رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم دينا جمال


 رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الخامس والعشرون

بناء على رغبة القراء هنحط في بداية كل فصل كل عيلة بولادها عشان الناس اللي لسه بتتلغبط 
جاسر ورؤي أبطال الأجزاء اللي فاتت عندهم 6 أولاد رعد وجوري أول تؤام 
يوسف ومريم تاني تؤام 
سليم وياسين آخر تؤام
----------------
نرمين أخت جاسر اللي جاسر كان بينتقم من صبري وبنته شاهندا عشانها 
نرمين وياسر جوزها عندهم 2 
( جاسر الكبير 29 سنة دكتور نفسي 
اريج في 2 كلية طب )
ياسر كان ليه بنت من مراته اللي ماتت قبل ما يتجوز نرمين اسمها سما جوزها اسمه مصطفى
______________
عاصم أخو رؤي خال العيال اللي كان بيحب تهاني واتجوز حلم في الجزء التاني عنده ولدين 
حسين الكبير مهندس ، مراد الصغير في ثانوية عامة ساقط سنة 
_____________
رؤى كان ليها جيران أخ وأخت ساكنين سوا اللي هما عمرو وايمان 
ايمان اتجوزت علي صاحب جاسر وعندها شريف الكبير ظابط شرطة ، وليان الصغيرة المدلوقة على الجاموسة جواد 
_________
أما عمرو فاتجوز روان بنت صاحب الشركة اللي كان شغال فيها وخلف ولد وبنت 
جواد جاموسة متنقلة مهندس ديكور 
ومرام دلوعة ماما 22 سنة في كلية إعلام ومخطوبة لشريف ابن عمتها 
_______
فاضل طرب وملاك ، ومليكة وتوحة وكل الناس دي هنعرف اصلهم وفصلهم فيما بعد 
لما تتلغبط اطلع بص هنا وكمل الفصل عادي 
نبدأ الفصل❤
_________
- بس على فكرة مدام كاملا مامت طرب وملاك عايشة 
التفت الجميع صوب تلك الجملة التي خرجت من فم الفتاة الواقفة جوار جاسر ... توسعت حدقتي طرب ذهولا لا تصدق ما تسمع هرعت إلى الفتاة تسألها متلهفة تملأ عينيها الدموع :
- أنتِ إزاي بتقولي ماما عايشة ماما ماتت من سنين ، أرجوكِ ردِ عليا فهميني
مدت أريچ يدها إلى جيب سترتها تخرج هاتفها منها ، بعد بحث بسيط وصلت إلى صورة ما ، قبل أن تمد يدها بالهاتف صوب طرب تحادثها :
- هي دي مامتك ؟
التقطت طرب منها الهاتف يديها ترتجف بعنف نظرت للصورة أمامها لتشهق بقوة تضع يدها على فمها ، والدتها ؟ نعم هي ... ها هي أمامها بعد سنوات ، بعد أن ظنتها ميتة كما اخبروها 
نزفت عينيها الدموع ؛ لتركض صوب رعد ترفع الهاتف أمام وجهه تحادثه بحرقة :
- ماما يا رعد ، ماما أهي ، ماما عايشة ... ابوس ايدك وديني عندها 
حرك رأسه سريعا يحاول أن يجعلها تهدئها :
- حاضر يا طرب والله هخليكِ تروحيلها ، اهدي بس 
ومن ثم نظر لأريچ يسألها :
- أنت تعرفيها منين يا أريچ والصورة دي إنتِ صورتيها فين ؟
ارتبكت أريچ خاصة وإن أعين الجميع مصوبة عليها ؛ لتتمسك في ذراع جاسر الواقف جوارها فتولى هو دفة الحديث :
- مدام كاميلا في الجزء الخيري في المستشفى بتاعتك يا خالي ، هي وأريچ أصدقاء بقالهم أكتر من سنة ، إنما هي في المستشفى اعتقد بقالها سنين ، ست طيبة ومعظم الوقت ساكتة كلامها قليل جداا 
هطلت الدموع من عيني طرب تنظر صوب زين تبكي بعنف :
- ماما عايشة يا زين ، كانوا بيكذبوا علينا ، ماما ما ماتتش 
أمسك رعد بكف يدها يحادثها مترفقا بحالها :
- اهدي يا طرب هنروحلها ، اهدي لحد ما نتأكد بردوا وما تقوليش حاجة لملاك على ما نرجع 
حركت رأسها بالإيجاب سريعا تتشبث بكف يده قبل أن تتحرم سمعت زين يقول :
- أنا هاجي معاكوا يا طرب 
جذب رعد طرب بحدة لتقف خلفه في حين تقدم هو صوب زين قبض على إحدى دفتي قميصه يحادثه غاضبا :
- بقولك ايه يا جدع أنت ، اتفضل مع ألف سلامة شوف طريقك أنا مستحملك بالعافية بدل ما اكسرلك رجلك التانية ومعاها دماغك 
هنا تحرك عاصم سريعا يفصل بينهما يغمغم على عجل :
- اهدا يا رعد مش كدة ، أنت كنت جاي ليه صحيح يا زين 
مد زين يده بالملف صوب عاصم يعرف أنها حجة واهية أن يأتي لهنا بصحبته ذلك الملف متحججا أنه يريد توقيع عاصم عليه ، ولكنه كان يرغب وبشدة في طرب وملاك :
- الملف دا مهم حضرتك لازم توقعه وتقراه كويس ، أنا آسف بجد لو عملت مشكلة بس مدام كاملا ليها فضل كبير عليا ومش مصدق بصراحة أنها عايشة فعايز اشوفها ، يمكن ربنا بعتني هنا دلوقتي عشان اعرف أنها عايشة 
اومأ عاصم برأسه موافقا على ما يقول ليلتفت لرعد يحادثه :
- مش هيحصل حاجة يا رعد ، وبعدين هو هيمشي وراكوا بعربيته مش هيبقى معاكوا 
روح يا ابني على عربيتك 
تحرك زين تحت أنظار جاسر إلى خارج البيت ابتلع لعابه متوترا حين لاحظ نظرات جاسر الحادة المصوبة نحوهه وكأنه يخبره أنه اكتشف أمره ، التفت جاسر إلى رعد يغمغم :
- معلش يا ياسر هتيجي معانا ، يلا يا رعد هات مرات ومش عايز كلمة تالتة لحد ما افهم ايه الحوار دا 

- حوار ايه يا جاسر بالظبط واحدة ما تعرفش امها عايشة ولا ميتة ، أنا نفسي اعرف رعد جابها منين دي؟!
قالتها نرمين ساخرة وهي تنزل درجات السلم ، أحمر وجه رعد غضبا كاد أن يرد حين تحرك أبيه صوب شقيقته يعاتبها بحدة :
- نرمين ، أنتِ أختي الكبيرة وأنا بحترمك وعمري ما سمحت لحد يزعلك بس أنتِ كدة زودتيها أوي أوي كمان ، طرب دلوقتي من عيلة مهران كرامتها من كرامة ابني وكرامة ابني من كرامتي وأنتِ عارفة أنا ما اسمحش لحد يهين كرامتي أبدا 
والتفت وتركها يغادر المنزل بصحبة ياسر زوج نرمين ورعد وطرب ، حمحم محمود ينظر لوالدته :
- مش يلا إحنا ولا ايه 
وقفت والدته توافقه الرأي تحرك رأسها صوب فاطمة :
- يلا يا فاطمة ، يلا يا بنتي قبل ما الليل يليل علينا 
اقتربت رؤى من فاطمة تحاول أن تمنعها تحادثها متلهفة :
- ما تخليكِ يا فاطمة بالله عليكِ 
ابتسمت فاطمة تعانق شقيقتها تطمأنها :
- معلش أنا مرتاحة مع طنط صفاء وهي واخدة بالها مني زي ماما الله يرحمها ، هكلمك لما أروح تفهميني اللي بيحصل 
اومأت رؤى لها غير راضية عما يحدث إطلاقا ، لتنسحب فاطمة وصفاء ومحمود بعد الكثير زن السلامات 
تحركت نرمين بخطى حادة صوب حقيبتها تلتقطها من فوق أحد المقاعد تنظر صوب ولدها :
- أنا كمان همشي هتروحني ولا أخد تاكسي زي ما أنت شوفت أبوك راح مع خالك 
زفر جاسر أنفاسه ساخرا والدته تشتاط غضبا وهب المخطئة من الأساس ، حرك رأسه بالإيجاب يوافقها :
- حاضر يا ماما ، اتفضلي حضرتك ، عن إذنك يا مرات خالي ، يلا يا روچا 
وتحركوا جميعا للخارج ؛ لتقترب رؤى من شقيقها وقفت جواره تحادثه قلقة :
- ما تمشيش أنت كمان يا عاصم
ابتسم لها يلف ذراعه حول كتفيها يقبل قمة رأسها :
- ما تقلقيش ما كنتش همشي كدة كدة غير لما جوزك يجي وافهم منه في اي ...
ومن ثم نظر لزوجته يغمغم ساخرا :
- حلم الساعة 8 ونص مسلسل مش عارف ايه كدة زمانه بدأ
شهقت حلم مذعورة تلتقط جهاز التحكم تبحث عن غايتها إلى أن وجدتها لتتنفس الصعداء :
- لسه بيبدأ ، تعالي يا رؤى مسلسل جزيرة غمام اهو 
تركت رؤى عاصم وتوجهت تجلس جوار حلم ؛ ليضحك عاصم عليهم يضرب كفا فوق آخر 
جلس إلى الأريكة خلفه يفتح الملف في يده 
______________
 تحركت سيارة جاسر راضي في الطريق بسرعة معتدلة ينظر لوجه والدته الجالسة جواره بين حين وآخر ، نظر للمرأة أمامه ليجد أريچ تضع سماعتي اذنيها تحرك رأسها تدندن مع لحن الأغنية لينظر صوب والدته يحادثها بصوت خفيض :
- ممكن أعرف ايه دافع حضرتك ، أنك طول القاعدة عمالة تبصي لمرات رعد بشكل وحش واحرجتيها كذا مرة ، لحد ما خالي نفسه رد 
ابتلعت نرمين لعابها مرتبكة ، تحرك رأسها صوب النافذة جوارها تسخر منه :
- دافع !! أنت قلبت محامي بعد ما كنت دكتور نفسي وبعدين ما فيش حاجة ، أنا بس كنت متضايقة أن رعد اتجوزها من غير موافقة جاسر ، وبعدين شكله جايبها من الشارع لا أصل ولا عيلة 
ضحك داخله ساخرا ، ماذا إن علمت أنها كانت راقصة أيضا ستقيم الدنيا ولكن ذلك ليس السبب الذي جعل والدته تفعل ذلك أبدا ، هو يعرف السبب سمعه منها من قبل دون أن تنتبه وهي تحادثه خاله في إحدى المرات ، نظر صوب أريچ ليتأكد أنها لا تزال مندمجة مع هاتفها ؛ ليُخفض صوته للغاية يتمتم ساخرا :
- يعني مش عشان أنتِ كنتي عاوزة رعد لأريچ 
توسعت حدقتي نرمين ذهولا قبل أن تنظر لجاسر تحادثه منفعلة :
- هو أنت يا ابني ما فيش حاجة ما تعرفهاش ، هو أنت مخاوي ولا دكتور ، عرفتها دي إزاي كمان ؟!!!
ضحك جاسر عاليا ؛ لتنظر جاسر إليه تخلع إحدى سماعتي أذنيها تسأله متعجبة :
- بتضحك على ايه يا جاسر ؟
حرك رأسه للجانبين يوجه أنظاره للطريق :
- ما فيش يا حبيبتي افتكرت بس موقف حصل في العيادة كنت بقوله لماما ، القطة المتحرشة بتاعتك حطتلها أكل
اومأت برأسها تبتسم له لتعيد وضع سماعتها من جديد ، في حين نظر جاسر إلى والدته يتمتم ضاحكا :
- مش صعبة يعني يا ماما ، سمعتك وأنتِ بتكملي خالي ..
اختفت ضحكاته بعدها يهمس بنبرة أكثر حزما :
- ودي جوازة متخلفة بكل المقاييس ، لا هو بيحبها ولا هي بتحبه وكنتوا هتجوزوهم غصب بقى ، دا كويس أن رعد اتمرد على سجن خالي واختار شريكة حياته 
زمت نرمين شفتيها حانقة منه ، بعد مدة وصلت السيارة لينظر جاسر إلى والدته يغمغم :
- أنا هشيل تميم وكيان اطلعهم وهنزل لأن أنا وأريچ عندنا كذا مشوار 
توسعت عيني نرمين تردف غاضبة :
- هو انتوا مش قولتوا انكوا هترجعوا البيت خلاص هتتبروا مننا ، طب على الأقل اقعدوا معايا شوية ، أنا هشحتكوا 
اومأ جاسر برأسه ينظر لأريچ يطلب منها النزول ، حمل كل منهما أحد الطفلين النائمين وتوجها إلى أعلى ، فتحت نرمين الباب تنادي باسم ابنتها ولكن لا مجيب لا أثر لسما .. دخلت نرمين غرفة سما ولكنها لم تجدها 
خرجت لجاسر تغمغم قلقة :
- سما مش موجودة ، أنا هتصل بيها
أخرجت هاتفها تحاول الإتصال برقم سما بلا فائدة الهاتف مغلق وقبل أن تنظر لجاسر سمعوا صوت الباب وظهرت سما من خلفه ، اقتربت نرمين منها تسألها محتدة :
- أنتِ كنتي فين يا سما ؟!
قلبت سما عينيها ساخرة تغلق باب المنزل توجهت صوب الداخل تنظر لكل منهم في حدة توجه حديثها لنرمين :
- نزلت أشم شوية هوا فيها حاجة دي كمان
قطبت نرمين جبينها متعجبة ، في حين دخلت سما إلى غرفتها نزعت الحجاب عن رأسها ومن ثم خرجت تأخذ طفليها منهم ، لاحظ جاسر علامة ما على رقبتها ؛ ليضيق عينيه ينظر إليها يشك في أمرها حين اقتربت تأخذ منه تميم أمسك برسغ يدها يسألها محتدا :
- أنتِ كنتي فين يا سما ؟!
 جذبت كفها من يده بعنف تصرخ في وجهه :
- وأنت مالك أنت مش ولي أمري ، مالكش دعوة بيا يا جاسر ، أنت مش دمرت حياتي وارتحت ، ابعد عن طريقي خالص
وتحركت لداخل الغرفة تُغلق عليها الباب بالمفتاح ، ارتمت على فراشها تضع يدها على قلبها تشعر به سينفجر من سؤال جاسر المفاجئ ، توجهت إلى المرآة تنظر إليها لتشهق بعنف حين لمحت علامة حمراء على رقبتها بالطبع جاسر رآها لذلك سألها أين كانت ؟!
