رواية القلب أخضر الجزء الثانى الفصل الاول بقلم رباب عبد الصمد
كل منا يرسم فى خيالاته منذ نعومه اظافره صفات نصفه الاخر وتظل تلك الصفات تتعد وكلما تقدمنا فى العمر يوم فاما ان نزيد على تلك الصفات صفة او نزيل منها صفة حتى نجد نفسنا فجاة خفق قلبنا لشخص دون سابق انذار منا وللوهلة الاولى نجد اننا قد تخلينا عما كنا نتمناه من صفات وسرنا خلف دقات قلوبنا
الحب شىء جميل ولكنه لا ياتى بالاجبار فليس معنى اننا قد عشقنا شخص انه لزاما عليه ان يعشقنا فان كنا نملك قلوبنا بين اضلعنا لكننا لا نملك نبضها
من الخطا ان يعتقد الفرد منا ان الحب عطاء فقط فيخرج الحب عن معناه الحقيقى انما الحب تبادل بين اخذ وعطاء
من الخطا ان نبدا الحب باقصى ما لدينا من طاقة ومن مشاعر ومن عطاء الى اخر ذلك من مكونات الحب ذلك لان الحب ذاته يحتاج الى مجاهدة فما الحال ان استنفذناها فى اوله فسنعيش بعد ذلك على استنفاذ ما لدينا من انفاس او كرامة والادهى ان الطرف الاخر قد ينفر منا ان وجد منا التريث فى المشاعر لانه تعود ان يجد منا الاقصى فلم يعد يقبل بالادنى
الشخص الذى لم يشعر بقيمة ما تعطيه وهو اقصى ما عندك عليك على الفور ان تنسحب من حياته لانه لن يشعر بك ان طاقتك نفذت
اهم ما فى الحب هو حب النفس وصونها فيجب على كل انسان ان يحب نفسه اولا لانها هى الاولى بالحب ولا يجب ان احط عليها لارضاء الطرف الاخر لانها ستأن اجلا ام عاجلا ووقتها قد ينتهى الحب وتدمر النفس فتكون النتيجة اننا لم نفز بالحب ولا صونا النفس
ليس من المحمود ان اغير من نفسى لاجل شخص بل المحمود ان اغير الف شخص لاجل نفسى فالاشخاص كثيرون ولكن نفسى واحدة
يجب علينا ان شعرنا ان الطرف الاخر غير جدير بحبنا وجب علينا على الفور ان ننسحب بدلا من ان نتكلف فى الحب حتى لا يتحول الى تبلد ووقتها ايضا سينتهى فالانسحاب فى البداية اكرم لنا من الترك اجبارا بكسرة
قد نرى ان الحياة كلها تجمعت بين يدى شخص بعينه فنتشبث به لنكتشف ان فناء الحياة هو الذى كان بين يديه فعلينا اذن ان ننظر بعينين عين داخل اعماق الشخص وعين خارجه لنعرف كيف نميز الحياة بين يديه
لا نلعن الدنيا التى اوقعتنا بين يدى من لا يحبنا فقد يكون هو اول الطريق لمن يحبنا
ما اجمل الحب ان تبادلناه مع من يفهم صمتنا وما اجمله عندما نشعر بدفأه بمجرد همسات من عشقناه
جميلة هى مواثيق الحب بين العاشقان فهى مجرد ختم على قلوبهم الا يفترقا نادامت هناك حياة
ما اجمل الحب اذا جاء بعد التمنى والدعاء
ما اجمل الحب الذى يبعث فينا القوة فما الحب الا قوة ( قوة مشاعر . قوة حنان 0قوة نبضات قلب . قوة ترابط . حتى وان اتى الفراق فيكون الفراق ايضا بقوة )
ما اجمل ان تشعر الانثى وهى بين يدى رجلها انها جمعت كل صفات الانوثه بين يديه فصارت ابنته وامه وزوجته واخته وما اجمل ان ترى فى رجلها كل صفات الرجل فهو وحده يغنيها عمن سواه فيكون هو ابيها واخيها وصديقها وحبيبها وزوجها
ما اجمل الحب حين لاترى العين الا من عشقه القلب وكان الدنيا خلت الا منه
ما اجما الحب ان اكتفا العاشقان ببعضهما فلا يهم من الدنيا الا كلاهما وكفى
ساشطب اسمك حتما من دواوينى
