رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل السادس والعشرون
بناء على رغبة القراء هنحط في بداية كل فصل كل عيلة بولادها عشان الناس اللي لسه بتتلغبط
جاسر ورؤي أبطال الأجزاء اللي فاتت عندهم 6 أولاد رعد وجوري أول تؤام
يوسف ومريم تاني تؤام
سليم وياسين آخر تؤام
----------------
نرمين أخت جاسر اللي جاسر كان بينتقم من صبري وبنته شاهندا عشانها
نرمين وياسر جوزها عندهم 2
( جاسر الكبير 29 سنة دكتور نفسي
اريج في 2 كلية طب )
ياسر كان ليه بنت من مراته اللي ماتت قبل ما يتجوز نرمين اسمها سما جوزها اسمه مصطفى
______________
عاصم أخو رؤي خال العيال اللي كان بيحب تهاني واتجوز حلم في الجزء التاني عنده ولدين
حسين الكبير مهندس ، مراد الصغير في ثانوية عامة ساقط سنة
_____________
رؤى كان ليها جيران أخ وأخت ساكنين سوا اللي هما عمرو وايمان
ايمان اتجوزت علي صاحب جاسر وعندها شريف الكبير ظابط شرطة ، وليان الصغيرة المدلوقة على الجاموسة جواد
_________
أما عمرو فاتجوز روان بنت صاحب الشركة اللي كان شغال فيها وخلف ولد وبنت
جواد جاموسة متنقلة مهندس ديكور
ومرام دلوعة ماما 22 سنة في كلية إعلام ومخطوبة لشريف ابن عمتها
_______
فاضل طرب وملاك ، ومليكة وتوحة وكل الناس دي هنعرف اصلهم وفصلهم فيما بعد
لما تتلغبط اطلع بص هنا وكمل الفصل عادي
نبدأ الفصل❤
____________
- صباحية مباركة يا عروسة كل دا نوم
شخصت عيني فاطمة فزعا ، هبت واقفة لتشعر بصداع شديد وضعت يدها على رأسها تنظر لحالها وحاله مذعورة ، اقترب منير منها أكثر وضع صينية الطعام على الفراش واقترب منها أمسك ذراعيها بين كفيه يسألها بنبرة قلقة للغاية :
- مالك يا فاطمة ، دايخة ولا ايه تعالي اقعدي
دفعت يديه بعيدا عنها بعنف ارتد عدة خطوات على إثرها لتصرخ هي بعلو صوتها:
- أنت عملت فيا ايه يا حيوان ، إنت لا عندك ضمير ولا قلب ، دا أنا كنت مرات أخوك حرام عليك
ابتسم منير ساخرا قبل أن يجلس على الفراش من جديد يدس يده في جيب سرواله أخرج هاتفه يعبث فيه لبعض لحظات قبل أن يدير الهاتف ليصبح مقابلا لها ، ما أن وقعت عينيها على ما يُعرض شهقت مصعوقة تضع كفيها على فمها تسكب عينيها الدموع ، الوغد خدرها وها هو يستبيح جسدها في المقطع أمامها كانت عينيها مفتوحة ولكنها غير واعية أبدا لما يحدث ... مدت يدها تنتزع الهاتف من يده بعنف تصدمه في الأرض بعنف ، نهشته رقبته بأظافرها تصرخ فيه :
- يا قذر يا كلب ، إنت مريض مش طبيعي أنا هموتك واخلص الدنيا من شرك وقرفك أنا عملتلك ايه حرام عليك
قبض على كفيها بعنف ليقف من مكانه ، صرخت فيه تحاول جذب كفيها من يده ليلف جسدها فجاءة ارتطم ظهرها بصدره في حين لف ذراعه حول ذراعيها يحتجزها بين أحضانه رغما عنها ، دفن رأسه في خصلات شعرها يشتمها يهمس بنبرة مريضة مختلة :
- أنا بحبك ، بحبك أوي يا فاطمة ، من ساعة ما شوفتك أول مرة لما نور راح يتقدملك وأنا كان نفسي تكوني مراتي أنا ، بتاعتي أنا ... بس نور خدك مني ولما مات وقولت خلاص هتبقي ليا بعدتي وهربتي ... ولما ظهرتي أخيرا بردوا عايزة تكوني لغيري ، لاء يا فاطمة طب بصي تعالي هوريكي حاجة
وقبض على كف يدها بقوة يجذبها معه إلى الفراش أخرج من تحت مرتبته مجلد كبير فتحه أمامها لتشخص عينيها ذعرا حين فتحه ، الكثير من الصور لها منذ أن وطأت قدميها منزل عائلتهم ، بعض الصور كانت لها وهي تستحم وأخرى وهي تبدل ثيابها ، منير مجنون مهووس ، نظر لها وابتسم يغمغم :
- ما تسأليش كنت بصورهم إزاي ، اللي بيحب حد بيفضل حواليه في كل مكان ، طب بصي دول كمان
وتوجه صوب دولاب الثياب يخرج حقيبة من البلاستيك أفرغ محتوياتها أمامها لتُصقع حين رأت الكثير من ثيابها التي كانت تفقدها حين كانت متزوجة بنور ، كانت وقتها ستُجن لا تفهم أين كانت تختفي تلك الثياب وها هي الثياب المختفية !! ، نظرت له مذعورة تغمغم خائفة :
- أنت مجنون ، إنت أكيد مش طبيعي ... انا عايزة امشي من هنا
خرجت من بين شفتيه ضحكة عالية اقترب منها يحتضن وجهها بين كفيه يسخر منها :
- تمشي بالبساطة دي ، دا أنا طلع عيني عشان تكوني بين إيديا ، أنا مش جايبك هنا عشان اغتصبك واصورك ، أنا هتجوزك يا فاطمة برضاكِ أو غصب عنك
ارتجفت بين يديه ذعرا خاصة حين رأت نظراته تزداد خبثا وأنفاسه ثقل أقترب برأسه منها تضرب أنفاسه الحارة وجهها يشتم رائحتها يهمس بنبرة ثقيلة :
- عارفة رغم أنك كنتي بين إيديا مستسلمة لكل اللي بعمله ، بس أنا عايز أعيد التجربة وأنتِ واعية وحاسة بيا وبحبي ليكِ
لا لا لن تسمح له بأن يضع يده النَجِسة عليها من جديد ، حاولت دفعه بعنف ولكنه أحكم قبضته عليها تلوت بين يديه بعنف تصرخ فيه ، تستغيث عل أحدا ينقذها ... عادت بخطاها للخلف وهو يقترب منها إلى أن ارتطمت بالطاولة خلفها ، مدت يدها علها تطال اي شيء وقد كان أمسكت بمزهرية ثقيلة رفعتها فجاءة تهبط بها على رأسه ليصرخ متألما ، وقع أرضا يضع يده على رأسه ينهمر دمه على صدره العاري التقطتت جلبابها الملقى أرضا تركض خارج الغرفة والشقة حين رأته ينترنح يحاول أن يقف يصرخ باسمها متألما ... نزلت تركض على سلم البيت ترتدي الجلباب في الشارع تهرع بعيدا عن المكان تنظر خوفها مذعورة بين لحظة وأخرى إلى أن وصلت لبداية طريق رئيسي أوقفت سيارة أجرة تحادث السائق مرتعشة :
- لو سمحت أنا عاوزة اروح *****
نظر السائق لها مرتابا عدة لحظات قبل أن يومأ برأسه موافقا ؛ لتستقل السيارة سريعا تبتعد بها عن المكان
___________
على جانب آخر في الحي الشعبي ، الرؤية شبه مستحيلة بسبب ذلك الجمع الملتف حول جاسر وعاصم ومعهم رعد ... اقترب جاسر من ذلك الشاب من جديد يقبض على عنقه يكاد يزهق روحه بين يديه :
- اشتري عمرك وقولي هو فين ، ما أنا هوصله يعني هوصله ، إنت فاكر أنها صعبة .. بس ساعتها هدفنك معاه لو ما اتكلمتش
كاد الفتى يصاب بسكتة قلبية من الذعر وقبل أن يفتح فمه يخبرهم للمرة الالف أنه لا يعرف
قبض عاصم على فكه يصرخ فيه بصوت جهوري :
- قسما بربي الكلب دا لو لمسها ، لهقطع ايديك معاه
ابتعد جاسر عنهم يطلب أحد الأرقام انتظر إجابة صاحب الرقم قبل أن يغمغم سريعا :
- ها يا وحيد طمني عرفت توصل لمكان الرقم
أجاب الأخير متوترا :
- يا باشا الموضوع مش بالبساطة دي أنا شغال أهو ، بس المشكلة ان الموبايل مقفول لو كان مفتوح كنا وصلنا لمكانه على طول
قبض على الهاتف في يده بعنف يصرخ فيه :
- وحييييد أنا مش عايز مبررات مالهاش لازمة ، أقل من ساعة يا وحيد وتقولي أنك وصلت للعنوان
أغلق الخط ووقف يلتقط أنفاسه بعنف فتح هاتف الفتى الذي بين يديه يبحث فيه عن طرف خيط ربما يفيده ... أقترب رعد منه يغمغم حانقا :
- أنا عايز إحنا ما بنبلغش البوليس ليه يا بابا ، المفروض أول حاجة نعملها اصلا أننا نبلغ البوليس على الأقل كلم عمي خالد
حرك رأسه للجانبين ذلك المخنث سيضع يده عليه أولا وفيما بعد قد يلقيه للشرطة بعد أن ينتهي منه ، نظر صوب رعد يغمغم ساخرا :
- والبوليس هيعمل ايه زيادة عن اللي إحنا بنعمله ، ما تقلقش هنلاقيها
الجميع قلق خائفون عليها ... رجال جاسر يبحثون في كل مكان يمكن أن يتواجد فيه منير ، إلى أن قطع ذلك القلق توقف سيارة أجرة سوداء في منتصف الحارة ونزلت فاطمة منها ... هب عاصم من مكانه يركض إليها لترتمي بين ذراعيه تنفجر في البكاء ... ابعدها عنه يتفحصها بعينيه يطمأن أنها بخير قبل أن يسألها مذعورا :
- أنتِ كنتي فين ، وجيتي ازاي والكلب دا عمل فيكِ ايه
لم تنطق بحرف فقط انفجرت في البكاء من جديد بين أحضان عاصم ... هنا اقترب جاسر من سائق سيارة الأجرة يطلب منه النزول ، نزل الأخير ينظر حوله خائفا قبل أن ينظر لجاسر يغمغم متوترا :
- هو في اي يا بيه ، أنا ما عملتش حاجة والله العظيم ، أنا كنت سايق في طريقي ووقفتني الأستاذة صعبت عليا كان شكلها مرعوب قولت اوصلها أنا والله يا بيه ما عملت حاجة ....
