رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الواحد و العشرون
بناء على رغبة القراء هنحط في بداية كل فصل كل عيلة بولادها عشان الناس اللي لسه بتتلغبط
جاسر ورؤي أبطال الأجزاء اللي فاتت عندهم 6 أولاد رعد وجوري أول تؤام
يوسف ومريم تاني تؤام
سليم وياسين آخر تؤام
----------------
نرمين أخت جاسر اللي جاسر كان بينتقم من صبري وبنته شاهندا عشانها
نرمين وياسر جوزها عندهم 2
( جاسر الكبير 29 سنة دكتور نفسي
اريج في 2 كلية طب )
ياسر كان ليه بنت من مراته اللي ماتت قبل ما يتجوز نرمين اسمها سما جوزها اسمه مصطفى
______________
عاصم أخو رؤي خال العيال اللي كان بيحب تهاني واتجوز حلم في الجزء التاني عنده ولدين
حسين الكبير مهندس ، مراد الصغير في ثانوية عامة ساقط سنة
_____________
رؤى كان ليها جيران أخ وأخت ساكنين سوا اللي هما عمرو وايمان
ايمان اتجوزت علي صاحب جاسر وعندها شريف الكبير ظابط شرطة ، وليان الصغيرة المدلوقة على الجاموسة جواد
_________
أما عمرو فاتجوز روان بنت صاحب الشركة اللي كان شغال فيها وخلف ولد وبنت
جواد جاموسة متنقلة مهندس ديكور
ومرام دلوعة ماما 22 سنة في كلية إعلام ومخطوبة لشريف ابن عمتها
________
فاضل طرب وملاك ، ومليكة وتوحة وكل الناس دي هنعرف اصلهم وفصلهم فيما بعد
لما تتلغبط اطلع بص هنا وكمل الفصل عادي
نبدأ الفصل ❤
__________
وضع يديه فوق رأسه لا يصدق ما رأى توا ، ابنته لن تفعل به ذلك ، چوري زهرته الندية الجميلة لن تحطم أبيها هكذا ، شعرت وكأن بركانا من نار ينفجر داخل قلبه وصدره يغلي وعقله يصرخ ، والمشهد أمامه يُعاد بلا توقف مرة تليها أخرى وأخرى ، فتح المقطع من جديد يُكبر حجم الصورة على وجه الفتاة ربما هي ليست ابنته وإنما فتاة أخرى ولكنها هي ، تحكم به الغضب ليمسك الحاسوب أخرج منه القرص يصدمه في سطح المكتب بعنف إلى أن تهشم ولم يكتف ِ ، أمسك بتحفة زجاجية أمامه يدفعها على الحائط يصرخ غاضبا يهشم كل ما تطوله يده ، يتهشم من الداخل إلى ألف قطعة ، اقتربت إحدى العاملات من رؤى تغمغم مرتبكة :
- أنا آسفة يا هانم ، بس جاسر باشا متعصب جداا وعمال يكسر في المكتب
توسعت حدقتي رؤى فزعا؛ لتهب من مكانها تهرع إليه تسأل عن مكان مكتبه الجديد كما أخبره أنه أعطى القديم لرعد وأخذ لنفسه مكتب جديد ، لم تحتاج إلى الكثير من الأسئلة فصوت صراخه الغاضب ارشدها إليه ، فتحت باب المكتب لتراه يُلقي مزهرية ضخمة على حائط من الزجاج ليتشهم كلاهما ، صرخت باسمه خائفة تحاول أن توقفه :
- جاسر مالك في اي ؟!!
التفت لها يلهث بعنف يديه بها آثار دماء مجروحة من تلك القطع المهشمة ، وجهه أحمر دامي من الغضب ، أنفاسه سريعة شعره مبعثر ،
أغلقت الباب اقتربت منه ، انزلت نقاب وجهها ليظهر القلق جليا على قسماتها أجمع تسأله:
- مالك يا جاسر ، في اي يا حبيبي ، حصل ايه لكل دا
ظل ينظر إليها ضائعا للحظات طويلة لا يجد ما يقوله ، تحرك يبتعد عنها يضرب الحائط بكفه الدامي يصرخ غاضبا لا يجد ما يقوله سوى الصراخ ، قدميه بدأت تتداعى لم يعد يستطيع الصمود أكثر ، جلس أرضا يستند برأسه إلى الحائط ، لتفزع رؤى أكثر حين رأت الدموع تنهمر من عينيه ، هرعت إليه تجلس جواره أرضا تسأله فزعا :
- مالك يا جاسر ، طب قولي في اي ، بتعيط ليه طيب ، جاسر حرام عليك ما تعملش فيا ، في اي طيب ، كل حاجة وليها حل ، والله كل حاجة ليها حل
حل !! لو تعلم أن جميع الحلول التي لديه تتضمن قتل ابنتها لما قالت ذلك ، ولكن كيف سيفعل ؟! ابنته كيف سيؤذيها من الأساس
ارتمى بين أحضانها يبكي بحرقة ، رؤى تسمح على شعره تربط على ضهره وكأنه طفل بلا فائدة جميع أسئلتها عن ما حدث لم يجب عليها ، ظلا هكذا طويلا ودموعه لا تجف أبدا ، أبعدته عنها تكوب وجهه بين كفيها تسأله قلقة :
- مالك يا جاسر ، حصل ايه ؟
نظر لوجهها ولم يجد إجابة كيف يخبرها بما رأى ستنهار وربما تمرض ، في الأغلب ستمرض من شدة حزنها ، مزقت شفتيه بصعوبة شديدة ابتسامة صغيرة صوته بح من الصراخ :
- خسرت صفقة كبيرة أوي ، صفقة عُمري ، صفقة قولت مستحيل أنها تضيع في يوم ، حطيت فيها كل ثقتي ومجهودي وأملي وضاعت ، وما عرفتش أحافظ عليها
أغمض عينيه لتنساب منها الدموع قهرا ! ، لتضم رأسه لأحضانها تحاول أن تخفف عنه :
- دا مقدر ومكتوب يا جاسر ، قول الحمد لله مين عارف الخير فين ، وبعدين مش يمكن لما تحاول تاني تكسب الصفقة دي ، ما تعرفش الخير فين ، وبعدين ربنا مش هيضيع تعبك أبدا ، فين ثقتك في ربنا يا جاسر ، اهدا يا حبيبي وما تعملش في نفسك كدة
حرك رأسه وكأن يوافق ما تقول ، هي فقط لا تعلم ، أمسكت بيده تسنده ليقف عن الأرض ، ترك يدها وتوجه إلى المكتب أخذ القرص من بين حطام مكتبه يضعه في جيب سترته ، خرج من مكتبه يتوجه صوب مساعده يغمغم متعبا :
- حسن معلش الدنيا بايظة جوا ، لم كل الأوراق اللي جوا وخليهم عندك ، وكلم بتوع النضافة ينضفوا المكتب
اومأ الشاب له سريعا ليربط جاسر على كتفه ، نظر لرؤى يمسك بكف يدها يتحركان لأسفل ، ارتمى على الأريكة في سيارته يغمض عينيه متعبا ليسمع رؤى تهمس له :
- جاسر مش لازم نروح لفاطمة النهاردة أنت شاكلك تعبان جداا ، تعالا نروح
كاد أن يوافق ولكنه تراجع لن يضمن رد فعله أن رأى چوري الآن وهي لاتزال مريضة على كل حال ، فتح عينيه يردف :
- لاء أنا بقيت كويس يا رؤى ، وبعدين أنا لازم أشوف عاصم !!
______________
وقف جاسر بسيارته أسفل منزل سامر ، ليجد الأخير يلوح له ، اقترب يجلس جواره ، ليتفاجأ برجل يجلس على المقعد الخلفي يبدو خائفا متوترا ، قطب سامر جبينه ينظر لجاسر وكأنه يسأله عن هويته ؛ ليدير جاسر محرك السيارة يغمغم متعبا :
- هتفهم بعدين المهم اليوم دا يخلص عشان أنا فعلا تعبت
تحركت السيارة من شارع لآخر تدخل إلى أحياء أكثر تواضعا شيئا فشيء إلى أن توقفت أمام بيت قديم للغاية ، نزل الرجل يغمغم متلهفا :
- اتفضل يا دكتور ، ربنا يجعل على إيديك الشفا ، اتفضل يا ابني
وتقدم الرجل يلحقهم لينزل جاسر ومن بعده سامر الذي اقترب من جاسر يمسك بذراعه يهمس يسأله :
- ايه يا عم المكان دا ، ومين الراجل دا ورد عليا بطل دور الغامض دا
نزع جاسر ذراعه من يد سامر يهمس حانقا :
- أنت عارف إن أنا ما بحبش حد يلمسني ، هقولك بعدين اتحرك بس دلوقتي
صعد بصحبة سامر إلى أعلى عبر سلم ضيق درجاته حجرية قديمة ، وصل إلى شقة بابها مفتوح وذلك الرجل الذي علم أن اسمه عوض يقف ينتظره بالخارج ، دخل إلى صالة المنزل الصغيرة ليرى سيدة مسنة ، تجاورها فتاة تلك الفتاة يعرفها هي زوجة مصطفى الجديدة ارتكبت الفتاة ما أن رأته تنظر أرضا تشعر بالحرج ، لتتحدث السيدة المسنة بولعة :
- ربنا يكرمك يا ابني أنك جيت ، ابن ابني كان زي الفل زينة الشباب ، فجاءة بين يوم وليلة ما أعرفش ايه اللي صابه بقى على طول يبكي ويصرخ وجسمه يقعد يرجف ، الناس بتقول ممسوس
نظر إلى الفتاة من جديد يسألها دون مقدمات :
- أنتِ أخته ؟
توترت ولم تجيب لتتولي السيدة المسنة الإجابة بدلا منها :
-لا يا ابني دي بنت بنتي الله يرحمها ، تبقى بنت عمته
اومأ جاسر برأسه متفهما يتحرك صوب غرفة ذلك الشاب ، دق الباب ودخل ليراه شابا في نهاية العشرينات على أكثر تقدير ، وسيم بقدر لا بأس به ، عينيه وقعت على شهادة جامعية معلقة على الحائط قرأ ، اقترب منها يقرأ الاسم
( عبدالرحمن عوض كامل) خريج جامعة ***** كلية الإعلام ! بتقدير إمتياز ، الفتى ترتيبه الثاني ، التفت خلفه حين سمع صوته الساخر :
- أنا كان المفروض اطلع الأول بس ابن العميد كان لازم هو اللي يتعين مش أنا ، عشان هو ابن العميد وأنا ابن راجل غلبان
ابتسم جاسر يردف بنبرة هادئة:
- بس الشهادة دي من سنتين ، يعني لو اللي عندك دا كان بسبب اللي حصل ، يبقى متأخر سنتين ولا ايه !
