![]() |
رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الثالث والعشرون
بناء على رغبة القراء هنحط في بداية كل فصل كل عيلة بولادها عشان الناس اللي لسه بتتلغبط
جاسر ورؤي أبطال الأجزاء اللي فاتت عندهم 6 أولاد رعد وجوري أول تؤام
يوسف ومريم تاني تؤام
سليم وياسين آخر تؤام
----------------
نرمين أخت جاسر اللي جاسر كان بينتقم من صبري وبنته شاهندا عشانها
نرمين وياسر جوزها عندهم 2
( جاسر الكبير 29 سنة دكتور نفسي
اريج في 2 كلية طب )
ياسر كان ليه بنت من مراته اللي ماتت قبل ما يتجوز نرمين اسمها سما جوزها اسمه مصطفى
______________
عاصم أخو رؤي خال العيال اللي كان بيحب تهاني واتجوز حلم في الجزء التاني عنده ولدين
حسين الكبير مهندس ، مراد الصغير في ثانوية عامة ساقط سنة
_____________
رؤى كان ليها جيران أخ وأخت ساكنين سوا اللي هما عمرو وايمان
ايمان اتجوزت علي صاحب جاسر وعندها شريف الكبير ظابط شرطة ، وليان الصغيرة المدلوقة على الجاموسة جواد
_________
أما عمرو فاتجوز روان بنت صاحب الشركة اللي كان شغال فيها وخلف ولد وبنت
جواد جاموسة متنقلة مهندس ديكور
ومرام دلوعة ماما 22 سنة في كلية إعلام ومخطوبة لشريف ابن عمتها
________
فاضل طرب وملاك ، ومليكة وتوحة وكل الناس دي هنعرف اصلهم وفصلهم فيما بعد
لما تتلغبط اطلع بص هنا وكمل الفصل عادي
نبدأ الفصل❤
__________
أنها التاسعة صباحا حيث تجلس ليان جوار والدتها في غرفة المعيشة تحادثها سعيدة :
- صدقيني يا ماما مش هنتأخر ، أنا بس شايفة نور ما بتخرجش خالص ، قولت تخرج أنا وهي في مول ***** هو بعيد شوية بس هايل ، ولو عجبها حاجة نجيبها ونيجي على طول
ربطت إيمان على ذراع ابنتها توصيها :
- طب خلي بالك من نفسك ومن نور ، دي أمانة عندنا ، لو حبت تجيب أي حاجة هاتيلها أنا مدياكِ فلوس بزيادة شويتين ، والله البت دي غلبانة وطيبة أنا بقيت حاسة أنها بنتي ربنا يعلم
ابتسمت ليان سعيدة تومأ برأسها وقفت من مكانها تتعجل نور؛ لتراها تخرج من غرفتها ترتدي فستان وردي اللون شعرها الأشقر ينساب بشكل ناعم حريري ، زفرت ليان حانقة تشعر بداخلها ببوادر غيرة ، نور جميلة للغاية تخاف أن يُعجب بها جواد ، نفضت تلك الأفكار تتحرك إليها لتمسك بكف يدها تغمغم :
- يلا يا بنتي متأخرين ، سلام يا ماما
وتحركت معها لأسفل العمارة ، أوقفت ليان سياة أجرة تخبره بالمكان لينظر السائق إليها يردف ممتعضا :
- بس المول دا بعيد أوي يا آنسة
أخرجت ليان هاتفها من حقيبة حين شعرت به يهتز توجه حديثها للسائق :
-هديك اللي أنت عاوزه ، بسرعة لو سمحت
نظرت لشاشة الهاتف ليطرب قلبها فرحا حين رأت اسم جواد فتحت الخط تجيب سريعا :
- ايوة يا جواد
توسعت حدقتي نور تنظر إليها مدهوشة حين استمعت اسم جواد ، في حين أجاب :
- ايه يا حبيبتي اتحركتي ولا لسه
رقص قلبها فرحا تومأ برأسها تردف سريعا :
- ايوة اتحركنا اهو ، أنا و نور وجايين المول أهو
بالطبع لم ترِ ابتسامته الخبيثة الواسعة جل ما سمعته هو صوته يغمغم مشتاقا:
- ما تتأخريش ، هستناكِ على أحر من الحمر ، باي يا روحي
أغلقت معه الخط وربما تغاضت على أنه أغلق الخط دون مقدمات ، لتضع الهاتف في حقيبة يدها من جديد التفتت صوب نور تهمس حالمة :
- مستنيني يا نور ، أنا حاسة إني هطير من الفرحة ، ما كنتش اتخيل أبدا أنه يجي اليوم وجواد يحبني زي ما أنا بموت فيه
ارتبكت ابتسامة نور ، تحرك رأسها قبل أن تربط على يدها ..
بعد ساعة ويزيد وصلت سيارة الأجرة وأعطت ليان للسائق نقوده ، نزلت بصحبة نور إلى داخل المكان تتوجه بالمصعد إلى الطابق الثالث حسب تعليمات جواد ، هو ينتظرها في مطعم صيني في الطابق الثالث ، أمسكت بيد نور تنظر حولها هنا وهناك إلى أن وجدت المطعم ، دخلت تبحث عنه ولكن لا أثر له ، جواد ليس هنا .... نظرت هنا وهناك لا شيء ، جلست على إحدى الطاولات تحاول الإتصال به ، هاتفه مغلق!!! ، تنهدت قلقة هل كان جواد يخدعها ولكن لما ؟! في اللحظة التالية دق هاتفها برقم جواد ، فتحت الخط لتسمعه يغمغم :
- بقولك يا ليلو أنا شايفك ما تخافيش ، ما تبصيش حواليكِ ، انزلي الدور التاني هستناك ِ هناك ، عشان نقعد لوحدنا
نظرت صوب نور متوترة لا تعرف كيف ستتركها بمفردها :
- ايوة بس
قاطعها قبل أن تكمل يردف بنزق :
- بس ايه يا ليلو ، عشان البنت اللي اسمها نور سيبيها هي مش عيلة صغيرة ، اطلبيلها عصير ولا أي حاجة وانزليلي يلا
وافقت تغلق معه الخط ، طلبت النادل تطلب منه لها العصير والكعك نظرت لها تعتذر منها :
- نور أنا هنزل بس خمس دقايق أقابل واحدة صاحبتي قبل ما تخلصي العصير بتاعك هكون جيت ، وأنتي حاسبت عليه وانتي معاكِ فلوس لو عوزتي اي حاجة تانية اطلبي مش هتأخر عليكِ
نظرت نور لها خائفة من تركها بمفردها هنا ولكن ما باليد حيلة ، اومأن برأسها متوترة لتبتسم ليان لها تركتها تنزل
لأسفل ، ما أن تأكد جواد من مغادرتها ظهر .. اقترب من نور التي اتسعت حدقتيها ما أن رأته وظهر على ثغرها ابتسامة خجولة ، تخفض رأسها لأسفل ... اقترب منها يردف سريعا :
- قومي معايا
أمسك بكف يدها لتتحرك معه لا تفهم ما يحدث تحرك بها صوب سيدة تقف بالقرب منهم يسلمها لها ، دس يده في جيب سترته يخرج مبلغ كبير من المال أعطاه لها لم ينطق سوى بجملة واحدة :
- وصليها لحد الجراش
أمسكت السيدة بيدها لتنظر له نور خائفة فما كان منه إلا أن ابتسم يطمأنها :
- ما تقلقيش روحي معاها
تحركت السيدة تختفي بها ليشير هو لأحد الشباب الواقفين بعيدا ليلحق به يفعل ما آمره به ... تقدمه جواد ينزل إلى الطابق الثاني رفع يده يلوح لليان اقترب منها يغمغم ضاحكا :
- ايه يا بنتي أنتي روحتي فين عمال أدور عليكِ ، تعالي يلا نقعد في الكافية دا
وأشار لها للمقاهى المقابل لهم ، أمسك بيدها ليقرع قلبها بعنف تبتسم خجلة ..تحركت معه عدة خطوات تجاه المقهى لتسمع صوت رجل ينادي باسمها من خلفها :
- آنسة ليان ، آنسة ليان
وقفت ووقف جواد معاها نظرت خلفها لتجد شاب تقريبا في مثل عمر أخيها شريف طويل القامة اقترب يقف على بعد خطوات منها يردف مسرعا :
- آنسة ليان أنا مجدي أخو نور ، زميل شريف أخوكِ ، أنا الحقيقة حاولت اتصل بشريف كتير بس عرفت من الإدارة أنه في مأمورية ، وروحت عندكوا البيت والدتك ادتني العنوان هنا ، أنا حقيقي دوخت عليكوا لحد ما الحمد لله لمحت نور قاعدة في المطعم اللي فوق ، هي شاورتلي عليكِ وكتبتلي إني أقولك إني هاخدها وامشي عشان ما تقلقيش ، وعلى العموم أنا هكلم شريف أول ما يرجع
