رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل السابع والعشرون 27 بقلم دينا جمال


 رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل السابع والعشرون

بناء على رغبة القراء هنحط في بداية كل فصل كل عيلة بولادها عشان الناس اللي لسه بتتلغبط 
جاسر ورؤي أبطال الأجزاء اللي فاتت عندهم 6 أولاد رعد وجوري أول تؤام 
يوسف ومريم تاني تؤام 
سليم وياسين آخر تؤام
----------------
نرمين أخت جاسر اللي جاسر كان بينتقم من صبري وبنته شاهندا عشانها 
نرمين وياسر جوزها عندهم 2 
( جاسر الكبير 29 سنة دكتور نفسي 
اريج في 2 كلية طب )
ياسر كان ليه بنت من مراته اللي ماتت قبل ما يتجوز نرمين اسمها سما جوزها اسمه مصطفى
______________
عاصم أخو رؤي خال العيال اللي كان بيحب تهاني واتجوز حلم في الجزء التاني عنده ولدين 
حسين الكبير مهندس ، مراد الصغير في ثانوية عامة ساقط سنة 
_____________
رؤى كان ليها جيران أخ وأخت ساكنين سوا اللي هما عمرو وايمان 
ايمان اتجوزت علي صاحب جاسر وعندها شريف الكبير ظابط شرطة ، وليان الصغيرة المدلوقة على الجاموسة جواد 
_________
أما عمرو فاتجوز روان بنت صاحب الشركة اللي كان شغال فيها وخلف ولد وبنت 
جواد جاموسة متنقلة مهندس ديكور 
ومرام دلوعة ماما 22 سنة في كلية إعلام ومخطوبة لشريف ابن عمتها 
_______
فاضل طرب وملاك ، ومليكة وتوحة وكل الناس دي هنعرف اصلهم وفصلهم فيما بعد 
لما تتلغبط اطلع بص هنا وكمل الفصل عادي 
نبدأ الفصل❤
___________
استيقظت مبكرا كعادتها مؤخرا ، تستيقظ تغتسل وتجلس جوار الشرفة تشاهد ما يحدث في الخارج دون أن تشارك فيه ، وتشعر وكانها باتت كومبارس صامت في حكايتها ولم تعتد تهتم بأي شيء ... لم تعد تريد شيئا لا الشهرة ولا الظهور ولا الحياة نفسها جل ما تريد أن تظل هكذا تراقب من بعيد ، ضمت قدميها لها تبتسم ساخرة وعقلها يذكرها بما حدث قبل أسبوعين في تلك الليلة 
Flash back
استندت بيدها على حافة الطاولة ترفع جسدها تشعر بألم شديد في أنفها وخيوط من الدماء تنساب منها استندت لتقف أمام تلك المرأة ، لم تخف منها بل صرخت في وجهها :
- لاء أنتِ كدة عندك مشكلة شخصية بقى مع بابا ، واي كانت هي ايه أنا واثقة أنك أنتِ السبب فيها ، بصي لوشك في المراية شبه المجرمين ، تحسي أن ربنا غضبان عليكِ لدرجة أنه باين أوي على وشك
احتدت حدقتي تلك السيدة غضبا، الوقحة تسخر منها وتسبها .. اقتربت منها تكمش خصلات شعرها في كفها يدها تجذب شعرها بعنف لتصرخ مرام من الألم في حين دفعتها والدة شداد أرضا لتسقط على وجهها ويزداد نزيف الدم تصرخ فيها :
- يا سافلة يا جليلة الرباية ، ما هو لو أبوكِ رباكي ما كنش بلا ولدي بيكِ عشان هو يربيكِ
استندت بكفيها إلى سطح الأرض قامت تمسح تلك الدماء بكم ثوبها وقفت أمامها تصرخ فيها :
- أنا والدي مربيني كويس ، متربية أحسن منك ألف مرة يا مريضة ياللي بتطلعي عقدك عليا وأنا أصلا ما اعرفكيش 
هنا طفح الكيل بوالدة شداد ، الفتاة لا تصمت لسانها يفوقها طولا تذكرها بعمرو في آخر مرة التقت به ، تلك الحية نسخة مصغرة عنه ، اقتربت منها من جديد حاولت مرام دفعها ولكن جسد توحيد كان لا يستهان به رغم تقدمها في العمر ، جذبت شعرها تسقطها أرضا وانحنت فوقها تضربها بغل وحقد ، محاولات مرام المستميتة للدفاع عن نفسها لم تجدي نفعا ، تلك السيدة تخرج حقد وغضب دفين عليها ، لم ينقذها سوى صوت شداد وهو يصرخ باسمها ومن ثم شعرت به يجذب جسدها بعيدا عن يد والدته لتقترب شقيقته منه تعانقها تنظر لوجهها المكدوم ، اقترب شداد منها ينظر إلى ما جنت يد والدته ، قبل أن يلتفت إليها يصرخ فيها بعلو صوته :
- حرام عليكِ يا امااا ، دي أمانة عندينا ، اجول لأبوها إيه .. هي عملتلك ايييه عشان تضربيها كدة ، لا هي ولا أبوها ليهم ذنب وأنتِ عارفة اكدة ، جسما بربي يا أما لو يدك اترفعت عليها تاني لهتنازلهم عن الفلوس كلها ، وأنتِ عارفة طالما حلفت عمري ما هوجع حلفاني 

كانت تستمع إلى صوت صراخه وهي شبه واعية تشعر بألم شديد في جميع أنحاء جسدها 
شعرت بعدها بأحدهم يحملها بالطبع هو ، أخذها وصعد لأعلى حيث غرفتها وضعها على الفراش لتغيب عن الوعي ، لم تعرف ما حدث
إلا أنها استيقظت على وخز مؤلم في كف يدها .. فتحت عينيها قليلا فقط لتجد فتاة تجلس جوارها توصل محلول ما ليدها .. ابتسمت تلك الفتاة لها تحادثها مترفقة :
- حمد لله على سلامتك ، ما تقلقيش أنتِ كويسة هي كدمات كتيرة شوية بس الحمد لله ما فيش ردود أو كسور ، المحلول دا فيه مسكن قوي 
تذكرت مرام في لحظات ما حدث لتمد يدها تمسك بذراع الطبيبة تهمس بصوت ضعيف واهن :
- أنا عاوزة أبلغ عنها ، هي الست اللي تحت دي اللي ضربتني ، أرجوكِ ساعديني
ظهر على وجه الطبيبة علامات الامبالاة قبل أن تردف تسخر منها :
- يا بنتي احمدي ربنا دي حماتك ايدها خفيفة ، إنتِ ما شوفتيش سحر اللي روحت اكشف عليها من يومين حماتها كانت كسرالها ضلعين وعضمة مناخيرها  
كمان ، يلا حمد لله على سلامتك 
وقامت من جوارها تلملم أغراضها في حقيبتها وتركتها ورحلت وهي حقا لا تفهم ما العبث الذي يحدث هنا تحديدا ... دخل شداد بعد خروج الطبيبة وقف أمام فراشها ، انكشمت ملامحها غضبا تهمس بصوت ضعيف ولكنه غاضب في الآن ذاته :
- أنا هوديكوا في ستين داهية وهبلغ عنها ، مش هسيبها هدفعكوا التمن غالي أوي ، انتوا مش بني آدمين 

