رواية صراع الذئاب الجزء الثالث (غابة الذئاب) الفصل الواحد و العشرون بقلم ولاء رفعت علي
يجذبني الشوق إليك بقيود من حديد كلما انتزعت قيداً أعادته الذكرى من جديد، أخبرني كيف أحيا وقلبك عن قلبي بعيد، كم يطيب لي عذابي ونفسي تطالب بالمزيد، فما الحب إلاّ مَلِك ونحن له كالعبيد.
"أتفضل يا قصى بيه"
قالتها والدة منار بعد أن قدمت له فنجان من القهوة، أخذه قائلاً:
"شكراً"
تناول منه رشفة ثم ترك الفنجان علي المنضدة بجواره وقبل أن يبدأ التحدث سبقته منار التي تري في عينين والدتها الكثير من الأسئلة يشوبها الغضب حيال أمر مبهم لها أو ربما قد ظنت أمراً سيء لاسيما عندما رأت خاتم الزواج في بنصره الأيسر.
"ماما قصى جه عشان يتكلم معاكي في موضوع مكنش ينفع أحكيه لحضرتك في التليفون و...
أشار لها قصى بيده لكي تصمت فقال:
"أنا أعرفك بنفسي بشكل أوضح، زي ما منار قالت لحضرتك، أنا قصى البحيرى مدير و صاحب الشركة اللي بتشتغل فيها منار"
أخرج من جيب سترته عقد الزواج قبل أن يسترسل حديثه قائلاً:
"وأنا ومنار كنا متجوزين علي سنة الله ورسوله"
تناولته من يده وعندما قرأت البيانات المدونة به انتفضت من الغضب صارخة:
"إزاي وأمتي؟!"
أشار إليها لعلها تهدأ:
"اسمحي لي أشرح لحضرتك السبب قبل ما تحكمي علي الموضوع"
صاحت والنيران تندلع من عينيها، تحدق نحوه شزراً تارة ونحو ابنتها تارة أخري:
"هتشرح لي إيه يا أستاذ؟، ما هو واضح كل حاجة، الهانم بنتي كانت مستغفلاني ومفهماني إنها مسافرة تبع الشركة في شغل"
"يا ماما ا...
كادت ابنتها تجيب بدفاع، فقاطعها قصى بعد أن نظر إليها لتطمئن ثم قال:
" ممكن تديني دقيقتين اشرح لك فيهم السبب، طليق حضرتك جه واتهجم عليها بالضرب عشان كان عايزها تتجوز من واحد كاتب عليه شيكات بحوالي ربع مليون جنيه، وعشان أنقذها كتبت عليها"
حدقته بسخرية واستهزاء:
"و أنا بقي المفروض أصدق الحكاية اللي ما تدخلش دماغ عيل صغير"
أطلق زفيراً كان يعلم هذا سيحدث، تهز منار رأسها لنهيه عن أن لا يخبرها بالحقيقة حتي لا يزيد الطين بلاء.
أومأ الأخر لها بعينه وألقي ما بجعبته، أخرج من الجيب الداخلي لسترته مجموعة ورقة مطوية:
"أتفضلي حضرتك ده دليل علي كلامي"
ألقت منار نظرة استفهام وتعجب في آن واحد حتي أردف:
"ده الشيك المديون بيه للراجل اللي كان عايزه يجوزه منار، أنا سددت الدين وأخدت الشيك ولسه في اتنين من الديانة بخلص معاهم الديون، وبكدة أصبح باباها مديون ليا وأنا هخليه ما يقربش منها و لامنكم تاني"
لا تعلم ماذا تقول له، هل توبخه أم تسمعه كلمات الشكر والإمتنان، لم تتعجب من أي فعل لزوجها السابق فهي تدرك جيداً إنه وضيعاً وعلي استعداد بيع ابنته مقابل المال.
كان كلا من قصى و منار يتبادلا النظرات، فهو يبدو هادئاً نقيض حالتها ونظرات عينيها الحائرة والخوف يسيطر عليها من ردة فعل والدتها وصدمة الأمر الذي فعلته دون علمها.
"وياتري بقي كانت بتبات في الشركة ولا عندك في الشقة؟"
أدرك الأخر من سؤالها عدة أسئلة فأجاب بذكاء:
"جوازنا كان علي ورق مش أكتر من كدة، وبالنسبة كانت قاعدة فين هي فعلاً كانت عندي، في القصر مع مراتي و ولادي"
غرت السيدة فاها فأردف:
"يعلم ربنا أنا منار هي إيه بالنسبة لي، انا بعتبرها زي ملك وكارين أخواتي البنات، معزتها من معزتهم بالظبط، أنا عارف أنك مش قادرة تستوعبي اللي حصل، إحنا علي فكرة قبل ما نيجي علي هنا روحنا للمأذون و طلقتها"
عقبت السيدة ماجدة:
"طلقتها كمان؟!"
