رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الثانى 2 بقلم دينا جمال

رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الثانى بقلم دينا جمال

دُق جرس الباب لتذهب أحدى مدبرات المنزل لتفتح ليطل من خلف الباب المغلق شاب طويل القامة لديه عينان سوداء وشعره كثيف في عمر الثامنة عشر ، دخل مراد إليهم يغمغم فرحا :

-حماتي بتحبني ، لاء هي بتحبني جداا 

قام يوسف يصافح صديقه في حين اخفضت مريم عينيها خجلا ، تحرك مراد بصحبة يوسف إلى الداخل ليأخذ مقعده جوار رعد يشمر عن ساعديه يبدأ في الأكل يغمغم والطعام يملئ فمه :

-انتوا ازاي ما تستنونيش على الفطار هو أنا مش فرد من العيلة دي ، وبعدين فين البيض الاوليمت اللي أنا بحبه 

ضحكت رؤى تدفع إليه طبق البيض تردف باسمة :

-أخبار عاصم وحلم وايه ، وحسين أخوك عامل ايه

بلع ما في فمه بأعجوبة ألتقط كأس الماء يرتشف منه إلى أن أفرغه ليضعه جانبا يوجه حديثه لرؤى:  

-الحمد لله يا عمتي كله كويس ، أنا قولت اجي عشان نروح أنا ومريم ويوسف الدرس 

« يوسف ومريم تؤام في السابعة عشر في الصف الثالث الثانوي ، كلاهما ورث ملامح وجه والدهم وعينيه وطول شعره ، لا فرق كبير بينهما في الطباع كلاهما شخصيات مرحة خجولة تحترم الآخر ، ولكن الصغيرة مريم تعاني من مشكلة صعبة العلاج أنها لا ترى نفسها جميلة ، دوما تشعر بأن جمالها هو الأقل بين أقرانها ، تكره نظارات عينيها الشفافة بسبب تنمر أصدقائها عليها منذ الصغر ، دوما ما تنظر للمرآة لتقر حقيقة واحدة أنها لا تمت للجمال بصلة 

 الفرق بينها وبين يوسف أن يوسف يثق بنفسها عكسها وعلاقه يوسف ومراد علاقة صداقة قوية أما هي فمشاعرها أبعد ما تكون عن ذلك تشعر ذلك ، مراد فارس أحلامها كل ليلة أحيانا تشعر أنه يبادلها نفس الشعور وأحيانا أخرى تشعر أنه لا يهتم بها إطلاقا ، اختلست نظرة سريعة إليه لتراه هو الآخر كان يختلس النظر إليها ، انفجر نابضها تشعر بقلبها يرفرف داخلها ، أجفلت على صوت والدها يحادث مراد ساخرا :

-أنا مش فاهم أنت ما بتطفحش في بيتكوا ليه ، هو أنا خلفتك ونسيتك مش كفاية ال 6 بلاوي اللي عندي 

لكزت رؤى زوجها في ذراعه عله يتوقف عما يقول في حين ضحك مراد يكمل تناول طعامه وكأن شيئا لم يحدث يلاعب حاجبيه عابثا صوب زوج عمته يغمغم عابثا :

-أنا بحب أكل عمتي يا عم ، مستخسر فيا اللقمة الاسم بس الشيطان راح الشيطان جه 


امتعض وجه جاسر متضايقا لا يعرف متى سيتخلص من ذلك الاسم الذي التصق به كالعلكة في الملابس ، حمل علبة المناديل المحاورة له ليقذفها على مراد حانقا من ذلك المتحذلق الصغير لينحني مراد يتفادى العلبة الطائرة .... ضحك الجميع لتردف رؤى تحادث مراد :

-بس مراد لازم يشد حيله السنة دي عشان ما يقعش زي المرة اللي فاتت

ضحك جاسر ينظر لمراد ساخرا:

-دا لو سقط السنة دي كمان عاصم هيبيعه أعضاء في السوق السودا 

ضحكوا جميعا في حين صاح مراد معترضا :

-على فكرة هما اللي بيجيبوا في الامتحان أسئلة مالهاش علاقة بالمنهج وأنا مش دجال أنا داخل أحل ولا افتح الودع 


نظر رعد إلى حالة الانسجام وصوت الضحكات وهي تعلو ، الحالة المصاحبة لوجود مراد دائما عندهم ، ربما هو الوحيد الذي يعلم بتلك المشاعر البريئة التي تكنها شقيقته له ، أراد أن يشاركهم ولكن شئ بداخله رفض ... والده يقف عائقا بينه وبين أن يفعل ابتلع غصته المريرة وأخذ حاله وخرج يجلس على السلم خارجا ينظر شاردا للحديقة ربما لمياه المسبح ، يشعر بألم بشع يطحن قلبه ، رغما عنه أدمعت عينيه وهبطتت قطراته تواسيه ، شعر بيدٍ صغيرة تُمسك بذراعه رفع يده سريعا يمسح دموعه ، التفت خلفه ليجد ياسين الصغير يقف خلفه يقوس شفتيه حزينا ينظر إليه خائفا ليقول سريعا :

_ماما قالت ياسين يقول لرعد آسف ، ياسين آسف

ابتسم يحرك رأسه امسك بيد الصغير يقربه منه يعبث في خصلات شعره يقبل رأسه يردف :

_ورعد مش زعلان من ياسين يا سيدي ، رعد بيحب ياسين وسليم اللي مستخبي هناك دا

نظر رعد صوب سليم الصغير الذي يقف خلف الباب الشبه مفتوح ينظر اليهم ، رفع يده له يحثه على المجئ إليهم ليرتبك الصغير ، تقدم منهم يفرك يديه إلى ان بات بالقرب منهم قوس شفتيه قبل أن يرتمي بين احضان رعد يتعلق بقميصه يقول :

