رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل التاسع عشر
بناء على رغبة القراء هنحط في بداية كل فصل كل عيلة بولادها عشان الناس اللي لسه بتتلغبط
جاسر ورؤي أبطال الأجزاء اللي فاتت عندهم 6 أولاد رعد وجوري أول تؤام
يوسف ومريم تاني تؤام
سليم وياسين آخر تؤام
----------------
نرمين أخت جاسر اللي جاسر كان بينتقم من صبري وبنته شاهندا عشانها
نرمين وياسر جوزها عندهم 2
( جاسر الكبير 29 سنة دكتور نفسي
اريج في 2 كلية طب )
ياسر كان ليه بنت من مراته اللي ماتت قبل ما يتجوز نرمين اسمها سما جوزها اسمه مصطفى
______________
عاصم أخو رؤي خال العيال اللي كان بيحب تهاني واتجوز حلم في الجزء التاني عنده ولدين
حسين الكبير مهندس ، مراد الصغير في ثانوية عامة ساقط سنة
_____________
رؤى كان ليها جيران أخ وأخت ساكنين سوا اللي هما عمرو وايمان
ايمان اتجوزت علي صاحب جاسر وعندها شريف الكبير ظابط شرطة ، وليان الصغيرة المدلوقة على الجاموسة جواد
_________
أما عمرو فاتجوز روان بنت صاحب الشركة اللي كان شغال فيها وخلف ولد وبنت
جواد جاموسة متنقلة مهندس ديكور
ومرام دلوعة ماما 22 سنة في كلية إعلام ومخطوبة لشريف ابن عمتها
________
فاضل طرب وملاك ، ومليكة وتوحة وكل الناس دي هنعرف اصلهم وفصلهم فيما بعد
لما تتلغبط اطلع بص هنا وكمل الفصل عادي
نبدأ الفصل ❤
_____________
السابعة مساءً كانا يتشاجران ، السابعة والنصف ها هما في مكتب مأذون شرعي يجلس في المنتصف بينه وبين وكيل لها ، نظر المأذون لحسين يغمغم :
- هل تقبل زواج چوري جاسر عبد الله مهران
- لاء أنا مش موافقة اللي بيحصل دا عبث وغلط وأنا مش موافقة
هب چوري واقفة تصرخ بكلماتها قبل أن تنتزع حقيبة يدها تهرع لخارج مكتب المأذون تنزل لأسفل سريعا خلفها حسين ينادي عليها .... عبرت الشارع ركضا وهو خلفها يحاول اللحاق بها ، أخيرا تمكن من الإمساك بذراعه أوقفها عن التقدم جذبها لتنظر إليه ليغمغم محتدا :
- ايه اللي أنتِ عملتيه فوق دا چوري هو لعب عيال ، ولا أنا جبتك غصب عنك
نزعت ذراعها من يده بعنف تصرخ في وجهه :
- لا مش لعب عيال بس أنا مش هتجوز بالطريقة دي ومن ورا أهلي ، حتى لو كنا غلطنا فاحنا ضحايا لعبة من حد مؤذي
نظر حوله ليجد بعض المارة يتابعون ما يحدث ليمسك بكف يدها سريعا يجذبه معه إلى السيارة دخلا إلى هناك ليراها تخفي وجهها بين كفيها ربما تبكي ، ليتنهد يزفر أنفاسه مختنقا لو بيده لإعاد الوقت لتلك الليلة وما شرب أي منهم كأس عصيره ... رفع يده يضعها على كتفها برفق يغمغم :
- چوري اللي حصل لا أنا كنت في وعي ولا أنتِ وما كناش قاصدينها دي كانت لعبة سخيفة من شوية أجانب بيلعبوا
رفعت وجهها تنظر لحسين ليرى عينيها تغرق بالدموع فتحت شفتيها تهمس بحرقة :
- منهم لله ، حسبي الله ونعم الوكيل فيهم ... بسبب قرفهم دا حصل بينا اللي حصل ودلوقتي أنا ما بقتش عذراء ، هقولك لبابا وماما ايه ... أنا ما اقدرش اتجوز من غير ما بابا يعرف يا حسين دا ممكن يجراله حاجة ، دا غير الذنب البشع اللي إحنا عملناه
تنهد بعمق يزفر أنفاسه بعنف بكاءها العنيف لم يتوقف منذ أيام ما حدث كان رغما عنه وعنها وعليه أن يجد له حلًا ، نظر لها من جديد يغمغم مترفقا :
- ممكن تهدي ، كفاية بالله عليكِ ، أنتِ دموعك ما نشفتش من يومها ... وبعدين ذنب إزاي يا چوري وإحنا اللي حصل دا لا كان بإرادتك ولا بإرادتي ... بصي إحنا فعلا اتسرعنا في حل أننا نتجوز من وراهم ، وكويس أنك اتعرضتي ... إحنا هنرجع القاهرة وأنا هاجي اتقدملك عادي ونعمل خطوبة ونتجوز ويمشي الموضوع طبيعي جداا ولا كأن حصل أي حاجة ... وبعد الجواز بكام شهر ننفصل نقولهم ما اتفقناش اختلفنا ... يا ستي هطلع أنا الوحش الشرير اللي مزعلك دايما ... ونتطلق ويخلص الموضوع ، بس أرجوكِ كفاية بالله عليكِ يا چوري ما تعمليش في نفسك كدة
رفعت يديها تمسح دموعها بعنف تهمس بحرقة :
يا ريتني سمعت كلام بابا ، يا ريتني ما جيت، ادي نتيجة اللي حصل
وانخرطت في البكاء من جديد ، وهو يجلس جوارها يحاول أن يواسيها ولكن لا فائدة .. أدار محرك السيارة ينطلق متوجها بهما إلى الفندق الآخر الذي يمكثان به الآن كل منهما يفكر في تلك الليلة المشؤومة التي حدثت قبل أسبوع من الآن
Flash back
تتذكر ذلك اليوم جيدا كانت تتواجد هي وحسين في الموقع يخبرها ببعض التعديلات على الطوابق الداخلية وهي تتابع معه ، الطقس كان حارا بشكل لا يطاق .. بعدها بدقائق رأت سيارة أجرة تقف أمام الموقع ونزل منها زين ، تلتف جبيرة حول قدمه يستند إلى عكاز ، تحركت صوبه تنظر له مدهوشة قبل أن تغمغم :
- زين ، حمد لله على السلامة .. خرجت من المستشفى ليه يا ابني أنت لسه تعبان
ابتسم مرهقا يمد يده ليصافحها يغمغم بنبرة واهنة بعض الشيء :
- زهقت من الرقدة وبعدين أنا ما بحبش المستشفيات وأنا جاي اشتغل مش اتكسر ، باشمهندس عاصم يقوله باعته أول مهمة ليه عشان يتحجز في المستشفى أنا كويس ما تقلقيش
في تلك الأثناء رأت حسين يقترب منهم يوجه لزين ما يشبه ابتسامة صفراء يصافحه يغمغم بنبرة فاترة :
- حمد لله على السلامة يا باشمهندس ، على العموم أنا بلغت باشمهندس عاصم باللي حصل وهو بيعفيك من المهمة وما فيش أي ضرر عليك ، وتقدر ترجع القاهرة من بكرة في عربية تبع الشركة هتيجي تاخدك عشان ما تتبهدلش في المواصلات ورجلك مكسورة
اهتزت ابتسامة زين وبان الحزن جليا على قسمات وجهها ولحظة شعرت أنها رأت عينيه تدمع قبل أن يخفض رأسه يومأ موافقا ، وكم شعؤت بالشفقة عليه وشعرت بالغضب من حسين الذي لا ينفك محاولا إزاحة زين من طريقه بأي شكل وكأنه عدوه المباشر ، رفع زين وجهه ينظر إليهم قبل أن يغمغم بنبرة خاملة :
- عن إذنكوا هرجع الفندق عشان تعبان
وتحرك يعود لسيارة الأجرة تنطلق به ، لتنظر صوب حسين متضايقة دون أن تنطق بحرف تركته وتحركت تكمل عملها ليبتسم رغم ذلك .. ذلك الأحمق اخيرا سيبتعد عنهم كان يقف له كالشوكة في الحلق
بعد عدة ساعات حين انتهوا من العمل وعاد كل إلى غرفته وجدت باب غرفتها يدق ، قطبت جبينها متعجبة من يدق الآن ... توجهت تفتح الباب لتجد حسين يقف أمامها يبدو متضايقا ليغمغم دون مقدمات:
- البتاع اللي اسمه زين دا عازمنا على العشا قبل ما يرجع القاهرة ، ايه رأيك ؟
اومأت توافق ولم تجد سببا للرفض ليزفر أنفاسه حانقا قلقا يشعر بشيء سئ على وشك أن يحصل ولا يعلم ما هو ....حرك رأسه بالإيجاب يغمغم :
- طيب هعدي عليكِ بعد ساعة ننزل
وتركها وغادر لتبتسم يائسة من تصرفات حسين الطفولية ، عادت لغرفتها اغتسلت من غبار الموقع الذي يملأ ثيابها ومن ثم ارتدت فستان أزرق اللون وحجاب يتماشى معه بلا مستحضرات تجميل سوى بعض المرطبات للبشرة بعد شمس النهار الحارقة ، كانت ترتدي حذائها المنخفض حين دُق الباب ، أكملت ارتداؤه لتتحرك صوب الباب فتحته لتجد حسين يرتدي قميص أسود اللون وسروال يماثله سودا ، لأول مرة تلاحظ حسين يبدو وسيما للغاية في الأسود .. هو يبدو وسيما في كل شيء تقريبا ولكنها تحاول إلا تلاحظ ، ابتسم ما أن رآها يغمغم :
- حلو الفستان دا ، بس أنتِ ليه حاطة ميكب
التفتت خلفها تنظر لانعكاس صورتها في المرآة لتعاود النظر إليه تغمغم مستنكرة :
- فين الميكب أنا مش حاطة ميكب اصلا
رفع حاجبيه اندهاشا قبل أن يبتسم يهمس معجبا :
- يعني أنتي حلوة كدة اصلا
ابتسمت على ما قال لتهز رأسها يائسة منه مدت يده تغلق باب غرفتها بعد أن التقطت حقيبتها تنزل مجاورة له إلى مطعم الفندق بالأسفل ، هناك عند إحدى الطاولات كان يجلس زين ينتظرهم ، وقف يستند على عكازه ما أن رآهم يغمغم مبتسما :
- اتفضلوا اتفضلوا ، أنا ما رضتش اطلب غير لما انتوا تيجوا ، قولت يمكن ذوقي ما يعجبش حد
شكرته چوري تجلس على أحد المقاعد ليجلس حسين مقابلا لها جوار زين ، حمحم زين يغمغم محرجا :
- أنا آسف بجد وجودي معاكوا سبب أزمة أكتر ما ساعد ، أنا عارف يا باشمهندس إن حضرتك مش طايقني بس صدقني أنا هنا عشانكوا ، أنا قصدي يعني عشان أساعد في الشغل ، على العموم انتمى الفندق يتم على خير ويعجب العميل
ابتسمت چوري تشكره أما حسين فعقله توجه لجملة قالها وتهرب منها سريعا ، ذلك الفتي يُخفي سرا لا يفهمه إلى الآن جاء النادل وأخذ طلباتهم في الأكل ، ليغمغم يسألهم :
- تحبوا تشربوا حاجة على ما الأكل يجهز
كان زين أول من تكلم سريعا يوافق على اقتراح النادل يغمغم :
- ايوة يا ريت طبعا ، أنا هاخد عصير فراولة
طلبت چوري نفس نوع العصير أما حسين فطلب عصير آخر :
- لاء أنا عاوز أناناس
ابتسم النادل يأخذ طلباتهم ، ليبتلع زين لعابه متربكا يحاول أن يبدو مرحا :
- يا عم الكاريزما ما طلبتش زينا ليه ، عندك حساسية ؟
حرك حسين رأسه للجانبين يغمغم ساخرا:
- لا أبدا أنا بس بحب ابقى مختلف
بعد عدة دقائق جاء النادل يحمل كؤوس العصير توتر زين كثيرا حينها وفي حركة ظريفة حاول قدر الامكان جعلها كذلك أخذ كأس حسين يعطيه كأسه يغمغم ضاحكا :
- سوري أنا كمان حابب ابقى مختلف
وشرب ما في كأس حسين دفعة واحدة
ليزفر الأخير أنفاسه يغمغم ساخرا :
- عيل أوي ما كنت تطلب من الأول أناناس طالما عاوزه ، هات بقى الفراولة
