رواية عشق الادهم الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم شهد السيد


 رواية عشق الادهم الفصل التاسع والعشرون

أود أن أخبرك أن الشُوق قد بلغ مني مابلغ.. 

نظرت لحديث ليليان وأدهم الجانبي بصمت يبدو على كليهما الإنفعال، زفرت بتروى وهى تحرك كف يدها فوق ذراعها الآخر تنظر لقدميها اللذان يتحركان للخلف وللأمام، ربما هى أفضل من سابق ظاهريًا لكن بداخلها مدينة تحترق يحاول قلبها إيقاف النيران بأمطار بكائه بلا جدوي. 

رفعت نظرها تلقائيًا وكأن رياح الشوق لفتت أنتباه قلبها لتجده واقفًا على بُعد ليس بالكبير وأعينه مثبته فوقها تشرح ما لا يمكن قوله، راقب جلوسها الهادئ كأنها طفلة لا تنتمي لباقي الأطفال الصاخبين، يود قول الكثير و..والبكاء.!! 

يريدها كـحلوى مُحرمة عليه أن يقترب منها، نظرة طويله كـ تلك التي كانت يوم فراقهما، قلوب تصرخ ولا يستمع لها أحد، لو كان يعلم أنها ستبتعد عنه لكان أحتواها بين أضلعه غير سامحًا لها بالمغادرة نهائيًا. 

_يا آنسة.. 
نطق بها إيهاب الذي كان بمركز الشرطة يحرر بلاغًا بشأن بطاقة هويته الذي فقدها وعندما كان بطريقة للخارج وجدها جالسه وقد تذكرها فور أن وقعت أعينه عليها، تلك الفتاة الصغيرة التي صححت خطأه بالتصميم. 

نظرت له جودي بصمت تنتظره أن يكمل ما بدأه لكنه لم يكمل بسبب إقتراب ليليان وخطيبها الذي رأه سابقًا بعدة منشورات، تحدثت ليليان بصوت هادئ: 
_اهلًا يا أستاذ إيهاب. 

-أهلًا بحضرتك يا آنسة ليليان خير فى حاجة ولا أي.؟ 

_لأ مفيش مشكلة بسيطة. 

جائته إجابتها بهدوء تام وهى تنظر لجودي مكملة: 
_يلا علشان أكلم عم عبدو يجي يروحك. 

سارع إيهاب بالتدخل يقاطعها: 
_أنا خلصت اللى كنت جاي عشانه ممكن اروحها أنا. 

أجابته ليليان برفض هادئ: 
-لا ملوش لزوم أتعب.. 

قاطعها إيهاب بإصرار: 
_الآنسة تعتبر فى مقام أختي ولا تعب ولا حاجة بس قعدتها هنا مش لطيفه خصوصًا فى أشكال مش ولابد داخله وخارجة. 

توترت نظرات جودي نحو زياد الذي مازال واقفًا وحسمت أمرها بإبعاد نظرها عنه فى حين تقدم هو يحادث ليليان: 
_حمدالله على سلامتك. 

أبتسمت ليليان بهدوء تجيبه: 
_الله يسلمك. 

ونظرت لجودي تكمل حديثها: 
_هتستني عم عبدو ولا تروحى مع أستاذ إيهاب. 

تدخل زياد بالحديث برفض حاد بعض الشئ: 
_هروحها أنا.. 

-هستني عم عبدو برا فى عربيتك يا ليليان. 
تفوهت بها جودي ونهضت تعبر من جواره نحو وكأنه غير موجود، فضلت أن لا تكون معه، هو الذي يقضي الليل باكيًا على فراقها.!! 

نظرت جودي خلفها بتردد وتحديدًا لأعينه التي أشتعلت بعتاب غاضب، أعادت النظر أمامها وأسرعت نحو سيارة ليليان تصعد بها وتغلقها تنفجر بنوبة بكاء صامتة. 

بينما بالداخل غادر إيهاب بعدما شكرته ليليان على عرضه للمساعدة وخرج حازم ومن خلفه صالح الذي يسحبه الشرطي بحده، تقدم حازم منهما قائلًا: 

_فرغنا الكاميرات بأذن النيابة وتحفظنا على المقطع اللى ظهر فيه تحرشه بيها وهيتعرض على المحكمة بكرا الصبح، السوشيال ميديا كلها مقلوبة عليه اللوأ بذات نفسه أتصل بيطلب أنتهاء الموضوع فى أسرع وقت عشان الضجه دي تهدأ جمعيات حقوق المرأة خاربين الدنيا. 

زفرت ليليان بتروى وتشفي وصمتت بينما تبادل هو وأدهم أطراف الحديث قبل أن يمسك بيدها يجذبها معه نحو الخارج ونظر لزياد الذي يسير أمامها بخطوتين: 
_هتيجي معايا نوصل ليليان ونروح سوا. 