"زي ما فهمتك في البداية سبب جوازنا والحمدلله عرفت أسيطر علي الوضع، وأوعدك عمري ما هتخلي عنها لحد ما تتجوز، أتمني تكوني متفهمة كلامي وتعتبريني زي ابنك، ولو محتاجين أي حاجة تكلموني علي طول"
نهض إستعداداً للمغادرة، فنهضت السيدة ماجدة وتنهدت ثم قالت:
"أنا مش قادرة أحدد ردة فعل مناسبة علي اللي حصل، ولو هشكرك عشان وقفتك مع بنتي وانقذتها من مصايب أبوها الجشع، لكن اللي مش هقدر أتقبله مسألة جوازها وطلاقها، أنا مهما كان أم وأنت بتقول عندك أولاد، لو حد فيهم لما يكبر، لا قدر الله عمل نفس الموقف بالتأكيد هتزعل أوي من جواك"
اقترب خطوة ووقف أمامها:
"أنا فاهم كويس ومقدر اللي حضرتك فيه، وكنت أتمني أتعرف عليكم في ظروف أفضل من كدة، و زي ما قولت لك أنا هفضل جمبكم واعتبريني ابنك"
نظرت إليه في صمت ثم جالت ببصرها نحو ابنتها التي تنظر بخجل ثم حدقت إلي الأسفل للهروب من نظرات والدتها التي تشعر بالخذلان.
※※※
تجلس شاردة في الفراغ فهي كالجسد بلا روح من دونه، كيف له أن يتركها هكذا دون لوم أو عتاب؟!، يمكنها أن تتحمل ما سوف يلقيه عليها من كلمات قاسية بدلاً من ابتعاده الذي أرهقها وأضناها العذاب من الاشتياق واللوع.
ثلاث طرقات متتالية علي باب غرفتها انتبهت إليها، يتبعها صوت شقيقها:
"ملك؟"
نهضت وسارت نحو الباب بأعين أرهقها البكاء، وعندما فتحت لشقيقها ولم تستطع أن تتحمل أكثر من ذلك، انتابتها نوبة بكاء من جديد، ارتمت بين ذراعيه فتفاجئ الأخر وشعر بقبضة في صدره، اخذ يربت عليها وسألها بخوف وقلق:
"حبيبتي مالك فيه إيه؟"
هزت رأسها علي صدره وأجابت بإنكار:
"مفيش"
كانت خديجة تقف خلف زوجها فقالت:
"طيب أنا نازلة للأولاد تحت"
أغلقت الباب وذهبت لكي تتمكن ملك من البوح عن ما تكنه في صدرها إلي شقيقها، بينما آدم مازال يربت عليها بحنان حتي تركها تهدأ، ابتعدت من بين ذراعيه ونظرت إليه بهذه الهيئة التي يرثي لها، فسألها:
"قادرة تتكلمي؟"
اجابت بحزن يذرف له قلبها الدموع:
"هاحكي لك علي كل حاجة بس ارجوك تسمعني للأخر"
عقد ما بين حاجبيه بعد أن ساور القلق قلبه، أومأ إليها قائلاً:
"اتفضلي أنا سامعك"
※※※
وصل للتو داخل الشركة، لحق به أحد رجاله منادياً:
"قصى بيه؟"
توقف وألتفت إليه فتوقف الرجل ومد يده بظرف ورقي:
"اتفضل حضرتك دي كل الشيكات اللي أندفعت"
نظر إلي الظرف ثم إلي الرجل وقال له بأمر:
"أول ما يجي دلوقت عينكم عليه لحد ما تجبيوه علي المكتب"
أومأ له قائلاً:
"أمرك يا باشا"
ولج إلي داخل الغرفة ثم جلس خلف المكتب، ترك الظرف أمامه وأمسك بهاتفه، شرع باجراء إتصالاً هاتفياً:
"ألو، لو سمحت يا داده زينات حضري لي شنطة فيها هدوم وكذا بدلة وأنا هابعت السواق يجي ياخدها"
أجابت علي الجانب الأخر:
"حاضر يا أبو مالك"
"وخدي بالك من زينب ومالك ولو في أي حاجة كلميني علي طول"
فسألته بتعجب وحزن في آن واحد:
"هو حضرتك مسافر؟"
أجاب باقتضاب:
"عندى شغل"
ألقي نظرة في الساعة التي تحيط برسغه ثم أردف:
"معلش يا داده مضطر اقفل معاكي ورايا شغل، سلام"
انهي المكالمة سريعاً وترك الهاتف، استند بمرفقيه أعلي المكتب، يضم كفيه معاً ثم زفر بينهما، فقد قرر الابتعاد حتي يختلي بأفكاره لعله يجد حلاً لإنهاء هذا الصراع الدائر بينه وبين زوجته، يجب علي إحداهما أن يبدأ الخطوة الأولي للصلح، لكن كبريائه مازال متحفظاً كلما يتذكر نظرتها ولهجة حديثها القوية في المناقشة الأخيرة قبل أن يترك القصر.