راقب بعينيه ذلك الفتى وهو يتخبط في مشيته إليه ، يبدو واهنا متعبا ... وقف بالقرب منه يغمغم ساخرا :
- امشي أطلع برة ، إنت باشا لابس بدلة وجاي بعربية فخمة ومعاك مساعد ، عمرك ما هتحس بيا أنا واللي زيي
خرجت من بين شفتي جاسر ضحكة صغيرة قبل أن يرفع يده يصفق ببطء يغمغم معجبا :
- هايل يا عُبد أنا رأيي أنك تمثل ، انفعالاتك حلوة ، عُبد أنا خريج جامعة القاهرة وما كنتش الأول على الدفعة ولا حاجة وجالي التكليف بتاعي في مستشفى العباسية وكنت بروح بالميكروباصات ، المستشفي بعيدة عن بيتنا ساعتين ، وخلصت التكليف وقدمت في كذا مستشفى خاص لحد ما اتعينت وبدأت أعمل اسم ليه ، لأن أنا كنت بفكر برة الصندوق ، أسيب لنفسي بصمة مش مجرد بطبق نظريات قريتها ومن مستشفى للتانية بسيب اسمي وامشي ما كنتش بقعد في مستشفى أكتر من سنة كنت بترفد عشان كنت ولازالت بعمل مشاكل كتير ، عايز اقولك أن أنا مرفود برضوا دلوقتي ، بس عندي عيادة كبيرة وليها اسم وليا اسم عملته بمجهودي وتعبي ، العربية دي أنا لسه مسدد آخر قسط فيها الشهر اللي فاتت بقالي 5 سنين بسدد اقساطها
واقترب منه أكثر يهمس بصوت خفيض :
- اقولك حاجة ما حدش يعرفها ، أول ما اشتريت العربية أول سنة ما قدرتش اسدد الأقساط كنت لسه مش معروف زي دلوقتي ، عارف عملت ايه ، اشتغلت عليها أوبر عشان اجيب فلوس وأسدد اقساطها ، اللي عايز يوصل لحاجة ما بيقعدش يتفرج عليها من بعيد ويعيط ، يعني لو أنت بتحب بنت عمتك هدى ما كنتش وقفت تتفرج عليها وهي بتتجوز
شخصت عيني عبدالرحمن ذهولا يعود بخطواته للخلف يستعيذ بالله من الشيطان الرچيم يهمس مذهولا :
- أنت عرفت إزاي ؟!
ابتسم جاسر يجذب مقعد له يتجاوز عبدالرحمم يجلس أمام فراشه يشير له يغمغم :
- تعالا أقعد
زفر الأخير أنفاسه مرتبكا ، ليتحرك جلس أمام جاسر ينظر أرضا يديه تعتصر المفرش أسفله وجاسر يجلس صامتا عدة لحظات قبل أن يردف يحادثه :
- والدك جالي مذعور بيبكي من خوفه عليك ، في الطريق لما طلبت منه يحكيلي عنك قالي أنك كنت متفوق في الجامعة وبتحلم تتعين معيد بس ما حصلش نصيب ، وأنت من وقتها بتعافر عشان تلاقب شغل بمرتب كويس ، أن والدك كان ليه أخت الله يرحمها بنتهم عايشة معاكوا ، وكلام الناس ما بيخلصش ، المهم أنك كنت مسافر تدور على شغل في الوقت دا جالها عريس كويس ميسور الحال ، تم الجوازة وأنك لما رجعت حالك اتبدل وبقيت طول الوقت قاعد لوحدك وشوية تصرخ وشوية تبكي وشوية تتشنج وترجف زي ما جدتك تقول ، عارف قيس زمان لما عرف أن ليلى اتجوزت تعب ومرض وهام الفيافي شارد زي المجنون ، اعتقد أنت عارف القصة كويس
ومد يده يلتقط كتاب صغير موجود على الطاولة الصغيرة جانبا مسرحية مجنون ليلى للشاعر أحمد شوقي ، رفع عبدالرحمن وجهه ينظر لجاسر تُغرق الدموع وجهه يهمس بحرقة :
- أنا بحبها أوي من وإحنا عيال ، متربية معايا هنا ، كانت أول واحدة بشارك معاها كل حاجة حلوة ووحشة بتحصلي ، كان نفسي اتعين عشان الاقي شغل كويس وابقى دكتور في الجامعة بس ما حصلش ، فضلت أدور على شغل كل ما كلام الناس حوالينا يزيد إزاي مقعدين الاتنين تحت سقف واحد ، البنت لازم تتجوز ، عبدالرحمن لسه قدامه الطريق طويل على ما يكون نفسه ، واحد صاحبي جابلي شغل في بلد بعيدة شوية سافرت 3 أسابيع لما رجعت عرفت أنها اتجوزت ، أنت مش متخيل النار اللي حرقت روحي ، وأنا بتخيلها كل ليلة في حضن راجل تاني ، إنها بقت بعيدة عني ، هموت من القهر ، ومش عارف أعمل ايه
شعر جاسر بالشفقة على الشاب المسكين الذي انفجر يبكي يتمتم من بين شهقاته بحرقة :
- افتكروني اتجننت ولا اتلبست ، أنا مش قادر اتكلم وأقول كنت بحبها خوفا على سمعتها ، بس مش قادر أعيش بموت كل لحظة وهي بعيد ، تخيل أنا لما رجعت كانت ليلة دخلتها كنت هتجنن
وعاد يبكي من جديد بحرقة ، مد جاسر يده يربط على كتفه يغمغم مبتسما بنبرة هادئة:
- تعرف أن ربنا سبحانه وتعالى بيرتب الأقدار ، طب هقولك البنت اللي برة دي جوزها اسمه مصطفى ، مصطفى دا بقى ما كنش قايلكوا أنه متجوز لأنه يبقى جوز أختي
توسعت حدقتي عبدالرحمن ينظر إليه مذهولا ليومأ جاسر برأسه يكمل :
- ولحظك الحلو أنه يوم ما خد هدى من هنا راح البيت عند أختي ، كان فاكر أنها عند والدي ووالدتي ولحظه الزفت كانت في البيت وأنا رقعته حتة علقة بوظت عليه الليلة
شقت ابتسامة كبيرة شفتي عبدالرحمن ، ليكمل جاسر محتدا :
- مصطفى دا عيل وسخ ماصانش العيش والملح دا متجوز أختي بقاله سنين وعندها منه طفلين ، وبعد اللي عمله مش هتقعد على ذمته أكتر من كدة ، وهخليه يطلق هدى ، بس إنت اتحرك واتقدم بعدها
هب عبدالرحمن واقفا يغمغم سريعا :
- أنا مستعد اتجوزها دلوقتي حالا بس هي تطلق وتبقى ليا ، أنا عيشت سنين أحلم باليوم دا
ابتسم جاسر وشردت عينيه في تلك اللحظة ، الكثير من الحالات التي يراها تعاني بسبب الحب ، أهو مؤلم مؤذي لتلك الدرجة إذا لما يتهافت الجميع للحصول على ما يؤذيهم ، وقف من مكانه يربط على كتف عبدالرحمن يغمغم مبتسما:
- ما تقلقش أنا معاك ، خير بإذن الله وهساعدك تلاقي شغل كويس بمرتب محترك
اخرج الكارت الخاص به وقلم يخط على سطح الكارت الفارغ رقم هاتفه يعطيه له يردف :
- دا رقمي الخاص ، عشان اللي على الكارت بتاع الشغل ، بكرة تتصل بيا ضروري
وتحرك ليغادر خطوتين فقط ليسمع عبدالرحمن يغمغم متعجبا :
- طب أنا متفهم أنك هتخلس مصطفى يطلق هدى وأختك عشان اللي عمله ، إنما ليه هتساعدني وتجيبلي شغل مين بيساعد في الزمن دا يا دكتور
التفت جاسر إليه رفع كتفيه وأردف ببساطة :
- أي حد عنده ضمير بيساعد ، بص حواليك هتلاقيهم كتير ، تكلمني ضروري قبل ما الشغل اللي قدامي يروح ، لأن أنا قدامي فعلا وظيفة كويسة بس عايز اتأكد إنها لسه متاحة
وخرج من الغرفة ليهرع الرجل إليه يتلهف يسأله قلقا:
- طمني يا دكتور ابني ماله ؟
ابتسم جاسر يطلب منه أن يتخذ معه بعيدا عن الجمع بعد حوار دام لعشر دقائق ، توسعت حدقتي غريب يغمغم مذهولا :
- يا ابن الكلب بقى كان بيضحك علينا وهو متجوز ومخلف ، أنا قولت يا ابني راجل ميسور وصغير في السن وهيعيشها عيشة مرتاحة ، بس ليه عبدالرحمن ما قاليش أنه بيحبها
- ممكن يكون اتكسف وممكن يكون كان عاوز يكون مبلغ يقدر يجيبلها بيه شقة الأول ، الاحتمالات كتيرة ، المهم دلوقتي أن ابنك حالته على شفا الانهيار ومحتاجها ، في أسرع وقت هتم إجراءات الطلاق ، أنا ما فهمش أوي هي ليها عدة ولا لاء لأنه ما لمسهاش ، تقدر أنت تسأل شيخ وهو يدلك أفضل ، أنا الأيام الجاية هبقى على تواصل مع عبدالرحمن وبإذن الله المشكلة تتحل على خير ، استأذن أنا بقى
تحرك جاسر ليرحل ليلحق الرجل به يدس يده في جيب جلبابه يخرج النقود يغمغم متوترا :
- استنى يا إبني أنا عارف إنهم ما يجيوش نقطة من تمن الكشف بس والله يا ابني ...
