روايه عشق الادهم الفصل الواحد و العشرون 21 بقلم شهد السيد

روايه عشق الادهم الفصل الواحد و العشرون بقلم شهد السيد


• أحبُ شحوبَكِ الذي يتناغم مع الخريف ، وحزنَكِ الصامتَ المتأملَ الذي يهطل مع المطر. •

لم تذق طعم النوم وكأنه قد حُرِم عليها، وصاحبها الحزن كـ أنه أعز الرفاق وقد أصتحب معه بعض الأصدقاء كـالصمت، والبكاء، الخوف، والضعف. 

هاتفها لم يكف عن الرنين ومن سيكون سواه، من كان يتلوي قلبة ألمًا عليها شاعرًا برغبة عارمة بتحطيم كل شئ. 

نهضت بتباطئ وهي تمسح سيول أعيونها تشعر بأعينها مشتعلة من كثرة بكائها الذي دام لساعات، توجهت صوب مرحاض الغرفة ووقفت تتأمل هيئتها المبعثرة وشحوب وجهها وتشعث خصلات شعرها. 

نظرت حولها بتشتت لاتدري ماذا تفعل.!! 

هي تشعر بالأشمئزاز لكونها ضعيفة الآن لكنها لأ تقوي على التماسك ماحدث يجعل قلبها يرتجف رغمًا عنها هي حتي الآن لأ تستوعب مافعلته بذلك اللص.! 

تحركت بخطوات بطيئة تجلس بحوض الأستحمام وهي تضم قدميها لصدرها مستسلمة لقطرات الماية الباردة التي بدأت بالتساقط فوق رأسها كأنها حجارة قاسية وقد بدأ جسدها لأ إيراديًا بالأرتجاف والأنكماش علها تستطيع تدفئة قلبها قبل جسدها. 

لم تنهض رغم أنها تستطيع بل فضلت البقاء حتي توقفت عن البكاء، رفعت يديها التي تحيط بها جسدها وأرجعت خصلات شعرها المبتلة الساقطة على وجهها للخلف وظلت تنظر أمامها بصمت. 

بعد مدة قليلة.. 

خرجت من المرحاض وهي تلف جسدها بمنشفه كبيرة وفتحت خزانتها بخواء شديد تخرج أحدي الملابس المعلقة ووضعتها على الفراش وأرتدها ووقفت تنظر لهيئتها البسيطة وملابسها التي تكونت من بنطال أسود وقميص أسود يعلوه سترة من التريكوه باللون الزيتي الغامق وحذاء أسود، بدأت بجمع خصلات شعرها على هيئة جديلة استقرت فوق كتفها الأيسر. 

توجهت تُمسك بمفاتيح سيارتها الملقاه أرضًا واخذت هاتفها ووقفت خلف باب الغرفة تتفحص الفوضي العارمة، ظلت ساكنة لدقائق قبل أن تغادرها بهدوء شديد حتي لايعلم أحدًا بخروجها. 

توقفت خطواتها عندما أستمعت لهمس هناء العاملة وهي تقف بالمطبخ تتحدث بالهاتف، أقتربت بهدوء تنوي أخبارها بتنظيف غرفتها حتي تعود لكن قدميها تخشبتان عندما أستمعت لحديثها بوضوح: 
_أقول عليه أي جوزي دا بسج كان لازم يعمل فيها فلانتينو وينط من البلكونة ماكان دخل من الباب وسلك القرشين ولا من شاف ولا من دري.

صمتت هناء تستمع لحديث صديقتها من الجهة الأخري وأجابتها بأمتعاض وضيق: 
_أتصل بيا من تليفون الشويش ولما روحتله حكالي، بنت الجنية اللى أسمها ليليان طلع معاها البتاع الكهربا دا وضربته بيه فرفر ع الأرض واللى أتصل بالبوليس أكيد أختها ولا حد من الباقيين شافة عندها ف الأوضة. 

أغمضت ليليان أعينها وهي تشعر بمرارة الخيانة وأنكار المعروف، لطالما كانت كريمة معها تساعدها ماديًا وتعطيها أموال أضافية فوق راتبها الكبير وبالأخير تحاول سرقتها هي وزوجها.!! 
زوجها التي أخبرتها سابقًا بأنة مريض ملازمًا للفراش.!!! 