وأخذ الكأس من أمامه ، في تلك ذلك الجالس هناك نظر صوب زين نظرة حادة غاضبة وكأنه يخبر أن يمنع حسين من أن يأخذ كأس عصيره ولكن زين تجاهل ما يحدث ، نقل أنظاره خفية بين حسين وچوري وكل منهما يرتشف ما في كأس الفراولة ، ابتلع لعابه ينظر لچوري نادما ولكن حسين يبقى أفضل منه على أي حال ، جاء الطعام بعد ذلك مرت ساعة قبل أن تشعر چوري بالدوار يداهمها بلا سبب وقفت من مكانها تغمغم متعبة :
- أنا حاسة إني دايخة عن إذنكوا أنا هطلع أنام
أما الوضع عند حسين لم يكن مختلفا كثيرا يشعر بالدوار يصاحبه حرارة تجتاح جسده بلا سبب ، وقف عن مكانه يحاول أن يتوازن يغمغم متعبا :
- أنا كمان حاسس إني تعبان ، يلا يا چوري
نظرت چوري لزين لتضحك بلا سبب تغمغم تودعه :
- باي يا زيزو
ابتلع زين لعابه مرتبكا يتمنى أن يمر الأمر على خير ، وها هي چوري قد بدأت تهذي تستند على ذراع حسين يتوجهان صوب المصعد ليستند على عكازه يحاول اللحاق بهما ، قبل أن يجد يد أحدهم تجذبه بعنف لخارج الفندق
في صباح اليوم التالي فتحت چوري عينيها ببطئ تشعر بالألم يكاد يهشم رأسها رفعت يدها تحجب الضوء عنها تتقلب في نومها ، لتجحظ مقلتيها فزعا حين رأت من يرقد مجاورا لها صرخت مذعورة ترتد للخلف وصرخت أكثر حين رأت نفسها ترتدي قميصه الأسود ... قام حسين على صوت صراخها توسعت حدقتيه ينظر له مدهوشا قبل أن يصرخ مستنكرا :
- هو في اي ، أنتي هنا ليه ولا أنا هنا ليه ... هو ايه اللي حصل
لم يحتاج للكثير من التفكير حين رأى الوضع الذي هم عليه رفع يديه يضعها فوق رأسه يغمغم مصعوقا :
- يا نهار ازرق ، إزاي دا حصل أنا مش فاكر حاجة خالص ، لاء مستحيل يكون دا حصل اصلا ... أنا مش فاكر لالا ، أكيد ما حصلش حاجة
ولكنه حين نظر لحالهم ولقطرات الدماء المتناثرة على الفراش وبكاء چوري الذي يعلو ولم يتوقف ، توقف عقله عن التفكير يحاول أن يستعيد مشهد واحد مما حدث بالأمس لا شيء عقله فارغ تماما ، آخر ما يتذكره أنه شعر بالدوار بعد تناول العشاء وهي أيضا ، نظر حوله تلك غرفة چوري ... هب من مكانه يجمع ثيابه يرتديها على عجل ، اقترب منها يحاول أن يهدئها لتصرخ في وجهه :
- أبعد عني أخرج بررررة ، أنا اللي عملت في نفسي كدة ، أنا اللي ما سمعتش كلام بابا ، أنا خلاص خسرت كل حاجة
لم تستمع إلى أي كلمة قالها فلم يجد حلا آخر سوى الخروج من غرفتها توجه إلى غرفته القريبة يفكر ما الذي شربه أو أكله فعل بهما ذلك ، العشاء أم العصير ... في اللحظة دُق باب الغرفة تحرك حسين ليفتح ظنه زين وقد حدث له ما حدث لهم ليجد مدير الفندق يقف أمامه ومعه شاب أجنبي بادر المدير يغمغم سريعا يعتذر :
- أنا آسف جدا جدا يا حسين باشا ... كان في فوج سياحي عامل حفلة ليهم في الفندق ولما شافوا حضرتك والانسة چوري والأستاذ التالت أدوا للويتر حبتين من الزفت اللي معاهم وعملوا رهان أنهي كوبيتين هيجي فيهم الحبوب ، دا مستر چاك كان معاهم وهو اللي قالي على اللي حصل
قدحت عيني حسين شررا ما حدث كان بسبب لعبة سخيفة من بضع الحمقى ، لم يشعر بنفسه سوى وهو فوق ذلك المدعو چاك يكيل له باللكمات على وشك أن يزهق أنفاسه والمدير يحاول إبعاده ولم ينجح لم يتدارك حسين نفسه إلا وذلك المدعو چاك على وشك أن يلتقط أنفاسه الأخيرة ليلفظه بعيدا عنه ، يصرخ فيهم :
- قسما بربي لهوديكوا كلكوا في ستين داهية ، أنت وهو والجرسون الزفت ، يا شوية كلاب ... انا هقفلكوا المخروبة دي ، اطلعوا برة غوروا برة
وفر ذلك الشاب وخلفه المدير ليقف حسين مكانه يكاد رأسه ينفجر من الغضب ، لو لم يكن زين شرب كأسه ، لكان زين مكانه الآن ، كان سيمسها ... ترك چوري منهارة هناك بسبب لعبة مريضة من بعض الحمقى ، تحرك يجمع ثيابه على عجل في حقيبة أخرى ، ليتوجه لغرفة چوري دق بابها وانتظر كثيرا إلى أن فتحت له الباب عينيها حمراء كالدماء وجهها شاحب كالموتى دموعها لا تتوقف عن الانهمار ترتدي فستانها الأزرق شهقاتها تتابع بشكل يحرق القلب ، سيطر على زمام مشاعره يهمس بنبرة متوعدة :
- لمي هدومك لازم نمشي من هنا دلوقتي عشان قسما بالله لهوديهم في ستين داهية
تحركت للداخل دون أن تعطيه ردا ، بدأت تجمع ثيابها داخل حقيبتها دموعها لا تتوقف عن الانهمار لحظة واحدة ، جل ما تفكر فيه هو أنها خسرت كل شيء وأولهم والدها ، حين انتهت اقترب حسين ليأخذ الحقيبة منها نظر لحالها يغمغم :
- چوري أرجوكِ ما تعيطيش برة أنا مش عاوز ياخد باله ، أنا عاوزك بعيدة عن الصورة كلها ، بالله عليكِ لحد ما ندخل العربية بس
لا تعرف حتى تماسكت تمنع دموعها حين نزلوا لأسفل ما أن باتت داخل السيارة انفجرت تبكي من جديد ، تحرك بالسيارة إلى فندق آخر يحجز غرفتين ، تأكد أنها في غرفتها ليعود للفندق يعرف صاحب ذلك الفندق جيدا، كان ملكا لجلال المهدي وبعد وفاته صار لأخيه عُدي المهدي .. وهو يملك هاتف عُدي اتصل به ليجيب الأخير :
- اهلا اهلا باشمهندس حسين ، عاش من سمع صوتك يا راجل ... خير أي ريح طيبة خلتك تكلمني
- لاء هي مش طيبة أبدا ، أنا بكلمك بخصوص الفندق بتاعك اللي في الساحل ، أنت فين قبل ما اهدها عاليها واطيها
تحدث الأخير متعجبا من غصب حسين الذي لم يتوقعه أبدا ! ليغمغم مدهوشا :
- في اي ، حصل ايه ... على العموم أنا كنت جاي الساحل قدامي أقل من ربع ساعة وابقى في الفندق مستنيك
أغلق حسين الخط في وجهه ينطلق بسيارته عائدا إلى الفندق .. وجد عُدي ينزل من سيارته ، ابتسم الأخير ما أن رآه يغمغم :
- اهلا اهلا باشمهندس حسين في اي يا ابني مالك متعصب كدة ليه ،
اقترب حسين منه وقف يصرخ بعلو صوته في حديقة الفندق يخبره بما حدث بالطبع دون أن يذكر الجزء به هو وچوري ، لتتسع حدقتي عُدي يغمغم غاضبا :
- يا نهارهم أسود ، دا أنا هوديهم كلهم في ستين داهية
وتحرك إلى مكتبه يستدعي الجميع النادل ومدير الفندق ، ومن داخل غرفة غرفة المدير تستطيع أن تسمع صوت عُدي وهو يصرخ فيهم بأن ما حدث لن يمر مرور الكرام ، أخيرا استطاع المدير أن يتحدث بنبرة مرتجفة :
- يا افندم أنا بعترف أن أنا غلطان ومتقبل أي عقاب ، المشكلة دلوقتي أن السائح دا في المستشفى وحالته صعبة ومصر يبلغ السفارة بتاعته ودا أمريكي
هنا صرخ حسين غاضبا :
- أمريكي ولا ياباني إنت فاكرني خايف منه ، ما يبلغ اللي يبلغه
اقترب عُدي من حسين سريعا يحاول أن يهدئه :
- حسين اهدا ، أنا هحلها وهتفاوض معاه ما يبلغش السفارة ، أصله لو بلغ السفارة هتبقى مصيبة كبيرة ليك أنت ، هما عندهم عادي دا هزار وطالما الحبوب ما فيهاش ضرر يبقى هو ما ضركش ، مالهمش دعوة بالعادات والتقاليد بتاعتنا
وصمت بضع لحظات قبل أن يُخفض صوته يسأله :
- هو مين اللي شرب الكاس التاني ، أنا قصدي يعني قبل ما تفهمني غلط ليكون حصل حاجة ولا حاجة أنا فاهمني
بالطبع لن يخبره عن چوري وجود چوري في الأساس هو ما يمنعه عن فعل الكثير ، كور قبضته يشد عليها غاضبا يهمس حانقا :
- ما اعرفش وما حصلش حاجة
ابتسم عُدي يربت على كتف جاسر يغمغم :
- طب الحمد لله ، وصدقني الموضوع مش هيعدي ببساطة كدة للكل ، واوعدك أن أنا هوصل لحل مع الشاب دا يخلصنا من أي مشكلة
زفر حسين أنفاسه غاضبا يترك مكتب عُدي ويغادر فلم يلاحظ نظرات الأخير الغاضبة تماما
Back
وياله من شرود طويل قضاه طوال الطريق ، كانت إحدى حلوله أن يتزوجا وقد وافقت ومن ثم رفضت ما أن وصلا للمأذون وطلب المحامي الخاص بالعائلة ليكن لها وكيلا ، الأسبوع المنصرم مر عليه كالجحيم خاصة أن چوري باتت لا تطيق النظر في وجهه بعد ما حدث ، تنهد بعمق يوجه أنظاره اليها يغمغم :
- چوري إحنا هنرجع بكرة القاهرة وبعدها بكام يوم هاجي اتقدملك ، صدقيني كل حاجة هتبقى كويسة ، أنا عايزك تثقي فيا وتعرفي كويس اني عمري ما هسيبك ، انتي بنت عمتي قبل أي حاجة وأنا مش ندل يا چوري عشان أنا فعلا حاسس أنك مش واثقة فيا
نظرت إليه من خلف دموعها تهمس بحرقة :
- أنا خايفة أرجع ، أنا مش هقدر أبص لحد فيهم ، بابا أول ما يشوفني هيعرف أكيد أن في حاجة غلط ... وماما مش هتستحمل لو عرفت
أنا عايزة رعد ، عايزة اترمي في حضنه ... عيزاه يطمني زي ما كان بيعمل دايما ...
وظلت تبكي وهو لا يجد حيلة في يده ليفعلها ليهدئها ولو قليلا !!
______________
الثامنة والنصف الجميع أعينهم على ساعة الحائط جاسر ومليكة وسامر وزينب ، جاسر منذ عشر دقائق أخبرهم أن مفعول المهدئ الخاص بأريج سينتهي قريبا ، يقف جاسر جوار غرفة شقيقته والباقي يجلسون بعيدا اقربهم إليه مليكة ، يطل برأسه لداخل الغرفة بين حين وآخر ينظر لها مترقبا خائفا ، رآها وهي تجعد جبينها تتأوه متألمة تحاول جاهدة فتح مقلتيها ، وقف بصعوبة مكانه يمنع نفسه من التقدم حركة .. فتحت عينيها تنظر حولها عدة لحظات ليشير جاسر لمليكة أن تقترب سريعا ، فعلت ما طلب وتحركت بخطى هادئة إلى داخل غرفة أريچ تبتسم في وجهها تغمغم :
- مساء الخير ، عاملة ايه يا أريچ أنا مليكة ابقى
ولم تدعها أريچ تنطق كلمة واحدة اندفعت الصرخات من داخل حلقها تنكمش حول نفسها تنظر حولها في كل مكان مذعورة تصرخ ، اقترب مليكة منها تغمغم سريعا:
- أريچ اهدي يا حبيبتي ، ما حدش هنا هيأذيكِ
حركت رأسها للجانبين بعنف تصرخ بلا توقف :
- أنتِ مش فاهمة حاجة هو عمل فيا حاجات وحشة أوي ، وجاسر جه ، جاسر هيقول لبابا وماما كلهم هيقرفوا مني ، وهو هيعذبني ، هو هيرجع تاني ..