قاطعه جاسر قبل أن يكمل يربت على كتفه يغمغم مبتسما:
- اديهم لعبدالرحمن هو لسه عنده شبكة ومهر وعفش وهيطلع عينه ، يلا سلام عليكم
وتحرك يجذب سامر من يده في طريقهم للخارج صدح صوت يعرفه جاسر جيدا صوت حاد عنيف يغمغم :
- أنتِ فين يا مخفية ياللي اسمك هدى ، بقى أنا دافعة فيكِ الشيء الفلاني عشان تبسطي ابني وتكيدي المخفية اللي اسمها سما ، يقوم الواد يختفي
دخلت إلى الشقة لتتفاجئ بوجود جاسر يقف أمامها يبتسم فتح ذراعيه يرحب بها ساخرا :
- اهلا اهلا ، ست حسنات مش حسنة واحدة لا حسنات حماة أختي ، عاش من شافك يا حرباية قصدي يا طنط
في اللحظة التالية أخرج مسدسه من جيب سرواله يشهره أمام وجهها لتشهق مذعورة :
- أنت هتعمل ايه يا جاسر ما تجننش ، دا أنا حماة اختك وجدة العيال ، ما تتجننش دا أنا أكبر من أمك ، هي قعدتك مع المجانين جننتك
ضحك جاسر عاليا ينظر لها وهي ترتجف أمامه مذعورة يسخر منها :
- كنت واثق من الأول أنك ورا الليلة دي يا حسنات ، بس حظك بقى أنك واحدة ست ، لا هعرف اقتلك ولا اضربك ، وست كبيرة كمان مش حمل مصل من بتوعي تموتي فيها ، فالحل ايه بقى
اقترب منها يلصق فوهة المسدس برأسها يغمغم ساخرا :
- شكلك حلو أوي وأنتِ مرعوبة كدة ، بصي يا سيئات أنا لو لمحت ضلك بعد دقيقة واحدة من دلوقتي أو شوفتك بتقربي من هنا تاني ، هغربلك ، يلا هعد لحد 3 ، واحد
توسعت عينيها فزعا لتهرول خطاها لأسفل ليعيد مسدسه لمكانه يغمغم ساخرا:
- قال حسنات قال ، إلا ما شوفتلك حسنة واحدة
وتحرك هو وسامر لأسفل إلى السيارة ، جلس سامر جوار جاسر حانقا إلى أن ابتعدوا عن تلك الأحياء وخرجوا للطريق الرئيسي ، التفت سامر إليه يغمغم حانقا :
- ممكن أعرف بقى أنت جبتني معاك ليه ، بقالك ساعة ونص بترغي جوا
ضحك جاسر يدير مقود السيارة ليدخلوا من تقاطع جانبي يغمغم ببساطة :
- أبدا أنا بس ما كنتش هرجع من نفس الطريق فقولت تيجي معايا بالمرة ، فتحت اللاب ؟
تأفف سامر حانقا قبل أن يومأ برأسه يردف منفعلا :
- ايوة ، مليان فيديوهات لبنات عمل فيها قرف مش قادر أشرح ، بس الحيوات مش ظاهر في ولا فيديو مش ظاهر غير صوته بس ، والحمد أختك مش بينهم ، أنا كسرت كاميرات شقته زي ما قولتلي يومها
همهم جاسر قبل أن يصلا إلى مقهى اعتاد جاسر ارتياده ، نزل بصحبة سامر يحمل جهاز الحاسب ، طلب من النادل أن يجلس في الجزء المغلق ، نظر سامر حوله للمكان حوله طاولة حولها عدة مقاعد وحوائط من جميع الجهات عادا المدخل مغلق بستار سميك سمع جاسر يغمغم ساخرا:
- أنت متنح ليه دا جزء خاص ، بالاجتماعات أو بالعائلات موجود في معظم الكافيهات ما تحسسنيش أنك جاي من العصر الحجري ، اترزع واطلب حاجة
جاء النادل يأخذ منهم الطلبات وغادر ليفتح سامر جهاز الحاسب ويعطيه لجاسر الذي تحرك يبحث في جميع الملفات لا يصدق بشاعة ما يرى منع نفسه من التقئ عدة ، لا يصدق أن شقيقته لاقت ما لاقى هؤلاء الضحايا ، والغضب بداخله يزداد ، لم يكن في الحاسوب سوى عدة مقاطع فيديو وملف واحد ما أن تفتحه تدخل لآخر فارغ وآخر وآخر إلى أن سمع سامر يغمغم ساخرا :
- ايوة الملف دا حرق دمي ، كل ما ادخل على ملف يوديني على واحد تاني وكلهم فاضيين
ولكن جاسر أكثر صبرا من سامر على أي حال ، ظل يغوض مع الملف إلى أن وصل إلى عدة مقاطع فيديو ، اندهش سامر حين رآها فيبدو أنه لم يكن يعلم بها ، فتح جاسر أول مقطع لتتسع حدقتيه اندهاشا ، أليست تلك هي مليكة ؟! مقطع الفيديو كان يختلف عما سبق كان لمليكة وهي في سن أصغر تمشي بين الحقول تقطف عدة أزهار تضحك ، لم تكن تعلم أن هناك من يصورها ، مقاطع الفيديو كلها لها ، وهي تركب الخيل مرة ، تتمشى تارة ، تقطف الأزهار تارة ،تأكل ثمرة تفاح تارة ، إلى أن وصل للمقطع الأخير كانت مليكة تبكي معلقة في نفس الذي رأى فيه أريچ شقيقته ، أغلق جهاز الحاسب يحاول أن يربط الخيوط ببعضها بعضا ، لا يفهم شيئا ما علاقة مليكة بعمار ، مقاطع الفيديو لشخص عاشق يحب فتاة دون أن تدري ، وضع رأسه بين يديه يشعر بها تكاد تنفجر ، الخيوط تتعقد بدلا من أن تنحل !!