تقدمت خطوتين أضافيتين وتحدثت بخزي وحده شديدة جعلت الأخري ترتعب: 
_انتِ أزاي حقيرة كدا.!! 
انتِ ياهناء.!!، انتِ تعملي فيا كدا دا أنا..أنا وثقت فيكِ.!! 

ضمت هناء شفتيها وهي تتمني صفع نفسها الآن على حماقتها، حاولت التبرير لكن ليليان قاطعتها بحده بالغة: 
_مسمعلكيش صوت أخرسي، هاتي نسخة المفتاح اللى معاكِ ومفتاح البوابة..أخلصي. 

أنهت حديثها بصوت مرتفع قليلًا جعل هناء تسارع بأعطاهم لها وهي تحاول التبرير: 
_والله ياست ليليان.. 

قاطعتها وهي تنتشلهم من بين يديها بعنف ورمقتها بأستحقار واشمئزاز: 
_قولتلك أخرسي كفاية كدب بقي كفاية، برا بيتي حالًا بدل ما أحبسك وتبقي انتِ وهو فـ زنزانة واحده بـــرا. 

أسرعت هناء بأمساك حاوية النقود الخاصة بها وأسرعت بتخطيها ومغادرة المنزل هاربة من بين براثين تلك السيدة التي طالما عرفت بأنها لأ تتهاون مع أحد. 

شعرت بالأختناق يكاد يقتلها من شدة أزديادة لتخرج من المنزل سريعًا مقررة التفكير بالأمور القادمة بطريقة آمنه أكثر، صعدت لسيارتها وغادرت المنزل لتتفاجئ بأدهم يهم بالنزول من سيارتة. 

اوقفت السيارة بينما تقدم هو سريعًا منها يتأمل ملامحها الساكنة التي وأعينها التي بها نظرة حزن عميقة يعرفها قلبة قبل أن تعرفها عيناه، زفر بتروي لكونها أمامة وبحال أفضل ولو اقل القليل: 
_رنيت عليكِ كتير عشان أطمن عليكِ.. 

قاطعتة بصوت يحمل من الهدوء الخارجي مايكفي لجعلة يدرك الصخب الداخلي:
_أنا كويسة. 

فتح باب سيارتها متحدثًا بنبرة لاتحمل النقاش: 
_انزلي أركبي معايا. 

همت بالرفض إلا أنه أمسك بيدها يجذبها لتهبط رغمًا عنها وأغلق سيارتها واعطاها المفتاح وفتح لها الباب المجاور لمقعد السائق، تقدمت تجلس بداخل السيارة بهدوء تام بينما هو صعد خلف عجلة القيادة وأنطلق مغادرًا ومن حين إلا آخر ينظر لها، وضعها لا يتغير صامتة للغاية تخفي حزنها خلف قناع سميك من الصمت. 

حاول كسر الصمت السائد متحدثًا: 
_أنا كلمت شركة حراسة بتعامل معاهم لتأمين الفنادق والقري وكدا عشان يبعتوا طقم حراسة للبيت عندك. 

لم تلتفت وظلت على وضعها وأجابته:
_ملوش لزوم تتعب نفسك أنا عارفه اللازم وهعمله النهارده قبل بكرا. 

-أنا الحاجة الوحيدة اللى ممكن تتعبني حالتك دي. 

صمتت ولم تجيبة فـتابع: 
_تحبي نبدأ منين، نروح القسم الأول ولا نشوف شركة الحراسة الأول.؟ 

-القسم. 

وبالفعل توجهة نحو مركز الشرطة تاركًا لها مساحتها الشخصية لكسر حزنها بنفسها، هي قوية وستتخطي ماحدث وهو يعلم. 

وبعد وقت ليس بالطويل توقف أمام مركز الشرطة وهبط يسير بجوارها ممسكًا بيدها يكاد يخفيها خلف جسده، بينما هي نظرت لأيديهم ولطريقة سيرهم ولاحت على وجهها شبه ابتسامة بدي وكأنه على وشك الفتك بمن يحاول الأقتراب لأبنته. 

توقف أمام أحد العساكر طالبًا منه أخبار الضابط عماد بحضورهم ليختفي العسكري داخل المكتب لدقيقتين وخرج سامحًا لهم بالدلوف. 

نهض عماد مرحبًا بهم مصافحًا لأدهم وبعدما جلسوا أستمع عماد لطرق الباب فسمح بالدخول فـإذا بـجاسر يدلف وهم بالحديث إلا أنه تفاجئ بوجود أدهم وليليان: 
_انتوا بتعملوا أي هنا.!! 

