمار سريعا انحنى على ركبتيه ينظر إليهم من خلال عيدان الذرة الطويلة ، رأى كيف جذب ذلك الجاسر مليكة لتقف خلف ظهره وبدأ هو ينظر هنا وهناك بحذر ، إلى أن سألته :
- في اي يا جاسر
حرك رأسه للجانبين نظر إليها وابتسم يردف :
-ابدأ بيتهيئلي سمعت صوت ، يلا عشان ما نتأخرش
وتحركا من جديد وهي تبتسم سعيدة يدق قلبها بعنف لسبب واحد ، حين شعر جاسر بخطر قريب جذب يدها يحميها خلف ظهره دون تفكير ، حركة بسيطة ولكنها جعلتها تحلق في أعالي السحاب !!
________
في اليوم التالي ها نحن هنا في منزل جاسر مهران ، تحديدا في إحدى الغرف تجلس فاطمة أمام مرآة الزينة ترتدي فستان أبيض يشبه فساتين الزفاف ولكنه ليس فستان زفاف بالمعنى الحرفي ، عاملة إحدى صالونات التجميل تضغ مستحضرات التجميل على وجهها وهي تفكر شاردة اليوم ارتدت الأبيض من جديد ، ستصبح عروس لرجل آخر غير نور ، لالا عليها أن تنسى نور لا تذكر اسمه حتى وإلا ستكن تخون محمود ، هي وافقت بكامل إرادتها على أن تكن زوجة لمحمود إذا هي من اختارت أن تخلع نور نهائيا من قلبها ، اجفلت على صوت الباب ودخول رؤى التي ابتسمت ما إن رأتها ، اقتربت منها جذبت مقعد تجلس جوارها ، نظرت لوجهها عدة لحظات قبل أن تبتسم مدت يدها تربت على كفها برفق تحادثها :
- ماما الله يرحمها ، كانت دايما تقولي أنا أبص في وش الواحد والواحدة فيكوا وأعرف أن كان متصايف ولا مبسوط ، وأنتِ شكلك حيران يا فاطمة ، جزء منك عايز يكمل والجزء التاني رافض وعايز يفضل عايش في الماضي ، تسمعي مني نصيحة ، اقفلي على الجزء اللي عايز يعيش في الماضي بالضبة والمفتاح ما تفتحيش ليه الباب ، أنا لو كنت سمعت كلامه من سنين ما كنتش سامحت جاسر ، شوفتي أنا دلوقتي عندي 6 عيال منه ، الماضي المؤلم أو حتى السعيد بس مستحيل رجوعه هيوصل صاحبه للجنون ، بصي لقدام ، لراجل بيحبك من كل قلبه عاش سنين بيدعي ربنا تكوني ليه ، أنتِ عارفة يا فاطمة أنا مبسوطة أوي وأنا شيفاكِ بالفستان الأبيض زي ما أكون شايفة چوري ، عشان كدة عشان خاطري يا حبيبتي ما تنكديش على نفسك النهاردة أبدا
حاولت فاطمة أن تبتسم في وجه شقيقتها تحرك رأسها توافق على ما تقول ، لتجذبها رؤى إلى أحضانها تعانقها تردف ضاحكة :
- عملالك احلى عشا عروسة والله كل الأكل اللي بتحبيه ، وخليت الواد رعد والواد مراد يساعدوني ومراد طول ما هو بيحط الأكل على الترابيزة عمال ياكل منه الجزمة ، ويقولي أنا عاوز اتجوز بنتك بكرة عشان تعملي لي عشا زي دا
ضحكت فاطمة وشاركتها رؤى في الضحك قبل أن تبتعد عنها تقبل جبينها :
- زي القمر يا طمطم ، أنا هروح ألبس واسيبك تخلصي
في غرفة رعد ، خرجت طرب من مرحاض الغرفة لترى رعد أمامها منذ الصباح وهو منشغل بالأسفل لترتيب زفاف خالته ، اقتربت سريعا منه وقفت جواره مدت يدها تمسك بذراعه ليزيح يدها بعنف يهمس محتدا :
- ابعدي عنك أحسن ليا وليكِ ، أنا مش طايق أشوف وشك بعد كدبتك دي ، أنا تخدعيني يا طرب ، رعد طيب بقى وهيسامح ، لاء يا طرب أنا طيب بس مش مغفل
انهمرت الدموع من عينيها بحرقة حاولت أن تحتضنه تهمس بحرقة :
- أنا آسفة حقك عليا بجد أنا آسفة ، أرجوك يا رعد ، عمر قلبك ما قسي عليا ، أرجوك سامحني
انتزع نفسه بعيدا عنها لا ينظر إليها يتحاشى بكل طريقة النظر صوبها جذب ثيابه يدخل إلى المرحاض يصفع الباب بعنف لتنهار هي جالسة على طرف الفراش ، لم تكن تعرف أن غضب رعد سيء لتلك الدرجة الكبيرة ، لا يرغب في رؤياها وهو فقط يظنها أخفت عليه أمر تناولها الأقراص ولا يعلم الحقيقة الكبرى ، ماذا إن علم إذا ؟!!!!! مر بعض الوقت قبل أن يخرج يتأنق في قميص أبيض وسروال أسود وسترة رمادية داكنة ، توجه يمشط خصلات شعره يضع القليل من العطر التفت لها يغمغم بنبرة فاترة :
- تخلصي لبس وتنزلي ، كلامي واضح برة الأوضة دي هنتعامل عادي ، عن إذنك
في غرفة جاسر مهران ، جلس جاسر خلف مكتبه أمامه على الطاولة الصغيرة عدة أوراق ينظر لما خط في كل ورقة
طرب جلال المهدى ، كاملا ، عدي المهدي ، والمفاجأة الكبرى تهاني !! الحية الخبيثة لا تزال حية ، لا تزال تتلوى أرضا تسعى لبث سمها في حياته من جديد ، والطامة الكبرى التي لا يعرفها عاصم ، أن تهاني حين ذهبت للعمل لدى جلال قبل سنوات كان معها طفل صغير يُدعى ، ذلك الزين هو الذي يعمل في شركة عاصم ، إذا تهاني هي من بعثته لتدمر عاصم ، كما بعثت طرب إليهم لتدمرهم وكل ذلك بالطبع بتمويل من عُدي المهدي ، ساعدته تهاني من التخلص من أخيه والاستيلاء على ثروته ورد هو الجميل ، إذا حادثة الفندق الذي يمتلكه عُدي والتي حدثت لابنته وابن عاصم مدبرة وليست لعبة من بعض السائحين وما يثبت ذلك وجود ذلك الخبيث زين معهم ، ترك القلم من يده يضجع بمقعده إلى الخلف يتنهد قلقا من القادم على رعد !!
في غرفة يوسف ومراد الذي يقطن معه إجباريا تحت تهديد السلاح تقريبا ، وقف يوسف أمام المرآة يعقد أزرار قميصه ومن خلفه يتحدث مراد بلا توقف :
- والله عيب علينا نبقى شُخطة كدة وخالتك اللي هي عمتي بتتجوز لتاني مرة وإحنا لسه ما اتجوزناش ، دي أمك اللي هي عمتي بردوا عملالهم حتة صينية عشا ولا حضرموت ، عقبالي يارب أما اتجوز أختك بقاااا
تأفف يوسف حانقا من ذلك المذياع الذي لل يصمت التفت إليه يقذفه بزجاجة المياه يغمغم بنزق :
- افصل شوية ، شغال رغي رغي اييه أنت كنت ناسي الكلام
ضحك مراد في حين استند يوسف على عصاه يتحرك ببطء إلى الفراش جلس ليرفع ساقه ببطء إلى المقعد أمامه فتأوه متألما ... جذب مراد الحذاء وانحنى يساعده ، توسعت حدقتي يوسف يصيح فيه :
- ايه يا مراد اللي أنت بتعمله دا ، اوعى ما ينفعش
رفع مراد وجهه إليه وابتسم يردف ببساطة :
- ايه يا عم مكبر الموضوع ليه ، دا إحنا أصحاب من اللفة ، وبعدين بكرة هبقى جوز أختك مش حد غريب
عض يوسف على شفتيه غاضبا يقبض على العصا في يده كم يتمنى أن يرفع وينزل بها على رأس ذلك الأحمق أمامه حتى يتوقف عن الكلام ، قاطع تفكيره صوت مراد وهو يغمغم عابثا :
- وبعدين أنا عارف أنت متضايق ليه عشان لما ملاك كانت في المستشفى كنت بتعرف تشوفها إنما من ساعة ما رجعت وعمي جاسر مانعك أنك تشوفها صح ولا مش صح
تأفف يوسف غاضبا مراد الأحمق محق ، والده يمنعه من رؤية ملاك تماما أو حتى الاطمئنان عليها وذلك الشيء يثير غيظه وجنونه
قام مراد يسند يوسف على ذراع يتحركان للخارج
في غرفة چوري وقفت أمام المرآة تمشط خصلات شعرها قبل أن تلفه في دائرة وترتدي الحجاب سمعت صوت دقات على باب غرفتها ، سمعت صوت دقات على باب غرفتها ظنتها والدتها لتعلو بصوتها :
- ادخلي يا ماما
فُتح الباب ودخل وليس دخلت ، التفتت چوري خلفها لترى حسين يقف خلفها يبتسم يكتف ذراعيه أمامه شهقت تلملم شعرها تلتقط الحجاب من فوق فراشها تضع على رأسها تغمغم مصعوقة :
- إنت اتجننت يا حسين إزاي تدخل اوضتي
اقترب خطوة والثانية والثالثة ...مال برأسه صوبها يهمس عابثا :
-أنتي قولتي ادخلي يا ماما ، فدخلت
ومن ثم مد يده ينزع الحجاب من فوق رأسها فشهقت بعنف ليضحك هو يغمغم عابثا :
- يخربيت الزهايمر اللي مدمر أجيال ، بتخبي شعرك مني أنتي ناسية أن أنا جوزك ، وريني بقا شعرك عشان أنا ما شوفتش بقالي سنين من ساعة ما اتحجبتي
ارتجفت بعنف حين مد يده يخلل أصابعه بخفة في خصلات شعرها ارتعش صوتها خجلا تهمس :
- حسين لو سمحت اخرج ، ما ينفعش حد يشوفك هنا عندي في الأوضة
وجه يده الأخرى أسفل ذقنها يرفع وجهها إليه ابتسم تتحرك عينيه على صفحة وجهها يهمس بنبرة عاشقة :
- زي القمر ، واحلى كمان ... بس الروچ تقيل حبتين
أغمضت عينيها وجميع صفحات الروايات الحالمة تقتحم رأسها الآن ، ارتجفت خجلا أما هو فحرك إصبعه على شفتيها يمسح ما تضعه ، اقترب برأسه منها يهمس عابثا :
- أنتي مغمضة عينك ليه
فتحت عينيها سريعا متوترة شعرت بالارتباك من أفكارها المراهقة حاولت أن تبتعد عنه تتمتم متلعثمة :
- هااا ، ااابدا ... أنا بس يعني أنا بس دوخت شوية وبعدين ....
وصمتت حين جذبها إليه يفعل ما في صفحات رواياتها الحالمة توسعت حدقتاها تتمسك به قبل أن تسقط تغمض عينيها متوترة ودقات قلبها على وشك أن تقف من سرعتها ... ابتعد عنها يبتسم عابثا قرب رأسه من أذنها يهمس بخبث :
- بتقري روايات قليلة الأدب يا چوري
شهقت مما يقول تبتعد عنه تحاول أن تبدو أكثر ثباتا ، نظرت إليه حانقة تشير لباب الغرفة تردف محتدة :
- اخرج برة يا حسين بدل ما اقول لبابا
ضحك حسين عاليا يرفع كفيه علامة الاستسلام التفت وغادر لتبتسم هي إبتسامة بلهاء ولحسن حظ حسين خرج مراد من غرفة يوسف القريبة ، ابتسم حسين له لتتسع حدقتي مراد يركض صوب شقيقه يعطيه محرمة يهمس مرتعدا :
- امسح اللي على بوقك يخربيتك عمك جاسر لو شافك مش هيقول كاتب عليها ، هيكتب هو عليك ، وانزل يلا بسرعة
ولحظ حسين الجيد للمرة الثانية أنه نزل قبل أن يفتح جاسر باب غرفته بلحظات ، خرج جاسر يمسك في يده حقيبة سوداء نظر إلى مراد الذي يقف في منتصف الممر اقترب منه يغمغم ساخرا:
- إنت واقف كدة ليه يلا ، بتراقب الدور
ضحك مراد بشكل مبالغ فيه يضرب كفا فوق آخر يكاد يسقط أرضا من شدة الضحك :
- مش ممكن يا حمايا دمك خفيف أوي بجد
نظر جاسر له ساخرا يرفع حاجبيه قبل أن يرفع يده يصفعه على رقبته يتهكم منه :
- آه إنت بتطبلي عشان أنا بقيت حماك ، عشان اجوزك البت يعني ، اخفى ياض من وشي قبل ما اعلقك في نص الطرقة
فر مراد هاربا ليضحك جاسر يسخر مما يفعل ، لا يعرف حقا كيف سيزوج ابنته لذلك الأحمق ، تحرك صوب غرفة ملاك هناك حيث من المفترض أنه سيجد كاملا ، دق الباب لتفتح كاملا له ، ابتسم في وجهها يعطيها الحقيبة يغمغم مبتسما :
- مدام كاملا مساء الخير ، آسف لإزعاجك بس دي الفلوس بتاعت حضرتك اللي كانت باسمك في بنك فرنسا ، قدرت اتواصل مع البنك زي ما قولتلك والتحويل تم أسرع مما تصورت وعليه مبروك عليه ال 6 مليون أنا حولت الفلوس مصري ، اتفضلي
وأعطاها الحقيبة تحت ذهولها مما يحدث ، عادت النقود إليها بتلك البساطة كانت تظن أن الموضوع سيأخذ أعواما وليس فقط أيام بسيطة احتضنت حقيبة النقود تشكره مذهولة :
- أنا بجد مش عارفة اشكر حضرتك إزاي ، بجد شكرا أوي على كل حاجة عملتها عشاني أنا والبنات ، طب ممكن ادفع حق عملية ملاك ارجوك
ابتسم جاسر في هدوء يحرك رأسه للجانبين يردف مبتسما :
- لاء مش ممكن طبعا وبعدين العملية اصلا ما كلفتنيش حاجة لأنها معمولة في مستشفى تبعي ، خلي بالك منها بس ربنا يتم شفاها على خير عن إذنك
دخلت كاملا وتحرك جاسر لأسفل ما أن ابتعد ضغط على سماعة الأذن الصغيرة الموجودة في أذنه المتصلة بجهاز صغير مزروع في الحقيبة بعض العادات لا تتغير وهو يفعل ذلك ليحمي عائلته
نزل لأسفل ليرى الجميع تقريبا عاصم وزوجته وولديه ورعد وزوجته ومريم ومراد الأحمق ويوسف الذي ينظر إليه غاضبا وچوري ابنته والسخيف حسين الذي ينظر إليها بين حين وآخر يلاعب حاجبيه والصغيرين سليم ويوسف اللذان يتصارعان ليجلسا على قدمي طرب زوجة رعد لسبب بسيط أن فستان طرب منفوش ومن الحرير وهما يستخدمانه كمزلاج لأسفل ومن ثم يعاودا الصعود ، ضحك عاليا على ما يفعلا ، قبل أن يحمحم يبحث عن العريس ها هو ومحمود والسيدة صفاء والدته والمأذون الجميع هنا عدا رؤى وفاطمة ، اقترب من الجمع يتحدث معهم ويضحكون إلى أن صدحت صوت الزغاريد العالية واطلت فاطمة في بداية السلم تسير رؤى جوارها ، لتبدأ السيدات كلا على حدى في إطلاق الزغاريد العالية ،وهنا جاء الدور على محمود الذي وقف بين الجمع عينيه معلقة بها يراها الفتاة الصغيرة ابنة الثامنة عشر التي أحب ، الفتاة التي كان يراها تحمل حقيبتها وتنزل راكضة لتلحق بجامعتها وهو يقف يراقبها حالما من بعيد ، قلبه يدق بعنف يكاد يرقص من شدة سعادته بعد كل تلك السنوات بعد طول عذاب باتت له أخيرا ، أصبحت زوجته بعد طول انتظار أو ستصبح بعد عدة لحظات نزلت لأسفل ورؤى جوارها جلست على أحد المقاعد ليقترب مراد جلس على ذراع يشاكسها :
- بيقولولي إني شبهك اني زيك حتة منك واخدة قلبك في المشاعر والكلام ، بيقولولي اللي شافوكي كتير لاقوكي شبه ابن أخوكي
ضحك كل من كان واقفا حتى المأذون ، الذي جلس في المنتصف بين عاصم ومحمود
قفز مراد سريعا يلتصق بجاسر كالطحلب يهمس يتوسله :
- عمي حبيبي يا مالي عينيا يا قلبي يا روحي يا كل كياني ، ينفع تخلي الفرحة فرحتين والجوازة جوازتين ونحاسب المأذون مرة واحدة وتجوزني بنتك يا حمايا
قبض جاسر على رقبة مراد من الخلف يدفعه إلى عاصم يردف غاضبا :
- عاصم ابعد المتخلف دا من قدام خلقتي ، يلا يا عم الشيخ قبل ما يجيلي السكر
بدأ المأذون عقد القران ودقات قلبها تكاد تُسمع الجميع ، إلى أن انتهت بجملته المعتادة :
- بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير ، مبروك يا جماعة
قفز مراد ينتزع المنديل يضعه في جيب سرواله ينظر لمريم يغمغم عابثا :
- ما تجيبي ايدك في ايدي تحت المنديل يا جميل ، ااااه في ايه
صرخ متألما حين هوى رعد بيده على رقبته يغمعم حانقا :
- ما تتلم بقى ساكتلك من الصبح ، ما اتلمتش هجوزها لوليد صاحب يوسف وذنبك على جنبك
اقترب محمود من فاطمة يبتسم سعيدا أراد أن يعانقها ولكنه شعر بالاحراج من أن يفعل ذلك أمام الجمع فاردف سعيدا :
- مبروك ، ألف مبروك ، يلا عشان نمشي
توترت فاطمة كثيرا تنظر حولها تبحث عن أشقائها لترى عاصم يقترب منها عانقها يوجه حديثه لمحمود :
- فاطمة في عينيك يا عم محمود ، على الله تزعلها ، أنا وجاسر هنوصلكوا يلا ، ومش هناخد رؤى عشان هتفتحها مناحة عياط
تحركت فاطمة تودعهم جميعا تعانق الكل ، إلى أن أخيرا جلست في السيارة جوار محمود متوجهين إلى منزلها ، عاصم خلف المقود ، وجاسر يبدو شاردا ، وصلت السيارة بعد وقت ليس بقصير ، نزلت فاطمة ومعها صفاء ومحمود إلى عش الزوجية السعيد ، أوصلوهم إلى أعلى وعانق عاصم شقيقته يوصي محمود بها للمرة الالف تقريبا
نظرت صفاء إلى ولدها تغمغم تتوعده :
- واد يا محمود تزعل البت هعلقك ، وأنتي يا بت يا طمطم اوعي تزعليه دا اللي طلعت بيه من الدنيا ، أنا مش هرخم عليكوا بقا واقولكوا صباحية ومسائية أنا هسيبكوا تشبعوا ببعض ، يلا سلام عليكم يلا يا عاصم
نزل الجميع وبقيت هي معه في صالة المنزل تبتسم متوترة تقبض على أطراف فستانها الأبيض اقترب منهل وأول ما فعله كان عناقها، عناقا طويلا قويا لا يعبر مدار ذرة عن شوقه وسعادته :
- أنا مبسوط أوي يا فاطمة أنتي مش متخيلة أنا سعيد وفرحان قد ايه
ابعدها عنه برفق حين لاحظ صمتها المبالغ فيه ، ابتسم يشير إلى طاولة الطعام :
- تعالي نتعشا دا أنا واقع من الجوع
أمسك بكف يدها قبل أن يتحرك معها سمعها تهمس متوترة للغاية :
- محمود هو إحنا ممكن نأجل اللي هيحصل كام يوم
التفت لها يقطب جبينه يسألها :
- في عذر يمنعك
شعرت بالحرج قبل أن تحرك رأسها للجانبين ، نظرت إليه متوترة لترى الابتسامة اختفت من على وجهه يردف بكلمة واحدة :
- يبقى لاء !!