قاطعه جاسر قبل أن يكمل يسأله بحدة :
- خدتها منين ايه الشارع اللي وقفتك عنده
ارتجف السائق بعنف يخبر جاسر بإسم الشارع
هنا تحرك جاسر صوب فاطمة يخرجها من بين أحضان عاصم يحادثها :
- ركزي معايا ثواني ... السواق بيقولي أنه خدك من أول شارع *****
اومأت برأسها بعنف تنهمر دموعها يرتجف جسدها بعنف ... ليحاول جاسر أن يهدأ يحادثها مترفقا :
- مش فاكرة حتى شكل العمارة من برة ، اي علامة
هي تعلم أكثر من مجرد علامة خرجت شهقة من بين شفتيها تهمس خائفة :
- أنا عارفة رقمها شوفته وأنا ببص ورايا عشان كنت فكراه ورايا ، 19 رقم 19
لم يحتاج لمزيد من المعلومات ... أشار لرعد إلى سيارته يغمغم سريعا :
- رعد بسرعة معايا ، عايز عربية واحدة ورايا والباقي هنا مع عاصم ، يتحركوا معاه لما يتحرك
تحركت سيارة جاسر وخلفها إحدى سيارات الحرس الخاصة به ، في حين لف عاصم ذراعه حول كتفي فاطمة يتحرك بها إلى أعلى دون أن يوجه لا لصفاء ولا لمحمود كلمة واحدة .. دخل بها إلى غرفتها يغلق الباب عليهم اقترب منها يسألها قلقا :
- فاطمة ردي عليا من غير كذب ، الواد دا عمل فيكِ حاجة
ارتجف جسدها لم تقدر على إخبارها فالمقطع الذي لديه يظهرها موافقة على ما يحدث وهي كانت غائبة من الأساس ، حركت رأسها للجانبين بعنف تنهمر الدموع من عينيها تهمس مرتعشة :
- لا يا عاصم ، هو حاول يعتدي عليا بس أنا ضربته على دماغه بفازة وهربت أنا خايفة يكون مات ، هو أنا كدة هتسجن مش كدة ، هتسجن يا عاصم
حرك رأسه للجانبين يقترب منها يضمها إليه يحاول أن يهدئها يهمس مترفقا :
- ما تخافيش حتى لو غار في ستين داهية ، أنتِ كنتي بتدافعي عن نفسك ، جاسر راح هناك
وهيجيبه ما تقلقيش ... المهم دلوقتي حصل ايه احكيلي بالتفصيل
أبعدت رأسها عنها تبتلع لعابها مرة بعد أخرى كل ذرة بها ترتجف خوفا ، حاولت أن تتنفس بهدوء قليلا تتحاشى النظر لعيني عاصم تهمس بنبرة مرتعشة :
- أنا فوقت لقيت نفسي في أوضة غريبة ولقيته قدامي ، دا مجنون يا عاصم وراني البوم صور ليا كان بيصورني وأنا في شقة نور ،
وانا متجوزاه ، وقتها بردوا كان بيضيع مني هدوم شخصية ما كنتش فاهمة بتروح فين ، لقيتها معاه هو ، هو كان بياخدها ... وفضل يقولي أنه مهووس بيا وأنه مش هيسمحلي أكون لحد غيره ، وبعدين حاول يعتدي عليا روحت ضربته بالفازة وجريت على الشارع دا اللي حصل
المختل المريض النَجِس سيهشم عظامه وينتزع قلبه ما أن يسقط تحت يديه ، تحرك إلى دولاب ثيابها يخرج حقيبتها يلقي فيها جميع ثيابها يغلقها التف لها يحادثها بنبرة حادة :
- هترجعي تعيشي معايا يا فاطمة ومش بمزاجك ، ربنا سترها المرة دي ... مين عارف المرة الجاية هيحصل ايه يلا معايا
حاولت الاعتراض ليصرخ فيها بعلو صوته :
- مش عاوز اسمع كلمة لاء خالص ، أنتي ما تعرفيش حالي كان عامل إزاي الكام ساعة اللي فاتوا ، أنا ما كنتش عاوز ازعلك عشان حالتك النفسية ، بس هتيجي معايا ورجلك فوق رقبتك ، يلاااا
وافقت صاغرة تتحرك معه للخارج .. اقتربت صفاء منها تعانقها بقوة ولأول مرة ترى فاطمة السيدة تبكي بتلك الحرقة :
- حقك عليا يا بنتي ، والله لو أعرف أن الكلب دا هيعمل كدة ما كنت سيبتك ونزلت ، حقك عليا يا ضنايا
لم تنطق بحرف لم تعاتب أو تعتذر أو تواسي جسدها بالكامل يرتجف تشعر برغبى ملحة في حر..قه ذلك الوغد دنسها رغما عنها وهي لن تستطع أن تقولها أمام نفسها حتى ، حين التقت عينيها بمحمود رأته ينزل رأسه يشعر بالخزي والعار من نفسه لأنه لم يستطع حمايتها ، أمسكت بذراع عاصم تهمس بنبرة واهنة :
- أنا تعبانة أوي يا عاصم ، أرجوك مش قادرة أقف
هنا رفع محمود عينيه ينظر إليها يعتذر عما حدث لها وكل ذرة به تحترق بالكامل تتطاير كالرفات ، حمل عاصم شقيقته بين ذراعيه ينزل بها لأسفل وضعها في سيارة زين .. على الأريكة الخلفية وجلس هو جوار زين ، رفع يده يربت على كتفه يشكره :
- متشكر يا زين ،أنك جبتني ولسه مستنيني ، وسمعت كلامي لما قولتلك افضل هنا عشان ما تتخانقش أنت ورعد ، تعرف أن أنا عيالي ما بيسمعوش كلامي ، عايزين الضرب والله
وختم كلامه بضحكة صغيرة متعبة ، في حين ابتسم زين ينظر لعاصم بأعين تلمع وابتسامة كبيرة ، نظر خلفه ينظر صوب عمته تلك السيدة الجالسة على الأريكة خلفه هي عمته ابتسم لها مترفقا يهمس :
- حمد لله على سلامتك
ومن ثم التفت يدير محرك السيارة يتحرك بها عائدا إلى منزل عاصم
أما هناك فعلى صعيد آخر توقفت سيارة وخلفها سيارة حراسته أمام العمارة التي أخبرته فاطمة برقمها ، نزل جاسر أولا وخلفه رعد ينظر لوالده ممتعضا مما يفعل أين الشرطة لما يهمش والده دور الشرطة فيما يحدث ، نزل جاسر ليقترب رعد منه يردف متضايقا :
- ما تقولش أننا هنقلب العمارة في سكان ما ينفعش نرهبهم
تجاوز جاسر رعد وذهب لغرفة صغيرة متطرفة في مدخل العمارة دق بابها بعنف ليفتح الباب حارس العمارة بعد عدة لحظات يمسح وجهه يبدو أنه كان نائما :
- خير يا بيه حصل ايه
فتح جاسر هاتفه يشهره أمام وجه الحارس قبض على تلابيب جلبابه يقربه منه يهمس محتدا :
- الراجل دا في أنهي دور ؟
ارتجف الحارس بين يديه يبتلع لعابه خائفا نظر لشاشة الهاتف ليغمغم سريعا خائفا :
- دا أستاذ منير في الدور الأخير يا بيه ، هو حصل ايه يا بيه
تحركوا جميعا لأعلى ضرب أحد الحراس باب الشقة الوحيدة في الطابق الأخير ليتفرقوا داخل الشقة الصغيرة يبحثوا عنهم ولكن لا أثر ، دخل جاسر غرفة النوم التي أمامه ليرى صينية طعام على سطح الفراش وزهرية مهمشة وبقع دماء على الأرض والفراش ولا شيء آخر فتش هنا وهناك لم يجد شيء دخل رعد خلفه يحادثه متضايقا :
- ما فيش حد في الشقة ، ممكن بقى نبلغ البوليس هما أكيد هيعرفوا يجيبوه ، اللي إحنا بنعمله دا شغل عصابات وترويع
تأفف جاسر حانقا ينظر لولده يحدجه بنظرة غاضبة قبل أن يهمس محتدا :
- بوليس ايه اللي أنت مصر نكلمه ، طب خالك عاصم ما كلموش ليه لو أنا بعمل شغل عصابات زي ما بتقول ، أي عيل ماسك موبايل يصور اللي بيحصل هتتفضح في كل حتة ، عمك خالد نفسه اللي بتقوله كلمه ، المخزن بتاعه ورا المخزن بتاعنا في حاجات لازم تتحل بمعرفتك إنت وبعد كدة تتقفل تماما من غير ما حد يعرف ، طالما عايز تشاركني كل خطوة جاية يبقى اتعود تمام
وتركه وخرج من الغرفة حيث حراسه وقف أمامهم يغمغم بحدة :
- العمارة لو ليها باب خلفي عايز واحد منكوا على الأمامي وواحد على الخلفي ولو مالهاش يبقى أتنين عند الأمامي وبدلوا بعض ، اللي هيجبلي الكلب دا ليه عندي مكافأة كبيرة جداا
وقف رعد يراقب سعادة حراس أبيه على ما قال ليتنهد متضايقا ، يشعر بأن ما يحدث بالكامل خاطئ ، التأقلم مع جانب أبيه الآخر لن يكون سهلا كما ظن ، في اللحظة التي رأى فيها أبيه يصرخ في سائق التاكسي أو حارس العمارة أو حتى في حراسه يشعر وكأنه يقف أمام رجل آخر ، شق جديد من والده لم يكن رآه قبلا !!
___________
توقفت سيارة علي أسفل منزله وخلفها سيارة مجدي صديق شريف نزل علي ومعه مجدي يساعدان شريف على الحصول لأعلى من المصعد إلى المنزل إلى فراشه وضع مجدي الوسادة خلف رأس شريف يربت على كتفه يغمغم مبتسما:
- أخيرا يا بطل رجعت بيتك بسلام هسيبك ترتاح وهقرفك كل يوم لا تقلق ، يلا سلام
ابتسم شريف مرهقا يودع صديقه اقتربت إيمان منه تغمغم متلهفة :
- أنت ترتاح وأنا هروح اعملك اكل يسندك
ابتسم متعبا ، والدته يجب أن تنام الجميع يجب أن يناموا بعد تلك الليالي الطويلة العصيبة في المشفى ولكن والدته لن تنتقع أبدا اقترب والده منه جلس جواره على الفراش يبتسم يحادثه بنبرة مترفقة :
- شريف أنا مش عاوزك تزعل من اللي حصل بالعكس أحمد ربنا ، الشدة هي اللي بتبين معادن الناس ، على فكرة مرام هبلة وغلبانة هي بس ساحر عينيها الجو اللي هي بتغرق نفسها فيه ... ربنا هيرزقك الأحسن بإذن الله ما تزعلش نفسك يا إبني ... أنا عارف إن الموقف كان صعب بس
قاطعه شريف يردف ببساطة :
- أنا مش زعلان يا بابا ، أنا ومرام علاقتنت كانت تداعت خالص ، تعرف أن أنا قبل ما أطلع المأمورية اصلا قلعت الدبل ورميتها ، ربنا يرزقها بالأحسن ، أنا مش صعبان عليا غير ليان
من ساعة الكلام الزفت اللي سمعته وهي ساكتة ما نطقتش بكلمة ... ناديهالي يا بابا عاوز اتكلم معاها
اومأ علي برأسه وخرج من الغرفة يبحث عن ابنته توجه إلى غرفتها لم يجدها ، دق باب المرحاض لم يسمع لها صوتا ... فتح الباب المرحاض فارغ ، تحرك هنا وهناك يبحث عنها قلقا إلى أن وقعت عينيه على باب منزلهم مفتوح !! أين ذهبت ليان ؟!