انهمرت الدموع من عيني مليكة مع أن جاسر اخبرها إلا تفعل ذلك اقتربت منها تعانقها لتتمسك أريچ بها تختبئ بين أحضانها تبكي بعنف وقف جاسر خارجا قلبه يتفتت إلى مئة قطعة ، أريچ تنفطر من البكاء بالداخل خائفة من الجميع حتى هو ، من الجيد أنها لم تنبذ مليكة ، ربما لأنها مثلها روح معذبة تبحث عن مأوى .. لم يدخل إلى الغرفة ظل بالخارج يستمع إلى الكلمات التي تخرج من شقيقته وهي بين أحضان مليكة :
- هو ضحك عليا ، هو هيرجع تاني مش كدة ، جاسر هيضربني بردوا، هيقول لبابا وماما وسما ، كلهم هيكرهوني ، ايوة هو قالي هيكرهوني ويقرفوا مني ، أنا لازم اموت هو دا الحل الوحيد
هنا انتفض جاسر مذعورا خاصة رآها تدفع مليكة بعنف تهرع إلى شرفة الغرفة ، اندفع يركض يلحق بها ، توسعت حدقتيها ذعرا ما أن رأته لتعود بأقدامها للخلف تحرك رأسها للجانبين تصرخ مذعورة :
- أنا آسفة ، والله هو ضحك عليا ، ما تضربنيش زيه هو قالي انك هتضربني زيه .. والنبي يا جاسر ما تقولش لبابا وماما .. أنت قولتلهم
صح ، عرفوا ، أنا آسفة
لأول مرة يشعر بذلك الضعف والعجز ، خوفها منه يشل حركته تماما ، ذلك المريض أقنعها بأنه سيؤذيها كما فعل هو ، تحرك خطوة واحدة إليها يهمس مترفقا :
- أنا عمري ما عملتها يا أريچ ، تفتكري أن أنا ممكن اضربك حتى لو غلطتي ، هنصلح الغلط هنصلحه يا حبيبتي ، واقسملك بالله أنا ما قولتش لبابا ولا لماما حاجة ، هما عارفين أنك بايتة عندي بس ... ما تخافيش مني يا حبيبتي ، ما ينفعش تخافي مني أنا ، اقسملك بالله أن أنا عمري ما هضربك
ولكنها كانت خائفة للغاية فلم تقترب فبادر هو ، اقترب منها سريعا لتصرخ خائفة ظنا منها أنه نال منها ولكنه جذبها لأحضانه يحاول أن يعانقها وهي تصرخ وصرخاها لا يهدأ وهو لأول مرة لا يعرف ما يفعل ... صرخاها يربكه للغاية ، ابتعد عنها يرفع يديه أمامها يغمغم خائفا على حالها :
- أنا بعيد أهو ، اهدي يا أريچ ... بعيد مش هقرب ... اهدي يا حبيبتي ، ما حدش هيأذيكِ
أريچ المسكينة لم تتوقف عن الصراخ إلى أن سقطت أرضا فاقدة للوعي ، تحت أنظار جاسر الذي وقف متجمدا مكانه ينظر لها مذعورا وعقله نسي في تلك اللحظة كل شيء
اقترب مليكة منه سريعا تصرخ فيه :
- أنت واقف متنح كدة ليه ، شيلها من على الأرض ، فوق يا جاسر ... جاسر فوق جرالك إيه ... يا سامر الحقني !!
_________
في الحارة التاسعة مساءًا في منزل فاطمة والخالة صفاء وضعت فاطمة رأسها على قدمي الخالة صفاء والأخيرة تداعب خصلات شعرها تهمس مترفقة :
- بت يا فاطمة ، ما تحكيلي يا بت عن جوزك الله يرحمه لو مش عايزة وهتزعلي بلاش
ابتسمت فاطمة ما أن مرت صورته أمام عينيها لتهمس بنبرة يملئها الشجن :
- نور كان أحسن راجل في الدنيا ، ما كنش في حد في طيبته أبدا ، رغم أني ما كنتش أعرفه واتقدم من خلال ناس معرفة لبابا الله يرحمه ، بس لما عرفته حبيته حب الدنيا كلها ، وهو كمان كان بيحبني أوي ... هو مشكلته الوحيدة أن كانت شخصيته ضعيفة قدام منير أخوه ، بس كان بيقولي دا أخويا الكبير وهو اللي مربيني بعد أبويا يعني في مقام أبويا ، منير دا كان بشع كان بيحاول بأي طريقة يوقع بينا ، بس نور ما كنش بيسمعله ، عارفة هو مات قبل ما يعرف إني حامل ، لو كان عرف كان هيطير من الفرحة دا إحنا كنا مستنين الحمل دا أوي ، بس هو مالحقش يفرح بيه وأنا ما لحقتش أفرح لا بحياتي مع نور ولا بالحمل ، وجه منير الزبالة عايز يتجوزني عافية قال ايه عشان مرات أخوه وحبسني في البيت وما كنش عاوز يخرجني والحمد لله عاصم وجاسر لحقوني ،
تدحرجت الدموع من عيني فاطمة ما أن انتهت لتسمح صفاء على شعرها برفق تردف سريعا :
- حقك عليا يا حبيبتي قلبت عليكِ المواجع
قومي اغسلي وشك قومي وأنا هعمل لقمة نتعشا
قامت فاطمة متوجهة إلى المرحاض ما كادت صفاء أن تتحرك صوب المطبخ وجدت الباب يدق قطبت جبينها من سيأتي في تلك الساعة محمود ولدها سافر صباحا لأجل عمل هام ، فتحت الباب لترى رجل غريب لا تعرفه ملامح وجهه غير مريحة إطلاقا :
- أنت مين يا جدع أنت وجاي هنا ليه
في اللحظة التالية سمعت صوت شهقة مفزوعة تأتي من خلفها ومعها صوت فاطمة تقول :
- منير إنت ايه اللي جابك هنا
وتوسعت ابتسامة الرجل الخبيثة مما جعل عيني صفاء تشتغل غضبا مدت يدها إلى الخف المصنوع من البلاستيك الذي ترتديه تنزعه عن قدمها تبتسم تتوعده :
- هو أنت يا مضلم قال منير قال ، تعالا يا حبيب أمك
ورفعت الخف إلى يدها تهبط به على رأس منير بعنف تصرخ بعلو صوتها :
- الحقونااا يا ناااس ، يا رجااالة العمارة حرامي جاي يتهجم علينا
حاول منير أن يهرب ولكن لسوء خطه تعثر وسقط أمام منزل صفاء لتبتسم الأخيرة سعيدة تنزل عليه بخفها نزعت الآخر تلقيه لفاطمة تصرخ فيها :
- ما تيجي يا بت تهزي طولك وتيجي تضربي معايا أنتي واقفة تتفرجي عليا
وفعلت أمسكت فاطمة بالخفة تهبط به على وجه منير بعنف تتذكر ما فعله بها ، وصفاء لا تتوقف عن الصراخ :
- الحقونا يا ناس ، هي الناس راحت فين ، يارب ما حدش يجي دلوقتي غير لما اخلص ضرب فيه ابن المقفشة دا !!
تعالت صرخات منير العالية وصفاء لا تتوقف عن ضربه بخفها بدأ هو من يستغيث بالناس لإنقاذه من ضرباتها المبرحة إلى أن وجد نفسه في لحظة يُجذب بعنف عن الأرض ليرى أمامه ذلك الرجل الذي كان بصحبة فاطمة في السوق ، تأوه متألما حين لكمه محمود في وجهه بعنف يصرخ فيه :
- بتتعدى على حرمة بيتي يا كلب ، أنا مش قولتلك لو شوفتك تاني هدفنك حي
وجذبه من ثيابه بعنف يجره لأسفل يلقيه تحت قدميه أرضا والغضب قد بلغ به مبلغه كلما تذكر أن ذلك الوغد كاد أن يمسها هي أو والدته بسوء لولا فقط أن والدته لم تخاف منه ، نزع قميصه يلقيه جانبا ركله بساقه في معدته بعنف ليتأوه الأخير متألما عاجزا عن التقاط أنفاسه قبض محمود على تلابيب ثيابه يرفعه عن الأرض يكيل له باللكمات المبرحة التف من في الحي حوله يحاولون فض ذلك النزاع ليصرخ محمود فيهم :
- ابعدوا عني الكلب دا بيتهجم على حرمة بيتي
استطاع منير كل ذلك الضرب المبرح الذي وقع عليه أن يفلت من بين يدي محمود ، يحاول أن يعلو بصوته ليُسمع الجميع :
- طب أنا جاي اطمن على مرات أخويا الله جاي اسأل عليها واعرف ليه البيه بيدخل عندها بالساعات واخد الست الوالدة حجة عشان يفضل داخل خارج وقاعد بايت ويا عالم بيعمل ايه تاني
هنا بدأت الهمهمات تعلو ونظرات الشك ومنها الاحتقار تتوجه إلى محمود ، لتحتد مقلتيه غضبا يقبض على ثياب منير يجهر بصوته الغاضب :
- بقى يا كلب ، جاي تتهجم عليهم وعايز تطلعني أنا الغلطان يا *** ، أنت فاكرني زبالة زيك
من بين الجميع الملتف اقترب رجل في منتصف الخمسينيات تقريبا جسده عريض طويل القامة يرتدي جلباب أسود اللون لحيته متوسطة الطول بيضاء يتخللها بعض الشعيرات السوداء ، اقترب من محمود يهدئه قائلا :
- اهدا يا محمود خلاص هو خد جزاءه وزيادة ولو فكر يقرب تاني ما حدش من أهل الحتة هيسمي عليه
نظر محمود للراجل الواقف أمامه يغمغم محتدا :
- يا عم حامد أنت مش سامع بيقول ايه ال*** دا ، جاي يتهجم عليهم وعايز يطلعني أنا الغلطان ابن ال*** بيقلب الترابيزة عليا
استغل منير تشتت محمود عنه مع حامد ليدفعه بعنف يركض بعيدا ولم يلحق به أحد حاول محمود أن يمسكه ليقبض حامد على ذراعه يمنعه من ذلك :
- خلاص هو غار في داهية ، يلا يا جدع أنت وهو المولد اتفض
وبالفعل بدأ الجمع ينفض ونظرات الجميع مصوبة إلى محمود يرمقونه بالكثير من النظرات ، أما حامد فأخفض صوته للغاية حتى بات لا يسمعه سوى ومحمود فقط :
- محمود ما تخشش بيت فاطمة بنت الأستاذ حسين تاني ، حتى لو والدتك جوا ، اتقي الشبهات يا ابني وما يرضيكش تطلع سمعة لا عليك ولا عليها يا إبني ، ماشي يا محمود
زفر محمود أنفاسه بعنف يحرك رأسه بالإيجاب ذلك الوغد وضعه هو وهي محط شبهه بكلماته السامة ، رفع رأسه ينظر للشرفة بالأعلى ليرى فاطمة تقف جوار والدته تبكي ما أن وقعت عينيه عليها اندفعت للداخل وخلفها والدته
بالأعلى ارتمت فاطمة بين أحضان صفاء تبكي بعنف يعلو نشيجها ، يخرج صوتها بالكاد من بين دفقات بكائها :
- كل ما بشوفه بفتكر نور ، واللي عمله فيا بعد موته ، تعرفي أنه كان عاوز يتهجم عليا أكتر من مرة لما حبسني عنده بس أنا قاومته ومنعته ودلوقتي الكلب جاي يعيدها تاني ، ويتهم في شرفي قدام الناس
شعرت صفاء بالحزن الشديد على حالها لو بيدها الآن لقتلت ذلك الوغد على ما فعله بها ، ضربها المبرح له لم يُشفي غليلها أبدا ، مسحت على رأس فاطمة برفق تحاول أن تهدئها وعقله يفكر في شيء ما !!