في صباح يوم الحفل المنتظر في فيلا جلال المهدي ، تدور تهاني خلف عُدي تحاول إقناعه بأن يوافق على حضورها الحفل ، نصار أخبرها سلفا أنها يجب أن تحضر الحفل ، وهي لا تستطيع أن ترفض ما قاله ... تأفف عُدي من إلحاح تهاني المبالغ فيه ، ليرتمي بجسده على الأريكة يلتقط كأس نبيذ من فوق الطاولة أمامه التفت لها يغمغم بنزق :
- يا تهاني يا روح قلبي افهمي هتحضري ازاي بس جاسر مهران هيبقى موجود وأكيد هيعرفك ، ومعاه كمان عاصم طليقك ، دول مش بعيد يعملوا فضيحة في الحفلة وبعدين ما تقوليش الماسك هيغطي وشي الماسكات صغيرة يادوب تخفي منطقة العين والمناخير بس ، يعني بنسبة كبيرة هتتعرفي
ولذلك نصار أذكى لأنه دوما ما يسبقه بخطوة أرسل إليها صباحا قناع أسود مزين بخزرات فضية لامعة يغطي وجهها بالكامل وأخبرها أن ترتدي عدسات لاصقة لتُغير لوني عينيها وبذلك لن يتعرف عليها أحد ، أخرجت تهاني القناع من خلف ظهرها تغمغم سريعا :
- لاء الماسك بتاعي مختلف ، أنا شرياه بنفسي بص حتى هيغطي وشي كله وكمان هلبس لانسز مختلفة عن لون عينيا ، وأنت تقولهم إني صاحبتك وابقى سميني اي اسم اقولك قولي يا روز اسم جميل واجنبي كدة في نفسه عشان خاطري يا بيبي وافق
تنهد عُدي قلقا ولكن لا مبرر للرفض ليقوله حرك رأسه موافقا لتصرخ تهاني سعيدة تعانقه بقوة ويبادلها هو يتمنى فقط ان تمر الليلة دون فضائح
_______
في منزل سامر استيقظ صباحًا والتزم فراشه كتف ذراعيه خلف رأسه ينظر لسقف الحجرة تلوح على شفتيه ابتسامة شاردة يفكر فيها منذ أن رآها أول مرة في تلك الشقة ، كل مرة رآها فيها أريچ تلك الصغيرة لها سحر خاص لا يفهمه
هو فقط يشعر بأنه يود أن يراها دوما ، يشعر بالسعادة حين تضحك ، قلبه يدق بعنف حين تبتسم له ، أجفل على صوت مواء قطه ، نظر جواره ليرى القط يقفز على سطح الفراش يصعه فوق صدره نام يخرخر بهدوء ليبتسم سامر رفع يده يمسح على جسد القط يحادثه :
- ايه يا عم شيتوس وحشاك بسكوتة ولا ايه ؟!
ابتسم يتنهد بعمق حالما :
- أنا كمان وحشتني بسكوتة وصاحبة بسكوتة وضحكة صاحبة بسكوتة وجمال عيون صاحبة بسكوتة
- يا سيدي يا سيدي على الحب
نظر سامر خلفه سريعا ليرى أبيه يقف جوار باب الغرفة يمسك في كف كوب الشاي باللبن المعتاد ابتسم سامر محرجا استند بكفيه إلى سطح الفراش ليعتدل فقز القط من فوق صدره يلعب أرضا ، اقترب والد سامر منه جلس على حافة الفراش جواره يعطيه الكوب في يده يحادثه مبتسما :
- قولي بقى يا سيدي مين صاحبة بسكوتة اللي عينيها حلوة دي
ارتبك سامر ليأخذ الكوب من يد أبيه يرتشف منه قبل أن ينظر إلى أبيه محرجا يهمس متوترا :
- أريچ أخت دكتور جاسر ، بصراحة يا بابا أنا حاسس اني بحبها ولو ينفع يعني نروح نتقدملها
شقت ابتسامة كبيرة شفتي والد سامر ليقترب من ولده يحتضنه بقوة يغمغم سعيدا :
- يا حبيبي دا يوم المنى لما اشوفك عريس ، خلاص اتصل بدكتور جاسر أو هات رقمه وأنا هتصل بيه أو هات رقم والده بص أنا معاك لو عايز نروحلهم حتى دلوقتي ، المهم اني اشوفك سعيد
ابتسم سامر يعانق أبيه يومأ برأسه اليوم سيطلب جاسر ليأخذ منه ميعاد مناسب ليذهب ويطلب يدها
_________
في منزل علي
قام شريف من فراشه يستند إلى عكازه يتحرك بصعوبة ظاهرة يبدل ثيابه ليخرج من الغرفة
قابل ليان تخرج من غرفتها اندهشت حين رأته اقتربت منه تحادثه قلقة :
- رايح فين يا شريف أنت تعبان
ابتسم لها يحرك رأسه للجانبين يردف :
- زهقت يا ليان من القعدة في السرير عايز انزل اشم هوا شوية ، اتخنقت .. تعالي معايا لو عاوزة نروح كافية قريب نشرب حاجة وروحي شغلك وأنا هرجع تاني
ابتسمت توافقه تحركت صوب باب المنزل تفتحه ، طلبت المصعد حين دخلا إليه أمسكت بيده الأخرى التي لا تستند بالعكاز تضعها على كتفها ليستند على كتفها ، ابتسم لها حين فعلت ذلك ، خرجا من المصعد ليوقف سيارة أجرة ، أخبر السائق بعنوان المقهى التي كاد يرتاده دوما بصحبة مرام !! ، شرد طوال الطريق يتذكر مرام حياته معها حبه الكبير لها والتي ألقته بعيدا على طول ذراعها دون أن تعطي حسابا لسنوات طوال أحبها وأحبته منذ أن كانا طفلين تقريبا ، رغم كل ما حدث منها إلا أن هناك في جزء بعيد في قلبه يكمن حبها مختبئا خلف الألم والخذلان وجرح عميق في منتصف قلبه لم يندمل ولن يفعل قريبا ، توقفت سيارة الأجرة بهما أمام المقهى ، ساعدته ليان على النزول من السيارة ليمد يده في جيب سرواله يعطي للسائق نقوده ، تحرك جوارها للداخل ومن وقع كلام مرام السيء في نفسه جعلته ينظر خلسة إلى شقيقته ليرى أتشعر هي الأخرى بالحرج من السير جواره ، ولكنه رآها تبتسم نظرت إليه تبتسم تردف :
- بتبصلي ليه يا عم إنت ، اوعى تكون بتعاكس خد بالك أنا اخويا ظابط قد الدنيا
ضحك بخفة يومأ برأسه تحركا للداخل إلى أقرب طاولة جلس شريف وجلست ليان أمامه تحركت عينيه تلقائيا صوب الطاولة القريبة هناك اعتاد الجلوس بصحبة مرام ، يتحدث بحماس عن حياتهم القادمة وهي تحادثه بنفس الحماس ولكن عن زيادة أعداد المتابعين في الفترة الأخيرة ، تنهد متألما ليرفع يده يمسح وجهه بكف يده ، حرك رأسه صوب ليان ليراها تنظر من خلال إحد جدران المقهى الزجاجية إلى واجهة المتجر المقابل لهم ، ربما أعجبها أحد تلك الفساتين المعروضة خارجا فسألها :
- عجبك أنهي واحد فيهم ؟
ابتسمت ليان تحرك رأسها ناحيته تردف :
- اللي في النص ، ايه رأيك ؟
نظر إلى الفستان الأوسط فضي اللون ، فستان خاص بالحفلات فقط تصميمه بسيط راقٍ ، أعجبه اومأ لها يبتسم قبل أن يردف :
- جميل أوي تعالي نشرب حاجة ، ونروح تشوفيه ولو عجبك نجيبه
ابتسمت تنظر لقائمة المشروبات أمامها قبل أن ترفع وجهها لشريف :
- أنا هاخد نسكافية وأي كيك بالشوكولاتة
رفع شريف يده للنادل ليحضر الأخير ، طلب نفس ما طلبت شقيقته وأخذ نادل الطلب وغادر ، مدت ليان يدها تمسك بيد شريف الموضوعة على سطح الطاولة ابتسمت تسأله :
- مالك يا شريف من ساعة ما دخلنا وأنا حساك شارد ومتضايق
ابتسم لها يحرك رأسه للجانبين وقبل أن يقول شيئا لمحت عينيه شابا يجلس على طاولة قريبة منهم يرفع هاتفه يلتقط لهما الصور ، شعر بالغضب الشديد نزع يده من يد ليان يرتكز على عكازه يتحرك نحوهه قبض على هاتفه ليرى أنها فعلا صورة له هو وليان تمسك يده على سطح الطاولة ، نظر شريف إلى الشاب أمامه ليصرخ فيه بعلو صوته :
- إنت مين اللي أداك الحق أنك تصورني ، ايييه كل واحد فيكوا شايل زفت فاكر نفسه مصور في ناشيونال جيوغرافيك وإحنا الحيوانات اللي بيصورها ، وطبعا هتروح منزلها على اللون بكابشن لذيذ عن الحب واللي قاعدة قدامي دي أختي ، وهوب الصورة تنتشر من هنا لهنا وكل واحد يعبر عن الصورة برأيه ، قرب وشوف الحب على أصوله ، شوفتوا خطيب البلوجر بعد ما خانها الخاين ، انتوا ناس بتعشق التريند
حذف الصورة وتأكد من حذفها نهائيا من هاتف الشاب قبل أن يعود لطاولته من جديد جلس أمام شقيقته غاضبا ؛ ليشعر بتوتر ليان الشديد مما حدث فأعين من في المطعم جميعا مصوبة إليهم حمحمت تهمس :
-شريف يلا نمشي كفاية كدة
حرك رأسه للجانبين يرفض ذلك :
- نمشي ليه إحنا ما عملناش حاجة غلط هو عيب إني أخرج أنا وأختي على آخر الزمن
الوقت الذي قضته ليان داخل المقهى كان الأكثر توترا ، تشعر بأن أعين الجميع مصوبة عليهم ، تنفست من جديد حين خرجا من المقهى ، حاولت إقناعه بالعودة للبيت ولكنه أصر على الذهاب لمتجر الملابس لتجرب الفستان ، وافقت حتى لا يتضايق أكثر ... حين دخلا إلى المتجر ، توجهت إلى إحدى العاملات تسألها :
- لو سمحتي كان فيه فستان فضي على المانيكان من شوية ، ممكن اشوفه
ابتسمت العاملة محرجة تعتذر منها :
- أنا آسفة جداا يا افندم في آنسة بتقسيه لو ما عجبهاش تقدري حضرتك تشوفيه
ابتسمت ليان لها عادت لشريف تخبره بما حدث ليردف هو :
- طب اتمشي في المحل يمكن حاجة تانية تعجبك غيرك لو البنت خدته
تحركت ليان هنا وهناك تنظر لقطع الثياب حولها ، حين ارتمت في شخص ما ، رفعت وجهها لتبتسم تقول مدهوشة :
- زينب ازيك عاملة ايه ؟
ابتسمت زينب مرتبكة تومأ برأسها :
- أنا كويسة الحمد لله ، أنتي عاملة ايه
كادت أن تجيب ليان حين فُتح باب غرفة القياس وخرجت مليكة تلتف حول نفسها بخفة بالفستان الفضي تحادث زينب :
- ايه رأيك يا زينب ، أنا حاسة أن دا احلى واحد فيهم ، أنا مش عايزة حاجة تبقى أوفر ودا بسيط وشيك في نفس
وقفت مليكة أمام زينب لتبتسم ليان ، الفتاة أمامها تبدو سعيدة حقا بالفستان إذا لا رفصة لها فيه بادرت هي تقول قبل زينب :
- جميل أوي ، مبروك عليكِ ..ولا إيه يا زينب
حركت زينب رأسها تؤيد ما قالت ليان :
- فعلا حلو جداا عليها ، خلاص نبقى ناخد دا من الصبح بنلف على فستان ، وبعدين ما تنسيش لسه الميكب وشعرك لسه قدامنا يوم طويل
- ليان ها اخترتي حاجة ولا لسه
نظروا جميعا لمن تحدث ليصفر وجه زينب حين رأت ذلك الوقح الذي أهانها ، أما شريف فتعجب حين رأى شقيقته تقف جوار الفتاة التي صرخ في وجهها قبل فترة ، من الجيد أن يراها من جديد حتى يعتذر منها ، اقترب يرتكز على عصاه وقف بالقرب منهم يوجه حديثه لزينب :
- آنسة زينب إزيك عاملة ايه ، أنا آسف ، حقيقي بعتذرلك على اللي حصل ، أنتِ مالكيش ذنب في حاجة ؤ أنا آسف جداا بجد
هنا أدركت مليكة أن ذلك هو الوغد الذي صرخ في وجه صديقتها وطردها من منزله ولكنه يبدو مهذبا ، كتفت ذراعيها تحادثه بحدة :
- كويس أنك اعتذرت ، مع أن اعتذارك دلوقتي مالوش اي لازمة ، أنك تأذي حد مالوش ذنب لمجرد أنك مضغوط أو متضايق وبعد كدة تعتذر منه شبه أن ترمي ورقة في النار وبعدين ترجع تدور على الرماد
صدقا تلك ليست كلماتها سمعت جاسر يقولها قبلا ، وكلماتها التي اقتبستها من جاسر أشعرت شريف بالذنب المضاعف ولكنه لم يكن يملك سوى الإعتذار نظر لزينب يعتذر منها من جديد :
- أنا آسف ، صاحبتك معاها حق ، أنا بجد آسف
زينب لم ترد ، زينب تجمدت فجاءة وفرت الدماء من جسدها وشحب وجهها كالموتى تنظر أمامها عينيها تكاد تخرج من محجرها حين رأت فؤاد ابن خالها ذلك الوغد الذي كان يتحرش بها منذ طفولتها متى عاد لمصر ذلك الوغد ألم يكن سافر منذ سنوات ، ارتعش جسدها خوفا وطرفت عينيها الدموع ، لاحظت مليكة حالتها لتقترب منها تسألها قلقة :
- مالك يا زينب ، فيكي ايه
نظرت مليكة إلى ما تنظر صديقتها لترى رجل يقف بالقرب منهم مع إحدى عاملات المحل ، رجل لم تعرفه ، من هو لتخشاه زينب لذلك الحد ؟ في اللحظة التالية عرفت حين همست زينب لها مذعورة :
- دا فؤاد ابن خالي يا مليكة
ذلك الوغد المتحرش إذا هو من كان يتحرش بصديقتها حين كانت طفلة ستنهش لحم وجهه بأظافرها ، وقبل أن تذهب إليه فعل هو ، أقبل إليهم يبتسم كوغد لا يظهر على وجهه الخسة أبدا يوجه حديثهم لزينب :
- زينب عاش من شافك ، أنتي بتعملي ايه هنا ومين دول ؟
تمسكت زينب بذراع مليكة أكثر تشعر أن لسانها قد شُل من الخوف ، نظرت مليكة لفؤاد تصيح فيه :
- بقولك ايه يا جدع إنت ، اخفى من قدام وشي احسنلك
اغتاظ فؤاد من الفتاة الوقحة الواقفة أمامه ليحادثها :
- إنتي بتتكلمي كدة ليه يا بت أنتي ، ما تنطقي يا زينب مين دول ويا ترى بقى أمك عارفة أنك بتخرجي مع رجالة زي البيه اللي الواقف دا
صدقا حاول شريف أن يظل هادئا في ظل ما يحدث ولكن ذلك الوغد يبدو وقحا اقترب منه يقف أمامه وابتسم رفع يده يجذب تلابيب ثيابه بعنف يحادثه بحدة :
- بطاقتك ياض أما نشوف البيه اللي شايف نفسه عليه سوابق عليه
ضحك فؤاد ساخرا ينزع نفسه من يد شريف يتهكم :
- وأنت فتكر بقى لما تعمل فيها ظابط هصدقك ، دا ظابط ايه المكسح دا
ضحك شريف ساخرا هو الآخر ليقترب منه يردف متهكما :
- بص أنا مش هعملك فيها شاروخان واخبطك برجلي في صدري انيمك في الأرض ، عشان أنا مش عاوز اوسخ الجزمة ، بس قسما بربي لو ما خفيت من قدام وشي لهوريك الظابط المكسح دا هيعمل فيك ايه