____________
في شقة جاسر راضي
جلست مليكة أمام أريچ كل منهن تنظر للآخر في ارتباك ، دفعت مليكة طبق الطعام برفق صوب أريچ تغمغم مبتسمة :
- يا حبيبتي كُلي ، أنا عارفة أنك قلقانة مني بس أنا بقالي ساعة تقريبا بحاول اشرحلك أن أنا جارتكوا ويعتبر أنا وجاسر أصدقاء ما تخافيش مني
أعطتها شبح ابتسامة مهتزة تهمس بنبرة شاحبة :
- أنا آسفة بس أنا ما بقتش أقدر أثق في أي حد غريب
ابتسمت مليكة لتقوم من مكانها جلست جوار أريچ تحادثها مبتسمة :
- تعرفي أنا بحس أنك شبهي أنا برضوا مريت في حياتي بحاجات بشعة أوي ولازالت ، أنا حتى مش عارفة أنا إزاي متماسكة وعايشة بس اهو اديني بحاول ، ما تحمليش نفسك فوق طاقتك يا أريچ لأنك هتتعبي ومش هتقدري تعملي بردوا اي حاجة ، على فكرة دت كلام أخوكِ مش كلامي أنا ، طب على فكرة بقى لما
فوقتي من كام يوم أنا اللي حضنتيها ، شوفتي بقى أننا أصحاب
ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي أريچ تهمس بنبرة خاملة :
- أنا عمري ما كان ليا أصحاب ، الكل بيبعد عني وأنا بهرب من الكل
شعرت مليكة بالشفقة على تلك الفتاة التي لا تذكرها سوى بنفسها ، أمسكت كأس العصير تمد يدها لها به ، تبتسم تطمأنها مدت أريچ يدها لتنزاح سترتها للخلف وتظهر علامة واضحة تعرفها مليكة جيدا على ذراعها ، انتفض قلبها ذعرا ، أعطت الكوب لها لتهب واقفة تغمغم متوترة :
- أنا هروح الحمام
وتركتها وهرولت إلى المرحاض دخلت تغلق الباب عليها وقفت أمام الحوض تستند عليه تلهث بعنف تهمس خائفة مع نفسها :
- دي علامات عمار ، معقول يكون هو ؟! ، لالالا ما ينفعش يبقى هو
فتحت الصنبور تصفع وجهها بالمياه ليختلط معها دموعها بعنف ، رفعت وجهها تنظر للمرآة أمامها لتتذكر مشهد بعيد حاولت جاهدة نسيانه
Flash back
وقفت في منتصف صالة منزله متوترة خائفة ، ألم تتعلم سابقا مما حدث ولكن عمار مختلف ، عمار يحبها يفعل كل ما تحلم به فقط لإسعادها ، اجفلت حين أغلق الباب واقترب منها يرسم ابتسامة لطيفة على ثغره أقترب حتى بات أمامها يهمس دون مقدمات :
- أنا عارف اللي حصلك من الواد اللي اسمه يحى ، ومش كدة وبس دا أنا اللي جبتلك حقك منه ، ما تفكريش كتير يا مليكة ، أنا مستعد أعمل أي حاجة في الدنيا عشان تكوني مبسوطة ، بس إنتِ بردوا مش مبسوطة عشان احساسك بالندم لسه بينخر فيكِ ويعذبك ليل ونهار ، عارفة ايه هي الحاجة الوحيدة اللي بتقضي على الندم
وصمت لتتسع عينيها ذهولا كيف عرف؟ ، وماذا فعل ؟ وعن ماذا يتحدث
أقترب برأسه منها يهمس جوار أذنها :
- الألم يا مليكة ، الألم هو الشعور الوحيد اللي أقوى من الندم والحزن ، الألم شعور خاص
وأمسك بكف يدها يعطيها مشرط جراحة جعلها تمسك به في قبضتها اليمنى ليحرك يدها على ذراعها محدثا جرح صغير بسيط وفجاءة دون سابق إنذار غرز المشرط أعمق لتصرخ من شدة الألم ، وصوته السام يتردد :
- ما فيش أي شعور بيضاهي الألم يا مليكة ، الألم شعور أناني قوي بيجي لوحده بيقتل أي شعور تاني جنبه
Back
عادت من ذكرى سامة جمعتهم تبكي بعنف ، رفعت يدها تنظر لآثار الجروح التي صنعها والتي صنعتها هي بعده ، تشعر بالاشمئزاز مما جعلها تدمن عليه !!
_______________
في الحارة في بيت العائلة القديم حيث تمكث فاطمة الآن ، جلس في صالة المنزل كل من عاصم وجاسر ومحمود والسيدة صفاء
وبالداخل كانت رؤى مع حلم وفاطمة ، استندت فاطمة برأسها على قدم شقيقتها ورؤى تداعب خصلات شعرها برفق تهمس تحاول إقناعها :
- يا طمطم يا حبيبتي ، أدي قلبك فرصة تانية ، أنتِ لسه صغيرة أوي ، نور الله يرحمه ومحمود إحنا عارفينه من زمان شاب محترم وأخلاقه لو على حتة أنه شغال ميكانيكي يعني فالشغل مش عيب أولا ، وممكن كمان جاسر وعاصم يساعدوه يلاقي شغل أحسن
هبت فاطمة جلست أمام شقيقتها تهمس محتدة :
- انتوا عايزين تخلصوا مني وخلاص ، على فكرة أنا ما طلبتش من حد فيكوا حاجة، وقاعدة هنا بعيد عنكوا يعني أنا مش عالة على حد فيكوا
تهدلت قسمات وجه رؤى حزنًا تردف تعاتبها :
- بقى دا اللي فهمتيه من كلامي يا فاطمة أننا عايزين نخلص منك ، مش أن أنا عاوزة اشوفك مبسوطة وسعيدة تاني في حياتك ، شكرا يا فاطمة
قامت حلم تجلس جوار رؤى تربط على ذراعها تحاول أن تمرء ما حدث :
- يا رؤى فاطمة مش قصدها ، أنتِ عارفة هي بتحبك قد ايه ، هي فاطمة بس اللي دايما مندفعة كدة في الكلام
ومن ثم نظرت إلى فاطمة تغمغم ساخطة :
- وبعدين يا عبيطة دا الواد حليوة طول بعرض
دا مش راضي يتجوز غيرك ، واحد تاني كان اتجوز أول ما اتجوزتي وقال خلاص كل واحد شاف نصيبه وكان زمانه معاه عيلين هيجيبوله جلطة زي حسين ومراد ما هيجيبوا لعاصم جلطة كدة بعد الشر عنه
نظرت فاطمة لهما في حدة قبل أن تغمغم متضايقة :
- انتوا ليه مش فاهمني ، ليه شايفني لسه عيلة صغيرة أنا بحب نور ومش عايزة اتجوز غيره أنا حرة أنا ما اذيتش حد فيكوا في حاجة !
أما بالخارج فجلس جاسر شاردا لا يرى أمامه سوى ذلك المشهد وهو يعاد أمام عينيه الأصوات حوله تتلاشى وكأنه يقف في معبر صامت فارغ لا يرى فيه سوى مشهد ابنته مع ابن ذلك الرجل الجالس جواره ، بالطبع عاصم هو الآخر لا يعلم ، أجفل على يد عاصم توضع على كتفه وصوته يغمغم :
- جاسر يا ابني بقالي ساعة بكلمك ، الزفت اللي اسمه منير مش عايز يتهد ، تخيل أنه هو اللي بعت الستات عشان يفضحوها في السوق لولا الست صفاء ، تعبان بيضرب من تحت لتحت ، محمود طالب أيده بس إنت عارف فاطمة
شردت عيني جاسر ليجد نفسه يهب يغمغم محتدا :
- هتتجوزه غصب عنها أصل مالهاش حل تاني ، وإلا هنتفضح في كل حتة
قطب عاصم جبينه مستنكرا رد فعل جاسر العنيفة التي لا سبب لها ، وعن أي فضائح يتحدث ، تركهم جاسر وتوجه إلى الداخل فتح الباب دون حتى أن يدقه ليقترب من فاطمة قبض على رسغ يدها يصرخ فيها محتدا :
- مش أنتِ السبب ، أنتِ اللي شجعتيها ، هتتجوزيه غصب عنك ، أنتِ فاهمة مش بمزاجك بدل ما اقتلك
هب عاصم واقفا يهرع إليه سريعا يبعد جاسر عن فاطمة التي تنظر إليه مذعورة يصرخ فيه محتدا :
- جاسر أنت اتجننت ولا ايه ، أنت بتهدد أختي لولا أنك مربيها وأنا بعاملك على أنك أخ أنا كنت قطعت كل اللي بينا دلوقتي
ضحك جاسر عاليا يقبض على تلابيب ثياب عاصم يصرخ فيه:
- طبعا ، تقطع توصل ما هو أنا بس اللي هتفضح ، إنما أنت لاء
لم يفهم أي منهم ما يحدث أو سر حالة جاسر الغريبة ، إلا أنه تدارك نفسه ابتعد عن عاصم يغمض عينيه يمسح وجهه بكف يده قبل أن ينظر إليه يغمغم متعبا :
- أنا آسف يا عاصم ، أنا أعصابي تعبانة بس ، عندي كذا مشكلة في الشغل ، معلش
اومأ عاصم متفهما يربط على ذراعه يغمغم بهدوء :
- ما فيش حاجة يا جاسر إحنا أخوات وما حصلش حاجة، بس مالك مشكلة ايه يمكن أقدر اساعدك
نظر جاسر ناحية فاطمة بحدة يشعر بالغضب فقط ما أن ينظر إليها ، ليردف بنبرة حاول جعلها هادئة :
- هتتحل يا عاصم ، هلاقليها حل أكيد ، المهم دلوقتي أن أسلم حل أن فاطمة تتجوز محمود ، الراجل ما فيهوش عيب ، ومنير زي ما قولت حية بتضرب من تحت لتحت ، بدل ما كل شوية يجي يتهجم عليها ولا يفضحنا، أهي تبقى في عصمة جوزها ولو قرب تاني محمود كفيل بيه ، وسيبك بقى من الدلع بتاعها دا ، إحنا دلعنا كتير لحد من وصل الحال لبنطلون مقطع وبلوزة معرية أكتر ما ساترة
أقتنع عاصم بكلام جاسر ، وكلام جاسر كان هدفه الأول الثأر منها ألم تكن السبب الأول في تحريض ابنته على السفر ، عليها أن تدفع الثمن ، كما ستدفع ابنته وابن عاصم الثمن
ابتعد عنهم يسمع فاطمة من خلفه تصرخ باكية ترفض ما يقال وعاصم يرفض رفضها ، خرج إلى الشرفة ينتزع هاتفه من جيب سترته يطلب أحد رجاله :
- ايوة يا كامل المحزن اللى على الصحراوي عايزك تنضفه كويس وعايز يستناني فيه كام راجل من رجالتنا ويكون معاهم واحدة ست أو اتنين، لاء يكونوا بيعرفوا يضربوا تمام هستنى مكالمتك !!