شعرت ليان بالقلق ولكن ذلك الشاب يعرف الكثير من المعلومات أولا ، ومظهره لا يوحي تماما أنه شخص سيء وقبل أن تقول شيئا بادر يقول :
- حمد لله على سلامتك يا أستاذ مجدي ، ربنا يخليك لأختك ، مع ألف سلامة
ومد يده يصافحه ، ليبتسم مجدي يصافحه وتركهم وغادر ... توترت قسمات وجه ليان نظرت صوب جواد تهمس مرتبكة :
- أنا خايفة ليكون بيكذب ويكون عايز يأذيها ، وبعدين أنا أتأكد منين أنه أخوها
ضحك يسخر مما تقول :
- ايه يا حبيبتي هي سفيرة هتتخطف ، وبعدين الراجل معاه كمية معلومات ما حدش يعرفها غيركوا وأنا لما حكتيلي عنها فدا يقول أنه أخوها فعلا ، وبعدين شكلها ما يوحيش بدا تماما واديها روحت مع أخوها وهنعرف نخرج براحتنا
ابتسمت متوترة فما كان منه إلا أن رفع يدها يقبل كفها بقبلة صغيرة حانية ، ابتسمت تومأ توافقه ، ليصطحبها معه إلى المقهى يجلسان سويا
_____________
في منزل عاصم قرابة العاشرة والنصف صباحا ، يجلس عاصم في صالة منزله شاردا عينيه سابحة يفكر في الكثير من الأحداث وآخرهم ما قاله له حسين بالأمس
Flash back
التفت عاصم لولده يغمغم :
- غلبان الواد دا شكله ، مالك بقى يا بيه
أغمض حسين عينيه يشد على كفيه بعنف ، قبل أن يفتح عينيه ينزل إلى أبيه ؛ لتتسع حدقتي عاصم ذهولا حين رأى عينيه تملئها الدموع ، مد يده يمسك بكف حسين يسأله قلقا :
- مالك يا ابني حصل ايه ؟ ايه اللي ممكن يحصل يخليك تعيط يا حسين ، طب لو تعبان خلاص ما تجيش الشغل ... مالك يا حسين ما توجعش قلبي يا ابني
رفع حسين يده إلى وجهه يمسح دموعه بعنف بكفيه يهمس بحرقة :
- هقولك
وقص عليه ما حدث كاملا والدموع لا تتوقف عن الهبوط من مقلتيه كطفل صغير لم يستطع التحمل أكثر فانهار باكيا بعد أيام حاول فيها الثبات قدر المستطاع ، تحاشى النظر لوجه أبيه وهو يقص عليه ما حدث إلى أن انتهى رفع وجهه إلى أبيه يسأله خائفا :
- بابا هو أنا كدة عليا ذنب اللي أنا عملته ، دا هيبقى ذنب بشع أوي أنا مش حمله ؟
حرك عاصم رأسه صوب ولده يسأله حانقا :
- ما كنش فيك ذرة عقل واحدة تمنع نفسك عن اللي أنت عملته دا ؟ وأنا أقول جاسر كان شكله عامل كدة ليه ؟ أكيد عرف
حاول أن يهدأ قليلا زفر أنفاسه بعنف يردف بنبرة أكثر ترفقا :
- حسبي الله ونعم الوكيل فيهم ، وأنت ما عملتش كدة قاصد ولا كان في نيتك إنت اتغدر بيك وبيها ، بس بردوا تستغفر ... أنا ما قدرش ألوم جاسر أنه جاب المأذون ، أي واحد تاني مكانه كان هيعمل أكتر من كدة ، دا كويس أنه ما قتلكش .... ما حدش ياخد خبر بالموضوع دا خالص يا عاصم وهنمشيها جواز عادي خالص ، ولما نروح عند جاسر يوم الجمعة الجاية هفاتحه في الموضوع وكأني ما اعرفش حاجة وأنت بس عمال تزن عليا عشان تتجوزوا ، وأنت فوق كدة وأرمي اللي حصل دا وراك ، وخليك جنب چوري دايما
Back
عاد من شروده يزفر أنفاسه بعنف يمسح وجهه بكفي يده ، اقتربت حلم تجلس جواره تضع أمامه كوب من الشاي وضعت يدها على كتفه تربط عليه برفق تهمس تسأله قلقة :
- مالك يا عاصم شكلك متضايق ليه كدة ؟ وما روحتش الشغل ليه لحد دلوقتي ؟
ابتسم عاصم يائسا يحرك رأسه يردف ساخرا :
- عيالك الإتنين بيحبوا بنات جاسر مهران الإتنين ، الحمد لله أننا ما خلفناش تاني وهو باقي خلفته ولاد
ضحكت حلم بخفة تأخذ كوب الشاي من فوق الطاولة تعطيه له تُردف ضاحكة :
- والله عيالك الإتنين طيبين ومريم وچوري كمان عسل ، بصراحة يستاهلوا بعض ، وبعدين على الأقل حسين عاقل بيحب چوري وعايز يروح يتقدملها ، مش زي المجنون مراد اللي سقط نفسه سنة عشان يبقى مع مريم في نفس السنة
ضحك عاصم في نفسه ساخرا ، آه لو تعلم ما فعل ذلك العاقل لإشادت بالمجنون الآخر وصرخت مغشيا عليها من أفعال الآخر ، ابتسم يربط على يدها يردف:
- يوم الجمعة لما نروح عند جاسر هطلب أيد چوري لحسين
ظهرت السعادة جلية على وجه حلم ولكن قبل أن تنطق بكلمة سمعا صوت مراد يصيح معترضا :
- وأنا كمان عايز اطلب أيد مريم ، إشمعنى حسين هتطلبلوه أيد چوري
نظر عاصم صوب ولده الواقف عند باب الغرفة يستند على عكازه ؛ ليبتسم ساخرا وضع كوب الشاي مكانه وقف يقترب منه يتهكم :
- بس يا فاشل يا بتاع تالتة ثانوي ، أروح أقول لجاسر إيه ، ابني كان المفروض يبقى في أولي كلية والله بس هو سقط نفسه عشان بيحب بنتك وعايز يبقى معاها فممكن تجوزهاله ، لما تخلص ثانويتك اللي مش فايتة دي وتبقى راجل زي أخوك ، ساعتها نطلبلك أيد مريم ، روح صحي أخوك وقوله يحصلني على الشركة
تأفف حانقا ليتحرك صوب الأعلى يعقد في نفسه أمرا وقف في منتصف الطريق يغمغم في نفسه :
- بقااا كدة يا بابا ماشي ، والله لأطلبها قدامهم ومش همشي غير لما اقرا فتحة وبكرة تقولوا مراد قال !!
________________
في منزل جاسر مهران جلست چوري تستند على كتف أبيها تبدو شاحبة للغاية بعد وصلة طويلة من التقيء ، شعرت فيها بأن روحها على وشك أن تُنتزع ، مسح جاسر على رأس ابنته برفق ، قبل أن يسألها بصوت خفيض للغاية:
- چوري هو اللي حصل دا حصل امتى بالظبط
شردت عينيها قلقا قبل أن توجه انظارها لوالدها تهمس مرتبكة :
- من 3 أسابيع أو أكتر تقريبا مش فاكرة بالظبط ، بابا هو أنا كدة حامل
لا يعرف في تلك اللحظة نسي كل شيء ، ولكنه أراد أن يطمأنها فحرك رأسه للجانبين يهمس مترفقا :
- لا يا حبيبتي دا بس من الضغط ، وعشان إحنا جبنا سيرة الموضوع امبارح والدكتور اللي كان موجود ، الموضوع هتلاقيه نفسي مش أكتر
حاولت أن تُقنع نفسها بما قال والدها تغمض عينيها تحاول أن تهدأ ، قبل أن يدق الباب ويدخل رعد يستند إلى عكاز في يده ، اقترب منها قلقا جلس على طرف فراشها يسألها:
- مالك يا چوري حالك من سيء لأسوء ليه كدة ، وما تقوليش ما فيش حاجة يا رعد ،أنا حاسس بقلقك وخوفك
فتحت عينيها تنظر صوب شقيقها أدمعت عينيها اقتربت منه تود عناقه ل
؛ ليضرب أنفها رائحة عطره ذلك ليس عطر رعد التي تعرف ، تلك الرائحة تعرفها وتشعرها بالغثيان دفعت رعد بعيدا عنها لتركض إلى المرحاض تتقيء بعنف ، قام جاسر ورعد يهرعان إليها ، حاول رعد الاقتراب منه لتدفعه بيدها ... دخل جاسر إلى المرحاض يحمل جسدها المتراخي من الألم يُعيدها إلى فراشها ؛ ليغمغم رعد منفعلا :
- يا بابا حالتها بتسوء ، إحنا ازاي سايبينها كدة ، أنا هروح أشوف دكتور تاني
أصفر وجه چوري خوفا تتمسك بذراع والدها تحرك رأسها للجانبيبن ؛ ليمسح الأخير على رأسها يطمأنها قبل أن ينظر لرعد :
- أختك كويسة ما فيهاش حاجة ، دي أعراض جانبية للعلاج ، روح استريح أنت لسه تعبان إنت كمان
رفض واقترب من فراش شقيقتها جلست على طرفه يمسح على رأسها برفق ليسمعها تهمس متعبة :
- رعد ، أنت غيرت نوع البرفان بتاعك ؟!