ليان هناك أخذت سيارة أجرة تخبر السائق بعنوان مكتب جواد يدور في خلدها كلمات مرام بلا توقف ، جواد كان يخدعها لا يحبها ، جواد كان يخدعها لا يحبها ، جواد كان يخدعها لا يحبها ، جواد يحب نور !! ، من أين له أن يعرف نور من الأساس ؟! جواد لا يخدعها جواد يحبها أليس كذلك ؟! ، مرام قالت ذلك لتحرق قلبها وتدمر علاقتها به كما تدمرت علاقتها بشريف ... بعد مدة طويلة وصلت السيارة إلى مكتب جواد ، دخلت إلى المكتب تتوجه مباشرة إلى مكتبه ، فتحت باب المكتب ودخلت ... رأته يجلس خلف مكتبه رفع وجهه ينظر إليها ما أن رآها رسم بسمة صغيرة على شفتيه يرحب بها :
- إزيك يا ليان عاملة ايه ، شريف عامل ايه ... رجعتوا امتى من المستشفى
ابتسمت ساخرة تطرف عينيها الدموع القت حقيبتها جانبا تقترب منه وقفت أمام مكتبه تنظر لوجهه تبحث فيه عن الحقيقة ، انهمرت الدموع من عينيها غص صوتها تسأله بحرقة :
- أنت صحيح اتجوزت نور ؟
ابتلع لعابه مرتبكا يومأ برأسه تنهد يردف بهدوء :
- ايوة يا ليان ، أنا بحب نور من زمان ... أعرفها قبل ما تيجي تقعد عندكوا حتى ، بالمناسبة هي مش أخت صاحب شريف ولا حاجة
شعرت بألم لا يُوصف وكأن خنجر يطعنها بلا توقف ، رفعت يديها تشير لنفسها اضطربت حدقتيها صرخت تسأله بحرقة :
- طب وأنا ، أنا ليه ضحكت عليا وقولت أنك بتحبني ، ليه تضحك عليا وأنت عارف إن أنا بحبك ، ليه تعمل كدة ... أنا عملتلك ايه
زفر أنفاسه حانقا مقررا صفعها بالحقيقة علها تستيقظ من وهم الحب الأخرق الذي تعيش فيه :
- ما تبطلي بقى الوهم اللي أنتِ عايشة فيه دا ،
أنا كام مرة احرجتك وكام مرة عاملتك وحش ، وكام مرة بعدتك عني بأسلوب سخيف جارح ، فجاءة كدة بين يوم وليلة هحبك أنا واثق أنك من جواكِ كنتي عارفة أن أنا ما بحبكيش بس كنتي بتضحكي على نفسك ، حتى لو أنا فجاءة حبيتك أنا كنت بعاملك بطريقة أبسط رد عليها لو أنا فعلا كنت حبيتك أنك تسبيني اخبط دماغي في الحيطة وتقولي لاء أنا ما بحبكش ، سوري يا ليان بس أنتِ لاغية كرامتك تماما
توسعت حدقتاها والألم ينهشها وكلماته أشبه بصفعات تنزل على قلبها تهشم روحها ... حركت رأسها للجانبين ترفض ما يقول حتى لا تُجن تصرخ فيه متألمة :
- دا كذب اللي بتقوله دا كذب ، أنت بتحبني بتغير عليا من شهاب أنت نسيت
تأفف من جديد يحرك رأسه للجانبين يغمغم بنبرة باردة توازي الجليد :
- بغير عليكِ ااه ، لاء بصي الحقيقة يعني أنا وشهاب كنا دفعة واحدة وأنا كنت ولازلت بكرهه جداا لأنه كان متفوق أوي وعلى طول العين عليه ، وهو يا عيني شكله طب في حبك من أول يوم فقولت اغيظه واحرق دم روان هانم ، مش هي كانت عوزاكِ بردوا تبعدي اماندا عشان الطريق يفضالك ، قد ايه أنتِ غبية يا ليان عشان تسمعي كلام روان وأنتي عارفة أنا بكرهها قد ايه
لم تعد تستطيع سماع المزيد رفعت يديها تضعهم على أذنها تحجب صوته تصرخ بألم :
- بس اسكت بس
نظرت إليه تلهث تتسارع أنفاسها ومعها دموعها توجهت إلى حقيبة يدها تلتقطها التفتت تغادر ، أمسكت مقبض الباب وقبل أن تديره التفتت له تهمس بحرقة :
- بتمنى من كل قلبي أنك تدوق من نفس الوجع اللي أنا حاسة بيه دلوقتي أضعاف وما تلاقيش أيد تواسيك
و فتحت الباب تركض للخارج لمحها شهاب يتحرك خلفها يراها وهي تسرع خطاها تتسابق دموعها فعلم أن جواد سحق فراشة أخرى أحبته وهو كالحية امتص منها الحياة وتركها تعاني ، خاف أن تقدم على إيذاء نفسها فظل يسير خلفها بعيدا بقدر كافي حتى لا تراه
أما هي فكان يمر أمام عينيها كل موقف حدث بينهما كل مرة جرحها وأذاها وهي نستها تماما حين أخبرها أنه يحبها وكبلهاء مراهقة نست وتناست كل مرة أهانها وجرح كرامتها فيها ، كل مرة فضلته حتى على شقيقه لأنه فقط أخبرها أنه يحبها ، أكانت مثيرة للشفقة لتلك الدرجة لعبة سهلة العبث بها ، لعبة نعم لعبة حمقاء قطعت خيوطها وركضت خلف الفتى المؤذي الذي شوه وجهها بالحبر الأسود
وقف جانبا جوار كورنيش النيل تنهمر الدموع من عينيها تشعر بالاشمئزاز من نفسها ، لا ترغب سوى في أن تنهي ذلك الألم الذي ينهشها ولكن الانتحار ليس الحل ... لن تترك شريف وهو في حالته تلك ، شريف الذي تمادت في حقه أكثر من مرة لأجل ذلك الوغد وقفت ، مدت يديها تمسح دموعها بعنف تشتعل أنفاسها كل ذرة بها تختنق قبضت على حافة السور أمامها لينتفض شهاب ظنتها ستنتحر ولكنها رآها تبتعد عن السور وأوقفت سيارة أجرة ورحلت ، وقف ينظر في أثرها حزينا مشفقا لو بيده ، فقط لو بيده ، عاد أدراجه إلى الشركة دخل إلى مكتبه المشترك ليجد جواد يقف في منتصف المكتب ينظر إليه غاضبا ليعلو بصوته ما أن رآه :
- أهلا بشهاب بيه ، ولا أقول اهلا بروميو بيه ، أنت إزاي تخرج من الشركة من غير إذني ، أنت فاكر نفسك شغال في تكية أبوك
كور شهاب كفه يضغط عليه بعنف يحاول ألا يرد يحتاج الوظيفة لأجل شقيقته الصغرى ، ولكن جواد تمادى كثيرا خاصة حين صمت شهاب ولم يرد فأردف يسخر منه :
- أنت شغال عندي ، مرتبك بدفعه من جيبي
أنت هنا تحت أمري أنا ، أنا لو طلبت منك تعمل عجين الفلاحة تعمله ، أنا هنا ال Boss
هنا لم يحتمل شهاب الإهانة ، أحمر وجهه غضبا ليتحرك صوب جواد يقبض على تلابيب ثيابه يصرخ فيه :
- ليه فاكر نفسك مين ، هو أنت اللي بترزق ... ملعون الشغل اللي يقل من كرامة صاحبه ، أنت حتة عيل تافهة لولا فلوس أبوه ما كنش وقف دلوقتي يتفرعن علينا ، أنت حاقد يا جواد من زمان وأنا عارف أنك بتكرهني من أيام الجامعة
عشان أنت ما بتحبش حد يكون أحسن منك وأنا كنت أحسن ، أنت عامل زي النار هيجي في يوم تاكل نفسها ، أنت بنفسك اللي هتدمر نفسك ، أنا مستقيل يا جواد بيه
قالها بنبرة ساخرة ليدفعه بعيدا عنه يتحرك لخارج الشركة تحت نظرات جواد الحادة الحاقدة يقسم على الثأر لإهانته أمام الموظفين ، التفت لباقي الموظفين يصرخ فيهم :
- يا تشوفوا شغلكوا يا تحصلوه ، البلد مليانة ناس مش لاقية شغل
ولأنه محق تماما ، تحرك الجميع في صمت يعود كل منهم إلى مكتبه يكمل عمله وكان شيئا لم يكن
_______________
الثالثة تقريبا في عيادة جاسر راضي
كان يجلس خلف مكتبه يطالع أوراق عمار التي بين يديه التي أخذها من المستشفى ، عمار نصار الأشهب ، جميع شهاداته من الخارج لا يفهم لما شاب عاش حياته بالكامل خارج مصر جاء هنا ليعمل فيها ، عمار كان يستهدف أريچ منذ البداية ، عمار يعلم عن حادثة والدته ، عمار فعل ذلك لسبب ولكن ما سببه ؟!