_________________
العاشرة تقريبا حين رن جرس الباب في منزل عاصم توجهت حلم لتفتح الباب لترى أمامها يوسف ومعه شاب آخر ، ابتسمت ترحب بهم :
- ازيك يا يوسف ادخل يا حبيبي ، خالك ومراد هنا ، ادخل
ابتسم يوسف يجذب ذراع وليد معه ليدخلا إلى غرفة الصالون ، لاحظ يوسف منذ أن فتحت له زوجة خاله الباب أنها تبدو حزينة للغاية تحاول أن تبتسم في وجوههم ، مرت لحظات ودخل عاصم إلى الغرفة يبتسم يحمل بين يديه صينية عليها أكواب العصير وقطع الكعكع يرحب بهم :
- اهلا اهلا بالشباب ، ايه يا عم يوسف فين وفين على ما بنشوفك عندنا ، دا مراد عايش عندكوا تقريبا
ضحك يوسف يرحب بخاله ليجلس عاصم أمامه يغمغم مبتسما:
- أخبار رؤى ايه وأخواتك بقالي كتير ما شوفتهاش
ابتسم يوسف يغمغم بنبرة روتينية مجاملة :
- بخير يا خالي كلنا كويسين ، أنا كنت عاوز اطلع لمراد نذاكر شوية ، صحيح نسيت أعرفك دا وليد صاحبنا
ابتسم عاصم يرحب بوليد ، قبل أن يومأ برأسه وقف يتوجه إليهم يغمغم بنبرة جادة :
- سيبوا الموبايلات هنا عشان ما تلعبوش عليها ، أنا واخد موبايل مراد كمان ، واخد اللعنة اللي هتضيع مستقبلكوا وانتوا ماشيين وراها زي المغيبين
ولم يعترض يوسف دس يده في جيب سرواله يخرج هاتفه يضعه على الطاولة ، نظر وليد ليوسف مستنكرا ما يحدث ليلكزه يوسف في ذراعه يهمس له خفية :
- اخلص مش هتموت من غيره يعني
تأفف وليد حانقا يضع هاتفه جوار هاتف يوسف ليغمغم عاصم مبتسما:
- كدة انتوا رجالة خدوا يلا الصينية معاكوا ، وشوية وهجبلكوا ساندويتشات وشاي
نظر يوسف لوليد يطلب منه حمل الصينية ليتأفف وليد يهمس حانقا :
- هو أنا الفلبينية بتاعتكوا
حمل وليد الصينية يتحرك بصحبة يوسف لأعلى ليميل عليه يهمس :
- بقولك ايه هو أنا ينفع اطلب حاجة ساقعة بدل الشاي وياريت لو واحدة شويبس أناناس متلجة في الحر دا
قبض يوسف على تلابيب ثيابه يجره معه يغمغم حانقا :
- اطلع يلا جايب ابن أختي معايا ، مش عايز هوهوز وشيبسي كمان
ضحك وليد يكملا الدرجات الأخيرة إلى أن وصلا إلى غرفة مراد ، دق يوسف الباب ليسمع صوت مراد يغمغم حانقا :
- قولتلك مية مرة يا ماما مش خارج ، لو سمحتي سيبيني لوحدي
قطب يوسف جبينه متعجبا منذ متى ومراد يتحدث مع والدته بتلك النبرة ، يعرف مراد جيدا لا يحب أحد في حياته بقدر والدته ، أدار مقبض الباب ودخل ليجد مراد يضجع إلى عارضة فراشه أمام عدة كتب مفتوحة وأطباق طعام كثيرة لم تُمس حتى ، زاد شكه حد اليقين خاصة حين أصفر وجه مراد حين رآه ، ابتسم يوسف يدلف للغرفة ومن بعده وليد يغمغم مبتسما:
- مساء الفل يا روميو ايه يا عم وحشتني ، دا أنت وحشت بابا نفسه اللي ما بيطقكش
خرجت من مراد ضحكة ساخرة يردف متهكما :
- مش معقول وحشت جاسر باشا مهران ، وبعدين إنت هتصيع يلا ما انت لسه شايفني الصبح ، هو أنا خطيبتك
ضحك يوسف ساخرا ليقترب يجلس على حافة فراش مراد في حين أخذ وليد له مقعد في الغرفة لينظر مراد لوليد يردف مبتسما :
- ازيك يا وليد ايه يا عم الغيبة دي كلها ، الواد يوسف قالي أنك مسافر مع والدك برة مصر عنده شغل في لندن ايوة يا عم زمانك هيصت المدة اللي فاتت
هنا ابتسم وليد يتنفس الصعداء ينظر ليوسف يبتسم ممتنا لأنه لم يخبر السر لأحد ، بالفعل لا يتعدى حدود الخمسة يوسف وأبيه ووليد نفسه وأبيه وجاسر الطبيب النفسي ، عادا ذلك كان يوسف يخبر الجميع أن وليد سافر مع أبيه لخارج مصر لأجل صفقة عمل خاصة بأبيه ، حمحم وليد يغمغم مبتسما :
- بطل قر بقى ، المهم أنت حمدلله على سلامتك ، مش تاخد بالك يا عم أبو تريكة
راقب يوسف جيدا تعبيرات وجه مراد أثر جملة وليد ولاحظ كيف شردت عينيه ألما واختفت ابتسامته لعدة لحظات قبل أن يزيف واحدة ويضعها على ثغره يشاكس :
- عيب عليك دا أنا عالمي بس زي ما بيقولوا لكل جواد كبوة ، وهتلاقيها عينك يا وليد أنا عارفها تفلق الحجر
وضحكوا ثلاثتهم ، نظر يوسف لأطباق الطعام الموضوعة جوار مراد قبل أن ينظر إليه يسأله مستنكرا :
- ايه يا ابني انت بتعمل دايت ولا ايه ، المعالق نضيفة أنت مالكتش معلقة حتى وواضح أنه فطار وغدا وعشا ، أنت ما بتاكلش ولا ايه
قبض مراد كف يده بعنف يطحن أسنانه يحاول السيطرة على تعابير وجهه يغمغم بنبرة فاترة :
- لاء أنا بس ما كنش ليا نفس وأنت عارف طنطك حلم ما بتقتنعش بالكلام دا ، فبتفضل تجبلي الأكل يمكن أكل
مراد يكذب رغم أنه يحاول جاهدا أن يُظهر عكس ذلك ، في اللحظة التالية فُتح باب الغرفة ودخل عاصم دون أن يدق الباب وتلك ليست عادة عنده ، يوسف جاء لهنا الكثير من المرات لم يحدث أبدا أن دخل خاله أي غرفة دون دق الباب أولا ، نظر صوب الطعام بحدة ليعاود النظر لمراد يحاول ألا يجعل نبرته حادة :
- أنت بردوا ما كلتش ، هو مش في علاج هتاخده ، ما ينفعش تاخده من غير أكل
وكما حدث صباحا اشاح مراد بوجهه في الاتجاه الآخر ولم يرد مما جعل يوسف يتأكد أن المشكلة بين مراد وأبيه ، وقف يوسف عن مكانه يوجه حديثه لخاله مبتسما :
- ما تقلقش يا خالي أنا هخليه ياكل
ابتسم عاصم يربت على كتف يوسف ، نظر صوب مراد للمرة الأخيرة قبل أن يخرج من الغرفة ليقترب يوسف من مراد يردف يسأله :
- بص بقى حوار أنا وقعت وأنا بلعب ورجلي اتجزعت مش داخل دماغي بجنية ، ايه اللي حصل يا مراد ، أنت متخانق مع خالي مش كدة ، هو السبب في اللي حصل لرجلك
أبعد مراد رأسه عن يوسف ينظر بعيدا لتشرد عينيه فيما حدث قبل يومين
Flash back
حين كان في غرفته يتحدث مع مريم في الهاتف يكاد يصاب بذبحة صدرية منها لأنها للمرة الالف تقريبا تخبرها أنها حقا لا تعلم لما هو معجب بها وحوله مئات الجميلات ليصيح فيه منفعلا بعد أن نفذ صبره منها :
- يا مريم ما تحرقيش دمي كل ما اتكلم معاكي نعيد ونزيد في نفس الموضوع ، أنا مش فاهم أنتِ ليه مش شايفة نفسك حلوة الموضوع دا لازم نشوفله حل بجد ، أقسم بالله أنا بحبك أنتِ اثبتلك إزاي ، يا شيخة دا أنا سقطت نفسي السنة اللي فاتت في الثانوية العامة عشان ابقى معاكي أطول وقت السنة دي
- سقطت نفسك ؟!!!
توسعت حدقتي مراد حين سمع صوت أبيه الغاضب يأتي من خلفه ، ليغلق الخط سريعا نظر خلفه ليجد والده يقف أمامه لأول مرة والده لم يدق الباب وللأسف دخل في وقت غير مناسب تماما ، ابتلع لعابه يحاول أن يجد ردا يقوله لكن يبدو أن والده قد استمع إلى كل شيء ، ففضل الصمت ... اقترب عاصم من ولده يقبض على تلابيب ثيابه يصرخ في وجهه :
- بقي بتسقط نفسك قصد عشان تبقى مع مريم السنة دي ، يا فاشل يا أهبل ، بقى أنا يطلع عيني السنة كلها مع البيه دروس ويوم النتيجة ابقى بدعي ربنا من كل قلبي أنك تجيب مجموع كبير وفي الآخر أنت السبب ، كنت بتدخل ترسم في ورق الإجابة
لم يجد مراد ما يقوله فهو مخطئ حد النخاع ،
هنا زاد صوت عاصم حدة :
- ما تنطق ساكت ليه ولا بتدور على كدبة تقولها ، أنا عارف أنك بتحب مريم وما بقولش دا حب مراهقة ولا حب عيال وكنت ناوي أروح اخطبهالك من جاسر بعد امتحانات الثانوية ، بس بعد اللي أنت عملته دا ، أنا اللي هقفلك فيها يا مراد وابقى قابلني لو اتجوزتها
توسعت حدقتي مراد أثر ما سمعه من أبيه لينتفض يصيح محتدا :
- لاء طبعا ما ينفعش ، بابا أنا عارف أن أنا غلطت بس...
قاطعه عاصم قبل أن يكمل يصرخ فيه بنبرة أشد غضبا:
- غلطت دا أنت نكدت على الكل ، نيمت أمك كل ليلة معيطة ومع ذلك قولت معلش قضاء ربنا مش هنعترض أكيد السنة الجاية هيجيب مجموع كبير ، تطلع أنت السبب ... يا تافه يا فاشل
وفي لحظة لم يتمالك عاصم أعصابه مع أنه لم يفعلها قبلا رفع يده يهبط بها على وجه مراد بعنف ، كانت صفعة مدوية تردد صداها عاليا ووقف مراد على اثرها مذهولا ينظر لأبيه عينيه حمراء يحتبس دموعها فيها بعنف .. هرولت حلم تقف حاجزا بينهما تحمي مراد من عاصم تغمغم تتوسله :
- ليه يا عاصم عمرك ما عملتها ، اللي حصل حصل خلاص وهو ما كنش قصده ، دا تفكير مراهق ، أرجوك ما تضربوش
والتفتت لتراضي مراد لتراه يخرج من الغرفة يهرول للخارج متوجها نحو السلم لتصيح باسمه متلهفة :
- مراد استنى يا مراد ، استنى يا ابني ، حقك عليا أنا
ولكن ما حدث أنه حين التفت مراد لينظر لوالدته تعثرت قدميه من شدة غضبه وهرولته ليسقط أرضا ساقه أسفله يصرخ من الألم ، هرع عاصم لأسفل وخلفه حلم ، جثى جوار ولده يغمغم مذعورا :
- قوم معايا ، قوم معايا نروح اي مستشفى بسرعة
كان غاضبا لم يكن يريد مساعدته ولكن دموع والدته وتوسلها فقط هي من جعلته يوافق ، في غرفة الكشف في إحدى المستشفيات ، أمسك طبيب العظام بورقة الأشعة يغمغم يطمأنهم :
- دا جزع الحمد لله ما وصلتش للكسر ، هنعمله شبه جبيرة كدا هتفضل حوالين رجله 3 أسابيع وبإذن الله يبقى كويس
Back
أجفل مراد من شروده الطويل على صوت يوسف يغمغم ساخرا :
- ها افتكرت اللي حصل كله ، قولي بقى ايه اللي حصل
تأفف مراد حانقا التفت صوب يوسف يغمغم متضايقا :
-قولتلك ما فيش حاجة يا يوسف وبعدين أنا متخانق مع بابا وشدينا مع بعض عشان روحت لعبت كورة بس ما فيش سبب تاني
رفع يوسف حاجبيه ساخرا يتهكم منه :
- ومضرب عن الأكل عشان روحت لعبت كورة ، دا مراد ما بيحبش قد الأكل ، ما تخلص ياض في اي ، ولا اقولك مش عايز أعرف ، اخلص كُل عشان تاخد العلاج وعشان تبقى مركز للمذاكرة الامتحان بعد أيام
ولم يستجيب مراد لما قال يوسف مما جعله ينظر لوليد يغمغم ساخرا :
- هو شكله مش عاوز يجيبها البر معايا ابن خالي ، امسكهولي كدة
اقترب وليد ينظر لمراد يبتسم ابتسامة شريرة ، ليقبض على ذراعي يوسف يكتف ذراعيه خلف ظهره ليصيح مراد غاضبا :
- اوعى يا حيوان منك ليه ، أنت مكتفي كدة ليه أنت قافش حرامي
أما يوسف فقبض على فك مراد بعنف يضغط على خديه ليفتح الأخير فمه مجبرا ويدس يوسف قطعة الدجاج في فمه ، مضغها مراد مجبرا يصيح فيهم:
- خلاص سيبوني هاكل ، ابعدوا عني بقى والله هاكل
ضحك يوسف يشير لوليد أن يبتعد عنه ليفعل الأخير ويغمغم مراد بنزق :
- دا أنت بتتحول والله ربنا يكون في عونها اللي هتتجوزك يا سايكو يا زفت أنت
دفع يوسف صينية الطعام أمام مراد لتشرد عينيه في كلماته هو نفسه يشعر بأنه يصبح شخصية أخرى في بعض الأحيان شخصية قاسية تحب فرض سيطرتها ولكنه ليس كذلك تلك فقط أوقات عابرة تلك ليست حقيقته أم أنها كذلك ؟!!