- وأنتِ بني آدمة
نطقها بنبرة جافة ، قبل أن يرفع كتفيه يردف ببساطة :
- عندك الباب أهو روحي بلغي عنها ، وما تقلقيش أنا مش هشهد في صفها ولا حاجة ، بس المشكلة الأكبر دلوقتي أن المأمور المسؤول عن البلد يبقى أخويا !!
شعرت بالألم الشديد يمزق نياط قلبها استندت بكفيها إلى الفراش تنتصف جالسة ، تنهمر الدموع من عينيها تصرخ فيه بحرقة :
- اااه دا انتوا عصابة بقى ، إنت وأمك تبهدلوا وتضربوا في الناس واخوك يحميكوا ، انتوا عايزين مني ايه ؟!
شعر بالشفقة عليها اقترب من الفراش جلس على حافته بعيدا عنها قبل أن يحرك رأسه إليها تنهد يحادثها بنبرة هادئة :
- بصي يا بنت الحلال ، الدلع عمره ما كان عيب ، لكن ما بيزيد عن حده بيبقى مصيبة ، أنتِ ايه ناقصك في حياتك عشان تجري ورا الفيديوهات والمشاهدات والكلام الفاضي دا ، ليه تفضلي شوية سراب على أهلك وناسك ، أبوكِ غلب في الكلام معاكِ بالشدة واللين وأنتِ بردوا ما فيش فايدة ، ايه اللي بتقدمه ليكِ الفيديوهات دي ، أبوكِ غني وعنده فلوس كتير
مش محتاجة تفضحي حياتكوا وتعري أسراركوا قدام الناس ، كنتِ مخطوبة لراجل بيحبك ويتمنالك الرضا ترضي ومع أول وقعة ليه ، خفتي على شكلك قدام المتابعين 
مين المتابعين يا مرام مين دول في حياتك 
أهم من أبوكِ وأخوكِ وخطيبكِ ، أنتِ سمعتي الكلام دا كتير من أبوكِ ومع ذلك ما فيش فايدة ، لحد ما الراجل طق منك لما وصل بيكِ الحال أنك ترقصي ، ترقصي عشان تزودي المتابعين ، إنتِ متخيلة رُخص اللي عملتيه ، خليني اقولهالك يا بنت الناس ، أنتِ شخصية أنانية جاحدة عندها كل حاجة ممكن تحلم بيها بنت في سنها ، ومع ذلك مش راضية ومش شبعانة ، بتجري ورا سراب هيفضل يسحبك وراه لحد ما تقعي على جدور رقبتك 
قام من مكانه يضع يده في جيب جلبابه أخرج هاتفها منه يضعه جوارها على الفراش رفع كتفيه يغمغم ساخرا :
- موبايلك أهو ، على قولك إحنا مش في مصحة علاج إدمان ، أنتِ اللي زيك مالوش علاج يا مرام
Back
كلماته لا تزال تتذكرها قاسية حادة للغاية ، رغم أنها استمعت لكلمات مشابهة من شريف ووالدها ، شردت عينيها تفكر هل فعلا هي سيئة لتلك الدرجة ، مر أمام عينيها مشهد طردها لنور من منزل شريف كيف دفعتها بعنف وهي لا تقدر على الحركة تطردها خارج المنزل 
ومن ثم قامت بتصوير فيديو عن مساعدة المحتاجين ، تذكرت لقائها الأول مع نور حين رفعت هاتفها تلتقط صورة لها لولا أن الفتاة وضعت يدها على وجهها سريعا لكان عرفها جواد وقتها ، حين كتبت فوق الصورة أن شريف خطيبها الطيب يساعد فتاة خرساء !!، وحين كانت تذهب لتعطي الطعام لأحد أطفال الشوارع وتلتقط معه الصورة قبل حتى أن يأخذ منها الطعام ، شعرت بالاشمئزاز ولكن تلك المرة من نفسها ، الطفل الصغير المسكين كان ينظر إليها وعينيه دامعة وهي لم ترى سوى الصورة ، وضعت يدها على فمها تشعر برغبة في التقيء تشعر بالاشمئزاز الشديد من نفسها 
قامت تركض صوب المرحاض انحنت على حوض الغسيل تتقيء بقوة ، سمعت خطوات شخص ما في الغرفة يقترب منها يسندها ، نظرت لمن جاء لترى شقيقة شداد ، قطرة الندى تقف جوارها تسند جسدها تغسل وجهها ، امتدت يدها إلى المنشفة جذبتها تساعدها على تجفيف المياه عن وجهها ، اسنتدتها تعود بها إلى الغرفة تجلسها على حافة الفراش ، جلست جوارها تسألها قلقة :
- أنتِ كويسة ، حاسة بايه ، اخلي شداد يجيلك الدكتورة
حركت رأسها للجانبين ترفض بخفة ، عينيها شاردة يمر أمامها الكثير من الذكريات المقززة التي شاركت فيها ، اندفعت الدموع إلى مقلتيها رفعت وجهها إلى قطرة الندى تعتذر منها :
- أنا آسفة ، بجد آسفة إني زقيتك
قطبت الفتاة جبينها متعجبة من بكائها تلك ليست الفتاة التي رأتها أول يوم والتي استمعت عنها الكثير ، اقتربت منها تبتسم تحتضنها لتتمسك مرام بها تغمض عينيها تنهمر دموعها في صمت ، ظلت هكذا لدقائق طويلة قبل أن تبعدها قطرة الندى عنها تمسح الدموع عن وجهها تهمس مترفقة :
- أنا مش زعلانة منك يا مرام ، خلاص يا ستي صافي يا لبن ... قومي يلا كفاية حبسة في الأوضة من ساعة ما جيتي بقولك ايه ، تعالي ساعديني 
وأمسكت بكف يدها تجذبها معها لخارج الغرفة 
شعرت مرام بالقلق حين باتت في الطابق السفلي خاصة رأت والدة شداد ولكنها لم تظهر خائفة أمامها فقط رمتها بنظرة حادة ، أما الأخيرة فلم تنطق بحرف وكأن قسم شداد ألجم لسانها فلم تتكلم ، تحركت مرام خلف قطرة الندى إلى المطبخ كان يختلف عن المطبخ في منزلهم الذي لم تره سوى بضع مرات على أكثر تقدير ، المطبخ هنا ينقسم لجزئين ، جزء مطبخ عادي متعارف عليه والجزء الآخر به فرن كبير من الطين وطاولة ذات أقدام قصيرة عليها عجين وأطباق ضخمة الحجم ودقيق كثير هنا وهناك ، انتفضت حين وضعت قطرة الندى يدها على كتفها تحادثها مبتسمة :
- لو مش حابة تخبزي اقعدي جنبي وأنا بخبز 
اهو بالمرة نسلي بعض !!
________________
في إحدى المستشفيات الكبيرة أمام غرفة الجراحة الجمع مكتظ جميع أهل البيت هنا ومعهم وليد ومراد الجميع قلق يتحرك هنا وهناك ، عدا جاسر الذي لم يفارق الهاتف يده منذ أن أخبره مراد بما حدث ، يصرخ في شخص ما كل عدة دقائق يخبره أن لم ينفذ ما يقوله له سيندم ، مَن هو وماذا يريد منه لا أحد يعلم ... القلق ينهش الجميع يتحركون هنا وهناك بلا توقف ، رؤى تبكي بلا انقطاع وچوري تجلس جوارها تحتضنها تحاول أن تخفف عنها ، أما ملاك فجسدها يرتجف بعنف دموعها تنهمر كالسيل تقبض على ذراعي مقعدها المتحرك لن تنسى شكله أبدا وهم يطرحوه أرضا يتكالبون عليه
Flash back
انتهت من امتحانها الأخير أخيرا ، توجهت إلى المرحاض لتغسل وجهها ويديها تسمع تهامسات الفتيات وسخريتهم منها ولكنها لم تهتم تبقت دقائق وترحل من هنا ، دفعت مقعدها المتحرك لخارج المرحاض لتشخص عينيها ذعرا حين رأت ذلك الفتى ينزل بعصاه على رأس يوسف صرخت مذعورة تحاول أن تدفع مقعده نحوهم علها تنجده من بين أيديهم وهم لا يتوقفون عن ضربه ، صوت صرخاها جذب أنظار الجميع وأولهم مراد ووليد الذين بدأوا في ضرب يحى ومن معه ليبعدونهم عن يوسف صرخت هي حين دفعها أحدهم لتسقط عن مقعدها أرضا ، أخيرا استطاع مراد ووليد وبعض زملائهم أبعاد هؤلاء الأوغاد عن يوسف رأته ملقى أرضا وجهه مكدوم الدماء تنفجر من رأسه وجروح وجهه زحفت بجسدها إليه بعنف تحتضن رأسه صرخت باسمه مذعورة وهو راكد ساكن :
- يوسف ، يوسف فوق يا يوسف عشان خاطري ... الحقني يا مراد ، يوسف ما بيتنفسش 
هرع الجميع إليه يأخذونه من بين يديها تاركين إياها تجلس أرضا بين الدماء يديها ملطخة بدمائه ، اقترب وليد منها سريعا يساعدها على العودة لمقعدها يدفعه يتحرك معها صوب السيارة لا وقت 
Back
اقتربت طرب من شقيقتها تعانقها لتتمسك ملاك بها تبكي بحرقة يرتجف جسدها بعنف تهمس مذعورة :
- ضربوه جامد أوي يا طرب ، جامد أوي 
صوت البكاء هو الصوت الوحيد الذي يمكن أن تسمعه الآن ، قاطع حالة القلق المشحونة بالخوف ، صوت باب غرفة الجراحة انتقض رعد لأنه كان الأقرب من الغرفة يهرع إلى الطبيب يسأله قلقا :
- طمني يوسف عامل 
نزع الطبيب القناع عن وجهه يحاول أن يطمأنهم رغم أن الوضع غير ذلك :
- الحمد لله ما فيش كسور هي كدمات عنيفة وهتاخد وقتها ودي قادرين نتعامل معاها ، المشكلة بس في الضربة اللي اتضربها على راسه كانت عنيفة ، إحنا بس خايفين ليحصل نزيف داخلي فأدعو أن ال 48 ساعة الجايين يعدوا على خير وساعتها هنبقى تجاوزنا الخطر ، إحنا هننقله الرعاية وفي الرعاية ممنوع الزيارة تماما ، عن إذنكوا 
هنا صرخت رؤى وانهارت تبكي بلا توقف تردد أن يوسف سيضيع ، اقترب جاسر منها يجذبه إليها حط رأسها على صدره يضع يده على رأسها ، بالكاد يتماسك ابتلع لعابه يهمس يطمأنها :
- مش هيروح يا رؤى ، ربنا هيلطف بينا أنا واثق في رحمة ربنا ، اهدي وادعيله ... 
ابعدها عنه يُجلسها على أقرب مقعد منها نظر لمراد ووليد اقترب من مراد يحادثه :
- اتصل بعاصم وخليه يجي على هنا ، وخلي بالك منهم على ما أبوك يجي 
اومأ مراد برأسه سريعا يطلب رقم أبيه ، نظر جاسر صوب وليد رفع يده يضعها على كتفه يحادثه :
- خلي بالك من صاحبك على ما أرجع 
اومأ وليد برأسه سريعا تدمع عينيه خوفا على رفيقه ، تحرك جاسر صوب رعد ودون سابق إنذار قبض على كف يده يجذبه معه لخارج المستشفى ، تحرك رعد يجاري خطوات أبيه إلى أن وصلا إلى السيارة جلس رعد خلف المقود ليخبره جاسر بعنوان المخزن ، قطب رعد جبينه قلقا مما سيفعل أبيه ولكنه تحرك بالسيارة إلى حيث أخبره وقفت السيارة ليجد العديد من السيارات تقف أمام المخزن ، نزل جاسر ليلحق به رعد دخلوا جميعا لتتسع حدقتي رعد حين رأى خمس شباب من عُمر يوسف يقف خلف شاب منهم رجل في مثل عمر أبيه ربما أصغر أو أكبر ببضع أعوام ، اُغلق باب المخزن بعنف شديد ما أن دخلوا مسببا صوت مدوي عالي ارهب الجميع ، اقترب جاسر منهم نزع سترته يلقيها جانبا يفتح ذراعيه على اتساعهما يرحب بالجمع الواقف بنبرة ساخرة سوداء :
- اهلا اهلا بالطلبة وأولياء الأمور ، أنا قولت نعمل اجتماع أولياء أمور صغير كدة ، نتناقش فيه على مين اللي هيموت الأول !!
توسعت أعين الجميع ذعرا بما فيهم رعد ، والده يخطط لقتلهم لن يسمح له بفعل ذلك ، هو من سيمنعه .. جذب جاسر مقعد يجلس أمامهم يضع قدما فوق أخرى يبتسم ، ابتسامة واااسعة مخيفة لأبعد حد ، تحركت أنظار جاسر صوب يحي ووحيد والده لتحتد حدقتيه يسخر منهم :
- وحيد رامي الزيني ، رجل أعمال كبير من رواد صناعة الأطعمة المصنعة في البلد كلها عنده حوالي 4 مليون و300 ألف في البنك وفيلا محترمة على الطريق الجديد ... دا غير كام مصنع للأطعمة دي وشركة استيراد وتصدير ، تعرف يا وحيد أنا لو شغال في اللانشون أكيد كنت هحب أشاركك ، بس أنا مش شغال في اللانشون فايه رأيك نجرب في يحى وحيد بابا ونشوف لحمته صالحة للاستخدام الآدمي ولا لاء 
ارتجف وحيد ومعه ولده ، فقط يخرجوا من هنا أحياء وسيلقنه درسا على ما هم فيه الآن ، ارتجفت نبرة صوت وحيد وهو يحادث جاسر :
- جاسر باشا ، اقسملك أن الموضوع مش هيعدي وأنا هربيه من أول وجديد ... أنا ما كنتش أن دلعي فيه هيخليه بلطجي 
قام من مكانه يتوجه إليهم ضحك ساخرا ما أن بات أمام وحيد ليرفع يده يربت على وجه يحر يغمغم ساخرا :
- بس دا مش كفاية بالنسبة لي 
ومن ثم اقترب برأسه من أذن وحيد يهمس له ببضع كلمات جعلت وجه الأخير يصفر انتظر لحظات قبل أن يومأ برأسه ترك يحى ووقف أمام جاسر يحرك رأسه بالإيجاب يغمغم مذعورا :
- حاضر حاضر 
ومن ثم خرج من المخزن سريعا تاركا ولده بمفرده !! ، اتسعت حدقتي رعد ذهولا ما الذي قاله والده لوالد الفتى ليترك ابنه ويلوذ بنفسه !!
تحرك والده صوب الفتى المجاور ليحى وضع يده على رأس يبعث في خصلات شعره برفق يردف ضاحكا :
- أنت بقى يا تامورة اللي ضربته على دماغه عشان تجامل صاحبك واهو مرمي بين الحيا والموت ، صدقني هتنبسط أوي
وفعل نفس الشيء مع الأربعة الباقيين يقترب من أذن كل منهم يهمس ببضع كلمات فيصفر وجه الرجل ويترك ولده ويغادر ، إلى أن بات الخمسة أمامه ضحك جاسر ساخرا يطوي أكمام قميصه للخلف يتشدق متوعدا بنبرة قاتمة :
- حبايب عمو !!
______________
لم يصدقها لم يستمع إليها ، ظل يهزها بين يديه يخبرها أنها خائنة .. خانت حبه الكبير الذي قدمه لها ، خانته كل لحظة قضتها بين أحضانه وهي تحب غيره ، رماها على الأرض بعنف .... عقله ينفجر جسده يشتعل نارا كل خلية فيه تصرخ من الألم والقهر ينظر إليها بين حين وآخر ليراها تبكي تجلس بعيدا خائفة منه 
اهتاجت أنفاسه بعنف ليقترب منها زحفت للخلف خائفة ، تنظر له بذعر ... انحنى نحوها يقبض على شعرها يصرخ فيها بعلو صوته :
