رواية عشق الادهم الفصل الخامس والعشرون بقلم شهد السيد
يَخرجُ جمالُكِ عن السيطرة في كلِّ مرةٍ أراك فيها.
هبط من فوق دراجته الناريه يتقدم نحو الشباب المتجمعين ليلتفت أحدهم يبتسم بأتساع يصافحة ببعض القوة وهو يجذبة لأحضانه:
_الزوز أخويا اللى واحشني.
بادله زياد العناق بإبتسامة هادئة وصافح البقية ووقف جوارهم يتسأل:
_الكلام على أي.
أجابه أحدهم وهو يشير لأحد الواقفين ساخرًا:
_مفيش يامعلم المزة بتاعت أشرف رقم عشرة قالتله خلينا أخوات فى جاي مدايق وبيفكر يعوضها بـمين.
نظر زياد نحو أشرف بصمت متعجبًا بداخله كيف له أن يكون متصالح مع الأمر ويفكر بتعويضها ليكتمل العدد من جديد، رغم حديثه مع نفسه أن فراقها عنه أمرًا سهل إلا أن نفسه..لم تقتنع.
لكزة أحد الواقفين بحركه تلقائية حتي يشاركهم الحديث:
_لأ ياباشا زياد يكسب واراهن بخمسمية جنية على الكلام دا.
نظر زياد لهم بعدم فهم ليعطيه أحد الواقفين عود تبغ وتدارك نفسه يعاود سحبها:
_نسيت أنك مبتشربش.
رفض زياد إعطائها له واخذ منه القداحه يشعلها بصمت ليتحدث أشرف مازحًا:
_مش عاوز غير صورة وتتبعت لأخوك عشان يولع فينا جماعه.
لم يعقب زياد على حديث أشرف وابعد السجاره عن فمه يزفر دخانها ببطئ ليوجه أحدهم له الحديث:
_ها يازياد أي قولك.
من حديثهم الدائر فهم أن نور الواقف بجانبة راهن على أنه إذا شارك بسباق الدراجات الناريه مع صديق آخر لهم، حرك رأسه بالموافقة وهو يلقي بالسيجاره التي لم تنتهي.
جذبة نور نحو دراجته يحادثة بمزاح:
_أنا واخد من ابويا فلوس مذكرات مجبتهاش ومراهن عليك بالفلوس دي لو خسرت هاخدهم منك.
أبتسم زياد بهدوء وصعد فوق دراجته يديرها يأخذ نفسًا عميقًا، لم يدخن من قبل وكان يرفض تلك السباقات المتهورة ماذا هو بفاعل الأن.!
أطلق أحد الواقفين صفير عالي يعلن عن بدأ السباق، أندفع زياد بسرعه فائقة والرياح تقابله بعنف غير مُبالي بها والشاب الأخر خلفه ببضع خطوات والأخرون داخل سيارة تلحق بهم لتري من منهم الفائز، أدخل نور هاتفه بعدما ألتقط فيديو موثقًا ذلك السباق الجنوني والذي أكتسحه زياد ببراعه يتحدث مبتسمًا:
_مراهنتش عليه من فراغ الواد دا.
أجابه الجالس بالأمام:
_صورته حتى فيديو جامد ونزلته على التيك توك ساعتين وتلاقيه بقي ترند.
أعترض نور على فعلته:
_ياعم انتَ بتستهبل اخوه لو شافه هتبقي مشكله كبيرة.
سخر الآخر يجيبه:
_ولا مشكلة ولا حاجة هو زياد صابعه فـ بوقه ماهو عامل كدا بمزاجه، خليه يكبر شوية بقي ومش كل حاجة اخوه اللى قرفنا بيه.
أمتعض وجه نور بعدم رضا وصمت عازمًا على الحديث مع زياد.
« _____ »
أوقف سيارته بجوار سيارتها المصفوفه وهبط يتقدم منها وهي تعطيه ظهرها تستند بذراعيها فوق السور الحديدي، وبعنايه وضع معطف ثقيل فوق جسدها متحدثًا ببحته الرجوليه العميقه:
_ الجو برد، البسي.