تعجب من سؤالها ولكنه ظنها تهذي من التعب ، حرك رأسه بالإيجاب يردف :
- لا يا حبيبتي ، دا كان حسين ابن خالك عاصم جايبهالي هدية ، من نفس النوع بتاعه وقالي ابقى اجربه ، ما كنتش أعرف أنه ريحته هتضايقك ، مع أن ريحته كويسة جدا
هنا ابتسمت ساخرة تدير رأسها صوب والدها الذي بدا مرتبكا هو الآخر ليوجه حديثه لرعد :
- رعد قوم ارتاح وسيبها تنام
وافق على مضض تحرك يستند على عكازه إلى باب الغرفة ينظر إليها حزينا قلقا ، ما أن فتح باب الغرفة وجد والدته تقف تمسك كوب كبير من النعناع تتجه لداخل غرفة چوري ، تحرك للخارج ليسمعها تحادث شقيقته :
- قومي يا حبيبتي اشربي النعناع اللي في معدتك دا أكيد برد
تحرك إلى غرفته شيء بداخله يخبره أن هناك كارثة تحدث ، لما تقيئت چوري حين اشتمت رائحة عطر حسين ! ، نفض تلك الأفكار السيئة عن رأسه مقررا الذهاب والبحث عن طبيب جيد لأجل شقيقته !!
__________
في المهقى بعد ساعة تقريبا قضياها في الكلام عن العديد من الأشياء التي لا فائدة كان يُعتصر حرفيا يحاول جاهدا إلا ينفجر في وجهها ويتركها ويذهب ، إلى أن دق هاتفه اخيرا فتح الخط يرد على المتصل ليهب واقفا يغمغم محتدا :
- أنت بتقول ايه ، اقفل أنا جاي حالا
وقفت ليان تسأله قلقة :
- مالك يا جواد في اي ؟
نظر إليها مرتبكا يغمغم سريعا :
- المخزن اللي بنشيل فيه الماتريل المهمة بتاعت الشغل ، الحارس بيقولي حصل حريقة ، ليان أنا آسف جداا ، أرجوكِ روحي وأنا هروح على هناك معلش يا حبيبتي أنا كان نفسي اقعد معاكِ أكتر من كدة
وأمسك كف يده يقبله وكأنه يعتذر منها ، وضع النقود على الطاولة ليتحرك سريعا إلى الجراش ما أن وصل سيارته تنفس الصعداء وعلا ثغره ابتسامة كبيرة للغاية ، رفع هاتفه يطلب رقم أحد رجاله الذي بادر يطمأنه :
- ما تقلقش يا باشا كل حاجة تمام ، والعروسة وصلناها الشقة بسلام والرجالة كلهم اتراضوا ، إحنا في الخدمة يا جواد باشا دايما
أغلق الخط يضحك سعيدا أخيرا باتت بين يديه ، الخطوة التالية المأذون ... قاد سيارته مسرعا يتوجه إلى مكتب المحامي الذي يدير له كل معاملات المكتب القانونية ، نزل ذلك الرجل المدعو سعد يجلس جوار جواد يعطيه بطاقة لنور يغمغم :
- بطاقتها ، طلع عيني عشان اعملها واحدة مكان المكسورة بكمية رشاوي عشان هي ما كنتش موجودة ، أنا متفق مع المأذون وهو معاه الشهود ، فين الشيك ؟
أخرج جواد ورقة من جيب سترته يعطيه له فتحها سعد ليجد المبلغ المتفق عليه ليبتسم يضعها في جيب سترته يردف مبتهجا :
- كدة مبروك يا عريس وأنا وكيل العروسة
ضحك جواد يدير محرك السيارة مسرعا إلى مكتب المأذون أخذه ومعه الشاهدين وتوجه بهما إلى شقة بعيدة في إحدى المناطق الجديدة ، نزل من السيارة متلهفا دقات قلبه تعلو كلما اقترب منها ...وصل بهم إلى شقته التفت لهم يغمغم :
- سعد استنوني في الصالة ، على ما اجيب العروسة
تركهم وتحرك صوب غرفة النوم ، فتح الباب برفق ليراها تجلس على الفراش تنظر حولها خائفة مذعورة ، انتفضت ما أن رأته تقترب منه ؛ ليدخل هو إلى الغرفة يغلق الباب عليهم
وقفت أمامه تسأله بعينيها عما يحدث ، ابتسم يمسك بكف يدها ، ذهب بها إلى أقرب مقعد لتجلس عليه وجلس هو على الطاولة الصغيرة أمامها يمسك كفيها بين يديه ينظر لوجهها سعيدا تنهد بعمق يهمس بنبرة حالمة مشتاقة:
- أخيرا يا نور ، أنتِ ما تعرفيش أنتِ وحشاني إزاي ، أنا كنت هتجنن لما هربتي من عند الزفتة اماندا قلبت عليكِ الدنيا ، ولما أخيرا لقيتك عند شريف، طلع حيوان هو التاني قولته عايز اتجوزك ما رضيش عشان أخته بتحبني ، منعك عني عشان خاطر أخته ، عيلة مجانين ... رغم كل اللي عملوه وصلتلك ومش هسمح لحد يبعدك عني تاني ، أنا بحبك يا نور بحبك أوي وأنتِ كمان بتحبيني
أحمر وجهها خجلا تنظر لأسفل تحرك يدها في إشارة منها أنها ترغب في ورقة لتكتب ، قام سريعا يحضر عدة أوراق وقلم يعطيهم لها يغمغم متلهفا :
- خدي أنا جايبلك ورق كتير أوي ، لحد ما نشوف آخر موضوع صوتك دا ايه ، من بكرة هنروح نكشف ، اكتبي يا حبيبتي
نظرت لما خطت على سطح الورقة ( بس إحنا ما ينفعش نفضل مع بعض في نفس البيت لوحدنا حرام )
- إحنا هنتجوز المأذون برة أنا مش هسمح لحد يبعدك عني تاني لا شريف ولا غيره
غمغم بها متلهفا لتتسع حدقتيها ذهولا قبل أن تكتب من جديد
( شريف وأهله ناس طيبين أوي ما أذونيش خالص ، وعلى فكرة ليان بتحبك أوي )
شعر بالغضب من شبح تلك الليان التي تطارده في كل مكان ليصيح فيها منفعلا :
- يخربيت ليان وقرف ليان ، أنا بكرهها ما بحبهاش ، أنا كنت مستحملها بالعافية عشان اوصلك ، نور أنا بحبك أنتِ
تجمعت الدموع في عينيها تتساقط على الأوراق في يدها وظلت تكتب طويلا إلى أن شعر بالغضب وسحب منها الأوراق يقرأ ما فيها
( مش هينفع يا جواد ، جواد أنا خدامة بنت راجل باع بنته عشان الفلوس ، أنا ماليش أي حد في الدنيا ونسب مش يشرف أبدا ، جواد عشان خاطري لو بتحبني بلاش نتجوز ورجعني عند شريف وأنا هقولهم الحقيقة وهطلب من الست إيمان اشتغل عندها ، هي طيبة ومش هتقولي لاء )
وكم شعر بالغضب حينما قرأ جملتها الأخيرة ، ليقبض على رسغ يدها يرفعها عن المقعد خافت حين نظرت لوجهه ورأت كم هو غاضب بالكاد منع نفسه من أن يصرخ بعلو صوته يحادثها غاضبا :
- الهطل دا اللي أنا شوفته دا مش عايز لا اشوفه ولا اسمعه تاني ، أنا ما يفرقش معايا أنتِ ايه ولا بنت مين ، الحاجة الوحيدة اللي تفرق معايا أن أنا بحبك ، وعارف أنك بتحبيني واسم شريف ما يتذكرش تاني ، نور أنا ماسك أعصابي بالعافية عشان أنا ما اقدرش آذيكِ ، الحمام قدامك أهو ... اغسلي وشك وتعالي عشان المأذون مستنينا برة
توسعت حدقتيها مدهوشة مما قال ، تأفف هو حين ظلت مستمرة مكانها ليمسك بكف يدها يجذبها معه :
- ولا اقولك أنتِ كدة زي القمر ، يلا بينا
حين خرجت معه إلى صالة المنزل رأت العديد من الرجال يجلسون أمامها في صالة المنزل تحرك بها إلى مقعد بالقرب منه لتجلس هناك وذهب وجلس هو جوار المأذون الذي نظر إليها يسألها :
- الأستاذ سعد كامل هو وكيلك يا عروسة
نظرت إلى جواد مرتبكة ليومأ لها ، فنظرت للمأذون تومأ له ، ليعاود الأخير سؤالها من جديد :
- موافقة على الجواز من الباشمهندس جواد عمرو يا بنتي
ظلت لبضع لحظات صامتة تلطمها أمواج التفكير، فتاة مثلها لا أحد لها في الدنيا لم يكن لها سوى أبيها الذي باعها بأبخس الأثمان وزوجة أب أذاقتها العذاب ألوانا منذ طفولتها ، وحين باعوها إلى تلك السيدة المريضة اماندا هناك تقابلت مع جواد ، هو الوحيد الذي عاملها جيدا يوما تتذكر أنه كان يعطيها الهدايا الصغيرة خفية من تلك الحية اماندا على مدار عام ونصف احبته خفية وهو كذلك ، قبل أن تعلم تلك الحية بحبهم وتفرقهم بما فعلت ، ربما جواد هو منفذها الأخير في تلك الدنيا ، كانت تحلم بأن تعش بين عائلة شريف كفرد منهم لتصحو من الحلم على سؤال يسخر منها ، ومن هي من الأساس حتى تصبح فردا منهم ، اجفلت على صوت المأذون :
- يا بنتي ، حركي راسك موافقة ولا لاء
رفعت وجهها تنظر صوب جواد قبل أن تومأ برأسها موافقة ... لترى الأخير يبتسم سعيدا وبدا عقد قرانهم الذي لم يستغرق سوى عدة دقائق وانتهى كل شئ حين وقعت وبصمت على قسيمة زواجهم ، وقف جواد يودع الحضور كل منهم بظرف ليس بصغير بالطبع بداخله النقود ، أغلق الباب خلفهم يبتسم سعيدا ، نظر إليها يبتسم سعيدا ؛ لتُسرع خطواته إليها ينتشلها من المقعد يحتضنها سعيدا :
- أخيرا ، اخيرا دا أنا هزغرط من الفرحة
ابتسمت سعيدة تغمض عينيها تحاول أن تشعر بالأمان الذي لم عرفته مؤخرا في منزل شريف ، ولكن قبل أن تشعر به توسعت حدقتيها وشهقت بلا صوت حين حملها جواد بين ذراعيه كالعروس ليس كالعروس هي عروس ! نظرت إليه مرتبكة ليبتسم هو عابثا يردف في خبث :
- لاء دا الليلة ليلتنا يا عروسة !