وقف جاسر ينظر لشاشة هاتفه المغلقة بعد أن أنهى مكالمته عينيه شاردة ، يتمنى أن يغمض عينيه وحين يفتحها يجد أن ما حدث لم يكن سوى كابوس بشع لا أصل له ، نظر جواره حين دخل عاصم إلى الشرفة وقف جواره يربط على كتفه يسأله قلقا :
- مالك يا جاسر حالك النهاردة مش عاجبني مشاكل شغل ايه اللي تعمل فيك كدة أنا عارفك كويس
اهتز كف يده ليقبضه يسيطر عليه ، نظر لعاصم ... في خلال سنوات طويلة مضت عاصم أثبت له أنه شقيق وصديق ليس مجرد شقيق زوجته ، أراد أن يخبره ولكن كيف يقولها شفتيه لم تطاوعه على نطقها ، بدلا من ذلك سأله :
- هو حسين عامل ايه صحيح ؟
تنهد عاصم يغمغم قلقا على حال ولده :
- مش عارف ماله من ساعة ما رجع وهو قافل على نفسه ، بياكل بالعافية ... ما بيتكلمش مع حد سألته ألف مرة يقولي تعبان
همهم جاسر متفهما ، قبل أن يتطرقا للحديث من جديد دخل محمود إلى الشرفة يوجه حديثه إليهما :
- يا أستاذ جاسر يا باشمهندس عاصم ، يا جماعة نظام الغصب دا ما ينفعش ، لو هي مش موافقة خلاص أنا مستحيل اتجوزها غصب عنها
- خلاص نجوزها لمنير هو كدة كدة هيموت ويتجوزها ولا ايه يا عاصم
غمغم بها جاسر في هدوء ليرى وجه محمود ينقبض غضبا في لحظة ، ابتسم عاصم خفية يوافق ما قال جاسر :
- هو صحيح عيل زبالة بس أنا ممكن اخليه تحت عيني وأربيه من أول وجديد ، معاك نمرته
أخرج جاسر هاتفه يبحث بين الأرقام، هنا شعر محمود أنها تضيع منه للمرة الثانية وتلك المرة أبدية فذلك الوغد منير لن يتركها إن باتت زوجته ، انتفض واقفا يغمغم منفعلا :
- منير ايه وزفت ايه ، أنا بس مش عايزها تكون مغصوبة عليا ... بس طالما كدة كدة هتتجوز فأنا طالب ايدها ومستعد اكتب عليها دلوقتي حالا
ضحك عاصم بخفة يربط على كتف محمود يردف :
- ماشي يا أبو نسب ، بس مش دلوقتي حالا أكيد ، استنى أروح أخد رأي فاطمة ، اسبقني يلا
تحرك محمود من الغرفة ليمسك جاسر بذراع عاصم قبل أن يلحق به يهمس محتدا :
- تاني رأي فاطمة ما أنت عارف أنها مش هتوافق ، جاسر قالك هتفضل في الدوامة دي تلف حوالين نفسها لحد ما تخرج منها وتبدأ علاقة جديدة
ابتسم عاصم يربط على يد جاسر يردف بهدوء:
- أنا هحاول اقنعها ، ما ينفعش طبعا اجوزها من غير رضاها هتفتكرني عايز أخلص منها ، فاطمة حساسة عاملة زي البت چوري بنتك كدة ، بردوا بتزعل من أقل كلمة لو قفشت عليها في الشغل
انقبض وجه جاسر غضبا ما إن ذكر عاصم اسم چوري ليترك يده فابتعد عاصم يخرج من الشرفة في حين كتم جاسر صرخة قوية ترددت داخل صدى روحه
تحرك عاصم إلى غرفة فاطمة دق الباب لتخرج له رؤى ما أن رأته أمسكت ذراعه تبتعد به عن الغرفة تسأله قلقة :
- ها يا عاصم عرفت ماله ، من ساعة ما كنا في الشركة وهو على الحال دا
حرك عاصم رأسه للجانبين يهمس قلقا :
- لاء توه في الكلام وما رضيش يقولي ، أكيد في حاجة كبيرة اللي توصله للحالة دي ، إن شاء الله خير ما تقلقيش ، خليكي هنا أنا هبعتلك حلم ، عايز اتكلم مع فاطمة كلمتين
اومأت موافقة تنظر من بعيد لجاسر وهو يقف في الشرفة عينيه شاردة ، تنزل دموعه ليرفع يده سريعا يمسحها لو فقط تعلم ما به !! اجفلت على يد وضعت على كتفها نظرت جوارها لتجدها السيدة صفاء تهمس تحادثها :
- جوزك شكلك زعلان ومكسور أوي ، ماله؟
رفعت كتفيها تدمع عينيها تهمس حائرة :
- مش عارفة والله ، كان كويس وفجاءة حاله
بقى كدة ، بيقولي خسر صفقة ، بس حتى لما كان بيخسر عمره كان كدة كان يقولي مش نصيبي ، ربنا شايلي الأحسن منها ، مش عايز يقولي ماله ، أنا خايفة عليه أوي
أما عاصم فتحرك إلى غرفة فاطمة يطلب من حلم زوجته الذهاب لرؤى ، ودخل هو إلى الغرفة ليرى شقيقته تجلس على فراشها تبكي تضم ساقيها لصدرها تبكي ، اقترب يجلس أمامها لترفع وجهها إليه تعاتبه تهمس بحرقة :
- هو أنا بقيت تقيلة عليكوا أوي كدة ، خلاص سيبوني مالكوش دعوة بيا ، أنا اللي كانوا بيخافوا عليا كلهم ماتوا ، بابا وماما حتى نور
ابتسم عاصم مترفقا يقترب منها أكثر يحتضنها لتتمسك بأحضانه تبكي بعنف :
- مش عايزة اتجوزه يا عاصم ، أنا بحب نور وعايزة أفضل احبه لآخر العمر ، أنا لما بشوف محمود بحس بحاجة غريبة بتتحرك جوايا مش عيزاها تكبر أرجوك أنا عايزة أفضل احب نور
تركها تبكي إلى أن هدأت قليلا ليبعدها عنه اعتدل في جلسته يربع ساقيه يمسك بكفيها يغمغم مترفقا :
- بذمتك إنتِ مصدقة نفسك ، بقى أحنا عايزين نخلص منك ، أنا أو جاسر أو رؤى ، وأنتِ عارفة أن جاسر بيحبك زي أنا ورؤى بالظبط من أيام الچاكت اللي بيولد شوكولاتة
لاحت ابتسامة صغيرة على شفتيها سرعان ما اختفت حين تذكرت ما فعل قبل قليل ليردف عاصم بنبرة هادئة لينة :
- فاطمة يا حبيبتي ، أنتِ مالحقتيش تتجوزي يا قلبي ، ما لحقتيش تعيشي السعادة اللي تستاهيلها ، ما تزعليش من اللي هقوله أنا أخوكِ الكبير وأنتِ عارفة أنتِ غالية عندي ازاي ، لو كان ربنا أراد والحمل كمل وخلفتي ، كنت هقول مش عايزة حد تاني في حياتها غير ابنها أو بنتها ، إنما يا فاطمة كلها كام سنة وهتبقى محتاجة حد يشاركك حياتك ، أنا مش هعيشلك العمر كله ، محمود لو مش بيحبك بجد كان اتجوز بعد ما اتجوزتي ، ما كنش قعد لحد دلوقتي من غير جواز ، أديله فرصة يا حبيبتي ودا مش عيب ولا حرام ولا فيه أي خيانة وألا كان ربنا حرمه ، فكري يا فاطمة ما ترديش عليا دلوقتي ، فكري زي ما تحبي .. ممكن بقى تيجي تقعدي معانا عشان الزفت اللي اسمه منير مش هيسيبك في حالك
حركت رأسها للجانبين ترفض ذلك تتذكر كلام السيدة صفاء:
- لا يا عاصم أنا ما عملتش حاجة غلط عشان أخاف منه ولا من أي حد ، الست صفاء كلامها لسه بيرن في وداني ، طالما أنا ما عملتش الغلط يبقى ما اخافش ولا اوطي راسي
ابتسم يربط على وجهها برفق يهمس متعبا :
- تعبتيني معاكِ يا بنت أمي وأبويا ، ماشي يا ستي خليكِ ، بس فكري كويس في كلامي يا فاطمة ، ماشي يا حبيبتي
اومأت له شاردة ليبتسم يعانقها ، خرج من غرفتها ليرى جاسر يتوجه إليهم يغمغم ساخرا:
- ما وافقتش طبعا ، واضح فعلا أننا ما عرفناش نربيها
قطب عاصم جبينه لا يفهم ما به جاسر حقا ، أما الأخير فالتقط سترته يغمغم فجاءة دون مقدمات :