نبرة شريف الحادة ونظراته القوية الواثقة جعلت فؤاد يفكر أنه ربما فعلا يكون ضابط كما قال ، تراجع عدة خطوات ينظر لزينب ساخطا يتوعدها :
- صدقيني أنا هبلغ عمتي بكل اللي بتهببيه دا
وتركهم وغادر دون كلمة أخرى ، احتضنت مليكة زينب تحاول أن تهدئها :
- ما تخافيش يا زينب ، ولا هيقدر يعمل حاجة ولو عمل بلغي والدك هو هيصدقك ومش هيصدق الكلب دا ، أنا هغير هدومي بسرعة ونمشي
اجلست مليكة زينب على أحد المقاعد الموضوعة جانبا لتهرع إلى غرفة القياس لتبدل ثيابها ، نظر شريف للفتاة المذعورة أمامه ومن ثم نظر لليان يطلب منها بعينيه أن تذهب إليها وفعلت ، جلست جوارها تحاول أن تقول شيئا لتهدئها به :
- ما تخافيش يا زينب إحنا كلنا جنبك أهو ، وبعدين شريف يقدر يعمله محضر عدم تعرض لو عاوزة ، هاتي موبايلك
سحبت ليان الهاتف من يد زينب تفتحه بسهولة الفتاة لا تضع حتى رمز حماية نظرت إليها تردف :
- حطي باسوورد يا زينب ما ينفعش تسيبي موبايلك مفتوح كدة
سجلت رقم شريف لديها ومن ثم اتصلت به من هاتف زينب ، دق هاتف شريف ليخرجه من جيب سرواله ينظر للرقم لتبادر ليان قائلة :
- دا رقم زينب يا شريف سجله عندك عشان لو اتصلت بيك عشان تساعدها تعمل محضر
اومأ برأسه بلامبلاة يفعل ذلك ، يعيد الهاتف لجيب سرواله
_____________
في منزل عمرو
تحديدا في غرفة جواد تراه هناك يجلس على مقعد صغير في شرفة غرفته يتطلع للحديقة شاردًا ، كلمات ليان لا تبارح أذنيه وهي محقة هو كان وربما سيظل شخص أناني يحب ذاته أكثر من الجميع ، دموعه تهبط بلا توقف في تلك الأثناء دخلت روان إلى غرفة ولدها لن تخرج منها قبل أن تحادثه ، عليها أن تفعل قلبها يتمزق إلى أشلاء كل لحظة وهي تسمع صوته يبكي ... وضعت صينية الطعام أمامه على سطح الطاولة وجذبت مقعد تجلس جواره
مدت يدها نحوهه تشجع نفسها أما الآن وأما ستظل علاقتهم هكذا بسببها ، رفعت يدها إلى رأسه تمسح على رأسه كما لو أنه طفل صغير ، أما هو فارتسمت على شفتيه ابتسامة صغيرة شاحبة تتألم ، لم ينظر إليها أما هي فالتمعت الدموع في عينيها تهمس تحادثه بحرقة :
- جواد أنا آسفة ، أنا عارفة أن كلمة آسفة ما ترجعش اللي فات ، بس والله يا جواد كان غصب عني ، أنا بحبك والله أوي ... أنا الفترة دي جالي اكتئاب شديد يمكن أنت ما تعرفش سببه ايه ومالكش ذنب فيه ، جواد أنا اتولدت ما شوفتش حتى ماما أو ما لحقتش اشوفها ، اتطلقت وسابتني وسافرت وجدك هو اللي رباني ، فضلت سنين طويلة حتى بعد ما اتجوزت أنا وباباك نفسي اشوفها وأسألها هي ليه سابتني أنا عملت ايه وحش ، لحد ما عمرو عرف يوصل لمكانها ... وخدني وسافرنا كنت فرحانة أوي اني هشوفها زي العيلة الصغيرة ، تعرف أنا كنت هسامحها على كل حاجة أول ما نتقابل وتاخدني في حضنها ، بس لما شوفتها ما عرفتنيش حتى ، قولت عادي ما هي بقالها سنين ما شافتنيش بردوا ، كنت بكلمها بكل حماس وأنا سعيدة وبقولها إني بنتها ، النظرة اللي شوفتها في عينيها عمري ما هنساها نظرة بشعة نظرة جفاء واحتقار وكل اللي قالته أنها مش عيزاني وأن أكبر غلطة عملتها في حياتها أنها اتجوزت صلاح وخلفت منه وأنها ما تحبش تشوفني تاني أبدا
هنا شعر جواد بالشفقة على والدته التفت برأسه ينظر إليها حزينا ، رأى الألم يتجسد على وجهها قبل أن تشهق في البكاء تردف بحرقة :
- الوجع اللي حسيت بيه وقتها كان أبشع مما كنت أقدر اتحمل يا جواد ، دخلت في اكتئاب شديد مش قادرة اتعامل مع حد ، مش قادرة حتى اتعامل مع نفسي ، ما كنتش متخيلة أبدا أن دا هيكون رد فعلها ، شعور طفل صغير فرحان رايح يجري يحضن مامته وبدل ما تحضنه ضربته بالقلم ، الإكتئاب دا مرض بشع عامل زي الوحش بينهش في الروح ، فضلت اتعالج منه أكتر من سنتين بس طبعا أنت كنت كرهتني تماما ومع إهمال عمرو ليك كمان وانشغاله في الشركة عشان يثبت لوالدي أنه قد مسؤولية الشركة ، ضيعت إنت وأختك في النص ، وأنت بالأخص ... أنت مش وحش والله يا ابني أنت ما وحش إحنا السبب ، حقك عليا يا جواد أرجوك سامحني
تحركت حدقتي جواد الذابلة على وجه والدته وهي تبكي تتوسله :
- أنا عاوزة احضنك يا جواد ، أنا بقالي سنين ما خدتكش في حضني
اغمض عينيه يبتسم شاحبا وصورة نور تتجسد أمام عينيه تبتسم له تمد يدها له تدعوه إليها ، مال بجسده يضع رأسه بين أحضان والدته لتبكي روان بحرقة تعانقه بقوة تقبل رأسه تشعر بيده تحتضنها ، إلى أن تراخت يده فجاءة وتهدل جسده بين أحضان والدته ، فزعت روان حين حدث ذلك لتربت بيدها على وجهه بخفة تحادثه :
- جواد ، جواد رد عليا يا حبيبي ، جواد فتح عينيك ، جواد أنت مغمض عينيك كدة ليه ، جوااد عشان خاطري فتح عينيك ... جواااد
____________
ها هو الليل يقترب وها هو موعد الحفل يدنو أكثر ... في منزل عاصم
وقف عاصم في صالة منزله يرتدي حُلة أنيقة ينظر لصورة أبيه أمامه ، الغضب داخله يتفاقم منذ أن أخبره جاسر بكل شيء صباح اليوم ، حضور حسين وچوري بات خطرا عليهما ولكن الأمور يجب أن تسير طبيعية ، أجفل على صوت حسين يأتي من خلفه :
- بابا أنا جهزت ، يلا ولا ايه
التفت عاصم إلى ولده يومأ برأسه اقترب منه رفع يده يضعها على كتفه يحادثه بصوت خفيض حازم :
- اسمعني كويس يا حسين وركز ، في أي لحظة أنا أو عمك جاسر طلبنا منك أنك تاخد چوري وتمشي تعمل كدة في ثواني
قطب حسين جبينه قلقا ليعاود سؤال أبيه :
- ليه يا بابا ، هو هيحصل ايه ؟!
يسأل من حقه أن يعلم ولكنه لا يملك حق الإجابة الآن تنهد يردف محتدا :
- بعدين صدقني هفهمك كل حاجة بعدين ، المهم أن سلامة چوري مسؤوليتك أنت من اللحظة دي ، وما تقولش اي حاجة لچوري ، بص من الآخر جاسر ناوي يسحب السجادة من تحت رجلين واحد من المنافسين وهيعمل كدة في الحفلة ، وهو خايف على چوري أحسن الراجل دا يتجنن ويفتح النار ولا حاجة فاهمني
لم يقتنع حسين بما قال أبيه تمام الاقتناع ولكنه وافق ، سلامة چوري هي ما تهمه على كل حال ، اومأ يوافق على ما قال أبيه ليبتسم عاصم له يربت على كتفه يأخذه ويتحركان إلى منزل جاسر مهران
____________
في شقة جاسر المقابلة لشقة مليكة هو هنا منذ الصباح حتى يتجهز للحفل ، يتجهز جيدا وأول ما جهزه كان سلاحه الشخصي المرخص لا يعرف لما ولكنه شعر حقا أنه سيحتاجه ، وقف أمام مرآة غرفته يعقد رابطة عنقه يرتدي حلة سوداء وقميص أبيض ورابطة عنقها تماثل حلته سوادًا ، عقد ساعة يده الفضية ووضع القليل من عطره وتأكد أن مسدسه في غمده ، الآن كل شيء جاهز للرحيل ، سحب مفاتيح سيارته يتوجه لخارج المنزل أغلق الباب ووقف في حيرة من أمره ، أيدق الباب عليها أم ينتظرها بالأسفل ، أم يطلب رقمها ويخبرها أنه يقف في الخارج ، يتذكر أنه حين كان يدرس بالخارج واعد عدة فتيات من جنسيات مختلفة ، لم يشعر بذلك التوتر الذي يشعر به الآن ... قرر انتظارها بالأسفل بعد طول صراع وما أن قرر ذلك فُتح باب الشقة المقابلة له ، رفع عينيه ينظر لمن خرج لتتوسع حدقتيه وتختفي أنفاسه لعدة لحظات ولأول مرة عقله الرافض يشعر يتشوش وربما يدور وربما سُحِرَ مما يرى ، جميلة لا جميلة كلمة قليلة بل ساحرة ، فستان فضي بسيط مغلق أعجبه أنه ليس عارٍ ، شعرها الغجري الذي يبعثر كيانه يتمنى لو يخفيه عن أعين الجميع حتى لا يراه غيره ، مع زينة خفيفة زادتها بريقا وحقيبة صغيرة تمسكها في كف يدها ، ابتسمت متوترة حين رأته تدلت خصلة من شعرها على وجهها لتسارع تخفيها خلف أذنها تشعر بالتوتر الشديد ، لما هو صامت ؟ لم ينطق بحرف واحد منذ عدة دقائق
رفعت وجهها تنظر إليه لتحمحم تردف متوترة :
- هو في حاجة يا دكتور جاسر
استيقظ توا على صوتها حركت رأسه للجانبين حمحم يردف سريعا :
- ها ، لا أبدا أبدا اتفضلي عشان ما نتأخرش
اقترب من المصعد وهي أيضا مدت يدها تضغط على زر المصعد ليصطدم كفها بكفه توترت تبعد يدها سريعا في حين حمحم هو مرتبكا ، منذ متى وهو يرتبك ؟! دخلا إلى المصعد وقف جانبا يحادث نفسه داخليا :
- هي أحلوت أكتر ما هي حلوة ولا ايه ؟!
نظر إليها حمحم يحادثها متوترا :
- على فكرة الفستان حلو أوي عليكي وشيك أوي
شعرت بالخجل يغرقها مما قال ابتسمت تشكره بصوت خفيض هامس تقبض أظافرها على حقيبة يدها الصغيرة تحاول أن تهدأ ، وصل المصعد لأسفل فتح الباب وخرجت أولا وهو خلفها تحركا معا إلى سيارته ليتقدم هو سريعا فتح لها الباب المجاور له ينحني قليلا بحركة درامية مردفا :
- اتفضلي يا برنسس الحفلة
ضحكت خجلة على ما قال قبل أن تجلس ، أغلق الباب ليلتف سريعا يجلس جوارها أعطاها ابتسامة كبيرة قبل أن يدير محرك سيارته ليسمعها تسأله :
- إحنا هنروح على الحفلة على طول؟
حرك رأسه للجانبين مد يده يدير محرك السيارة يردف :
- لاء هنروح عند خالي الأول عشان مأكد عليا نروح كلنا سوا
__________
في فيلا جاسر مهران تحديدا في غرفة جاسر نفسه يقف أمام المرآة يعقد رابطة عنقه عينيه تتحرك شاردة يشعر بالقلق الشديد ليس مما سيحدث ، ولكن على رعد على الأغلب سيتسبب الليلة في تحطيم قلب ولده ، دق هاتفه برقم أحد مساعدي جاسر فتح الخط يستمع إليه لعدة دقائق قبل أن يردف بنبرة هادئة :
- تمام مع إشارتي تبدأوا تتعاملوا مش عايز اي غلط
وأغلق الخط يُعيد الهاتف لجيب سترته من جديد ينظر صوب الخارج شاردًا
بالقرب منه في غرفة رعد وقفت طرب أمام المرآة تنظر لانعكاس صورتها قلقة تضطرب حدقتاها تمتلئ بالدموع ، ستذهب لحفل كبير يقيمه عمها وأين ؟ في منزل والدها التي خرجت منه قصرا ، في قصر أبيها التي قضت فيها أجمل أيام لم يأتي مثلها أبدا ، الليلة لن تمر على خير تشعر بذلك ، لا تعلم ولكنها تشعر بأن كارثة على وشك الحدوث ، علاقتها برعد تتعدى لم تكن تعرف أن غضب رعد سيء لتلك الدرجة ، لم تشعر أن الدموع تنزل من عينيها تُغرق وجهها إلا حين سمعت صوته يأتي من جانبها يسألها :
- بتعيطي ليه ؟!
حركت رأسها ناحية اليسار لتراه قد خرج توا من المرحاض بعد أن بدل ثيابه بحلة سوداء للحفل وقميص أبيض دون رابطة عنق ، اقترب منها لتهرع هي إلى أحضانه وضعت رأسها على صدره تتمسك به تبكي بحرقة :
- أنا آسفة يا رعد ، عشان خاطري سامحني ... حقك عليا والله أنا غبية ومختلفة ، بس ما كنش قصدي ازعلك ، بالله عليك سامحني وحياة باباك
توجع قلبه ينظر إليها حزينا مشفقا كيف أوصلها لتلك الحالة بجفاءه وغضبه ، تنهد بقوة يُبعدها عنه قليلا رفع يديه يمسح الدموع عن وجهها برفق يحادثها :
- ممكن تبطلي عياط ، اعتبريني مش زعلان لما نرجع من الحفلة هنتكلم تاني في اللي أنتي عملتيه ، روحي اغسلي وشك وكملي لبسك
ابتسمت كما لو كانت طفلة صغيرة رفعت يديها تمسح دموعها تومأ برأسها سريعا شبت على أطراف أصابعها تلف ذراعيها حول عنقه تعانقه بقوة تهمس سعيدة :
- أنا بحبك يا رعد ، والله العظيم بحبك أوي أوي
ابتسم يربت على رأسها برفق يردف :
- يلا اتأخرنا روحي كملي لبسك
تحركت صوب مرآة الزينة تعدل زينة وجهها التي لطختها بدموعها لتراه يقف خلفها أخرج قلادة من الألماس من جيب سرواله يلفها حول عنقها وبدلا من أن تسعد بها نظرت إليه من خلال سطح المرآة تحادثه قلقة :
- ايه يا رعد أنا سامعة أغنية العدل فوق الجميع وبيعشقه المخلوق ، وفي صوت جواكِ بيقولك خافي خافي ، أنا ما بحبش البطاطس يا رعد
ضحك عاليا المجنونة ستصيبه بشلل نصفي بسبب عشقها المبالغ فيه للدراما ، انتهت سريعا ترتدي حذاء ذو كعب قصير نوعا ما ، التفتت له تبتسم تردف :
- إيه رأيك ؟
قام من مكانه يقترب منها وقف على بعد خطوة منها أمسك ذراعيها بكفيه يردف :
- زي القمر ، بس أنا لسه مصمم أنك لازم تتحجبي ، وما تتهربيش زي العادة على العموم لما نرجع لينا حديث طوويل أوي عشان إحنا ليه حياتنا اللي جاية طويلة مع بعض !!