___________________
في القصر البعيد التابع لنصار
يجلس هو وعمار في مكتبه وصوت نصار يصدح غاضبا :
- أخوك وقف فيها ، عاصم بعد ما كان موافق تقريبا ، بعت من شوية يقولي أنه محتاج فرصة أكتر يفكر ، عمار أنا مش عاوز آذيه عشان خاطرك أنت
استند عمار بظهره إلى ظهر المقعد يضع ساقا فوق أخرى يشغل سيجارته يغمغم ساخرا:
- حتى لو ما كنش زين وقف فيها أنا قولتلك فكرتك دي ما تنفعش ، ما ينقعش تجيب شركة خسرانة وتطلع عين اللي جابوها وتنجحها بين يوم وليلة ما طبيعي هيشك ، وقولتلك من الاول نتماهى في شركة تانية ما سمعتش كلامي ، كفاية غرور بقى يا نصار واسمع مرة مني
ضحك نصار ساخرا ينظر إليه في تهكم واضح قبل أن يردف :
- دا العيل الصغير كبر أهو ، وبقى صوته بيعلى على أبوه ، ماشي يا عمار هسمع كلامك هنتماهى في شركة مين ؟
- عُدي المهدي ، شركات المهدي اللي أنت سايبها لعُدي يبرطع فيها دي ، اسم شركات المهدي مكسب لوحده
قطب نصار جبينه يغمغم ساخرا:
- عُدي دا عروسة احركها إنما ما اشاركوش
قام عمار من مكانه ينظر صوب الحديقة بالخارج يغمغم في هدوء :
- اسمع مني ، عُدي دا كلب فلوس ومدمن قمار أنا اقدر اخلي ايده كلها تحت ضرسك وتبقى أنت الشريك المتحكم في الإدارة كمان قولت ايه
ابتسم نصار معجبا بما يسمع قبل أن يردف :
- مقابل ايه يا ابن نصار ؟
التفت عمار برأسه ينظر صوب نصار لعدة لحظات قبل أن يهمس باسمها :
- مليكة ، عاوز ارجع مليكة
بان الغضب جليا على قسمات وجه نصار وقف من مكانه يضرب سطح المكتب أمامه غاضبا :
- أنا مش قولتلك تنسى الاسم دا خالص ، البت دي وجودها غلط في حياتك ، عمار اسمها لو ظهر تاني على بالك مش على لسانك همحيها من على وش الدنيا ، عايزها يبقى تاخدها بالطريقة اللي أنا علمتهالك غير كدة هقتلها وهي جوا حضنك
كور عمار قبضته غاضبا ليتحرك لخارج الغرفة يسمع صوت عمار يحادثه محتدا :
- أسبوع واحد وعدي يبقى تحت ايدي ، مقابل اني مش هحاسب اخوك على اللي عمله النهاردة
خرج عمار من مكتب نصار إلى الحديقة جلس في زاوية بعيدة عن الأنظار مظلمة يغمض عينيه يكور قبضته يضرب بها على ساقه بعنف يهمس مع نفسه بحرقة :
- سامحيني يا مليكة ، أنا آسف
انسابت الدموع من خلف جفنيه المغلقين يحادث طيفها الغائب :
- أنا آذيتك بسببه كان هيقتلك لو ما كنتش عملت كدة ، نفسي أخدك في حضني واقولك أنا آسف سامحيني ، أنا مش مريض هو السبب
شعر بشخص ما يضع يده على كتفه ليرفع يده يمسح دموعه يتمتم متضايقا :
- أنت ايه اللي جابك هنا يا زين ، مش كفاية اللي هببته حذرتك اني مش هعرف احميك من نصار ، كويس اني لاقيتله حل تاني يعجبه وألا كان آذاك وأنت متلصم أصلا
لم ينطق زين بحرف ظل ينظر لشقيقه حزينا قبل أن يجذبه إليه يعانقه يهمس بنبرة حزينة باكية :
- أنا عارف أنه اذاك يا عمار ، هو اللي خلاك كدة ، عمار عشان خاطري تعالا معايا وسيب القرف دا كله ... حتى مش لازم نروح لعاصم نبعد عن الكل ، كفاية أذية في ناس مالهمش ذنب يا عمار
ابعده عمار عنه يبتسم ساخرا يتهكم منه :
- بطل سذاجة بقى يا زين ما فيش حد في الدايرة مالوش ذنب من اول تهاني هانم الحرباية اللي لو أطول اطلع روحها في ايدي ، ونصار والكل ... الكل داس واذى ولازم يدفعوا التمن ، صحيح يا حمار تبطل الكوباية بتاعتك مع كوباية حسين ، كان زمانك مقضي ليلة ولا ألف ليلة وليلة البت عود قمر أنت الخسران
شعر زين بالغضب مما يقول ليهمس له حانقا :
- ما ينفعش تتكلم عنها كدة دي مرات حسين أخوك
ضحك عمار ساخرا يضرب كفا فوق آخر يردف :
- يا ابني بطل يوتوبيا اللي أنت عايش فيها دي ، أنت عارف ايه اللي يضحك بجد ، أنك أول ما روحت الشركة لما نصار هددك أنك لو ما نفذتش هيقتلني ، ريأكشنات المنتقم الجبار ، وفي الآخر روحت حاطط شعرة مخدرات في الكوباية ولما حسين شربها وشوفته تعب ، حلفت ما أنت مكمل ، يا راجل مش كدة ...
زين أنا خرجتك برة اللعبة كلها مش مطلوب منك حاجة ، بس ما تقفش في طريق نصار ، أنت مش مشارك في حاجة ، بس ما تعطلش حاجة ، أنا طلع عين عشان نصار يوافق يبعدك
ماشي يا زين !
__________
بعد ساعة تقريبا وقفت سيارة رعد نزل منها هو والطبيب وترك السيارة للسائق يحادثه :
- خليك في العربية يا عم طاهر عشان توصل الدكتور إحنا جايبينه من مشوار بعيد
وتحرك يستند إلى عكازه للداخل يغمغم :
- اتفضل يا دكتور ، اتفضل
فتح الباب ليجد والده ومعه الصغيرين سليم وياسين فقط بالأسفل ، توجه رعد صوب أبيه يغمغم :
- بابا دا دكتور عماد نور ، دكتور معروف جداا والكل يشهد بمدى شطارته ، أنا جبته عشان چوري
توسعت حدقتي جاسر ينظر إلى رعد غاضبا يهمس محتدا :
- حد قالك هات دكتور أنا مش قولتلك بقت كويسة
قطب رعد جبينه من غضب ابيه الغير مبرر يهمس مستنكرا :
- لا يا بابا مش كويسة حالتها من سئ لاسوء مش كويسة خالص
تجاهل جاسر ما قال رعد ليتحرك صوب الطبيب يصافحه يعتذر منه :
- أنا آسف يا دكتور ، بس البنت بقت كويسة خلاص ، ازعجناك على الفاضي
ودس يده في جيب سرواله يخرج النقود يعطيها له :
- دا حق تعبك في المشوار أنا آسف مرة تانية
نظر الطبيب لهما غير راضيا عما يحدث قبل أن ينسحب ويغادر ، هنا انفجر رعد غاضبا :
- فيها ايه لو كان طلع شاف مالها ؟ أنت بتعمل ليه كدة عاجبك حالها وهي منهارة كدة ؟
تجاهل جاسر صراخ رعد الغاضب وجلس يكمل إطعام الصغيرين ، ليتحرك رعد نحوه يغمغم حانقا :
- رد عليا ، أنا مش عيل صغير عشان تتجاهلني كدة ، وتمشي الدكتور بالشكل دا
رفع جاسر وجهه إلى رعد يهمس بنبرة جافة :
- ما حدش طلب منك تجيب دكتور ، اتصرفت من غير اذني ، يبقى أنا حر في ردي ، أنا صاحب البيت دا مش أنت
ابتسم رعد ساخرا يفتح ذراعيه على اتساعهما يردف متهكما :
- ورجعت ريما لعادتها القديمة
اشتعل وجه جاسر غضبا ليهب واقفا اقترب من رعد يصفعه يصرخ غاضبا:
- ريما يا قليل الادب
ابتعد عنه يصرخ بصوته كله :
- انتوا ما حدش فيكوا حاسس بحاجة أنا اللي شايل القرف كله ، مش هتخاف على أختك أكتر مني ، أبعد من وشي أنا اللي فيا مكفيني
نظر رعد لأبيه مذهولا عينيه حمراء من الألم والقهر ابتسم يردف ساخرا:
- أنا اللي غلطان إني لسه عايش معاك تحت سقف واحد وسامحتك بعد كل اللي حصل
تحرك يدق بعكازه بعنف إلى غرفة زوجته جذب طرب من يدها دون أن يعطيها الفرصة للنطق بحرف يخرج بها من المنزل !