- أنا ماشي ، اعملوا اللي تعملوه .. يلا يا رؤى
وأمسك بيدها ينزلان لأسفل ، نظرت رؤى لشقيقها تعتذر منه تحركت خلف جاسر إلى سيارته تنظر للساعة لتتسع حدقتيها العاشرة ليلا ، لم يتغير حال جاسر طوال الطريق لازال شروده هو الشيء الوحيد المسطير عليه ، أما هو فكان يفكر خائفا على ابنته يدعو ألا يراها
لا يعلم ما سيكون رد فعله أن رآها أمامه حين عودته ، تمنى أن يستمر به الطريق دون وصول
ولكن السيارة توقفت وها هو البيت ، نزل من السيارة سريعا يفتح الباب بمفتاحه ، تتسع خطاه لأعلى وكأنه يهرب من شيطان نفسه ، يحمد الله أنه لم يرها ، لم يتوقف عند باب غرفتها ، لم يتوقف إلا حين أمسك مقبض الباب ليفتحه ليسمع صوتها المتعب يأتي من خلفه :
- بابا حمدلله على السلامة اتأخرتوا ليه كدة
اعتصر المقبض يغمض عينيه يشدد عليهم ، يحاول إن يقبض على زمام نفسه ، سمع خطواتها تقترب منه وصوتها يغمغم متعجبا :
- بابا أنت كويس ، بابا مالك
فصلها عنه خطوة كادت أن تتقدمها حين سمعت صوته يصرخ فيها غاضبا للمرة الأولى تقريبا :
- خشي أوضتك ، خشي أوضتك وما تخرجيش منها ، أنتِ مش تعبانة خشي أوضتك يلا
تجمدت قدميها مكانها تنظر له مدهوشة ، لم تحدث قبلا لم يعامها هكذا أبدا ، همست تتمتم مذهولة :
- بابا في اي ، أنت زعلان مني
ضرب سطح الباب بعنف يطحن أسنانه غاضبا ، دخل إلى غرفته يصفع الباب في وجهها يتحاشى تماما النظر إليها ، لتطرف عينيها الدموع والخوف يتملك من قلبها وفكرة واحدة تطرق عقلها أن والدها عرف بما حدث ، اقتربت رؤى منها لتبادر چوري تسأله قلقة :
- ماما هو بابا ماله أول مرة في حياتي يزعقلي بالشكل دا
مسحت رؤى على شعر ابنتها تهمس برفق :
- مش قصده يا حبيبتي ، لما يهدا هيجي يصالحك ، هو النهاردة أعصابه تعبانة جداا بسبب مشكلة كبيرة عنده في الشغل ، لدرجة أنه كان بيخانق دبان وشه ، اتخانق مع الكل النهاردة مش أنتي بس ، خدتي العلاج
اومأت چوري برأسها تحاول أن تقتنع بكلمات والدتها لتكمل رؤى :
- طب روحي ارتاحي وأنت هجيبلك حاجة خفيفة تاكليها
تحركت چوري إلى غرفتها عينيها معلقة بغرفة أبيها المغلقة والقلق يأكل قلبها ، حاولت أن تطمأن نفسها بكلمات والدتها ، أما رؤى فوقفت في حيرة من أمرها جاسر لم يصرخ في وجه چوري يوما ، كانت المدللة لديه ، دوما ما كانت تخبره أن رعد سيغار من شقيقته ، چوري افتعلت كوارث في صغرها ولم يغضب جاسر منها لحظة كان دوما ما يردد جملته
( تعمل اللي هي عيزاه أنا واثق فيها ، دي چوريته آل مهران ، ما فيش منها اتنين )
أيعقل أن غضب جاسر سببه چوري ؟ لأنها سافرت دون إذن منه ، تنهدت حائرة قلقة تحركت إلى غرفة رعد دقت الباب لتفتح لها طرب تهمس بصوت خفيض :
- مساء الخير حضرتك
نظرت رؤى صوب الفراش لترى رعد يغط في النوم ، وجهت أنظارها صوب طرب تهمس تسألها :
- هو عامل ايه دلوقتي يا بنتي ؟
نظرت طرب إليه لتعاود النظر لوالدته تهمس :
- الحمد لله ، خد العلاج من نص ساعة ... الدكتور قال إن العلاج دا تقيل هينيمه ، هو عمي جاسر كان بيزعق ليه في حاجة
ابتسمت رؤى تحرك رأسها للجانبين تهمس:
- لا يا حبيبتي دي مشكلة صغيرة ، روحي ارتاحي أنتِ واقفة على رجلك من بدري ، ولو احتاجتي حاجة قوليلي
ابتسمت طرب تشكرها ، تركتها رؤى وتحركت إلى غرفة نومها هي وجاسر رأته يجلس على حافة الفراش يخبئ رأسه بين كفيه جلست جواره تضع يدها على كتفه تهمس قلقة :
- جاسر حوار الصفقة اللي أنت خسرتها دا مش داخل دماغي ، في اي يا جاسر ، وبعدين من امتى وأنت بتزعق لچوري كدة
رفع وجهه عن كفيه ما أن نطقت اسمها ينظر إليها يهمس بنبرة خاملة تقطر ألما :
-چورية آل مهران ما تغلطش ، أنا واثق فيها ولا إيه
وقام دون أن ينطق كلمة أخرى إلى المرحاض
ورؤى لا تفهم ما حدث ولكنها تثق الآن أن چوري فيما حدث !
______________
الحادية عشر ليلا حين وقف بسيارته أمام العمارة السكنية التي يقطن فيها ، صعد لأعلى ليجد شقيقته تجلس جوار مليكة يشاهدان فيلما على التلفاز ، ظل ينظر إليهما بضع لحظات يحاول ألا يحدث صوتا ، يحاول أن يخترق أغوار تلك الجالسة أمامه ، أهي ضحية من ضحايا عمار ، المقطع الذي رآه يقول ذلك ، أم شريكة له ... مقاطع الفيديو الأخرى التي رآها عنها تقول أن المصور عاشق ، لا يفهم ويكره ذلك ... حمحم يجذب انتباههم لتقف مليكة تنظر له تبتسم في هدوء :
-حمد لله على السلامة ، هسيبكوا أنا عشان عندي جامعة بكرة ، عن إذنكوا ... باي يا روچا
تحركت وما أن باتت بالقرب منه سألها فجاءة :
- تعرفي واحد عندكوا في الجامعة اسمه عمار ؟!
أصفر وجه مليكة حد الرعب ، شحبت تهرب الدماء منها ، يرتعش جسدها تلقائيا ما أن استمتعت لاسمه ، ليغمغم جاسر :
- عمر ياربي عمار ايه بس ، عمر مصطفى محمد ، معيد في الكلية
تنفست الصعداء تحاول أن تلتقط أنفاسها قبل أن تومأ برأسها موافقة :
- ايوة دكتور عمر عندنا ، أنت تعرفه ؟
ابتسم يوما برأسه يغمغم ضاحكا :
- آه طبعا الواد عمر دا مشكلة كنا أصحاب في ثانوي ، ابقي سلمي لي عليه
رسمت إبتسامة مرتبكة على شفتيها تومأ برأسها موافقة قبل أن تغادر سريعا ؛ لتتقلص ابتسامته إلى أن اختفت تعابير وجهها حين سمعت اسم عمار تقول أنها ضحية وليست شريك ، يبدو أن ضحايا عمار كثيرون للغاية ، ارتمى جوار أريچ على الأريكة يسند رأسه إلى كتفها يغمغم متعبا :
- الواحد هلكان أوي ، طلع عين أمي ... بقولك إيه عملتي حاجة تتاكل ولا اطلب دليفري أنا واقع من الجوع
- مليكة عملت شاورما حلوة اوي وسيبتلك نصيبك في المطبخ ، مليكة دي عسولة أوي
غمغمت بها أريچ مبتسمة ليقبل جبينها ويتحرك إلى المطبخ وجد الطعام هناك ، فتح هاتفه يشاهد المقطع التي سجلته كاميرا المراقبة في المطبخ وضع سماعات أذنيه وجلس يشاهد وهو يتناول الطعام ، كيف أمسكت بيد شقيقته تأخذها معها إلى المطبخ ، ومن لملمت شعرها المجعد الطويل برباط للشعر وهي تردد ضاحكة :
- أنا بحب شعري وهو كيرلي بس بيقرفني لما بطبخ ، يلا عشان أنا واقعة من الجوع
وبدأت وصلة من الضحك مليكة لم تتوقف عن المزاح كلما رأت أريچ شاردة ، أغلق الهاتف يتنهد حائرا ، تلك الفتاة لغز لا يفهمه أبدا !