نظر خلفة متابعًا: 
_أدهم وليليان هنا. 

دلف جاسر يتبعه حازم الذي تحدث بلوم مصتنع: 
_لحقتوا تجرجروا بعض فـ الأقسام.! 
بكرا وبعده نجيبكم من محكمة الأسرة. 

رغمًا عنها أبتسمت على حديث حازم لينهض عماد متسائلًا: 
_انتوا تعرفوه.؟ 

تقدم جاسر مصافحًا لأدهم يليه حازم وتحدث جاسر: 
_أمال يابني أدهم صاحبي من سنين وهو اللى مستضيف حازم فـ بيته بعد ما أتنقل للقاهرة. 

ربت حازم على كتف أدهم بمزاح:
_هردلك جميلك دلوقتي، جايين ف طلاق ولا خناقه.؟ 

ابتسم عماد مجيبة ببساطة:
_سرقة. 

أتسعت أعين حازم قليلًا ونظر لأدهم وتحدث بصوت منخفض قليلًا: 
_سرقوك واخدوك ورا مصنع الكراسي.؟ 

رمقة أدهم بنظرة حادة فـحمحم وصمت وجلس هو وجاسر يستمعوا لعماد الذي قص عليهم ماحدث كاملًا، هم حازم بمعاتبة أدهم على ذهابة دون أخبار أحد لكن أدهم قاطع حديثة طالبًا تأجيل الحديث لحين عودتهم للمنزل. 

لم يمر الكثير من الوقت وكان السارق يقف أمامهم ووجهة ظاهرًا عليه آثار الضرب الذي تلقاه أمس من أدهم، بدأ عماد بالحديث بجدية: 
_مين اللى زقك على بيت البشمهندسة يارضوان. 

نظر رضوان نحوها لكن توترت نظراتة وتوزعت بأنحاء الغرفة عندما رمقة أدهم بنظرة قاتلة: 
_محدش ياباشا أنا كنت مراقب البيت من فترة وعارف انهم ستات ومعهمش راجل وإن عيشة صاحبة البيت مرتاحة وقولت اطلعلي بقرشين. 

شعرت بسكين بارد يُغرز بقلبها على آثر حديثة وأنه أستغل عدم وجود رجل معهم ليهجم على المنزل، لم يطول بهم الوقت وكانت تغادر معه مركز الشرطة وهي صامتة وحديث رضوان يتردد بأذنها كـأنه إيقاع مرير يعذبها ببطئ. 

أنتبهت لوجهتهم وتسألت: 
_احنا رايحين فين.؟ 
-شركة الحراسة. 
_أنا هبقي... 

قاطعها بنبرة ناهية: 
_هنروح مع بعض دلوقتي.!! 

_______________♡

جلست فوق الأريكة وهي تشعر بدوار يعصف بها، وضعت يدها فوق معدتها وهي تتحدث بأبتسامة واهنه: 
_عاجبك التعب اللى أنا فيه بسببك.؟ 

زفرت بعمق وظهرت على وجهها أبتسامة شاردة: 
_رغم التعب اللى حاسة بيه ولسه هحس بيه بس أنا مستنياك تيجي أوي، يمكن انتَ اللى تحبني وتبقي صاحبي..

رفعت رأسها تنظر نحو باب المنزل الذي فُتح للتو وضحكت بخفة وهي تعتدل بجلستها حتي لا يعلم بتألمها: 
_مش عادته يرجع بدري يعني. 

ألتزمت الصمت وتصنعت الأنشغال بالتلفاز، دلف بخطوات تيبة واضعًا مفاتيحه وهاتفه فوق الطاولة الزجاجية وبحث عنها بالمطبخ اولًا فوجده فارغًا كـحال غرفتهم. 

توجه لغرفة الجلوس ليجدها شبه مُستلقيه فوق الأريكة بهيئة عشوائية فاتنة. 
لم يقل جمالها يومًا منذ أن عرفها ويشعر به يتزايد بأستمرار حملها. 

جلس على الاريكة المقابلة لها يرجع جسده للخلف بأريحه متسائلًا بهدوء: 
_عامله ايه. 

أجابته بصوت منخفض غير مبالي ومازال نظرها مُثبت فوق شاشة التلفاز: 
_الحمدلله. 