كم الساعة الآن لا تعرف سوى أنها استيقظت فجاءة لتجد نفسها وحيدة في الفراش جواد ليس هنا والخارج مظلم للغاية ، قامت من الفراش تلتقط قميص له ملقى جانبا ترتديه تتحرك صوب المرحاض ، لمحت عينيها قطرات دماء متناثرة على سطح الفراش ، لتبلع لعابها متوترة وداخلها شعور أنها تخطئ ، دخلت إلى المرحاض لتجثو على ركبتيها تجلس خلف باب المرحاض المغلق تنساب دموعها ، تشعر بشعور مقزز بالخيانة ، كانت تعلم أن لليان تحب جواد ولكنها لم ترفض الزواج منه فضلت نفسها عليها
وعقلها يردد أن ليان لديها الكثير من الفرص ليان فتاة جميلة متعلمة لديها عائلة تحبها كثيرا
أما هي فلم تكن تملك سوى فرصة جواد لا تعلم حتى إن كان يحبها فعلا كما يقول أم أنه وجدها لقمة صائغة يتمتع بها عدة أيام ومن ثم سيلقيها في أقرب سلة قمامة ما أن ينتهي منها
ولكنها لا تملك خيار آخر مشاعرها لشريف لن ترى النور يوما ، شريف يحب شقيقة جواد يحبها للغاية ، شريف يستحق من هي أفضل من مجرد فتاة مشردة مثلها ، قامت تستند إلى أرضية المرحاض تتحرك صوب مرش المياه تفتح المياه الساخنة فوق رأسها
دخل جواد إلى الغرفة يحمل صينية طعام قطب جبينه قلقا حين لم يجدها قبل أن ينتفس الصعداء حين سمع صوت مرش المياه
ابتسم سعيدا يضع ما في يده على طاولة صغيرة جانبا ينتظر خروجها .....مر أكثر من نصف ساعة ، شعر بالقلق ليتحرك صوب باب المرحاض يدق بابه يحادثها قلقا :
- نور أنتِ كويسة ، نور أنا هفتح الباب
وقبل أن يفعل فُتح الباب من الداخل وخرجت تتأزر مئزر القطن الأبيض ، خصلان شعرها الشقراء تقطر تجففها بمنشفة صغيرة ، ابتسم يتنهد :
- خضتيني ، تعالي يلا عشان ناكل
أمسك بكف يدها يجذبه معه إلى أحد المقاعد ، جلست ليجلس جواره ... شردت عينيها تفكر في كل شيء ، في كل لحظة مرت عليها منذ طفولتها لتتدافع الدموع إلى مقلتيها انتفضت حين مد جواد يده يمسح دموعها يسألها قلقا :
- بتعيطي ليه يا نور ، أنتِ زعلانة مني ؟
وجهت انظارها له لتنفجر في البكاء تحرك يدها بعنف أنها تريد ورقة ، هرع يحضر لها الأوراق تساقطت دموعها بغزارة على سطح الورقة وبخط مهتز كتبت له ( أنا خايفة أوي )
وألقت القلم من يدها تخفي وجهها بين كفيها تبكي بحرقة ؛ ليقترب منها سريعا يجذبها إلى أحضانه يغمغم جَزِعًا :
- مالك يا نور ، خايفة من ايه يا حبيبتي ، أنا هناك معاكِ ومش هسمح لحد في الدنيا يأذيكِ ، نور عشان خاطري بطلي عياط ، طب أنتِ خايفة مني أنا
حركت رأسها بالإيجاب لتتسع حدقتيه ذهولا ابعدها عنه يمسك ذراعيها بين كفيه يغمغم مدهوشا :
- خايفة مني أنا يا نور ، دا أنا أكتر واحد في الدنيا دي بيحبك ، آه فهمت خلاص أنتِ خايفة لأكون بتسلى بيكِ كام يوم وبعدين اسيبك مش كدة
نظرت أرضا تتحاشى أن تقابل عينيها عينيه ليمسك بطرف ذقنها بخفة يرفع وجهها ليقابل وجهه يهمس بنبرة خفيضة يعاتبها :
- يبقى أنا عندي حق ، ظنك فيا وحش أوي يا نور ، أنا فضلت أدور عليكِ شهور عشان اتسلى بيكِ ، على العموم أنا مش هدافع عن نفسي بكرة الأيام هي اللي هتثبتلك
تقابلت عينيها مع خاصته للحظات قبل أن تنزلها للأوراق أمامها ؛ ليحضر لها القلم .. خطت شيء ما على سطح الورقة ترفعها أمامه :
- أنت ليه ما بتحبش ليان ، دي بتحبك أوي
أنت كدة هتكسر قلبها ، هي طيبة أوي
تأفف حانقا من ذكر سيرة ليان الذي أصبح يلازمه كظله ليردف منفعلا :
- أنا مش فاهم بجد مين قال أنها طالما بتحبني يبقى لازم أحبها ، أنا ما بحبهاش ... وهي عارفة كدة ومع ذلك سمعت كلام ست روان هانم عشان يبعدوا اماندا ، قال يعني لما يبعدوا اماندا أنا هحبها ، اماندا دي أرخص حاجة أنا عرفتها في حياتي ولولا إني شوفتك عندها كنت رميتها برة حياتي من مدة ، وبعد اللي عملته معاكِ أنا كنت باخذها على قد عقلها عشان كنت خايف تلاقيكِ قبلي وتأذيكِ ، دلوقتي خلاص هرميها في أقرب زبالة
أمسك بذراعيها يكمل منفعلا :
- نور أنا بحبك أنتِ ، ليان دي لو عندها مخ كانت لاحظت من البداية إني ما بحبهاش ، لو كان عندها كرامة !! كانت بعدت عني لما أحرجتها من أول مرة ، إنما دي لازقة بغرا
ابتعد عنها يتنفس بعمق يحاول أن يهدأ قليلا قبل أن يلتفت إليها يغمغم بنبرة قاطعة :
- نور أنا بحبك وعمري ما هستغنى ومش متجوزك عشان اتسلى يومين زي ما أنتي فاكرة ، عايزة تصدقي أو لاء أنتِ حرة ، بس ياريت تاكلي عشان أنتِ ما كلتيش حاجة من الصبح
ظنته سيرحل ولكنه تحرك يعود لمقعده يجلس جوارها في صمت يأكل طعامه ... نظرت له مرتبكة تختلس النظرات إليه بين حين وآخر ؛ ليتنهد هو يبتسم يائسا :
- مش عارف والله أقفش عليكِ ، افتحي بوقك كلي يلا
فتحت فمها قليلا تأخذ ما في يده ليرفع كف يدها يقبله يردف سعيدا :
- أوعدك أن كل اللي جاي سعادة وبس !!