_______________
في شقة جاسر راضي
وقفت مليكة ومعها سامر أمام باب غرفة جاسر المغلقة يسمعون صوته من الداخل وهي يهشم ما في غرفته تقريبا يختلط بصوت بكاءه العالي ، نظرت مليكة لسامر قلقة لم يتوقع أي منهم أن ينهار جاسر بذلك الشكل ظل صامتا متجمدا لعدة دقائق ليجدوا فجاءة يخرج من الغرفة راكضًا يتوجه إلى غرفته حاول سامر اللحاق به ولكن جاسر أغلق الباب عليه بالمفتاح من الداخل وظل الوضع صامتا لعدة دقائق قبل أن يسمعوا صرخة عالية من داخل الغرفة وعليها بدأوا يسمعون صوت تحطيم ما في الغرفة وصوت بكاء جاسر يعلو ، دقت مليكة الباب تغمغم:
- جاسر لو سمحت افتح الباب ، جاسر كل حاجة هتتحل والله ، أرجوك أنت ما ينفعش تنهار دلوقتي أريچ محتجالك
ولا إجابة ، ليقترب سامر يدق الباب بعنف يحاول كسره يصيح غاضبا :
- جاسر أنت لو ما فتحتش الباب أنا هكسره ، افتح يا دكتور جاسر ، دلوقتي بقيت جبان ومش عارف تواجه مشكلة
أما في داخل الغرفة
جلس جاسر أرضا يستند إلى أحد الحوائط تنهمر دموعه في صمت بعد أن حطم كل ما طالته يداه ، لا يعرف حتى كيف انهار ثباته بذلك الشكل المخزي ولكنها شقيقته الصغيرة من رآها مرتعدة حتى منه ، خائفة منه ومن والديهم أكثر من خوفها من عمار نفسه ، وهو من كان يظنها مدللة لم يكن يعلم أنها تعاني الخوف والوحدة حتى وهي بينهم ، الحاجز الحصين الذي بنته والدتهم حولها خوفا عليها من العالم الخارجي خوفا عليها من أن تتأذى ، كان السبب الأول في جعلها تتأذى في جعلها فريسة لكل معتدي ، وذلك الوغد عمار ما أن تطوله يده سيتفنن في خلق أساليب تعذيب جديدة له ، الأهم الآن هو أن يكسب ثقة شقيقته ، أريچ لا تثق به وربما ذلك هو السبب الذي جعلها لم تخبره بمشكلة مصطفى
هب واقفا يربط الخيوط ببعضها بعضا ، مصطفى ، عمار ، أريچ ... أريچ لجئت لعمار لسبب ما وفي الأغلب ذلك السبب هو مصطفى ، إذا أريچ كانت تكذب وعلاقتها بمصطفى لم تكن كما أخبرته ، لم تكن مجرد علاقة فتاة مراهقة أحبت زوج شقيقتها الوسيم والأخير كان رجل نبيل رفض وأخبرها أنه كشقيقها الأكبر كما أخبرته أريچ قبلا ، الوضع أسوء من ذلك والإجابة لدى أريچ ولدى مصطفى أيضا ، إن كان استنتاجه صحيحا فذلك الوغد لا يستحق الحياة يوما آخر
اندفع إلى باب غرفته يفتحه بعنف ليرى سامر ومليكة أمامه ، توجه إلى غرفة أريچ ليراها مسطحة على الفراش في عالم آخر ، أدمعت عينيه ينظر لها نادما ، توجه صوب صيدلية صغيرة يخرج منها نصل مهدئ ، حقنه في ذراعها يمسح على رأسها ، قبل جبينها يهمس يعتذر منها :
- أنا آسف يا أريچ ، آسف أوي
تحرك يخرج من الغرفة توجه صوب مليكة يحادثها :
- أريچ مش هتصحى لحد الصبح ، خلي بالك منها معلش على ما أجي
وأمسك بيد سامر يجذبه معه للخارج وسامر لم يعترض نزلا إلى سيارة جاسر ليجلس خلف المقود وسامر جواره وتحرك جاسر بالسيارة مسرعا إلى أن وصل إلى منزل سامر ، نظر له يغمغم متعبا :
- أنزل يا سامر عشان أنا ورايا مشوار مهم
وضع يده على جيب سترته يتأكد من أن المسدس لازال بالداخل ليقطب سامر جبينه يغمغم :
- أنت رايح فين ؟ ما تخليني اجي معاك ، صدقني هعمل اللي تقول عليه
تأفف جاسر حانقا ليدير محرك السيارة من جديد متوجها إلى منزل شقيقته سما ولكنه لم يكن يعلم ما يحدث هناك أبدا ، وصلت سيارته بعد نصف ساعة وصلت السيارة أسفل منزل شقيقته نزل يتوجه إلى أعلى ما أن وصل للطابق حيث هي سمع صوتها تصرخ ، توسعت حدقتيه ليهرع ناحية الباب يدقه بعنف يصيح غاضبا:
- سما افتحي يا سما
كاد أن يكسر الباب حين فتحت سما له ارتمت عليه تبكي ليدخل بها إلى الداخل ليرى مصطفى أمامه عاري الصدر ، وسمع صوت فتاة تأتي من الداخل تغمغم متوترة :
- أنا عايزة أمشي يا مصطفى
توسعت حدقتيه غضبا الوغد أحضر فتاة ليخون شقيقته معها في منزلها ؟!!! أبعد سما عنه يقبض على عنقه بكفيه يصرخ فيه :
- يا كلب يا *** جايب واحد زبالة زيك تخون أختي معاها في شقتها يا ***
أزرق وجه مصطفى من شدة ضعط جاسر على رقبته ليندفع سامر يجذبه بعيدا عنه يصرخ فيه :
- هتقتله يا جاسر ، ما يستاهلش تودي نفسك في داهية
بصعوبة انتزع سامر جاسر عن مصطفى ليسعل الأخير بعنف يحاول إلتقاط أنفاسه يصرخ في جاسر :
- أنا هوديك في ستين داهية جاي تتهجم عليا وعايز تموتني ، أنا ما خونتش أختك أنا متجوز على سنة الله ورسوله واللي جوا دي مراتي التانية وما اسحملكش بأي حال تهينها
احتاج جاسر بضع لحظات ليفهم ما الذي يهذي به ذلك الوغد ، ضحك ساخرا يضرب كفا فوق آخر :
- يعني أنت عايز تقولي أنك متجوز على أختي وعامل فيها الحج متولي وجايب مراتك التانية تعرفها على الاولانية يا بجح ، أنت مش طبيعي أنت أكيد مجنون صح ، أنا اصلا كنت جاي اقتلك فيلا بقى
أخرج سلاحه من جيب سترته يوجهه إليه لتتسع حدقتي مصطفى فزعا وفكرة واحدة طرقت في رأسه أريچ أخبرته بما حدث ، اقترب جاسر منه يضع فوهه المسدس على رأسه يرتسم على ثغره ابتسامة خبيثة يهمس له :
- اتحرك قدامي بدل ما اخليك أشلاء
وفعل مجبرا حاول سامر اللحاق به ليشير له جاسر بالتوقف :
- خليك مع سما ، روحي لمي هدومك ولو في واحدة في أوضتك هاتيها من شعرها وأرميها برة
أما جاسر ففتح باب غرفة الضيوف الفارغة يدفع مصطفى للداخل يغلق الباب عليهم بالمفتاح وقف أمامه يغمغم ساخرا:
- بص بقى يا درش أنا مجنون وعندي برج لاسع ، ودكتور نفسي وحبايبي كتير يعني لو خلصت عليك دلوقتي وخدت منهم شهادة أن أنا عملت كدة وأنا مش في وعيي مش هاخد فيك ساعة سجن وما فيش حد هيشهد ضدي تفتكري صاحبي ولا أختي هيشهدوا ضدي
انزل على ركبك يا چان زمانك
أصفر وجه مصطفى خوفا جاسر بدا مرعبا في تلك اللحظة نزل على ركبتيه ووقف جاسر أمامه يلصق فوهة المسدس برأسه يغمغم يتوعده :
- قولي بقى الحقيقة عشان قسما بربي لو حسيت مجرد إحساس أنك بتكذب مش هسمي عليك ، ايه اللي بينك وبين أريچ ، أريچ حكتلي كل حاجة بس حابب اسمع منك أنت واشوف الحاجات اللي أنت ماسكها عليها
جحظت عيني مصطفى فزعا منذ متى وأريچ لديها الجراءة لتخبر جاسر بما حدث حين طال صمته جذب جاسر أجزاء المسدس يستعد للاطلاق ليفزع مصطفى يغمغم سريعا :
- هقول والله هقول
وصمت عدة لحظات أخرى يبتلع لعابه قبل أن يهمس متوترا:
- من كام سنة أريچ كانت لسه عيلة صغيرة عندها 16 سنة تقريبا كنت بلاحظ من نظراتها أنها معجبة بيا ، أنا عارف أنها عيلة ومش فاهمة أن اللي بتعمله دا غلط وخصوصا أن أمكوا قافلة ضبة ومفتاح عليها ومنعاها تختلط بأي راجل لا قريب ولا غريب ، وبصراحة أريچ أحلى من سما ، الشيطان حلاها في عينيا وبدأت اكلمها والاغيها وزي ما توقعت هي عيلة وما تعرفش حتى أنه حرام ، لحد ما أنا نفسي اتعلقت بيها كل اللي بينا كلام بس والله ، خصوصا أننا على طول مسافرين ، لما رجعنا المرة دي لقيت العيلة كبرت وبتقولي أن اللي إحنا بنعمله دا غلط وأنها مش عاوزة تكمل فيه كنت متغاظ أوي وهددتها بالرسايل اللي بينا وإني هوريهم للكل وانكوا هتتقرفوا حتى تبصوا في وشها بعد ما تعرفوا اللي هي عملته
تذكر جاسر في تلك اللحظة انهيار أريچ وصرخاها وهي تردد
( هيقول لبابا وماما وسما ، كلهم هيكرهوني ، ايوة هو قالي هيكرهوني ويقرفوا مني ، أنا لازم اموت هو دا الحل الوحيد )
إذا أريچ كانت تقصد مصطفى لم تكن تقصد عمار ، نظر صوب مصطفى عينيه حمراء كالدماء يهسهس بنبرة قاتمة:
- هات كل اللي أنت ماسكه عليها بدل اقسم بالله هشرح جتتك وأنت حي
مد مصطفى يده في جيب سرواله يعطي الهاتف لجاسر يغمغم مذعورا :
- هنا ، هنا كل حاجة .. بس أبوس أيدك ما تقتلني
أخذ جاسر الهاتف من مصطفى يضعه في جيب سترته يضع المسدس في غمده من جديد ما كاد مصطفى يتنفس الصعداء وجد حذاء جاسر يدفعه في صدره ليسقط على ظهره أرضا ويضع جاسر قدمه فوق صدر مصطفى يغمغم يتوعده :