_____________
مرت عدة أيام بعذ ذلك الحياة فيهم لم تتغير كثيرا ، في منزل علي وإيمان ... استيقظ شريف في تمام الخامسة والنصف صباحا يستعد اليوم سيذهب هو وزملائه إلى تلك المهمة ، اغتسل وبدل ثيابه وحزم القليل في حقيبة صغيرة حملها على كتفه خرج من غرفته ليجد أن جميع من في البيت مستيقظين ، هرعت إيمان إليه تحتضنه تحادثه باكية :
- أنا خايفة عليك أوي يا شريف ، قلبي مقبوض يا ابني ، بالله عليك قولهم تعبان وما تروحش
ابتسم والدته تفعل ذلك دوما قبل سفره ، قبل جبينها وكف يدها يغمغم مازحا :
- يا ماما هو أنا عيل عايز يغيب عن المدرسة ، يعني أكلم القائد أقوله ايه ، ماما مش عاوزة تنزلني ، ما تقلقيش يا ست الكل أنا هبقى زي الفل ، ادعيلي أنتِ بس
توجه صوب أبيه يعانقه ليربط الأخير على رأسه يوصيه :
- خلي بالك من نفسك يا إبني ، تروح وترجع بالسلامة بإذن الله يا حبيبي
ترك أبيه ليجد نور تقترب منه تبتسم تمسك بورقة كتبت عليها :
- تروح وترجع بالسلامة ، أنا هدعيلك دايما ، أنت طيب أوي يا شريف ربنا يخليك يارب
ابتسم يشكرها ، الفتاة تحسنت كثيرا وصارت تتحرك على قدميها وضميره ينهره بعنف لأنه يحتجز الفتاة هنا ، فقط حتى لا يحطم قلب شقيقته ... نظر حوله هنا وهناك يبحث عن ليان ليراها تقف بعيدا تختلس النظر إليه لم تأتِ لتودعه وهو غاضب للغاية منها لن يذهب إليها حمل حقيبته يتوجه صوب الباب بصحبة والديه ، فتح المقبض ينتظرها أن تأتي ولكنها لم تفعل ابتسم ساخرا ألتلك الدرجة تفضل جواد عليه ؟! ، تحرك ليخرج ليسمعها تهمس باسمه وهي تبكي ، التفت لها لتهرع إليه ارتمت بين أحضانه تبكي تهمس تعتذر منه :
- أنا آسفة ما تزعلش مني ، ما تسافرش وأنت زعلان مني ، أنت أغلى وأهم عندي والله العظيم
ابتسم يعانقها سعيدا ، رفع وجهها إليه يمسح دموعها يهمس مبتسما :
- مش زعلان يا حبيبتي ، أنتِ ما تعرفيش أنتِ غالية عندي إزاي ، خلي بالك من نفسك على ما أرجع ، ماشي يا حبيبتي
اومأت تعانقه من جديد تهمس باكية :
- تروح وترجع بالسلامة
ودع الجميع ونزل لأسفل ، ترك سيارته وأخذ سيارة أجرة يتوجه بها إلى مقر عمله ، في الطريق ظل ينظر لهاتفه ينتظر مكالمة واحدة منها تودعه بها ، ولكنها لم تفعل ... وحين حاول هو الاتصال بها وجد هاتفها مغلقا ، يبدو أن علاقتهم انتهت تماما ، وقفت سيارة الأجرة نزل منها ليعطي السائق نقوده ، رفع يده الأيمن ينزع الخاتم عن يده ليلقيه بعيدا قبل أن يدخل إلى عمله
________________
في تمام السابعة والنصف صباحا في منزل جاسر مهران في صالة المنزل بالأسفل على طاولة الإفطار ستجد كل من يوسف ومريم ومعهم ملاك يتناولون الإفطار ورؤى تضع الطعام أمام كل منهم تغمغم متلهفة :
- كلوا كويس عشان تعرفوا تركزوا ، واقروا الأسئلة كويس وما تحلوش بسرعة ، وابدأوا بسم الله
ربطت يوسف على يد والدته يحادثها مبتسما :
- ما تقلقيش يا ماما هتعدي ،إحنا مذاكرين كويس
ابتسمت رؤى قلقة تومأ برأسها تردف سريعا :
- وأنا هفضل أصلي وأدعيلكوا انتوا التلاتة لحد ما تيجوا
نزلت في تلك اللحظة طرب من أعلى سريعا توجهت إليهم تلقي التحية قبل أن تأخذ المقعد المجاور لشقيقتها تحادثها قلقة :
- ملاك عشان خاطري ركزي كويس وأنتِ بتحلي ومالكيش دعوة بكلام ، أنا عارفة أن في ناس عيال ما اتربتش هتتنمر عليكِ ولا كأنك سمعاهم
- ما حدش يقدر يتنمر عليها ولا ينطق بربع كلمة دي داخلة تحت اسم جاسر مهران
صوت جاسر القوي جعلها تنظر إليه وتبتسم ممتنة ، والد رعد اختلف كثيرا في بعض أيام لم تعد تراه ، ملامح وجهه صارت أغلب الوقت حزينة عينيه دوما شاردة ، ما عاد يخرج من غرفته تقريبا ، اقترب منهم يأخذ مقعده على رأس الطاولة لتنزل چوري سريعا عليها أن تتحدث معه منذ أيام وهو يتجاهلها تماما لسبب ما لا تعرفه ، نزلت لأسفل تأخذ المقعد المجاور له تنظر إليه تردف سريعا :
- صباح الخير يا بابا
ظل صامتا عدة لحظات يشيح بوجهه بعيدا عنها قبل أن ينظر إليها ويبتسم كعادته :
- صباح الخير يا چوري ، عاملة ايه دلوقتي
ابتسمت سعيدة تومأ برأسها تغمغم سريعا :
- أنا كويسة الحمد لله بقيت كويسة ، حضرتك كويس بقالك كام يوم مش بتتكلم معانا خالص ، وآخر مرة زعقتلي ، هو حضرتك زعلان مني في حاجة
ابتسم لها من جديد ليرفع يده يربط على وجهها برفق يردف مبتسما :
- لا يا حبيبتي أنا أقدر أزعل منك أنا بس في فترة ضغط جامدة أوي ، هتنزلي شغلك تاني امتى بقالك كتير قاعدة في البيت مش عادتك
لا تعرف لما شعرت بالخوف ولكن نظرة عيني والدها كانت حادة متوعدة بها شيء مخيف ابتلعت لعابها ربما تتوهم تغمعم سريعا :
- النهاردة ، هروح النهاردة
ابتسم من جديد يومأ برأسه يردف :
- ابقى سلمي لي على حسين ، ولا أقولك أنا كدة كدة هشوفه النهاردة ، قومي يلا عشان تجهزي
حركت رأسها موافقة لتتحرك لأعلى ، تتابعها عيني جاسر قبل أن يلتفت إليهم يغمغم بنبرة قاطعة :
- الأساتذة اللي عليهم إمتحان النهاردة ، تركز في امتحانك ، لاتغش ولا تغشش ولا تحط نفسك في موضع شبهه ، ما تركز مع كلام أي حد ، في عربية بسواق هتبقى مستنياكوا قدام المدرسة هتاخدكوا على الدرس ، هكلمكوا من الموبايل اللي مع السواق ، لانكوا هتسيبوا الموبايلات هنا ، ويلا افطروا عشان أنا هوصلكوا
ومن ثم أدخل يده في جيب سترته يخرج منها عدة أوراق نقدية ، يعطي لكل منهم :
- مصروفك يا يوسف ، مصروفك يا مريم ، مصروفك يا ملاك
ارتبكت الأخيرة تحرك رأسها للجانبين تهمس متوترة :
- لاء أنا مش عاوزة شكرا
تنهد جاسر بعمق لا طاقة لديه للجدال أبدا ، أعطى النقود لرؤى التي اقتربت من ملاك تضعهم في حقيبتها تغمغم مترفقة :
- خديهم يا حبيبتي ، ما فيش إحراج بينا يا ملاك ، أنتِ زيك زي يوسف ومريم يا حبيبتي
يلا كملي أكلك يا حبيبتي
ابتسمت ملاك لها محرجة لتربط طرب على كتفها ، قاموا جميعا متوجهين إلى سيارة جاسر ، فتح جاسر الباب الخلفي لتجلس مريم ومن ثم انحنى يحمل ملاك بين ذراعيه يدخلها إلى السيارة يهمس لها :
- أنتِ زي چوري ومريم يا عبيطة ما اسمعش كلمة شكرا مش عاوزة دي تاني
ابتسمت ملاك تومأ برأسها ، تحرك يوسف يجلس جوار أبيه وانطلقت بهم السيارة صوب المدرسة كل منهم ينظر للأوراق في يده ليغمغم جاسر بحدة :
- سيبوا الزفت اللي في ايديكوا دا أنت وهي وهي خلاص انتوا ذاكرتوا ، اهدوا وسيبوها على الله
وقفت السيارة بعد مدة بسيطة أمام المدرسة
لينزلوا جميعا منها ، اقترب مدير المدرسة من جاسر يصافحه يغمغم مبتسما:
- جاسر باشا نورتنا والله ، ما تقلقش يا افندم لجنة الانسة ملاك في الدور الأول زي ما حضرتك طلبت
ابتسم جاسر يشكره ، ودعهم وغادر تاركا إياهم
بعد أن ودعهم
_____________
في شركة عاصم جلس حسين في مكتبه بعد غياب طال أثار ريبة والده ، يفكر شاردا يحاول الوصول لچوري منذ عدة أيام دون فائدة ، چوري تحمله الذنب كله وهو لا يمانع المهم أن تكن بخير وإن أصبح هو الوغد الدنئ في الحكاية ، خرج من مكتبه يتوجه لمقهى الشركة ليحصل لنفسه على كوب من القهوة ، رأسه على وشك الإنفجار ، قابل زين في طريقه ليسارع الأخير إليه يستند على عكازه يسأله قلقا :
- باشمهندس حسين إنت كويس ، حمد لله على السلامة
ابتسم حسين يربط على كتفه يردف بنبرة خاملة :
- بخير يا زين الحمد لله ، أنت أخبار رجلك ايه دلوقتي
لا هو ليس بخير وجهه حزين خامل ، هو السبب ولكنه لم يكن يملك خيار آخر ، ابتسم يغمغم :
- الحمد لله أحسن كتير ، حمد لله على سلامتك مرة تانية ، عن إذنك
وتركه وغادر قبل أن يبكي أمامه ... أخذ حسين كوب القهوة وتحرك يعود لمكتبه ما أن مر بباب الشركة اتسعت حدقتيه وعلا ثغره ابتسامة سعيدة حين رآها أمامها وضع الكوب جانبا وتحرك إليها يغمغم متلهفا :
- چوري اخبارك ايه ، عاملة ايه دلوقتي ، بقالي كتير بكلمك ، وبعدين نزلت دلوقتي ليه شكلك لسه تعبانة
أعطته ابتسامة واهنة تهمس مرتبكة :
- بابا شك والنهاردة سألني أنا ليه ما بنزلش الشغل
تنهد حسين حائرا نظر لوجه چوري المتعب ، صاحب الملامح الواهنة والابتسامة الشاحبة ، تلك الفتاة عكس چوري القوية المرحة التي يعرف ، يشعر بالألم ينخر قلبه تنفس بعنف يهمس لها :
- أنا هاجي اتقدملك النهاردة قولتي ايه ؟
رفعت عينيها إليه ، التقت حدقتيه بعينيه .. مؤلم هو الشعور حين نظر لعينيها وشعر بأنها مجبرة على الموافقة ، ابتلعت لعابها تهمس :
- بلاش دلوقتي يا حسين ، دلوقتي امتحانات ثانوية عامة وأخوك بيمتحن وأخواتي بيمتحنوا ، بعد ثانوية عامة
تنهد يومأ لها لتتركه وتتحرك إلى مكتبها ، رآها زين ما أن دخلت أغمض عينيه يتنفس بعنف ، شعر بأنه وغد دنئ أساء لها وهي لم تؤذه يوما ، تبدو محطمة مهشمة بسبب ما فعل ، أدمعت عينيه ليمسح دموعه سريعا ينظر لها يبتسم :
- ازيك يا چوري عاملة ايه
أعطته ما يشبه ابتسامة وجلست على مكتبها ، قرر القيام وجلب كوب من العصير لها ، تحرك لخارج المكتب قبل أن يقف وتتسع حدقتيه ذهولا حين رأى نصار ومعه عمار يقفان خارجا يستقبلهم عاصم يغمغم مرحبا:
- اهلا اهلا نصار باشا ، اهلا يا عمر يا ابني اتفضلوا ، من هنا
تحركوا ثلاثتهم لينظر عمار إليه يغمزه يضحك ساخرا ليصفر وجه زين خوفا يبدو أنهم بدأوا تنفيذ المرحلة التالية من خطتهم الخبيثة والتي ستنتهي حسب ما يعلم بسجن عاصم ودفع مبلغ من المال لأحد رجال في السجن ليقتله !!