و علي الجانب الأخر في القصر، ذهبت زينات لتبحث عن صبا وتخبرها، كانت الأخري في غرفة النوم داخل غرفة الثياب، تحتضن قميصه، تستنشق عبق رائحة عطره المميز والفريد، كم تتمني أن تطوق جسده بذراعيها وتدخله بين أضلعها؛ فقد أهلكها الشوق إليه، ذرفت عينها دمعة انزلقت من خدها وسقطت على القميص، ليته يشعر بالنيران التي تحرق فؤادها كلما تتذكر لحظات هزيمتها أمامه عندما حطم كبريائها فأصبح كالفتات المبعثر دون أن يرف له جفناً، والآن يعطي لها الأختيار أما أن تغفر أو تلجأ إلي قرارٍ تعلم جيداً عدم استطاعتها في تنفيذه، فماذا عساها أن تفعل؟!
"صبا؟"
انتبهت إلي نداء زينات التي ولجت منذ دقائق وظلت تراقبها في صمت، تشعر بالحزن من أجلها، فهي أول من يشهد علي كل الذكريات بدايةً من ليلة زفافها حتي الآن.
ألتفت سألتها بصوت هادئ للغاية:
"فيه حاجة يا داده؟"
نظرت إليها بأسف وأجابت:
"جوزك أتصل عليا وعايز مني أحضر له هدومه في شنطة والسواق هيجي ياخدها دلوقت"
تعلقت في حلقها غصة عندما سمعت ما ذكرته لها المربية، فسألتها بحزن دفين:
"هو قالك إنه مسافر؟"
أدركت الأخرى ما تريد معرفته فقالت:
"لاء، بس الموضوع واضح جداً زي ما أتكلمت معاكي من شوية، شوفتي بقي نتيجة العند والكبر اللي ما بينكم أخرته إيه؟"
عقبت صبا بشفاه أصابتها رجفة طفيفة:
"هو بيبعد عشان أروح له لحد عنده عشان أترجاه إنه يسامحني، وأرجع عبدة لأوامره من تاني"
"يا بنتي أنتِ فاهمة غلط المـ...
بترت الأخري حديثها بصياح:
"غلط إيه يا داده؟!، كل حاجة قدام عينك، الباشا عايز يعلمني الأدب على طريقته ويجرحني ويهين كرامتي وفي الأخر أنا اللي أروح له لحد عنده، وأنا بقي مش هاحقق له اللي في دماغه، خليه يبعد علي قد ما يقدر، وأهي حاجته اللي عايزها"
أخذت تبعثر ثيابه وتلقي بها علي الأرض بحنق وغيظ شديد حتي خارت قواها، توقفت تلتقط أنفاسها ودموعها تتساقط بغزارة، شعرت بوخز أصاب قلبها، جثت علي ركبتيها وتضع يدها، تنقبض قسمات وجهها بألم، ركضت نحوها زينات وسألتها بخوف:
"هاتصل بالدكتور؟"
رفعت يدها وأجابت بصوت خافت:
"لاء"
حاولت أن تنهض وبالفعل قامت بذلك ثم ولجت إلي المرحاض وأوصدت الباب خلفها.
عودة إلي الشركة، مازال يجلس على هذه الحالة، ينظر في شاشة هاتفه، يتأمل الخلفية وهي صورة تجمعه بها، التقطها لهما في العام الماضي وفي هذا التوقيت تحديداً، أغمض عينيه ليستعيد هذه الذكري لكن طرق الباب قطع عليه تلك اللحظة مما جعله يلعن في سره ثم قال:
"اتفضل"
دخل أحد رجال الحراسة خاصته، كان رجل ذو بنية جسدية قوية:
"معانا برة يافندم"
أشار الأخر له بأمر:
"دخلوه هنا"
ولج من الباب رجلان يمسك كل منهما عضد والد منار الذي يتلفت بذعر ورعب، قاما بدفعه فوق المقعد، نظر إلي قصى فابتلع لعابه ثم سأله:
"هو فيه إيه يا باشا؟"
أمسك قصى مجموعة من الشيكات ورفعها ليراها الأخر قائلاً:
"دي كل الديون اللي مش قادر تدفعها بقي لك سنة وأكتر، أنا سددتها عنك كلها"
ظهرت ابتسامة علي ثغر الأخر فأردف قصى:
"ما تفرحش أوي كدة، لأن شيكاتك دي هتبقي معايا، لأن أقسم بالله لو قربت من بنتك تاني أو مامتها في نفس اللحظة هتلاقي الشيكات متقدمة في النيابة، وأنا حبايبي في الداخلية كتير، يعني بمكالمة أخليهم يرموك في السجن وأبقي قابلني لو خرجت"
اختفت الابتسامة وأخبره:
"مش هيحصل يا باشا، وأنا تحت أمر جنابك"
حدق إليه قصى بنظرة ازدراء فقال إليه:
"أنا هديك مبلغ تعمل بيه مشروع تاكل منه عيش أحسن ما أنت عمال تستلف وتاخد من بنتك بدل ماتديها"
كاد الأخر أن يفتح فمه ليطلق له المبررات الواهية، لكنه غر فاه فجأة عندما ألقي قصى أمامه شيك، أخذ يقرأ الرقم المدون عدة مرات فنزل ببصره إلي قيمة المبلغ المدونة كتابةً، قيمة المبلغ مليون جنيهاً مصرياً، نهض يقفز من الفرح والسعادة:
"ربنا يعمر بيتك يا باشا، ربنا يبارك لك أنت وبنتي، يا زين ما أختارت و...