نظر له زياد بتشتت لاحظته ليليان جيدًا يجيبه بهدوء تام: 
_معايا المكنة هسبقك على البيت. 

كانت جودي قد غادرت مع السائق الذي حضر سريعًا يصطحبها بسيارة ليليان للمنزل، صعدت ليليان بالمقعد المجاور له بصمت تخرج هاتفها تتفحصه بأهتمام وهى ترى ذلك الكم المهول من الرسائل والمنشورات المؤيده لموقفها وإنتشار فيديو تصويري لها أثناء ضربها المبرح لصالح وشراستها الباديه وقد نال موقفها أستحسان الجميع.!! 

تفحصت الرسائل الواردة من مؤسسات جمعيات حقوق المرأة والتى تعبر عن مساندتهم التامة لموقفها وان من فعل ذلك سيلقي عقابة يهنؤها على موقفها الشجاع. 

نظر أدهم لإبتسامتها الظاهرة وهى تنظر لشاشة الهاتف وزفر بضيق يحدثها: 
_برضوا مش شايفه نفسك غلطانه.؟ 

حركت رأسها بالرفض تغلق هاتفها تضعه بجيب سترتها وتجيبه بهدوء:
_أنا آخر حاجة كنت أعرفها عنك إنك مسافر ولسه مرجعتش أكلمك اقولك أي وانتَ فى بلد تانيه كنت هتعملي أي اصلًا والموضوع أنا قدرت أتصرف فيه لوحدي... 

أنفعل وقاطع حديثها بحده: 
_بس انتِ مش لوحدك يا ليليان وقولتلك مية مرة أن أنا معاكِ ولازم تشاركيني حياتك مش تصرفاتك كلها تبقي مع نفسك أنا اصلًا لحد دلوقتي مش شايف سبب مقنع يخلينا نفضل مأجلين جوازنا. 

زفرت بضيق تجيبه دفعة واحدة بإندفاع: 
_خايفة أكتشف فيك حاجة فيما بعد تخليني ندمانة. 

-ندمانة.!!! 
رددها بعدم تصديق ونظر لها قبل أن يعيد النظر للطريق وهو يحاول أستيعاب ما ألقي على مسامعه، حاولت ليليان تبرير موقفها تكمل: 
_أدهم أنا مش قصدي أنا عاوزه بس نعرف بعضنا أكتر عشان مظلمكش معايا فيما بعد لو كان فيا حاجة انتَ مش متقبلها وأنا مش هقدر أغيرها ولسه فى قرارات مش عارفه اعمل فيها اي. 

لم ينطق بحرف آخر وأكتفي بالصمت بينما أعتدلت هى بجلستها تربت على ذراعه برفق تحدثه بلين لا يظهر سوى له: 
_أدهم انتَ غالي أوي عندي، انتَ الوحيد اللى فتحتله حياتي ورضيت بقربه وحبيت حنيته ووقوفه معايا من البداية، أنا كل اللى قصدي عليه خوفى على جودي ليان خلاص بدأت تجهيز شقتها وفرح بتفضل يوم ونص فى المستشفى. 

-جميلة ومرات عمك معاها وياستي بعيدًا عنهم جودي تعيش معانا. 

زفرت بتروي تحادثه بهدوء: 
_فكرك بعد اللى حصل بينها وبين زياد ينفع يجتمعوا مع بعض من تاني ويبقوا كمان شايفين بعض طول اليوم، معتقدش أنها هترضي وهتفضل تعيش مع جميلة وطنط صفاء. 

وقف أدهم أمام بوابة منزلها واغلق المحرك ينظر لها بهدوء يحدثها بمصداقية: 
_مش عشان أخويا بقول كدا بس فعلًا زياد حالته صعبة وضايع ماشي يخبط فى اي حاجة قدامه عاوز يثبت لنفسه إن فراقها مش فارق بس هو اللى مش قادر يفارقها، أنا بنفسي سمعته بيعيط فى يوم وكان بيكلم عليّ صاحبه وبيقوله أنه مش قادر يتخطي الإكتئاب اللى جاله بسبب بعدها عنه، مبقولكيش كدا غير عشان تعرفي أنه مش وحش وبايعها بالعكس بيحبها جدًا. 

صمتت لدقائق قبل أن تغير مجري الحديث: 
_أقابلك بليل فى العزا، سلام. 

« _____ » 

أعتدلت بوقفتها بعدما أنتهت من رِيُّ الشجر والورود تغلق صنبور المياه وتعيد وضع حجابها الذي كان شبه ساقط والتفتت لتتفاجئ بوقوفه خلفها مبتسمًا، تأكدت من إحكام حجابها وحمحمت تتحدث بصوت هادئ: 
_اهلًا يا أستاذ سيف. 