تجمدت قدميه مكانها ينظر لهم مذعورا لا يعرف ما يفعل ، رأى عاصم يعود توجه صوت حسين يحادثه غاضبا:
- يلا عشان الإجتماع يا بيه ، أنت هتفضل في الحال دا لحد امتى
نظر حسين أرضا يهمس متعبا :
- بابا أنا تعبان أرجوك خد اي حد تاني مكاني
حدجه عاصم بنظرة غاضبة قبل أن يتركه توجه صوب زين الواقف بالقرب منهم يغمغم محتدا:
- وطبعا هتلاقي چوري هانم تعبانة بردوا ، تعالي معلش يا إبني
ارتجف جسده بأكمله أثر كلمة عاصم ليومأ برأسه سريعا ، ليبتسم عاصم له ممتنا تحرك جواره بينما يحادثه عاصم حانقا:
- مخلف عاهات والله يا ابني ، إن كان الكبير ولا الصغير ، هيشلوني
- بعد الشر عليك
همس بها زين بصوت خفيض للغاية لم يسمعه عاصم حتى ، دخلا إلى غرفة الاجتماعات لتتسع ابتسامة نصار الخبيثة حين رآه!
___________
بالخارج قبل أن يتوجه حسين إلى مكتبه دق هاتفه برقم جاسر زوج عمته والد چوري ، فتح الخط ليجد جاسر يغمغم قلقا:
- حسين أنا محتاجلك يا ابني ، رعد رجله مكسورة ومش عارف أكلمه ، المواد اللي إحنا اشتريناها جديدة طلعت منتهية الصلاحية ، هبعتلك اللوكيشين ما تتأخرش
أغلق حسين معه الخط تلك كارثة مواد البناء فاسدة كارثة بكل المقاييس ، بعث له جاسر بالعنوان ليخرج من الشركة سريعا يتحرك صوب العنوان
بعد ربع ساعة في مكتب چوري وجدت هاتفها يدق بإسم أبيها ، فتحت الخط تضع الهاتف على أذنها لتسمع صوت أبيها يحادثها قلقا:
- قولت لأمك يا چوري والله ان البنت اللي اتجوزها رعد دي وراها مصيبة ، في كارثة يا چوري تعرفي تجيلي في ******** ، بسرعة
شعرت بالقلق ولكنها وافقت تغمغم:
- حاضر يا بابا أنا جاية حالا
شكرها يغلق معها الخط لتخرج من مكتبها توجهت إلى مكتب حسين ولكنها لم تجده فتحركت تخرج من الشركة استقلت سيارتها تتجه صوب العنوان كلما اقتربت كلما شعرت بالخوف أكثر وأكثر ، إلى أن وصلت وجدت أمامها بوابة ، أخرجت هاتفها تتصل برقم والدها ولكنه لم يرد ، تحركت صوب البوابة المفتوحة تنادي على أبيها:
- بابا ، بابا حضرتك هنا
سمعت خطوات شخص ما تقترب منها ظنته أبيها ، توسعت حدقتيها حين أبصرت حسين يقف أمامها لتسأله مدهوشة :
_حسين أنت بتعمل ايه هنا ؟
لم تقل دهشته عنها اقترب إلى أن صار أمامها يغمغم متعجبا:
_ عمي جاسر كلمني وقالي أنه عايزني ضروري وفي مشكلة وقالي أقابله هنا ، أنتِ اللي بتعملي ايه هنا ؟
تلك نفس الكلمات التي قالها لها والدها تقريبا شعرت بالقلق تهمس متوترة:
_ ايه دا ؟! بابا بردوا كلمني وقالي أنه عايزني ضروري وقالي أقابله هنا ، هو في ايه ؟
فخ ، ما يحدث الآن فخ ، جاسر زوج عمته استدرجه هو وابنته إلى هنا يوقعهم في الفخ ، ولكن لما ؟ هل ترى علم؟ من المؤكد أنه علم ، أمسك بيد چوري يغمغم مرتبكا:
_چوري هو أبوكِ بس إحنا لازم نمشي من هنا حالا
وقبلا أن يلتفتا ليغادرا سمعا صوت البوابة تُغلق بعنف شديد وصوت أبيها يغمغم بنبرة سوداء متوعدة:
_رايحين فين يا حبايب بابا مش تستنوا نتعشى سوا الأول !!
نظرت صوب أبيها لتراه ينظر إليهما بنظرة حادة قاتلة يقترب منهما وصوت خطواته يثير في نفسها الذعر إلى أن بات أمامها ليقبض على فكها ، نظرت لعيني أبيها لتشعر بالألم الذي يمزق وهو يهمس في وجهها محتدا :
- چورية آل مهران الوردة الجميلة اللي حاطط طول عمري ثقتي فيها ، رغم غضبي الشديد من سفرك من إذني إلا أني كنت واثق فيكِ ، متأكد أنك بنت أبوكِ ، مش هتسمحي لحد أنه يقرب من ضلك ، بس واضح إني كنت غلطان ، كسرتي بسببك وحشة أوي يا چوري ، عمري ما تخيلت أن طعنتي هتبقى منك أنتِ ، ليه يا چوري ، ليه تعملي كدة ؟ ... ليه تكسري أبوكِ كدة ، أنا عمري ما زعلتك ... هونت عليكِ يا چوري ، هونت عليكِ
فاضت عينيها بالدموع تحرك رأسها للجانبين بعنف تهمس بحرقة :
- غصب عني والله أنا مظلومة
ابتسم في سخرية ليبتعد عنها ينظر إليها متقززا مشمئزا ، لتغمض عينيها ألما من نظراته
وقف أمام حسين ودون سابق إنذار رفع يده ولكمه بعنف ، صرخت چوري مذعورة تضع يديها على فمها في حين ارتد حسين للخلف تنزف الدماء من جانب شفتيه ليقبض جاسر على تلابيب ثيابه يصرخ فيه :
- أنا هقتلك على اللي عملته ، مش هتخرج من هنا حي
هرعت چوري إلى أبيها تمسك بذراعه تصيح خائفة :
- لا يا بابا والله العظيم حسين مالوش ذنب ، هو كمان ضحية
دفع يدها بعيدا عنه يضحك بعلو صوته يسخر منهم :
- هو ضحية وأنتِ ضحية ، وأنا اللي بعت واحد تالت يغتصبكوا انتوا الاتنين ، انتوا الاتنين كنتوا متقلين في الشرب مش كدة ، صح قولوا صح
ابتعد عنهما يغمغم ينظر لكلاهما محتدا ناقما متوعدا قبل أن يطرقع بأصابعه ليظهر من داخل ذلك المكان 3 رجال وسيدتين ينظران لهما نظرة خبيثة لا تبشر بالخير ليشير إليهما يغمغم متوعدا :
- اربطوا البيه والهانم