_رعد حلو أوي وأنا بحبه 

ابتسم رعد سعيدا يضم شقيقه لأحضانه ، ليقترب منهم ياسين الصغير وقف مترددا خائفا ليجذبه رعد إلى احضانه 

ليشعر بالسعادة تغمر كيانه ، ظل هكذا لدقائق طويلة قبل أن يفتح عينيه يغمغم عابثا :

_ يلا نلعب اللي همسكه يخسر ومش هجبله شوكولاتة

صرخ الطفلان ليقفزا من احضان رعد يركضان في الحديقة وهو خلفهم يتصنع أنه يحاول اللحاق بهم تعلو ضحكاتهم السعيدة 

في حين وقف هو في غرفة مكتبه يراقب ما يحدث خارجا يبتسم !

في تلك الأثناء خرج الثلاث شباب ، مراد ويوسف لا يتوقفان عن المزاح والضحك ، اقترب رعد منهم يلف ذراعه حول كتفي مريم لتبتسم تضع رأسها على صدره ، ليشعر الواقف أمامها ببعض الغيرة ، ليست غيرة بقدر كونها رغبة يتمنى تحقيقها أن يصبح رأسها على صدره هو فكرة لذيذة جعلت رعشة خفيفة تضرب جسده ،حمحم يوجه انظاره لرعد حين غمغم يحادث يوسف بنبرة حادة:

-يوسف أنا لو عرفت أنك وزعت السواق تاني وسوقت أنت ، وأنت لسه ما طلعتش رخصة هقول لأبوك ، تمام

اومأ يوسف سريعا لن يتحمل أبدا أن يعامله والده كما يعامل رعد ، رحل ثلاثتهم ووقف رعد مكانه ، ليشعر بيد أبيه يعرفها جيدا تُوضع على كتفه التفت شعر للحظة أنه رأى نظرة ندم في عيني والده قبل أن تعود نظراته للقسوة من جديد يحادثه محتدا :

- أنت ما سبقتش على الشركة ليه ، أنا مش قايل عندنا زفت إجتماع مهم النهاردة ، والبس بدلة ما تروحش بالسويت شيرت دا 

كظم غيظه يطرق رأسه كور قبضته يشد عليها قبل أن يومأ لوالده موافقا ... تركه جاسر ودخل ، وقف هو مكانه لم يعد يفكر في سر تلك المعاملة يأس من أن يعرف السبب .. توجه إلى الداخل ليبدل ثيابه ليرى والده يلف ذراعيه حول كتفي شقيقته يحادثها ضاحكا:

-بس يا بت والله لهخلي عاصم يمسكك المشروعات كلها ، أنا بنتي مهندسة شاطرة قد الدنيا كلها 


شعر بالغيرة لم يمدحه والده قط في حياته ، تأججت نيران غضبه ليتحرك صوب سيارته وأخذها وانطلق يشعر بالغضب ينفجر داخل كل خلية به !

_________________

على صعيد بعيد في منزل راقي في عمارة سكنية في حي هادئ إن كان من يعشق الهدوء ويتغنى في عشقه بحورا وأنهار فيجب أن يكن هو ، هو والهدوء قصة عشق ، قام من فراشه يرتبه يضع كل في مكانه توجه إلى المرحاض لمدة خمسة عشر دقيقة بالظبط كان انتهى من الاغتسال ، خرج إلى دولاب ثيابه يخرج له قميصا وسروالا .. وقف أمام مرآة غرفته يرتدي معطفه الأسود فوق ثيابه مشط خصلات شعره يضع نظاراته الطبية بخفة ، يضع القليل من عطره يعقد ساعة يده ، نظر لمشهده في المرآة للمرة الأخيرة ليبتسم ، تحرك إلى حقيبة جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به يحملها على كتفه خرج من الغرفة يغلق الباب خلفه 

توجه إلى حيث يجلسون وضع الحقيبة جانبا ليجلس على الطاولة يغمغم مبتسما :

- صباح الخير 

أبعد ياسر الجريدة عن وجهه يطويها وضعها جانبا نظر لساعة يده يغمغم ضاحكا:

-في ميعادك مظبوط أنت شخص مهووس بالنظام

ضحك جاسر يوافقه ما يقول ، أقبلت والدته عليهم تحمل بين يديها أكواب المشروبات ؛ القهوة لوالده وله والشاي الأخضر لها والشاي بالحليب لشقيقته الفوضوية التي ستدفعه لقتلها في أحد الأيام أريج !

نظر لوالدته يشعر بقلبه يغلي ألما وقوع مذكرات والدته القديمة تحت يديه وقراءته لها كان أسوء ما حدث له في حياته ، لا يصدق كم المعاناة التي لاقتها بسبب وغد تحت الثرى الآن ، صحيح أن والدته ذكرت في نهاية المذكرات أن خاله قد أخذ بثأرها ولكن ما فعل جاسر لم يعجبه مجرد ألعاب سخيفة الإنتقام يجب أن يكون أسوء من ذلك ، أسوء بكثير لولا فقط أنه ذنبٍ عظيم لكان ذهب واخرج رفات جثة صبري واحرقها ، يحتاج لشخص يصب عليه نيران انتقامه ولكن من ؟! من تعيس أو تعيسة الحظ .. لن يستسلم وسيصل إلى من يجب أن يُقتص منه أو منها ، أخذ كوب القهوة من يد والدته يشكرها مبتسما لتجلس نرمين أمامه تغمغم :