- اتجوزتيني ليه طالما بتحبيه هو ، كنتي بتتخيلني هو وأنتي حضني مش كدة ، وأنا أقول ما بتحبش تخليني المسها ليه ، ما أنا مش شريف ، قال وأنا اللي كنت فاكرك بتتكسفي ، أنا مش قادر أصدق أن عيلة زيك إنتِ تضحك عليا بعد كل اللي عملته عشان أوصلك ، بعد ما قدمت السعادة لواحدة **** زيك ، كبيرها ليلة وتترمي في الشارع .. لكن أنا اتجوزتك وخليتك هانم وقولتلك احلمي وأنا أنفذ 
قبض على فكها يقرب رأسها منها تشعر بأنفاسه كمرجل يحرق وجهها خاصة حين همس بنبرة حادة :
- بتتخيلني هو مش كدة ، ما تكذبيش ... واضح أن ليان دي بركة ، دعوتها مستجابة ، أنتِ مش متخيلة كمية النار اللي في قلبي ، أنتِ مش متخيلة أنا نفسي اقتلك في اللحظة دي قد إيه ، بس لاء أنا مش هوسخ أيدي بدمك ال*** ، أنا هرميكي في الشارع مش أنتي كنتي خايفة لأحسن أخد غرضي منك وأرميكِ في الشارع اديني هعمل كدة فعلا 
دفعها صوب باب الغرفة بعنف ارتطم وجهها فيه لتلف رأسها إليه حركت شفتيها تتحدث بنبرة متلعثمة تملئها القهر والألم :
-أنا ما انكرش إني حبيت شريف في الفترة اللي قعدتها عندهم ، بس كنت عارفة أن شريف مستحيل يحب واحدة زيي ، لما اتجوزتك كنت حاسة اني بخون ليان لأني عارفة أنها بتحبك أوي ، بس الفترة اللي قضتها معاك هنا اكدتلي إني ما كنتش بحب شريف ولا حاجة ، أنا كنت بدور على الأمان اللي كنت حاسة بيه في وجود شريف ، كان بيعاملني على إني أخته الصغيرة زي ليان ، هو وأهله احترموني وأنا عيشت عمري كله في ذُل وفي الآخر أنا اللي خونتهم 
أنت ما تعرفش أنا مقروفة من نفسي قد ايه ، لما كنت بشوفك عند اماندا كنت فكراك واحد من صحابها اللي بيجيوا دايما يتحرشوا وأنا بحطلهم الأكل والعصير ، استغربت لما ما عملتش كدة ولقيتلك بتضحكلي وتتكلم معايا
لحد ما اماندا وخلت الحارس بتاعها يحاول يغتصبني وهربت منه وفضلت ليالي في الشوارع ، كنت عارفة عنوان مكتبك ولما قررت اجيلك سمعتك بتكلم اماندا وبتقولها أنك أول ما تلاقيني هترجعني ليها .. كنت عارفة شريف من الصورة اللي ورتهالي ليه قبل كدة فاكر الصورة اللي كنتوا متصورين فيها كلكوا وقولتلي عن كل واحد فيهم شوفته وهو بيوصل أخته عندك المكتب ، رميت نفسي قدام عربيته وزي ما توقعت من كلامك عنه ، أنه ما سابنيش عيشت في بيته شهور حاسة بالكرامة والاحترام والأمان ، طبيعي كل دول خلاني افتكر إني بحبه ... بس قسما بالله الفترة اللي فاتت اللي قضتها معاك خلتني اتأكدت إني بحبك أنت ، الكلام اللي في الكراسة دا قديم كتبته لما كنت قاعدة عندهم وكانت دايما الكراسة دي في شنطة ايدي ، أنا عارفة أنك مش مصدقني ودا حقك ، طلقني وأنا 
همشي ومش هتشوف وشي تاني خالص يا جواد
خرجت الأحرف من بين شفتيها متلعثمة ممزقة وكأن من يتحدث طفل صغير تعلم الكلام قبل قليل ، وهو لم يكد يستوعب صدمة خيانتها ليأتيه صدمة أخرى أنها تستطيع التحدث ومن ثم كلامها عنه وعن شريف ، يتذكر تلك المحادثة جيدا كان يخدع أماندا حتى فقط يصل إليها وانقلبت الخدعة عليه ... تحرك صوبها قبض على مرفقها يسألها غاضبا :
- يعني بتتكلمي اومال عاملة خارسة ليه ما تنطقي ، قولي مخبية ايه تاني في جراب الساحر
ابتلعت لعابها خائفة منه ومن غضبه الذي انفجر في وجهها انهمرت الدموع من عينيها تهمس بنبرة متلعثمة :
- من أيام بسيطة ، كنت ماشية على علاج الدكتور بالظبط وماشية على التدريبات اللي قال عليها ، بس قولت لما التأتأة دي تروح هعملهالك مفاجأة ، أنا ما خونتكش يا جواد 
أنا بحبك 
ضحك ساخرا يبتعد عنها يحرك رأسه للجانبين يسخر منها :
- وأنا مش مصدقك ، بس تعرفي أنا دفعت كتير أوي للرجالة اللي خدوكي من المول وللمحامي والمأذون وللسجل المدني عشان نعملك بطاقة بدل اللي خدها شريف وكسرها ، اااه أصل شريف الطيب الملاك البرئ ، لما شوفتك معاه وقولتله أن أنا عاوز اتجوزك رفض ، ليه عشان أخته .... عشان ليان هانم بتحبني فما كنش عايز يجرحها ، شوفتي هو طيب ازاي ، ووديتك عند أكبر دكتور في البلد ، العلاج جاب نتيجة بسرعة زي ما أنا شايف ، العلاج دا مستورد دفعت فيه كتير اوووي وعليه ، أنا هاخد حق جنية دفعته هعيشك خدامة تحت رجلي ... اقسملك أن اللي شوفتيه في حياتك كوم واللي هتشوفيه مني كوم تاني خااالص ، دلوقتي مش عايز ألمح خلقتك قدامي ... غوري روحي في اي داهية بعيد عن وشي 
أنزلت رأسها أرضا تنهمر دموعها ، فتحت باب الغرفة وخرجت منها سريعا ؛ ليسقط أرضا يستند بظهره إلى الفراش خلفه يغمض عينيه الألم شديد للغاية لم يكن يتوقع أن الخيانة مؤلمة لتلك الدرجة وها هي دعوة ليان تتحقق وهو يتألم ويصرخ دون صوت ، فقط دموعه التي تغرق وجهه لا تتوقف !!
_____________
أمام شركات المهدي وقفت سيارة فخمة حديثة الطراز ، نزل منها عمار يفتح الباب لينزل نصار يستند إلى عصا من الابنوس الأسود الرفيع ، تحرك كلاهما إلى داخل الشركة لديهم موعد هام مع عُدي المهدي مالك الشركات ...وقفت مساعدة عُدي تستقبلهم تفتح باب غرفة المكتب لهم ، دخل نصار أولا ومن بعده عمار وقف عُدي من مكانه يقترب منهم يصافح نصار يغمغم مبتهجا :
- نصار باشا ، أخيرا نلت شرف لقائك ... اتفضل اتفضل ، ازيك يا عمر أنا شوفتك قبل كدة ورحبت بيك نرحب المرة دي ببابا 
رسم عمار ابتسامة ساخرة على شفتيه يومأ برأسه ، تحركوا إلى طاولة الإجتماعات جلس عُدي على رأس الطاولة ، ونصار وعمار على جانبه الأيمن والمحامي الخاص به على جانبه الأيسر ؛ ليبدأ نصار بالحديث :
- طبعا عمر شرحلك كل حاجة وأن أنا حابب أشاركك ، بدل ما شركات المهدي تفلس من كُتر الديون ، شركات المهدي عليها ديون تقدر ب 17 مليون ، وأنا مستعد اسددهم وادفع 3 مليون كمان وابقى كدة شريك ب20 مليون جنية يعني بنسبة لا تقل عن 50 في المية من أسهم الشركات ، أنا عارف إن شركات المهدي شغلها الأول في السياحة وكمان معاها توكيل ********** للسيارات وتوكيل *********
وأهمهم أنها قبل موت جلال دخلت مجال العقارات وبدأت تناقس شركات كبيرة زي شركة آل مهران بس بعد موت جلال الوضع اتغير خصوصا في العقارات وعليه أنا وعمر هنساعد ، أنا هبقى المسؤول عن الجزء الخاص بالعقارات وعمر هيبقى المسؤول عن السياحة ، عمر أفكاره out of box وهيساعد كتير وطبعا هتفضل الكلمة الأولى والأخيرة لُعدي بيه رئيس مجلس الإدارة والوريث الشرعي لشركات المهدي 
شعر عُدي بالقلق ، شعر وكأن البساط يُسحب من تحت أقدامه نظر صوب المحامي الخاص به قلقا ليطمأنه الأخير يومأ برأسه يغمغم مبتسما :
- أنا شايف أنه عرض كويس جداا وبعدين نصار بيه Businessman شاطر جداا وأنا واثقة أن الشراكة دي هتقوي شركات المهدي وترفعها على الكل 
ابتسم عُدي مطمأنا ، دوما ما كان المحامي يعرف الصالح للشركة وهو يثق في كلامه والأحمق لا يعلم أن المحامي الآن يعمل لدى نصار ، تم توقيع عقد الشراكة بينهما ... قام نصار يصافح عُدي ليتدخل المحامي من جديد :
- أنا شايف إن بالمناسبة الحلوة دي ، نعمل حفلة في بيت عُدي بيه احتفالا بالشراكة دي ومنها ندعي كل المنافسين ونتعرف أكتر ويمكن يبقى في بينا مصالح مشتركة
الفكرة راقت عُدي وهي في الأساس فكرة نصار 
اومأ عُدي برأسه يردف مبتسما:
- أنا ما عنديش مانع خالص ، تحب امتى يا نصار بيه 
ابتسم نصار في هدوء يردف :
- الوقت اللي تحبه بس ياريت تبقى الأسبوع الجاي مش قبل كدة عشان الأسبوع جدولي مزحوم ، آه صحيح بمناسبة المنافسين ، اعتقد أننا لازم نتعرف أكتر على صاحب شركات مهران ولا ايه ؟!
___________
جلست في غرفتها شاردة تضم ركبيتها لها تحتضنهم ، عينيها تسبح بعيدا والماضي يتجدد أمام عينيها يعاد بكل تفاصيله بعد أن كانت قد نسته أو تنساته ، مقابلتها مع ذلك الطلبيب رغم أنها لم تكن طويلة إلا أنها فتحت جرح قديييم مؤلم للغاية أغمضت عينيها تنساب دموعها في هدوء اعتادت عليه 
Flash back
-بعدها عرضوني على دكتورة نفسية عشان حالتي كانت أسوء حاجة في الكون ، كانت بتكلمني بأسلوب وحش وتزعق فيا وتقول إني السبب في اللي حصل ، بابا لما عرف بهدلها وبلغ فيها النقابة ، وأنا .. 
وصمتت لم تنطق أكثر شردت عينيها تبكي في صمت لتنتفض حين سمعت صوت الطبيب يسألها :
- وأنتِ ايه يا مليكة 
التفتت إليها تبتسم رغم دموعها المراقة تحرك رأسها للجانبين تهمس بحرقة :
- ما قدرتش اشوفهم بيتعذبوا بسببي أكتر من كدة ، فعلمت نفسي إني بقيت كويسة ، بضحك واهزر معاهم وكأن اللي حصل ما حصلش أفضل طول اليوم لابسة قناع على وشي بستنى اللحظة اللي بدخل فيها أوضتي عشان اقلعه واعيط وانهار من غير صوت ، ماما ما كنتش مصدقة اني اخيرا بقيت كويسة كانت فرحانة أوي هي وبابا وأنا قصاد فرحتهم دي ما قدرتش اقولهم اني بنهار في اللحظة ألف مرة ، دخلت كلية زراعة وطلبت منهم إني أسافر القاهرة أدرس ما رفضوش ، بالعكس بابا اشترالي شقة كبيرة وفرشها وكانت جميلة وقالي وأنا مسافرة أنه فخور بيا وأنه هيفضل طول عمره فخور بيا ، وأنه واثق إني هبدأ صفحة جديدة في حياتي بعيد عن الماضي 
وكنت بسافرلهم دايما في الإجازات ... اتعلمت ألبس قناع فوق وشي قدام الكل اضحك واهزر واتفاعل مع الكل ، لحد ما اقفل عليا الباب واخلع القناع دا وأصرخ من الألم ، تعايشت على الوضع دا أيام وشهور وسنين لحد ما جه سكن في الشقة اللي قدامي 
وسكتت التفتت إلى قاسم تتنفس بصعوبة تهمس متعبة :
- أنا تعبت أوي ... ممكن نكمل بعدين 
اومأ قاسم لها يبتسم في هدوء يحادثها :
- هي دايما الجلسة الأولى بتبقى متعبة ، يوم التلات الساعة تمانية هستناكِ ، عارفة الاسليم البتاع الملون اللي بيضغطوا عليه دا 
اومأت له برأسها ليبتسم يكمل :
- عايزك تجيبي منه وأنتي مروحة بس يكون نوع سميك شوية اللعب بيه ممتع جربي 
قطبت جبينها لا تفهم ولكنها وافقت ، ابتسمت ابتسامة واهنة تشكره وتحركت للخارج 
Back
ولسخرية القدر منها كانت تلك الجلسة الوحيدة التي ذهبت فيها إلى قاسم فبعدها عملت أن زوجته مرضت واضطر للسفر خارج مصر معها لإجراء جراحة عاجلة وتركها بعد أن فتح جرح قديم تركها تنزف بذكريات الماضي المؤلمة ، اجفلت حين دخلت زينب إلى الغرفة لتقطب جبينها محتدة تقذفها بالوسادة بعنف تغمغم محتدة :
- هو أنا مش قولتلك ألف مرة يا زفتة ما تدخليش قبل ما تخبطي ، بعد كدة هقفل بالمفتاح 
قلبت زينب عينيها تبتسم تشاكسها ، وضع يدها على خاصرتها تغمغم ضاحكة :
- أنا قولت ادخل اشوف آنسة باتومن اللي قاعدة في الضلمة ، المهم عندي خبر هايل أخيرا دكتور عبدالله هياخدني معاه وهو رايح يعمل جلسة علاج طبيعي لحالة ، كل اللي اعرفه عنها أن اسمه شريف ، قديم أوي الاسم دا مش كدة
ضحكت مليكة ساخرة تقذفها بالوسادة الآخرى تتهكم منها :
- هو أنتِ رايحة تخطبيه مالك باسمه ، روحي شوفي شغلك يلا وشدي الباب في أيدك ... وأنا هعمل الأكل على ما تيجي ، يلا يا بت برة 
ضحكت زينب تعانقها بقوة قبل أن تغادر ما أن تأكدت مليكة أن زينب غادرت خلعت قناع ابتسامتها وانهمرت الدموع تشق وجنتيها وجسدها يرتجف بعنف !!
______________
عودة للمستشفى بعد جدال طويل سمح لهم الطبيب الدخول لغرفته للاطمئنان عليه لبضع دقائق فقط ، وقفوا جميعا حول فراشه عدا جاسر ورعد ، اقتربت رؤى منه تمسح بيدها على رأسه برفق تنهمر دموعها تبكي وتدعو ، قبل أن توجه حديثها له :
- يوسف عشان خاطري يا حبيبي قوملي بالسلامة ، ما تحرقش قلبي عليك يا يوسف
حرك رأسه ببطيء شديد جبينه يهذي أثناء ما هو فيهم صمتوا جميعا حين بدأ يتحدث كان يهمس :
- ملا...ك ، مل....اك 
توجهت أعين الجميع إلى ملاك التي شخصت عينيها ذهولا لما يهذي باسمها هي ، قاطع ما يحدث صوت الممرضة تطلب منهم الخروج انسحبوا واحدا تلو الآخر والنظرات تلاحق ملاك ، ما بين التعجب والشك والدهشة !!