دق هاتفها لتهرع سريعا إلى الحقيبة تبصر رقم مصطفى الجديد فتحت الخط تهمس بصوت خفيض :
- ايوة يا مصطفى ، أنا روحت يا حبيبي ، هو المأذون قالك القسيمة هتطلع امتى صحيح ؟!
_______________
بعد عدة ساعات من الصمت في الطريق وصلت سيارة عمرو إلى منزله ، كان في أوج حالاته غضبا خاصة بعد ما سمع ما اقترفوه في حق أبناء شقيقته ، لا شريف ولا ليان تسببوا في أي أذى لأي منهما في حين أن ولديه تفننا في إيذائهم ، نبرة صوت علي وهو يخبره أن يأخذ ولديه ويرحلا وكأنه يعاتبه على ما فعلاه 
حين دخلا إلى المنزل صرخ عمرو فيهما :
- انتوا ايييه شياطين ، ليان ولا شريف آذوكوا في ايه عشان تعملوا كدة ، الهانم شريف استحمل قرفك قد ايه ومع أول كبوة بعتيه ايه الندالة والقرف اللي أنتِ فيه دا ، والباشا بتستغل أن ليان غلبانة وعلى نيتها وبتحب جاموسة عشان توصل لنور ، بتلعب بمشاعرها يا قذر ، ورحمة أبويا وأمي لهوريكوا التربية من أول وجديد 
صرخت مرام تشعر بالغيظ الشديد مما يقول والدها :
- شريف ، شريف ، شريف بقيت أنا الشريرة خلاص وهو الطيب الغلبان هو اللي ضحك عليا وقالي أنه اترفد من شغله وأنه هيبقى بيعرج في مشيته بعد كدة ، وأنا مش عاوزة اتجوز واحد أعرج أنا حرة 
شعر عمرو بالغضب الشديد منها ليقبض على مرفق يدها يصرخ فيها غاضبا :
- دي ندالة أنك تبيبعه عشان حصلتله مشكلة ، دا قرف ، لو بتحبيه ما كنتيش بعتيه بالرخص دا ، لما كان ظابط ورايحة جاية تتفشخري على اسمه كان حبيبك ، إنما لما افتكرتي أنه ساب الشغل وحصلته إصابة ، بقيتي مش هتتجوزي أعرج ... تعرفي شريف ربنا بيحبه أنه خلصه منك ، اطلعي اوضتك ما اشوفش وشك براها أبدا ، أنتِ لسه حسابك معايا ما بدأش اصلا
ودفعها بعيدا عنه نظرت صوب والدتها ؛ لتشيح روان بوجهها عنها نافرة لا تصدق أن ابنتها بتلك القسوة والغلظة ، أما عمرو فاقترب من جواد يقبض على تلابيب ثيابه ، فأنت لازم حد يكسرلك مناخيرك اللي في السما دي ، قدامي يا بيه عشان نجيب نور هانم مراتك ، عشان احاسبك قدامها !!!
______________
وقفت سيارة جاسر مهران وخلفها سيارة زين في حديقة المستشفى التابعة لجاسر تحركوا خلف ياسر إلى الغرفة التي بها جميع ملفات المرضى 
بحث ياسر بحرف الكاف يسأل طرب عن اسم والدتها الثلاثي إلى أن وجده أخرج الملف الخاص بها يفتحه يوجه حديثه لجاسر :
- كاملا غابريال ، هي مامتك مش مصرية
حركت طرب رأسها للجانبين تغمغم سريعا :
- لاء ماما أصلها من فرنسا واتعرفت على بابا هناك لما كان مسافر في شغل واسملت ولما رجعوا اتجوزها 
اومأ ياسر برأسه يوجه أنظاره للملف قبل أن يردف من جديد :
- عايز اقولك أن دي المعلومة الوحيدة اللي نعرفها عنها في الملف ، حسب ما مكتوب في الملف من حوالي سبع سنين جابها لاقها مجموعة صيادين مرمية على جنب شط النيل وجابوها على هنا ، ومن ساعتها وهي ساكتة وحالتها الصحية مش مستقرة وسألناها كذا مرة عن رقم حد من أهلها وقالت إنها مالهاش حد ، ومكتوب هنا بردوا أن المستشفى بلغتك يا جاسر عن حالتها من حوالي كذا سنة وأنت قولت تفضل في المستشفى وما حدش يضاقيها زي ما بتعمل دايما ، موجودة في أوضة 909 في الدور الرابع 
وبعد ذلك حل الصمت لم يكسره سوى شهقة طرب العالية ، التى ركضت للخارج تبحث عن المصعد دموعها تسابقها تسمع صوت رعد خلفها وهو يصرخ فيها يخبرها أن تتوقف وتنتظره إلى أن وصلت للمصعد ضغطت زره بعنف تسمع خطوات رعد تقترب منها ما أن وصل المصعد قبض رعد على ذراعها يحادثها محتدا :
- استنى رايحة فين ، أنا جاي معاكِ ... طرب أنتِ النهاردة زودتيها أوي ... يلا نروح لوالدتك
أمسك بكف يدها يدخلان للمصعد توجها إلى الطابق الرابع ، دقات قلبها على وشك الإنفجار ما أن وصل المصعد تحركت عينيها على أرقام الغرف في الممر 
905
906
907
908
909
وقف أمام باب الغرفة من المفترض أن والدتها بالداخل ، جسدها يرتجف كما لو أن الكهرباء تصعقه ، رفعت يدها تشير لباب الغرفة المغلق يرتعش صوتها :
- ماما جوا يا رعد ، ماما هنا 
رفع يده يمسح على ظهرها برفق لتخفي وجهها داخل صدره تهمس خائفة :
- أنا خايفة أدخل يطلع حلم يا رعد وما تكونش هي 
وبكت شعر بدموعها تبلل قميصه ؛ ليميل برأسه يقبل قمة رأسها يهدئها :
- يا ستي لو ما طلعتش هي ، اعتبريني أنا ماما ، مش هقولك لاء 
ابعدت رأسها عن صدره تشعر بجسدها بارد كالثلج ، استجمعت آخر ذرة ثبات بها لتفتح باب الغرفة تبحث بعينيها عنها ، توقفت أنفاسها حين رأتها تجلس على مقعد جوار الحديقة تنظر للخارج يسترسل شعرها الأشقر الداكن المائل للبرتقالي ، عينيها الزرقاء الحزينة تحركت تنظر إليها رأت ابتسامة ضعيفة تشق شفتيها وصوتها يهمس باسمها :
- طرب !!
هنا شهقت بعنف وكأنها كانت تغرق أسفل لچة عاتية وخرجت منها تعود للحياة من جديد ، حين فتحت والدتها ذراعيها لها بوهن شديد ، اغرقت الدموع وجهها تهرول صوبها ارتمت بين أحضان والدتها تشهق في البكاء تتمسك بها ، تخرج من بين أحضانها تنظر لوجهها تتأكد من أنها هي ومن ثم تعود لتعانقها من جديد خرجت شهقة عالية من بين شفتيها تحادثها بحرقة :
- ماما ، أنتِ عايشة صح ... ماما أنا مش بحلم مش كدة ، قوليلي أنك قدامي هنا عشان خاطري 
شعرت بيدي والدتها تعانقها بقوة تمسح على خصلات شعرها وصوتها الدافئ الذي لم تنساه يوما يهدئها :
- أنا هنا يا طرب ، أنتِ في حضني يا حبيبتي
زاد عنف بكاءه تتشبث بأحضانها أكثر تبكي بلا توقف لمدة طويلة ، يقف عند باب الغرفة رعد ومعه جاسر وزين .. بكاء طرب الحاد جعل عيني رعد تدمع هو وزين أما جاسر فظل صامتا ينظر لما يحدث أمامه في هدوء تام ، عقله يفكر في الكثير ولا إجابة واحدة ... حمحم بصوت حسين يجذب انتباههم ؛ لتنظر طرب إليهم ومعها كاملا ... قامت طرب من مكانها تحركت صوب رعد تمسك بكف يده تقترب من والدتها تعرفه بها :
- ماما دا رعد جوزي ، ودا عمي جاسر والده هما اللي واخدين بالهم مننا أنا وملاك من غيرهم ما كنتش عارفة هيحصلي ايه 
نظرت كاملا إليهما تبتسم ممتنة تشكرهم :
- متشكرة ، متشكرة أوي 
اقترب جاسر منها يجذب مقعد جلس بالقرب منها يعرفه بنفسه :
- جاسر مهران ، والد رعد جوز طرب ... معلش في سؤالي السخيف اللي مش وقته ، بس أنا من معلوماتي عنك ، أنك كنتي سايقة عربيتك والعربية اتقلبت بيكِ في الماية وانهم دوروا كتير على حضرتك من غير أثر ، ووقتها جلال باشا المهدي قلب الدنيا عليكِ ، ممكن أعرف ليه لما فوقتي ما رجعتيش تاني ليهم بدل ما يفتكروكي ميتة طول السنين دي !! 
نظرت كاملا له متوترة تنظر لابنتها التي رأت في عينيها نفس السؤال ابتلعت لعابها تشيح بوجهها بعيدا :
- أسباب شخصية ما أحبش اتكلم عنها 
زفر جاسر أنفاسه حانقا ما بال تلك العائلة بأكملها يظنون أنفسهم في فيلم درامي شيق لا أحد يخبره بما يريد ، ابتسم رغما عنه يومأ برأسه 
في حين دخل زين إلى الغرفة يقترب من كاملا دمعت عينيه يهمس باسمها مشتاقا :
- طنط كاملا
التفت كاملا له ؛ لتبتسم ما أن رأته اقترب منها يعانقها !! مشتاقا 
ليزفر رعد أنفاسه حانقا يوجه حديثه لطرب متضايقا :
- انتوا بتحضنوا كلكوا كدة ، في اي يا جماعة هو اخوكوا في الرضاعة
ابتعد زين عن كاملا يمسح دموعه يحادثها متلهفا :
- أنا مش مصدق أن حضرتك عايشة بجد ، حمد لله على السلامة ... ملاك أكيد هتفرح أوي لما تشوفك
وقف جاسر عن مقعده يوجه حديثه إليها يبتسم في لباقة :
- مدام كاملا ، وجود حضرتك هنا ما بقاش ينفع خصوصا بعد سنين غياب عن بناتك ، أنا هخلص ورق المستشفى ، وأنت يا رعد خليك مع مراتك وحماتك لحد ما يجهزوا 
اومأ رعد موافقا فتحرك جاسر خارج الغرفة وبقي زين ليكتف رعد ذراعيه أمامه ينظر له مستهجنا يسخر منه :
- مش عايز تيجي تحضني أنا كمان ، يا أبو قلب ابيض ببراءته أنت 
ضحك زين بخفة ينظر للعكاز في يد رعد ومن ثم عاود النظر للعكاز في يده ليضحك بخفة ويتجهم وجه رعد 
______________
وصلت سيارة جاسر راضي إلى وجهتها حيث المستشفى التي تمكث بها مليكة نزل من السيارة بصحبة أريچ يتقدم لداخل المستشفى وجد زينب تتقدم ناحية الغرفة تمسك في يدها زجاجتي عصير لينادي باسمها ، وقفت والتفتت إليه وابتسمت ؛ ليشير جاسر إلى أريچ يحادثها :
- روچا ادخلي ساعدي مليكة أنها تجهز عشان أنا عاوز زينب في كلمتين 
اومأت أريچ برأسها تتحرك لغرفة مليكة في حين وقف جاسر أمام زينب بعيدا عن الغرفة ظل صامتا بضع لحظات قبل أن يلتقط منها زجاجة عصير برتقال شرب نصفها جرعة واحدة وتنهد بعمق قبل أن يوجه حديثه لزينب :
- بصي يا زينب ، أنا وأنتِ عارفين قد ايه مليكة بتعاني ويمكن أنتِ أكتر لأنك أنتِ اللي عايشة معاها وانتوا أصحاب ، ومليكة ما اترددش أبدا أنها تساعدك مرة واتنين وتلاتة ، عشان كدة لازم تساعديها ، زينب حاولي تقنعي مليكة أنها تخليني اعالجها ، مليكة ممكن تموت في مرة من النزيف
حركت زينب رأسها للجانبين ترفض مساعدته ، مما أثار حفيظته وقبل أن يسألها لما ، همست هي :
- ما ينفعش يا دكتور ،وأرجوك ما تقولهاش إن أنا قولتلك مليكة معجبة بحضرتك ومش عايزاك
تشوفها مجرد مريضة عندك ، لأن زي ما حضرتك عارف ما فيش دكتور نفسي بيرتبط بالمريضة بتاعته ، مليكة مش هتظهر ضعفها قدامك ما تحاولش أرجوك وما تضغطش على أعصابها أكتر من كدة ، لو عاوز تساعدها فعلا ... لو عاوز تساعدها فعلا ، اديني عنوان دكتور أو دكتورة نفسية تانية إنما حضرتك لاء عن إذنك 
وتركته وتحركت صوب غرفة مليكة هي الأخرى ليجلس هو إلى المقعد خلفه يفكر ، لا ينكر مليكة جميلة جريئة شجاعة لم تترك صديقتها في مأزق ... شعرها الغجري يؤرق مضجعه ليلا حين يتخيله بين أصابعه ، ولكنه لا يحبها ، هو لا يعرف ان كان يحبها أم لا ... الحب نفسه شعور يحاول تفاديه بكل الطرق الممكنة ، وخصوصا مع مليكة العقبات في طريقه إليها كثيرة أولهم حفيدة صبري وإن علمت والدته ستنهار ، ثانيهم علاقتها بعمار الغير مفهومة بالنسبة له ... زفر أنفاسه حانقا لا يتوقف عن التفكير ، حين خرجت مليكة من الغرفة تستند إلى زينب صديقتها نظر لها يحاول أن يراها وكأنه يفعل لأول مرة ، أليس هو من كان يسعى بكل الطرق للوصول إليها لكي ينتقم وحين ألقى تلك الفكرة البلهاء جانبا ما عاد يريدها ، تحركت عينيه على قسمات وجهها الجميل الشاحب وخاصة شعرها الغجري  الملتف في دائرة تمنعه من رؤيته بشكل واضح 
قام من مكانه متجها إليها يبتسم مترفقا :
- تعالوا يلا أنا عازمكوا على العشا ، أنا بصراحة جعان جداا 
تحاشت مليكة النظر إليه من الأساس تحركوا إلى السيارة ليفتح لها جاسر الباب الامامي نظرت إليه ليبتسم يغمغم عابثا :
- اقعدي هنا عشان المطبات ما تدوخيش وإحنا معديين عليها ، طبعا دا اي هري اقعدي هنا وخلاص 
أخفت ضحكتها ، جلست جواره ليغلق الباب جلس جوارها وجلست أريچ جوار زينب وانطلقت السيارة ، التفت لها يسألها مبتسما :
- تحبي اجبلك عصير ؟
 ابتسمت باستخفاف تنظر إليه ساخرة :
- هو حضرتك فاكر نفسك خالي وأنا ما اعرفش ، لو سمحت روحنا مش عايزين عزومة من حد ، وشكرا لوقفتك معانا لحد هنا تعبناك بجد 
لم يتعجب غضبها بعد الكلمات الحادة التي قالها لها ، زفر أنفاسه يوجه وجهه للطريق... لا يفهم حقا إن كان هو الآخر معجب بها أم لا ، لم يجرب ذلك الشعور قبلا ... يبدو أن الطبيب حائر ولا يجد طبيب يجيبه عن سؤاله ؟!
