رواية غنوة يونس الجزء الثاني (انتقام الغنوة) الفصل الاول
بداية الانتقام
دياب: انا كماني هروح اعيش حداهم ف بيتهم ، ده جزء من خطه الانتجام، زمان وجيه نفذه.
غنوه: عرفنا، طيب ايه هو؟ عشان نبجو معاك ف الصورة.
دياب: عسران وهو رايح على بيت الهلالية، حد هيوجفه وياخد منيه ختم الكلب عجوب ويبدله بختم تاني زيييه. وديتي يبجى راجل من رجاله وجيه، والنصيبه الكبيره لما يكتشفو أن العيله مش موجودين.
غنوه: انت ووجيه كده بتتصرفو من ورايا؟
دياب: له يا خيتي، احنا عملنا كده عشان لما تحلفي تحلفي صدج انك معرفاش موضوع جواز المرحوم محمد من فريده، واللي حسبناه لجيناه كانت مفاجأة ليكي. حتى امك وابوكي مخبرتهمش حاجه واصل.
فايزه: حدالله ماكنا نعرفو حاجه، لكن براوه عليكم والله، ربنا بعتلنا وجيه ديتي من السما.
عياد: خلو بالكم، لا نار الانتجام تحرجكم انتو كماني.
غنوه: ليه يا ابوي تحرجنا؟ احنا بناخدو بتار خينا من غير نجطه دم. ولا عايزنا نتفرجو عليهم وهما فرحانين ومتهنين واحنا مكوييين بنار الغالي؟
فايزه: جوليله يابتي، طول عمرك طيب. يا عياد زمان سيبت حجك، ودلوك كمان عاوز تهمل حج ولدك؟
عياد: خلاص، الحجوج علي الله.
دياب: خلاص يا ابوي، ممنوش عازه الحديت دلوك. بعد يومين الجسيمه هتطلع وهروح اجعد ف دار الهلاليه.
فايزه: مجولتش يعني وجيه هيعمل ايه بالختم؟
دياب: هيكتب كل حاجه بأسمي يا اما، وبعد شويه كده كلنا هنعيشو ف دار الهلاليه.
عياد: حدالله، انا معيشش ف مكان اتاخد من صحابه بالزور والحرام.
فايزه: لا هو كان بيتهم من أصله. ديه بيت فاطنه اللي كانت اكتر من خيتي، ومن بعديها لبتها صدفه. يبجى كيف حرام؟ جوللي انت.
عياد: يبجى يرجع لصدفه.
دياب: يا ابوي انا اتربيت زين واعرف الحلال والحرام. البيت هيتكتب باسمي صح، لكن مش هااخده بعد ما احرج جلوبهم كلهم واخد بتارنا. ههمل البيت والأرض وكل حاجه لصاحبتها، تخافش يا ابوي. وزي ما تعرف، ولدك عمره ميجبل الحرام. لكن تاري له مش ههمله.
انا وعدت خيي اني مكتلش حد، وانا مش هكتل نفس عمري. لكن هدمرهم كيف مدمرونا، وخصوصي رجيه اللي جرحتني وجرحت كرامتي وعفست جلبي برجليها. وسابتني ابكي ف الليل ودمعتي علي خدي. بجيت ببكي يا ابوي، مره علي فراج اخوي الغالي اللي اتكتل غدر بسببي، ومره علي كرامتي وعلي جلبي اللي عفصته بت الحرام رجيه.
هملتني عشان فجير، عشان معنديش غير حب يا ابوي وكرامه. لكن ولا الحب ولا الكرامه، ولا اني كت بجدمها علي نفسي واجيبلها اللي نفسها فيه علي كد ما اجدر، ملو عينيها.
يا ابوي، اول ما مندوح شخللها بجرشيناته عفصتني علي طول، كاني كلب جربان، ووجفت تفردلي هي وامها. والله لاندمها علي اليوم اللي هملتني فيه.