- أنا مش هقتلك انا هخليك تتمنى الموت على اللي عملته في أريچ وسما ، بس مش في وجود سما صبرك عليا
ودفعه بحذائه في بطنه بعنف يتحرك لخارج الغرفة وجد سما تقف خارجا وجوارها حقيبة ثيابها تنهمر دموعها بلا توقف ، وهناك على أريكة تجلس فتاة شابة تبدو مرهقة خائفة ملامح وجهها لا تدل على الخبث إطلاقا ، شعر بالشفقة عليها لوقوعها مع ذلك الوغد ، نظر لسما يسألها :
- ما جبتيش العيال ليه؟
بالكاد خرجت الأحرف من بين شفتيها تهمس بحرقة :
- العيال عند ماما من بدري
اومأ برأسه يمسك بيدها يحمل حقيبة ثيابها في يده الأخرى أخذها وخرج من المنزل ومعهم سامر تلك المرة حين وقف جاسر أسفل منزل سامر نزل منه يودعه ، ليطلب جاسر من سما أن تجلس جواره وتحركت بالفعل جلست جواره تنهمر دموعها في صمت ، أوقف جاسر السيارة أمام مقهى صغير اعتاد على ارتياده نزل من السيارة يفتح الباب المجاور لها يمسك بيدها يساعدها على النزول ، أمسك بيدها يدخلان إلى المقهى ... توجها إلى إحدى الطاولات يجذب لها المقعد جلست تحاول كفكفة دموعها ليجلس جاسر جوارها جاء النادل يغمغم مبتسما:
- ازيك يا دكتور جاسر ايه الغيبة الطويلة دي ، اجبلك القهوة بردوا
ابتسم جاسر يومأ برأسه يشكره يردف :
- وهات واحد لمون بالنعناع يا سامح معاه
ابتسم النادل وأخذ الطلب وغادر ، نظؤ لشقيقته ليراها تعتصر كفيها بعنف تحرك ساقها بلا توقف دموعها تنساب رغما عن إرادتها لتسارع بمسحها فينزل المزيد والمزيد ، اقترب بجسده من الطاولة يربت على كفيها برفق يهمس مترفقا بها :
- اهدي يا سما ، أنا عارف أنها مش سهلة عليكي طبعا ، حاولي بس تهدي وتفهميني انتي روحتي لقيته معاها الشقة
حركت رأسها للجانبين بعنف تمسح دموعها تهمس بحرقة تشعر بالنيران تشتعل في قلبها :
- البجح أنا كنت شاكة فيه بقالي مدة خصوصا أنه بيتأخر أوي برة وعلى طول التليفونات بينه وبين أمه ما بتتقطعش ، النهاردة المفروض أنه عيد جوازنا روحت عند ماما وقالتلي سيبي العيال هنا واعملي أكلة حلوة واقعدي اتكلمي معاه وعملت زي ما قالتلي وأنا قاعدة مستنياه الاقيه داخل عليا ومعاه البت دي وبكل بحاجة يقولي دي مراتي التانية أنا جايبها عشان أعرفها عليكِ وعشان عاوزها تعيش معانا هنا وبيقولي اني مش من حقي أرفض لأن الشرع محلله أربعة ، وخدها ودخل أوضة نومي كل دا وأنا واقفة مذهولة وفكراه بيهزر ، أنت متخيل ؟! أنا كنت واقفة كل اللي بيدور في دماغي أنه بيهزر لحد ما روحت وراه ولقيته بيقلع قميصه وزعقلي وقالي ما ينفعش أدخل عليه أوضة النوم وأنها قال ايه مش ليلتي
أنا حاسة أن مخي هيضرب ، أكيد أمه السبب ، هي اللي كانت دايما تقولي أنا هحرقك قلبك وأجوزه ، أنا هتجنن يا جاسر يعمل كدة أنا قصرت معاه في اي
ولم تستطع السيطرة على دموعها أكثر فانفجرت تبكي بعنف تخفي وجهها بين كفيها وهو يتوعد لذلك الوغد بالكثير
____________
- يا غبي ايه اللي أنت هببته دا
صفعة قوية نزلت على وجه زين ليغمض عينيه متألما يقبض على عكازه والسيدة أمامه تقبض على ذراعيه تصرخ فيه :
- أنا مودياك حارس ليهم ، كل ما نعمل حاجة تخربها ، الحجر كان هيقع على چوري ونخلص منها ونحرق قلب جاسر ورؤى تروح زاققها ويقع على رجلك ، اقولك توقع بين حسين وچوري تقرب بينهم ، حتى لما قولت مش هقدر المسها حطتلك منشط وحبوب هلوسة زيها تروح مبدل كوبايتك مع كوباية حسين ، كنت هنضرب وقتها عصفورين بحجر واحد ، تكون مع چوري ونلهي حسين عنكوا و نحرق الموقع اللي بيتبني وأنت ماشي تدمر في كل خطة بتتحطط ، ايييييه عرق الطيبة دا جايبه منين
- من عاصم هو مش ابنه بردوا يمكن عمار طالع خبيث وحية ومريض زيك يا تهاني إنما زين طالع طيب زي عاصم مش فاهم ازاي دول تؤام بصراحة
التفتت تهاني ومعها زين ينظران لذلك الذي دخل إلى الغرفة توا يبتسم ساخرا ، توجه إلى أقرب مقعد منهم جلس يضع ساقا فوق أخرى يردد متهكما :
- ما قولتلك بلاش زين من الأول كفاية عمار أهو تربيتي وبيعمل كل اللي بقوله عليه من غير ما يجادل في حرف ، إنما زين دا قلبه رهيف طالع لأبوه
ضحكت تهاني ساخرة ليرمقهم زين بنظرة مشمئزة يتحرك يغادر المكان يدخل إلى غرفة جانبية ، اقتربت تهاني منه جلست على قدميه تتحسس وجنته بخفة تغمغم متضايقة :
- ياريتك كنت ربيت زين كمان ، بدل ما كان رباه جلال المهدي ، أنا لو بعتاه عشان يحميهم مش هيعمل اللي هو بيعمله دا عيل مقرف شبه أبوه
ضحك الرجل ساخرا يتهكم منها :
- تخيلي بقى ابن عاصم وتربية جلال ، دا فاضله أسبوعين ويحارب الشر والفساد ، وبعدين ابنك دا خرع عمار استحمل كل اللي عملته فيه لحد ما بقى نسخة من «نصار» إنما زين ما كنش هيستحمل ، وأنتِ قومي من على رجلي أنتِ مش خفيفة يا تهاني
قلبت عينيها من طريقته الفظة التي دوما ما يحرجها بها تحركت تجلس على المقعد المقابل تنظر للجالس أمامها بشموخ ، قامته مهيبة عينيه الخبيثة السوداء ، بشرته قمحية ذقنه منحوتة حادة تغطيها لحية ليست بالطويلة ، فضلا عن جسده القوي رغم كونه نحيف إلى حد ما ، سنوات وهي تعش تحت ظلال نصار ، سنوات وهي تجهل لما يسعى جاهدا لتدمير جاسر مهران تحديدا ، هدفها الإنتقام من الجميع أما هو فلا يرغب سوى في الإنتقام من جاسر نفسه لسبب تكاد تحترق لتعرفه حتى ، تتذكر جيدا المرة الأولى التي رأت فيها نصار
Flash back
قبل سنوات طويلة توقفت عن عدها
الألم كان أبشع من أن يحتمل كل ما كانت تشعر به هو عاصم وهو يحملها بين ذراعيه يركض بها داخل إحدى المستشفيات حين أخذها الطبيب والممرضة معه إلى غرفة الطوارئ ، كانت في حالة من الألم بين الوعي واللاوعي تشعر بالألم يخف شيئا فشيء تسمع صوت الطبيب يغمغم جوارها متنهدا :
- الحمد لله قدر ولطف ، هي دلوقتي كويسة هي والجنين أنا هطلع ابلغ جوزها عشان شكله قلقان عليها أوي
لتجهش في البكاء بصوت عالي تهمس تتوسله بصوت ضعيف واهن :
- أرجوك لاء ، أبوس أيدك أنا حاولت اسقط نفسي من اللي بيعمله فيا ، أنا عايشة معاه في عذاب وجحيم ...ابوس أيدك قوله إن الجنين سقط أنا مش هقدر اعيش معاه تاني ، هو بيمثل والله أنه خايف عليا ، دا بيضربني ليل ونهار ، كل مرة بحمل منه وبسقط نفسي برضوا ما بيحرمنيش أرجوك ارحمني منه ، أرجوك ، أبوس أيدك
أشفق الطبيب على حالها خاصة وهو يرى مثلها الكثير في الآونة الأخيرة ممن يعانون من عنف وقسوة أزواجهم التي تدفعهم أحيانا لقتل أنفسهن ، تحرك لخارج الغرفة حين اقترب عاصم منه يسأله متلهفا عن حالها ، ليخبره الطبيب أسفا أنهم خسروا الجنين وأنها لن تستطيع الإنجاب من جديد ، وها هي تحررت من عاصم ، لم تكن لتظل زوجة له بسبب طفله ، عاصم أهانها وعليه أن يدفع الثمن ، كانت على أتم ثقة أنه إن علم أنها لا تزال تحمل طفله ما كان سيتركها فقط لأجل طفله ، وهي لم تكن لتعش معه بعد أن خسرت لعبتها بالكامل وترى رؤى تتمتع بحياتها مع جاسر وحلم تتمتع بأحضان عاصم وهي المنبوذة الخاسرة بينهم ، في خضم أفكارها وهي غرفة المستشفى ، دخل إلى غرفتها رجل طويل القامة بشكل مهيب نظراته كانت خبيثة أخافتها ضحك ساخرا يصفق لها ببطئ يغمغم :
- لاء حقيقي عجبتيني تمثيلك هايل يا توتا ، أنا شوفت كل حاجة من أول ما كنتي بتبكي للدكتور عشان يخلصك جوزك الشرير القاسي ، وتهزيق عاصم ليكِ حقيقي صعب عليا الولد دا والظابط اللي دخل بعده مسرحية هذلية تحفة ، أعرفك بنفسي صحيح نصار أنا اللي هجيب رقبة جاسر مهران تحت جزمتي بعد ما اخلص على كل عيلته ولأن مصالحنا مشتركة ودماغك سم يا توتا فأنا هوفرلك كل سُبل الراحة والرعاية بشرط تنفذي اللي اقول عليه من غير تفكير قولتي ايه ؟!