ما الذي يريده منهم ؟! لا يعرفه ووالده لا يعرفه حين سأله عنه ، ووالدته لم تنتبه لصورته أبدا حين كان يريها اياها على أنه طبيب جديد تعين في المستشفى ومن ثم اختفى ، والدته لم تتعرف عليه جل ما قالته :
- مش يمكن يا ابني لقى شغل في مستشفى تانية بمرتب أكبر ، أو بعد الشر يعني شكله لسه صغير يكون عمل حادثة ولا حاجة
والدته أيضا لا تعرفه ، إذا لما ينتقم ذلك الشاب ؟ ومن ماذا ؟
فتح حاسبه وكتب اسم نصار الأشهب على محرك البحث جل المعلومات التي أمامه أنه رجل أعمال كان يعيش في لندن وقرر العودة إلى مصر بعد عدة سنوات الخبر لم يذكر عمار تماما بحث أكثر قبل أن يلفت انتباهه معلومة نصار قال أنه لم يتزوج ولا أولاد لديه !! ، إذا عمار ابن من ؟! ، إن كان اسمه عمار من الأساس ولما ينتحل شخصية ابن نصار ؟
وهل نصار يعلم بذلك ؟! عليه الوصول لنصار الأشهب لربما يجد طرف الخيط عنده
دُق الباب ودخلت مساعدته تبتسم في هدوء تحادثه :
- دكتور جاسر ، آنسة هاجر معادها دلوقتي ، ادخلها ؟
اومأ برأسه يغلق الملف أمامه يضعه جانبا ، مر عدة لحظات قبل أن تظهر فتاة تقريبا في أوائل العشرينات ، ابتسمت مرتبكة ما أن رأته ... الجميع يرتكبون في أول لقاء له معهم لا يعرف لما ، وربما يعرف ويغض الطرف عن ذلك
أشار للمقعد المجاور لمكتبه يردف مبتسما :
- اتفضلي استريحي يا آنسة هاجر ، اسم مميز هاجر دا مش ناس كتير بتتسمى بيه
ابتسمت الفتاة مرتبكة من جديد تفرك يديها متوترة ظلت هكذا لبضع دقائق قبل أن ترفع وجهها إليه تهمس بنبرة محترقة حرفيا :
- أنا عايزة اتكلم وما حدش بيمسعني ، الكل بيزهقوا مني بيقولوا إن مشاكلي كتير ، وأنهم مش هيفضلوا دايما يسمعوني وأنا بشتكي واحدة صاحبتي رشحت حضرتك ليا وقالتلي أنك دكتور شاطر جدا
اومأ برأسه ينظر إليها بإهتمام شديد كما تريد يردف بهدوء يبتسم :
- كلي أذان صاغية يا هاجر ، اتكلمي زي ما تحبي
شدت على كفيها بأظافرها بعنف تحارب رغبتها في الخروج ركضا من هنا ، رفعت وجهها إليه تسأله قلقة :
- هو أنت هتسجل الكلام اللي هقوله ، قصدك يعني
ابتسم يقاطعها يردف ببساطة :
- قصدك بسجله وممكن أمسكه عليكِ وابتزك بعد كدة ، بصي ما اقدرش ألومك والله كلنا عندنا تراست ايشوز جامد ، بس أنا ما بسجلش والله يا هاجر ، اصلا يعني بحس إن التسجيل نفسه اختراق لخصوصية الشخص اللي قدامي ، فعمري بصراحة ما سجلت
سكتت الفتاة بضع دقائق أخرى قبل أن تغمض عينيها يخرج من بين شفتيها تنهيدة حارة مثقلة بالهموم والألم ، ارتفعت شفتيها بعد لحظة بابتسامة مريرة ضحكت ومن ثم تحدثت بألم :
- أنا مشكلتي كلها في أهلي ، ومن أنا طفلة صغيرة وهما بيتخانقوا كل يوم تقريبا ، بابا وماما كانوش بيحبوا بعض اتجوزوا عشان قرايب جواز عائلي ، من وأنا صغيرة وأنا بشوفه بيضربها وهي بتشتمه وبتقوله أنها بتكرهه ومع ذلك ما اتطلقوش دول خلفوا 3 عيال أنا الوسطانية ، أخويا الكبير سابلهم الدنيا كلها وسافر واختي الصغيرة عايشة في عالم الانترنت منفصلة عننا تماما ، إشمعنى أنا ما عملتش زيهم ... ومن أنا صغيرة وأنا بحس أنهم ما بيحبوناش ، أرجوك ما تقوليش ما فيش أهل ما بيحبوش عيالهم ، لما يكونوا ما بيحبوش بعض أكيد مش هيحبوا عيالهم ، تعرف أن عمري أمي ما حضنتني ، أنا عارفة أنها حاجة تافهة بس
قاطعها يرفض ما تقول :
- مين قالك أنها حاجة تافهة عمرها ما كانت تافهة يا هاجر ، كملي
فتحت عينيها تنظر إليه ليرى الدموع تملئ حدقتيها ابتلعت لعابها تومأ برأسها تكمل :
- أنا ما عنديش ثقة في نفسي ، دايما اي غلط بعمله أو فشل بيحصلي زي ما بيحصل لكل واحد بيتبروز ويفضلوا يفكروني بيه ، لدرجة إني بقيت مقتنعة تماما إني شخص فاشل عمره ما هينجح ، من كتر ما هما بيستخسروا فينا الحب بقيت بستخسرها أنا كمان في نفسي ، بقيت شايفة اني ما استحقش لا حب ولا نجاح
ومن ثم صمتت بدت مترددة للغاية لتخبره بالجملة التالية وهو انتظر في تروٍ ، امتدت يديها تقبض على ذراعي المقعد تنحت خشبه بأظافرها تهمس بحرقة :
- بص أنا ، أنا يعني مش جميلة ، أنا جمالي عادي بس دي خلقة ربنا مش بإيدي صح ؟ ، بس البنات اللي حوليا في العيلة يعني أحلى بكتير فاا يعني ، هما اتريقوا عليا كذا مرة وقالولي إني مش هلاقي حد يبص في وشي ، ولما قولت لماما لقيتها بتقولي ما هم عندهم حق ، بس بعدين يعني قالتلي أنها كانت بتهزر ، بس أنا حاسة أنها ما كنتش بتهزر ، ولا كانت بتهزر وأنا اللي كبرت الموضوع ، أنا مش عارفة ، تعرف بعد الموقف دا كنت مع اصحابي في الجامعة وقالوا يلا نتصور لما بصيت في الصورة لقيتهم كلهم حلوين ماعدا أنا ، حسيت أن أنا اللي شوهت الصورة !!!! ومن ساعتها وأنا بطلت اتصور معاهم خالص ، أنا مكبرة الموضوع صح
حرك رأسه للجانبين ، لا هي ليست كذلك ، أيخبرها أنه يرى مثل حالتها الكثير باختلاف التفاصيل ، أيخبرها أن حتى والدته أذت شقيقته ، لا يعرف ما بال آباء هذا الجيل ... تنهد يبتسم لها يردف :
- أنتِ في كلية إيه يا هاجر
- آثار
أبدى إعجابه الشديد بما تدرس يردف ضاحكا :
- الفرعون الصغير جاهز للاحتفال بقى
خرجت ضحكة صغيرة متوترة من بين شفتيها ، صمت هو بضع لحظات قبل أن تتبدل نبرته لأخرى أكثر حزما :
- بصي يا هاجر ، أنا عارف إن اللي بيتطبع في العقل مش سهل تغييره بكلمة ولا اتنين ، أصل العقل دا عموما خبيث آه والله مش سالك ، قادر أن هو ينسيكِ أهم معلومة اتقالت في المحاضرة ويفكرك بكلمة قالها لك أحدهم وهو يمزح ، يفضل منكد عليا الليل كله واصحى الصبح مش فاكر المعلومة واشيل المادة فيتنكد عليا من الناحيتين ما أنا بقولك مش سالك والله ، هاجر بعيد عن علاقتك بأهلك إحنا محتاجين نزرع حاجتين من أول وجديد ، الثقة وحب النفس ، أنا ما اقدرش اقولك قاطعي أهلك ، بس أقدر أساعدك أن مهما اتقال ومهما سمعتي ولا يهز فيكِ شعرة واحدة ، طالما واثقة في نفسك ، قوليلي يا هاجر أنتِ ليه شايفة نفسك وحشة ، إيه اللي في وشك وحش عينك بتروح عليه عشان تقولي أنك مش حلوة
ما عندكيش عين واحدة ، مناخيرك بفتحتين مش بتلاتة ، لون بشرتك قمحي دا لون الفرعون المصري عامة يا استاذة آثار ، ملامح وشك جميلة ، أنا حاسس إن أنا بعاكس والله
لما حد يقلل من شكلك الزقي وشه في المراية وقوليله طلع الوحش اللي فيه ما عدا أهلك طبعا عشان ما ألبسش في عقوق والدين
ضحكت هاجر نظرت لساعة يدها لتهب واقفة تغمغم متلهفة :
- أنا اتأخرت أوي ، هو حضرتك مش هتكتبلي علاج
ألتقط الورقة أمامه يخط عليها شيء ما أعطاها لها لتبتسم تشكره ، خرجت سريعا من العيادة في لحظة دخول مليكة إليها ، توجهت مليكة إلى مكتب جاسر مباشرة
فتحت الباب نظر هو غاضبا للفاعل قبل أن يندهش من رؤياها ، أغلقت الباب وتوجهت إليه وقفت أمام مكتبه تغمغم فجاءة دون مقدمات :
- أنا فكرت واترددت كتير قبل ما اجي هنا دلوقتي ، دكتور جاسر أنا عاوزاك تساعدني !!
__________
خرجت طرب من المرحاض بعد أن اغتسلت وبدلت ثوبها ، رأت والدتها لا تزال تجلس على الفراش ، عادت تجلس مكانها لتحادثها كاملا بحدة :
- طرب في اي ، ردي عليا عيطتي لما انفطرتي وبعدين نمتي فجاءة وقومتي مفزوعة وسيبتيني ودخلتي الحمام ، طرب أنا مش هخرج من هنا غير لما افهم كل حاجة فريحي نفسك واحكيلي
حركت رأسها للجانبين تتكور حول نفسها على الفراش تهمس متوترة :
- أرجوكي يا ماما أنا تعبانة وحضرتك تعبانة ، أنا محتاجة أنام بجد
قامت كاملا من فراش ابنتها تحرك رأسها يائسة ، طرب كجلال حين لا ترغب أن تتحدث لن تفعل ولو بعد دهر ، نزلت السلم لأسفل .. رأت رعد يدخل المنزل بصحبة والده اقتربت منهم تبتسم :
- حمد لله على السلامة
ومن ثم اقتربت من رعد تسأله قلقة :
- رعد أرجوك شوف طرب مالها بتعيط من الصبح
توسعت حدقتيه هلعا يتحرك لأعلى سريعا ، التفت كاملا صوب جاسر تسأله :
- هو رعد وطرب اتجوزوا امتى ، طرب مش عاوزة تقولي حاجة خالص وملاك نفس الحكاية ، هو في اي أنا مش فاهمة حاجة
ابتسم جاسر في هدوء يحادثها :
- اعتقد الأفضل أنك تعرفي من طرب ، المهم أنك تكوني مرتاحة معانا ما فيش حاجة محتاجها
حركت رأسها للجانبين بخفة تشكره بابتسامة مقتضبة :
- لاء ، شكرا ليك بجد ، على كل حاجة عملتها ، ملاك قالتلي أنك عملت عشانها كتير ، بجد متشكرة ، أنا عارفة أننا متقلين عليكوا بجد ، بس زي ما حضرتك عارف ، عُدي خد ورث جلال كله ، بس أنا ليا مالي الخاص ورث من والدي في فرنسا ، أرجوك تساعدني عشان اخده
اومأ برأسه في هدوء يردف :
- أكيد طبعا هساعدك ، بس اعرفي انكوا مش متقلين ولا حاجة حضرتك حماة ابني ، وملاك زي بنتي ، شيلي فكرة متقلة عليكوا دي من بالك تماما ، البيت بيتكوا
ابتسمت كاملا تشكره ، في حين وقفت رؤى بعيدا تشاهد منذ البداية ذلك الحوار المبتسم بين زوجة وتلك الدخيلة !!
فتح رعد باب غرفته يبحث عن طرب رآها متكومة فوق الفراش اقترب منها سريعا جلس جوارها يسألها قلقا :
- مالك يا حبيبتي مامتك بتقولي أنك بتعيطي
استندت إلى كفيها تنتصف جالسة ارتمت بين ذراعيه تبكي وهو يضمها إليه يحاول أن يهدئها بعد مدة طويلة ابتعدت عنه تنظر لعينيه السوداء وهي تناظرها بقلق ، ابتسمت متألمة قبل أن تردف :
- رعد أنا عاوزة اتطلق
______________
وقفت أمام مركز التدريب ، جاسر حادثها منذ قليل واخبرها بأن صديقه سيمر عليها ليصطحبها إليه ... مرت عدة دقائق قبل أن ترى سيارة أجرة أمامهم ونزل منها شاب تعرفه ، رأته في المقهى قبلا بصحبة جاسر ، اقترب منها يغمغم مبتسما :
- أنا آسف للتأخير الطريق زحمة جداا ، أنا سامر أتمنى تكوني فكراني ، يلا نتحرك عشان جاسر مستنيكِ
اومأت له متوترة تسير جواره في صمت قطعه هو فجاءة :
- أنتِ عندك قطة ؟
ارتبكت تومأ برأسها ليشير هو للشعر الأبيض على حقيبة ظهرها السوداء يغمغم :
- شعرها مبهدل الشنطة ، زي شيتوس بيبهدل هدومي ، بس في رول جامدة أوي بتشيل الشعر عن الهدوم والشنط ، هي قطتك عندها قد ايه ، أصل شيتوس قارفني عايز يتجوز
أحمر وجهها تحرك رأسها للجانبين بعنف تهمس متوترة :
- لاء قطتي لسه عندها 3 شهور
اومأ برأسه يسألها من جديد :
- هي اسمها من جديد
نظرت إليه بطرف عينيها ، لما ذلك الفتى ثرثار كثير الكلام والأسئلة حمحمت تهمس :
- بسكوتة
ضحك بشدة في منتصف الشارع ، لتنظر إليه مرتبكة تنظر حولها ذلك الأحمق يحرجهم بما يفعل ، حمحم يحاول السيطرة على ضحكاته :
- أنا آسف بس جاسر قالي أنه مسميها المتحرشة ، البسكوتة المتحرشة ، يلا يلا مدي هنتأخر
أسرعت خطاها تجاري خطاه الواسعة ، إلى أن رأته يتوقف فجاءة وتوجه صوب بائع غزل البنات واشترى الكثير وعاد اليها ، يفرقع أحد الأكياس كما كان يفعل الأطفال فتح يأكل ما فيه مستمتعا قبل أن يمد لها بكيس آخر :
- خدي مش هاخد منك حقه ، هاخد من جاسر
أخذت الكيس من يده مرتبكة تسير جواره لا تفهم أذلك الشاب مجنون أم يعاني من فرط الحركة ، نظرت لأعلى حين شعرت بقطرات ماء تنزل على وجهها ، السماء تمطر في الصيف كيف ؟!