عياد: وفريده ويونس ذنبهم ايه؟
غنوه: واحنا ذنبنا ايه؟ اخونا يتكتل جدامنا ومنجدروش نعملو حاجه؟ كل ديتي من الفجر اللي احنا فيه. لكن كنا حامدين ربنا وشاكرينه. كفايه كنا بننامو كلنا واحنا مدفيين ببعضينا ف عز البرد. كلنا لحم، حامدين، كلنا مدمس، شاكرين. كنا نضحكو ونلعبو، وخواتي محاجيين عليا بجناحتهم. وشجره عمرانه، ياجو هما يجطفو عود اخضر من الشجره. ذنبه ايه محمد؟ جوللي يا ابوي. ولدك محمد واخونا الغالي؟
عياد: لله الامر من جبل ومن بعد.
______________________________________
في القاهره - في أكتوبر
كان وجيه مع الأطفال في مول لملابس ولعب الأطفال.
وجيه: يلا يا حبايبي تعالوا نجيب لعب ولبس كتير جوي للحلوين، حبايب عمو.
يعقوب الصغير: صح يا عمو، هتودينا لأمي؟
وجيه: آه طبعًا، بس بعد ما نشتري حاجات حلوة كتير ليكم.
دهبيه الصغيرة: عاوزه عروسة حلوة.
وجيه: وهو فيه أحلى منك؟ وميزو القمر عاوز إيه؟
مازن الطفل: ماما.
يعقوب الصغير: مازن عاوز ماما، وإحنا كمان عاوزينها.
وجيه: بتحبوا ماما يا حبايبي؟
يعقوب الصغير: ماما ديه طيبة جوي، بس كانت بتجولنا حواديت تخوفنا عشان ننام، بس كانت بتبكي كتير. أبوي كان دايمًا يزعجلها.
وجيه: انت عندك كام سنة؟
يعقوب: عندي أربعة، ودهبيه ومازن عندهم سنتين. يعني أنا الكبير، بس مازن مش بيمشي عشان رجله بتوجعه لما بيحاول يمشي. وأمي كانت بتجول لأبوي نوديه للدكتور، وهو كان بيجولها مش فاضي، روحي مع أي حد.
وجيه: وراحت للدكتور؟
يعقوب الطفل: آه، واداها علاج، بس لما ماما مشيت محدش اداله العلاج عشان خلص وحدش جابه.
وجيه (في سره): آه يا ممدوح الكلب، حتى عيالك قاسي عليهم.
وجيه: أنا هوديه للدكتور، وإن شاء الله هيخف. يلا بقى نشتري عشان نروح لماما.
________________________________________
وفي فيلا خال صدفه...
صدفه: في إيه يا مرت خال؟ جالبين البيت وبتعملوا وكل كتير، حد جاي ولا إيه؟
هاله: آه، وجيه اتصل وقال في ضيوف جايين معاه.
صدفه: تعرفي يا مرت خال؟ أنا النهارده حاسه جلبي فرحان جوي، وحاسه حاجه حلوه هتحصل، معرفاش ليه، والله جلبي بيدج جوي. هاتها جمايل يا رب.
هاله: ربنا يفرحك يا حبيبتي دايمًا يا رب، ويجمع شملك مع أولادك.
صدفه: آه أمانه يا مرت خالي، ادعيلي، حياه أبوكي
لتضحك هاله: أبويا مات من زمان.
صدفه: الله يرحمه يا ستي، حياه عيالك طيب
لتاتي فاطمه .
فاطمه: مالهم عيالها؟
صدفه: يابت ده أنا بجولها ادعيلي.
فاطمه: آه طيب، بقولك إيه يا صدفه؟
صدفه: نعمين يا نن عيني؟
فاطمه: نن عينك مره واحده.
صدفه: آه، مدام مجولتيش ريفو بتاعتك ديه تبقى حبيبتي.
فاطمه: ماشي يا ستي، ممكن يعني تعمليلي الفطير المشلتت بتاعك؟ ماما قالتلي انك عملتيه امبارح والمفاجيع خلصوه.
صدفه: بس كده؟ عيوني ليكي يابطه.
هاله: بطه؟ يابطه؟
صدفه: والله أحلى من طينه اللي بتنادمولها بيها ديه.