ما عدت اهواك لا ما عدت تعنينى
سابدل الحب كرها لست تعرفه
واقفل الباب اذ تاتى رياحكم
ولوتهب لن تلقى عناوينى
اذا عاندنى شعرى ساقتله
يا من اذا مر طيف منه يزعجنى
فقيد طيوفك فبعض الطيف يضنينى
ليلى وهى تمسح دموعها / لابد ان اتعود على العيش بدونك وعلى ان ابدا حياتى من جديد وسابحث عن نصفى الاخر الحقيقى فانت كنت لى وهم ولكن قبل ان ابحث عنه لابد ان اتاكد من اكتمالى حتى لا اظلمه كما ظلمتنى فكل شىء يتعلمه الانسان فى الحياة بنفسه الا القسوة لابد ان يعلمها لك شخص اخر وانت كنت هذا الشخص ولكنى لا اريد ان اكون انا هذا الشخص فى حياة غيرى
غار وهو يسمع منها تلك الكلمات فتحول فى لحظة لوحش كاسر فبالنسبة له من هو ذاك الذى فى مقدوره ان ينافسه على حبها فامسكها من معصمها واخذ يهزها بعنف وقال / لن اتركك ترحلين بعيد عنى وساجعلك تندمين على ما قولتيه فكيف لطاووس النساء ان يتوسل الى امراة وترفضه فلم تخلق على وجه الارض تلك من ترفضنى انتى زوجتى وستظلين ذلك واقترب منها واخذ يقبلها بعنف ولكنها تململت فى يديه واخذت تبكى وتصرخ وقالت له ساخرة قاصدة ان تبعده عنها / اين كرامتك يا طاووس النساء وانت تقبل امراة ترفضك بكل كبرياء فهل يعقل ان يكون هذا هو طاووس النساء ؟
وقد كانت سخريتها فى محلها فقد استفزته كلماتها فابتعد عنها ولكن قد نال الغيظ والكره محله منه واخذ يضربها ضربا مبرحا فقد جرحت كرامته
ولكن اين جرح كرامته من جرح كرامتها وطعنها فى شرفها فقد كانت محقة عندما قالت له ان الحب ليس انتقام ولا اجبار ولا تملك
اخيرا نطقها وقال انتى طالق ولن اعترف بمن هو فى بطنك وعليكى ان تتحملين ما سيحدث فى البلدة
سقطت جالسة ارضا وهى منهارة فقد كسر فيها كل شىء
تركها وهو فى قمة عصبيته وخرج
بينما هى استكانت مكانها للحظات ثم قررت الهروب قبل ان يعود فتصبح اسيرته مرة اخرى
بينما هو خرج متالما فقد كره ما فعله بها وجلس فى مكان هادىء يعيد حساباته واخذ ينهر نفسه على فقدها فالان هو يعترف صراحة بحبها ولكن قد فات الاوان
عاد بسرعة لها وفى نيته ان يداوى ما فعله ويحاول جاهدا ان يعيدها اليه وما ان دلف لشقته الا ووجد انها قد هربت منه فصدم واخذ يبحث عنها فى كل مكان فكيف لها السفر وهى فى حالتها تلك شعر ان العالم توقف من حوله فقد اضاع من يده انسانه من المستحيل تعويضها فخرج بسرعة وركب سيارته واخذ يجوب فى الشوارع بحثا عنها وكلماتها كانت لها صدى رنان فى اذنيه
خذلتنى بعد الوفاء وبعتنى
بكاس الغدر والخيانة اسكرتنى
ما عدت ساذج بالحب علمتنى
اخطو كما الصبى وبالغدر كبلتنى
يا ساكن الروح هانت عليك عشرتى
كنت اياما كالوردة سقيتنى وبيدك قطعتنى
وفى ليل دامس قهرتنى وظلمتنى
بينما هى كانت تجرى وهى واضعة يدها على بطنها من شدة الالم ودموعها قد اغرقت وجهها ولا تعرف اين ستذهب ولكن ما يهما ان تبتعد بقدر الامكان عن كان بيته وكان هناك من رآها وهى بتلك الحالة المزرية وكادت ان تعدو الطريق ولكنها لم تنظر لتلك السيارة التى كانت ستصدمها الا وشعرت بيد حديدية فجاة امسكت بها وابعدتها عن الطريق لتصطدم بصدره فجاة وتصرخ صرخة عالية
..................