تحركت تسرع خطاها في حين ضحك هو يغمغم مبتهجا :
- أول مرة الارصاد تقول حاجة صح ، قالوا هتمطر ومطرت فعلا
وقفت أسفل منصة تحميها من المطر الذي بدأ يشتد في حين رأت ذلك السامر المختل يفرد ذراعيه جواره تنزل قطرات المطر عليه ، الأحمق هل يظن نفسه يمثل في أحد الأفلام ، وجدت نفسها تضحك حين بدأ يلتف حول نفسها ، ذلك الشاب مجنون !!
الساعة الخامسة تقريبا في منزل جاسر مهران
في غرفة رعد ... جعد الأخير جبينه من جملة زوجته الغير متوقعة بالمرة ، بما تهذي طرب الآن ... رفع يده يضعها على جبينها يتحسس حرارتها قبل أن يردف ساخرا :
- مش سخنة يعني ، ايه التخاريف اللي بتقوليها دي يا حبيبتي طلاق ايه اللي عايزة تتطلقيه إحنا لحقنا نتجوز ، في اي يا طرب مالك ؟!
سكبت عينيها الدموع فجاءة ، رفعت يديها تشير بهما إلى نفسها لم تستطع الصمت أكثر فباحت له :
- أنا حسستني إني رخيصة يا رعد ، خلتني أحس بنفس الإحساس اللي كنت بحس بيه وأنا برقص غصب عني ، كان ممكن تصحيني تقولي أن أنا خارج ، لكن أنت ما عملتش دا ... عارف اللحظة اللي فتحت عيني فيها وما لقتكش جنبي عقلي قالي أنك خلاص خدت مني اللي أنت عاوزه وهتسيبني
ابتسم في سخرية سرعان ما تحولت ابتسامته لضحكات عالية ، ظل يضحك حتى أدمعت عينيه من شدة الضحك وضع يده على بطنه حين شعر بها تتشنج من كثرة الضحك ، وهي تجلش تراقب ضحكاته بضيق مما يفعل ، ألتقط أنفاسه بعد أن هدأ قليلا يردف ساخرا :
- ما إحنا لو نبطل فرجة على أفلام هابطة حياتنا هتبقى أحسن والله ، ايه الهطل اللي أنتِ بتقوليه دا يا طرب ... أنتِ سامعة اللي طالع من بوقك ، وعقلك الفذ دا فكر في الكلام خمس ثواني حتى ...وبعدين لو أنتِ شيفاني وحش أوي كدة وافقتي تتجوزيني ليه ، على العموم كان في مصيبة الصبح وما رضتش اقلقك عشان كنتي غرقانة في النوم ، عن إذنك هقوم اغير هدومي عشان الدكتور هيجي يفكلي الجبس
وقام من أمامها دخل إلى المرحاض وتركها شاردة تنظر للفراغ ، رعد محق وهي من أقامت الدنيا دون داعي ، أم أن شبح الماضي المستوطن داخل عقلها لن يرحل بتلك البساطة
أنزلت قدميها جلست على حافة الفراش تنتظر خروجه من المرحاض ، خرج بعد عدة دقائق يجفف شعره بمنشفة صغيرة وضعها جانبا ؛ لتقترب هي منه سريعا وقفت أمامه تنظر أرضا تفرك يديها تعتذر منه :
- رعد أنا بجد آسفة أوي على اللي قولته
حرك رأسه للجانبين يتجاوزها ، جلس على الأريكة البعيدة يضجع بظهره إلى ظهرها يغمض عينيه متعبا قبل أن يتمتم متهكما :
- كان يوم متعب حصل حاجات غريبة فيه ، كل اللي كنت محتاجة إني احضنك وأقولك إني حاسس إني مش فاهم حاجة ، بس دا قبل ما أطلع ذئب بشري طبعا.
قضمت شفتيها تشعر بالغيظ الشديد من تفكيرها المشرد الذي أوصلهم لتلك النقطة السخيفة بسببها هي ، يبدو أن عمته قد أصابت علاقتهم بعينها الشريرة ذلك هو تفسيرها الوحيد ! ، تحركت تجلس جواره وضعت رأسها على صدره لم يوافق ولم يرفض هو فقط لم يعطيها أي رد فعل من الأساس مما جعلها تضيق عينيها غيظا منه ، قرصت وجنتيه بأصابعها تغمغم متضايقة:
- رعد خلاص بقى ما تبقاش رخم
فتح عينيه ورفع يديه يزيح يديها وقف عن مكانه يتحرك لخارج الغرفة كلها تاركا إياها تتآكل من الندم
في الأسفل كان الوضع لا يقل توترا خاصة حين ظهرت رؤى في الصورة تقاطع ذلك الحديث المبتسم بين زوجها وتلك الدخيلة الشقراء الجميلة ... تحركت إليهم ترسم ما يشبه ابتسامة صفراء على شفتيها تتحدث :
- إيه يا جاسر كنت فين يا حبيبي قلقتني عليك
اقتربت منه أكثر ليبتسم عابثا ينظر إليها متسليا رؤى تغار بشدة ، وقفت جواره ليلف ذراعه حول كتفيها يحادثها مبتسما :
- اومال الولاد فين
أشارت للطابق العلوي تضع يدها على صدره تحادثه مبتسمة :
- كلهم في أوضهم يا حبيبي ، الدكتور هيجي يفك لرعد الجبس امتى
نظر لساعة يده من المفترض أن يأتي الآن لما تأخر ، نزل رعد إلى أسفل ، بدى متضايقا للغاية سارعت كاملا تقترب منه تسأله قلقة :
- طرب مالها يا رعد ، قالتلك بتعيط ليه
حاول أن يبتسم لها حرك رأسه بالإيجاب يردف ضاحكا :
- لاء دي هرمونات ، طرب كل ساعة بحال ..أنا سايبها كويسة
ابتسمت كاملا تزفر أنفاسها قبل أن تنظر إلى رعد تسأله :
- هو انتوا متجوزين من امتى ، هو ليه ما حدش عاوز يجاوب على سؤالي
ابتلع لعابه مرتبكا تهرب بعينيه بعيدا حين سمعوا دقات على باب المنزل ، انزلت رؤى نقاب وجهها حين فتح جاسر وظهر الطبيب الذي تقدم من رعد ليفك الجبيرة من على قدمه
أما في الأعلى
تهاوى يوسف بجسده إلى الفراش ينظر لسقف الغرفة يمر أمام عينيه مشهد مراد وهو يطلب يد شقيقته أمام الجميع ، مراد يحب مريم
وهو يحب ملاك ! ، لا يعلم أن كان يحبها حقا أم لا ؟! هو فقط يشعر بأنه يود امتلاكها !! رغبة شديدة داخله تود ذلك ... أن تصبح له فقط ، تنهد بعمق يغمض عينيه سينتظر إلى نهاية إمتحانات الثانوية وسيخبر أبيه بالأمر ولن يتقبل رفضه إن رفض ! ملاك له بدون أجنحة
_____________
في العيادة النفسية الخاصة بجاسر راضي ، قطب جاسر جبينه حين وصل إليه جملة مليكة تريد منه المساعدة ، هل يعني ذلك أنها توقفت عن الإعجاب به ؟! ألم تخبره زينب أنه معجبة به لذلك لا تريد أن تصبح مريضة لديه ، شعر بغصة خفيفة تخنق حلقه قبل أن يومأ برأسه بهدوء يسألها :
- اساعدك في اي ؟
سحبت نفسا قويا تغمض عينيها لعدة لحظات قبل أن تفتحهم تغمغم في هدوء :
- أنت عندك حق ، أنا لازم اتعالج بس سامحني أنا مش هقدر اكون مريضة عندك ، عشان كدة أنا بطلب من حضرتك توصلني بدكتور أو دكتورة تكون ثقة ، لأن زي ما أنت عارف اليومين دول ما فيش أكتر من النصابين والمتحرشين اللي عملين دكاترة نفسيين
هنا تنفس الصعداء من الجيد أنها هي من لا تريد مريضة لديه ، اومأ برأسه موافقا يردف بهدوء :
- مواقف ، هوديكِ عند أستاذي اللي اتعلمت منه كتير وأنا أثق أنه أفضل مني ألف مرة وأنا أثق برجوا أنه هيساعدك كتير جداا ، خليني اكلمه اتأكد أنه في العيادة
خرج من الغرفة يلتقط هاتفه لتجلس هي على المقعد المجاور لمكتبه تدق بيديها على سطح المكتب بخفة ، لفت أنظارها طرف ملف موضوع أسفل الجريدة بشكل عشوائي غير منظم ، وهي من ملاحظتها لجاسر تعرف أنه شخص يعشق النظام ، رفعت كتفيها لأعلى قليلا لن يضر إن ساعدته أمسكت بالملف لتعدل وضعه تحت الجريدة لمحت عينيها صورة تعرف صاحبها جيدا جذبت الملف بدلا أن تضعه تفتحه ، أصفر وجهها حين رأت ما بداخله معلومات كافة يجمعها جاسر عن عمار !!
ما علاقة جاسر بعمار ؟ هل هو مثله ؟!!!!! هل يريد هو الآخر إيذائها كما هو فعل هو قبلا ؟!
فتحت الملف تبحث بين أوراقه سريعا عن أي معلومة تساعدها قطبت جبينها حين قرأت المعلومات الخاصة بعمار ، عمار طبيب ؟!