______________
في غرفة مرام تحركت في غرفتها بعنف تكاد تتميز من الغيظ تود أن تنفجر وتفعل شيئا يحرقهم جميعا ، ارتمت إلى فراشها تطحن أسنانها من الغيظ نظرت لهاتفها لتتسع حدقتيها ذعرا تتمتم :
- يا نهار ابيض ، ايه الريتش الواقع دا الفيديو ما وصلش لربع التفاعل العادي حتى 
بحثت عن رقم صديقتها تطلبها ما أن أجابت الأخيرة صرخت مرام في وجهها :
- شوفتي ريتش الفيديو واقع إزاي ، الريتش بقاله فترة عمال يضيع وأنا مش عارفة اعمل ايه 
سمعت صوت صديقتها تسخر منها :
- ما قولتلك اعملي أكونت على تيك توك يا مرام ، دا الريتش عليه أسهل من ما فيش خصوصا لو عملتي لبسينج على الأغاني التفاعل يضرب في السما 
ضيقت مرام عينيها تفكر ، ربما تلك هي الضربة التي ستنتقم بها من الجميع وأولهم شريف 
أغلقت الخط مع صديقتها وفي ظرف دقائق بات لديها حساب عليه ، وبعدها بدقائق كانت صوت إحدى الأغاني هو ما يسمع في غرفتها ومعه تحرك شفتيها تغني كلمات الأغنية وجسدها يتمايل مع ألحانها ......

وقفت السيارة الخاصة به أمام مطعم كبير شهير في تلك الأحياء ، نظر للمكان المجاور له قبل أن ينظر إليهم يسألهم :
- حد ما بيحبش السمك أو عنده حسسية منه 
أشاحت مليكة برأسها دون أن ترد ؛ لتردف زينب محرجة :
- مالوش داعي يا دكتور حضرتك تكلف نفسك ، كفاية مصاريف المستشفى اللي حضرتك أصريت تدفعها
توسعت حدقتي مليكة قبل أن تنظر إلى زينب تصرخ فيها غاضبة :
- هو اللي دفع فلوس المستشفى إنتِ مش قولتي أنك خدتي فلوس من معايا ودفعتيها 
ومن ثم عادت تنظر إليه ، أشهرت سبابتها أمام وجهه تحادثه منفعلة :
- دكتور جاسر لو سمحت كفاية أوي لحد كدة ، تدخلك الزايد عن اللزوم في حياتي دا غير مسموح بيه ، وللمرة الألف أنا مش مريضة ولو حتى كنت مش هتعالج عندك أنت ، الدكاترة مليين البلد 
أرادت أن تراه غاضبا ربما محرجا ، وربما خجلا من نفسه مما قال لها صباحا ويفعل عكسه الآن إلا أنها رأته يبتسم وكأنها لم تقل شيئا ، رفع كتفيه لأعلى يغمغم ببساطة :
- 2500 جنية دي فلوس المستشفى هاتيهم لو الموضوع مضايقك أوي كدة، هي غالية أنا عارف بس الناس عملوا الواجب وزيادة مننكرش 
توسعت حدقتي مليكة في ذهول أثر ما يقول تنظر لزينب التي تحاول كتم ضحكاتها هي وأريچ ، فتح هو الباب المجاور له ينزل منه التفت لها قبلا يغمغم :
- ولا اقولك ابقى ادفعي أنتِ حساب العشا ، انزلي يلا ولا مش ناوية تحاسبي وهدبس أنا 
اشتعلت حدقتيها غيظا منه ، ذلك الوقح ترغب في تمزيق ابتسامته المستفزة نزلت من السيارة تستند إلى ذراع زينب توجها إلى المطعم ، أمسك جاسر بقائمة الطعام وطلب النادل وطلب مائدة طوويلة من كل شيء تقريبا ، هنا توسعت حدقتي مليكة تنظر لصديقتها لترى وجه زينب مصفر هو الآخر ، أما أريچ فكانت تعلم أن شقيقها لن يدع مليكة تدفع لذلك لم تكن قلقة ، كانت تجوب بعينيها أنحاء المكان 
تنظر لوجوه الناس حولها ؛ ليمر أمام عينيها مشهد سريع مما فعله عمار بها لتنتفض خائفة تحرك رأسها للجانبين سريعا تحاول أن تُزيح ذلك المشهد 
في تلك الأثناء جاء النادل ومعه طاولة صغيرة يضع الطعام أمامهم ، خلع جاسر سترته التي أخذها من منزل والديه يضعها على حافة المقعد يزيح أكمام قميصه للخلف ينظر إليهم يتحدث متعجبا :
- ايه يا جماعة ما يلا بسم الله ، انتوا عاوزين عزومة ولا ايه ، مليكة كدا كدا اللي عازمة 
ابتلعت مليكة لعابها مرتبكة تزيح خصلة شعر نزلت على وجهها حين نظرت إليه رأت عينيه معلقة بخصلة شعرها ينظر إليها مجذوبا بها ، 
حمحمت مرتبكة من نظرة عينيه تشير لزينب ليبدأوا جميعا في الأكل وهي تختلس النظرات إليه بين لحظة وأخرى تراه يتعامل بعفوية شديدة ، يسأل زينب عن دراستها تارة وعن علاقتها بوالدها تارة أخرى ، يشاكس شقيقته مرة ثالثة ينعت قطتها الصغيرة (بالمتحرشة ) ليتها كانت القطة !! حمحمت تجفل حين أخذها تفكيرها لتلك النقطة تحرك رأسها للجانبين تهمس مع نفسها حانقة :
- صحيح إحنا ما بننجذبش غير للسايكو أو التوكسيك أو اللي مش مدينا وش اصلا برافو والله يا مليكة
أجفلت على يده تتحرك أمام وجهها نظرت إليه لتراه يبتسم عابثا غمزها بطرف عينيه أقترب برأسه قليلا منها يهمس يشاكسها :
- أنا من رأيي افتحي موبايلك واعملي ريفيو عن قد ايه الفراخ چوسي ، لا دا سمك صحيح 
خلاص اعملي ريفيو عن شوربة السي فود يمكن المطعم يعمل خصم ولا حاجة 
ضيقت عينيها تنظر له مغتاظة ليضحك بخفة عليها ، يدفع أحد الأطباق بخفة نحوها تغيرت  نبرته لأخرى مترفقة هامسة :
- كُلي عشان أنتِ نزفتي كتير النهاردة ، على فكرة أنا آسف على طريقتي الصبح ، ما كنش ينفع اكلمك بالأسلوب دا طبعا ، أنا بس كنت خايف عليكِ !
توسعت حدقتيها تنظر إليه مرتبكة تشعر بقلبها يكلمها بعنف شدت كفيها تحاول السيطرة على تلك الرعشة التي ضربتها فجاءة دون مقدمات
ازدردت لعابها الجاف تحرك رأسها بحركة بسيطة تشعر بجسدها بأكمله ينتفض بعنف ، 
ابتسم يكمل طعامه إلى أن انتهوا ، طلب جاسر من النادل فاتورة الطعام .. ما إن جلبها الأخير أشار جاسر إلى مليكة يغمغم مبتسما: 
- الحساب عند الآنسة 
أخذت مليكة منه الفاتورة تنظر لنهاية تلك القائمة الطويلة لتجد رأس جاسر معها في الورقة ينظر إليها يغمغم :
- طب والله أسعارهم حلوة كللل اللي أنا طلبته دا ب3800 اديله 4000
رفعت مليكة عينيها إليه تود لكم وجهه الوسيم هذا عله يصمت ، ابتلعت لعابها لا تجد مفر من تلك الورطة حين شعرت بشيء يدق على حقيبتها خفية من أسفل الطاولة ، نظرت سريعا لتجده يمد يده ببطاقته الائتمانية يتحدث يسأل النادل عن فروع أخرى للمطعم ، ابتسمت تسخر منه قبل أن تفتح حقيبتها تُخرج بطاقتها الائتمانية منها ، قبل أن تمد يدها بها إلى النادل سارع هو يعطي بطاقته له يُعيد لها بطاقتها ؛ لتنظر هي تبتسم ساخرة تتهكم :
- تعرف مصنع **** بتاع العصير اللي أنت بتشرب دايما منها عصير البرتقال اللي أنت بتحبه 
قطب جبينه يومأ برأسه لها ؛ لتبتسم هي تفجر المفاجأة :
- بتاعت والدي ، والمحصول بيجي من أرضه ، عرفتي أنك مش الغني الوحيد اللي هنا يا دكتور 
توسعت حدقتي جاسر قليلا لسببان ، مليكة انتبهت أنه يحب عصير البرتقال إذا هي مهتمة حقا ، وثانيهم لم تصل إليه بين المعلومات التي كان يجمعها عنها قبلا أن والدها يملك ذلك المصنع ، بعد قليل جاء النادل وأعطاه بطاقته وتحركوا جميعا لخارج المطعم ، ارتدت مليكة للخلف حين دفتعها إحدى السيدات في طريقها للخارج ، أمسك جاسر بذراعها قبل أن تسقط ينظر لتلك السيدة ممتعضا ، رفعت عينيها إليه تنظر إليه متوترة ، كانت قريبة للغاية منه 
ابتلعت لعابها مرتبكة تتحرك للخارج ولم تنتبه إلى ذلك الذي يقف بعيدا يلتقط كل ما حدث بهاتفه !
__________
استندت كاملا على ذراع ابنتها تخرج معها من الغرفة ، نظر جاسر إليها يحاول أن يفهم لغز تلك السيدة وكأن لغز ابنتها لا يكفيه لتأتي هي الأخرى ، السيدة تبدو أصغر من عمرها قامتها متوسطة نحيفة بقدر كبير ورغم الوهن البادي على قسمات وجهها لا تزال ترفع رأسها بكبرياء ، تنظر للأمام وكأنها أميرة ، حين نظر لعينيها لم تبتعد بعينيها كما تفعل طرب بل ظلت تنظر إليه ، نظرة حائرة متعبة تخفي خلفها الكثير ، تنهد يزفر أنفاسه حانقا يحاول أن يبتسم :
- اتفضلي يا مدام كاملا ، وجودك في القصر هينوره طبعا 
في تلك اللحظة دمعت عينيها حين تذكرت القصر الذي عاشت فيه بصحبة جلال لسنوات ، قبل أن ينقلب كل شيء رأسا على عقب ، اومأت تشكره بابتسامة صغيفة تنظر لابنتها بين حين وآخر تبتسم سعيدة لرؤياها من جديد إلى أن وصلوا للسيارة ، هنا رأت زوج ابنتها صاحب الاسم الغريب يلتفت خلفه يحادث زين بنبرة ساخرة :
- شوفتها واطمنت عليها أكيد مش هترجع معانا ، شوف طريقك بقى
نظرت طرب إلى رعد حانقة ، في حين ابتسمت كاملا فرعد يشعر بالغيرة على ابنتها هذا يعني أنه يحبها ، تركت يد ابنتها واقتربت من زين تحادثه مترفقة :
- روح يا حبيبي وأنا هخلي طرب تكلمك عشان لازم اشوفك تاني 
ابتسم زين لها يقبل يدها وجبينها ؛ ليتأفف رعد يحادثه حانقا :
- يا ابني هو أنت ابنهم التايه من عشرين سنة عمال تبوس وتحضن ، ما تغور في داهية بقى 
ابتسم زين ينظر له عابثا كم هو ممتع إثارة غيرة ذلك الرعد فهو سريع الاشتعال ، لوح لهم من بعيد قبل أن يستقل سيارته ... توجه رعد يفتح باب السيارة جلست طرب في المنتصف بينه وبين والدتها وجاسر جوار السائق بالأمام ، وياسر ظل بالمستشفى 
تحركت السيارة بهم ؛ لتلفت كاملا إلى طرب تسألها متلهفة قلقة :
- طمنينب على ملاك عاملة ايه وحشتني أوي 
ظهر القلق جليا على وجه طرب قبل أن تبلع لعابها تهمس مرتبكة :
- ملاك كويسة ، بس هي يعني عملت حادثة قبل موت بابا على طول وللأسف بقت قاعدة على كرسي متحرك 
توسعت حدقتي كاملا هلعا مما قالت ابنتها ؛ لتنهمر الدموع من حدقتيها بعنف تحرك رأسها للجانبين تهمس بحرقة :
- لاء ما تقوليش كدا أرجوكِ يا طرب ، ملاك ما بقتش تقدر تمشي يا حبيبتي يا ملاك ، أنا آسفة يا طرب بجد آسفة ليكي وليها 
وانفجرت تبكي لتعانقها طرب سريعا تحاول أن تهدئها :
- يا ماما اهدي ، صدقيني ملاك كويسة الحمد لله ، وبعدين 
- وبعدين يا مدام كاملا أنا مستني بس ثانوية عامة تخلص وهعرضها على أكبر دكاترة في البلد ، ملاك زي بنتي وأنا مش هسيبها
رفعت كاملا رأسها تنظر للجالس على المقعد الأمامي لم يلتفت لهم فقط تحدث ، وسكت وبعد صمت قصير عاد يتحدث من  جديد :
- ملاك حساسة أوي ودا اللي خدت بالي منها ، فرجاء ما تعيطيش لما تشوفيها 
تضايقت كاملا من نبرة صوته الآمرة من يظن نفسه ليخبرها كيف تحادث ابنتيها ، حمحم رعد ينظر لوالدة زوجته يشاكسها :
- لاء بس حضرتك زي القمر ، أنا عرفت دلوقتي طرب طالعة حلوة اوي كدة لمين 
ابتسمت كاملا رفعت يدها تمسح الدموع عن عينيها تسأله متلهفة :
- قولي يا رعد أنت اتجوزتوا امتى ، وخلفتوا ولا لسه ، أنا عاوزة اشوف صور الفرح ... من زمان من وهي بيبي صغيرة وأنا نفسي اشوفها بالفستات الأبيض 
ارتبكت طرب ومعها رعد لا يجدان إجابة لاسألتها حمحمت طرب تربت على يد والدتها تهمس لها متوترة :
- هفهمك كل حاجة بعدين يا ماما 
قطب كاملا جبينها قلقة حين لاحظت التوتر البادي على وجه ابنتها وزوجها ، أكملت السيارة طريقها إلى أن وصلت إلى حديقة منزل جاسر ، فتحت طرب النافذة المجاورة لكاملا تشير لملاك الجالسة مع فتاة وشابين لا تعرفهم كاملا :
- ماما ملاك اهي ، عشان خاطري ما تعيطيش .. هي أصلا ما تعرفش لسه بخبر أنك الحمد لله عايشة 
اومأت كاملا برأسها تنظر إلى ابنتها الصغيرة مشتاقة لعناقها ، فتحت طرب الباب المجاور لها لتنزل كاملا تستند على ذراع طرب ، في حين تقدمهم رعد وقف أمام ملاك يغمغم مترفقا :
- بصي يا ملاك ، أنا عارف أنها مفاجأة غير متوقعة ، بس بصي هناك كدة 
قطبت ملاك جبينها متعجبة مما بقول رعد قبل أن تنظر لما يشير ، شخصت عينيها تملىء وجهها ، أغمضت عينيها وفتحتها عدة مرات تظن أنها تحلم ، تسارعت أنفاسها وتسابقت دقات قلبها قبل أن تنظر لرعد تهمس بشق الأنفس:
- هو دا حقيقي ؟!