صرخ فيها باللغة الاجنبية ظنا منه انها ليست عربية / اين عيناك لكى تمرين هكذا امام السيارة اجننتى ؟
نظرت له ولم تسمع اى حرف مما قاله ولكنها تمتمت بكلمات عربية قائلة / لما انقذتنى لما لم تتركنى للموت فهو ارحم الناس بى ولكنها لم تكمل كلماتها اذ انها سقطت مغشيا عليها بين يديه
صدم هو مما حدث ولم يعرف ماذا يفعل وقد اخذ يلعن زمانه الذى جاء به فى هذا الوقت ولعن نفسه ايضا انه انقذها ولكنه تذكر وكانه اول ما تنبه انها تمتمت بالعربية فقال لنفسه يا الهى انها عربية
اخذت تفتح عينيها ببطء متثاقل ولكنها لم ترى الا ضباب يكسو الرؤية امامها ولم تتبين ايا من الاشخاص امامها ولكنها سالت بتثاقل اين انا
اجابها بصوت هادىء / انتى فى المستشفى حمدا لله على سلامتك
بدات توجه وجهها لمصدر الصوت واخذت تحاول جاهدة ان تتبين معالمه وقالت / من انت ؟ ولما انقذتنى ؟
ابتسم لها بتسامة عذبة وقال انا من اوقعنى زمانى قدرا فى طريقك لانقذك ولتضيعى عنى ميعاد هام
اعتذرت بصوت خافت واغرورقت عيناها بالدموع وقبل ان تتكلم دخل الطبيب وقال باللهجة الاجنبية / لولا دمك الذى تبرعت لها به لما استطعنا ان ننقذها على الفور ولكنى احذرك ان مثل هذا النزيف سيحدث لها اكثر من مرة لعدة اسباب اولا لانها ضعيفة وتحتاج لنقل دماء من حين لاخر والامر الثانى وهو الاخطر اننا بالاشعة اكتشفنا وجود ورم اسفل الجنين وكلما تقدم عمر الجنين وحجمه فانها ستنزف اكثر وانا من رايى ان تتخلص منهذا الجنين ونستاصل الورم وبعدها يكون بمقدوركم الانجاب مرة اخرى ظانا ان هذا هو زوجها
صرخت فجاة فيه وامسكت بطنها وقالت لا . لا . لا اريد ان اتخلص منه فمعه برائتى وعفتى ومدت يدها وامسكت بالشخص الذى انقذها وقالت ارجوك انا اريد ان احتفظ به
تعجب على حالها فكيف تقول لما لم تتركى للموت وكيف هى الان تتشبث كل التشبث بجنينها ولكن حالتها جعلته يرثى لها فطمانها وقال / لا تخافى لن نفعل الا ما يرضيكى وانا معكى لا تخافى على جنينك
ما ان تفوة بتلك الكلمات الا وكانه قد اعطاها حقنة مهداة فسكنت وتركت يده وساد الصمت للحظة ليس اكثر ثم قال هو مخاطبا الطبيب / نحن سنحتفظ بالجنين ولكن السؤال الان متى تستطيع الخروج من هنا
الطبيب / الان اذا اردت ولكن لا ترهقها كثيرا فى اى اعمال منزلية اذ انها معرضة للنزيف من اقل حركة
اوما هو بنعم وخرج مع الطبيب ودفع الحساب وانهى اجراءات خروجها وعاد اليها
واخذها وخرج وما ان خرجوا خارج المستشفى الا وسالها الى اين تودين الذهاب ؟
نظرت له ووجهها شاحب وقد زاده سؤاله تجهما فهى لا تعرف الى اين تذهب وليس معها نقود للسفر حتى ان كان معها فاين ستذهب لحين ميعاد سفرها
اخذت تفكر بينما هو اخذ ينظر الى ساعته فقد فاته ميعاد امس وفيما يبدوا ان ميعاد اليوم ايضا على وشك ان يفوته ولكنه نظر اليها ولاحظ تشتتها فاعاد عليها السؤال مرة اخرى ولكنه صدم عندما بكت بحرقة وقالت / لا اعرف الى اين اذهب فهذا اول يوم لى هنا ولا اعرف احد وفقدت محفظة نقودى
هو فى نفسه / يا الهى ما كل تلك المعوقات التى تواجهك ثم سالها بصوت مسموع / من اى دولة عربية انتى ؟
ليلى / مصر
رفع حاجبيه من الدهشة فها هى بنت بلده ومن شيمه المشهود له بها ان يساعد الغرباء فما باله بتلك
صمت للحظة ثم قال لها / هل تودين الرجوع الى مصر
اومات براسها بنعم
قال / هذا امر ميسور ولكنك لن تعودى قبل ثلاث اشهر من الان فما رايك ؟
كادت ان تساله ما العلة فى انها لن تعود قبل ثلاث اشهر واين ستمكث طوال تلك المدة ولكنه قال لها فكرى لدقائق وساجرى مكالمة مهمة ثم اعود اليكى
ابتعد قليلا عنها وطلب اخيه وقال / معذرة يا طارق لم استطع الحضور اليك فانت تعلم انه لم يكن لدى الا ساعات قليلة كنت ساقضيها معك ولكن حدث شىء اعاقنى من الحضور اليك والان على ان اعود للسفينه
لم يكن المنقذ لليلى والمتحدث لطارق سوى الفهد الثائر ايوب اخيه
ايوب مكملا كلامه مع طارق / لا عليك انا فى احسن حال فلا داعى للقلق المهم الان بالنسبة لشركة ايسترن انهى معهم التعاقد فهم غير جادين فى تنفيذ بنود العقد بيننا وبينهم اما بالنسبة لشركة داسانى فتمم معهم العقد فانا قد تواصلت مع البرت رئيسها واتفقت معه على كل شىء يخص الشحن لدينا
اخبره طارق ان زوجته معه ظانا منه ان والده قد اخبره انفا فاكد له هو المعلومه حتى لا يبادره هو بالسؤال عليها ففرح له ايوب ووصاه عليها
انهى مع اخيه المكالمة ثم عاد اليها ليجدها مستندة على جدار حائط من الارهاق
ابتسم لها واعتذر وسالها هل فكرتى فى العرض ؟