أما هناك في المخزن يجلس جاسر أمام الخمس شباب يبتسم ساخرا وهو يراهم يقاتلون بعضهم بعضا ، أما رعد فكان ينظر لأبيه مذعورا حرفيا !! لما لا شيء أبدا فقط والده قبل ساعة من الآن وقف أمام جمع الشباب يغمغم بنبرة قاتلة :
- أنا ممكن أخلص عليكوا في اللحظة دي ما حدش هيستحمل من ايدي قلم ، زي ما ضربتوه ... تضربوا بعض عايز اشوفكوا وأحسن واحد هيضرب الباقي هسامحه يلا شوفتوا أنا كريم إزاي
شعر في تلك اللحظة أن والده حقا هو الشيطان كما كان يلقب ، تحرك نحوهم يصرخ فيهم بعلو صوته :
- بس كفاية هتموتوا بعض 
التفت صوب أبيه الذي ضحك ساخرا يومأ برأسه يوافق رعد :
- أنا بردوا بقول كفاية كدة ، حاسس أنهم مش بيضربوا بضمير ، بتعرف تضرب أكيد ما فيش راجل ما بيعرفش يضرب ، يلا اضرب كل واحد فيهم علقة خلينا نرميهم لأهاليهم ، أنا بس خايف أموت واحد فيهم في أيدي وأنا بضربه 
شخصت عيني رعد ذهولا مما يقول والده لينتفض يصرخ مستنكرا ما يحدث :
- اللي إحنا بنعمله دا شغل عصابات ، في ألف طريقة وطريقة ناخد بيها حقنا بدل الطرق دي 
وقف جاسر عن مكانه يجذب ذراع جاسر يقف به بعيدا قبل أن يغمغم محتدا :
- أنت اللي طيب لدرجة مش معقولة ، قال وأنا اللي كنت خايف لتطلع زيي وأنت طلعت أطيب من أمك نفسها
زفر رعد أنفاسه ينتفض بعنف يصرخ مستنكرا :
- هو أنا عشان مش عاوز اضربهم ابقى طيب ومش معقول ؟! 
أشار جاسر إليهم ينظر لرعد محتدا ، يكاد يقسم أن يوسف لو مكان رعد الآن لفعل بهم الافاعيل ليصرخ في وجهه بعلو صوته :
- هما اللي بدأوا ، أنا ما بفتريش على حد هما اللي بدأوا ، أخوك مرمي في المستشفى بين الحياة والموت 
نظر رعد لأبيه يشعر وكأنه ينظر لرجل آخر لا يعرفه يراه للمرة الأولى يتعرف على طباعه المخيفة الآن ، صدقوا إذا حين أطلقوا عليه لقب الشيطان ، ابتلع لعابه ينظر إليه معاتبا :
- أنا عمري ما هبقى زيك ، إنت فعلا جاسر باشا الشيطان !!
_____________
خرجت من منزلهم بعد أن أخبرت والدتها أنها ستذهب لزيارة إحدى صديقاتها لأنها تشعر بالاختناق وتوجهت إلى أحد الفنادق الذي بعث مصطفى لها عنوانه دخلت إلى الفندق لتجده في انتظارها في مدخل الفندق أخذ يدها وصعد بها إلى غرفتهم توجه معها إلى المصعد وقبل أن يغلق المصعد أبوابه رآه عبدالرحمن ، قطب جبينه متعجبا ذلك الخبيث ما الذي يفعله هنا ومن تلك الفتاة التي معه ، تحرك صوب مكتب الاستقبال يسأل الموظف :
- بقولك يا خيري وريني حجز الجدع اللي اسمه مصطفى اللي لسه طالع دلوقتي دا
فتح ره الموظف جهاز الحاسب ليرى عبدالرحمن أن مصطفى حجز غرفة ثنائية لزوجين وقد قدم قسيمة زواج له هو وسما ياسر راضي ، توسعت حدقتي عبدالرحمن ، ينتشل هاتفه سريعا يطلب رقم جاسر مرة بعد أخرى إلى أن أجاب ليغمغم سريعا :
- دكتور جاسر معلش أنا آسف للازعاج ، بس هي أخت حضرتك رجعت للحيوان اللي اسمه مصطفى ، لاا ... يبقى الكلب بيلعب من وراكوا ، حضرتك ليك دين في رقبتي هبعتلك عنوان فندق ، ياريت تجيلي حالا عليه 