رغم شعورها ببرود الشتاء القاسي وأرتعاش جسدها إلا أنها صمدت حتي يأتي، وها هو قد أتي يبعث الدفئ لقلبها كـعادته، أرتدت المعطف الخاص به وأغمضت أعينها للحظات تستنشق قدر كبير من الهواء تزفره بتروي وتعيد فتح أعينها تنظر له بصمت حاول تفسيره:
_فى حاجه حصلت يا ليلو.؟
مازالت صامتة تحاول أختيار الكلمات المناسبة لبدأ الموضوع معه، قلبها غير راضي عن حديثهم الذي سوف يبدأ، اومأ براسة بخفة يحثها على الحديث وإخراج ما تريد بإبتسامة هادئة ظهرت على ملامح وجهة:
_قولي يا ليلو سامعك، اتكلمي أي مدايقك.؟
خرج صوتها منخفض ومتحشرج كأن عقلها يخشي أجابته أن تكون كاذبه:
_هو انتَ أتقدمتلي ليه.؟
خرجت منه شبه ضحكه صغيره لسؤالها وأجابها وقد أتسعت أبتسامتة حتي ظهرت أسنانه بجاذبية طغت عليه:
_يمكن أول مره هقولهالك بس بصراحه ورغم كل اللى سمعته عنك قبل شراكتنا وبعدها عن شخصيتك النرجسية والمتسلطه إلا أني حبيتها، مكنتش بشوفها نرجسية كنت بشوف واحده عارفه قيمة نفسها وعارفه كويس هى أي وتقدر تعمل أي ودا من وجهة نظري مش غلط، كنت بحس بحنية جواكِ محدش شافها.
لم تظهر على وجهها أي ردة فعل وكأن برودة الطقس جعلت منها كائن ثلجي صامت، تقدمت تجلس على أحدي المجسمات الشبيهة بالارائك ولكنها صُنعت من أحجار ضخمة، تنظر نحو مياه البحر التي تتلاطم ببعضها بعنف شديد.
جزء حديثه اطفأ نيران عقلها التي كانت تتمثل فى أفكار متضاربة كـأمواج البحر تلك، جلس لجوارها ينظر لها يتسأل بنبرة دافئة تشعر بها تحتضن قلبها:
_مالك يا ليلو، احكيلي.
زفرت بتروي تبتسم بهدوء نسبي تُغير مجري حديثهم:
_عادي سؤال جه فى بالي، احتمال كبير أسافر بكرا.
عقد أدهم حاجبية بأستغراب وتساؤل يجيبها بأستفسار:
_فين و ليه.؟
أرجعت ظهرها للخلف تشرح ماحدث:
_جالي فاكس من واحد من فترة أنه طالب يقابلني عشان تفاصيل مول تجاري فى مرسي مطروح عاوز الشركه تتولي إنشائه وحددنا معاد من يومين تقريبًا بس أجله لأن مراته تعبت ومكنش هينفع يسيبها لوحدها ويجي وعرض عليا أنا اروح ومنها يبقي دراسه للمكان اللى هيتبني عليه المول، عمومًا كـ تفاصيل بدائيه هيبقي مشروع كويس ومفيش أختلاف بينا.
ظل صامتًا يستمع لها بتعابير غير مُفسره وتحدث بهدوء:
_وانتِ اي حد يكلمك عشان شغل تسافريله تسافري.؟
حركت شفتيها بأستهزاء تنظر له بطرف عينها:
_أكيد لأ، أنا سألت على الراجل كويس وراجي كمان طلع عارفه واحتمال يجي معايا عشان لو الموافقه تمت نمضي العقود، وافضل هناك كام يوم لحد ما أطمن على الشغل وبعد كدا كل فتره أروح، انتَ عارف بحب أتابع الشغل بنفسي.
همهم أدهم وصمت للحظات قبل أن ينظر نحوها يجيبها دفعة واحده:
_بس أنا مش موافق!
كأنها لم تسمعه فى البدايه والتفتت له تحاول إدراك ما تفوه به، أليس هذا ماكانت تدافع عنه منذ قليل.!