Back
عادت من شرودها على يديه تطرقع امام وجهها لتلتفت إليه تسأله دون مقدمات :
- اللي أنا مش فهماه أنت ليه اختفيت بعمار لما وصلوا 5 سنين وسبت معايا زين وادتني عنوان جلال المهدي اخدم في بيته سنين قبل ما ترجع
ابتسم ساخرا يحرك أصابعه على ذقنه يردف :
- الصبر حلو يا توتا وأنتي مش صبورة خالص ، الوقت أهم عامل في اللعبة بتاعتنا وأنتي زنانة عايزة انتقم ، عايزة انتقم عايزة تبدأي اللعبة بدري أوي وأنا لسه بحط القواعد وبجهز اللاعبين ، فكان الحل الوحيد اني اختفي بعمار عشان اجهزه كويس أوي ، عمار من صغره مختلف عن زين في حاجات كتير أبسطهم خالص عمار كان بيضرب الحيوانات الصغيرة وزين يقعد يعيط يحاول يمنعه، عشان اختارت عمار عشان يبقى اللاعب المحترف بتاعي ، وزين نقعده على الاحتياطي يمكن نحتاجه ، وبعتك لجلال المهدي بصراحة عشان اخلص من زنك أنا عارف أنه رجل أعمال طيب ، بس يا توتا أنا لما رجعت لقيتك وقعتي الراجل على وشه قولت وماله دا حلو أوي ، أنا كدة كدة محتاج سيولة ، وخلصنا من كاميلا مرات جلال وتربعتي على عرش السلطنة وخليتيه يتنازل عن اللي وراه واللي قدامه
قاطعته تهتف سريعا حانقة :
- ايوة هنا بقى النقطة ، لعُدي ... إنت ليه خلتني أتنازل عن الفلوس كلها لعُدي مش ليك أو سيبتها ليا مش فاهمة النقطة دي من ساعتها
اضطجع إلى ظهر مقعده يغمض عينيه يشير لها بأصابعه أن تقترب منه لتلتف تقف خلف مقعده تدلك رقبته وكتفيه ليبتسم يغمغم :
- عشان أفضل ورا الستارة يا حبيبة قلبي ، عُدي كان الولد الفاشل اللي في العيلة وعليه أبوه ما سبلوش ولا جنية من الميراث عارفة جو يوسف وهبي دا وساب الثروة كلها لجلال ورغم أن جلال ما قصرش مع أخوه إلا أنه كان بيكرهه وبيكره مراته وبناته جداا ، وشايف أن الثروة دي من حقه ، فيا روحي لما تيجي أنتِ تموتي جلال بالذبحة الصدرية وتدي الورث كله ليه وتخلصيه من مرات أخوه وتذلي بنات أخوه ، دا هيعملك ملكة متوجة على عرش قلبه
ويعملك كل اللي أنتي عوزاه ودا اللي بيحصل مش هو كمان اللي اقترح أن طرب هي اللي تتحط في طريق رعد ابن جاسر ، بعد ما كنا محتارين هنجيب مين ، اهو يوم ما جاسر يكشفها هيخلصه منها أصل طرب الوحيدة اللي بتفكره بقوة جلال اخوه ، ويوم ما ازهق منه رصاصة هتخلصني منه دا عيل أهبل مالوش دية ، بس إحنا لسه بنستفاد منه ونافعنا جداا ، أنا عايزك يا حُبي زي ما أنتي تفخمي فيه تحسسيه دايما أنه الملك وأن اللعبة ماشية بأمره هو وأنه حقيقي من غيره مش عارفة كنتي هتنتقمي إزاي من الناس اللي ظلمتك ودمرت حياتك ماشي يا روحي
- بابا مش وقت نحنحة جاسر راضي قالب عليا الدنيا هو الواد الزفت اللي معاه اللي اسمه سامر
غمغم بها عمار متضايقا وهو يدخل إلى الغرفة ليتهاوى على المقعد يجلس أمامه يضع ساقا فوق أخرى ينظر للواقفة أمامه قبل أن يغمغم ساخرا :
- ازيك يا تهاني عاملة ايه ، لسه بردوا بتروحي لحضن كل راجل شوية
توسعت حدقتي تهاني مما تسمع منه في حين ضحك نصار عاليا ، وقف عمار من مكانه يقترب من تهاني نظر لعينيها يهسهس متوعدا :
- ابعدي عن زين ، المرة الجاية اللي هترفعي ايدك عليه ، هوريك نظرية الألم اللي بيمحي الندم يا مدام تهاني
وتركها وتوجه إلى الغرفة البعيدة هناك يعلم أنه سيجد زين ، في حين أصفر وجه تهاني خوفا تصيح في نصار مذعورة :
- أنت سامع هو قال ايه ، هو اتجنن ولا ايه
قام نصار من مكانه يربت على وجنتها برفق يغمغم ساخرا:
- ما تضايقيش عمار ، أنا اللي حايشه عنك صدقيني هو بيكرهك جداا ، زين رغم أنك بتكرهيه ألا أنه بيحبك جداا ... ويلا عُدي مستنيكِ ما تنسيش اللي قولتلك عليه
وتحرك يصعد السلم لأعلى ووقفت تهاني متجمدة مكانها تتذكر نظرة عمار جيدا ، عيني عمار تشبه عيني عاصم إلا أنها أكثر خبثا وشرا
حملت حقيبتها تتحرك للخارج تشعر بالخوف الشديد من ولدها !!
أما في داخل غرفة زين فتح عمار الباب يبتسم سعيدا يتحرك إليه يغمغم مبتهجا :
-ايه يا زيزو حمدلله على السلامة ، ايه يا عم الجبس دا استنى ارسملك عليه قلب وضحكة على الشبابيك
لم يبتسم زين فقط أمسك بيد عمار يسأله خائفا :
- اوعى تكون أذيت أريچ يا عمار ، هي مالهاش ذنب نصار طاره مع جاسر مهران
اختفت ابتسامة عمار يضع القلم من يده يوجه أنظاره لزين يغمغم بنبرة فاترة:
- أنت عارف أنا ما اقدرش أكسر كلمة لنصار ، ونصار أمر وأنا لازم أنفذ ...
ملئت الدموع عيني زين يصرخ فيه محتدا :
- حرام عليك والبنت ذنبها ايه ، نصار دا مريض كلهم مرضى ،دي عيلة صغيرة عندها 20 سنة ، ما افتكرتش مليكة وأنت بتعمل كدة ، ما افتكرتش إن مرضك دا هو اللي خسرك مليكة ، زي ما دايما تقولي أنها البنت الوحيدة اللي حبيتها وإنك كنت هتتجنن لما عرفت أن الواد ابن العامل اللي في مزرعة أبوها اغتصبها ، ومع ذلك ما حاولتش تعوضها لاء دا أنت أول ما جاتلك الفرصة اللي تقرب منها وبعدت ما وثقت فيك وبدل ما تعوضها ، بدأت تمارس عليها مرضك النفسي دمرتها أكتر ما كانت متدمرة ....
صرخ عمار يوقف سيل الكلمات التي يخرج من فم زين يزأر بأعلى صوته :
- بس كفاية اخرس بقى ، أنا حبيت مليكة حبيتها من كل قلبي ولسه بحبها ، ودفعت اللي اغتصبها التمن غالي ، قتلته بأيديا ، وطلبت من نصار أنهم يخرجوا برة اللعبة عشان تهاني هانم كانت عاوزة تنتقم منهم عشان صبري ضحك عليها ، بس نصار عشان خاطري وافق ،ومنع تهاني تقرب منهم ... وأنا فضلت سنين أراقب البنوتة الجميلة أم ضفاير وهي بتتمشى كل يوم الفجر ، ولما جاتلي الفرصة أقرب منها هديت كل حاجة بسبب غبائي ، يكون في علمكأنا ما اغتصبتش أريچ ، أنا بس نفذت أوامر نصار ، أنا مستعد افدي نصار بدمي ، نصار عندي أغلى من الكل حتى منك أنت يا زين
والتفت ليغادر ليسمع صوت زين يهمس من خلفه متألما :
- دا أبوك وأخواتك ، هتقتل أبوك يا عمار .. صدقني هو ما كنش يعرف أنها حامل هي ضحكت عليه ... تهاني السبب في كل اللي إحنا فيه ..
التفت عمار ينظر لشقيقه كتف ذراعيه أمامه يغمغم ساخرا:
- أنا أبويا اسمه نصار ، ولو أمر أن عاصم يموت هقتله بأيديا ... استريح يا زين عشان واضح أنك اتخبطت على دماغك مش على رجلك ، هخلى حد من الخدم يجيبلك الأكل
وتركه ورحل يغلق الباب خلفه ليرتمي زين برأسه إلى الوسادة يغمض عينيه متألما متعبا لا يجد حلا لما يحدث وكيف سيفعل وهو يقع بين شقي الرحى بين شقيقه الذي يصر على تنفيذ أوامر ذلك الخبيث نصار وبين وبين أبيه وأشقاءه الذي لن يقدر على أذيتهم ولن يسمح لهم بأن يفعلوا
Flash back
-مالك يا زين بتعيط ليه
رفع وجهه إليهم لم ينظر إليها بل وجه أنظاره إلى حسين ينظر إليه حزينا تتسابق الدموع من عينيه ... قطب حسين جبينه ينظر له مشفقا لا يفهم لما ينظر إليه بتلك الطريقة وكأنه يعاتبه ويطلب منه السماح في الآن ذاته ، اقترب منه يجلس جواره على طرف الفراش رفع يده يربت على كتفه برفق يحادثه :
- مالك يا ابني أنت كويس ، في حاجة تعباك
بادرت چوري تغمغم سريعا :
- أنا هروح اشوف الدكتور فين
وخرجت من الغرفة سريعا ليقطب حسين جيينه يشعر بالشفقة على ذلك الشاب رغم كونه يشك به أنه السبب في الحادث ، ابتلع لعابه يغمغم :
- بص يا زين أنا عارف إن العلاقة بينا سيئة جداا
- بسبب چوري بس صدقني أنا ما بحبهاش ، أنا مش هبص لمرات أخويا ، أنا قصدي يعني إني بعتبرك زي أخويا
تدارك زين نفسه سريعا وبدأ يتلعثم ويصفر وجهه ، في حين ابتسم حسين في هدوء ولم يعقب ... ليردف زين متلعثما :
- هو باشمهندس عاصم ، عامل إيه أنا قصدي يعني اطمن عليه
ابتسم حسين بخفة يحرك رأسه بالإيجاب يغمغم :
- بخير الحمد لله ، هو بس مراد هيشيب شعره ، مراد دا أخويا الصغير في 3 ثانوي ومش عايز يذاكر ، فمش عاوز اقولك باشمهندس عاصم هيتجلط منه بعد الشر طبعا
ابتسم زين يستمع إلى ما يقول حسين بتلهف
ليغمغم زين :
- بس باشمهندس عاصم طيب ما افتكرش انه ممكن يعني يضربه عشان يذاكر
حرك حسين رأسه للجانبين يغمغم سريعا :
- لالالا هو بابا شديد آه بس عمره ما ضرب حد فينا من صغرنا بيعاملنا على أننا رجالة ، لو حد فينا عمل حاجة غلط يقعد معاه ويفهمه أن دا غلط وما حدش فينا بيكرر غلطه أبدا
شردت عيني زين يشعر بالحسرة تأكل قلبه ليسمع حسين يغمغم :
- مالك شوية تعيط وشوية تسرح وشوية تسألني عن باشمهندس عاصم ، افتكرت والدك الله يرحمه
لو فقط يعلم أن والده حي يرزق ، حرك زين رأسه نفيا رفع وجهه ينظر لحسين يغمغم بنبرة حزينة :
- أنا ما شوفتوش لما اتولدت اتربيت مع جوز أمي لحد ما طلقها وسابها وسافر وهي راحت تشتغل في بيت راجل أعمال كبير ، كان راجل محترم وحنين جداا هو اللي رباني وكان بيعاملني كأني ابنه ، أنا دخلت كلية هندسة بفضله ... الله يرحمه ، أنا كان نفسي أساعد بناته بعد مات بس ما عرفتش ، أنا جبان أوي
لم يفهم حسين آخر كلمات زين التي نطق بها ولكنه بدأ يبكي من جديد وتلك المرة ارتمى بين أحضانه يبكي وكأنه طفل خائف ؛ لتدمع عيني حسين حزنا على حاله عانقه يربت على رأسه برفق ، قبل أن تدخل چوري ومعها الطبيب
Back
أغمض عينيه متألما لو كان الأمر لترك ذلك المستنقع ورحل للأبد ولكن أبيه لن يصدقه وسيقيم الحرب باكرا ومع إصابة قدمه أصبح حمايته لهم صعبة للغاية