_____________
نظر إلى الصغيرين اللذان يغطان في نومٍ عميق أمامه قبل أن يحمل كل منهما على ذراع يصعد لأعلى يضعهم في غرفتهم ، خرج متوجها إلى غرفة ابنته ليطمأن عليها ، اصطدم برؤى التي خرجت من غرفة ابنتها توًا رمته بنظرة حادة نافرة دون أن توجه له كلمة وأكملت طريقها إلى غرفة الصغيرين ، فتح باب غرفة ابنته ليجدها شاحبة الوضع يزداد سوءً كما لاحظ رعد ولكن فكرة أن يدخل طبيب إلى غرفة ابنته ومن ثم يخرج يزف إليهم خبر حملها ستكون طامة كبرى للجميع ، دخل يجلس جوارها لتستند برأسها إلى كتفه تهمس بنبرة ضعيفة شاحبة :
- ليه يا بابا ، رعد زعلان أوي أنا حاسة بيه ، أنا السبب ، كنتوا اتصالحتوا ، أنا عاوزة اروحله يا بابا
رفع يده يمسح على رأسها برفق يهمس متعبا :
- نامي يا چوري ، أبوكي تعبان أوي وعايز ينام وخايف يغمض عينيه
استند برأسه إلى عارضة الفراش ودون أن يشعر أغمض عينيه وغط في النوم ، نوم مزعج ملئ بالكوابيس .. استيقظ منه على صوت أنين ابنته ويدها تهز جسده فتح عينيه مفزوعا ليجدها تمسك ببطنها بكلتا يديها تهمس باكية :
- بطني بتتقطع
هب واقفا ينظر حوله فزعا لا يعرف ما العمل ولكنه لن يتركها تموت ، حملها بين ذراعيه أسندها لتقف من الفراش ليجد بقعة دماء مكانها توسعت حدقتيه خوفا يجذب مفرش الفراش يخفيه فوق دولاب الثياب يبحث فيه عن فستان أسود حتى لا تظهر آثار الدماء عليه ، وضعه عليها يحملها بين ذراعيه خرج من الغرفة لتصيح رؤى حين رأته يحمل ابنتهم ينزل راكضا بها :
- چوري مالك يا بنتي ، أنت واخدها ورايح فين
خرج يوسف ومريم وملاك على الصوت ، حاول يوسف أن يلحق بأبيه ليصرخ جاسر فيه بعلو صوته:
- خش جوا مش عاوز حد يجي معايا
وحين رفض يوسف وأصر على اللحاق به ، أمسك ذراعه قبل أن يركب السيارة يدفعه بعيدا يصرخ فيه:
- أنا مش قولتلك خش جوا ، هو ما حدش بيسمع لأهلي كلمة ليه ، خش يا يوسف بدل ما اضربك
ولأن يوسف أكثرهم شبها به وجاسر نفسه لا يعلم وقف أمام أبيه يعلو بصوته غاضبا :
- لاء مش همشي دي أختي ومن حقي أخاف عليها زي من حق رعد أنه يخاف عليها ، وأنت بدل ما تقدر خوفه عليها ضربته مع أن هو الكبير ما ينفعش صورته تتهز قدامنا ، ما ينفعش تضربه عشان هو بس خايف عليها ، أنا بس حقيقي مش فاهم أنت بتبعدنا كلنا ايه مخبي ايه ومش عايز حد يعرفه
وكما صفع رعد ، صفع يوسف ولم يكتفِ بذلك أمسك بتلابيب ثيابه يصرخ فيه:
- على آخر الزمن بتبجح فيا ، بس أنا الغلطان ، أنا اللي ما عرفتش أربيكوا ، غور من وشي بدل ما اقتلك
ودفعه بعيدا عنه يستقل سيارته ينطلق بها ، وقف يوسف مكانه يكور قبضة يده بعنف يشعر بغضب لا مثيل له
انطلق جاسر بسيارته نظر لساعة يده ليجدها تعدت الثانية ليلا ، رقم تلك الطبيبة بحوزته اتصل مرة والثانية والثالثة إلى أن أجابت أخيرا تغمغم حانقة :
- مساء الخير ، خير ؟
صاح جاسر قلقا :
- أنتي دكتورة زهرة مش كدة ، لو سمحتي افتحي العيادة بتاعتك بنتي حالتها حرجة جدا
هدأت نبرة الطبيبة تعتذر منه :
- أنا آسفة حقيقي بس حاليا مش هينفع خالص ، أنا مسافرة و...
قاطعها قبل أن تكمل يصرخ فيها بعلو صوته:
- بقولك بنتي حالتها حرجة ، انزلي افتحي العيادة بدل ما اقفلهالك خالص ، أنتي ما تعرفيش أنتي بتكلمي مين
وظنها ستخاف ألا أنه سمع صوتها يصدح عاليا من الإتجاه تصرخ فيه غاضبة :
- هتكون مين يعني ، هو انتوا عشان معاكوا شوية فلوس وشوية علاقات هتفتكرونا خدامين اللي جابكوا
وأغلقت الخط في وجهه لتتسع حدقتيه يسبها غاضبا وقف في منتصف الطريق عاجزا عن فعل شيء ، الجميع ضده الآن
والوضع ساء حد عدم التحمل ابنته تنزف وهو يقف في منتصف الشارع ليلا لا يجد حلا ، فكرة ذهابه لأي مستشفى أشبه بفضيحة ستكتبها الصحف وتزينها مواقع التواصل الاجتماعي صباحا ، وتلك الطبيبة الوقحة يقسم على تلقينها درسًا لن تنساه أبدا ، لم يجد أمامه سوى صديقه سريعا كان يتصل به مرة بعد أخرى إلى أن أجاب ليبادر خائفا :
- خالد ، الدكتورة الزفتة اللي ادتوني رقمها مسافرة ، أنا واقف حاسس إني مشلول چور بتنزف
سمع صديقه يهدئه :
-اهدا واسمعني اطلع على ********وحسام هيسبقك ما تقلقش خير ، يلا على طول
أغلق الخط يتوجه يجلس جوار ابنته التي شبه غابت عن الوعي من الألم ، جبينها يتفصد عرقا ، وجهها شاحب ، شفتيها زرقاء .... أدار محرك السيارة للعنوان الذي أخبره به ، يأكل الطريق خائفا إلى أن وصل إليه ؛ ليجد صديقه بانتظاره بصحبته ذلك الطبيب ، هرع سريعا يصع ابنته على الفراش ينظر ليديه الملطخة بالدماء ، مشهد جعل خالد يغكض عينيه يتذكر مشهد مشابه له .... دخل حسام للغرفة ورفض دخوله ، وقف خارجا يكاد قلبه ينفجر ، ارتمى على أحد المقاعد يخفي وجهه بين كفيه ليجلس خالد على المقعد المجاور له يربط على كتفه :
- اهدا يا جاسر إن شاء الله هتبقى كويسة
مرت نصف ساعة إلى أن خرج حسام من الغرفة ينظر لهما آسفا يخلع قفازات يديه والقناع الطبي من فوق وجهه ووجه سؤاله لجاسر :
- معاك الدوا اللي كانت بتاخد منه ؟
اومأ جاسر برأسه سريعا يضع يده في جيب سترته يخرج منها الدواء ، أعطاه لحسام الذي ما أن نظر إليه امتعضت قسمات وجهه يردف حانقا :
- الدوا دا ما ينفعش مع الحوامل ، للأسف الشديد هي كانت حامل في أسابيع وللأسف الجنين ما استحلمش أنا آسف ، أنا محتاج وجود الزوج عشان يمضي على عملية تنضيف
بسيطة لأن للأسف في أجزاء من المشمية لازقة في جدار الرحم
تقدم جاسر منه يردف متعبا :
- جوزها مش موجود أنا همضي ، هات الورقة
حرك حسام رأسه للجانبين يرفض ذلك بهدوء :
- أنا آسف لازم الزوج ، ياريت تطلبه بسرعة
وتحرك يعود للغرفة التي بها چوري ؛ لينظر جاسر صوب خالد يغمغم غاضبا :
- هما مالهم كلهم النهاردة
أمسك هاتفه يطلب رقم حسين انتظر بضع لحظات إلى أن أجاب الأخير ليصرخ فيه :
- طبعا البيه نايم في العسل ومش حاسس باللي بيحصل چوري بتسقط ، في أقل من عشر دقايق تبقى قدامي يا حسين ، إحنا في ******
وأغلق الخط في وجهه توجه صوب الغرفة المحتجز بها ابنته ليجد ذلك الوقح الآخر المدعو حسام يغرز سن محلول في يدها ، نظر جاسر إليه يردف حانقا :
- جوزها جاي في الطريق
ابتسم حسام في هدوء يمسك بالورقة يدفعها صوب جاسر هي والقلم يغمغم في هدوء :
- يوصل بالسلامة ، اتفضل أمضي
لولا فقط أن ابنته تحت يديه الآن لكان قتله خنقا ، ذلك المتحذلق شبيه أبيه ... لا وقت للغضب وقع الورقة يعطيها له ليشير له حساك بالخروج :
- اتفضل عشان اشتغل
ومن ثم نظر للممرضة الواقفة جوار چوري يردف :
- افتحي أوضة الولادة
تحركت سريعا تنفذ ما قال ؛ ليحمل حسام چوري يضعها على فراش نقال صوب غرفة الغرفة القريبة ما إن دخل إليها اُضيئ أمامها مصباح باللون الأحمر ، جلس جاسر أمام باب الغرفة يدعو أن يمر الأمر على خير ، جلس خالد جواره يواسيه :
- وما تقلقش حسام شاطر ، والعيادة بتاعته جاهزة لأصعب الحالات وهو بيقولك عملية بسيطة ، والحمد لله أنها جت على قد كدة يا جاسر ، صدقني دا أفضل ليهم بكرة بإذن الله الوضع هيبقى أحسن ويخلفوا دستة
اومأ جاسر بأعين تلمع بالدموع ، بعد عدة دقائق سمعوا خطوات تركض صوبهم وكان حسين ملابسه مبعثرة وكذلك شعره ، عينيه حمراء وقسمات وجهه مرتعدة اقترب من جاسر يردف مذعورا :
- چوري كويسة ، هي فين ؟!