اومأ رعد لها يبتسم مترفقا :
- ايوة يا حبيبي مامتك عايشة الحمد لله 
شهقة عالية خرجت من بين شفتيها لتتدافع الدموع من مقلتيها تتمسك بحافة الطاولة أمامها تحرك رأسها للجانبين تحادثه بحرقة :
- مش عيزاها تشوفني كدة ، مش عيزاها تشوفني وأنا مشلولة وعاجزة ، عايزة اجري عليها اترمي في حضنها ومش عارفة 
اقترب رعد منها يمسح على رأسها برفق يعاتبها مترفقا :
- ايه يا ملاك اللي أنتِ بتقوليه دا ، مشلولة وعاجزة بس دا ينفع بردوا ، وبعدين مامتك عارفة طرب قالتلها 
رفع نظره ينظر صوب طرب ليرى كاملا تحاول أن تُسرع خطاها قدر إستطاعتها تتشبث بذراع طرب إلى أن اقتربت منهم ، نزلت على ركبتيها أمام مقعد ابنتها تجذبها لأحضانها ، لتدفع ملاك جسدها الضئيل من فوق المقعد تسقط أرضا بين أحضان كاملا تتشبث بها تبكي بعنف وكاملا تعانقها تنهمر دموعها ، رفعت يديها سريعا تمسح دموعها قبل أن تخرجها من بين أحضانها تكور وجهها بين كفيها ، تحادثها مشتاقة الأحرف تتلهف بين شفتيها :
- كبرتي يا ملاك ، كبرتي وبقيتي برنسس زي القمر ، طرب قالتلي أنك السنة دي في ثانوية عامة ، وقالتلي أنك قوية وشجاعة وبطلة 
أنتِ عمرك ما هتبقي عاجزة يا ملاك حتى لو أنتِ شايفة نفسك كدة ، وحشتيني يا حبيبتي وحشتيني أوي 
اقتربت طرب تساعد ملاك على العودة لمقعدها تجذب يد والدتها لتقف عن الأرض ، ينظر يوسف ومراد ومريم لما يحدث لا يفهم أي منهم أي شيء ، مال مراد على يوسف يسأله مدهوشا :
- هو ايه اللي بيحصل في بيتكوا دا ، هما بيصوروا مسلسل ولا ايه ؟
رفع يوسف كتفيه لأعلى كأنه يخبره أنه لا يعلم 
أصرت كاملا أن تدفع هي مقعد ملاك حين طلب منهم جاسر الدخول للمنزل
هب مراد واقفا يجذب ذراع يوسف يغمغم حانقا :
- سيب ام الكتاب بقالنا 30 سنة بناخد المضارع المستمر وعمري ما فهمته ، يلا نشوف اللي هيحصل جوا ، قومي يا روما
وقف يوسف يقبض على رقبة مراد من الخلف يهسهس حانقا :
- هو أنا مش قولتلك ما تدلعهاش يا حيوان
تأفف مراد حانقا يغيظ يوسف حين غمز لمريم يغمغم عابثا :
- غيور أوي أخوكِ اومال لما تبقى في حضني وفي بيتي هيعمل ايه 
جز يوسف على أسنانه حانقا تقدح عينيه شررا ليهرول مراد من أمام يحاول أن يسرع خطاه يضحك عاليا يسخر منه ، نظر يوسف لمريم يقبض على كف يدها يصرخ مغتاظا :
 - مريم الواد دا مش هتتجوزيه 
ضمت مريم شفتيها تحاول ألا تضحك تومأ برأسها موافقة ؛ ليجذبها يوسف للداخل دخلا إلى صالة المنزل ، رأى حول الجمع يرتكز بأنظاره على كاملا التي تجلس على إحدى الآرائك وملاك تجلس جوارها تخبئ وجهها بين أحضانها ، تعلقت عيني يوسف بملاك ليته كان يملك شجاعة مراد لكان تقدم لخطبتها هو الآخر ، أجفل على صوت جاسر يعرفهم بها :
 - مدام كاملا والدة طرب وملاك ، مدام كاملا في تفاصيل كتير محتاج اتكلم مع حضرتك فيها بس مش دلوقتي
ومن ثم توجه صوب رؤى يسألها :
- الأوضة جاهزة
اومأت برأسها تنظر لتلك الفاتنة الشقراء التي ستمكث معهم بداية من الليلة العجيبة التي لا تود أن تنتهي ، قام عاصم من مكانه يودع جاسر :
- طب امشي أنا بقى عشان عندي شغل كتير بكرة أنا ما رضتش اتحرك غير لما أنت تيجي ، يلا يا حلم ، وأنت يا بيه أنت وهو اسبقوني على العربية 
اقتربت حلم من رؤى تعانقها تودعها لتهمس تمازحها قبل أن ترحل :
- الست دي حلوة اوي يا طرب ، خدي بالك لأبو العيال يجدد فراشه ولا حاجة
حلم كانت تمزح ورؤى تعلم ولكن في تلك دب القلق في قلبها ، عادت تنظر للسيدة الجميلة أمامها من جديد متوترة ، قبل أن تنفض تلك الفكرة السامة من رأسها جاسر يحبها منذ أعوام طويلة وهي تحبه وتثق في حبه لها ، أجفلت على حركة يد جاسر أمام وجهها يسألها قلقا :
- رؤى أنتِ كويسة يا حبيبتي
حركت رأسها بالإيجاب سريعا تبتسم له ، ليطلب منها :
- طب معلش يا حبيبي قولي للبنات في المطبخ يحضروا عشا 
اومأت برأسها تتابع ما يحدث ، لا تفهم لما يرحب بها جاسر للمرة الثانية تقريبا ألا يكفي مرة واحدة ، تعاون يوسف مع طرب بسبب إصابة قدم رعد في حمل مقعد ملاك لأعلى ، توسعت حدقتيها تلك السيدة تود الاستناد على يد زوجها لتقف تلحق بابنتها ، هنا سارعت هي تقف بينهم تجذب كاملا عن مكانها لتستند على ذراعها تغمغم سريعا:
- اسندي على أيدي يا حبيبتي ، رعد قول للبنات في المطبخ يحضروا العشا 
هنا حركت كاملا رأسها للجانبين ابتسمت تعتذر منهم :
- ما فيش داعي شكرا أنا مش جعانة ، أنا عاوزة بس اطلع لملاك وطرب 
اومأت رؤى لها تعطيها ابتسامة صفراء مجاملة ، تحركت معها لأعلى التفتت برأسها صوب جاسر تعطيه نظرة حادة تتوعده ؛ ليضحك رعد بخفة اقترب من أبيه يشاكسه :
- البس يا معلم ، ماما هتعلن الحرب عشان كنت  هتسند مدام كاملا
نظر جاسر صوب رعد متوترا ليردف سريعا يدافع عن نفسه :
- ما كنتش هسندها والله كنت هانديك أنت ، هي شكلها ليلة مش معدية 
ضحك رعد قبل أن تندثر ابتسامته وتشخص عينيه نظر إلى أبيه يهمس متوترا :
- تفتكر طرب هتنام الليلة دي جنب أمها 
قطب جاسر جبينه متعجبا مما يقول قبل أن يحرك رأسه يسخر منه :
- أكيد طبعا مش محتاجة كلام ، وأنت ما تعدنش وسيبها تنام جنب أمها 
شد أسنانه بعنف يدق بعصاه الأرض يصيح مغتاظا :
- حبكت الليلة دي ، حبكت النهاردة ... دا أنا مستني اليوم دا بقالي أسبوع وزيادة ، هتنقط والله هتنقط 
وتركه وصعد لأعلى يغمغم ساخطا يعبر عن غيظه ؛ ليضرب جاسر كفا فوق آخر يغمغم مدهوشا :
- لا حول ولا قوة إلا بالله ، الواد رعد اتهطل 
نظر حوله يبحث عن چورى لم يرها منذ دخوله ، صعد إلى أعلى قاصدا غرفتها 
دق الباب فلم تجيب ، شعر بالقلق ففتح مقبض الباب نظر صوب فراشها ليجدها تغط في النوم
ابتسم يتنفس الصعداء اقترب منه يقبل جبينها يمسح على خصلات شعرها برفق ، رفع الغطاء يدثرها به قبل أن يخرج من الغرفة يغلق الباب عليها ، رأى رؤى تخرج من غرفة ملاك تنظر إليه حانقة ؛ ليبادر هو اقترب منها يتغزل بها :
- أنتِ مالك حلوة أوي أوي النهاردة كدة ليه
ابتسمت سعيدة وكأن شيئا لم يكن ؛ ليلف ذراعه حول كتفيها يتثائب :
- يلا يا حبيبي نروح ننام ، يمكن اليوم العجيب دا يخلص بقى 

في غرفة ملاك ، أصرت كاملا أن تمكث مع ابنتها في نفس الغرفة .... جلست كاملا تستند بظهرها إلى عارضة الفراش ملاك بين أحضانها وطرب تجلس أمامها ، أمسكت بكف يدها تسألها :
- ماما أرجوكِ قوليلي ، عمي جاسر سألك نفس السؤال ليه ما حاولتيش تتواصلي معانا من ساعتها ، وجودك كان هيمنع كارثة ، أنتِ ما تعرفيش اللي اسمها تهاني بهدلت حياتنا إزاي
اقتربت كاملا بجسدها من طرب تمسك بكفيها تسألها مذعورة :
- عملت ايه يا طرب ؟!