___________
الثانية عشر ليلا حين خرج من عمله يجر قدميه جرا يشعر بالتعب الشديد جسده بالكامل محطم لا يرغب سوى في أن يسقط نفسه فوق فراشه ويغط في النوم ، دخل إلى سيارته يضطجع إلى ظهر مقعد السائق يغمض عينيه متعبا ، لحظات قبل أن يدير محرك السيارة يتوجه عائدا إلى المنزل يفكر في الكثير، علاقته بمرام التي باتت شبه مدمرة ، ابتعاد لليان عنه ورفضها حتى الحديث معه لأجل ذلك الوغد الذي يخدعها بكلامها ، نور الفتاة المسكينة التي لا يعرف ما المفترض أن يفعل معها لن يتركها في الشارع حتى وإن شُفيت ، جواد يريدها زوجة الآن قبل غد ، ولليان ستنهار إن حدث ذلك ومن ناحية أخرى يشعر أن نور تحب جواد ، وهو يقف في المنتصف لا يعرف ما يفعل إطلاقا ... والأهم الآن تلك المأمورية التي على وشك خوضها هو وزملائه بعد عدة أيام القائد أخبرهم أنها ستكون صعبة وعلى الجميع الإستعداد جيدا ، أوقف سيارته عند إشارة المرور ليلوح على ثغره ابتسامة صغيرة المطعم على يساره اعتاد على ارتياده هو ومرام ، نظر صوب المطعم لتتسع حدقتيه حين رأى ما يحدث بالداخل من واجهة المطعم الزجاجية ، مرام خطيبته المصون لاتزال خارج المنزل بعد منتصف الليل يلتف حولها مجموعة كبيرة من الفتيات لا يتوقفن عن إلتقاط ، زفر حانقا من أفعالها مد يده ليفتح باب السيارة وبعد أن فعل أغلقه من جديد ظل ينظر صوبها وهي تلون إبتسامات عدة على شفتيها ويبتسم هو ساخرا يبدو أن علاقته بها قد انتهت أو ربما ظل بها خيط رفيع لم يُمزق بعد ، ما أن فُتحت الإشارة تحرك بسيارته سريعا يغادر المكان بأكمله ، يكمل طريقه إلى منزله ... صعد السلم يفتح الباب ليجد الجميع يجلسون في صالة البيت يشاهدون فيلما ما على شاشة التلفاز من بينهم نور ، ابتسم يُلقي التحية لتهب إيمان تغمغم سريعا:
- هحضرلك العشا أكيد واقع من الجوع دا أنت برة من سبعة الصبح
ابتسم لوالدته توجه يجلس جواره أبيه على الأريكة يغمض عينيه متعبا ليسمع صوت أبيه يحادثه :
- مالك شكلك هلكان
فتح عينيه قليلا ينظر صوب والده حرك رأسه بالإيجاب قبل أن يميل بها يستند برأسه إلى كتف أبيه يغمغم مرهقا :
- أوي يا حج مطلعين عين اللي خلفونا عشان طالعين مأمورية يوم الخميس الجاي ، ادعيلي يا حج تعدي على خير
جاءت إيمان في تلك اللحظة لتهشق بعنف تغمغم مذعورة :
- مأمورية تاني مأمورية ، بالله عليك يا ابني بلاش ، أنا أول ما سمعت منك الكلمة قلبي اتقبض لاء اتقبض ايه دا اتخلع من مكانه ، عشان خاطري يا شريف كفاية بقى مش كل مرة هتسلم الجرة
قام من مكانه يتجه إلى والدته ، قبل جبينها يغمغم مشاكسا:
- ريحة المحشي جيباني على ملا وشي من على أول الشارع ، يا ماما إحنا اتكلمنا في النقطة دي كتير أوي ، حبيبتي دا شغلي والحمد لله بدعواتك ربنا بيسترها معايا كثفي أنتي بس الدعا اليومين الجايين وأنا هروح استفرد بحلة المحشي
وقبل جبينها من جديد يتوجه للداخل ، لتنظر لزوجها قلقة ولم ينكر علي شعوره بالقلق هو الآخر ، حتى نور كانت تبدو قلقة وعلى الرغم من قلق ليان إلا أنها كانت سعيدة يمكنها الآن الذهاب لمقابلة جواد دون أن يمنعها شريف
_______________
في داخل منزل ياسر راضي ، ارتمت سما بين أحضان نرمين تبكي بحرقة وصوت ياسر يصدح غاضبا :
- إزاي الكلب دا يعمل كدة ، دا أنا هوديه في ستين داهية ، صحيح اللي تفتكره موسى يطلع فرعون
وقف جاسر عن مقعده يتجه صوب أبيه وضع يده على كتفه يغمغم بهدوء :
- ما تقلقش أنا من زمان وأنا ما بطيقهوش وربي لاخليه يقول حقي برقبتي ، سيب الموضوع دا ليا
نظر إليه ياسر ونظرات عينيه تعتذر له عما فعل يبدو أن جاسر الوحيد من كان يرى حقيقة ذلك الوغد الذي عموا جميعهم عنها ، اقترب جاسر من شقيقته يعطيها قرص صغير وكوب ماء يغمغم مترفقا :
- خدي دا عشان تهدي شوية وتعرفي تنامي
التقطته سما تساعدها نرمين على شرب المياه تأخذها بين أحضانها من جديد تمسح بيدها على رأسها تحاول أن تهدئها قدر المستطاع ، اقترب جاسر من والده يغمغم بنبرة هادئة :
- أريچ زي ما قولت لحضرتك هتقعد معايا الكام يوم الجايين هي اصلا عندها اكتئاب عشان الامتحانات والجو العام مش هيساعدها ، ما تقلقش أنا هخلي بالها منها كويس
تنهد ياسر حائرا يوافق على اقتراح جاسر ، ليتحرك الأخير صوب غرفة أريچ يلقتط حقيبة ثيابها من فوق دولاب الثياب يجمع فيهم ثيابهم والكتب الخاصة بالجامعة بشكل عشوائي غير منظم وذلك ما أكثر في حياته ، من بين ملابسها وقعت مفكرة صغيرة التقطها عن الأرض ينظر لعنوانها ليضعها في جيب سترته يكمل ضب محتويات حقيبتها ، أغلق الحقيبة يحملها لخارج المنزل ، حين خرج رأى سما وقد هدأت بفعل المهدئ الذي أعطاه لها تنام بين أحضان والدته ، خرج بهدوء حتى لا يزعجها ما إن خرج اختفت كل ملامح وجهه الهادئة وباتت أخرى قاتمة أكثر قسوة وشرا ، نزل السلم يأخذ طريقه عائدا إلى شقته ، يفكر في شيء واحد الآن كيف يمكن أن يكتسب ثقة أريچ الصغيرة بعد كل ما عانت ، عمار ومصطفى أحدهما سيبرحه ضربا والآخر سيمارس عليه أساليب تعذ..يب لم تُخترع بعد
وصل إلى بيته فتح الباب ، دخل متوجها إلى غرفة شقيقته ليجد مليكة تنام على مقعد جوار فراش شقيقته ، وقف ينظر إليها يتأمله تلك الجنية الساحرة صاحبة الشعر المجعد ... تحرك صوبها برفق يهمس باسمها مرة بعد أخرى ليراها تحرك رأسها للجانبين ملامح وجهها انعقدت يبدو أنها تحلم بكابوس بدأت تهذي ( لا يا عادل ابوس أيدك لاء ، أنا بحبك ، بابا هيوافق عليك والله هيوافق عليك )
جعد جبينه وعقله يحاول ترجمة ما تقول خوفها ورعشة جسدها وكلماتها المبعثرة ، يديها التي احتضنت بها نفسها تحميها ، قدميها التي ضمتهم بعنف لا تدل سوى على شيء تلك الفتاة تعرضت للاعتداء ، أحدهم حاول إغتصابها وعلى الأغلب نجح ... مد يده يهز ذراعها برفق لتستيقظ مذعورة فتحت عينيها تنظر إليه خائفة لعدة لحظات قبل أن تتنهد بقوة تهمس :
- خضتني حرام عليك ، معلش أنا نمت من غير ما احس بس الحمد لله أريچ ما صحيتش زي ما قولت ، عن إذنك وهجيلها بكرة على طول
وتحركت أمام عينيه تغادر ، وكم أراد استفزاز عقلها الباطن ولكنها تبدو متعبة وهو أيضا فسكت ورحلت ، جلس جوار شقيقته على الفراش يضجع إلى عارضته يغمض عينيه يحادثها حزينا:
- يا ريتني كنت قريب منك يا أريچ ، أنا كنت ببعدك عني بكل شكل وشايفك مدلعة وما بتعرفيش تشيلي مسؤولية حتى نفسك وأنتِ عايشة في عذاب الوحدة ، معقول يا أريچ مالكيش صديقة واحدة ، عزلتي نفسك عن الكل بسبب خوف ماما عليكِ الزايد ، ويوم ما مشاعر البنت المراهقة اتحركت الحيوان اللس اسمه مصطفى استغلها ، ما تقلقيش أنا خدت منه كل حاجة كان ماسكها عليكِ وفرمت الموبايل بتاعه تحت عجل عربيتي وقريب هحطه مكان الموبايل ، ولما كبرتي وفهمتي والندم بدأ ياكل قلبك زي الوحش خوفتي زي ما ال*** دا قالك خوفتي نكرهك ونقرف منك ودا كان مستحيل هيحصل ، فدورتي في باب تاني ووقعتي في طريق مريض تاني حاول يفهم أن الألم هو العلاج الوحيد ، سامحيني بالله عليكِ يا أريچ أنا آسف اني اهملتك وبعدت وما شوفتش غير نفسي ونجاحي بس
ونزلت الدموع من خلف جفنيه المغلقين يخطان وجهه يحاول أن يكتم شهقات بكاءه بكف يده ، شعر بحركتها على الفراش ولم يفتح كان يعلم من البداية أنها مستيقظة منذ اللحظة التي ذهب فيها ليوقظ مليكة ورآها تغلق عينيها سريعا خوفا من أن يراها ، لحظة أخرى وشعر بيدها على وجهه تمسح دموعه فتح عينيه لتقع أول ما وقعت على أثر ضربات ذلك المخنث على ذراعها لم يطل النظر إليها حتى لا تلاحظ ، نظر إليها ليراها ترتجف خائفة تهمس متلعثمة مذعورة :
- أنا ما كنتش أعرف أنه غلط والله ما كنت أعرف ولما فهمت حاولت أبعد دي أختي وأنا مستحيل آذيها بس هو فضل يهددني وعايز يعمل علاقة معايا بالعافية ما بقتش عارفة أعمل ايه ، وقالي لو قولتلكوا هيطلع هو منها وانتوا هتكرهوني ، أنا خوفت أقول ... أنا خايفة أوي وتعبت من الخوف أوي يا جاسر
هو آذاني وضربني وقالي أنه هيرجع تاني لأن لوحته الفنية لسه ما خلصتش هيرجع تاني يا جاسر ، هيرجع تاني
وانزلقت الدموع من عينيها بعنف ، ليجذبها لأحضانه تمسكت به تبكي بعنف ينتفض جسدها بين أحضانه كالعصفور الصغير وهو ينظر أمامه شاردا يغمغم بنبرة قاتمة للغاية :
- لا يا حبيبتي ماتقلقيش هو مش هيرجع عشان أنا هلاقيها الأول ، وما فيش ميت بيرجع ، ومصطفى دا بكرة هوريه العذاب ألوان ، صدقيني يا أريچ هخدلك حقك من كل اللي آذاكِ حتى الموت مش هيخلصهم من أيدي
وأبعدها عن أحضانه يحتضن وجهها بين كفيه يبتسم لها مترفقا :
- بصي يا أريچ ، من هنا وجاي مش هيبقى ورايا هوقف العيادة وكل حاجة في حياتي وهفرغها ليكِ أنتِ بس من بكرة الصبح هنبدأ خطوة خطوة في الدنيا من تاني ، أريچ اللي قدامي دي لازم تمشي وتيجي واحدة تانية جميلة ورقيقة بس واثقة في نفسها ما بتخافش مش جبانة ، أنا مش هبقى دكتور نفسي يا أريچ أبدا ، أنا هنا أب وأخ كل اللي عايزه أنه يبني ثقتك في نفسك ويخليكِ قوية
ودا هيحصل ومش هتقولي لاء على أي حاجة اقولها ، واعرفي حاجة مهمة أوي مهما كان اللي عملتيه إن شاء الله تكوني قتلتي تسعة لا هكرهك ولا هقرف منك ماشي يا حبيبتي
لم تعرف بما ترد ، ما يقوله صعب عليها تنفيذه هي اعتادت أن تختبئ داخل صومعتها وحيدة خائفة كيف يريد أن يشكل أخرى بتلك المواصفات منها لن ينجح تماما ، ابتلعت لعابها خائفة ليبتسم يردف :
- السكوت علامة الرضا ، هسيبك ترتاحي عشان هنصحى بدري !!
_______________
استيقظت قبل الفجر بقليل مع أنها نامت في وقت متأخر ولكنها استيقظت فجاءة دون سبب ، تحركت من جوار رعد بخفة تتوجه إلى شرفة غرفتهم جلست أرضا تنظر من خلال أعمدة الشرفة إلى الحديقة الهادئة تبتسم ، اعتاد أن تفعل ذلك قبل عدة سنوات كانت تستيقظ تجلس على أرض الشرفة تغمض عينيها ، تتذكر أنها كانت ترى زين ذلك الفتي الذي تربى معهم وكأنه شقيق لهم يجلس في الحديقة يذاكر لترفع يدها تلوح له ، اشتاقت له جداا كان الوحيد الذي ينقذها من يد تلك الشمطاء تهاني ، دوما ما كان يحضر لهم الحلوى التي تحب هي وملاك ، لا تعلم لما تذكرته الآن ولكن ربما لأنها رأته في حلمها حزينا يبكي ، اجفلت حين رأت رعد يجلس جوارها يغمغم مبتسما:
- طرب أنتِ ليه بتتصرفي تصرفات مجنونة يعني ليه تقومي فجاءة تقعدي على الأرض في الهوا دا
ضحكت بخفة تستند برأسها إلى كتفه تهمس ناعسة:
- أنا بس قلقت وما عرفتش أنام قولت ما اقلقكش كان شكلك تعبان أوي من الشغل
ابتسم يلف ذراعه حول كتفيها يقبل قمة رأسها :
- طرب آخر الأسبوع بابا جامع العيلة كلها هنا عشان يعرفهم بيكي وتتعرفي بيهم ، بمجرد ما الجمع ينفض ونبقى لوحدنا أنا حابب نكمل جوازنا قولتي ايه ؟؟