فاطمه: كل اللي يجي منك حلو.
صدفه: إلا جوليلي، انتي جيتي من شغلك النهارده بدري يعني؟
فاطمه: خالو وجيه اتصل وقاللي روحي بدري، وصرف مكافأة لكل موظفين الشركة اللي هنا وباقي الشركات كمان.
صدفه: والله خالك ديتي باينله واد حلال مصفي.
وجيه (دخل فجأة): ويقول المرء الجيد يأتي عند ذكره، وأنا شخص جيد.
هاله: فين ضيوفك دول؟
وجيه لصدفه: انتي كنتي بتقوللي عليا ابن حلال، صح؟
صدفه: آه صوح، واد حلال، عشان اديت مكافأة للموظفين الغلابه اللي شغالين حداك كلهم.
وجيه: وانتي مش عايزه مكافأة؟
صدفه: ياك شغاله حداك أنا؟ والله اسحب كلامي.
وجيه: لا، وعلي إيه؟ طيب، منفسكيش ف حاجه؟ اعتبريني مصباح علاء الدين، وادعكي الفانوس.
صدفه لهاله: متشوفي خيك ديتي؟ باينله مبلبع حاجه لمؤاخذه يعني! انت بتتعاطى حاجه؟ برشام؟ مخدرات مثلا؟ جول والله، واحنا نعالجوك، مش عيب. أكبر منك بكيتر وبيوجع. في الغلب ديتي جول واحنا نودوك مصحه الإدمان، بياجي إعلانها في التلفزيون. أصل الفلوس الكتير بتخسر، وانتي يا مرت خالي مهمله خيك. لما بجي مدمن مش كتي خدتي بالك منه؟ إيه المرار الطافح ديتي؟ لا عارفه تربي بت ولا واد، ولا حتى خيك؟ ده حالكم يجطع المصارين والله! جاكم الهم! عيله فجر جال وأنا بجول عيله أمي تشرف. أتاري لا عيله أم ولا أبو. ياجله حظك يا صدفه جال، واسمي صدفه جال. صدفه المرار والجندله. ياخيتي غطوني وصوتوا بالجوي عليا وعلي ناسي. بدري يا أما!
كل هذا والجميع واقعون من الضحك عليها، ووجيه كاد أن يغشى عليه من الضحك.
وجيه: بس بس... هموت مش قادر!
هاله: أولا اقفلي كل الشاشات، صدفه من النهارده مش هتتفرج عليهم تاني، انتي إيه؟ بتلحقي تألفي كل القصص ديه امتى؟
صدفه: مش انت اللي بتجول مصباح ومصباحش؟
وجيه: اطلبي يا ستي، وهتشوفي.
صدفه: ده جنان أصلي والله. خلينا معاك يا عفريت المصباح. نفسي أشوف عيالي جوي. وغمضت عنيها كماني.
وجيه: بس كده؟ ادخلوا يا عصافير.
وفي اللحظة دي، اتفتح باب الفيلا ودخلت سامية ومعاها الأطفال، وهالة وفاطمة واقفين مذهولين،
صدفة بتضحك باستخفاف: ها افتح .
يعقوب: ماما، دهبية ومازن : أمي أمي.
صدفة (باستخفاف): إيه الهبل ديتي؟ جايبلي حد يجلد صوت عيالي وتجولي عفريت
وجيه : غبية قولنا ماشي، كمان مش حاسة بولادك؟
وقبل ما تفتح عينيها كويس، سمعت صوت يعقوب:
يعقوب: ماما، حبيبتي.
وجري عليها يحضنها، وسامية حطت مازن ودهبية على رجل صدفة.
صدفة: انتو جيتو صوح ولا أنا بحلم؟
هالة: دول ولادك يا صدفة، ما شاء الله، الله، دول حلوين أوي ياختي، عسل.
صدفة (بعينين مليانة دموع): يعني اني شايفاهم يا مرت خالي؟
فاطمة: آه كلنا شايفينهم.