"خلاص"
صاح قصى فتوقف الأخر عن الحديث وتراجع قائلاً:
"عن إذنك يا باشا، يا دوب ألحق البنك قبل ما يقفل لأن بكرة وبعده عطلة زي ما حضرتك عارف، سلام عليكم"
قالها ورفع يده بجوار رأسه إشارة تحية ثم أطلق ساقيه للريح غير مصدق ما يحمله في يده.
بينما قصى تنهد بأريحية بعد أن أغلق هذا الجانب من الأحداث، صدح صوت تنبيه رسالة واردة على هاتفه، فوجد المرسل شقيقه يونس، ضغط على زر التشغيل
«صباح الخير يا كبير، أنا عارف إنك مشغول عشان كدة قولت ابعت لك voicenote، إحنا عاملين حفلة بمناسبة رجوعي أنا وكارين، تقدر تقول إنه فرحنا كلاكيت تاني مرة بس المرة دي هايكون كلنا فيه مع بعض متجمعين وهاعزم كمان معارفنا وأصحابنا، بقي لنا كتير ما أتجمعناش و أهي جت الفرصة، هاتلاقي عندك الـ location والميعاد تحت الـ voice، ما تتأخروش أنت وصبا والأولاد، مستنينكم سلام»
※※※
"طبعاً غلطانة ولو أنا مكان جوزك مكنتش هضمن ردة فعلي هاتبقي معاكي إيه، إحمدي ربنا إنه بعد عنك بدل ما كان أتهور"
هذه الكلمات التي صاح بها آدم في وجهه شقيقته بغضب وحدة مما جعلها تبكي بشدة من جديد مما جعلها تراجعت عدة خطوات إلي الوراء بتوجس قائلة:
"أيوة أنا غلطت بس والله ما كنت أعرف من الأول إن ده هيحصل"
اقترب منها ومازال على وتيرة صياحه الحاد والمخيف:
"وأنتِ كان فين عقلك؟!، و لسه قايلة بنفسك إنه كان مصعب محذرك، ولو خايفة تقولي له عندك خمس أخوات رجالة كنت حكيتي لواحد فينا مكنش الو... اللي كان بيهددك ده ما أتجرأش يقولك حرف واحد وإحنا كنا شوفنا شغلنا معاه"
عقبت بأعين باكية وملامحها شديدة الحزن التي تذرف لها القلوب الدماء من الشعور بالأسف نحوها:
"أنا فعلاً لجأت لقصى، بس عارف هو معملش معايا زي ما أنت بتعمل كدة دلوقت، عتابه ليا كان بحنية، لكن أنت زي ما أنت من زمان معايا و زي بابي الله يرحمه، بتحكموا علي اللي قدامكم من غير ما تسمعوا للأخر"
ولجت خديجة والفزع جلي على ملامحها فسألت كليهما بقلق:
"فيه إيه صوتكم جايب لحد الجنينة و كل اللي في القصر سامعكم، فيه إيه يا ملك؟"
نظرت إلي شقيقها ولم تتحدث بحرفٍ واحد بل تركت كليهما وغادرت الغرفة، فسألت خديجة زوجها:
"هو إيه اللي حصل يا آدم؟"
أطلق زفرة ينفث بها عن غضبه فأجاب باقتضاب:
"مفيش"
ضرب الحائط بقبضة قوية جعلتها انتفضت ونظرت إليه بامتعاض دون أن تعقب بكلمة.
※※※
يقف خلف الحائط الزجاجي في مقر عمله، ينفث دخان سيجاره الذي قلما يلجأ لها للتنفيث عن ما بداخله، يغمض عينيه لعله يهدأ كلما تذكر ما حدث، كيف لها أن تخفي عليه كل هذا وتلجأ لغيره حتي لو كان شقيقها، هل ذلك خوفاً منه أم عدم ثقة، هناك صوت من عمقه السحيق أخبره إنه مَنْ جعلها تتصرف على هذا النحو، وهذا لعدة أسباب تحكمه الزائد خلق حاجزاً بينهما وبدلاً من أن يكون مصدر الأمان لها أصبح النقيض.
باغته شعور الاحتراق بغتةً، ليس شعور معنوي بل مادي ملموس، فتح عينيه ونظر إلي ما بين أنامله، وجد السيجار قد احترق للنهاية وأصاب كلا من السبابة والوسطى لديه، ألقي بها على الفور وبرغم شعوره بالألم ابتسم ساخراً من حاله.
أخرج هاتفه من جيبه وقرر الإتصال بأحد رجاله والذي يعمل داخل قصر البحيري.