ابتسمت تومأ برأسها توافقه وشيء ما بداخلها يخبرها أن لا عودة من الأساس ، أمسك بكف يدها يخرجان من الغرفة ليصادف خروج چوري من غرفتها ترتدي فستان ناعم بلون حبات اللؤلؤ وحجاب يتماشى معه ، ابتسم رعد يشير إلى شقيقته :
- شايفة القمر
واقترب من شقيقته أمسك بكف يدها لتلتف حول نفسها تضحك بخفة مما يفعل صدمته على ذراعه برفق تردف :
- بس ياض عشان مراتك ما تتضايقش وبعدين هي اللي زي القمر ، أنا نازلة اشوف سحس
قلب عينيه يقلدها ساخرا :
- أنا نازلة اشوف سحس ، محن كلاب أوي
بعد دقائق كان الجميع بالأسفل ، عادا جاسر مهران ... دُق الباب فتحرك رعد يفتحه ابتسم حين رأى جاسر ابن عمته ليرحب به :
- اهلا يا دكترة عاش من شافك ، ادخل على ما الحج ينزل
دخل جاسر بمفرده لأن مليكة خجلت من الخروج من السيارة والدخول معه ، بعد ترحيب الجميع ولحظات ونزل جاسر لتكن طرب هي أول من وقع عينيه عليها ، تنهد بقوة يبتسم لهم يردف :
- يلا عشان متأخرين
وبالفعل تحرك الجميع إلى سيارتهم يغادرون المنزل
______________
هناك في منزل جلال المهدي الكبير ، سترى بعض الضيوف قد حضروا بالفعل ، القصر من الداخل على أهبة استعداده لإستقبال ضيوف الليل ، النُدل يتحركون هنا وهناك تحمل أيديهم صينية عليها كؤوس مختلفة من النبيذ والعصير لمن لا يريد النبيذ يرتدون سترات بيضاء طويلة وسروال أسود يضعون حول أعينهم أقنعة سوداء تغطي العينين والانف فقط ، طاولة طويلة للغاية عليها عدة أصناف من المقبلات ، الموسيقى بدأت تعمل ، هناك بين الشباب يتحرك عمار بين النُدل لا يعرفه أحد يبتسم في وجوه الحضور ينحني باحترام للزوار يقدم الكؤوس لهم ، نظر صوب سلم المنزل حين نزل عُدي يتحرك كملك ، الوغد دمية نصار يظن نفسه ملكًا يمشي مختالا مغترا بنفسه كم يود أن يُخرج المسدس الذي يدسه في جيب سؤاله ويقتله هو وتهاني معًا ، الحية ها هي تنزل خلفه تتهادى بفستان أسود فاضح يلتصق بها وقناع أرسله نصار إليها لتُخفي ملامح وجهها المقززة التي تثير إشمئزازه منها ، كم سيكون سعيدا حين يعطيه نصار الإشارة اليوم ويخرج سلاحه وينُهي حياتها بيديه !! ،
توتر عمار حين سمع عُدي يغمغم مرحبا :
- اهلا اهلا بشريكي العزيز نورت الحفلة
نظر صوب الباب سريعا ليرى نصار يقف هناك يمسك بعصاه يرتدي حلة فاخرة ، تحركات نظرات عيني نصار يبحث عنه وعرفه أعطاه نظرة حادة ليبتعد عمار يُكمل تجواله في الحفل كما كان يفعل
دخل نصار إلى الحفل اقترب عُدي منه يصافحه بحرارة يغمغم سعيدا :
- نورت الحفلة يا نصار باشا ، الحفلة دي كلها معمولة على عقود شراكتنا اللي هنوقعها في نهاية الحفلة ، صحيح نسيت أعرفك روز صديقة أجنبية
نظر نصار صوب تهاني يحاول ألا ينفجر ضاحكا ، تهاني صديقة أجنبية واسمها روز !! نكتة مضحكة تفوز بجائزة نكتة العام بجدارة
ولتكتمل النكتة توجه نصار بوجهه صوب تهاني جذب كف يدها بخفة يطبع على سطحه قبلة صغيرة رفع وجهه إليها يتمتم مبتسما :
- اتشرفت بمعرفتك آنسة روز !
بالخارج توقفت سيارات الجميع ، ارتجف جسد طرب بعنف حين عبرت السيارة بها حديقة المنزل تنظر حولها باشتياق ولهفة بيتها ، ذاك هو بيتها هي ، حقها المسلوب بيدِ وغد دنئ نهب حقها ، مدت يدها تلقائيا تقبض على يد رعد تشير للبيت أمامها تتمتم بحرقة :
- دا بيتي يا رعد ، أنا عيشت أجمل سنين حياتي هنا ، قبل ما يتسرق مني
ضمها لأحضانه يربت على ظهرها برفق يحاول أن يهدئها ليتحدث جاسر :
-هشتريهولك منه يا طرب ما تعيطيش منك يا بنتي ، يلا انزلوا
ترجلوا جميعا من السيارات جاسر ورعد وطرب ، عاصم وحسين وچوري ، جاسر ومليكة ، قبل أن يدخلوا أوقفه فتاة تفف أمامهم لتردف مبتسمة :
- مساء الخير يا افندم نورتوا حفلتنا ، ما تنساش تاخد القناع بتاعك قبل ما تدخل الحفلة enjoy
قناع عن اي قناع تتحدث .. أمام الفتاة على الطاولة أقنعة سوداء وأخرى فضية من شكلها يظهر أن الأقنعة السوداء للرجال والأخرى للنساء ، رفض جاسر مهران وعاصم وضع تلك الأشياء على أعينهم ولم يرفض الشباب تجربة مختلفة أخذ جاسر قناع فضي لمليكة وضعته على عينيها تعقده من الخلف ليميل هو يهمس لها :
- شكلك تحفة
ابتسمت خجلة تشيح بوجهها بعيدا ، وقف حسين خلف چوري يعقد لها القناع ليسمعها تهمس تتوعده :
- عارف يا سحس لو شوفتك بتبص لأي بنت جوا هخرملك عينيك
توسعت حدقتي حسين ذهولا قبل أن يضحك مدهوشا مما تقول حبيبته المجنونة ، نظر عاصم لجاسر يتبادل كلاهما نظرات قلقة ، أقنعة ؟! لما الأقنعة لم تكن ضمن خطة تنفيذ الحفل ، جاسر بعث رجاله ليساعد بنفسه في تجهيز الحفل ، تحركوا جميعا للداخل يسبقهم جاسر وعاصم ، وهنا توجهت أنظار الجميع إلى مدخل الحفل حين دخل أهم ضيوف الليلة وبترحيب درامي مبالغ فيه تحرك عُدي يرحب بجاسر بحرارة وكأنهم أشقاء لم يروا بعض البعض منذ سنوات طوال ، أما جاسر فكان رده على تحية عُدي المبالغ فيها فقط ابتسامة صغيرة ومصافحة باليد ، تعلقت عيني نصار وعمار الواقف بعيدا بالرجل الواقف أمامهم ، عدو نصار الأول جاسر مهران الشيطان كما كان يُلقَب قديما ، رغم أن نصار يحفظ ملامح وجهه من الصور إلا أنه في الحقيقة يبدو مختلف ، تحيط به هالة غريبة أخافته حقا ، تحرك عُدي جوار جاسر يحادثه بحماس:
- ما تعرفش أنا سعيد إزاي عشان جيت ، حقيقي وجودك نور الحفلة ، تسمح لي اعرفك بشريكي الجديد نصار باشا
وقف جاسر أمام ذلك الرجل المدعو نصار ينظر إلى ذلك المدعو نصار رجل طويل القامة جسده نحيل إلى حد ما ، يمسك عكاز في يده ربما يعاني من كسر أو حادث ما ! ، ملامح وجهه مألوفة إليه ، مألوفة بشكل كبير ولكن ذلك مستحيل بل من سابع المستحيلات أيضا ، مد نصار يده صوب جاسر يبتسم :
- اتشرفت حقيفي برؤية شيطان السوق القديم جاسر باشا مهران
ابتسم جاسر في هدوء ،ينظر ليد الرجل الممدودة لعدة ثوانٍ قبل أن يمد يده يصافحه بهدوء يتمتم :
- اهلا نصار باشا اتشرفت بيك
ومن ثم جذب يده يضعها في جيب سرواله يوجه له سؤال مباشر :
- عُدي كان بلغني أن حضرتك الشريك الجديد ليه في شركات المهدي ، بس معلش أنا عندي سؤال ؟
توقع نصار سؤال جاسر ، عن الشركة المفلسة التي اشتراها هو وضخ فيها الأموال لتعمل من جديد ولما اختار شركات المهدي لشراكتها ولكن سؤاله كان مختلف :
- أنا شوفتك فين قبل كدة ؟
سؤال جاسر الغريب المباغت جعل نصار يتوتر للحظات حمحم يحاول أن يتحدث بنبرة عادية ولكنه شعر بالتوتر وذلك شعور يكرهه :
- لا ما اعتقدش ، أننا اتقابلنا قبل كدة ، يخلق من الشبه اربعين يا جاسر باشا زي ما بتقولوا هنا في مصر
ابتسم جاسر يومأ برأسه جاء عُدي وتهاني تعلق بديه كما لو علكة التصقت بثيابه ، أما عُدي فأكمل أداءه الدرامي يغمغم مرحبا :
- أنا حقيقي سعيد جداا بوجودكوا حقيقي كدة يبقى الحفلة ليها لازمة ، يارب الحفلة تعجبكوا
صحيح نسيت أعرفك جاسر باشا دي روز صديقتي
تحركت عيني جاسر ينظر لتلك الواقفة جوار عُدي تميل في وقفتها وكأنها هكذا ستصبح أكثر إغراءً مثلا ، تقابلت عيني جاسر بعيني تهاني على الرغم من أنها وضعت عدسات لاصقة بلون مغاير للون عينيها إلا أنه على أتم ثقة من أن أنها هي ، مدت تهاني يدها لتصافح جاسر ، نظر لها من أعلى لأسفل يعطيها ابتسامة صغيرة ملتوية ألتقط كأس عصير من الطاولة الموضوعة جواره يرتشف منه قبل أن بوجه حديثه إليها :
- متوضي
قبضت تهاني كفها تعيد يدها مكانها تنظر إليه غاضبة ، حركت عينيها إلى نصار لتراه يوجه إليها نظرة حادة ، كسر ما حدث صوت عُدي وهو يقول :
- معلش يا روز جاسر باشا ما بيسلمش شكله
تعالي نجيب لضيوفنا عصير
بعيدا كان يقف عمار يراقب ما يحدث عينيه تتحرك مع حركة أيديهم يحاول أن يستنبط الحديث الدائر ، على الرغم من كرهه لجاسر إلا أنه سعد كثيرا حين أحرج تهاني ورفض مصافحتها ، التفت جواره حين سمع صوت مألوف يهمس :
- إنت ناوي على ايه يا عمار
نظر مجاورا له ليرى زين يقف بالقرب منه ابتسم له قبل أن تتلاشى ابتسامته وتجحظ مقلتيه حين رأى هناك على مرمى بصره مليكة ها هي هناك تقف أمامه وأمامها ذلك الوغد جاسر ، ما الذي تفعله هنا ؟ مليكة لا يجب أن تكن هنا الليلة ، عليها الرحيل في الحال ، أجفل حين سمع صوت زين يهمس قلقا :
- عمار أنت ناوي على ايه ، عمار اوعى تأذي حد هيصفوك ، أنت مش متخيل حجم الحراسة الي برة قد ايه
ابتسم عمار يمد الصينية في يده إلى زين نظره حوله سريعا قبل أن يحادثه خلسة :
- خد كوباية الأول عشان ما حدش يشك ، وبعدين أنت عرفتني ازاي أصلا ما علينا ، صدقني أنا هنا عشان أحمي نصار من أي خطر بس ، لأن نصار مش مطمن لعُدي ما تخافش مش هأذي حد ... روح أنت دلوقتي وهشوفك آخر الحفلة
تنهد زين قلقا يومأ برأسه ، أشار لعمار برأسه أن ينظر خلفه وفعل الأخير ينظر لما يشير إليه شقيقه ليرى عاصم ، ها هو والده يقترب من حسين شقيقه يقف في المنتصف بينه وبين چوري إبنة جاسر مهران يحتضنها ينظر لحسين يضحك يشاكسه ، شعر بغصة تعتصر قلبه قبل أن ينفض ذلك الشعور السخيف وينظر لزين :
- روح يا حبيبي أنت لحضن أبوك لو عاوز ، خلي بالك من نفسك ، ما تقلقش لو حصل اي حاجة هتلاقينب جنبك
وتحرك عمار يبتعد عنه ليتنهد زين قلقا على شقيقه ، سيحاول بقدر الإمكان ألا يبتعد بعينيه عنه لأنه لن بالطبع ذلك الوغد نصار كلفه بفعل كارثة وعمار
كالعادة لا يرفض لنصار طلب ذلك الوغد يسيطر على شقيقه يحركه كالدمية لينفذ غاياته المقززة ، أجفل حين رفع عاصم يده يشير له ليقترب منهم ، تحرك إليهم وقف جنب عاصم يُلقي عليهم التحية ، ليسأله حسين :
- إنت جاي تبع الشركة بردوا يا زين
نظر عاصم إلى زين عن كثب رآه كيف ارتبك وقبل أن يحرك رأسه بالإيجاب بادر عاصم :
- ايوة يا حسين ، زين جاي تبع الشركة
ومن ثم ضحك بخفة يلف ذراعه حول كتفي زين يغمغم ضاحكا :
- الواد دا متربي عشر مرات مش زيك أنت والجزمة مراد ، عشان كدة أنا قررن اتبناه واتبرى منكوا
ضحكوا جميعا في حين توتر زين مما يقول عاصم يشعر ، في اللحظة التالية انتفض حين وضع شخص ما كفه على كتفه نظر جواره ليجد جاسر مهران يقف جواره نظر إليه يبتسم في هدوء يوجه حديثه لعاصم :
- مش تعرفني يا عاصم مين اللي أنت حاضنه دا
شعر زين في تلك اللحظة أنه يقف بين شقي الرحى عاصم على يساره وجاسر على يمينه ابتلع لعابه يهمس متوترا :
- أنا اسمي زين يا افندم، أنا مهندس في شركة عاصم باشا
ابتسم جاسر له قبل أن يتحرك جذب مقعد جوار ابنته يوجه حديثه لزين :
- زين آه ، چوري قالتلي أنك سافرت معاهم ساعة تنفيذ المشروع ، وأنك انقذت حياتها لما زقيتها بعيد عن الحجر اللي وقع وأنت اللي اتصابت ، وأنك كنت بتتعشى معاهم في الفندق قبل ما تسافر
شعر زين بالقلق مما يقول جاسر يحاول أن يحافظ على ابتسامته المرتعشة بقدر إستطاعته ولكن طريقة جاسر على الرغم من كونها هادئة إلا أنها حقا مخيفة ، حرك زين رأسه بالإيجاب سريعا ليأخذ جاسر كأس العصير من ابنته يرفعه صوب زين :
- في صحتك عشان بدلت الكوبايات بس
تجمدت ابتسامة زين خوفا تحركت عظام يده بصعوبة يصدم كأسه بكأس جاسر وهو يفكر في شئ واحد، جاسر مهران يعلم كل شيء والحفل لم يعد آمن لشقيقه !
أما هناك على طاولة قريبة ترى جاسر يجلس وأمامه مليكة ترتشف من كأس عصيرها على استحياء تنظر إليه خلسة بين حين وآخر لترى عينيه تلف المكان بأكمله ، عن من يبحث؟ لما لا ينظر إليها ؟ لما أخذها معه من الأساس وضعت الكأس من يدها تسأله :
- هو إحنا بنعمل ايه هنا ؟، وليه أنت عزمتني أجي معاك ؟
توتر ماذا سيخبرها هو هنا للبحث عن إجابة لأسئلته الكثيرة عن عمار ، رسم إبتسامة لطيفة على شفتيه يحادثها :
- بصراحة أنا كنت حابب أخرج معاكِ ولما اتعزمت على الحفلة لقيتها فرصة مناسبة في جو هادي لطيف ، على فكرة للمرة الالف هتفتكريني ببالغ بس فعلا أنتي زي القمر
ابتسمت خجلة تنزل أنظارها للكأس أمامها ، في تلك اللحظة لمحت عينيه نصار يقف وحيدا أخيرا ، هب واقفا يغمغم سريعا:
- أنا هروح الحمام خمس دقايق وجاي
وتحرك سريعا يختفي من أمام عينيها توجه صوب نصار ، اقترب منه ليمد يده يصافحه يردف بابتسامة لطيفة :
- نصار باشا ، أنا دكتور جاسر راضي لو سمحت كنت عاوز حضرتك في كلمتين بخصوص عمار ابن حضرتك
قطب نصار جبينه مستنكرا ما يقول جاسر قبل أن يبتسم يردف يصحح ما يقول :
- عمار مين أنا ابني اسمه عمر وعمر الله يرحمه مات من سنين ، ولو تحب شهادة وفاته بس هي أكيد مش معايا دلوقتي
هنا ضاقت الحلقة بجاسر أكثر عمر ابن نصار وعمر ميت ، مد جاسر يده سريعا في جيب سترته يفتح هاتفه يبحث عن صورة الملف الخاص بعمار التي التقطها على هاتفه ، رفع هاتفه أمام وجه نصار يراقب عن كثب تعابير وجه الأخير حين رأى الصورة ، وحدث ما كان يتمنى اهتزت حدقتي نصار ارتباكا قبل أن يجذب الهاتف من يد جاسر يدقق النظر للصورة فيه نظر إلى جاسر يحادثه منفعلا :
- الواد دا نصاب ما اعرفش عنه حاجة ، أنا هوديه في ستين داهية ، دا منتحل شخصية ابني ، لو سمحت يا دكتور ابعتلي الورقة دي ، أنا هوديه ورا الشمس
لم يقتنع لا يعرف لما ، ولكن الرجل كان يبدو غاضبا للغاية ومع ذلك صوته لم يعلو ، لربما كي لا يجذب أنظار اي شخص إليهم مثلا !! ، وجه ابتسامة صغيرة يومأ برأسه يطلب منه رقم هاتفه ليرسل له الصورة
أما هناك على جانب آخر تحديدا عند مليكة ، امتدت يد من جوارها تأخذ الكأس الفارغ الموضوع أمامها ليضع غيره ، نظرت للفاعل تود أن تشكره لتتجمد مكانها حين تلاقيت عينيها بعيني عمار ، للحظات تجمدت حتى الدماء في عروقها ، عمار هو كيف لا تعرفه تهدجت أنفاسها خوفا أما هو فابتسم وسمعت صوته يهمس بنبرة عاشقة ولهة :
- تعرفي أنك أحلى من القمر ، ابعدي عنه يا مليكة مش هستحمل اشوفك جنبه بدل ما أقتله !