أجابها ببساطة وقد زادت إبتسامتة إتساعًا لنطقها لأحرف إسمه منها: 
_قوليلي سيف بس عادي مش هزعل. 

أبتسمت بأرتباك ولم تجيب ليتابع هو: 
_هى ليليان مش موجوده.؟ 

حركت رأسها بالنفي تجيبه بهدوء: 
_شوية وجاية اتفضل أستناها جوه. 

زفر سيف بتروي وحدثها بجدية: 
_بصراحة السبب الأساسي لمجيتي النهارده هو اني أعرف ردك وبكرر عليكِ عرضي من تاني، أنا طالب إيدك. 

زاغت ببصرها وشعرت بإنعقاد معدتها، غير قادره على تخطي الماضي ولا تريد سوى مستقبل فردي لها هى فقط رغم رفض والدتها لذلك، أخذت نفسًا عميقًا تجيبه بأبتسامة هادئة: 
_حضرتك شاب كويس ومتعلم وألف بنت تتمناك زوج ليها بس للأسف أنا مش هنفع لحضرتك ولا لغيرك لأني ببساطة ناويه أكمل حياتي لوحدي. 

إبتسامة صغيرة أرتسمت على شفتيه يجيبها بتفهم: 
_زي ما تحبي ربنا يوفقك يارب فى حياتك، بلغي ليليان إني جيت وسألت عليها، عن إذنك. 

أنهي حديثه وألتفت مغادرًا فى هدوء كما أتي، وتحركت هى لداخل المنزل تنزع حجابها برفق وجلست فوق أحدي المقاعد تمسك بهاتفها الجديد الذي أحضرته لها ليليان وبدأت بتعلم التعامل معه. 

أبتسامة حزينه ظهرت على وجهها وهى تقرأ أحد المنشورات المطلوب بها عاملات حاصلين على شهادات عُليا وهى التي أكملت تعليمها حتى الصف الأول الإعدادي ومنعها والدها من الذهاب للمدرسة مرة أخري. 

« _____ » 

جلس قبالتها على الفراش يطالع ما توصلت إليه بألم مزق قلبه على وحيدته الذي لا يملك فى دُنياه سواها، تضم ركبتيها لصدرها تصدر شهقات متقطعه ودموعها كـ أنها أنهار لا تجف. 

وجهها مُحمر وشاحب يمزق قلب من ينظر إليه شفقة، رفع عزام يده يتلمس خصلات شعرها برفق يحدثها بحنو: 
_تعرفي إنك أحلي حاجة فى حياتي، زي ما تقولي كدا معلقة سكر فى كوباية طعمها مُر.!! 
حياتي أنطفت ومبقاش فيها غير من بعد وفاة سهير الله يرحمها، ضحكتك كانت كفيلة تخليني طاير فى السما، ودموعك دلوقتي مخلياني نفسي أقطع بسناني اللى كان السبب فى نزولها. 

لم تجيبه وأخفت وجهها بين قدميها تنتحب بصوت منخفض ليتابع هو: 
_ساره حبيبة بابا تساهل واحد أحسن... 

تفاجئ من أنفعالها الغير متوقع وهى تصرخ وتجذب خصلات شعرها بعنف: 
_مش عاوزه حد مش عاوزه حاجه أنا بكرهه بكـــــــرهه.!! 

صرخة أخرجت بها ألم قلبها النازف وأخذت ترددها بهوس علقها لا يعترف بشئ الآن سوي كرهها لجاسر حتى توصل بها الأمر لمحاولة قتل طفلها الذي يكون من دمه لكنها حركت رأسها بالرفض بعنف تحتضن معدتها تردد بصوت منخفض مبحوح: 
_بكرهه هو..انتَ لأ. 

أرتفعت الطرقات العنيفة من الأسفل فوق باب المنزل، مسح عزام دموعه التي تساقطت رغمًا عنه وهو يشاهد أبنتة وفلذة كبده بتلك الحالة وهبط للأسفل ليجد جاسر يندفع للداخل صائحًا بأسم ساره يبحث عنها بأركان المنزل ومن خلفه أدهم الصامت. 

تقدم من الدرج ليصعد للطابق العلوي لتمنعه يده عزام التي قبضت على ملابسه بعنف هادرًا بغضب:
_قسمًا بالله لو ما مشيت لكون قاتــ.ـلك بأيدي. 

حاول جاسر إبعاد يد عزام عنه يصيح بجنون من فكرة أبتعادها عنه: 
_مش همشي من غيرها ساره مراتي مش هسيبها. 