"إيه الأخبار؟"
اجاب الرجل والذي يراقب ملك التي تجلس في الحديقة وتحمل من الهموم أثقالاً، بينما كلتا ابنتيها تلهو لدي الأرجوحة القريبة منها:
"تمام يا باشا، مدام ملك بخير هي والبنات وقاعدين دلوقت في الجنينة"
تنهد ثم أخبره:
"لو في أي حاجة أبقي أتصل عليا فوراً زي ما أتفقت معاك"
"تمام يا باشا"
أنهي الأخر المكالمة وقلبه يشعر مثل ما أصاب أنامله، بداخله العديد من المشاعر المتناقضة، يطوق لها شوقاً و في نفس اللحظة يشعر بالغضب منها ويخشي أن لو رآها أمامه لم يستطع في كبح جماح غضبه ويفعل ما لا يحمد عقباه.
انتبه إلي صوت رنين رسالة واردة، فكانت من يونس
«صباح الخير يا أبو الصعاب، يارب تكونوا بخير، أنا عارف أنك في الشغل دلوقت فقولت أبعت لك رسالة تشوفها في الوقت اللي يعجبك، بإذن الله عاملين حفلة بمناسبة رجوعي أنا وكارين، المكان و الميعاد في أخر الرسالة، أنا اتصلت علي ملك ماردتش عليا، أبقي بلغها هنستناكم وياريت متتأخروش»
※※※
ترتدي حقيبة الظهر خاصتها وتأخذ هاتفها من فوق المنضدة، تستعد للمغادرة، خرجت والدتها من الرواق تحمل صينية يعلوها كوبان.
"برضو هاتروحي يا لوچي وهاتسيبيني لوحدي؟"
ألتفت إليها الأخرى وقالت:
"معلش يا مامي لازم أروح قبل ما بابي يرجع"
تركت الصينية أعلي المنضدة وحدقت بتهكم وتعجب تسألها:
"للدرجدي خايف عليكي تباتي معايا؟!"
اقتربت ابنتها نحوها فامسكت بيدها وأخبرتها معتذرة:
"مش قصدي يا حبيبتي، sorry حقك عليا، الموضوع بس أنا ما أستأذنتش منه قبل ما أجي لك أو أبات عندك"
رفعت أنجي شفتيها جانباً بسخرية:
"و هو فاضي لك أصلاً عشان يكلمك!، هتلاقيه بايت في المستشفي مع العيانين بتوعه و أنتِ أخر حاجة يفكر فيها، ده بعد علياء وابنها طبعاً"
نظرت بامتعاض وشعرت بالضيق، والدتها لديها حق فيما ذكرته للتو، فهي آخر إهتمامات والدها، همت بالمغادرة فقالت:
"أنا مضطرة أمشي بقي عن إذنك"
فتحت الباب وقبل أن تخرج نظرت إلي والدتها بابتسامة خبيثة تخبرها:
"على فكرة بابي بقي له كام يوم مع علياء فى الساحل، باي مامي"
خرجت علي الفور وأغلقت الباب خلفها، تاركة والدتها تستوعب ما أخبرته بها للتو، لحظات صمت قاطعها زمجرة غضب وعينيها تشتعل بنيران الشر والحقد، تفوهت بوعيد:
"ما بقاش أنجي المهدي غير لما أخليك تطلقها وترجعي لي يا يوسف، يا إما هخلص لك عليها بنفسي"
وفي الأسفل تقف وتنظر في شاشة الهاتف، تنتظر وصول سيارة الأجرة التي قامت بطلبها عبر إحدى تطبيقات التوصيل الشهيرة، توقفت أمامها سيارة دون أن تنتبه لها، خرج سائقها برأسه من النافذة يسألها:
"تحبي أوصلك فين؟"
نظرت إليه وتتذكر ملامحه، فكان هذا الشاب الذي أنقذها من الغرق في المسبح، حدقت إليه بامتعاض وأجابت بحدة:
"ده أنت بتراقبني بقي؟!"
عقد ما بين حاجبيه وقال بتهكم:
"علي فكرة أنا جدتي ساكنة هنا في الشارع اللي ورا"
شعرت بالحرج وكادت تبتعد دون أن تعقب علي حديثه، ترجل من سيارته وأوقفها قائلاً:
"لسه عرض التوصيل ساري، أنتِ رايحة فين؟"
نظرت إليه شزراً ثم تفوهت:
"مش بركب مع حد ما أعرفهوش"
ذهب خلفها وأوقفها مرة أخرى:
"بس أنا أعرفك"
رفعت إحدى حاجبيها فأردف:
"أيوة أعرفك من قبل حتي ما أنقذك من البيسين، تقدري تقولي أعجبت بيكي من أول مرة شوفتك من أربع شهور في النادي، بعد كدة لاقيتك أختفيتي مرة واحدة"
داهمت كلماته دواخلها التي اهتزت، ظلت تنظر إلي عينيه لتتأكد مما أخبرها به لكن هي لا تملك الخبرة الكافية التي تدرك بها كذب أو صدق الآخرين لذا سألته:
"طيب المطلوب مني إيه؟"
ابتسم لها وحاصرها بحديثه الذي يعلم جيداً تأثيره الساحر عليها:
"المطلوب إننا نقرب من بعض، قصدي يعني عشان نتعرف على بعض أكتر ولا أنتِ في حياتك حد تاني؟"
أجابت بنفي و حدة في آن واحد:
"مفيش، و لا هيبقي فيه، عن إذنك"
تركته واتجهت نحو السيارة التي كانت تنتظرها وولجت إلي الداخل دون أن تكترث إلي عمرو الذى وقف يجز على شفته السفلي بحنق.