أغمضت طرب عينيها تتذكر شريط سريع مر أمام عينيها ، لتنهمر دموعها من خلف جفنيها المغلقين ، اضطربت حدقتي كاملا خوفا لترفع يديها إلى وجه ابنتها تسمح دموعها تهمس مرتعشة :
- ما أذتكوش ، عُدي قالي أنه مش هيخليها تأذيكوا 
فتحت طرب عينيها حين نطقت والدتها اسم عُدي ، لتمسك بذراعيها تسألها منفعلة :
 - عُدي ، عُدي السبب في كل حاجة ... ماما عُدي هو السبب أنك ما رجعتيش مش كدا ، ردي عليا
حركت كاملا رأسها بالإيجاب تغمر الدموع وجهها تهمس بنبرة ترتجف :
- لما فوقت في المستشفى ، عرفت إني كنت في غيبوبة لأكتر من سنة ، كان وش عُدي أول وش شوفته ، وقالي أن جلال اتجوز تهاني الخدامة ، وبيحبها أوي ووراني صور كتير ليهم مع بعض ، قلبي كان بيتحرق وأنا شايفة الحية دي دمرت حياتي ، قولت هرجع اخد بناتي وأبعد بيهم عن الكل ، بس عُدي هددني وقالي أن جلال هو اللي باعته ... إني لو قربت منكوا هيقتلني ، زي ما كان عاوز يقتلني لما دبر حادثة العربية
شهقت طرب مذعورة تحرك رأسها للجانبين تردف سريعا :
- لا يا ماما ، بابا عمره ما يعمل كدا أبدا ... بابا بيحبك وعمره ما يأذيكِ أبدا 
رفعت كاملا يدها تمسح دموعها بحرقة ضحكت تردف ساخرة :
- جلال قبل ما اعمل الحادثة كان شاكك فيا وفاكرني بخونه مع عُدي ، وقالي أنه هيطلقني وأنه ما بقاش طايق يشوفني 
شهقت طرب بعنف لا تصدق ما تسمع من والدتها ، حركت كاملا رأسها تنساب دموعها من جديد تتمتم بحرقة :
- بعدها بكام يوم رجع عُدي وقالي أنه قال لجلال إني لسه عايشة ، واتصل بجلال وخلاه يكلمني عارفة جلال الراجل الوحيد اللي حبيته قالي ايه ، قالي لو شوفت وشك تاني أو حاولتي تقربي من بناتي هفضحك في كل حتة وأقول للكل أنك خاينة وقتها البنات نفسهم هيقرفوا يبصوا في وشك ، ما كنتش مصدقة اللي بسمعه منه كنت هموت من القهر ، بس عُدي وقتها وعدني أنه هيحاول يكلم جلال ويفهمه وأنه مش هيخلي تهاني تأذيكوا وأنه بس محتاج وقت ، الوقت دا بقى سنتين ... هموت واشوفكوا وخايفة لتكرهوني من كلام جلال اللي هيقوله عني ، لحد ما سمعت بخبر موت جلال جريت من المستشفى وروحت البيت ما لقتكوش البواب قالي انكوا عزلتوا من سنين وما يعرفش مكانكوا ، كنت هتجنن ، حاولت أكلم عُدي بدل المرة ألف بس ما كنش بيرد عليا ، فجاءة ما حستش بنفسي ووقعت ولما فوقت عرفت أن جالي جلطة بس الدكاترة لحقوني وفضلت مدة طويلة جسمي تقيل وبتحرك بالعافية وحالتي من سيء لأسوء ، كل يوم كنت بتمنى بس اشوفكوا لآخر مرة قبل ما أموت 
احتضنت طرب والدتها لتنفجر كاملا في البكاء تعانقها بقوة تستشعر وجودها بين أحضانها بعد طول فراق ، أبعدتها كاملا عنها سريعا تحتضن وجهها بين كفيها تسألها مذعورة:
- تهاني عملت إيه 
نظرت طرب صوب ملاك التي تبكي هي الأخرى حركت رأسها للجانبين كأنها تخبرها ألا تقول لها الآن ، حاولت طرب أن تبتسم تنهد بعمق تغمغم :
-بعدين يا ماما ، وبعدين ما تخافيش عليا ،أنا كنت مهزقاها ، بس أنتِ ليه اصريتي تقعدي في أوضة ملاك السرير مش هيكفينا إحنا التلاتة 
ابتسمت كاملا لها بخفة تربت على وجنتها بخفة :
- روحي يا حبيبتي نامي في أوضتك عشان جوزك ما يزعلش ، وبعدين أنتِ بردوا لسه ما قولتليش اتعرفتوا على بعض امتى وفين صور الفرح 
توترت طرب لتقف من مكانها تقبل جبين والدتها تغمغم سريعا :
- بكرة يا ماما أنتِ تعبانة دلوقتي ، ارتاحي 
تحركت لخارج الغرفة تلوح لها تُغلق الباب ، قبل أن تتحرك لغرفتها بصحبة رعد ، فتحت الباب لتراه يخرج من المرحاض يجفف خصلات شعره بمنشفة صغيرة ابتسم ما أن رآها يغمغم مبتهجا :
- أنا قولتي هتباتي عند مامتك وما رضتش اضايقك
رفعت عينيها تنظر إليه ليرى الدموع عالقة في مقلتيها ، فتح ذراعيه لها قليلا لتتحرك صوبه دون كلام وضعت رأسها على صدره تلف ذراعيها حول جزعه رفع يده يمسح على رأسها برفق حين سمعها تهمس بنبرة مختنقة :
- أنا تعبانة أوي يا رعد ، حاسة اني عاوزة اقف في وسط الطريق أصرخ ، مش مصدقة أن بابا عمل كدة ، أكيد في حاجة غلط ، أنا حاسة إني تايهة وبلف في نفس الحلقة ، أنا تعبانة وخايفة أوي يا رعد 
تحرك معها بهدوء يجلس على طرف الفراش وهي تجلس جواره لاتزال بين أحضانه ، ظلت هكذا بضع لحظات قبل أن تفتح عينيها تبتعد عنه قطبت جبينها تحادثه غاضبة :
- اوعى أنا أصلا ما بتكلمش معاك ، عشان زعقتلي بسبب ابن عمتك وهو جه اللي سلم عليا
ابتسم هو ساخرا يكتف ذراعيه أمام صدره يغمغم ساخرا :
- وبالنسبة للأستاذ زين اللي خدتيه حضن مطارات أول ما شوفتيه دا أخوكِ في الرضاعة 
دا أنا كان نفسي ألطشك قلم وقتها 
اشاحت بوجهها بعيدا عنه تزم شفتيها تحادثه مغتاظة :
- قولتلك أنه زي أخويا ومتربي معانا ومن إحنا صغيرين وبعدين أنا اعتذرت لك على اللي حصل ، أنت بقى زعقت وما اعتذرتش حتى 
ضيق حدقتيه ينظر لها حانقا لتسمعه يحادثها متوعدا :
- بقى زي أخوكِ حلو أوي أنا بردوا سما بنت عمتي زي أختي ومتربي معاها ومن وإحنا صغيرين هروحلها بكرة وأنا أول ما اشوفها هرزعها حضن 
توسعت حدقتي طرب غيظا لتقترب منه في لمحة تكمش تلابيب ثيابه في كف يده تتوعده :
- طب ابقى أعملها يا رعد عشان أولع فيك وفيها 
ابتسم ساخرا ينظر لكف يدها الصغير الذي يمسك بثيابه لأول مرة يلاحظ أن كف يدها فعلا صغير ، رفع وجهه ينظر لوجهها يقطب جبينه متعجبا :
- أنتِ ايدك صغيرة أوي كدة ، أنتِ عارفة بيقولك اللي أيده قد وشه هيخش الجنة 
قطبت جبينها تنظر له متوجسة قبل أن ترفع كف يدها تضعها على وجهها ليباغتها هو يصدم كفها بكفه لتتأوه متألمة في حين انفجر هو في الضحك ، نظرت إليه مغتاظة تصرخ فيه :
- ايه حركات العيال دي ، بطل ضحك .. بقولك ما تضحكش 
أمسكت عنقه بكفيها تحاول خنقه تصرخ فيه :
- يا رخم بطل ضحك 
مال بجسده للوراء ليسقط بجسده على الفراش 
يجذبها معه ، شهقت بقوة تستند بكفيها إلى صدره رفعت وجهها ينزل شعرها القصير يغطي وجهها رفع يده يزيح خصلات شعرها للخلف يضعها خلف أذنيها ، تقابلت عينيها بخاصته رأته يبتسم لها رفع كفه يبسطه على وجنتها برفق يهمس لها بصوت خفيض شغوف :
- مش هنجيب يونس بقى ، حبيب بابا واحشني أوي عاوز اشوفه 
شحب وجهها حين تذكرت حلمها ، لتنفض تلك الفكرة من رأسها سريعا تنظر له خجلة تومأ برأسها ليضمها لأحضانها يهمس لها بنبرة شغوفة صادقة محبة :
- بحبك يا طرب 
_____________
الثانية والنصف ليلا في الصالات الكبيرة هنا ستجد كل ما هو محرم يحدث مستنقع من مستنقعات شياطين الإنس يلتفون فيه تتعالى ضحكاتهم الماجنة ، دخل عمار يبحث بعينيه عن هدفه ليراه هناك يجلس أمام إحدى طاولات القمار ابتسم ساخرا تحرك يجذب المقعد المجاور له دون مقدمات يوجه أنظاره للشاب أمامهم يتحدث بنبرة مغترة :
- 10 آلاف دولار 
تحركت عيني عُدي ينظر لمن تحدث ، ليرى شاب في العشرينات تقريبا رفع الكأس إلى فمه يرتشف منه حين سمع صوت الفتى الواقف يسأله :
- عُدي بيه حضرتك هتلعب 
تأفف عُدي حانقا خسر ما يزيد عن خمسين ألف الليلة لم يعد لديه المزيد ، وجد ذلك الشاب يلتفت له يبتسم يرحب به بحرارة :
- عُدي بيه المهدي ، مش مصدق أنا حقيقي سعيد جداا إني شوفتك هنا ، أنا كنت لسه هاجي لحضرتك بكرة الشركة 
ومن ثم أخذ عمار عدة دارات سوداء يعطيها له يغمغم مبتسما:
- هدية نلعب سوا 
ابتسم عُدي مغترا ينظر لذلك الشاب من جديد قبل أن يومأ برأسه موافقا 
بعد نصف تقريبا تعالت ضحكات عُدي وهو يجلس أمام عمار يردف :
- لاء بس إنت فعلا دمك خفيف يا عمر دا غير أنك لعيب في البوكر ، دفعت 10 آلاف خدتهم 50 ألف ، حقيقي هايل 
ابتسم عمار ساخرا 
ينظر لذلك الرجل أمامه يقيمه بنظراته قبل أن يطلب منه أن يجلسا منفردين ليحادثه عن أمر هام ، توجه عُدي مع عمار إلى غرفة جانبية هادئة بعيدة عن الصخب جلس عُدي على المقعد أمام عمار يسأله بنبرة ساخرة :
- ها يا سيدي صفقة ايه ، وبعدين أنت مش صغير أوي على الصفقات دي 
ابتسم عمار بتهذيب تحفر أصابعه في خشب المقعد يحاول أن يهدأ قدر المستطاع قبل أن يطبق عليه نظريته الخاصة ، حمحم يردف :
- عندك حق ، الصفقة مع والدي نصار باشا باختصار شديد أنا ووالدي كنا بنشتغل في أمريكا تبع شركات السياحة وعملنا مبلغ ضخم ، وجينا هنا حاولنا نشتري شركة ونبدأ بيزنس خاص بينا ، ولكن للأسف والدي اتضحك عليه واشترى شركة سمعة مالكها مش كويسة فبالتالي السوق مقلق منها ومش حابين يشتغلوا معانا ، فقولت لازم اقابلك عُدي المهدي شخص ذكي متفرد ما بيمشيش ورا إشاعات السوق ، ودمج شركتنا معاه هيبقى بمثابة كارت أمان لينا عشان السواق يتطمن ويتعامل معانا ، اسم شركات المهدي مش قليل في السوق بردوا ، وأنا عندي خطط كتير لصفقات كبيرة هتكبر شغلك وشغلنا وأول صفقة هتبقى على حسابنا إحنا ومكسبها بالنص ، وكل الورق هيبقى مع المحامي عشان تتأكد من صحته طبعا 
ومن ثم صمت وضع ساقا فوق أخرى يرتشف من كأس النبيذ في يده يغمغم بنبرة معسولة تقطر سما :
- وبكدة تكون أنت الكسبان من جميع النواحي ، قولت ايه ؟
أُعجب عُدي كثيرا بالعرض الذي قُدم له ، منذ البداية وهو أعجبه ليومأ برأسه موافقا ، رفع يده بالكأس يغمغم مبتسما:
- في صحة شراكتنا الجديدة
ومن ثم نظر خلفه وكأنه يبحث عن أحدهم قبل أن يشير إلى شخص ما يعلو بصوته :
- توتا تعالي يا حبيبتي ، عمر بيه اتعرفي بيه 
اقتربت تهاني تتمايل في فستان خليع شبه ساتر ، تمسك في يدها كأس مشروب ، أصفر وجهها حين أبصرت عمار يجلس أمام عُدي ، رماها بنظرة احتقار وكأنه يشمئز فقط من رؤياها ...في حين جذبها عُدي لتجلس على ذراع المقعد الذي يجلس عليه يعرفها بعمار :
- دي يا عمر توتا ، تهاني صاحبة الفضل في اللي أنا فيه دلوقتي ، توتا دا عمر بيه الشريك الجديد بس هو لسه شاب صغير  ، إحنا شراكتنا مع والده نصار بيه 
وغمز لتهاني خفية يلف ذراعه حول خصرها ، ومن ثم وقف يجذبها معه ليقف عمار بدوره لينهي تلك المقابلة ؛ ليجد عُدي يدفع تهاني بخفة ناحيته يحادثه بنبرة خبيثة :
- مستعجل ليه ، أنت ضيفنا ... وتوتا تحب تكرم ضيوفها
ومال صوبه يهمس جوار أذنه بنبرة خبيثة :
- ما تقولش أكبر مني ، صدقني هتنبسط أوي توتا دي خبرة 
شد عمار أسنانه يطحنها بعنف يقبض على كف يده.  ينظر لها مشمئزًا كارهًا نافرًا في حين ضحك عُدي يدفع تهاني نحوه ؛ لينتفض عمار يبتعد عنها وكأن حية لدغته بنابها المسموم ينظر لها مشمئزا لو بيده لأطبق على عنقها حتى تزهق أنفاسها بين يديه ، نظر صوب عُدي يغمغم :
- معلش أنا مرتبط وماليش في الحاجات دي عن إذنك ، هكلم حضرتك بكرة عشان نتقابل 
وتحرك يخرج من المكان سريعا ويشعر وكأن هناك نيران من الإثم تركض خلفه تود حرقه ، توجه إلى سيارته فتح بابها يدخل إليها يقودها سريعا عبر الطرقات الخالية إلى شقة صغيرة يمكث فيها حين يود أن يبتعد عن الجميع ، نزل من سيارته يصعد درجات السلم سريعا دخل إلى شقته يفتح الإضاءة وصل لهاتفه في تلك اللحظة عدة صور ومقطع فيديو من الرجل الذي أجره ليقارب مليكة حتى تبقى دوما تحت أنظاره ، فتح الصور يقلب بينهم سريعا ، لتحتد حدقتيه وتزداد نظراته شراسة وحقدا ذلك الجاسر سيقتله أن لم يبتعد عنها ، وذلك المقعد حين جذبها جاسر نحوه ورأها تنظر إليه خجلة شعر بالنيران تتأجج في قلبه ألقى الهاتف من يده يسقط على ركبتيه أرضا يصرخ باسمها :