-بالهنا يا حبيبي 

في تلك الأثناء صدح صوت صرخات شقيقته أريج :

-ماما هو البنطلون الجينز فين ، خلاص لقيته 

صمتت لبضع لحظات لتعاود الصراخ من جديد:

-ماما هو الشرابات بتاعتي فين 

ابتسم جاسر ساخرا يحرك رأسه يأسا اين ستكون جواربها العزيزة في درج المطبخ مثلا 

مرت نصف ساعة قبل أن تخرج تلك الصغيرة تهرول للخارج جلست جوار جالس تغمغم مبتسمة :

-صباح الخير عليكوا 

التفت جاسر ينظر إليها من جانب عينيه يغمغم ساخرا :

-ما هي لو الهانم بترتب حاجتها في مكانها ما كنتش كل يوم الصبح تقعد ساعة تصرخ ، هدومي فين وشراباتي مين اللي كلها 


تجاهلت أريج ما يقول تكمل صنع شطيرتها قضمت منها قضمة كبيرة تنظر له تبتسم تغمغم ساخرة :

-ما حدش بقى بيرتب حاجته ، أنت بس عشان سايكو ... بتحط كل حاجة مكانها بالشعرة ، أنت عارف يا بابا أنا مرة دخلت اوضته خضيته والموبايل وقع من أيده جنب السرير بدل ما ينزل بنص جسمه زي اي إنسان طبيعي قام كله من على السرير ووطى جاب الموبايل ورجع قعد تاني 

قلب جاسر عينيه ساخرا ، تلك البلهاء تود وصمه بتصرفاتها العشوائية الغريبة أو يكن هو غريب الأطوار حقا ؟! 

نظرت أريج إلى والدها اسبلت عينيها تغمغم تلح عليه :

-بابا حبيبي يا احلى بابا ، هتاخدني معاك المستشفى النهاردة صح ، أنت عارف إن ما عنديش محاضرات النهاردة


ضحك ياسر يأسا يتذكر سما ابنته الكبرى كانت دوما ما تلح عليه لتذهب معه إلى العمل والآن تأتي شقيقتها الصغرى تلح بدلا منها ولكن أريج ليست صغيرة أريج في عامها الثاني في كلية الطب البشري في العشرين من عمرها 

تصغر شقيقها جاسر بتسعة أعوام كاملة تنهد ياسأ يومآ لها موافقا لتصرخ أريج سعيدة قامت من مكانها تقبل وجنة والدها تغمغم سعيدة :

- هروح أكمل لبسي 

وهرعت تكمل زينتها ليلتفت جاسر ينظر في أثرها يبتسم ياسأ شقيقته الحمراء غارقة لحد في حب عمار المتدرب الجديد في مستشفى خالهم الذي يعتبر والدهم هو مديرها الآن ، دق هاتفه ليستأذن منهم ابتعد للشرفة الخارجية ليصل له من الجانب :

-صباح الفل يا دكتور جاسر وصلتلك للي أنت عاوزه، صبري الدمنهوري ما كنش ليه غير بنت واحدة اسمها شاهندا ، شاهندا دي اتجوزت وبقى ليها بنت واحدة اسمها مليكة وعرفتلك عنوانهم بالظبط ، هبعتلك العنوان وصورهم كلهم على الواتس 

وبالفعل خمس دقائق ووصل إليه العنوان وصورة للبيت من الخارج وصورة للمنزل من الخارج وصورة لرجل وامرأة وصورة لها مليكة فتح الصورة يدقق النظر إليها ، جميلة تلك المليكة ، ولكن هل يشفع جمالها أمام نيران انتقامه السوداء ؟!

------------------

أوصلها والده بسيارته إلى حيث تعمل شركة صغيرة للمقاولات تحت رأسها عاصم خالها في قسم المهندسين ، تحركت لمكتبها تسرع الخطى لتتوقف فجاءة تتأفف حانقة حين ظهر فجاءة أمامها من العدم يسألها يبدو صوته قلقا للغاية :

-أنتِ اتاخرتي ليه كدة ، أنتِ كويسة

تأففت حانقة ألن يتركها وشأنها أبدا ، قبضت على حقيبتها حانقة تحادثه محتدة :

- ايوة كويسة أنا مش عيلة صغيرة ممكن بقى تبطل تطلعي كل شوية كدة من العدم ، أنا بجد زهقت 

أمسك حسين زمام أعصابه التي تعمل جيدا تلك الواقفة أمامه على إحراقها على نيرانها المشتعلة ، تنهد بعمق يغمغم بنبرة اهدئ :

- ما تنسيش أنك شغالة في قسم الهندسة اللي أنا رئيسه ، يعني أنا مديرك المباشر ومن حقي أعرف أنتِ متأخرة ليه ، بلص أنك بنت عمتي والدك موصيني عليكِ

اقتربت منه خطوة واحدة تنظر لحدقتيه السوداء ، حسين وسيم لا يمكن أن تنكر بشرته قمحية لديه ابتسامة بشوشة واعين واسعة سوداء وشعر كثيف ملامحه شبيهه بملامح خالها عاصم ، رفعت سبابتها أمام وجهه طحنت أسنانها تهمس محتدة :

-أنا وأنت عارفين كويس أوي أنت بتعمل كدة ليه ، حسين أنت زي أخويا وعمرك ما هتكون غير كدة ، ياريت نقصر على بعض المسافات عن كدة 

غص قلبه يطعنه ألما ، لم يكن ليقف للحظة أخرى بعد ان قالت ما قالت تركها وغادر لتقف هي تلتقط أنفاسها تحاول أن تهدأ ، قبل أن تخطو خطوة واحدة سمعت حمحمة أحدهم تأتي من خلفها نظرت خلفها سريعا لترى شاب تقريبا في مثل عمرها يبدو متوترا للغاية يرتدي حلة رسمية يمسك في يده ملف أزرق اللون حمحم الشاب من جديد يسألها متوترا :

-معلش يا آنسة أنا آسف لو بزعجك ، بس ما تعرفيش مكتب أستاذ عاصم ، أنا باشمهندس زين المهندس الجديد في قسم العمارة !