※※※
على ألحان وصوت فيروز يقود سيارته، وبجواره تستند برأسها على زجاج النافذة شاردة، من يراها يظن إنها تتأمل الطريق بينما هي في رأسها يدور ألف سؤال علي رأسهم «هل هو يتحدث مع طليقته كما قرأت في محتوي الرسالة الواردة إليه؟!»
"سرحانة فيه إيه يا لولو؟"
سألها يوسف ويمسك بيدها فقام بتقبيل ظهر كفها، نظرت إليه بطيف ابتسامة وأجابت:
"كنت بسمع الأغنية"
ترددت قليلاً في أن تخبره لكن وجدت في النهاية أنه لا جدوى من الصمت ولا تترك ظنونها إلي الشيطان الذى يحيك لها آلاف الإحتمالات وجميعها تؤدي إلي الخراب بينهما.
"يوسف هو أنت بتتكلم مع أنجى؟"
ألقي عليها نظرة متعجباً من هذا السؤال، فأجاب بسؤال:
"تقصدي إيه بسؤالك؟"
عقدت ساعديها أمام صدرها ونظرت إلي الأمام وأجابت:
"قصدي أنت فاهمه كويس"
هدأ من سرعة السيارة حتي توقف على جانب الطريق فسألها مرة أخرى:
"وحصل إيه خلاكي تسألي السؤال ده؟، إحنا بقي لنا كام يوم مع بعض في الشاليه، واكلين شاربين نايمين في وش بعض، اشمعنا بتسألي دلوقتي وحصل إيه أصلاً؟"
تركت ذراعيها بحرية ثم ألتفت إليه قائلة:
"أفتح رسايل الواتس عندك وأنت هاتعرف"
فعل كما طلبت فوجد الرسالة مقروءة
«معقول نسيت كل اللى ما بينا، لكن أنا عمرى ما هانسي، أنا بحبك و هانرجع لبعض بأى تمن»
عقد ما بين حاجبيه معقباً:
"أنا أول مرة أشوف الرسالة، وبعدين فتحتي الفون إزاي وقرأتيها أمتي؟"
أجابت بصدق دون تردد أو كذب:
"كنت عايزة أكلم ماما عشان أطمنها عليا وأنا أطمن على عز وأكلم لوجي، أنت كنت نايم مارضتش أصحيك فحطيت طرف صباعك مكان البصمة واتصدمت بالرسالة دي في وشي"
ابتسم رغماً عنه ثم أخذ يضحك، أثار غضبها فسألته:
"أنا قولت إيه يضحك؟!"
كف عن الضحك وأجاب:
"بضحك على غيرتك، معقولة يعني بالعقل كدة وأنتِ أكتر واحدة عارفة إن موضوع أنجي ده بالنسبة لي مات و كل اللي بيربطني بيها لوجي وبس بغض النظر إنها تبقي بنت خالي"
سألته بحنق:
"و إيه اللي يخليها تفتكرك دلوقت وواثقة في نفسها أوي كدة؟"
أمسك يدها مرة أخرى بحب وحنان حميمي قائلاً:
"لا هي و لا مليون زيها يقدروا يشغلوني أو يبعدوني عنك، أنا أصلاً مش بكلمها و رقمها معايا بس عشان لما لوچي بتروح لها"
ابتسمت هي أيضاً وقالت:
"من غير ما تبرر مصدقاك، وعمري ما شكيت فيك، عارف ليه؟"
قام بتقبيل خدها ثم سألها:
"ليه؟"
"عشان في بينا ثقة محدش يقدر يهزها، لا أنجي و لاغيرها"
حك ذقنه بعد أن أدرك ما تقصده من حديثها والرسالة التي أرادت أن توصلها له من بين حروف كلماتها.
※※※
يغط في النوم ومن فرط التعب الذي يشعر به نتيجة إجهاد العمل طوال النهار داخل المشفى، بينما هي بجواره أخذت تتقلب يميناً ويساراً لم تستطع النوم في ظل هذا الصوت المزعج، فقالت له:
"أسر ممكن توطي صوت شخيرك شوية مش عارفة أنام"
لا حياة لمن تُنادي بل زاد من الصوت مما جعلها تنهض وتزفر بصبر قد نفذ قبل أوانه، خرجت من الغرفة وذهبت إلي غرفة ابنائها، تمددت جوار ابنتها لكن لا فائدة فقد فارقها الشعور بالنوم وأصابها الأرق، أصدرت معدتها صوتاً يخبرها إنها جائعة، فقررت الذهاب إلي المطبخ.