- لا يا مليكة ، مش هتبقي لحد غيري لاء ، مش هياخدك مني ، حتى لو هقتله لو هقتل بس ما حدش هياخدك مني 
انفجر في البكاء يستند بظهره إلى الحائط خلفه تنهمر دموعه بحرقة ؛ ليسمع صوت خطوات تقترب منه نظر حوله سريعا ليرى زين يقف أمامه نظر لها يصرخ محتدا :
- أنت ايه اللي جابك هنا ، هو أنا مش قولتلك ابعد ، مش قولتلك أن أنا خرجتك من القرف دا ، بتعمل ايه هنا ، امشي يا زين 
اقترب زين منه أكثر ينزل على ركبتيه بصعوبة بسبب ألم ساقه وتلك الجبيرة حاول أن يعانقه ليدفعه عمار بعيدا هب واقفا عنه يصرخ فيه :
- بطل شغل المسلسلات اللي أنت بتعمله دا وامشي اطلع برة قبل ما اكسرلك رجلك التانية 
وقف زين أمامه قبض على ذراعيه يحادثه غاضبا :
- أنت ليه بتعمل كدة في نفسك ليه مصمم تبقى وحش ، ليه عايز تعيش مسخ أنت لسه قدامك الفرصة تختار 
ضحك عمار ، ضحكاته تشبعت بقدر كبير من الألم والمعاناة ، نظر صوب شقيقه يسخر منه:
- اختار !! أنا عمري ما اختارت أن يحصل فيا كدة ، أنا كنت طفل ، طفل صغير مالوش ذنب في أي حاجة بتقول عني وحش يا زين شوفت أنت ايه من اللي أنا شوفته ، اتضربت ، نمت بالليالي بتعيط من الجوع ، اترميت زي الفريسة تجري ووراك كلب مسعور لو طالك هينهش لحمك ، مسكت بإيدك سكينة وسيحت دمك عشان تاخد لقمة عيييييش ، جاي تقول عني مسخ ، ما أنت معذور ما اتربتش على ايد نصار 

شخصت حدقتي زين فزعا لا يصدق ما يسمع ، عقله لا يعي أن شقيقه عاش في تلك المعاناة وهو لا يزال طفلا ، انهمرت الدموع من عينيه يجذبه شقيقه إليه يعانقه رغما عنه تلك المرة تمسك عمار به يبكي بحرقة يتوسله :
- أنا عايز مليكة يا زين ، أنا بحبها أوي ... عشان خاطري خليها تسامحني ، كان هيموتها ما كنش قدامي حل تاني ، رجعهالي يا زين
_____________
في صباح اليوم التالي قرب السابعة صباحا في غرفة جواد 
 جواد في فراشه نائما جواره تجلس نور تضم ركبتيها لها تنظر للفراغ شاردة ، حركت عينيها تنظر لجواد النائم جوارها لترتسم ابتسامة حزينة شاحبة على وجهها حين تذكرت ما حدث بالأمس 
Flash back
كانت جالسة على الأريكة في الشقة التي تركها بها جواد تنهمر دموعها خائفة ، منذ أن تركها بالأمس لم يعود مما أكد إليها شعور أنه كان يرغب فقط في الحصول عليها يتمتع بها ومن ثم سيلقيه وها هو قد ألقاها بالفعل ، شعور مؤلم مخيف ينغرز في قلبها بقسوة ، فجاءة سمعت صوت الباب يُفتح ورأته يدخل وقفت سريعا تنظر إليه تعاتبه بنظراتها تنهمر دموعها ليركض جواد إليها يحتضنها يربت على رأسها برفق يعتذر منها :
- بس خلاص ما تعيطيش خلاص أنا جيت اهو ، حقك عليا يا نور والله كان غصب عنه 
تمسكت بقميصه تبكي بحرقة خوفا من أن يتركها من جديد ، لمحت عينيها شخص ما يقف خلفه نظرت له سريعا لترى والده ، ابتلعت لعابها مرتبكة خائفة تبتعد عن جواد ، دخل عمرو إلى المنزل جلس على أحد المقاعد يشير للمقعد المجاور له :
- تعالي يا نور اقعدي هنا جنبي وأنت انزل استناني في العربية 
ارتجفت خائفة تتمسك بيد جواد ليربت على كفها يطمأنها ، نظر هو إلى والده قلقا منه ليرمقه عمرو بنظرة حادة يشير له للباب فتحرك ينزل إلى أسفل ، ذهبت هي تجلس جوار والده منكمشة خائفة لتسمع الأخير يحادثها :
- جواد حكالي على كل حاجة ، ورغم رفضي للموضوع لأن الحيوان دا استغل بنت عمته عشان يوصلك ، بس إنتِ مالكيش ذنب يا بنتي ، بس أنا حقيقي مش عارف أعمل ايه فيه يا نور عشان يتعدل ، أنا زهقت منه ومن نرجسيته ومن كونه مش شايف حد في الدنيا غير نفسه ، عايز سعادته وبس وبيدوس في سبيلها على أي حد ، أنا عارف إني قصرت كتير في تربيته وفي فترة من حياتي ما كنتش شايف غير نفسي ونجاحي وبس ، بس أنا مش عايزه يفضل كدة مش عايزه يفضل إنسان مؤذي يدوس على اللي حواليه وبس ، نور تعرفي أنا كنت فاكره متجوزك عشان يعاند فيا بس ، بس هو اختارك على كل حاجات كتير أوي أنا قدمتها ليه ، أنا بجد مش عارف أعمل معاه ايه 
التقطت نور الأوراق التي يضعها جواد في كل جزء من المنزل تقريبا تخط على ورقة منها شيئا ما ، ظلت تكتبه طويلا إلى أن أعطت الورقة لعمرو يقرأ ما كتبت :
- جواد طيب بس هو عامل زي العيل الصغير بيعاند مع الكل عشان ياخدوا بالهم ويشوفوه عايز يلفت انتباه الكل ، جواد عمل حاجات كتير غلط وأنا شوفت منها بعيني ، المشكلة عند جواد أنه مش بيعترف أنه غلط ، الغلط عنده عادي يعمله ، جواد عاوز حضرتك تبدأ معاه من الأول خالص من عند السنة اللي سيبته فيها وانشغلت بالشركة 
قرأ عمرو ما كتبت زوجة ابنه وعقله لم يقتنع جواد يحتاج لإعادة تربية بأقسى الطرق !! لا لتلك التراهات التي تقولها ، وقف من مكانه يغمغم ممتعضا :
- غيري هدومك وهاتي شنطة هدومك عشان هتيجي معانا البيت 
ابتلعت لعابها خائفة تومأ برأسها سريعا ، يبدو أن والد جواد لم يعجبه ما قالت فتضايق منها هي الأخرى ، ذهابها معهم إلى المنزل يعني أنها من الممكن أن تجتمع بليان وشريف ، دق قلبها بعنف حين ذكر عقلها فقط اسم شريف أغمضت عينيها تنهمر دموعها بعنف كم اشتاقت
له ، كلما نظرت لوجه جواد تراه هو ، تشعر بأنها خائنة ولكن قلبها لم يحب غيره !
ضبت ثيابها سريعا تحركت للخارج ليأخذ منها والد جواد الحقيبة خرجت من الشقة لتراه يغلقها بقفل كبير وكأنه يمنع العودة إليها من جديد ، نزلت لأسفل لتجد جواد يقف جوار السيارة نظر لها متلهفا ما إن رآها ليهرع إليها يأخذها بين ذراعيه ليحادثه عمرو غاضبا :
- إحنا في الشارع يا عديم الرباية ، حط شنطتها في العربية وأنتِ اركبي يلا
اومأت سريعا خائفة تجلس على الأريكة الخلفية ، طوال الطريق لم ينطق اي منهم بحرف واحد ، كانت خائفة مذعورة من القادم وأكثر خوفها كان من نظرة شريف حين يراها ، فهو بالتأكيد سيأتي ليرى مرام ، حين وصلوا أمسكت بذراع جواد خائفة تنظر حولها هنا وهناك ، تشعر بأنها غير مرغوب بها ، خاصة مع نظرات والدة جواد الحادة حين رأتها 
أما جواد فلم يعيرهم انتباها أمسك بكف يدها يصعد معها لأعلى يتوجه بها إلى غرفته ، ما أن دخلها أغلق الباب بالمفتاح واقترب منها يهم بها 
؛ لتجحظ عيني نور تدفعه بعيدا عنها تحرك رأسها للجانبين ترفض ما يفعل ، تحركت إلى مرحاض الغرفة تغلق الباب عليها جلست خلف الباب تبكي يصدر منها أنين ضعيف ليقترب جواد من الباب سريعا دقه يحادثها قلقا :
- نور ، نور انا اسف ، نور طب اخرجي ومش هعمل حاجة ، اخرجي يا حبيبتي ... ما تعيطيش نور عشان خاطري ، أنا آسف ، نور أنا مش هتحرك من هنا غير لما تخرجي 
مرت عدة لحظات إلى أن فتحت الباب وقفت أمامه تحرك يديها منفعلة تشير إلى فمها تارة وتارة إلى جسدها وتارة له هو وتارة للمكان حوله وهو لا يفهم ما تقول ، عينيها تنهمر منها الدموع بلا توقف ، حاول أن يحتضنها علها تهدأ قليلا لتشهر سبابتها أمامه تحرك رأسها للجانبين ترفض اقترابه منها ، تحركت إلى الفراش توليه ظهره تتدثر بالغطاء جيدا ترتعش من عنف بكائها 
Back
يبدو أنها نامت من عنف بكائها ، جل ما حدث بعدها أنها شعرت به يتسطح خلفها يضمها لأحضانه وسمعت صوته وهو يهمس يعتذر :
- أنا آسف يا نور حقك عليا يا حبيبتي

أما في غرفة عمرو وروان كان عمرو نائما جوار زوجته حين دق هاتفه مرة تلو الأخرى إلى أن استيقظ وجد رقم نائبه في الشركة والمسؤول عن قسم البرمجة والحاسب في شركته فتح الخط ليمسعه يغمغم مذعورا :
- عمرو بيه في كارثة أنا طاهر ، حضرتك قولتلي تبقى عيني دايما على أكونتات الآنسة مرام ، دلوقتي في فيديو ليها جايب مشاهدات عالية أوي فيديو زي الزفت أنا هبعته لحضرتك حالا
وأغلق الخط في حين اعتدل عمرو في جلسته ينتظر ذلك المقطع إلى أن وصل إلى هاتفه فتحه يتأفف حانقا ، فتح المقطع لتشخص حدقتيه وتحتد عينيه تشتعل غضبا ابنته تتراقص أمام شاشة الكاميرا ومئات الآلف شاهدوها ، نفض الغطاء عنه بعنف يصرخ باسمها صوته يرج جدران البيت ذعرا ، فزعت روان على صوته لتهرع خلفه تسأله مذعورة .
- في اي يا عمرو مرام عملت ايه ، طب رد عليا 
دخل غرفة ابنته ليراها نائمة في هدوء وكأنها لم تُحدث كارثة ، قبض على ذراعها يجذبها من الفراش بعنف لتصرخ مفزوعة لا تفهم ما يحدث نظرت حولها قبل أن تقع عينيها على والدها وهو يقف أمامها تشتعل نظراته غضبا ، ابتلعت لعابها تسأله خائفة :
- في اي يا بابا متعصب ليه ، أنا عملت ايه 
رفع هاتفه أمام وجهه لتشاهد المقطع الخاص بها منشور على إحدى الصفحات وفوقه مكتوب 
« فضيحة رجل الأعمال ابنته ترقص على التيك توك لجذب المتابعين »
شخصت عينيها مدهوشة مما تسمع ليبعد عمرو 
الهاتف يصرخ منفعلا :
- مبروك يا حبيبة بابا بقيتي تريند 
وصفعها بقوة لتسقط على الفراش تضع يدها على وجنتها تبكي 
أمسك عمرو هاتفه يطلب رقم ما يصرخ :
- طاهر في ظرف نص ساعة الفيديو وأي خبر عنه يتشالوا ، نص ساعة يا طاهر وما يبقاش لسه أثر 
وأغلق الخط يتنفس بعنف ينظر إليها يود في تلك اللحظة خنقها حية ، خرج من الغرفة يتحدث في هاتفه :
- شداد أنا عمرو ، ساعة زمن وتبقى قدامي ومعاك المأذون ، الهانم فضحتني على النت طلعت ترقص عليه ، مستنيك
وقف يتنفس بعمرو يشعر بجسده بأكمله يشتعل من الغضب 
في غرفة جواد ، مدت نور يدها تهز جواد بعنف عله يستيقظ كيف له أن ينام وصوت والده يصرخ هكذا ، تقلب جواد في نومه يضع الوسادة على رأسه يتمتم ناعسا :
- نامي يا نور هتلاقي مرام عملت مصيبة كالعادة ، يومين تلاتة هتتعودي ، نامي او سيبني أنام عندي شعل كتير في المكتب وهقوم كمان كام ساعة
ابتلعت نور لعابها خائفة تنكمش على نفسها تنزل دموعها ، تود بشدة العودة لمنزل شريف ووالدته ، تود أن ترتمي بين أحضان السيدة إيمان لتشعرها بالأمان التي كانت قد نسته 

أما في غرفة مرام ، ارتمت بين أحضان والدتها تبكي خائفة مما سيحدث ، ترى ما سيفعل والدتها لن يكتفي فقط بحذف المقطع بل بالتأكيد سيغلق لها كل الصفحات دون رجعة وذلك كان أسوء ما يمكن أن تفكر فيه ، لا تعلم أنه يخطط للاسوء من ذلك ، دخل عمرو إلى غرفتها يبحث حقيبة ثيابها الكبيرة إلى أن وجدها فوق دولاب الثياب انزلها بعنف ، فتح الدولاب على مصراعيه ... تحرك صوبها يجذبها من بين أحضان والدتها يصرخ فيها :
- حضري هدومك كلها حالا وأنا واقف 
نظرت له مذعورة تومأ سريعا ضبطت ثيابها أجمعها داخل الحقيبة ليغلقها عمرو بعنف يضعها جانبا يلتقط فستان لها يلقيه عليها :
- ألبسي 
هنا تذكرت روان مشهد قديم حدث لها ، لتهب واقفة تفصل بين عمرو ومرام تصرخ فيه خائفة على ابنتها :
- أنت بتعمل ايه يا عمرو ، هتودي بنتي فين 
طحن أسنانه بعنف يهسهس متوعدا :
- بنتك لو فضلت قدام عينيا هقتلها وأخلص منها ، أنا اتفضخت طاهر مش عارف يلم الموضوع ، الفيديو وصل للشركا ، بقى في كل حتة ، اوعي من قدامي يا روان أنا ماسك نفسي بالعافية 
ازاحها بعنف بعيدا عنه يقبض على يد مرام تتحرك معه لأسفل مرغمة خائفة ، حين نزلا لأسفل رأت رجل ضخم طويل القائمة عينيه مخيفة قسمات وجهه حادة للغاية ، شعره به خصل بيضاء وكذلك لحيته ، يرتدي جلباب ورداء أسود وعمامة فوق رأسه ، اختفت أنفاسها ذعرا حين سمعت والدها يغمغم :
- أعرفك شداد جوزك بعد كام دقيقة !
توسعت حدقتي مرام فزعا ، زوج من ؟!! 