حرك رأسه بخفة وصمت، أنتظر أن تتحدث إليه وأن تخبره عن أي شئ ولو كان صغير لكنها..لم تفعل، أعتاد أن تبادر هى دائمًا، أختنق من تجاهلها له ونهض بخطوات غاضبة نحو غرفتهم، تابعت مغادرته بطرف أعينها ونهضت بأبتسامه مستمتعة تدلف للمطبخ تنقل الطعام الذي جهزته مسبقًا لغرفة الطعام. 

وقفت أمام المرأة الموجودة بـ ممر الغرف وهي تتأمل هيئتها اللطيفة بذلك الثوب المنزلي من اللون الفيروزي مزين بورود زهرية صغيرة ذو حمالات رفيعة، عدلت من هيئة خصلاتها المجهدة بطريقة مُحببة لقلبها بطريقة ذاتها جمالًا. 

تابعت تقدمها نحو غرفتهم وفتحت الباب ببطئ وهي تتحدث بهدوء: 
_جاسر أنا حطيت الأ... 

أنقطع حديثها فور أن شعرت بيد قوية تجذبها للداخل بقوة مغلقًا باب الغرفة بحدة محاصرًا لها بين باب الغرفة وجسدة، أعينه الباردة دومًا تحولت لأخري قاتمة مشتعلة بالضيق الذي يفتك بصدرة، تعالت دقات قلبها وهي لاتدري ماذا تفعل فقط تشعر بالخدر التام وأعينها مُعلقه بأعينه وصامته حتي قطع هو ذلك الصمت متسائلًا من بين أسنانه: 
_أي آخر اللى بتعمليه دا ياسارة.!! 

لم تكن تتصنع عدم الفهم بل هي بالفعل شعرت بتعطل عقلها عن العمل وهي تجيبة بجهل: 
_بعمل اي.؟ 

أقترب بوجهة منها أكثر وتحدث بالقرب من أذنها بنبرة هادئة عالمًا بمدي تأثيرة عليها: 
_بتتجاهليني. 

أغمضت أعينها لثواني تستعيد ثباتها التي شعرت بتشتته أمام أفعاله وأقترابة ونبرتة تلك ورفعت يدها تدفعة بعيدًا عنها وهي تجيبة بقوة واهية: 
_العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم. 

أرتفع حاجبة الأيسر بتهكم مجيبًا: 
_وأنا أمتي تجاهلتك.؟ 

صدرت منها ضحكة صغيرة ساخرة وهي تجيبة بألم نابع من ثنايا قلبها: 
_قول أمتي متجاهلتكيش..أمتي حسستك إن ليكِ قيمة فى حياتي أصلًا، مديقاك أوي معاملتي وجاي بتأنبني.؟ 
طب وانتَ.!! 
معاملتك معايا مكانتش بتقتلني.!! 
الفرق بينا إنك أتكلمت وأعترضت وقولت دا مش عاجبني وأنا سمعتك، بس أنا حتي لما أتكلمت أنتَ مسمعتنيش. 

أنهت حديثها بأبتسامة مريرة والتفتت مغادرة لأحدي الغرف الأخري، أحتضنت روحها المشروخة قبل أن تحتضن جسدها وأغمضت أعينها بتصميم رافضة للبكاء مستسلمة لدوامة من الذكريات البائسة التي مرت عليها، كأنها ورقة شجر مستسلمة لخريف حياتها. 

لا تعلم كم مضي وكم تبقي بل قرر عقلها أن يرحمها معلنًا عن بداية سقوطها بنوم طويل، شعرت بيدين يحتونها برفق تعرف صاحبهما تمام المعرفة، جاهدت لفتح أعينها المرهقة ليزيد من أحتواء جسدها وضمها له طابعًا قبلة رقيقة عميقة على رأسها وتحدث بصوت هامس نادم: 
_أنا آسف. 

حديثها جعله مدركًا لما أرتكبة بحقها، هو لم يتحمل تغير معاملتها معه ليومين بينما معاملته لها أستمرت لأيام وشهور، شعر بيديها تلتف حوله وهي تقرب نفسها منه أكثر مستنعمة بقربة حتي ولو للحظات، كانت بحالة فقر للأحتواء والأمان، أحيانًا أكبر أمنياتنا تتمثل بعناق.!! 

_______________♡

خرجت من بوابة السفارة التابعة لبلدها بعدما أنتهت للتو من أول أختباراتها وقد سهل عليها أدهم الكثير بفضل علاقاته. 