أشار جاسر برأسه إلى الباب المغلق أمامهم يتمتم منهكا :
-چوري جوا
وقف حسين يستند بظهره إلى الحائط ينظر للباب المغلق أمامه إلى أن خبا الضوء وفُتح الباب ، وظهر حسام وقفوا جميعا أمامه اقترب حسين منه يسأله هَلِعًا :
- طمني هي عاملة ايه ؟
ابتسم يربط على كتفه يطمأنه :
- ما تقلقش الموضوع كان بسيط خالص ، هتبدأ حالتها تتحسن بشكل ملحوظ ما تقلقوش ، قدامها ساعة بالكتير وتفوق ، تعالا يا عم شيلها بقى وديها الأوضة اللي الممرضة هتفتحهالك دي
اومأ حسين برأسه سريعا تحرك صوب الداخل ليراها ادمعت عينيه ينظر لوجهها الشاحب ، اقترب أكثر إلى أن بات أمامها ، رفع يده يضعها على رأسها يهمس بحرقة :
- أنا آسف يا چوري ، آسف على اللي أنتِ بتعيشيه دا ، سامحيني
مالها يحملها بين ذراعيه ، جسدها مرتخي مخدر تماما يتحرك بها خلف الممرضة إلى أن وصلوا لغرفة صغيرة وضعها على الفراش وقامت الفتاة بتوصيل المغذي إلى وريدها ، تحرك جاسر ليلحق بهم ليمسك خالد بكتفه حين التفت له سمعه يهمس :
- سيب حسين معاها لما تفوق تشوفوا ، هتبقى نقطة كويسة لصالحه ، وبعدين حسام طمنك عليها سيبه معاها
تأفف جاسر على مضض يجلس خارج الغرفة
أما في داخل الغرفة ظل حسين يمسك بكف يدها تنهمر دموعه في صمت لمدة طويلة إلى أن قرر أن يبوح بما يجثم على صدره :
- أنا بحبك يا چوري ، بحبك من زمان على فكرة ، اقسملك أني كنت بحلم باللحظة اللي هتتكتبي فيها على اسمي بس ما كنتش متخيل أبدا أنها هتبقى بالشكل ، أنتي لما رفضتيني وقولتي شيفاك زي رعد ومش بحبك ، اتوجعت أوي بس ما فرقش معايا غير أنك تكوني ليا برضاكِ وتكوني بتحبيني زي ما بحبك ، وما تكونيش مجبورة عليا بأي شكل ، بس اللي حصل أنا آسف عليه بجد آسف
انسابت دموعه في نهاية حديثه يقبل كف يدها
تنساب دموعه على كفها فتحت عينيها قليلا تشعر وكأن الألم الذي كان يستنزف روحها تلاشى ، حركت عينيها لتقع على وجه حسين رأته وهي يبكي يمسك يدها لتهمس باسمه بوهن ، فتح عينيه ينظر إليها متلهفا يسألها خائفا :
- عاملة ايه دلوقتي ؟ حاسة بوجع ؟
حركت رأسها للجانبين بخفة تهمس متعبة :
- مش زي الأول ، كان في وجع بشع وراح ... الوجع دا مقدور عليه ، أنا سمعت الدكتور بيقول إني كنت حامل ، بس أنا مش زعلانة إني سقطت ، أنا اسفة بس صدقني كل ما كنت هبصله كنت هفتكر الذنب اللي إحنا عملناه
مد يده يمسح على رأسها برفق يهمس مترفقا :
- أنا مش زعلان صدقيني ، أنتِ أهم عندي ... المهم أنك بخير أي حاجة بعد كدة تتعوض
أنت الأهم
ابتسمت بوهن شديد تهمس ساخرة من نفسها :
- حاسة اني بقيت مثيرة للشفقة أوي ، بسببي البيت كله متخانق مع بابا ، حسين
همست باسمه تحاول أن تعتدل ليقترب سريعا يسندها يضع الوسادة خلف ظهرها لتنظر إليه تهمس :
- بابا اتخانق مع رعد ويوسف ، ورعد ساب البيت ومشي ، عشان خاطري أعرف هو فين ، أنا عايزة أروحله ، بابا كان خايف أن الدكتور اللي جايبه رعد يقولهم إني حامل ، أنا السبب حصل كل دا بسببي
وانسابت دموع عينيها ليشعر بالغضب من لومها المبالغ فيه لنفسها ، جلس جوارها يجذب رأسها لأحضانه يطوقها بذراعيه ، توسعت حدقتيها مما فعل لتسمعه يهمس يؤنبها :
- بس بقى كفاية لوم في نفسك ، مش كل حاجة أنا السبب أنا السبب ، أنتِ عمرك ما تكوني السبب في أي حاجة وحشة وأنتِ أحلى حاجة في الدنيا !!
______________
جلست طرب في صالة المنزل تتطلع حولها مرتبكة خائفة على ملاك ، لأنها تركتها بمفردها
ولكن يبدو أن جاسر قد هشم القشة الأخيرة بينه وبين رعد ، فهو منذ مجئيهم لهنا لم ينطق بحرف ، يجلس في الغرفة وطلب منها تركه بمفرده ، رغم حزنها عليه إلا أنها لم ترغب في أن تغضبه أكثر من ذلك يبدو حزينا بما يكفي ، قامت تتلفت حولها هنا وهناك الشقة ليست بالصغيرة ، يغلب عليها الألوان الهادئة والفرش الحديث ، تحركت صوب غرفته تفتح الباب لتراه يقف يستند إلى نافذة الشرفة تنساب دموعه ... تحركت إليه بخفة إلى أن صارت جواره وضعت يدها على ذراعه تهمس تهون عليه :
- رعد ، عشان خاطري ما تعملش في نفسك كدة ، صدقني عمي جاسر أكيد كان مضغوط وأكيد في حاجة سبب عصيبته دي ، وبعدين يعني أنت ينفع تقول لباباك رجعت ريما لعادتها القديمة ، أنت كدة بتهينه ، رعد أنا ما بقولكش روح صالحه وأنت كمان كانت نيتك كويسة أنت كنت خايف على چوري ، اللي حصل دا على رأي مامتك شيطان ودخل ما بينكوا ، مامتك ما بطلتش تتصل بيك يا رعد ، طب رد عليها طمنها عشان خاطري
شعر بالغضب وهو يتذكر صفعته له ليضرب حافة السور بيده تحترق أنفاسه ألما :
- مالوش حق ، كفاية بقى ، أنا غلطان إني سامحته ، أنا عمري ما هبص في وشه تاني لآخر العمر سواء عمره أو عمري
قاطع ما يحدث رنين هاتفه من جديد ولكن تلك المرة كانت برقم حمزة ، ذلك الرجل الذي كان يعمل في شركته قبل عدة أشهر قطب جبينه مستنكرا مكالمته الآن ، فتح الخط ليسمع صوته يغمغم :
- أنت يا ابني ما بتردش على الموبايل ليه ، على العموم أنا حبيت أقولك أن جاسر أبوك حالته حرجة جدا وهو في مستشفى ***** عنده أزمة قلبية ، ألحقه يمكن تشوفه قبل ما يموت
وأغلق الخط تاركا رعد متجمدا مكانه عينيه متسعة من هول ما سمع نظر صوب طرب يتمتم مذعورا :
- بابا في المستشفى ، بابا تعبان ... تعبان أوي
واندفع يستند على عكازه بعنف يتحرك للخارج وطرب تركض خلفه تحاول اللحاق به
أما في فيلا جاسر مهران تحديدا في غرفة يوسف ، ظل يلتف حول نفسه يشعر بالغضب الشديد مما فعله والده ، يصفعه لأنه قال الحقيقة هو على أتم ثقة من أنه يخفي شيئا لا يريدهم أن يعلموه ، شعوره بالغضب جعل يهشم كل ما طالته يداه وصوت والدته بالخارج تترجاه :
- يا حبيبي افتح ، عشان خاطري أنا طيب افتح ، يوسف وحياتي عندك افتح ، أقول ايه بس صدقني أبوك ما كنش قصده ، هو أعصابه مشدودة بسبب الشغل وتعب أختك ، لا إنت عايز تفتح ولا رعد عايز يرد ويطمن قلبي ويقولي هو فين
وانفجرت تبكي بحرقة ، تحرك يفتح الباب حين سمعها تبكي حين دق هاتفه برقم غريب فتح الخط ليسمع صوت شخص ما يبادر قلقا :
- يوسف أنا عمك خالد صاحب أبوك ، تعالا بسرعة على
مستشفى **** أبوك تعبان أوي ، أبوك موصيني ما حدش يعرف بس إنت لازم تكون جنبه ، ما تقولش لوالدتك لحد ما يبقى بخير
أصفر وجه يوسف فزعا يغمغم سريعا :
- أنا جاي حالا
تحرك يهرول صوب الباب فتحه ليجد والدته ومعها جوارها ملاك ومريم يواسونها ، احتضنها يقبل جبينها يغمغم متوترا :
- أنا مش زعلان يا ماما ، دا حتى بابا لسه مكلمني وباعتلي روشتة على الواتش هروح أجيبها على ما يجي هو وچوري هو في الطريق مش هيتأخر
وقبل أن يعطيها فرصة لتعترض على تلك الكلمات الغير منطقية تحرك يهرول لأسفل يتأكد من وجود نقود في جيب سرواله ، أوقف سيارة أجرة يخبره بالعنوان يطلب منه أن يسرع ، بعد نصف ساعة وقفت سيارة الأجرة نزل يوسف مسرعا صوب الداخل ليجد رعد يصيح غاضبا في مكتب الاستقبال :
- بقالك سنة بتدور على رقم الاوضة اخلص
وطرب جواره تحاول أن تهدئه تهمس متوترة :
- يا رعد دا ما بقالوش دقيقتين اهدا الناس بتتفرج علينا
ولم يهتم رفع الموظف رأسه ينظر لرعد حانقا يغمغم محتدا :
- والله حضرتك أنا بدور مش بلعب
هنا تحرك يوسف ودون كلمة قبض على تلابيب ملابس الرجل يهسهس يتوعده :
- رقم الأوضة بسرعة احسنلك
ابتلع الرجل لعابه خائفين ينظر للشابين الغاضبين أمامه يبحث سريعا :
- اوضة 302 الدور التالت
تحرك رعد بصحبة شقيقه يسرعان الخطى إلى المصعد ليخرج من يراقب يبتسم في اتساع اقترب من موظف الاستقبال الذي أردف خائفا :
- يا باشا قولتلي ماطل معاهم شوية دول كانوا هياكلوني ، ايه دا ؟!