في شقة جاسر راضي
عقد جاسر جبينه مكالمة عبدالرحمن مخيفة بقدر كبير خاصة جملة ( يبقى الكلب دا بيلعب من وراكوا ) أيعقل أن تكون سما مع مصطفى الآن احتمال كبير ويتمنى ألا يكن كذلك ، بدل ثيابه سريعا وخرج من غرفته ليجد أريچ تقف في الصالة وقد ارتدت ثيابها وتحمل قفص صغير به هرتها البيضاء ، ابتسمت سعيدة ما أن رأته تغمغم :
- يلا كل دا بتلبس ، عشان نلحق الدكتور ونطعم بسكوتة 
نسي في دقائق ما خطط مع شقيقته بفضل مكالمة عبدالرحمن ، حرك رأسه للجانبين يعتذر منها :
- معلش يا أريچ أنا عندي مشوار مهم جداا ومش هينفع أخدك معايا ، روحي لوحدك أو استني بكرة نروح سوا

حركت رأسها للجانبين تضرب الأرض بقدمها نصيح محتجة :
- يا جاسر إحنا بقالنا أسبوع متفقين وبعدين الدكتور مسافر بكرة 
لا وقت وعبدالرحمن لا يتوقف عن الدق وكأنه يخبره أن يسرع تأفف حانقا ليصيح فيها غاضبا
للمرة الأولى تقريبا :
-أريچ أنا عندي مصيبة وحقيقي مش فاضي للدلع دا 
توسعت حدقتيها خوفا منه تبتعد بخطواتها للخلف تنظر له خائفة يملئ حدقتيها الدموع ، ليكور كفه غاضبا من نفسه ، أريچ بالكاد تتعافى 
لا تزال تحبو لم تتعلم السير بعد ... اقترب منها يعانقها يربت على رأسها برفق يعتذر منها :
- أنا آسف يا حبيبتي حقك عليا ما تزعليش ، ثواني أنا هحلها ، ما تعيطيش أنتِ بس بالله عليكِ 
ابتعد عنها قليلا ينزع هاتفه من جيب سرواله سريعا يطلب رقم ما ، لحظات فقط وأجاب الطرف الآخر ليبادر قائلا :
- سامر أنت فين ؟
 توسعت حدقتاها ذهولا ، سامر !! ذلك الفتى المجنون مجددا لالالا شكرا لم تعد تريد الذهاب
رأت قسمات وجه جاسر تنفرج فرحا ليغمغم سريعا :
- بجد والله ؟! حلو أوي ... خد أريچ معاك هي بردوا عايزة تطعم قطتها ، خمس دقايق وتبقى تحت العمارة 
وأغلق الخط سريعا يمسك بالصندوق في يده ، يمسك بكف يدها في كفه الآخر يغمغم سريعا وهم ينزلان لأسفل :
- سامر رايح يطعم القط بتاعه بردوا ، هيوصلك وهيرجعك ، تخلصي وترجعي على طول 
اومأت برأسها تكاد تبكي من الغيظ ذلك السامر مجددا ، حين نزلا لأسفل على السلم لأن المصعد معطل وجدا ذلك السامر يقف أمامهم يحمل صندوق أكبر حجما بداخله قط كبير 
وقف جاسر أمامه يشهر سبابته أمامه يغمغم سريعا :
- أريچ في عهدتك لو عرفت أنك ضايقتها همثل بيك ، أنا عندي ولازم الحقها 
وتركهم وركض صوب السيارة يسرع بها بعيدا ، في حين نظرت أريچ إلى سامر متأففة حانقة أما هو فتحرك أمامها يوقف سيارة أجرة جلس جوار السائق وبقيت هي واقفة مكانها ليخرج رأسه من النافذة المجاورة له يحادثها :
- على فكرة إحنا متأخرين جداا على ميعاد الدكتور 
انتفضت تتحرك سريعا جلست على الأريكة الخلفية ، وهو صامت تماما وهي لا تفهم هل بات سامر عاقل فجاءة ؟!
____________
في الفندق تحديدا في الغرفة التي بها سما ومصطفى الآن تملمت سما قليلا ، كانت تظن أنها ستنام ولكنها استيقظت فجاءة على شعور غير سار تماما وكأن هناك شيء ما يعتصر قلبها ، قامت تلتقط المئزر الموضوع جوارها ارتدته ، تحركت لتخرج من غرفة النوم إلى الصالة التي بها الجناح ...اقتربت وقبل أن تفتحه سمعت صوت مصطى يأتي من الخارج يتحدث مع شخص ما ، وبفضول أنثى اقتربت برأسها من الباب تضع أذنها عليه تستمع لما يقول :
- أنا معايا كل فيديو ليها وزي ما قولتلي مركب الكاميرا بحيث وشي مش واضح فيها ، أنا هصحيها واخدها الشقة وهنزل اكني بجيب شوية حاجات وتطلع إنت لما
 لما أرن عليك ، وهلبسها قضية زنا ما هي مراتي بقى ، وبيها هجيب مناخير العيلة دي كلها 
أنا عارف إني كان المفروض اطلع بيها على الشقة على طول ، بس قولت ادوق للمرة الأخيرة ، هتترمي في السجن أصل أنا مش هتنازل على القضية بالعكس دا أنا هنزل الفيديوهات دي ليها بعد ما احط حاجة على جسمي تخفيني ، يلا سلام

لالا غير معقول تماما ما سمعت فوق طاقة إستيعابها ، مصطفى يحبها ذلك الذي يحدث ليس مصطفى ، مصطفى لن يفعل ذلك أبدا 
لا تفهم لما ؟! ، فيما أذته ليكن لها كل ذلك الكره 
عادت بخطواتها للخلف حين سمعت خطواته تقترب من الغرفة ، فتح الباب يطل بابتسامة كبيرة واسعة بشوش ، ابتسامة عهدتها منه منذ أعوام طوال ... لتسمع صوته يغمغم :
- سمسم صح النوم ، كنت لسه جاي اصحيكِ يلا صحصحي كدة وغيري هدومك عشان هننزل ، أنا هروح اخد دش وأغير هدومي 
وتحرك صوب باب المرحاض خلفها مد يده يفتح الباب وقبل أن يفعل سمع صوتها تسأله :
- ليه ؟ ليه ؟ أنا عملتلك إيه ؟
قطب جبينه ليلتفت لها فرأى الدموع تغرق وجهها ونظرات الحسرة والألم تملئ عينيها وصوتها بدأ يعلو ويصرخ فيها بحرقة :
- ليه ؟ ليه بعد العشرة دي كلها ؟ ليه بعد السنين دي كلها ؟  ليه بعد الحب اللي كان بينا دا كله ؟ دا إحنا عندنا طفلين ، عايز تلبس أمهم قضية زنا ، ومصورني وأنا معاك وأنا مع جوزي 
يا نهار أسود ، لا لا لا دا أكيد مش حقيقي دا كابوس ... أنت ما تعملش كدة ، أنا مش قادرة أصدق أن اللي سمعته دا سمعته من جوزي اللي عيشت أجمل سنين عمري معاه ، أنا حاسة أن أنا هتجنن 
هل أيقظت كلماتها ضميره ؟ لا ذلك يحدث فقط في الأفلام ، اقترب منها عدة خطى قبل أن يضحك عاليا يسخر منها :
- سما أنا من ساعة ما اتجوزتك وأنا بخونك ، بس أنتي اللي ساذجة وبيضحك عليكِ بكلمتين وبتصدقي أي كلام بقوله ليكِ ، تربية أمك بصراحة زفت سواء أنتي ولا أريچ ... روچا الصغيرة ، أما ليه فبسبب روچا الصغيرة أخوكِ جاسر مضاني على تنازل عن كل جنية أنا بملكه حتى العربية خدها ، وخلاني استقلت من وظيفتي برة ، وبيت أمي كتبه باسمك .. خد كل فلوسي بسببك أنتِ وأريچ ، لاء ومش بس كدة دا ماسك عليا فيديوهات زبالة وأنا مش في وعيي بسبب الأدوية اللي كان بيدهالي ، ففيديوهات قصاد فيديوهات
عادت بخطواتها للخلف لا تصدق ما تسمع ولكن ما جذب حواسها اسم أريچ الذي تكرر عدة مرات انهمرت الجموع من حدقتيها تصرخ فيه :
- يبقى جاسر كان عنده حق وأنا اللي كدبته ، أنت كنت بتتحرش بأريچ

ضحك مصطفى عاليا من جديد يحرك رأسه للجانبين يغمغم متهكما :
- لا يا حبيبتي أنا ما كنتش بتحرش بأريچ ، أنا وأريچ كنا بنحب بعض وكنا متفقين نتجوز بعد ما اطلقك ، بس جاسر عرف 

لا ذلك كثير حقا كثير عليها ، أريچ مَن ؟! شقيقتها الصغرى التي كانت تعاملها كابنتها ، التي كانت تشتكي لها تصرفات مصطفى الغريبة في الآونة الأخيرة ، أريچ ومصطفى مستحيل بالطبع ، حركت رأسها للجانبين بعنف تصرخ في وجهه :
- أنت كداب ومريض وحيوان ، أريچ دي عيلة صغيرة عمرها ما تعمل كدة ، أنا هوديك في ستين داهية ، صدقني مش هرحمك يا كلب 
تحرك تخرج من الغرفة كما هي لتحتد حدقتيه غضبا أسرع خلفها يقبض على خصلات شعرها بعنف جذبها عن الباب لتصرخ من الألم تحاول دفعه بعيدا عنها :
- ابعد عني ، ابعد عني يا حيوان يا مريض ، الحقوووني
كمم فمها بكف يده يجذبها لغرفة النوم دفعها على الأرض ليلتقط سكين الفاكهه الموضوع على الطاولة يشهره أمامها يهسهس متوعدا :
- لو سمعت نفسك هخلص عليكِ خالص ، قومي البسي هدومك بما إنك عرفتي الحكاية كلها يلا عشان صاحبي مستنينا 
حركت رأسها للجانبين لن تفعل لن تكن هي السبب في تحطيم سمعة العائلة بسبب ذلك المريض وقفت أمامه اقتربت لتبصق في وجهه تغمغم مشمئزة منه :
- أنا عندي أموت ولا أنفذ خطتك القذرة دي وأخسر كرامتي وأهلي 
شعر بالغضب الشديد منها ليصفعها بعنف ، التف وجهها من عنف صفعته لتعاود النظر إليه اشتعلت عينيها غضبا تقبض على تلابيب ثيابه تصرخ فيه :
- أنت بتضربني يا حيوان ، لاء حيوان ايه دي الحيوانات أنضف منك يا قذر 
قبض على كفيها بعنف يزيحهم من على ثيابه ليلفها بحركة مباغتة ارتطم ظهرها بصدره يلف ذراعه حول عنقها يقبض على السكين بيده الأخرى يغرز طرفها في عنقها يهسهس بنبرة قاتمة :
- يعني مش هتيجي بالذوق ، ماشي يا سمسم 
انتي لو ما لبستيش في اقل من دقيقة هبعت أول فيديو لدكتور ياسر يشوف بنته حبيبته بتعمل ايه من وراه 
توسعت عيناها فزعا ، إذا ذهبت معه ستحدث كارثة وإن رفضت ستحدث مصيبة ... حركت رأسها للجانبين تحاول دفعه بعيدا عنها تصرخ فيه أن يتركها في تلك اللحظة ، فُتح باب الغرفة بالمفتاح الرئيسي ودخل جاسر مسرعا على صوت صرخات شقيقته فتح الباب المقابل له ليرى سما تحت قبضة ذلك المجنون يوجه سكين إلى عنقها، توتر مصطفى حين رآه ليشدد ذراعه على عنق سما يقرب السكين أكثر منه يصرخ غاضبا: 
- ابعد على الله تقرب هموتها ، أنا خلاص خسرت وزي ما خسرت لازم تخسروا ، وأنت أولهم يا جاسر 
رفع جاسر كفيه أمامه يحاول التعامل مع الموقف بهدوء :
- مصطفى أنت كدة هتروح في ستين داهية ، نزل السكينة وهعملك كل اللي أنت عاوزه
ضحك مصطفى عاليا يسخر منه :
- ايه يا دكتور ، أنت فاكرني مجنون من المجانين بتوعك هتضحك عليه بالكلمتين دول
ضربوا الأعور على عينه قال خسرانة خسرانة 
وأنا ما عنديش حاجة اخسرها خلاص
اقترب جاسر خطوة أخرى ليتوتر مصطفى ويبتعد بها للخلف وأخرى ليتوتر أكثر ويبتعد للخلف أكثر ، هنا أدرك جاسر أن مصطفى يهدد فقط ولن يفعل شيئا وقف بالقرب منهم يبتسم ابتسامة جانبية يغمغم ساخرا :
- تعرف يا مصطفى ، أنا من أول ما شوفتك وأنا مش مستريحلك وكنت رافضك من سنين ، بس هي مغفلة طول عمرها ، يا ابني دا أنا الخبث في عينيك واضح زي الشمس بس نقول ايه ، مراية الحب عامية زي ما بيقولوا ... 
ومن ثم أخرج من جيب سرواله ورقة مطوية فتحها أمام وجهه يردف :
- دي الورقة اللي أنت مضيت عليها
ومن ثم أخرج قداحته وأشغل الورقة أمام عينيه تشتت أنظار مصطفى مع الورقة ليسارع عبد الرحمن يشد سما بعنف بعيدا عن مصطفى ، ليقبض جاسر على ذراعه الممسك بالسكين يأخذ السكين منه يلقيها بعيدا يقبض على تلابيب ثيابه يصرخ فيه :
- وربي لهدفعك التمن غالي 
أسقطه أرضا يكيل له باللكمات إلى أن فقد وعيه نظر جاسر إلى عبدالرحمن يصرخ فيه :
- هاتلي الامن يتحفظوا على الكلب دا على ما أبلغ البوليس
وقام من فوقه تحرك صوب شقيقته التي تقف بعيدا لا تعطي رد فعل لما يحدث حتى حين دخل كانت فقط تنظر للاشيء عينيها شاردة جسدها يرتجف والدموع تنهمر من عينيها دون كلام ، اقترب منها يخلع سترته يضعها فوق ثوبها وهي ترتجف ، لم تتجاوب معه زفر أنفاسه يمسك بذراعها يجذبها لتتحرك :
- اتحركي يا سما ، أنا على اخري ، يلا 
لم تتحرك لم يصدر منها أي رد فعل مما جعل الأمر مخيفا ، جسدها وكأنه فقد الإحساس تمامًا تقف في غياهب فوهة الضياع المكان حولها اسود قاتم لا ترى أحد ، لا تسمع أي صوت هنا ، جاسر جذبها بقوة لتتحرك حركة ضائعة مشتتة جعلتها تسقط أرضا ، عينيها متسعة تنظر للفراغ مصعوقة ، انحنى جاسر ليحملها بين ذراعيه في تلك اللحظة صرخ من الألم حين طعنه مصطفى بالسكين في كتفه بعنف ، نزع السكين بعنف يود طعنه من جديد ولكن عبدالرحمن سبقه وقبض على ذراعه ومعه الأمن ، زاغت عيني جاسر من الألم ... يشعر برأسه تثقل ربما لأنه لم يتعرض للطعن من قبل فالأمر مفاجئ لعلقه ، أخرج هاتفه من جيب سترته يدفعه إلى عبدالرحمن الذي يحاول إسناد جسده يغمغم بصوت مهتز :
- اتصل برقم دكتور ياسر ، دا والدي 
ومن بعدها زاغت عينيه قبل أن يغمض عينيه فجاءة يفقد الوعي ! ، وسما في عالم آخر 
___________
وصلت سيارة الأجرة أمام عيادة الطبيب البيطري ، نزل سامر ومعه أريچ كل منهما يحمل صندوق به قطته ، في داخل عيادة الطبيب ... الوضع كان كارثيا ما أن فتحت أريچ باب صندوق قطتها انطلقت كالسهم هنا وهناك والجميع يلحق بها ، أسقطت جميع أدوات الطبيب أرضا ... سامر يحاول الإمساك بها ومعه الطبيب و أريچ يصرخ كل منهم :
- دي مش قطة دي سونيك
- الانسة قطتك بهدلتلي العيادة 
- بسكوتة تعالي هنا
أخيرا استطاع سامر الإمساك بها رفعها أمام وجهه يلهث يغمغم حانقا :
- إزاي بس يا شبر ونص يطلع كل دا منك ، دا سيتوش وقف باشا خد تطعيمه ورجع البوكس بتاعه بيه ، مش أنتِ يا متشردة 
ما إن انتهوا من زيارتهم للطبيب ، خرجا من العيادة ليشير سامر إلى مقهى قريب منهم يغمغم :
- الكافية دا جامد ومسموح فيه دخول الحيوانات في الجنينة اللي برة ، تعالي نشرب حاجة وهروحك على طول 