نظرت يمينًا ويسارًا باحثة عن سيارة أجرة لتعيدها للمنزل من جديد لكن ولسوء حظها كانت جميع السيارات غير فارغة. 

تأفّفت بضيق شديد من أرتفاع درجة حرارة الشمس حتي ألتهبت وجنتيها البيضاويتين، وجدت سيارة سوداء تقف أمامها لم تعر الأمر أهتمامًا ببادئ الأمر لكنها أنتبهت عندما هبط منها حازم بطولة الفارع وجسدة العضلي ومد يده ملتقطًا باقة ورود حمراء وتقدم منها بإبتسامة زينت وجهة. 

عبس وجهها أكثر وسارت خطوتين حتي تبتعد إلا أنه سارع بأمساك ذراعها ووقف أمامها متحدثًا بندم: 
_أنا آسف على اللى قولتله. 

لم تتغير تعابير وجهها بل أزدادت جمودًا وهي تبتعد عنه: 
_متتأسفش انتَ مش غلطان، الغلط عليا عشان بشاركك فـ اللى بفكر فيه. 

ضغط على أسنانه وتحدث بغضب مكبوت من بينهم: 
_كنتِ عاوزة ردة فعلي تبقي أي وانتِ عاوزة تروحيلهم تاني والله وأعلم هيرضوا يرجعوكِ ولا لأ... 

عارضت حديثة بضيق مبررة: 
_على الأقل كنت حاولت عشان معملش حاجه هي مش راضية علـ... 

قاطعها بصرامة وحدة: 
_وافرض محاولتك فشلت وعملوا اللى كانوا بيخططوا له من سنين، معنديش أستعداد أسيبك تضيعي مني يافرح. 

لانت نبرتة بأخر حديثة ليطغي الصمت بينهما لدقائق قبل إن يتحدث برفق: 
_ممكن بقي تقبلي اننا نروح نفطر سوا.؟ 
أنا كلمت أدهم وعرفته وقالي أنه موافق، هنفطر بسرعة وارجعك البيت. 

أومأت بصمت وأمسكت بباقة الورود تسير معه نحو السيارة وهي تؤنب نفسها، هو محق هناك أحتمالية كبيرة بأن تمنعها والدتها من العودة لمصر مرة أخرة مقررة بأن تزوجها لأبن زوجها. 

« _____ » 

خرجت من المبني وسط حشد من الطلاب بعد أنتهائها للتو من أحد الدروس الخاصه، زفرت بقوة وهي تشعر بالحزن والقلق يجتاحها مما حدث ليلة أمس وماكان السبب بأن لأ تغمض لها عين حتي مطلع النهار، نظرت بجانبها بتلقائية لتجد ماجعل أعينها تتسع قليلًا عندما وجدت زياد يقف بجوار سيارة شقيقتها، تأملت هيئتة الوسيمة وهو يستند على مقدمة السيارة عاقدًا يديه أمام صدرة متألقًا بتيشيرت أبيض وبنطال شبابي أسود. 

نظرت حولها لتجد مجموعة من الفتيات يقفن بجانبها ينظرون نحوه مُبتسمين ومُتهامسين، عبس وجهها بضيق وهي تعدل من وضع ذراع حقيبتها وتقدمت نحوه تسألة بأقتضاب: 
_ليليان فين.!! 

أعتدل بوقفتة يجيبها بهدوء: 
_مش فاضية فـ أدهم بعتني أجيبك لأن السواق واخد أجازة النهاردة. 

أومأت بتفهم وسارت بضع خطوات تفتح الباب المجاور له لكنها توقفت عندما أستمعت لصوت يهتف بأسمها، ألتفتت لتجد فتاة وشاب معها بنفس الدرس لتضع الحقيبة بالسيارة وتقدمت نحوها تجيبها بهدوء: 
_نعم ياجومانا.؟ 

نظرت جومانا نحو زياد واعادت النظر نحو جودي متحدثة: 
_هو دا جاي ياخدك.؟ 

أومأت جودي لتهمهم الآخري متحدثة: 
_طيب تمام كنت بحسبك هتروحي لوحدك كنت هقولك تعالي معايا انا وفادي انتِ بيتك قريب من بيتنا. 

أبتسمت جودي بمجاملة تجيبها: 
_شكرًا اختي بعتت حد ياخدني. 

أومأت جومانا لتودعها جودي وعادت تصعد على المقعد المجاور له، أدار المحرك وسار نحو الطريق الرئيسي متسائلًا: 
_كان عندك درس أي.؟ 

أجابتة بهدوء تام وهي تنظر من النافذة: 
_كيميا. 