حصل على شهادته من الخارج ؟! ولكن كيف تتذكر اللقاء الأول جيدا
( عمار ، اسمي عمار في كلية فنون جميلة سنة رابعة )
لا تفهم ما الذي يحدث وضعت يدها فوق راسها يكاد عقلها ينفجر ، أحبت عمار لا تنكر ولكن ما فعله معها لا يمكن غفرانه ، عمار دمر كل ذرة إنسانية بها ، سمعت خطوات جاسر لتُرجع الملف لمكانه سريعا تعود لجلستها تحرك ساقها بسرعة ، دخل جاسر إلى الغرفة يبتسم لها ، لاحظ شحوب وجهها المفاجئ وحركة ساقها السريعة وأن نصف الملف يظهر من أسفل الجريدة ، إذا مليكة رأت ما بداخل الملف ... ابتسم لها يغمغم :
- حظك كويس ، عرفتك أخد ميعاد بعد ساعة يا دوب نلحق لو اتحركنا دلوقتي ، أنا هوصلك وبعد كدة منك ليه
ابتسمت متوترة تومأ برأسها تشكره بصوت هامس مرتجف ، قامت من مكانها تحركت للخارج في حين جذب هو الملف من أسفل الجريدة يطويه داخل كفه شردت عينيه قليلا قبل أن يخرج من الغرفة رأى أريچ تدخل إلى العيادة وخلفها سامر ، اقتربت أريچ منه تعانقه ليبتسم يربت على رأسها برفق تنهد يعتذر منها :
- روچا أنا كنت هاخدك نتعشا برة ، بس جالي مشوار مهم ، معلش يا حبيبتي أنا آسف ... سامر هيروحك
توسعت حدقتي أريچ فزعا هل ستظل بصحبة ذلك الشاب مرة أخرى لا وألف لا ، حركت رأسها للجانبين تهمس سريعا :
- لا يا جاسر بالله عليك دا عبيط ، ورغاي أوي
والدنيا كانت بتمطر فضل يلف تحت المطرة ، دا عنده اضطراب فرط الحركة صدقني والله
ضحك جاسر عاليا لم يستطع أن يتمالك نفسه مما تقول أريچ قبل أن ينظر لسامر يسخر منه :
- عملت ايه الله يخربيت عقلك ، خوفت البت وفكراك عبيط
توسعت حدقتي سامر يشير لنفسه قبل أن ينفجر مغتاظا :
- أنا عبيط !! ، دا جزاتي إني ما ارضتش اخد منها حق غزل البنات طب لو سمحت بقى أنا عاوز السبعة جنية حق الكيس اللي هي كلته
ضحك جاسر ساخرا قبل أن يترك أريچ ويتوجه إليه يسخر منه :
- يا اخويا اتنيل عاملي فيها سعاد حسني وبترقص تحت المطر ، روح يلا وأنا هاخد أريچ معايا
ضيق سامر عينيه مغتاظا ينظر صوب أريچ وكأنه طفل صغير غاضب منها قبل أن يقترب برأسه يهمس لجاسر بشيء ما جعله يقطب جبينه قبل أن يردف :
- ماشي نتكلم في الحوار دا بعدين يلا أنت اتحرك
اومأ برأسه ينظر صوب أريچ مغتاظا للمرة الأخيرة قبل أن يتركهم ويغادر وتحركوا هم بعده إلى سيارة جاسر ، جلس بالإمام وجلست أريچ جوار مليكة بالخلف ليعلق ساخرا :
- دا على اساس أن أنا السواق
تحرك بالسيارة إلى عيادة الطبيب بعد نصف ساعة تقريبا وصل ، التفت إلى أريچ يحادثها :
- روچا هستنيني هنا تمام
اومأت برأسها ليشير لمليكة أن تخرج من السيارة ، تحركت جواره لأعلى ومئات الأسئلة تدور داخل خلد عقلها ، وصلوا إلى عيادة الطبيب لم تكن مختلفة كثيرا عن عيادة جاسر ، اقترب جاسر من الفتاة الجالسة خلف المكتب أمامها يردف يسألها :
- دكتور قاسم رشوان موجود ، أنا عندي ميعاد معاه قوليله دكتور جاسر راضي
اومأت الفتاة برأسها دخلت لغرفة الطبيب لتخرج بعد عدة لحظات تشير لهم بالدخول :
- اتفضلوا
تحرك جاسر يسبق مليكة لداخل الغرفة ، قام قاسم من خلفه مكتبه يفتح ذراعيه له يغمغم ضاحكا :
- تلميذي النجيب ، عاش من شافك
ضحك جاسر يعانقه ليصدمه قاسم على كتفه بخفة يسخر منه :
- قولي لسه بردوا بتطبق نظرية الصمت التام في العيادة عندك ، يا ابني أنت كدة بتوتر الناس
ضحك جاسر يومأ برأسه بالإيجاب قبل أن يشير إلى مليكة يعرف كل منهما إلى الآخر :
- دكتور قاسم دي مليكة اللي قولت لحضرتك عنها ، مليكة دكتور قاسم يبقى أستاذي وأفضل مني ألف مرة ، هسيبكوا مع بعض وأنا هستناكِ تحت في العربية
وانسحب وغادر يجذب الباب خلفه ، عاد قاسم إلى مقعده يشير لها للمقعد المجاور للمكتب يردف مبتسما :
- اقعدي يا آنسة مليكة ، تحبي تشربي حاجة معينة ، عندي مشروبات كتير مش بقضيها عصير برتقال زيه ما تقلقيش
ابتسمت مليكة متوترة تحرك رأسها للجانبين جلست جوار مكتبه متوترة تقبض كفيها لعدة لحظات قبل أن تلتفت فجاءة تسأله متوترة :
- هو أنا لو قولتلك حاجة دكتور جاسر هيعرفها ، قصدي يعني هتقولهاله
ابتسم قاسم في هدوء يحرك رأسه للجانبين يطمأنها :
- لاء يا آنسة مليكة ما تقلقيش ، اللي بيتقال في الأوضة دي مستحيل يطلع لحد تالت دا قسم وخصوصية مريض لا جاسر ولا غيره يعرف بيها ، لو والدك نفسه طلب يعرف وأنتي مش عوزاه يعرف أنا مستحيل أقوله ، تقدري تطمني لأبعد حد
ابتسمت تلتقط أنفاسها تومأ برأسها ، قبل أن يردف هو بهدوء :
- خلينا نتكلم بصراحة من الأول جاسر كان قالي خطوط عريضة عن حالتك ، خصوصا الجروح اللي أنتِ بتسببيها لنفسك ، أنا عارف إن أوقات كتير الاذى النفسي بيبقى صعب التحمل عشان كدة في ناس بتلجأ للأذى الجسدي عشان تخفف من ألم الأذى النفسي دا
بدون تفاصيل تانية ، أنا حابب اسمع منك تانية
تنهدت متوترة ذلك الطبيب عكس جاسر في الكثير من الأشياء كانت تحضر جلسات العلاج مع زينب ، جاسر كان يستفز عقل زينب بكلماته حتى تخبره ، وصدقا تلك الطريقة لن تنفع معها استفزاز عقلها سيجعلها أكثر عنادا ورفضا على عكس زينب التي استجابت ، ظلت صامتة ما يزيد عن عشر دقائق كاملة وقاسم لم ينطق بحرف تابع تشتتها بهدوء ، جاسر أخبره بكل شيء عنها تقريبا ويعرف أن طريقة جاسر لن تنفع معها ، رفعت وجهها إليه بعد صراع طويل حين سمعته يحادثها :
- قوليلي يا مليكة في طفولتك اتعرضي لعنف من حد من الأهل ؟
قطبت ما بين حاجبيها تحرك رأسها للجانبين سريعا ترفض ما يقول :
- لا خالص ، أنا البنت الوحيدة وبابا وماما كانوا بيحبوني جداا حتى لو كنت عملت مصايب الدنيا عمر ما حد فيهم ضربني
ابتسم وبدا راضيا مما يسمع قبل أن يحرك رأسه ، همهم يكمل :
- كلام عظيم ، طب ...
ولم تدعه يُكمل قاطعته تردف ساخرة :
- أنا عارفة حضرتك بتحاول توصل لايه ، عاوز تخليني أحكي المشكلة بشكل غير مباشر ، أنا ما عنديش مشكلة إني احكيها ، لأني فعلا محتاجة حل مش عايزة أفضل كدة
همهم قاسم متفهما ما تقول قبل أن تستعيد هي أنفاسه نظرت له لعدة لحظات وعقلها يردد إما الآن وإما فلا ، ابتلعت لعابها وشريط ذكريات سريع يمر أمام عينيها اختنقت نبرة صوتها تهمس :
- وأنا عندي 17 سنة كنت لسه عيلة صغيرة ، وكنت مدلعة جدااا البنت الوحيدة ، كنت متعودة كل يوم الصبح أخرج الأرض بتاعت بابا اتمشى فيها واقطف الورد أو اقعد تحت شجرة التفاح ، ساعتها كان شغال عندنا في المزرعة عم يحى وابنه عادل .. كنت بشوفه دايما وهو بيبص عليا من بعيد وأول ما عيني تيجي في عينيه أنا اتكسف وهو كمان ، وفضل الحال بينا على كدة نظرات من بعيد لبعيد والنظرة بقت ابتسامة والابتسامة بقت صباح الورد يا آنسة مليكة ومعاها وردة ، لحد ما بقينا بنتقابل كل يوم تقريبا يقولي قد ايه هو بيحبني وأنا أقوله أنه أول حب في حياتي فضل الوضع على كدة سنة كاملة ، كنت بحبه جداا ، لحد ما في مرة
سكتت وأغمضت عينيها تنساب الدموع من خلف جفنيها المغلقين قبضت كفيها بعنف تكاد أظافرها تمزق لحم كفيها من عنف ضغطها عليهم وصوته يتردد في عقلها ( أنتِ غلطتي يا مليكة ، أنتِ مذنبة عشان حبيتي واحد ما يستاهلش حبك ، وادتيله الأمان ، حسي بالألم يا مليكة )
فتحت عينيها لتهب واقفة جذبت حقيبة يدها تغمغم منفعلة :
- أنا همشي ، أنا همشي
تحركت صوب باب الغرفة تنساب دموعها قبل أن تمد يدها تفتح الباب سمعته يقول :
- اعتدى عليكِ؟!
