رواية القلب أخضر الجزء الثانى الفصل التاسع عشر بقلم رباب عبد الصمد
سمح ايوب لهم بالافراج على ان يشاركواالجميع فى الطعام فقط لحين رسو السفينة فى الميناء القادم
فى احد الايام بدا المرض يزداد على هانيا فاعتكفت فى حجرتها بينما كانت طفلتها بصحبة ليلى فى غرفتها
دخل ايوب عليها فوجدها تطعمها وتلعب معها فابتسم عليها وقال / ما اسم ابنتى الكبرى
ليلى بسعادة / جوليا
ايوب / بل ريحانة
ليلى بعدم فهم / ماذا ؟
ايوب / اسمها ريحانة ايوب وليلى
ابتسمت بتعجب للاسم وقالت / انه اسم جميل
ايوب / بل انها جميلة مثل امها
احمرت وجنتيها وابتسمت فى خجل بينما ركضت الطفله عليه فحملها بين يديه وقبلها وقال / ما رايك يا ريحانة ليلى الستى جميلة مثل امك
ضحكت الطفله له فهى لا تفهم ما يقوله
.......
فى اليوم التالى استيقظت ليلى على صوت طرقات خفيفة على الباب
فى البداية اعتقدت انه ايوب فلم تقم لفتح الباب وظلت تطعم ريحانة التى بين يديها وتداعبها
ولكن اعادت الطرقات مرة اخرى فتاكدت انه ليس ايوب فقامت وفتحت فاذا بها هانيا
رحبت بها ليلى وظنت انها اتت لتلعب مع ابنتها ولتطمئن عليها ولكنها وجدتها تقترب منها وتجثو لمستواها وتقبلها بهدوء وتاخذها فى حضنها وتربت عليها وتشد على حضنها كما المشتاق العائد او كما المسافر الخائف من الغياب
خزنت ليلى عليها وتعجبت اكثر على سكون الطفلة بين ذراعيها وكانها هى الاخرى مشتاقة لها
يا الهى القلوب تنادى بعضها وما قلب الام الا جنه يشتهيها ابناءها
اقتربت ليلى منها ببطء ربتت بدورها على كتفها وقالت بهدوء / ترفقى بنفسك وبطفلتك
ابتعدت هانيا عن ابنتها وقامت والتفتت لليلى وقالت / يا ليلى لقد عشت حياتى طولا وعرضا ولم اترك شىء اعتقد انه يسعدنى الا وفعلته لاسعد . صرت اتمتع بين الناس باجمل الالقاب والكل يتسارع لاجل اختطاف نظرة من عينى وما كنت ارى الدنيا الا مجموعة بساتين اتنقل بين زهورها كما الفراشة وكنت اراها اوسع ما يكون وما ان مرضت الا ووجدتها اضيق ما يكون ووجدت بساتينها ما هى الا مجموعه خرابات كنت اتنقل بينها ووجدتنى اكتشف حقيقتى اننى لست بفراشة بل انا اقل من بعوضة تتنقل بين القاذورات فاعتقدت نفسها فراشة بين البساتين
ليلى / ارحمى ذاتك ولا داعى للندم الان فلسنا فى حاجة اليه وما يهمنا هو مستقبلنا
هانيا بدموع / مستقبلنا ؟ اين هو المستقبل ؟ وهل سيتقبلنى ربى
وهنا صار الحديث بينهما ارتجالى
ليلى اقتبت منها اكثروقالت / يا ليلى لقد كرمنا الله بانسانيتنا ويكفينا هذا لنفتخر ولما كان الله هو خالقنا فهو ارحم الناس بنا ولما كان ارحم الناس بنا ولانه يحبنا كان اقرب الينا من حبل الوريد
هانيا / هل سيقبل توبتى
ليلى / ومن سيقبل توبك الا الله
هانيا / ولكن ذنوبى كثيرة
ليلى / وان كانت مثل زبد البحر يا هانيا فسيغفرها لكى الله
صمتت قليلا وقالت بهدوء لعلها تبث فيها الطمانينة / يا هنيا لقد خلقنا الله وهو يحبنا واول ما وضعنا وضعنا فى جنته وحتى بعد خطيئة ادم لم يبعده عن رحمته بل غفر له واعطاه فرصة اخرى وانزله للارض وطلب منا الدعاء له والاستغفار ليتوب عنا فى كل وقت
يا هانيا هل تعتقدى ان كان الله لا يغفر لنا فلما طلب منا الدعاء ولما طلب منا الصلاه ولما جعل الملائكة لا تكتب سيئاتنا بسرعة وامرهم العكس فى حسناتنا ولما جعل لنا الحسنة بعشر امثالها
يا هانيا ان الله اسمه الغفار والرحمن الرحيم وهل يكون غفار الا اذا كان غفور اى يغفر لنا الذنوب وهل يسمى نفسه رحمن رحيم الا اذا رحمنا
هل بعد هذا تعتقدين ان الله لا يغفر الذنوب
هدات هانيا واستغفرت وقالت / اريد ان اصلى هل من الممكن ان تعلمينى
احتضنتها ليلى وقالت بالطبع يا عزيزتى وقامت واحضرت اسدال كان ايوب قد اشتراه لها مع الملابس وامسكت بوصلة كان ايضا اهداها لها لتحديد القبلة حيث ان القبلة فى البحر تتغير بين الحين والحين وقد تتغير بين الصلاه والصلاه نظرا لتغير مسار السفينه والاتجاهات وعلمتها كيفية الوضوء والصلاة وصلت ما قدره الله لها ثم قبلت ابنتها مرة اخرى وخرجت بوجه مضىء وقلب هادىء غير ذلك الذى دخلت به
.................