حاول أدهم توضيح وجهة نظره حتى لا تفهم إعتراضه بطريقه خاطئة:
_ليليان انتِ عارفه إني بحبك، غصب عني بلاقي نفسي بغير من شغلك واهتمامك الكبير بيه، حتي بعد الجواز مش هستحمل إنك تسافري وتتعاملي مع رجالة بشكل كبير زي تعاملاتك دلوقتي.
أحتدت نبرة ليليان تجيبه:
_بس دا شغلي يا أدهم ودي حياتي، أنا مش تعاملاتي معاهم مرقعه والله وانتَ شوفت دا بنفسك وجربته كمان.
حاول تبرير موقفه بإندفاع:
_أنا عارف بس على الأقل غيري مجال شغلك.
ضغطت على كف يدها بقوة تسخر منه:
_أغير أي، دا شغل ابويا وشغلي من بعد ما مات، شغلي اللى تعبت فيه لحد ما بقيت ليليان السيوفي اللى انتَ عارف كويس هى مين، وحتى لو المستحيل بقي حقيقة هعمل شركة للسيدات فقط.!!
نهضت غير تاركه له مجال للحديث من جديد تتجه نحو سيارتها بخطوات سريعة:
_أظن كلامنا فى الموضوع دا أنتهي ولو عاوزة ينتهي بشكل عام تقدر فى أي وقت تيجي تاخد شبكتك.
وقف وشعر أن قدميه عاجزتان عن اللحاق بها، هو لا يستطيع التفريط بها بعدما وجدها لكن رغمًا عنه يشعر برغبه فى وضعها داخل علبه زجاجية ويحتفظ بها بأحضانه دائمًا، تقدم يصعد لسيارته يحاول اللحاق بها و الإعتذار عما صدر منه.
« _____ »
أستيقظت بوقت متأخر بعدما عادت من الإختبار تحتضن الفراش لتحظي بنوم هادئ وعميق بعد صراع طويل مع عقلها، أمسكت هاتفها تفتحه، الآن تستطيع تفريغ عقلها لبعض الوقت بعدما أنهت إختباراتها اليوم.
وكم أفتقدت أطمئنانه عليها بعد كل إختبار.!
فتحت إحدي المواقع المشهورة للفيديوهات القصيرة تشاهدهم بملل وبعض الشرود، إتسعت أعينها وأستقامت سريعًا تعيد مشاهدة الفيديو مرارًا وتكرارًا، هو تكاد تقسم أنه ليس بشبيه له، حتي وإن كان مجرد شبه هل لشبيهه الدراجة ذاتها.؟
نظرت لعدد الإعجابات الذي تخطي النصف مليون بثلاث ساعات فقط والكثير والكثير من التعليقات المعجبه به من الفتيات متمنين زواجهم به فقط لأنه وسيم ويقود بتهور.!!
قرأت التعليقات الموجودة وعقلها يكاد يشتعل منه تشعر برغبه شديدة بمحادثته الآن.!
_أحلي سوابق شوفته فى حياتي.
_تلاقي أمك اللى جيباهالك.
تحركت أصابعها بغضب شديد ترسل له المقطع ومعه بعض علامات الإستفهام لكنها تفاجأت بأنه قد قام بحظرها.!!
هو من قام بفعلها وليس العكس، تركت الهاتف من يدها بعصبيه تجذب خصلات شعرها بعصبيه شديدة قبل أن تمسك بالوساده تكتم بها صرخاتها:
_حقيييير.
« _____ »
بعد مرور يومين...
زفر بضيق يمسك هاتفه الذي صدح يقطعه عن إكمال عمله، هو بـ الأساس كان يحاول تصنع الإنشغال بالعمل!
وجده رقم دوليًا، أستغرب الأمر فى البداية إلا أنه أجاب بصوت هادئ رزين يتسأل عن هوية المتصل لتأتيه الإجابه الصادمه:
_أدهم..أنا كمال أبوك.
ظل صامتًا يحاول إعاده عقله للعمل، إنقطع أتصال والده عنهم منذ ما يقارب سنتين أو اكثر لا يتذكر تحديدًا لكن الأهم ما جعله يحادثه الآن.!!!