أغمضت عينيها تقبض على مقبض الباب دون أن تفتحه تنهمر دموعها والمشهد يتجسد أمامها من جديد
Flash back
في السادسة صباحا كانت تنتظره في مكانهم المعتاد في حظيرة صغيرة للماشية تابعة لأبيها ، حين جاء تلك المرة كان بهِ خطبا لم تستطع أن تعرفه وقتها ، عينيه كانت حمراء للغاية حركاته كانت غير متزنة قليلا فقط ، اقتربت منه تسأله قلقة :
- مالك يا عادل ، أنت كنت بتعيط ولا ايه ؟ ، عينيك حمرا كدة ليه
اقترب منها خطوة تليها أخرى لتعود هي خطاها للخلف لتسمعه يسألها ساخرا :
- تفتكري يا مليكة أنا لو روحت طلبت ايدك ، أبوكِ فتحي باشا صاحب الأراضي دي كلها ، هيوافق يجوز بنته لابن المزارع ، زي قصة انجي وعلي بن الجنايني كدة
وضحك عاليا ، قطبت جبينها متضايقة مما يقول لتقرر الرحيل وتركه :
- عادل أنت تصرفاتك غريبة النهاردة أنا ماشية
تحركت لتخرج ما أن مرت من جواره قبض على مرفق يدها بعنف ،ودفعها للخلف بعنف مما جعلها تسقط على كومة قش كبيرة ، رفعت وجهها إليه تود الصراخ غضبا في وجهه إلا أن ما رأته جعلها تتراجع للخلف ، رأته يتخلص من قميصه يقترب منها لتبلع لعابها هلعا فتحت فمها لتصرخ تستنجد بأي شخص لينحني نحوها سريعا يكمم فمها بكف يدها ، لتطلق صرخاتها المكتومة داخل كفه تقاومه بشراسة تحاول دفعه بعيدا عنها ، عضت كف يده بقوة ليزيحه عن فمها يصفعها بعنف مرة تليها أخرى ضرب رأسها بعنف بالوتد الضخم المجاور لهم مما جعل صراخها ومقاومتها تخبو من الألم ، حركت رأسها للجانبين تنهمر الدموع من عينيها تتوسله :
- لا يا عادل أبوس أيدك ، بابا هيوافق والله هيوافق ، بس إنت ما تعملش فيا كدة ، أنا بحبك حرام عليك
ولكنه لم يسمع سوى صوت المخدر الذي يركض في عروقه الآن
Back
ارتجف كف يدها الممسك بالمقبض ، فتحت عينيها الحمراء حين سمعته يسألها :
- أهلك لاموكِ على اللي حصل
حركت رأسها بالإيجاب ومن بعدها بالنفي ، خرجت ضحكة ساخرة من بين شفتيها :
- لاء وآه ، قالولي اني ضحية وأن اللي حصل دا مش هيعيب ولا ينقص مني حاجة ، بس كنت بشوفها في عينيهم ، كنت بشوفهم وهما بيقولوا ياريتك ما عملتي كدة ، ومع ذلك عمر ما حد فيهم قالها ، بالعكس والدي كان حالف ليقتل عادل مش هيجوزهولي ويلم اللي حصل والكلام دا ، بس الغريب أنهم لقوا عادل مقتول وجثته متشوهة وكان شكلها بعش أنا عمري ما هنسى الذعر إللى على وشه وهو ميت ولا منظره يقول إن هو شاف العذاب كله قبل ما يموت ، وكان بابا أول المتهمين بس الحمد لله ما طلعش هو وخرج من القضية واتقفلت وما حدش عارف لحد دلوقتي مين اللي قتله !!
بعدها عرضوني على دكتورة نفسية عشان حالتي كانت أسوء حاجة في الكون ، كانت بتكلمني بأسلوب وحش وتزعق فيا وتقول إني السبب في اللي حصل ، بابا لما عرف بهدلها وبلغ فيها النقابة ، وأنا ..
________________
فتحت عينيها متأففة حين شعرت بدلغة قوية على ذراعها انتفضت مذعورة تنظر حولها ، تهاوت إلى الفراش من جديد منزل شداد زوجها !! ابتسمت ساخرة لا تعرف ما العمل الآن
هل يظنها أبيها مدمنة وبعثها لمصحة بعيدة لتتخلص من إدمانها ؟! ما حدث صباحا كان كارثيا لقد سبت والدته دون أن تعلم ولولا تدخل تلك الفتاة الجالسة جوار والدتها والتي عرفت أنها شقيقته لكانت في خير كان ، والدته تبدو كالسيدات الأشرار في المسلسلات الهندية
أجفلت على دقات على باب الغرفة فتحت الباب لترى تلك الفتاة من جديد ، شدادها نداها بإسم قطرة الندى ، لما أسمائهم عجيبة بذلك الشكل لما لم يسمونها اسم طبيعي ، رأت الفتاة تبتسم لها قبل أن تحادثها بود :
- أخيرا صحيتي يا عروسة بكفياكِ نوم ، يلا عشان تاكلي معانا ، عملينك شوية وكل يستاهلوا خشمك صُح
ابتسمت مرام لها بإصفرار تهمس مع نفسها ساخرة :
- ايه مسلسل القاصرات دا ، هيطلع شداد دا عبد القوي النجعاوي وبيتجوز البنات الصغيرين وهو شكله اصلا عنده خمسين سنة
نظرت لنفسها وهي تنزل السلم لتجد أنها لا تزال بنفس الملابس ، أمسكت شقيقته بكف يدها تصطحبها معها إلى غرفة الطعام ، رأت طاولة كبيرة الحجم عليها الكثير من الطعام وهو يجلس على رأس الطاولة يأكل لم ينظر إليها حتى ، جلست جوار شقيقته من الاتجاه الآخر بعيدة عنه ، تجلس والدته أمامها مباشرة ترمقها بنظرة حادة جعلتها تغتاظ كثيرا لتأفف تسألها متضايقة :
- لاء ما هو كدة كتير بجد ، ممكن أعرف حضرتك بتبصيلي كدة ليه ، أنا بجد مش فاهمة
انتفضت حين ضرب بكف يده سطح الطاولة بقوة وسمعت صوته الخشن يحذرها :
-كُلي من سكات يا مصراوية ، ما فيش كلام على الوكل عندينا ، ونامي بدري إحنا أهنه بنصحى مع الفجر
لفت رأسها تنظر إليه معصوقة ابتلعت لعابها تحادثه مرتبكة :
- أنا ما بعرفش اصحى بدري ما اتعودتش اصحى بدري ، بيجيلي صداع بشع لو صحيتي بدري
ضحك يسخر منها :
- هبجى اجبلك برشام للصداع يا مصراوية
صحيح خدي موبايلك اهو
ابتسمت سعيدة قامت من مكانها سريعا تتجه إليه مد يده في جيب جلبابه يخرج لها هاتف قديم صغير عتيق الطراز نظرت لما في يده لتقطب جبينها تصرخ فيه :
- دا مش موبايلي ، أنا موبايلي ايفون ... أنا عايزة موبايلي ، هو انتوا فاكرني مدمنة جايبني مصحة علاج إدمان من الموبايل ، انتوا مش طبيعين أنتوا مرضى أكيد
احتدت عيني شداد غضبا وقبل أن يهب واقفا فعلت والدته تحرك نحوها تقبض على مرفق يدها تصيح في وجهها بعنف :
- اسمعي يا بت عمرو ، أنا مستحملة وجودك اهنه ، عشان ولدي ... كلمة زيادة وهجطعلك لسانك
ارتجفت تنظر لتلك السيدة المخيفة لتراها ترمقها بنظرة حاقدة تشع كراهية ، تلك السيدة لديها مشكلة شخصية مع أبيها على ما يبدو !!
جذبت ذراعها من يد تلك السيدة تحاول الابتعاد عنها تصرخ مرتبكة :
- لاء مش فاهمة أنا موجودة هنا غصب عني ، أنا عايزة أرجع بيتي أنا مش عاوزة أفضل هنا
أنا بكرهكوا كلكوا ، رجعوني لبيتي أنا عايزة ماما !!
كانت تبدو كطفلة خائفة في الخامسة من العمر تنظر لمن حولها مذعورة ، اقتربت من قطرة الندى منها تود عناقها لعلها تهدأ قليلا :
- ما تخافيش يا مرام
لتقم مرام بدفعها بعيدا عنها بعنف مما جعلها تسقط أرضا على ظهرها بعنف ، صرخ شداد باسم شقيقته مذعورا ليهرول إليها يرفعها عن الأرض يسألها قلقا :
- أنتِ كويسة ، ضهرك اتخبط جامد عشان العملية اللي كنتي عملاها فيه
ابتسمت تطمأنه أما هي فكانت تنظر إليه مدهوشة ، يستطيع التحدث مثلها لا بلهجته الصعيدية الغريبة ... حمل شداد شقيقته يحادثها قلقا :
- لاء بردوا تعالي هنروح للدكتور
وتحرك بها للخارج سريعا وقبل أن تعي ما يحدث صرخت من الألم حين قبضت تلك السيدة على خصلات شعرها بعنف تحركها في يدها وكأنها لعبة تتوعدها :
- لو بنتي جرالها حاجة مش هيكفيني فيها عمرك كله يا بت عمرو
ومن ثم دفعتها بعيدا بعنف ليرتطم وجهها بحافة إحدى الطاولات وتنزف الدماء من أنفها !!
_____________
تحرك في الغرفة ؤ قدمه تعرج قليلا ولكن الطبيب أخبره أن كل ذلك عرض مؤقت سيتلاشى شيئا فشيء مع استمرار الحركة لا يزال غاضبا منها وجداا يرفض التحدث معها حين أخبرته أنها تود الحديث مع والدتها وافق بإيماءة من رأسه وها هي هناك منذ ساعة تقريبا في غرفة والدتها ولكن يا ترى هل أخبرتها بشيء ؟!
في غرفة كاملا ارتمت طرب بين أحضان والدتها تبكي بعد أن قصت عليها كل ما حدث منذ أن ظنوها قد ماتت إلى تلك اللحظة ، بينما كاملا مصعوقة لدرجة التجمد عينيها جاحظة تنزل منها الدموع ، لا تصدق أن ابنتها عانت من كل ذلك لتحافظ على شقيقتها الصغرى ، شددت عليها بين أحضانها تصرخ بلا صوت كل ذرة ترتجف من الألم لما سمعت من ابنتها ، ابتعدت طرب عن والدتها رفعت يديها تمسح الدموع عن وجهها تحاول أن تهدئها :
- عشان كدة ما كنتش عاوزة أقولك يا ماما ، بس صدقيني أنا دلوقتي كويسة ورعد بيحبني أوي ، وعمي جاسر بيعاملنا زي بناته ، وأنا في أقرب وقت هقوله على عُدي وعلى خطته القذرة مش هسكت
هنا انتفضت كاملا تمسك بيدي ابنتها تحرك رأسها للجانبين تحادثها سريعا :
- لاء طبعا ما تقوليش ليه حاجة ، أكيد هيفتكرك لسه بتخدعيه تاني ومش هيأمنلك وهيخلي رعد يسيبك ، طرب خلاص اللي فات يتقفل عليه ، اوعي تقولي حاجة لجاسر ... وحسني علاقتك برعد روحي صالحيه على الهبل اللي أنتِ قولتيه دا ، صدقيني جاسر مش هيرحمك لو عرف أنك كنتي بتكذبي عليه وعدي دا تعبان بتقولي مصورك وانتي بتحطي الزفت في كوباية رعد ، يعني هيلبسهالك أنتي ، اسمعي كلامي يا طرب عشان خاطري يا حبيبتي
لم تقتنع طرب تمام الاقتناع بما تقول والدتها ولكنها وافقت عليه ، قامت من مكانها تودعها خرجت من الغرفة تغلق الباب عليها ، لتتحرك كاملا بخطى بطيئة إلى حقيبة ثيابها تفتحها من الجانب لتخرج هاتف منها ، دخلت إلى المرحاض تغلق الباب عليها تطلب الرقم الوحيد على ذلك الهاتف ، ظل يدق إلى أن سمعته يجيب فردت هي :
- ايوة يا عُدي ، أنا كاملا !!