حل الليل واتى ايوب مرة اخرى لليلى فى الحجرة ولكن وجهه تلك المرة على غير ما خرج به من عندها فكان متجهم الوجه وشاحبه واضيف عليه توتره الواضح
حاولت ان تساله ولكنها خافت ان تطفل
ظلت تتابعه فى صمت فوجدته غريبا اذ حمل الطفلة واخذ يحتضنها ويربت عليها ويقبلها فى حنان وكانه يطيب خاطرها
شعرت بان هناك شىء يخص هانيا فانقبض قلبها وسالته فى توتر / اهناك شىء حدث لامها
ايوب بتلعثم / ولما السؤال
توتره اكد شكها فتحركت من مكانها فى عجلة وقد توترت وقالت / ساذهب الى هاني لاطمان عليها
جذبها من ذراعها على حين غرة وقال / لا تتحركى من مكانك
نظرت له ودمعت عيناها وقالت / اذن فقد اصابها مكروه
ظل صامتا لا يرد
صرخت بصوت مبحوح وقالت / اذا فهى ماتت ؟
ايوب بكل ثبات / الاعمار بيد الله
ركضت من مامه وجلست على اقرب كرسى ودفنت وجهها بين كفيها واخذت تبكى
تاثر على حالها وخشى ان تنزف من تاثرها هذا وحاول ان يهدا من روعتها ولكن لم يمهله طرق لباب الفرصة
فتح فوجد حمزة يقف امامه احمر العينين على الرغم من عدم بكاءه وقال / للمرة الثانية يتصدع قلبى لموت انثى قبل ان استطيع انقاذها
ربت ايوب على كتفه ليهدا وقال بهمس / ان كنت انت هكذ فماذا عنها ( يقصد ليلى )
اوما حمزة براسه وهو يلقى بنظره على ليلى وقال فى همس هل حان وقت القاءها
ايوب بضيق / ليت المسافة لاول ميناء قريبة ما كنت فعلت هذا
حمزة / اعرف هذا ولكن لما انتظرت حتى حلول الليل
ايوب بتعجب وبهمس قال / يا سيد حمزة الليل ستار وعيك ان تترفق بركاب السفينة فلا يشعرون بما سنفعل والا افقدناهم سعادتهم
سمعو شهقة ليلى فتوجهوا بنظراتهم اليه فوجدوها تقف خلفهم وقالت / يا الهى هل ستكون هنيا جميلة الجميلات طعام للقروش اااااه
امسكها ايوب من يدها وقال / ارجوكى يا ليلى لا اريد بلبلة بين الركاب فترفقى بحالهم
ليلى / ومن يترفق انا بحالى ؟
ايوب / انا معكى فلا تخشين شيئا وعليكى الان بابنتها
تكته وحضنت ريحانة فخرج ايوب بصحبة حمزة واغلق الباب خلفه
بعد قليل خرجت ليلى لتتفقد ما يحدث فدخلت غرفة هانيا فوجدت ايوب يحدد لهم القبلة لاقامة صلاة الجنازة عليه
فاخذت ترتعد وتبكى فى صمت وقد حضرها الم فى بطنها من شدة الاضطراب فاخت تمسك بطنها محاولة الا تهتم بما يؤلمها
اختبات فى مكان منزوى لترى ما سيحدث من بعيد لانها كانت تعلم ان ايوب لن يجعلها ترى ما سيفعلونه
ما هى الا دقائق وخرجوا يحملونها فى صمت وقد علقوا بها كة من حديد والقوها فى الماء
تحجرت الدموع فى عينيها وتيبست احداقها من الصدمة واقتربت من سور السفينة واخذت تنظر للظلام الدامس فى المياة وتتخيل منظر هانيا ولكنها فجاة صرخت فانتبه لها ايوب وحمزة فوجدوها تسقط ارضا مغشيا عليها من هول الموقف
حملها ايوب الى غرفتها واستدعى الطبيب