و في المطبخ، فتحت البراد وإذا به انتفضت بسعادة، قالب كيك مزينة بالشكولاتة والكريمة وقطع الفواكه اللذيذة الشهية، يبدو إنه قد جلبه وهي نائمة، أخرجت القالب وتنظر له بإشتهاء، تلعق شفتها السفلى بلسانها، تناولت شوك وسكين صغير، أخذت تتناول قطعة تلو الأخري ولم تنتبه إنها انهت منتصف القالب كما لا تشعر بخطوات من يقترب منها يسألها وكأنها افتعلت كارثة:
"إيه اللي أنتِ بتهببيه ده الساعة 3 بالليل يا مفترية؟"
انتفضت بفزع وحاولت أن تبتلع ما بفمها وعلي شفتيها وطرف أنفها وكلا خديها آثار الشكولاتة والكريمة كأنها تأكل بوجهها، أخذت تتحدث بصوت مكتوم لم يفقه منه حرفاً:
"أبلعي اللي في بوقك الأول وبعدين أتكلمي"
تناولت كوب ماء وشربت لتساعد في الإبتلاع وأجابت ببراءة:
"أنا كنت جعانة يا أسورتي"
أمسك ياقة منامتها وكأنه يقبض علي لص ليخبرها بحنق:
"يخربيت بطنك المفجوعة الـ 24 ساعة، ده أنا جايبها لابنك عشان عندهم حفلة في المدرسة بكرة وكلمني و مأكد عليا أجيبها له عشان مفيش محلات الصبح بتبقي مفتوحة"
صفعت جبينها لنسيانها هذا الأمر قائلة:
"ده أنا كنت ناسية خالص ونمت قبل ما أكلمك، طب والعمل؟"
"استلقي وعدك منه لما يصحي هيقلبها لك مناحة وأبقي روحي لفي له علي محل فاتح الصبح عشان تجيبي له واحدة"
تركت ما في يدها وقالت:
"أعمل إيه أنا دلوقتي"
وقف بجوارها وينظر إلي نصف القالب المتبقي قائلاً:
"هقولك علي حل حلو أوي"
وبعد قليل... تناول أخر قطعة في القلب بتلذذ تحت نظرات هاجر التي تشعر بالصدمة:
"هو ده الحل اللي ربنا قدرك عليه؟"
ابتسم بثقة وأخبرها:
"أعملك إيه، ما هو أمجد لو صحي وشاف نص التورتة هايعرف إن مامته المفجوعة اللي كلتها، قولت أخفي آثار جريمتك"
لكزته في ذراعه:
"و نعم التفكير"
أخذ يضحك حتي توقف عن الضحك وظل يتأمل مظهرها، خصلات شعرها مبعثرة بعشوائية ووجهها أصبح مستديراً بسبب انتفاخ وجنتيها مؤخراً، رفع إحدى حاجبيه وسألها:
"إيه ده يا جوجو؟"
سألته بعدم فهم:
"فيه إيه؟"
أمسك خديها بأطراف أنامله وقام بالضغط عليهما:
"أنتِ بتحقني بوتوكس وفيلر من ورايا؟!"
نفضت يديه عن وجنتيها وأجابت:
"بعد الشر عليا، ليه شايفني عجوز شمطاء بلغت من العمر أرذله عشان أعمل الحاجات ديه؟!"