لا جاسر أخبرها أن تنتهي وترحل سريعا ، وذلك السامر لا تعرفه ما الذي يمنعه أن يكون نسخة أخرى من عمار ، ربما هو مثله ... عمار أيضا كان بشوشًا مرحًا كانت تتعمد الذهاب للمشفى لتراه فقط ولو من بعيد ، كانت ساذجة وكلمة ساذجة قليلة عما كانت عليه ، أجفلت على صوت سامر يحادثها :
- آنسة أريچ ، أنتِ كويسة تحبي اتصل بجاسر
حركت رأسها للجانبين ، أرادت أن تعتذر تخبره أنها لن تذهب معه إلا أنه بادر يقول :
- طب هما خمس دقايق هشرب أنا كوباية عصير لو مش عايزة تشربي وهخلي شيتوس يلعب شوية ، تعالي ما تخافيش
قطب ما بين حاجبيها غاضبة من جملته الأخيرة ، لم تعد تلك الصغيرة الخائفة الساذجة .. جاسر علمها جيداا كما أنها تستطيع الدفاع عن نفسها أن فكر في إيذائها ، رفعت رأسها تغمغم بثقة :
- على فكرة انا مش خايفة ، أنا بعرف أدافع عن نفسي كويس ، تحب تشوف
رفع كفيه أمامه توسعت حدقتيه يردف سريعا:
- لا يا ستي ما احبش اشوف خالص ، اتفضلي يلا 
وتحركا معا إلى المقهى المقابل لهم ، جلسا على طاولة في الحديقة الخارجية ، طلب لنفسه كوب من عصير البرتقال ... نظر لها يسألها :
- تشربي إيه ؟
نظرت للنادل تتذكر الموقف الذي حدث بينهما قبل فترة كبيرة حين عجزت حتى عن طلب شيء لتشربه واخترت كوب من القهوة المرة ، نظرت للنادل تتمتم بهدوء :
- لمون نعناع 
رحل النادل ؛ لترى سامر ينحني يفتح الصندوق خرج القط يلعب حولهم هنا وهناك لتبتسم على ما يفعل أرادت أن تفعل المثل ولكنها خافت من قطتها المشاغبة لتجد سامر ينحني صوب صندوقها يفتح بابه خرجت قطتها الصغيرة تلعب حولها ، اقترب شيتوس منها بحذر لتنكمش قطتها الصغيرة تنفش جسدها وقط سامر لا يتوقف عن الاقتراب منها بحذر ، رفع يده يصدمها على رأسها لتنكمش القطة أكثر تنظر له بشراسة وسامر وأريچ يتابعان ما يحدث عن كثب ... أخرج سامر من جيب حقيبته علبة طعام صغيرة وضعها على الأرض ليركض القط إليها يأكل ، في تلك اللحظة تحركت قطتها الصغيرة بحذر تنظر صوب علبة الطعام اقتربت تنفش جسدها الصغير إلى العلبة ، حين بدأت تأكل مع قط سامر لم يتعرض الأخير بل تحرك قليلا ، ضحك سامر على ما يحدث قبل أن يعاود النظر لأريچ :
- شوفتي شيتوس مؤدب إزاي ، عمالة تنفشله في جسمه وتبخ فيه ، ولما جت تاكل معاه سابها ، قط متربي أحسن تربية 
ضحكت أريچ بخفة تومأ له ، عينيها تتابع ما يفعل القطط وعينيه تتابعها هي ... لا يعرف أيشعر بالشفقة عليها ، أم يبتسم فخورا بما أنجزت ، الفتاة التي رآها قبل أشهر مدمرة تصرخ مذعورة ها هي أخرى أمامه  مختلفة مشرقة تبتسم ، حمحم يجذب انتباهها لفت رأسها إليه تنظر إليه متوترة ، فابتسم هو من جديد يمازحها :
- بس على فكرة خدي بالك أنا زعلان من ساعة ما قولتي عليا عبيط ، أنا عبيط ماشي يا ستي شكرا 
شعرت بالحرج مما قالت ، حمحمت متوترة فركت كفيها تنظر إليهما قبل أن تهمس تعتذر منه :
- أنا آسفة بجد ، بس أنت فعلا تصرفاتك غريبة 
يعني اشتريت غزل بنات وواقف تلف حوالين نفسك تحت المطر ، تصرفات ويرد جداا يعني 
وساد بينهما الصمت ، حين رفعت وجهها إليه رأته يبتسم ، ابتسامة صغيرة حزينة وعينيه تلمع بالدموه رفع يده سريعا يمسح الدموع عن مقلتيه لتندهش مما حدث هل يبكي بسبب كلماتها ؟! ، ابتلعت لعابها مرتبكة فتحت فمها لتعتذر منه فبادر هو يتمتم بنبرة حزينة :
- والدتي الله يرحمها كانت بتحب غزل البنات أوي ، كانت دايما لما تشوف الراجل اللي بيبع تفرح أوي ولا كأنها عيلة صغيرة ، عارفة مرة في عيد ميلادها جبتلها 100 كيس غزل بنات كانت مبسوطة أوي بيهم ، كانت بردوا بتحب المطر أوي كانت بتخرج البلكونة لما الدنيا تمطر وتفضل تلف حوالين نفسها وهي بتضحك ، كنا أنا وبابا بنفضل نضحك ونتريق عليها ، أنا بس بحاول أحس بوجودها حوليا بأي شكل 
شعرت بالأسى عليه ، نظرت إليه حزينة لتعتذر منه من جديد :
- أنا بجد آسفة 
ابتسم يمسح دموعه يحرك رأسه للجانبين يحاول أن يضحك يبدل دفة الحديث :
  - بصي أهم بيلعبوا مع بعض 
وأشار إلى القطَّين ، نظرت جوارها سريعا لترى بسكوتة اندمجت للغاية في اللعب مع شيتوس 
____________
في المخزن حيث جاسر مهران ومعه رعد ، الشجار بينهما لم يتوقف بل احتد للغاية اقترب جاسر من أبيه يغمغم محتدا:
- أنا عايز أعرف أنت قولت ايه لأهالي العيال خلتهم يهربوا بالسرعة دي ، هددتهم بايه يا باشا 
ابتسم جاسر ساخرا ينظر لساعة يده لما تأخر هذان الولدان إلى الآن ، رفع وجهه إلى رعد رفع كتفيه قليلا يغمغم ببساطة :
- لو عايز ابنك يروح عايش وكل أعضائه مكانها قدامك أقل من 3 ثواني وتخرج من الباب تللي قدامك دا ، دا اللي أنا قولته 
توسعت حدقتي رعد ذهولا الآن فقط عرف لما هرع الرجال للخارج في لحظة للخارج ... وقبل أن يصرخ فيه أن ما فعله كان همجيا للغاية فُتح باب المخزن وظهر مراد ومعه وليد ، مراد بدا غاضبا للغاية هو وصديقه ، اقترب جاسر منه يضع يده على كتفه يسأله قلقا :
- في جديد في حالة يوسف ؟
 حرك مراد رأسه يزفر أنفاسه يهمس حزينا :
- لسه يا عمي ، بس الدكتور خلانا نخش نشوفه حوالي دقيقتين كدة ، إن شاء الله هيبقى كويس ، يوسف قوي مش هيقع لاء 
ومن ثم تبدلت نبرته في لحظة إلى أخرى حادة حاقدة يهسهس متوعدا :
- هما فين ؟!
نظر جاسر صوب رعد قبل أن ينظر صوب مراد يغمغم ساخرا :
- صحيح يا مراد ، رعد شايف ان اللي أنا بعمله دا افترا وهمجية و....
ولم يكمل بل قاطعه صوت مراد وهو يصرخ غاضبا بعلو صوته :
- واللي هما عملوه فيه دا ما كنش افترا وهمجية وظلم ، أنت عارف يا رعد هما ضربوه ليه ؟ عشان يوسف رفض يغشش يحى ... حقه هو تعب كتير أوي وفي الآخر الكلب كان بيهدده عشان يغششه ، أنت ما شوفتش شكله وهو غرقان في دمه وهما مقطعين القميص اللي عليه من كتر الضرب فيه ، لييييه عشان رفض يغشش عيل فاشل صايع ، فاكر أنه بعلاقات أبوه ملك الأرض 
نظر جاسر إلى رعد كأنه يخبره ، انظر هم من بدأوا .. طرقع جاسر بأصابعه ليجلب رجاله الخمس شباب يلقوهم أرضا ولم يحتج مراد لقول كلمة اخرى شمر عن ذراعيه يتوجه مباشرة نحو يحى يكيل له باللكمات ليتحرك وليد صوب تامر  وخلفهم صوت جاسر يذكرهم :
- ما تنسوش مش عايز حد يموت 
ومن ثم نظر إلى رعد يحادثه بنبرة جافة :
- روح خلي بالك من امك واخواتك على ما أجي ، ما عهمش غير خالك عاصم
نظر رعد إلى مراد ، مراد ذلك الفتى المرح كثير الضحك تحول وبات شخص آخر وهو يضرب يحى، مراد لا يمكن أن يحب يوسف أكثر منه 
يوسف شقيقه هو ، ولكن ما يحدث هو العبث والهمجية بعينها ، والده لم يضرب أي منهم لأنهم أطفال كما قال فجعل خمستهم يضربون بعضا أولا ومن ثم ها هما وليد ومراد يكملان عمله ثانيا ، العمل الذي رفض هو أن يكمله 
كلمات مراد تتردد في عقله ، عن أنهم فعلوا ذلك بيوسف دون وجه حق ، أنهم مزقوا قميصه من الضرب ، أن شقيقه بين الحياة والموت ، أن الخمسة أمامه مذنبين ولكنهم أطفال في عمر يوسف ، لفظ مراد يحى أرضا ... أمسك رأسه يود صدمها بالأرض ليصرخ جاسر بإسمه يمنعه من فعل ذلك :
- مراااد لاء
ابتسم رعد ساخرا ولسان حاله يردد حقا ؟! ...
تحرك هو صوب أحد الشباب وقف أمامه ليراقب جاسر ما سيفعل ، قبض رعد على ذراع الفتى يقربه منه يسأله بحدة:
- هو عملك ايه عشان تضربه ، بس اللي مرمي دا كان عاوزه يغششه ، أنت بقى يوسف عملك ايه عشان تضربه ، انطق بدل ما اخليك زيه