همهم وأعاد التساؤل: 
_فاضلك كام يوم وتخلصي أمتحانات. 
-بكرا آخر يوم. 

نظر نحوها بنظرة خاطفة واعاد النظر للطريق متمتمًا: 
_مالك، شكلك مدايق. 

زفرت بأختناق وهي تجيبة: 
_ما انتَ أكيد عرفت اللى حصل. 

توقف أمام أحد المتاجر وفتح باب السيارة وهبط: 
_ليليان وادهم لقوا حل. 

نظرت نحوة بتساؤل: 
_رايح فين.؟ 
-ثواني وجاي. 

أختفي داخل المتجر لدقائق قبل ان يعود حاملًا حقيبة بيدة وصعد للسيارة يضع الحقيبة على قدمها بإبتسامة مشاكسة: 
_بمناسبة إن كان عندكوا حرامي. 

صدرت منها ضحكة خفيفة وهي تُمسك بالحقيبة وتحدثت بصوت منخفض: 
_شكرًا. 

أبتسم لأبتسامتها وانشغال بفتح مسجل الصوت وبعدها أدار المحرك مرددًا خلف كلمات الأغنية وهو ينظر نحوها قاصدًا أياها بحديثة: 
_ماتيجي نسهل المواضيع واقولك كلمة على بالي، فى بُعدك ليه بتوه وبضيع فى قربك ينقلب حالي. 

شعرت بالتوتر يعتريها وأصرت على التهرب من خلال النظر من النافذة محاولة للتهرب من حديثة الذي يخترق ثنايا قلبها، تابع حديثة وقد أتسعت أبتسامتة أكثر: 
_ماتيجي نبدل الأدوار وأشوف نفسي بعين منك. 

شعرت بأرتفاع درجة حرارتها ولاتعلم أهي من حديثة أم وضعها المحرج، ما أنقذها هو توقفهم أمام المنزل لتتمسك بحقيبتها وفتحت الباب ونزلت سريعًا هاربة من أمان عينية للداخل، وقعت أعينها على ليليان التي تقف بالحديقة بجوار أدهم وهناك بعض الأشخاص الأخرين التي لم تعرفهم منشغلين بعمل عدة أشياء. 

تقدمت منها ترتمي بين ذراعيها بسكنية كأنها طفلة عادت للتو من مدرستها مشتاقة لأحضان والدتها، شددت من يديها حولها وهي تتحدث بصوت هامس: 
_وحشتيني، خرجتِ بدري ليه، وأي الناس دي كلها.!! 

رتبت ليليان على ظهر صغيرتها وطبعت قبلة حانية على رأسها تجيبها بهدوء: 
_كان عندي مشوار مهم، ودول حراسة للبيت هيفضلوا كدا دايمًا عشان البيت يبقي أمان وابقي مطمنة عليكم أكتر. 

أبعدت جودي رأسها عن أحضان ليليان ومدت يدها لتصافح أدهم الذي أنهي حديثة بالهاتف للتو، صافحها بإبتسامة حانية متحدثًا: 
_عامله ايه ياجوجو. 

أجابتة بخفوات وابتسامة هادئة: 
_الحمدلله يا أبية. 

أنضم لهم زياد وهو ينظر نحو أدهم متسائلًا:
_لسه مخلصوش.!! 

نظر أدهم نحو العمال المنشغلين بتركيب الكاميرات: 
_قربوا. 

نظر زياد نحو جودي التي تهربت بنظراتها وسط متابعة ليليان لنظراتهم وعلقت أعينها على زياد الذي حمحم متحدثًا بهدوء: 
_روحت لقيتها خلصت جبتها وجيت على طول. 

ظلت صامتة لثواني وبعدها أومأت بهدوء وأنتبهت لعصام رئيس شركة الحراسة الذي تقدم منهم وتحدث لها: 
_كل حاجه تمام دلوقتي يا آنسه ليليان الكاميرات ركبت واتوصلت على اللاب بتاع حضرتك. 

اكمل حديثة وهو يشير للواقف بجانبة: 
_ودا مسعود رئيس الحرس اللى هتبقي موجوده. 

أبتسمت ليليان بهدوء وهي تحرك رأسها بخفة كـ تحية صامتة لمسعود، لم يمضي الكثير وقد بدأ كل شئ قد خططت له أمس، أربعة حراس متواجدين كفيلين لتأمين المنزل. 