صدفة حضنت أولادها بقلب أم محرومة: حبايبي، عيالي، ياجلب أمكم، جيتو كيف؟
يعقوب الطفل: عمو وجيه اللي جابنا بالطيارة، بعد ما عنايات خرجتنا من البيت. إحنا كنا بنبكو على طول وعايزينك. والمرا العفشة اللي أبوي اتجوزها دلتنا من شجتنا، وجعدنا تحت. وجدي عجوب كماني كان بيهزر مع أمها واتجوزها كماني.
صدفة (بهدوء الأم): مش إحنا جولنا جبل سابج، لناش دعوة بالكبار ولا بحديتهم؟ ولو سمعنا حاجه منجولهاش لحد واصل، عشان كده حرام.
وبصت ليعقوب: جول لي صوح مين جابلكم الخلج الزين ديتي؟
يعقوب الطفل: عمو وجيه، وجابلنا خلج كتير ولعب وحاجات حلوة جوي، ووكلنا وكل جميل جوي.
صدفة حضنت صغارها زي القطة اللي خايفة على ولادها، وبصت لوجيه نظرة كلها شكر وامتنان:
صدفة: معرفاش أشكرك كيف، جميلك ديتي هيفضل طول العمر فوج راسي من فوج، الله يديك ويراضيك، ويحبب خلجه فيك، الطير على الشجر، والحصي اللي في الأرض، ويعلي مجامك، وتطول الشمش والجمر، يا وجيه ياواد ، الا امك اسمها ايه .
هاله: ليه يعني .
صدفة: عشان الدعوه بتجوز باسم الأم.
هالة: سحر، ماما اسمها سحر.
صدفة : يا وجيه ياواد، سحر.
هالة: خدي ولادك بقى واقعدي معاهم براحتك، ولما الغدا يجهز هندهلكم على طول.
وجيه: ثواني يا صدفة.
صدفة: نعمين يا سيد الناس؟
وجيه (وهو بيطلع ورقة): الله يكرم أصلك يا ستي، ديه ورقة طلاقك من ممدوح.
صدفة (فرحتها وصلت للسماء وزغردت): والله لأطلع أصلي ركعتين شكر لله، أحمدك وأشكر فضلك يا رب.
وجيه (وهو بيبص لصدفة بعينين كلها قلق): صدفه، انتي مش زعلانة على طلاقك؟
بيقولها وهو بيتمنى من كل قلبه تكون فعلاً فرحانة مش بس بتمثل عشان يهدا قلبه ويرتاح.
صدفه (بعفوية وصدق): وربنا، وحياة عيالي وجسما بالله العلي العظيم، أنا الفرحه مش سيعاني عشان خلصت من مندوح الكلب ديتي، والفرحه الأكبر فرحتي برجوع عيالي.
وجيه (بابتسامة راحة وفرحة): الحمدلله.
هاله : بتقول حاجه يا وجيه؟
وجيه : خلي الولاد يرتاحوا شويه، عشان في مفاجأة تاني كمان شويه.
صدفه : أوعي تجوللي أبوي وأمي كمان جايين؟
وجيه (يضحك): اهي ديه بقى مقدرش أعملها، الله يرحمهم.
صدفه : أصلك برجّلتلي راسي.
هاله: طيب طلعي الولاد يرتاحوا شويه، عيالها مجانين زيها.
يعقوب الطفل (بعناد): لا، إحنا هنجعد معاكم، مش عاوزين ننام.
هاله : ليه يا حبايبي؟
دهبيه الصغيرة: عشان أمي بتجولنا حاجات تخوفنا.
هاله : يا حبايبي.
يعقوب الطفل: إحنا هننام مع الست الحلوة الجميلة ديه.
فاطمه (وهي بتضحك وبتخرج لسانها لصدفة): بيقولوا عليا أنا. تعالوا نلعب شويه، وبعد الغدا نرتاح، وكمان أنا عندي ولادي وولاد هاتي أخويا، هتحبوهم أوي.
يعقوب الطفل (بحماس): هيه، أخيراً في أطفال زينا نلعب معاهم.
صدفه (بمزاح وهي ترمي عليه الشبشب): طب ياواد المركوب، وحياة أمك أنا هربيك وهديك كتله زينه.