من ستتزوج من ؟!! ، نظرت صوب والدها مذعورة تحرك رأسها للجانبين بقوة تهمس مرتعبة :
-لاء مستحيل ، أنت مش هتعمل فيا كدة ... مش هتجوزني للراجل دا ، لا يا بابا حرام عليك
بلغ الغضب بعمرو مبلغه ، قبض على ذراعها يهزها بعنف يصرخ فيها بعلو صوته :
- حرام عليا أنا ، أنتِ سامعة نفسك ، أنتِ مش حاسة باللي أنتِ بتعمليه ولا ايه ، استخدمتي الراجل اللي كان بيحبك أكتر من نفسه عشان تزودي الفلور بتوعك ولما حصلتله أول أزمة بعتيه بمنتهى الدناءة ، بتاخدي السنة في اتنين ليل ونهار شاردة برة البيت بتعملي فيديوهات تافهة زيك ، اتكلمت بالعقل وبالزعيق حتى شريف نفسه لسانه نشف ، أنا خلاص زهقت من اللي أنتِ بتعمليه ، أنا فشلت إني ابقى أب ليكِ أنتِ والبيه أخوكِ ومش هينفع اسيبكوا للأسف تضيعوا أكتر من كدة ، هتتجوزي شداد ورجلك فوق رقبتك ، هنا ما فيش رفاهية الرفض خلاص ما عدش فيه رفاهيات 
حركت رأسها تبحث عن والدتها خائفة ، لتنزع ذراعها من يد أبيها تهرول إليها تحتضنها بقوة تتمتم مذعورة :
- ماما عشان خاطري ، عشان خاطري ما تخليش بابا يعمل كدة ، ماما أنتِ ساكتة ليه ، امنعيه 
رفعت وجهها تنظر لوجه والدتها لترى عينيها شاردة حزينة ، وكأن المشهد يُعاد من جديد وابنتها بدلا منها وعمرو بدلا من أبيها وذلك الرجل الواقف هناك بدلا من عمرو ، يبدو صلبا وقاسيا نظراته أخافتها ، صمته الغريب مُقلق وكأنه مبرمج ألا ينطق بحرف ، بكت مع أنها أخبرت عمرو أنها لن تفعل وهي ترى ما حدث يُعاد من جديد ، ربما بكائها في تلك اللحظة هو على تقصيرها ولكن كيف وهي أحبت مرام ودللتها كثيرا وأعطتها كل الحب التي حُرمت هي منه ، لما حدث ذلك إذا ؟! ... هنا ثارت على خطتها مع عمرو تقف أمام ابنتها تحميها منهم تصرخ في زوجها :
- لا يا عمرو أرجوك ، أنا عارفة أنا عامل حساب كل خطوة جاية كويس ، بس لاء مش هقدر أبعدها عني ... عشان خاطري يا عمرو 
ابتسمت مرام تتنفس الصعداء تتمسك بذراع والدتها لتحميها مما يحدث والدها بالطبع أصابه الجنون ليفعل بها ذلك وكرد فعل أرعن منها صرخت فيهم هي الاخرى :
- أنا مش هعمل الجنان اللي أنت عاوزه دا ، أنت أكيد اتجننت 
هنا توسعت حدقتي روان استنكارا تلك الجملة قالتها لوالدها قبلا ، مرام الذنب الذي فعلته قديما وتراه يتجسد أمام عينيها من جديد ؛ ليذكرها بمدى رعونتها ، التفتت لها تقبض على ذراع ابنتها تصرخ فيها :
- ايه اللي أنتِ قولتيه دا ، أنا غلطانة إني دافعت عنك ، أنا عمري ما قصرت معاكِ يا مرام ... قصرت في حق جواد سنين بس ما قصرتش في حقك يوم ، أنا غلطانة اني وافقتك لما قولتيلي ماما أنا عاوزة ابقى زفت بلوجر ، والموضوع بقى بالنسبالك إدمان ، أقولك عمرو عنده حق 
وابتعدت عنها توسعت حدقتي مرام ذعرا تنظر حولها تبحث عن منقذ آخر إلى أن رأت جواد ينزل من أسفل يتثائب ناعسا يبدو أن صوت الصراخ قد ايقظه ، هرعت إليه تغمغم مذعورة :
- الحقني يا جواد ، بابا عاوز يجوزني للراجل اللي واقف هناك دا ، كلم شريف أنا موافقة اتجوزه ، والله موافقة
ضحك جواد يسخر منها :
- أنتِ فاكرة أن شريف مستني مكلمتك ، يا ماما خلاص شريف طلعك برة حياته بعد الكلام السم اللي قولتيه ليه في المستشفى ، وبعدين العمدة اللي واقف هناك دا أكيد هيريبكي كويس شكله راجل صعيدي ناشف ، أنتِ بنت حلال وتستاهلي كل خير ، هتوحشيني والله 
وعانقها يقبل جبينها يبتسم في وجهها ساخرا ؛ ليصفر وجهها ذعرا لا تجد منقذ يخرجها مما هي فيه ، ارتجفت بقوة حين وصل لأذنيها صوته العميق وهو يحادث والدها :
- يا عمرو بيه أنا مستعجل طال الوقت ، والطريق للبلد طويل ، أنا عشان كنت بايت اهنه في مصر جيتلك على طول ، المأذون في العربية برة بقاله كتير 
حركت رأسها للجانبين ترفض ما يرغمونها على خوضه ، رأت والدها يقترب منها وقف أمامها يحدجها بنظرة قاسية للغاية قبل أن يهسهس غاضبا :
- لو سمعت نفسك هقتلك وأخلص منك ، أنت والبيه اللي واقف وراكِ دا برصاصة وأريح  نفسي والدنيا منكوا
ومن ثم التفت صوب شداد يحادثه :
-هات المأذون 
حرك الأخير رأسه بهدوء يتحرك للخارج ، وهي لا تفهم ما ذلك الرجل الآلي ألا يرى أنها لا تريده 
لتصرخ هي فيه :
- أنت ما عندكش دم ولا إحساس ولا رجولة ، أنت شايف إن أنا مش طيقاك مش عاوزة اتجوزك ، ولا هو دفعلك فلوس وأنت زي الكلب بتمشي وراها 
كانت محاولتها الأخيرة على أي حال لتستفزه عله يغار على كرامته ويغادر ، توقف والتفت لها وابتسم فشحب وجهها ، بدا وكأن الموت هو من يبتسم ، لم يتحرك خطوة من مكانه فقط ركز حدقتيه الحادة عليها يصدح بصوته القوي :
- سمعت كتير عن طول لسانك وجلة حياكِ يا مصراوية ودلوجت شوفتهم بعيني ، أنتِ لسه ما تعرفيش أنا مين ، أنا شداد يا مصراوية يا متعلمة ، ياللي أبوكِ ما بخلش عليكِ لا بعلم ولا بمال وقصاد دا كان رد الدين ، فضيحته قدام شوية عيال ، من اهنه ورايح اللي هيتنفذ بس هو أمر شداد ... ولسانك اللي متلفحة بيه كيف الحية ، هعرف إزاي اخليك ِ تبلعي سمه 
والتفت وخرج للحديقة في حين شحب وجهها هي حد الموت تنظر حولها مذعورة ، روان شعرت بالقلق مما قال ذلك الشداد ، أما جواد فاقترب من شقيقه يهمس جوارها ساخرا :
- دا أنتِ هتتنفخي ، يلا أنتِ قليلة الأدب وتستاهلي ، ما تنسيش تاخدي موبايلك عشان تصوري لايف من جوا الزريبة 
وللحظة رأتها مرام فكرة جيدة ، حياة أخرى بمقاطع جديدة لما لا ، نفضت تلك الفكرة سريعا 
ذلك الشداد المخيف لن يسمح لها نظرت إلى ثلاثتهم تصرخ فيهم :
- أنا عمري ما هسامحكوا 
في الدقيقة التالية دخل شداد ومعه المأذون الذي جلس يباشر في إجراءات عقد القران سريعا ، هل سألها عن رأيها ؟ لا لم يفعل 
وضع والدها يده في يد ذلك الرجل وعقدوا قرانها وتطوع أخيها مرحبا بأن يكون شاهدا على العقد ، هو ورجل آخر جاء معه في اللحظة التي حمل فيها عمرو الدفتر أمام وجهها نظرت له تترجاه بعينيها للمرة الأخيرة أن يوقف ما يحدث ولكنه لم يتأثر حتى ، ارتجف كف يدها وهي تخط توقيعها على سطح الورقة ، ابتسمت ساخرة حين رأت ذلك المدعو شداد زوجها المصون الآن يخرج ظرف كبير بالطبع به نقود من جيب جلبابه يعطيه للمأذون الذي رحل دون أن ينطق بحرف ، تحركت هي إلى حقيبتها تجذب ذراعها تجرها خلفها ، التفت لهم تضحك وعينيها دامعة تسخر من نفسها قبلهم :
- واضح أن أنا كدة ما بقاش ليا مكان وسطكوا ،
بس انا عوزاك تعرف بس حاجة صغيرة ، أن حضرتك بدل ما تصلح المشكلة اللي أنت شايفها مشكلة عظيمة رميتها لحد تاني يصلحها بدالك ، هتبقى مرتاح وأنت عارف إنه أكيد هيضربني ، واحتمال كبير يغتصبني ... هتبقي مبسوطة يا ماما ، طبعا أنت أكيد شمتان يا جواد ، غريب أوي جواد عمل بلاوي أكتر مني ألف مرة وأنت كل اللي عملته روحت جبت مراته اللي اتجوزها من وراك وعيشتها معاك هنا ، فعلا عقاب قاسي أوي ، من غير وداع لأني بكرهكوا كلكوا 
وتحركت للخارج تُلقي حقيبتها أرضا في منتصف الحديقة تنظر إليه بتعاليٍ تشير إلى الحقيبة في إشارة ساخرة أنه خادم أبيها !! 
ابتسم شداد في هدوء تام تحرك صوب الحقيبة كما طلبت هنا ابتسمت ساخرة ، قبل أن يركل هو الحقيبة بقدمه بعيدا لتسقط في المسبح رفع كتفيه يسخر منها :
- بتعرفي تعومي يا مصراوية ، المرة الجاية هتبجي مكان الشنطة 
شحب وجهها خوفا تحركت لتجلب الحقيبة لتشعر بيده تمسك بمرفقها تمنعها عن الحركة جذبها للخلف لتصبح أمام وجهه ، أشهر سبابة يده الأخرى أمام وجهها يهسهس غاضبا :
- أبوي الله يرحمه جالي جبل ما يموت ، يا ولدي الراجل الصُح اللي ما يرفعش يده على حرمة بيته ، اللي مراته تهابه وتخاف غضبه بس من غير ما يمد يده عليها ، أنا شداد عيلة زيك ترميلي شنطتها عشان اشيلها وراها ، فكراني خدام أبوكِ ، تجول عني أنا كلب .. ما هتعديش بالساهل يا مصراوية 
ومن ثم بدأ يسخر منها ينظر لها من أعلى لأسفل يردف متهكما :
- بس ضحكتيني دمك خفيف جوي ، لما جولتلهم هيغتصبني ، بصي لحالك في الازاز شبه متولي السواج ، اركبي يلا وخلجاتك مش هتجبيهم ، ابقى ألبسي من لبسنا يا مصراوية 
وفتح باب السيارة يدفعها للداخل يجلس جوارها وهي كل ذرة بها ترتجف من وقع كلماته ومما هي مقدمة عليه ، كانت لا تزال تمتلك حقيبة يدها ، لتجده فجاءة ينتزعها منها صرخت تحاول أخذها منه ليفتح الحقيبة أخذ هاتفها يضعه في جيب جلبابه البعيد عنها ، يلقي الحقيبة عليها لتصرخ فيه :
- أنت همجي وحرامي ، رجعلي موبايلي يا حرامي 
ابتسم يكتف ذراعيه بعد أن تخلص من الرداء الأسود فوق جلبابه ، لف وجهه إليها يسخر منها :
- مدي يدك خديه 
الوقح يسرقها والآن ماذا ، هل سيظنها ستخجل وهو لما لم يخجل حين سرقها ، ضحكت تسخر منه :
- أنت فاكر أن أنا هتكسف وأنت ما اتكسفتش ليه وأنت بتسرقني 
رفعت يدها ستنتزع هاتفها منه رغما عن أنفه ، الفكرة الآن ليست فكرة الهاتف نفسه بقدر فكرة أنه انتزعها منها غصبا ، أمسك بكف يدها قبل أن تضعه في جيب جلبابه اقترب برأسه منها يهمس جوار اذنها بنبرة وقحة للغاية :
- لو يدك وصلت للموبايل ، ما هخرجكيش من العربية غير وأنتِ حبلة وفي تؤام
شهقت بعنف تجذب كفها من يده سريعا تنزوي بعيدا عنها ، الوقح معدوم الأخلاق ألم يكن يسخر قبل قليل منها ، نفخت خديها تشعر بالخوف الشديد داخل خلجاتها حتى وإن اظهرت ، السيارة تتحرك بها صوب المجهول حرفيا ، ادمعت عينيها وقلبها ينتفض بعنف داخلها ، هي حتى لا تعرف ما الذي ينويه لها ذلك الهمجي البربري معدوم الأخلاق الجالس جوارها 
أما في منزل عمرو ، هرعت روان إلى غرفتها تبكي بحرقة تغلق الباب عليها ليعلق جواد ساخرا :
- ايه دا دي دموع الفرح ، فين الزغاريط طيب ، ايه الفرح الساكت دا .. طب هخلع أنا أروح المكتب 
وصعد لأعلى يعلو بصوته لتسمع زوجته :
- نوري ، حبيبي حضريلي الحمام 
ابتسم عمرو ساخرا ذلك المتعجرف سيلقنه درسا قاسيا حتى يقسم أن ما حدث لشقيقته كان فقط مزحة طريفة !!