شحب وجهها خوفا في حين انسحب هو من أمامها يبتعد عن أنظارها إلى أن اختفى ، وهي تجلس ترتجف خوفا من كلمات عمار ، إذا حدسها لم يُخطئ كانت تشعر منذ أن وطأت قدميها الحفل أن هناك من يراقبها واتضح في النهاية أنه عمار ، حاولت أن تبدو أكثر هدوءً حين رأت جاسر يقترب منها جذب المقعد يجلس أمامها يردف :
- معلش اتأخرت عليكي
تحركت عيني مليكة تحاول اختلاس النظر هي تلك المرة تبحث عن عمار خوفا من أن يقدم على تنفيذ تهديده ولكنه لم تره ، وجعلت جاسر يشك أن عمار في الحفل لسبب ما هو يشعر أنه هنا يختفي بين الحضور وتوتر مليكة المفاجئ يزيد صحة فرضيته ، إذا ليُظهر نفسه فلديه معه حساب طويل وإن كان عمار مهووس بمليكة إذا ليعطيه دفعة ليظهر ، قام جاسر من مكانه يغلق زر سترة حلته ، وقف أمام مليكة ينحي قليلا يمد يده إليها يطلب منها الرقص :
- تسمحيلي بالرقصة دي
ابتسمت مليكة متوترة نظرت حولها سريعا خائفة قبل أن تومأ برأسها توافق وضعت يدها في يد جاسر تتحرك معه صوب ساحة الرقص
وضعت يدها على كتفه والأخرى في كفه ليمد يده يقربها منه أكثر يتمايل معها على أنغام الموسيقى ، بدأ الحضور يتوجهون إلى ساحة الرقص واحدا تلو الآخر ، حتى أن نصار توجه إلى عُدي يطلب منه بابتسامة لطيفة :
- تسمحلي أرقص مع روز
لم يعترض عُدي بل ذهب إلى أحد الرجال يطلب منه الرقص مع رفيقته !!! ، ضم نصار تهاني إليه يتحدث إلى سماعة الهاتف في أذنه بصوت خفيض هامس يبتسم وكأنه يتحدث مع تلك التي يراقصها :
- عمار ، جاسر راضي هنا في الحفلة بيدور وراك ما تظهرش خالص ، اوعى تعمل اي رد فعل غبي يا عمار أنت فاهم ، ولما امشي هقولك عشان تتحرك قبلي ، اوعى تظهر يا عمار
نظر صوب تهاني يطفقها بنظرة ساخرة قبل أن يتمتم يسخر منها :
- روز يا تهاني !!
ضحكت الأخيرة عاليا تلف ذراعيها حول عنقه ليبعدها بخفة يهمس لها حانقا خفية:
- تهاني اتظبطي ، مش وقته الشغل بتاعك دا خالص ، جاسر مهران لو شك فيكي هتنتهي اللعبة من قبل ما تبدأ مش عايز غباء واتنيلي ارقصي
جذب رعد زوجته التي تجلس واجمة حزينة منذ دخولهم الحفل إلى ساحة الرقص يموه بها بين جموع الناس ضمها بين أحضانه ليشعرها بها تتمسك به بقوة تنهد يحاول أن يهون عنها :
- عشان خاطري اهدي ، اقسملك بالله هعمل كل اللي اقدر عليه عشان ارجعلك البيت دا ، ولو دفعت عشر اضعاف تمنه
أغمضت طرب عينيها الألم هو ما تشعر به ، الألم من الذكريات ، الألم من الواقع ، الألم من القادم ، الألم الشديد وهي تقف داخل بيتها كضيفة غير مسموح لها حتى بالصعود لغرفتها
القديمة تشبثت بذراع رعد بقوة تومأ برأسها ، ابتعدت عنه قليلا تحاول أن تبتسم وعينيها تتنقل تنظر لكل ركن أمامها هنا ، وكأنها ترى أبيها يجلس على ذلك المقعد هناك يحتسي قهوته يمسك بالجريدة يقرأها لتذهب هي تمازحه تأخذ منه الجريدة تحتضنه ، ولكن المشهد أمامها الآن مختلف ، عُدي هو من يجلس هناك يمسك بكأس نبيذ يضحك عاليا مع إحدى السيدات التي تكاد لا ترتدي شيئا ، وضعت رأسها على صدر رعد تغمض عيناها تحاول ألا تنظر لشيء حتى لا تفقد ما تبقى من شتات نفسها
أما هناك عند حسين وچوري ، ربما تلك هي رقصتهم الأولى بالطبع هي فكلاهما متوتر للغاية ، لم تكن تريد الرقص معه من الأساس ولكن وغدها العزيز أخبرها أنه سيذهب ليدعو فتاة ملونة تقف بالقرب منهم للرقص إن لم توافق ، لم تكن تعرف أنها تغار على حسين لتلك الدرجة ، كف يدها كان يرتجف بشدة داخل كفه ، تقلصت معدتها حين وضع كفه على خصرها يقربها منه الوقح الذي لا يخجل ، كمشت أصابع يدها الموضوعة على كتفه تهمس متوترة :
- تفتكر بابا هيزعقلي لما نروح
فما كان منه إلا أنه انفجر ضاحكا يحرك رأسه للجانبين يسخر منها:
- يا بنتي أنا جوزك والله ، ما تخافيش مش هيزعقلك ، ركزي بقى في الرقص ... صحيح يا چوري
رفعت وجهها إليه ليتحرك هو بملقتيه على صحفة وجهها ، شعر بالخوف من رفضها ما سيقول ولكن السؤال يؤرق مضعجه منذ أيام ويجب أن يحصل له على إجابة :
- أنا مش هقول أي حاجة لعمي جاسر قبل ما أعرق رأيك ، عشام لو رافضة ما احطكيش قدام الأمر الواقع ، ايه رأيك لما تطلع نتيجة يوسف ومراد ومريم وقبل دخولهم الجامعة نعمل الفرح مش بس خطوبة ، أصل إحنا مش محتاجين نتعرف على بعض إحنا في خلق بعض ليل ونهار ، أنا بسألك مش بفرض رأي ولو مش موافقة نعمل خطوبة عادي جداا ونأجل الفرح لبعدين
توترت مما قال زواج هي وهو ، لا تعرف ... موافقة وربما لا .... تود الإنتظار أكثر ، اضطربت حدقتاها تهمس متوترة :
- مش عارفة يا حسين طب اديني مهلة أفكر وأقولك
ابتسم يومأ لها موافقا يتمنى من صميم قلبه أن توافق
أما هناك عند جاسر ومليكة ، ضم جاسر مليكة إلى أحضانه تقريبا ، تحت نظرات خاله الغاضبة مما يفعل ابعدها عنها يمسك بها يجعلها تلتف حول نفسها قبل أن يجذبها لذراعيه من جديد ، وعمار يقف بعيدا يراقب عينيه حمراء تكاد تنزف الدموع والدماء ، يشد على كفيه ، قلبه يحترق مما يراه ... نصار شدد عليه ألا يفعل شيئا ولكن ذلك الوغد يطيح بثباته الواهي كيف يتقرب منها لتلك الدرجة ولما تبدو سعيدة ، أنفاسها تتسارع تغلي ودمائه تفور ، والعقل ينسحب ، جسده بالكامل يرتجف من شدة غضبه وكانت اللحظة التي انفصل فيها العقل نزع المسدس من جيب سترته يوجهه صوب جاسر يطلق نحوهه عدة رصاصات دون أن يضع كاتم للصوت ، يده المرتجفة لم تصب الهدف ، صوت الرصاص العالي جعل الجميع يصرخ مذعورا ، يركض للخارج ، هنا جذب جاسر ملكية يخفيها خلفه يتحرك للخلف اخرج سلاحه يطلق عدة رصاصات صوب الاتجاه الذي ضُرب منه في البداية فبدأت الصرخات تموج ذعرا ، حركة عمار المفاجئة وترت حتى جاسر مهران وعاصم الذي هرع إلى حسين يصرخ فيه :
- خد چوري وطرب وامشوا
وفعل جذب حسين يد چوري التي تنظر لأبيها مذعورة تحرك رعد يجذب طرب يدفعها نحو شقيقته يشهر سلاحه أمامه يحميهم إلى أن خرجوا من القصر قصرا
أطلق جاسر راضي الرصاص صوب ذلك النادل الذي يُخفي وجهه بالطبع هو عمار ، يبتعد للخلف بمليكة ، أصابت إحدى إحدى الرصاصات عمار في صدره ، هنا بدأ حُراس عُدي في الدخول ورفع أسلحتهم في وجه جاسر ومن معه، تحرك جاسر صوب ابن شقيقته يجذب المسدس من يده يصرخ فيه :
- ولما تموت بتعمل ايه ، خد البنت اللي معاك دي وامشي يلاا ، ما حدش يتعرضله فاهمين
هنا صرخ عُدي غاضبا في جاسر :
- إنت جاي تغدر بيا يا جاسر يا مهران
رفع عُدي المسدس في وجه جاسر لينزعه نصار من يده فجاءة يصرخ فيه :
- الرصاص اتضرب من ناحيتكوا انتوا الأول علينا الواد الجرسون دا هو اللي ضرب الرصاص قبل ما الدكتور يرد عليه ، يعني أنت اللي بتغدر يا عُدي مش جاسر واعتبر الشراكة اللي بينا ملغية وما فيش عقود هتتمضي ، ومن غير سلام
نظر جاسر إلى ابن شقيقته غاضبا يطلب منه الخروج ليجذب جاسر يد مليكة التي ترتجف خلفه من الذعر لخارج البيت
في وسط جموع الناس التي كانت تهرع لخارج الحفل كان زين العكس يهرع للداخل يبحث عن أخيه ، عمار هو من أطلق الرصاص لما فعل ذلك ؟ ألم يخبره أنه ليس هنا ليؤذي ؟!
خاف للغاية أن تكن إحدى الرصاصات أصابته ركض يبحث عنه هنا وهناك لم يرى سوى بقعة دماء كبيرة ولا أثر لشقيقه ، فاضت الدموع من عينيه يبحث عن شقيقه يتبع خط الدماء ليراه هناك بالكاد يسير صوب سيارة تقف بعيدا في الحديقة الخلفية ، ركض خلفه يحاول الوصول إليه إلى أن فعل صرخ وجهه ذعرا حين رأى أثر الطلق الناري في صدر شقيقه ، في حين ضحك عمار يتمتم ساخرا :
- الدكتور كان بياخد حق أخته مني ، ارجع يا زين امشي ما تخليهومش يشكوا فيك ، ما تقلقش عليا أنا مش هموت ، يلا امشي يا زييين ، امشي قبل ما دمي يتصفر
بالكاد استطاع عمار دفع شقيقه بعيدا عنه يسير بمعجزة حرفيا الدماء تنهمر من صدره وصل لسيارته ليدخلها فوصل إليه صوت نصار الغاضب :
- أنا كنت عارف أنك هتنيل الدنيا ، صدقني البت اللي اسمها مليكة دي هتدفع تمن عملتك غالي ، اختفي عن الوجود لحد ما اقولك تظهر ، أنت بعد ما كنت دراعي اليمين واللاعب المحترف عندي بقيت أنت الشوكة اللي هتوقعني ، اختفي يا عمار عشان أنا مش عايز اقتلك زي ما هقتل تهاني الليلة !!
دارت رأس عمار ويده تدير محرك السيارة بالكاد يفتح عينيه يقتل تهاني كيف سيفعل وهو ليس في الحفل ؟!
أما نصار فخرج غاضبا من الحفل بسبب تصرف عمار الاهوج الغبي ، اضطر للرحيل ولكنه دوما يسبق بخطوة ، كاميرات المراقبة جميعها تحت سيطرته هو سيعرف ما سيحدث كاملا ، والأدهى من ذلك أن لديه قناصة محترف مدرب يقبع قريبا منهم ينتظر إشارته ليقتل تهاني ، الوقت علمه أن يضع دوما خطط بديلة وليس خطة واحدة بديلة !
حين دخل زين إلى القصر من جديد توتر حين رأى جاسر مهران يقف أمامه مباشرة يحادثه مبتسما :
- اتأخرت ليه الحفلة بدأت
ومن ثم قبض على تلابيب ثيابه بعنف يلقيه إلى أحد حراسه ، نظر حوله متوترا ،خاصة حين صرخ عُدي غاضبا :
- إنت اتجننت يا جاسر يا مهران حابسني في بيتي ، امشي اطلع برة
ابتسم جاسر في هدوء تحرك صوب رعد يربت على كتفه يغمغم ساخرا :
- عم مراتك دا رغاي أوي ، أصبر يا عُدي رجالتي بيجيبوا الزبالة التانية اصلها طلعت تجري وسط الناس فكراني مش هعرف أجيبها ولا ايه يا زين ... مش أنت عارف بردوا مين اللي مخبية وشها تحت القناع
هنا دُق الباب تثائب جاسر ناعسا تحرك صوب الباب يفتحه ينظر لتلك التي تصرخ في الحارس الذي يمسك بها تحاول الإفلات منه ليردف هو متهكما :
- ايه يا تهاني كنتي فين العشا برد ، خشي مستنينك من بدري
جحظت عيني تهاني فزعا ليمد جاسر يده ينزع القناع بعنف من فوق رأسها ينظر لوجهها قبل أن يطلق ضحكة عالية :
- ايوة كدة تهاني ، مش تقوليلي روز ، خشي خشي
قبض على شعرها يجذبها للداخل بعنف يدفعها صوب عُدي يغمغم ساخرا :
- هي كل واحدة هتلبس فستان مفتوح هتسمي نفسها روز ، اااه يا إني عضمي مكسر تفتكروا.دا برد
حرك جاسر المسدس في يده ضم شفتيه قبل أن يهمهم ساخرا :
- عارف يا عصومة اللي زي تهاني دول مالهمش ملة ولا علاج ، ما تفهمش الأذى بيمشي في دمهم زي الدم ويمكن ما فيش دم أصلا ، يلا بقى نحكي الحكاية من البداية
حرك جاسر رأسه إليهم ينظر لتهاني التي ترتجف خوفا وعُدي الذي يبدو مذعورا هو الآخر ، أما ذلك الشاب المدعو زين فكان يبكي ، جاسر ظنه يبكي خوفا منه وهو في الحقيقة كان يبكي خوفا على عمار لا يعلم مصيره ، ترى كيف حاله الآن
جذب جاسر مقعد يجلس أمامهم يضع ساقا فوق أخرى يردف :
- تهاني هانم اشتغلت خدامة في فيلا جلال المهدي ، وعشان هي حرباية ضحكت على جلال ومين كان بيكره أخوه وبيساعدها ، عُدي باشا وعليه تهاني عرفت تخلي جلال يتجوزها ، ولما مرض جلال بيعته أملاكه كلها وكتبتها باسم عُدي ، ليه عشان عُدي ينتقم من أخوه وبنات أخوه طرب وملاك ، والوسخ طردهم من البيت ولما طرب وقفت قدامه وحاولت ترفع قضية تزوير ضربها ومضاها بالعافية على شيك بمبلغ ضخم عشان يكسر شوكتها ولما لاقى أن طرب مش فارق معاها الشيك وما خافتش بدأ يهددها بأختها ، تخيل يا رعد عُدي عم البنات جاب راجل غريب عشان يغتصب بنت أخوه الصغيرة ، وبملاك أجبر طرب تشتغل رقاصة ، قرونك وصلت للسقف يا عُدي ، يعني خدت الفلوس كلها سيب البنات في حالهم لاء ، أنت طمعك وغلك وكرهك لأخوك خلاك عايز تكسر حتى بناته ، وفضل سنين الحال على كدة كل ما طرب تحاول تعترض يهددوها بأختها ، لحد ما شركات المهدي قربت تفلس ، وكان مين السبب من وجهة نظر عُدي ، جاسر مهران هو اللي مكوش على السوق ، يعني مش أنت اللي فاشل وغرقت المركب تؤتؤ جاسر مهران السبب ، فتهاني وعُدي يفكروا في ايه
إحنا نخلي رعد بن جاسر يدمن المخدرات لحد ما يموت ، بس هيدمن إزاي عايزين حد يديله المخدرات دي ، فيقوم عُدي الوسخ مخلي واحد من رجالته خاطف طرب ويهددها بأختها لو ما عملتش اللي هما طلبينه منها ، وعليه بردوا بدأوا يعملوا فيلم البنت الحزينة اللي عندها اكتئاب اللي حاولت تنتحر وابني الشهم انقذها ، في كل مرة طرب كانت بتقابل فيها رعد كان بتهدد أنها لو ما حطتش الجرعة لرعد هتموتوا أختها ، يمكن اللي ما كنتوش عاملين حسابه جواز رعد وطرب ... فيقوم عُدي باعت الست اللي كانت عاملة مرات ابوها عندي البيت عشان تدي كيس فيه سم للخدامة عشان تقتل أبني ، بس لسوء حظكوا طرب اللي شربت الكوباية ، ولغبائكوا بردوا طرب ما خافتش من تهديدتكوا الهبلة واشترت أمان جاسر مهران !!! ، قوليلي بقى يا تهاني اقتلك إزاي أصل أنا مش هسيبك عايشة ، انتي اتآمرتي عليا مرة زمان وعشان خاطر عاصم بس سيبتك
تحرك صوب عُدي ينظر إليه يقبض على فكه بعنف يهسهس يتوعده :
- وأنت ، اللعبة القذرة اللي اتعملت في بنتي في الفندق عندك ، عايز تقتل ابني دا أنا ادفنك بالحيا قبل ما تمس منه شعرة واحدة
تحرك صوب زين يقبض على تلابيب ثيابه يقربه منه يهسهس محتدا :
- بتعيط !! دا أنا هخليك تبكي بدل الدموع دم ، أكيد أنت مشارك معاهم في اللعبة الوسخة دي أنا مستني ايه من ابن تهاني ، لازم يبقى تعبان زيها ، بس عارف أنا هسيب عاصم هو اللي يحاسبك
عاد بخطواته للخلف ينظر إليهما قبل أن يتمتم حائرا :
- دلوقتي أنا ليا تار معاكوا انتوا الإتنين ومحتار اموت مين الأول ، اختاروا
فرت الدماء من جسد عُدي ذعرا ليقترب من جاسر يغمعم مفزوعا :
- جاسر أنت مش هتموتني صح صدقني هي ضحكت عليا فهمتني انكوا اذيتوها ودمرتوها ، وأنها بس عايزة تاخد حقها منكوا ، صدقني والله دا اللي بتقوله بقالها سنين
نظر جاسر لعُدي مندهشا قبل أن يغمغم مذهولا :
- ايه دا أنت تعرف ربنا يا عُدي !