دفعه عزام بعنف يحدثة بحده وحزم: 
_هتطلقها ورجلك فوق رقبتك، اقولك هترفع عليك قضية خُلع انتَ اللى زيك ميستاهلش ضافر بنتي غور من وشي أطلع برا مكفكش اللى هى وصلاله دلوقتى بسبب واحد حقير زيك. 

حاول جاسر الصعود عنوه ليصيح عزام بأسم الحراس الخاصين به ليأتوا سريعًا يقيدوا جاسر يبعدوه عن الوصول للدرج ليصيح عزام بحده: 
_خدوه ارموه برا ولو هوب هنا مره تانية تتصلوا بالبوليس سامعين.!! 

رغم حالة جاسر الجنونية ورفضة للرحيل سوى وهى بصحبته قام الحراس بأخذه بالعنف للخارج بينما نظر عزام لأدهم يحادثة بحزم: 
_هسألك سؤال واحد ترضي لو ليك أخت تكون مكان بنتي؟! 

نظر أدهم خلفه لجاسر الذي يحاول إبعاد الحراس عنه وأعاد النظر لعزام، لوهلة تشكلت بعقله صورة والدته وتفضيل والده كوثر عليها وحزنها وإصابتها بشلل نصفي. 

أغمض عينه بقوه يحرك رأسه بالرفض بعنف يتمتم بإصرار: 
_لأ لأ 

جاسر مخطئ وهو لن يدافع عنه مهما حدث من خطأ يتحمل نتيجة خطأه، أعاد فتح أعينه ينظر لعزام يكمل:
_حافظ على بنتك. 

أنهي حديثه يلتفت مغادرًا للمنزل رافضًا الوقوف مع الخطأ، والد ساره محق ولا يقدر أحد على لومه.! 

           « _____ »        

خرجت من العزاء بخطوات واثقة والهمسات من حولها تتعالي، خرجت من المنزل المُقام به عزاء أحد رجال الأعمال المعروفين وقد أنتشرت الإشاعات بأنه قُتل بفعل فاعل وليس مجرد وفاة طبيعية.! 

فور أن وطأت قدمها خارج المنزل سارع إليها الصحفيين كـ أنهم خلية من النحل وأرتفعت أصواتهم بالتساؤلات العديدة الموجهة لها، شعرت بيد أدهم تمسك بمعصمها برفق ويسير أمامها يبعدهم عنها بلباقة إلا أن توقفت أمامهم صحفية ترفع مكبر الصوت أمامهم ومن خلفها مساعدها يحمل بيده كاميرا لتسجيل ما يحدث مباشرة:
_آنسة ليليان رأي حضرتك اي فى المعارضيين لموقفك وانك مكانش ينفع تضربي المتحرش كدا. 

نظرتها الواثقة والقوية كانت دومًا عنوانًا لها، وبنبرة قوية وشبة إبتسامة باردة أجابة:
_لمسني بالطريقة اللى ترضي الحيوان اللى جواه وأنا لمسته بالطريقة اللى تردلي كرامتي. 

جذبها أدهم برفق غير سامحًا لهم بالمزيد من التساؤلات يفتح لها باب المقعد المجاور له ويغلقه من خلفها بأحكام وسارع بالإبتعاد من بين الصحافيين الذين اجتمعوا حوله يصعد لمقعد القيادة مغلقًا الباب خلفه منطلقًا بعيدًا عنهم ناظرًا لها بطرف أعينه: 
_أخرتها مراتي أنا تبقي عامله إثارة جدل على مواقع السوشيال ميديا والصحافيين بيتخانقوا على صورة معاها عوضي عليك يارب. 

ضحكت بخفه وصمتت قبل أن تحادثة بأبتسامة واثقة: 
_اتبعتلي دعوة لحضور حفلة تبع أكبر مؤسسة لحقوق المرأة لمناقشة بعض الحاجات كدا.. 

-بتهزري.! 
اهتروحي وتفضلي بقي تقولي مجتمع ذكوري متعفن هطلع أكسر دماغك. 

نطق بها أدهم بتزمر وضيق مصتنع لتطلق هى ضحكة رنانة على ما قاله، نظر لها لثواني قبل أن يعيد النظر أمامه من جديد، جميلته الشرسة تضحك دون قصد ويسرق هو قلبه من جديد بواسطتها.! 

بعدما هدأت ضحكاتها بدأ يقص عليها ما حدث بين جاسر وساره بذات الوقت الذي كان جاسر به اوشك على الجنون، ساره حبيبته اللطيفة التي تبحث عن راحته وسعادته سترحل.!! 

   
قبض على ما تبقي من سيجارته وهى مشتعله بكف مرتعش وعقل قارب على الإنفجار ونهض بتثاقل يفتح باب المنزل ليجد أمامه نسمه ومن خلفها حقيبة سفر تعقد يدها تنظر له بضيق وحاجبين مرتفعين بحده بالغة. 

تعليقات



×