ابتسم جاسر ساخرا يقلب عينيه ساخرا ، رعد يظن نفسه ضابط شرطة وهو هنا ليحقق في الجريمة ، ارتجف الفتى بين يديه يحرك رأسه للجانبين يغمغم مذعورا :
- ما عمليش حاجة ، هو يحى اللي قالنا أننا لازم نضربه عشان يتعلم الأدب ويخاف منه وعقابا ليه على أنه رفض يغششه، وقال إنه هيخلي والده يطلعنا كلنا دهب هدية 
شعر رعد بالغضب في تلك اللحظة ليرفع يده ينزل بها على وجه الفتى يصفعه بقوة ، قبض على فكه يصرخ فيه :
- يعني ضربتوه وكنتوا هتموتوه عشان رحلة لدهب ؟!! 
ارتجف الفتى ذعرا يبكي خائفا ؛ لينتفض رعد يلفظه بعيدا عنه وقف يضع يده فوق رأسه يشعر برأسه ستنفجر ... والده محق ولكنهم أطفال ، والده محق ولكنهم أطفال !!
____________
تحركت زينب جوار عبدالله طبيب عجوز يبلغ من العمر الثامنة والخمسون يساعدها في الجزء العملي من دراستها صديق قديم لوالدها 
صعدت خلفه سلم البيت تسمعه يشرح لها ما ستفعل :
- بصي يا زينب ، أنا مش هطلب منك أنك أنتِ اللي تعمليه معاه الجلسات لأن هو شاب ودا ما ينفعش ، أنا بس عايزك معايا عشان تتعلمي وتساعديني لما اطلب منك تعملي حاجة 
اومأت برأسها سريعا توافق ما يقول ، وصلا إلى باب المنزل دق الباب ليفتح لهم بعد لحظات رجل يبدو أنه والد شريف ، رحب بهما يغمغم مبتسما :
- اهلا وسهلا اتفضلوا ، اتفضل يا دكتور نورتنا. 
دخلت بصحبة الطبيب إلى الصالون جلسوا هناك ، وهي تحرك رأسها هنا وهناك متوترة تلك المرة التي تذهب فيها إلى جلسة علاج ، جلس والد شريف أمامهم يوجه حديثه للطبيب :
- طبعا حضرتك حالة شريف ، أنا بس عايز حضرتك تقولي بصراحة هو فعلا هيرجع زي الأول
حرك عبدالله رأسه بالإيجاب يطمأن الرجل الجالس أمامه وهي تراقب ما يحدث عن كثب ، إلى أن وقف والد شريف ومعه الطبيب لتقف هي سريعا تتحرك خلفهم إلى غرفة شريف في طريقها رأت فتاة شابة تخرج من غرفة شريف توجهت إلى غرفة أخرى ، حين نظر إلى وجهها رأت الحزن يطبع صفعاته بعنف على قسمات وجهها شعرت بالأسى عليها ، تنفست بقوة تحاول أن تهدأ ، دخل والد شريف أولا ومن ثم خرج بعدها بدقيقة تقريبا يطلب منهم الدخول ، حين دخلت خلف الطبيب رأت شاب في أواخر العشرينات أو ربما بداية الثلاثينات لا تعرف .. يضجع إلى فراشه ، وسيم لا يمكن أن تنكر ذلك يبتسم ابتسامة هادئة خفيفة اقترب الطبيب منه يحادثه مبتسما :
- حمد لله على السلامة يا بطل ، أنا حقيقي فخور أنك هعالج بطل زيك يا شريف .. اعرفكوا صحيح دي دكتورة زينب رايحة سنة رابعة علاج طبيعي تلميذتي وهتساعدني ، شريف باشا من أبطال مصر ظابط شرطة 
ابتسمت زينب له تومأ برأسها  ، ليبتسم هو الآخر ويبدأ الطبيب عمله !
_____________
قضت اليوم بأكمله تفعل شيئا جديدا لم تجربه قط وهو مساعدة قطرة الندى في خبز الخبز الطري ، صنعت لها قطرة الندى فطيرة صغيرة بها سكر وقشطة وكانت ألذ ما تذوقت ، كانت سعيدة تتعرف على وجه آخر من الحياة .. جلست على المقعد في الحديقة تتناول الفطيرة عيناها شاردة حزينة ، منذ أن أخذت هاتفها من شداد وهي أغلقته ، مدت يدها إلى جيب سترتها تلتقط منها الهاتف فتحته لتجد مئات المكالمات من والديها ، وعدة أصدقاء لها ، ورسائل المتابعين تنهال عليها تسألها اين هي ولما اختفت فجاءة ؟ ابتسمت شاردة قبل أن تجد الهاتف يدق في يدها برقم جواد !! قطبت جبينها متعجبة ، هل يتصل ليتشمت بها كما فعل قبل سفرها ؟! فتحت الخط إن فعل ستغلقه في وجهه ، لكن ما أن فتحت الخط سمع صوته يبكي قطبت جبينها قلقة من صوت بكائه وقبل أن تسأله عن السبب سمعته يحادثها بحرقة :
- أنا دورت ، دورت على رقم صاحب اتصل بيه عشان يبقى جنبي ، بس ما لقتش أنا شخص أناني مؤذي ما عملش  لنفسه أصحاب ، أنا هموت من الوجع يا مرام ، طلعت بتحب شريف ما ... اتجوزتني عشان عارفة ان شريف مستحيل يتجوزها ، أنا ما حبتش حد غيرها يا مرام 
ومن ثم سمعته يشهق في البكاء ، رغم أن جميع مواقف جواد معها أسوء من كونها سيئة ولكنها حقا شعرت بالشفقة عليه وهو يبكي بتلك الحرقة على الفتاة التي يحب ... جواد ليس مسكين هو يستحق ولكنه للأسف شقيقها حادثته بنبرة هادئة مترفقة :
- اهدا يا جواد ما تعملش في نفسك كدة ، وبعدين مين قالك ، مش يمكن يكون غلط الكلام دا 
سمعت شهقاته المتتابعة وهو يتابع بنبرة ممزقة ألما :
- لاء مش غلط ، أنا عرفت منها هي ، شوفت الكلام اللي كتباه عن حبها ليه ، وفي الآخر بتقولي أنها بس كانت معجبة بيه وبتحبني أنا ، أنا مش مصدقها 
ذلك ذنب ليان المسكينة التي فطرت قلبها يا عزيزي ولكنها لن تقولها في وجهه ربما كانت لتفعل قبل أن تأتي لهنا ، كل لحظة تقضيها مع ذاتها تُعيد النظر للماضي من جديد ، تشاهده وكأنه فيلم يعرض أمامها ، وصدقا كان فيلما مبتذلا رخيصا كرهت دور البطولة فيه للغاية حمحمت تغمغم سريعا تحاول أن تهدئه :
- ما يمكن عندها حق يا جواد أنها فعلا كانت معجبة بيه هو ، وحبتك أنت ... رغم اللي حصل بينا ، بس فعلا ما حدش بيتعامل مع شريف وما يعجبش بشخصيته وأخلاقه ، جواد اهدا واحسبها صح ، وحاول تبدأ صفحة جديدة ، أنا بردوا بحاول أبدا صفحة جديدة مع نفسي ، تعرف لما ببص لصفحات الماضي بقرف من نفسي أوي يا جواد ... على فكرة إنت ممكن تكلمني في اي وقت 
ودعها يغلق الخط لتبتسم هي شاردة من كان يصدق أن تلك الكلمات ستخرج من فمها هي ، من كان يصدق أن بضع دقائق مع الذات كل يوم ستُحدث ذلك الفرق الكبير 
______________
أغلق جواد الخط مع شقيقته يمسح الدموع عن عينيه لا يعرف أين هو ، خرج من البيت لم يحتمل رؤيتها ولم يرد إيذائها ، يشعر بالاحتراق ولا يجد من يواسيه ولا يتذكر في تلك اللحظة سوى كلمات ليان ... أيعقل أنه لا يملك صديق واحد !! ، صديق واحد فقط يلجأ إليه الآن ... ظل يلتف بالسيارة بلا هدف إلى أن وجد نفسه أمام شركة أبيه ، نزل من السيارة يتحرك بخطى ثقيلة متعبة مهشمة صوب الداخل ، استقل المصعد في طريقه ليجد أحد ما يقف جواره في المصعد ، نظر إليه لتتسع حدقتيه قبل أن يغمغم مذهولا :
- شهاب ! أنت بتعمل ايه هنا
ابتسم شهاب ساخرا يكتف ذراعيه أمامه يرميه بنظرة حادة قبل أن يردف :
- مش قولتلك مش انت اللي بتوزع الرزق يا جواد ، أنا هنا المهندس المسؤول عن قسم الديكور في شركة والدك ، جيت أقدم في وظيفة عادية لقيت المهندس هاجر ووظيفته بشهاداتي بقت متاحة ليا ، يعني إحنا بقينا زي بعض ، ولا أننا عمرنا ما هنكون زي بعض ... أنت هتفضل لوحدك بالغل والحقد اللي فيك ، تعالا شوف المهندسين بيحبوني قد ايه وكلنا تيم واحد ، مش أنت اللي كنت بتعاملنا كلنا على أننا خادمين عندك 
توقف المصعد ليلتفت شهاب له قبل أن يغادر يتمتم ساخرا :
- سلام يا جواد
وتركه وغادر ووقف جواد متجمدا مكانه من وقع ما سمع ، خرج من المصعد يتوجه إلى غرفة مكتبه والده ، فتح باب مكتبه لينظر عمرو إليه مقطب الجبين متعجبا من رؤيته هنا قبل أن يشهق جواد في البكاء يصرخ فيه :
- أنا ... 
وسكت كان على شفتيه الكثير من الكلام ولكنه لم ينطق بحرف فقط تدحرجت الدموع على وجهه ينظر لأبيه معاتبا عاجزا عن نطق حرف !!
____________
استيقظ يأن من الألم يشعر وكأنه كان في دوامة التفت به بعنف قبل أن تلقيه أرضا ليفتح عينيه فجاءة يشهق بقوة ، وجد نفسه على فراش في غرفة بالطبع في مشفى ووالده أمامه ، ازدرد ريقه يهمس بصوت خامل :
- سما فين ؟
استند بكفيه إلى سطح الفراش يحاول أن يعتدل ليسارع ياسر يساعده ليضجع إلى الوسادات خلفه نظر إلى أبيه يحادثه بنبرة لا تزال خاملة :
- أنا كويس صدقني ، المهم سما .. جالها انهيار عصبي صح ... كانت متجمدة الكلب دا حاول يقتلها 
تنهد ياسر بقوة يخفي حسرة قلبها على مقاطع الفيديو التي سلمها إليه ضابط الشرطة على هاتف ذلك الوغد بعد أن تم القبض عليه :
- هتبقى كويسة أنا اديتها مهدئ كويس وهي نايمة دلوقتي ، المهم أنت بخير ..أنت عندك نسبة سيولة في الدم والحمد لله أن هما لحقوك 
والدتك لسه رايحة تشوف سما دلوقتي ، صدقني ما قامتش من جنبك من ساعة ما جينا ، أنا اتصلت بأريچ وزمانها جاية على هنا 
لاحظ جاسر الألم الظاهر على وجه أبيه ليمد يده الأخرى يربت على ذراعه يسأله قلقا :
- مالك يا بابا شكلك مش كويس
لم يستطع ياسر الصمود أكثر من ذلك ، انهمرت الدموع من مقلتيه يشعر وكان ألف سكين تطعنه في آن واحد نظر لجاسر يغمغم بنبرة منكسرة :
- عملت كدة ليه ، أنت عارف إن هما لما حققوا معاه طلع موبايل كان مصورها فيه وهما مع بعض في السرير وخافي نفسه عشان ينشر الفيديوهات دي ، ولما جابوا صاحبه من رقم الموبايل اللي كان متصل بيه ، اعترف عليه أنه كان ناوي يلبس أختك قضية زنا
الوسخ اللي ما طمرش فيه لا عيش ولا عشرة ، بس العيب مش عليه ، العيب على الهانم اللي بعد كل اللي عمله ما صدقتش ورجعتله تاني وسابته يبهدل فيها تاني ، هي أكيد عرفت بحالتها دي أكيد عرفت اللي عمله واللي كان ناوي عليه الوسخ دا 
احتمال كبير ، بعد دقائق دخلت أريچ هرولت إليه تعانقه ليبتسم يقبل جبينها يسألها مازحا :
- اومال فين بسكوتة المتحرشة 
ابتسمت تغرق رأسها في صدره تستمد منه الأمان قبل أن ترفع وجهها إليه تهمس بنبرة قلقة:
- لما بابا كلمني سيبتها لصاحبك دا وجيت على هنا على طول ، أنت كويس بجد ؟
 ابتسم لها يومأ برأسه قبل أن يرفع حاجبيه يسألها مدهوشا :
- يعني أنتِ جيتي هنا لوحدك ؟
 اومأت برأسها بالإيجاب ليعطيها ابتسامة كبيرة متفاخرا بما أنجزت ، نظر ياسر للمشهد أمامه ليبتسم وهو يرى ابنته الصغرى وردته الذابلة تُشرق أخيرا بعناية شقيقها لها ، أشار جاسر لأريچ بعينيه إلى أبيهم يخبرها أن تذهب إليه لتومأ برأسها قامت من جواره تحركت ناحية أبيها تعانقه تغمغم سعيدة :
- بابا حبيبي وحشتني قد البحر وسمكاته ، ايه دا أنت بتعيط ليه 
جذبها ياسر إليه يعانقها بقوة قبل قمة رأسها مرة بعد أخرى يغمض عينيه فتنساب دموعه بحرقة وقلبه يكاد يقف من الألم والحسرة ، لم يكاد يهدأ قليلا وجدوا باب الغرفة يُفتح بعنف وظهرت سما تنظر صوب أريچ نظرة حادة قاتلة لتصرخ فيها بعلو صوتها :
- أنتِ السبب ، أنتِ اللي دمرتي حياتي ، هو هو قالي على كل اللي كان بينكوا ، أنتِ مجرمة بتحبي جوز أختك ، كنتي عيزاه يطلقني عشان يتجوزك أنتِ ، أنتِ وهو ملاعيين دمرتوا حياتي 
سما كانت حقا غير واعية لما تفعل ،تمسكت أريچ بأحضان أبيها خائفة منها ، ليقف ياسر أمامها يحميها منها لتضحك سما عاليا ، ضحكات متتابعة غريبة الشكل تسخر منهم :
- ايه عاملة خايفة ، وأنتِ خاينة وزبالة و ****
لفظ نابي نطقت به سما جعلت نرمين تقف أمامها تصفعها على وجهها بقوة تصرخ فيها :
- اياكِ تقولي على بنتي الكلام دا ، أنتِ فاهمة
جوزك هو اللي مريض ضحك عليها وحاول يعتدي عليها ، طبعا هو قالك اي كلمتين أنتي صدقتيه زي ما بتعملي دايما ، بس ما تجبيش الذنب على بنتي إحنا بعدناك ِ عنه مرة وأنتي بغبائك رجعتي ليه تاني ومن ورانا ، ما حستيش بالرخص وأنتي بتقابليه من ورانا وهو بياخدك مرة شقة ومرة فندق ولا كأنك واحدة من الشارع 
توسعت حدقتي جاسر فزعا ليهب من مكانه يكمم فم يصيح فيها مصعوقا :
- بس بس ، هي مش في وعيها أصلا
نظر صوب شقيقته قلقا ، أريچ تتمسك بوالده مذعورة تبكي وترتجف تعيق حركته ... رأى عينيها تضطرب بعنف وجسدها ينتفض لا يرتجف فقط وضعت يديها على أذنيها تصرخ من الألم تهذئ وتصرخ :
- لالا لا أنا مش رخيصة ، لاء يا مصطفى لاء ، مش هسمحلك تكسر أهلي ، موتني عاوز تموتني موتني مش هروح معااك ، جاسر لاء هيقتل جاسر
نظر إلى والدته يغمغم سريعا :
- ناديلي حد من التمريض اللي برة بسرعة 
خرجت والدته تركض من الغرفة ليحاول هو الاقتراب من شقيقته يهمس مترفقا :
- سما اهدي يا حبيبتي ، ما فيش حد ... أنا كويس اهو ما حصلش حاجة ، بصيلي طيب ، بصيلي يا حبيبتي ... يلا عشان نروح لكيان وتميم 
حين خرجت نرمين من الغرفة تركض تبحث عن إحدى الممرضات وجدت من يضع يده على كتفها نظرت خلفها لترى جاسر يقف خلفها أمسكت بيده تغمغم مذعورة :
- جاسر الحقني سما هتضيع مني ، أنا قولتلها كلام وحش أوي ، اهي اهي ممرضة اهي
هرولت نرمين إليها وجاسر يتحرك خلفها سريعا وقفت نرمين أمام الممرضة تغمغم مرتعشة :
- تعالي معايا بسرعة أرجوكِ
تحرك جاسر مع شقيقته لا يفهم ما بها أو ما يحدث ، تحرك يهرول خلف شقيقته التي تركض مذعورة إلى غرفة ما ، وقف أمام الغرفة ليرى سما بحالتها الغريبة تلك ، تلك الحالة المذعورة المرتجفة ذكرته بحالة نرمين نفسها قبل سنوات وسنوات ... نفس نظرة الذعر ورجفة الجسد والنظرات المضطربة التي تتحرك في كل مكان ، شعر بالضعف الذي كان يشعر به قديما وهو يراها في تلك الحالة جاسر يقف أمام شقيقته يحاول أن يجعلها تهدأ ... تحرك إلى الغرفة صوت خطواته جعل سما تنتبه إليه ... تنظر إليه مرتجفة وكأنها لم تتعرف عليه ، اقترب أكثر ينظر لحالتها المرتجفة والماضي يتجدد أمام عينيه ، تبدلت أمام عينيه ويرى نرمين بدلا عنها ، قديما كان يجذب شقيقته إلى أحضانه يظل يعانقها تبكي وهو أيضا لانه لم يكن يمتلك المال لعلاجها ، والآن تلك المشفى له ولكن لما يشعر بنفس الشعور المؤلم من جديد ،جذب سما إليه يعانقها ، ارتجفت بين ذراعيه بعنف ... عادت الممرضة في تلك اللحظة تركض تحمل بين يديها المهدئ الذي اخبره جاسر عنه ، أسرع جاسر يحقن شقيقته به ، إلى أن هدأت ارتجافتها وتوقفت مقاومتها ، حملها جاسر بين يديه يضعها على الفراش أمامه قبل أن يلتفت إليهم يسألهم محتدا :
- ممكن افهم ايه اللي حصل دا ، ومالها سما ، وكلام ايه اللي قولتيه يا نرمين ما تفهموني وقبل أن يسمع منهم ردا صدح صوت مكبر الصوت فى المستشفى ينادي بأسماء عدة أطباء يخبرهم بالتوجه العاجل إلى الغرفة 498
تلك الغرفة بها يوسف !! توسعت حدقتي جاسر فزعا ليركض من الغرفة إلى غرفة ولده ما أن اقترب من غرفة ولده سمع رؤى تصرخ تنادي باسم ولدها ورعد اقتحم الغرفة يمسك بذراعي شقيقه يتوسله بألا يرحل ، وصوت صافرة جهاز القلب المجاور له تخبره أنه فارق الحياة ، عجزت قدميه عن الإتيان بحركة ، أصوات تدافع الأقدام من حوله دخل الأطباء إلى غرفة يوسف يحاولون إنعاش قلبه من جديد ، الصرخات من حوله تزداد الجميع يبكي وصرخات رؤى تتردد إلى أن ألتقط جهاز ضربات القلب إشارة ضعيفة بدأت تعلو شيئا فشيء وبدأ قلب ولده يعمل من جديد بعد أن وقف قلبه هو من الذعر ، كانت لحظة بشعة مرت كدهر على قلبه لا يصدق أن ولده عاد للحياة من جديد في لحظة كاد يفقده واللحظة الأخرى عاد ، خرج الأطباء من غرفته توجه جاسر إليهم بالكاد يحرك قدميه ليطمأنه أحد الأطباء :
- الحمد لله عدت على خير ، وإن شاء الله الساعات الجاية تعدي على خير 