يعقوب الطفل (وهو يضحك): مش هتعرفي، عمو وجيه هيضربك.
صدفه (بتضحك): اه ياواد المجنون.
ضحك الجميع على جنانها مع أولادها، وفضلوا يلعبوا ويفرحوا، ونسيبهم في فرحتهم، ونروح مع بعض لقصر في منزل يعقوب…
_______________________________________
في منزل يعقوب الهلالي
نزل يعقوب السلالم وهو بيغني بصوته الجهوري:
"يا أبوي عليكي يا خوخه، هي ديه النسوان اللي الواحد يجنيها ف بيوت صوح، مرا إيه عامله كيف الجمل؟ مش دهبيه أم بوذ يابس؟ ديتي حرج أبو اللي جابها."
ينزل وراه ممدوح بابتسامة ساخرة:
ممدوح: الله أكبر عليك يا أبوي، كأنك واد عشرين سنة.
يعقوب (وهو يضحك): بس يا واد، انت الله أكبر في عينك، أنا هخلي خوخه تبخرني من عينك.
ممدوح (بتهكم): انت خدت الجمل، وأنا خدت المهرة الصغيرة.
وفجأة، يسمعوا طرق الباب بصوت عالي. يفتحوا الباب يلاقوا الغفير سعفان واقف وهو متوتر:
سعفان: الحجني يا حج، الحكومه برا وبيجولوا سيدي مندوح كتل مرته ورمى جتتها في الترعة، وجايين يجبضوا عليه.
ممدوح (بصدمة واندفاع): مخبل انت؟! إياك صدفه؟ مين اللي كتلتها ورمتها في الترعة ديتي؟
سعفان (مرتبك): والله معرف يا بيه، هما بيجولوا كده.
يعقوب (وهو بيشد ممدوح من دراعه): هم يا مندوح، تعالي نشوف فيه إيه، وكيف ياجوا يتهجّموا على بيتنا كده؟ معارفينش بيت مين أياك؟
ممدوح : باين كده يا أبوي.
يخرج ممدوح ويعقوب أمام المنزل يلاقوا قوات الشرطة مستنيينهم.
يعقوب (بتهكم وصوت عالي): خير إن شاء الله، جايين عاوزين إيه؟
الظابط: عاوزين ممدوح، متهم بقتل زوجته.
يعقوب (بعصبية): انت عارف بتتحدّث مع مين انت عاد؟
الظابط (بهدوء وحزم): مهما تكون مين، مفيش حد فوق القانون.
يعقوب (وهو يتفرس في الضابط): مين انت؟ فين الظابط مهاب؟ أمال؟
الظابط (يعرف نفسه): أنا إسلام الحداد، ظابط جديد، منقول هنا من أسبوع. الظابط مهاب اتنقل وراح مكان تاني.
يعقوب (بابتسامة ساخرة): آه، عشان كده، يبجى انت لساتك متعرفناش زين.
الظابط إسلام (بنبرة تحدي): لا، عارفك كويس، وسمعت عنك كتير.
ممدوح (وهو يهز راسه بتهكم): ولما انت عارفنا وعارف احنا مين زين، ايه اللي جابك؟
الظابط إسلام: جالي بلاغ إن ممدوح يعقوب قتل زوجته، وأنا جاي أقبض عليه وأحقق في البلاغ ده، فين ممدوح؟
ممدوح (بصوت متحدي): ده ممدوح، أنا ممدوح يعقوب، تقدر تعمل ايه؟
الظابط (وهو يأمر العساكر): حطوا الحديد في إيديه وهاتوه.
ممدوح (وهو بيضحك بسخرية): انت اجنيت ياك؟! ده بتليفون واحد مني أرفدك من وظيفتك وأجعدك جار أمك تخرط ملوخية.
الظابط إسلام (وهو يبصله بحدة): طيب، لغيت اقعد اخرط لأمي الملوخية، بقى انت مقبوض عليك، وكلمة تانية مش هتعرف هيحصلك إيه.