ومن ثم تبدلت نظراته إلى أخرى حادة يصرخ غاضبا :
- حق مين أم حق ، دي دمرت حياتنا كلنا ، وما اكتفتش بكدا ، دمرت عيلة كاملة وواقفة بكل جبروت تقول حقي
- هنا صرخت تهاني بكل ذرة حقد تعتمر في جسدها :
- ايوة يا جاسر يا مهران حقي ، انتوا اللي دمرتوا حياتي ، الأول أنت لما اتجوزتني وادتني حبوب هلوسة ، وبعدين عاصم يتجوزني ، ويعيشني في فقر وضنك ، واشوف رؤى هانم عايشة في العز دا كله ، فلوسك دي حقي أنا ، ومش حقي أنا لوحدي دي حقه هو كمان ، أنت سارق الفلوس دي وأنت عارف يا جاسر وأنا مش هقولك من سرق يُسرق ، وأنت أكبر حرامي ونصاب ، مش هيسيبك هو غير لما يرجع حقه ، اعمل اللي تعمله أنا مش خايفة منه
ومن ثم ضحكت عاليا تنظر صوب عاصم التي تأجج الغضب في ملقتيه اقترب منها يقبض على عنقها يصرخ فيها :
- أنتي شيطانة ، انتي ايه القرف والحقد اللي فيكي دا ، أنا عمري ما اذيتك بالعكس دا أنا استحملت منك قرف كتير لأن أنا في يوم حبيتك ، إنما انتي طول عمرك كلبة فلوس ، انتي اللي زيك حلال فيه الموت ، أصله لو عاش هيفضل يأذي وبس
تحرك جاسر إليه يجذبه بعيدا عنها حين أزرق وجهها وكادت تختنق :
- ما توسخش ايدك بدمها ما تستاهلش صدقني
نظر عاصم صوب زين ليتحرك إليه ، قبض على ثيابه يلكمه بعنف يصرخ فيه بعلو صوته :
- وأنت يا قذر ، أنت السبب في اللي حصل لابني وبنت أختي ، كانت حطاك في الشركة عشان تأذيهم مش كدة ؟! أنا هموتك
لكمه عاصم بعنف وبكى زين دون أن ينطق إلى أن انفجرت تهاني في الضحك من جديد تسخر من عاصم :
- مش بقولك أنت غبي يا عاصم ، اللي أنت نازل فيه ضرب وهتموته دا ، ابنك !! آه والله وللأسف الشديد طلع نسخة منك ، الاهبل بيلف حوالين ابنك وبنته عشان يحميهم مني ، يا عيني أنت موته ولا ايه يا عاصم
أصفر وجه عاصم ذعرا ينظر للشاب الملقى أمامه الدماء تخرج من أنفه وفمه عينيه زائغة ، يحرك رأسه للجانبين ولده !! كيف يمكن ذلك
اقترب منها يقبض على عنقها يصرخ فيها
- ابني إزاي الدكتور قالي أنك سقطتي
ابتسمت تهاني ساخرة تومأ برأسها بالإيجاب تتهكم منه:
- ايوة فعلا ، أصل أنا قولته ايه جوزي مريض يا دكتور كل ما أحمل يضرب فيا ويسقطني ارحمني ارجوك هيموتني يا دكتور ، هيموت ابني ، جوزي وحش شرير
توسعت حدقتي عاصم ذهولا ينظر لجاسر المفاجأة كانت صعبة حتى على جاسر نفسه
هرع عاصم صوب زين الملقى أرضا جذب ذراعه يلفه حول عنقه يرفع جسده عن الأرض يصرخ في الحراس حوله أن يأخذونه في سيارته ليلحق هو بهم ركضا ، الآن فقط فهم جاسر كلمات طرب عن زين ، أن زين لم يؤذيهم أبدا ، زين كان يحاول أن يساعدها ، ولكن زين بن عاصم ، ذلك أبدا لم يكن يتوقعه ، نظر لتهاني يصرخ فيها :
- أنتي ما فضلش حاجة قذرة ما عملتيهاش انتي ايه شيطانة ، صبرك عليا صدقيني اللي هتشوفيه على ايدي هيخلي ابوكي يبكي عليكي في تربيته ، عم اسماعيل من شابه أباه صحيح ابوكي شهد زور وباع ضميره وخاض في عرض واحدة شريفة عشان الفلوس وأنتي طالعة كلبة فلوش زيه
دفعها صوب أحد حراسه :
- حطولي اي حاجة على بوقها مش عايز اسمع نفسها
تحرك ناحية عُدي يقبض على تلابيب ثيابه يتوعده :
- أما أنت بقى فطريقك معايا صحراوي آخره قبرك ، بس أنا ممكن اسيبك بشرط
تلهف عُدي يحرك رأسه موافقا قبل حتى أن يسمع شرطه ليضحك جاسر ساخرا ، أخرج ورقة من جيب سرواله ومعها قلم يغمغم :
- طيب بما أنك موافق ، دا تنازل منك بكل أملاك المهدي عشان ترجع لأصحابها ، امضي لو عايزني اسيبك
لم يكن لديه خيار آخر على كل حال جذب الورقة من جاسر يخط توقيعه عليها سريعا ، ليضحك جاسر يأخذ الورقة يضعها في جيب سرواله ، تحرك عُدي ليفر بنفسه فقبض جاسر على يده يسأله مدهوشا :
- إنت رايح فين ؟ هو دخول الحمام زي خروجه ، أنت شكلك فهمتني غلط أنا كان قصدي اسيبك عايش مش اسيبك تمشي ، يعني أنا دلوقتي مش هموتك أنا هخليك تتمنى الموت ، تفرق اهي !!
توسعت حدقتي عُدي رعبا ليدفعه جاسر صوب حرسه يوجه حديثه إليهم :
- كل مجموعة منكوا تطلع لوحدها في عربية ، مجموعة معاها الهانم ومجموعة معاها البيه ، على المخزن اللي في الصحراوي عايزكوا تكرموهم آخر كرم ، لحد ما اجيلكوا
وتحرك جاسر معهم للخارج وظل رعد واقفا في حالة أبشع من الصدمة ، عقله احتاج لعقلٍ ليستوعب ما قيل ، ليستوعب أنه كان أحمق غبي ساذج طيب كما كان يسخر منه أبيه ، طرب منذ البداية وهي تخدعه !! لا يصدق لما ، لما تصر الحياة على إيذاءه وهو لم يؤذئ أحد قط ، تضاربت الأصوات في عقله
- أنا مش هأذي حد
- اللي أنت بتعمله دا همجية
- طول ما إنت ما بتأذيش مش هتتأذي
- أنا طرب وأنت
- أنت إزاي ما بتاكلش من الشارع
- أنا عايزة اروح جنينة الحيوانات
- إنت طيب أطيب حتى من أمك
- ولو طلعت بتخدعك يا رعد
- هتخدعني ليه هي قالتلي على كل حاجة
- تتجوزيني يا طرب
- طرب أنا بحبك
- بطل سذاجة بقى يا رعد الدنيا ما بتمشيش كدة
- رعد أنا بحبك
- أنا عايز أخلف يونس وفجر
- ما تشيلش هم أي حاجة وأنا جنبك
ومع تلك الأصوات كان هناك صوت آخر يضحك عاليا يسخر منه يتهمه بأنه أغبى ما انجبت البشرية ، تحركت قدميه فقط عينيه شاردة وروحه خاوية وقلبه ينزف للخارج رأى أبيه وهو يحادث رجاله لم يستمع إلى اي كلمة مما قال ، تحرك صوب إحدى السيارات ليلاحظه جاسر فيسرع خلفه قبل أن ينطلق رعد بالسيارة جلس جواره ، ينظر لولده قلقا على حاله ، رعد لا يبدو بخير إطلاقا ليتحدث سريعا :
- رعد عشان تبقى عارف وفاهم طرب هي اللي ساعدتني يا ابني صدقني
حرك رعد رأسه للجانبين عينيه حمراء دامية يديه تقبض على المقود بعنف يزيد من سرعة السيارة ، جاسر جواره يشعر بالقلق عليه ... نظرة الألم التي يراها في عينيه يعرفها جيدا ، على الرغم من أنه أمسك بتهاني إلا أنه لا يزال هناك حلقة فارغة الحبكة ينقصها قُفل ، وأول سؤال فيه من ذلك النادل الذي بدأ بإطلاق الرصاص ؟! ولما صوب جاسر ابن شقيقته تحديدا ؟! الإجابة عند جاسر وسيأخذها منه غدا ، نظر لرعد قلقا من جديد حين توقفت السيارة في حديقة المنزل ، فتح الباب ونزل لتهرع طرب راكضة إليه تحتضنه تبكي بقوة :
- رعد الحمد لله أنك بخير كنت هموت من الخوف عليك الحمد لله يارب أنك بخير
ابتسم ساخرا لا يصدق قدرتها المذهلة على التمثيل كيف لها أن تخدعه بعد كل ما فعله ، منذ البداية وهي تخدعه وهو الأحمق الذي كان بدافع عنها بشتى الطرق ، هو الأحمق الذي أحبها ة، منذ لقائهم أول مرة حين ألقت بنفسها في المياه وهو قفز ينقذها كانت خدعة ؟!! لا يصدق توقف عقله عن استيعاب كيف يكون الحب خدعة ؟! ، كيف نامت بين أحضانه وابتسمت في وجهه وضحكت وأخبرته أنها أيضا تحبه ، ألتلك الدرجة كان هو المغفل ... الألم والغضب والخذلان أحاسيس تكالبت عليه تغرقه بعنف ، تضحك عليه .... تسخر منه تتراقص أمام وجهه تخبره أنه مغفل ساذج استغلته كدمية ، لما وهو لم يؤذيها قط لما تفننت الحياة في إيذائه ، ودهست على قلبه بكل خسة ، لالالا لن يبكي بعد الآن يكفي لن يفعل ، الغضب يفور في جسده كما الحمم لم يشعر بنفسه سوى وهو يقبض على عنقها بكل قوته عينيه حمراء ، وجهه منقبض حاد وصوته يصرخ يرج المكان :
- أنا هموتك ، شيطانة زيك مش لازم تعيش يا طرب ، أنا هحرقك بنفس النار اللي أنا اتحرقت بيها ، صدقيني الجاي وحش يا طرب وحش أوي ، بس تصدقي أنا كنت فعلا اهبل وساذج أصل الطيب في الزمن دا اهبل ، وأنا اكتشفت دا متأخر أوي ، أوي يا طرب ..
قبض على يدها بعنف يجذبها معه ليهرع جاسر يوقفه يصرخ فيه غاضبا :
- رعد ما تجننش ، قسما بربي طرب هي اللي السبب في أنك عايش ، كانت بتضحك عليهم
سيبها يا رعد ، بقولك سيبها ، اهدا واعقل
نزع رعد سلاحه من جيب سرواله يلف ذراعه حول عنق طرب يلصق فوهة المسدس برأسها :
- لو قربت هموتها ، هي عايزة تيجي معايا مش كدة يا حبيبتي ، انتي عايزة تيجي معايا
بكت تحرك رأسها للجانبين خوفا منه لتصرخ من الألم حين جذب خصلات شعرها بعنف ليضحك هو يردف ساخرا :
- شوفت اهي بتقول آه ، بس آه بحرقة شوية
الصدمة جمدت جاسر مكانه وهو في عيني رعد ، النسخة التي طالما أصابه الذعر من أن يصبح عليها ، كان يسخر منه لأنه طيب كما ينعته والآن تحديدا يتمنى أن يظل رعد طيب ، ابتلع لعابه يحادثه حذرا :
- رعد يا حبيبي اسمعني بس والله طرب بتحبك أنت فاهم غلط ، سيبها تطلع اوضتكوا ونتكلم أنا وأنت واتحاسبوا إنت وهي في اوضتكوا زي ما تحب ، بس هات اللي في إيدك دا يا رعد
ضحك رعد في سخرية ينظر لأبيه متهكما قبل أن يردف ساخرا:
- حلو أسلوب المفاوضة دا يا جاسر باشا ، بس للأسف الإجابة لاء ، أنا مش هبقى مغفل تاني ، مش هيتضحك عليا تاني ، مش دايما كنت بتتريق عليا وتقول عليا طيب ، أنت عندك حق أنا اللي جبت لنفسي التريقة فعلا ، ما حدش طيب في الزمن دا قصدي ما حدش أهبل في الزمن دا غيري ، وأنا مش هبقى أهبل تاني خلاص
شدد ذراعه حول عنقها لتجحظ مقلتيها تشعر بالاختناق تسمعه يهسهس ساخرا :
- ولا ايه يا حبيبتي
وفجاءة سمع صوت صرخات سيدة ورأى كاملا والدتها تخرج من باب منزلهم تصرخ باسم ابنتها تنظر إليها مفزوعة حاولت الاقتراب منها لتجذبها من بين يديه ليصرخ رعد فيها متوعدا :
- لو قربتي هموتها
تسمرت قدمي كاملا مكانها تنظر لابنتها خائفة مذعورة نقلت عينيها بين ابنتها ورعد الذي جُن فجاءة لتهمس تتوسله :
- سيب طرب يا رعد ، سيبها يا حبيبي دي هي بتحبك أوي والله وأنت عمرك ما اذيتها ، مش هتأذيها دلوقتي ، يا ابني والله هي ما أذتكش واسأل حتى والدك ، هتتخنق يا رعد فك دراعك من على رقبتها أبوس إيدك
جل ما فعله أنه خفف من إحكام ذراعه حول عنقها حتى تلتقط أنفاسها يوجه حديثه لكاملا ساخرا :
- اااه دا كلكوا كنتوا عارفين بقى وأنا المغفل الوحيد وأنتي أكيد مشتركة معاها في اللعبة دي ، أصل حكاية أنك قعدتي عمرك كله في المستشفى دي غريبة أوي ولا ايه يا طرب مش ماما كذابة زيك بالظبط يا حبيبتي
في تلك اللحظة كانت رؤى تقف بعيدا عند باب منزلهم المفتوح تنظر هناك صوب ولدها تنهمر الدموع من عينيها لا تصدق ما تراه ، ما الذي حل ببكرها ... الجميع خائف منه وهي خائفة عليه ترى ولدها يقف هناك في عينيه حزينا محطما يبكي ، ما يضعه على وجهه ليس سوى قناع ليخفي به ألمه الكبير مما حل به ... تحركت وكلما اقتربت كلما تذكرت جاسر قديما كيف كان وغدا متحجر المشاعر ، رعد لن يصبح مثله ، رعد لين القلب مثلها ... حين باتت قريبة منه رأت كيف اهتزت حدقتيه حين رآها تبكي فابتسمت تحادثه برفق :
- رعد أنت مش كدة ، أنا عارفة ابني كويس وعارفة أنك مجروح أوي ، طلقها خرجها برة حياتك لو دا هيريحك ، بس أنا وأنت عارفين أنك بتحبها ... ما تتغيرش يا رعد دي أحلى حاجة فيك طيبتك
حرك رأسه للجانبين بعنف ، احمرت عينيه يمنع دموعه بصعوبة قبل أن يصرخ بحرقة :
- لا يا ماما ، أنا كنت مغفل أنا عمري ما اذيت حد ، عمري ما زعلت حد ، فاكرة مايا لما عرفت أنها بتحب أدهم بعدت وحاولت اساعدهم ، ويوم ما حبيت حبيتها هي ، طلعت بتستغفلني من أول لحظة شوفتها فيها وأنا الطعم اللي كانت بتستطاده ، نار قايدة في قلبي وجع مالوش نهاية ، أنا اللي طول عمري كنت فاكر إني طالما ما اذتش حد ، ما حدش هيأذيني مش بقولك كنت مغفل
نزلت عينيه إلى طرب وكأنه تذكر شيئا ما فجاءة ليقبض على خصلات شعرها يرفع وجهها ليقابل وجهه ليصرخ كل منهم باسمه ، أما هو فنظر لطرب التي تنهمر الدموع من عينيها يصرخ في وجهها :
- عشان كدة كنتي بتاخدي حبوب منع الحمل ، مش عايزة تخلفي من المغفل ، وأنا العبيط اللي سامحتك وكنت محمل نفسي ذنب زعلك ، يا الله ،أنتي مش فاهمة أنتي دمرتي فيا ايه يا طرب ، أنتي كسرتيني كسرتي رعد الطيب اللي ما حبش في حياته غيرك ، ودلوقتي ما بيكرهش في حياته غيرك ، اتحركي بدل أقسم بالله هموت مدام كاملا قدام عينيكِ
توسعت حدقتاها ذعرا تنظر صوب والدتها خاصة حين شعرت به يزيح فوهة المسدس من على جبينها يشير به صوب والدتها ،ليصرخ جاسر فيه :
- لا دا أنت اتجننت رسمي نزل المسدس يا رعد بدل ما اخلي الحرس ياخدوه منك بالعافية
ضحك ساخرا يحرك المسدس في يده يسخر منهم :
- خليهم يعملوا كدة بس قبلها هتلاقي جثتين مرمين قدامك على الأرض ، يلا يا طرب اتحركي بقالنا كتير أوي وافقين
تحرك بها للخلف وهي صامتة خائفة جسدها يرتجف ، دموعها لا تتوقف عن النزول ... تحرك إلى سيارته يفتح الباب ألقاها داخل السيارة يشير بالمسدس إليها يهدد والده من أن يتحرك خطوة ، جلس خلف المقود يحرك السيارة ، صرخت كاملا مذعورة تركض إلى السيارة قبل أن يتحرك بها رعد ، فما كان منه إلا أنه التفت ورفع مسدسه في لحظة وأطلق رصاصة حرص ألا تصيب كاملا مرت بالقرب منها ، لتصرخ طرب مذعورة تمسكت بذراعه تتوسله :
- أنا اهو معاك ابوس إيدك ، ماما لاء
نظر لها بطرف عينيه يبتسم ساخرا أدار محرك السيارى يبتعد في طرفة عين ، وكل منهم يقف متجمدا مكانه ، رؤي تنظر إلى جاسر تبكي أما جاسر فتخشب جسده مصدوما مما فعل ، لم يكن يتخيل أن رد سيفعلها يطلق الرصاص كاد يقتل والدة طرب حين حاولت اللحاق به !!