--------------

في شركة آل مهران جروب ، جاسر في مكتبه يستعد لاجتماع هام صوته وهو يصرخ غاضبا يزلزل قلوب من حوله خوفا ، في داخل مكتبه أخرج جميع الملفات من خزنته يصرخ غاضبا :

-مش هنا ، الملف اختفي ، انتوا عارفين الشرط الجزائي كام ، اقلبولي الدنيا ،فييين رعذ

الشركة انقلبت رأسا على عقب يحاولون الوصول للملف الضائع هاتف رعد مغلق جاسر سيجن جميع الموظفين مذعورين مما قد يفعل 

أمام الشركة وقفت سيارة رعد ، بعد رحلة قضاها يلتف حول نفسه دون حتى أن يشعر أنه يفعل ، عاد سريعا للشركة التقط ملف الصفقة من الأريكة الخلفية نزل سريعا يدخل إلى الشركة رأى ما يحدث ليتنهد قلقا من رد فعل والده ، تحرك إلى مكتبه دق الباب ليسمع صوته والده الغاضب ابتلع لعابه فتح الباب ودخل ليجد والده يبحث في كل ركن من أركان مكتبه ، وقف مكانه مرتبكا لا يعرف ما يقول ... التفت جاسر للطارق ليجد رعد يقف أمامه كان في أوج حالاته غضبا خاصة حين رآه يمسك بالملف الضائع بين يديه ، هب من مكانه متوجها صوب رعد يصرخ فيه بعلو صوته :

-كنت فييين وازاي تختفي بالملف وأنت عارف اننا عندنا صفقة مهمة أنت عارف إحنا بندور على الملف دا من قد ايه ، عارف أنا اتصلت بيك كام مرة

ابتلع لعابه لا يجد ما يقوله أي مبرر الآن لا فائدة منه خاصة في حالة والده تلك ، ماذا سيقول عذرا يا أبي ولكن قلبي كان يحترق من الغيرة لم أدري إلى أين اخذتني قدمي بسببك 

تنهد يتمتم متوترا :

-بابا أنا

نزع جاسر الملف من يده بعنف يدفعه للخارج يصرخ فيه :

-أنت تطلع برة ومش عايز اشوف خلقتك ، يلا برررة 

توسعت حدقتيه مصعوقا يطرده ؟! صوت والده العالي بالطبع أسمع جميع من في الشركة فما كان منه إلا أنه ترك مفتاح السيارة وبطاقته الائتمانية جانبا وخرج من الشركة يشعر بنظرات الجميع مصوبة إليه ، هرول للخارج يهرب من نظراتهم ، ترك السيارة يتحرك في الشارع دموعه تمردت نزلت تغرق وجهه ليبدأ هو الآخر في الركض إلى لا حيث يعلم 

_______________

الألم الذي تشعر به لا يضاهى الآن فتحت عينيها تتحسس رأسها المتألمة لتجد يدها مقيدة ، فتحت عينيها سريعا لتري يديها التصقت بالآخري وتقيدوا بالحبال ، حاولت القيام لتجد الحال نفسه عند قدميها ، نظرت حولها مذعورة خاصة حين فُتح الباب ودخل منه رجل ملثم ، زحفت بجسدها للخلف خائفة لا تفهم ما تحدث وتحسبه كابوسا كانت نائمة جوار شقيقتها كيف وصل بها الحال لهنا اقترب الرجل منها يمسك بها لتصرخ مذعورة فلم يتأثر بما فعلت فقط جذب جسدها لتصبح جالسة ، جلس أمامها على سطح الفراش يغمغم :

-معلش على الطريقة اللي جبناكي بيها ، بس إحنا محتاجين ضروري

ارتعش صوتها تسأله قلقة:

-انتوا مين وعايزين مني ايه 

ابتسم الرجل ولم تستطع أن ترى أنه يفعل .. وضع يده في جيب حلته الفاخرة يخرج صورة لشاب دفعها أمامها يغمغم بهدوء:

-رعد مهران ابن راجل الأعمال الكبير جاسر مهران ، عايزينه يبقى خاتم في صباعك ، عايزينك تخليه يدمن المخدرات ، لحد ما يموت وجاسر بيشوف ابنه بيموت قدام عينيه

 

-رعد مهران ابن راجل الأعمال الكبير جاسر مهران ، عايزينه يبقى خاتم في صباعك ، عايزينك تخليه يدمن المخدرات ، لحد ما يموت وجاسر بيشوف ابنه بيموت قدام عينيه

توسعت حدقتيها حتى كادت تخرج من مكانها تنظر لصورة الشاب الموضوعة أمامها ، ارتجف كفها مدت يدها المقيدة تمسك بها تقربها منها تنظر لوجه الشاب أمامها يبدو أن الصورة التقطت على غفلة منه رأت في حدقتيه حزن عميق تعرفه جيدا ترى مثله كل يوم كلما نظرت للمرآة ، ولكن مستحيل يريدون منها أن تكن السبب في موت ذلك الشاب لما ؟!