ثم يلتفت للعساكر: خدوه، مستنيين إيه؟
العساكر يقربوا منه بسرعة ويحطوا الحديد في إيديه.
يعقوب (وهو بيبص للظابط بعيون كلها وعيد): والله يا اللي اسمك إسلام، انت رفدك النهارده هيكون على يدي.
يعقوب (بصوت عالي): واد يا سعفان، هات التلافون.
الظابط إسلام يأمر العساكر بوضع ممدوح في عربية القسم، وبعدها يقف جنب يعقوب ويتكلم معاه بتحدي:
الظابط إسلام: أنا مستنيك لما تتصل عشان يرفدوني.
يعقوب يتصل بأحد اللواءات أصدقائه:
يعقوب: ساعدت الباشا منصور بيه الخليلي.
اللواء : أهلا بالحج يعقوب، أخبارك إيه؟
يعقوب : الحمد لله يا باشا، بس في هنا عيل طري كده جال بيجولو ظابط جديد خد مندوح ولدي على القسم، جال متهمينه بكتل مرته، بس هي أصلها هربت منينا عشان.
اللواء (بحدة): اسمه إيه الظابط ده يا يعقوب؟ مش فاضي أنا.
يعقوب يضحك وهو يبص للظابط:
يعقوب: اسميك إيه يا واد انت؟
الظابط (بثبات): إسلام. خير إن شاء الله؟
يعقوب (لللواء): سعاده اللواء، عاوز يعرف.
اللواء: هاته يا يعقوب، خليه يكلمني.
يعقوب (بفرحة وهو يتشفى): إديله كلمتين في جنابه، خليه يعرف يتعامل مع أسياده زين، ويطلع ممدوح من العربية ويحب فوج راسه جدام البلد بحالها، وبعد كده انت حر، يا تنجلوه من هنا، يا ترفدوه.
يعقوب وهو يناول الظابط التليفون: خد يا اسمك إيه انت، كلم اللواء.
الظابط (بصوت رسمي): أنا إسلام محمود الحداد يا أفندم.
اللواء (مندهش): انت ابن سعاده وزير الداخلية؟!
الظابط: تمام كده يا فندم.
اللواء (بتوتر): تحت أمرك يا ابني، شوف شغلك، وأتمنى الوالد ما ياخدش خبر باللي حصل. اديني يعقوب.
الظابط يرجّع التليفون ليعقوب ، يعقوب يضحك بخبث:
يعقوب: تلجاه سمعك كلمتين في جنابك، صح؟
اللواء (في نفسه وهو متنهد): أنا أجيب الصداع لنفسي ليه؟
فجأة الخط يفصل.
يعقوب (وهو يبص في التليفون): ألووو؟ ألووو؟... يا نهار اسود، سعاده اللواء تليفونه فصل شحن. ياواد انت دلي مندوح ولدي من العربيه
ليتركه الظابط ليركب العربيه ويذهب الي القسم
يعقوب : فيه إيه؟ يكونش مندوح كتلها صوح؟ معجولة ديه؟
يدخل للبيت بسرعة وينادي بصوت عالي:
يعقوب: يونس... يا يونس!
يونس (يخرج من غرفته وهو متضايق): فيه إيه يا أبوي؟ نفسي أنام ساعتين بس.
يعقوب (بعصبية): الحكومه جبضت على مندوح.
يونس (متفاجئ): كيف حصل ديه؟ وناس محمد مبلغوش ولا حد من البلد حتي؟
يعقوب: له محمد إيه؟ بيجولو كتل صدفه.
يونس (بانفعال): مين كتل مين؟
يعقوب (يزعق): بتسألني أنا؟ خد المحامي وروح شوف خيك بسرعة يا يونس.
يونس: حاضر يا أبوي.
يتصل يونس بالمحامي بسرعة:
يونس: يا متر، الحكومه جبضت على مندوح خيي، متهمينه بكتل مرته.
المحامي: أنا هتحرك فورًا وهكلم أي حد من معارفنا.
يونس: بسرعه يا متر، الوضع مش مطمن.