أما كاملا فسقطت على ركبتها أرضا تبكي بحرقة تهمس باسم ابنتها خائفة عليها !
______________
في إحدى المستشفيات ... في الممر أمام إحدى الغرف يقف عاصم ومعه حسين وچوري ، ثلاثتهم لا يصدقون ما حدث ... عاصم الذي عرف من الحية تهاني ، وحسين الذي تلقي اتصال من والده يصرخ فيه مذعورا أن شقيقه في خطر وأن يلحق به إلى هذه المشفى ، ظن في بداية أن والده يقصد مراد ولكن تفاجئ حين رأى زين ، زين شقيقه كيف ؟!! لا يفهم .... چوري تقف جواره هي ايضا لا تفهم كيف يكن زين شقيق حسين ...
جاء أحد الأطباء ليهرع عاصم إليه وقف أمام الطبيب يسأله متلهفا :
- ها يا دكتور طمني ، تحليل العينة ايه
أعطاه الطبيب الملف في يده يردف :
- يا افندم تحاليل العينات دي بياخد وقت اكبر عشان يبقى دقيق ، دا بيبقى نسب وساعات قضايا ومشاكل كتير ، على العموم إحنا عملنا كل اللي نقدر عليه في الوقت دا ، تحليل عينة ال DNA متطابق
تجمد عاصم مكانه أثر ما سمع متطابق ، ذلك الفتى الذي أبرحه ضربا وكاد يقتله هو ولده !!
تهاني تفننت في تدمير حياته ولم تكتفي بذلك أخفت عنه ولده وماذا تخفي أيضا ؟! لابد أن الحية لا تزال تخفي الكثير ، شعر بأن الأرض تميد من تحت قدميه ، زاغت عينيه يشعر بعقله يتشوش ، كاد أن يسقط حين هرع حسين يسنده يغمغم قلقا :
- مالك يا بابا ، أنت كويس ؟
نظر عاصم إلى ولده عينيه زائغة لبضع لحظات قبل أن يهمس مصعوقا :
- طلع أخوك يا حسين ، طلع ابني فعلا ، زين أبني ، أنا كنت هموته من الضرب ، الحية كانت هتخليني اموت ابني ... قالتلي أنه دايما كان بيبقى جنبكوا عشان يحميكوا منها ، ما قالتهاش غير بعد ما ضربته دا أنا كنت هموته ، الحية كانت هتخليني اموت ابني !!
صدمة حسين لم تقل عن صدمة أبيه ، زين أخوه !! ولكن كيف ، زين ذلك الفتى لم يكن يحبه يشعر بالخطر حين يقترب من چوري ، يثور حين يراه يلتصق بهم كالعلكة في كل مكان ، هل كان يفعل ذلك ليحميهم كما يقول أبيه ، إذا لم يكن هو من أسقط قالب الطوب في الموقع ، بل هو من أنقذ چوري منه !!
تذكر فجاءة الحديث الذي دار بينهما في المستشفى
« - بص يا زين أنا عارف إن العلاقة بينا سيئة جداا
- بسبب چوري، بس صدقني أنا ما بحبهاش ، أنا مش هبص لمرات أخويا ، أنا قصدي يعني إني بعتبرك زي أخويا »
نظر صوب چوري ليراها هي الأخرى مذهولة مما تسمع تحرك عاصم يهرول خطاه إلى غرفة زين ليرى باب غرفته يُفتح من الداخل وخرجت ممرضة من الغرفة ابتسمت في وجه عاصم تقول :
- الأستاذ فاق ، حمد لله على سلامته ، عن إذنكوا
وتحركت تغادر وقبل أن تفعل التفتت تنظر إلى زين ليتوتر الأخير يومأ برأسه سريعا خائفا ، دخل عاصم يهرول لداخل غرفة زين ، وقف بالقرب منه دمعت عيناه ألما ينظر لوجهه المكدوم ، عينيه الدامعة ، وجهه الشاحب ... ينظر كل منهما للآخر دون كلام ، اقترب عاصم منه جلس على طرف فراشه دمعت عيناه يهمس بحرقة :
- ليه يا ما قولتليش يا زين ، وازاي أنا حتى قلبي ما حسش بيك ، ليه ما قولتليش يا ابني
انتفض قلب زين يدق بعنف وهو ينظر لأبيه ابتلع لعابه ارتعشت نبرة صوته يهمس خائفا :
- خوفت ما تصدقنيش ، وخوفت أنها تأذيك لو عرفت ، والله العظيم اللي حصل في الفندق دا كان غصب عني ، أنا حاولت أمنعه ما عرفتش ، ما لقتش حل قدامي غير اني أبدل كوبايتي مع كوباية حسين ، أنا عارف أنه بيحبها وهيعمل المستحيل عشانها ، إنما تهاني كانت عاوزة تفضح جاسر بالفيديو اللي صورته في الأوضة لو كنت مكان حسين ، أنا آسف والله ما عرفتش احميهم
وانهمرت الدموع من عينيه بحرقة ، اقترب عاصم منه يجذبه إلى أحضانه ، توسعت حدقتي زين يشعر بجسده يرتجف بعنف ،يشعر بالأمان وكأنه كان بيحر في لجة عنيفة ترتطمه بلا توقف واخيرا وجد الشاطئ ليرسو ويطمأن
يا ليت عمار هنا ، يا ليته يستطيع إخباره عن عمار الآن ، ذلك الوغد نصار أرسل تلك الممرضة لتهدده أن تحدث عن عمار إمام عاصم أو أي من كان سيقتل عمار ، عمار مصاب جريح يتمنى فقط أن يكن بخير وبالطبع هو الآن تحت يدي نصار إن نطق بكلمة سيقتله الوغد دون أن يرتف له جفن حتى ، نصار خبيث أسوء من الشيطان وعمار يعرف ذلك ولكنه لا يملك سوى أن ينفذ كل ما يطلب كما اعتاد أن يفعل ، ولكنه لن يترك شقيقه فقط يطمأن أنه بخير ، وأنه بعيدا عن يد نصار وسيخبر أبيه لن يترك شقيقه يعاني حتى الموت
خلف عاصم وزين كان يقف كل من حسين چوري التي استمعت إلى الحوار بأكمله ، نظرت لزين الجالس أمامها باشمئزاز ومن ثم نظرت لحسين الذي يبدو متأثرا وحزينا للغاية على حاله ، بالطبع أليس أخيه الذي قدمها له على طبق من ذهب ... اقتربت من فراش زين تصرخ فيه فجاءة دون مقدمات :
- عارف أنه بيحبها فقولت تقدمها ليه على طبق من دهب هدية ، ما هو أخوك ... ما كنش في إيدك حاجة كداااب ، كان في إيدك كتير ، كان في إيدك تحذرنا على الأقل ولو على المداري زي ما بيقولوا ، كان في إيدك حتى تاخد مني الكوباية ولا تزقها ولا ترميها ، بس أنت استسهلت وقولت بالمرة تخدم أخوك ، قال وأنا اللي كنت بدافع عنك دايما قدام حسين ، أنت حيوان قذر ، أنا بسببك عيشت أسوء أيام حياتي من الخوف والألم والذنب ، بسببك عملت علاقة مع أخوك وأنا مش في وعيي وحملت منه وسقطت ، بسببك بابا اتقهر ، واتجوزت عشان الفضيحة ، وما بقاش ليا حتى حق اختيار الراجل اللي هتجوزه ، قفلت كل باب قدامي وما سيبتش غير باب أخوك ، قد ايه إنت أخ ممتاز وهايل ، أنا مش عايزة اشوف وشك تاني أبدا ، أنا مستقيلة من الشركة
ومن ثم نظرت صوب حسين عينيها تبكي جسدها ينهار يرتجف ، تحركت مقلتاها على وجهه قبل أن تهمس بحرقة :
- طلقني يا حسين ، أرجوك لو أنت بتحبني فعلا طلقني
قام عاصم من مكانه سريعا اقترب منها يحاول أن يهدئها :
- چوري اهدي يا بنتي ، اللي عمله دا مصيبة وغلط ، وأنا والله هحاسبه عليه ، بس حسين مالوش ذنب ، ما تهديش حياتكوا اللي لسه ما بدأتش يا بنتي والله حسين بيحبك أوي .....
- استنى يا بابا
قاطع حسين ما يحدث ، تحرك يقف أمام چوري تحركت عيناها على وجهها الباكي يشعر بقلبه يتفتت مما هو مقبل على فعله ارتسمت إبتسامة ذبيحة على شفتيه يهمس لها متألما :
- أنا قولتلك قبل كدة ، أن أنا بحبك وبحبك اوي كمان ، ومع كل حبي ليكي ما اقبلش أبدا أنك تفضلي معايا غصب عنك أو بغير رضاكِ ، عشان كدة هسألك للمرة الأخيرة أنتي فعلا عيزاني اطلقك يا چوري !
غص قلبها ألما ، تشعر وكأنه يُعتَصر من الألم ... ليصرخ زين في تلك اللحظة يتوسلها :
- چوري ابوس إيدك حسين مالوش ذنب ، أنا يا ستي السبب في كل حاجة وحشة ، أرجوك يا چوري اقسملك لو مش عايزة تشوفي وشي تاني ، مش هتشوفيه ، بس ما تدمريش حياتكوا ، أنتي بتحبيه زي ما هو بيحبك
نظرت لزين حاقدة عينيها تحتد ألما قبل أن تعاود النظر لحسين ، ورأسها يلتف يفكر جزء يود إكمال الطريق ، والجزء الآخر لا يقف محتجزا خلف الذكرى السيئة التي جمعتهم ، جمعت شتات نفسها تقبض كف يدها تهمس بكلمة واحدة :
- طلقني
انطلقت كالرصاصة إلى صدره مباشرة شعر بألم بشع يفتت كيانه جل ما استطاع فعله هو أنه ابتسم بحزن شديد حرك رأسه يهمس نبرة ثقيلة :
- حاضر ، هدي ورقة طلاقك لعمي جاسر ، اتفضلي عشان اوصلك
ومن ثم نظر لوالده يردف :
- راجعلك تاني يا بابا ، ما تسوقش أنت ، أنت تعبان مش هتأخر ، يلا يا چوري
تحركت تهرول الخطى تود فقط الاختباء تحت غطاء فراشها والبكاء كالأطفال ، أما زين فارتمى بين أحضان أبيه يجهش في البكاء :
- ما تخليهوش يطلقها يا بابا أرجوك ، أنا آسف والله آسف غصب عني
________
في المستشفى حيث يوجد جواد سترى أمام باب غرفته ، عمرو وروان ومرام ثلاثتهم يقفون منذ ساعات حالة جواد تتدهور من سيء لأسوء ، روان لا تتوقف عن البكاء والنواح حتى نالت شفقة مرام التي اقتربت منها تعانقها فبدأت تصرخ بين أحضانها بحرقة :
- يا مرام دا كان سامحني يا مرام ، كان سامحني خلاص ، مالحقتش أخده في حضني غمض عينيه ومش عاوز يصحى ، جواد بيموت يا مرام
وانهارت تبكي منذ ساعات وهي على ذلك الحال ، أما عمرو فكان يقف على مرجل من نار يتحرك بلا توقف يسأل الاطباء عن حاله بين دقيقة وأخرى ، يتواصل مع أطباء آخرين من مستشفيات معروفة يدفع الكثير ليأتوا
يراقب من خلف الزجاج حالة ولده ... أخيرا وبعد ساعات طوال كاد يموت فيهم ذعرا رأى أحد الأطباء يخرج من غرفة جواد ليهرع إليه يسأله مذعورا :
- طمني يا دكتور ابوس إيدك أبني بقاله ساعات جوا ، وعمالين تقولولي حالته بتسوء ، حالته بتسوء ، ابني ماله
ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتي الطبيب يتحدث مترفقا بحال الرجل :
- الحمد لله هو دلوقتي أحسن ، ابن حضرتك كان جاي بهبوط حاد في الدورة الدموية مش حاجة بسيطة لولا ستر ربنا قبل أي شيء كان بعد الشر توفى في الحال ، بس الحمد لله قدر ولطف ، تقدروا تطمنوا عليه ، بس مش هينفع يخرج دلوقتي
ما إن سمعت روان ما قال الطبيب هرعت إلى غرفة جواد ومن خلفها مرام وتحرك عمرو في النهاية ، ارتمت روان على المقعد المجاور لفراش جواد تمسك بكف يده المتصل به محلول ما ، تقبل كف يده مرة بعد أخرى تبكي تهمس بحرقة :
- جواد ، قوم يا حبيبي ، قوم يا ابني دا أنا ما صدقت أنك سامحتني ، قوم بقا عشان خاطري
شيئا فشيء بدأ جواد يحاول فتح مقلتيه إلى أن أبصر الدنيا من جديد يشعر بالألم الشديد وكأن جسده مهشم بالكامل ، حرك رقبته ببطء شديد ، ها هو أبيه ومرام ووالدته ، ارتسمت ابتسامة شاحبة واهنة للغاية على ثغره بالكاد خرج صوته :
- أنا شوفت نور ، كانت هنا معايا ، أنا خلاص اتجننت ، بس لو الجنان هيخليني اشوفها حوليا. فأنا موافق اني ابقى مجنون
تعجبت مرام للغاية من حالة العشق الغريبة التي تتملك من أخيها ، هي تعرف أن جواد يحب نور ولكن أن يصل به الحب لتلك الدرجة ذلك هو ذلك ما لم تتوقعه ابدأ ، جواد انهار تماما بعد موتها والآن هو على شفا أن يصيبه الجنون ، أما عمرو فكان يقف بالقرب من فراشه قلبه يُعتصر ألما على حال ولده ولكن حالة نور غير مستقرة ، ولن يدعه يعيش نفس الألم مرتين أن ماتت ، الفتاة استيقظت من الغيبوبة لمدة دقائق معدودة ومن ثم عادت إليها من جديد ، جميع الأطباء أخبروه أنه مؤشر سيء للغاية وأن القلب قد يتوقف في أي لحظة أو أنها قد تبقى في غيبوبة أبدية ، لن يدعه يعيش الألم مرتين ، عليه أن ينتشله مما هو فيهة، لن يبقى يشاهد من بعيد وجواد يموت أمام عينيه ، اقترب من فراشه نظر صوب مرام وروان يطلب منهم :
- معلش سيبوني مع جواد خمس دقايق لوحدنا
تحركت روان تمسك بيد ابنتها التي رمت والدها بنظرة حادة وكأنها تحذره من أن يضايق شقيقها ، خرجا من الغرفة حين جلس عمرو أمام جواد يحادثه مبتسما :
- إنت عارف أنا أكتر حاجة مبسوطة منها في كل اللي بيحصل دا ، أنك اتصالحت أنت ومرام ، مرام بتخاف عليك أوي ما شوفتش بتبصلي إزاي وهي خارجة
ومن ثم صمت طويلا يحاول تجميع كلمات ليقولها وحين لم يفعل تحدث بكلمات مبعثرة تعبر عن حاله :
- جواد أنا مش جاي ابرر ولا ادي أعذار ، أنا غلطت وأهملت وشوفت مستقبلي ونجاحي وبس ، ويوم ما قولت اربيكوا من أول وجديد بردوا غلطت في حقك وفي حق مرام ، جوزت مرام لشداد وهي ما تعرفوش ولا بتحبه ، وكنت ناوي ابعد عنك نور كعقاب ، نفيتكوا بعيد عني بدل ما اخدكوا في حضني ، والنتيجة أنك بتموت قدام عينيا وأنا واقف متكتف مش عارف اعملك حاجة ، أنا عارف أن اللي عملته غلط ، وعارف أن كلمة سامحني مالهاش لازمة ، أنا بس طالب منك فرصة نبدأ فيها من أول وجديد ، أنا وأنت ومرام ، أنا هخلي شداد يطلق مرام وهو مش هيرفض ، اعتبرنا أصدقاء اخوات ، زمايل المهم تقوم تاني يا جواد ، أنا شخص غبي ، تعرف زمان أنا كنت متغاظ جداا من حمايا صلاح باشا ، بسبب إهماله لروان وان هو بإهماله وصلها لحالها دا ، وزي ما بيقولوا من عاب ابتلى ، اديني دلوقتي أسوء منه بمراحل ، عشان كدة يا جواد أنا بترجاك تبدأ معايا من نقطة الصفر ، علمني ابقى صاحب قبل ما ابقى أب !!