ابتلعت طرب لعابها مرتبكة حين دقت فتحت باب الغرفة ورأت رعد يجلس أمام التلفاز يشاهد فيلم عربي قديم !! ، اقتربت تجلس على الأريكة جواره تلتصق به لينزاح بعيدا عنها ، زمت شفتيها تقترب أكثر تلتصق به من جديد تغمغم مدهوشة :
- دعاء الكروان بتاع المهندس ، شوف اللي بيقول ما بحبش الأفلام العربي وعقدة الخواجة هتموته
طالعها بجانب عينيه يرميها بنظرة ساخرة قبل أن يوجه تركيزه للفيلم أمامه ، تأففت تمد يدها تأخذ منها جهاز التحكم عنوة تُغلق التلفاز
ليتأفف حانقا تركها وتوجه إلى الفراش يوليها ظهره ، لتُعيد تشغيل التلفاز من جديد على أغنية صاخبة للغاية جعلته ينتفض من الفراش يفصل الكهرباء عن التلفاز ، تحرك ليعود للفراش لتقف أمامه تمنعه من ذلك تغمغم سريعا:
- خلاص بقى يا رعد مش هنفضل حركات العيال دي طول الليل ، أنا آسفة بجد آسفة والله لو الغباء اللي أنا قولته دا زعلك كدة ، حقك عليا بقى عشان خاطري ، طب فاكر لما كان في جنينة الحيوانات والأسد فك
أشاح بوجهه حتى لا تراه وهو يبتسم على تلك الذكرى الغريبة المرعبة لتسارع هي تقول متلهفة :
- صحيح هي الصورة اللي اتصورناها فين أكيد ضيعتها
تحرك إلى درج المكتب الصغير يفتحه ليخرج الصورة التي جمعتهم هما والشبل الصغير ، اقتربت طرب منه تأخذ الصورة تبتسم سعيدة قبل أن تخبو ابتسامتها تغمغم مغتاظة :
- بردوا اتنصب عليك ودفعت فيها مبلغ كبير
نظرت إليه عدة لحظات قبل أن تضع الصورة جانبا اقتربت بخطواتها منها تقف على أصابعها تلف ذراعيها حول عنقه ، نظرت لحدقتيه التي تعاتبها في صمت قبل أن تهمس بصدق:
- أنا بحبك أوي يا رعد ، وبجد مش متخيلة حياتي الجاية من غيرك ، يمكن عشان كدة خوفت أوي لما ما لقتكش ودا اللي خلاني أقولك الكلام السخيف دا ، حقك عليا ...أنا آسفة ما تزعلش مني
وأخيرا ابتسم يومأ برأسه لها موافقا عانقها بقوة كاد أن يقول شيئا في قمة الرومانسية قبل أن تبتعد هي عنه تغمغم مغتاظة :
- بس على فكرة بقى دي عين عمتك ، هي الست دي مش طايقاني من ساعة ما شافتني ، ولا كأني واكلة ورثها
ضحك يسخر مما تقول قبل أن يحملها بين ذراعيه ناسيا ومتناسيا كل شيء بين أحضانها
_____________
أوقف سيارته أمام منزل أبيه ، نزل منها يدندن بلحن أغنية من الكارتون القديم ، فتح الباب ودخل ليجد والداه في باحة البيت ، تحرك لأعلى ليسمع صوت أبيه يسخر منه :
- ما فيش سلام عليكوا حتى ، أنت داخل على يهود ؟!
التفت لوالده يرسم ابتسامة واسعة مجاملة على ثغره يردف :
- و عليكم السلام حلو كدة ، أنا طالع انام عشان هلكان
التفت ليغادر من جديد لينادي عمرو باسمه حين التفت له سأله أبيه محتدا :
- أنت سألت على أختك ، اطمنت عليها بعد ما كانت ماشية منهارة الصبح
رفع كتفيه لأعلى لا مباليا كعادته ابتسم يردف ساخرا:
- هتكون عاملة ايه يعني ، وبعدين أنت اللي مشيتها مش أنا ، هتلاقيها مطلعة عين الناس اللي معاها ، دي عيلة جاحدة وما عندهاش قلب
ابتسم علي يسخر منه :
- لا وأنت مجدي يعقوب أوي في نفسك وخبير القلب ، اطلع يا جواد شوف مراتك
لم يهتم بما يقال وأخذ طريقه لأعلى ليتناهى إلى أذنه صوت والدته وهي تهمس بحرقة :
- يا رتني ما سمعت كلامك يا رتني ما وافقتك ، طب أنا كنت بحبك من قبل حتى ما بابا يخلينا نتجوز ، إنما بنتك ما تعرفش سليم أصلا
قطب جبينه متعجبا مما يسمع ، سليم من ؟! في تلك اللحظة تذكر أن المأذون لم يذكر اسم شداد تماما في عقد القران ، إذا شداد هو لقب له !! ، أرهف السمع ليجد أبيه يرد يحاول طمأنة والدته :
- اهدي يا روان ، أنا مش عايزها تحبه وهي اصلا مش هتحبه ولا سليم هيحبها وأنا وأنتِ عارفين ليه ، وعارفين ليه بردوا أنا بعت مرام بعيد ، عشان كل ما اقترح نعمل حاجة تقومي معيطة وتقولي لا مرام إزاي تبقى بالقسوة دي
دلعك الزايد ليها ، وإهمالك لجواد هما اللي وصلونا للطريق وأنا مش بلومك أنا مقصر قبلك ، خليني أحاول ألم اللي اتبعتر بقى
ابتسم جواد ساخرا وأكمل طريقه إلى غرفته ، فتح بابها فجاءة دون مقدمات ليجد نور تجلس على الأريكة المجاورة للشرفة تنظر للحديقة ، وقفت حين دخل للغرفة تعطيه ابتسامة صغيرة ، التقطت ورقة صغيرة وكتبت له
( هنزل اجبلك الأكل ، أكيد جعان )
وتحركت للخارج حين مرت من جواره توسعت حدقتيها وضمت شفتيها بعنف حين حملها بين ذراعيه بغتة ، ورأت في عينيه ما يود فعله وسمعته صوته العابث يغازلها :
- دا أنا واقع من الجوع !
______________
في صباح اليوم التالي باكرا في منزل شهاب
دخلت سارة إلى غرفة شقيقها لتوقظه ، وخرجت منها بعد لحظات تبكي هرعت إلى شقة شقيقتها حنان المقابلة لهم تدق الباب ، فتحت الباب لها لتُفزع من مشهدها الباكي تسألها مذعورة :
- مالك يا سارة بتعيطي ليه يا حبيبتي ، شهاب كويس
زاد بكائها بقوة تنظر لشقيقتها تتابع شهقاتها في الخروج :
- شهاب زعقلي جامد أوي يا حنان ، وطردني من اوضته لما روحت أصحيه عشان الشغل زي كل يوم أنا ما عملتوش حاجة والله
جذبت حنان شقيقتها إلى أحضانها تربت على ظهرها برفق تهدئها :
- خلاص يا حبيبتي بطلي عياط ، أنا هدخل اديه بالشبشب على وشه عشان يبقى يزعقلك تاني ، ادخلي انتي خلي بالك من عائشة وأنا هروحله
اومأت سارة وتحركت لداخل شقة شقيقتها. وتحركت حنان إلى شقة شقيقها فتحت باب غرفته لتراه يرفع يده سريعا يمسح دموعه ، قطبت جبينها قلقة تحركت للداخل جلست على حافة الفراش ليوليها ظهره سريعا لتجذب الغطاء من فوق رأسه تحادثه قلقة :
- شهاب أنا عارفة انك صاحي قوم يا شهاب ، في اي يا حبيبي مالك ، وبعدين أول مرة تزعق لسارة دي مفحومة من العياط
هنا هب واقفا عينيها حمراء من أثر البكاء يحيط بعينيه دائرة سوداء لم ينم منذ الأمس ، أمسك بيد شقيقته يغمغم سريعا :
- بتعيط ، طب بالله عليكِ يا حنان راضيها ، أنا استغبيت وشخطت فيها جامد.
مدت حنان يدها تزيح غرته من فوق جبنيه تسرح خصلات شعره بأصابعها برفق تحادثه برفق :
- حاضر يا حبيبي ، ممكن تقولي بقى مالك ، وايه في الدنيا يستاهل أنك تعيط عشانه
ظل ثابتا عدة لحظات قبل أن يرتمي بين أحضان شقيقته وانفجر في البكاء :
- أهانها وكسرها يا حنان ، ولو تشوفي شكلها وهي ماشية في الشارع بتعيط ، خوفت لتعمل حاجة في نفسها مشيت وراها ، ولما رجعت الشغل البيه حاول يهني ويركبي مسرح قدام الموظفين ، فهزقته وسيبت الشغل ، أنا خسرت دلوقتي كل حاجة ، بقيت عاطل ...أنا مش فارق معايا غير سارة المدرسة والدروس ولبس المدرسة وأدواتها والأكل ليها ، أنا في ستين داهية
تركته حنان إلى أن توقف عن البكاء تماما قبل أن تبعده عنه أمسكت ذراعيه بين كفيها تحادثها بنبرة حادة :
- أنا اقولك تعمل ايه !!
___________
مر أسبوعين وعليه هو اليوم الأخير في امتحانات الثانوية العامة انتهى جميع الطلاب من الامتحان فرحين انهم أخيرا تخلصوا من ذلك الكابوس المخيف ، خرج يوسف يبحث عن ملاك سيحادثها بأمر خطبتهم ، سأل إحدى الفتيات عنها فأخبرته أنها بالمرحاض ، توجه إلى الباحة الخلفية حين مرحاض الفتيات ينتظر بعيدا حين وجد فجاءة يحى ومعه مجموعته يلتفون حوله نظر لهم مترقبا حذرا في حين ضحك يحي ساخرا يتوعده :
- مش أنا قولتلك اشتري صداقتي يا چو ، اتريقت وما سمعتش كلامي ، غلطت وأنا جاي احاسبك
شعر يوسف بالغضب الشديد ليقبض على تلابيب ثياب يحى يقربه منه يسخر مما يقول :
- وأنت فاكر أنك هتخوفي أنت وشوية العيال دول ، يلا يا حبيبي شوف طريقك ، يلا يا كوكو ما تنحش
استفزت كلمات يوسف ، تامر صديق يحى المقرب ليجذب جزع شجرة سقط في الحديقة خلفهم ينزل به بعنف على رأس يوسف ، صرخ الأخير من الألم شعر بالدوار الشديد واختل توازنه ليسقط أرضا بينهم وضع يديه على البساط من العشب يحاول أن يقوم وقبل أن يفعل بدأوا يتكالبون عليه وضربه !!
_____
تمطأ جواد في فراشه يبتسم سعيدا الأيام الماضية كانت أسعد أيام حياته قضاها جميعها بين أحضان نور ، أعطى كل من في المكتب أجازة وقرر أن يتنصل من العمل ويتفرغ لسعادته هو وهي فقط ، قام يجلس على الفراش ، نور بالأسفل تحضر لهم الإفطار ، علاقتها بأهل البيت تقتصر عليه هو ، وهو لا يريد أكثر من ذلك
قام متوجها إلى دولاب الثياب يلتقط البعض منها ، مد يده للرف العلوي يأخذ منشفة لتمسك يده مجلد صغير قطب جبينه يجذبه مجلد صغير اسود اللون من الخارج فتحه ليجد كلمات مبعثرة وخواطر معذبة !! ، وفي النهاية كتبت
( أنا بجد بحبك ، بحبك أوي يا شريف )
نور
شخصت عينيه يقرأ تلك الجملة مرارا وتكرارا شريف تحب شريف بعد كل ما فعله لها تحب شريف ، شريف ، التفت لها حين سمع صوت الباب يطالعها بأعين حمراء كالجمر يرفع المجلد أمام وجهها لتشهق مذعورة ويسقط الطعام من يدها في حين تقدم هو منها قبض على ذراعها يهزها بعنف يصرخ بعلو صوتخ يشعر بالنيران تحرقه بلا رحمة :
-شريف !! بعد كل اللي عملته عشانك ، بعد كل الحب اللي قدمته ليكِ ، تطلعي في الآخر بتحبي شريف ، اومال وافقتي تتجوزيني لييييه