يعقوب : أنا كلمت اللوا الخليلي وكلم الظابط، وبعد كده تلافونه اتجفل. الظابط ديتي غريب، مش من البلد، وشايف حاله.
يونس: أنا هتصرف، هروح المركز، والمحامي هيحصلني.
يعقوب يصيح فجأة وهو يدور في البيت:
يعقوب: أم ساميه! يا مرا حد يرد عليا.
إحدى الخادمات (تخرج بسرعة): نعم يا حج؟
يعقوب: فين أم ساميه؟
الخادمه: راجده في السرير، عيانه جوي، والدكتور جالها لازم تعمل عمليه المراره.
فجأة تنزل دهبيه من فوق، ووشها مليان قلق:
دهبيه: فيه إيه يا يعقوب؟ الزعيج ديتي كله ليه؟ العروسه معجبتكش اياك؟
يعقوب : الحكومه خدت ولدك، بيجولو كتل صدفه.
دهبيه تضرب على صدرها وتصرخ:
دهبيه: يا مري! كتلها كيف؟ وش العروسه جدم الخير علينا!
دهبيه: يا مري... يا مندوح... خدوك يا ضنايا.
ينزل على صوت صراخها خيريه، مرات ممدوح، وهي منفعلة:
خيريّه: مالها المرا ديه بتصرخ ليه؟
دهبيه (بعين مليانه قهر): الحكومه خدت ولدي... يا وش الفجر يا اللي جدمك انتي وبتك... جدم الشوم!
خيريّه : أنا جدمي شوم يا مرا؟ يا يابسه! يا عجوزه! وعامله حالك صبيه؟ والله لأربيكي!
تخلع خيريه الشبشب وتنهال ضرب على راس دهبيه، ودهبيه تحاول تفادي الضرب وهي بتبكي.
يعقوب ينفجر فيهم بصوته الجهوري:
يعقوب: بس يا مرا! منك ليها! لحسن يلزمني يمين كبير أطلجكم انتو التنين!
خيريه (تغير أسلوبها وتمثل البكاء): أنا هاخد بتي ونروحو بيتنا.
يعقوب (يحاول يهديها): له يا خوخه، أحب على يدك، يا جلبي... اطلعي شجتك دلوك، عشان خاطري.
خيريه (وهي بتمسح دموع التماسيح): حاضر يا سيد الناس.
يلتفت لدهبيه بحدة: وانتي يا دهبيه، غوري، اجعدي جار بتك.
دهبيه تبص له بنظرة لوم وعتاب، وعيونها مليانه دموع. بعدها تصعد السلم وهي بتبكي.
________________________________________
في أكتوبر
يتصل وجيه بالظابط إسلام
وجيه : اسلام بيه حبيبي طمني.
اسلام : الواد عند أهوه؟
وجيه : عاوزه ياكل علقة يحلف بيها.
إسلام : أوامرك يا وجيه بيه.
ليغلقل وجيه الهاتف .
بعدها على طول يتصل وجيه بصقر صديقه ( صقر بطل رواية جمرية الصقر فاكرينه )
وجيه: صقر باشا... أبو الصقو اللي اتجوز وخلف ونسي صحابه.
صقر : مجدرش يا وجيه بيه، يا غالي.
وجيه: عاوزك ضروري.
صقر: خير؟
وجيه : خير أوي يا أبو الصقور.
صقر: عشت يا أبو الرجولة كلها ، فهمني طيب، فيه إيه؟
وجيه: هنرجع حق.
صقر : إذا كان كده، أنا معاك طبعًا من غير كلام.
وجيه : عشت يا صاحبي.
وجيه: خلاص، شوف فاضي إمتى ونتقابل.
صقر : والله مخبيش عليك، من وجت المرحومة أمي وأنا مخرجتش جمريه... أقولك، أنا هجيبها وأجيك مصر، بالمره نسلمو على الست أم هاني.
وجيه (بفرحة): حبيبي، تنور الدنيا كلها.
صقر: منورة بالغاليين.
ويغلق وجيه الهاتف مع صقر، ليقول في نفسه :
"آخرتكم قربت أوي يا ولاد يعقوب..."