______________
كان لا يزال الوقت باكرا حين قررت السيدة صفاء النزور لأسفل لشراء بعض الأشياء من السوق ، نزلت لأسفل لتجد محمود يهم بفتح باب الورشة ، التفت ما أن رآها يسألها:
- رايحة فين يا ماما كدة على الصبح
اقتربت صفاء تربت على ذراعه تحادثه :
- رايحة السوق ، التجار الصبح بيبقوا لسه منزلاين البضاعة طازة ، وعايزة املا التلاجة خزين الأسبوع بدل ما كل يوم أنزل ولا فاطمة تنزل
اومأ محمود برأسه ليُعيد غلق باب الورشة اقترب منها يغمغم :
- طب أنا جاي معاكِ ، طالما حاجة الأسبوع هتبقى الشيلة تقيلة عليكِ أكيد ، يلا عشان ما نتأخرش 
وتحركا يغادران داخل السوق الشعبي الواسع 
ألتقط ذلك الفتى الواقف هناك يراقب هاتفه يسارع بالإتصال بمنير :
- ايوة يا باشا اوعى تكون مشيت ، الست اللي اسمها صفاء دي نزلت وابنها راح معاها والبيت فاضي دلوقتي ، حاضر يا باشا سلام
أغلق الفتى الخط ليتحرك سريعا خلف محمود وصفاء يتبعهم لداخل السوق ، أما منير فنزل من سيارته الواقفة عند تقاطع شارع جانبي تحرك سريعا إلى داخل العمارة ومنها إلى شقة فاطمة ، وقف أمام الباب لن يخاطر ويدقه فتصرخ فاطمة على السلم ويسمع صراخها الحي بأكمله ، أخرج مادية من جيبه يضعها في قفل الباب القديم لم يحتاج الكثير من العنف قبل أن يُفتح الباب ابتسم باتساع ، قبل أن يدخل إلى الشقة يغلق الباب من الداخل بالمزلاج ، تحرك في الشقة بحذر يبحث عنها هنا وهناك إلى أن رآها نائمة ، توسعت ابتسامته الخبيثة دخل إلى الغرفة يغلق بابها عليه اقترب منها بخفة إلى أن بات بالقرب منها ، تحركت عينيه الماجنة على منحنى جسدها يبتلع لعابه يشتهي ذلك الجسد منذ أن كانت زوجة أخيه الأحمق !! رفع يده يتحسس خصلات شعرها نزل بيده إلى رقبتها ليسمعها تهمهم ومن ثم بدأت تهمس باسم نور ، مما زاده غضبا ... تحركت يديه إلى أسفل ، فتحت عينيها فجاءة حين شعرت بخطب ما يحدث ، لتشخص عينيها هلعا حين رأت منير أمامها في لحظة كان يكمم فمها ويقبض على كفيها في يده الأخرى يشل حركتها ، تلوت بين يديه تزوم بقوة أما هو فابتسم يحرك عينيه على جسدها قبل أن يردف ساخرا :
- لا لا مش كل مرة بقى ، دا أنا هموت عليكِ من ساعة ما كنتي مرات المتخلف اللي اسمه نور ، ويوم ما غار في داهية قولت أخيرا خلصت منه طلعتي حامل ، قولت مش مهم المهم هتبقى معايا ، تقومي مكلمة جوز الشحطة اخواتك وخدوكي مني بالعافية ، وبعد ما لقيتك تاني جاي حتة عيل ابن امبارح عايز ياخدك مني تاني ، لا يا روحي أنا مش جاي اغتصبك وأروح أنا جاي اخدك معايا ، غصب عني هتقومي تيجي معايا 
حركت رأسها للجانبين بعنف تنهمر الدموع من عينيها على يده التي تكمم فمها ، ترك كفيها فحاولت دفعه بعيدا عنها ، ولكنه مد يده في جيب سرواله سريعا يخرج منديل مبلل بمادة ما وضعها سريعا على أنفها ظنته مخدر وستفقد الوعي فحاولت أن تقاوم ولكنها شعرت فجاءة بشعور غريب وكأن عقلها توقف عن العقل لا تزال مستقيظة ولكنها لا تفهم ما يحدث كالطفلة الصغيرة تنظر حولها مدهوشة ، جذبها منير من على الفراش لتقف معه دون أدني مقاومة هرع سريعا يبحث عن جلباب يضعه عليها ، وحجاب يحاول أن يخبئ به وجهها أمسك بكف يدها يجذبها معه فتحركت دون حتى أن تقاوم ، نزلت معه لأسفل ليُنزل الحجاب على وجهها أكثر ، الوقت لا يزال باكرا لن يشك أحد فيه لأن لا أحد في الشارع ربما لن يفسد خطته سوى ضحكاتها الغير مبررة بفعل ذلك المخدر ، كان يخطط للقيام بذلك ليلا ولكن الفرصة سنحت الآن ومن أوسع أبوابها ، جذب يدها سريعا يتحرك بها صوب سيارته الموجودة عند ذلك التقاطع ، فتح باب السيارة يدفعها للداخل سريعا ، ركب السيارة جوارها ينطلق بالسيارة مسرعا يطلب رقم الجاسوس الذي يراقب محمود ووالدته يسأله عن الأوضاع ليجيب الأخير :
- ما تقلقش يا باشا هما لسه عند بتاع التموين وأنا سامعها بتقول لابنها انها لسه هتروح تجيب عيش وفراخ 
وأغلق الخط فجاءة دون سابق !!
شحب وجه الفتى حين قبض محمود على تلابيب ثيابه يهزه بعنف يصرخ فيه:
- ولا أنت ماشي ورانا بتراقبنا وريني بتكلم مين 
انتزع الهاتف من يده بعنف ينظر لشاشته ليبصر اسم منير ، توسعت حدقتيه ينظر للشاب أمامه شرزا يصرخ فيه :
- يا ابن ال*** ، انطق يلا كنت بتراقبنا ليه ، والكلب بتاعك دا فين
لكمه بعنف مرة تليها أخرى قبل أن يقبض على تلابيب ثيابه يصرخ فيه:
- ورحمة أبويا لو ما نطقت لأدفنك مكانك
ارتجف الفتى ذعرا بين يدي محمود قبل أن يتمتم خائفا :
- أنا ما اعرفش حاجة والله ، هو منير بيه ، اداني فلوس ووراني صوركوا وقالي ابلغه أول ما تبعدوا عن البيت ، وأنا بلغته وقالي امشي وراكوا عشان لما ترجعوا اقوله 
توسعت حدقتي ذعرا على فاطمة نظر صوب والدته يغمغم سريعا :
- اطلعي بسرعة شوفي فاطمة 
تركت صفاء ما في يدها تهرع إلى المنزل وخلفها محمود يجر ذلك الفتى من ثيابه رأى أحد عمال الورشة يهم بفتح بابها ليصيح محمود باسمه يلقي الفتى إليه :
- عماد اربطلي الكلب دا ، اوعى يهرب منك
وهرع يركض إلى أعلى قبل أن يصل سمع صرخة والدته ليتهاوى قلبه خوفا ، ركض لأعلى ليجد والدته تخرج من باب المنزل تصرخ مذعورة :
- الحقني يا محمود البت فاطمة مش موجودة في البيت كله ، خطفها أكيد خطفها ... اتصرف يا محمود دي أمانة عندنا 
اشتعلت النيران في جسده يشعر بالغضب يفتت خلاياه ، وشعور بالعار والخزي يصفعانه على وجهه بعنف ، نزل لأسفل توجه صوب ذلك الفتى يطبق على عنقه يصرخ فيه بعلو صوته :
- انطق يالا ، الكلب دا خد فاطمة فين 
اختقنت أنفاس الفتى أزرق وجهه حتى كاد يفارق الحياة ، جذب عماد محمود بعنف بعيدا عن ذلك الفتى يصرخ فيه :
- اهدا يا محمود هتقتله هتودي نفسك في ستين داهية وأنت يا ابني انطق قبل ما يقتلك 
سعل بعنف يحاول إلتقاط أنفاسه يرتجف مذعورا :
- والله العظيم ما اعرف يا بيه ، ابوس أيدك ارحمني 
أمسك محمود بالهاتف نظر للفتى قبل أن يطلب منير يحذره :
- تكلمه وتقوله أنك عايز تجيله عشان في حاجة مهمة حصلت في الحارة ولازم تشوفه عشان تقولهاله ، كلمة زيادة هقتلك 
اومأ الشاب برأسه سريعا ليطلب محمود رقم منير ولكن لسوء الحظ الهاتف مغلق ... صرخ محمود غاضبا يشعر بالعجز لا يجد حلا ، قرر الاتصال بجاسر أو عاصم ، هم لديهم النفوذ وخاصة جاسر الذي ستمكنه من معرفة مكان رقم منير ومن ثم سينهش هو عظامه أن وضع إصبعا عليها فقط 
_____________
في منزل عاصم استيقظ على صوت رنين هاتفه مد يده يلتقط الهاتف ليقطب جبينه حين أبصر رقم محمود شعر بالقلق ليفتح الخط سريعا يجيب قلقا :
- خير يا محمود في اي حصل ايه فاطمة ؟!
 انتظر لبضع لحظات يستمع إلى الطرف الآخر قبل أن تشخص عينيه يغمغم مذعورا :
- أنت بتقول ايه أنا جاي حالا
قفز من فراشه يصرخ باسم ولده البكر ، خرجت حلم من المطبخ ترد هي :
- حسين راح الشركة يا عاصم ، في اي حصل ايه
لا وقت لذلك عاد لغرفته يبدل ثيابه في لحظات معدودة ، ألتقط مفاتيح سيارته يركض للخارج وحلم خلفه تسأله قلقة عما يحدث وهو لا يجيب ، هرع إلى سيارته حاول تشغيلها ليصرخ غاضبا يضرب المقود :
- البطارية زفت نايمة 
خرج من السيارة يتوجه إلى الشارع ليأخذ سيارة أجرة حين وجد سيارة سوداء تقف أمامه كاد زين إن يخرج منها ليدفع عاصم الباب يغلقه عليه من جديد التفت يجلس جواره يصرخ فيه :
- أطلع على العنوان اللي هقولك عليه بسرعة يا ابني
اومأ زين برأسه سريعا دقات قلبه تتسارع بعنف حين ينطق عاصم كلمة ( ابني ) ويوجهها إليه، يعلم أنها غير مقصودة فهو يتعامل مع الجميع بها ولكنه يشعر أنها خاصة به حين يقولها 
___________
في منزل جاسر مهران
تحديدا في غرفة رعد ، فتح رعد عينيه يتمطأ في فراشه بكسل ، نظر لتلك النائمة جواره ينسدل شعرها القصير على وجهها ليمد يده يزيحه عن وجهها يبتسم سعيدا ، تنهد بعمق يود أن يقبلها حين سمع دقات على باب غرفته ... تأفف حانقا قام من فراشه يفتح الباب ليجد أبيه يقف أمامه اقترب منه يهمس ساخرا :
- مش وقت عسل يا حبيبي ، خالتك مخطوفة خد بالك أمك ما تعرفش حاجة ، غير هدومك في ثانية وتحصلني على العربية وما تقولش رجلي كدة كدة هتفك الجبس النهاردة 
اومأ رعد برأسه سريعا تحرك للداخل اغتسل سريعا وبدل ثيابه إلى أخرى خرج من الغرفة بخفة كي 
لا تستيقظ ينزل سريعا متوجها إلى سيارة أبيه
استيقظت طرب بعدها بعدة دقائق مدت يدها لتضايق رعد كما تفعل ولكنها لم تجده فتحت عينيها تبحث عنه رأت ثيابه ملقاة على مقعد جانبي يعني أنه بدل ثيابه وخرج ... اعتدلت جالسة تبتسم ساخرة هي على أتم ثقة أن رعد لم يقصد فعلها ، ولكن استيقظاها بمفردها بعد ما حدث بينهم بالأمس يعيدها لنفس شعور الرُخص التي كانت تشعر به حين ترقص ، كان بإمكانه أن يوقظها ويخبرها أنه سيذهب لا أن يرحل هكذا فجاءة ... مدت يدها تفتح علبة حُلي صغيرة نزع جوف العلبة تلتقط شريط أقراص صغيرة ، أخذت واحدة تبتلعها دون ماء 
لتعيد الأقراص لمكانها وتعيد العلبة كما كانت عليه ، لن تسمح لذلك الحلم أن يتحقق 
انتفضت حين دُق الباب كانت تظنها كالعادة والدة رعد ، ولكنها قبل حتى أن تسمح لها بالدخول فُتح الباب ودخلت والدتها ابتسمت في وجهها حزينة ، في حين تحركت كاملا بخطى بطيئة إليها ... جلست أمامها لترتمي طرب بين أحضانها تبكي لتفزع كاملا من مشهدها تسأله مذعورة :
- مالك يا طرب بتعيطي ليه يا حبيبتي وايه الدم اللي على السرير دا ؟!
__________
بعد رحلة طويلة وصلت السيارة إلى وجهتها ، نامت مرام منذ بداية الطريق أساسا ، استيقظت حين توقف السائق بالسيارة فتحت مذعورة ظنت انها كانت تحلم ، لترى ذلك المدعو شداد يجلس جوارها ينظر لها بعينيه المخيفة تلك ابتلعت لعابها تحادثه مرتبكة :
- أنت بتبصلي كدة ، وبعدين إحنا وقفنا ليه 
أشار من النافذة المجاورة له إلى البيت القريب منهم ، نظرت إلى ما يشير ، ذلك البيت يُشبه المنازل التي تظهر في الأفلام والمسلسلات الصعيدية ، ابتلعت لعابها متربكة حين أردف :
- وصلنا يا عروسة ، انزلي 
فتحت الباب المجاور لها وأول خطوة رعناء فعلتها بعد وصولها بلحظتين أنها ركضت بعيدا ، احتدت عيني شداد غضبا منها ؛ ليسرع خطاه خلفها قبض على ذراعها يُجذبها نحوهه يصرخ فيها :
- بداية جصيدتك معايا كفر يا مصراوية ، أنا شداد مرتي تجري وتهرب ... دا أنا اجطع خبرك جبل ما تعمليها 
جذبها بعنف يتحرك بها صوب البيت وهي تصرخ تحاول دق قدميها في الأرض :
- لاء أنا مش عاوزة أعيش معاك ، أنا مش هدخل هنا ، إنت هتغتصبني وتعذبني ... ابعد عني الحقوني حد يلحقني 
ضاق ذرعًا منها ليتوقف قبض على ذراعيها هزها بعنف يهسهس يتوعدها :
- وربي يا مصراوية لو ما بلعتي لسانك جوا خشمك لأعمل فيكي كل اللي أنتي مرعوبة منه دا ، حسك ما اسمعوش 
شحب وجهها ذعرا تومأ برأسها سريعا ... تتحرك معه صوب الداخل دون النقط بحرف واحد فتح الباب يجذبها للداخل لتبصر في صالة البيت ، سيدتان لم تدقق النظر في ملامح اي منهمن ... كانت خائفة مذعورة تنظر لكل ركن تقريبا إلى أن وقعت عينيها على إحدى السيدتين كانت عجوز ملامحها صارمة تنظر لها تبتسم ساخرة تتفحصها بعينيها شبرا بشبر لتغضب مرام مما تفعل لتحادثها حانقة :
- في حاجة حضرتك بتبصيلي كدة ليه ، أنا مش فاهمة ايه البلاوي دي 
شهقت بعنف حين قبض شداد على فكها يدير وجهها نحوه رأت وجهه يشتعل غضبا قبل أن يهمس محتدا :
- البلاوي دي تبجى امي يا مصراوية ولو لسانك طال عليها أقطعه فاهمة 
__________
استيقظت تشعر بألم شديد في رأسها ، هبت جالسة تنظر حولها مذعورة كانت في غرفة نوم عادية لا غريب فيها سوى أنها لا تعرف أين هي 
ولما ترتدي قميص نوم فاضح لتلك الدرجة نظرت صوب الباب حين فُتح لتتسع عينيها ذعرا حين رأت منير يدخل إلى الغرفة عاري الصدر يحمل بين يديه صينية طعام يرسم على شفتيه ابتسامة كبيرة ما أن رآها ليغمغم مبتهجا :
- صباحية مباركة يا عروسة كل دا نوم 

تعليقات



×