هز رأسه بعد أن أدرك سبب تلك الانتفاخات لاسيما عندما اخفض بصره نحو بطنها المنتفخة فقال لها:
"خلاص أنا عرفت اللي فيها، أنتِ أخر مرة وزنتي نفسك أمتى؟"
نظرت بتوتر وأجابت:
"مش فاكرة، ما بهتمش الولاد وشغل البيت مش مخليني أركز"
ظهرت أسنانه ولمعت من بين شفتيه اللتان أفترقا من ابتسامته التي وصلت لكلا أذنيه:
"أنا بقي هقولك، خدودك اللي كل شوية يا تكنسل عليا لما بكلمك في الفون أو تدوس علي مسجل المكالمات ولا كرشك اللي خلاص تفوق على كرش الحناوي أبو كركر، فأنتِ بتلعبي في تسعين كيلو و داخلة علي المية، لاء يا جوجو كدة لازم تخسي يا حبيبتي لأن مش هقدر اتعامل مع الأحمال التقيلة، ضهري مش لاقيه في كيس شيبسي يا روحي"
مع كل كلمة كان يتفوه بها تغلي دماؤها التي بلغت ذروتها، أصبح وجهها محتقن بالدماء، نهضت أمامه وهو مازال جالساً فوق الكرسي، تسأله بهدوء قاتل:
"أنت بتقول إيه يا حبيبي؟"
ابتلع لعابه بخوف عندما رأي أمامه هذا الوحش الكاسر وتتناول سكين من الوعاء الخشبي الخاص بالسكاكين، نهض ويتراجع إلي الوراء، رافعاً يديه:
"جوجو حبيبتي، أنا كنت بهزر معاكي، أنتِ زي القمر وخدودك بقوا زي التفاح، وكرشك ده مجرد انتفاخ من القولون بالمواظبة على البرشام هيروح على طول"
رددت من بين أسنانها:
"بقي أنا كرشي زي الحناوي؟!، أنت بقي اللي جيبته لنفسك"
ركض علي الفور وهي خلفه، صعد علي الدرج، فوقفت تلتقط أنفاسها لتستطيع اللحاق به، صعدت خلفه و ولجت إلى غرفتهما التي اختبأ بها:
"أطلع يا أسر أحسن لك، عمال تتنمر عليا عشان تخنت كام كيلو، ما أنا كذا مرة اتحايلت عليك أروح چيم وأنت مش بترضي، أخس عليك دلوقتي بتعايرني وبتتريق عليا"
كانت تتحدث بحزن تحول إلي بكاء، ولت ظهرها إلي الخزانة وكانت تفعل شيئاً لم يراه جيداً فخرج إليها يتعجب من بكائها بسبب مزاحه معها، وضع يده علي كتفها وجعلها تلتفت إليه:
"حقك عليا أنا أسف، مش قصدي أضايقك"
كفت عن البكاء ورفعت وجهها لتنظر إليه بابتسامة مخيفة، حدق إليها بخوف:
"أنتِ...
باغتته بالسكين التي تحمله في يدها وتضربه في صدره، أطلق آهه فوجدها تضحك، وضع يده علي صدره فلم يجد جرح، نظر إلي يدها التي رفعتها ولوحت له بالسكين الزائفة قائلة:
"حتة سكينة لعبة عملت فيك إيه، أحسن واحدة قصاد كلامك الرخم"
حدق لها بوعيد قائلاً:
"شكلنا هانرجع لأيام الشقاوة"
توقفت عن الضحك وكادت تركض من أمامه، قبض علي ظهر منامتها وألقي بها فوق المضجع، صاحت بضحك هيستري:
"لاء خلاص يا أسورتي، أنا حرمت مش هعمل كدة تاني"
جلس علي طرف الفراش وحاوط ساقيها بذراعه وبيده الأخره أخذ يدغدغ قدميها، تعالت صوت ضحكاتها حتى ذرفت عينيها دموعاً من كثرة الضحك، توقف عندما صرخت باستسلام:
"خلاص والله حرمت، أنا آسفة"
ترك ساقيها ونظر إليها وعندما شاهد دموعها وبخ نفسه، تمدد بجوارها وأخذ يمسح أسفل عينيها قائلاً:
"الظاهر كان هزاري تقيل، ما تزعليش حقك عليا"
ابتسمت له وأمسكت يده فقالت:
"أنا عمري ما بزعل منك، ربنا يخليك ليا يا حبيبي"
حدق إليها بعشق وتيام:
"والكلام الرومانسي الحلو ده يتقال حاف كدة؟"
تظاهرت بعدم الفهم وهو يعلم ذلك:
"عايز إيه؟"
أخذ يلمس وجنتها بظهر أنامله يخبرها:
"بقي لي كام يوم بعيد عنك وبرجع ألاقيكي نايمة وبتصعبي عليا عشان عارف طول النهار من شغل البيت لمذاكرة ودروس الولاد للنادي، وشايلة كل ده ومش راضية أجيب لك ناني تساعدك، وأنا شغلي واخد كل وقتي، وبقينا نشوف بعض كل كام يوم"
عقبت على حديثه:
"أنا اتفقت معاك من أول ما أتجوزنا ما بحبش حد غريب يدخل بيتي، الأكل والشرب بحب أعملهم بنفسي و بيتي هو مملكتي، أرتبه وأعمله بنفسي ومحدش هيكون أمين على ولادي أكتر مني أنا وأنت، بالنسبة لشغلك أنا مقدراه وعارفة وقتك مش ملكك وأنا أصلاً مش أشتكيت، ممكن كل فترة تاخد فاصل نجدد بيه روتين حياتنا، نخرج نسافر المهم نبعد عن دايرة ضغط الشغل والمسئوليات اللي عمرها ما بتخلص"
رسم الجدية على ملامحه وقال:
"عندك حق يا دكتورة جوجو في كل اللي قولتيه، عشان كدة قررت أنفذ نصايحك ونبتدي برحلة حلوة أوي هاتعجبك"
حاوطت عنقه بذراعيها وسألته:
"هتودينا فين يا أسورتي"
حمحم ثم قال:
"رحلة لقلب أسورتك المشتاق، وتذكرة الرحلة عبارة عن كدة"
أنهي كلماته باختطاف شفتيها في قبلة لبداية رحلة حب حميمية داخل مملكة العشاق ذات الراية الحمراء وهناك القانون السائد لا صوت يعلو علي صوت الحب.