رمت الصورة من يدها تحرك رأسها نفيا بعنف تصيح في الجالس أمامها بحرقة:

-أنا مستحيل اعمل كدة ، أنت عايزني ادمر حياة واحد وأكون سبب في موته ، دا أنا كدة اكون بقتله ، أنت مين وعايز مني ايه ، أنا مش هعمل كدة مستحيل هعمل كدة

ابتسم من جديد قبل أن يتحرك من امامها وقف أمام الفراش يدس كفيه في جيبي سرواله رفع كتفيه يغمغم ساخرا:

-أنا مين؟ واشمعنى أنتِ ؟ وليه عايز أموت الشاب دا ؟ كل دي أسئلة مالكيش تعرفي إجابتها ، أنتِ هنا عشان تنفذي وبس وعلى فكرة التنفيذ مش بمزاجك تؤتؤ خالص دا غصب عنك ورجلك الحلوة فوق رقبتك الاحلى يا راقصة مصر الأولى


اضطربت حدقتيها خوفا من نبرة صوت الرجل الخبيثة ابتلعت لعابها مذعورة تحاول الا تكن خائفة صرخت فيه من جديد:

-أنت مش هتقدر تعملي حاجة وأنا مش هشترك في اللعبة دي ولو على جثتي ، أنا واحدة خسرت كل حاجة بالعكس دا أنا بتمنى الموت عشان اخلص من القرف اللي أنا فيه ليل نهار


ضحك الواقف عاليا ليقترب منها خطوة تليها أخرى انحنى بجزعه العلوي صوبها يقبض على فكها بأصابعه يهسهس لها :

-مش بمزاجاك يا حلوة ، أنتِ هتنفذي غصب عنك ، عارفة ليه عشان زي ما جيبتك من بيتك من حضن أختك الصغيرة ملاك ، المرة الجاية هخليها في حضنك بس جثة !

شخصت عينيها ذعرا تحرك رأسها بعنف انهمرت دموع عينيها في تلك اللحظة لتتساقط على كفه القابض على وجهها ليضحك عاليا يردف ساخرا:

-دا أنتِ طلعتي نايتي خالص أهو ، اومال عاملة فيها نبيلة عبيد ليه ، تعرفي أن أنا بحب الرقص أوي ومن زمان بجيلك الكبارية عشان اتفرج على ابداعات طرب هانم بنت رجل الأعمال الكبير مختار المهدي ، ها يا توتا قولتي ايه يا قلبي ، اصل زي ما قولتلك مش بمزاجاك يا حياته يا حياة أختك واختاري أنتِ

سكبت عينيها الدمع أنهارا لا تجد منفذ ، وضعت رغما عنها بين المطرقة والسندان بكت تتوسله بحرقة :

-أرجوك ما تأذيش أختي بس أنا ما اقدرش اكون السبب في موت واحد مالوش ذنب ، لو ليكوا تار مع والده ، هو ذنبه ايه ، ما اقدرش صدقني ما اقدرش اقتلني ارحملي من أن اختي تموت ، أو أني اقتل 

ضحك الواقف عاليا ليترك فكها تحركت يده إلى شعرها قبض عليه بعنف لتصرخ من الألم قرب وجهها إليه ، بدا غاضبا للغاية وهو يصرخ فيها :

-كهن الرقاصات دا مش عليا يا بت ، عادي ما تنفذيش واوعدك هتروحي تلاقي أختك المشلولة جثة في السرير ،اختاري يا قطة 

أغمضت عينيها تعتصرهما بعنف تنهمر دموعها قهرا لتغمغم ألما:

-هنفذ ، هنفذ حاضر بس أرجوك اختى مالهاش ذنب كفاية اللي هي فيه

ترك شعرها ليمد يده إلى الحبال حول يديها يمزقها ومن ثم توجه إلى قدميها ينزع عنها الحبال ، قبض كفيه على ذراعيها يجذبها من الفراش إلى أن باتت أمامه لمعت عينيه خبثا ليميل صوبها يهمس :

-معايا هتكسبي ، هتكسبي أوي .. هي خدمة واحدة وهتاخدي قصادها كتير أوي

ترك ذراعها لتتحرك يده إلى وجنتها ، حرك إبهامه على شفتيها لتشيح بوجهها نافرة ليضحك عاليا يردف ساخرا:

- ما تقلقيش أنا عارف أنك لسه فيرچن ، مش بقولك عيني عليكِ من زمان ، عجبني أوي اللي عملتيه في يامن المحمدي هو كلب ويستاهل


شهقت مذعورة حين لف ذراعيه حول خصرها يقرب جسدها منه حتى صار وجهها لا يبعد عن وجهها سوى مقدار بوصات قليلة ليردف متلذذا بخوفها:

-لو فكرتي تروحي للبوليس ، أو تهربي بأختك .. صدقيني هعرف أجيبك وساعتها هبكي عليكِ الحجر أنتِ وأختك يا بنات مختار المهدي 

شعرت للحظة أن ذلك الرجل يحمل ضعينة شخصية مع والدها كما يحملها مع والد ذلك الشاب المسكين ، لن تكن السبب في موته ستجد حلا ولكن أي حل ، لا يهم ستصل لواحد أهم شئ الآن هو أن تخرج من ذلك المستنقع  

شعرت بأصابع يده تمتد أسفل ذقنها تحرك وجهها إليه رغما عنها ، نظرت لعينيه ترتجف في حين ابتسم هو ابتسامة واسعة ظهرت على عينيه ليردف متابعا :