دارت ببصرها نحو السلم الحديدي التي أمرت بأزالته ولم يعد موجود، والأسلاك الشائكة الموضوعة فوق السور الخارجي، زفرت بتروي وراحة بدأت تعتريها، نظرت نحو أدهم المنشغل بالحديث بالهاتف وتقدمت نحو زياد الجالس فوق الطاولة الموضوعة بالحديقة ناظرًا بهاتفه، جلست قبالتة وهي تنظر له بصمت، ترك هاتفه ونظر لها منتظرًا حديثها، لتبدأ التحدث بهدوء شديد: 
_انتَ قبل ماتكون أخو أدهم فـ انتَ عندي زيك زي جودي، جودي اللى من أول ماعرفت يعني أي حياة وأنا حياتها فهماها وحافظة تصرفاتها أكتر ماهي حافظة وعارفة نفسها. 

زفر زياد بتروي وأجابها بثبات: 
_عارف، وعارف إنك فاهمه اللى بيحصل وكنت ناوي اتكلم معاكِ فـ أقرب وقت بس اللى حصل خلاني أأجل كلامي.. 

قاطعت حديثة بجدية وحزم: 
_دراستها.. 

وبقوة أكتسبها من شقيقة منعها من أكمال حديثها: 
_هدعمها فيها قبلك واذاكرلها كمان. 

زفرت طويلًا قبل أن تهدء وهي تحدثة بلين: 
_زياد ياحبيبي انتوا لسه صغيرين دي مشاعر جديدة عليكم ولسه مش عارفين عاوزين اي... 

بتروي شديد وأصرار أجابها: 
_عاوزها هي، أوعدك لو وافقتي هحافظ عليها وعلى مستقبلها زي ما انتِ بتحافظي ويمكن أكتر. 

أنتبهت لأدهم الذي أنهي حديثة للتو ويتقدم نحوهم لتنهي الحديث بهدوء: 
_هتكلم معاها يازياد الأول وهكلمك فـ أي وقت تيجي ونكمل كلامنا. 

أومأ وفور أن أقترب أدهم نهضت متحدثة: 
_هشوف الفطار اتأخر ليه. 

جلس أدهم مكانها ونظر لزياد متسائلًا: 
_كنتوا بتتكلموا فى أي. 

أجابة زياد بلامبالاة وهو يمسك بهاتفة: 
_الدراسة. 

أومأ أدهم بتفهم ونظر بهاتفة هو الآخر بأنتظار عودتها، بينما دلفت ليليان لتجد العاملة الجديدة التي تكون من أحد أقارب دادة هدي تقف تعد الفطور بهمة ونشاط وفور أن رأتها رضوى العاملة أبتسمت متحدثة: 
_ثواني والفطار يكون محطوط يا آنسه ليليان. 

أومأت ليليان بأبتسامه هادئة وصعدت لغرفتها التي رتبتها رضوى قليلًا وأزالت الزجاج الذي كان منتشرًا، أبدلت ملابسها لأخري رياضية مريحة وأغلقت سترتها حتي المنتصف وخرجت لتُقابل جميلة بالممر، تقدمت منها جميلة بإبتسامة هادئة: 
_عامله ايه دلوقتي. 

بادلتها ليليان الأبتسامة بهدوء وهي تجيبها: 
_الحمدلله. 

حمحمت جميلة وهي تتحدث ببعض التوتر: 
_هو يمكن الوقت مش مناسب أوي بس أنا قررت أقدم فـ الجامعة المفتوحة.

ظلت ليليان مبتسمة بهدوء وشجعتها: 
_حاجة كويسة جدًا، هشوف أي الورق اللى هنحتاجة وهسجلك فيها وتروحي من بداية السنة الجديدة. 

أبتسمت جميلة بسعادة واندفعت تحتضنها، معبرة عن سعادتها بعناق بسيط بثت به شكرها وأمتنانها لـ ليليان. 

رتبت ليليان على ظهرها برفق وتعلقت أنظارها على غرفة شقيقتها، تشعر بالتشتت نحو علاقتها بـ زياد ولا تعلم أي قرار سيكون صائب، تبعدها عن زياد حتي تكون ناضجة بالقدر الكافي أم..تتركها لتخوض تجربة من المشاعر الجديدة أمام أعينها وبعلمها.!!! 

تعليقات



×