___________
لهث بعنف يركض حوله يضع يده على جرح صدره النازف يبحث عنها هنا وهناك متلهفا مذعورا إلى أن رآها تجلس في سيارة جاسر .. تحرك نحوها بالكاد يلتقط أنفاسه ، كانت تجلس على الأريكة بالخلف ما أن رأته ضمت نفسها بعيدا تنظر إليه مذعورة ، رفع يده الملطخة بدمائه يضع على النافذة أمامه ابتسم لها حزينا فدمعت عيناه وتحرك لسانه يهمس :
- افتحي يا مليكة أنا مش هأذيكِ ، أنا عمري ما فكرت آذيكِ ويوم ما عملتها كان غصب عني ، نصار كان عاوز يموتك ، افتحي أرجوكِ لآخر مرة
اضطربت عيناها تبلع لعابها خائفة تحركت نحو باب السيارة تفتحه له ، دخل إلى السيارة يجلس جوارها ابتسم متعبا ، جرح صدره يقتله ألما رفع يده نحوها لتبتعد للخلف تنظر إليه خائفة ، ابتلع لعابه يبلل شفتيه بطرف لسانه يحادثها منهكا :
- تعرفي أنا بحبك من زمان أوي من ساعة ما كنتي عيلة بضفاير بتجري في ارض البرتقان ، كنت بفضل مستحمل تعذيبه فيا اليوم كله عشان اجي اشوفك آخر اليوم ، كنتي زي نسمة الهوا اللي بتمر على قلبي يا مليكة ، كبرت وكبر حبك معاكي في قلبي ... ضحكتك كانت بتخليني ابتسم مبسوط وأنا وشي بينزف من الضرب
وصمت لعدة لحظات يلتقط أنفاسه ارتعش كف يده يقبضه بعنف :
- أنا ما كنتش موجود يومها سامحيني يا مليكة ، لو كنت موجود ما كنتش سمحت للكلب دا يلمس منك شعرة ، بس ما تقلقيش أنا وريته العذاب ألوان مش متخيلة هو شاف ايه على أيدي يا حبيبتي ، أنا دايما كنت قريب يا مليكة بحميكِ ويوم ما بعدت غصب عني نهش ضحكتك الكلب دا
مد يده إلى وجهها يتحسس وجنته بيده الملطخة بدمائه ابتسم يردف :
- لما خبطت عليكي أول مرة بحجة الكيكة فضلت قبلها أسبوع بحاول أجمع جملة اقولها ليكي ، كنت عامل زي العيل الصغير عمال احفظ في كلام كتير ولما شوفتك نسيته كله ، أنا كنت أسعد إنسان في الدنيا في الفترة اللي كنا قريبين فيها من بعض
ومن ثم صمت وتجعدت ملامحه ألما ، انهمرت دموعه يهمس بحرقة :
- والله العظيم يا مليكة كان غصب عني ، أنتي ما تعرفيش نصار ، عارفة لو كان هيأذيني أنا ، أنا متعود على الاذى منه ، أنما كان عاوز يموتك أنتي ، كان عاوزني اغتصبك وأنا ما قدرتش اعمل فيكي كدة ، أنا عارف انك بتكرهيني ، بس ما تحبيش جاسر ابوس ايدك ، أنا بموت ألف مرة وأنا بشوف عينيك بتلمع وأنتي بصاله ، صدقيني أنا ما اخترتش أكون كدة أنا لو اخترت كنت بقيت أحسن منه ألف مرة ، أنا أمي تهاني هانم سلمتني لنصار وأنا طفل عنده 5 سنين ، شوفت كل أنواع العذاب اللي عمرك
ما تتخيليه وفي وسط كل دااا حبيتك
علا صوته نشيجه ابعد كفه عن خدها يمسك بكف يدها يكمل يتوسلها :
- وحياة اي لحظة حلوة بينا يا مليكة تعالي معايا ، أنا بحبك أوي ، وهعوضك عن كل اللي فات ، هخبيكي عن الدنيا كلها جوا قلبي ، يلا يا مليكة قبل ما يجي وياخدك مني تاني
ظلت تنظر له دون كلام لعدة لحظات قلبه يدق فيهم خائفا من رفضها ، ليراها فجاءة تبتسم له حركت رأسها موافقة تفتح الباب المجاور لها ليسارع هو بالنزول خلفها ، أمسك بكف يده يضع يده الأخرى على جرحه النازف يهمس سريعا :
- إحنا لازم نمشي من هنا بسرعة يلا يا مليكة
- رايحة فين يا مليكة !!
توسعت حدقتي عمار غضبا حين سمع صوت جاسر التفت خلفه سريعا يجذب مليكة لتقف خلف ظهره يصرخ في وجهه :
- ابعد عنها يا جاسر ، مليكة بتحبني أنا وأنا بحبها ، أنا عمري ما أعرض حياتها للخطر ولا استخدمها طعم زي ما إنت عملت
سمع صوت شهقة مليكة المصعوقة تأتي من خلفه قبل أن تتحرك من خلف عمار تقف في المنتصف بينه وبين جاسر نظرت لجاسر تهمس مدهوشة :
- طُعم ، أنا استخدمتني طعم ، استخدمتني طعم لايه ولمين
ظل جاسر صامتا ينظر لعمار غاضبا ، قبل أن يصرخ فيه الأخير :
- ما ترد عليها ساكت ليه عشان تعرف أنك عمرك ما حبيتها ، دكتور جاسر كان شاكك أن أنا في الحفلة وعشان يستفزني عشان عارف ومتأكد إني بحبك خدك يرقص معاكي ويقرب جسمك منه عشان يستفزني ونجح في دا ، ولما شافني بطلع المسدس لف جسمك عشان تبقي قدامي ، استخدمك كدرع يحمي نفسه بيكي بس أنا كان عندي اموت ولا اني آذيكِ
شهقت مليكة مذهولة نظرت صوب جاسر تصرخ فيه بعلو صوتها:
- ما تنطق ساكت ليه ، اللي بيقوله دا كذب ولا حقيقة
ابتسم جاسر في هدوء يكتف ذراعيه أمامه يردق بهدوء :
- حقيقة
لم ينكر ، لم ينكر حتى ، وهي كانت تظن أن عمار هو السيء هنا ولكن اتضح العكس ، رفعت يدها فجاءة تنزل بها على وجه جاسر تصرخ فيه :
- أنا مش عايزة أعرفك تاني مش عايزة حتى اشوف خلقتك تاني
ومن ثم توجهت إلى عمار الواقف بالقرب منها أمسكت بكف يده تهمس بحرقة تتوسله:
- مشيني من هنا يا عمار لو بتحبني مشيني أرجوك
شدد على كف يدها داخل كفه يتحرك بها بعيدا عن جاسر الذي يقف يراقبهم وهو يبتسم ساخرا
تبدلت الصورة وصارت سوداء فجاءة يتخللها أشعة بيضاء وألم قوي شعر به ، فتح عينيه فجاءة ينظر حوله مصعوقا يصرخ بإسم مليكة ، لهث بعنف ينظر حوله ، تلك شقته التي أستأجرها قبل عدة أيام في مكان بعيد قرب إحدى المحافظات القريبة ، ولكن من هؤلاء جميعا ، نظر إلى جرح صدره ليجد شاش أبيض يلتف حوله وهناك سيدة وفتاة شابة وحارس العقار الشخص الوحيد الذي عرفه بينهم ، والرجل الأخير على الأغلب هو الطبيب الذي اقترب منه يحادثه مبتسما :
- حمد لله على السلامة دا أنت اكتبلك عُمر جديد
نظر عمار صوب حارس العقار يسأله بصوت ضعيف للغاية :
- هو ايه اللي حصل
أردف الحارس سريعا :
- يا بيه أنا لقيت عربيتك وقفت فجاءة وكانت هتخبط فجاءة بس الحمد لله ، روحت اشوفك لتكوت تعبان لقيتك سايح في دمك ، سندتك أنا وابني وطلعناك على هنا ، دا الدكتور محسن جارك في الشقة اللي قدامك ، ودول جماعته استنجدت بيه وهو الحمد لله قدر يشيل الرصاصة من كتفك ويخيطلك الجرح
نظر عمار إلى المدعو محسن يشكره بصوت خفيض للغاية :
- شكرا
ابتسم الرجل في هدوء مد يده يربت على كتفه يحادثه مترفقا :
- لا شكر على واجب يا ابني ، أنا ما رضتش ابلغ البوليس قولت لما تفوق ، المهم دلوقتي إنت نزفت كتير ، ولازم جسمك يعوض النزيف دا عشان الأدوية ، ولازم حد يلازمك الساعات الجاية عشان لقدر الله لو حرارتك عليت ولا حاجة
ابتسم عمار في سخرية ماذا يقول ، لديه والدة هي الافعى بعينها ولدي شقيق مسكين خائف من أن يكون أصابه مكروه ، ووالد لا يعلم بوجودي من الأساس ، ووالد آخر سيطلق علي النار أن رآني أمامه ، حرك عمار رأسه للجانبين يهمس متعبا :
- أنا هبقى كويس ، شكرا تعبت حضرتك معايا ، لو سمحت أنا عاوز أنام
رده كان وقحا للغاية أصاب الرجل بالاحراج ، حمحم يبتعد عنه يردف :
- ماشي يا ابني اللي تشوفه ، حمد لله على سلامتك مرة تانية ، يلا يا سميحة ، يلا يا رقية !!! عشان الوقت اتأخر
_______________
وقفت السيارة أسفل عمارتهم السكنية كان طريق العودة طويلا ، خاصة وهي ترتجف خائفة جواره ، نظر إليها ما أن وقفت السيارة التفت يهدئها :
- اهدي يا مليكة ، ما حصلش حاجة ، عدت على خير الحمد ، هتلاقيه حد من المنافسين كان عاوز يخلص مني ولا يخوفني فبعت الواد دا يضرب عليا رصاص
لا لا هو لا يفهم لا يعلم ، عمار هو من فعل ذلك ، كاد أن يقتله وهو لا ذنب له بسببها هي ، ولن تستطع إخباره بذلك ، نظرت صوب جاسر ترفع يديها إلى عينيها تمسح قطرات دموعها حاولت أن تهدأ لتقول شيئا ، لتجد نفسها فجاءة ودون سابق إنذار تنفجر في البكاء ، تعرف ذلك البكاء الذي تحتجزه النفس لأيام وأشهر وفي حالتها هي لسنوات ، اندفع فجاءة كطوفان يغرق السد ، علا صوت بكائها وزاد ... وهو يجلس مكانه عاجزا عن فعل أي شيء ليهدئها من الجيد أن تبكي لا ينُكر ولكن مشهدها وهي تبكي بتلك الحرقة مؤلم لقلبه ، حاول أن يقول شيئا ليهدئها :
- مليكة صدقيني العياط كويس ، بس أرجوكِ اهدي نفسك هيتقطع
وحين لم تفعل قرر هو أن يفعل كما يشاهد في الأفلام الغربية ، اقترب بجسده منها يعانقها فجاءة ، شهقت بعنف مما فعل جحظت مقلتاها ترتد بجسدها للخلف رفعت يدها تصفعه فجاءة دون سابق إنذار تصرخ فيه :
- إنت قليل الأدب ، في الحفلة ودلوقتي إنت فاكرني ايه يا دكتور جاسر ، عشان وافقت اجي معاك الحفلة تفتكرني رخيصة وهترمي عليك ، فوووق
وفتحت باب السيارة المجاورة له تنزل منها صعدت سريعا لأعلى ، رفع يده إلى وجهه يتحسس أثر صفعتها ليبتسم في سخرية ، لا ينكر أنها محقة !!
__________
أين هم لا تعرف طوال الطريق ورعد لم ينطق بحرف حرفيا فقط ، يدق بأصابعه على المقود بحركة رتيبة تدق في قلبها الرعب ، رعد لا يفهم ولا يريدها أن تشرح ، ويظن أنها كانت تخدعه ويشعر بالألم الشديد والخيانة مما فعلت ، رعد وضع فوهة المسدس على رأسها ، رعد اطلق الرصاص على والدتها ، رعد جذب خصلات شعرها بعنف لم تعهده منه قبل ، بعد رحلة طويلة ، توقفت السيارة ونزل غاب لثوانٍ وعاد في يده مفاتيح ، ومن ثم أدار السيارة واكمل طريقه في عتمة الليل تشعر بالذعر ، شعور لم يصاحب وجود رعد إلا الآن ، رعد كان دوما الأمان ، توقفت السيارة بعد فترة أمام عقار ما ، نزل من السيارة وتوجه نحوها فتح لها الباب ، ارتجفت قدماها تنزل منها ، غزر أصابعه في مرفق يدها يجذبه جواره للداخل ، شقة في الطابق الثالث صعدت معه على قدميها لم يستخدما المصعد ، فتح باب الشقة بالمفتاح الذي معه ، دفعها للداخل بخفة ليدخل يغلق الباب عليهم من الداخل بالمفتاح ، وتلك كانت أقصى لحظاتها رعبا على الإطلاق ، ابتلعت لعابها تنظر لوجهه المتجهم الغاضب قبل أن تهمس بنبرة ترتجف :
- رعد أرجوك اسمعني ، أنا آسفة ، أنا والله بحبك ، أنا لما قولت لعمي جاسر خوفت اقولك أحسن ما تصدقنيش زي ما إنت مش مصدقني دلوقتي
ولكنه لم يهتم ، ولم يبدو أنه صدق ولا كلمة مما قالت رفع كتفيه لأعلى لا يبالي ، حقا لا يفعل ... اقترب منها وقف أمامها مباشرة يسخر منها:
- هششش أنا مش عاوز اسمع منك أي حاجة غير بإذني ، رعد أنا بحبك وأنا المفروض اصدقك صح ، ما أنا لسه عبيط بقى .. أنا اتجوزتك وبعدتك عن الكبارية ومرات ابوكي اللي ما طلعتش مرات ابوكي ، وعيشت ملكة وأنتي ما تستاهليش ، عملت عشانك كل حاجة والمقابل خدت منك حتة قلم ، معلم على وشي
وعشان كدة أنا ناوي اوريكي ايام سودا بجد ، وعلى رأيك أم كلثوم هتقولي للزمان ارجع يا زمان ، وعليه هتنزلي من طبقة الزوجة اللي بخاف عليها من الهوا الطاير ، لطبقة تحت خالص ، هتنضفي وتنكسي وتطبخي وآخر الليل الاقيكي مستنياني في سريري ، بس صوته نفسه ما اسمعوش ، صوتك طول ما أنا هنا ما يخرجش مش عايز اسمعه خالص ، ودلوقتي أنا مخنوق بجد وبما إني متجوز راقصة مصر الأولى فأنا عاوزك ترقصي !!
شخصت عيني طرب ذهولا مما يقول تحرك رأسها للجانبين تغمغم سريعا :
- لاء طبعا ، ااااه
صرخت من الألم حين قبض على فكها بعنف يهسهس يحذرها :
- مش أنا قولتلك ما اسمعش صوتك ، صوتك ما يطلعش ، حبيبة قلبي أنتي ما عندكيش رفاهية الرفض لأي حاجة
دفعها بعيدا عنه يتوجه صوب إحدى الطاولات جذب المفرش من عليها يطوق خصرها به لتنزلق الدموع من عينيها توجه صوب أحد
المقاعد يضع ساقا فوق أخرى يتهكم منها :
- بتعيطي ليه يا طرب انتي رقصتي قدام مصر كلها ، جت على جوزك يعني ، ولا انتي ما بتعرفيش ترقصي غير في بدل رقص ، تحبي انزل اشتريلك واحدة ، ومن غير بدلة يا طرب ، هديكي النقطة اللي أنتي عوزاها ، يلا يا روحي ارقصي
انهمرت الدموع من عينيها تقبض كفيها على ثيابها ، حين التقت عينيها بعينيه رأت في حدقتيه نظرة قسوة مؤلمة لم تعرفها قبلا ، إن كان لا يريد أن يسمع ويظل يرميها بإتهاماته سيسوء الأمر بينهما حد الدمار ، اومأت برأسها توافق دون كلام كما طلب منها لتتحرك تفف في منتصف الصالة تحرك خصرها على إيقاع دموع عينيها !