مر يوم كامل وهى لا نائمة بفعل المهدئات حتى ان ايوب تركها بمفردها وترك ريحانة مع حمزة وذهب لغرفة قيادته فقد اخبه الطبيب انها لن تعود لعيها قبل 24 ساعة فكان يمر عليها كل ساعتين حتى انه دخل عليها اخر مرة وجدها قد عادت لوعيها وكانت تجلس شاردة
ما ان راته الا وبكت وقالت / ارجوك ترق بى وانت تقذفنى
اقترب منها وقد صدممن جملتها / ماذا ؟
قالت ببكاء / ان كانت جميلة الجميلات والنجمةالمشهورة اصبحت كبقايا طعامنا الذى قد نلقيه فى البحر او كانها مثل النفايات بل انها مثل الدودة الصغيرة التى يستخدمها الصياد كطعم للاسماك فماذا عنى انا وقد اصير مثلها
اخذت تشهق وتقول / انا راضية بما سيقسم بى ولكن لا اطلب الا ان تترفق بى
لم يعد الموقف يحتمل اكثر من هذا فاقترب منها بسرعة وفتح لها ذراعه فارتمت فى صدره واخذت تبكى وتبكى فشد عليها وقال / ارمى احزانك فى صدرى وهونى عنكى وعنى فكيف يطيب قلبى وقلبك حزين .0 لا تقلقى فانا فداكى
بدات تهدا وكانهاكانت فى حاجة لكى تنفجر باكية فالبكاء احيانا يكوت فيه الدواء
سكنت بين اضلاعه وهدات
الموقف لم يجعلهم ينظرون للحلال والحرام فقد تصرفوا بسجيتهم وبعواطفهم دون وجود لاى شهوة ولكنه شعر انها تحتاج اليه ليبث فيها الامان ففعل وهى ايضا شعرت ان بين اضلاعه السكن فسكنت دون اى رغبة انثوية او شهوة له
الموضوع برمته احتياج كلاهما للاخر لان كلا منهما اصبح مكملا للاخر وهذا ابلغ ما وصلوا اليه فى علاقتهم
شعر انها استكانت فهدا هو الاخر بدوره
اخذ نفس عميق وقال مناغشا لها / ايتها المشاكسة لقد اردتى ان تعرفى مدى قلقى عليكى ليس الا
ابتعدت عنه فلتوها تنبهت على وضعها وقالت بخجل / لم اعد احتاج الى دليل لذلك فيكفينى ما شعرت به من سكنا وانا بين يديك
اخذ نفس عميقا يستنشق فيه عبيرها حتى ملا به صدره وحاول الا يزفره مخافة ان يفتقده وكم كان سعيدا بسكنها فى صدره وود لو طال بهم العمر وهم على ذات الوضح
ما كل من ذكر الهوى صدق حتى وان شرب المنى وسقى
فالحب لا يدرى بقيمته الا اذا فى ناره احترق
فكم من فتى اضناه مرقده حتى غدا بالبين ملتصقا
وتراه يهزى كلما ذكرت ليلاه او لاحت له غسقا
لله درك يا ليلى ما نظرت عيناى مثلك لا بدرا ولا شفقا
اعطينى فى الحب منزله وانا الذى فى قطرة غرقا
لا تعرضى عنى او تبتعدى لولا هواكى القلب ما خفقا
هى ايضا كانت لا تقل عنه اضرابا وفرحا بما كان عليه وضعهما ولكنهم ابتعدوا فور ان تنبهوا
اقتربت من الطفلة وقبلتها من راسها وقالت بحزن / من الان يا ريحانة صرنا متلازمين
ابتسم لها وقال / يا انانية الحب اين انا من قلبك فهل انفصلتى عنى لتلتصقى بريحانتك ام انكى نسيتى انها ريحانتنا معا
ابتسمت له وقالت بل انا وهى ريحانتيك وحدك
اسعدته كلمتها فهى عرفت كيف تطمئن قلبه وتاكد كلاهما انه قد وصل مع الاخر لحد الكمال