الساعات القادمة مرت كدهر الخوف نهش قلب كل منهم ، الجمع أمام غرفة يوسف كان كبيرا 
بين الحين والآخر ينظر جاسر لساعة يده الوقت وكأنه يعانده يرفض التحرك ... أخيرا بعد ساعات طواااااال نهشهم الوقت ... دخل الطبيب إلى الغرفة ومعه الممرضات واخذوه لإجراء الفحوصات مرت ساعة أخرى قبل أن يظهر الطبيب يبتسم اقترب جاسر منه يسأله ملتاعا :
- طمني أرجوك أنا تعبت ، ادفعلك حياتي وخلي لي حياته 
ابتسم الطبيب يربت على كتف جاسر يطمأنه :
- الحمد لله قدر ولطف ، عدينا مرحلة الخطر وشوية وهيفوق ... حمد لله على سلامته
تنفس الصعداء أخيرا يسجد مكانه تنهمر الدموع من عينيه ، جسده ثقيل لا يعينه على الحركة رفع رأسه حين شعر بيد تسنده ليرى رعد يقف جواره يساعده على النهوض يبتسم :
- قوم يا بابا ، هيفوق أهو ... بقى كويس الحمد لله
استند جاسر على ذراع رعد يتوجهان إلى غرفة يوسف فتح الباب سريعا يجلس على مقعد جوار فراشه ، مد يده يمسح على خصلات شعر ولده حين سمعه يهذي :
- ملا...ك اانا بح...بك
أغمض عينيه يشد على كفه غاضبا ، ورغبة ملحة تدفعه لقتله هو ورعد الآن هل ستظل تلك العائلة تلتصق به ، نظر صوب ملاك التي تنظر أرضا متوترة مما سمعت ، بعد دقائق بدأ يوسف يستعيد وعيه شيئا فشيء ، فتح عينيه ليرى الكثير من الاناس أمامه ومنهم هي ، شعر بالألم الشديد ليتذكر ما حدث قبل أن يفقد الوعي ، وكان قسمه الأول حين أفاق أنه سيجعلهم يدفعون الثمن غاليا 

تعليقات



×