ضحك عاليا يلحق بهم ليكمل إخراج مقطوعته المميزة ، وصل الشقيقان للطابق الثالث ... يركض يوسف أمام رعد ينظر لأرقام الغرف إلى أن وقف أمام باب إحدى الغرف كاد أن يدخل حين خرج طبيب منها يرفض ذلك :
- ممنوع يا أستاذ ، جاسر باشا حالته الصحية ما تسمحش بأي كلام
اقترب رعد يضغط على عكازه بعنف يصرخ في الطبيب غاضبا :
- أنا هدخل أشوف أبويا غصب عن الكل
تنحى الطبيب جانبا ليتحرك رعد لداخل الغرفة ومعه يوسف ، وقف أمام سرير والده ينظر لجسده الساكن ، عينيه المغلقة كم كبير من الأجهزة يتصل به يخبرهم أنه لا يزال حي إلى الآن ، انهمرت الدموع من عينيه يقترب منه يجلس على حافة فراشه يمسك بكف يده المتصل بمحلول يقبله يهمس بحرقة :
- بابا عشان خاطري أنا آسف ، أنا اللي قليل الأدب ، خلاص حقك عليا بس ما توقعش كدة
بابا عشان خاطرنا
جلس يوسف على الاتجاه الآخر منه حاول إلا يبكي ولكنه لم يستطع تهدجت نبرة صوته يهمس باكيا :
- بابا لو سمحت قوم ما ينفعش كدة ، أنا ما كنش المفروض ازعق في وشك أنا آسف قوم بقى لو سمحت
فتح جاسر عينيه قليلا يحاول أن يبدو متعبا لا يعرف كيف يفعلها ، ولكنه يحاول جاهدا ابتلع لعابه يحاول أن يُخفض صوته إلى حد الهمس يوجه أنظاره إلى رعد:
- حقك عليا يا رعد ، أنا آسف يا ابني تتقطع أيدي لو اتمدت عليك تاني ، أنت كنت خايف على أختك ، أنا مش من حقي امنعك تخاف عليها ، حقك عليا
أمسك رعد بكف أبيه يقبله يهمس سريعا :
- أنت من حقك تعمل كل حاجة أنت بس قوم بالسلامة
رسم بصعوبة ابتسامة واهنة على شفتيه يسب صديقه في نفسه :
- الله يخربيت دماغك يا خالد أنا عارف بتمثل الحاجات دي إزاي
حمحم بصوت واهن يستعيد نفسه يهمس بنبرة ضعيفة :
- يعني هترجع البيت تاني ، ما ينفعش تمشي يا رعد أنت الكبير وأنت اللي هتبقى مسؤول عن الكل من بعد موتي
- بعد الشر عليك ، حاضر والله بس إنت قوم بالسلامة
ابتسم جاسر رفع يده يربط على وجهه بخفة ، يلف رأسه إلى يوسف وابتسم واهنا يهمس بنفس النبرة الضعيفة :
- حقك عليا يا يوسف ، أنا مش عارف ايه جرالي عشان ازعلكوا انتوا الاتنين في يوم واحد ، دا انتوا سندي في الدنيا وأنت هتبقى عكاز أخوك بعد كدة ، وانتوا الإتنين اللي هتخلوا بالكوا من اخواتكوا وأمكوا ، اوعوا صحيح تكون امكوا عرفت حاجة
حرك يوسف رأسه للجانبين ، ليدخل الطبيب يغمغم :
- يا جماعة ارجوكوا كفاية كدة ، كدة بتضروه اتفضلوا برة هو الحمد لله حالته بدأت تستقر
استند رعد على عكازه يقف يوجه حديثه لأبيه :
- إحنا برة عوزتنا في اي لحظة نادي علينا ، مش هنمشي ، يلا نسيبه يستريح
تحرك رعد ومعه يوسف في حين وقفت طرب تضيق عينيها تنظر لحماها العزيز ، توترت قسمات وجه جاسر أما هي فاقتربت منه دنت برأسها صوبه تهمس عابثة :
- تمثيلك شبه تمثيل يوسف وهبي يا بابا ، بلاش أوفر في الاداء ، هما بس عشان مرعوبين عليك أوي مش واخدين بالهم
- طرب
نادى رعد عليها لتجذب الغطاء سريعا تعدل الوسادة خلف رأسه تغمغم تجاري الوضع :
- حمد لله على سلامتك يا بابا تقوملنا بالسلامة
وتحركت تغادر تغمزه بطرف عينيها خفية قبل أن تخرج من الغرفة ليضيق حدقتيه غاضبا ، ولكن أين چوري صحيح ؟
هناك في سيارة حسين العائدة بها إلى منزلهم چوري نائمة ملامح وجهها أكثر حياةً مما كانت عليه ، حسين يحاول جاهدا التركيز على الطريق في ظل وجودها جواره دون فائدة وصل بمعجزة متفاديا الكثير من الحوادث ، نزل من السيارة يحملها بين يديه لتفتح عينيها قليلة أعطته نظرة ممتنة قبل أن تغمضها من جديد تريح رأسها على صدره تشعر بالخمول الشديد ، تحرك بها إلى باب المنزل فتحت له رؤى ليبادر يطمأنها :
- ما تقلقيش ، كان عندها تسمم واتعملها غسيل معدة وبقت كويسة جداا الحمد لله ، وريني أوضتها معلش
اومأت رؤى سريعا تصعد أمامه لأعلى تفتح له باب غرفة چوري وضعها حسين في فراشها لتسارع رؤى تدثرها بالغطاء جيدا نظرت لحسين تسأله قلقة:
- في مشكلة جامدة في الشغل اضطر يروح يشوفها ويوسف معاه عشان كدة قالي أوصل چوري
لم تقتنع بما قال ولكنها وافقت لاحظت نظرات حسين الحالمة التي يختلسها صوب ابنتها لتحمحم :
- يلا يا حسين تعالا اعملك شاي على ما عمك جاسر يجي
اومأ برأسه موافقا يختلس نظرة اخيرة لها قبل أن يغادر
________________
في المستشفى طلب منهم الاطباء الانتظار في المقهى لأن الوقت تأخر ، قام رعد يود الاطمئنان على أبيه مرة أخرة ليسمع صوته قادما من غرفته يغمغم حانقا :
- يخربيت دماغك أنا خايف العيال تقفش أن أنا بمثل عليهم والبت طرب مرات رعد خدت بالها
توسعت حدقتيه ذهولا ليسمع صوت صديق ابيه يردف ضاحكا :
- مش أنت اللي كنت عاوز تصالحهم هما الاتنين ومش عارف تعمل ايه دا جزاتي يعني ، المهم ما تتجننش تاني عشان مش هينفع نعمل نفس الخطة مرتين المرة الجاية رعد ابنك هيحجر عليك ويبقى حقه بصراحة
سمع صوت أبيه يهمس بنبرة حزينة متخاذلة :
- أنا ما كنش قصدي والله ، أنا بس كنت مرعوب و أعصابي مشدودة ... أنا غبي كل ما أصلح اللي بينا يبوظ تاني ، بس دي آخر مرة تعرف أنا عمري ما ضربته بالقلم غير مرة واحدة وهو عيل صغير ولسه هو فاكرها ، وجيت دلوقتي اضربه وهو طولي ، لاء دا غباء مني ، كان في ألف حاجة اقولها ... على العموم بكرة أنا عامل عزومة كبيرة وفيها هعلن جوازه وأنه هيمسك كل حاجة مكاني ، أنا محتاج استريح وافضى لولاد الكلب اللي عايزين يأذونا دول