فاق من شرودة على صوت كمال الذي عاد حديثه:
_أدهم..انتَ سامعني يابني.؟
حمحم يجيبه بهدوء أقرب للبرود وكأنه يحادث أحد الموظفين:
_اهلًا يا أستاذ كمال.
أبتسم كمال للجالسه جواره بثقة لتزفر هى بضيق تشير له بالأستعجال وإنهاء المكالمه:
_كنت عاوز منك خدمه يا أدهم يابني.
ترك أدهم القلم من يده يبتسم بسخريه مرددًا:
_أتفضل.
زفر كمال يرتب حديثة قبل أن يبدأ بالتفوه به:
_أدهم أنا واقع فى مشكله كبيرة محدش هينجدني منها غيرك، أكيد مش هترضي الأذي لأبوك.!
ظهر التحسر بأعين أدهم يجيبة بنبرة مريرة مُتحسره:
_بس انتَ رضيتلي الأذي.!!
زفر كمال طويلًا يتحدث بنفاذ صبر:
_أدهم ياريت منفتحش فى القديم، أنا مديون والناس رافعين عليا قضية أنا كدا هتحبس انتَ لازم تساعدني.
أرجع أدهم ظهره للخلف يحرك الكرافت ببعض القوه حتي نزعها يلقيها على الأريكه يشعل سيجارته يجيبه بأقتضاب:
_عاوز كام.؟
أبتلع كمال لعابه بتوتر قبل أن يجيبه:
_100 ألف دولار.
أنتفض أدهم بجلسته وقد أتسعت أعينه يجيبه بصياح غاضب:
_نعم!!
هو انتَ تستلف الفلوس تسرمح بيها الهانم وعيالها وتيجي تقول أنجدني.
نظر كمال للجالسه جواره تبتسم بسخريه وشماته به من رد فعل أدهم، غضب كمال يصيح بغضب مماثل:
_انتَ ناسي أن الشركة فى الأول والآخر شركتي ومتنازلك عنها بمزاجي ولا أي.
-متنازلي عنها بعد ما فلستها وهربت وشيلتني الليله راجع تقول بتاعتك.!!
_الفضل الأول يرجعلي هو لولايا كنت عرفت تبني شركة عشان تسدد الديون، انتَ لقيت الشركة موجودة ومحتاجه تقف على رجليها مش أكتر.
-نهايته...ملكش عندي فلوس مش هشيل شيلة مراتك وعيالها.
_خلاص أقبل على ابوك أنه يتحبس والخبر ينتشر ويعرفوا إن أدهم باشا الشرقاوي سايب ابوه مرمي فى السجن، والأهم السنيورة بتاعتك تعرف إنك جاحد على أبوك وقابل عليه الحبس عشان تقرف بعديها تبص فى وشك.
زاغت أعين أدهم بأرجاء الغرفه بقلق قبل أن يعاود الجلوس على مقعده من جديد، هو كان ينوي مساعدة كمال لكن هو يعلم جيدًا أن إستدانة هذه الأموال كان على يد تلك السيدة التي كانت سببًا بشلل والدته قبل
وفاتها فـلم يطاوعه قلبه بمساعدتهم او بالأخص مساعدة جايدا زوجة والده.
السؤال الأهم الآن هل من الممكن ان تراه ليليان قاسي وتشمئز من رؤيته.!!
أكمل كمال حديثه وهو واثقًا من قدوم أدهم:
_بكرا تتشقلب وتتصرف وتحجز طياره وتجيلي، هقابلك لما توصل.
وأنهي المكالمه دون سماع موافقته، ولأول مره منذ زمن يشعر أدهم أنه بحاجه لعناق حتى ينفجر باكيًا، لكن حبيبته مازالت غاضبه ترفض محادثته كالسابق، إلي من يلجئ الآن سواها.!
التمعت أعينه بسحابة كثيفه من الدموع، بالماضي أرتضي والده له الأذي والوحده بين ظلمات الحياة ومواجهة الدائنين وحديث الناس اللاذع عن هرب والده، يحتاجها وما اسوأ الإحتياج.!!!!