-ما تقلقيش أنتِ مش هتروحي تموتيه دلوقتي ، إحنا لسه هنتقابل تاني وتالت وعاشر وهعرفك هتعملي ايه خطوة بخطوة ، دلوقتي هتروحي ترتاحي عشان أكيد عندك نمرة بليل يا راقصة مصر الأولى

وصاح باسم أحد الرجال ليُفتح الباب وقبل أن ترى من دخل كانت حقيبة من القماش الاسود تغطي وجهها تمنعها من الرؤية وتحركت من يد لأخرى إلى سيارة انطلقت بها ، لتقف بعد مدة ليست بالقصيرة ليُنزع عن وجهها الحقيبة وتجد نفسها أمام العمارة التي تسكن بها وسيارة تتحرك بسرعة خلفها لم تلمح سوى غبارها وهو يبتعد ، ارتعشت كل ذرة بها تهرع للداخل تركض على السلم تتمنى لو يكن كابوسا ليس إلا وصلت لباب المنزل لتدق عليه بسرعة ، لهفة ، عنف ... لحظات وسمعت صوت زوجة والدها تسب الطارق لتفتح بعدها ، نظرت إليها من أعلى لأسفل مستهجنة لتغمغم ساخرة :

-الله أنتِ خرجتي من غير تقولي ، كنتي فين بقى زبون مستعجل ما استناش لليل وآخره 

لم تعرها انتباها هرعت إلى غرفتها وقفت أمام فراش شقيقتها تتطمئن أنها فقط تتنفس ، تنفست الصعداء حين رأتها كذلك ؛ لتتقدم منها سريعا تندس تحت الغطاء معها تعانفها برفق كي لا يستيقظ تقبل جبينها ، انهمرت دموع عينيها قهرا ، إلا يكفي ما هي فيه إلى الآن ، يريدون تلطيخها بدمِ برئٍ رغما عنها !

_____________

في منزل عمرو روران 

لم يعودان يسكان في تلك الشقة الصغيرة منذ سنوات ، والد روان تقاعد بسبب مرضه وكبره في السن وسافر إلى أحد المنتجعات بالخارج وسلم إدارة كل شئ لابنته وزوجها بحكم أنها ورثيته الوحيدة وأن لا أقارب له غير عمرو زوج روان ليتولى مهمة إدارة أمواله ، فباتت الشقة الصغيرة بيت كبيرة من طابقين بحديقة واسعة ومسبح خارجي وآخر داخلي وعائلة تكونت من أربع أفراد عمرو روران والابن الكبير جواد صاحب الثامنية والعشرين عاما والابنة الصغرى والمدللة حد الفساد مرام صاحبة الواحد والعشرون من عمرها 

جواد كبير الشبه بأمه وأبيه معا ، شاب طويل القامة يحب الرياضة ركيزة مهمة في حياته أثرت معه إيجابا في بناء جسد متناسق جذاب ، جواد شخصية هادية جافة المشاعر لحد كبير ، عملي بشكل أكبر ، لديه مكتب خاص لتصميمات الديكور شريك فيه هو وزميلته البريطانية اماندا 

على طاولة الطعام جلس جواد يتصفح هاتفه يصب تركيزه إلى الرسائل الخاصة به ، حين شعر بها تميل نحوه تطبع قبلة صغيرة على خده تأفف حانقا ليرفع يده يسمح مكان قبلتها رفع عينيه ينظر لوالدته يغمغم متضايقا :

-حضرتك ما ينفعش كدة ، أنا مش عيل صغير 

اندثرت ابتسامة روان شيئا فشئ ، جواد لم يسامحها على خطأ مهما حاولت التقرب منه يضع دوما ما حدث سدا بينهما ، اقترب عمرو من الطاولة تغير عن ما مضى ؟ ليس كثيرا فقط شعره الذي عرف الشيب طريقه إليه وملامحه التي باتت أكثر نضجا مما كانت عليه ، اقترب منهم ليلف ذراعه حول كتفي روان يطبع قبلة على خدها ينظر لولده يغمغم ساخرا:

- هو حد يطول أن روان هانم تبوسه يا فقري ، دا أنت مفتوحلك طاقة القدر أن القمر دي أمك وأنت طالع فيك شبه كبير منها 

ابتسم جواد ساخرا دون أن يعقب ليجلس عمرو الى الطاولة وروان جواره وجه عمرو حديثه إلى جواد يغمغم :

-أخبار شغل المكتب بتاعك ايه

ارتشف جواد آخر ما تبقى في كوب قهوته يردف بهدوء :

-الحمد لله الشغل ماشي كويس ، بفضل علاقات أماندا كمان مش ملاحقين على الشغل 


تأفف عمرو حين ذكر ابنه تلك الشقراء المصطنعة المغرورة يكرهها ، يكره وجودها المفروض بينهم بسبب ولده العزيز المصر على وجودها في حياتهم:

-البت دي ما بتنزليش من زور ، مغرورة كدة وشايفة نفسها على الكل

ابتسم جواد ساخرا يردف:

-أنت عارف إن أنا وهي قريب هنرتبط ، وأنا عارف أنك بتكرهها لأنك عاوزني اخطب ليان بنت عمتي إيمان ودا مش هيحصل دي عيلة ملزقة واوفر وأنا ما بحبهاش 


في تلك اللحظة تحديدا دُق الباب قامت روان لتفتح لتبصر ليان تقف أمامها لفت رأسها تنظر إلى جواد لتعاود النظر الى الصغيرة ليان ، جواد هو الأحمق ليان عكس ما قال تماما ، الفتاة جميلة بأعين خضراء واسعة رقيقة للغاية ، ولكن عيبها الوحيد أنها غارقة حتي اذنيها في حب جواد صاحب المشاعر المتحجرة الفتاة دخلت كلية الهندسة الديكور فقط لأنه كان فيها ؟! ، على استعداد أن تفعل له ما يطلب ولو طلب منها أن تلقي نفسها في المسبح لفعلت ، تنهدت روان مشفقة على الفتاة الصغيرة لتلف ذراعها حول كتفي ليان تغمغم سعيدة:

-ليان ازيك يا حبيبتي تعالي خشي ، عمرو ليان هنا 

نظر عمرو لجواد يحذره بعينيه من أن يقل أي من تعليقاته السخيفة في وجودها اقتربت ليان منهم عينيها ما أن وقعت على جواد لمعت فرحا ، اقترب عمرو منها يعانقها يرحب بها في حين كانت عينيها هي عند جواد الذي كان ينظر لجميع أنحاء البيت عداها ، أجفلت على جملة روان:

-اقعدي يا حبيبتي افطري معانا 

كادت أن ترفض بأدب هي هنا لمهمة محددة ، حمحمت ترفض بأدب :

-متشكرة يا طنط ، أنا بس كنت جاية ابلغكوا أن ماما عزماكوا على الغدا عشان شريف جاي النهاردة من السفر 

هنا لم يستطع جواد إلا أن يعلق ساخرا عله يتخلص من تلك العلكة :

-على فكرة في اختراع بقاله اكتر من 30 سنة اسمه موبايل ، ولا أنتِ اللي بتشبطي تيجي 

-جوااد 

صاح بها عمرو غاضبا يُخرسه تماما ، ليبتسم الأخير يعتذر متهكما ، يشيح بوجهه بعيدا ... دق الباب فتحركت روان لتفتح من جديد ، قلبت عينيها تجبر شفتيها على الابتسام حين رأت تلك الشقراء كما يسميها عمرو تقف أمام باب بيتهم ، الفتاة جميلة لا تنكر لها شعر أشقر طويل وأعين زرقاء واسعة ونظرات جريئة لا تخجل أبدا ... طويلة القامة ذات جسد منحوت بشكل مثالي ، ملابسها دوما شبه عارية وولدها الحبيب لا يعترض :

-اهلا يا اماندا اتفضلي ادخلي

ابتسمت الأخيرة مجاملة هي الأخرى لتخطو للداخل ، ابتسم جواد من أن رآها ليقم من مكانه ليرحب بها ، فما كان منها إلا أن عانقته تغمغم سعيدة :

-وحشتني كتير جواد ، أسبوع خلص أخيرا والتصميمات عجبتهم كتير في الغردقة 

ليضحك سعيدا يعانقها هو الآخر ، يخبرها أنه حقا اشتاق لها !

نظرت روان في لمحة خاطفة صوب ليان ، لتراها تنظر إليهم تكاد تبكي من الألم ، مسكينة تلك الصغيرة !!

__________

في قسم المهندسين في شركة عاصم ، جلست جوري خلف مكتبها أمامها أوراق مشروعها تركز جيدا على تصميم الواجهة الخاصة بالمبنى ، قاطع تركيزها صوت حسين حين دخل للمكتب ليعلو بصوته يجذب انتباه جميع من فيه رأت جواره ذلك الشاب الذي رأته صباحا وكان يبدو متوترا ولا زال يبدو متوترا من وقتها :

-مساء الخير يا باشمهندسين ، اعرفكوا زميلكوا الباشمهندس زين ، غضو جديد معانا هنا ، بإذن الله تنبسط معانا في الشغل يا زين 

ابتسم الشاب متوترا يشكره ،ما باله متوترا طوال الوقت ؟! يبدو كفتى صغير في أولى أيام عامه الدراسي ، أشار له حسين إلى مكتب فارغ كان يقرب منها ببضع سنتيمترات ليتوجه إليه ، يبدأ في إخراج أشيائه والاستعداد للبدأ 

أما هي فانشغل تركيزها به تراقب ما يفعل عن كثب ، نظر إليها فجاءة ليبتسم متوترا لتبادله الابتسامة بأخرى هادئة ودّت حقيقي أن تطمأنه ، أجفلت على صوت حمحمة غاضبة تعرف صاحبها جيدا ، التفتت لتبصر حسين يقف أمامه ينظر لزين محتدا يوجه حديثه إليها:

-سرحانة في اي يا باشمهندسة چوري ، عندنا شغل كتير ما فيش وقت للسرحان ، خصوصا الأيام الجاية لما شركتنا تشترك مع شركة جاسر باشا وأنتِ عارفة جاسر باشا كويس ما بيعجبوش العجب نفسه 

تأففت حانقة كادت أن تخبره بأنه لا شأن له وأن يهتم بشؤونه أفضل حين أبصرت مساعدة عاصم تقف عند باب الغرفة حمحمت توجه حديثها إليه :

-آنسة چوري ، باشمهندس عاصم عايزك في مكتبه 

ابتسمت لها تومأ برأسها التقطت أوراق التصاميم من امامها تتحرك خارج المكتب تاركة إياه يقف مكانه يتميز من الغضب بسببها ، تحركت چوري بصحبة مساعدة عاصم إلى مكتبه ، دقت الباب ودخلت لتبصر خالها يجلس هناك ، ابتسم ما أن رآها ليشير لها لتجلس :

-تعالي يا چوري اقعدي يا حبيبتي

تقدمت چوري تجلس على المقعد المجاور لمكتب عاصم تغمغم مبتسمة:

-خير يا باشمهندس أنا خلصت 90 في المية من تصميم الوحدة بس لسه فاضل الوجهة 

ضحك عاصم ليتحرك من مكانه جلس على المقعد أمامه يردف ضاحكا :

-باشمهندس عاصم دا قدام الناس يا چوري ، إنما أنا وأنتي لوحدنا في الشغل وأول ما نخرج من الشغل ابقى خالو عاصم يا لمضة ، المهم انا مش عايزك عشان التصميم ، شوفتي المهندس الجديد طبعا ، الولد شهاداته ممتازة بس شكله خجول ومرتبك دايما وحسين ناشف في أسلوبه ، فمعلش هتعبك تعلميه تخليه زي متدرب وأنتِ تشرفي عليه وما تقلقيش أنا هبلغ حسين بكدا عشان ما يضاقكيش 


ابتسمت چوري تومأ موافقة:

-حاضر يا خالو ما عنديش مشكلة ، أخبار طنط حلم وحشاني والله

ابتسم عاصم يغمغم يطمأنها :

-بخير يا حبيبتي الحمد لله ، الجمعة دي كدة كدة كلنا عندكوا وهتشوفوا بعض ، صحيح أخبار الشيطان ايه


ضحكت چوري عاليا ، خالها يعرف أن والدها يكره ذلك اللقب كثيرا ومع ذلك لا ينفك يقوله له حتى يضايقه :

-بخير الحمد لله ، أنت عارف أنه بيكره الكلمة دي 

اومأ عاصم موافقا ليردف ضاحكا:

-أحسن مش عاملي فيها اروش رجل أعمال زمان وسمى نفسه الشيطان أهي لزقت فيه ومش عارف يخلص منها الناصح 

دُق الباب ودخل حسين ، ابتسم تلقائيا حين سمع ضحكاتها ليحمحم سريعا يُخفي ابتسامته أقترب منهم يغمغم مستفهما :

-خير يا بابا في مشكلة ولا ايه ؟!

تأففت چوري حانقة لا تعرف ما شأنه لما يجب أن يعرف كل شئ يحدث ، أخبره عاصم بما يريده من چوري لتنكمش قسمات وجهه ضيقا يردف سريعا :

-ايوة يا بابا ، بس اشمعني چوري يعني في غيرها كتير وأكتر خبرة منها ، حل مش موفق من وجهة نظري


هنا هبت غاضبا وقفت أمامه تحادثه محتدة :

-وجهة نظرك دي احدفها في أقرب سلة زبالة أنت مالك اصلا ، وبعدين خبرتي أكتر من خبرتك بمراحل ما اسمحلكش تقلل مني أبدا ، عن إذنك يا خالي

وخرجت من المكتب سريعا بخطى واسعة غاضبة لينظر عاصم إلى ولده يغمغم ساخرا:

-جلنف قسما بالله!

___________

في شركة جاسر ، تحديدا في غرفة الاجتماعات

قضى الاجتماع بذهنٍ شارد قلق ، يتنهد قلقا بين الحين والآخر ، هاتف رعد لا يجيب ترك سيارته وكل ما كان في جيبه تقرييا ورحل ولا يعلم لأين ، لم يذهب للبيت وليس عند نرمين

شقيقته ، ولم يذهب لعاصم مع إن عاصم أقرب له منه هو حتى ، أجفل على صوت علي يغمغم يحادثه :

-ها يا جاسر قولت ايه ، هنمضي ولا محتاج وقت تفكر

قام من مقعده يغمغم قلقا :

-علي اتصرف أنت ، أنا مش مركز عن اذنكوا 

وتحرك يخرج من غرفة الإجتماعات ليحرك علي رأسه يأسا من تصرفات صديق عمره الغريبة ورأسه الصلب ، تولى دفة الإجتماع لنهايته ليخرج من غرفة الإجتماعات ما أن انتهت الصفقة تحرك إلى مكتب جاسر ليراه يقف يمسك هاتفه بالطبع يحاول الاتصال برعد ، الشركة بأكلمها استمعت إليه وهو يصرخ فيه يطرده والآن يحاول جاهدا الوصول إليه 

صرخ جاسر غاضبا ليلقي الهاتف أرضا بعنف يهشمه رفع يده لخصلات شعره يشد عليه يغمغم حانقا :

-هيكون راح فين ، وقافل الزفت موبايله ليه


-يمكن عشان أنت طردته قدام الشكل كلها بس 

غمغم بها علي ساخرا ، ليتأفف جاسر حانقا يصرخ فيه :

-ما كنش قصدي ما كنتش لاقي الملف واتعصبت وما حستش بنفسي ، دا بقاله دلوقتي أربع ساعات مختفي ، حتى العربية والفلوس ما خدهاش هيروح فين يعني


قاطع ما يحدث رنين هاتف مكتب جاسر ، هرع الأخير إليه ليصل إليه صوت عاصم القلق وهو يصرخ :

-جاسر موبايلك مقفول ليه ، بقولك هو رعد فين في صورة نازلة على النت قدامي لشاب عامل حادثة وما عهوش اي إثبات شخصية شبه رعد ، أكيد شبهه مش هو ، رعد فين يا جاسر طمني عليه !!

____________

رعد فين ، ما حدش شاف رعد يا ولاا 

صحصحوا معانا إحنا كل دا لسه في القشور لسه في حاجات كتير أوي هتتغير والطيب مش هيفضل طول الوقت طيب ، والغلبان هيجي عليه وقت ويثور يطلب بحقه 

والكيوت الرقيقة هتفوق على قلم هيغير حاجات كتير أوي 

لسه في الجراب كتتيييير لم يخرج سوى سنتيمترات معدودة 

الفصل الثالث من هنا


تعليقات



×